الأربعاء، 9 مايو 2018

5//4 حدث في السنة الخامسة من الهجرة ( 4)



حدث في السنة الخامسة من الهجرة (4

10- وفي ذي الحجة من هذه السنة: قتلت الخزرج أبا رافع سلام بن أبي الحُقيق اليهودي بإذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
كان مما صنع الله به لرسوله - صلى الله عليه وسلم - أن هذين الحيَّين من الأنصار، الأوس والخزرج كانا يتصاولان[1] مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تصاول الفحلين لا تصنع الأوس شيئًا فيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غناء[2] إلا قالت الخزرج: والله لا تذهبون بهذه فضلاً علينا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي الإسلام قال: فلا ينتهون حتى يوقعوا مثلها، وإذا فعلت الخزرج شيئًا قالت الأوس مثل ذلك[3].
ولما انقضى شأن الخندق، وأمر بني قريظة، وكان سلام بن أبي الحُقيق - وهو أبو رافع- فيمن حزب الأحزاب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت الأوس قبل أُحُد قد قتلت كعب بن الأشرف في عداوته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحريضه عليه استأذنت الخزرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل سلام بن أبي الحُقيق، وهو بخيبر فأذن لهم[4].
عن الْبَرَاءِ بن عَازِبٍ - رضي الله عنه - قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أبي رَافِعٍ، عبدالله بن عَتِيكٍ وَعبدالله بن عُتْبَةَ فِي نَاسٍ مَعَهُمْ فَانْطَلَقُوا حَتَّى دَنَوْا مِنْ الْحِصْنِ، فَقَالَ لَهُمْ عبد الله بن عَتِيكٍ: امْكُثُوا أَنْتُمْ حَتَّى أَنْطَلِقَ أَنَا فَأَنْظُرَ، قَالَ: فَتَلَطَّفْتُ أَنْ أَدْخُلَ الْحِصْنَ، فَفَقَدُوا حِمَارًا لَهُمْ - وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم[5] - فَخَرَجُوا بِقَبَسٍ[6] يَطْلُبُونَهُ، قَالَ: فَخَشِيتُ أَنْ أُعْرَفَ، قَالَ: فَغَطَّيْتُ رَأْسِي وَجَلَسْتُ كَأَنِّي أَقْضِي حَاجَةً، ثُمَّ نَادَى صَاحِبُ الْبَابِ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ فَلْيَدْخُلْ قَبْلَ أَنْ أُغْلِقَهُ، فَدَخَلْتُ ثُمَّ اخْتَبَأْتُ فِي مَرْبِطِ حِمَارٍ عِنْدَ بَابِ الْحِصْنِ، فَتَعَشَّوْا عِنْدَ أبي رَافِعٍ وَتَحَدَّثُوا حَتَّى ذَهَبَتْ سَاعَةٌ مِنْ اللَّيْلِ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى بُيُوتِهِمْ، فَلَمَّا هَدَأَتْ الْأَصْوَاتُ، وَلَا أَسْمَعُ حَرَكَةً خَرَجْتُ، قَالَ: وَرَأَيْتُ صَاحِبَ الْبَابِ حَيْثُ وَضَعَ مِفْتَاحَ الْحِصْنِ فِي كَوَّةٍ، فَأَخَذْتُهُ فَفَتَحْتُ بِهِ بَابَ الْحِصْنِ، قَالَ: قُلْتُ: إِنْ نَذِرَ بِي الْقَوْمُ انْطَلَقْتُ عَلَى مَهَلٍ ثُمَّ عَمَدْتُ إِلَى أَبْوَابِ بُيُوتِهِمْ فَغَلَّقْتُهَا عَلَيْهِمْ مِنْ ظَاهِرٍ ثُمَّ صَعِدْتُ إِلَى أبي رَافِعٍ فِي سُلَّمٍ فَإِذَا الْبَيْتُ مُظْلِمٌ قَدْ طَفِئَ سِرَاجُهُ فَلَمْ أَدْرِ أَيْنَ الرَّجُلُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: فَعَمَدْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ فَأَضْرِبُهُ وَصَاحَ فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ كَأَنِّي أُغِيثُهُ، فَقُلْتُ: مَالَكَ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي، فَقَالَ: أَلَا أُعْجِبُكَ لِأُمِّكَ الْوَيْلُ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ فَضَرَبَنِي بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَعَمَدْتُ لَهُ أَيْضًا فَأَضْرِبُهُ أُخْرَى فَلَمْ تُغْنِ شَيْئًا فَصَاحَ وَقَامَ أَهْلُهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ وَغَيَّرْتُ صَوْتِي كَهَيْئَةِ الْمُغِيثِ فَإِذَا هُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ - حتى أخذ في ظهره- حَتَّى سَمِعْتُ صَوْتَ الْعَظْمِ، ثُمَّ خَرَجْتُ دَهِشًا حَتَّى أَتَيْتُ السُّلَّمَ أُرِيدُ أَنْ أَنْزِلَ فَأَسْقُطُ مِنْهُ فَانْخَلَعَتْ رِجْلِي فَعَصَبْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ أصحابي أَحْجُلُ، فَقُلْتُ: انْطَلِقُوا فَبَشِّرُوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَإِنِّي لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَسْمَعَ النَّاعِيَةَ، فَلَمَّا كَانَ فِي وَجْهِ الصُّبْحِ صَعِدَ النَّاعِيَةُ، فَقَالَ: أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ، قَالَ: فَقُمْتُ أَمْشِي مَا بِي قَلَبَةٌ فَأَدْرَكْتُ أصحابي قَبْلَ أَنْ يَأْتُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَشَّرْتُهُ، فَقَالَ: "ابْسُطْ رِجْلَكَ"، فَبَسَطْتُ رِجْلِي فَمَسَحَهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ[7].
11- وفي هذه السنة: تسرَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برَيحانة، وهي من سبي بني قريظة بعدما أسلمت وظلت معه حتى ماتت في السنة العاشرة للهجرة.
الشرح:
قال ابن إسحاق - رحمه الله -:
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اصطفى لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن جُنافة، إحدى نساء بني عمرو بن قريظة، فكانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى تُوفي عنها وهي ملكه[8].
12- وفي هذه السنة: قدم وفدُ أشجع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
قال ابن سعد - رحمه الله -:
وقدمتْ أشجع على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الخندق، وهم مائة - على- رأسهم مسعود بن رخيلة، فنزلوا شعب سَلْع، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمرهم بأحمال التمر، فقالوا: يا محمد لا نعلم أحدًا من قومنا أقرب دارًا منك منَّا، ولا أقلَّ عددًا، وقد ضقنا بحربك وبحرب قومك، فجئنا نوادعك، فوادعهم، ويقال: بل قدمت أشجع بعدما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بني قريظة وهم سبعمائة، فوادعهم ثم أسلموا بعد ذلك[9].
13- وفي هذه السنة: سابق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل.
الشرح:
عن ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي أُضْمِرَتْ[10] مِنْ الْحَفْيَاءِ إلى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ[11]، وَسَابَقَ بَيْنَ الْخَيْلِ الَّتِي لَمْ تُضْمَرْ مِنْ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجِدِ بني زُرَيْقٍ[12] وَكان ابْنُ عُمَرَ فِيمَنْ سَابَقَ بِهَا[13].
وذكر ابن سيد الناس ذلك ضمن أحداث السنة الخامسة، فقال: وفيها سابق - النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الخيل[14].
14- وفي هذه السنة: زُلزلت المدينة.
الشرح:
قال ابن سيد الناس - رحمه الله -: وفيها - أي: في السنة الخامسة- زلزلت المدينة[15].
(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)
.................................................
[1] أي: يتنافسان.
[2] غَناء: أي دفع مكروه، وجلب منفعة.
[3] "سيرة ابن هشام" 3/158.
[4] "سيرة ابن هشام" 3/157.
[5] أي: بمواشيهم.
[6] أي: شعلة من نار.
[7] صحيح: أخرجه البخاري (4040)، كتاب: المغازي، باب: قتل أبي رافع عبدالله بن أبي الحُقيق، ويقال: سلام بن أبي الحقيق.
[8] "سيرة ابن هشام" 3/133.
[9] "الطبقات" 1/306.
[10] يقال: أُضمرت الخيل، وهو أن يُقلل علفها مدة، وتدخل بيتًا، وتُجلل فيه لتعرق ويجف عرقها، فيخف لحمها وتقوىٰ علىٰ الجري.
[11] بين ثنية الوداع والحفياء خمسة أميال أو ستة.
[12] وبين ثنية الوداع ومسجد بني زريق ميلٌ واحد.
[13] متفق عليه: أخرجه البخاري (2868)، كتاب: الجهاد والسير، باب: السبق بين الخيل، ومسلم (1870)، كتاب: الإمارة، باب: المسابقة بين الخيل وتضميرها.
[14] "عيون الأثر" 2/373.
[15] المصدر السابق.


5//3 حدث في السنة الخامسة من الهجرة (3)



حدث في السنة الخامسة من الهجرة (3)
7- وفي شوال من هذه السنة: وقعت غزوة الأحزاب، فردهم الله خاسئين.
الشرح:
لما علمت قريش أنها لن تستطيع محاربة المسلمين وحدها، وكذلك أيقنت يهود بذلك، وأن قوتهم لا تُحاكي قوة المسلمين، اتفقوا على جمع الجموع لمحاربة المسلمين وغزوهم في عقر دارهم في محاولة للقضاء على الإسلام والمسلمين.
وقيل أن الذي بدأ بذلك وجمع الجموع هم اليهود حيث خرج وفد منهم إلى مكة فيهم سلام بن أبي الحُقيق النضري وحيي بن أخطب النضري، فدعوا قريشًا إلى حرب المسلمين ووعدوهم أن يقاتلوا معهم، ثم خرجوا من مكة إلى نجد حيث حالفوا قبيلة غطفان الكبيرة على حرب المسلمين، فكان تحالف الأحزاب بجهود من يهود بني النضير[1].
فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن الفزاري، وبني مُرَّة وقائدها الحارث بن عوف بن أبي حارثة المرِّيُّ، وخرجت أشجع وقائدها مُسْعر بن رُخيلة.
فلما سمع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، فعمل فيه رسول الله ترغيبًا للمسلمين في الأجر، وعمل معه المسلمون فيه، فدأب فيه ودأبوا[2].
فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعمل وهو يقول، تسلية لهم ليُهون عليهم ما هم فيه من شدة وبلاء وجوع: «اللَّهُمَّ إِنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةْ، فَاغْفِرْ لِلْأَنْصَارِ وَالْمُهَاجِرَةْ»، فيقولون مُجِيبِينَ لَهُ:

 نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا
مُحَمَّدَا عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدَا[3]
ويَقُولُ أيضًا - صلى الله عليه وسلم -:

اللَّهُمَّ لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا
وَلَا تَصَدَّقْنَا    وَلَا صَلَّيْنَا
فَأَنْزِلَنْ       سَكِينَةً عَلَيْنَا
وَثَبِّتْ الْأَقْدَامَ   إِنْ لَاقَيْنَا
إِنَّ الْأُلَى    قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا
وَإِنْ أَرَادُوا     فِتْنَةً أَبَيْنَا
ثُمَّ يرفع صَوْتَهُ ويقول: أبينا أبينا ويمد صوته بِآخِرِهَا[4].
وأثناء عمل المسلمين في الحفر عَرَضَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْحَفْرِ، فَقَامَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، وَوَضَعَ رِدَاءَهُ نَاحِيَةَ الْخَنْدَقِ، وَقَالَ: «تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ»، فَنَدَرَ ثُلُثُ الْحَجَرِ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ قَائِمٌ يَنْظُرُ فَبَرَقَ مَعَ ضَرْبَةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بَرْقَةٌ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّانِيَةَ، وَقَالَ: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنعام: 115]، فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْآخَرُ، فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَرَآهَا سَلْمَانُ، ثُمَّ ضَرَبَ الثَّالِثَةَ، وَقَالَ: ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [الأنعام: 115]، فَنَدَرَ الثُّلُثُ الْبَاقِي، وَخَرَجَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخَذَ رِدَاءَهُ وَجَلَسَ، فقَالَ سَلْمَانُ: يَا رَسُولَ الله رَأَيْتُكَ حِينَ ضَرَبْتَ مَا تَضْرِبُ ضَرْبَةً إِلَّا كَانَتْ مَعَهَا بَرْقَةٌ؟! قَالَ لَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «يَا سَلْمَانُ رَأَيْتَ ذَلِكَ؟»، فَقَالَ: إِي وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: «فَإِنِّي حِينَ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الْأُولَى، رُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ كِسْرَى وَمَا حَوْلَهَا، وَمَدَائِنُ كَثِيرَةٌ، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ»، قَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ: يَا رَسُولَ الله ادْعُ الله أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ، «ثُمَّ ضَرَبْتُ الضَّرْبَةَ الثَّانِيَةَ فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ قَيْصَرَ وَمَا حَوْلَهَا، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله ادْعُ الله أَنْ يَفْتَحَهَا عَلَيْنَا، وَيُغَنِّمَنَا دِيَارَهُمْ، وَيُخَرِّبَ بِأَيْدِينَا بِلَادَهُمْ، فَدَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَلِكَ، «ثُمَّ ضَرَبْتُ الثَّالِثَةَ، فَرُفِعَتْ لِي مَدَائِنُ الْحَبَشَةِ، وَمَا حَوْلَهَا مِنْ الْقُرَى، حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنَيَّ»، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: «دَعُوا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ، وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ»[5].
ويحكي لنا جابر - رضي الله عنه - معجزة عجيبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموقف.
يقول جابر - رضي الله عنه -: لَمَّا حُفِرَ الْخَنْدَقُ رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا[6]، فَانْكَفَأْتُ إِلَى امْرَأَتِي فَقُلْتُ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ فَإِنِّي رَأَيْتُ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - خَمَصًا شَدِيدًا فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جِرَابًا فِيهِ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ، وَلَنَا بُهَيْمَةٌ دَاجِنٌ[7] فَذَبَحْتُهَا، وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ، فَفَرَغَتْ إِلَى فَرَاغِي[8]، وَقَطَّعْتُهَا فِي بُرْمَتِهَا[9]، ثُمَّ وَلَّيْتُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: لَا تَفْضَحْنِي بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَبِمَنْ مَعَهُ فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا وَطَحَنَّا صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ وَنَفَرٌ مَعَكَ، فَصَاحَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ إِنَّ جَابِرًا سُورًا[10] فَحَيَّ هَلًا بِهَلّكُمْ[11]»، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلَا تَخْبِزُنَّ عَجِينَكُمْ حَتَّى أَجِيءَ»، فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْدُمُ النَّاسَ حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِي، فَقَالَتْ: بِكَ وَبِكَ[12]، قَدْ فَعَلْتُ الَّذِي قُلْتِ فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينًا فَبَصَقَ فِيهِ وَبَارَكَ ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ وَبَارَكَ، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعِي، وَاقْدَحِي مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلَا تُنْزِلُوهَا، وَهُمْ أَلْفٌ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدْ أَكَلُوا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا[13] وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ كَمَا هِيَ وَإِنَّ عَجِينَنَا لَيُخْبَزُ كَمَا هُوَ[14].
لقد جاءت هذه المعجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في وقتها، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة رضوان الله عليهم- كانوا في أشد الحاجة إلى الطعام حتى يستطيعوا مواصلة العمل في الحفر ثم مواجهة المشركين بعد ذلك، حيث كانوا قد أوشكوا على الهلاك من شدة الجوع وعدم وجود الطعام.
فقد لبثوا ثلاثة أيام لا يأكلون ولا يذوقون ذواقًا، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يربط على بطنه حجرًا من شدة الجوع[15].
وحتى إنهم من شدة الجوع وعدم وجود شيئًا يأكلوه كانوا يأكلون الطعام المنتن الذي تغيرت رائحته ولونه.
يقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: كانوا يُؤْتَوْنَ بِمِلْءِ كَفِّي مِنْ الشَّعِيرِ فَيُصْنَعُ لَهُمْ بِإِهَالَةٍ سَنِخَةٍ[16] تُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَوْمِ وَالْقَوْمُ جِيَاعٌ وَهِيَ بَشِعَةٌ فِي الْحَلْقِ وَلَهَا رِيحٌ مُنْتِنٌ[17].
وظل النبي - صلى الله عليه وسلم - يعمل ويحمل التراب على كتفه الشريف حتى غطى التراب بطنه - صلى الله عليه وسلم.
يقول الْبَرَاءُ - رضي الله عنه -: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ وَخَنْدَقَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِنْ تُرَابِ الْخَنْدَقِ حَتَّى وَارَى[18] عَنِّي الْغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ[19].
وظل الصحابة رضوان الله عليهم يعملون معه - صلى الله عليه وسلم - وينقلون التراب على متونهم[20] وهم يرتجزون[21] بما تقدم من أشعار حتى فرغوا من حفر الخندق قبل وصول المشركين[22]، وكان ذلك في غداة باردة[23].
ثم أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنساء والأطفال فوضعوا في الحصون.
عَنْ عبدالله بن الزُّبَيْرِ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُمَرُ بن أبي سَلَمَةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ مَعَ النِّسْوَةِ فِي أُطُمِ[24] حَسَّانَ فَكَانَ يُطَأْطِئُ لِي مَرَّةً فَأَنْظُرُ، وَأُطَأْطِئُ لَهُ مَرَّةً فَيَنْظُرُ[25].
ثم ظهرت فلول المشركين، الذين تحزَّبوا لمحاربة الله ورسوله، والصدِّ عن سبيل الله[26].
فالتفوا حول المدينة وحاصروها من كل مكان فلما رأت يهود بني قريظة ذلك، تيقنوا أن المسلمين -بأي حالٍ- لن يفلتوا من هذه القوة الهائلة وأنهم سيُقضى عليهم لا محالة، ففكَّروا في نقض العهد الذي بينهم وبين المسلمين، ومساعدة الأحزاب للقضاء عليهم.
وفعلاً نقض يهود بني قريظة العهد، وأصبحوا على استعداد لمعاونة الأحزاب على المسلمين.
ووصل الخبر للنبي - صلى الله عليه وسلم - وشاع بين صفوف المسلمين، فاشتد الخطب عليهم.
وكانت ديار بني قريظة في العوالي في الجنوب الشرقي للمدينة على وادي مهزور، فكان موقعهم يمكنهم من إيقاع ضربة بالمسلمين من الخلف[27].
وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ ﴾ أي: الأحزاب، ﴿ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ﴾ أي: بنو قريظة، ﴿ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ﴾ من شدة الخوف والفزع، ﴿ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ﴾ [الأحزاب: 10] الظنون السيئة، والخوف من المشركين، وأن الله لن ينصر دينه، ﴿ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 11] بالخوف والجوع والقلق الذي عاشوه، فكان هذا ابتلاء واختبار للمسلمين، ليتبين الخبيث من الطيب. وحدث ما أراده الله - عز وجل.
فأما المؤمنون فسُرعان ما تنبهوا وظهر إيمانهم وثقتهم بالله - عز وجل -، وقالوا: ﴿ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾ من الابتلاء والامتحان الذي يعقبه النصر، ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22].
وأما المنافقون والذين في قلوبهم مرض، فقالوا: ﴿ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا ﴾ [الأحزاب: 12].
وقالوا: ﴿ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ﴾، واستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: ﴿ وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾، ففضحهم الله - عز وجل -، وقال: ﴿ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا ﴾[الأحزاب: 13].
ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام - رضي الله عنه - إلى بني قريظة ليتأكد من صحة هذا الخبر.
عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - قَالَ: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزَابِ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟»، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: «مَنْ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ؟»، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: أَنَا، ثُمَّ قَالَ: «لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيُّ، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ»[28].
وعَنْ عبدالله بن الزُّبَيْرِ - رضي الله عنه -، قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْأَحْزَابِ جُعِلْتُ أَنَا وَعُمَرُ بن أبي سَلَمَةَ فِي النِّسَاءِ، فَنَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِالزُّبَيْرِ عَلَى فَرَسِهِ يَخْتَلِفُ إِلَى بني قُرَيْظَةَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، فَلَمَّا رَجَعْتُ، قُلْتُ: يَا أَبَتِ رَأَيْتُكَ تَخْتَلِفُ، قَالَ: أَوَ هَلْ رَأَيْتَنِي يَا بنيَّ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ يَأْتِ بني قُرَيْظَةَ فَيَأْتِينِي بِخَبَرِهِمْ؟»، فَانْطَلَقْتُ، فَلَمَّا رَجَعْتُ جَمَعَ لِي رَسُولُ الله أَبَوَيْهِ، فَقَالَ: «فِدَاكَ أبي وَأُمِّي»[29].
فذهب الزبير فوجدهم قد نقضوا العهد.
أما المشركون فقد فُجئوا بالخندق أمامهم، فوقفوا حيارى، لا يستطيعون اقتحامه.
ولكنهم حاولوا اقتحامه، فكانوا كلما حاولوا ذلك أمطرهم المسلمون بوابل من السهام فردوهم.
عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْخَنْدَقِ وَرَجُلٌ يَتَتَرَّسُ جَعَلَ يَقُولُ بِالتُّرْسِ هَكَذَا، فَوَضَعَهُ فَوْقَ أَنْفِهِ، ثُمَّ يَقُولُ[30]: هَكَذَا يُسَفِّلُهُ بَعْدُ[31]، قَالَ: فَأَهْوَيْتُ إِلَى كِنَانَتِي فَأَخْرَجْتُ مِنْهَا سَهْمًا مُدَمًّا[32] فَوَضَعْتُهُ فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا قَالَ هَكَذَا يُسَفِّلُ التُّرْسَ، رَمَيْتُ، فَمَا نَسِيتُ وَقْعَ الْقِدْحِ[33] عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنْ التُّرْسِ، قَالَ: وَسَقَطَ، فَقَالَ: بِرِجْلِهِ، فَضَحِكَ نَبِيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ، لِفِعْلِ الرَّجُلِ[34].
ولم تنقطع هجمات المشركين على الخندق في محاولات شرسة لاقتحامه، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه لم يتمكنوا من أداء صلاة العصر في أحد الأيام حتى غربت الشمس، من شدة انشغالهم في صدِّ المشركين عن الخندق.
عَنْ جَابِرِ بن عبدالله - رضي الله عنه -، أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - جَاءَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قَالَ: يَا رَسُولَ الله مَا كِدْتُ أُصَلِّي الْعَصْرَ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا»، فَقُمْنَا إِلَى بُطْحَانَ فَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا الْمَغْرِبَ[35].
فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعاء على المشركين.
عَنْ عَلِيّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ، قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَلَأَ الله بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ»[36].
ثم استمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في دعائه على المشركين والأحزاب.
عن عبد الله بن أبي أَوْفَى- رضي الله عنه - قال: دَعَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اللهمَّ اهْزِمْ الْأَحْزَابَ، اللهمَّ اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ»[37].
فاستجاب الله - عز وجل - دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - عليهم، فأرسل عليهم ريحًا شديدًا فخلعت خيامهم، وأكفأت قدورهم، وأطفأت نيرانهم، وأرسل الملائكة فزلزلتهم وألقت في قلوبهم الرعب والخوف.
وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الأحزاب: 9].
فلم تتحمل الأحزاب جنود الله - عز وجل -، ولم يستطيعوا مواجهتها، فأسرعوا بالتجهز للرحيل.
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - قال: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ[38]، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ الله مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟»، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ الله مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟»، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ الله مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟»، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ، فَقَالَ: «قُمْ يَا حُذَيْفَةُ فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ»، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، قَالَ: «اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ» [39]، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ[40] حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ[41]، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: «وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ»، وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ، فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَفَرَغْتُ، قُرِرْتُ[42]، فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ: «قُمْ يَا نَوْمَانُ!»[43] وفي رواية: قال حذيفة: يا رسول الله تفرق الناس عن أبي سفيان، فلم يبق إلا عصبة يوقد النار، وقد صبَّ الله عليهم من البرد مثل الذي صبَّ علينا، ولكنا نرجوا من الله ما لا يرجون[44].
وبذلك تفرقت جموع الأحزاب وهزمهم الله - عز وجل - وحده: ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25].
وانفك الحصار الذي دام أربعًا وعشرين ليلة[45]، بفضلٍ من الله - عز وجل.
ولذا كَانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ أَعَزَّ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَغَلَبَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، فَلَا شَيْءَ بَعْدَهُ»[46].
وقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لما أَجْلَى الله الْأَحْزَابَ: «الْآنَ نَغْزُوهُمْ، وَلَا يَغْزُونَنَا نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ»[47].
8- وفي ذي القعدة من هذه السنة: وقعت غزوة بني قريظة، ونالوا جزاء خيانتهم العظمىٰ.
الشرح:
لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْخَنْدَقِ ووَضَعَ السِّلَاحَ وَاغْتَسَلَ، أَتَاهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنْ الْغُبَارِ فَقَالَ: قَدْ وَضَعْتَ السِّلَاحَ؟ وَاللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَأَيْنَ»، فَأَشَارَ إِلَىٰ بني قُرَيْظَةَ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم[48].
وسارع في الخروج، وحث الصحابة علىٰ سرعة اللحاق به، حتىٰ قَالَ لهم - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بني قُرَيْظَةَ»، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّىٰ نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ[49].
خروج جبريل عليه السلام في كوكبة من الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلىٰ بني قريظة:
عَنْ أَنَس بن مالك - رضي الله عنه - قَالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَىٰ الْغُبَارِ سَاطِعًا فِي زُقَاقِ بني غَنْمٍ مَوْكِبَ جِبْرِيلَ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ حِينَ سَارَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَىٰ بني قُرَيْظَةَ[50].
وعن البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قريظة لِحَسَّانَ بن ثابت: «اهْجُ المشركين فإن َجِبْرِيلَ مَعَكَ» [51].
ووصل النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون إلىٰ بني قريظة، وسمع بنو قريظة بقدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم فتحصنوا في حصونهم، فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، خمسًا وعشرين ليلة حتىٰ جهدهم الحصار، وقذف الله في قلوبهم الرعب، وقد كان حُييُّ بن أخطب النضري دخل مع بني قريظة في حصنهم حين رجعت عنهم قريش وغطفان[52].
فلما أيقنوا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير منصرف عنهم أعلنوا استسلامهم فحكّم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - ورضي أهلُ قريظة بحكمه.
عن أبي سعيد الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: نَزَلَ أَهْلُ قُرَيْظَةَ عَلَىٰ حُكْمِ سَعْدِ بن مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - إِلَىٰ سَعْدٍ، فَأَتَىٰ عَلَىٰ حِمَار، فَلَمَّا دَنَا مِنْ الْمَسْجِدِ، قَالَ لِلْأَنْصَارِ: «قُومُوا إِلَىٰ سَيِّدِكُمْ – أَوْ خَيْرِكُمْ-» فقَالَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَىٰ حُكْمِكَ»، فقَالَ: تَقْتُلُ مُقَاتِلَتَهُمْ، وَتَسْبِي ذُرِّاريهُمْ، قَالَ: «قَضَيْتَ بِحُكْمِ الله»، وَرُبَّمَا قَالَ: «بِحُكْمِ الْمَلِكِ»[53].
وفي رواية قَالَ سعد: وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ[54].
النبي - صلى الله عليه وسلم - يميز بين الصغار والبالغين استعدادًا لتنفيذ حكم سعد - رضي الله عنه -:
عن عطية الْقُرَظِيِّ قَالَ: كُنْتُ مِنْ سَبْيِ بني قُرَيْظَةَ، فَكَانُوا يَنْظُرُونَ فَمَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرَ قُتِلَ، وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ لَمْ يُقْتَلْ، فَكُنْتُ فِيمَنْ لَمْ يُنْبِتْ.
وفي لفظ: فَكَشَفُوا عَانَتِي فَوَجَدُوهَا لَمْ تَنْبُتْ، فَجَعَلُونِي مِنْ السَّبْيِ[55].
قال ابن إسحاق:
ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة في دار بنت الحارث، امرأة من بني النجار، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلىٰ سوق المدينة، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، يُخرج بهم إليه أرسالاً[56] وفيهم عدو الله حُييُّ بن أخطب، وكعب بن أسد رأس القوم، وهم ستمائة أو سبعمائة، والمكثر لهم يقول: كانوا بين الثمانمائة والتسعمائة وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يُذهب بهم إلىٰ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسالاً: يا كعب، ما تراه يُصنع بنا؟ قال: أفي كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب منكم لا يرجع؟ هو والله القتل فلم يزل ذلك الدأب حتىٰ فرغ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[57].
وفي ذلك يقول الله تعالىٰ: ﴿ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ ﴾ [الأحزاب: 26] أي: عاونوا الأحزاب وساعدوهم علىٰ حرب المسلمين، ﴿ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ ﴾ [الأحزاب: 26] أي: من حصونهم، ﴿ وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا ﴾ [الأحزاب: 26، 27].
المرأة الوحيدة التي قتلت من بني قريظة:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: لَمْ تُقْتَلْ مِنْ نِسَائِهِمْ -تَعْنِي بني قُرَيْظَةَ- إِلَّا امْرَأَةٌ، إِنَّهَا لَعِنْدِي تُحَدِّثُ: تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقْتُلُ رِجَالَهُمْ بِالسُّيُوفِ، إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ بِاسْمِهَا: أَيْنَ فُلَانَةُ؟ قَالَتْ: أَنَا، قُلْتُ: وَمَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: حَدَثٌ أَحْدَثْتُهُ، قَالَتْ: فَانْطَلَقَ بِهَا، فَضُرِبَتْ عُنُقُهَا، فَمَا أَنْسَىٰ عَجَبًا مِنْهَا: أَنَّهَا تَضْحَكُ ظَهْرًا وَبَطْنًا وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهَا تُقْتَلُ[58].
قال ابن هشام:
وهي التي طرحت الرَّحىٰ علىٰ خلاد بن سويد فقتلته[59].
فكان هذا آخر عهد لليهود بالمدينة، وآخرهم بني قريظة الذين نالوا جزاء خيانتهم العظمىٰ، ونقضهم العهد الذي كان بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصدق الله تعالىٰ إذ يقول: ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 100].
ثم أسلم بعض بني قريظة وآمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فبقوا بالمدينة.
عَنْ عبدالله بن عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: حَارَبَتْ النَّضِيرُ وَقُرَيْظَةُ، فَأَجْلَىٰ بني النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّىٰ حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَقَسَمَ نِسَاءَهُمْ، وَأَوْلَادَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَىٰ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بني قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ رَهْطُ عبدالله بن سَلَامٍ وَيَهُودَ بني حَارِثَةَ وَكُلَّ يَهُودِ الْمَدِينَةِ[60].
9- وفي ذي الحجة من هذه السنة: توفي سعد بن معاذ - رضي الله عنه.
الشرح:
عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بن الْعَرِقَةِ، وَهُوَ حِبَّانُ بن قَيْسٍ، مِنْ بني مَعِيصِ بن عَامِرِ بن لُؤَيٍّ، رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ[61] فَضَرَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ، فَقَالَ سعد: اللهمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ - صلى الله عليه وسلم - وَأَخْرَجُوهُ، اللهمَّ فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّكَ قَدْ وَضَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ شَيْءٌ فَأَبْقِنِي لَهُ حَتَّىٰ أُجَاهِدَهُمْ فِيكَ، وَإِنْ كُنْتَ وَضَعْتَ الْحَرْبَ فَافْجُرْهَا وَاجْعَلْ مَوْتَتِي فِيهَا، فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ[62] فَلَمْ يَرُعْهُمْ - وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ مِنْ بني غِفَارٍ- إِلَّا الدَّمُ يَسِيلُ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا أَهْلَ الْخَيْمَةِ مَا هَذَا الَّذِي يَأْتِينَا مِنْ قِبَلِكُمْ؟ فَإِذَا سَعْدٌ يَغْذُو جُرْحُهُ دَمًا، فَما زال يسيل حتىٰ مَاتَ[63].
فلَمَّا حُمِلَتْ جَنَازَةُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ قَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَخَفَّ جَنَازَتَهُ، وَذَلِكَ لِحُكْمِهِ فِي بني قُرَيْظَةَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانَتْ تَحْمِلُهُ»[64].
وقال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اهْتَزَّ عَرْشُ الرحمن لِمَوْتِ سَعْدِ بن مُعَاذٍ»[65].
وعن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: أُهْدِيَتْ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حُلَّةُ حَرِيرٍ فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَمَسُّونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِهَا، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بن مُعَاذٍ خَيْرٌ مِنْهَا أَوْ أَلْيَنُ»[66]. 
 ..............................................
[1] أخرج ذلك ابن هشام في سيرته 3/114، 115، عن ابن إسحاق إلى عروة مرسلاً.
[2] «سيرة ابن هشام» 3/115، بتصرف يسير.
[3] متفق عليه: أخرجه البخاري (4099)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم (1805)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق، واللفظ للبخاري.
[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (4104)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم (1803)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق.
[5] حسن: أخرجه أحمد 4/303، والنسائي (3176)، كتاب: الجهاد، باب: غزوة الترك والحبشة، وحسنه الألباني في «الصحيحة» (772).
ومعنى ندر: أي سقط.
[6] خمصًا: أي جوعًا.
[7] أي سمينة.
[8] أي ففرغت من طحن الشعير حين فرغت من ذبح البهيمة.
[9] البرمة: القدر التي تُطبخ فيه.
[10] السُور: كلمة حبشية معناها الضيف.
[11] أي: هلموا مسرعين.
[12] أي: تعاتبه على ما فعل، وأن الطعام لن يكفي هذا العدد.
[13] أي: ذهبوا.
[14] متفق عليه: أخرجه البخاري (4102)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، مسلم (2038)، كتاب: الأشربة، باب: جواز استتباعه إلى دار من يثق برضاه.
[15] صحيح: أخرجه البخاري (4101)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب.
[16] الإهالة: الدهن أو الزيت أو السمن ونحو ذلك، وسنخة: أي تغير طعمها ولونها من قدمها.
[17] صحيح: أخرجه البخاري (4101)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب.
[18] وارى: أي حجب من كثرته.
[19] متفق عليه: أخرجه البخاري (4106)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم (1803)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق.
[20] أي: على أكتافهم.
[21] متفق عليه: أخرجه البخاري (4100)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، ومسلم (1805)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب وهي الخندق.
[22] وردت أخبار في بعض كتب السير تُفيد بأن سلمان الفارسي هو الذي أشار على النبي -صلى الله عليه وسلم- بحفر الخندق، وكلها لا تثبت، إذ لا إسناد لها.
كما وردت أخبار تحدد حجم الخندق الذي حفره المسلمون طولاً وعرضًا وعمقًا، وتحدد مكانه تحديدًا دقيقًا، وجميعها لا يصح.
[23] متفق عليه: من حديث أنس، انظر التخريج السابق، واللفظة للبخاري (4099).
[24] الأُطُم: الحصن، وجمعها آطام.
[25] متفق عليه: أخرجه البخاري (3720)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، مسلم (2416)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير - رضي الله عنه.
وكان عُمْر عبدالله بن الزبير حينها يقرب من خمس سنوات حيث ولد في العام الأول من الهجرة - كما تقدم.
[26] ذكر أهل السير أن عددهم بلغ عشرة آلاف مقاتل.
[27] «السيرة النبوية الصحيحة» 2/427.
[28] متفق عليه: أخرجه البخاري (4113)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، مسلم (2415)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل طلحة والزبير.
[29] متفق عليه: أخرجه البخاري (3720)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب الزبير بن العوام، مسلم (2416)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل طلحة والزبير.
[30] يقول: أي يشير.
[31] يسفله: أي ينزل به لأسفل ليحمي أسفله، فهو يرفعه تارة فوق أنفه ليحمي أعلاه، وتارة لأسفل ليحمي أسفله.
[32] السهم المدمى: الذي أصابه الدم فحصل في لونه سواد وحمرة مما رمى به العدو، ويطلق على ما تكرر به الرمي، والرماة يتبركون به. (نهاية).
[33] القدح -بكسر القاف وسكون الدال-: عود السهم.
[34] صحيح: أخرجه أحمد (1620)، وصححه الشيخ أحمد شاكر.
[35] متفق عليه: أخرجه البخاري (596)، كتاب: مواقيت الصلاة، باب: من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، مسلم (631)، كتاب: المساجد مواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر.
ولم تكن صلاة الخوف قد شرعت بعد.
[36] متفق عليه: أخرجه البخاري (2931)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، مسلم (627)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: التغليظ في تفويت صلاة العصر.
[37] متفق عليه: أخرجه البخاري (2933)، كتاب: الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، مسلم (1742)، كتاب: الجهاد والسير، باب: استحباب الدعاء بالنصر عند لقاء العدو.
[38] القُرُّ: البرد.
[39] لا تذعرهم عليَّ: أي لا تُهيجهم عليَّ.
[40] أي: في جوٍّ دافئ.
[41] أي: يدفئه ويدنيه منها.
[42] أي: شعرتُ بالبرد، أي أنه لما ذهب لقضاء مهمته التي أرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجلها لم يشعر بالبرد بل شعر بدفءٍ تام، ولم يشعر بالريح الشديدة كبقية القوم، فلما قضى مهمته، عاد إليه البرد الذي يجده الناس.
قال النووي - رحمه الله -: وهذه من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم-. اهـ. «شرح مسلم» 6/327.
[43] صحيح: أخرجه مسلم (1788)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة الأحزاب.
[44] البزار «كشف الأستار» 2/335، 336.
[45] ذكر ذلك ابن سعد في «الطبقات» 2/73 بإسناد رجاله ثقات إلى سعيد بن المسيب مرسلاً، ومراسيله قوية.
[46] متفق عليه: أخرجه البخاري (4114)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب، مسلم (2724)، كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: ما يقول عند النوم وأخذ المضجع.
[47] صحيح: أخرجه البخاري (4110)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الخندق وهي الأحزاب.
[48] متفق عليه: أخرجه البخاري (4122)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلىٰ بني قريظة ومحاصرته إياهم، مسلم (1769)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتال من نقض العهد.
[49] متفق عليه: أخرجه البخاري (4119)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب ومخرجه إلىٰ بني قريظة، مسلم (1770)، كتاب: الجهاد والسير، باب: المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين.
[50] صحيح: أخرجه البخاري (4118)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - ومخرجه إلىٰ بني قريظة.
[51] متفق عليه: أخرجه البخاري (4124)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، مسلم (2486)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت -رضي الله عنه.
[52] «سيرة ابن هشام» 3/127.
[53] متفق عليه: أخرجه البخاري (4122)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، مسلم (1768)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتل من نقض العهد.
[54] هذا لفظ البخاري.
[55] صحيح: أخرجه أبو داود (4404، 4405)، كتاب: الحدود، باب: في الغلام يصيب الحد، وصححه الشيخ الألباني «صحيح سنن أبي داود».
[56] أرسالاً: أي طائفة بعد طائفة.
[57] «سيرة ابن هشام» 3/130.
[58] صحيح: أخرجه أحمد 6/277، أبو داود (2671)، كتاب: الجهاد، باب: في قتل النساء، وصححه الألباني «صحيح سنن أبي داود».
[59] «سيرة ابن هشام» 3/131.
[60] متفق عليه: أخرجه البخاري (4028)، كتاب: المغازي، باب: حديث بني النضير، ومسلم (1766)، كتاب: الجهاد والسير، باب: إجلاء اليهود من الحجاز.
[61] الأكحل: عرقٌ في وسط الذراع، إذا قُطع لم يرقأ الدم.
[62] اللَّبة: موضع القلادة من الصدر، وكان موضع الجرح ورم حتىٰ اتصل الورم إلىٰ صدره فانفجر من صدره.
[63] متفق عليه: أخرجه البخاري (4122)، كتاب: المغازي، باب: مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب، مسلم (1769)، كتاب: الجهاد والسير، باب: جواز قتل من نقض العهد، وجواز إنزال أهل الحصن علىٰ حُكم حاكم عدل أهلٍ للحكم.
[64] صحيح: أخرجه الترمذي (3849)، كتاب: المناقب، باب: مناقب سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، وقال: حسن صحيح غريب، عبد الرزاق (20414)، الحاكم 3/207، وصححه الألباني «المشكاة» (6228).
[65] متفق عليه: أخرجه البخاري (3803)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: مناقب سعد بن معاذ - رضي الله عنه -، مسلم (2466)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ - رضي الله عنه.
[66] متفق عليه: أخرجه البخاري (3802)، باب: مناقب سعد بن معاذ -رضي الله عنه -، مسلم (2468)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل سعد بن معاذ - رضي الله عنه.
----------------------