الثلاثاء، 1 مارس 2022

البر سواءا بين الوالدين ونسبته بينهما 100% لكليهما وزيادة مماثلة للأم 100% -

البر سواءا بين الوالدين ونسبته بينهما 100% لكليهما وزيادة مماثلة للأم 100% -

 

  بسم الله الرحمن الرحيم


المقـدمــة

البر  سواء  بين الوالدين

الحمد لله القائل }وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا{، والصلاة والسلام على مَن قال: «... الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فَأَضِع ذلك الباب أو احفظه...». وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد:

فقد أَمَرَ الله سبحانه وتعالى بالإحسان للوالدين ولزوم طاعتهما، وخفض الجناح لهما بالتواضع ولين الجانب والعطف والرحمة عليهما، خاصة عند الكبر، وعدم التأفف منهما.

قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا{ [الإسراء].

كما حذر سبحانه وتعالى من عقوق الوالدين في كتابه الكريم فقال: }فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ{ [محمد].

وفي هذه الورقات ذكرتُ إحدى عشرة وقفة في بر الوالدين، ثم من ثمار بر الوالدين، ثم من آفات عقوق الوالدين.

أسأل الله العظيم أن يجعلنا من البارين بوالدينا وأن يغفر لنا تقصيرنا فيهما إنه جواد كريم.


وقفات مع (بر الوالدين)



الوقفة الأولى: بر الوالدين من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى.

ومنزلته عند الله بعد عبادته مباشرة.

قال تعالى: }وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [النساء: 36].

وعن عبد الله بن مسعود t قال: «سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم أيُّ العمل أحب إلى الله؟ قال: «الصلاة على وقتها». قلت: ثم أيُّ؟ قال: «بر الوالدين». قلت: ثم أيُّ؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» [رواه البخاري ومسلم].

الوقفة الثانية: }أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ{:

يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ثلاث آيات مقرونات بثلاث، لا تُقبل واحدة بغير قرينتها...

1- }وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ{، فمن أطاع الله ولم يطع الرسول لم يقبل منه.

2- }وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ{، فمن صلى ولم يزكِّ لم يقبل منه.

3- }أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ{، فمن شكر لله ولم يشكر لوالديه لم يقبل منه.

وذلك بالإحسان لهما والاعتراف بجميلهما، والاجتهاد في تلبية طلبهما، وإظهار محاسنهما ودفن عيوبهما.

كما يطلب رضاهما ويبتعد عما يسخطهما، قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم: «رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما» [صحيح الجامع].

ورضا الوالدين مقدم على رضا النفس، وكثير من الناس يحسبون «أن البر فيما يروق لهم، ويوافق رغباتهم والحقيقة على عكس ذلك تمامًا. فالبر لا يكون إلا فيما يخالف أهواءهم وميولهم، ولو كان فيما يوافقهما لما سُمَّي برًّا» [بر الوالدين للحناوي].

«لأن الوالدين إذا بلغا الكبر ضعُفت نفوسهما، وصارا عالة على الولد، ومع ذلك يقول: لا تقل لهما أف؛ يعني لا تقل إني متضجر منكما، بل عاملهما باللطف والإحسان والرفق، ولا تنهرهما إذا تكلما، }وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا{: يعني رد عليهما ردًّا جميلاً لعظم الحق» [شرح رياض الصالحين لابن عثيمين رحمه الله].

الوقفة الثالثة
: «ففيهما فجاهد»:

بر الوالدين مُقدم على الجهاد في سبيل الله.

لحديث عبد الله مسعود رضي الله عنه المتقدم.

وكذلك الرجل الذي أتى رسول الله r يطلب الأجر من الله في الجهاد مع رسوله
صلي الله عليه وسلم، وقد أرشده الرسول r إلى أقرب الطرق إلى ذلك.

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: أقبل رجل إلى نبي الله r، فقال: أُبايُعك على الهجرة والجهاد، أبتغي الأجر من الله عزَّ وجل. قال: «فهل من والديك أحد حيٌّ؟» قال: نعم، بل كِلاهُما. قال: «فتبتغي الأجر من الله عز وجل؟» قال: نعم. قال: «فارجع إلى والديك فأحسن صُحبتهما» [رواه مسلم].

وعن أبي هريرة ر قال: جاء رجل إلى النبي
صلي الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد، فقال: «أحيٌّ والداك؟» قال: نعم. قال: «ففيهما فجاهد».

قال النووي في شرح صحيح مسلم: «قال أبو محمد بن عبد السلام: يحرم على الولد الجهاد بغير إذن الوالدين لما يشق عليهما من توقع قتله أو قطع عضو من أعضائه وشدة تفجعهما على ذلك».

الوقفة الرابعة
: عظم فضل الوالدين:

حيث إنه لا يكافئه شيء أبدًا، إلا أن يجده عبدًا مملوكًا للغير، فيُعتقه؛ لأن العتق أفضل ما يُنعم به أحدٌ على أحد.

قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم: «لا يجزي ولدٌ والده إلا أن يجده مملوكًا فيشتريه فيُعتقه» [رواه مسلم].

الوقفة الخامسة: دعوة الوالدين لا تُرد.

قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات مستجابات، لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم» [صحيح الجامع].

وقال
صلي الله عليه وسلم: «ثلاث دعوات لا تُرد: دعوة الوالد لولده، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر» [صحيح الجامع].

الوقفة السادسة: تقديم رضا الوالدين على رضا الزوجة:

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: كان تحتي امرأة أحبها، وكان عمر يكرهها، فقال لي: طلقها فأبيت، فأتى رسول الله
صلي الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فقال لي رسول الله  صلي الله عليه وسلم: «طلقها»
[صحيح الترغيب والترهيب].

لأن رباط الولد بوالده رباط دم وروح، وحب ونسب، ورباطه بزوجته رباط مودة ورحمة وألفة، فإذا فشلت المساعي التي يبذلها لإيجاد التفاهم بينها وبين أهله، وأمره والداه أو أحدهما بفراقها فعليه أن يطيعَهُ، ولو أدَّى ذلك إلى خسارته؛ لأن في إرضائهما سعادته في الدنيا والآخرة. [(بر الوالدين) لعبد الرءوف الحناوي].

وعن أبي الدرداء ر.. أن رجلاً أتاه فقال: إن لي امرأة، وإن أمي تأمرني بطلاقها، فقال: سمعت رسول الله
صلي الله عليه وسلم يقول: «الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضِع هذا الباب أو احفظه» [صحيح الترغيب والترغيب].

في هذا الحديث بيان واضح أن عقوق الوالدين إضاعة لأوسط أبواب الجنة، وأوسطها أعدلها وأكثرها خيرًا، وفي برهما حفظه. ومَن باع آخرته بدنياه وآثر الحياة الفانية على الحياة الباقية، وفضل اللَّذة المؤقتة على اللَّذة الدائمة فإنه لا يبالي إن حفظ أو ضَيَّعْ. هذا إن كانت المرأة صالحة وأمراه بفراقها.
  أما إذا كانت سيئة الخلق، خبيثة المنبت، رديئة الطبع، جموح القيادة فطلاقها خير وأبقى. [(بر الوالدين) لعبد الرءوف الحناوي].

ولكن ليس كل والد يأمر ابنه بطلاق زوجته تجب طاعته؛ فإن رجلاً سأل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قال: إن أبي يقول: طلق امرأتك، فأنا أحبها، قال: لا تطلقها، قال: أليس النبي
صلي الله عليه وسلم قد أمر ابن عمر أن يطلق زوجته لمَّا أمره عمر، فقال له الإمام أحمد: وهل أبوك عمر؟! لأن عمر t نعلم علم اليقين أنه لن يأمر عبد الله بطلاق زوجته إلا لسبب شرعي، وقد يكون ابن عمر t لم يعلمه؛ لأنه من المستحيل أن عمر ر  يأمر ابنه بطلاق زوجته ليفرِّق بينه وبين زوجته بدون سبب شرعي. [«شرح رياض الصالحين» لابن عثيمين رحمه الله].

الوقفة السابعة: بر الوالدين ليس خاص بهذه الأمة فقط.

فقد أمر الله عيسى ابن مريم u ببر والدته كما أمره بباقي العبادات. قال تعالى: }وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا{ [مريم: 31، 32].

لذلك يقول بعض السلف: لا تجد أحدًا عاقًا لوالديه إلا وجدته جبارًا شقيا.

وقد وصف الله سبحانه وتعالى يحيى u بأنه كان مطيعًا لوالديه وبارًا بهما. قال تعالى: }يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآَتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا * وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا{ [مريم: 12-14].

وقال تعالى: }وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [البقرة: 83].

الوقفة الثامنة: «الزم رجلها فثم الجنة»:

بر الوالدة مقدم على بر الوالد.{قلت المدون هذه المقولة فهمها المسلمون خطأً فجاروا علي حق الوالد وأنزلوه منازل الهانة أو نسخوا بهذه المقولة حقه الاصيل في البر وغا عن ناظرهم أن البر غير الاحسان فالوالدين حقهما في البر والاحسان سواء وبا أن الاحسان داخل في البر فلم يتغير مقدر البر اصلا لكليهما لكن مقدر الاحسان لذوات الضعف والمرأة زاد ضمن البر بما يكفي الوالدة بالضبط كما يحتاج المريض عن الاصحاء والكفيف عون المبصرين والأعرج عون المصح  فالبر الاصلي هو بر واحسان لكليهما بنسبة 100% لكن لحاجة الام لمن يسدد عنها مقدار ضعفها زادت بنسبة هذا الضعف كأنثي فصارت تحتاج بر بنسبة 100  }

لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الرضاع، مع مشاركتها للأب في التربية، وقد أَمَر الله تعالى ببر الوالدين عمومًا وخصصها هي للمجهود الذي بذلته من قبل. قال تعالى: }وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ{ [لقمان: 14].

وقد جاء رجل إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله، مَن أحق الناس بحُسن صحابتي؟ قال: «أمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أمُّك». قال: ثم مَن؟ قال: «أبوك».
[البخاري ومسلم].

فهي التي «حملتك في بطنها تسعة أشهر، تزيدها بنموك ضعفًا، وتُحَمِّلها فوق طاقتها عناء، وهي الضعيفة الجسم، الواهنة القوة. ثم أخرجتك، فيئست في خروجك من حياتها، فلمَّا بصرت بك إلى جانبها نسيت آلامها، وعلَّقَت فيك آمالها، ورأت فيك بهجة الحياة وزينتها، ثم انصَرَفَت إلى خدمتك ليلها ونهارها، تغذيك بصحتها وتنميك بهزالها، وتقويك بضعفها، تخاف عليك رقة النسيم وطنين الذباب، وتؤثرك على نفسها بالغذاء والراحة. فلمَّا تمَّ فصالك في عامين وبدأت بالمشي، أَخَذَت تحيطك بعنايتها، وتتبعك نظراتها، وتسعى وراءك خوفًا عليك، وبَقِيَت ترعاك وتحنو عليك حتى آخر لحظاتها من الدنيا. ومن هنا قَدَّمَها الله تعالى في الطاعة على أبيك، ووصَّاك بها رسول الله r بأكثر مما وصَّى بأبيك» [«بر الوالدين» لعبد الرؤوف الحناوي].

وفي الحديث الحسن عن طلحة بن معاوية السلمي t قال: أتيت النبي r فقلت: يا رسول الله، إني أريد الجهاد في سبيل الله. قال: «أمُّك حيَّةٌ؟» قلت: نعم. قال النبي r: «الزم رجلها فثمَّ الجنة» [صحيح الترغيب والترهيب].

الوقفة التاسعة: «أنت ومالك لأبيك»:

بر الأب يلي بر الأم مباشرة.

وذلك جزاء لما قدَّم لولده، من معروف وبذل وتضحية.

فعن جابر بن عبد الله t، أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن لي مالاً وولدًا، وإن أبي يُريد أن يجتاح مالي. فقال رسول الله r: «أنت ومالك لأبيك» [صحيح الجامع].

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله r قال: «إنَّ أطيب ما أكلتم من كسبكم، وأنَّ أولادكم من كسبكم» [صحيح الجامع].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي r يستعدي على والده، قال: إنه أخذ مالي. فقال له رسول الله r: «أما علمت أنك ومالك من كسب أبيك؟!» [سلسلة الأحاديث الصحيحة].

وقد انتشر في هذا الزمان عقوق الآباء، فترى الشاب بارًا بصديقه عاقًا لوالده الذي ربَّاه وتعب عليه.

الوقفة العاشرة: }وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا{:

بر الوالدين والإحسان إليهما ولو كانا مشركين.

لا يمنع كون الوالدين مشركين من الإحسان لهما ومصاحبتهما بالمعروف. لقوله تعالى: }وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ{ [لقمان].

وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: قَدِمَتْ عَليَّ أُمي، وهي مشركة في عهد رسول الله r، فاستفتيت رسول الله r قلت: قَدِمَتْ عليَّ أُمي، وهي راغبة، أَفَاصِلُ أمي؟ قال: «نعم صِلِي أُمَّكِ».

هذا إن كانا مشركين، فإن كانا مسلمين عاصيين فمن باب أولى.

الوقفة الحادية عشر: برُّ الوالدين بعد موتهما.

ويكون بعدة أمور منها:

1- الدعاء لهما: لقول الرسول r: «إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث أشياء، إلا من: صدقة جارية، أو علمٍ يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له» [رواه مسلم].



2- الوفاء بنذرهما: لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنَّ سعد بن عبادة t استفتى رسول الله r فقال: إن أُمي ماتت وعليها نذرٌ. فقال: «اقضه عنها» [البخاري ومسلم].

3- الصدقة عنهما: لحديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنَّ سعد بن عبادة توفيت أُمه وهو غائب عنها، فقال: يا رسول الله، إن أُمي توفيت، وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت بشيء عنها؟ قال: «نعم». قال: فإني أُشهدك أن حائط المخراف صدقة عليها. [رواه البخاري].

4- الاستغفار لهما: قال رسول الله r: «إنَّ الرجل لتُرفع درجته في الجنة، فيقول: أنَّى لي هذا؟ فيُقالُ: باستغفار ولدك لك» [صحيح الجامع].

5- صلة أصدقاء الأب: لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله r: «إن من أبَر البِر صلة الرجل أهل ودِّ أبيه بعد أن يولي» [رواه مسلم].







* * * *
ثمار بر الوالدين



1- طاعة الله سبحانه وتعالى فيما أمر وأوصى.

قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا{ [الإسراء: 23].

2- الحصول على رضا الرب تبارك وتعالى؛ لقول الرسول r: «رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما» [صحيح الجامع].

3- طاعة الرسول r: «... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه...» [أخرجه الحاكم].

4- التشبه بالأنبياء الكِرام عليهم الصلاة والسلام.

قال تعالى: }قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ‎وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا{ [مريم: 30-32].

5- بر الوالدين من أعظم الطرق الموصلة إلى الجنة.

فعن معاوية بن جاهمة t: أتيت النبي r أستشيره في الجهاد، فقال النبي r: «ألك والدان؟» قلت: نعم. قال: «الزمهما، فإن الجنة تحت أرجلهما» [صحيح الترغيب والترهيب].

6- بسط الرزق ودفع مصارع السوء: لقول الرسول r: «مَن سرَّه أن يمد الله في عمره ويوسع له في رزقه ويدفع عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه» [أخرجه الحاكم].

7- بر الوالدين من أسباب تفريج الكروب وذهاب الهموم. لحديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله r قال: «بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر، فآووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله، فادعوا بها لعلة يَفْرُجَها عنكم، فقال أحدهم: الله إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالدي فسقيتهما قبل بَنيَّ، وإني نأى بي ذات يوم الشجرُ، فلم آتِ حتى أسميت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحلاب، فقمت عنه رءوسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدميَّ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرَّج اللهُ منها فرجةً فرأوا منها السماء...» [رواه البخاري ومسلم].







* * * *
آفات عقوق الوالدين



قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: لو يعلم الله شيئًا من العقوق أدنى من «أفٍ» لحرَّمه. وإن أعظم مصيبة يُصاب بها الوالدان: عقوق أولادهما، حيثُ كانا يتطلعان إلى بِرِّهم وإحسانهم، فجاءهم العقوق والجحود من حيث يتوقعانَ البر والصلة، وجاءهم الخوف من حيثُ يتوقعان الأمن والرحمة.

فمن آفات عقوق الوالدين:

1- مخالفة أمر الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: }وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا{ [الإسراء: 23، 24].

2- مخالفة أمر الرسول r، الذي حثَّ على بر الوالدين في أحاديث كثيرة.

3- عقوق الوالدين من أكبر الكبائر. فعن أبي بكرة t قال: قال رسول الله r: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين. وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» [رواه البخاري ومسلم].

4- عدم محبة الله لمن عقَّ والديه؛ لحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله r قال: «إنَّ الله يُحِبُّ العقوق» [صحيح الجامع].

5- عدم قبول العمل يوم القيامة؛ لقول الرسول r: «ثلاثة لا يقبل الله منهم يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً: عاق، ومنان، ومكذب بالقدر» [صحيح الجامع].

6- لعنة الله على مَن لعن والديه وعقهما؛ لقول الله تعالى: }فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ{ [محمد: 22، 23]، ولقول الرسول r: «لعن الله من لعن والديه، ولعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من آوى مُحدِثًا، ولعن الله من غيَّر منار الأرض» [رواه مسلم]؛ ولقوله r: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه». قبل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟! قال: «يسب أبا الرجل، فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه» [رواه البخاري ومسلم].

7- حرمان الجنة ودخول النار؛ لقول المصطفى صلي الله عليه وسلم: «ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق والديه، والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال، والديوث» [صحيح الجامع].

وقوله عليه الصلاة والسلام: «لا يدخل الجنة قاطع رحم» [رواه البخاري].

8- دعاء الرسول r على العاق: فعن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: «رغم أنفه، ثم رغم أنفه، ثم رغم أنفه». قيل: مَن يا رسول الله؟ قال: «مَن أدرك والداه عند الكبر أحدهما أو كِلاهُما ثم لم يدخل الجنة» [رواه مسلم].

وفي الختام أقول:



الوالدان بابان عظيمان من أبواب الجنة، بل هما جنة الله في أرضه. فبادر إليهما رزقك الله بر والديك.

هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

=============