زيادة رجلٍ في أحد الأسانيد ];
دكتور ماهر الفحل
⭐إن من الشروط الأساسية لصحة
الحديث الضبط ، والزيادة والنقصان في سند من الأسانيد مع اتحاد المدار أمارة من
أمارات عدم الضبط ، وعدم الضبط مخرج للحديث من حال الصحة إلى حال الضعف .
⭐وعليه فإذا روي حديث بأسانيد
متعددة ، وكان مدار الحديث على رجلٍ واحد ، وزيد في أحد الأسانيد رجلٌ ونقص من
بقية الأسانيد ، ولم نستطع الترجيح بين الروايات؛ مما يدل على أن الخطأ من الذي
دار عليه الإسناد ، فرواه مرة هكذا ، ومرة هكذا ، فتبين لنا أن هذا الراوي لم يضبط
هذا الحديث ، فيحكم على الحديث بالاضطراب ، ويتوقف الاحتجاج به حتى نجد له ما
يعضده من متابعات ، أو شواهد ترفعه من حال الضعف إلى حال القبول .
⭐وأحياناً توجد زيادة رجلٍ في
أحد الأسانيد ، إلا أنّ الزيادة لا تقدح عند الأئمة إذا كان المزيد ثقة ؛ لأن
الإسناد كيفما دار دار على ثقة . وقد تختلف أنظار المحدّثين في نحو مثل هذا فبعضهم
يعد الزيادة قادحة وبعضهم لا يعدها قادحة .
⭐ومما وردت فيه زيادة واختلفت
أنظار المحدّثين فيها ، والراجح عدم القدح :
ما رواه بكير بن عبد الله ([1])،
عن سليمان بن يسار ، عن عبد الرحمان بن جابر ابن عبد الله ([2]) ، عن أبي بردة([3]) t ، قال : كان النبي وللحديث شواهد فقد أخرجه عبد الرزاق([27])
، و البخاري([28])،
و النسائي في الكبرى([29])
من طريق مسلم بن أبي مريم([30])،
عن عبد الرحمان بن جابر ، عمن سمع
النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (( لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حدٍ من حدود الله )) .
النبي صلي الله عليه وسلم يقول : (( لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حدٍ من حدود الله )) .
فهذا الحديث مداره على بكير
بن عبد الله ([4])،
وهو هكذا من غير زيادة في إسناده وقد صححه من هذا الوجه الإمام البخاري ([5])
، والترمذي ([6])
.
ورواه الليث بن سعد ([7])،
وهو ثقة ثبت ([8])،
عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن
عبد الله ، به . وتابعه سعيد بن أبي أيوب([9])، وهو ثقة ثبت([10])، فهذه متابعة تامة لليث بن سعد .
عبد الله ، به . وتابعه سعيد بن أبي أيوب([9])، وهو ثقة ثبت([10])، فهذه متابعة تامة لليث بن سعد .
وتابعه عبد الله بن لهيعة([11])
متابعة نازلة فرواه عن بكير بن عبد الله ، به لكن قَدْ خولف الإمام الليث بن سعد .
خالفه زيد بن أبي أنيسة([12])
- وهو ثقة([13])-
عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن عبد الله ، عن سليمان بن يسار ، عن عبد الرحمان
بن جابر، عن أبيه ، عن أبي بردة بن ينار … الْحَدِيْث ، فقد زاد زيد بن أبي أنيسة
زيادة فأدخل جابر بن عبد الله بين
عبد الرحمان وأبي بردة .
عبد الرحمان وأبي بردة .
وقد توبع زيد بن أبي أنيسة
على هذا متابعة نازلةً ، تابعه اثنان
فروياه عن بكير بن عبد الله، عن سليمان بن يسار، عن عبد الرحمان
بن جابر ، عن أبيه ، عن أبي بردة . هكذا روياه بزيادة:(( أبيه )) بين عبد الرحمان
و أبي بردة فتابعا زيد بن أبي أنيسة ⭐هكذا حصلت الزيادة في أحد
أسانيد الحديث ، ومداره على راوٍ واحد. وقد اختلفت وجهات نظر المحدّثين :
فقد صحّح الرواية بدون
الزيادة الترمذي – كما سبق - ، و الدارقطني في العلل([18])، و البخاري :
وصحح الرواية مع الزيادة
البخاري – أيضاً – ومسلم وأبو حاتم([19])،
والدارقطني في التتبع ([20]).
وقد حكم باضطراب الحديث الأصيلي([21])
قال الحافظ:(( ادعى الأصيلي أن الحديث مضطرب ، فلا يحتج به لاضطرابه))([22]).
وَقَالَ الشوكاني:(( تكلم في
إسناده ابن المنذر والأصيلي من جهة الاختلاف فيه))([23]).
ولم أجد النقل صريحاً عن ابن
المنذر إلا أنه قال في الإشراف:(( لم نجد في عدد الضرب في التعزير خبراً عن رسولِ
الله ثابتاً ))([24]).
أقول: ما ذكر من إعلال الحديث
بالاضطراب هو أمرٌ غير صحيح ؛ إذ إنَّهُ اختلاف غَيْر قادح فَهُوَ كيفما دار
فَهُوَ عن ثقة ، وَقَدْ دافع الحَافِظ ابن حجر عن هَذَا الْحَدِيْث دفاعاً مجيداً
، فَقَالَ:(( لَمْ يقدح هَذَا الاختلاف عن الشيخين في صحة الْحَدِيْث؛ فإنه كيفما
دار يدور على ثقة، ويحتمل أن يكون عبد الرحمان وقع له فيه ما وقع لبكير بن الأشج ([25])
في تحديث عبد الرحمان بن جابر لسليمان بحضرة بكير ؛ ثم تحديث سليمان بكيراً به عن
عبد الرحمان ، أو أن عبد الرحمان سمع أبا بردة لما حدّث به أباه ، وثبته فيه أبوه
، فحدّث به تارة بواسطة أبيه وتارة بغير واسطة … وقد اتفق الشيخان على تصحيحه ،
وهما العمدة في التصحيح ))([26]). وللحديث شواهد فقد أخرجه عبد الرزاق([27])
، و البخاري([28])،
و النسائي في الكبرى([29])
من طريق مسلم بن أبي مريم([30])،
عن عبد الرحمان بن جابر ، عمن سمع
النبي صلي الله عليه وسلم …الحديث .
([1])
هو بكير بن عبد الله بن الأشج ، مولى بني مخزوم ، أبو عبد الله ،أو أبو يوسف
المدني ، نزيل مصر ،
( ثقة ) ، مات سنة ( 120 ه ) أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة . التقريب ( 760 ) .
( ثقة ) ، مات سنة ( 120 ه ) أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة . التقريب ( 760 ) .
([2])
هو عبد الرحمان بن جابر بن عبد الله الأنصاري ، أبو عتيق المدني : ثقة أخرج حديثه
أصحاب الكتب الستة . التقريب ( 3825 ) .
([3]) هو
على الراجح : هانئ أبو بردة بن نيار بن عمرو بن عبيد بن عمرو الأوسي ، وقيل : غير
ذلك .
انظر : تحفة الأشراف 8/304 ، وتهذيب الكمال 8/242 ، وإتحاف المهرة14/23 ، والإحكام،لابن دقيق 2/252 .
انظر : تحفة الأشراف 8/304 ، وتهذيب الكمال 8/242 ، وإتحاف المهرة14/23 ، والإحكام،لابن دقيق 2/252 .
([4])
انظر : تحفة الأشراف 8/304-306 ( 11720 ) ، وإتحاف المهرة 14/24 ( 17392 ) .
([5]) فقد
أخرجه في صحيحه كما سيأتي .
([6])
جامع الترمذي 3/130-131 ( 1463 ) .
([7]) عند
ابن أبي شيبة(28866)،وأحمد3/466و4/45،والبخاري 8/215(6848)،وأبي داود (4491)، وابن
ماجه (2601)،والترمذي(1463)،والنسائي في الكبرى (7331)،وابن الجارود(850)،
والطحاوي في شرح المشكل(2443)،والطبراني في الكبير22/ (515)،والبيهقي8/327،والبغوي
(2609) .
تنبيه : لليث بن سعد رواية أخرى في هذا الحديث فقد رواه عن بكير
مباشرة فقد أخرجه الإمام
أحمد 3/466 ، حدثنا : سلمة الخزاعي ، قال : حدثنا : ليث ، عن بكير بن عبد الله … الحديث ، ثم قال سلمة الخزاعي : (( وكان ليث حدثناه ببغداد عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير ، عن سليمان ، فلما كان بمصر قال : أخبرناه بكير بن عبد الله بن الأشج )) .
أحمد 3/466 ، حدثنا : سلمة الخزاعي ، قال : حدثنا : ليث ، عن بكير بن عبد الله … الحديث ، ثم قال سلمة الخزاعي : (( وكان ليث حدثناه ببغداد عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير ، عن سليمان ، فلما كان بمصر قال : أخبرناه بكير بن عبد الله بن الأشج )) .
([8])
التقريب ( 5684 ) .
([9])
عند أحمد 4/45 ، وعبد بن حميد (366) و الدارمي (2319) ، و النسائي في الكبرى
(7330) ، وابن حبان (4458) و ط الرسالة (4452) ، و الحاكم 4/381-382 .
تنبيه : وقع عند الحاكم
:(( إسماعيل بن أبي
أيوب)) وهو تحريف
والتصويب من إتحاف المهرة 14/25 حديث (17392) .
([10])
التقريب (2274)
([11])
عند أحمد 3/466 ، و الطبراني في الكبير 22/(517) .
([12])
عِنْدَ النسائي في الكبرى ( 7332 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 2444 ) .
([13])
التقريب ( 2118 ) .
([14])
عند أحمد 4/45 و البخاري 8/216 (6850) ، ومسلم 5/126 (1708) (40) ، وأبي داود
(4492) ، و الطحاوي في شرح المشكل (2446) ، و ابن حبان (4459) و ط الرسالة (4453)
، و الدارقطني 3/207-208 ، و الحاكم 4/369-370 ، و البيهقي 8/327 .
([15])
التقريب ( 5004 ) .
([16])
عند الطحاوي في شرح المشكل (2445) ، و البزار في البحر الزخار ( 3796 ) .
([17])
التقريب (317) .
([18])
علل الدارقطني 6/22 س (952) .
([19])
علل ابنه 1/451 (1356) .
([20])
التتبع 226(92 ) .
([21])
هو الإمام ، شيخ المالكية، عالم الأندلس ، أبو محمد ، عبد الله بن إبراهيم الأصيلي
. قال الدارقطني :
(( حدثني أبو مُحَمَّد الأصيلي ولم أر مثله )) . سير أعلام النبلاء 16/560 .
(( حدثني أبو مُحَمَّد الأصيلي ولم أر مثله )) . سير أعلام النبلاء 16/560 .
([22])
فتح الباري 12/177 .
([23])
نيل الأوطار 7/150 .
([24])
الإشراف 3/22 .
([25])
هُوَ أبو عَبْد الله بكير بن عَبْد الله الأشج المدني ، مولى بني مخزوم : ثقة ،
توفي سنة ( 120 ه ) ، وَقِيْلَ : (117 ه) ، وَقِيْلَ : ( 122 ه ) .
الثقات 6/105 ، وتهذيب الكمال 1/378 و 379 ( 752
) ، والتقريب ( 760 ) .
([26])
فتح الباري 12/177 .
([27])
المصنف ( 13677 ) .
([28])
صحيح البخاري 8/215 ( 6849 ) .
([29])
كما في تحفة الأشراف 8/304 حديث ( 11720 ) ، ولم نجده في المطبوع .
([30])
مُسْلِم بن أبي مريم ، واسم أبي مريم : يسار ، المدني ، مولى الأنصار : ثقة .
التاريخ الكبير 7/273 ، وتهذيب الكمال 7/105 (
6537 ) ، والتقريب ( 6647 ) .
([31])
هُوَ أبو مُحَمَّد الحارث بن أَبِي أسامة ، واسم أبي أسامة : داهر ، التميمي
مولاهم البغدادي صاحب "المسند" ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : صدوق ، ولد
سنة ( 186 ه ) ، وتوفي سنة ( 282 ه ) .
المنتظم 5/155 ، وسير أعلام النبلاء 13/388 و 389
و 390 ، وتذكرة الحفاظ 2/619-620 .
([32])
كما في بغية الباحث 2/567 (519 )
([33])
هو عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام المخزومي ، المدني :
صدوق . التقريب (3237)
([34])
فتح الباري 12/177 .
([35])
سنن ابن ماجه ( 2602) .
([36])
التقريب ( 3139) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق