الاختلاف
لغة واصطلاحاً
المادة العلمية من كتاب الاختلاف في الحديث وأثره علي الفقه دكتور ماهر الفحل+تعقيب المدون
تعريف الاختلاف لغة
الاختلاف : افتعال
مصدر اختلف ، واختلف ضد اتفق ، ويقال :(تخالف القوم واختلفوا ، إذا ذهب كُلّ
واحد مِنْهُمْ إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر).
ويقال :(تخالف
الأمران،واختلفا إذا لَمْ يتفقا وكل ما لَمْ يتساو : فَقَدْ تخالف واختلف)
ومنه قولهم : اختلف
الناس في كَذَا ، والناس خلفة أي مختلفون ؛ لأن كُلّ واحد مِنْهُمْ ينحي قَوْل
صاحبه ، ويقيم نفسه مقام الَّذِيْ نحّاه.ومنه حَدِيْث
النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم( سَوّوا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم )
وبعد أن ساق
الزَّبِيديُّ هَذَا الْحَدِيْث قَالَ في معناه : (( أي : إذا تقدّم بعضُهم عَلَى بَعضٍ في
الصُّفُوفِ تأثرت قُلوبُهم ، ونشأَ بينهم اختلافٌ في الأُلْفَةِ والموَدَّةِ )
ويستعمل الاختلاف
عِنْدَ الفقهاء بمعناه اللُّغويِّ .
أمّا الخِلافُ -
بالكسر - فهو المُضَادّةُ ، وَقَدْ خالَفَهُ مُخالَفَةً وخِلافاً كَمَا في اللسان
والخِلافُ :
المُخَالَفَةُ ، قَالَ تَعَالَى:}فَرِحَ
الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ{ أي : مُخُالَفَةَ رَسُولِ اللهِ
تعريف الاختلاف
اصطلاحاً
لَمْ أجد تعريفاً
للعلماء في الاختلاف ، لَكِنْ يمكنني أن أعرفه بأنه : ما اختلف الرُّوَاة فِيْهِ
سنداً / أو متناً .
وعلى هَذَا التعريف يمكننا
أن نقسّم الاختلاف عَلَى ضربين :
الأول : اختلاف
الرُّوَاة في السند : وَهُوَ أن يختلف الرُّوَاة في سند ما زيادة أو نقصاناً ،
بحذف راوٍ ، أو إضافته ، أَوْ تغيير اسم ، أَوْ اختلاف بوصل وإرسال ، أَوْ اتصال
وانقطاع ، أو اختلاف في الجمع والإفراد
الثاني : اختلاف
الرُّوَاة في الْمَتْن : زيادة ونقصاناً ، أو رفعاً ووقفاً
وَقَدْ أحسن وأجاد
الإمام مُسْلِم بن الحجاج إذ صوّر لنا الاختلاف تصويراً بديعاً فَقَالَ في كتابه العظيم " التمييز
"
: (اعلم ، أرشدك الله ، أن الَّذِيْ يدور بِهِ مَعْرِفَة الخطأ في رِوَايَة
ناقل الْحَدِيْث – إذا هم اختلفوا فِيْهِ
- من جهتين :
أحدهما : أن ينقل
الناقل حديثاً بإسناد فينسب رجلاً مشهوراً بنسب في إسناد خبره خلاف نسبته الَّتِيْ
هِيَ نسبته ، أو يسميه باسم سوى اسمه ، فيكون خطأ ذَلِكَ غَيْر خفيٍّ عَلَى أهل
العلم حين يرد عليهم …
والجهة الأخرى : أن
يروي نفر من حفّاظ الناس حديثاً عَنْ مثل الزهري أو غيره من
الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد مجتمعون عَلَى روايته في الإسناد والمتن ، لا
يختلفون فِيْهِ في معنى ، فيرويه آخر
سواهم عمن حدث عَنْهُ النفر الَّذِيْنَ وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب
الْمَتْن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ ، فيعلم حينئذٍ أنَّ الصَّحِيْح
من الروايتين ما حدّث الجماعة من الحفاظ ، دون الواحد المنفرد وإن كَانَ حافظاً ،
عَلَى هَذَا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الْحَدِيْث ، مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمان بن مهدي وغيرهم من أئمة أهل العلم )
أضيف أنا المدون أن أهم أسباب الخلاف الناشئ بين الفقهاء هو ما ينتج من العمل بالناسخ والمنسوخ في آن واحد وقد أشرنا حتي بفرض سلامة الأحاديث سندا ومتنا راجع الرابطᐊ
⎆ الفرق بَيْنَ الاضطراب
والاختلاف
الْحَدِيْث المضطرب : هُوَ
ما اختلف راويه فِيْهِ ، فرواه مرة عَلَى
وجه ، ومرة عَلَى وجه آخر مخالف لَهُ . وهكذا إن اضطرب فِيْهِ راويان فأكثر فرواه
كُلّ واحد عَلَى وجه مخالف للآخر
ومن شرط الاضطراب :
تساوي الروايات المضطربة بحيث لا تترجح إحداها عَلَى الأخرى .
أما إذا ترجحت إحدى
الروايات فلا يسمى مضطرباً ، بَلْ هُوَ مطلق اختلافٍ ، قَالَ العراقي :( أما إذا ترجحت إحداهما بكون راويها أحفظ ، أو أكثر صُحْبَة للمروي عَنْهُ ،
أو غَيْر ذَلِكَ من وجوه الترجيح ؛ فإنه لا يطلق عَلَى الوجه الراجح وصف الاضطراب
ولا لَهُ حكمه ، والحكم حينئذ للوجه الراجح) وهذا أمر معروف
بَيْنَ الْمُحَدِّثِيْنَ لا خلاف فِيْهِ ؛ لذا نجد المباركفوري يَقُوْلُ :( قَدْ
تقرر في أصول الْحَدِيْث أنّ مجرد الاختلاف لا يوجب الاضطراب ، بَلْ من شرطه
استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قُدِّمَ )
فعلى هَذَا شرط
الاضطراب تساوي الروايات ، أما إذا ترجحت إحداهما عَلَى الأخرى فالحكم للراجحة،والمرجوحة
شاذة أَوْ منكرة . وعليه فإن كَانَ أحد الوجوه مروياً مِنْ طريق ضعيف والآخر من
طريق قوي فلا اضطراب والعمل بالطريق القوي ، وإن لَمْ يَكُنْ كذلك ، فإن أمكن
الجمع بَيْنَ تِلْكَ الوجوه بحيث يمكن أن يَكُوْنَ المتكلم باللفظين الواردين عَنْ
معنى واحد فلا إشكال أَيْضاً؛مِثْل أن يَكُوْنَ في أحد الوَجْهَيْنِ قَدْ قَالَ
الرَّاوِي : عَنْ رجل ، وفي الوجه الآخر يسمي هَذَا الرجل ، فَقَدْ يَكُوْن هَذَا
المسمى هُوَ ذَلِكَ المبهم ؛ فَلاَ اضطراب إذن ولا تعارض ، وإن لَمْ يَكُنْ
كَذَلِكَ بأن يسمي مثلاً الرَّاوِي باسم معينٍ في رِوَايَة ويسميه باسم آخر في
رِوَايَة أخرى فهذا محل نظر وَهُوَ اضطراب إِذْ يتعارض فِيْهِ أمران :
أحدهما : أنه يجوز أن
يَكُوْن الْحَدِيْث عَنْ الرجلين معاً .
والثاني : أن يغلب
عَلَى الظن أن الرَّاوِي واحد واختلف فِيْهِ
فههنا لا يخلو أن يَكُوْن الرجلان كلاهما ثقة أو لا ، فإن كانا ثقتين فهنا لا
يضر الاختلاف عِنْدَ الكثير ؛ لأنّ الاختلاف كيف دار فهو عَلَى ثقة ، وبعضهم يقول
: هَذَا اضطراب يضر ؛ لأنه يدل عَلَى قلة الضبط
إذن شرط الاضطراب الاتحاد في المصدر، وعدم إمكانية
التوفيق بَيْنَ الوجوه المختلفة والترجيح عَلَى منهج النقاد وعلى ما تقدم يتبين
لنا أنّ بَيْنَ الاضطراب والاختلاف عموماً وخصوصاً،وَهُوَ أن كُلّ مضطرب مختلف
فِيْهِ، ولا عكس. فالاختلاف أعم من ...يستكمل إن شاء الله ᐘ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق