عدد صفحاته بترقيم الشاملة هو : 1/1127 وهو في المدونة من صفحة 1 الي صفحة 22
- خُطْبَةُ
النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الصّلَاتَيْنِ ] ص 1103 ] وَكَانَ مِنْ خُطْبَتِهِ يَوْمَئِذٍ أَيّهَا
النّاسُ إنّي وَاَللّهِ مَا أَدْرِي لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بِمَكَانِي
هَذَا بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا رَحِمَ اللّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي
فَوَعَاهَا ، فَرُبّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ وَرُبّ حَامِلِ فِقْهٍ
إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَاعْلَمُوا أَنّ أَمْوَالَكُمْ
وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي
شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا وَاعْلَمُوا أَنّ الصّدُورَ لَا
تُغَلّ عَلَى ثَلَاثٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَهْلِ
الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ
. مِنْ وَرَائِهِمْ أَلّا إنّ كُلّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيّةِ
تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ وَأَوّلُ دِمَاءِ الْجَاهِلِيّةِ أَضَعُ دَمَ
إيَاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي
سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - وَرِبَا الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ كُلّهُ
وَأَوّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ .
اتّقُوا اللّهَ فِي النّسَاءِ فَإِنّمَا أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانَةِ
اللّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَةِ اللّهِ وَإِنّ لَكُمْ عَلَيْهِنّ
أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنّ
ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرّحٍ وَلَهُنّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنّ وَكَسَوْتهنّ
بِالْمَعْرُوفِ قَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلّوا بَعْدَهُ إنْ
اعْتَصَمْتُمْ بِهِ - كِتَابُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنْتُمْ
مَسْئُولُونَ عَنّي ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلّغْت وَأَدّيْت وَنَصَحْت ثُمّ
قَالَ بِإِصْبَعِهِ السّبّابَةِ إلَى السّمَاءِ يَرْفَعُهَا وَيَكُبّهَا
ثَلَاثًا : اللّهُمّ اشْهَدْ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عَمّهِ الزّهْرِيّ ، عَنْ
أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ
عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَفَ
بِالْهِضَابِ مِنْ عَرَفَةَ فَقَالَ كُلّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ إلّا بَطْنَ
عُرَنَةَ ، وَكُلّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ إلّا بَطْنَ مُحَسّرٍ ، وَكُلّ
مِنًى مَنْحَرٌ إلّا خَلْفَ الْعَقَبَةِ [ ص 1104 ] قَالُوا : وَبَعَثَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى مَنْ هُوَ بِأَقْصَى
عَرَفَةَ فَقَالَ الْزَمُوا مَشَاعِرَكُمْ فَإِنّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ
إرْثِ إبْرَاهِيمَ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَن
ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ عَرَفَةُ أَوّلُ جَبَلٍ مِمّا يَلِي عُرَنَةَ إلَى
جَبَلِ عَرَفَةَ ، كُلّهِ مِنْ عَرَفَةَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : نَظَرْت إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مَادّ يَدَيْهِ يُقْبِلُ بِرَاحَتَيْهِ
عَلَى وَجْهِهِ وَقَالُوا : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ إنّ أَفَضْلَ دُعَائِي وَدُعَاءَ مَنْ كَانَ قَبْلِي مِنْ
الْأَنْبِيَاءِ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ
الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ
عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التّوَمَةِ عَنْ
ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ نَاسًا اخْتَلَفُوا فِي صِيَامِ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ . فَقَالَتْ أُمّ الْفَضْلِ
أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ بِعُسّ مِنْ
لَبَنٍ فَشَرِبَ وَهُوَ يَخْطُبُ . قَالُوا : وَوَقَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتّى غَرَبَتْ [ الشّمْسُ ] يَدْعُو
. وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيّةِ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ إذَا كَانَتْ
الشّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ كَهَيْئَةِ الْعَمَائِمِ عَلَى رُءُوسِ
الرّجَالِ . فَظَنّتْ
قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدْفَعُ
كَذَلِكَ فَأَخّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَفْعَهُ
حَتّى غَرَبَتْ الشّمْسُ وَكَذَلِكَ كَانَتْ دَفْعَةُ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
- قَالَ
حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ
بْن الزّبَيْرِ ِ [ ص 1105 ] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْته
يَسْأَلُ عَنْ سَيْرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَشِيّةَ
عَرَفَةَ ، فَقَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ وَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصّ
- وَالنّصّ : فَوْقَ الْعَنَقِ .
- قَالَ
فَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ
عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيّهَا النّاسُ عَلَى رِسْلِكُمْ عَلَيْكُمْ
بِالسّكِينَةِ لِيَكُفّ قَوِيّكُمْ عَنْ ضَعِيفِكُمْ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا رَفَعَتْ نَاقَةُ
النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدَيْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ
الدّفْعَتَيْنِ وَاضِعَةً حَتّى رَمَى جَمْرَةً قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ
بْنُ مُسْلِمٍ الْجُهَنِيّ عَنْ عُيَيْمِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ كُلَيْبٍ
الْجُهَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى جَمْعٍ ،
وَالنّارُ تُوقَدُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ يَوْمَهَا حَتّى نَزَلَ
قَرِيبًا مِنْهَا
- قَالَ
فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
لَمّا أَبْصَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النّارَ قَالَ لِخَارِجَةَ
بْنِ زَيْدٍ مَتَى كَانَتْ هَذِهِ النّارُ يَا أَبَا يَزِيدَ ؟ قَالَ
كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيّةِ وَضَعَتْهَا قُرَيْشٌ ; لَا تَخْرُجُ مِنْ
الْحَرَمِ إلَى عَرَفَةَ [ إلّا ] تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ اللّهِ وَلَقَدْ
أَخْبَرَنِي حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي
أَنّهُمْ كَانُوا يَحُجّونَ فِي الْجَاهِلِيّةِ فَيَرَوْنَ تِلْكَ النّارَ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ
ابْن عَبّاسٍ [ ص
1106 ] رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ إلَى الشّعْبِ قَالَ وَهُوَ شِعْبُ الْإِذْخِرِ يَسَارَ الطّرِيقِ
بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ ، وَلَمْ يُصَلّ(1/1103) قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ
عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى الْمَغْرِبَ
وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَلَمْ يُسَبّحْ بَيْنَهُمَا ،
وَلَا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ
قَالَ صَلّاهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِأَذَانٍ
وَإِقَامَتَيْنِ .
- قَالُوا
: وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرِيبًا مِنْ النّارِ - وَالنّارُ عَلَى قُزَحَ
، وَهُوَ الْجَبَلُ وَهُوَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ - فَلَمّا كَانَ فِي
السّحَرِ أَذّنَ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ مِنْ أَهْلِ الضّعْفِ مِنْ
الذّرّيّةِ وَالنّسَاءِ .
- قَالَ
حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ
عَنْهَا ، أَنّ سَوْدَةَ بِنْتَ رَبِيعَةَ اسْتَأْذَنَتْ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي التّقَدّمِ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ حَطْمَةِ
النّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةٌ ثَبِطَةً فَأَذِنَ لَهَا وَحَبَسَ نِسَاءَهُ
حَتّى دَفَعْنَ بِدَفْعِهِ حِينَ أَصْبَحَ . قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهَا : فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ أَحَبّ إلَيّ
مِنْ مَفْرُوجٍ بِهِ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ
عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أُمّهِ قَالَتْ تَقَدّمْت مَعَ سَوْدَةَ زَوْجِ
النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ فَرَمَيْنَا قَبْلَ
الْفَجْرِ .
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [ ص 1107 ] عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ
رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْهُ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ أَهْلِهِ فَرَمَوْا الْجَمْرَةَ
مَعَ الْفَجْر
- قَالَ
فَحَدّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَمّا بَرَقَ الْفَجْرُ
صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الصّبْحَ ثُمّ رَكِبَ
عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ ثُمّ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ . وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيّةِ لَا يَدْفَعُونَ مِنْ
جَمْعٍ حَتّى تَطْلُعَ الشّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ ، وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ
ثَبِيرٌ ، كَيْمَا نُغِيرْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ إنّ قُرَيْشًا خَالَفَتْ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ فَدَفَعَ قَبْلَ
طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلّ الْمُزْدَلِفَةِ
مَوْقِف
- قَالَ
وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ
، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ جَمَعَ مِنْ أَقْصَى
الْمَأْزِمَيْنِ إلَى الْقَرْنِ الّذِي خَلْفَ وَادِي مُحَسّرٍ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ ابْنِ الزّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسّرٍ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ أَبَانَ
بْنِ صَالِحٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَمَلَ
حَصَى الْعَقَبَةِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ
- قَالَ
حَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَائِلٍ قَالَ سَمِعْت قُدَامَةَ بْنِ
عَبْدِ اللّهِ الْكِلَابِيّ يَقُولُ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النّحْرِ عَلَى
نَاقَةٍ صَهْبَاءَ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إلَيْك إلَيْك
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ ،
عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شخيرة ، عَنْ ابْنِ
مَسْعُودٍ أَنّ النّبِيّ [ ص 1108 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ
يَقْطَعْ التّلْبِيَةَ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ . قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ
أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَقْطَعْ التّلْبِيَةَ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ
قَالَ وَلَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
إلَى الْمَنْحَرِ قَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلّ مِنًى مَنْحَرٌ ، وَكُلّ
فِجَاجِ مَكّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ . ثُمّ نَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا
وَسِتّينَ بِالْحَرْبَةِ ثُمّ أَعْطَى رَجُلًا فَنَحَرَ مَا بَقِيَ ثُمّ
أَمَرَ مِنْ كُلّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ مِنْ الْبُدْنِ الّتِي نَحَرَ
فَجُعِلَ فِي قِدْرٍ فَطَبَخَهُ فَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهَا وَحَسَا مِنْ
مَرَقِهَا
- قَالَ
فَحَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ
، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَلِيّ عَلَيْهِ
السّلَامُ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
أَنْ أَتَصَدّقَ بِجَلَالِ بُدْنِهِ وَجُلُودِهَا وَلُحُومِهَا ، وَلَا
أُعْطِي مِنْهَا فِي جَزْرِهَا شَيْئًا(1/1107)
- حَلْقُ
شَعْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالُوا : لَمّا نَحَرَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْهَدْيَ دَعَا الْحَلّاقَ
وَحَضَرَ الْمُسْلِمُونَ يَطْلُبُونَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَعْطَى الْحَلّاقَ شِقّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ
ثُمّ أَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيّ . وَكَلّمَهُ خَالِدُ بْنُ
الْوَلِيدِ فِي نَاصِيَتِهِ حِينَ حَلَقَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَكَانَ
يَجْعَلُهَا فِي مَقْدَمِ قَلَنْسُوَتِهِ فَلَا يَلْقَى جَمْعًا إلّا
فَضّهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ كُنْت أَنْظُرُ
إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَمَا نَلْقَى مِنْهُ فِي أُحُدٍ ، وَفِي
الْخَنْدَقِ ، وَفِي الْحُدَيْبِيَةِ ، وَفِي كُلّ مَوْطِنٍ لَاقَانَا ،
ثُمّ نَظَرْت إلَيْهِ يَوْمَ النّحْرِ يُقَدّمُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَدَنَةً وَهِيَ تَعْتَبُ فِي الْعَقْلِ ثُمّ
نَظَرْت إلَيْهِ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْلِقُ
رَأْسَهُ وَهُوَ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللّهِ نَاصِيَتك لَا [ ص 1109 ]
تُؤْثِرُ بِهَا عَلَيّ أَحَدًا ، فِدَاك أَبِي وَأُمّي فَأَنْظُرُ إلَيْهِ
أَخَذَ نَاصِيَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَكَانَ
يَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَفِيهِ .
- قَالَ
وَسَأَلْت عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : مِنْ أَيْنَ هَذَا الشّعْرُ الّذِي
عِنْدَكُنّ ؟ قَالَتْ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا
حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجّتِهِ فَرّقَ شَعْرَهُ فِي النّاسِ فَأَصَابَنَا
مَا أَصَابَ النّاسَ . فَلَمّا حَلَقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَأْسَهُ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ وَعَارِضَيْهِ وَقَلّمَ
أَظْفَارَهُ وَأَمَرَ بِشَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَنْ يُدْفَنَا . وَقَصّرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَلَقَ آخَرُونَ
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَحِمَ اللّهُ
الْمُحَلّقِينَ ثَلَاثًا ، كُلّ ذَلِكَ يُقَالُ الْمُقَصّرِينَ يَا رَسُولَ
اللّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
وَالْمُقَصّرِينَ فِي الرّابِعَةِ قَالُوا : وَأَصَابَ رَسُولُ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الطّيبَ بَعْدَ أَنْ حَلَقَ وَلَبِسَ
الْقَمِيصَ وَجَلَسَ لِلنّاسِ فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدّمَ
أَوْ أُخّرَ إلّا قَالَ افْعَلُوهُ وَلَا حَرَجَ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ
، أَنّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ حَلَقْت قَبْلَ أَنْ
أَنْحَرَ . فَقَالَ انْحَرْ وَلَا حَرَجَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ نَحَرْت
قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ . قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ حُذَافَةَ السّهْمِيّ
يُنَادِي فِي النّاسِ أَيّهَا النّاسُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّهَا أَيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرُ اللّه
قَالَ فَانْتَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ صِيَامِهِمْ إلّا مُحْصِرًا بِالْحَجّ
أَوْ مُتَمَتّعًا إلَى الْحَجّ فَإِنّ الرّخْصَةَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَصُومُوا أَيّامَ مِنًى . فَأَفَاضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ يَوْمَ النّحْرِ وَيُقَالُ أَفَاضَ [ ص 1110 ] لَيْلًا فِي
نِسَائِهِ مَسَاءَ يَوْمِ النّحْرِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَفَاضُوا بِالنّهَارِ
فَأَتَى زَمْزَمَ فَأَمَرَ بِدَلْوٍ فَنُزِعَ لَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ وَصَبّ
عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهَا يَا وَلَدَ
عَبْدِ الْمُطّلِبِ لَنَزَعْت مِنْهَا
- قَالَ
حَدّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ نَزَعَ النّبِيّ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَلْوًا لِنَفْسِهِ مِنْ زَمْزَمَ قَالَ عَطَاءٌ
فَكُنْت أَنْتَزِعُهُ لِنَفْسِي ، فَلَمّا كَبِرْت وَضَعُفْت كُنْت آمُرُ
مَنْ يَنْزِعُهُ لِي . وَكَانَ يَرْمِي الْجِمَارَ حِينَ تَزِيغُ الشّمْسُ قَبْلَ
الصّلَاةِ فَكَانَ إذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ عَلَاهُمَا ، وَيَرْمِي
جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي . وَكَانَ يَقِفُ عِنْدَ
الْجَمْرَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ مِمّا يَقِفُ عِنْدَ الثّانِيَةِ وَلَا
يَقِفُ عِنْدَ الثّالِثَةِ فَإِذَا رَمَاهَا انْصَرَفَ .
- قَالَ
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ وَقَفَ عِنْدَهُمَا وَرَفَعَ
يَدَيْهِ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي رَمْيِ الْعَقَبَةِ ، فَإِذَا رَمَاهَا
انْصَرَفَ
- وَرَخّصَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلرّعَاءِ أَنْ يَبِيتُوا عَنْ
مِنًى ، وَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ فَرَمَى بِاللّيْلِ وَرَخّصَ لَهُ رَسُولُ
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ .
- قَالَ
فَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ
حَزْمٍ عَنْ أَبِي الْبَدّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيّ ، عَنْ أَبِيهِ
أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَخّصَ لِلرّعَاءِ فِي
الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى .
- قَالُوا
: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ وَكَانَ
أَزْوَاجُهُ يَرْمِينَ مَعَ اللّيْل(1/1109)
- خُطْبَةُ
النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ النّحْرِ قَالَ فَحَدّثَنِي
هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ [ ص
1111 ] عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ قَالَ
وَحَدّثْنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَا : خَطَبَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ
النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ . وَزَادَ
أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْقِصّةِ . قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ أَيّهَا النّاس ، اسْمَعُوا مِنْ قَوْلِي فَاعْقِلُوهُ فَإِنّي
لَا أَدْرِي ، لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا فِي هَذَا
الْمَوْقِفِ أَيّهَا النّاس ، أَيّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالَ فَسَكَتُوا ،
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَذَا شَهْرٌ
حَرَامٌ فَأَيّ بَلَدٍ هَذَا ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ بَلَدٌ حَرَامٌ ثُمّ قَالَ
أَيّ يَوْمٍ هَذَا ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ يَوْمٌ حَرَامٌ . ثُمّ قَالَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ اللّهَ قَدْ حَرّمَ
دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا
، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي يَوْمِكُمْ هَذَا ، إلَى أَنْ تَلْقَوْا
رَبّكُمْ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ
ثُمّ قَالَ إنّكُمْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ رَبّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ
أَعْمَالِكُمْ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ
اشْهَدْ ; أَلَا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدّهَا إلَى
مَنْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا ، أَلَا وَإِنّ كُلّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيّةِ
مَوْضُوعٌ وَإِنّ كُلّ دَمٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوّلُ
دِمَاءَكُمْ أَضَعُ دَمُ إيَاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ
مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - أَلَا
هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : اللّهُمّ
نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ فَلْيُبْلِغْ الشّاهِدُ الْغَائِبَ أَلَا
إنّ كُلّ مُسْلِمٍ مُحَرّمٌ عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ وَلَا يَحِلّ مَالُ
مُسْلِمٍ إلّا مَا أَعْطَى عَنْ طِيبِ نَفْسٍ . فَقَالَ عَمْرُو بْنُ
يَثْرِبِيّ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت إنْ لَقِيت غَنَمَ
ابْنِ عَمّي ، أَجْزُرُ مِنْهَا شَاةً ؟ قَالَ وَعَرَفَنِي فَقَالَ إنْ
لَقِيتهَا نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَادًا بِخَبْتِ الْجَمِيشِ [ ص
1112 ] الْجَمِيشُ وَادٍ قَدْ عَرَفَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالسّاحِلِ كَثِيرُ الْحَطَبِ وَهُوَ وَادٍ لِبَنِي
ضَمْرَةَ وَهُوَ مَنْزِلُ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ وَيُقَالُ خَبْتُ الْجَمِيشِ
مَوْضِعُ صَحْرَاءَ يُقَالُ جَنْبَ كَدَاءٍ - فَلَا تُهِجْهَا ثُمّ قَالَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَا أَيّهَا النّاسُ
إِنّمَا النّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُوا
يُحِلّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدّةَ مَا
حَرّمَ اللّهُ
- أَلَا
وَإِنّ الزّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللّهُ السّمَوَاتِ
وَالْأَرْضَ وَإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ
اللّهِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ ذُو الْقِعْدَةِ
وَذُو الْحِجّةِ وَالْمُحَرّمُ وَرَجَبٌ الّذِي يُدْعَى شَهْرَ مُضَرٍ ،
الّذِي بَيْنَ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَشَعْبَانَ وَالشّهْرُ تِسْعَةٌ
وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، وَثَلَاثُونَ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ فَقَالَ النّاسُ
نَعَمْ فَقَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّ
لِلنّسَاءِ عَلَيْكُمْ حَقّا ، وَإِنّ لَكُمْ عَلَيْهِنّ حَقّا ،
فَعَلَيْهِنّ أَلّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا ، وَلَا يُدْخِلْنَ بُيُوتَكُمْ
أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ إلّا بِإِذْنِكُمْ فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنّ اللّهَ
قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَأَنْ
تَضْرِبُوهُنّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرّحٍ فَإِنْ انْتَهَيْنَ وَأَطَعْنَكُمْ
فَلَهُنّ رِزْقُهُنّ وَكِسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنّمَا النّسَاءُ
عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنّ شَيْئًا ، وَإِنّمَا
أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانَةِ اللّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ
بِكَلِمَةِ اللّهِ فَاتّقُوا [ ص 1113 ] اللّهَ فِي النّسَاءِ وَاسْتَوْصُوا
بِهِنّ خَيْرًا ، أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالَ النّاسُ نَعَمْ قَالَ
اللّهُمّ اشْهَدْ أَيّهَا النّاسُ إنّ الشّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ
يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ وَلَكِنّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا
سِوَى ذَلِكَ مِمّا تَحْقِرُونَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ . إنّ كُلّ مُسْلِمٍ
أَخُو الْمُسْلِمِ وَإِنّمَا الْمُسْلِمُونَ إخْوَةٌ . وَلَا يَحِلّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ دَمُ أَخِيهِ وَلَا
مَالُهُ إلّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَإِنّمَا أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ
النّاسَ حَتّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا
دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ . وَلَا
تَظْلِمُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا ، يَضْرِبُ
بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ . إنّي قَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَا تَضِلّونَ
بِهِ كِتَابُ اللّهِ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالَ النّاسُ نَعَمْ قَالَ
اللّهُمّ اشْهَدْ ثُمّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ
- عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سُئِلَ عَطَاءٌ مَا الضّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرّحِ ؟ قَالَ
بِالسّوَاكِ وَبِالنّعْلِ قَالَ عَطَاءٌ وَسُئِلَ ابْنُ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ
عَزّ وَجَلّ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا
- قَالَ
كَلِمَةُ النّكَاحِ . قَالَ وَنَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
أَنْ يَبِيتَ أَحَدٌ لَيَالِيَ مِنًى بِسِوَى مِنًى(1/1111)
- قَالَ
. حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ
بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ
عَبّاسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى
الظّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الصّدْرِ بِالْأَبْطَحِ قَالَ حَدّثَنِي
سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ . عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ
سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ . قَالَ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ أَنْزِلَ مَنْزِلًا ; جِئْت الْأَبْطَحَ فَضَرَبْت
قُبّتَهُ . فَجَاءَ فَنَزَلَ . قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ
عَنْهَا تَقُولُ إنّمَا نَزَلَ بِالْمُحَصّبِ لِأَنّهُ كَانَ أَسْمَحَ
لِخُرُوجِهِ ص[ 1114 ] قَالَ حَدّثَنِي
ابْنُ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرَ
صَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ فَقِيلَ لَهُ قَدْ حَاضَتْ قَالَ أَحَابِسَتنَا
هِيَ ؟ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهَا قَدْ أَفَاضَتْ . قَالَ فَلَا إذًا فَلَمّا جَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهَا مِنْ التّنْعِيمِ وَقَضَتْ عُمْرَتَهَا ، أَمَرَ
بِالرّحِيلِ وَمَرّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبَيْتِ فَطَافَ فِيهِ
قَبْلَ الصّبْحِ ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ .
- قَالُوا
: وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّمَا هِيَ ثَلَاثٌ يُقِيمُ بِهَا الْمَهَاجِرَ
بَعْدَ الصّدْرِ وَكَانَ سَائِلٌ سَأَلَهُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكّةَ فَلَمْ
يُرَخّصْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ إلّا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ قَالَ إنّهَا لَيْسَتْ
بِدَارِ مُكْثٍ وَلَا إقَامَةٍ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ
عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا
وَدّعَ الْبَيْتَ فَكَانَ فِي الشّوْطِ السّابِعِ خَلْفَ الْبَيْتِ يُمْنَى
الْبَابِ . وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ
تَعَوّذَ بَيْنَ الرّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ وَأَلْصَقَ بَطْنَهُ
وَجَبْهَتَهُ بِالْبَيْتِ
- قَالُوا
: وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا قَفَلَ مِنْ حَجّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ
غَزْوَةٍ . فَوَافَى عَلَى ثَنِيّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبّرَ ثَلَاثًا ثُمّ
قَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ
وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ
الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ ،
سَاجِدُونَ . عَابِدُونَ . لِرَبّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللّهُ وَعْدَهُ
وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ اللّهُمّ إنّا نَعُوذُ
بِك مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ . وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ
الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ اللّهُمّ بَلّغْنَا بَلَاغًا
صَالِحًا نَبْلُغُ إلَى خَيْرِ مَغْفِرَةٍ مِنْك وَرِضْوَانٍ [ ص 1115 [
- قَالُوا : وَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ الْمُعَرّسِ نَهَى أَصْحَابَهُ أَنْ يَطْرُقُوا النّسَاءَ لَيْلًا
، فَطَرَقَ رَجُلَانِ أَهْلَهُمَا ، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَا يَكْرَهُ .
وَأَنَاخَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبَطْحَاءِ
وَكَانَ إذَا خَرَجَ إلَى الْحَجّ سَلَكَ عَلَى الشّجَرَةِ ، وَإِذَا
رَجَعَ مِنْ مَكّةَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ مِنْ مُعَرّسِ الْأَبْطَحِ .
فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مُعَرّسِهِ فِي
بَطْنِ الْوَادِي ، فَكَانَ فِيهِ عَامّةَ اللّيْلِ فَقِيلَ لَهُ إنّك
بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ لِنِسَائِهِ هَذِهِ الْحَجّةُ ثُمّ ظُهُورُ الْحُصْرِ وَكُنّ
يَحْجُجْنَ إلّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمَعَةَ ،
قَالَتَا : لَا
تُحَرّكُنَا دَابّةٌ بَعْدَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.(1/1114)
- عِيَادَةُ
النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ بَعْدَ
حَجّةِ الْوَدَاعِ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ
وَمَالِكٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ
قَالَ جَاءَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعُودُنِي
عَامَ حَجّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَصَابَنِي ، فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنْ
الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلّا ابْنَةٌ لِي ،
فَأَتَصَدّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ لَا قُلْت : فَالشّطْرُ ؟ قَالَ
لَا ثُمّ قَالَ الثّلُثُ وَالثّلُثُ كَثِيرٌ إنّك أَنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَك
أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفّفُونَ وَإِنّك
لَنْ [ ص 1116 ] تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللّهِ إلّا
أُجِرْت بِهَا ، حَتّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك فَقُلْت : يَا
رَسُولَ اللّهِ أُخَلّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ فَقَالَ إنّك إنْ تُخَلّفْ
فَتَعْمَلَ صَالِحًا تَزْدَدْ خَيْرًا وَرِفْعَةً وَلَعَلّك أَنْ تُخَلّفَ
حَتّى يَنْتَفِعَ بِك أَقْوَامٌ أَوْ يُضَرّ بِك آخَرُونَ . اللّهُمّ
أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ
لَكِنّ الْبَائِسَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ - يُرْثَى لَهُ أَنْ مَاتَ بِمَكّة
- قَالَ
فَحَدّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ
الْأَعْرَجِ ، قَالَ خَلّفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
عَلَى سَعْدٍ رَجُلًا وَقَالَ إنْ مَاتَ سَعْدٌ بِمَكّةَ فَلَا تَدْفِنْهُ
بِهَا
- قَالَ
فَحَدّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
بْنِ أَبِي مُوسَى ، قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبَى وَقّاصٍ لِلنّبِيّ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيُكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ الرّجُلُ فِي
الْأَرْضِ الّتِي هَاجَرَ مِنْهَا ؟ قَالَ نَعَمْ
- قَالَ
حَدّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ
، عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَرِضْت فَأَتَانِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعُودُنِي ، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيِي فَوَجَدْت
بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِيّ ثُمّ قَالَ إنّك رَجُلٌ مَفْئُودٌ - الْمَفْئُودُ وَجَعُ الْفُؤَادِ - فَائِت الْحَارِثَ
بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ ، إنّهُ رَجُلٌ يُطَبّبُ فَمُرْهُ
فَلِيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنّ
بِنَوَاهُنّ - أَيْ يَدُقّهُنّ - ثُمّ لْيُدَلّكْكَ بِهِنّ(1/1116)
- ======
- غَزْوَةُ
أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مُؤْتَةُ [ ص 1117 ] قَالُوا : لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَذْكُرُ مَقْتَلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ
وَجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَوَجَدَ عَلَيْهِمْ وَجْدًا شَدِيدًا ; فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ
بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ بِالتّهَيّؤِ لِغَزْوِ الرّومِ ،
وَأَمَرَهُمْ بِالِانْكِمَاشِ فِي غَزْوِهِمْ . فَتَفَرّقَ الْمُسْلِمُونَ
مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ
مُجِدّونَ فِي الْجِهَادِ فَلَمّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْغَدِ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ
مِنْ صَفَرٍ دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ يَا أُسَامَةُ سِرْ عَلَى
اسْمِ اللّهِ وَبَرَكَتِهِ حَتّى تَنْتَهِيَ إلَى مَقْتَلِ أَبِيك ، فَأَوْطِئْهُمْ
الْخَيْلَ فَقَدْ وَلّيْتُك عَلَى هَذَا الْجَيْشِ فَأَغِرْ صَبَاحًا عَلَى
أَهْلِ أُبْنَى وَحَرّقْ عَلَيْهِمْ وَأَسْرِعْ السّيْرَ تَسْبِقْ
الْخَبَرَ ، فَإِنْ أَظْفَرَك اللّهُ فَأَقْلِلْ اللّبْثَ فِيهِمْ وَخُذْ
مَعَك الْأَدِلّاءَ وَقَدّمْ الْعُيُونَ أَمَامَك وَالطّلَائِعَ فَلَمّا
كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ بُدِيَ
بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَصُدّعَ وَحُمّ . فَلَمّا أَصْبَحَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلَيْلَةٍ
بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ
وَسَلّمَ بِيَدِهِ لِوَاءً ثُمّ قَالَ [ ص 1118 ] يَا أُسَامَةُ اُغْزُ
بِسْمِ اللّهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللّهِ
اُغْزُوَا وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا
تَمَنّوْا لِقَاءَ الْعَدُوّ فَإِنّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلّكُمْ
تُبْتَلَوْنَ بِهِمْ وَلَكِنْ قُولُوا : اللّهُمّ اكْفِنَاهُمْ وَاكْفُفْ
بَأْسَهُمْ عَنّا فَإِنْ لَقُوكُمْ قَدْ أَجْلَبُوا وَصَيّحُوا .
فَعَلَيْكُمْ بِالسّكِينَةِ وَالصّمْتِ وَلَا تَنَازَعُوا وَلَا تَفْشَلُوا
فَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ . وَقُولُوا : اللّهُمّ نَحْنُ عِبَادُك وَهُمْ
عِبَادُك ، نَوَاصِينَا وَنَوَاصِيهمْ بِيَدِك ، وَإِنّمَا تَغْلِبُهُمْ
أَنْتَ وَاعْلَمُوا أَنّ الْجَنّةَ تَحْتَ الْبَارِقَةِ
- قَالَ
حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ هِشَامِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيّ عَنْ الْمُنْذِرِ
بْنِ جَهْمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
يَا أُسَامَةُ شِنّ الْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ أُبْنَى
- قَالَ
فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ
بْنِ عَوْفٍ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ
أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُ أَنّ يُغِيرَ عَلَى
أُبْنَى صَبَاحًا وَأَنْ يُحَرّقَ
- قَالُوا
: ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأُسَامَةَ امْضِ عَلَى اسْمِ اللّهِ
فَخَرَجَ بِلِوَائِهِ مَعْقُودًا فَدَفَعَهُ إلَى بُرَيْدَةَ بْنِ
الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيّ ، فَخَرَجَ بِهِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ وَأَمَرَ
رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُسَامَةَ فَعَسْكَرَ
بِالْجُرْفِ وَضَرَبَ عَسْكَرَهُ فِي سِقَايَةِ سُلَيْمَانَ الْيَوْمَ .
وَجَعَلَ النّاسُ يَجِدّونَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْعَسْكَرِ فَيَخْرُجُ مِنْ
فَرْغٍ مِنْ حَاجَتِهِ إلَى مُعَسْكَرِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ
فَهُوَ عَلَى فَرَاغٍ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ
الْأَوّلِينَ إلّا اُنْتُدِبَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ عُمَرُ بْنُ
الْخَطّابِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي
وَقّاصٍ ، وَأَبُو الْأَعْوَرِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
نُفَيْلٍ ; وَفِي رِجَالٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عِدّةٍ
قَتَادَةُ بْنُ النّعْمَانِ ، وَسَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ .
فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ أَشَدّهُمْ فِي ذَلِكَ
قَوْلًا عَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْغُلَامُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ
الْأَوّلِينَ ؟ فَكَثُرَتْ الْقَالَةُ فِي ذَلِكَ فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ
الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَرَدّهُ عَلَى
مَنْ [ ص 1119 ] تَكَلّمَ
بِهِ وَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَخْبَرَهُ
بِقَوْلِ مَنْ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ غَضَبًا شَدِيدًا ، فَخَرَجَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ
عِصَابَةً وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ ثُمّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ
وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعْدُ يَا أَيّهَا النّاسُ فَمَا
مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ بَعْضِكُمْ فِي تَأْمِيرِي أُسَامَةَ بْنَ
زَيْدٍ ؟ وَاَللّهِ لَئِنْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِي أُسَامَةَ لَقَدْ طَعَنْتُمْ
فِي إمَارَتِي أَبَاهُ مِنْ قَبْلِهِ وَاَيْمُ اللّهِ إنْ كَانَ
لِلْإِمَارَةِ لَخَلِيقًا وَإِنّ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ
وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ وَإِنّ هَذَا لَمِنْ أَحَبّ
النّاسِ إلَيّ وَإِنّهُمَا لَمُخِيلَانِ لِكُلّ خَيْرٍ فَاسْتَوْصُوا بِهِ
خَيْرًا فَإِنّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ ثُمّ نَزَلَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَذَلِكَ يَوْمَ السّبْتِ لِعَشْرِ لَيَالٍ
خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ . وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ الّذِينَ
يَخْرُجُونَ مَعَ أُسَامَةَ يُوَدّعُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ أَنْفِذُوا
بَعْثَ أُسَامَةَ وَدَخَلَتْ أُمّ أَيْمَنَ فَقَالَتْ أَيْ رَسُولُ اللّه ،
لَوْ تَرَكْت أُسَامَةَ يُقِيمُ فِي مُعَسْكَرِهِ حَتّى تَتَمَاثَلَ فَإِنّ
أُسَامَةَ إنْ خَرَجَ عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ .
فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْفِذُوا بَعْثَ
أُسَامَةَ فَمَضَى النّاسُ إلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا لَيْلَةَ
الْأَحَدِ وَنَزَلَ أُسَامَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى
اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَقِيلٌ مَغْمُورٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الّذِي
لَدّوهُ فِيهِ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَعِنْدَهُ الْعَبّاسُ وَالنّسَاءُ
حَوْلَهُ فَطَأْطَأَ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فَقَبّلَهُ وَرَسُولُ [ ص 1120 ]
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَتَكَلّمُ فَجَعَلَ يَرْفَعُ
يَدَهُ إلَى السّمَاءِ ثُمّ يَصُبّهَا عَلَى أُسَامَةَ . قَالَ فَأَعْرِفُ
أَنّهُ كَانَ يَدْعُو لِي . قَالَ أُسَامَةُ فَرَجَعْت إلَى مُعَسْكَرِي .
فَلَمّا أَصْبَحَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ غَدَا مِنْ مُعَسْكَرِهِ وَأَصْبَحَ
وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُفِيقًا ، فَجَاءَهُ
أُسَامَةُ فَقَالَ اُغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ فَوَدّعَهُ أُسَامَةُ
وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُفِيقٌ مُرِيحٌ وَجَعَلَ
نِسَاءَهُ يَتَمَاشَطْنَ سُرُورًا بِرَاحَتِهِ . فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ
رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَصْبَحْت مُفِيقًا
بِحَمْدِ اللّهِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ فَائْذَنْ لِي
فَأَذِنَ لَهُ فَذَهَبَ إلَى السّنْحِ ، وَرَكِبَ أُسَامَةُ إلَى
مُعَسْكَرِهِ وَصَاحَ فِي النّاسِ أَصْحَابِهِ بِاللّحُوقِ بِالْعَسْكَرِ
فَانْتَهَى إلَى مُعَسْكَرِهِ وَنَزَلَ وَأَمَرَ النّاسَ بِالرّحِيلِ
وَقَدْ مَتَعَ النّهَارُ . فَبَيْنَا أُسَامَةُ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ مِنْ
الْجُرْفِ أَتَاهُ رَسُولُ أُمّ أَيْمَنَ - وَهِيَ أُمّهُ - تُخْبِرُهُ
أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَمُوتُ فَأَقْبَلَ
أُسَامَةُ إلَى الْمَدِينَةِ مَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ
الْجَرّاحِ ، فَانْتَهَوْا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ وَهُوَ يَمُوتُ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ
خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ . وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الّذِينَ
عَسْكَرُوا بِالْجُرْفِ الْمَدِينَةَ ، وَدَخَلَ بُرَيْدَةُ بْنُ
الْحُصَيْبِ بِلِوَاءِ أُسَامَةَ مَعْقُودًا حَتّى أَتَى بِهِ بَابَ
رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَغَرَزَهُ عِنْدَهُ
فَلَمّا بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَمَرَ بُرَيْدَةُ
أَنْ يَذْهَبَ بِاللّوَاءِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ وَأَلّا يَحِلّهُ أَبَدًا
حَتّى يَغْزُوَهُمْ أُسَامَةُ . قَالَ بُرَيْدَةُ : فَخَرَجْت بِاللّوَاءِ
حَتّى انْتَهَيْت بِهِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ ثُمّ خَرَجْت بِهِ إلَى
الشّامِ مَعْقُودًا مَعَ أُسَامَةَ ثُمّ رَجَعْت بِهِ إلَى بَيْتِ
أُسَامَةَ فَمَا زَالَ فِي بَيْتِ أُسَامَةَ [ ص 1121 ] حَتّى تُوُفّيَ
أُسَامَةُ . فَلَمّا بَلَغَ الْعَرَبَ وَفَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَارْتَدّ مَنْ ارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو
بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لِأُسَامَةَ رَحْمَةُ اللّهِ عَلَيْهِ
اُنْفُذْ فِي وَجْهِك الّذِي وَجّهَك فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَخَذَ النّاسُ بِالْخُرُوجِ وَعَسْكَرُوا فِي
مَوْضِعِهِمْ الْأَوّلِ وَخَرَجَ بُرَيْدَةُ بِاللّوَاءِ حَتّى انْتَهَى
إلَى مُعَسْكَرِهِمْ الْأَوّلِ فَشَقّ عَلَى كِبَارِ الْمُهَاجِرِينَ
الْأَوّلِينَ وَدَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَسَعْدِ
بْنِ أَبِي وَقّاصٍ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَسَعِيدِ بْنِ
زَيْدٍ ، فَقَالُوا : يَا
خَلِيفَةَ رَسُولِ اللّهِ إنّ الْعَرَبَ قَدْ انْتَقَضَتْ عَلَيْك مِنْ كُلّ
جَانِبٍ وَإِنّك لَا تَصْنَعُ بِتَفْرِيقِ هَذَا الْجَيْشِ الْمُنْتَشِرِ
شَيْئًا ، اجْعَلْهُمْ عِدّةً لِأَهْلِ الرّدّةِ تَرْمِي بِهِمْ فِي
نُحُورِهِمْ وَأُخْرَى ، لَا نَأْمَنُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ
يُغَارَ عَلَيْهَا وَفِيهَا الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ فَلَوْ اسْتَأْنَيْت
لِغَزْوِ الرّومِ حَتّى يَضْرِبَ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ وَتَعُودَ
الرّدّةُ إلَى مَا خَرَجُوا مِنْهُ أَوْ يُفْنِيَهُمْ السّيْفُ ثُمّ
تَبْعَثُ أُسَامَةَ حِينَئِذٍ فَنَحْنُ نَأْمَنُ الرّومَ أَنْ تَزْحَفَ
إلَيْنَا فَلَمّا اسْتَوْعَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مِنْهُمْ كَلَامَهُمْ
قَالَ هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا ؟ قَالُوا : لَا
، قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَنَا . فَقَالَ وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ظَنَنْت أَنّ
السّبَاعَ تَأْكُلُنِي بِالْمَدِينَةِ لَأَنْفَذْت هَذَا الْبَعْثَ وَلَا
بَدَأْت بِأَوّلَ مِنْهُ وَرَسُولُ اللّهِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ
مِنْ السّمَاءِ يَقُولُ أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ وَلَكِنْ خَصْلَةً
أُكَلّمُ أُسَامَةَ فِي عُمَرَ يَخْلُفُهُ يُقِيمُ عِنْدَنَا ، فَإِنّهُ
لَا غَنَاءَ بِنَا عَنْهُ . وَاَللّهِ مَا أَدْرِي يَفْعَلُ أُسَامَةُ أَمْ
لَا ، وَاَللّهِ إنْ رَأَى لَا أُكْرِهُهُ فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنّ أَبَا بَكْرٍ
قَدْ عَزَمَ عَلَى إنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ وَمَشَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهُ إلَى أُسَامَةَ فِي بَيْتِهِ وَكَلّمَهُ أَنْ يَتْرُكَ
عُمَرَ فَفَعَلَ [ ص 1122 ] أُسَامَةُ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ أَذِنْت
وَنَفْسَك طَيّبَةٌ ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ نَعَمْ وَخَرَجَ وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ
يُنَادِي : عَزْمَةٌ مِنّي أَلّا يَتَخَلّفَ عَنْ أُسَامَةَ مِنْ بَعْثِهِ
مَنْ كَانَ اُنْتُدِبَ مَعَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي لَنْ أُوتَى بِأَحَدٍ أَبْطَأَ عَنْ الْخُرُوجِ
مَعَهُ إلّا أَلْحَقْته بِهِ مَاشِيًا وَأَرْسَلَ إلَى النّفَرِ مِنْ
الْمُهَاجِرِينَ الّذِينَ كَانُوا تَكَلّمُوا فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ
فَغَلّظَ عَلَيْهِمْ وَأَخَذَهُمْ بِالْخُرُوجِ فَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْ
الْبَعْثِ إنْسَانٌ وَاحِدٌ .
- وَخَرَجَ
أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يُشَيّعُ أُسَامَةَ وَالْمُسْلِمِينَ فَلَمّا
رَكِبَ أُسَامَةُ مِنْ الْجُرْفِ فِي أَصْحَابِهِ - وَهُمْ ثَلَاثَةُ
آلَافِ رَجُلٍ وَفِيهِمْ أَلْفُ فَرَسٍ - فَسَارَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهُ إلَى جَنْبِ أُسَامَةَ سَاعَةً ثُمّ قَالَ أَسْتَوْدِعُ
اللّهَ دِينَك وَأَمَانَتَك وَخَوَاتِيمَ عَمَلِك ; إنّي سَمِعْت رَسُولَ
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوصِيك ، فَانْفُذْ لِأَمْرِ
رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي لَسْت آمُرُك وَلَا
أَنْهَاك عَنْهُ وَإِنّمَا أَنَا مُنْفِذٌ لِأَمْرٍ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَخَرَجَ سَرِيعًا فَوَطِئَ
بِلَادًا هَادِئَةً لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ الْإِسْلَامِ - جُهَيْنَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ قُضَاعَةَ - فَلَمّا
نَزَلَ وَادِي الْقُرَى قَدِمَ عَيْنًا لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ
لَهُ حُرَيْثٌ ، فَخَرَجَ عَلَى صَدْرِ رَاحِلَتِهِ أَمَامَهُ مُغِذّا
حَتّى انْتَهَى إلَى أُبْنَى ; فَنَطَرَ إلَى مَا هُنَاكَ وَارْتَادَ الطّرِيقَ ثُمّ
رَجَعَ سَرِيعًا حَتّى لَقِيَ أُسَامَةَ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ مِنْ
أُبْنَى ، فَأَخْبَرَهُ أَنّ النّاسَ غَارُونِ وَلَا جُمُوعَ لَهُمْ
وَأَمَرَهُ أَنْ يُسْرِعَ السّيْرَ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْجُمُوعُ
وَأَنْ يُشِنّهَا غَارَةً.(1/1117)
- قَالَ
فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ قَالَ
بُرَيْدَةُ لِأُسَامَةَ يَا أَبَا مُحَمّدٍ إنّي شَهِدْت رَسُولَ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوصِي [ ص 1123 ] أَبَاك أَنْ يَدْعُوَهُمْ
إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَطَاعُوهُ خَيّرَهُمْ وَإِنْ أَحَبّوا أَنْ
يُقِيمُوا فِي دَارِهِمْ وَيَكُونُوا كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا
شَيْءَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَلَا الْغَنِيمَةِ إلّا أَنْ يُجَاهِدُوا
مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ تَحَوّلُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ
لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ .
قَالَ أُسَامَةُ هَكَذَا وَصِيّةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ لِأَبِي ، وَلَكِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ أَمَرَنِي ، وَهُوَ آخِرُ عَهْدِهِ إلَيّ أَنْ أُسْرِعَ السّيْرَ
وَأَسْبِقَ الْأَخْبَارَ وَأَنْ أَشُنّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ
دُعَاءٍ فَأُحَرّقَ وَأُخَرّبَ . فَقَالَ بُرَيْدَةُ : سَمْعًا وَطَاعَةً
لِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
- فَلَمّا
انْتَهَى إلَى أُبْنَى فَنَظَرَ إلَيْهَا مَنْظَرَ الْعَيْنِ عَبّأَ أَصْحَابَهُ
وَقَالَ اجْعَلُوهَا غَارَةً وَلَا تَمْنَعُوا فِي الطّلَبِ وَلَا
تَفْتَرِقُوا ، وَاجْتَمِعُوا وَأَخْفُوا الصّوْتَ وَاذْكُرُوا اللّهَ فِي
أَنْفُسِكُمْ وَجَرّدُوا سُيُوفَكُمْ وَضَعُوهَا فِيمَنْ أَشْرَفَ لَكُمْ .
ثُمّ دَفَعَ عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ فَمَا نَبَحَ كَلْبٌ وَلَا تَحَرّكَ
أَحَدٌ ، وَمَا شَعَرُوا إلّا بِالْقَوْمِ قَدْ شَنّوا عَلَيْهِمْ
الْغَارَةَ يُنَادُونَ بِشِعَارِهِمْ يَا مَنْصُورُ أَمِتْ فَقَتَلَ مَنْ
أَشْرَفَ لَهُ وَسَبَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَحَرّقَ فِي طَوَائِفِهِمْ
بِالنّارِ وَحَرّقَ مَنَازِلَهُمْ وَحَرْثَهُمْ وَنَخْلَهُمْ فَصَارَتْ
أَعَاصِيرُ مِنْ الدّخَاخِينِ . وَأَجَالَ الْخَيْلَ فِي عَرَصَاتِهِمْ
وَلَمْ يُمْعِنُوا فِي الطّلَبِ أَصَابُوا مَا قَرُبَ مِنْهُمْ وَأَقَامُوا
يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فِي تَعْبِئَةِ مَا أَصَابُوا مِنْ الْغَنَائِمِ .
وَكَانَ أُسَامَةُ خَرَجَ عَلَى فَرَسِ أَبِيهِ الّتِي قُتِلَ عَلَيْهَا
أَبُوهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَانَتْ تُدْعَى سَبْحَةَ وَقَتَلَ قَاتِلَ
أَبِيهِ فِي الْغَارَةِ خَبّرَهُ بِهِ بَعْضُ [ ص 1124 [ مَنْ سَبَى ; وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ
وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا ، وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ . فَلَمّا
أَمْسَوْا أَمَرَ النّاسَ بِالرّحِيلِ وَمَضَى الدّلِيلُ أَمَامَهُ
حُرَيْثٌ الْعُذْرِيّ ، فَأَخَذُوا الطّرِيقَ الّتِي جَاءُوا مِنْهَا ، وَدَانُوا
لَيْلَتَهُمْ حَتّى انْتَهَوْا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ ثُمّ طَوَى الْبِلَادَ
حَتّى انْتَهَى إلَى وَادِي الْقُرَى فِي تِسْعِ لَيَالٍ ثُمّ قَصَدَ
بَعْدُ فِي السّيْرِ فَسَارَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَمَا أُصِيبَ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ . فَبَلَغَ
ذَلِكَ هِرَقْلَ وَهُوَ بِحِمْصَ فَدَعَا بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ هَذَا
الّذِي حَذّرْتُكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوهُ مِنّي . قَدْ صَارَتْ
الْعَرَبُ تَأْتِي مَسِيرَةَ شَهْرٍ تُغِيرُ عَلَيْكُمْ ثُمّ تَخْرُجُ مِنْ
سَاعَتِهَا وَلَمْ تُكْلَمْ . قَالَ أَخُوهُ سَأَقُومُ فَأَبْعَثُ
رَابِطَةً تَكُونُ بِالْبَلْقَاءِ فَبَعَثَ رَابِطَةً وَاسْتَعْمَلَ
عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا حَتّى
قَدِمَتْ الْبُعُوثُ إلَى الشّامِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ
رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا .
- قَالُوا
: وَاعْتَرَضَ لِأُسَامَةَ فِي
مُنْصَرَفِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ كَثْكَثٍ - قَرْيَةٌ هُنَاكَ - قَدْ كَانُوا اعْتَرَضُوا لِأَبِيهِ
فِي بَدْأَتِهِ فَأَصَابُوا مِنْ أَطْرَافِهِ فَنَاهَضَهُمْ أُسَامَةُ
بِمَنْ مَعَهُ وَظَفِرَ بِهِمْ وَحَرّقَ عَلَيْهِمْ وَسَاقَ نَعَمًا مِنْ
نَعَمِهِمْ وَأَسَرّ مِنْهُمْ أَسِيرَيْنِ فَأَوْثَقَهُمَا ، وَهَرَبَ مَنْ
بَقِيَ فَقَدِمَ بِهِمَا الْمَدِينَةَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا .
- قَالَ
فَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ يَحْيَى بْنِ النّضْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنّ أُسَامَةَ
بْنِ زَيْدٍ بَعَثَ بَشِيرَهُ مِنْ وَادِي الْقُرَى بِسَلَامَةِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَنّهُمْ قَدْ أَغَارُوا عَلَى الْعَدُوّ فَأَصَابُوهُمْ فَلَمّا سَمِعَ
الْمُسْلِمُونَ بِقُدُومِهِمْ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
فِي الْمُهَاجِرِينَ وَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَتّى الْعَوَاتِقَ
سُرُورًا بِسَلَامَةِ أُسَامَةَ [ ص 1125 ] وَمَنْ مَعَهُ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلَ يَوْمَئِذٍ عَلَى فَرَسِهِ سَبْحَةَ كَأَنّمَا
خَرَجَتْ مِنْ ذِي خُشُبٍ عَلَيْهِ الدّرْعُ . وَاللّوَاءُ أَمَامَهُ
يَحْمِلُهُ بُرَيْدَةُ ، حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ
فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ مَعَهُ اللّوَاءُ . وَكَانَ مَخْرَجُهُ مِنْ الْجُرْفِ لِهِلَالِ شَهْرِ
رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ فَغَابَ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ
يَوْمًا ، عِشْرُونَ فِي بَدْأَتِهِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ فِي رَجْعَتِهِ .
- قَالَ
فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَهْلِهِ
قَالَ تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأُسَامَةُ
ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَوّجَهُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَ سَنَةً امْرَأَةً
مِنْ طَيّئٍ فَفَارَقَهَا وَزَوّجَهُ أُخْرَى . وَوُلِدَ لَهُ فِي عَهْدِ
رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَوْلَمَ رَسُولُ اللّهِ
صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بِنَائِهِ بِأَهْلِهِ
- قَالَ
فَحَدّثَنِي أَبُو الْحُرّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْحُرّ الْوَاقِفِيّ ، مِنْ
وَلَدِ السّائِبِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حُصَيْفَةَ أَنّ ابْنًا لِأُسَامَةَ
بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَحِمَهُ اللّهُ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ
اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ وَهُوَ
أَسْوَدُ فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ كَانَ هَذَا
جَارِيَةً مَا نَفَقَتْ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ بَلَى ، إنْ شَاءَ اللّهُ يُجْعَلْ لَهَا مَسَكَانَ مِنْ وَرِقٍ
وَقُرْطَانِ وَيُجْعَلْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُلُوقٌ فَكَأَنّهُ ذَهَبٌ
- قَالَ
حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ حَوْطٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ
عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ [ ص 1126 ] كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ
أَصَابَهُ الْجُدَرِيّ أَوّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ غُلَامٌ
مُخَاطُهُ يَسِيلُ عَلَى فِيهِ فَتَقْذَرُ بِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ
عَنْهَا ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
فَطَفِقَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيُقَبّلُهُ . قَالَتْ عَائِشَةُ أَمَا
وَاَللّهِ بَعْدَ هَذَا فَلَا أُقْصِيهِ أَبَدًا
- عَنْ
مُحَمّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَازِنِيّ
عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَقَطَ أُسَامَةُ فَأَصَابَ
وَجْهَهُ شَجّةٌ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
يَمُصّ الدّمَ وَيَبْصُقُهُ
- عَنْ
ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ وَهِيَ تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِ أُسَامَةَ شَيْئًا
، فَكَأَنّهَا تَأَذّتْ بِهِ فَاجْتَذَبَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَانْتَهَرَهَا ، فَقَالَتْ لَا أَتَأَذّى بِهِ أَبَدًا
- قَالَ
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللّهُ عَنْهَا ، أَنّ مُجَزّزًا الْمُدْلِجِيّ نَظَرَ إلَى زَيْدٍ وَأُسَامَةَ
وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ وَهُمَا مُضْطَجِعَانِ قَدْ خَمّرَا رُءُوسَهُمَا
وَأَرْجُلَهُمَا فَقَالَ إنّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ .
فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِشَبَهِ أُسَامَةَ
زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ .
- عَنْ
مُحَمّدٍ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا
، قَالَتْ مَا رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
عُرْيَانًا قَطّ إلّا مَرّةً وَاحِدَةً جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْ
غَزْوَةٍ يَسْتَفْتِحُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
وَسَلّمَ صَوْتَهُ فَقَامَ عُرْيَانًا يَجُرّ ثَوْبَهُ فَقَبّلَهُ(1/1123)
- قَالَ
حَدّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ وَمَخْرَمَةَ بْنِ
بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ [ ص 1127 ] عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، قَالَا
: إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَأُمّ كُلْثُومٍ
بِنْتِ عُقْبَةَ تَزَوّجِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَإِنّهُ خَيْرٌ لَك .
فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ ضَلّ ضَلَالًا مُبِينًا صَدَقَ اللّهُ الْعَظِيمُ .
- تَمّ
كِتَابُ الْمَغَازِي بِحَمْدِ اللّهِ وَمَنّهِ(1/1127) الصفحة التالية
- الكتاب
: مغازي الواقدي
- المؤلف
: أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي (المتوفى : 207هـ)
- مصدر
الكتاب : موقع الإسلام
- http://www.al-islam.com
- [
الكتاب مشكول وترقيمه موافق
للمطبوع ] =====
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق