*3*دعوته زوجه
إلى الإسلام
|
@ قال : ثم أتتني صاحبتي ، فقلت : إليك عني ، فلست منك ولست مني
؛ قالت : لم ؟ بأبي أنت وأمي ؛ قال : قلت : قد فرق بيني وبينك الإسلام ، وتابعت
دين محمد صلى الله عليه وسلم ؛ قالت : فديني دينك ؛ قال : قلت : فاذهبي إلى حِنا
ذي الشَّرى - قال ابن هشام : ويقال : حمى ذي الشرى - فتطهري منه .
|
قال
: وكان ذو الشرى صنما لدوس ، وكان الحمى حمى حموه له ، وبه وَشَل من ماء يهبط من
جبل .
|
قال
: فقالت : بأبي أنت وأمي ، أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا ؛ قال : قلت : لا
، أنا ضامن لذلك ، فذهبت فاغتسلت ، ثم جاءت فعرضت عليها الإسلام ، فأسلمت .
|
*3*دعوته قومه إلى الإسلام ، و ما كان منهم ، و لحاقهم بالرسول
صلى الله عليه و سلم
|
@ ثم دعوت دوسا إلى الإسلام ، فأبطئوا علي ، ثم جئت رسول الله
صلى الله عليه وسلم بمكة ، فقلت له : يا نبي الله ، إنه قد غلبني على دوس الزنا
، فادع الله عليهم ؛ فقال : اللهم اهد دوسا ، ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم .
|
قال
: فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الإسلام ، حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى المدينة ، ومضى بدر وأحد والخندق ، ثم قدمت على رسول الله صلى الله عليه
وسلم بمن أسلم معي من قومي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ، حتى نزلت
المدينة بسبعين أو ثمانين بيتا من دوس ، ثم لحقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم
بخيبر ، فأَسْهم لنا مع المسلمين . (2/ 229)
|
ثم
لم أزل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا فتح الله عليه مكة ، قال :
قلت : يا رسول الله ، ابعثني إلى ذي الكفين ، صنم عمرو بن حممة حتى أُحرقه .
|
*3*إحراق صنم ذي الكفين
|
@ قال ابن إسحاق : فخرج إليه ، فجعل طفيل يوقد عليه النار ويقول
:
|
يا
ذا الكفين لست من عُبَّادكا * ميلادنا أقدم من ميلادكا
|
إني
حشوتُ النار في فؤادكا *
|
*3*جهاده معه صلى الله عليه وسلم وموته
|
@ قال : ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان معه
بالمدينة حتى قبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم . فلما ارتدت العرب ، خرج مع
المسلمين ، فسار معهم حتى فرغوا من طليحة ، ومن أرض نجد كلها . ثم سار مع
المسلمين إلى اليمامة ، ومعه ابنه عمرو بن الطفيل ، فرأى رؤيا وهو متوجه إلى
اليمامة ، فقال لأصحابه : إني قد رأيت رؤيا فاعبروها لي ، رأيت أن رأسي حُلق ،
وأنه خرج من فمي طائر ، وأنه لقيتْني امرأة فأدخلتني في فرجها ، وأرى ابني
يطلبني حثيثا ، ثم رأيته حُبس عني ؛ قالوا : خيرا ؛ قال : أما أنا والله فقد
أولتها ؛ قالوا : ماذا ؟ قال : أما حَلْق رأسي فوضعه ؛ وأما الطائر الذي خرج من
فمي فروحي ؛ وأما المرأة التي أدخلتني فرجها فالأرض تحفر لي ، فأُغيَّب فيها ؛
وأما طلب ابني إياي ثم حبسه عني ، فإني أراه سيجهد أن يصيبه ما أصابني . فقُتل
رحمه الله شهيدا باليمامة ، وجُرح ابنه جراحة شديدة ، ثم استبل منها ، ثم قتل
عام اليرموك في زمن عمر رضي الله عنه شهيدا . (2/ 230)
|
*2*قصة أعشى بني قيس بن ثعلبة
|
*3*قدومه على الرسول ومدحه
|
@ قال ابن هشام :حدثني خلاد بن قرة بن خالد السدوسي وغيره من
مشايخ بكر بن وائل من أهل العلم : أن أعشى بني قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن
علي بن بكر بن وائل ، خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الإسلام ، فقال
يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم :
|
ألم
تغتمض عيناك ليلة أرمدا * وبتَّ كما بات السليم مُسهَّدا
|
وما
ذاك من عشق النساء وإنما * تناسيت قبل اليوم صُحبة مهددا
|
ولكن
أرى الدهر الذي هو خائن * إذا أصلحت كفاي عاد فأفسدا *
|
كهولا
وشُبَّانا فقدت وثروة * فلله هذا الدهر كيف ترددا
|
وما
زلت أبغي المال مذ أنا يافع * وليدا وكهلا حين شبت وأمردا
|
وأبتذل
العيس المراقيل تغتلي * مسافة ما بين النُّجير فصرخدا (2/ 231)
|
ألا
أيهذا السائلي أين يممتْ * فإن لها في أهل يثرب موعدا
|
فإن
تسألي عني فيا رُب سائل * حفيّ عن الأعشى به حيث أصعدا
|
أجدَّت
برجليها النجاء وراجعت * يداها خنافا لينا غير أحردا
|
وفيها
إذا ما هجرت عجرفية * إذا خلت حرباء الظهيرة أصيدا
|
و
آليت لا آوي لها من كلالة * ولا من حفى حتى تلاقي محمدا
|
متى
ما تناخي عند باب ابن هاشم * تراحي وتلقى من فواضله ندى
|
نبيا
يرى ما لا ترون وذكره * أغار لعمري في البلاد وأنجدا
|
له
صدقات ما تغب ونائل * وليس عطاء اليوم مانعه غدا (2/ 232)
|
أجدك
لم تسمع وصاة محمد * نبى الإله حيث أوصى وأشهدا
|
إذا
أنت لم ترحل بزاد من التقى * ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
|
ندمت
على أن لا تكون كمثله * فترصد للموت الذي كان أرصدا
|
فإياك
والميتات لا تقربنها * ولا تأخذنْ سهما حديدا لتفصدا
|
وذا
النصب المنصوب لا تنسكنه * ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا
|
ولا
تقربن حرة كان سرها * عليك حراما فانكحن أو تأبدا
|
وذا
الرحم القربى فلا تقطعنه * لعاقبة ولا الأسير المقيدا
|
وسبح
على حين العشيات والضحى * ولا تحمد الشيطان والله فاحمدا
|
ولا
تسخرن من بائس ذي ضرارة * ولا تحسبن المال للمرء مخلدا
|
|
*3*نهاية الأعشى
|
@ فلما كان بمكة أو قريبا منها ، اعترضه بعض المشركين من قريش ،
فسأله عن أمره ، فأخبره أنه جاء يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم ؛ فقال
له : يا أبا بصير ، إنه يحرم الزنا ؛ فقال الأعشى : والله إن ذلك الأمر ما لي
فيه من أرب ؛ فقال له : يا أبا بصير ، فإنه يحرم الخمر ؛ فقال الأعشى : أما هذه
فوالله إن في النفس منها لعلالات ، ولكني منصرف فأتروى منها عامي هذا ، ثم آتيه
فأسلم .
|
فانصرف
فمات في عامه ذلك ، ولم يعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . (2/ 233)
|
*3*أبو جهل يَذِلُّ للرسول صلى الله عليه و سلم
|
@ قال ابن إسحاق : وقد كان عدو الله أبو جهل بن هشام مع عداوته
لرسول الله صلى الله عليه وسلم وبغضه إياه ، وشدته عليه ، يذله الله له إذا رآه
.
|
*2*أبو جهل وأمر الإراشي الذي باعه الإبل
|
*3*مماطلة أبي جهل الإراشي ، و استنجاده بقريش ، و استخفافهم
بالرسول
|
@ قال ابن إسحاق : حدثني عبدالملك بن عبدالله بن أبي سفيان
الثقفي ، وكان واعية ، قال : قدم رجل من إراش - قال ابن هشام : ويقال : إراشة -
بإبل له مكة ، فابتاعها منه أبو جهل ، فمطله بأثمانها . فأقبل الإراشي حتى وقف
على ناد من قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس ، فقال :
يا معشر قريش ، من رجل يؤديني على أبي الحكم بن هشام ، فإني (2/ 234) رجل غريب ،
ابن سبيل ، وقد غلبني على حقي ؟ قال : فقال له أهل ذلك المجلس : أترى ذلك الرجل
الجالس - لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يهزءون به لما يعلمون ما بينه
وبين أبي جهل من العداوة - اذهب إليه فإنه يؤديك عليه .
|
*3*الرسول ينصف الإراشي من أبي جهل
|
@ فأقبل الإراشي حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
فقال : يا عبدالله إن أبا الحكم بن هشام قد غلبني على حق لي قبله ، وأنا رجل
غريب ابن سبيل ، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤديني عليه ، يأخذ لي حقي منه ،
فأشاروا لي إليك ، فخذ لي حقي منه ، يرحمك الله ؛ قال : انطلق إليه ، وقام معه
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوه قام معه . قالوا لرجل ممن معهم :
اتبعه ، فانظر ماذا يصنع .
|
قال
: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه فضرب عليه بابه ، فقال : من هذا ؟
قال : محمد ، فاخرج إلي ، فخرج إليه ، وما في وجهه من رائحة ، قد انتقع لونه ،
فقال : أعط هذا الرجل حقه ؛ قال : نعم ، لا تبرح حتى أعطيه الذي له ، قال : فدخل
، فخرج إليه بحقه ، فدفعه إليه .
|
قال
: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال للإراشي : الحق بشأنك ، فأقبل
الإراشي حتى وقف على ذلك المجلس ، فقال : جزاه الله خيرا ، فقد والله أخذ لي حقي
.
|
*3*ما خافه أبو جهل من رسول الله صلى الله عليه وسلم
|
@ قال : وجاء الرجل الذي بعثوا معه ، فقالوا : ويحك ! ماذا رأيت
؟ قال : عجبا من العجب ، (2/ 235) والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه ، فخرج إليه
وما معه روحه ، فقال له : أعط هذا حقه ، فقال : نعم ، لا تبرح حتى أخرج إليه حقه
، فدخل فخرج إليه بحقه ، فأعطاه إياه .
|
قال
: ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء ، فقالوا له : ويلك ! ما لك ؟ والله ما رأينا مثل
ما صنعت قط ! قال : ويحكم ، والله ما هو إلا أن ضرب علي بابي ، وسمعت صوته ،
فملئت رعبا ، ثم خرجت إليه ، وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ، ما رأيت مثل هامته ،
ولا قصرته ، ولا أنيابه لفحل قط ، والله لو أبيت لأكلني .
|
*2*أمر ركانة المطلبي ومصارعته للنبي صلى الله عليه وسلم
|
*3*من معجزاته صلى الله عليه وسلم
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، قال : كان ركانة
بن عبد يزيد بن هاشم بن عبدالمطلب بن عبد مناف أشد قريش ، فخلا يوما برسول الله
صلى الله عليه وسلم في بعض شعاب مكة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا ركانة ، ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه ؟ قال : إني لو أعلم أن الذي تقول
حق لاتبعتك ؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرأيت إن صرعتك ، أتعلم
أن ما أقول حق ؟ قال : نعم ؛ قال : فقم حتى أصارعك .
|
قال
: فقام إليه ركانة يصارعه ؛ فلما بطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعه ،
وهو لا يملك من نفسه شيئا ، ثم قال : عد يا محمد ، فعاد فصرعه ، فقال : يا محمد
، والله إن هذا للعجب ، أتصرعني ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأعجب من
ذلك (2/ 236) إن شئت أن أريكه ، إن اتقيت الله واتبعت أمري ؛ قال : ما هو ؟ قال
: أدعو لك هذه الشجرة التي ترى فتأتيني ؛ قال : ادعها ، فدعاها ، فأقبلت حتى
وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقال لها : ارجعي إلى مكانك
. قال : فرجعت إلى مكانها .
|
قال
: فذهب ركانة إلى قومه ، فقال : يا بني عبد مناف ساحروا بصاحبكم أهل الأرض ،
فوالله ما رأيت أسحر منه قط ، ثم أخبرهم بالذي رأى والذي صنع .
|
|
*2*قدوم وفد النصارى الذين أسلموا من الحبشة
|
*3*أبو جهل يحاول ردهم عن الإسلام ، و إخفاقه
|
@ قال ابن إسحاق : ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
وهو بمكة ، عشرون رجلا أو قريب من ذلك من النصارى ، حين بلغهم خبره من الحبشة ،
فوجدوه في المسجد ، فجلسوا إليه وكلموه وسألوه ، ورجال من قريش في أنديتهم حول
الكعبة ؛ فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أرادوا ، دعاهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله عز وجل وتلا عليهم القرآن .
|
فلما
سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع ، ثم استجابوا لله ، وآمنوا به وصدقوه ،
وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره . فلما قاموا عنه اعترضهم أبو جهل
بن هشام في نفر من قريش ، فقالوا لهم : خيبكم الله من ركب ! بعثكم من وراءكم من
أهل دينكم ترتادون لهم لتأتوهم بخبر الرجل ، فلم تطمئن مجالسكم عنده ، حتى
فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال ، ما نعلم ركبا أحمق منكم . أو كما قالوا .فقالوا
لهم : سلام عليكم لا نجاهلكم لنا ما نحن عليه ، ولكم ما أنتم عليه ، لم نَأْلُ
أنفسنا خيرا . (2/ 237)
|
*3*مواطنهم و ما نزل فيهم من القرآن
|
@ ويقال : إن النفر من النصارى من أهل نجران ، فالله أعلم أي ذلك
كان . فيقال - والله أعلم - فيهم نزلت هؤلاء الآيات : ( الذين آتيناهم الكتاب من
قبله هم به يؤمنون . وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به ، إنه الحق من ربنا ، إنا
كنا من قبله مسلمين ) ... إلى قوله ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، سلام عليكم لا
نبتغي الجاهلين ) .
|
قال
ابن إسحاق : وقد سألت ابن شهاب الزهري عن هؤلاء الآيات فيمن أنزلن ، فقال لي :
ما أسمع من علمائنا أنهن أنزلن في النجاشي وأصحابه . والآية من سورة المائدة من
قوله : ( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا ، وأنهم لا يستكبرون ) ... إلى قوله : (
فاكتبنا مع الشاهدين ) .
|
*3*تهكم المشركين بالمستضعفين ، وما نزل في ذلك
|
@ قال ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في
المسجد ، فجلس إليه المستضعفون من أصحابه : خباب ، وعمار ، وأبو فكيهة يسار مولى
صفوان بن أمية بن محرث ، وصهيب ، وأشباههم من المسلمين ، هزئت بهم قريش ، وقال
بعضهم لبعض : هؤلاء أصحابه كما ترون ، أهؤلاء من الله عليهم من بيننا بالهدى
والحق ! لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه ، وما خصهم الله به
دوننا .
|
فأنزل
الله تعالى فيهم : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، ما
عليك من حسابهم من شيء ، وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين ،
وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا ، أليس الله بأعلم
بالشاكرين . وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا ، فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه
(2/ 238) الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور
رحيم ) .
|
*3*ادعاء المشركين على النبي أنه يعلمه بشر ، ورد القرآن عليهم
|
@ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - كثيرا ما
يجلس عند المروة إلى مَبْيَعة غلام نصراني ، يقال له : جبر ، عبد لبني الحضرمي ،
فكانوا يقولون : والله ما يُعلِّم محمدا كثيرا مما يأتي به إلا جبر النصراني ،
غلام بنى الحضرمي .
|
فأنزل
الله تعالى في ذلك من قولهم : ( ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر ، لسان
الذي يلحدون إليه أعجمي ، وهذا لسان عربي مبين ) .
|
قال
ابن هشام : يلحدون إليه : يميلون إليه . والإلحاد : الميل عن الحق .
|
قال
رؤبة بن العجاج :
|
إذا
تبع الضحاك كل ملحد *
|
قال
ابن هشام : يعني الضحاك الخارجي ، وهذا البيت في أرجوزة له . (2/ 239)
|
|
*2*سبب نزول سورة الكوثر
|
*3*نزول سورة الكوثر في العاص بن وائل
|
@ قال ابن إسحاق : وكان العاص بن وائل السهمي - فيما بلغني - إذا
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : دعوه ، فإنما هو رجل أبتر لا عقب له ،
لو مات لانقطع ذكره واسترحتم منه ، فأنزل الله في ذلك : ( إنا أعطيناك الكوثر )
ما هو خير لك من الدنيا وما فيها . والكوثر : العظيم .
|
*3*معنى الكوثر
|
@ قال ابن إسحاق : قال لبيد بن ربيعة الكلابي :
|
وصاحب
ملحوب فجعنا بيومه * وعند الرداع بيت آخر كوثر
|
يقول
: عظيم .
|
قال
ابن هشام : وهذا البيت في قصيدة له . وصاحب ملحوب : عوف بن الأحوص بن جعفر بن
كلاب ، مات بملحوب . وقوله : ( وعند الرداع بيت آخر كوثر ) : يعني شريح بن
الأحوص بن جعفر بن كلاب ، مات بالرداع . وكوثر : أراد الكثير . ولفظه مشتق من
لفظ الكثير . قال الكميت بن زيد يمدح هشام بن عبدالملك بن مروان :
|
وأنت
كثير ياابن مروان طيب * وكان أبوك ابن العقائل كوثرا
|
وهذا
البيت في قصيدة له . وقال أمية بن أبي عائذ الهذلي يصف حمار وحش : (2/ 240)
|
يحامي
الحقيق إذا ما احتدمن * وحمحمن في كوثر كالجلال
|
يعني
بالكوثر : الغبار الكثير ، شبهه لكثرته عليه بالجلال . وهذا البيت في قصيدة له .
|
*3*سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الكوثر ما هو ؟ فأجاب
|
@ قال ابن إسحاق : حدثني جعفر بن عمرو - قال ابن هشام : هو جعفر
ابن عمرو بن أمية الضمري - عن عبدالله بن مسلم أخي محمد بن مسلم بن شهاب الزهري
، عن أنس بن مالك ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل له : يا
رسول الله ، ما الكوثر الذي أعطاك الله ؟ قال : نهر كما بين صنعاء إلى أيلة ،
آنيته كعدد نجوم السماء ، ترده طيور لها أعناق كأعناق الإبل .
|
قال
: يقول عمر بن الخطاب : إنها يا رسول الله لناعمة ؛ قال : آكلها أنعم منها .
|
قال
ابن إسحاق : وقد سمعت في هذا الحديث أو غيره أنه قال صلى الله عليه وسلم : من
شرب منه لا يظمأ أبدا . (2/ 241)
|
*2*نزول ( وقالوا لولا أنزل عليه ملك )
|
*3*مقالة زمعة و صحبه ، و نزول هذه الآية
|
@ قال ابن إسحاق : ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى
الإسلام ، وكلمهم فأبلغ إليهم ، فقال له زمعة بن الأسود ، والنضر بن الحارث ،
والأسود بن عبد يغوث ، وأبي بن خلف ، والعاص بن وائل : لو جُعل معك يا محمد ملك
يحدث عنك الناس ويُرى معك ! فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم : ( وقالوا لولا
أنزل عليه ملك ، ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ، ولو جعلناه ملكا
لجعلناه رجلا ، وللبسنا عليهم ما يلبسون ) .
|
*2*نزول ( ولقد استهزىء برسل من قبلك )
|
*3*مقالة الوليد و صحبه ، و نزول هذه الآية
|
@ قال ابن إسحاق : ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما
بلغني - بالوليد بن المغيرة ، وأمية بن خلف ، وبأبي جهل بن هشام ، فهمزوه
واستهزءوا به ، فغاظه ذلك . فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من أمرهم : ( ولقد
استهزىء برسل من قبلك ، فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون ) . (2/
242)
|
|
*2*ذكر الإسراء والمعراج
|
@ قال ابن هشام : حدثنا زياد بن عبدالله البكائي عن محمد بن إسحاق
المطلبي قال : ثم أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى
المسجد الأقصى ، وهو بيت المقدس من إيلياء ، وقد فشا الإسلام بمكة في قريش ، وفي
القبائل كلها .
|
قال
ابن إسحاق : كان من الحديث فيما بلغني عن مسراه صلى الله عليه وسلم ، عن عبدالله
بن مسعود ، وأبي سعيد الخدري ، وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعاوية
بن أبي سفيان ، والحسن بن أبي الحسن البصري ، وابن شهاب الزهري ، وقتادة وغيرهم
من أهل العلم ، وأم هانئ بنت أبي طالب ، ما اجتمع في هذا الحديث ، كل يحدث عنه
بعض ما ذكر من أمره حين أُسري به صلى الله عليه وسلم ، وكان في مسراه ، وما ذكر
عنه بلاء وتمحيص ، وأمر من أمر الله عز وجل في قدرته وسلطانه ، فيه عبرة لأولي
الألباب ، وهدى ورحمة وثبات لمن آمن وصدق ، وكان من أمر الله سبحانه (2/ 243)
وتعالى على يقين ، فأسرى به سبحانه وتعالى كيف شاء ، ليريه من آياته ما أراد ،
حتى عاين ما عاين من أمره وسلطانه العظيم ، وقدرته التي يصنع بها ما يريد .
|
*3*رواية عبدالله بن مسعود عن الإسراء
|
@ فكان عبدالله بن مسعود - فيما بلغني عنه - يقول :
|
أُتي
رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبراق - وهي الدابة التي كانت تحُمل عليها الأنبياء
قبله ، تضع حافرها في منتهى طرفها - فحُمل عليها ، ثم خرج به صاحبه ، يرى الآيات
فيما بين السماء والأرض ، حتى انتهى إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم الخليل
وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء قد جمُعوا له ، فصلى بهم . ثم أُتي بثلاثة آنية
، إناء فيه لبن ، وإناء فيه خمر ، وإناء فيه ماء . قال : فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فسمعت قائلا يقول حين عُرضت علي : إن أخذ الماء غرق وغرقت أمته
، وإن أخذ الخمر غوى وغوت أمته ، وإن أخذ اللبن هُدي وهديت أمته . قال : فأخذت
إناء اللبن ، فشربت منه ، فقال لي جبريل عليه السلام : هُديت وهديت أمتك يا محمد
.
|
*3*رواية الحسن عن مسراه صلى الله عليه و سلم
|
@ قال ابن إسحاق : وحُدثت عن الحسن أنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : بينا أنا نائم في الحجر ، إذ جاءني جبريل ، فهمزني بقدمه ،
فجلست فلم أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثانية فهمزني بقدمه ، فجلست ولم
أر شيئا ، فعدت إلى مضجعي ، فجاءني الثالثة فهمزني بقدمه ، فجلست ، فأخذ بعضدي ،
فقمت معه ، فخرج بي إلى باب المسجد ، فإذا دابة أبيض ، بين البغل والحمار ، في
فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه ، يضع يده في منتهى طرفه ، (2/ 244) فحملني عليه ،
ثم خرج معي لا يفوتني ولا أفوته .
|
*3*رواية قتادة عن مسراه صلى الله عليه و سلم
|
@ قال ابن إسحاق : وحُدثت عن قتادة أنه قال : حُدثت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : لما دنوت منه لأركبه شَـمَس ، فوضع جبريل يده على
مَعرفته ، ثم قال : ألا تستحي يا براق مما تصنع ، فوالله ما ركبك عبد لله قبل
محمد أكرم عليه منه . قال : فاستحيا حتى ارفضّ عرقا ، ثم قر حتى ركبته .
|
*3*عودة إلى رواية الحسن
|
@ قال الحسن في حديثه : فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ومضى جبريل عليه السلام معه ، حتى انتهى به إلى بيت المقدس ، فوجد فيه إبراهيم
وموسى وعيسى في نفر من الأنبياء ، فأمَّهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى
بهم ، ثم أُتي بإناءين ، في أحدهما خمر ، وفي الآخر لبن .
|
قال
: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء اللبن ، فشرب منه ، وترك إناء الخمر .
قال : فقال له جبريل : هديت للفطرة ، وهديت أمتك يا محمد ، وحرمت عليكم الخمر .
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، فلما أصبح غدا على قريش
فأخبرهم الخبر . فقال أكثر الناس : هذا والله الإمْر البين ، والله إن العير
لتطرد ، شهرا من مكة إلى الشام مدبرة ، وشهرا مقبلة ، أفيذهب ذلك محمد في ليلة
واحدة ، ويرجع إلى مكة ! قال : فارتد كثير ممن كان أسلم ، وذهب الناس إلى أبي
بكر ، فقالوا له : هل لك يا أبا بكر في صاحبك ، يزعم أنه قد جاء هذه الليلة بيت
المقدس وصلى فيه ورجع إلى مكة . قال : فقال لهم (2/ 245) أبو بكر : إنكم تكذبون
عليه ؛ فقالوا : بلى ، ها هو ذاك في المسجد يحدث به الناس ؛ فقال أبو بكر :
والله لئن كان قاله لقد صدق ، فما يُعجبكم من ذلك ! فوالله إنه ليخبرني أن الخبر
ليأتيه من الله من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار فأصدّقه ، فهذا أبعد
مما تعجبون منه ، ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
يا نبي الله ، أحدثت هؤلاء القوم أنك جئت بيت المقدس هذه الليلة ؟ قال : نعم ؛
قال : يا نبي الله ، فصفه لي ، فإني قد جئته - قال الحسن : فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم : فرُفع لي حتى نظرت إليه - فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصفه لأبي بكر ، ويقول أبو بكر : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، كلما وصف له منه
شيئا ، قال : صدقت ، أشهد أنك رسول الله ، حتى إذا انتهى ، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لأبي بكر : وأنت يا أبا بكر الصديق ؛ فيومئذ سماه الصديق .
|
قال
الحسن : وأنزل الله تعالى فيمن ارتد عن إسلامه لذلك : ( وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس ، والشجرة الملعونة في القرآن ، ونخوفهم ، فما يزيد إلا
طغيانا كبيرا ) .
|
فهذا
حديث الحسن عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وما دخل فيه من حديث قتادة .
|
*3*رواية عائشة عن مسراه صلى الله عليه و سلم
|
@ قال ابن إسحاق : حدثني بعض آل أبي بكر : أن عائشة زوج النبي
صلى الله عليه وسلم كانت تقول : ما فُقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
ولكن الله أسرى بروحه .
|
*3*رواية معاوية عن مسراه صلى الله عليه و سلم
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس :
أن معاوية بن أبي سفيان ، كان إذا سئل عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
قال : كانت رؤيا من الله تعالى صادقة . (2/ 246)
|
*3*جواز أن يكون الإسراء رؤيا
|
@ فلم يُنكر ذلك من قولهما ، لقول الحسن : إن هذه الآية نزلت في
ذلك ، قول الله تبارك وتعالى : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس )
، ولقول الله تعالى في الخبر عن إبراهيم عليه السلام إذ قال لابنه : ( يا بُنيّ
إني أرى في المنام أني أذبحك ) ثم مضى على ذلك . فعرفت أن الوحي من الله يأتي
الأنبياء أيقاظا ونياما .
|
قال
ابن إسحاق : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - يقول : تنام
عيناي وقلبي يقظان . والله أعلم أي ذلك كان قد جاءه ، وعاين فيه ما عاين ، من
أمر الله ، على أي حاليه كان : نائما ، أو يقظان ، كل ذلك حق وصدق . (2/ 247)
|
*3*وصفه صلى الله عليه وسلم لإبراهيم وموسى وعيسى
|
@ قال ابن إسحاق : وزعم الزهرى عن سعيد بن المسيب أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم وصف لأصحابه إبراهيم وموسى وعيسى حين رآهم في تلك الليلة ،
فقال : أما إبراهيم ، فلم أر رجلا أشبه قط بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛
وأما موسى ، فرجل آدم طويل ضرب جعد أقنى كأنه من رجال شنوءة ؛ وأما عيسى بن مريم
، فرجل أحمر ، بين القصير والطويل ، سبط الشعر ، كثير خِيلان الوجه ، كأنه خرج
من ديماس ، تخال رأسه يقطر ماء ، وليس به ماء ، أشبه رجالكم به عروة بن مسعود
الثقفي .
|
*3*علي يصف الرسول صلى الله عليه وسلم
|
@ قال ابن هشام : وكانت صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما
ذكر عمر مولى غفرة عن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي طالب ، قال : كان علي بن
أبي طالب عليه السلام ، إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم يكن
بالطويل الممغَّط ، ولا القصير المتردد . وكان ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد
القطط ولا السبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهَّم ولا المكلثم ، وكان أبيض
(2/ 248) مشربا ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتد ، دقيق
المسربة ، أجرد شَثْن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع ، كأنما يمشي في صبب ،
وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، وهو صلى الله عليه و سلم خاتم
النبيين ، أجود الناس كفا ، وأجرأ الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وأوفى الناس
ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه أحبه ،
يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله ، صلى الله عليه وسلم .
|
*3*رواية أم هانئ عن الإسراء
|
@ قال محمد بن إسحاق : وكان فيما بلغني عن أمر هانئ بنت أبي طالب
رضي الله عنها ، واسمها هند ، في مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنها كانت
تقول : ما أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو في بيتي ، نام عندي تلك الليلة
في بيتي ، فصلى العشاء الآخرة ، ثم نام ونمنا ، فلما كان قبيل الفجر أهبَّنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما صلى الصبح وصلينا معه ، قال : يا أم هانىء
، لقد (2/ 249) صليت معكم العشاء الآخرة كما رأيت بهذا الوادي ، ثم جئت بيت
المقدس فصليت فيه ، ثم قد صليت صلاة الغداة معكم الآن كما ترين ، ثم قام ليخرج ،
فأخذت بطرف ردائه ، فتكشَّف عن بطنه كأنه قُبطية مطوية ، فقلت له : يا نبي الله
، لا تحدث بهذا الناس فيكذبوك ويؤذوك ؛ قال : والله لأحدثنهموه .
|
قالت
: فقلت لجارية لي حبشية : ويحك اتبعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تسمعي ما
يقول للناس ، وما يقولون له . فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس
أخبرهم ، فعجبوا وقالوا : ما آية ذلك يا محمد ؟ فإنا لم نسمع بمثل هذا قط ؛ قال
: آية ذلك أني مررت بعير بني فلان بوادي كذا وكذا ، فأنفرهم حس الدابة ، فندَّ
لهم بعير ، فدللتهم عليه ، وأنا موجَّه إلى الشام .
|
ثم
أقبلت حتى إذا كنت بضجنان مررت بعير بني فلان ، فوجدت القوم نياما ، ولهم إناء
فيه ماء قد غطوا عليه بشيء ، فكشفت غطاءه وشربت ما فيه ، ثم غطيت عليه كما كان ؛
وآية ذلك أن عيرهم الآن يصوب من البيضاء ، ثنية التنعيم ، يقدمها جمل أورق ،
عليه غرارتان ، إحداهما سوداء ، والآخرى برقاء . قالت : فابتدر القوم الثنية فلم
يلقهم أولُ من الجمل كما وصف لهم ، وسألوهم عن الإناء ، فأخبروهم أنهم وضعوه
مملوءا ماء ثم غطوه ، وأنهم هبوا فوجدوه مغطى كما غطوه ، ولم يجدوا فيه ماء .
وسألوا الآخرين وهم بمكة ، فقالوا : صدق والله ، لقد أُنْفرنا في الوادي الذي
ذكر ، وندّ لنا بعير ، فسمعنا صوت رجل يدعونا إليه ، حتى أخذناه . (2/ 250)
|
*2*قصة المعراج
|
*3*الرسول صلى الله عليه وسلم يصعد إلى السماء الأولى ( حديث
الخدري عن المعراج )
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني من لا أتهم عن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لما فرغت مما كان
في بيت المقدس ، أُتي بالمعراج ، ولم أر شيئا قط أحسن منه ، وهو الذي يمد إليه
ميتكم عينيه إذا حُضر ، فأصعدني صاحبي فيه ، حتى انتهى بي إلى باب من أبواب
السماء ، يقال له : باب الحفظة ، عليه ملك من الملائكة ، يقال له : إسماعيل ،
تحت يديه اثنا عشر ألف ملك ، تحت يدي كل ملك منهم اثنا عشر ألف ملك - قال : يقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حدث بهذا الحديث : وما يعلم جنود ربك إلا هو -
فلما دُخل بي ، قال : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا محمد . قال : أوقد بعث ؟ قال
: نعم . قال : فدعا لي بخير ، وقاله .
|
*3*صفة مالك خازن النار
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أهل العلم عمن حدثه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : تلقتني الملائكة حين دخلت السماء الدنيا ، فلم
يلقني ملك إلا ضاحكا مستبشرا ، يقول (2/ 251) خيرا ويدعو به ، حتى لقيني ملك من
الملائكة ، فقال مثل ما قالوا ، ودعا بمثل ما دعوا به ، إلا أنه لم يضحك ، ولم
أر منه من البشر مثل ما رأيت من غيره ، فقلت لجبريل : يا جبريل من هذا الملك
الذي قال لي كما قالت الملائكة ولم يضحك إلي ، ولم أر منه من البشر مثل الذي
رأيت منهم ؟ قال : فقال لي جبريل : أما إنه لو ضحك إلى أحد كان قبلك ، أو كان
ضاحكا إلى أحد بعدك ، لضحك إليك ، ولكنه لا يضحك ، هذا مالك صاحب النار .
|
*3*من صفات جهنم أعاذنا الله منها
|
@ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فقلت لجبريل ، وهو من
الله تعالى بالمكان الذي وصف لكم ( مطاع ثم أمين ) : ألا تأمره أن يُريني النار
؟ فقال : بلى ، يا مالك ، أرِ محمدا النار . قال : فكشف عنها غطاءها ، فقال :
ففارت وارتفعت ، حتى ظننت لتأخذن ما أرى . قال : فقلت لجبريل : يا جبريل ، مُرْه
فليردها إلى مكانها . قال : فأمره ، فقال لها : اخبي ، فرجعت إلى مكانها الذي
خرجت منه . فما شبَّهت رجوعها إلا وقوع الظل . حتى إذا دخلت من حيث خرجت رد
عليها غطاءها .
|
*3*عرض الأرواح على آدم عليه السلام ، ( و عود إلى حديث الخدري
عن المعراج )
|
@ و قال أبو سعيد الخدري في حديثه : إن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : لما دخلت السماء الدنيا ، رأيت بها رجلا جالسا تُعرض عليه أرواح بني
آدم ، فيقول لبعضها إذا عُرضت عليه خيرا ويُسّر به ، ويقول : روح طيبة خرجت من
جسد طيب ؛ ويقول لبعضها إذا عُرضت عليه : أف ، ويعبس بوجهه ويقول : روح (2/ 252)
خبيثة خرجت من جسد خبيث . قال : قلت : من هذا جبريل ؟ قال : هذا أبوك آدم ، تعرض
عليه أرواح ذريته ، فإذا مرت به روح المؤمن منهم سر بها . وقال : روح طيبة خرجت
من جسد طيب . وإذا مرت به روح الكافر منهم أفَّف منها وكرهها ، وساءه ذلك ، وقال
: روح خبيثة خرجت من جسد خبيث .
|
*3*صفة أكلة أموال اليتامى ظلما
|
@ قال : ثم رأيت رجالا لهم مشافر كمشافر الإبل ، في أيديهم قطع
من نار كالأفهار ، يقذفونها في أفواههم ، فتخرج من أدبارهم . فقلت : من هؤلاء يا
جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة أمول اليتامى ظلما .
|
*3*صفة أكلة الربا
|
@ قال : ثم رأيت رجالا لهم بطون لم أر مثلها قط بسبيل آل فرعون ،
يمرون عليهم كالإبل المهيومة حين يُعرضون على النار ، يطئونهم لا يقدرون على أن
يتحولوا من مكانهم ذلك . قال : قلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء أكلة
الربا .
|
*3*صفة الزناة من بني آدم
|
@ قال : ثم رأيت رجالا بين أيديهم لحم ثـمين طيب ، إلى جنبه لحم
غث منتن ، يأكلون من الغث المنتن ، ويتركون السمين الطيب . قال : قلت : من هؤلاء
يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يتركون ما أحل الله لهم من النساء ، ويذهبون إلى
ما حرم الله عليهم منهن . (2/ 253)
|
*3*من نسبت ابنا لزوجها من غيره
|
@ قال : ثم رأيت نساء معلقات بثديهنّ ، فقلت : من هؤلاء يا جبريل
؟ قال : هؤلاء اللاتي أدخلن على الرجال من ليس من أولادهم .
|
قال
ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن عمرو ، عن القاسم بن محمد أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، قال : اشتد غضب الله على امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم ، فأكل
حرائبهم ، واطلع على عوراتهم .
|
*3*صعوده صلى الله عليه وسلم إلى السماوات الآخرة ، وما رأى منها
|
@ ثم رجع إلى حديث أبي سعيد الخدري ، قال : ثم أصعدني إلى السماء
الثانية ، فإذا فيها ابنا الخالة : عيسى بن مريم ، ويحيى بن زكريا ، قال : ثم
أصعدني إلى السماء الثالثة ، فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر ؛ قال
: قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك يوسف ابن يعقوب . قال : ثم أصعدني إلى
السماء الرابعة ، فإذا فيها رجل فسألته : (2/ 254) من هو ؟ قال : هذا إدريس -
قال : يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ورفعناه مكانا عليا - قال : ثم
أصعدني إلى السماء الخامسة فإذا فيها كهل أبيض الرأس واللحية ، عظيم العثنون ،
لم أر كهلا أجمل منه ؛ قالت : قلت : من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبَّب في قومه
هارون بن عمران . قال : ثم أصعدني إلى السماء السادسة ، فإذا فيها رجل آدم طويل
أقنى ، كأنه من رجال شنوءة ؛ فقلت له : من هذا يا جبريل ؟ قال : هذا أخوك موسى
بن عمران . ثم أصعدني إلى السماء السابعة ، فإذا فيها كهل جالس على كرسي إلى باب
البيت المعمور ، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يرجعون فيه إلى يوم القيامة .
لم أر رجلا أشبه بصاحبكم ، ولا صاحبكم أشبه به منه ؛ قال : قلت : من هذا يا
جبريل ؟ قال : هذا أبوك إبراهيم . قال : ثم دخل بي الجنة ، فرأيت فيها جارية
لعساء ، فسألتها : لمن أنت ؟ وقد أعجبتني حين رأيتها ؛ فقالت : لزيد بن حارثة ،
فبشَّر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة . (2/ 255)
|
*3*فرض الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم
|
@ قال ابن إسحاق : ومن حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ، عن
النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما بلغني : أن جبريل لم يصعد به إلى سماء من
السماوات إلا قالوا له حين يستأذن في دخولها : من هذا يا جبريل ؟ فيقول : محمد ؛
فيقولون : أوقد بعث إليه ؟ فيقول : نعم ؛ فيقولون : حياه الله من أخ وصاحب ! حتى
انتهى به إلى السماء السابعة ، ثم انتهى به إلى ربه ، ففرض عليه خمسين صلاة في
كل يوم .
|
*3*موسى بن عمران عليه السلام يطلب من النبي عليه الصلاة والسلام
سؤال ربه التخفيف عن أمته في أمر الصلاة
|
@ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأقبلت راجعا ، فلما
مررت بموسى بن عمران ، ونعم الصاحب كان لكم ، سألني كم فُرض عليك من الصلاة ؟
فقلت : خمسين صلاة كل يوم ؛ فقال : إن الصلاة ثقيلة ، وإن أمتك ضعيفة ، فارجع إلى
ربك ، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك . فرجعت فسألت ربي أن يخفف عني وعن أمتي ،
فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ،
أن يخفف عني وعن أمتي ، فوضع عني عشرا . ثم انصرفت فمررت على موسى فقال لي مثل
ذلك ؛ فرجعت فسألت ربي ، فوضع عني عشرا . ثم لم يزل يقول لي مثل ذلك ، كلما رجعت
إليه ، قال : فارجع فاسأل ربك ، حتى انتهيت إلى أن وضع ذلك عني ، إلا خمس صلوات
في كل يوم وليلة . ثم رجعت إلى موسى ، فقال لي مثل ذلك ، فقلت : قد راجعت ربي
وسألته ، حتى استحييت منه ، فما أنا بفاعل .
|
فمن
أَدَّاهنّ منكم إيمانا بهن ، واحتسابا لهن ، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة . (2/
256)
|
*2*المستهزئون بالرسول ، وكفاية الله أمرهم
|
@ قال ابن إسحاق : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر
الله تعالى صابرا محتسبا ، مؤديا إلى قومه النصيحة على ما يلقى منهم من التكذيب
والأذى و الاستهزاء . وكان عظماء المستهزئين ، كما حدثني يزيد بن رومان ، عن
عروة بن الزبير ، خمسة نفر من قومهم ، وكانوا ذوي أسنان وشرف في قومهم .
|
*3*أسماء المستهزئين بالرسول من بني أسد
|
@ من بني أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب : الأسود بن المطلب بن
أسد أبو زمعة ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - قد دعا عليه
لما كان يبلغه من أذاه واستهزائه به ، فقال : اللهم أَعمِ بصره ، وأثكله ولده .
|
*3*المستهزئون بالرسول من بني زهرة
|
@ ومن بني زهرة بن كلاب : الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف
بن زهرة .
|
*3*المستهزئون بالرسول من بني مخزوم
|
@ ومن بني مخزوم بن يقظة بن مرة : الوليد بن المغيرة بن عبدالله
بن عمر ابن مخزوم .
|
*3*المستهزئون بالرسول من بني سهم
|
@ ومن بني سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب : العاص بن وائل بن هشام .
|
قال
ابن هشام : العاص بن وائل بن هاشم بن سُعيد بن سهم . (2/ 257)
|
*3*المستهزئون بالرسول من خزاعة
|
@ ومن بني خزاعة : الحارث بن الطُّلاطِلة بن عمرو بن الحارث بن
عبد عمرو بن لؤي بن ملكان .
|
فلما
تمادوا في الشر ، وأكثروا برسول الله صلى الله عليه وسلم الاستهزاء ، أنزل الله
تعالى عليه : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ، إنا كفيناك المستهزئين الذين
يجعلون مع الله إلها آخر فسوف يعلمون ) .
|
ما
فعل الله بالمستهزئين
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير ، أو غيره من العلماء :
أن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهم يطوفون بالبيت ، فقام وقام رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ، فمر به الأسود بن المطلب ، فرمى في وجهه
بورقة خضراء ، فعمي .
|
ومر
به الأسود بن عبد يغوث ، فأشار إلى بطنه ، فاستستقى بطنه فمات منه حبنا .
|
ومر
به الوليد بن المغيرة ، فأشار إلى أثر جرح بأسفل كعب رجله ، كان أصابه قبل ذلك بسنين
، وهو يجر سبله ، وذلك أنه مر برجل من خزاعة وهو يريش نبلا له ، فتعلق سهم من
نبله بإزاره ، فخدش في رجله ذلك الخدش ، وليس بشيء ، فانتقض به فقتله .
|
ومر
به العاص بن وائل ، فأشار إلى أخمص رجله وخرج على حمار له يريد الطائف ، فربض به
على شُبارقة ، فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته .
|
ومر
به الحارث بن الطلاطلة ، فأشار إلى رأسه ، فامتخض قيحا ، فقتله . (2/ 258)
|
*2*قصة أبي أزيهر الدوسي
|
*3*وصية الوليد لأولاده
|
@ قال ابن إسحاق : فلما حضرت الوليد الوفاة دعا بنيه ، وكانوا
ثلاثة : هشام بن الوليد ، والوليد بن الوليد ، وخالد بن الوليد ، فقال لهم : أي
بني ، أوصيكم بثلاث ، فلا تضيعوا فيهن دمي في خزاعة فلا تَطُلُّنَّه ، والله إني
لأعلم أنهم منه برآء ، ولكني أخشى أن تُسبوا به بعد اليوم ؛ ورباي في ثقيف ، فلا
تدعوه حتى تأخذوه ؛ وعُقري عند أبي أُزيهر ، فلا يفوتنكم به . وكان أبو أزيهر قد
زوجه بنتا ، ثم أمسكها عنه ، فلم يُدخلها عليه حتى مات .
|
*3*عقل الوليد عند خزاعة
|
@ فلما هلك الوليد بن المغيرة ، وثب بنو مخزوم على خزاعة يطلبون
منهم عَقْل الوليد ، وقالوا : إنما قتله سهم صاحبكم - وكان لبني كعب حلف من بني
عبدالمطلب بن هاشم - فأبت عليهم خزاعة ذلك ، حتى تقاولوا أشعارا ، وغلظ بينهم
الأمر - وكان الذي أصاب الوليد سهمه رجلا من بني كعب بن عمرو ، من خزاعة - فقال
عبدالله بن أبي أمية ابن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم :
|
*3*ما قيل من الأشعار في مقتل الوليد
|
@ إني زعيم أن تسيروا فتهربوا * وأن تتركوا الظهران تعوي ثعالبه
|
وأن
تتركوا ماء بجزعة أطرقا * وأن تسألوا : أي الأراك أطايبه ؟ (2/ 259)
|
فإنا
أناس لا تُطلّ دماؤنا * ولا يتعالى صاعدا من نحاربه
|
وكانت
الظهران والأراك منازل بني كعب ، من خزاعة .
|
فأجابه
الجون بن أبي الجون ، أخو بني كعب بن عمرو الخزاعي ، فقال :
|
والله
لا نؤتي الوليد ظُلامة ولما تروا يوما تزول كواكبه *
|
ويُصرع
منكم مُسْمن بعد مسمن * وتُفتح بعد الموت قسرا مشاربه
|
إذا
ما أكلتم خبزكم و خزيركم * فكلكم باكي الوليد ونادبه
|
ثم
إن الناس ترادوا وعرفوا أنما يخشى القوم السُّبة ، فأعطتهم خزاعة بعض العقل ،
وانصرفوا عن بعض .
|
فلما
اصطلح القوم قال الجون بن أبي الجون :
|
وقائلة
لما اصطلحنا تعجبا * لما قد حملنا للوليد وقائل
|
ألم
تُقسموا تُؤتوا الوليد ظُلامة * ولما تروا يوما كثير البلابل
|
فنحن
خلطنا الحرب بالسلم فاستوت * فأمَّ هواه آمنا كلُّ راحل
|
ثم
لم ينته الجون بن أبي الجون حتى افتخر بقتل الوليد ، وذكر أنهم أصابوه ، وكان
ذلك باطلا . فلحق بالوليد وبولده وقومه من ذلك (2/ 260) ما حذره ، فقال الجون بن
أبي الجون :
|
ألا
زعم المغيرة أن كعبا * بمكة منهمُ قدر كثيرُ
|
فلا
تفخر مغيرة أن تراها * بها يمشي المُعَلْهَج والمهير
|
بها
آباؤنا وبها وُلدنا * كما أرسى بمثبته ثبير
|
وما
قال المغيرة ذاك إلا * ليعلم شأننا أو يستثير
|
فإن
دم الوليد يُطل إنا * نطل دماء أنت بها خبير
|
كساه
الفاتك الميمون سهما * زُعافا وهو ممتلىء بهير
|
فخرّ
ببطن مكة مسلحبَّا * كأنه عند وجبته بعير
|
سيكفيني
مِطالَ أبي هشام * صغار جعدة الأوبار خُور
|
قال
ابن هشام : تركنا منها بيتا واحدا أُقذع فيه .
|
*3*مقتل أبي أزيهر و ثورة بني عبد مناف لذلك
|
@ قال ابن إسحاق : ثم عدا هشام بن الوليد على أبي أزيهر ، وهو
بسوق ذي المجاز ، وكانت عند أبي سفيان بن حرب عاتكة بنت أبي أزيهر - وكان أبو
أزيهر رجلا شريفا في قومه - فقتله بعُقر الوليد الذي كان عنده ، لوصية أبيه إياه
، وذلك بعد أن هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومضى بدر ، وأُصيب
به من أصيب من أشراف قريش من المشركين ؛ فخرج يزيد بن أبي سفيان ، فجمع بني عبد
مناف ، وأبو سفيان بذي المجاز ، فقال الناس : أُخفر أبو سفيان في صهره ، فهو
ثائر به .
|
فلما
سمع أبو سفيان بالذي صنع ابنه يزيد - وكان أبو سفيان رجلا حليما منكرا ، يحب
قومه حبا (2/ 261) شديدا - انحط سريعا إلى مكة ، وخشي أن يكون بين قريش حدث في
أبي أزيهر ، فأتى ابنه وهو في الحديد ، في قومه من بني عبد مناف والمطيبين ،
فأخذ الرمح من يده ، ثم ضرب به على رأسه ضربة هده منها ، ثم قال له : قبحك الله
! أتريد أن تضرب قريشا بعضهم ببعض في رجل من دوس . سنؤتيهم العقل إن قبلوه ،
وأطفأ ذلك الأمر .
|
فانبعث
حسان بن ثابت يحرض في دم أبي أزيهر ، ويعير أبا سفيان خُفْرَته ويجُبنه ، فقال :
|
غدا
أهل ضوجَىْ ذي المجاز كليهما * وجار ابن حرب بالمغمس ما يغدو
|
ولم
يمنع العَير الضروط ذماره * وما منعت مخزاة والدها هند
|
كساك
هشام بن الوليد ثيابه * فأبْلِ وأخلفْ مثلها جددا بعد
|
قضى
وطرا منه فأصبح ماجدا * وأصبحت رخوا ما تخُب وما تعدو
|
فلو
أن أشياخا ببدر تشاهدوا * لَبلَّ نعال القوم مُعتبط وَرْدُ
|
فلما
بلغ أبا سفيان قول حسان قال : يريد حسان أن يضرب بعضنا ببعض في رجل من دوس ! بئس
والله ما ظن !
|
*3*مطالبة خالد بربا أبيه ، و ما نزل في ذلك من القرآن
|
@ ولما أسلم أهل الطائف كلم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خالد
بن الوليد في ربا الوليد ، الذي كان في ثقيف ، لما كان أبوه أوصاه به . (2/ 262)
|
قال
ابن إسحاق : فذكر لي بعض أهل العلم أن هؤلاء الآيات من تحريم ما بقي من الربا
بأيدي الناس نزلن في ذلك من طلب خالد الربا : ( يأيها الذين آمنوا اتقوا الله ،
وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين ) .إلى آخر القصة فيها .
|
*3*ثورة دوس للأخذ بثأر أبي أزيهر ، و حديث أم غيلان
|
@ ولم يكن في أبي أزيهر ثأر نعلمه ، حتى حجز الإسلام بين الناس ؛
إلا أن ضرار بن الخطاب بن مرادس الفهري خرج في نفر من قريش إلى أرض دوس ، فنزلوا
على امرأة يقال لها أم غيلان ، مولاة لدوس ، وكانت تمشط النساء ، وتجهز العرائس
، فأرادت دوس قتلهم بأبي أزيهر ، فقامت دونهم أم غيلان ونسوة معها ، حتى منعتهم
، فقال ضرار بن الخطاب في ذلك :
|
جزى
الله عنا أم غيلان صالحا * ونسوتها إذ هنَّ شُعث عواطلُ
|
فهن
دفعن الموت بعد اقترابه * وقد برزت للثائرين المقاتل
|
دعت
دعوة دوسا فسالت شعابها * بعز وأدَّتها الشَّراج القوابل
|
وعمرا
جزاه الله خيرا فما وَنى * وما بردت منه لدي المفاصل
|
فجرّدت
سيفي ثم قمت بنصله * وعن أي نفس بعد نفسي أقاتل
|
قال
ابن هشام : حدثني أبو عبيدة : أن التي قامت دون ضرار أم جميل ، ويقال أم غيلان ؛
قال : ويجوز أن تكون أم غيلان قامت مع أم جميل فيمن قام دونه .
|
*3*أم جميل و عمر بن الخطاب
|
@ فلما قام عمر بن الخطاب أتته أم جميل ، وهي ترى أنه أخوه :
فلما انتسبت له عرف القصة ، فقال : إني لست بأخيه إلا في الإسلام ، (2/ 263) وهو
غاز ، وقد عرفت مِنَّتك عليه ، فأعطاها على أنها ابنة سبيل .
|
*3*ضرار و عمر بن الخطاب
|
@ قال الراوي : قال ابن هشام : وكان ضرار لحق عمر بن الخطاب يوم
أحد ، فجعل يضربه بعرض الرمح ويقول : انج يا بن الخطاب لا أقتلك ؛ فكان عمر
يعرفها له بعد إسلامه .
|
|
*3*وفاة أبي طالب وخديجة ، وما عاناه رسول الله صلى الله
عليه وسلم بعدهما
|
@ من كان يؤذي الرسول صلى الله عليه وسلم
|
قال
ابن إسحاق : وكان النفر الذن يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته : أبا
لهب ، والحكم بن العاص بن أمية ، وعقبة بن أبي معيط ، وعدي بن حمراء الثقفي ،
وابن الأصداء الهذلي ؛ وكانوا جيرانه لم يسلم منهم أحد إلا الحكم بن أبي العاص ،
فكان أحدهم - فيما ذكر لي - يطرح عليه صلى الله عليه وسلم رحم الشاة وهو يصلي ،
وكان أحدهم يطرحها في بُرْمته إذا نُصبت له ، حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه
وسلم حجرا يستتر به منهم إذا صلى ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرحوا
عليه ذلك الأذى ، كما حدثني عمر بن عبدالله بن عروة بن الزبير ، عن عروة بن
الزبير ، يخرج به رسول الله صلى الله عليه وسلم على العود ، فيقف به على بابه ،
ثم يقول : يا بني عبد مناف ، أي جوار هذا ! ثم يُلقيه في الطريق .
|
*3*طمع المشركين في الرسول صلى الله عليه و سلم بعد وفاة أبي
طالب و خديجة
|
@ قال ابن إسحاق : ثم إن خديجة بنت خويلد وأبا طالب هلكا (2/
264) في عام واحد ، فتتابعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصائب بهلك
خديجة ، وكانت له وزير صدق على الإسلام ، يشكو إليها ؛ وبهلك عمه أبي طالب ،
وكان له عضدا وحرزا في أمره ، ومنعة وناصرا على قومه ، وذلك قبل مهاجره إلى
المدينة بثلاث سنين .
|
فلما
هلك أبو طالب ، نالت قريش من رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن
تطمع به في حياة أبي طالب ، حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش ، فنثر على رأسه
ترابا .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني هشام بن عروة ، عن أبيه عروة بن الزبير ، قال :
|
لما
نثر ذلك السفيه على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك التراب ، دخل رسول
الله صلى الله عليه وسلم بيته والتراب على رأسه ، فقامت إليه إحدى بناته ، فجعلت
تغسل عنه التراب وهي تبكي ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها : لا تبكي
يا بُنيِّة ، فإن الله مانع أباك . قال : و يقول بين ذلك : ما نالت مني قريش
شيئا أكرهه ، حتى مات أبو طالب .
|
*3*المشركون يطلبون عهدا بينهم وبين الرسول عند أبي طالب لما ثقل
به المرض
|
@ قال ابن إسحاق : ولما اشتكى أبو طالب ، وبلغ قريشا ثقله ، قالت
قريش بعضها لبعض : إن حمزة وعمر قد أسلما ، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها
، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب ، فيأخذ لنا على ابن أخيه ، وليعطه منا ، والله ما
نأمن أن يبتزونا أمرنا .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني العباس بن عبدالله بن معبد بن عباس (2/ 265) عن بعض أهله ،
عن ابن عباس ، قال : مشوا إلى أبي طالب فكلموه ؛ وهم أشراف قومه : عتبة بن ربيعة
، وشيبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وأبو سفيان بن حرب ، في
رجال من أشرافهم ، فقالوا : يا أبا طالب ، إنك منا حيث قد علمت ، وقد حضرك ما
ترى ، وتخوفنا عليك ، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك ، فادعه ، فخذ له منا ،
وخذ لنا منه ، ليكف عنا ، ونكف عنه ، وليدعنا وديننا ، وندعه ودينه ؛ فبعث إليه
أبو طالب ، فجاءه ، فقال : يا ابن أخي : هؤلاء أشراف قومك ، قد اجتمعوا لك ،
ليعطوك ، وليأخذوا منك .
|
قال
: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نعم ، كلمة واحدة تعطونيها تملكون بها
العرب ، وتدين لكم بها العجم . قال : فقال أبو جهل : نعم وأبيك ، وعشر كلمات ؛
قال : تقولون : لا إله إلا الله ، وتخلعون ما تعبدون من دونه .
|
قال
: فصفقوا بأيديهم ، ثم قالوا : أتريد يا محمد أن تجعل الآلهة إلها واحدا ، إن
أمرك لعجب ! قال : ثم قال بعضهم لبعض : إنه والله ما هذا الرجل بمعطيكم شيئا مما
تريدون ، فانطلقوا وامضوا على دين آبائكم ، حتى يحكم الله بينكم وبينه . قال :
ثم تفرقوا .
|
*3*رجاء الرسول إسلام أبي طالب ، و حديث ذلك
|
@ فقال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم : والله يا ابن
أخي ، ما رأيتك سألتهم شططا ؛ قال : فلما قالها أبو طالب طمع رسول الله صلى الله
عليه وسلم في إسلامه ، فجعل يقول له : أي عم ، فأنت فقلها أستحل لك بها الشفاعة
يوم القيامة . قال : فلما رأى حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه ، قال : يا
ابن أخي ، والله لولا مخافة السبة عليك وعلي بني أبيك من بعدي ، وأن تظن قريش
أني إنما قلتها جزعا من الموت لقلتها ، لا أقولها إلا لأسرك بها .
|
قال
: فلما تقارب من أبي طالب الموت قال : نظر العباس إليه يحرك شفتيه ، قال : فأصغى
إليه بأذنه ، قال : فقال : يا ابن أخي ، والله لقد قال أخي (2/ 266) الكلمة التي
أمرته أن يقولها ، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم أسمع .
|
*3*ما نزل فيمن طلبوا العهد على الرسول عند أبي طالب
|
@ قال : وأنزل الله تعالى في الرهط الذين كانوا قد اجتمعوا إليه
، وقال لهم ما قال ، وردوا عليه ما ردوا : ( ص والقرآن ذي الذكر ، بل الذين
كفروا في عزة وشقاق ) ... إلى قوله تعالى : ( أجعل الآلهة إلها واحدا ، إن هذا
لشيء عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم ، إن هذا لشيء يراد
. ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) . يعنون النصارى ، لقولهم : ( إن الله ثالث
ثلاثة ) - ( إن هذا إلا اختلاق ) .ثم هلك أبو طالب .
|
*2*سعي الرسول إلى الطائف يطلب النصرة ، وموقف ثقيف منه
|
@ قال ابن إسحاق : ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول الله صلى
الله عليه وسلم من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب ، فخرج رسول
الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، يلتمس النصرة من ثقيف ، والمنعة بهم من
قومه ، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله عز وجل ، فخرج إليهم وحده . (2/
267)
|
*3*الثلاثة الذين نزل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أشرافهم ، و تحريضهم عليه
|
@ قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي
، قال : لما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ، عمد إلى نفر من
ثقيف ، هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم ، وهم إخوة ثلاثة : عبد ياليل بن عمرو بن
عمير ، ومسعود بن عمرو بن عمير ، وحبيب بن عمرو بن عمير بن عوف بن عقدة بن غيرة
بن عوف بن ثقيف ، وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح ، فجلس إليهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، فدعاهم إلى الله ، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على
الإسلام ، والقيام معه على من خالفه من قومه ؛ فقال له أحدهم : هو يمرط ثياب
الكعبة إن كان الله أرسلك ؛ وقال الآخر : أما وجد الله أحدا يرسله غيرك ! وقال
الثالث : والله لا أكلمك أبدا . لئن كنت رسولا من الله كما تقول ، لأنت أعظم
خطرا من أن أرد عليك الكلام ، ولئن كنت تكذب على الله ، ما ينبغي لي أن أكلمك .
فقام رسول الله صلى عليه وسلم من عندهم وقد يئس من خير ثقيف ، وقد قال لهم -
فيما ذكر لي - : إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني ، وكره رسول الله صلى الله عليه
وسلم أن يبلغَ قومَه عنه ، فيُذْئِرهم ذلك عليه .
|
قال
ابن هشام : قال عبيد بن الأبرص :
|
ولقد
أتاني عن تميم أنهم * ذَئِروا لقتلى عامر وتعصبوا
|
فلم
يفعلوا ، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم ، يسبونه ويصيحون به ، حتى اجتمع عليه الناس
، وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ، وهما فيه ، ورجع عنه من
سفهاء ثقيف من كان يتبعه ، فعمد (2/ 268) إلى ظل حَبَلة من عنب ، فجلس فيه .
وابنا ربيعة ينظران إليه ، ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف ، وقد لقي رسول
الله صلى الله عليه وسلم - فيما ذكر لي - المرأة التي من بني جمح ، فقال لها :
ماذا لقينا من أحمائك ؟
|
*3*شكواه صلى الله عليه وسلم إليه تعالى
|
@ فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - فيما ذكر لي -
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ،
أنت رب المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ؟ أم إلى عدو
ملكته أمري ؟ إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ
بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنـزل بي
غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك .
|
*3*قصته صلى الله عليه وسلم مع عداس النصراني
|
@ قال : فلما رآه ابنا ربيعة ، عتبة وشيبة ، وما لقي ، تحركت له
رحمهما ، فدعوا غلاما لهما نصرانيا ، يقال له عداس ، فقالا له : خذ قطفا من هذا
العنب ، فضعه في هذا الطبق ، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل ، فقل له يأكل منه .
|
ففعل
عداس ، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال له :
كل ، فلما وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه يده ، قال : باسم الله ، ثم أكل
، فنظر عداس في وجهه ، ثم قال : والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ،
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس ، وما
دينك ؟ قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؛ فقال له عداس : (2/ 269) وما يدريك
ما يونس بن متى ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ذاك أخي ، كان نبيا وأنا
نبي ، فأكب عداس على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه .
|
قال
: يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك . فلما جاءهما عداس
، قالا له : ويلك يا عداس ! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟ قال : يا
سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا ، لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ؛ قالا له
: ويحك يا عداس ، لا يصرفنك عن دينك ، فإن دينك خير من دينه .
|
*3*وفد جن نصيبين الذين استمعوا له و آمنوا به
|
@ قال : ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من الطائف
راجعا إلى مكة ، حين يئس من خير ثقيف ، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي
، فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى ، وهم - فيما ذكر لي -
سبعة نفر من جن أهل نصيبين ، فاستمعوا له ؛ فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم
منذرين ، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا .
|
فقص
الله خبرهم عليه صلى الله عليه وسلم ، قال الله عز وجل : ( وإذ صرفنا إليك نفرا
من الجن يستمعون القرآن ) ... إلى قوله تعالى : ( ويجركم من عذاب أليم ) . وقال
تبارك وتعالى : ( قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن ) ... إلى آخر القصة من
خبرهم في هذه السورة . (2/ 270)
|
*2*عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على القبائل
|
*3*عرض الرسول صلى الله عليه و سلم نفسه على العرب في مواسمهم
|
@ قال ابن إسحاق : ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ،
وقومه أشد ما كانوا عليه من خلافه وفراق دينه ، إلا قليلا مستضعفين ، ممن آمن به
.
|
فكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في المواسم ، إذا كانت ، على قبائل العرب
يدعوهم إلى الله ، ويخبرهم أنه نبي مرسل ، ويسألهم أن يصدقوه ويمنعوه حتى يبين
لهم الله ما بعثه به .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني من أصحابنا ، من لا أتهم ، عن زيد بن أسلم ، عن ربيعة بن
عباد الديلي ، - أو من حدثه أبو الزناد عنه - قال ابن هشام : ربيعة بن عباد .
|
*3*أبو لهب يفرق الناس من حوله صلى الله عليه وسلم
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني حسين بن عبدالله بن عبيد الله بن عباس
، قال : سمعت ربيعة بن عباد ، يحدثه أبي ، قال : إني لغلام شاب مع أبي بمنى ،
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب ، فيقول : يا بني
فلان ، إني رسول الله إليكم ، يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن
تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد ، وأن تؤمنوا بي ، وتصدقوا بي ،
وتمنعوني ، حتى أُبين عن الله ما بعثني به .
|
قال
: وخلفه رجل أحول وضيء ، له غديرتان ، عليه حلة عدنية . فإذا فرغ رسول الله صلى
الله عليه وسلم من قوله وما دعا إليه ، قال ذلك الرجل : يا بني فلان ، إن هذا
إنما يدعوكم أن تسلخوا اللات والعزى من أعناقكم ، وحلفاءكم من الجن من بني مالك
بن أقيش ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تطيعوه ، ولا تسمعوا منه .
(2/ 271)
|
قال
: فقلت لأبي : يا أبت ، من هذا الذي يتبعه ويرد عليه ما يقول ؟ قال : هذا عمه
عبدالعزى بن عبدالمطلب ، أبو لهب .
|
قال
ابن هشام : قال النابغة :
|
كأنك
من جمال بني أقيش * يُقعقع خلف رجليه بشنّ
|
*3*عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على كندة
|
@ قال ابن إسحاق : حدثنا ابن شهاب الزهري : أنه أتى كندة في
منازلهم ، وفيهم سيد لهم يقال له : مُليح ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم
نفسه ، فأبوا عليه .
|
*3*عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني كلب
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله بن حصين
: أنه أتى كلبا في منازلهم ، إلى بطن منهم يقال لهم : بنو عبدالله ، فدعاهم إلى
الله وعرض عليهم نفسه ، حتى إنه ليقول لهم : يا بني عبدالله ، إن الله عز وجل قد
أحسن اسم أبيكم ، فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم .
|
*3*عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني حنيفة
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني بعض أصحابنا عن عبدالله بن كعب بن مالك
: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بني حنيفة في منازلهم ، فدعاهم إلى الله
وعرض عليهم نفسه ، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليهم ردا منهم . (2/ 272)
|
*3*عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على بني عامر
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري أنه أتى بني عامر بن صعصعة ،
فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم نفسه ، فقال رجل منهم - يقال له : بَيْحرة
بن فراس . قال ابن هشام : فراس بن عبدالله بن سلمة الخير بن قشير بن كعب بن
ربيعة بن عامر بن صعصعة - : والله ، لو أني أخذت هذا الفتى من قريش ، لأكلت به
العرب ، ثم قال : أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ، ثم أظهرك الله على من خالفك ،
أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال : الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء ؛ قال : فقال له
: أفتُهدف نحورنا للعرب دونك ، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ! لا حاجة لنا
بأمرك ؛ فأبوا عليه .
|
فلما
صدر الناس رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم ، قد كانت أدركته السن ، حتى لا يقدر أن
يُوافي معهم المواسم ، فكانوا إذا رجعوا اليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم ؛
فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم ، فقالوا : جاءنا فتى من
قريش ، ثم أحد بني عبدالمطلب ، يزعم أنه نبي ، يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ،
ونخرج به إلى بلادنا .
|
قال
: فوضع الشيخ يديه على رأسه ثم قال : يا بني عامر ، هل لها من تلاف ، هل
لذُناباها من مطلب ، والذي نفس فلان بيده ، ما تقولها إسماعيلي قط ، وإنها لحق ،
فأين رأيكم كان عنكم . (2/ 273)
|
*3*عرضه الرسول نفسه على العرب في المواسم
|
@ قال ابن إسحاق : فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك من
أمره ، كلما اجتمع له الناس بالموسم أتاهم يدعو القبائل إلى الله وإلى الإسلام ،
ويعرض عليهم نفسه ، وما جاء به من الله من الهدى والرحمة ، وهو لا يسمع بقادم يقدم
مكة من العرب ، له اسم وشرف ، إلا تصدى له ، فدعا إلى الله ، وعرض عليه ما عنده
.
|
*3*عرضه صلى الله عليه وسلم نفسه على سويد بن صامت
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، ثم
الظفري عن أشياخ من قومه ، قالوا :
|
قدم
سويد بن صامت ، أخو بني عمرو بن عوف ، مكة حاجا أو معتمرا ، وكان سويد إنما
يسميه قومه فيهم : الكامل ، لجلده وشعره وشرفه ونسبه ، وهو الذي يقول :
|
ألا
رب من تدعو صديقا ولو ترى * مقالته بالغيب ساءك ما يفري
|
مقالته
كالشهد ما كان شاهدا * وبالغيب مأثور على ثُغْرة النحر
|
يسرك
باديه وتحت أديمه * نميمة غش تبتري عقب الظهر
|
تُبين
لك العينان ما هو كاتم * من الغل والبغضاء بالنظر الشزر
|
فَرِشْني
بخير طالما قد بريتني * فخير الموالي من يريش ولا يبري
|
وهو
الذي يقول : ونافر رجلا من بني سليم ، ثم أحد بني زِعب بن مالك على مائة ناقة ،
إلى كاهنة من كهان العرب ، فقضت له . (2/ 274) فانصرف عنها هو والسلمي ، ليس
معهما غيرها ، فلما فرقت بينهما الطريق ، قال : مالي ، يا أخا بني سليم ، قال :
أبعث إليك به ؛ قال : فمن لي بذلك إذا فُتَّني به ؟ قال : كلا ، والذي نفس سويد
بيده ، لا تفارقنـِّي حتى أُوتَى بمالي ، فاتخذا فضرب به الأرض ، ثم أوثقه رباطا
، ثم انطلق به إلى دار بني عمرو بن عوف ، فلم يزل عنده حتى بعثت إليه سليم بالذي
له ، فقال في ذلك :
|
لا
تحسبنـِّي يا ابن زغب بن مالك * كمن كنت تُردي بالغيوب وتختلُ
|
تحولت
قِرنا إذ صُرعت بعزة * كذلك إن الحازم المتحول
|
ضربت
به إبط الشمال فلم يزل * على كل حال خده هو أسفل
|
في
أشعار كثيرة كان يقولها .
|
فتصدى
له رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع به ، فدعاه إلى الله وإلى الإسلام ،
فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي ؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه
وسلم : وما الذي معك ؟ قال : مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - فقال له رسول الله
صلى الله عليه وسلم : اعرضها علي ، فعرضها عليه ؛ فقال له : إن هذا لكلام حسن ،
والذي معي أفضل من هذا ، قرآن أنزله الله تعالى علي ، هو هدى ونور .
|
فتلا
عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ، ودعاه إلى الإسلام ، فلم يبعد منه ،
وقال : إن هذا لقول حسن . (2/ 275) ثم انصرف عنه ، فقدم المدينة على قومه ، فلم
يلبث أن قتلته الخزرج ، فإن كان رجال من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قُتل وهو
مسلم . وكان قتله قبل يوم بعاث .
|
*2*إسلام إياس بن معاذ وقصة أبي الحيسر
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني الحصين بن عبدالرحمن بن عمرو بن سعد بن
معاذ ، عن محمود بن لبيد ، قال : لما قدم أبو الحَيْسر ، أنس بن رافع ، مكة ومعه
فتية من بني عبدالأشهل ، فيهم إياس بن معاذ ، يلتمسون الحلف من قريش على قومهم
من الخزرج ، سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم فجلس إليهم ، فقال
لهم : هل لكم في خير مما جئتم له ؟ فقالوا له : وما ذاك ؟ قال : أنا رسول الله
بعثني إلى العباد ، أدعوهم إلى أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا ، وأنزل علي
الكتاب .
|
قال
: ثم ذكر لهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن . قال : فقال إياس بن معاذ ، وكان
غلاما حدثا : أي قوم ، وهذا والله خير مما جئتم له . قال : فيأخذ أبو الحيسر ،
أنس بن رافع ، حفنة من تراب البطحاء ، فضرب بها وجه إياس بن معاذ ، وقال : دعنا
منك ، فلعمري لقد جئنا لغير هذا . قال : فصمت إياس ، وقام رسول الله صلى الله
عليه وسلم عنهم ، وانصرفوا إلى المدينة ، وكانت وقعة بُعاث بين الأوس والخزرج .
|
قال
: ثم لم يلبث إياس بن معاذ أن هلك . قال محمود بن لبيد : فأخبرني من حضره من
قومه عند موته : أنهم لم يزالوا يسمعونه يهلل (2/ 276) الله تعالى ويكبره ويحمده
ويسبحه حتى مات ، فما كانوا يشكون أن قد مات مسلما ، لقد كان استشعر الإسلام في
ذلك المجلس ، حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع .
|
*2*بدء إسلام الأنصار
|
*3*اجتماعه صلى الله عليه وسلم بوفد من الخزرج عند العقبة
|
@ قال ابن إسحاق : فلما أراد الله عز وجل إظهار دينه ، وإعزاز
نبيه صلى الله عليه وسلم ، وإنجاز موعده له ، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
في الموسم الذي لقيه فيه النفر من الأنصار ، فعرض نفسه على قبائل العرب ، كما
كان يصنع في كل موسم . فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج أراد الله بهم
خيرا .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أشياخ من قومه ، قالوا : لما
لقيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال لهم : من أنتم ؟ قالوا : نفر من
الخزرج ، قال : أمن موالي يهود ؟ قالوا : نعم ؛ قال : أفلا (2/ 277) تجلسون
أكلمكم ؟ قالوا : بلى .
|
فجلسوا
معه ، فدعاهم إلى الله عز وجل ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن . قال :
وكان مما صنع الله لهم به في الإسلام ، أن يهود كانوا معهم في بلادهم ، وكانوا
أهل كتاب وعلم ، وكانوا هم أهل شرك وأصحاب أوثان ، وكانوا قد غزوهم ببلادهم ،
فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم : إن نبيا مبعوث الآن ، قد أظل زمانه ،
نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم .
|
فلما
كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك النفر ، ودعاهم إلى الله ، قال بعضهم
لبعض : يا قوم ، تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به يهود ، فلا تسبقنكم إليه .
فأجابوه فيما دعاهم إليه ، بأن صدقوه وقبلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام ،
وقالوا : إنا قد تركنا قومنا ، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم ، فعسى
أن يجمعهم الله بك ، فسنقدم عليهم ، فندعوهم إلى أمرك ، وتعرض عليهم الذي أجبناك
إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليك فلا رجل أعز منك .
|
ثم
انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين إلى بلادهم ، وقد آمنوا وصدقوا
.
|
*3*أسماء من التقوا به صلى الله عليه وسلم من الخزرج عند العقبة
|
@ قال ابن إسحاق : وهم - فيما ذكر لي - : ستة نفر من الخزرج ،
منهم من بني النجار - وهو تيم الله - ثم من بني مالك بن النجار بن ثعلبة بن عمرو
بن الخزرج بن حارثة بن عمرو بن عامر : أسعد بن زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن
غنم بن مالك بن النجار ، وهو أبو أمامة ؛ وعوف بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن
مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، وهو ابن عفراء . (2/ 278)
|
قال
ابن هشام : وعفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار
.
|
قال
ابن إسحاق : ومن بني زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم
بن الخزرج : رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق .
|
قال
ابن هشام : ويقال : عامر بن الأزرق .
|
قال
ابن إسحاق : ومن بني سَلِمة بن سعد بن علي بن ساردة بن تزيد ابن جشم بن الخزرج ،
ثم من بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة : قطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم
بن سواد .
|
قال
ابن هشام : عمرو بن سواد ، وليس لسواد ابن يقال له : غنم .
|
قال
ابن إسحاق : ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة : عقبة بن عامر بن نابي
بن زيد بن حرام .
|
ومن
بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة : جابر بن عبدالله ابن رئاب بن النعمان
بن سنان بن عبيد .
|
فلما
قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى
الإسلام حتى فشا فيهم ، فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر من رسول الله
صلى الله عليه وسلم . (2/ 279)
|
*2*بيعة العقبة الأولى ، و مصعب بن عمير
|
@ حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار اثنا عشر
رجلا ، فلقوه بالعقبة . قال : وهي العقبة الأولى ، فبايعوا رسول الله صلى الله
عليه وسلم على بيعة النساء ، وذلك قبل أن تفترض عليهم الحرب .
|
*3*رجال البيعة الأولى من بني النجار
|
@ منهم من بني النجار ، ثم من بني مالك بن النجار : أسعد بن
زرارة بن عدس بن عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، وهو أبو أمامة ؛ وعوف
، ومعاذ ، ابنا الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ،
وهما ابنا عفراء .
|
*3*رجال العقبة الأولى من بني زريق
|
@ ومن بني زريق بن عامر : رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن
(2/ 280) عامر بن زريق ؛ وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلد ابن عامر بن زريق .
|
قال
ابن هشام : ذكوان ، مهاجري أنصاري .
|
*3*رجال العقبة الأولى من بني عوف
|
@ ومن بني عوف بن الخزرج ، ثم من بني غنم بن عوف بن عمرو بن عوف
بن الخزرج ، وهم القواقل : عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن
غنم ؛ وأبو عبدالرحمن ، وهو يزيد بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمارة ،
من بني غُصينة ، من بلي ، حليف لهم .
|
*3*مقالة ابن هشام في اسم القواقل
|
@ قال ابن هشام : وإنما قيل لهم القواقل ، لأنهم كانوا إذا
استجار بهم الرجل دفعوا له سهما ، وقالوا له : قوقل به بيثرب حيث شئت .
|
قال
ابن هشام : القوقلة : ضرب من المشي .
|
*3*رجال العقبة من بني سالم
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بني سالم بن عوف بن عمرو بن الخزرج ، ثم
من بني العجلان بن زيد بن غنم بن سالم : العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن
العجلان .
|
*3*رجال العقبة من بني سَلِمة ، بلام مكسورة
|
@ ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن
الخزرج ، ثم من بني حرام بن كعب بن غنم بن سلمة : عقبة بن عامر بن نابي بن زيد
بن حرام .
|
*3*رجال العقبة من بني سواد
|
@ ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة : قطبة بن عامر بن حديدة
ابن عمرو بن غنم بن سواد .
|
*3*رجال العقبة من الأوس
|
@ وشهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ، ثم من
بني عبدالأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس : أبو
الهيثم بن التَّيَّهان ، واسمه مالك . (2/ 281)
|
قال
ابن هشام : التَّيهان : يخفف ويثقل ، كقوله مَيْت وميِّت .
|
*3*رجال العقبة من بني عمرو
|
@ ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس : عويم بن ساعدة .
|
*3*عهد رسول الله على مبايعي العقبة ، و نص البيعة
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرثد بن
عبدالله اليزني ، عن عبدالرحمن بن عسيلة الصنابحي ، عن عبادة بن الصامت ، قال :
كنت فيمن حضر العقبة الأولى ، وكنا اثنى عشر رجلا ، فبايعنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم على بيعة النساء ، وذلك قبل أن تفترض الحرب ، على أن لا نشرك بالله
شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين
أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف . فإن وفَّيتم فلكم الجنة ، وإن غشيتم من
ذلك شيئا فأمركم إلى الله عز وجل إن شاء عذب وإن شاء غفر .
|
قال
ابن إسحاق : وذكر ابن شهاب الزهري ، عن عائذ الله بن عبدالله الخولاني أبي إدريس
أن عبادة بن الصامت حدثه أنه قال : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة
العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل
أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه من بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف ؛
فإن وفيتم فلكم الجنة ، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأُخذتم بحده في الدنيا ، فهو
كفارة له ، وإن سُترتم عليه إلى يوم القيامة فأمركم إلى الله عز وجل ، إن شاء
عذب ، وإن شاء غفر .
|
*3*إرسال الرسول مصعب بن عمير مع وفد العقبة
|
@ قال ابن إسحاق : فلما انصرف عنه القوم ، بعث رسول الله صلى
الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبدالدار بن قصي ،
وأمره أن يُقرئهم القرآن ، ويعلمهم الإسلام ، ويفقههم في الدين ، فكان يُسمَّى
المقرِىء (2/ 282) بالمدينة : مصعب . وكان منزله على أسعد بن زرارة بن عدس ، أبي
أمامة .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أنه كان يصلي بهم ، وذلك أن الأوس
والخزرج كره بعضُهم أن يؤمه بعض .
|
*2*أول جمعة أقيمت بالمدينة
|
*3*أسعد بن زرارة و إقامة أول جمعة بالمدينة
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف ، عن
أبيه أبي أمامة ، عن عبدالرحمن بن كعب بن مالك ، قال : كنت قائد أبي ، كعب بن
مالك ، حين ذهب بصره ، فكنت إذا خرجت به إلى الجمعة ، فسمع الأذان بها صلى على
أبي أمامة ، أسعد بن زرارة .
|
قال
: فمكث حينا على ذلك : لا يسمع الأذان للجمعة إلا (2/ 283) صلى عليه واستغفر له
. قال : فقلت في نفسي : والله إن هذا بي لعجز ، ألا أسأله ما له إذا سمع الأذان
للجمعة صلى على أبي أمامة أسعد بن زرارة ؟ قال : فخرجت به في يوم جمعة كما كنت
أخرج ؛ فلما سمع الأذان للجمعة صلى عليه واستغفر له . قال : فقلت له : يا أبت ،
ما لك إذا سمعت الأذان للجمعة صليت على أبي أمامة ؟ قال : فقال : أي بني ، كان
أول من جـمَّع بنا بالمدينة في هزم النبيت ، من حرة بني بياضة ، يقال له : نقيع
الخضمات ، قال : قلت : وكم أنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا .
|
*3*أسعد بن زرارة ، و مصعب بن عمير ، و إسلام سعد بن معاذ وأسيد
بن حضير وبني عبدالأشهل
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني عبيد الله بن المغيرة بن معيقب ،
وعبدالله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم : أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن
عمير يريد به دار بني عبدالأشهل ، ودار بني ظفر ، وكان سعد بن معاذ بن النعمان
بن امرىء القيس بن زيد بن عبدالأشهل ابن خالة أسعد بن زرارة ، فدخل به حائطا من
حوائط بني ظفر .
|
- قال ابن هشام : واسم ظفر : كعب بن الحارث بن الخزرج بن عمرو
ابن مالك بن الأوس - قالا : على بئر يقال لها : بئر مرق ، فجلسا في الحائط ،
واجتمع إليهما رجال ممن أسلم ، وسعد بن معاذ ، وأسيد بن حضير ، يومئذ سيدا
قومهما من بني عبدالأشهل ، وكلاهما مشرك على دين قومه ، فلما سمعا به ، قال سعد
بن معاذ لأسيد بن (2/ 284) حضير : لا أبا لك ، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين قد
أتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا ، فازجرهما وانههما عن أن يأتيا دارينا ، فإنه لولا
أن أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كفيتك ذلك ، هو ابن خالتي ، ولا أجد عليه
مقدما .
|
قال
: فأخذ أسيد بن حضير حربته ثم أقبل إليهما ؛ فلما رآه أسعد بن زرارة ، قال لمصعب
بن عمير : هذا سيد قومه قد جاءك ، فاصدق الله فيه ؛ قال مصعب : إن يجلس أكلمه .
قال : فوقف عليهما متشتِّما فقال : ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا ؟ اعتزلانا
إن كانت لكما بأنفسكما حاجة .
|
فقال
له مصعب : أوتجلس فتسمع ، فإن رضيت أمرا قبلته ، وإن كرهته كف عنك ما تكره ؟
|
قال
: أنصفت ، ثم ركز حربته وجلس إليهما ، فكلمه مصعب بالإسلام ، وقرأ عليه القرآن ؛
فقالا : فيما يذكر عنهما : والله لعرفنا في وجهه الإسلام قبل أن يتكلم في إشراقه
وتسهله ، ثم قال : ما أحسن هذا الكلام وأجمله ! كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا
في هذا الدين ؟ قالا له : تغتسل فتطهَّر وتُطهِّر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ،
ثم تصلي . (2/ 285) فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ، وتشهد شهادة الحق ، ثم قام فركع
ركعتين ، ثم قال لهما : إن ورائي رجلا إن اتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه ،
وسأرسله إليكما الآن ، سعد بن معاذ ، ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد وقومه وهم
جلوس في ناديهم ؛ فلما نظر إليه سعد بن معاذ مقبلا ، قال : أحلف بالله لقد جاءكم
أسيد بغير الوجه الذي ذهب به من عندكم ؛ فلما وقف على النادي قال له سعد : ما
فعلت ؟ قال : كلمت الرجلين ، فوالله ما رأيت بهما بأسا ، وقد نهيتهما ، فقالا :
نفعل ما أحببت ، وقد حُدثت أن بني حارثة قد خرجوا إلى أسعد بن زرارة ليقتلوه ،
وذلك أنهم قد عرفوا أنه ابن خالتك ، ليخفروك .
|
قال
: فقام سعد مغضبا مبادرا ، تخوفا للذي ذكر له من بني حارثة ، فأخذ الحربة من يده
، ثم قال : والله ما أراك أغنيت شيئا ، ثم خرج إليهما ؛ فلما رآهما سعد مطمئنين
، عرف سعد أن أسيدا إنما أراد منه أن يسمع منهما ، فوقف عليهما متشتما ، ثم قال
لأسعد بن زرارة : يا أبا أمامة ، أما والله ، لولا ما بيني وبينك من القرابة ما
رمت هذا مني ، أتغشانا في دارينا بما نكره - وقد قال أسعد بن زرارة لمصعب بن
عمير : أي مصعب ، جاءك والله سيد من وراءه من قومه ، إن يتبعك لا يتخلف عنك منهم
اثنان - قال : فقال له مصعب : أوتقعد فتسمع ، فإن رضيت أمرا ورغبت فيه قبلته ،
وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره ؟ قال سعد : أنصفت . ثم ركز الحربة وجلس ، فعرض
عليه الإسلام ، وقرأ عليه القرآن ، قالا : فعرفنا والله في وجهه الإسلام قبل أن
يتكلم ، لإشراقه وتسهله ؛ ثم قال لهما : كيف تصنعون إذا أنتم أسلمتم ودخلتم في
هذا الدين ؟ قالا : تغتسل فتطهَّر و تطهر ثوبيك ، ثم تشهد شهادة الحق ، ثم تصلي
ركعتين . (2/ 286)
|
قال
: فقام فاغتسل وطهر ثوبيه ، وشهد شهادة الحق ، ثم ركع ركعتين ، ثم أخذ حربته ،
فأقبل عامدا إلى نادي قومه ومعه أسيد بن حضير .
|
قال
: فلما رآه قومه مقبلا ، قالوا : نحلف بالله لقد رجع إليكم سعد بغير الوجه الذي
ذهب به من عندكم ؛ فلما وقف عليهم قال : يا بني عبدالأشهل ، كيف تعلمون أمري
فيكم ؟ قالوا : سيدنا و أوصلنا وأفضلنا رأيا ، وأيمننا نقيبة ؛ قال : فإن كلام
رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله .
|
قالا
: فوالله ما أمسى في دار بني عبدالأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلما ومسلمة ، ورجع
أسعد ومصعب إلى منزل أسعد بن زرارة ، فأقام عنده يدعو الناس إلى الإسلام ، حتى
لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون ، إلا ما كان من دار بني
أمية بن زيد ، وخطمة ووائل وواقف ، وتلك أوس الله ، وهم من الأوس بن حارثة ؛
وذلك أنه كان فيهم أبو قيس بن الأسلت ، وهو صيفي ، وكان شاعرا لهم قائدا يستمعون
منه ويطيعونه ، فوقف بهم عن الإسلام ، فلم يزل على ذلك حتى هاجر رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلى المدينة ، ومضى بدر وأحد والخندق ، وقال فيما رأى من الإسلام
، وما اختلف الناس فيه من أمره :
|
أربَّ
الناس أشياء ألمت * يُلف الصعب منها بالذَّلولِ
|
أرب
الناس أما إذ ضللنا * فيسرنا لمعروف السبيل
|
فلولا
ربنا كنا يهودا * وما دين اليهود بذي شُكول (2/ 287)
|
ولولا
ربنا كنا نصارى * مع الرهبان في جبل الجليل
|
ولكنا
خلقنا إذ خلقنا * حنيفا دينُنا عن كل جيل
|
نسوق
الهَدْي ترسف مذعنات * مكشفة المناكب في الجلول
|
قال
ابن هشام : أنشدني قوله : فلولا ربنا ، وقوله : لولا ربنا ، وقوله : مكشفة
المناكب في الجلول ، رجل من الأنصار ، أو من خزاعة .
|
*2*أمر العقبة الثانية
|
*3*مصعب بن عمير و العقبة الثانية
|
@ قال ابن إسحاق : ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة ، وخرج من خرج
الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجاج قومهم من أهل الشرك ، حتى قدموا مكة ،
فواعدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة ، من أوسط أيام التشريق ، حين أراد
الله بهم ما أراد من كرامته ، والنصر لنبيه ، وإعزاز الإسلام وأهله ، وإذلال
الشرك وأهله .
|
*3*البراء بن معرور يصلي إلى الكعبة
|
@ قال ابن إسحاق : حدثني معبد بن كعب بن مالك بن أبي كعب بن
القين ، أخو بني سلمة ، أن أخاه عبدالله بن كعب ، وكان من أعلم الأنصار ، حدثه
أن أباه كعبا حدثه ، وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه
وسلم بها ، قال : خرجنا في حجاج قومنا من المشركين ، وقد صلينا وفقهنا ، (2/
288) ومعنا البراء بن معرور ، سيدنا وكبيرنا .
|
فلما
وجهنا لسفرنا ، وخرجنا من المدينة ، قال البراء لنا : يا هؤلاء ، إني قد رأيت
رأيا ، فوالله ما أدري ، أتوافقونني عليه ، أم لا ؟ قال : قلنا : وما ذاك ؟ قال
: قد رأيت أن لا أدع هذه البَنيِّة مني بظهر ، يعني الكعبة ، وأن أصلي إليها . قال
: فقلنا : والله ما بلغنا أن نبينا صلى الله عليه وسلم يصلي إلا إلى الشام ، وما
نريد أن نخالفه . قال : فقال : إني لمصل إليها . قال : فقلنا له : لكنا لا نفعل
.
|
قال
: فكنا إذا حضرت الصلاة صلينا إلى الشام ، وصلى إلى الكعبة ، حتى قدمنا مكة .
قال : وقد كنا عبنا عليه ما صنع ، وأبى إلا الإقامة على ذلك . فلما قدمنا مكة
قال لي : يا ابن أخي ، انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى نسأله
عما صنعت في سفري هذا ، فإنه والله لقد وقع في نفسي منه شيء ، لما رأيت من
خلافكم إياي فيه .
|
قال
: فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنا لا نعرفه ، ولم نره قبل
ذلك ، فلقينا رجلا من أهل مكة ، فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال
: هل تعرفانه ؟ فقلنا : لا ؛ قال : فهل تعرفان العباس بن عبدالمطلب عمه ؟ قال :
قلنا : نعم - قال : و قد كنا نعرف العباس ، وكان لا يزال يقدم علينا تاجرا - قال
: فإذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس .
|
قال
: فدخلنا المسجد فإذا العباس جالس ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس معه ،
فسلمنا ثم جلسنا إليه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس : هل تعرف
هذين الرجلين يا أبا الفضل ؟ قال : نعم ، هذا البراء بن معرور ، سيد قومه ؛ وهذا
كعب بن مالك .
|
قال
: فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : الشاعر ؟ قال : نعم . قال
: فقال له البراء بن معرور : يا نبي الله ، إني خرجت في سفري هذا ، وقد هداني
الله للإسلام ، فرأيت أن لا (2/ 289) أجعل هذه البَنِيَّة مني بظهر ، فصليت
إليها ، وقد خالفني أصحابي في ذلك ، حتى وقع في نفسي من ذلك شيء ، فماذا ترى يا
رسول الله ؟ قال : قد كنت على قبلة لو صبرت عليها . قال : فرجع البراء إلى قبلة
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصلى معنا إلى الشام . قال : وأهله يزعمون أنه
صلى إلى الكعبة حتى مات ، وليس ذلك كما قالوا ، نحن أعلم به منهم .
|
قال
ابن هشام : وقال عون بن أيوب الأنصاري :
|
ومنا
المُصلي أول الناس مُقبلا * على كعبة الرحمن بين المشاعر
|
يعني
البراء بن معرور . وهذا البيت في قصيدة له .
|
*3*إسلام عبدالله بن عمرو بن حرام
|
@ قال ابن إسحاق : حدثني معبد بن كعب ، أن أخاه عبدالله بن كعب
حدثه أن أباه كعب بن مالك حدثه ، قال كعب : ثم خرجنا إلى الحج ، وواعدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة من أوسط أيام التشريق . قال : فلما فرغنا من
الحج ، وكانت (2/ 290) الليلة التي واعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لها ،
ومعنا عبدالله بن عمرو بن حرام أبو جابر ، سيد من ساداتنا ، وشريف من أشرافنا ،
أخذناه معنا ، وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا ، فكلمناه وقلنا له
: يا أبا جابر ، إنك سيد من ساداتنا ، وشريف من أشرافنا ، وإنا نرغب بك عما أنت
فيه أن تكون حطبا للنار غدا ؛ ثم دعوناه إلى الإسلام ، وأخبرناه بميعاد رسول
الله صلى الله عليه وسلم إيانا العقبة . قال : فأسلم وشهد معنا العقبة ، وكان
نقيبا .
|
*3*امرأتان في البيعة
|
@ قال : فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضى ثلث
الليل خرجنا من رحالنا لمعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نتسلل تسلل القطا
مستخفين ، حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ، ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ، ومعنا
امرأتان من نسائنا : نُسيبة بنت كعب ، أم عمارة ، إحدى نساء بني مازن بن النجار
؛ وأسماء بنت عمرو بن عدي بن نابي ، إحدى نساء بني سلمة ، وهي أم منيع .
|
*3*العباس يستوثق من الأنصار
|
@ قال : فاجتمعنا في الشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
حتى جاءنا ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب ، وهو يومئذ على دين قومه ، إلا أنه أحب
أن يحضر أمر ابن أخيه ويتوثق له . فلما جلس كان أول متكلم العباس بن عبدالمطلب ،
فقال : يا معشر الخزرج - قال : وكانت العرب إنما يسمون هذا الحي من الأنصار :
الخزرج ، خزرجها وأوسها - : إن محمدا منا حيث قد علمتم (2/ 291) وقد منعناه من
قومنا ، ممن هو على مثل رأينا فيه ، فهو في عز من قومه ومنعة في بلده ، وإنه قد
أبى إلا الانحياز إليكم ، واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما
دعوتموه إليه ، ومانعوه ممن خالفه ، فأنتم وما تحملتم من ذلك ؛ وإن كنتم ترون
أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم ، فمن الآن فدعوه ، فإنه في عز ومنعة
من قومه وبلده . قال : فقلنا له : قد سمعنا ما قلت ، فتكلم يا رسول الله ، فخذ
لنفسك ولربك ما أحببت .
|
*3*عهد الرسول عليه الصلاة والسلام على الأنصار
|
@ قال : فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتلا القرآن ،
ودعا إلى الله ، ورغب في الإسلام ، ثم قال : أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون
منه نساءكم وأبناءكم . قال : فأخذ البراء بن معرور بيده ، ثم قال : نعم ، والذي
بعثك بالحق نبيا ، لنمنعنك مما نمنع منه أُزُرنا ، فبايِعْنا يا رسول الله ،
فنحن والله أبناء الحروب ، وأهل الحلقة ، ورثناها كابرا عن كابر .
|
قال
: فاعترض القول ، والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أبو الهيثم بن
التيهان ، فقال : يا رسول الله ، إن بيننا وبين الرجال حبالا ، وإنا قاطعوها -
يعني اليهود - فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا
؟ قال : فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : بل الدم الدم ، والهدم
الهدم ، (2/ 292) أنا منكم وأنتم مني ، أحارب من حاربتم ، وأسالم من سالمتم .
|
قال
ابن هشام : ويقال : الهدم الهدم : يعني الحرمة . أي ذمتي ذمتكم ، وحرمتي حرمتكم
.
|
قال
كعب بن مالك : وقد كان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أخرجوا إلي منكم اثنى
عشر نقيبا ، ليكونوا على قومهم بما فيهم . فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبا ، تسعة
من الخزرج ، وثلاثة من الأوس .
|
*2*أسماء النقباء الاثني عشر و تمام خبر العقبة
|
*3*نقباء الخزرج
|
@ قال ابن هشام : من الخزرج - فيما حدثنا زياد ابن عبدالله
البكائي ، عن محمد بن إسحاق المطلبي - : أبو أمامة أسعد بن زرارة بن عُدَس بن
عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن
الخزرج ؛ وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرئ القيس بن مالك بن
ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج ؛ وعبدالله بن رواحة بن (2/ 293)
ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة بن
كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج ؛ ورافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر
بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج ؛ والبراء بن معرور بن
صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن
أسد بن ساردة ابن تزيد بن جشم بن الخزرج ؛ وعبدالله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة
ابن حرام بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن
الخزرج ؛ وعبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن سالم بن
عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج .
|
قال
ابن هشام : هو غنم بن عوف ، أخو سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج .
|
قال
ابن إسحاق : وسعد بن عبادة بن دُليم بن حارثة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن
الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج ؛ والمنذر بن عمرو بن خنيس بن حارثة بن لوذان
بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج - قال ابن هشام
: ويقال : ابن خنيس - .
|
*3*نقباء الأوس
|
@ ومن الأوس : أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن رافع بن امرئ
القيس بن زيد بن عبدالأشهل ؛ وسعد بن خيثمة بن الحارث بن مالك ابن كعب بن
النحَّاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس ؛
ورفاعة بن عبدالمنذر بن زبير بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف بن عمرو بن
عوف بن مالك بن الأوس . (2/ 294)
|
*3*شعر كعب بن مالك في حصر النقباء
|
@ قال ابن هشام : وأهل العلم يعدون فيهم أبا الهيثم بن التيهان ،
ولا يعدون رفاعة . وقال كعب بن مالك يذكرهم ، فيما أنشدني أبو زيد الأنصاري :
|
أبلغ
أُبيا أنه فال رأيه * وحان غداة الشعب والحين واقعُ
|
أبى
الله ما منتك نفسك إنه * بمرصاد أمر الناس راءٍ وسامع
|
وأبلغ
أبا سفيان أن قد بدا لنا * بأحمد نور من هدى الله ساطع
|
فلا
ترغبنْ في حشد أمر تريده * وألِّب وجمِّع كل ما أنت جامع
|
ودونك
فاعلم أن نقض عهودنا * أباه عليك الرهط حين تبايعوا
|
أباه
البراء وابن عمرو كلاهما * وأسعد يأباه عليك ورافع
|
وسعد
أباه الساعدي ومنذر * لأنفك إن حاولت ذلك جادع
|
وما
ابن ربيع إن تناولت عهده * بمسلمه لا يطمعنْ ثم طامع
|
وأيضا
فلا يُعطيكه ابن رواحة * وإخفاره من دونه السم ناقع
|
وفاء
به والقوقلي بن صامت * بمندوحة عما تحاول يافع
|
أبو
هيثم أيضا وفيّ بمثلها * وفاء بما أعطى من العهد خانع
|
وما
ابن حضير إن أردت بمطمع * فهل أنت عن أُحموقة الغي نازع
|
وسعد
أخو عمرو بن عوف فإنه * ضَروح لما حاولت مِـْلأمر مانع
|
أولاك
نجوم لا يغبك منهمُ * عليك بنحس في دجى الليل طالع
|
فذكر
كعب فيهم ( أبا الهيثم بن التيهان ) ولم يذكر ( رفاعة ) .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني عبدالله بن أبي بكر : أن رسول الله (2/ 295) صلى الله عليه
وسلم قال للنقباء : أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ، ككفالة الحواريين لعيسى بن
مريم ، وأنا كفيل على قومي - يعني المسلمين - قالوا : نعم .
|
*3*ما قاله العباس بن عبادة للخزرج قبل المبايعة
|
@ قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أن القوم لما
اجتمعوا لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال العباس بن عبادة بن نضلة
الأنصاري ، أخو بني سالم بن عوف : يا معشر الخزرج ، هل تدرون علام تبايعون هذا
الرجل ؟ قالوا : نعم ؛ قال : إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ،
فإن كنتم ترون أنكم إذا نهكت أموالكم مصيبة ، وأشرافكم قتلا أسلمتموه ، فمن الآن
، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة ، وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما
دعوتموه إليه على نهكة الأمول ، وقتل الأشراف ، فخذوه ، فهو والله خير الدنيا
والآخرة ؛ قالوا : فإنا نأخذه على مصيبة الأموال ، وقتل الأشراف ؛ فما لنا بذلك
يا رسول الله إن نحن وفَّينا بذلك ؟ قال : الجنة . قالوا : ابسط يدك ؛ فبسط يده
فبايعوه .
|
وأما
عاصم بن عمر بن قتادة فقال : والله ما قال ذلك العباس إلا ليشد لعقد لرسول الله
صلى الله عليه وسلم في أعناقهم .
|
وأما
عبدالله بن أبي بكر فقال : ما قال ذلك العباس إلا ليؤخر القوم تلك الليلة ، رجاء
أن يحضرها عبدالله بن أبي ابن سلول ، فيكون أقوى لأمر القوم . فالله أعلم أي ذلك
كان .
|
*3*نسب سلول
|
@ قال ابن هشام : سلول : امرأة من خزاعة ، وهي أم أبيّ بن مالك
بن الحارث . (2/ 296)
|
*3*أول من ضرب على يد الرسول في بيعة العقبة الثانية
|
@ قال ابن إسحاق : فبنو النجار يزعمون أن أبا أمامة ، أسعد بن
زرارة ، كان أول من ضرب على يده ؛ وبنو عبدالأشهل يقولون : بل أبو الهيثم بن
التيهان .
|
قال
ابن إسحاق : فأما معبد بن كعب بن مالك فحدثني في حديثه ، عن أخيه عبدالله بن كعب
، عن أبيه كعب بن مالك ، قال : كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه
وسلم البراء بن معرور ، ثم بايع بعدُ القوم .
|
*3*الشيطان يصرخ بعد بيعة العقبة الثانية
|
@ فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس
العقبة بأنفذ صوت سمعته قط : يا أهل الجباجب - والجباجب : المنازل - هل لكم في
مذمَّم والصُّباة معه ، قد اجتمعوا على حربكم . قال : فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : هذا أزبّ العقبة ، هذا ابن أزيب - قال ابن هشام : ويقال ابن أُزيب -
أتسمع أي عدو الله ، أما والله لأفرغنّ لك . (2/ 297)
|
*3*الأنصار تستعجل الإذن بالحرب
|
@ قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ارفضُّوا إلى
رحالكم . قال : فقال له العباس بن عبادة بن نضلة : والله الذي بعثك بالحق : إن
شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
: لم نؤمر بذلك ، ولكن ارجعوا إلى رحالكم . قال : فرجعنا إلى مضاجعنا ، فنمنا
عليها حتى أصبحنا .
|
*3*قريش تجادل الأنصار في شأن البيعة
|
@ قال : فلما أصبحنا غدت علينا جِلَّة قريش ، حتى جاءونا في
منازلنا ، فقالوا : يا معشر الخزرج ، إنه قد بلغنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا هذا
تستخرجونه من بين أظهرنا ، وتبايعونه على حربنا ، وإنه والله ما من حي من العرب
أبغض إلينا ، أن تنشب الحرب بيننا وبينهم ، منكم .
|
قال
: فانبعث مَنْ هناك مِنْ مشركي قومنا يحلفون بالله ما كان من هذا شيء ، وما
علمناه . قال : وقد صدقوا ، لم يعلموه . قال : وبعضنا ينظر إلى بعض . قال : ثم
قام القوم ، وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي ، وعليه نعلان له جديدان
. قال : فقلت له كلمة - كأني أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا - : يا أبا جابر
، أما تستيطع أن تتخذ ، وأنت سيد من ساداتنا ، مثل نعلَيْ هذا الفتى من قريش ؟
قال : فسمعها الحارث ، فخلعهما من رجليه ثم رمي بهما إلي ، وقال : والله
لتنتعلنَّهما . قال : يقول أبو جابر : مه ، أحفظت والله الفتى ، فاردد إليه
نعليه . قال : قلت : والله لا أردهما ، فأل والله صالح ، لئن صدق الفأل
لأسلُبنَّه .
|
قال
ابن إسحاق : وحدثني عبدالله بن أبي بكر : أنهم أتوا عبدالله بن أبي ابن سلول ،
فقالوا له مثل ما قال كعب من القول ؛ فقال لهم : و الله إن هذا الأمر جسيم ، ما
كان قومي ليتفوَّتوا علي بمثل هذا ، وما علمته كان . قال : فانصرفوا عنه . (2/
298)
|
*3*قريش تأسر سعد بن عبادة
|
@ قال : ونفر الناس من منى ، فتنطَّس القوم الخبر ، فوجوده قد
كان ، وخرجوا في طلب القوم ، فأدركوا سعد بن عبادة بأذاخر ، والمنذر بن عمرو ،
أخا بني ساعدة بن كعب بن الخزرج ، وكلاهما كان نقيبا . فأما المنذر فأعجز القوم
؛ وأما سعد فأخذوه ، فربطوا يديه إلى عنقه بِنِسْع رحله ، ثم أقبلوا به حتى
أدخلوه مكة يضربونه ، ويجذبونه بجُمَّته ، وكان ذا شعر كثير .
|
*3*خلاص سعد بن عبادة من أسر قريش
|
@ قال سعد : فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ،
فيهم رجل وضيء أبيض ، شعشاع ، حلو من الرجال .
|
قال
ابن هشام : الشعشاع : الطويل الحسن . قال رؤبة :
|
يمطوه
من شعشاع غير مودن *
|
يعني
عنق البعير غير قصير . يقول : مودن اليد : أي ناقص اليد .
|
قال
: فقلت في نفسي : إن يك عند أحد من القوم خير ، فعند هذا ؛ قال : فلما دنا مني
رفع يده فلكمني لكمة شديدة . قال : فقلت في نفسي : لا والله ما عندهم بعد هذا من
خير . قال : فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم ، فقال
: ويحك ! أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟ قال : قلت : بلى والله ، لقد
كنت أُجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن (2/ 299) عبد مناف تجارة ، وأمنعهم
ممن أراد ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ؛ قال
: ويحك ! فاهتف باسم الرجلين ، واذكر ما بينك وبينهما . قال : ففعلت ، وخرج ذلك
الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال لهما : إن رجلا من الخزرج
الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ، ويذكر أن بينه وبينكما جوارا ؛ قالا : ومن هو ؟
قال : سعد بن عبادة ؛ قالا : صدق والله ، إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن
يُظلموا ببلده . قال : فجاءا فخلَّصا سعدا من أيديهم ، فانطلق . وكان الذي لكم
سعدا ، سهيل بن عمرو ، أخو بني عامر بن لؤي .
|
قال
ابن هشام : وكان الرجل الذي أوى إليه ، أبا البختري بن هشام .
|
*3*أول ما قيل في الهجرة من الشعر
|
@ قال ابن إسحاق : وكان أول شعر قيل في الهجرة بيتين ، قالهما
ضرار بن الخطاب بن مرداس ، أخو بني محارب بن فهر فقال :
|
تداركتَ
سعدا عنوة فأخذته * وكان شفاء لو تداركت منذرا
|
لو
نلتُه طُلَّت هناك جراحه * وكانت حريَّا أن يُهان ويُهدرا
|
قال
ابن هشام : ويروى :
|
وكان
حقيقا أن يهان ويهدرا
|
قال
ابن إسحاق : فأجابه حسان بن ثابت فيهما فقال : (2/ 300)
|
لست
إلى سعد ولا المرء منذر * إذا ما مطايا القوم أصبحن ضُمَّرا
|
فلولا
أبو وهب لمرت قصائد * على شرف البرقاء يهوين حُسَّرا
|
أتفخر
بالكتان لما لبسته * وقد تلبس الأنباط ريطا مقصرا
|
فلا
تك كالوسنان يحلم أنه * بقرية كسرى أو بقرية قيصرا
|
ولاتك
كالثكلى وكانت بمعزل * عن الثكل لو كان الفؤاد تفكرا
|
ولا
تك كالشاة التي كان حتفها * بحفر ذراعيها فلم ترض محفرا
|
ولا
تك كالعاوي فأقبل نحره * ولم يخشه ، سهما من النبل مضمرا
|
فإنا
ومن يُهدي القصائد نحونا * كمستبضع تمرا إلى أهل خيبرا
|
*2*قصة صنم عمرو بن الجموح
|
*3*عدوان قوم عمرو على صنمه
|
@ فلما قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها ، وفي قومهم بقايا من
شيوخ لهم على دينهم من الشرك ، منهم عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن
غنم بن كعب بن سلمة ، وكان ابنه معاذ بن عمرو شهد العقبة ، وبايع رسول الله صلى
الله عليه وسلم بها ، وكان عمرو بن الجموح سيدا من سادات بني سلمة ، وشريفا من
أشرافهم ، وكان قد اتخذ في داره صنما من خشب ، يقال له : مناة ، كما كانت
الأشراف (2/ 301) يصنعون ، تتخذه إلها تعظمه وتطهره ، فلما أسلم فتيان بني سلمة
: معاذ بن جبل ، وابنه معاذ بن عمرو بن الجموح ، في فتيان منهم ممن أسلم وشهد
العقبة ، كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك ، فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر
بني سلمة ، وفيها عِذَر الناس ، مُنكَّسا على رأسه ؛ فإذا أصبح عمرو ، قال :
ويلكم ! من عدا على آلهتنا هذه الليلة ؟ قال : ثم يغدو يلتمسه ، حتى إذا وجده
غسله وطهره وطيبه ، ثم قال : أما والله لو أعلم من فعل هذا بك لأُخزينَّه . فإذا
أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه ، ففعلوا به مثل ذلك ؛ فيغدو فيجده في مثل ما كان
فيه من الأذى ، فيغسله ويطهره ويطيبه ؛ ثم يعدون عليه إذا أمسى ، فيفعلون به مثل
ذلك .
|
فلما
أكثروا عليه ، استخرجه من حيث ألقوه يوما ، فغسله وطهره وطيبه ، ثم جاء بسيفه
فعلقه عليه ، ثم قال : إني والله ما أعلم من يصنع بك ما ترى ، فإن كان فيك خير
فامتنع ، فهذا السيف معك . فلما أمسى ونام عمرو ، عدوا عليه ، فأخذوا السيف من
عنقه ، ثم أخذوا كلبا ميتا فقرنوه به بحبل ، ثم ألقوه في بئر من آبار بني سلمة ،
فيها عذر من عذر الناس ، ثم غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به .
|
*3*إسلام عمرو ، وما قاله من الشعر
|
@ فخرج يتبعه حتى وجده في تلك البئر منكسا مقرونا بكلب ميت ،
فلما رآه وأبصر شأنه ، وكلمه من أسلم من رجال قومه ، فأسلم برحمة الله ، وحسن
إسلامه . فقال حين أسلم وعرف من الله ما عرف ، وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر من
أمره ، ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مما كان فيه من العمى والضلالة : (2/ 302)
|
والله
لو كنتَ إلها لم تكن * أنت وكلب وسط بئر في قَرَنْ
|
أُفٍّ
لملقاك إلها مستدن * الآن فتشناك عن سوء الغبن
|
الحمد
لله العلي ذي المنن * الواهب الرزاق ديان الدين
|
هو
الذي أنقذني من قبل أن * أكون في ظلمة قبر مرتهن
|
بأحمد
المهدي النبي المرتهن *
|
*2*شروط البيعة في العقبة الأخيرة
|
@ قال ابن إسحاق : وكانت بيعة الحرب ، حين أذن الله لرسوله صلى
الله عليه وسلم في القتال شروطا سوى شرطه عليهم في العقبة الأولى ، كانت الأولى
على بيعة النساء ، وذلك أن الله تعالى لم يكن أذن لرسوله صلى الله عليه وسلم في
الحرب ، فلما أذن الله له فيها ، وبايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في
العقبة الأخيرة على حرب الأحمر والأسود ، أخذ لنفسه واشترط على القوم لربه ،
وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت ، (2/ 303) عن أبيه
الوليد ، عن جده عبادة بن الصامت ، وكان أحد النقباء ، قال :
|
بايعنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعه الحرب - وكان عبادة من الاثني عشر الذين
بايعوه في العقبة الأولى على بيعة النساء - على السمع والطاعة ، في عسرنا ويسرنا
ومنشطنا ومكرهنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله ، وأن نقول بالحق
أينما كنا ، لا نخاف في الله لومة لائم .
|
*2*أسماء من شهد العقبة الأخيرة
|
*3*عدد من شهدها
|
@ قال ابن إسحاق : وهذا تسمية من شهد العقبة ، وبايع رسول الله
صلى الله عليه وسلم بها من الأوس والخزرج ، وكانوا ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين .
|
*3*من شهدها من الأوس بن حارثة و بني عبدالأشهل
|
@ شهدها من الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ؛ ثم من بني
عبدالأشهل بن جشم بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن الأوس : أسيد بن حضير بن سماك
بن عتيك بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبدالأشهل ، نقيب لم يشهد بدرا . وأبو
الهيثم بن التيهان ، واسمه مالك ، شهد بدرا . وسلمة بن سلامة بن وقش بن زغبة بن
زعُوراء بن عبدالأشهل ، شهد بدرا ، ثلاثة نفر .
|
قال
ابن هشام : ويقال : ابن زعَوراء ( بفتح العين )
|
*3*من شهدها من بني حارثة بن الحارث
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بنى حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن
مالك بن الأوس : ظُهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة . وأبو بردة بن
نيار ، واسمه هانئ بن نيار بن عمرو بن عبيد بن كلاب بن دهمان بن غنم بن ذيبان بن
(2/ 304) هميم بن كامل بن ذهل بن هني بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ، حليف
لهم ، شهد بدرا . ونهُير بن الهيثم ، من بني نابي بن مجدعة بن حارثة بن الحارث
بن الخزرج ابن عمرو بن مالك بن الأوس ؛ ثم من آل السوّاف بن قيس بن عامر بن نابي
بن مجدعة بن حارثة . ثلاثة نفر .
|
*3*من شهدها من بني عمرو بن عوف
|
@ ومن بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس : سعد بن خيثمة بن
الحارث بن مالك بن كعب بن النحَّاط بن كعب بن حارثة بن غنم بن السلم بن امرىء
القيس بن مالك بن الأوس ، نقيب ، شهد بدرا ، فقُتل به مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم شهيدا .
|
قال
ابن هشام : ونسبه ابنُ إسحاق في بني عمرو بن عوف ؛ وهو من بني غنم بن السلم ،
لأنه ربما كانت دعوة الرجل في القوم ، ويكون فيهم فيُنسب إليهم .
|
قال
ابن إسحاق : ورفاعة بن عبدالمنذر بن زنبر بن زيد بن أمية بن زيد بن مالك بن عوف
بن عمرو ، نقيب ، شهد بدرا . وعبدالله بن جبير بن النعمان بن أمية بن البُـرَك -
واسم البرك : امرؤ القيس بن ثعلبة بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس - شهدا بدرا
، وقتل يوم أحد شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة ؛ ويقال :
أمية بن البَـرْك ، فيما قال ابن هشام .
|
قال
ابن إسحاق : ومعن بن عدي بن الجد بن العجلان بن حارثة بن ضبيعة ، حليف لهم من
بلي ، شهد بدرا وأحدا والخندق ، ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ، قتل
يوم اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وعُويم بن ساعدة ،
شهد بدرا وأحدا والخندق . خمسة نفر . (2/ 305) فجميع من شهد العقبة من الأوس أحد
عشر رجلا .
|
*3*من شهدها من الخزرج بن حارثة
|
@ وشهدها من الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ، ثم من
بني النجار ، وهو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج : أبو أيوب ، وهو خالد بن
زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار شهد بدرا وأحدا
والخندق ، والمشاهد كلها ؛ مات بأرض الروم غازيا في زمن معاوية بن أبي سفيان . ومعاذ
بن الحارث بن رفاعة بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار ، شهد بدرا وأحدا
والخندق ، والمشاهد كلها ، وهو ابن عفراء . وأخوه عوف بن الحارث ، شهد بدرا وقتل
به شهيدا ، وهو لعفراء . وأخوه معوّذ بن الحارث ، شهد بدرا وقتل به شهيدا ، وهو
الذي قتل أبا جهل بن هشام بن المغيرة ، وهو لعفراء - ويقال : رفاعة بن الحارث بن
سواد ، فيما قال ابن هشام - وعمارة بن حزم بن زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف
بن غنم بن مالك بن النجار ، شهد بدرا وأحدا والخندق ، والمشاهد كلها ، قتل يوم
اليمامة شهيدا في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وأسعد بن زرارة بن عدس بن
عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار ، نقيب ، مات قبل بدر ومسجد رسول الله
صلى الله عليه وسلم يُبنى ، وهو أبو أمامة . ستة نفر .
|
*3*من شهدها من بني عمرو بن مبذول
|
@ ومن بني عمرو بن مبذول - ومبذول : عامر بن مالك بن النجار - :
سهل بن عتيك بن نعمان بن عمرو بن عتيك بن عمرو ، شهد بدرا . رجل .
|
*3*من شهدها من بني عمرو بن مالك
|
@ ومن بني عمرو بن مالك بن النجار ، وهم بنو حديلة - قال ابن
هشام : حديلة : بنت مالك بن زيد مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن
جشم بن الخزرج - (2/ 306) أوس بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن
عدي بن عمرو بن مالك بن النجار ، شهد بدرا . وأبو طلحة ، وهو زيد بن سهل بن
الأسود بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار ، شهدا
بدرا . رجلان .
|
*3*من شهدها من بني مازن بن النجار
|
@ ومن بني مازن بن النجار ، قيس بن أبي صعصعة ، واسم أبي صعصعة :
عمرو بن زيد بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ، شهد بدرا ، وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم جعله على الساقة يومئذ . وعمرو بن غزية بن عمرو بن
ثعلبة بن خنساء بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن . رجلان .
|
فجميع
من شهد العقبة من بني النجار أحد عشر رجلا .
|
*3*تصويب نسب عمرو بن غزية
|
@ قال ابن هشام : عمرو بن غزية بن عمرو بن ثعلبة بن خنساء ، هذا
الذي ذكره ابن إسحاق ، إنما هو غزية بن عمرو بن عطية بن خنساء .
|
*3*من شهدها من بلحارث بن الخزرج
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بَلْحارث بن الخزرج : سعد بن الربيع بن
عمرو بن أبي زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة ابن كعب بن
الخزرج بن الحارث ، نقيب ، شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا . وخارجة بن زيد بن أبي
زهير بن مالك بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث
، شهد بدرا وقتل يوم أحد شهيدا . وعبدالله بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن
عمرو بن امرىء القيس الأكبر بن مالك الأغر بن ثعلبة ين كعب بن الخزرج بن الحارث
، نقيب ، شهد بدرا وأحدا والخندق ومشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كلها ،
إلا الفتح وما بعده ، وقتل يوم مؤتة شهيدا أميرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم
. وبشير بن سعد بن ثعلبة بن خلاس بن زيد بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن
الحارث ، أبو النعمان بن بشير ، شهد بدرا . وعبدالله بن زيد بن ثعلبة ابن
عبدالله بن زيد مناة بن (2/ 307) الحارث بن الخزرج ، شهد بدرا ، وهو الذي أُري
النداء للصلاة ، فجاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به . وخلاّد بن
سويد بن ثعلبة بن عمرو بن حارثة بن امرىء القيس بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب
بن الخزرج ، شهد بدرا وأحدا والخندق ، وقتل يوم بني قريظة شهيدا ، طُرحت عليه رحى
من أُطم من أطامها فشدخته شدخا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -
فيما يذكرون - : إن له لأجر شهيدين . وعقبة بن عمرو ابن ثعلبة بن أُسيرة بن
عُسيرة بن جِدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج ، وهو أبو مسعود ، وكان أحدث من
شهد العقبة سنا ، مات في أيام معاوية ، لم يشهد بدرا . سبعة نفر .
|
*3*من شهدها من بني بياضة بن عامر
|
@ ومن بني بياضة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن
جشم بن الخزرج : زياد بن لبيد بن ثعلبة بن سنان بن عامر بن عدي ابن أمية بن
بياضة ، شهد بدرا . وفروة بن عمرو بن وذفة بن عبيد بن عامر بن بياضة ، شهد بدرا.
|
قال
ابن هشام : ويقال : وُدْفة .
|
قال
ابن إسحاق : وخالد بن قيس بن مالك بن العجلان بن عامر بن بياضة ، شهد بدرا .
ثلاثة نفر .
|
*3*من شهدها من بني زريق
|
@ ومن بنى زريق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن
جشم بن الخزرج : رافع بن مالك بن العجلان بن (2/ 308) عمرو بن عامر بن زريق ،
نقيب . وذكوان بن عبد قيس بن خلدة بن مخلَّد بن عامر بن زريق ، وكان خرج إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان معه بمكة وهاجر إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم من المدينة ، فكان يقال له : مهاجري أنصاري ؛ شهد بدرا وقتل يوم أحد
شهيدا . وعباد بن قيس بن عامر بن خلدة بن مخلد بن عامر بن زريق ، شهد بدرا .
والحارث بن قيس بن خالد بن مخلد بن عامر بن زريق ، وهو أبو خالد ، شهد بدرا .
أربعة نفر .
|
*3*من شهدها من بني سلمة بن سعد
|
@ ومن بني سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم
ابن الخزرج ؛ ثم من بني عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة : البراء بن معرور بن
صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم ، نقيب ، وهو الذي تزعم بنو سلمة
أنه كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرط له ، واشترط عليه
، ثم توفي قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة . وابنه بشر بن البراء
بن معرور ، شهد بدرا وأحدا والخندق ومات بخيبر من أكله أكلها مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، من الشاة التي سُمّ فيها - وهو الذي قال له رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، حين سأل بني سلمة : من سيدكم يا بني سلمة ؟ فقالوا : الجدُّ بن قيس
، على بخله ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأي داء أكبر من البخل ! سيد
بني سلمة الأبيض الجعد بشر بن البراء بن معرور - وسنان بن صيفي بن صخر ابن خنساء
بن سنان بن عبيد ، شهد بدرا ، وقتل يوم الخندق شهيدا . والطفيل بن النعمان بن
خنساء بن سنان بن عبيد ، شهد بدرا ، وقتل يوم الخندق شهيدا . ومعقل بن المنذر بن
سرح بن خناس بن سنان بن عبيد ، شهدا بدرا . و أخوه يزيد بن المنذر ، شهد بدرا .
ومسعود بن يزيد بن سبيع بن خنساء بن سنان بن عبيد . والضحاك بن حارثة بن زيد بن
ثعلبة بن عبيد ، شهد (2/ 309) بدرا . ويزيد بن حرام بن سبيع بن خنساء بن سنان بن
عبيد . وجُبار بن صخر بن أمية بن خنساء ابن سنان بن عبيد ، شهد بدرا .
|
قال
ابن هشام : ويقال : جَبَّار بن صخر بن أمية بن خناس .
|
قال
ابن إسحاق : والطفيل بن مالك بن خنساء بن سنان بن عبيد ، شهد بدرا . أحد عشر
رجلا .
|
*3*من شهدها من بني سواد بن غنم
|
@ ومن بني سواد بن غنم بن كعب بن سلمة ، ثم من بني كعب بن سواد :
كعب بن مالك بن أبي كعب بن القين بن كعب . رجل .
|
*3*من شهدها من بني غنم بن سواد
|
@ ومن بني غنم بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة : سليم بن عمرو بن
حديدة بن عمرو بن غنم ، شهد بدرا . وقطبة بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم ، شهد
بدرا . وأخوه يزيد بن عامر بن حديدة بن عمرو بن غنم ، وهو أبو المنذر ، شهد بدرا
. وأبو اليسر ، واسمه كعب بن عمرو بن عباد بن عمرو بن غنم ، شهد بدرا . وصيفي بن
سواد بن عباد بن عمرو بن غنم . خمسة نفر .
|
*3*تصويب اسم صيفي
|
@ قال ابن هشام : صيفي بن أسود بن عباد بن عمرو بن غنم بن سواد ،
وليس لسواد ابن يقال له : غنم .
|
*3*من شهدها من بني نابي بن عمرو
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بني نابي بن عمرو بن سواد بن غنم بن كعب
ابن سلمة : ثعلبة بن غنمة بن عدي بن نابي ، شهد بدرا ، وقتل بالخندق شهيدا .
وعمرو بن غنمة بن عدي بن نابي ، وعبس بن عامر بن عدي بن نابي ، شهد بدرا .
وعبدالله بن أُنيس ، حليف لهم من قضاعة . وخالد بن عمرو بن عدي بن نابي . خمسة
نفر . (2/ 310)
|
*3*من شهدها من بني حرام بن كعب
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بني حرام بن كعب بن غنم بن كعب بن سلمة :
عبدالله بن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام ، نقيب ، شهد بدرا ، وقتل يوم أحد
شهيدا ، وابنه جابر بن عبدالله . ومعاذ بن عمرو بن الجموح بن يزيد بن حرام ، شهد
بدرا . وثابت بن الجذع - والجِذع : ثعلبة بن زيد بن الحارث بن حرام - شهد بدرا ،
وقتل بالطائف شهيدا . وعمير بن الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن حرام ، شهد بدرا .
|
قال
ابن هشام : عمير بن الحارث بن لبدة بن ثعلبة .
|
قال
ابن إسحاق : وخَديج بن سلامة بن أوس بن عمرو بن الفرافر ، حليف لهم من بلي .
ومعاذ بن جبل بن عمرو بن أوس بن عائذ بن كعب بن عمرو بن أدي بن سعد بن علي بن
أسد ؛ ويقال : أسد بن ساردة بن تزيد بن جشم بن الخزرج ؛ وكان في بني سلمة ، شهد
بدرا ، والمشاهد كلها ومات بعمواس ، عام الطاعون بالشام ، في خلافة عمر بن
الخطاب رضي الله عنه ، وإنما ادعته بنو سلمة أنه كان أخا سهل بن محمد بن الجد بن
قيس بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي ابن غنم بن كعب بن سلمة لأمه . سبعة
نفر .
|
*3*تصويب نسب خديج بن سلامة
|
@ قال ابن هشام : أوس : ابن عباد بن عدي بن كعب بن عمرو بن أُذَن
ابن سعد .
|
*3*من شهدها من بنى عوف بن الخزرج
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بنى عوف بن الخزرج ؛ ثم من بنى سالم بن
عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج : عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم بن فهر بن ثعلبة
بن غنم بن سالم بن عوف ، نقيب ، شهد بدرا والمشاهد كلها . (2/ 311)
|
قال
ابن هشام : هو غنم بن عوف ، أخو سالم بن عوف بن عمرو بن عوف بن الخزرج .
|
قال
ابن إسحاق : والعباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان بن زيد بن غنم بن سالم
بن عوف ، وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة ، فأقام معه
بها ، فكان يقال له : مهاجري أنصاري ، وقتل يوم أحد شهيدا . وأبو عبدالرحمن يزيد
بن ثعلبة بن خزمة بن أصرم بن عمرو بن عمّارة ، حليف لهم من بني غصينة من بلي .
وعمرو بن الحارث بن لبدة بن عمرو بن ثعلبة . أربعة نفر ، وهم القواقل .
|
*3*من شهدها من بنى سالم بن غنم
|
@ ومن بني سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج ، وهم بنو الحُبُلِيّ -
قال ابن هشام : الحُبُلِيّ : سالم بن غنم بن عوف ، وإنما سُـمِّي ( الحبلي )
لعظم بطنه - : رفاعة بن عمرو بن زيد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن سالم بن غنم ،
شهد بدرا ، وهو أبو الوليد .
|
قال
ابن هشام : ويقال : رفاعة : ابن مالك ، ومالك : ابن الوليد بن عبدالله بن مالك
بن ثعلبة بن جشم بن مالك بن سالم .
|
قال
ابن إسحاق : وعقبة بن وهب بن كلَّدة بن الجعد بن هلال بن الحارث بن عمرو بن عدي
بن جشم بن عوف بن بهثة بن عبدالله بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان ، حليف لهم ،
شهد بدرا ، وكان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرا من المدينة
إلى مكة ، فكان يقال له : مهاجري أنصاري .
|
قال
ابن هشام : رجلان . (2/ 312)
|
*3*من شهدها من بني ساعدة بن كعب
|
@ قال ابن إسحاق : ومن بنى ساعدة بن كعب بن الخزرج : سعد بن
عبادة بن دُليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة ،
نقيب . والمنذر بن عمرو بن خَنيس بن حارثة بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة
بن جشم بن الخزرج بن ساعدة ، نقيب ، شهد بدرا وأحدا ، وقتل يوم بئر معونة أميرا
لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي كان يقال له : أعنق ليموت . رجلان .
|
قال
ابن هشام : ويقال : المنذر : ابن عمرو بن خنش .
|
قال
ابن إسحاق : فجميع من شهد العقبة من الأوس والخزرج ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان
منهم ، يزعمون أنهما قد بايعتا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح
النساء ، إنما كان يأخذ عليهن ، فإذا أقررن ، قال : اذهبن فقد بايعتكن .
|
*3*من شهدها من بني مازن بن النجار
|
@ ومن بنى مازن بن النجار : نُسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن
مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ، وهي أم عمارة ، كانت شهدت الحرب مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم ، وشهدت معها أختها . وزوجها زيد بن عاصم بن كعب . وابناها :
حبيب بن زيد ، وعبدالله بن زيد ، وابنها حبيب الذي أخذه مسيلمة الكذاب الحنفي ،
صاحب اليمامة ، فجعل يقول له : أتشهد أن محمدا رسول الله ؟ فيقول : نعم ؛ فيقول
: أفتشهد أني رسول الله ؟ فيقول : لا أسمع ، فجعل يقطعه عضوا عضوا حتى مات في
يده ، لا يزيده على ذلك ، إذا ذُكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم آمن به وصلى
عليه ، وإذا ذكر له مسيلمة قال : لا أسمع ، فخرجت إلى اليمامة مع المسلمين ،
فباشرت الحرب بنفسها . حتى قتل الله مسيلمة ، ورجعت وبها اثنا عشر جرحا ، من بين
طعنة وضربة . (2/ 313)
|
قال
ابن إسحاق : حدثني هذ الحديث عنها محمد بن يحيى بن حبان ، عن عبدالله بن
عبدالرحمن بن أبي صعصعة .
|
*3*من شهدها من بني سلمة
|
@ ومن بني سلمة : أم منيع ؛ واسمها : أسماء بنت عمرو بن عدي بن
نابي بن عمرو بن غنم بن كعب بن سلمة .
|
*2*نزول الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القتال
|
@ بسم الله الرحمن الرحيم
|
قال
: حدثنا أبو محمد عبدالملك بن هشام ، قال : حدثنا زياد بن عبدالله البكائي ، عن
محمد بن إسحاق المطلبي : وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بيعة العقبة لم
يؤذن له في الحرب ولم تحلل له الدماء ، إنما يؤمر بالدعاء إلى الله والصبر على
الأذى ، والصفح عن الجاهل ، وكانت قريش قد اضطهدت من اتبعه من المهاجرين حتى
فتنوهم عن دينهم ونفوهم من بلادهم ، فهم من بين مفتون في دينه ، ومن بين معذب في
أيديهم ، ومن بين هارب في البلاد فرارا منهم ، منهم من بأرض الحبشة ، ومنهم من
بالمدينة ، وفي كل وجه ؛ فلما عتت قريش على الله عز وجل ، وردوا عليه ما أرادهم
به من الكرامة ، وكذبوا نبيه صلى الله عليه وسلم ، وعذبوا ونفوا من عبده ووحَّده
وصدق نبيه ، واعتصم بدينه ، أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في
القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم . (2/ 314)
|
فكانت
أول آية أنزلت في إذنه له في الحرب ، وإحلاله له الدماء والقتال ، لمن بغى عليهم
، فيما بلغني عن عروة بن الزبير وغيره من العلماء ، قول الله تبارك وتعالى : (
أذن للذين يُقاتَلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير . الذين أخرجوا من
ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض
لهُدِّمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يُذكر فيها اسم الله كثيرا ، ولينصرن اللهُ
من ينصره ، إن الله لقوي عزيز . الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة ، وآتوا
الزكاة وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، ولله عاقبة الأمور ) . أي : أني
إنما أحللت لهم القتال لأنهم ظُلموا ، ولم يكن لهم ذنب فيما بينهم وبين الناس ،
إلا أن يعبدوا الله ، وأنهم إذا ظهروا أقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأمروا
بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله
عنهم أجميعن ، ثم أنزل الله تبارك وتعالى عليه : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة )
. أي : حتى لا يُفتن مؤمن عن دينه : ( ويكون الدين لله ) . أي : حتى يُعبدالله ،
لا يعبد معه غيره .
|
*3*إذنه صلى الله عليه و سلم لمسلمي مكة بالهجرة إلى المدينة
|
@ قال ابن إسحاق : فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في
الحرب ، وبايعه هذا الحي من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتبعه ، وأوى
إليهم من المسلمين ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من
قومه ، ومن معه بمكة من المسلمين ، بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها ، واللحوق
بإخوانهم من الأنصار ، وقال : إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ودارا تأمنون
بها .
|
فخرجوا
أرسالا ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه في
الخروج من مكة ، والهجرة إلى المدينة . (2/ 315)
|
*2*ذكر المهاجرين إلى المدينة
|
*3*هجرة أبي سلمة وامرأته ، و حديثه عما لقياه
|
@ فكان أول من هاجر إلى المدينة من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه وسلم من المهاجرين من قريش ، من بني مخزوم : أبو سلمة بن عبدالأسد بن هلال
بن عبدالله بن عمر بن مخزوم ، واسمه : عبدالله ، هاجر إلى المدينة قبل بيعة
أصحاب العقبة بسنة ، وكان قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أرض
الحبشة ، فلما آذته قريش وبلغه إسلام من أسلم من الأنصار ، خرج إلى المدينة
مهاجرا .
|
قال
ابن إسحاق : فحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن سلمة بن عبدالله ابن عمر بن أبي سلمة
، عن جدته أم سلمة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، قالت : لما أجمع أبو سلمة
الخروج إلى المدينة رحل لي بعيره ثم حملني عليه ، وحمل معي ابني سلمة بن أبي
سلمة في حجري ، ثم خرج بي يقود بي بعيره ، فلما رأته رجال بنى المغيرة بن
عبدالله بن عمر بن مخزوم قاموا إليه ، فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها ، أرأيت
صاحبتك هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ قالت : فنـزعوا خطام البعير من
يده ، فأخذوني منه .
|
قالت
: وغضب عند ذلك بنو عبدالأسد ، رهط أبي سلمة ، فقالوا : لا والله ، لا نترك
ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا . قالت : فتجاذبوا بُنيَّ سلمة بينهم حتى
خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبدالأسد ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي
أبو سلمة إلى المدينة . قالت : ففرق بيني وبين زوجي وبين ابني .
|
قالت
: فكنت أخرج كل غداة فأجلس بالأبطح ، فما أزال أبكي ، حتى أمسى سنة أو قريبا
منها حتى مر بي رجل من بني عمي ، أحد بني المغيرة ، فرأى ما بي فرحمنى فقال لبني
المغيرة : ألا تخُرجون هذه المسكينة ، فرّقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها !
قالت : فقالوا (2/ 316) لي : الحقي بزوجك إن شئت . قالت : و ردَّ بنو عبدالأسد
إلي عند ذلك ابني .
|
قالت
: فارتحلت بعيري ثم أخذت ابني فوضعته في حجري ، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة .
قالت : وما معي أحد من خلق الله . قالت : فقلت : أتبلَّغ بمن لقيت حتى أقدم على
زوجي ؛ حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة ، أخا بني عبدالدار
، فقال لي : إلى أين يا بنت أبي أمية ؟ قالت : فقلت : أريد زوجي بالمدينة . قال
: أوما معك أحد ؟ قالت : فقلت : لا والله ، إلا الله وبُني هذا ، قال : والله ما
لك من مترك ، فأخذ بخطام البعير ، فانطلق معي يهوي بي ، فوالله ما صحبت رجلا من
العرب قط ، أرى أنه كان أكرم منه ، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم استأخر عني
، حتى إذا نزلت استأخر ببعيري ، فحط عنه ، ثم قيده في الشجرة ، ثم تنحى عني إلى
شجرة ، فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح ، قام إلى بعيري فقدمه فرحله ، ثم استأخر
عني ، وقال : اركبي . فإذا ركبت واستويت على بعيري أتى فأخذه بخطامه ، فقاده ،
حتى ينزل بي . فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة ، فلما نظر إلى قرية بني
عمرو بن عوف بقباء ، قال : زوجك في هذه القرية - وكان أبو سلمة بها نازلا -
فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا إلى مكة .
|
قال
: فكانت تقول : والله ما أعلم أهل بيت في الإسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة ،
وما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة . (2/ 317)
|
*3*هجرة عامر بن ربيعة و زوجه ، وهجرة بني جحش
|
@ قال ابن إسحاق : ثم كان أول من قدمها من المهاجرين بعد أبي
سلمة : عامر بن ربيعة ، حليف بني عدي بن كعب ، معه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بن
غانم بن عبدالله بن عوف بن عبيد بن عدي بن كعب . ثم عبدالله بن جحش بن رئاب بن
يعمر بن صبرة بن مرة بن كثير بن غنم ابن دودان بن أسد بن خزيمة ، حليف بني أمية
بن عبد شمس ، احتمل بأهله وبأخيه عبد بن جحش ، وهو أبو أحمد - وكان أبو أحمد
رجلا ضرير البصر ، وكان يطوف مكة ، أعلاها وأسفلها ، بغير قائد ، وكان شاعرا ،
وكانت عنده الفرعة بنت أبي سفيان بن حرب ، وكانت أمه أميمة بنت عبدالمطلب بن
هاشم - فغُلِّقت دار بني جحش (2/ 318) هجرة ، فمر بها عتبة بن ربيعة ، والعباس
بن عبدالمطلب ، وأبو جهل ابن هشام بن المغيرة ، وهي دار أبان بن عثمان اليوم
التي بالردم ، وهم مصعدون إلى أعلى مكة ، فنظر إليها عتبة بن ربيعة تخفق أبوابها
يبابا ، ليس فيها ساكن ، فلما رآها كذلك تنفس الصعداء ، ثم قال :
|
وكل
دار وإن طالت سلامتها * يوما ستدركها النكباء والحُوب
|
قال
ابن هشام : وهذا البيت لأبي دؤاد الإيادي في قصيدة له . والحوب : التوجع ، و هو
في موضع آخر : الحاجة ؛ و يقال : الحوب : الإثم .
|
قال
ابن إسحاق : ثم قال عتبة بن ربيعة : أصبحت دار بني جحش خلاء من أهلها ! فقال أبو
جهل : وما تبكي عليه من قُلّ بن قُلّ .
|
قال
ابن هشام : القل : الواحد . قال لبيد بن ربيعة :
|
كل
بني حرة مصيرهم * قُلّ وإن أكثرت من العددِ (2/ 319)
|
قال
ابن إسحاق : ثم قال : هذا عمل ابن أخي هذا ، فرق جماعتنا ، وشتت أمرنا ، وقطع
بيننا . فكان منزل أبي سلمة بن عبدالأسد ، وعامر بن ربيعة ، وعبدالله بن جحش ،
وأخيه أبي أحمد بن جحش ، على مبشر بن عبدالمنذر بن زنبر بقباء ، في بني عمرو بن
عوف ، ثم قدم المهاجرون أرسالا ، وكان بنو غنم بن دوادن أهل إسلام ، قد أوعبوا
إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرة رجالهم ونساؤهم : عبدالله بن
جحش ، وأخوه أبو أحمد بن جحش ، وعُكَّاشة بن محصن ، وشجاع ، وعقبة ، ابنا وهب ،
وأربد بن حُمَيِّرة .
|
قال
ابن هشام : ويقال : ابن حُمَيْرَة .
|
*3*هجرة بعض الرجال ونسائهم
|
@ قال ابن إسحاق : ومنقذ بن نباتة ، وسعيد بن رقيش ، ومحرز بن
نضلة ، ويزيد بن رقيش ، وقيس بن جابر ، وعمرو بن محصن ، ومالك بن عمرو ، وصفوان
بن عمرو ، وثقف بن عمرو ، وربيعة بن أكثم ، والزبير بن عبيد ، وتمام بن عبيدة ،
وسخبرة بن عبيدة ، ومحمد بن عبدالله بن جحش .
|
*3*هجرة نسائهم
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق