الحكمة المستشعرة بعد تبديل أحكام الطلاق في سورة الطلاق(5هجري)وتأجيل الطلاق إلي ما بعد انقضاء العدة
---------
1.إن الإمساك هو الشح بالعطاء والشح في الإنفاق
2.وهو هنا يعني شُحَّ الرجل أن يعطي زوجته إلي غيره من الخطاب إذا
أرسلها بالتفريق
2.وهو دليل علي تملك الممسك لما يُمسكه واستحواذه عليه ،
3.وهو دليل هنا علي عدم تغير حال رباط الزوجية بإجراءات الإحصاء
والعدة في سورة الطلاق
4.لأن الطلاق وقت الله تعالي له أن يكون في دُبُرِ العدة وخلف
جدارها المنيع
-------------------------------------------------------------------------------------------------
نبذة عن
الفرق بين التسريح والتفريق
جاء في
لسان العرب في مادة (سرح)
( سرح )
السَّرْحُ المالُ السائم الليث السَّرْحُ المالُ يُسامُ في المرعى من الأَنعام
سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً سامتْ وسَرَحها هو أَسامَها
يَتَعَدَّى ولا يتعدى قال أَبو ذؤَيب وكانَ مِثْلَيْنِ أَن لا يَسْرَحُوا
نَعَماً حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم وتَسْرِيحُ تقول أَرَحْتُ الماشيةَ
وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها وسَرَحْتُها سَرْحاً هذه وحدها بلا
أَلف وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى حين تُرِيحُونَ وحين تَسْرَحُونَ قال يقال
سَرَحْتُ الماشيةَ أَي أَخرجتها من طوالتها(مكان محبسها) بالغَداةِ إلى
المرعى
[قلت
المدون : الفراق ضد السراح وهو مختلف عنه،وقولنا فرق الخصام بين الرجلين أي فصل
وباعد بينهما ،وسرحه أي فارقه نهائيا بعد أن فارقه ابتداءاً،( يعني فارق ما بقي
من أثرهما بعد تفريقهما أصلاً)، وهو هنا مفارقة المرأة لعدتها التي كانت حائلا
بينها وبين زوجها أصلاً
يعني:
أي فراق
بعد فراق فالسراح إذن هو الفراق بعد الفراق ،وهذا يدل علي أن المرأة المُسَرَّحة
قد سبق لها الخروج من بيتها ثم أخرجت بالغداة إلي منزل أهلها، فلا يقال لغير
الخارجة من بيتها مسرحة إنما تُسرح التي خرجت من بيتها أو من بيت زوجها قَبلاً ،
ولفظة(سرحوهن بمعروف)،دليل قاطع علي أن المرأة في نفسها، المنقضية عدتها بناءاً
علي أحكام سورة البقرة(2هجري) لم يكن يمنعها من التسريح غير الاعتداد استبراءاً
للرحم، ومعني هذا أنها قد فورقت من قبل العدة أي أُخرِجت من بيتها من قبل العدة
ثم سُرِحَت تلقائيا عند انتهاء العدة،
*إن
مادة(س_ر_ح) تدل علي (الفراق بعد الفراق)،أي التحرك الحر ابتعاداً(الإرسال) بعد الخروج
من قيدٍ،
مال عن نافع عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي
حامل فقال ابن عمر إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن
الخطاب قال لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت
3.وبه عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي في مسكن حفصة وكانت طريقه إلى
المسجد فكان يسلك الطريق الآخر من أدبار البيوت كراهية أن يستأذن عليها حتى
راجعها
*فالمرأة
في عدتها حين سريان أحكام سورة البقرة(2هجري) كانت قد فرض عليها أن تخرج من بيت
الزوجية بعد إلقاء لفظة الطلاق عليها اضغط رابط !!! سلسلة
الذهب،لكنها عُقِلَت في بيت أبيها ثلاثة قروء لاستبراء رحمها، فبانقضاء أقرائها
فهي مُسَرَّحة يعني تسير بلا قيد عليه من قيود الزوجية حتي قيد العدة قد انفكت
منه،لذلك يقول تعالي في سورة البقرة(فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ
بِإِحْسَانٍ)،بينما سنري في أحكام سورة الطلاق المنزلة في العام الخامس الهجري
أن القرآن قد استخدم لفظة(فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)،والفراق معروف أنه الخروج للتو من
اللقاء، والإجتماع، ومن الحياة المشتركة التي سبقت الفراق الذي وقع بين
الفرقاء)،وليس في هذه الآية أي تطبيق أو تشريع لمدلول التسريح، إذ الفراق ضد
السراح وهو مختلف عنه،وقولنا فرق الشيء بين الرجلين أي فصل،وباعد بينهما ،لكن
السراح هو الفراق بعد الفراق، وخلاصةً أقول :
[ أن
التسريح هو تفريق بعد تفريق
لكن
التفريق هو تفريق بعد توثيق]،
*فالتسريح
في سورة البقرة كان تفريق(بالتلفظ، والخروج من البيت،يليه تفريق بانقضاء العدة
وخروج المرأة منها)
*بينما
التفريق في سورة الطلاق أصبح/مفارقة
بعد توثيق
*فالمرأة
في أحكام الطلاق المنزلة في سورة الطلاق قد استمرت وما تزال زوجة علي عهد وميثاق
زوجها طول مدة العدة ولكن بانقضائها ورغبة الزوج في تطليقها تصير مفارقة،تحل
لغيره من توها :
العدة بالإحصاء ثم التطليق ثم الامساك
أو التفريق ثم الإشهاد
ثم مرور حوالي أربع سنوات ثم نزلت سورة الطلاق
ذلك لأن
عدة القَبلِ قد حالت بين طلاقها ورغبة الزوج في الوصول لتطليقها قد منعته من
مواقعتها فظلت المرأة بذلك مستبرئةً لرحمها وزوجها يُحصِي الأقراء معها ،
فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ
لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) / سورة الطلاق)]
^ومن
الفروق المهمة بين تشريع الطلاق في سورة البقرة(2هجري)وما جاء بعدها في سورة
الطلاق(5هجري)،ما يأتي: وقوف العدة حائلاً بين الزوج وبين طلاق امرأته ، بعد أن
كانت للاستبراء فقط ،فبعد تعديل أحكام الطلاق في سورة الطلاق(5هجري)،والتي تأسست
علي شكل : العدة أولاً ثم الطلاق صار الرجل لا يستطيع التطليق حتي يُمضي مع
زوجته في بيتها الذي هو بيته عدة قدرها ثلاثة أقراء (أطهار) يمتنع عليه فيها أن
يطأها حتي يحقق شرط التطليق ،فإذا عجز عن التمكن من تجنب مواقعة زوجته في
أثنائها فعليه إن أراد استئناف إجراءات التطليق أن يُحصيَ الأيام من أولها مرة
أخري لأنه بمواقعته لها ولو مرة في أيام العدة(الإحصاء) فقد هدم إجراءات الوصول
إلي نهايتها، وعليه العد من جديد .وبهذا يتضح للقارىء الحكمة العظيمة من شريعة
تقديم الإحصاء والإعتداد علي التطليق ، وفي ذلك استشعارٌ لحكمة قوله تعالي (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ
لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا
تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ
بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ
اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ
ذَلِكَ أَمْرًا (1)/ سورة الطلاق)،
^^ومن
الفروق التي تميزت بعد تعديل الله تعالي لأحكام الطلاق في سورة الطلاق ،
والمؤسسة علي حتمية تقديم العدة علي التمكن من توقيع الطلاق أن انعدم ضياع ولو
يوم علي المرأة في شريعة الله من أيام حياتها،فهي كانت تعتد أيام سيادة أحكام
الطلاق في سورة البقرة ثلاثة قروء استبراءً لرحمها في بيت أهلها(بيت
ابيها)،تتربصها بنفسها،هذه الأقراء الثلاثة كانت فقدا حقيقيا من أيام حياتها ،لا
حيلة لها في الإنسلاخ منها ،لأنها ذات رحم قد ينطوي علي حملٍ بعد طلاقها ففُرض
عليها التربص بنفسها هذه الأقراء ،ثم يتوجب عليها بعدها أن تعلن عن خروجها من
عدة الإستبراء ، ولكن الله تعالي بكبير عدله وعظيم قسطه قد شاء أن لا يَضيعَ
يوما علي المرأة في تشريع الطلاق الجديد المُنَزَّل في سورة الطلاق حين أدخل
زمان العدة في حياة المرأة وهي زوجة تتمتع بسيادتها في بيتها بجانب زوجها
وعليهما كليهما الإحصاءُ والعدُ لبلوغ منتهي العدة ونهاية الأشهر الثلاثة حتي
يتمكن الزوج من تناول مبادرة التطليق ويتمكن من كسر وفك رباط الزوجية،فهنا وهنا
فقط يمكن له أن يُطلق امرأته، وهنا وهنا فقط يتمكن من فراقها وقد استوفت عدتها
وهو شاهدٌ عليها، وهنا وهنا فقط تستطيع الزوجة أن تكون مستعدة لاستقبال حياة زوج
جديدة من يوم فراقها ومغادرتها بيت زوجها المطلقُ لها.
^ومن الحكمة المستشعرة بعد تبديل أحكام الطلاق في سورة
الطلاق(5هجري)وتأجيل الطلاق إلي ما بعد انقضاء العدة أن أُتيحت الفرصة
للزوج بأن يخلو الي نفسه ويراجع قراره ويعيش المؤثرات المحيطة بنفسه وزوجته
وبيته وأولاده يوما بعد يوم وأسبوعاً بعد أسبوع وشهرا
بعد شهرٍ إلي أن يصل إلي نهاية الشهر الثالث،وهو
في هذه العدة يُحصي بنفسه وزوجته وتُلِحُّ عليهما
خطورة شبح الفراق وتتجسم لهما ملامح الفراق وقسوة أن يذهب كل منهما لغيره في
حياةٍ زوجية قد لا يستطيع الزوج أن يَطيق الصبر علي تصور أن تقع امرأته في فراش
زوجٍ غيره وأن يتبدل الحب الذي نشأ بينهما فيؤول لرجل غيره، وأكثر من هذا أن يري
الزوج الثائر في لحظة رغبته في الطلاق أقول يري أولاده وقد شُتِّتُوا عنه ويتجسم
تصوره في معيشة أولاده فلذات كبده ونور عينيه وملىء وجدانه بعيداً عنه تاركا
إياهم للضياع، كل هذا والفرصة في التراجع وهدم إجراءات الطلاق ممكنة لأن
العدة حائلٌ بين قراره وبين تنفيذه .
*فإن
أصرَّ الزوج ومضت عزيمته علي إيقاع الطلاق فقد أعذره الله تعالي مدة العدة فلا
يلومن إلا نفسه إن كان سيئ التقدير، أو ليهنأ بالاً إن كان مظلوما في هذه الحياة
الزوجيةالتي أنهاها.
*لقد جاء
حديث عبد الله ابن عمر خير دليل لبيان الطلاق للعدة وتفسير قول الله تعالي(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ
فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ
رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ
يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ
حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ
بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ
مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ
مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ
عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ
اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)/سورة الطلاق)
ونبدأ بعون الباري ومشيئته في تحقيق طرق حديث ابن عمر عن ابيه عن
النبي عليه الصلاة والسلام وهي الرواية
التي اضطرب فيها الناقلون لخبر طلاقه امرأته اختلافاً عظيماً ادي الي حجم هائل
من الاختلاف في فقه الطلاق بين الفقهاء وغيرهم
[قلت المدون :لقد أوردت روايات حديث عبد الله
ابن عمر مجملة من ناحية الإسناد لنعلم كم رواية هي، ثم أوردت نقداً دقيقا لعلل
المتن الواردة في كل طريق أو رواية،وقد رأيت أن أسعف القارىء بما تحقق اليوم من
تحقيقٍٍ لعلل الروايات ومقارنة كل روايةٍ بالرواية العمدة، أو الرواية المقياس[رواية مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه
وسلم]،ثم ألحق بهذا الجزء جزءا آخر أكمل فيه ما بدأت بفضل الله وقوته،في
الجزء الثاني من هذا العمل والله وراء القصد وهو يتولي الصالحين.
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــع إن شاء الله بعده اضغط الرابط ^|^ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق