الأربعاء، 9 مايو 2018

6//5 حدث في السنة السادسة من الهجرة (5)


حدث في السنة السادسة من الهجرة (5)
أحداث أخرى مهمة
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن تأتيه رسلُ قريش قد أرسل إليهم، لبيان موقفه وأنه لم يأت إلا لزيارة البيت وأداء العمرة ولم يأت لحرب.
فبَعَثَ خِرَاشَ بن أُمَيَّةَ الْخُزَاعِيَّ إِلَى مَكَّةَ، وَحَمَلَهُ عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الثَّعْلَبُ، فَلَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ عَقَرَتْ بِهِ قُرَيْشٌ[1]، وَأَرَادُوا قَتْلَ خِرَاشٍ فَمَنَعَهُمْ الْأَحَابِشُ، حَتَّى أَتَى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا عُمَرَ لِيَبْعَثَهُ إِلَى مَكَّةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنِّي أَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى نَفْسِي، وَلَيْسَ بِهَا مِنْ بني عَدِيٍّ أَحَدٌ يَمْنَعُنِي، وَقَدْ عَرَفَتْ قُرَيْشٌ عَدَاوَتِي إِيَّاهَا وَغِلْظَتِي عَلَيْهَا، وَلَكِنْ أَدُلُّكَ عَلَى رَجُلٍ هُوَ أَعَزُّ مِنِّي[2] عُثْمَانَ بن عَفَّانَ، قَالَ: فَدَعَاهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَهُ إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِحَرْبٍ، وَأَنَّهُ جَاءَ زَائِرًا لِهَذَا الْبَيْتِ، مُعَظِّمًا لِحُرْمَتِهِ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ، وَلَقِيَهُ أَبَانُ بن سَعِيدِ بن الْعَاصِ، فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَرَدِفَ خَلْفَهُ، وَأَجَارَهُ حَتَّى بَلَّغَ رِسَالَةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَانْطَلَقَ عُثْمَانُ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَانَ وَعُظَمَاءَ قُرَيْشٍ، فَبَلَّغَهُمْ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مَا أَرْسَلَهُ بِهِ، فَقَالُوا لِعُثْمَانَ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَطُوفَ بِالْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ حَتَّى يَطُوفَ بِهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَاحْتَبَسَتْهُ قُرَيْشٌ عِنْدَهَا، فَبَلَغَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالْمُسْلِمِينَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ[3].
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للبيعة تحت الشجرة[4].
ومما حدث أيضًا أنه أثناء سير النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحديبية ولما بلغ الروْحَاء على بعد 73 كيلو مترًا من المدينة أرسل أبا قتادة الأنصاري مع جمع من الصحابة إلى غيقه على ساحل البحر الأحمر حيث بلغه وجود بعض المشركين الذين يُخشى من مباغتتهم للمسلمين، فَقَالَ: "خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى نَلْتَقِيَ"، فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ إِلَّا أبو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ أبو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا[5]، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، وَقَالُوا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ قال أبو قتادة: فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالُوا: يَا رَسُولَ الله إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَقَدْ كَانَ أبو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ فَحَمَلَ عَلَيْهَا أبو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، قَالَ: "أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟"، قَالُوا: لَا، قَالَ: "فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا"[6].
وفي الحديبية شرعت صلاة الخوف[7].
وأثناء وجود النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية حاولت قريش قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكنهم فشلوا.
عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ - رضي الله عنه - أَنَّ ثَمَانِينَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ هَبَطُوا عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ جَبَلِ التَّنْعِيمِ مُتَسَلِّحِينَ، يُرِيدُونَ غِرَّةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ - عند صلاة الفجر- فَأَخَذَهُمْ سِلْمًا فَأعتقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَنْزَلَ الله - عز وجل -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ﴾ [الفتح: 24][8].
بنود العقد:
كان العقد الذي بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين المشركين مكتوب فيه:
بِاسْمِكَ اللهمَّ، هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بن عبدالله وَسُهَيْلُ بن عَمْرٍو عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِينَ يَأْمَنُ فِيهَا النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، عَلَى أَنَّهُ مَنْ أَتَى رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ أَصْحَابِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَمَنْ أَتَى قُرَيْشًا مِمَّنْ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَرُدُّوهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً[9]، وَإِنَّهُ لَا إِسْلَالَ وَلَا إِغْلَالَ[10]، وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ مُحَمَّدٍ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ، فَقَالُوا: نَحْنُ مَعَ عَقْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بنو بَكْرٍ، فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ، وَأَنَّكَ تَرْجِعُ عَنَّا عَامَنَا هَذَا فَلَا تَدْخُلْ عَلَيْنَا مَكَّةَ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ خَرَجْنَا عَنْكَ فَتَدْخُلُهَا بِأَصْحَابِكَ وَأَقَمْتَ فِيهِمْ ثَلَاثًا مَعَكَ سِلَاحُ الرَّاكِبِ، لَا تَدْخُلْهَا بِغَيْرِ السُّيُوفِ فِي الْقُرُبِ[11].
وقد لاقت هذه الشروط - التي ظاهرها توهين لموقف المسلمين- غضبًا شديدًا من بعض الصحابة وقد تقدم موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه.
ومما يعبر عن مشاعر المسلمين من هذه الشروط، ورفضهم لها قول سهل بن حُنيف - رضي الله عنه - يوم صفين: اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أبي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَرَدَدْتُهُ[12].
وفي الحديبية نزل المطر فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحابة أن يصلوا في رحالهم، عَنْ أبي الْمَلِيحِ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَصَابَتْنَا سَمَاءٌ لَمْ تَبُلَّ أَسَافِلَ نِعَالِنَا[13]، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ[14].
وفي الحديبية حمل كعب بن عُجرة - رضي الله عنه - إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِه، فَقَالَ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى - أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى- تَجِدُ شَاةً؟"، فقال كعب: لَا، فَقَالَ: "فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ"[15].
وعَنْ جَابِرِ بن عبدالله - رضي الله عنهما - قَالَ: نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ[16].
وعن عبدالله بن مَسْعُودٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ يَكْلَؤُنَا[17]؟"، فَقَالَ بِلَالٌ: أَنَا، فَنَامُوا حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ. وكان ذلك في صلاة الصبح فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "افْعَلُوا كَمَا كُنْتُمْ تَفْعَلُونَ"، قَالَ: فَفَعَلْنَا، قَالَ: "فَكَذَلِكَ فَافْعَلُوا لِمَنْ نَامَ أَوْ نَسِيَ"[18].
وَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بنتُ عُقْبَةَ بن أبي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَئِذٍ، فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ، فَلَمْ يَرْجِعْهَا إِلَيْهِمْ، لِمَا أَنْزَلَ الله فِيهِنَّ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ... ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 10][19].
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أَهْدَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي هَدَايَا رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جَمَلًا كَانَ لِأبي جَهْلٍ فِي رَأْسِهِ بُرَةُ فِضَّةٍ[20]، يَغِيظُ بِذَلِكَ الْمُشْرِكِينَ[21].
وعَنْ زَيْدِ بن خَالِدٍ الجهني - رضي الله عنه - قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَصَابَنَا مَطَرٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الصُّبْحَ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: "أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟"، قُلْنَا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ! فَقَالَ: "قَالَ الله: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي، فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِرَحْمَةِ الله وَبِرِزْقِ الله وَبِفَضْلِ الله، فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بنجْمِ كَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ كَافِرٌ بِي"[22].
وعن جَابِر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَرَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ يَدَيْهِ رَكْوَةٌ[23] فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، ثُمَّ أَقْبَلَ النَّاسُ نَحْوَهُ، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكُمْ؟"، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ بِهِ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا فِي رَكْوَتِكَ، قَالَ: فَوَضَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ فِي الرَّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَفُورُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ، قَالَ: فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا، فَقُيلْ لِجَابِرٍ: كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا، كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً[24].
(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية
....................................
[1] أي: عقرت الجمل، قتلوه.
[2] أعز مني: أي له ناس وقوم يمنعونه من غدر قريش.
[3] إسناده حسن: أخرجه أحمد (18812)، بإسناد حسن، وأصل الحديث عند البخاري، انظر التخريج السابق.
[4] سيأتي الكلام عن البيعة في الفقرة القادمة إن شاء الله تعالى.
[5] الأتان: أنثى الحمار، وحُمُر الوحش حلالٌ أكله.
[6] متفق عليه: أخرجه البخاري (1824)، كتاب: جزاء الصيد، باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال، ومسلم (1196)، كتاب: الحج، باب: تحريم الصيد للمحرم.
[7] "فتح الباري" 7/488 حيث رجح ابن حجر ذلك.
[8] صحيح: أخرجه مسلم (1808)، كتاب: الجهاد والسير، باب: قول الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ﴾ [الفتح: 24]، وأبو داود (2688)، كتاب: الجهاد، باب: في المن على الأسير بغير فداء.
[9] أي: بينهم صدر نقي من الغل والخداع مطوي على الوفاء بالصلح. (نهاية).
[10] الإسلال: السرقة، وقيل سل السيوف، والإغلال: الخيانة، وقيل لبس الدروع. (نهاية).
[11] حسن: أخرجه أحمد (18812)، بإسناد حسن. والقرب: غمد السيوف.
[12] صحيح: أخرجه البخاري (3181)، كتاب: الجزية، باب: رقم (18).
[13] كناية عن قلة المطر.
[14] صحيح: أخرجه ابن ماجه (936)، كتاب: الصلاة، باب: الجماعة في الليلة الممطرة، وصححه الألباني "الإرواء" 2/341، 342.
[15] متفق عليه: أخرجه البخاري (1816)، كتاب: المحصر، باب: الإطعام في الفدية نصف صاع، ومسلم (1201)، كتاب: الحج، باب: جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه وبيان قدرها.
[16] صحيح: أخرجه مسلم (1318)، كتاب: الحج، باب: الاشتراك في الهدي وإجزاء البقرة والبدنة كل منهما عن سبعة.
[17] يكلؤنا: أي يحرسنا.
[18] صحيح: أخرجه أبو داود (441)، كتاب: الصلاة، باب: في من نام عن صلاة أو نسيها، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".
[19] صحيح: أخرجه البخاري (2711، 2712)، كتاب: الشروط، باب: ما يجوز من الشروط في الإسلام والأحكام والمبايعة.
[20] البرة: الحلقة، والمعنى في أنفه حلقة فضة. "عون المعبود".
[21] حسن: أخرجه أبو داود (1749)، كتاب: الحج، باب: في الهدي، وحسنه الألباني.
[22] متفق عليه: أخرجه البخاري (4147)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (71) كتاب: الإيمان، باب: بيان كفر من قال مطرنا بالنوء.
وفي رواية للحديث: وَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بنوْءِ كَذَا... والنوء مَصْدَرُ نَاءَ النَّجْمُ يَنُوءُ نَوْءًا أَيْ: سَقَطَ, وَغَابَ. وكما قال العلماء: أَنَّ هناك ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ نَجْمًا مَعْرُوفَة الْمَطَالِع فِي أَزْمِنَة السَّنَة كُلّهَا، وَهِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِمَنَازِل الْقَمَر الثَّمَانِيَة وَالْعِشْرِينَ. يَسْقُط فِي كُلِّ ثَلَاث عَشْرَة لَيْلَة مِنْهَا نَجْم فِي الْمَغْرِب مَعَ طُلُوع الْفَجْر، وَيَطْلُع آخَر يُقَابِلهُ فِي الْمَشْرِق مِنْ سَاعَته. وَكَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة إِذَا كَانَ عِنْد ذَلِكَ مَطَرٌ يَنْسُبُونَهُ إِلَى السَّاقِط الْغَارِب مِنْهُمَا. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: إِلَى الطَّالِع مِنْهُمَا. "شرح مسلم" للنووي 1/335، وفي الحديث فوائد:
منها: أنه لا يجوز لنا أن نتعلق بالأسباب، مع ترك مُسبب الأسباب سبحانه وتعالى، فمن تعلق بالأسباب دون المسبب اختلف فيه العلماء فمنهم من قال: هو كافر كفر أكبر مُخرج من الملة، ومنهم من قال: كافر كفر أصغر، ومرتكب لكبيرة من الكبائر؛ لأنه نسب الشيء لسببه، ونسي الله - عز وجل - الذي خلق الشيء وسببه فهو سبحانه خالق كل شيء.
ولذا يجب علينا أيها الإخوة الكرام أن نتنبَّه لهذا الأمر، فمعظمنا إلا من رحم ربي يقع في مثل هذا، فتجد أحدنا يذهب إلى الطبيب فيصف الطبيب له علاجًا لمرضه فيشفي هذا المريض فيخرج فيمتدح الطبيب ويقول: هذا طبيب بارع هذا كذا وكذا لقد أعطاني دواءً فشفاني فورًا، كل ذلك وينسى الله - عز وجل - الشافي الذي خلق الطبيب وخلق الدواء، ولو شاء الله - عز وجل - ما شفاه بهذا الدواء ولا غيره، ومثل هذا كثير فتجد المرء الذي كان فقيرًا فينعم الله عليه بنعمة المال، فيقول: لقد فعلت كذا وكذا حتى حصَّلت وجمعت هذا المال، ويفعل مثل قارون الذي قال لما رزقه الله تعالى بالمال: ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي ﴾ [القصص: 78] فقال الله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴾ [القصص: 78] أي: لو شاء الله تعالى لأخذه وما معه من مال كما أخذ غيره قبله.
بل إن بعضهم يعتمد على الأسباب اعتمادًا كلياً حتى أنه يعصي الله - عز وجل - مالك كل شيء بسبب اعتماده على السبب من دون الله - عز وجل -، فيذهب أحدهم بزوجته أو إحدى محارمه إلى طبيب رجل، أو تذهب هي بنفسها إليه، فيقال لها كيف تذهبين إلى هذا الرجل ليكشف عليك ويطلع على عورتك وأدق الأماكن في جسدك وعندك الطبيبات الأُنثيات لَسْنَ منك ببعيد؟ فتقول: لأن هذا الطبيب أمهر منهن! وإنا لله وإنا إليه راجعون. فهؤلاء تعلقوا تعلقًا تامًا بهذا الطبيب ومهارته ودوائه الذي يصفه، ونسوا الله تعالى الذي قال: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ﴾ [الطلاق: 2].
فنحن لنا أن نفاضل لو كان هذا بين طبيبتين فنذهب إلى المعروف عنها الإتقان والمهارة في العمل أخذًا بالأسباب مع الاعتماد الكلي على الله - عز وجل -، أما وإن كان التفاضل بين طبيب وطبيبة فلابد أن تذهب هذه المرأة إلى الطبيبة وإن كانت أقل في المهارة فإن الشفاء ليس بيدها ولا بيده إنما الشفاء بيد الله - عز وجل - وهو وحده الذي يملكه، فلا يعقل أن نأخذ ما عند الله بمعصية الله - عز وجل.
هذا وأذكر - استطرادًا- أنه لا يجوز للرجل أيضًا أن يذهب إلى الطبيبات طالما أنه يوجد الأطباء، فلابد لكلٍ أن يذهب لبني جنسه، وإن كان أقل مهارة، وأبعد مكانًا.
وبعد أخي الكريم وأختي الكريمة لابد لنا من عودة إلى دين ربنا - عز وجل - وأن يكون تعلقنا تعلقًا تامًا بالله - عز وجل - دون الأسباب، وإن كنت لابد مادحًا أحدًا أو مادحًا نفسك، فلتقل مثلاً: الحمد لله وبفضل الله لقد جعل الله لي فلانًا سببًا في كذا وكذا، أو لقد اجتهدت في هذا الأمر فجعل الله ذلك سببًا في نجاحي، ونحو هذا الكلام الذي يدل على أن تعلقك الحقيقي بالله - عز وجل - وليس بأي شيء آخر.
[23] الرَّكوة: إناء صغير من جلد يُشرب فيه الماء، والجمع رِكاء.
[24] متفق عليه: أخرجه البخاري (4152)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (1856)، كتاب: الإمارة، باب: بيان بيعة الرضوان تحت الشجرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق