الأربعاء، 3 أغسطس 2022

الوافي بالوفيات /الصفدي/ حرف الدال

 

 

الوافي بالوفيات

الصفدي

حرف الدال

صفحة : 1902 

حرف الدال 

الألقاب

ابن داب النسابة: عيسى بن يزيد.

الداراني أبو سليمان: اسمه عبد الرحمن بن أحمد.

الداراني القاضي: صدر الدين سليمان بن هلال.

الداركي المام الشافعي: اسمه عبد العزيز بن عبد الله 

أبو الفتح الكاتب

دارا بن العلاء بن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن عيسى بن يزدجرد ابن شهريار، أبو الفتح الكاتب من أهل فارس. كان من أعيان الكتاب وفضلائهم، وله نظم ونثر. وكان يكتب للسلطان ملكشاه، وسمع الحديث مع الوزير نظام الدين من شيوخ العراق وأصبهان. وقدم بغداد وحدث بها عن القاضي أبي منصور محمد بن أحمد بن شكرويه وغيره، وقرأ الأدب على أبي محمد الأسود، وتوفي سنة تسع وتسعين وأربع مائة. ومن شعره: من الكامل

قالت أميمة إذا رأت من عطلتي                      ما استنكرته وحق ذا من شاني

أنبا بك الديوان أم بـك نـبـوة                      عنه فتقعـد خـارج الـديوان

إذ أنت من شهد الـيراعة أنـه                      في حلبتيها فارس الفـرسـان

أو كنت من أفنى ثميلة عمـره                      وشبابه في خدمة السلـطـان

ولكم مقام قمت فيه ومجـلـس                      رفعت فيه إلى أعز مـكـان

وكتابة سيرت مـن أبـرادهـا                      ما سيرته البرد في البـلـدان

فلم اطرحت ولم جفتك عصابة                      لهم بحقك أصدق العـرقـان

فأجبتها: أن الأحاجي لـم تـزل                      مقدورة لرجـال كـل زمـان

إن لم أنل منهم كفاء فضيلتـي                      فالفضل ينطق لي بكل لسـان

ولو أن نفسي طاوعتني لم أكن                      في نيل أسباب الغنى بالوانـي

ولربما لحق الجـواهـر بـذلة                      من بعد ما رصعن في التيجان قلت: شعر متوسط.

 

الألقاب

الدارع: إبراهيم بن أبي سويد.

 

دارم

أبو مضر التميمي

دارم بن مالك بن الطواف أبو مضر التميمي. ذكره أبو العرب محمد بن أحمد الحافظ، في كتاب تاريخ القيروان وذكر أنه من ولد امرىء القيس بن زيد بن تميم. وكان مولده ببغداد وسكن سوسة، وبها مات. سمع من هوذة بن خليفة ومن يحيى بن معن وغيرهما. ولم يكن يضبط ما في كتبه، وكان مغرى بذلك. يقول: لا ينبغي أن يسمع من مثلي. وكان صحاب صلاة وتعبد. سمعت منه أنا وجماعة بسوسة، وأحسب موته بالقرب من سنة ثمانين ومائتين.

أبو الأشعث التميمي

دارم أبو الأشعث التميمي الصحابي رضي الله عنه. روى عنه ابنه الأشعث ابن دارم عن النبي صلى الله عليه وسلم: أمتي خمس طبقات الحديث، وفي إسناده ضعف.

 

الألقاب

الداركي الشافعي: اسمه عبد العزيز بن عبد الله.

ابن دارة الشاعر: عبد الرحمن بن مسافع.

الدارقطني الحافظ: أبو الحسن علي بن عمر.

 

 

صفحة : 1903

 

الدامغاني، جماعة من بيت منهم: محمد بن علي بن محمد قاضي القضاة، والدامغاني علي بن محمد بن علي قاضي القضاة، ومنهم محمد بن علي بن محمد أيضا، ومنهم أحمد بن علي، ومنهم الحسن بن أحمد بن علي، ومنهم الحسين بن أحمد، ومنهم عبد الله بن الحسين، ومنهم علي بن أحمد، ومنهم جعفر بن عبد الله.

الدارمي الشافعي: محمد بن عبد الواحد بن محمد.

ابن داسة: محمد بن بكير.

داعي الدعاة: هبة الله من كامل.

الداعي المقرىء: محمد بن عمر.

ابن دانكا الفقيه: أحمد بن محمد.

 

دانيال

القاضي ضياء الدين

دانيال بن منكلي بن صرفا القاضي ضياء الدين أبو الفضل التركماني الكركي القاضي بالشوبك. شيخ متميز مليح الهيئة تام الشكل مجموع الفضائل. ولد سنة سبع عشرة وست مائة، وتوفي سنة ست وتسعين وست مائة. وسمع بالكرك من ابن اللتي، وقرأ القراءات على السخاوي بدمشق. وسمع من كريمة ومن جماعة، وسبع ببغداد من ابن الخازن وعبد الله بن عمر بن النخال وهبة الله بن الدوامي وإبراهيم بن الخير وجماعة، وبحلب من ابن خليل، وبمصر من يوسف الساوي وابن الجميزي. وولي قضاء الشوبك مدة، وولي القضاء بأماكن. وخرج له علاء الدين علي بن بلبان مشيخة قرأها عليه شرف الدين الفزاري. وخرج له ابن جعوان أربعين حديثا، وسمع منه المزي والبرزالي وتوفي بالشوبك رحمه الله.

الطبيب

دانيال الطبيب. قال عبيد الله بن جبريل: كان دانيال لطيف الخلقة ذميم الأعضاء. وكان معز الدولة قد أشخصه لخدمته، فدخل يوما عليه فقال له: أليس عندكم يا دانيال أن السفرجل إذا أكل قبل الطعام أمسك الطبع، وإذا أكل بعد الطعام أسهل? قال: بلى. قال معز الدولة: فأنا إذا أكلته بعد الطعام عصمني، فقال دانيال: ليس هذا الطبع للناس. فلكمه معز الدولة بيده في صدره، وقال له: قم تعلم أدب خدمة الملوك وتعال. فخرج من عنده ونفث الدم إلى أن مات.

قال عبيد الله: وهذه من غلطات العلماء التي تهلك، وإلا مثل هذا لا يخفى، لأن هنا معدا ضعيفة لا يمكنها دفع ما فيها، فإذا أوردها السفرجل قواها وأعانها على دفع ما فيها فتجيب الطبيعة. وقد رأيت إنسانا إذا أراد القيء شرب الشراب محلا، أو سكنجبين السفرجل فتيقيأ مهما أراد.

 

الألقاب

الداني أبوعمرو المقرىء: اسمه عثمان بن سعيد بن عثمان.

ابن دانيال الحكيم شمس الدين: اسمه محمد بن دانيال.

الأهوازي

داهر بن نوح الأهوازي، ذكره ابن حيان في الثقات. سمع وروى، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

 

داود

أبو الفضل الأذري

داود بن إبراهيم بن محمد أبو الفضل الأذري. روى عنه أبو طاهر السلفي في معجم شيوخه، وذكر أنه كان يتفقه معه ببغداد على الكيا الهراسي سنة أربع وتسعين وأربع مائة وبعدها. وكان لازما للطريقة المستقيمة سكيتا مشتغلا بما ينفعه.

داود الشافعي

داود بن إبراهيم بن داود الشافعي من شيوخ شمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر وابن البخاري وغيرهما، وأجاز لي بخطه سنة ثلاثين وسبع مائة بدمشق.

أبو الفرج الدباس

داود بن أحمد بن الحسين أبو الفرج بن أبي الغنائم الدباس البغدادي. سمع بإفادة خاله عمر بن المبارك بن سهلان من أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء وأبي الفضل محمد بن علي بن عبد الواحد الدلال. قال محب الدين بن النجار: كتبت عنه، وكان شيخا صالحا حسنا، حسن الأخلاق متيقظا، وتوفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة.

أبو البركات البغدادي

داود بن أحمد بن محمد بن ملاعب أبو البركات البغدادي. كان والده يتولى بعض أعمال السواد، وكانت له رياسة ونباهة. وأسمع ابنه هذا الكثير في صباه من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني، وأبي العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي المكي وغيرهم، وحصل له النسخ بما سمع وخرج إلى دمشق، وأقام بها إلى أن توفي سنة ست عشرة وست مائة. وكان يتوكل على باب القضاة وله مروءة، وكان محبا للرواية وأصوله صحيحة.

أبو سليمان الضرير الملهمي

 

 

صفحة : 1904

 

داود بن أحمد بن يحيى بن الخضر الملهمي، أبو سليمان الضرير الداودي البغدادي. قرأ القرآن بالروايات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شنيف، وأبي الحسن على بن عساكر البطائحي، وتفقه على مذهب أهل الظاهر، وقرأ الأدب وبرع فيه. وكان مولعا بشعر أبي العلاء المعري، ويحفظ منه كثيرا. قال محب الدين ابن النجار: كنت أراه كثيرا يصلي في الجماعة، وما سمعت منه كلمة أنقمها عليه. وكان الناس يسيئون الثناء عليه ويرمونه بسوء العقيدة. توفي سنة خمس عشرة وست مائة ببغداد وقد قارب السبعين. ومن شعر الملهمي: من الوافر

إلى الرحمن أشكو ما ألاقي                      غداة غدوا على هوج النياق

نشدتكم بمن زم الـمـطـايا                      أمر بكم أمر من الفـراق

وهل داء أمر من التـنـائي                      وهل عيش ألذ من التلاقي  الداراني الزاهد

داود بن أحمد بن عطية العنسي أخو أبي سليمان الداراني الزاهد. دمشقي سكن بغداد. قال السلمي: له كلام مثل كلام أخيه في الرياضات والمعاملات. قال أحمد بن أبي الحواري: قلت لداود الداراني: ما تقول في القلب يسمع الصوت الحسن فيؤثر فيه? فقال: كل قلب يؤثر فيه الصوت الحسن ضعيف يداوى كما تداوى النفس المريضة.

أبو ليلى الصحابي

داود بن بلال بن أحيحة بن الجلاح، أبو ليلى والد عبد الرحمن بن أبي ليلى. روى عنه ابنه عبد الرحمن، وفي اسم داود خلاف، قيل: اسمه يسار، وسيأتي ذكره. وداود في عداد الصحابة رضي الله عنهم.

الأموي

داود بن بشر بن مروان بن الحكم الأموي، قيل أنه هوى فاطمة بنت عبد الملك وهويته، وكانت تحت عمر بن عبد العزيز، فلما مات قالت لأخيها مسلمة: إني قد اشتهيت أن أجد رائحة الولد، قال: ويحك بعد عمر? قالت: لا بد من ذلك، قال: لا جرم لأتسورن بك الأزواج، قالت: قد تسورت داود، وكان أعور قبيح المنظر فقال في ذلك الأحوص: من المتقارب

أبعد الأغر ابن عبد العزيز                      قريع قـريش إذا يذكـر

تزوجت داود مخـتـارة                      ألا ذلك الخلف الأعـور وقيل أنها تزوجت سليمان بن داود بن مروان بن الحكم، وهو الخلف الأعور، وقيل أن الذي خلف عليها بعد عمر داود بن يحيى بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، وكان يسكن دير البخت من أعمال دمشق.

الجيلي الشافعي

داود بن بندار بن إبراهيم الجيلي، أبو سليمان الفقيه الشافعي. قدم بغداد في صباه، وأقام بها. وقرأ الفقه والخلاف على يوسف الدمشقي حتى برع. وتولى الإعادة بالمدرسة النظامية، ثم التدريس بالمدرسة البهائية. وكان فاضلا كثير المحفوظ متدينا سديد الفتاوى متعصبا لطلاب العلم. سمع الحديث من أبي الوقت عبد الأول السجزي وغيره، وتوفي سنة ثمان عشرة وست مائة.

نجم الدين ابن الزيبق

داود بن أبي بكر بن محمد، هو الأمير نجم الدين المعروف بابن الزيبق. عاش من العمر ستا وسبعين سنة، ولم يكن في وجهه من الشيب إلا ما قل. كان من رجال المباشرات وأصحاب السياسات. له الحرمة الوافرة والهيبة الوافية. وفيه عبسة وإطراق وصمت إذا كان في دسته ومنصبه. وإذا خلا بأصحابه زال ذلك جميعه. وكان يرعى صاحبه ولا ينساه، ويخدم الناس وفيه تجمل وود وحسن سياسة. باشر ولاية نابلس وفتك فيهم وأراق دماءهم، وبعد ذلك لما انتقل عنهم وولي شد الداووين بدمشق، وغضب عليه الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله وأمسكه ثم طلب منه مائة ألف درهم، فجاء أكابر جبل نابلس وقالوا: نحن نزنها عنه ويعود إلينا، فكان ذلك من أسباب الرضى عنه.

 

 

صفحة : 1905

 

أخذ العشرة وباشر في أيام سلار خاص الساحل والجبل. ثم إنه باشر خاص القبلية. وبعد ذلك الخاص بدمشق عوضا عن الأمير سيف الدين بكتمر، ثم إنه باشر شد الدواوين بحمص. ثم باشر شد الأوقاف بدمشق، ثم تولى جبل نابلس ثم أنه نقل إلى شد الدواوين بدمشق عوضا عن الأمير بدر الدين محمد بن الخشاب. ثم عزل وجرى ما جرى على ما تقدم. ثم باشر شد غزة والساحل والجبل. وشكر للسلطان الملك الناصر، فطلبه إلى مصر وولاه ولاية مصر وشد الجهات والصناعة والأهراء وأعطاه طبلخاناة. ولم يداخل النشو ناظر الخاص، وراج عليه الأمير علاء الدين بن المرواني. وداخل النشو، وكان إذا حضرا عنده ينبسط ابن المرواني بين يدي النشو مع من يكون حاضرا ويندب وينشرح، ونجم الدين في تصميم وإطراق أو يرى أنه ناعس، إلى أن رأى النشو أنه ما يجيء منه شيء ولا يدخل في دائرته، فاتفق مع الأمير سيف الدين ملكتمر الحجازي وأتقن الأمر وأحضروا من شكا منه في يوم دار العدل، فعزله ورسم بإخراجه إلى دمشق إكراما للأمير سيف الدين تنكز في يومه ذاك. فعاد إلى دمشق، فولاه شد الأوقاف وشد الخاص. ولم يزل على ذلك إلى أن جرت واقعة النصارى في حريق جامع دمشق الأموي، فسلمهم الأمير سيف الدين تنكز إليه فتولى عقوبتهم وتقريرهم واستخراج أموالهم وصلبهم وحريقهم. وفي ذلك جرت واقعة تنكز وأمسك كل من كان من جهته، فأمسك أيضا. وكان هو الذي عمر الخان المشهور للأمير سيف الدين طاجار الدوادار بقرية جينين، وهو خان عظيم لم يكن على درب مصر أحسن منه. فأفرج عنه وتولى نابلس ثانية، ثم عزل أيام الأمير علاء الدين أيدغمش. ثم تولى بر دمشق في أيام طقزتمر وجعل ولده شجاع الدين نائبه.

وطلب إلى مصر وتولى أيام الصالح شد الخاص المرتجع عن العربان بالشام وصفد وحمص وحلب وحماة وطرابلس. وأقام كذلك وولده في نيابته على ولاية البر إلى أوائل الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي رحمه الله تعالى. وتوجه يحمل الخاص إلى مصر، فتولى بها شد الجيزية. وكان بها كاشفا ومشدا، فلما أمسك الأمير سيف الدين يلبغا اليحيوي وأقاربه ومن كان تسحب معهم من الأمراء، حضر الأمير نجم الدين المذكور هو والصاحب علاء الدين بن الحراني والأمير عز الدين أيدمر الزراق للحوطة على موجودهم وإقطاعاتهم. وجعل الأمير شمس الدين آقسنقر أمير جاندار يتحدث معهم أيضا، وكان قد عين له إقطاع طبلخاناة وعزم على تجهيزه إليه إلى الشام فاعتل قريبا من جمعة وتوفي رحمه الله تعالى سادس شهر رجب سنة ثمان وأربعين وسبع مائة ودفن بالصالحية عند تربة الشياح. وكان قد حج سنة ثلاث عشرة وسبع مائة. وكتبت له توقيعا بشد الخاص بدمشق في الأيام التنكزية في عاشر شوال سنة تسع وسبع مائة، ونسخته: الحمد لله الذي جعل نجم الدين في آفاق السعادة طالعا وسيره في منازل السعادة حتى كان الحكم بشرفه قاطعا، وقدر له الخير في حركاته وسكناته مستقيما وراجعا، وأبرزه في هذه الدولة القاهرة، لشمل مسراتها جامعا. نحمده على نعمه التي قربت من نأى بعد انتزاحه، وأعادته إلى وطنه الذي طالما شام التماع برقه في الدجا بالتماحه وجبلته على إيثاره دون كل قطر يبسم روضه بثغر أقاحيه، وما قلنا أقاحه، وخصته بمباشرة خاص تأتى له وتأتي البركات فيه على اقتراحه. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة نزل إثبات التوحيد في أبياتها، ووجدت النفوس لذاتها بإدمانها لذاتها. ومد الإيمان أيدي جناتها إلى ثمار جناتها، وأوصل الإيقان راحات قاطفيها إلى راحاتها، ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بعثه إلى الخاص والعام، وأورثه من خزائن جوده مزيد الأفضال ومزايا الإنعام. وحببه إلى قوم هم أنس الإنس، وجنبه قوما إن هم إلا كالأنعام، وأيده بالكرامة وأمده بالكرم ونصره بالملائكة الكرام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين سدوا ما ولاهم وسادوا من والاهم، وشادوا مجد هذه الأمة. فهم أولاهم فيه وبه أولاهم، ووعدوا على ما اتبعوا جنة. دعواهم فيها سبحانك اللهم، صلاة يتضوع من طيها نشر شذاهم، وتكفي من اتبعهم شر أهل البدع وتقيه إذا هم أذاهم، وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين وبعد:

 

صفحة : 1906

 

فلما كانت وظيفة شاد الخاص الشريف بداريا ودومة من أجل الوظائف وأنفس المناصب التي كم أمها عاف ورامها عايف، وأشرف المباشرات التي من دونها بيض الصفائح لا سود الصحائف. يحتاج من باشرها إلى أن يكون ممن علت هممه وغلت قيمه وعكرت شيمه حتى يفيض على العام من الخاص نعمه وتدر بداريا درره وتدوم على دومة ديمه. وكان المجلس السامي الأميري النجمي داود بن الزيبق النصاري ممن تهادته المملكة الإسلامية شاما ومصرا، وحاز نوعي السنا مدا وقصرا وفات البلغاء من الحصر وصفه حصرا، وطرف عينا تروم العين. ووضع عن الغلال أغلالا وأصرا، طلع في كل أفق ولا غرو، فهم النجم، وأقام على من خطف الخطفة من رصد حفظه كوكب رجم، وصلب عوده على من أراد امتحان بأسه بغمز أو اختبار لينه بعجم وانتقل من جنة دمشق إلى مجاورة النيل، وهو نهر الجنة. وعاد إلى وطنه ومصر مصرة على محبته فأشواقها في سموم هوائها مستجنة. وحسنت مباشرته في كل قطر محدود، وباتت نخاريم سؤدده وسدادها مسدود. وأضحى وعمل عمله ليس لناظر فيه مخرج، ولا دون فضله باب مردود، وأطربت مناقبه حتى قال الناس فيها: هذه مزامير داود. فلذلك رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أن يفوض إليه شاد الخاص على عادة من تقدمه. فليباشر ذلك مباشرة تشخص لها عين الأعيان، ويتعلم الكتاب منها تثمير أقلام الديوان والإبطال، تدبير عوالي المران مجتهدا فيما يدبره، معتمدا على حسن النظر فيما ينبه عليه أو يثمره. فما ندب لذلك إلا لحسن الظن بسياسته، ولا عين لهذه الوظيفة إلا لجميل المعرفة بما جرب من سؤدده ورياسته. ومثله لا ينبه على مصلحة يبديها، أو منفعة يعلنها أو يعليها، أو فائدة يهديها أو يهديها، أو كلمة اجتهاد لا يملها من يأخذها عنه أو يستمليها. وهو بحمد الله غني عن إطراء من يمدحه من الغاوين، أو يزهزه له بشد هذا الديوان. فقد باشر قبله شد الدواوين، فلا يبذل للناس غير ما ألفوه من سجاياه الحسان في الإحسان. ولا يطو بئشره عنهم، فمن رآه لم يكن معه بمحتاج إلى بستان، ولا يعامل الرفاق إلا بالرفق فإن كل من عليها فان والتقوى ملاك الوصايا، فليجعلها له نجيا وقوام الأمور فلا يتخذها ظهريا. وسداد كل عوز، فمن رامها تمثل لها بشرا سويا، والله تعالى يتولاه فيما ولاه، ويزيده من فضله الأوفى على ما أولاه. والخط الكريم أعلاه حجة بمقتضاه إن شاء الله تعالى.

أبو سليمان الأموي

داود بن الحصين أبو سليمان الأموي. روى عن أبيه والأعرج وعكرمة وأبي سفيان مولى ابن أبي أحمد وغيرهم. وهو صدوق له غرائب تنكر عليه. وثقه ابن معين وغيره مطلقا، وقال ابن المديني: ما روى عن عكرمة فمنكر، وقال أبو حاتم: لو لا أن مالكا روى عنه ترك حديثه، وقال غيره: كان قدريا، وروى له الجماعة وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائة.

أبو محمد الكاتب

داود بن الجراح بن مهاجر حسنبس بن صبار بخت بن شهريار أبو محمد الكاتب. أصله من فارس، كتب للمستعين وصنف كتاب التاريخ وأخبار الكتاب وكتاب الأمم السالفة جامع كبير وكتاب رسائله. هو جد الوزير أبي الحسن علي بن داود. وكان للجراح بنون جماعة منهم: داود وإبراهيم ومحمد ومخلد، وكتب منهم داود ومحمد لإبراهيم بن العباس الصولي، وكتب له الحسن بن مخلد بن الجراح، وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين.

أبو علي الأواني الكاتب

داود بن جهور الأواني أبو علي الكاتب. ذكره محمد بن داود بن الجراح فقال: كاتب رسائل فصيح اللسان كثير التنطع في رسائله، وله أشعار صالحة، ومن شعره: من الطويل

أرى صورا تستنكر النفس حكمهـا                      علي بأن أدري خلاف الذي أدري

وما زال بي تشييع نفـس عـزيزة                      إلى القبر حتى قد حننت إلى قبري

يغرون بالدنيا وهم يعـرفـونـهـا                      وقد آذنتهم بالغرور وبـالـغـدر

ألا رب محسود على نعمة الغنـى                      ولم أر محسودا على نعمة الأجر  ابن حوط الله الأندي

 

 

صفحة : 1907

 

داود بن سليمان بن داود بن عبد الرحمن بن سليمان بن عمر بن خلف بن عبد الله بن عبد الرؤوف بن حوط الله المحدث، أبو سليمان الأنصاري الحارثي الأندي بالنون كان هو وأخوه أوسع أهل الأندلس رواية في وقتهما، مع الجلالة والعدالة. ولي قضاء الجزيرة الخضراء، ثم قضاء بلنسية، وتوفي على قضاء مالقة، وحمل نعشه على الأكف سنة إحدى وعشرين وست مائة.

أبو علي الطوسي

داود بن سليمان بن أحمد بن الحسن بن علي بن إسحق بن العباس الطوسي أبو علي من أهل أصبهان. كان جده أبو نصر أحمد وزير المسترشد بالله، وجده الأعلى أبو علي الحسن نظام الملك وزير ملكشاه. وقد تقدم ذكرهما. بكر به فسمع من أبي الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي وأبي الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد السراج وأبي طاهر عبد الكريم بن عبد الرزاق وجماعة غيرهم، وقدم بغداد وحدث بها بالكثير من مسموعاته.

قال محب الدين بن النجار: وسمعت منه، وكان شيخا بهيا حسن الأخلاق متواضعا محبا للرواية مكرما لأهل العلم، توفي سنة ست وتسعين وخمس مائة بأصبهان.

السديد اليهودي الطيب

داود بن سليمان، السديد ابن أبي البيان اليهودي الطبيب المصري. كان ماهرا في الطب، بارعا في الأدوية المفردة والمركبة. خدم الملك الكامل وعاش فوق الثمانين وتوفي في حدود الأربعين وست مائة وله أنقراباذين في غاية الحسن، وأخذ الطب عن ابن جميع اليهودي وعن أبي الفضل بن الناقد، وفيه قال بعض الشعراء: من المتقارب

إذا أشكل الداء في باطـن                      أتى ابن البيان له بالبـيان

فإن كنت ترغب في صحة                      فخذ لسقامك منه الأمـان  الأدلم المري

داود بن سلم، الأدلم مولى بني تيم بن مرة، شاعر من أهل المدينة. قدم على حرب بن خالد بن يزيد بن معاوية، ومدحه. وله مدائح مستحسنة مستفيضة، له في قثم بن العباس فيما ذكره الزبير بن بكار: من البسيط

كما صارخ بك من راج وصارخة                      تدعوك يا قثم الخيرات يا قـثـم

هذا الذي تعرف البطحاء وطأتـه                      والبيت يعرفه والحل والـحـرم

يكاد يعلقـه عـرفـان راحـتـه                      ركن الحطيم إذا ما جاء يستـلـم

إذا رأته قريش قـال قـائلـهـا                      إلى مكارم هذا ينتهـي الـكـرم

هذا الذي لم يضع للملك حرمتـه                      إن الكريم الذي يحظى به الحـرم وقال: كان الحسن بن زيد قد عود داود بن سلم عطايا، فلما مدح داود جعفر ابن سليمان وكان بينه وبين الحسن تباعد شديد أغضب ذلك الحسن، فقدم من حج أو عمرة، فدخل عليه داود مسلما فقال له الحسن: أنت القائل في جعفر: من الطويل

وكنا حديثا قبل تأمير جـعـفـر                      وكان المنى في جعفر أن يؤمرا

حوى المنبرين الطاهرين كليهما                      إذا ما خطا عن منبر أم منبـرا

كأن بني حواء صفـوا أمـامـه                      فخير من أنسابـه فـتـخـيرا قال داود: نعم جعلني الله فداك، وأنا الذي أقول: من الطويل

لعمري لئن عاقبت أوجدت منعما                      بعفو عن الجاني وأن كان معذرا

لأنت بما قدمت أولـى بـمـدحة                      وأكرم فخرا إن فخرت وعنصرا

هو الغرة الزهراء في فرع هاشم                      ويدعو عليا ذا المعالي وجعفـرا

وزيد الندى والسبط سبط محمـد                      وعمك بالطف الزكي المطهـرا فعاد الحسن إلى ما كان عليه، ولم يزل يصله إلى أن مات.

ابن جلجل الطبيب

داود بن حسان، هو أبو سليمان المعروف بابن جلجل بجيمين ولامين كان طبيبا فاضلا خبيرا بالمعالجات، وكان في أيام هشام المؤيد بالله وخدمه بالطب. وكان له بصر بقوى الأدوية المفردة، وفسر أسماء الأدوية المفردة التي في كتاب ديسقوريدوس في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وثلاثة مائة بمدينة قطربة لأنه اجتمع بنقولا الراهب الذي استقدمه الناصر عبد الرحمن لأجل كتاب ديسقوريدوس، لأنه كان يعرف اللسان اللطيني. وله مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدوس في كتابه مما يستعمل في صناعة الطب وينتفع به، وما لا يستعمل لكل لا يغفل عن ذكره. وقال ابن جلجل:

 

صفحة : 1908

 

إن ديسقوريدوس أغفل ذلك إما لأنه لم يره ولم يشاهده عيانا، وإما لأن ذلك كان غير مستعمل في دهره وأبناء جنسه. وله رسالة التبيين فيما غلط فيه بعض المتطببين، وكتاب يتضمن ذكر شيء من أخبار الأطباء والفلاسفة في أيام المؤيد بالله. وتوفي في حدود الثالث مائة.

الطبيب البغدادي

داود بن ديلم، كان من الأطباء المتميزين ببغداد، المجيدين في المعالجة، واختص بالمعتضد وخدمه. وكانت التوقيعات تخرج بخط ابن ديلم لمحله منه. وكان يتردد إلى دور المعتضد، وله منه الإحسان الكثير والإنعان الوافر. وكانت وفاته سنة تسع وعشرين وثلاث مائة.

الخوارزمي

داود بن رشيد الخوارزمي مولى بني هاشم. روى عنه مسلم وأبو داود وابن ماجة، وروى البخاري عن رجل عنه، وبقي بن مخلد وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو يعلى وإبراهيم الحربي وغيرهم. وثقه ابن معين والدارقطني، وتوفي سنة تسع وثلاثين ومائتين.

شرف الدين الحنفي

داود بن رسلان شرف الدين، نقلت من خط شهاب الدين القوصي من معجمه قال: أنشدني بدمشق لنفسه يخاطب الصاحب صفي الدين بن شكر: من الطويل

جزي ملك الإسلام خيرا صـالـحـا                      ولا زال في الإقبال ما بقي الدهـر

كما أنه اخـتـار الـوزير لأمـرنـا                      فتقف أمر الناس حتى استوى الصعر

صفا بصفـي الـدين كـل مـكـدر                      من العيش والأيام ضاحـكة زهـر

علوت فاصحاب العمـائم كـلـهـم                      نجوم وأنت الشمس والقمر والبـدر وأعاد شرف الدين هذا مدة طويلة للإمام برهان الدين مسعود بالمدرسة النورية. وكان حنفي المذهب، وتوفي سنة تسع وثلاثين وست مائة.

النحوي المروزي

داود بن صالح النحوي المرزوي، قدم مصر. قال ياقوت في معجم الأدب: ومات بها سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

ابن العاضد المصري

داود بن عبد الله أبو سليمان بن العاضد صاحب مصر. توفي بقصر الإمارة في سنة أربع وست مائة، ولم يعقب سوى سليمان. وسيأتي ذكره، وكان الدعاة لقد لقبوا داود: الحامد لله.

مجير الدين الملك الزاهر

داود بن شيركوه بن محمد بن شيركوه بن شاذي، الملك الزاهر مجير الدين ابن الملك المجاهد أسد الدين ابن الأمير ناصر الدين ابن الملك أسد الدين الحمصي ابن صاحب حمص، من بيت الحشمة. كان شيخا مهيبا كثير التلاوة والتنفل. روى بالإجازة عن المؤيد الطوسي يسيرا، وهو والد الملك الأوحد وإجازته على سبيل العموم. وكان من أبناء الثمانين. توفي سنة اثنين وتسعين وست مائة.

الكندي البصري

داود بن أبي الفرات الكندي المروزي البصري. وثقه ابن معين وغيره، وروى له البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة، وتوفي في سنة سبع وستين ومائة.

العطار المكي

داود بن عبد الرحمن العطار المكي. كان أبوه عبد الرحمن نصرانيا شاميا يتطبب، فقدم مكة ونزلها وولد له بها أولاد فأسلموا. وكان يعلمهم القرآن والفقه، وكان يضرب به المثل، يقال: أكفر من عبد الرحمن لقربه من الأذان والمسجد، ولحال ولده وإسلامهم. وكان يسلمهم في الأعمال السرية ويحثهم على الأدب ولزوم الخير وأهله. قال الشيخ شمس الدين: وأنا أتعجب من تمكين هذا النصراني من الإقامة بحرم الله تعالى، ولعلهم اضطروا إلى طبه. وداود من كبار شيوخ الشافعي، وروى له الجماعة وتوفي في حدود الثمانين والمائة.

أبو أحمد ابن رئيس الرؤساء

داود بن علي بن محمد بن عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن علي بن الحسن ابن أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة، أبو أحمد بن أبي نصر ابن الوزير أبي الفرج ابن أبي الفتوح المعروف بابن رئيس الرؤساء، من بيت الوزارة والرياسة والتقدم. كان والده قد تصوف وسلك الزهد، فنشأ أبو أحمد على ذلك من لبس القصير وصحبة الصالحين ومخالطة الفقراء. أسمعه والده من خمارتاش مولاهم ومن أبي الفتح بن شاتيل وشهدة الكاتبة وأمثالهم. توفي سنة ست عشرة وست مائة.

الطاهري

 

 

صفحة : 1909

 

داود بن علي بن خلف الأصبهاني المشهور بالظاهري. كان زاهدا متقللا كثير الورع. أخذ العلم عن إسحق بن راهويه وأبي ثور، وكان من أكثر الناس تعصبا للشافعي، وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين. وكان صاحب مذهب مستقل وتبعه جمع كثير من الظاهرية. وكان ولده أبو بكر محمد المذكور في المحمدين على مذهبه وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد. قيل أنه كان يحضر مجلسه أربع مائة صاحب طيلسان أخضر، وكان من عقلاء الناس. قال أبو العباس ثعلب في حقه: كان عقل داود أكثر من علمه. وولد بالكوفة سنة اثنتين ومائتين، وقيل سنة إحدى، وقيل سنة مائتين. ونشأ ببغداد وتوفي سنة سبعين ومائتين. سمع سليمان بن حرب والقعنبي وعمرو بن مرزوق ومحمد بن كثير العبدي ومسددا وأبا ثور الفقيه وإسحق بن راهويه. ورحل إليه إلى نيسابور، وسمع منه المسند الكبير والتفسير، وجالس الأئمة وصنف الكتب.

قال الخطيب: كان إماما عارفا ورعا ناسكا زاهدا، وفي كتبه حديث كثير، لكن الرواية عنه عزيزة جدا. روى عنه ابنه محمد وزكرياء الساجي ويوسف بن يعقوب الداودي وعباس بن أحمد المذكر وغيرهم. وكان أبوه حنفي المذهب. وللعلماء قولان في داود، قال أبو إسحق الإسفراييني: قال الجمهور: إنهم يعني نفاة القياس لا يبلغون درجة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء. قال: ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادي عن أبي علي بن أبي هريرة وطائفة من الشافعيين، أنه لا اعتبار بخلاف داود وسائر نفاة القياس في الفروع دون الأصول.

وقال إمام الحرمين: الذي ذهب إليه أهل التحقيق، أن منكري القياس لا يعدون من علماء الأمة، ولا من حملة الشريعة، لأنه معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضة وتواترا، لأن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفي النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام. قال الشيخ شمس الدين: قول أبي المعالي إمام الحرمين فيه بعض ما فيه، فإنما قاله باجتهاد، ونفيهم للقياس باجتهاد، فكيف يرد الاجتهاد بمثله? قلت: هذا الذي قاله الشيخ شمس الدين خطأ وتعصب ممن هو غير قادر على التعصب. لم يقل إمام الحرمين: إني لا أعتبر خلاف الظاهرية بالاجتهاد، وإنما قال ذلك للدليل القاطع المجتمع من الأدلة المتعددة الذي صار بحيث لا يحتمل في الكلام على صحة ما نفوه من إثبات القياس. ثم رأينا هذا الدليل الظاهر الذي دل على أصل القياس شيء لا يحتمل المنازعة فيه لظهوره وقد نازعوا فيه. وهذه المنازعة لقول الإمام الظاهر أنها عناد، ومن عاند في الحق لا عبرة بقوله، وهذا ظاهر، وإن لم تكن عنادا كما هو المظنون بذوي الحجى، فقد نفوا ما ثبت بالدليل القاطع باجتهاد قصاراه إفادة الظن الذي لا يعارض القطع الظاهر. ثم أودع إمام الحرمين في كلامه ما هو كالدليل على ما قاله، وهو أن من أنصف من نفسه علم أن النصوص التي أخذت منها الأحكام لا تفي بعشر معشار الحوادث التي لا نهاية لها، فما الذي يقوله الظاهري في غير المنصوص إذا أتاه عامي وسأله عن حادثة لا نص فيها، أيحكم فيها بشيء أم يدع العامي وجهله? لا قائل من المسلمين بالثاني، أعني أنا ندع العامي يخبط في دينه، وإن حكم فيها والواقع أن لا نص فإما أن يقيس أو يخترع من نفسه حكما يلزم الناس الأخذ به. إن اخترع من عند نفسه ونسبه إلى الحكم الشرعي كان كاذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا كان ملزما للناس بفلتات لسانه، فما بقي إلا أنه لا يخترعه من عند نفسه ويقيسه على الصور المنصوص عليها.

 

 

صفحة : 1910

 

والظاهري لا يقول بذلك، فعاد الأمر إلى أنه إما أن يدع العامي يخبط في دينه لما لم ينزل الله به سلطانا، أو يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أو يلزم الناس بهفواته. والثلاثة لا يقولها ذو لب معاذ الله. ولعل الشيخ شمس الدين يحاول اعتبار خلافهم في الإجماع، ومن ابن الشيخ شمس الدين شيخنا وأستاذنا رضي الله عنه. وهذه المسائل يا مسلمين عاقل يقول في قوله عليه أفضل الصلاة والسلام لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه، إنه إذا بال الإنسان في ماء دائم ألف مرة حل لغيره التوضي فيه وحرم على البايل. وينسب ذلك إلى مراد أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم في قوله: لا يبولن أحدكم. وهذا ابن حزم يقول هذا ويغوش على من لا يقول به. فالإنسان إذا ترك التعصب وعلم أنه يتلكم في دين الله، علم أن قول إمام الحرمين في النهاية وعلماؤنا لا يقيمون لأهل الظاهر وزنا قول سديد. أو أحد يقول في قوله تعالى: ولا تقل لهما أف أنه يحرم على الإنسان أن يقول لأبويه أف ولا يحرم عليه أن يأخذ المقارع ويضربهما بها? هذا هذيان، معاذ الله أن يدخل في شريعة الإسلام، وما أحسن قول الحافظ ابن مفوز كما حكى عنه الشيخ تقي الدين في شرح الإلمام بعد أن حكى كلام أبي محمد ابن حزم في مسألة البايل. فتأمل رحمك الله ما جمع هذا القول من السخف وحوى من الشناعة، ثم يزعمون أنه الدين الذي شرعه الله وبعث به محمد صلى الله عليه وسلم. وكان اللائق بشيخنا شيخ الإسلام شمس الدين أحسن الله إليه أن لا يدخل نفسه فيما لا يعنيه ولا يعرفه ولا يفهمه.

دين الله ما فيه تعصب ولا سلام، أي والله ما الشيخ شمس الدين إلا مقاوم إمام الحرمين، العاقل يعرف مقدار روحه ويسكت إذا حسن السكوت. وأنا لا أقول أن خلاف داود لا يعتبر معا والله، وإنما الحق التفصيل كما ذكر وحسبنا الله وكفى.

وقال ابن الصلاح: الذي اختاره أبو منصور الأستاذ وذكر أنه الصحيح من المذهب، أنه يعتبر خلاف داود، قال: وهذا الذي استقر عليه الأمر آخرا كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين الذي أوردوا مذهب داود في مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبي حامد الإسفراييني والماوردي والقاضي أبي الطيب، قال: وأرى أن يعتبر قوله إلا فيما خالف فيه القياس الجلي، وما اجتمع عليه القياسيون من أنواعه، وبناه على أصوله التي قام الدليل القطاع على بطلانها. فاتفاق من سواه إجماع منعقد، لقوله في التغوط في الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا في الستة المنصوص عليها، فخلافه في هذا ونحوه غير معتبر، لأنه مبني على ما يقطع ببطلانه. وقال ولده أبو بكر محمد بن داود: رأيت أبي داود في النوم فقلت له: ما فعل الله بك? فقال: غفر لي وسامحني فقلت: غفر لك، فبم سامحك? يا بني، الأمر عظيم والويل كل الويل لمن لم يسامح.

شرف الدين الشيخ السديد الطيب

داود بن علي بن داود بن المبارك، الحكيم الفاضل، الشيخ السديد أبو منصور ابن الشيخ السديد، ويقال: اسمه عبد الله. قرأ الطب على والده وأبي نصر عدلان بن عين زربي. وسمع بالإسكندرية من أبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف. وانتهت إليه رئاسة الأطباء بمصر. وخدم ملوكها، وحصل مالا كثيرا وتخرج به جماعة. وغلب عليه لقب أبيه السديد ولقبه: شرف الدين، وخدم العاضد وجماعة قبله. ونال الحرمة الوافرة والجاه العريض، وأخذ عنه نفيس الدين بن الزبير شيخ الأطباء. حصل له في يوم واحد من الدولة ثلاثون ألف دينار. وظهر ابني الحافظ لدين الله، فحصل له من الذهب نحو خمسين ألف دينار. وكان صلاح الدين يحترمه ويعتمد عليه في الطب. توفي سنة إحدى وتسعين وخمس مائة.

الكاتب ابن أبي يعقوب

داود بن علي بن داود الكاتب، هو ابن أبي يعقوب بن داود وزير المهدي، قال يرثي الحسن بن علي صاحب فج: من البسيط

يا عين جودي بدمع منك مهتتـن                      فقد رأيت الذي لاقى بنو حسـن

صرعى بفج تجر الريح فوقهـم                      أذيالها وغوادي دلـج الـمـزن

حتى عفت أعظما لو كان شاهدها                      محمد ذب عنها ثم لـم تـهـن

 

صفحة : 1911

 

 

ماذا يقولون والماضون قبلـهـم                      على العداوة والشحناء والإحـن

ماذا صنعنا إذا قال الرسول لنـا                      ماذا صنعتم بنا في سالف الزمن  العباسي الأمير

داود بن علي بن عبد الله بن عباس، أبو سليمان الهاشمي. كان بالحميمة من أرض الشراة من البلقاء، وولي إمرة الكوفة في زمن ابن أخيه السفاح. ثم ولاه المدينة والموسم ومكة واليمن واليمامة. روى عن أبيه، وروى عنه الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وشريك ومحمد بن أبي ليلى القاضيان وابن جريج وغيرهم. وكان بدمشق لما وصل الخبر بوفاة هشام بن عبد الملك، فكتب بذلك إلى أخيه محمد.

وعرض عليه أن يبايع يزيد بالخلافة فأبى، وقيل أنه كان قدريا. وسئل عنه يحيى بن معين فقال: أرجو أنه ليس يكذب، إنه إنما يحدث بحديث واحد. قال الشيخ شمس الدين: أعرض أهل الجرح عن الخلفاء وعن آبائهم وعن كشف حالهم خوفا من السيف والضرب. وما زال هذا في كل دولة قائمة، يصف المؤرخ محاسنها وبغض عن مساؤئها. وكان داود هذا من جبابرة الأمراء، له هيبة ورواء وعنده أدب وفصاحة.

وسمع سالم بن أبي حفصة يطوف بالبيت ويقول: لبيك مهلك بني أمية، فأجازه داود بألف دينار. وكان داود لما ظهر أبو العباس بالكوفة وصعد المنبر ليخطب فحصر ولم يتكلم، فوثب داود بن علي بين يدي المنبر فخطب وذكر أمرهم وخروجهم ومنى الناس ووعدهم العدل فتفرقوا عن خطبته. وحج بالناس سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وهي أول حجة حجها ولد العباس، ومات سنة ثلاث وثلاثين ومائة وهو ابن اثنتين وخمسين سنة، فأدرك من دولتهم ثمانية أشهر وقيل تسعة أشهر. وروى له الترمذي، وحدث عن أبيه عن جده.

عماد الدين بن الخطيب

داود بن عمر بن يوسف بن يحيى بن عمر بن كامل الخطيب عماد الدين أبو المعالي وأبو سليمان الزبيدي المقدسي الشافعي خطيب بيت الآبار وابن خطيبها. ولد سنة ست وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة. سمع من الخشوعي وعبد الخالق بن فيروز الجوهري وعمر بن طبرزد وحنبل والقاسم بن عساكر وجماعة. وروى عنه الدمياطي وزين الدين الفارقي والعماد بن البالسي والشمس نقيب المالكي والخطيب شرف الدين والفخر بن عساكر وولده الشرف محمد وطائفة من أهل القرية. وكان مهذبا فصيحا مليح الخطابة لا يكاد يسمع موعظته أحد إلا وبكى. وخطب بدمشق ودرس بالزاوية الغزالية سنة ثمان وثلاثين وست مائة بعد الشيخ عز الدين بن عبد السلام لما انفصل عن دمشق. ثم عزل العماد بعد ست سنين ورجع إلى خطابة القرية.

الناصر داود صاحب الكرك

داود بن عيسى بن محمد بن أيوب، السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبو المفاخر وأبو المظفر ابن الملك المعظم ابن الملك العادل. ولد بدمشق في جمادى الآخرة سنة ثلاث وست مائة، وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة. سمع ببغداد من القطيعي وغيره، وبالكرم من ابن اللتي، وأجاز له المؤيد الطوسي وأبو روح عبد المعز. وكان حنفي المذهب عالما فاضلا مناظرا ذكيا، له اليد البيضاء في الشعر والأدب، لأنه حصل طرفا جيدا من العلوم في دولة أبيه. وولي السلطنة سنة أربع وعشرين بعد والده، وأحبه أهل دمشق. وسار عمه الكامل من مصر ليأخذ دمشق منه، فاستنجد بعمه الأشرف فجاء لنصرته. ونزل بالدهشة، ثم تغير عليه ومال لأخيه الكامل، وأوهم الناصر أنه يصلح قضيته، فاتفقا عليه وحاصراه أربعة أشرع وأخذا دمشق منه.

وسار إلى الكرك وكانت لوالده، وأعطي معها الصلت ونابلس وعجلون وأعمال القدس. وعقد نكاحه على عاشوراء بنت عمه الكامل، ثم إن الكامل تغير عليه ففارق ابنته قبل الدخول بها. ثم إن الناصر بعد الثلاثين قصد الإمام المستنصر بالله، وقدم له تحفا ونفائس، وسار إليه على البرية ومعه فخر القضاة ابن بصاقة وشمس الدين الخسروشاهي والخواص من مماليكه وألزامه، وطلب الحضور بين يديه كما فعل بصاحب إربل فامتنع، فنظم القصيدة البائية وأولها: من الطويل

ودان ألمت بالـكـثـيب ذوائبـه                      وجنح الدجى وحف تجول غياهبه

تقهقه في تلك الربـوع رعـوده                      وتبكي على تلك الطلول سحائبه

أرقت له لما تـوالـت بـروقـه                      وحلت عزاليه وأسبل ساكـبـه

 

صفحة : 1912

 

 

إلى أن بدا من أشقر الصبـح قـادم                      يراع له من أدهم اللـيل هـاربـه

وأصبح ثغر الأقحـوانة ضـاحـكـا                      تدغدغه ريح الصبـا وتـداعـبـه

تمر على نـبـت الـرياض بـلـيلة                      تجمشه طورا وطـورا تـلاعـبـه

وأقبل وجه الأرض طلقا وطالـمـا                      غدا ومكفهرا موحشات جـوانـبـه

كساه الحيا وشيا من النبت فـاخـرا                      فعاد قشـيبـا غـوره وغـواربـه

كما عاد بالمستنصر بـن مـحـمـد                      نظام المعالي حين فلت كـتـائبـه

إمام تحلى الدين مـنـه بـمـاجـد                      تحلت بآثار النـبـي مـنـاكـبـه

هو العارض الهتان لا البرق محلف                      لديه ولا أنـواره وكـواكـبـــه

إذا السنة الشهباء شحت بـطـلـهـا                      سخا وابل منه وسحت سـواكـبـه

فأحيى ضياء البرق ضوء جـبـينـه                      كما نجلت ضوء الغوادي مواهـبـه

له العزمات اللائي لولا نصـالـهـا                      تزعزع ركن الدين وانهد جـانـبـه

بصير بأحـوال الـزمـان وأهـلـه                      حذور فما تخشى عـلـيه نـوائبـه

بديهته تغنيه عـن كـل مـشـكـل                      وإن حنكته في الأمور تـجـاربـه

حوى قصبات السبق مذ كان يافـعـا                      وأربت على زهر النجوم مناقـبـه

تزينت الـدنـيا بـه وتـشـرفـت                      بنوها فأضحى خافض العيش ناصبه

لئن نوهت بـاسـم الإمـام خـلافة                      ورفعت الراكي المنار منـاسـبـه

فأنت الإمام العدل والـعـرق الـذي                      به شرفت أنسابـه ومـنـاصـبـه

جمعت شتيت المجد بعد انـفـراقـه                      وفرقت جمع المال فانهال كاتـبـه

وأغنيت حتى ليس في الأرض معدم                      يجور عـلـيه دهـره ويحـاربـه

ألا يا أمير المؤمنـين ومـن غـدت                      على كاهل الجوزاء تعلو مراتـبـه

ومن جده عـم الـنـبـي وخـدنـه                      إذا صارمتـه أهـلـه وأقـاربـه

أيحسن في شرع المعالـي ودينـهـا                      وأنت الذي تعزى إليه مـذاهـبـه

وأنت الذي يعني حبـيب بـقـولـه:                      ألا هكذا فليكسب المجد كـاسـبـه

بأني أخوض الدو والـدو مـقـفـر                      سبارتيه مغـبـرة وسـبـاسـبـه

وأرتكب الهول المخوف مخـاطـرا                      بنفسي ولا أعبا بمـا أنـا راكـبـه

وقد رصد الأعداء لي كل مـرصـد                      فلكهم نـحـو تـدب عـقـاربـه

وآتيك والعضب المهند مـصـلـت                      طرير شبـاه، فـاتـنـات ذوائبـه

وأنزل آمـالـي بـبـابـك راجـيا                      بواهر جاه يبهر النـجـم ثـاقـبـه

فتقبل مني عـبـد رق فـيغـتـدي                      له الدهر عبدا طائعا لا يغـالـبـه

وتنعم في حقي بمـا أنـت أهـلـه                      وتعلي محلي فالسهـى لا يقـاربـه

وتلبسني من نـسـج ظـلـك حـلة                      تشرف قـدر الـنـيرين جـلابـيه

وتركبني نعـمـىأياديك مـركـبـا                      على الفلك الأعلى تسير مواكـبـه

وتسمح لي بالمال والجاه بـغـيتـي                      وما الجاه إلا بعض ما أنت واهبـه

ويأتيك غـيري مـن بـلاد قـريبة                      له الأمن فيها صاحب لا يجـانـبـه

وما اغبر من جوب الفلاح حر وجهه                      ولا اتصلت بالسير فيهـا ركـائبـه

فيلقى دنوا منك لـم ألـق مـثـلـه                      ويحظى ولا أحظى بما أنا طالـبـه

وينظر من لألاء قـدسـك نـظـرة                      فيرجع والنور الإمامي صـاحـبـه

ولو كان يعلوني بـنـفـس ورتـبة                      وصدق ولاء لست فيه أصـاقـبـه

لكنت أسلي النفـس عـمـا أرومـه                      وكنت أذود العين عمـا تـراقـبـه

ولكنه مثلـي ولـو قـلـت إنـنـي                      أزيد عليه لـم يعـب ذاك عـائبـه

وما أنا ممن يملأ الـمـال عـينـه                      ولا بسوى التقريب تقضى مـآربـه

 

صفحة : 1913

 

 

ولا بالذي يرضـيه دون نـظـيره                      ولو أنعلت بالنـيرات مـراكـبـه

وبي ظمـأ رؤياك مـنـهـل ريه                      ولا غرو أن تصفو لدي مشاربـه

ومن عجب أني لدى البحر واقـف                      وأشكو الظما والبحر جم عجائبـه

وغير ملوم مـن يؤمـل قـاصـدا                      إذا عظمت أغراضـه ومـآربـه

وقد رضت مقصودي فتمت صدوره                      ومنك أرجي أن تتـم عـواقـبـه فلما وقف الخليفة عليه أعجبته كثيرا، فاستدعاه سرا بعد شطر من الليل، فدخل من باب السر إلى إيوان فيه ستر مضروب، فقبل الأرض فأمر بالجلوس، وجعل الخليفة يحدثه ويؤنسه، ثم أمر الخدام فرفعوا الستر، فقبل الأرض ثم قبل يده، فأمره بالجلوس. فجلس وجاراه في أنواع من العلوم وأساليب الشعر. وأخرجه ليلا وخلع عليه خلعة سنية: عمامة مذهبة سوداء وجبة سوداء مذهبة، وخلع على أصحابه ومماليكه خلعا جليلة، وأعطاه مالا جزيلا. وبعث في خدمته رسولا مشربشا من أكبر خواصه إلى الكامل يشفع فيه في إخلاص النية له وإبقاء مملكته عليه والإحسان إليه. وخرج الكامل إلى تلقيهما إلى القصير. وأقبل على الناس إقبالا كثيرا، ونزل الناصر بالقابون وجعل رنكه أسود انتماء إلى الخليفة.

وكان الخليفة زاد في ألقابه: الولي المهاجر مضافا إلى لقبه. وتوجه من دمشق والرسول معه ليرتبه في الكرك، وذلك سنة ثلاث وثلاثين وست مائة. قلت: إنما امتنع الإمام المستنصر من استحضار الناصر مراعاة لعمه الكامل، فجمع بين المصلحتين، وأحضره في الليل. ولما كان الناصر ببغداد حضر في المستنصرية وبحث واعترض واستدل، والخليفة في روشن يسمع. وقام يومئذ الوجيه القيرواني ومدخ الخليفة، ومن ذلك: من الكامل

لو كنت في يوم السقيفة حاضرا                      كانت المقدم والإمام الأروعـا فقال له الناصر: أخطأت، قد كان العباس حاضرا جد أمير المؤمنين ولم يكن المقدم إلا أبو بكر رضي الله عنه، فخرج الأمر بنفي الوجيه، فذهب إلى مصر وولي تدريس مدرسة ابن شكر.

رجع الكلام: ثم وقع بين الكامل والأشرف، وأراد كل منهما أن يكون الناصر معه، فمال إلى الكامل. وجاءه في الرسلية القاضي الأشرف ابن الفاضل، وسار الناصر إلى الكامل فبالغ في تعظيمه وأعطاه الأموال والتحف، ثم اتفق موت الكامل والأشرف والناصر بدمشق في دار أسامة، فتشوف إلى السلطنة، ولم يكن يومئذ أميز منه، ولو بذل المال لحلفوا له. فتسلطن الجواد، فخرج الناصر عن دمشق إلى القابون. وسار إلى عجلون قندم فحشد وجاء، فخرج الجواد بالعساكر ووقع المصاف بين نابلس وجينين، فكسر الناصر وأخذ الجواد خزائنه وكانت على سبع مائة جمل، فافتقر الناصر.

ولما ملك الصالح نجم الدين أيوب دمشق وسار لقصد مصر، جاء عمه الصالح إسماعيل وملك دمشق، فتسحب نجم الدين عنه وبقي في نابلس في جماعة قليلة. فجهز الناصر عسكرا من الكرك فأمسكوه وأحضروه إلى الكرك فاعتقله مكرما عنده.

ونزل الناصر عند موت الكامل من الكرك على القلعة التي عمرها الفرنج بالقدس وحاصرها وملكها وطرد من به من الفرنج. وفي ذلك يقول جمال الدين ابن مطروح: من السريع

المسجد الأقصى له عـادة                      سارت فصارت مثلا سائرا

إذا غدا للكفر مستوطـنـا                      أن يبعث الله له نـاصـرا

فنـاصـر طـهـره أولا                      وناصر طـهـره آخـرا

 

صفحة : 1914

 

ثم إنه اتفق مع الصالح نجم الدين أيوب في أنه إن ملك مصر ما يفعل، فقال الصالح: أنا غلامك، وشرط عليه أشياء. فلما ملك مصر وقع التسويق منه والمغالطة، فغضب الناصر ورجع. ثم إن الصالح بعث عسكرا فاستولوا على بلاد الناصر وأخذ منه أطراف بلاده. ثم إن ابن الشيخ نازله في الكرك وحاصره أياما ورحل، فقل ما عند الناصر من الذخائر والأموال واشتد عليه الأمر، فجهز شمس الدين الخسروشاهي ومعه ولده إلى الصالح وقال: تسلم مني الكرك وعوضني الشوبك وخبزا بمصر، فأجابه فرحل إلى مصر مريضا. ثم إن الأمر ضاق عليه فترك ولده المعظم نائبا على الكرك وأخذ ما يعز عليه من الجواهر ومضى إلى حلب مستجيرا بصاحبها فأكرمه ونزله. وسار من حلب إلى بغداد وأودع ما معه من الجواهر عند الخليفة وكانت قيمتها أكثر من مائة ألف دينار ولم يصل بعد ذلك إليها.

وكان له ولدان: الظاهر والأمجد، فتألما من الناصر أبيهما لكونه استناب أخاهما المعظم على الكرك وهو ابن جارية، وهما من بنت الملك الأمجد ابن العادل، فأمهما بنت عمه وبن عم الصالح. فاتفقت مع أمهما على القبض على المعظم فقبضاه واستوليا على الكرك. ثم سار الأمجد إلى المنصورة فأكرمه الصالح، فكلمه في الكرك. وتوثق منه لنفسه وإخوته وأن يعطيه خبزا بمصر، فأجابه وسير الطواشي بدر الدين الصوابي إلى الكرك نائبا، وأقطع أولاد الناصر إقطاعات جليلة وفرح بالكرك. وبلغ الناصر الخبر وهو بحلب فعظم ذلك عليه. فلما مات الصالح وتملك ابنه المعظم توران شاه وقتل عمه الصوابي، فأخرج المغيث عمر بن العادل بن الكامل بن حبس الكرك وملكه الكرك والشوبك. وجاء صاحب حلب فملك دمشق ومعه الصالح إسماعيل والناصر داود. وقد مرض صاحب حلب فقيل له أن الناصر سعى في السلطنة، فلما عوفي قبض على الناصر وحبسه بحمص. ثم إنه أفرج عنه بشفاعة الخليفة، فتوجه إلى الخليفة فلم يؤذن له في الدخول إلى بغداد، فطلب وديعته فلم تحصل له، فرد إلى دمشق. ثم سار إلى بغداد لأجل الوديعة والحج، وكتب معه الناصر يوسف إلى الخليفة يشفع فيه فيرد الوديعة، فسافر ونزل بمشهد الحسين بكربلاء، وسير قصيدة إلى الخليفة بمدحه ويتلطف، فلم يرد عليه جواب مفيد، فحج وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة الشريفة وأنشد قصيدته التي أولها: من الطويل

إليك امتطينا اليعملات رواسمـا                      يجبن الفلا ما بين رضوى ويذبل ثم أحضر شيخ الحرم والخدام ووقف بين يدي الضريح مستمسكا بسجف الحجرة وقال: اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد دخلت عليه مستشفعا به إلى ابن عمه أمير المؤمنين في رد وديعتي، فأعظم الناس هذا وبكوا، وكتب بصورة ما جرى إلى الخليفة. ولما كان الركب في الطريق، خرج عليهم أحمد بن حجي بن بريد من آل مرى فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاج، فشق الناصر الصفوف وكلم أحمد بن حجي وكان أبوه صاحبه فترك الركب وانقاد له.

ونزل الناصر بالحلة فقرر له راتب يسير ولم يحصل له مقصود، فجاء إلى قرقيسياء ومنها إلى تيه بني إسرائيل، وانضم إلى عربان، فخاف المغيث منه وراسله وخادعه إلى أن قبض عليه وعلى من معه وحبسه بطور هرون فبقي ثلاث ليال. واتفق أن المستعصم دهمه أمر التتار، فكتب إلى صاحب الشام يستمده ويطلب جيشا يكون مقدمه الناصر داود. فطلبه من المغيث، فأخرجه وقدم إلى دمشق ونزل بقربة البويضا قرب البلد. وأخذ يتجهز للمسير فجاءت الأخبار بما جلى على بغداد من التتار. وعرض طاعون بالشام عقيب واقعة بغداد فطعن الناصر في جنبه فتوفي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وست مائة. وركب السلطان إلى البويضا وأظهر التأسف عليه وقال: هذا كبيرنا وشيخنا. ثم حمل إلى تربة والده بسفح قاسيون. وكانت أمه خوارزمية، فعاشت بعده مدة.

وكان رحمه الله معتنيا بتحصيل الكتب النفيسة. ووفد عليه راجح الحلي ومدحه، فوصل إليه منه ما يزيد على أربعين ألف درهم، وأعطاه على قصيدة واحدة ألف دينار. وأقام عند الخسروشاهي فوصله بأموال جزيلة. وكتب الملك الناصر داود إلى وزيره فخر القضاة أبي الفتح نصر الله ابن بصاقة: من الكامل

يا ليلة قطعت عمر ظلامها                      بمدامة صفراء ذات تأجج

 

صفحة : 1915

 

 

بالساحل النامـي روائح نـشـره                      عن روضه المتضوع المتـأرج

والـيم زاه قـد جـرى تــياره                      من بعد طول تقلـق وتـمـوج

طورا يدغدغه النـسـيم وتـارة                      يكرى فتوقظه بنات الـخـزرج

والبدر قد ألقـى سـنـا أنـواره                      في لجه المتجعد الـمـتـدبـج

فكأنه إذ قدصـفـحة مـتـنـه                      بشعاعه المتوقد الـمـتـوهـج

نهر تكون مـن نـضـار يانـع                      يجري على أرض من الفيروزج فكتب إليه ابن بصاقة: وأما الأبيات الجيمية الجمة المعاني، المحكمة المباني، المعوذة بالسبع المثاني فإنها حسنة النظام بعيدة المرام، متقدمة على شعر الجاهلية ومن عاصرها في الإسلام. قد أخذت بمجامع القلوب في الإبداع واستولت على المحاسن، فهي نزهة الأبصار والأسماع، ولعبت بالعقول لعب الشمول. إلا أن تلك خرقاء وهذه صناع. فإذا اعتبرت ألفاظها كانت درا منظوما، وإذا اختبرت معانيها كانت رحيقا مختوما.جلت بعلوها عن المعاني المطروقة والمعاني المسروقة، ودلت بعلوها أنها من نظم الملوك لا السوقة. فلو وجدها ابن المعتز لألقى زورقه الفضة في نهرها، وألقى حمولته العنبر في بحرها، وألفى تشبيهاته بأسرها في أسرها. ولو لقيها ابن حمدان لاغتم في قوس الغمام وانبرى بري السهام وتعطى من أذيال غلائله المصبغة بذيل الظلام. ولو سمعها امرؤ القيس لعلم أن فكرته قاصرة وكرته خاسرة، وأيقن أن وحوشه غير مكسورة وأن عقابه غير كاسرة. فأين الجزع الذي لم يثقب من الدر الذي قد تنظم? وأين ذلك الحشف البالي من هذا الشرف العالي? والله تعالى يكفي الخاطر الذي سمح بها عين الكمال الشحيحة ويشفي القلوب العليلة بما روته هذه الأبيات الصحيحة. ومن شعر الملك الناصر: من الخفيف

صبحاني بوجهه القـمـري                      وأصبحاني بالسلسبيل الروي

بدر ليل يسعى بشمس نهـار                      فشهي ينتابنـا بـشـهـي

وأعجبا لاجتماع شمس وبدر                      في سنائي سنا كمال بهـي منها:

إن تبدت بوجههـا ذهـبـيا                      قلت: هذا من وجهه الفضي منها:

يا ولوعا بالنبل أصميت قلبي                      بسهام من لحظك البابـلـي

رشقته من حاجبيك سـهـام                      منبضات أحسن بها من قسي ومن شعره: من الكامل

لو عاينت عيناك حـسـن مـعـذبـي                      ما لمتني ولكـنـت أول مـن عـذر

عين الرشا قد القـنـا ردف الـنـقـا                      شعر الدجى شمس الضحى وجه القمر قلت: كذا نقلته من خط موثوق به، والظاهر أنه: نور الضحى، وإلا فشمس الضحى ما له معنى. ومما نسب إلى الناصر داود وهو غاية: من الخفيف

بأبي أهيف إذا رمت منـه                      لثم ثغر يصدني عن مرامي

قد حمى خده بسور عـذار                      مقلتاه أضحت عليه مرامي ونسب إليه أيضا: من الطويل

تراخيت عني حين جد بي الهـوى                      وجربت صبري عندما نفذ الصبر

فلو عاينت عيناك في الليل حالتـي                      وقد هزني شوق وأقلقني فـكـر

رأيت سليما في ثـياب مـسـلـم                      ومستشعرا قد ضم شرسوفه الشعر ومن شعره: من الطويل

إذا عاينت عيناي أعـلام جـلـق                      وبان من القصر المشيد قبـابـه

تيقنت أن البين قد بان والـنـوى                      نأى شخصها والعيش عاش شبابه ومنه: من الكامل

طرفي وقلبي قاتـل وشـهـيد                      ودمي على خديك منه شـهـود

يا أيها الرشأ الذي لحـظـاتـه                      كم دونهـن صـوارم وأسـود

من لي بطيفك بعد ما منع الكرى                      عن ناظري البعد والتـسـهـيد

وأما وحبك لست أضمـر تـوبة                      عن صبوتي ودع الفـؤاد يبـيد

وألذ ما لاقيت فـيك مـنـيتـي                      وأقل ما بالنفـس فـيك أجـود

ومن العجائب أن قلبك لـم يلـن                      لي والـحـديد ألانـــه داود

 

صفحة : 1916

 

وحكى بعض المؤرخين: أنه لما حصلت المباينة بين الملك الكامل والملك الأشرف وعزما على المحاربة، وانضم إلى الملك الأشرف جميع ملوك الشام، وسير الأشرف إلى الناصر داود يدعوه إلى موافقته على أن يحضر إليه ليزوجه وابنته ويجعله ولي عهده ويملكه البلاد بعده. وسير الملك الكامل إلى الناصر داود أيضا يدعوه إلى الاتفاق معه، وأنه يجدد عقده على ابنته ويفعل معه كل ما يختار. وتوافى الرسولان عند الناصر داود بالكرك فرجح الميل إلى الكامل، وسرح رسول الأشرف بجواب إقناعي. ويقال أنه إنما فعل ذلك حتى أنه كتب الجواب إلى الكامل عن ميله إليه دون أخيه الأشرف، واستشهد فيه بقول أبي الطيب: من الطويل

وما شئت إلا أن أدل عـواذلـي                      على أن رأيي في هواك صواب

ويعلم قوم خالفونـي وشـرقـوا                      وغربت أني قد ظفرت وخابـوا فاتفق أن الملك الأشرف توفي رحمه الله تعالى عقيب ذلك، ولو كان الناصر توجه إليه لكان فاز بزواج ابنته وبمملكة بلاده. ومات الكامل ولم يحصل للناصر منه ما أراد.

وعلى الجملة، فلم يكن مسعود الحركات لأنه قضى عمره في أسوأ حال مشردا عن الأوطان معكوس المقاصد. وقيل أنه كان إذا دخل في الشراب وأخذ السكر منه يقول: أشتهي أبصر فلانا طائرا في الهواء، فيرمى ذلك المسكين في المنجنيق ويراه وهو في الهواء، فيضحك ويسر به، ويقول: أشتهي أشم روائح فلان وهو يشوى، فيحضر ذلك المعثر ويقطع لحمه ويشوى وهو يضحك من فعلهم بذلك المسكين. وله من هذه الأفعال الردية أنواع كثيرة. وفي الناصر داود يقول الصاحب جمال الدين ابن مطروح: من السريع

ثلاثة ليس لهـم رابـع                      عليهم معتمد الـجـود

الغيث والبحر وعززهما                      بالملك النـاصـر داود وكان قد عمل خطبة بليغة، فلما وقف عليها سيف الدين المشد قال: من المنسرح

وخطبة أعربت بلاغتـهـا                      عن بحر علم وكنز توحيد

ما ينكر المرء حين يسمعها                      بأنهـا مـن زبـور داود  الكاتب

داود بن عيسى بن داود بن الجراح الكاتب، أخو الوزير علي بن عيسى. ذكر ثابت بن سنان في تاريخه أنه توفي في سنة أربع وثلاث مائة.

العباسي الأمير

داود بن عيسى بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي ابن أخي المذكور آنفا. روى عن أبيه وأبي بكر بكار الزبيري، وروى عنه ابن ابنه محمد بن عيسى ابن داود بن عيسى وغيره. ولي إمرة الحرمين للأمين، ثم خرج إلى مكة وأقام بها عشرين شهرا. فكتب إليه أهل المدينة يلتمسون منه الرجوع ويفضلونها على مكة في شعر لهم، فأجابهم أهل مكة بشعر مثله. وحكم بينهم رجل من بني عجل كان مقيما بجدة في شعر له، والقصة مشهورة. وقال وكيع: أهل الكوفة اليوم بخير، أميرهم داود بن عيسى وقاضيهم حفص بن غياث ومحتسبهم حفص الدورقي.

صاحب مكة

داود بن عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن أبي هاضم العلوي الحسني صاحب مكة. توفي سنة تسع وثمانين وخمس مائة. قال ابن الأثير: ما زالت إمرة مكة تكون له تارة ولأخيه تارة إلى أن مات

داود بن محمد  الأمير عماد الدين الهكاري

داود بن محمد بن أبي القاسم بن أحمد بن محمد، الأمير الرئيس الجليل عماد الدين ابن الأمير بدر الدين الهكاري. ولد سنة تسع وست مائة وتوفي سنة سبع مائة. سمع من ابن اللتي وحامد بن أبي العميد القزويني والزكي والبرزالي وابن رواحة وابن خليل وبان قميرة بحلب، والتاج ابن أبي جعفر بدمشق، وعمار بن منيع بحران، وعبد الغني بن بين بمصر. وكان فاضلا نبيلا شجاعا كريما، ولم يزل يركب ويتصيد إلى أن مات. وولي نيابة قلعة جعبر في دولة الناصر. حدث بدمشق والقدس.

القاضي الخالدي

داود بن محمد بن الحسن بن خالد، القاضي أبو سليمان الخالدي الإربلي ثم الحصكفي. سمع أبا القاسم بن بيان ببغداد، وأبا منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي بمرو. وقدم دمشق رسولا فحدث بها، ثم سكن الموصل وحدث بها بأشياء منها صحيح البخاري، لكنه أسقط من إسناده إلى البخاري رجلا. واستمر الوهم عليه وعليهم. روى عنه أبو القاسم ابن صصرى والقاضي أبو نصر بن الشيرازي، وأجاز للبهاء عبد الرحمن وتوفي بالموصل يوم النحر سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة.

 

 

صفحة : 1917

 

السلطان السلجوقي

داود بن محمود بن محمد بن ملكشاه السلطان السلجوقي. قتل غيلة سنة سبع وثلاثين وخمس ومائة، ونجا الذين قتلوه.

رضي الدولة المحلي

داود بن مقدام رضي الدولة المحلي، من شعره: من الوافر

ومن بعد الغناء حملتمـونـي                      على بغاء ذي داء عـضـال

يكلفني مع البرطـيل نـيكـا                      وذلك بيننا سبب التـقـالـي

فمالي مالـه فـيه مـجـال                      ونيكي ليس يفضل عن عيالي  داود بن نصير الطائي

داود بن نصير الطائي الكوفي الفقيه الزاهد أحد الأعلام. كان من كبار أصحاب الرأي، لكنه آثر الخمول والإخلاص. أراد أن يجرب نفسه في العزلة، فأقام في مجلس أبي حنيفة سنة لا ينطق، ثم اعتزل الناس. وورث من أمه أربع مائة درهم فتقوت بها ثلاثين عاما، فلما فرغت شرع ينقض سقوف الدويرة حتى أباع البواري واللبن حتى بقي في نصف سقف. وكانت جنازته عظيمة مشهودة. مات سنة اثنتين وستين ومائة، وقيل سنة خمس وستين وروى له النسائي.

أبو سعد الأنباري

داود بن الهيثم بن إسحق بن البهلول بن حسان بن سنان أبو سعد الأنباري أحد أصحاب ابن السكين ثم ثعلب. مات بالأنبار سنة ست عشرة وثلاث مائة عن ثمان وثمانين سنة. صنف كتابا في اللغة والنحو على مذاهب الكوفيين، وله كتاب كبير في خلق الإنسان. ولقي جماعة من الأخباريين منهم حماد بن إسحق بن إبراهيم الموصلي.

داود بن أبي هند

داود بن أبي هند واسمه: دينار، وقيل طهمان بن عدافر، أبو بكر ويقال: أبو محمد القشيري مولاهم البصري. حدث عن مكحول وابن المسيب والحسن وابن سيرين والشعبي وأبي عثمان النهدي وعكرمة وغيرهم. وروى عنه شعبة والثوري والحمادان ووهب بن خالد وهشيم ويزيد بن زريع وعلية وغيرهم. وقدم دمشق وحدث بها وناظر غيلان القدري، وكان ثقة كثير الحديث. قال محمد بن سلام: سمعت وهيب بن خالد يقول: دار الأمير بالبصرة بين أربعة: أيوب ويونس وابن عون وسليمان التيمي، فذكرت ذلك لأبي فقال: فأين داود بن أبي هند. وقال ابن جريج: ما رأيت مثل داود بن أبي هند، إن كان ليفرع العلم فرعا.

وكان خياطا رجلا صالحا ثقة حسن الإسناد، وكان يقال له: داود القاري وصام داود أربعين سنة ولا يعلم به أهله، وكان يحمل غداءه معه ويتصدق به. وتوفي سنة تسع وثلاثين ومائة منصرف الناس من الحج أو سنة أربعين ومائة بطريق مكة. وروى له مسلم والأربعة، وروى له البخاري في التاريخ.

الأمير عماد الدين بن موسك

داود بن موسك بن جكو بتشديد الكاف بن موسك، الأمير الكبير عماد الدين. كان في حبس الناصر بالكرك، فمرض فأخرجه. وقد خرج في عنقه خراج فبطوها بغير اختياره فمات سنة أربع وأربعين وست مائة. وكان ذا فتوة ومروءة، كم أغاث ملهوفا وأعان مكروبا. اتهمه الناصر بالمسير إلى صاحب مصر فسجنه، وهو أخو الأمير أبي الثناء محمود الذي روى الأربعين عن السلفي.

قال الشيخ شمس الدين: حدثنا ابن الخلال بها، وسوف يأتي ذكر ابنه الأمير أسد الدين سليمان في حرف السين في موضعه إن شاء الله تعالى، وكذلك ذكروالده موسك. وفي ترجمة موسك شيء يتعلق بهذا عماد الدين في واقعة جرت له مع الركن الوهراني.

الأموي

داود بن مروان بن الحكم الأموي، أدرك عصر الصحابة وداره بدمشق في ناحية البزوريين. وكانت له دار أخرى في جيرون، وإليه تنسب الأرض المعروفة بالداوودية في شام الأرزة من بيت لهيا. وهو الذي مر بين يدي أبي سعيد الخدري وهو يصلي فدفعه، فشكاه إلى أبيه مروان قال الزبير: فولد مروان بن الحكم أبان وعبيد الله درح وعثمان وأيوب وداود ورملة تزوجها أبو بكر بن الحارث بن الحكم، وأمهم أم أبان بنت عثمان، وهي التي نسب بها عبد الرحمن بن الحكم فقال: من الطويل

وواكبدا من غير جوع ولا ظما                      وواكبدا مـن حـب أم أبـان  والد نجم الدين القحفازي

 

 

صفحة : 1918

 

داود بن يحيى بن كامل، القاضي عماد الدين القرشي الحنفي البصروي، والد الشيخ نجم الدين القحفازي. ولي تدريس العزية بالكجك، وناب في القضاء، وروى الحديث عن أبي القاسم بن صصرى فيما قيل وعن أبي سحق الصريفيني، وعبد الرحمن النصولي، وناب عن القاضي مجد الدين بن العديم، وكان إماما محققا. ولد سنة ثمان وتسعين وخمس مائة وتوفي سنة أربع وثمانين وست مائة.

أبو سليمان الغرناطي

داود بن يزيد أبو سليمان السعدي الغرناطي، بقية النحاة بالأندلس. أخذ عن أبي الحسن ابن الباذش، وكان من أكبر تلامذته. وسمع من أبي محمد بن عتاب، وأبي بحر بن العاص وابن مغيث وغيرهم، وكان له مشاركة في علم الحديث. أخذ الناس عنه، ومن رواته: أبو بكر بن زمنين، وأبو الحسن ابن خروف وأبو القاسم الملاحي، وتوفي عن خمس وثمانين سنة في سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة.

علم الدين بن شواق

داود بن الحسن بن منصور، علم الدين بن شواق الأسنائي. قرأ الفقه على بهاء الدين هبة الله القفطي، وتأدب على أبيه. كان ظريفا خفيف الروح، توفي سنة ست وسبع مائة، وقد تقدم ذكر أبيه. ولما توفي داود قال أبوه يرثيه: من الطويل

مصابك يا داود ليس يهـون                      فقد أينعت فيك العيون عيون ورثاه محمد بن الحكم بقصيدة منها: من البسيط

قصدت ربع بني شواق مبتغيا                      حجا فخبت لأني لم أر العلما ومن شعر العلم يمدح طقصبا والي قوص: من الخفيف المجزوء

لاح برق من الـخـبـا                      إن هـذا لـه نـبــا

وتنـشـقـت نـسـمة                      طرقتني مع الصـبـا

همت لما شممـتـهـا                      وفؤادي لهـا صـبـا

وسرى النشر في الورى                      عم شرقا ومـغـربـا

هذه دولة الـرضـــا                      وبلهـا جـاء صـيبـا

جئت بالحق نـاطـقـا                      لست يا برق خـلـبـا

إنـمـا أنـت بــارق                      لاح عن وجه طقصبـا

سيف دين مـجـــرد                      ضيغم ضـمـه قـبـا

عفـوه وانـتـقـامـه                      قرن الذيب والظـبـا

وغـذا طـوع أمــره                      أسمر الخط والظبـى  الزاهر صاحب البيرة

داود بن يوسف بن أيوب، الملك الزاهر أبو سليمان مجير الدين صاحب قلعة البيرة، ابن السلطان صلاح الدين. كان يحب العلماء، وأهل الفضل، يقصدونه من البلاد. لما ولد بالقاهرة، كان السلطان صلاح الدين بالشام، وكان الثاني عشر من أولاده، فكتب إليه القاضي الفاضل رسالة يبشره بولادته، من جملتها: ... وهذا المولود المبارك هو الموفي لاثني عشر ولدا، بل لاثني عشر نجما متقدا، فقد زاده الله تعالى في أنجمه عن أنجم يوسف عليه السلام نجما، ورآهم المولى يقظة، ورأى هو تلك الأنجم حلما، ورآهم المولى ساجدين له، ورأينا الخلق لهم سجودا. وهو تعالى قادر أن يزيد في جدود المولى إلى أن يراهم آباء وجدودا.

وكان الملك الزاهر يقول: من أراد أن يبصر صلاح الدين فليبصرني، فأنا أشبه أولاده به. وكانت ولادته سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة، وهو شقيق الملك الظاهر غازي. ولما توفي بالبيرة، توجه إليها الملك العزيز ابن الملك الظاهر غازي وملكها.

المؤيد صاحب اليمن

داود بن يوسف بن عمر بن رسول التركماني، الملك المؤيد هزبر الدين ابن المظفر صاحب اليمن. ملك اليمن نيفا وعشرين سنة، ومات في ذي الحجة سنة أحدى وعشرين وسبع مائة، ودفن عند أخيه بالمدرسة. عقدت له السلطنة بعد أخيه الأشرف في المحرم سنة ست وتسعين. وكان قد تفنن وحفظ كفاية المتحفظ ومقدمة ابن بابشاذ، وبحث التنبيه، وطالع وسمع من المحب الطبري وغيره. واشتملت خزانته على ما يقال على مائة ألف مجلد. وكان محبا للخير مثابرا على زيارة الصالحين.

 

 

صفحة : 1919

 

وقدم عليه عز الدين الكولمي ومعه من الحرير والمسك والصيني ما أدى عنه لصاحب اليمن ثلاث مائة ألف درهم. وأنشأ المؤيد قصرا عديم المثل، بديع الحسن. ولما مات تولى ابنه المجاهد، واضطرب أمر اليمن مدة، وتمكن الملك الظاهر ابن المنصور قبضوا على المجاهد. ثم مات المنصور، وكان دينا رحيما. ثم ثار أمراء مع المجاهد واستولى على قلعة تعز ثم قوي أمره، وجرت على الرعية من النهب وافتضاض الأبكار مجار عظيمة لا يعبر عنها، ودام الحرب بين الظاهر والمجاهد، وآل الأمر إلى أن استقل الظاهر وبقيت تعز بيد المجاهد، فحوصر مدة وخربت لذلك تعز خرابا لا يتدارك. ثم تمكن المجاهد وأباد أضداده. قال الشيخ تاج الدين عبد الباقي اليمني يمدح الملك المؤيد هزبر الدين الدين وقد ركب فيلا، ومن خطه نقلت: من البسيط

اللـه أولاك يا داود مـكـرمة                      ورتبة ما أتاها قبل سلـطـان

ركبت فيلا وظل الفيل ذا رهج                      مستبشرا وهو بالسلطان فرحان

لك الإله أذل الوحش أجمـعـه                      هل أنت داود فيه أم سليمـان وقال يمدحه لما بنى القصر الذي بظاهر زبيد، ومن خطه نقلت: من البسيط

يا ناظم الشعر في نعم ونـعـمـان                      وذاكر العهد من لبنى ولـبـنـان

ومعمل الفكر في ليلى وليلـتـهـا                      بالسفح من عقدات الضال والبـان

قصر فبالعلو من وادي زبـيد عـلا                      عالي المنار عظيم القدر والشـان

به التغزل أحلى ما يرى بـهـجـا                      فدع حديث لييلات بـعـسـفـان

قصر بناه هزبر الدين مفـتـخـرا                      وشـاد ذلـك بـان أيمـا بــان

هذا الخورنق بل هذا السـدير أتـى                      في عصر داود لا في عصر نعمان

فقف براحته تنظر لهـا عـجـبـا                      كم راحة هطلت فيه بـإحـسـان

أنسى بإيوانه كسرى فـلا خـبـر                      من بعد ذلك عـن كـسـى لإيوان

سامى النجوم علاء فهـي راجـعة                      عن السمو لإيوان ابـن حـسـان

تود فيه الثريا لـو بـدت سـرجـا                      مثل الريا به في بعـض أركـان

يحفه دوح زهر كـلـه عـجـب                      كم فيه من فـنـن زاه بـأفـنـان وهي طويلة اقتصرت منها على هذا القدر.

أبو الفتح الكاتب

داود بن يونس بن الحسن بن سليمان الأنصاري، أبو الفتح ابن أبي الحارث الكاتب. ولي الأشراف بديوان الزمام سنة ست وسبعين وخمس مائة، ثم ولي النظر بديوان الزمان والصدرية به سنة سبع وسبعين وخمس مائة، وعزل سنة تسع وسبعين، ولم يزل لازما لبيته إلى حين وفاته سنة ست عشرة وست مائة. وكان صدرا نبيلا مهيبا مليح الشيبة متدينا صالحا فاضلا محبا لأهل الخير. وسمع من أبي منصور مسعود بن عبد الواحد بن الحصين وأبي المعمر المبارك بن أحمد الأنصاري وأبي العباس أحمد بن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني وغيرهم. كتب عن محب الدين بن النجار.

 

الألقاب

الداوودي البوشنجي: عبد الرحمن بن محمد.

صاحب السنن

أبو داود صاحب السنن، أحد الكتب الستة. اسمه: سليمان بن الأشعث، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف السين في مكانه.

الطبيب النصراني

 

 

صفحة : 1920

 

داود بن أبي المنى، أبو سليمان، كان نصرانيا بمصر زمن الخلفاء، طبيبا حظيا عندهم، وأصله من القدس. وكانت له معرفة بالنجوم، وكان له خمسة أولاد. فلما وصل الملك ماري إلى الديار المصرية، طلبه من الخليفة ونقله هو وأولاده إلى القس. ونشأ للملك ماري ولد مجذوم، فركب له الترياق الفاروق، وترهب وترك ولده الأكبر وهو المهذب أبو سعيد خليفته على منزله وإخوته. فاتفق أن ملك الفرنج أسر الفقيه عيسى، ومرض فأرسله الملك إليه، فلما رآه في الجب مثقلا بالحديد، رجع إلى الملك وقال: هذا ذو نعمة، ولو سقيته ماء الحياة وهو على هذه الحال ما انتفع به. قال الملك: فما نفعل? قال: أطلقه من الجب وفك عنه حديده وأكرمه، فما يحتاج إلى مداواة أكثر من هذا. فقال الملك: نخاف أن يهرب وقطيعته كثيرة، فقال: سلمه إلي وضمانه علي، فقال: تسلمه، وإذا أتى بقطيعته، لك منها ألف دينار. فتوجه إليه وتسلمه من الجب، وأقام عنده في داره يخدمه. فلما حضرت قطيعته، أمر الملك للمهذب أبي سعيد بألف دينار، فوهب الألف دينار للفقيه عيسى. فأخذها الفقيه عيسى وتوجه إلى الملك الناصر. فاتفق أن الحكيم سليمان ظهر له من النجامة أن صلاح الدين يملك القدس في اليوم الفلاني من السنة الفلانية، وأنه يدخل إليها من باب الرحمة، فقال لولده الفارس أبي الخير ابن سليمان: امض إلى صلاح الدين وبشره بذلك. وكان أبو الخير قد تربى مع ابن الملك المجذوم، وزيه زي الأجناد. فمضى إلى الناصر، فاتفق وصوله والناس يهنونه بسنة ثمانين وخمس مائة، فمضى إلى الفقيه عيسى، ففرح وتوجه به إلى السلطان وبلغه بشارة أبيه. ففرح بذلك وأنعم عليه بجائزة سنية وقال له: منى يسر الله ما ذكرت، اجعلوا هذا العلم الأصفر والنشابة فوق داركم، فالحارة التي أنتم فيها تسلم جميعها في خفارة داركم.

فلما حضر الوقت، صح جميع ما قاله. ودخل الفقيه عيسى إلى الدار التي للحكيم، وأقام بها حفظا لها وللحارة. ولم يسلم من القدس من القتل والأسر والقطيعة سوى بيت الحكيم المذكور، وضاعف لأولاده ما كان لهم على الفرنج وكتب كتبا إلى سائر ممالكه برا وبحرا بمسامحتهم بجميع الحقوق اللازمة للنصارى وأعفوا منها. واستدعى السلطان الحكيم أبا سليمان، وقام له قائما وقال له: أنت شيخ مبارك، وصلتنا بشراك وتم لنا جميع ما قلت فتمن علي، فقال: حفظ أولادي. فأخذ أولاده واعتنى بهم وسلمهم إلى العادل وأوصاه بإكرامهم.

 

الألقاب

ابن الداية: أحمد بن يوسف.

ابن الداية: مجد الدين، اسمه أبو بكر.

ابن دبابا: الحسين بن علي.

ابن الدباب: محمد بن محمد بن علي.

الدباس الفقيه إمام أهل الرأي بالعراق: اسمه محمد بن محمد بن سفيان.

ابن الدباس المعتزلي: أحمد بن علي.

الدباس: خيرون.

الدباس: داود بن أحمد.

ابن الدباس: علي بن أحمد.

الدباس: عمر بن عبد الله.

ابن الدباس النحوي: المبارك بن الفاخر.

ابن الدباغ: الحافظ الأندلسي: أبو القاسم خلف بن القاسم.

ابن الدباغ اللغوي: محمد بن الحسين.

الدباج الإشبيلي: علي بن جابر بن علي.

ابن الدباهي: شمس الدين محمد بن أحمد.

الدباغ النحوي: يوسف ابن الدباغ.

الدبابيسي المسند: يونس بن إبراهيم.

الدبوسي الحنفي اسمه: عبد الله بن عمر.

الدبوسي الشافعي: علي بن المطهر.

أبو الدبس العباسي: محمد بن عبد الله.

ابن دبوقا: الخضر بن سعد الله بن عيسى، ورضي الدين جعفر بن القاسم ابن جعفر.

دبيران: هو نجم الدين الكاتبي علي بن عمر بن علي.

ابن الدبيثي الحافظ، اسمه: محمد بن سعيد، وأحمد بن جعفر الدبيثي.

دبيس

صاحب الحلة

دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، أبو الأعز نور الدولة، ملك العرب ابن سيف الدولة أبي الحسن الناشري صاحب الحلة المزيدية. كان جوادا كريما، عنده معرفة بالأدب والشعر، وتمكن في خلافة المسترشد، واستولى على كثير من بلاد العراق. وهو من بيت كبير، وهو الذي عناه الحريري في المقامة التاسعة والثلاثين بقوله: حتى خيل لي أني القرني أويس، أو الأسدي دبيس.

كتب إليه أخوه وهو نازح عنه: من الطويل

ألا قل لمنصور وقل لمسيب                      وقل لدبيس: إنني لغـريب

 

صفحة : 1921

 

 

هنيئا لكم ماء الفـرات وطـيبـه                      إذا لم يكن لي في الفرات نصيب فكتب إليه دبيس: من الطويل

ألا قل لبدران الذي حن نـازحـا                      إلى أرضه والحر لـيس يخـيب

تمتع بأيام الـسـرور فـإنـمـا                      عذار الأماني بالهـمـوم يشـيب

ولله في تلك الحـوادث حـكـمة                      وللأرض في كأس الكرام نصيب وقد تقدم ذكر بدران أخيه. وكان دبيس في خدمة السلطان مسعود بن محمد بن ملكشاه السلجوقي، وهم نازلون على باب المراغة من بلاد أذربيجان ومعهم المسترشد. فهجموا خيمته وقتلوا المسترشد، وخاف أن تنسب القضية إليه، وأراد أن تنسب إلى دبيس، فتركه إلى أن جاء الخدمة وجلس على باب خيمة السلطان، فسير بعض مماليكه، فجاءه من ورائه وضرب رأسه بالسيف فأبانه. وأظهر السلطان أنه إنما فعل ذلك انتقاما منه بما فعل في حق الإمام، وذلك بعد قتل الإمام بشهر. وقيل أن قتلته كانت سنة تسع وعشرين وخمس مائة. قيل أنها كانت على باب خوي، وقيل على باب تبريز.

وكان دبيس قد أحس بتغيير السلطان عليه، منذ قتل المسترشد،وعزم على الهروب مرارا والمنية تثبطه. ولما قتل حمل إلى زوجته كهارخاتون، ودفن بالمشهد عند صاحب ماردين نجم الدين ايلغازي والد كهارخاتون. وتزوج السلطان المذكور ابنة دبيس المذكور، وأمها شرف خاتون ابنة عميد الدولة بن فخر الدولة بن جهير، وأم شرف خاتون المذكورة زبيدة ابنة الوزير نظام الدين. وولي بعد دبيس ابنه بهاء الدولة أبو كامل منصور.

وكان دبيس وقل من أنجب مثله من أمراء العرب وكان شيعيا مثل والده وقصده بعض الشعراء وهو معتقل، وامتدحه بقصيدة ولم يكن بيده شيء يعطيه، فدفع له رقعة وفيها مكتوب: من البسيط

الجود فعلي ولكن ليس لي مال                      وكيف يفعل من بالقرض يحتال

فهاك خطي إلى أيام ميسرتـي                      دينا علي فلي في الغيب آمـال فلما أطلق لقيه هذا الشاعر، فطالبه بدينه فقال: ما أعلم أن لأحد علي دينا، فأراه خطه، فلما رآه عرفه وقال: أي والله، دين وأي دين. وأعطاه مائة دينار وخلعة.

أمير العرب

دبيس بن علي بن مزيد، أبو الأغر الأسدي جد المذكور آنفا. كان أمير العرب وله المكانة الرفيعة عند الخلفاء والملوك، وفيه أدب. وتوفي سنة أربع وسبعين وأربع مائة، ومولده سنة أربع وتسعين وثلاث مائة. وولي الإمارة سنة ثمان وأربع مائة، وقيل أن سنه كان في ذلك الوقت أربع عشرة سنة، ومن شعره: من الوافر

حدا الحادي بشعري حين ساروا                      وبالأسحار أيقظهـم أنـينـي

وكنت على فراقهم مـعـينـا                      لذلك لم أجد صبري معـينـي ومنه أيضا: من السرؤيع

حب علي بن أبي طـالـب                      للناس مقـياس ومـعـيار

يخرج ما في أصلهم مثل ما                      تخرج غش الذهب النـار  المدائني الشاعر

دبيس الضرير من أهل المدائن، شاعر دخل بغداد ومدح صدورها، وأورد له محب الدين بن النجار:

وفي قدود الرماح السمر منعطف                      وفي خدود السريجـيات تـوريد

تغنت البيض فاهتز القنا طـربـا                      مثل اهتزازك إذ يدعو بك الجود قال العماد الكاتب في الخريدة: دبيس المدائني ضرير، بالأدب بصير، لقيته واستنشدته أشعاره، وهي في غاية الرقة، بعيدة عن التعسف وارتكاب المشقة.

 

أبو الغصن اليربوعي

 

 

صفحة : 1922

 

الدجين أبو الغصن بن ثابت اليربوعي البصري المعروف بجحى. رأى أنسا وروى عن أسلم مولى عمر وهشام بن عروة، وروى عنه ابن المبارك ومسلم بن إبراهيم، وأبو جابر محمد بن عبد الملك، وبشر بن محمد السكري، والأصمعي وأبو عمر الحوضي وآخرون. قال عبد الرحمن بن مهدي، وسئل عن دجين بن ثابت الذي يري عنه عن أسلم قال: قال لنا: أول مرة حدثني مولى لعمر بن عبد العزيز، فقلنا له أن هذا لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، قال فتركه. فما زال يلقنونه حتى قال: أسلم مولى عمر بن الخطاب، فلا يعتد به. كان يتوهمه ولا يدري ماهو. وقال النسائي: ليس بثقة. وروى ابن عدي له أحاديث أربعة، ثم قال: ولدجين غير ما ذكرت شيء يسير، ومقدار ما يرويه ليس بمحفوظ. ثم روى عن يحيى بن معين قال: الدجي بن ثابت هو جحى. ثم قال: أخطأ من حكى هذا عن ابن معين، لأنه أعلم بالرجال من أن يقول هذا. والدجين بن ثابت إذا روى عنه ابن المبارك ووكيع وعبد الصمد بن الوارث وغير هؤلاء، أعلم بالله من أن يرووا عن جحى، والدجين أعرابي من بني يربوع قال الشيخ شمس الدين، وكذا قال الشيرازي قي الألقاب أنه جحى. ثم روى أن مكي بن إبراهيم قال: رأيت جحى، والذي يقال فيه مكذوب عليه. وكان فتى ظريفا، وله جيران مخنثون يمازحونه ويزيدون عليه. قال ابن حبان: والدجين يتوهم أحداث أصحابنا أنه جحى، وليس كذلك. توفي في حدود الستين ومائة.

 

الألقاب

ابن الدجاجية: محمد بن مكي بن محمد ابن الدجاجي الواعظ: اسمه سعد الله بن نصر.

ابن الدجاجي المحتسب: اسمه محمد بن علي.

ابن الدجاجية: مكي بن أبي محمد.

الدجاجي: محمد بن سعد الله.

أبو دجانة الأنصاري: اسمه سماك بن خرشة.

أبو دبوس الواثق صاحب الغرب: اسمه إدريس بن عبد الله.

ابن دبوقا: رضي الدين جعفر بن القاسم.

 

المغني

دحمان المغني الجمال، قدم الشام، واستقدمه بعد ذلك الوليد بن يزيد فكان أثيرا عنده. له ذكر في كتاب الأغاني، واسمه عبد الرحمن بن عبد الله، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في موضعه.

 

الألقاب

دحيم الحافظ: اسمه عبد الرحمن بن إبراهيم.

 

الجزء الرابع عشر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رب أعن

 

دحية

دحية الكلبي

دحية بن خليفة الكلبي هو الذي كان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورته. وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم بكتابه إلى قيصر فأوصله إلى عظيم بصرى. وشهد اليرموك أميرا على كردوس ثم سكن دمشق بعد ذلك وكان بالمزة. قال ابن سعد: أسلم قديما قبل بدر ولم يشهدها وشهد المشاهد بعدها. وكان يشبه جبريل عليه السلام وبقي إلى زمن معاوية. وكان دحية رجلا جميلا. قال رجل لعوانة بن الحكم: أجمل الناس جرير بن عبد الله. قال له عوانة: أجمل الناس من نزل جبريل على صورته، يعني دحية. وقال ابن قتيبة: في حديث ابن عباس أنه قال: كان دحية إذا قدم لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه - المعصر: الجارية إذا دنت من الحيض ويقال هي التي أدركت. وقال مجاهد: قد بعث رسول اله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود وخبابا سرية وبعث دحية سرية وحده. وروى له أبو داود. وتوفي في حدود الخمسين للجرة.

دحية بن المغضب

دحية بن المغضب بن أصبغ بن عبد العزيز بن مروان الأموي.

توفي بمصر سنة تسع وستين ومائة قتيلا.

ابن دحية المحدث: اسمه عمر بن حسن بن علي. ولده محمد بن أبي الخطاب.

 

دخين بن عامر الحجري

دخين بن عامر الحجري كاتب عقبة بن عامر. روى ن عقبة وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجة. وتوفي في حدود المائة.

 

الألقاب

الدخوار مهذب الدين الطبيب: اسمه عبد الرحيم بن علي.

الدخميتي: أحمد بن أبي الفضائل.

الدخميسي: اسمه بكر.

ابن الدخيل: يوسف بن أحمد.

 

دراج المصري القاص

دراج أبو السمح المصري القاص مولى عبد لله بن عمرو بن العاص. روى عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وأبي الهيثم سليمان بن عمرو العتواري وأبي قبيل المعافري وعبد الرحمن بن حجيرة. وثقة ابن معين وضعفه أبو حاتم يسيرا فقال: فيه ضعف. وكان مجاب الدعوة من الخاشعين. قال أحمد بن حنبل: منكر الحديث. روى له الأربعة. وتوفي سنة ست وعشرين ومائة.

 

الألقاب

 

 

صفحة : 1923

 

ابن دراج القسطلي الشاعر: اسمه أحمد بن العاص.

ابن الدرا: يوسف بن درة.

الدراوردي الإمام المحدث: اسمه عبد العزيز بن محمد.

الدرجي الحنفي: إبراهيم بن اسماعيل.

أم الدرداء الصغرى: اسمها هجيمة.

أبو الدرداء: عويمر بن قيس.

أم الدرداء الكبرى: اسمها خيرة.

ابن درستويه النحوي: اسمه عبد الله بن جعفر.

الدرفيل: حسام الدين لاجين الدوادار.

ابن دريد اللغوي: اسمه محمد بن الحسن.

ابن دويد - بالواو: اسمه محمد بن سهل.

الدركاذو المغربي: اسمه عبد الملك بن محمد.

ابن ددوه: حماد بن مسلم.

 

أبو ميمونة الفاسي

دراس بن اسماعيل أبو ميمونة الفاسي. سمع ببلده وبإفريقية من ابن اللباد ورحل فسمع من ابن مطر كتاب ابن المواز. وابن مطر هو علي بن عبد الله بن مطر الاسكندراني. وكان أبو ميمونة فقيها عارفا بنصوص مالك. أخذ عنه أبو محمد بن أبي زيد وأبو الحسن القابسي وأبو الفرج ابن عبدوس وخلف بن أبي جعفر وأبو عبد الله ابن الشيخ السبتي. وكان رجلا صالحا دخل الاندلس مجاهدا وتردد إلى الثغور.

وتوفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

 

دري

شهاب الدولة أمير دمشق

دري شهاب الدولة المستنصري. قدم دمشق أميرا عليها لصاحب مصر بعد عزل حيدرة. وولي الرملة فقتل بها في شهر ربيع الآخر سنة ستين وأربع مائة.

الظافري المصري

دري الظافري المصري الأمير. ولي إمراة الإسكندرية ودمياط ثم تزهد وأقبل على الاشتغال والتحصيل. فبرع في علوم الرافضة وصنف التصانيف. من ذلك كتاب معالم الدين على قواعد الرافضة والمعتزلة.

ومصنف في الفقه مشهور بين الرافضة. وكان ابن رزيك يحبه ويحترمه.

 

الألقاب

ابن درباس: الحسن بن اسماعيل بن عبد الملك.

وكمال الدين محمد بن عبد الملك 1499.

وصدر الدين عبد الملك بن عيسى.

وعماد الدين اسماعيل بن عبد الملك 4058.

وضياء الدين عثمان بن عيسى.

وناصر الدين الحسن بن اسماعيل.

وشرف الدين يعقوب بن محمد.

الدرجي: إبراهيم بن اسماعيل بن إبراهيم 2399.

 

درست

المعلم الشاعر

درست المعلم البغدادي. شاعر ذكره عبد الله بن المعتز في طبقات الشعراء وذكر أن الجاحظ احتج بشعر وأنه كان يرى رأي الخوارج. وكان أرقع خلق الله إلا أنه كان فصيح القول جيد النظم.

وقال: حدثني أبو نزار الخارجي قال: حدثني من رأى درست المعلم يناظر في مسجد البصرة صنوف أهل العلم فيغلبهم لأنه كان عمل في الكلام فجود وكان ذا بيان وشدة عارضة. ومما روينا له قوله في جيرانه:

لي جـيران ثـقـال كـلـهـم                      وإذا خفهم مثـل الـرصـاص

قلت: لما قيل لي قد غـضـبـوا                      غضب الخيل على اللجم الدلاص قال: ومما يستملح من غزله قوله:

أما والـخـال فـي الأسـيل                      وطرف فاتر غنج كـحـيل

وقد مائل يحـيكـه غـصـن                      على دعص من الردف الثقيل

لقد أبدي هواك لنـا سـيوفـا                      فكم لسيوف حبك من قـتـيل

أنا المقتول من بين الأسـاري                      نحيل من لمحـزون نـحـيل

ألا يا عين قبل البـين جـودي                      أراه سوف يودي عن قلـيل

درة

بنت أبي لهب

درة بنت أبي لهب بن هاشم. كانت عند الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فولدت له عقبة والوليد وأبا مسلم. روت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: أي الناس خير? قال: أتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وانهاهمعن المنكر وأوصلهم لرحمه. ومن حديثها: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤذى حي بميت.

بنت أبي سلمة

درة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد القرشية المخزومية ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت امرأته أم سلمة، معروفة عند أهل العلم بالسير والخير والحديث في بنات أم سلمة ربائب رسول الله صلى الله عليه وسلم. حديث أم حبيبة قالت: يا رسول الله، إنا تحدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعلى أم سلمة? لو أني لم أنكح أم سلمة لم تحل لي إن أباها أخي من الرضاعة.

 

ابن الصمة الهوازني

 

 

صفحة : 1924

 

دريد بن الصمة أبو قرة الهوازني الجشمي واسم الصمة معاوية. وفد على الحارث بن أبي شمر. ويعد من شعراء العرب وشجعانها وذوي أسنانها. عاش نحوا من ماءتي سنة حتى سقط حاجباه على عينيه.

وخرجت به هوازن يوم حنين تتيمن برأيه فقتل كافرا. ولما انهزم المشركون أدرك ربيعة بن رفيع السلمي دريد بن الصمة فأخذ بخطام جمله وهو يظن أنه امرأة لأنه كان في شجار له. فأناخ به فإذا شيخ كبير ابن مائتي سنة والغلام لا يعرفه. فقال له دريد: ما تريد إلى الكبير المرعش الفاني الأدرد? فقال الفتى: ما أريد إلى غيره ممن هو على مثل دينه. فقال له دريد: ومن أنت? قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي. وضربه بسيفه فلم يغن شيئا فقال له دريد: بئس ما سلحتك أمك خذ سيفي من وراء الرحل في الشجار فاضرب به وارفع عن العظام واخفض عن الدماغ فإني كذلك كنت أفعل بالرجال. فإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة فرب يوم قد منعت فيه نساءك.

فزعمت بنو سليم أن ربيعة لما ضربه تكشف للموت فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القراطيس من ركوب الخيل. فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتل دريد فقالت: واله لقد أعتق أمهات لك ثلاثا في غداة واحدة وجز ناصية أبيك. قال الفتى: لم أشعر وقال عمرة بنت دريد ترثيه:

جزى عنا الإله بني سـلـيم                      وأعقبهم بما فعلوا عـقـاق

وأسقانا إذا سرنـا إلـيهـم                      دماء خيارهم عند التلاقـي

فرب عظيمة دافعت عنهـم                      وقد بلغت نفوسهم التراقـي

ورب كريهة أعتقت منهـم                      وأخرى قد فككت من لوثاق

ورب منوه بك مـن سـايم                      أجبت وقد دعاك بلا رماق

لعمرك ما خشيت على دريد                      ببطن سميرة جيش العتـاق وقال ترثيه أيضا:

قالوا قتلنا دريدا قلت قد صدقوا                      وظل دمعي على الخدين ينحدر

لولا الذي قهر الأقوام كلـهـم                      رأت سليم وكعب كيف تقتـدر

إذا لصبحهم منا وظـاهـرهـم                      حيث استقلت نواهم جحفل زفر

الألقاب

ابن دريد اللغوي: اسمه محمد بن الحسن 794.

ابن درهم: تاج الدين علي بن محمد بن عبد العزيز.

الدسكري: أحمد بن عبيدة 3102.

الدسكري: يوسف بن صالح.

الدشتي: أحمد بن محمد بن أبي القاسم 3510.

الدشناوي: تاج الدين محمد بن أحمد 513.

ابن درشينة البعلبكي: أبو بكر بن أحمد.

 

الخزاعي الشاعر

دعبل بن علي أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور. له شعر رائق صنف كتابا في طبقات الشعراء. قال: إن أصله من الكوفة وقيل من قرقيسيا وكان أكثر مقامه ببغداد. وسفر إلى غيرها من البلاد وقدم دمشق ومدح نوح بن عمرو بن حوي السكسكي بعدة قصائد. وخرج منها إلى مصر.

وقيل: إن اسمه محمد وكنيته أبو جعفر ودعبل لفب له ويقال الدعبل للبعير المسن ويقال: الشيء القديم.

وخرج إلى خراسان ونادم عبد الله بن طاهر. قال أبو سعيد ابن يونس: قدم إلى مصر هارا من المأمون لهجو هجاه به. وخرج منها إلى المغرب إلى الأغلب. قال الخطيب: وعاد إلى بغداد بعد ذلك وكان خبيث اللسان قبيح الهجاء وقيل كان أطرش في قفاه سلعة. واسمه الحسن وقيل عبد الرحمن وقيل محمد وكنيته أبو جعفر.

ولد سنة ثمان وأرعين ومائة وتوفي سنة ست وأربعين ومائتين وله سبع وتسعون سنة. وقيل قتله المعتصم سنة عشرين. وقيل هجا مالك بن طوق فجهز عليه من ضربه بعكازة مسمومة في قدمه فمات من ذلك بعد يوم. ولقبته دابته لدعابته التي كانت فيه. قال أبو شامة: وكان مداحا لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم هجاء لبني العباس وغيرهم.

أنشد المأمون من شعره:

سقيا ورعيا لأيام الصبـابـات                      أيام أرفل في أثواب لـذاتـي

أيام غصني رطيب من لدونتـه                      أصبو إلى غير كناتي وجاراتي

دع عنك ذكر زمان فات مطلبه                      واقذف في متن الجـهـالات

واقصد بكل مديح أنت قـائلـه                      نحو الهداة بني بيت الكرامات فلما أتى على القصيدة قال: لله دره ما أغوصه وانصفه واوصفه.

ثم قال: إنه وجد والله مقالا فقال.

وقيل: إن المأمون أقبل يجمع الآثار في فضائل آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهى إليه فيما انتهى من فضائلهم قول دعبل:

 

صفحة : 1925

 

 

مدارس آيات خلت من تـلاوة                      ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى                      وبالركن والتعريف والجمرات فما زالت تتردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل، فقال: أنشدني قصيدتك التائية ولا بأس عليك ولك الأمان من كل شيء فيها فإني أعرفها وقد رويتها إلا أني أحب أن أسمعها من فيك. فانشده حتى صار إلى هذا الموضع:

ألم تر أني مذ ثـلاثـين حـجة                      أروح واغدو دائم الحـسـرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسمـا                      وأيديهم من فيئهم صـفـرات

وآل رسول الله نحف جسومهـا                      وآل زياد غلظ الـقـصـرات

بنات زياد في القصور مصونة                      وبنت رسول الله في الفلـوات

إذا وتروا مدوا إلى واتـريهـم                      أكفا عن الأوتار منقبـضـات

فلولا الذي أرجوه في اليوم أوغد                      لقطع قلبي إثرهم حسـراتـي فبكى المأمون حتى اخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره.

ومن شعره فيهم:

وليس حي من الحياء نـعـرفـه                      من ذي يمان ولا بكر ولا مضر

إلا وهم شركـاء فـي دمـائهـم                      كما تشارك أيسار علـى جـزر

أرى أمية معذورين إن قـتـلـوا                      ولا أرى لبني العباس من عـذر

أبناء حرب ومروان وأسرتـهـم                      بنو معيط ولاة الحقد والـوغـر

أربع بطوس على القبر الزكي به                      إن كنت تربع من دين على وطر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت                      يداه حقا فخذ ما شـئت أو فـذر ويقال: إن دعبلا من ولد بديل بن ورقاء. ويقال: إنه روى عن الثوري وشعبة ولا يصح وحديثه يقع عاليا في جزء الحفار. ووصله عبد الله بن طاهر بأموال بلغت ثلاث مائة ألف درهم. وكان يقول: لي خمسون سنة أحمل خشبتي على كتفي أدور على من يصلبني عليها فما أجد من يفعل ذلك.

ودخل إبراهيم بن المهدي على المأمون فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله فضلك في نفسك علي وألهمك الرأفة والعفو عني والنسب واحد وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه. فقال: ما قال? لعل قوله:

نفر ابن شكلة بالعراق واهله                      فهفا إليه كل أطلس مـائق فقال: هذا من بعض هجائه. فقال المأمون: لك بي أسوة فقد قال في قوله:

أيسومني المأمون خطة جـاهـل                      أو ما أرى بالمس رأس محمـد

إني من القوم الذين سـيوفـهـم                      قتلت أخاك وشرفتك بمـقـعـد

شادوا بذكرك بعد طول خمولـه                      واستنفذوك من الحضيض الأوهد وهجا ابن أبي دؤاد بعد كثرة إنعامه عليه حتى قيل إنه هجا خزاعة قبيلته فقال:

أخزاع غيركم الكرام فأقصروا                      وضعوا أكفكم على الأفـواه

الراتقين ولات حين مـراتـق                      والفاتقين شـرائع الأسـتـاه وقال يهجو أخاه ونفسه:

مهدت له ودي صغيرا ونصرتـي                      وقاسمته مالي وبوأبه حـجـري

وقد كان يكفيه من العيش كـلـه                      رجاء ويأس يرجعان إلى فـقـر

وفيه عيوب ليس يحصى عدادهـا                      فاصغرها عيبا يجل عن الفكـر

ولو أنني أبديت للناس بعـضـهـا                      لأصبح من بصق الأحبة في بحر

فدونك عرضي فاهج حيا فإن أمت                      فباله إلا ما خريت على قـبـري وقال يهجو امرأته:

يا من أشبهها بحمى نافض                      قطاعة للظهر ذات زئير

يا ركبتي جمل وساق نعامة                      وزبيل كناس ورأس بعير

قبلتها فوجدت طعم لثاتهـا                      فوق اللثام كلسعة الزنبور وقال يهجو المعتصم:

ملوك بني العباس في الكتب سبعة                      ولم تاتنا في ثامن منهم الكـتـب

كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة                      غداة ثووا فيه وثامنهـم كـلـب

لقد ضاع أمر الناس حيث يسوسهم                      وصيف وأشناس وقد عظم الخطب

??الفقيه السجزي

 

 

صفحة : 1926

 

?دعلج بن أحمد بن دعلج أبو محمد السجري الفقيه. قال الحاكم: أخذ عن ابن خزيمة المصنفات وكان يفتي بمذهبه ولم يكن في التجار أيسر منه. اشترى بمكة دار العباسية بثلاثين ألف دينار. قال الخطيب: بلغني أنه بعث بالمسند إلى ابن عقدة لينظر فيه وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين دينارا. وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة. وسمع من علي بن عبد العزيز بمكة. وهشامك بن علي السيرافي ومحمد بن ابراهيم البوشنجي وطائفة بنيسابور. وعثمان بن سعيد بهراة، ومحمد بن غالب ومحمد بن ربح البزاز ومحمد بن سليمان الباغندي وخلق ببغداد وغيرها. وروى عنه الدراقطني والحاكم وابن رزقويه وأبو علي بن شاذان وأبو اسحاق الإسفراييني وعبد الملك بن بشران.

وكانت له صدقات جارية على أهل الحديث بمكة والعراق وسجستان. وقال عمر البصري: ما رأيت في بغداد فيمن انتخبت عليهم أصح كتبا ولا أحسن سماعا من دعلج.

 

الجبائي الضرير

دعوان بن علي بن حماد بن صدقة الجبائي أبو محمد الضرير المقرئ البغدادي. كان من أعيان الأضرار ومن فضلاء القراء موصوفا بالديانة حسن الطريقة. قرأ القرآن بالروايات على أبي طاهر أحمد بن علي بن سوار وأبي الخطاب علي بن عبد الرحمن بن الجراح وأبي القاسم يحيى بن أحمد بن أحمد السيبي وغيرهم.

وسمع من الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي والحسين بن علي بن أحمد بن البسري وأبي المعالي ثابت بن بندار وأبي طاهر بن سوار. روى عنه عبد الرزاق بن عبد القادر الجيلي. وختم خلقا كثيرا كتاب اله تعالى. توفي سنة اثنين وأربعين وخمس مائة.

ورئي بعد موته بخمس وعشرين سنة في المنام وعليه ثياب شديدة البياض وعمامة بيضاء ملحية ووجهه عليه نور. فأخذ بيد الرائي ومشيا إلى صلاة الجمعة، فقال له: يا سيدي، ما فعل الله بك? قال: عرضت على الله تعالى خمسين مرة، فقال لي: أيش عملت? فقلت له: قرأت القرآن وأقرأته. فقال لي: أنا أتولاك أنا أتولاك.

?السدوسي النساية دغفل بن حنظلة السدوسي الذهلي الشيباني النسابة. مختلف في صحبته. روى عنه الحسن وابن سيرين وسعيد بن أبي الحسن وعبد الله بن بريدة. واستقدمه معاوية وأمره أن يعلم يزيد العربية وأنساب العرب والنجوم. وقال ابن سعد: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا. وقيل له: بم كنت ما أدركت? قال: بلسان سؤؤل وقلب عقول وكنت إذا لقيت عالما أخذت منه وأعطيته. وقيل: إنه جرت بينه وبين أبي بكر الصديق مخاطبة لما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل العرب. قال الحافظ أبو القاسم: بلغني أن دغفلا غرق في يوم دولاب من فارس في قتال الخوارج. وقيل توفي في حدود الستين للهجرة.

 

?الألقاب

ابن الدغنة: ربيعة بن رفيع.

الدغولي الحافظ: اسمه محمد بن عبد الرحمن.

دفتر خوان: علي بن محمد بن الرضا.

ومنتخب الدين دفتر خوان: اسمه أحمد بن عبد الكريم.

الدفوفي المحدث: اسمه أحمد بن عبد النصير.

 

دقاق

دقاق المغنية

دقاق المغنية. كانت جميلة محسنة قد أخذت عن الأكابر وكانت ليحيى بن الربيع. فولدت له ابنه أحمد وعمر عمرا طويلا. وكان عالما بأمر الغناء والمغنين. وكان يحيى لما مات تزوجت بعده بجماعة من القواد والكتاب وورثتهم. فقال عيسى بن زينب يهجوها:

قلت لـمـا رأيت دار دقـاق                      حسنها قد أضر بالـعـشـاق

حذروا الرابع الشقي دقـاقـا                      لا يكونن نهبه في مـحـاق

إله عن بعضها فـإن دقـاقـا                      شؤم حرها قد سار في الآفاق

لم تضاجع بعلا فهب سلـيمـا                      بل جريحا وجرحه غير راق قال أبو الجاموس البزاز النصراني اليعقوبي: مضيت وأنا غلام مع أستاذي إلى باب حمدونة بنت الرشيد ومعنا بز نعرضه للبيع. فخرجت إلينا دقاق تقاولنا في ثمن المتاع وفي يدها مروحة على أحد وجهيها منقوش: الحر إلى أيرين أحوج من الأير إلى حرين، وعلى الوجه الأخر: كما أن الرحى إلى بغلين أحوج من البغل إلى رحيين.

وكانت دقاق مشهورة بالظرف والمجون والفتوة، قد انقطعت إلى حمدونة بنت الرشيد ثم إلى غضيض. ولما تزوجها يحيى قال فيه أبو موسى الأعمى:

قل ليحيى نعم صبرت على المو                      ت ولم تخش سهم ريب المنون

 

صفحة : 1927

 

 

كيف قل لي أطـقـت ويلـك يا يح                      يى على الضعف منك حمل القرون

ويح يحيى ما مـر بـآسـت دقـاق                      بعدما غاب من سياط الـبـطـون قال ابن حمدون: كتبت دقاق إلى أبي تصف هنها له صفة أعجزه الجواب. فقال له صديق: ابعث إلى بعض المخنثين حتى يصف متاعك فيكون جوابها. فأحضر مخنثا وقال له الخبر. فقال: اكتب إليها: عندي القوق والبوق، الأصلع المزبزق، الأقرع المعروق، المنتفخ العروق. يسد البثوق، ويفتق الفتوق، ويرم الخروق، ويقضي الحقوق، أسد بين جملين، بغل بين حملين، منار بين صخرتين، رأسه رأس كلب، وأصله مترس درب، إذا دخل حفر، وإذا خرج قشر، لو نطح الفيل كوره، أو دخل البحر كدره، إذا رق الكلام، تقارب الأجسام، والتقت الساق بالساق، ولطخ رأسه بالبصاق، وقرعت البيض الذكور، وجعلت الرماح تمور، بطعن الفقاح، وشق الأحراح، صبرنا فلم نجزع، وسلمنا طائعين فلم نخدع. قال: فقطعها.

شمس الملوك صاحب دمشق

دقاق شمس الملوك أبو نصر بن تتش بن ألب رسلان. ولي بعد قتل أبيه تاج الدولة دمشق سنة سبع وثمانين وكان بحلب راسله خادم أبيه ونائبه بقلعة دمشق سرا من أخيه رضوان ملك حلب. فقدمها سرا وملكها ثم عمل هو والأتابك طغتكين زوج أمه على خادم أبيه المذكور واسمه ساوتكين فقتلاع. ثم قدم رضوان إلى دمشق وحصرها فلم يقدر عليها فرجع. ثم مرض دقاق وتطاول مرضه إلى أن مات في ثامن عشر شهر رمضان سنة سبع وتسعين وأربع مائة. فغلب طغتكين الآتي ذكره إن شاء الله تعالى على دمشق. ودفن دقاق بخانقاه الطواويس رحمه الله تعالى.

 

الألقاب

ابن دق: اسمه أحمد بن محمد.

ابن دقاق: عبد الرحيم بن أبي بكر.

الدقوقي الحنبلي: محمود بن علي.

ابن دقاق الأصولي الشافعي: اسمه محمد بن محمد بن جعفر تقدم ذكره في المحمدين.

ابن الدقاق أخوان: أحدهما أبو سعيد محمد بن علي.

والآخر أبو تمام محمد بن علي.

ولهما أخ ثالث: اسمه أبو الغنائم محمد بن علي.

الدقاق شيخ الصوفية: الحسن بن علي.

ابن الدقاق صاحب الأصمعي: اسمه يعقوب.

 

الأعرابي اللغوي

أبو الدقيش العرابي. كان أفصح الناس. حدث الأخفش قال: قال الخليل: دخلنا على أبي الدقيش الأعرابي نعوده فقلت له: كيف تجدك? فقال: أجد ما لا أشتهي ما لا أجد، ولقد أصبحت في زمان سوء، من جاد لم يجد ومن وجد لم يجد. قلت: فما الدقيش? قال: لا أدري. قلت: فاكتنيت به ولا تدري ما هو? قال: إنما الأسماء والكنى علامات. أخذ عنه أعيان أهل العلم كأبي عبيدة ويونس والأصمعي والخليل بن أحمد. قال أبو عبيدة: الدقش دويبة رقطاء أصغر من العظاءة والدقش شبيه بالنقش.

 

الألقاب

ابن دقيق العيد: مجد الدين علي بن وهب بن مطيع.

وسراج الدين موسى بن علي بن وهب.

وتاج الدين أحمد بن علي أخو الشيخ تقي الدين.

وجلال الدين محمد بن عثمان بن محمد بن علي.

والشيخ تقي الدين محمد بن علي بن وهب.

ولده طلحة بن محمد بن علي.

أخوه عامر بن محمد.

أخوه عثمان بن محمد.

أخوه عمر بن محمد.

أخوه علي بن محمد.

كلهم أولاد تقي الدين.

الدقوقي محمود بن علي بن محمود.

الدقيقي: اسمه محمد بن عبد الملك.

وآخر: اسمه محمد بن علي.

آخر نحوي: سليمان بن بنين.

الدقوقي: عبد الرزاق.

الدقيقي النحوي: علي بن عبيد الله.

 

الياروقي صاحب تل باشر

دلدلرم الأمير الكبير بدر الدين الياروقي صاحب تل باشر، كان مقدم الجيوش الحلبية مدة. توفي سنة إحدى عشرة وست مائة وعمل عزاؤه بحلب.

 

دلشاذ زوج النوين الكبير

دلشاذ ابنة دمشق خواجا بن جوبان الخاتون زوج النوين الشيخ حسن الكبير حاكم بغداد. كان لها عند زوجها حظوة عظيمة وهي الحاكمة في مملكة العراق لا يرد لها أمر وتكتب إلى نواب الشام ويقضون أشغالها ويكتبون إليها ويطلبون منها ما يحاولونه في مهماتهم.

ورد الخبر إلى دمشق صحبة القصاد أنها توفيت إلى رحمة الله تعالى في ثامن ذي القعدة سنة اثنين وخمسين وسبع مائة. ونقلت إلى مشهد علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ودفنت هناك.

وقيل: إن زوجها سقاها، اتهمها بالميل إلى عمها الأشرف بن تمرتاش في الباطن والله أعلم.

لأنه بعدها صادر نوابها ومن كان من جهتها. وكانت تميل إلى الفقراء وتحسن إليهم.

 

جارية ابن طرخان

 

 

صفحة : 1928

 

دلفاء جارية ابن طرخان. كانت معاصرة أبي نواس ومروان بن أبي حفصة. دخل أبو نواس عليهم ودخل على أثره مروان بن أبي حفصة فأجله مولاها وأكرمه ورفع مجلسه على أبي نواس فوجد أبو النواس من ذلك. ثم إن مولاها قال لمروان: يا أبا السمط، ألق عليها بيتا تجيزه.

فقال: تجيز قول جرير:

غيضن من عبراتهن وقلن لي                      ماذا لقيت من الهوى ولقينـا فقالت وكانت تشبب بالرشيد:

قد هجت بالبيت الذي أنشدتني                      حبا بقلبي لا يزال دفـينـا فقام أبو نواس عند ذلك وهو ينشد:

عجنا من حماقة الدلفاء                      تتشهى فياشل الخلفاء قال ابن فنن: فأجزت أنا قول أبي نواس:

لو تشهيت غيره كان أولى                      من أيور الدناة والضعفاء

إن أولى الأمور عندي منالا                      شهوات الأكفاء للأكفـاء

دلف

الشبلي الصوفي

دلف بن جحدر وقيل جعفر بن يونس وقيل غير ذلك أبو بكر الشبلي الصوفي صاحب الأحوال. والشبلية قرية من قرى أسروشنة.

ومولده سر من رأى. ولي خاله إمرة لإسكندرية وولي أبوه حجابة الحجاب وولي هو حجابة الموفق. فلما عزل من ولاية العهد حضر الشبلي يوما مجلس خير النساج وتاب فيه وصحب الجنيد وصار أوحد الوقت حالا وقالا في حال صحوة لا في حال غيبة.

وكان فقيها مالكي المذهب وله كلام مشهور. أراد أبو عمران امتحانه فقال: يا أبا بكر، إذا اشتبه على المرأة دم الحيض بدم الاستحاضة كيف تصنع? فأجابه بثمانية عشر جوابا.

فقام إليه وقبل رأسه.

وتوفي الشبلي ببغداد سنة أربع ومجاهداته في أول أمره فوق الحد. بقال إنه اكتحل بكذا وكذا منا من الملح ليعتاد السهر ولا يأخذه نوم. وكان إذا دخل شهر رمضان جد في الطاعات ويقول: هذا شهر عظمه ربي فأنا أولى بتعظيمه.

ودخل يوما على شيخه الجنيد فوقف أمامه وصفق بيديه وأنشد:

عودوني الوصالل والوصل عذب                      ورموني بالصد والصد صعـب

زعموا حين أزمعوا أن ذنـبـي                      فرط حبي لهم وما ذاك ذنـب

لاوحق الخضوع عند التـلاقـي                      ما جزا مـن يحـب إلا يحـب فأجلبه الجنيد:

وتـمـــنـــيت أن أرا                      ك فـلـمـا رأيتـكـــا

غلـبـت دهـشة الـسـرو                      رضي الله عنه فلم أملك البكا ومن شعره:

مضت الشبيبة والحبيبة فالتقى                      دمعان في الخدين يزدحمان

ما أنصفتني الحادثات رمتني                      بمصيبتين وليس لي قلبـان وقال: رأيت يوم الجمعة معتوها عند جامع اللاصافة قائما عريان وهو يقول: أنا مجنون الله أنا مجنون الله.

فقلت له: لم لاتدخل الجامع وتتوارى وتصلي? فقال:

يقولون زرنا واقض واجب حقنا                      وقد أسقطت حالي حقوقهم عني

إذا أبصروا حالي ولم يأنفوا لهـا                      ولم يأنفوا مني أنفت لهم منـي وقال أبو الحسن اليمني: دخلت على أبي بكر في داره يوما وهو يهيج ويقول:

على بعدك لا يصب                      ر من عادته القرب

ولا يقوى على هجر                      ك من تيمه الحـب

فإن لم ترك العـين                      فقد يبصرك القلب  ابن التبان

دلف بن عبد الله بن محمد بن عمر بن التبان أبو الخير الفقيه البغدادي. صحب عبد القادر الجيلي وسمع سنة أربعين وخمس ومائة من الحافظ ابن ناصر وسعد الخير بن محمد الأنصاري وعبد الصبور بن عبد السلام وغيرهم.

ودخل خراسان وأقام في نيسابور يقرأ على محمد بن يحيى ويسمع من عبد الله بن محمد الفراوي.

ودخل خوارزم وسمرقند وسمع بها محمد بن نصر بن منصور المديني ومحمود بن علي النسفي.

وحدث هناك وروى عنه أبو المظفر ابن السمعاني في مشيخته وأبو بكر الفرغاني خطب سمرقند.

أبو الفرج الخباز المقرئ

 

 

صفحة : 1929

 

دلف بن كرم بن فارس العكبري أبو الفرج الخباز المقرئ البغدادي. سمع الكثير بعد علو سنة وكتب بخطه وحصل الأصول وكان شيخا صالحا. سمع محمد بن عبد الباقي الأنصاري واسماعيل بن أحمد بن عمر السمرفقندي وعلي بن هبة الله بن عبد السلام ويحيى بن علي بن الطراح وغيرهم. ولم يزل يسمع ويسمع ولديه أبا هريرة عبد الله وأبا الكرم محمدا إلى حين وفاته. وحدث بالكثير وروى عنه عبد العزيز بن مكي الطرابلسي. وتوفي سنة تسع وستين وخمس ومائة.

 

نائب غزة

دلنجي الأمير سيف الدين نائب غزة. كان ابن أخت الأمير بدر الدين بن البابا.

وأقام بمصر مدة أميرا ولما جرى للأمير سيف الدين تلجك في غزة ما جرى مع العرب عزل بالأمير سيف اليد دلنجي وجضر إليها في أوائل شهر جمادى الآخرة سنة خمسين وسبع مائة.

فلأقام بها إلى أنى توفي يوم الجمعة رابع عشرين جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسبع مائة رحمه الله تعالى. وكان غيره من نوابغزة يكتب له مقدم العسكر وهذا كتب له نائب السلطنة ولم يبق في أيامه لأحد حديث في نابلس ولا في الساحل. وقاسى شدائد من عرب جرم ومواقع وجرت بينهم حروب وجراح وقتل عدة من أمراء غزة. ولم يزل على نيابة غزة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في يوم الجمعة رابع عشرين جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسبع مائة. وتولى النيابة بعده الأمير فارس الدين ألبكي.

 

الألقاب

الدميري علم الدين: محمد بن علي.

ابن أبي الدم قاضي حماة: إبراهيم بن عبد الله بن عبد المنعم.

ابن دنينير: إبراهيم بن محمد.

الدنيسري الطبيب: اسمه محمد بن عباس.

أبو دلف العجلي الأمير: اسمه القاسم بن علي.

أبو دلف الكاتب: اسمه محمد بن هبة الله.

ابن دمرتاش: اسمه محمد بن محمد.

الدمراوي: أجمد بن أحمد.

الدندري: محمد بن عثمان.

دلويه: زياد بن أيوب.

الدماميني: إبراهيم بن مكي بن عمر.

الدمياطي الحافظ: عبد المؤمن.

الدماميني: عتيق بن محمد.

 

المغنية

دنانير جارية يحيى بن خالد البرمكي. كانت لرجل من أهل المدينة كان قد خرجها وأدبها.

وكانت أروى الناس للغناء القديمو للشعر. وكانت صفراء صادقة الملاحة، من أحسن الناس وجها وأظرفهن وأحسنهن أدبا.

ولها كتاب مجرد في الأغاني مشهور. وكان اعتمادها في ما تغنيه على ماأخذته من بذل وهي التي جرجتها. وقد أخذت عن الأكابر الذين أخذت بذل عنهم مثل فليح وإبراهيم وابن جمع وإسحاق ونظرائهم.

ولما رآها يحيى أخذت بقلبه فاشتراها. وكان الرشيد يسير إلى منزله فيسمعها وألفها واشتد إعجابه بها ووهب لها هبات سنية. ومنها أنه وهبها في ليلة عيد عقدا قيمته ثلاثون ألف دينار. فرد عليه في مصادرة البرامكة بعد ذلك. وعرفت أم جعفر الخبر فشكته إلى عمومته فعنفوه فما أجدى.

قال عباد البشري: مررت بمنزل من منازل الحجاز في طريق مكة يقال له النباج، وإذا كتاب على حائط في المنزل، فقرأته فإذا هو: النيك أربعة: فالأول شهوة والثاني لذة والثالث شفاء والرابع دواء، وحر إلى أيرين أحوج من أير إلى حرين، وكتبت دنانير مولاة البرامكة بخطها.

وأصابها العلة الكلبية فكانت لا تصبر عن الأكل ساعة واحدة.

وكان يحيى يتصدق عنها في كل يوم من شهر رمضان بألف دينار لأنها كانت لا تصومه وبقيت عند البرامكة مدة طويلة.

وفيها يقول أبو حفص الشطرنجي:

اشبهك المسك وأشبهته                      قائمة في لونهقاعـده

لا شك إذ لونكما واحد                      أنكما من طينة واحده وفيها يقول القائل:

هذي دنانير تنسانـي فـأذكـرهـا                      وكيف تنسى محبا ليس ينـسـاهـا

أعوذ بالله مـن هـجـران جـارية                      أصبحت من حبها أهذي بذكراهـا

قد أكمل الحسن في تركيب صورتها                      فارتج أسفلها واهـتـز أعـلاهـا

قامت تمشي فليت الله صـورنـي                      ذاك التراب الذي مسته رجـلاهـا

والله والله لو كـانـت إذا بـرزت                      نفس المتيم في كفـيه ألـقـاهـا ودعا الرشيد بدنانير بعد قتل البرامكة وأمرها أن تغني. فقالت: يا أمير المؤمنين، إني آليت أن لا أغني بعد سيدي أبدا.

فغضب وأمر بصفعهها فصفعت وأقيمت على رجلها وأعطيت العود فأخذته وهي تبكي أحر بكاء واندفعت فغنت:

 

صفحة : 1930

 

 

يا دار سلمى بنازح السند                      بين الثنايا ومسقط اللبـد

لما رأيت الديار قد درست                      أيقنت أن النعيم لم يعـد فرق لها الرشيد وأمر بإطلاقها فانصرفت. ثم التفت إلى إبراهيم بن المهدي وقال: كيف رأيتها? قال: رأيتها تختله برفق وتقهره بحذق.

ثم إن عقيدا مولى صالح بن الرشيد خطبها فردته فاستشفع بمولاه صالح وبذل والحسين بن محرز فلم تجبه، وكتب إليها شعرا يستعطفها فما أجابته، وأقامت على الوفاء لمولاها إلى أن ماتت.

?ابن كارة الحنبلي دهبل بن علي بن منصور بن إبراهيم بن عبد الله أبو الحسن الخباز البغدادي المعروف بابن كارة. تفقه لابن حنبل وسمع من تاحسين بن علي بن أحمد بن البسري وعلي بن أحمد بن محمد بن بيان ومحمد بن سعيد بن نبهان وأبي غالب شجاع بن فارس الذهلي وجماعة. وروى عنه ابن الأخضر وعبد الرحمن بن الأبيض وأبو علي بن المطرز وغيرهم. وكان فقيها فاضلا زاهدا صادقا ثقة وأضر بآخره.

وتوفي سنة تسع وستين وخمس مائة.

 

الألقاب

الدوركي: محمد بن مصطفى.

دوخلة: علي بن منصور.

الدولابي الحافظ أبو بشر: اسمه محمد بن أحمد.

ابن الدهان جماعة: النحوي: اسمه الحسن بن علي بن رجاء، تقدم في حرف الحاء.

وأبو محمد سعيد بن المبارك.

وعبد الله بن أسعد بن علي.

ومحمد بن علي بن شعيب الحاسب.

ابن الدوامي: هبة الله بن الحسن بن هبة الله.

والحسن بن هبة الله.

الدوري المقرئ: اسمه حفص بن عمر بن عبد العزيز.

وابن الدوري: محمد بن عبد الله.

والدوري: محمد بن علي.

ابن دوست الشاعر: اسمه عبد الرحمن بن محمد.

ابن دوست اللغوي: اسمه محمد بن عمر.

الدولعي الخطيب: اسمه عبد الملك بن زيد.

الدولعي الخطيب: محمد بن أبي الفضل بن زيد.

الدوركي: محمد بن مصطفى.

ابن الدواليبي المسند: محمد بن عبد المحسن.

ابن الدوابقي: يوسف بن محمد.

الدود أبو القاسم الرازي الشافعي: عبد الله بن محمد.

الدهلي: سعيد بن عبد الله.

ابن أبي دؤاد القاضي: اسمه أحمد بن فرج.

ابن دواس: اسمه جعفر بن علي.

ابن دواس القنا: اسمه علي بن أحمد بن علي.

ابن الدويدة: اسمه علي بن أحمد.

 

الأبرازروزي الكاتب

دلال بن محمد بن طاهر أبو شجاع الكاتب البغدادي. كان أديبا فاضلا بليغا يكتب لأمراء التركمان وسكن أبرازروز. أورد له محب الدين ابن النجار:

قامت على عذل مع العاذلـين                      تقول: كم تغسـل دينـا بـدين

قلت لها: كفـي ولا تـيأسـي                      من روح ربي مالك المشرقين ومنها:

لا بد أن أمعن في سـفـرة                      أظل منها شاحب الوجنتـين

مهونا فيها عنـاء الـسـرى                      وصابرا فيها على الأصعبين

عزمة مقدام على مثـلـهـا                      مشمر الهمة بالـفـرقـدين

إما غنى في سفرتـي هـذه                      أو قائل أودى الردى بالحسين قلت: شعر متوسط.

الدلال المخنث: اسمه نافذ.

 

ديلم

الطبيب البغدادي

ديلم أبو داود تقجم ذكر ولده. كان ديلم من الأطباء المذكورين ببغداد. كان يتردد إلى الحسن بن مخلد وزير المعتمد ويخدمه. أراد المعتمد أن يقصد فقال للحسن بن مخلد: اكتب جميع من في خدمتنا من الأطباء حتى نتقدم بأن يصل لكل واحد منهم على قدره. فكتب الأسماء وأدخل فيها اسم ديلم المذكور فوقع تحت الأسماء بالصلات.

فقال ديلم: إني لجالس في منزلي وإذا برسول بيت المال ومعه كيس فيه ألف دينار فسلمه إلي وانصرف ولم أدر ما السبب فيه. فبادرت بالركوب إلى ابن مخلد وعرفته ذلك. فقال له ما جرى: وإني أدخلت في الأسماء فخرج لك ألف دينار.

ابن فيروز

ديلم بن أبي ديلم ويقال ابن فيروز ويقال ابن الهوشع، وهو من ولد حمير بن سبأ. له صحبة وسكن مصر. قال ابن عبد البر: لم يرو عنه فيما أعلم غير حديث واحد في الأشربة رواه عنه المصريون وراويه مرثد بن عبد الله اليزني. وهو منسوب الحميري الجيشاني.

 

الألقاب

الديباج الأموي: اسمه محمد بن عبد الله بن عمرو.

ابن الديباجي الموفق: اسمه الحسن بن أحمد.

الديباجي النحوي: محمد بن سعد.

الديباجي: محمد بن الحسن.

الديريني عز الدين: عبد العزيز بن أحمد.

الدياري: إبراهيم بن هبة الله.

الديبلي: أحمد بن نصر.

 

 

صفحة : 1931

 

ديك الجن الشاعر: اسمه هبد السلام بن رغبان.

الديمري: القاسم بن محمد.

أبو دلامة: اسمه زند بالنون بن الجون.

الدلاصي: عبد الله بن عبد الحق.

ابن أبي الدنيا: عبد الله بن محمد.

ابن دنينة الواعظ: اسمه علي بن عثمان بن مجلي.

دندن: اسمه محمد بن علي.

ابن دنين: عبد الوهاب بن عبد الرحمن.

ابن الديناري: اسمه عبد العزيز بن محمد.

الديناري الكاتب: اسمه أحمد بن الحسن.

ابن دينار: علي بن محمد.

الديناري النحوي: اسمه علي بن محمد بن محمد.

الديناري: عبد الجبار بن أحمد.

الديناري النحوي: اسمه محمد بن محمد.

 

الأنصاري الصحابي

دينار الأنصاري الصحابي. انفرد بالرواية عنه ابنه ثابت بن دينار وهو جد عدي بن ثابت. حديثه النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة يضعفونه. وله حديث آخر في القيء والعطاس والنعاس والتثاؤب نم الشيطان ولا يصح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق