الأربعاء، 9 مايو 2018

6//3 حدث في السنة السادسة من الهجرة (3)


حدث في السنة السادسة من الهجرة (3
16- وفي شوال أيضًا من هذه السنة: كانت سرية كُرْز بن جابر الفِهْري إلى العرنيين، فأتوا بهم، فقتلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
عن أنس - رضي الله عنه - أَنَّ نَاسًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ – ثمانية- قَدِمُوا الْمَدِينَةَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَتَكَلَّمُوا بِالْإِسْلَامِ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ الله إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ وَاسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ، فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِذَوْدٍ وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا نَاحِيَةَ الْحَرَّةِ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، وَقَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَعَثَ الطَّلَبَ فِي آثَارِهِمْ فَأَمَرَ بِهِمْ فَسَمَرُوا أَعْيُنَهُمْ، وَقَطَعُوا أَيْدِيَهُمْ، وَتُرِكُوا فِي نَاحِيَةِ الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا عَلَى حَالِهِمْ[1].
قال الواقدي:
في شوال سنة ست كانت سرية كُرْز بن جابر الفهري إلى العرنيين، الذين قتلوا راعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واستاقوا النَّعم، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم كُرْز بن جابر، في عشرين فارسًا، فردُّوهم[2].
17- وفي هذه السنة: وقبل صلح الحديبية، كانت سرية الخَبَط على الراجح.
الشرح:
عن جَابِرِ بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: بَعَثَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثَلَاثَ مِائَةِ رَاكِبٍ أَمِيرُنَا أبو عُبَيْدَةَ بن الْجَرَّاحِ نَرْصُدُ عِيرَ قُرَيْشٍ، فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ حَتَّى أَكَلْنَا الْخَبَطَ[3] فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا الْعَنْبَرُ، فَأَكَلْنَا مِنْهُ نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهِ[4] حَتَّى ثَابَتْ إِلَيْنَا أَجْسَامُنَا[5] فَأَخَذَ أبو عُبَيْدَةَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَنَصَبَهُ، فَعَمَدَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ مَعَهُ وَبَعِيرًا فَمَرَّ تَحْتَهُ، قَالَ جَابِرٌ: وَكَانَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ[6]، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ نَحَرَ ثَلَاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ نَهَاهُ. هذا لفظ البخاري.
وأما لفظ مسلم:
بَعَثَنَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ، فَكَانَ أبو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً، قيل لجابر: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ بِهَا، قَالَ: نَمَصُّهَا كَمَا يَمَصُّ الصَّبِيُّ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ فَتَكْفِينَا يَوْمَنَا إِلَى اللَّيْلِ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ، ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ، قَالَ: وَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ فَرُفِعَ لَنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ كَهَيْئَةِ الْكَثِيبِ الضَّخْمِ[7]، فَأَتَيْنَاهُ فَإِذَا هِيَ دَابَّةٌ تُدْعَى الْعَنْبَرَ[8]، قَالَ أبو عُبَيْدَةَ: مَيْتَةٌ، ثُمَّ قَالَ: لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَفِي سَبِيلِ الله وَقَدْ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا، قَالَ: فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا وَنَحْنُ ثَلَاثُ مِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا، قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ مِنْ وَقْبِ عَيْنِهِ[9] بِالْقِلَالِ الدُّهْنَ، وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الْفِدَرَ كَالثَّوْرِ[10] أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ، فَلَقَدْ أَخَذَ مِنَّا أبو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهَا ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ[11]، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ الله لَكُمْ فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ فَتُطْعِمُونَا"، قَالَ: فَأَرْسَلْنَا إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ فَأَكَلَهُ[12].
18- وفي هذه السنة: كانت سرية بني عَبْس على الغالب.
الشرح:
بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عيرًا لقريش أقبلت من الشام، فبعث بني عبس في سرية وعقد لهم لواء[13].
(الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)
[1] متفق عليه: أخرجه البخاري (4192)، كتاب: المغازي، باب: قصة عُكْل وعُرينة، ومسلم (1671)، كتاب: القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب: حكم المحاربين والمرتدين.
[2] من "البداية والنهاية" 4/201.
[3] الخَبَط: بفتح الخاء والباء، أي: المخبوط، وهو الورق الذي يتساقط من الأشجار بعد خبطها بالعصا ونحوها، لتأكله الإبل.
[4] ودكه: أي دهنه.
[5] ثابت إلينا أجسامنا: أي رجعت كما كانت.
[6] جزائر: جمع جزور وهو الجمل.
[7] الكثيب: هو كومة الرمل.
[8] العنبر: الحوت.
[9] من وقب عينه: أي من داخل عينه.
[10] أي: كقِطَع الثور.
[11] الوشائق: هو اللحم يؤخذ فيُغْلىٰ إغلاءً ولا ينضج فيحمل في الأسفار.
[12] متفق عليه: أخرجه البخاري (4361)، كتاب: المغازي، باب: غزوة سيف البحر وهم يتلقون عير قريش وأميرهم أبو عبيدة ابن الجراح - رضي الله عنه - ومسلم (1935)، كتاب: الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب: إباحة ميتات البحر.
[13] "الطبقات" 1/296، ولم يذكر تفاصيل أخرىٰ للغزوة.
رابط الموضوع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق