وقد
يختلف النقاد في زيادة من الزيادات فيقبلها بعضهم دون بعض .
مثال ذلك: ما رواه ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله ، قال: (( كان معاذ يصلي مع النبي r العشاء ، ثم ينطلق إلى قومه فيصليها ، هي له تطوع ، وهي لهم مكتوبة )) ([1]) . قال الحافظ ابن حجر: (( هو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح، وقد صرح([2]) ابن جريج في رواية عبد الرزاق ([3]) بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه )) ([4]) . أقول : إن ابن جريج قد تفرد في هذا الحديث بزيادة جملة : (( هي له تطوع ، وهي لهم مكتوبة )) ، فقد روي هذا الحديث من طريق سفيان بن عيينة –وهو ثقة ([5])– عن عمرو بن دينار ، عن جابر ، به ([6]) ، دون ذكر الزيادة التي انفرد بها ابن جريج . وقد أعلّ الطحاوي الزيادة في حديث ابن جريج فقال : (( فكان من الحجة للآخرين عليهم أن ابن عيينة قد روى هذا الحديث عن عمرو بن دينار كما رواه ابن جريج ، وجاء به تاماً وساقه أحسن من سياق ابن جريج ، غير أنه لم يقل فيه هذا الذي قاله ابن جريج )) ([7]) . وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذا فقال : (( تعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتم من سياق ابن جريج، ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح، في صحته ؛ لأن ابن جريج أسن وأجل من ابن عيينة وأقدم أخذاً عن عمرو منه ، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عدداً، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها )) ([8]) . أقول : لكن سفيان بن عيينة لم ينفرد بعدم ذكر الزيادة فقد تابعه عدد من الرواة على عدم ذكرها ؛ فيكون ابن جريج مخالفاً بذكر هذه الزيادة ، إذ روى الحديث الجم الغفير دون ذكر هذه الزيادة . فقد روى الحديث شعبة بن الحجاج ([9])، وأيوب السختياني ([10])، وحماد بن زيد ([11])، وسليم([12]) بن حيان ([13]) ، ومنصور([14]) بن زاذان ([15]) ، وهشام الدستوائي ([16]) ؛ فهؤلاء جميعهم رووه عن عَمْرو بن دينار ، عن جابر ، بِهِ . دون ذكر الزيادة . ثُمَّ إن الحديث روي عن جابر من غير طريق عمرو بن دينار، فقد رواه أبو الزبير([17]) ومحارب بن دثار ([18]) ، وعبيد الله ([19]) بن مقسم ([20]) ، ولم يذكروا هذه الزيادة مما يجعل الحكم مختلفاً عند النقاد . ([1]) أخرجه الشافعي في المسند ( 304 ) بتحقيقنا ، وفي السنن المأثورة ( 9 ) ، وعبد الرزاق ( 2266 ) ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/409 ، والدارقطني 1/274و275 ، والبيهقي 3/86 . ([2]) وإنما قال الحافظ هذا لأن ابن جريج مدلس ( تهذيب الكمال 4/561 ) وحديث المدلس لا يقبل إلا مع التصريح بالسماع . انظر : شرح التبصرة 1/184 ط . العلمية ، 1/237طبعتنا ، فتح الباقي 1/184-185 ط. العلمية ، و 1/226-227طبعتنا . ([3]) هذه الرواية ساقها الدارقطني 1/275 ، والبيهقي 3/86 بسنديهما إلى عبد الرزاق عن ابن جريج ، قال : أخبرني عمرو بن دينار ، عن جابر ، به . ولكن الموجود في المطبوع من مصنف عبد الرزاق برقم (2266): (( عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن معاذ بن جبل ، به )) . فيغلب على الظن أن ما في المطبوع سقط وتحريف . ([4]) فتح الباري 2/196 . ([5]) التقريب ( 2451 ) . ([6]) أخرجه الشافعي في مسنده ( 281 ) بتحقيقنا ، وفي السنن المأثورة ( 7 ) ، والحميدي ( 1246 ) ، وأحمد 3/308 ، ومسلم 2/41 ( 465 ) ( 178 ) ، وأبو داود ( 600 ) و ( 790 ) ، والنسائي 2/102-103 ، وأبو يعلى ( 1827 ) ، وابن الجارود (327) ، وابن خزيمة ( 521 ) و ( 1611 ) ، وأبو عوانة 2/171 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/213-214 ، وفي شرح مشكل الآثار (4215) ، وابن حبان ( 2398 ) و ( 2400 ) وفي ط. الرسالة ( 2400 ) و ( 2402 ) ، والبيهقي 3/85 و112 ، والبغوي ( 599 ) من طريق سفيان بن عيينة بهذا الإسناد . ([7]) شرح معاني الآثار 1/409 . ([8]) فتح الباري 2/196-197 . ([9]) عند الطيالسي ( 1694 ) ، وأحمد 3/369 ، والدارمي ( 1300 ) ، والبخاري 1/179 (700) و(701) ، وأبي عوانة 2/172 ، والبيهقي 3/85 . ([10]) عند البخاري1/182(711)، ومسلم2/42(465)(181)،وأبي عوانة 2/172و173، والبيهقي3/85. ([11]) عند الترمذي ( 583 ) ، وابن حبان ( 1521 ) وفي ط الرسالة ( 1524 ) ، والبغوي ( 858 ) . ([12]) هُوَ سليم بن حيان الهذلي ، البصري : ثقة . تهذيب الكمال 3/261 ( 2474 ) ، والكاشف 1/456 ( 2067 ) ، والتقريب ( 2531 ) . ([13]) عند البخاري 8/32 (6106) ، والطبراني في الأوسط (7359) ط الطحان و (7363) ط دار الفكر. ([14]) هُوَ مَنْصُوْر بن زاذان الواسطي ، أبو المغيرة الثقفي: ثقة ثبت عابد، توفي سنة (128)، وَقِيْلَ: (129ه) ، وَقِيْلَ: (131ه). تهذيب الكمال 7/229 (6786)، والكاشف2/296 (5639)، والتقريب (6898). ([15]) عند مسلم 2/42 ( 465 ) ( 180 ) ، وأبي عوانة 2/172 ، وابن حبان ( 2401 ) وفي ط الرسالة (2403) ، والبيهقي 3/86 . ([16]) عند ابن قانع في معجم الصحابة ( 236 ) . ([17]) عند الشافعي في المسند ( 282 ) بتحقيقنا ، وفي السنن المأثورة ( 8 ) ، وعبد الرزاق ( 3725 ) ، ومسلم 2/42 ( 465 ) ( 179 ) ، وابن ماجه ( 836 ) و( 986 ) ، والنسائي 2/172-173 ، وفي الكبرى ( 1070 ) و ( 11667 ) ، وابن خزيمة ( 521 ) ، وأبي عوانة 2/171و173 ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ( 4216 ) . ([18]) عند الطيالسي ( 1728 ) ، وابن أبي شيبة ( 3605 ) و( 4658 ) ، وأحمد 3/299و300 ، وعبد بن حميد ( 1102 ) ، والبخاري 1/180 ( 705 ) ، والنسائي 2/168و172 ، وفي الكبرى ( 1056 ) و( 1069 ) و ( 11652 ) و ( 11664 ) ، وأبي عوانة 2/173 ، والطحاوي في شرح معاني الآثار 1/213 ، وابن قانع في معجم الصحابة ( 235 ) ، والطبراني في الأوسط ( 2682 ) و ( 7783 ) في ط الطحان و ( 2661 ) ( 7787 ) في ط العلمية ، والبيهقي 3/116 . وأخرجه النسائي 2/97 ، وفي الكبرى ( 905 ) و ( 11673 ) من طريق أبي صالح ومحارب بن دثار عن جابر . ([19]) هُوَ عبيد الله بن مقسم القرشي المدني مولى ابن أبي نمر : ثقة مشهور . تهذيب الكمال 5/64 ( 4277 ) ، والكاشف 1/687 ( 3592 ) ، والتقريب ( 4344 ) . ([20]) أخرجه الشافعي في مسنده ( 305 ) بتحقيقنا – ومن طريقه البغوي ( 857 ) من طريق إبراهيم بن مُحَمَّد ، عن ابن عجلان ، عن عبيد الله بن مقسم ، عن جابر ، به وذكر فيه أنه : (( يرجع إلى قومه فيصلي بهم العشاء ، وهي له نافلة )) ، وأخرجه أحمد 3/302 ، وأبو داود ( 599 ) و ( 793 ) ، وابن خزيمة ( 1633 ) و ( 1634 ) ، وابن حبان ( 2399 ) و ( 2402 ) وفي ط الرسالة ( 2401 ) و(2404) ، والبيهقي 3/86 و116-117 ، والبغوي ( 601 ) من طرق عن عبيد الله بن مقسم ، ولم يذكروا الزيادة ، وقد ذكر ابن حجر في التلخيص 2/39 أن البيهقي أخرجه من طريق الشافعي عن إبراهيم بن محمد ، عن ابن عجلان ، عن عبيد الله بن مقسم عن جابر ، وفيه الزيادة ، وقال : (( أي البيهقي ، والأصل أن ما كان موصولاً بالحديث يكون منه ، وخاصة إذا روي من وجهين إلا أن يقوم دليل على التمييز )) . قال ابن حجر : (( كأنه يرد بهذا على من زعم أن فيه ادراجاً ، وقد أشار إلى ذلك الطحاوي وطائفة )) . |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق