الجمعة، 6 أبريل 2018

أسـباب القـلب في المتن أو السبب


أسـباب القـلب د ماهر الفحل
مِمَّا لا شك فِيْهِ أن قابليات الرُّوَاة تتفاوت ما بَيْنَ إتقان وضبط وتعاهد للمحفوظ ، ثُمَّ إنهم مختلفون في ما ركزه الله فِيْهِمْ من العدالة أو ضدها ، وعليه فَقَد اختلفت دوافع القلب في المرويات تبعاً لهذا التفاوت ، ويمكن أن نجعل جملة الأسباب الَّتِيْ تؤدي بوقوع القلب في حَدِيْث الرُّوَاة ثلاثة ، هِيَ ([1]) :
1. رغبة الرَّاوِي في إيقاع الغرابة في حديثه ليُرَغِّبَ الناس
حَتَّى يظنوا أنه يروي ما ليس عِنْدَ غيره فيقبلوا عَلَى التحمل مِنْهُ . عَلَى نحو ما وقع في حَدِيْث حماد بن عمرو النصيبي الَّذِيْ سقناه قَبْلَ قليل ([2]) .

ولهذا السبب كره أهل الْحَدِيْث تتبع الغرائب ، قَالَ الإمام أحمد : (( لا تكتبوا هَذِهِ الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء )) ([3]) .

2. الإمعان في التثبت من حال المحدِّث أحافظ هُوَ أم غَيْر حافظ ؟ وهل يفطن لما وقع في الْحَدِيْث من القلب أم لا ؟
فإن تبين لَهُ أنه حافظ متيقظ يطمئن القلب في الْحَدِيْث عَنْهُ ، أقبل عَلَى التحمل عَنْهُ ، وإن تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ ، بأن كانت فِيْهِ  غفلة أو بلادة ذهن أعرض عَنْهُ وتركه .
كَمَا وقع للبخاري والعقيلي والفضل بن دكين ومحمد بن عجلان والمزي وغيرهم – مِمَّا أسلفنا ذكرهم – ([4]).
3. خطأ الرَّاوِي وغلطه
بأن يقع القلب في حديثه من باب السهو لا العمد ، وهذا النوع راويه معذور فِيْهِ ؛ لأنه لَمْ يقصد إيقاعه ، إلا أنه إذا كثر في حديثه استحق الترك ([5]).
مثاله : الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ جرير بن حازم ، عن ثابت البناني ، عن أنس قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله صلي الله عليه وسلم : (( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني )) ([6]).
فهذا الْحَدِيْث انقلب إسناده عَلَى جرير، وإنما هُوَ مشهور ليحيى بن أبي كثير ، عن عَبْد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النَّبِيّ  صلي الله عليه وسلم ، هكذا رَوَاهُ الجمع ، عن يحيى بن أبي كثير مِنْهُمْ :
1.   أبان : عِنْدَ أبي داود ([7]) .
2. حجاج بن أَبِي عثمان الصواف([8]) : عِنْدَ مُسْلِم ([9]) ، وابن خزيمة ([10])، وأبي عوانة ([11])، وابن حبان ([12]) ، وأبي نعيم في " المستخرج " ([13]) .
3. شيبان ([14]): عِنْدَ البُخَارِيّ ([15])، ومسلم ([16])، وأبي عوانة ([17])، وأبي نعيم في "المستخرج"([18]).
4. علي بن المبارك ([19]) : عِنْدَ البخاري ([20]) ، وأبي عوانة ([21]) ، وابن حبان ([22]) .
5.   معاوية بن سلام ([23]) : عِنْدَ ابن خزيمة ([24]).
6. معمر : عِنْدَ عَبْد الرزاق ([25]) ، وابن أبي شيبة ([26]) ، ومسلم ([27]) ، والترمذي ([28])، وأبي عوانة ([29]) ، وابن حبان ([30]) ، وأبي نعيم في " المستخرج " ([31]).


7. هشام: عِنْدَ البُخَارِيّ ([32])، والدارمي ([33])، وأبي نعيم في "مستخرجه"([34])، والبيهقي([35]).
8.   همام : عِنْدَ الدارمي ([36]) .
قَالَ الترمذي: (( سألت محمداً عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ : هُوَ حَدِيْث خطأ ، أخطأ فِيْهِ جرير بن حازم . ذكروا أن الحجاج الصوّاف كَانَ عِنْدَ ثابت البناني ، وجرير بن حازم في المجلس ، فحدّث الحجاج ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عَبْد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النَّبِيّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : (( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني )) ، فوهم فِيْهِ  جرير بن حازم فظن أن ثابتاً حدّثه عن أنس بهذا )) ([37]) .



([1]) انظر : إرشاد طلاب الحقائق 1/267 ، والباعث الحثيث : 90 ، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 1/641 ، وفتح المغيث 1/256 ، وتوضيح الأفكار 2/110-111 .
([2]) ص : 530 .
([3]) الكامل 1/111 ، وانظر : شرح التبصرة والتذكرة 2/77 طبعتنا ، وطبعة العلمية 2/270 .
([4]) الصفحة : 229 .
([5]) انظر : منهج النقد في علوم الْحَدِيْث : 435 .
([6]) عِنْدَ : الطيالسي ( 2128 ) ، وعبد بن حميد ( 6259 ) ، والترمذي في " علله " الكبير ( 146 ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 9387 ) .
([7]) في سننه ( 539 ) .
([8]) هُوَ حجاج بن أبي عثمان ، واسم أبي عثمان : ميسرة ، وَقِيْلَ : سالم ، الصواف ، أبو الصلت الكندي مولاهم ، البصري : ثقة حافظ ، توفي سنة ( 143 ه‍ ) .
تهذيب الكمال 2/62 ( 1108 ) ، والكاشف 1/313 ( 938 ) ، والتقريب ( 1131 ) .
([9]) في صحيحه 2/111 ( 604 ) .
([10]) في صحيحه ( 1526 ) .
([11]) في صحيحه ( 1335 ) .
([12]) في صحيحه ( 2242 ) .
([13]) عَلَى صَحِيْح مُسْلِم ( 1341 ) .
([14]) هُوَ شيبان بن عَبْد الرَّحْمَان التميمي ، مولاهم النحوي ، أَبُو معاوية البصري ، نزيل الكوفة : ثقة ، صاحب كتاب، يقال: إنَّهُ منسوب إِلَى (( نحوة )) بطن من الأزد، لا إِلَى علم النحو، توفي سنة (164 ه‍).
تهذيب الكمال 3/412-413 (2770) ، والكاشف 1/491 ( 2316 ) ، والتقريب (2833) .
([15]) في صحيحه 1/164 ( 638 ) .
([16]) في صحيحه 2/101 ( 654 ) .
([17]) في صحيحه ( 1339 ) و ( 1340 ) .
([18]) ( 1340 ) .
([19]) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي – بضم الهاء وتخفيف النون – البصري : ثقة ، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان ، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال .
تهذيب الكمال 5/295-296 ( 4713 ) ، والكاشف 2/45 ( 3957 ) ، والتقريب ( 4787 ) .
([20]) في صحيحه 2/9 ( 909 ) .
([21]) في مسنده ( 1341 ) .
([22]) في صحيحه ( 1755 ) .
([23]) هُوَ معاوية بن سلاّم – بالتشديد – بن أبي سلاّم – واسم أبي سلاّم ممطور الحبشي ويقال : الألهاني ، أبو سلاّم الدمشقي ، وَكَانَ يسكن حمص : ثقة ، توفي بَعْدَ سنة ( 170 ه‍ ) .
تهذيب الكمال 7/154-155 ( 6650 ) ، والكاشف 2/276 ( 5525 ) ، والتهذيب ( 6761 ) .
([24]) في صحيحه ( 1644 ) .
([25]) في مصنفه ( 1932 ) .
([26]) في مصنفه ( 4093 ) .
([27]) في صحيحه 2/101 ( 604 ) .
([28]) في الجامع الكبير ( 592 ) .
([29]) في مسنده ( 1337 ) .
([30]) في صحيحه ( 2223 ) .
([31]) المستخرج ( 1341 ) .
([32]) في صحيحه 1/164 ( 637 ) .
([33]) في سننه ( 1261 ) .
([34]) المستخرج ( 1340 ) .
([35]) في السنن الكبرى 2/20 .
([36]) في سننه ( 1262 ) .
([37]) علل الترمذي : 89 عقيب ( 146 ) ، وانظر : العلل ومعرفة الرجال 2/243 ، والمراسيل : 94 ، وجامع الترمذي عقيب ( 527 ) ، والضعفاء الكبير 1/198 ، وعلل الدَّارَقُطْنِيّ 4/الورقة 21 .






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق