اضطراب في المتن د ماهر الفحل والتعقيب
مَا روي عن عَمَّار بن ياسر من أحاديث في صِفَة التيمم فَقَدْ ذكر
بَعْض العُلَمَاء
أنَّ هَذَا من المضطرب ، وسأشرح ذَلِكَ بتفصيل :
أنَّ هَذَا من المضطرب ، وسأشرح ذَلِكَ بتفصيل :
فَقَدْ روى الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَني عبيد الله بن عَبْد
الله، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار بن ياسر؛ أن رَسُوْل الله r عَرَّسَ ([1])
بأولات الجيش ومعه عَائِشَة فانقطع عِقدٌ لَهَا من جَزْعِ ظِفار، فحبس الناس
ابتغاء عقدها ذَلِكَ، حَتَّى أضاء الفجر، وَلَيْسَ مَعَ الناس ماء فتغيظ عَلَيْهَا
أبو بَكْر ، وَقَالَ : حبستِ الناس ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ ، فأنزل الله تَعَالَى
عَلَى رسولهِ r رخصة
التَّطَهُّرِ بالصعيد الطيب ، فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله r
فضربوا بأيديهم إِلَى الأرض ، ثُمَّ رفعوا أيديهم ، وَلَمْ يقبضوا من التراب شيئاً
، فمسحوا بِهَا وجوههم ، و أيديهم إِلَى المناكب ، ومن بطون أيديهم إِلَى الآباط ([2]).
وَقَدْ ورد حَدِيث آخر لعمار في التيمم بلفظ : (( أن النَّبيّ r أمره
بالتيمم للوجه والكفين )) ، وَفِي رِوَايَة : (( إنما يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا
: ثُمَّ ضرب الأرض ضربة وَاحِدَة ، ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين ، وظاهر كفيه
ووجهه )) ، وَفِي رِوَايَة : ((ضرب النَّبيّ r بكفيه
الأرض ، ونفخ فِيْهما ، ثُمَّ مسح بهما وجهه وكفيه )) ، وَفِي رِوَايَة : (( ثُمَّ
ضرب بيديه الأرض ضربة وَاحِدَة )) ، وَفِي رِوَايَة : (( وأمرني بالوجه والكفين
ضربة وَاحِدَة )) ، وَفِي رِوَايَة : (( يكفيك الوجه و الكفان )) ([3]).
فهذا الحَدِيْث يختلف عن الحَدِيْث الأول مِمَّا دعى بَعْض
العُلَمَاء إلى الحكم عليه بالاضطراب ، قَالَ الإِمَام التِّرْمِذِي :(( ضعف بَعْض
أهل العِلْم حَدِيث عَمَّار عن النَّبيّ r في
التيمم للوجه و الكفين لما روي عَنْهُ حَدِيث المناكب و الآباط))([4]).
وَقَالَ ابن عَبْد البـر : (( كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب فمضطرب
مختلف فِيهِ )) ([5]). إلا أن بَعْض العُلَمَاء حاولوا أن
يوفقوا بَيْنَ الحَدِيْث الأول والثَّانِي باعتبار التقدم و التأخر، وباعتبار أن
الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبيّ r .
قَالَ الأثرم : (( إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيّ r كَمَا
حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب ؛ فعلّمه عَلَيْهِ الصَّلاَة و السلام ))([6]).
وَقَالَ ابن حبان :(( كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ
تعليم النَّبيّ r عماراً
كَيْفِيَّة التيمم ثُمَّ علمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النبيَّ r عن
التيمم ))([7]).
وذهب الحنفية إلى ترجيح روايته إلى المرفقين لحديثين أحدهما حَدِيث
أبي أمامة الباهلي وحَدِيث الأسلع ([8]).
وَقَالَ البَغَوِيّ : (( وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا
إلى المناكب ، فَهُوَ حكاية فعله ، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله r كَمَا
حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة ، فلما سأل النَّبيّ r وأمره
بالوجه والكفين انتهى إليه ، وأعرض عن فعله ))([9]).
قُلْتُ : وما ذكر من توجيه عَلَى هَذَا النحو يشكل عَلَيْهِ
أَنَّهُ ورد في الحَدِيْث
الأول :(( فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم ...)).
الأول :(( فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم ...)).
([1]) التعريس : هُوَ النـزول ليلاً من أجل
الراحة . انظر اللسان 6/136 مادة عرس .
([2]) أخرجه أَحْمَد 4/263 ، وأبو دَاوُد
(320) ، وَالنَّسَائِيّ 1/167 وَفِي الكبـرى ، لَهُ (300) ، والطحاوي في شرح
المعاني 1/110و111 ، و البَيْهَقِيّ 1/208 ، وابن عَبْد البـر في التمهيد 19/284
من طرق عن صالح .
وأخرجه أَبُو يعلى (1609) من طريق عَبْد
الرحمان بن إسحاق .
وأخرجه أبو يعلى أَيْضاً (1630) من طريق
مُحَمَّد بن إسحاق .
جميعهم ( صالح ، و عَبْد الرحمان بن
إسحاق ، ومحمد بن إسحاق ) رووه عن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدَّثَني
عبيد الله ابن عَبْد الله بن عتبة ، عن ابن عَبَّاس ، عن عَمَّار . =
عبيد الله ابن عَبْد الله بن عتبة ، عن ابن عَبَّاس ، عن عَمَّار . =
=وإسناده فِيهِ مقال ؛ ذَلِكَ أن أبا
حاتم و أبا زرعة الرازيين غلطاها ، وذكرا أن الصَّوَاب هِيَ رِوَايَة مَالِك
وسفيان بن عيينة اللذين روياه عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله ، عن أبيه عن عَمَّار
. (نصب الراية 1/155-156) ، لَكِنْ النَّسَائِيّ ساق الرِّوَايَتَيْنِ في الكبرى
(300) و (301) وَقَالَ: ((كلاهما محفوظ)) .
وحديث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة
عن أبيه عن عَمَّار :
أخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (86)
بتحقيقنا وط العلمية (ص160 ) ، والحميدي (143) ، وابن ماجه (566) والطحاوي في شرح
المعاني 1/111 ، من طرق عن سُفْيَان بن عيينة .
و أخرجه النَّسَائِيّ 1/168 وَفِي الكبرى
، لَهُ (301) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/110 ، وابن حبان (1310) ، والبيهقي
1/208 . من طريق مَالِك .
وأخرجه
الشَّافِعيّ في المُسْنَد (87) بتحقيقنا وط العلمية (ص 160) أَخْبَرَنَا الثِّقَة
عن معمر .
ثلاثتهم
(سفيان، ومالك، ومعمر) رووه عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة
، عن أبيه ، عن عَمَّار ، بِهِ . وَهِيَ الرِّوَايَة المحفوظة كَمَا قَالَ
الرازيان .
وله طريق آخر من حَدِيث عبيد الله بن
عَبْد الله بن عتبة ، عن عَمَّار ، بِهِ .
أخرجه الطَيَالِسِيّ (637) ، وأبو يعلى
(1633) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/111 ،والبيهقي 1/208، من طريق ابن أبي ذئب
وأخرجه عَبْد الرزاق (827) -ومن طريقه
ابن المنذر في الأوسط (535)-،و أحمد 4/320 ، وأبويعلى (1632 ) ، وابن عَبْد البـر
في التمهيد 19/285 ، من طريق معمر .
وأخرجه أحمد 4/321 ، وأبو دَاوُد (318) و
(319) ، وابن ماجه (571) ، من طريق يونس بن يزيد.
وأخرجه ابن ماجه (565) ، من طريق الليث
بن سعد .
جميعهم ( ابن أبي ذئب ، ومعمر، ويونس ،
والليث ) رووه عن الزُّهْرِيّ عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن عَمَّار ،
بِهِ . وَهِيَ رِوَايَة محفوظة لَكِنْ عبيد الله لَمْ يَسْمَع من عَمَّار . تهذيب
الكمال 5/42 .
([3]) أخرجه الطَيَالِسِيّ (638) ، و عَبْد
الرزاق (915) ، وابن أبي شَيْبَة (1677) و (1678) و (1686) ، وأحمد 4/263 و 319 و
320 ، والدارمي (751) ، والبُخَارِيّ 1/92 (338) و 1/93(339) ، وَمُسْلِم
1/192(368)(110) ، و أبو دَاوُد (322) و(323) و(324) و(325) و(326) و(327) ، وابن
ماجه (569) ، و النَّسَائِيّ 1/165 و 168 و169و 170 وَفِي الكبرى ، لَهُ ( 302 )
(303) و(304) و (305) ، وابن الجارود (125) ، وابن خزيمة (266) و (267) و (268) ،
وأبو عوانة 1/305 و 306 ، والطحاوي في شرح المعاني 1/112 و 113 ، وابن حبان (1264)
(1300) (1303) (1305) (1306) وط الرسالة (1267) و (1303) و ( 1306) و (1308) و
(1309) ، والدَّارَقُطْنِيّ 1/183 ، وأبو نُعَيْم في المستخرج (811) ،
والبَيْهَقِيّ 1/209 و 210 ، والبَغَوِيّ (308) من طرق عن عَمَّار .
([4]) جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (144) .
([5]) التمهيد 19/287 .
([6]) نصب الراية 1/156
([7]) الإحسان عقب حَدِيث (1307) و ط الرسالة
( 1310 ) .
([8]) المبسوط 1/107 .
([9]) شرح السُّنَّة 2/114 عقب (309) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق