1.سورة الاخلاص

............................................................................................................... *

  القرآن الكريم مكتوبا كاملا

110. ب مم.

·  تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثانيالتجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانويالهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث

Translate ***

15.موقع جادو

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

السبت، 7 أبريل 2018

الوافي بالوفيات / الصفدي/ باب محمد 3.







الوافي بالوفيات -الصفدي -.باب محمد 3*-


صفحة : 512

ومن شعره أورده ابن أنجب في كتاب لطائف المعاني:

نفسي الفداء لبـيض خـرد عـرب                      لعبن بي عند لثم الركن والحـجـر

ما استدل إذا ما تهت خـلـفـهـم                      إلا بريحهـم مـن طـيب الأثـر

غازلت من غزلي منـهـن واحـدة                      حسناء ليس لها أخت من البـشـر

إن أسفرت عن محياها أرتك سـنـا                      مثل الغزالة إشراقـا بـلا عـثـر

للشمس غرتها لـلـيل طـرتـهـا                      شمس وليل معا من أحسن الصور

فنحن في الليل من ضوء النهار بـه                      ونحن في الظهر في ليل من الشعر قال ابن النجار:اجتمعت به بدمشق في رحلتي إليها وكتبت عنه من شعره ونعم الشيخ هو،ذكر لي أنه دخل بغداد سنة إحدى وست مائة فأقام بها اثني عشر يوما ثم دخلها ثانيا حاجا من مكة مع الركب سنة ثمان وست مائة.وأورد له:

أنا حائر مـا بـين عـلـم وشـهـوة                      ليتصلا ما بين ضـدين مـن وصـل

ومن لم يكن يستنشق الريح لـم يكـن                      يرى الفضل للمسك الفتيق على الزبل أبو العشائر ابن التلولي محمد بن علي بن محمد ابن التلولي اللبان أبو العشائر من أهل قطفتا.

حفظ القرآن وقرأ بالروايات وتمهذب لابن حنبل وسمع الحديث من جماعة وقرأ الأدب على العشاب وصحب ابن العطار صاحب المخزن.

توفي في محبس ابن عباد ناظر واسط سنة إحدى عشرة وست مائة.

أبو منصور القزويني المقرئ محمد بن علي بن منصور بن عبد الملك ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الفراء القزويني أبو منصور ابن أبي الحسن.

قرأ القرآن بالروايات على أبي بكر محمد بن علي بن موسى الخياط وغيره،وسمع الحديث من أبيه ومن أبي طالب محمد بن غيلان وأبي إسحق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي وأبي محمد الحسن الجوهري وأبي الطيب طاهر الطبري وأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي وغيرهم،وروى عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبو بكر المبارك بن كامل الخفاف،قال ابن النجار:وشيخنا يحيى بن بوش.وتوفي سنة ست عشرة وخمس مائة.

ابو الحسن الدقيقي محمد بن علي ابو الحسن الدقيقي أخذ عن علي ابن عيسى الرماني وغيره،مولده سنة أربع وثمانين وثلاث مائة وله من الكتب المرشد في النحو المسموع من كلام العرب في الغريب.

العمراني المكي محمد بن علي بن أحمد بن هرون العمراني المكي أبو علي الأديب.

توفي سنة نيف وعشرين وخمس مائة قاله أبو محمد محمود بن أرسلان في تاريخ خوارزم وقال:هو شيخ لطيف العبارة خفيف الحركة حاضر الجواب أخذ الأدب عن سليمان بن محمد الدادي.

قال:وسمعت ابنة حجة الإسلام ابا الحسين علي بن محمد يقول:هجا شبل الدولة ابو مقاتل عطية البكري والدي فقال:

رأيت الفتى المكي أسود حالكا                      طويلا نحيفا يابس الكف والبدن

فشبهته والثوب يغشاه أبـيضـا                      بمحراك تنور تلطخ باللـبـن فأجابه والدي:

أيا شبل لا تهج السواد فـإنـنـي                      رأيت سواد العين أكرم في البدن

ولا تهجوني بالنحول فـإنـنـي                      كباز وإن الدب يوصف بالسمن ابن الجبان اللغوي محمد بن علي بن عمر بن الجبان ابو منصور اللغوي من أهل الري.

سكن بأصبهان وكان إماما في اللغة وله مصنفات حسنة في الأدب وهو من أصحاب أبي علي يالفارسي النحوي،قدم بغداد سنة إحدى وتسعين وثلاث مائة وروى بها كتاب انتهاز الفرص في تبيين المقلوب من كلام العرب من تصنيفه قرأه عليه عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي ورواه عنه وقرئ عليه مسند الروياني وتكلموا فيه من قبل مذهبه كذا قاله ابن النجار قلت:لعله كان معتزليا.

قال ياقوت:له كتاب أبنية الأفعال وكتاب الشامل في اللغة كبير كتاب شرح الفصيح حسن.

وكان ينخرط في سلك ندماء الصاحب ابن عباد ثم استوحش من خدمته وتمادت به أحوال شتى حتى علق غلاما من الديلم يقال له البركاني واتفق للغلام أنه أحرم بالحج ولم يجد هو بدا من موافقته ومرافقته حتى بلغا الميقات فلما أخذ في التلبية قال:لبيك اللهم لبيك والبركاني ساقني إليك،وكان يواصل إنشاد هذين البيتين:

مليح الدل والـغـنـج                      لك سلطان على المهج

 

صفحة : 513

 

 

إن بيتا أنت ساكـنـه                      غير محتاج إلى سرج ثم ابتلي بفراقه فقال:

يا وحشتي لفراقـكـم                      أترى يدوم علي هـذا

الموت والأجل المـتـا                      ح وكل معضلة ولا ذا الدوري الواعظ محمد بن علي بن نصر بن البل الدوري ابو المظفر الواعظ.

ولد بالدور من نواحي دجيل ودخل بغداد في صباه واستوطنها وسمع الحديث الكثير وقرأ الفقه والأدب وسلك طريق الوعظ وحفظ المجالس وتكلم على رؤوس الناس،ولم يزل إلى أن علت سنه وتعصب له الناس وصار يتكلم في التعازي المتعلقة بدار الخلافة والأكابر وأذن له في الجلوس بباب التربة الجهنية عند قبر معروف كل سبت.

وكانت بينه وبين أبي الفرج ابن الجوزي منافرات ومناقرات.

ولم يزل كذلك إلى أن جرت لولده مخاصمة مع غلمان أم الناصر فمنع من الجلوس وأمر بلزوم بيته..ولم يزل كذلك حتى مات سنة إحدى عشرة وست مائة ومولده سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة.

وأورد له ابن النجار:

يتوب على يدي قوم عصـاة                      أخافتهم من الباري ذنـوب

وقلبي مظلم من طول ما قد                      جنى فأنا على يد من أتوب?

كأني شمعة مـا بـين قـوم                      تضيء لهم ويحرقها اللهيب

كأني مخيط يكسـو أنـاسـا                      وجسمي من ملابسهم سليب مهذب الدين ابن الخيمي محمد بن علي بن علي بن علي-ثلاثة-ابن المفضل بن القامغار-بالقاف وبعد الألف ميم بعدها غين معجمة بعدها ألف بعدها راء-الأديب الكامل مهذب الدين ابن الخيمي الحلي العراقي الشاعر شيخ معمر فاضل.

قال ابن النجار:كتبت عنه بالقاهرة وله مصنفات كثيرة سمع وروى وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة.

من شعره:

أأصنام هذا الجيل طـرا أكـلـكـم                      يعوق أما فـيكـم يغـوث ولا ود

لقد طال تردادي إليكم فـلـم أجـد                      سوى رب شأن في الغنى شأنه الرد

ودعوى كرام يستحيل قـبـولـهـا                      ويقبل إذ حد الحسـام لـهـا حـد ومنه:

جننت فعوذني بكـتـبـك أن لـي                      شياطين شوق لا تفارق مضجعـي

إذا استرقت أسرار وجدي تـمـردا                      بعثت عليها في الدجى شهب أدمعي ومنه:

قالت وقد رأت المشيب:تجاف عن                      مسي بشيبك فالمشيب أخو البرص

إنـي لأكـرهـه إذا عـاينـتـه                      يقظى وألقى دون رؤيته الغصص

وأظنه كفني وقطـن لـفـائفـي                      حملته غاسلتي وجاءت في قفص ومن تصانيفه:كتاب حرف في علم القرآن أمثال القرآن كتاب الكلاب استواء الحاكم والقاضي رد على الوزير المغربي المقايسة لزوم الخمس الملخص الديواني في الأدب والحساب المقصورة المطاول في الرد على المعري في مواضع سها فيها ستة اسطرلاب الشعر شرح التحيات الأربعين والأساميات الديوان المعمور في مدح الصاحب الجمع بين الأخوات والمحافظة عليهن وهن مسيئات صفات القبلة مجملة مفصلة رسالة من أهل الإخلاص والمودة إلى الناكثين من أهل الغدر والردة.

ولد في الثامن والعشرين من شوال سنة تسع وأربعين وخمس مائة بالحلة المزيدية وتوفي يوم الأربعاء العشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وست مائة بالقاهرة ودفن من الغد بالقرافة الصغرى.

قال ابن خلكان:وحضرت الصلاة عليه وكان إماما في اللغة وراوية للشعر والأدب وكان اجتماعنا بالقاهرة في مجالس عديدة وأنشدني كثيرا من شعره وشعر غيره انتهى.

قلت:ومن شعره الأبيات المشهورة وهو ما كتبه لولده وقد عصر:

عصروك أمثال اللصـو                      ص ومكنوا منك الإهانه

فإذا رجعت فخـنـهـم                      إن السلامة في الخيانـه

وافعل كفعل بني سـنـا                      ء الملك في مال الخزانه يقال أن هذه الأبيات لما شاعت أمسك بنو سناء الملك وصودروا بسبب هذه الأبيات.

وقال قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان رحمه الله تعالى:أنشدني مهذب الدين ابو طالب ابن الخيمي وأخبرني أنه كان بدمشق وقد رسم السلطان بحلق لحية شخص له وجاهة بين الناس فحلق بعضها وحصلت فيه شفاعة فعفي عنه في الباقي فعمل فيه ولم يصرح باسمه بل رمزه وستره وهو:

زرت ابن آدم لما قيل قد حلقوا                      جميع لحيته من بعد ما ضربا

 

صفحة : 514

 

 

فلم أر النصف محلوقا فعدت له                      مهنئا بالذي منها لـه وهـبـا

فقام ينشدني والدمع يخـنـقـه                      بيتين ما نظما مينا ولا كـذبـا

إذا أتتك لحلق الذقـن طـائفة                      فاخلع ثيابك منها ممعنا هربـا

وإن أتوك وقالوا أنها نـصـف                      فإن أطيب نصفيها الذي ذهبـا ابن الشيخ علي الحريري محمد بن علي هو ابن الشيخ علي الحريري رجل صالح دين خير،ومن محاسنه أنه كان ينكر على أصحاب والده ويأمرهم باتباع الشريعة ولما مات أبوه طلبوا منه الجلوس في المشيخة فشرط عليهم شروطا لم يقدر أصحابه على اشتراطها فتركهم وانعزل عنهم.

وتوفي بدمشق في سنة إحدى وخمسين وست مائة ودفن عند الشيخ رسلان عاش سبعا وأربعين سنة.

أبو الفتح الأنصاري المقرئ محمد بن علي بن موسى شمس الدين ابو الفتح الأنصاري لم يشتهر إلا بكنيته.

كان فاضلا عارفا بالقرآن تفرد بذلك في وقته وكان يقرئ بتربة أم الصالح بدمشق.

توفي سابع عشر صفر سنة سبع وخمسين وست مائة وانتفع الناس به.

نجيب الدين السمرقندي الطبيب محمد بن علي بن عمر السمرقندي نجيب الدين.

قال ابن أبي أصيبعة:طبيب فاضل بارع له كتب جليلة وتصانيف مشهورة،قتل مع جملة من الناس الذين قتلوا بهراة لما دخلها التتار وكان معاصرا لفخر الدين الرازي،ولنجيب الدين السمرقندي من الكتب كتاب أغذية المرضى قسمه على حسب ما يحتاج إليه في التغذية لكل واحد من سائر الأمراض كتاب الأسباب والعلامات جمع لنفسه ونقله من القانون لأبي علي ابن سينا ومن المعالجات البقراطية وكامل الصناعة كتاب الأقراباذين الكبير وكتاب الأقراباذين الصغير،انتهى كلامه ولم يذكر وفاته.

الحاكمي الخوارزمي محمد بن علي بن أحمد الحاكمي الخوارزمي ابو عبد الله.

مات في شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة،فقيه خطيب واعظ شاعر كاتب أديب أريب،صنف كتاب فتح منقشلاغ ومدح فيه الملك المظفر أتسز خوارزمشاه ووصف أخلاقه ومحاسنه.

ومن شعره:

أيحسب الناس أن المجد مـجـان                      وهل يملك بالمجـان مـرجـان

ما أعوز المجد مجانا بلا ثـمـن                      المجد علق وللأعلاق أثـمـان

المجد أبعد شـأوا أن يفـوز بـه                      بغير وكد وكد النفـس إنـسـان

بأين عدوك تسلم مـن غـوائلـه                      بالبعد لا تحرق الأشـياء نـيران

ولا يغرنـك إطـراق يريك بـه                      تناوما فضجيج الحقـد يقـظـان

ولا تفه بكلام لسـت تـأمـنـه                      فربما كان لـلـحـيطـان آذان

واجز الكريم إذا أسدى إلـيك يدا                      وإن الجزاء على الإحسان إحسان الصاحب فخر الدين ابن حنا محمد بن علي بن محمد بن سليم المصري الشافعي هو الوزير فخر الدين ابو عبد الله ابن الصاحب بهاء الدين ابن القاضي السديد ابن حنا.

سمع من أبي الحسن ابن المقير وحدث ودرس بمدرسة والده، وعمر رباطا كبيرا بالقرافة ووقف عليه ما لم يقم بالفقراء،وكان دينا فاضلا محبا للخير وهو والد الصاحب تاج الدين وقد مر ذكره،وشيعه خلق كثير،روى عنه الدمياطي،وكانت وفاته سنة ثمان وست مائة.

وله نظم من خط شمس الدين الجزري:ومن نظم الصاحب فخر الدين ما أنشدنا شيخنا شرف الدين الدمياطي قال:أنشدنا المذكور لنفسه:

من يسمع العذل في من وجهها قمر                      فذاك عندي ممـن لـبـه فـقـدا

لو شاهدت عذلي ما تحت برقعهـا                      من الجمال لماتوا كلهـم شـهـدا

روحي الفداء لمن عشاقها قتـلـت                      فكم أسير لها مـا يفـتـدى أبـدا

من علم الغصن لولا قدها مـيسـا                      وعلم الظبي لولا جـيدهـا غـيدا وأنشدنا له:

أنا مرسل للعاشقين جميعـهـم                      من مات منهم وافيا من أمتـي

فله الشهادة كلها ولي الـهـنـا                      إذ كان ممن قد غدا في زمرتي قلت:ولما مات رثاه البوصيري قيل أنه كتبها على قبره هي:

نم هنيئا محمـد بـن عـلـي                      لجميل قدمـت بـين يديكـا

كنت عونا لنا على الدهر حتى                      حسدتنا يد المنون عـلـيكـا

أنت أحسنت في الحياة إلينـا                      أحسن الله في الممات إليكـا

 

صفحة : 515

 

وقال أبو الحسين الجزار يعزي الصاحب بهاء الدين فيه لما مات:

بكت الصحابة عند فقد محمـد                      أسفا فكان أشدهم حزنا علـي

ولحسرة المتألمـين حـقـيقة                      في الرزء غير تجمل المتجمل ابن المصري تاج الدين محمد بن علي بن يوسف بن شاهنشاه تاج الدين ابن المصري.

كان فاضلا صنف تاريخا للقضاة وتوفي بمصر في المحرم سنة سبع وسبعين وست مائة ودفن بسفح المقطم.

وجيه الدين ابن سويد محمد بن علي بن أبي طالب بن سويد الرئيس وجيه الدين التكريتي التاجر.

كان نافذ الكلمة وافر الحرمة كثير الأموال والتجارات واسع الجاه،كان من خواص الملك الناصر يده مبسوطة في دولته،لما توجه في الجفل إلى مصر من التتار غرم ألف ألف درهم،ولما تملك الملك الظاهر قربه وأدناه وأوصى إليه وجعله ناظر أوقافه لا يتعرض أحد إلى متاجره،وكتبه عند الملوك حتى ملوك الفرنج نافذة وكل من ينسب إليه مرعي الجانب،ولما مات ولده التاج محمد سنة ست وخمسين مشى الملك الناصر في جنازته ثم ركب إلى الجبل.

وحج ولده نصير الدين عبد الله عام حج الملك الظاهر فحضر عنده يوم عرفة مسلما فحين وطئ البساط قال له السلطان وبالغ في إكرامه وسأله عن حوائجه فقال له:يكون معنا أمير يعينه السلطان،فقال:من اخترت أرسلته في خدمتك،فطلب منه جمال الدين ابن نهار فقال له:هذا المولى نصير الدين قد اختارك على جميع من معي فتخدمه مثلما تخدمني وتروح معه إلى الشام.

وكان وجيه الدين فيه بر ومكارم ورقة حاشية،ولد سنة تسع وست مائة وتوفي سنة سبعين وست مائة ودفن بتربته بقاسيون.

وسمع من المؤتمن ابن قميرة ولم يرو بل روى عنه الدمياطي.من شعره في مليح عروس كردي:

لما جلوا ذا الصبي كالبدر في هالو                      سبى المواشط وقالوا فيه ما قالوا

صبي وكردي وكرديه من أشكالوا                      لولا نبات عذارو لالتبس حـالـو وكان أقارب ذلك الصبي أمراء القميرية وكان ابن سويد قد أنشد البيتين للملك الناصر وكان إذا حضروا يقول له على سبيل البسط:يا وجيه لولا يوهمه أنه ينشد البيتين،فيضع الوجيه إصبعه على فمه يعني اسكت عني خوفا من الأكراد.

أمين الدين المحلي النحوي محمد بن علي بن موسى بن عبد الرحمن الشيخ أمين الدين ابو بكر الأنصاري المحلي النحوي أحد أئمة العربية بالقاهرة.

تصدر لإقراء النحو وانتفع به الناس له تصانيف حسنة منها أرجوزة في العروض وغير ذلك وله شعر حسن.

توفي في ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وست مائة عن ثلاث وسبعين سنة.ومن نظمه ما كتبه في مرضه لبعض الأكابر:

يا ذا الذي عم الورى نفعه                      ومن له الإحسان والفضل

العبد في منزله مـدنـفـا                      وقد جفاه الصحب والأهل

فروجه البقل ويا ويح من                      فروجه في المرض البقل ومن نظمه أيضا ما كتبه إلى مريض:

إن جـئت نـلـت بـبـابـك الـتـشــريفـــا                      وإن انـقـطـعـت فـأوثـر الـتـخـفـيفــا

ووحق حبي فيك قدما أننيعوفيتأكره أن أراك ضعيفا ومن نظمه ما أنشدنيه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي قال:أنشدني الشيخ تقي الدين محمد بن عبد الخالق الصائغ المقرئ قال:أنشدني لنفسه أمين الدين المحلي:

عليك بأرباب الصدور فإن من                      يجالس أرباب الصدور تصدرا

وإياك أن ترضى صحابة ساقط                      فتنحط قدرا من علاك وتحقرا

فرفع ابو من ثم خفض مزمل                      يحقق قولي مغريا ومحـذرا ابن ميسر المصري محمد بن علي بن يوسف بن ميسر تاج الدين ابو عبد الله المصري المؤرخ.

صنف تاريخ القضاة وله تاريخ كبير ذيل به على تاريخ المسبحي.توفي سنة سبع وسبعين وست مائة.

المحدث جمال الدين ابن الصابوني محمد بن علي بن محمود بن أحمد الحافظ المحدث ابو حامد ابن الشيخ علم الدين ابن الصابوني المحمودي شيخ دار الحديث النورية.

ولد سنة اربع وست مائة وتوفي سنة ثمانين وست مائة،سمع من الحرستاني وابن ملاعب وابن البناء وأبي القاسم العطار وابن أبي لقمة،وعني بالحديث وكتب وقرأ وصار له فهم ومعرفة وسمع من ابن البن وابن صصرى وهذه الطبقة بدمشق.

 

 

صفحة : 516

 

وكان صحيح النقل مليح الخط حسن الأخلاق،صنف مجلدا سماه تكملة إكمال الإكمال ذيل به على إكمال ابن نقطة فأجاد وأفاد.

وهو من رفاق ابن الحاجب والسيف بن المجد وابن الدخميسي وابن الجوهري،وطال عمره وعلت روايته وروى الكثير بمصر ودمشق،روى عنه الدمياطي وابن العطار والدواداري والبرزالي والبرهان الذهبي وابن رافع جمال الدين وقاضي القضاة نجم الدين ابن صصرى،وكان له إجازة من المؤيد الطوسي وابن طبرزد،وحصل له تغير قبل موته بسنة أو أكثر واعتراه غفلة وساء حفظه،وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته،ودفن بسفح قاسيون.

شمس الدين المزي العابر محمد بن علي بن علوان الشيخ شمس الدين المزي مفسر الرؤيا كان ضريرا كثير التلاوة وكان إليه المنتهى في تعبير الرؤيا يضرب به المثل في وقته.

توفي سنة ثمانين وست مائة.

صدر الدين ابن القباقبي محمد بن علي الأنصاري الصدر شمس الدين ابن القباقبي.

كان من شيوخ الكتاب وهو والد مجد الدين يوسف أظنه كتب الدرج بصفد والله أعلم.توفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة.

ابن شداد الحلبي الكاتب محمد بن علي بن إبراهيم بن علي بن شداد الصدر المنشئ عز الدين ابو عبد الله الأنصاري الحلبي الكاتب.

ولد سنة ثلاث عشرة وكان أديبا فاضلا وصنف تاريخا لحلب وسيره إلى الملك الظاهر وكان من خواص الناصر ذهب في الرسلية إلى هولاكو وإلى غيره وسكن الديار المصرية بعد أخذ حلب وكان ذا مكانة عند الظاهر والمنصور وله توصل ومداخلة وفيه مروءة ومسارعة لقضاء الحوائج وروى شيئا وسمع منه المصريون.

وتوفي سنة اربع وثمانين وست مائة.

صلاح الدين مدرس القيمرية محمد بن علي بن محمود صلاح الدين أبو عبد الله الشهرزوري الشافعي مدرس القيمرية بدمشق وناظرها الشرعي.

كان شابا نبيها حسن الشكل كريم الأخلاق لين الكلام،ولي تدريسها بعد والده القاضي شمس الدين علي.

توفي سنة إحدى وثمانين وست مائة ودفن إلى جانب والده بتربة الشيخ تقي الدين ابن الضلاح ولم يكمل له أربعون سنة.

رضي الدين الشاطبي اللغوي محمد بن علي بن يوسف بن محمد بن يوسف العلامة رضي الدين ابو عبد الله الأنصاري الشاطبي اللغوي.

ولد ببلنسية سنة إحدى وست مائة وروى عن ابن المقير وابن الجميزي،وكان عالي الإسناد في القرآن لأنه قرأ لورش على المعمر محمد بن أحمد بن مسعود الشاطبي الأزدي صاحب ابن هذيل.

وكان رضي الدين إمام عصره في اللغة تصدر بالقاهرة وأخذ الناس عنه،روى عنه الشيخ أثير الدين ابو حيان وسعد الدين الحارثي وجمال الدين المزي وابن منير والظاهري ابو عمرو.

توفي سنة اربع وثمانين وست مائة.وكان يجتمع بالصاحب زين الدين ابن الزبير ويجتمع بالصاحب المذكور جماعة الشعراء من عصره مثل أبي الحسين والوراق وابن النقيب وتلك الحلبة.

أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال:فكان الصاحب يرجحه عليهم ويرفعه فوقهم في المجلس ويقول:أنت عالم وهؤلاء شعراء انتهى.

ولما مات الشيخ رضي الدين رثاه السراج الوراق بقصيدة أولها:

سقى أرضا بها قبر الرضي                      حيا الوسمي يردف بالولي منها:

فقد ترك الغريب غريب دار                      وأذكره بفقد الأضـمـعـي

وأحكم محكم بلجـام حـزن                      لفقد الفارس البطل الكمـي

ولما اعتل قالوا اعتل أيضـا                      لشكواه صحاح الجوهـري

وجازى كل عين قد بكـتـه                      كتاب العين بالدمع الـروي

لشيخ السبع أبـين مـا رواه                      وصال كصولة السبع الجري

فحزن الشاطبية ليس يخفـى                      من العنوان عن فهم الغبـي

وفي علم الحديث له اجتهـاد                      به يتلو اجتهاد البـيهـقـي

وفي الأنساب لا يخفى علـيه                      دعاوي من صحيح أو دعي

لو أدرك عصره الكلبي ولى                      وهرول خوف ليث هبرزي وكان الشاطبي أزرق العينين فقال ناصر الدين ابن النقيب فيه:

يقولون قد حرف الشاطبي                      فقلت وتصحيفه أكـتـر

ومن لـم يقـيد رواياتـه                      بخط الشيوخ فما يذكـر

ومن أخذ العلم عن نفسـه                      فإن سواه بـه أخـبـر

وقالوا دعاويه لا تنقضـي                      وجد مساويه لا يحصـر

 

صفحة : 517

 

 

فقلت اصفعوا الأزرق المدعي                      ولو أنه خـلـف الأحـمـر ابن العابد الكاتب محمد بن علي بن العابد الكاتب قال الشيخ أثير الدين مشافهة:هذا من غرناطة وهو والد الكاتب أبي القاسم ابن العابد.

له يلغز في ساحر من إنشاد أثير الدين:

ما اسم لحسناء تسمت بـه                      مما بعينيها لقتل العـبـاد

ونصفه الثاني مرادي الذي                      أختاره منها ونعم المراد الرندي محمد بن علي الرندي بالراء المضمومة والنون.

أخبرني الشيخ أثير الدين من لفظه قال:قدم علينا القاهرة ومدح بها بعض قضاتها وتشفع عنده ببعض اصحابه وكان قد نظم فيه أشعارا وموشحات فردها عليه وكتب له بعد الشفاعة بأرطال من الخبز قليلة في ورقة فلم يقبلها وكان قد شكا إليه عائلة كبيرة فقال:إذا كان هذا رئيسهم،ففارق القاهرة ولا أدري أين ذهب.

وأنشدني أثير الدين للمذكور:

شكري لعليائكم كالروض للسحب                      وقد غذتها بدر غيث منسـكـب

إذ لحت في آل شكر بدر هالتها                      تمد بحر الندى بالعـلـم والأدب

ببيت عز شـهـير لا يلـم بـه                      خرم ولا وتد ينفك عن سـبـب

مديد سبق طـويل فـي دوائره                      وكامل وافرس يغني عن الخبب قلت:شعر منحط.

ابن الملاق الحنفي محمد بن علي بن محمد بن الملاق-بالتخفيف في اللام-القاضي بدر الدين الرقي الفقيه الحنفي.

سمع من بكبرس الخليفتي  الأربعين الودعانية  وسمع منه الدواداري وأجاز للدماشقة.

مولده سنة تسع عشرة توفي سنة سبع وتسعين وست مائة.

نائب الدواداري في الشد محمد بن علي الأمير شهاب الدين العقيلي نائب الدواداري في شد الشام.

قتل في أواخر سنة سبع وتسعين وست مائة وكان قد شاخ وأسن وسمر قاتله.

المسند شمس الدين ابن الواسطي محمد بن علي بن أحمد بن فضل المسند المبارك شمس الدين ابو عبد الله أخو الإمام القدوة تقي الدين ابن الواسطي.

ولد سنة خمس عشرة وست مائة تقريبا وحضر علي الشيخ الموفق وموسى بن عبد القادر وابن راجح،وسمع من ابن أبي لقمة والقزويني وابن البن وابن صصرى والبهاء وابن صباح والكاشغري وابن غسان والزبيدي وعمر بن شافع وطائفة،خرج له الشيخ شمس الدين عوالي في جزء ضخم وخرج له النابلسي مشيخة في جزئين،وسمع منه المزي والبرزالي وابن سيد الناس والمقاتلي وابن المهندس ونجم الدين القحفازي وشمس الدين ابن المهيني.وتوفي سنة سبع مائة.

الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد محمد بن علي بن وهب بن مطيع الإمام العلامة شيخ الإسلام تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري المنفلوطي المصري المالكي الشافعي أحد الأعلام وقاضي القضاة.

ولد سنة خمس وعشرين بناحية ينبع وتوفي يوم الجمعة حادي عشر صفر سنة اثنتين وسبع مائة.

سمع من ابن المقير وابن الجميزي وابن رواج والسبط وعدة وسمع من ابن عبد الدائم والزين خالد بدمشق،وخرج لنفسه أربعين تساعية ولم يحدث عن ابن المقير وابن رواج لأنه داخله شك في كيفية التحمل عنهما.

وله التصانيف البديعة كالإلمام والإمام شرحه ولم يكمل ولو كمل لم يكن للإسلام مثله وكان يجيء في خمسة وعشرين مجلدا وله علوم الحديث والذي أملاه على ابن الثير في شرح عمدة الأحكام فاضل العصر الذي يعرفه وهو إملاء وشرح مقدمة المطرز في أصول الفقه وألف الأربعين في الرواية عن رب العالمين وشرح بعض مختصر ابن الحاجب وكان إماما متفننا محدثا مجودا فقيها مدققا أصوليا أديبا نحويا شاعرا ناثرا ذكيا غواصا على المعاني مجتهدا وافر العقل كثير السكينة بخيلا بالكلام تام الورع شديد التدين مديم السهر مكبا على المطالعة والجمع قل أن ترى العيون مثله،وكان سمحا جوادا عديم الدعاوي له اليد الطولى في الفروع والأصول وبصر بعلل المنقول والمعقول،قد قهره الوسواس في أمر المياه والنجاسات وله في ذلك حكايات ووقائع عجيبة،وكان كثير التسري والتمتع وله عدة أولاد ذكور بأسماء الصحابة العشرة.

تفقه بأبيه وبالشيخ عز الدين ابن عبد السلام وبطائفة واشتهر اسمه في حياته وحياة مشايخه وتخرج به أئمة.

 

 

صفحة : 518

 

وكان لا يسلك المراء في بحثه بل يتكلم بسكينة كلمات يسيرة فلا يراد ولا يراجع،وكان عارفا بمذهبي مالك والشافعي كان مالكيا أولا ثم صار شافعيا قال:وافق اجتهادي اجتهاد الشافعي إلا في مسألتين أحديهما أن الابن لا يزوج أمه والأخرى...،وحسبك بمن يتنزل ذهنه على ذهن الشافعي.

وكان لا ينام الليل إلا قليلا يقطعه بمطالعة وذكر وتهجد أوقاته كلها معمورة.

ولما طلع إلى السلطان حسام الدين لاجين قام له وخطا عن مرتبته،وعزل نفسه عن القضاء مرات ثم يسأل ويعاد إليه،وكان شفوقا على المشتغلين كثير البر لهم.

وقال قطب الدين:أتيته بجزء سمعه من ابن رواج والطبقة بخطه فقال:حتى أنظر،ثم عاد إليه فقال:هو خطي ولكن ما أحقق سماعي له ولا أذكره.

وحكى قطب الدين السنباطي قال:قال الشيخ تقي الدين لكاتب الشمال سنين لم يكتب علي شيئا،قلت:أخبرني ذلك الإمام العلامة قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن السبكي قال: حكى لي ذلك السنباطي فاجتمعت به وقلت له:قال فلان عن فلان عن مولانا كذا وكذا?فقال:أظن ذلك أو كذلك يكون المسلم،أو كما قال.

روى عنه الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وقطب الدين ابن منير وقاضي القضاة علاء الدين القونوي وقاضي القضاة علم الدين الإخنائي وآخرون وحدث للشيخ شمس الدين إملاء.

وشعره في غاية الحسن في الانسجام والعذوبة وصحة المقاصد وغوص المعاني وجزالة الألفاظ ولطف التركيب.

أخبرني الشيخ الإمام شهاب الدين أبو الثناء محمود فقال:ما رأيت في أهل الأدب مثله،وناهيك بمن يقول شهاب الدين محمود في حقه هذا.

وقال لي الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس وكان به خصيصا:كان الشيخ تقي الدين ممتعا إذا فتح له باب انقضت تلك الليلة في تلك المادة حتى في شعر المتأخرين والعصريين انتهى.

قلت::

فهو الذي بجح الزمان بذكره                      وتزينت بحديثه الأخـبـار قال القاضي شهاب الدين محمود:قال لي الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد يوما قول أبي الطيب:

لو كان صادف رأس عازر سيفه                      في يوم معركة لأعيى عيسـى في هذا شيء غير إساءة الأدب.فأفكرت ساعة ثم قلت:نعم كون الموت ما يتفاوت إن كان بالسيف أو غيره فالإحياء من الموت سبيل واحدة.فقال:أحسنت يا فقيه،أو كما قال،وهذه المؤاخذة لا تصدر إلا من أديب كبير كالجاحظ أو غيره.

وأما ما كان يقع من الشيخ أثير الدين في حقه فله سبب أخبرني به الشيخ فتح الدين قال:كان الشيخ تقي الدين قد نزل عن تدريس مدرسة لولده-نسيت أنا المدرسة واسم ابنه-فلما حضر الشيخ أثير الدين درس قاضي القضاة تقي الدين ابن بنت الأعز قرأ آية يفسرها درس ذلك اليوم وهي قوله تعالى  قد خسر الذين قتلوا أولادهم  فبرز أبو حيان من الحلقة وقال:يا مولانا قاضي القضاة قدموا أولادهم قدموا أولادهم،يكرر ذلك،فقال قاضي القضاة:ما معنى هذا?قال:ابن دقيق العيد نزل لولده فلان عن تدريس المدرسة الفلانية،فنقل المجلس إلى الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد فقال:أما أبو حيان ففيه دعابة أهل الأندلس ومجونهم وأما أنت يا قاضي القضاة فيبدل القرآن في حضرتك وما تنكر هذا الأمر،فما كان إلا عن قليل حتى عزل ابن بنت الأعز من القضاء بابن دقيق العيد،فكان إذا خلا شيء من الوظائف التي تليق بالشيخ أثير الدين ابي حيان يقول الناس:هذه لأبي حيان يخرجها الشيخ تقي الدين لغيره،فهذا هو السبب الموجب لحط أبي حيان وشناعه عليه وأهل العصر لا يرجع إلى جرحهم بعضهم بعضا لمثل هذه الواقعة وأمثالها

إن العرانين تلقاها محسدة                      ولا ترى للئام الناس حسادا

 

صفحة : 519

 

وما خلص ابن بنت الأعز من ضرب العنق إلا ابن دقيق العيد لأن الوزير شمس الدين ابن السلعوس لما عمل على ابن بنت الأعز وعزله وسعى في عمل محاضر بكفره وأخذ خط الجماعة على المحاضر ولم يبق إلا خط ابن دقيق العيد أرسل إليه المحاضر مع نقباء وقال:يا مولانا الساعة تضع خطك على هذه المحاضر،فأخذها وشرع يتأملها واحدا بعد واحد والنقباء يتواتر ورودهم بالحث والطلب والإزعاج وأن الوزير في انتظار ذلك والسلطان قد حث في الطلب وهو لا ينزعج وكلما فرغ محضرا دفعه إلى الآخر فقال:ما أكتب فيها شيئا،قال الشيخ فتح الدين:فقلت له:يا سيدي لأجل السلطان والوزير،فقال:أنا ما أدخل في إراقة دم مسلم،قال:فقلت له:كنت تكتب خطك بذلك وبما يخلص فيه،فقال:يا فقيه ما عقلي عقلك هم ما يدخلون إلى السلطان ويقولون قد كتب فلان بما يخالف خطوط الباقين وإنما يقولون قد كتب الجماعة وهذا خط ابن دقيق العيد فأكون أنا السبب الأفوى في قتله،قال:فأبطل إبطاله وأطفأ من شواظ نارهم.

وما أراه إلا أنه ممن بعثه الله تعالى على رأس كل مائة ليجدد لهذه الأمة دينهم فإن الله بعث على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز وعلى رأس الثانية الشافعي وعلى رأس المائة الثالثة ابن سريج وعلى راس المائة الرابعة أبا حامد الإسفراييني وعلى رأس المائة الخامسة ابا حامد الغزالي وعلى رأس المائة السادسة الإمام فخر الدين الرازي وعلى رأس المائة السابعة الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد:وأخبرني فتح الدين أنه ما كان يعجبه قول من يقول  قاضي القضاة الشافعي  فإذا قلنا  قاضي القضاة الشافعية  قال: إنه هذا.

وكتب الشيخ تقي الدين إلى قاضي القضاة شهاب الدين أحمد بن الخليل الخويي شافعا ومتشوقا:يخدم المجلس لا زال حافظا لأحكام الجود،محفوظا بضمان الله في ضمن السعود،محروس العزم من دواعي الهوى والعز من دواعي الحسود،مقابل وجه الرأي بمرآة الحق مولي جناب الباطل جانب الصدود،ولا برح يمطر على العفاة سحائب كرمه،ويروي الرواة من بحار علوم بمد من قلمه،ويجلو ابكار الأفكار مقلدة بما نظم السحر من حلي كلمه،ويبرز خفيات المعاني منقادة بأيد ذهنه وأيدي حكمه،ويسمو إلى غايات المعالي حتى يقال اين سمو النجم من هممه،ويسبغ من جمال فضله وجميله ما يبصره الجاهل على عماه ويسمعه الحاسد على صممه،وينهى من ولائه ما يشهد به ضميره الكريم،ومن ثنائه ما هو أطيب من ودائع الروض في طي النسيم،ومن دعائه ما يقوم منه بوظيفة لا تهمل،وبشيعه برجاء يطمع معه بكرم الله أن يقبل ويقبل،ويجري منه على عادة إذا انقضى منها ماض تبعه الفعل في الحال والعزم في المستقبل،غير خاف أنه لكل أجل كتاب،ولكل مقصود أسباب،ولم يزل يهم بالكتابة والأيام تدافع،ويعزم على المخاطبة فتدفع في صدر عزمه الموانع،حتى طلع الوقت فجر حظه،واستناب منافثة قلمه عن مشافهة لفظه،وقال لخدمته هذه ردي موردا غير آسن،وتهنى محاسن لا تشبهها المحاسن،وتوطني المحلة المسعودة فكما يسعد الناس كذلك تسعد الأماكن.

وشاهدي من ذلك السيد صدرا بشره بالنجح ضامن،وشهابا ما زلنا نعد السيارة سبعا حتى عززت لنا منه بثامن،وكان السبب في ذلك أن القاضي نجم الدين بمحلة منف لما قدم القاهرة أقام بحيث تقيم،وحاضرنا محاضرة الرجل الكريم،ونافث منافثة لا لغو فيها ولا تأثيم،ولازم الدروس ملازمة لولا أنها محبوبة لقلنا ملازمة غريم،وتلك حقوق له مرعية،ومعرفة أنسابها مراضعة العلوم الشرعية،وقصد هذه الخدمة إلى المجلس فكان ذلك من واجب حقه،وذكر ثناء عليه فقلنا رأيت الحق لمستحقه،وسيدنا حرسه الله تعالى أهل لتقليد المنن،ومحل لأن يظن به كل حسن،والعلم بمروءته لا يقبل تشكيك المشكك،وابوته تقتضي أن يرتقي من بعروة وده يستمسك،والله تعالى يرفع شأنه،ويعلى برهانه،ويكتب له يوم إحسانه إحسانه،ويطوي على المعارف اليقينية جنانه،ويطلق بكل صالحة يده ولسانه،بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى.

قلت:ما أعرف بعد القاضي افاضل من كتب الإنشاء مثل ا لقاضي محيي الدين ابن عبد الظاهر وما له مثل هذه المكاتبة علم ذلك من علمه أو جهله من جهله.

أنشدني من لفظه الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس قال:أنشدني شيخنا تقي الدين ابن دقي قالعيد لنفسه:

الحمد لله كم أسعى بعزمي في                      نيل العلى وقضاء الله ينكسه

 

صفحة : 520

 

 

كأنني البدر أبغي الشرق والفلك ال                      أعلى يعارض مسعاه فيعكـسـه قلت:هو مثل قول الأرجاني:

سعيي إليكم في الحقـيقة والـذي                      تجدون عنكم فهو سعي الدهر بي

أنحوكم ويرد وجهي القهـقـرى                      دهري فسيري مثل سير الكوكب

فالقصد نحو المشرق الأقصى له                      والسير رأي العين نحو المغرب وأنشدني بالسند المذكور له أيضا:

أأحباب قلبي والذين بذكـرهـم                      وترداده طول الزمان تعلقـي

لئن غاب عن عيني بديع جمالكم                      وجار على الأبدان حكم التفرق

فما ضرنا بعد المسافة بينـنـا                      سرائرنا تسري إليكم فنلتقـي وبالسند المذكور له أيضا:

قالوا فلان عالم فـاضـل                      فأكرموه مثل ما يرتضي

فقلت لما لم يكن ذا تقـى                      تعارض المانع والمقتضي وبالسند المذكور إجازة له يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا سائرا نحو الحجـاز مـشـمـرا                      اجهد فديتك في المسير وفي السرى

وإذا سهرت الليل في طلب العـلـى                      فحذار ثم حذار من خدع الـكـرى

فالقصد حيث النور يشرق ساطـعـا                      والطرف حيث ترى الثرى متعطرا

قف بالمنازل والمناهـل مـن لـدن                      وادي قباء إلى حمـى أم الـقـرى

وتوخ آثار النبـي فـضـع بـهـا                      متشرفا خديك في عفـر الـبـرى

وإذا رأيت مهابط الـوحـي الـتـي                      نشرت على الآفـاق نـورا أنـورا

فاعلم بأنك مـا رأيت شـبـيهـهـا                      مذ كنت في ماضي الزمان ولا ترى

فتردد المخـتـار بـين بـعـيدهـا                      وقريبها متـبـديا مـتـحـضـرا

واستودعت من سـره مـا كـاد أن                      يبدي لنا معنى الكمـال مـصـورا

سر فهمنا كنـهـه لـم يشـتـبـه                      فنشك فيه ولم نـهـم فـيفـسـرا

ولقد أقول إذا الكواكـب اشـرقـت                      وترفعت في منهتى شرف الـذرى

لا تفخرا زهـر فـإن مـحـمـدا                      أعلى علىص منها وأشرف جوهرا

نلنا به ما قـد رأينـا مـن عـلـى                      مع ما نؤمل في القـيامة أن نـرى

فسعـادة أزلـية سـبـقـت ومـا                      هو ثـابـت أزلا فـلـن يتـغـيرا

وسـيادة بـارى الأنـام بـهـا ولا                      سيما إذا قدموا عليه المـحـشـرا

ومواهب يأتي لها التـأمـيل مـس                      تقصى فيرجع عندها مستقـصـرا

ومهابة ملأ القـلـوب بـهـاؤهـا                      واستنزلت كبر الملوك مصـغـرا

ولربما كفت القتـال فـلـو غـدت                      لليث نال بها الـفـريسة مـخـدرا

وبديع لطف شمـائل مـن دونـهـا                      ماء الغمامة والنـسـيم إذا سـرى

مع سطوة للـه فـي يوم الـوغـى                      تعنو لشدة بأسهـا أسـد الـشـرى

لا ينكر المعـروف مـن أخـلاقـه                      وإذا استبيح حمى الإلـه تـنـكـرا

شوقي لقرب جنابـه وصـحـابـه                      شوق يجـل يسـيره أن يذكـــرا

أفنى كنوز الصبر مـن إشـرافـه                      وجرى على الأحشاء منه ما جـرى

أن لاح صبح كان وجدا مـقـلـقـا                      أو جن ليل كان همـا مـسـهـرا

أرجو وصال أحبتـي فـكـأنـمـا                      أرجو المحال وجوده المـتـعـذرا

وأسير نحو مقـامـهـم حـتـى إذا                      شارفت رؤيته رجعت القهـقـرى حذفت ممن أثنائها ومن آخرها ابياتا خوف الإطالة.وبالسند المذكور له إجازة:

تهيم نفسي طربـا كـلـمـا                      أستلمح البرق الـحـجـازيا

ويستخف الوجد عقلـي وقـد                      لبست أثواب الحـجـى زيا

يا هل أقضى حاجتي من منى                      وأنحر البزل الـمـهـاريا

وأرتوي من زمزم فهي لـي                      الذ من ريق الـمـهـى ريا وبالسند المذكور له أيضا:

تمنيت أن الشيب عاجل لمتـي                      وقرب مني صبـاي مـزاره

لآخذ من عصر الشباب نشاطه                      وآخذ من عصر المشيب وقاره وبالسند المذكور له أيضا:

عطيته إذا أعطى سـرور                      فإن سلب الذي أعطى أثابا

فأي النعمتين أعد فضـلا                      وأحمد عند عقباهـا إيابـا

 

صفحة : 521

 

 

أنعمته التي كانت سـرورا                      أم الأخرى التي جلت ثوابا وبالسند المذكور من أبيات:

لم يبق لي أمل سواك فإن يفت                      ودعت أيام الـحـياة وداعـا

لا أستلذ لغير وجهك منظـرا                      وسوى حديثك لا اريد سماعا وأنشدني الشيخ شمس الدين محمد بن محمد بن نباتة قال:أنشدني الشيخ تقي الدين لنفسه:

أتعبت نـفـسـك بـين ذلة كـادح                      طلب الحياة وبين حرص مـؤمـل

وأضعت نفسك لا خلاعة مـاجـن                      حصلت فيه ولا وقـار مـبـجـل

وتركت حظ النفس في الدنيا وفي ال                      أخرى ورحت عن الجميع بمعـزل وبالسند المذكور له أيضا:

لعمري لقد قاسيت بالفقـر شـدة                      وقعت بها في حـيرة وشـتـات

فإن بحت بالشكوى هتكت مروءتي                      وإن لم ابح بالصبر خفت مماتـي

فأعظم به من نـازل بـمـلـمة                      يزيل حـيائي أو يزيل حـياتـي وبالسند المذكور له أيضا دوبيت:

الجسم تذيبه حقوق الخـدمـه                      والنفس هلاكها علو الهمـه

والعمر بذاك ينقضي في تعب                      والراحة ماتت فعليها الرحمه ومن العجيب أن هذين البيتين الدوبيت حفظهما تاج الدين أحمد أخو الشيخ تقي الدين وكان فارضا وعاقدا بالحسينية فاتفق أنه قال في وقت الهاجرة بسمجد الجواري بالحسينية فرأى والدهما الشيخ مجد الدين رحمه الله تعالى وهو نائم فسلم عليه وسأله عن حاله فقال:يا سيدي بخير،فقال:كيف محمد أخوك?قال:بخير الساعة كنت عنده وأنشدني دوبيت،وأنشده للشيخ فقال:سلم عليه وقل له:

الروح إلى محلهـا قـد تـاقـت                      والنفس لها مع جسمها قد عاقت

والقلب معذب على جمـعـهـم                      والصبر قضى وحيلتي قد ضاقت فانتبه تاج الدين وقد حفظ الدوبيت المذكور.ونقلت من خط الشيخ تقي الدين ما أثبته لنفسه:

أفكر في حالي وقـرب مـنـيتـي                      وسيري حثيثا في مصيري إلى القبر

فينشئ لي فكري سحائب لـلأسـى                      تسح هموما دونها وابل الـقـطـر

إلى الله أشكو من وجودي فإنـنـي                      تعبت به مذ كنت في مبدأ العـمـر

تروح وتغدو للـمـنـايا فـجـائع                      تكدره والمـوت خـاتـمة الأمـر ونقلت منه له أيضا:

سحاب فكري لا يزال هاميا                      وليل همي لا أراه راحلا

قد أتعبتني همتي وفطنتـي                      فليتني كنت مهينا جاهـلا وأنشدني الشيخ فتح الدين إجازة قال:أنشدني لنفسه:

كم ليلة فيك وصلنا الـسـرى                      لا نعرف الغمض ولا نستريح

قد كلت العيس فجد الـهـوى                      واتسع الكرب فضاق الفسـيح

وكادت الأنفس مـمـا بـهـا                      تزهق والأرواح منها تطـيح

واختلف الأصحاب ماذا الـذي                      يزيل من شكـواهـم أو يزيح

فقيل تـعـريسـهـم سـاعة                      وقلت بل ذكراك وهو الصحيح قلت:ما أعرف لأحد من المتقدمين ولا من المتأخرين حسن هذا المخلص.

وأخبرني الشيخ فتح الدين أن الشيخ تقي الدين كان مغرى بالكيمياء معتقدا صحتها قال:لأنه أتفق له في مدينة قوص لما كانوا بها من صنعها بحضوره وحكى لي الواقعة بطوله ومن شعر الشيخ تقي الدين قدس الله روحه:

يا معرضا عني ولست بمعرض                      بل ناقضا عهدي ولست بناقض

أتعبتني فخلائق لـك لـم يفـد                      فيها،وقد جمحت،رياضة رائض

أرضيت أن تختار رفضي مذهبا                      فيشنع الأعداء أنك رافـضـي ومنه:

قد جرحـتـنـا يد أيامـنـا                      وليس غير الـلـه مـن آس

فلا ترج الخلق فـي حـاجة                      ليسوا بأهل لسـوى الـياس

ولا تزد شكوى إليهـم فـلا                      معنى لشكواك إلـى قـاس

وأن تخالط منهم مـعـشـرا                      هويت في الدين على الراس

يأكل بعض لحم بعـض ولا                      يحسب في الغيبة من بـأس

لا ورع في الدين يحمـيهـم                      عنها ولا حشـمة جـلاس

لا يعدم الآتي إلى بـابـهـم                      من ذلة الكلب سوى الخاسي

 

صفحة : 522

 

 

فاهرب من الناس إلى ربهم                      لا خير في الخلطة بالناس ومن شعره أيضا:

وقائلة:مات الكرام فـمـن لـنـا                      إذا عضنا الدهر الشديد بـنـابـه

فقلت لها:من كان غاية قـصـده                      سؤالا لمخلوق فلـيس بـنـابـه

لئن مات من يرجى فمعطيهم الذي                      يرجونه باق فلـوذي بـنـابـه ومنه:

ومستبعد قلب الـمـحـب وطـرفـه                      بسلطان حسن لا ينازع في الحـكـم

متين التقى عف الضمير عن الخـنـا                      رقيق حواشي الظرف والحسن والفهم

يناولـنـي مـسـواكـه فـأظـنـه                      تحيل في رشفي الرضاب بـلا إثـم ومنه:

إذا كنت في نجد وطيب نسيمهـا                      تذكرت أهلي باللوى فمحـجـر

وإن كنت فيهم ذبت شوقا ولـوعة                      إلى ساكني نجد وعيل تصبـري

وقد طال ما بين الفريقين قصتـي                      فمن لي بنجد بين أهلي ومعشري ومنه ما نظمه في بعض الوزراء:

مقبل مدبر بـعـيد قـريب                      محسن مذنب عدو حبـيب

عجب من عجائب البر والبح                      ر ونوع فرد وشكل غريب ومنه وقيل أنه نظمه في ابن الجوزي:

دققت في الفطنة حتى لـقـد                      أبديت ما يسحـر أو يسـبـي

وصرت في أعلى مقاماتـهـا                      حيث يراك الناس كالشـهـب

وسار ما سيرت من جوهر ال                      حكمة في الشرق وفي الغرب

ثم تنـازلـت إلـى حـيث لا                      ينـزل ذو فـهـم ولا لــب

تثبت ما تجحـده فـطـرة ال                      عقل ولا تشعر بالـخـطـب

أنـت دلالة عـلـى أنـــه                      يحال بين المرء والـقـلـب قال كمال الدين جعفر الأدفوي:حكى القاضي شهاب الدين ابن الكويك التاجر الكارمي رحمه الله قال:اجتمعت به مرة فرأيته في ضرورة فقلت:يا سيدنا ما تكتب ورقة لصاحب اليمن أكتبها وأنا أقضي فيها الشغل،فكتب ورقة لطيفة فيها:

تجادل أرباب الفـضـائل إذ رأوا                      بضاعتهم موكوسة الحظ في الثمن

وقالوا عرضناها فلم نلف طالـبـا                      ولا من له في مثلها نظر حسـن

ولم يبق إلا رفضها واطراحـهـا                      فقلت لهم لا تعجلوا السوق باليمن وأرسلها إليه فأرسل له مائتي دينار واستمر يرسلها إلى أن مات صاحب اليمن.

وقال كمال الدين ايضا:قال لي عبد اللطيف ابن القفصي:هجوته مرة فبلغه فلقيته في الكاملية فقال:بلغني أنك هجوتني أنشدني،فأنشدته بليقة أولها:

قاضي القضاة أعزل نفسه                      لما ظهر للناس نحـسـه إلى آخرها،فقال:هجوت جيدا.وقال: قال لي صاحبنا الفقيه الفاضل الأديب الثقة مجير الدين عمر اللمطي قال:كنت مرة بمصر وطلعت إلى القاهرة فقالوا لي:الشيخ طلبك مرات،فجئت إليه فقال:أين كنت?قلت:بمصر في حاجة،قال:طلبتك سمعت إنسانا ينشد خارج الكاملية:

بكيت قالوا عـاشـق                      سكت قالوا قد سـلا

صليت قالوا زوكـر                      ما أكثر فضول الناس وقال:حكى لي صاحبنا فتح الدين محمد بن كمال الدين أحمد بن عيسى القيوبي:قال:دخلت مرة عليه وفي يده ورقة ينظر فيها زمانا ثم ناولني ورقة وقال:اكتب من هذه نسخة،فأخذتها فوجدت فيها بليقة أولها:

كيف أقـدر أتـوب                      ورأس ايري مثقوب وقال:قال لي شيخنا تاج الدين محمد بن أحمد الدشناوي:سمعته ينشد هذه البليقة التي أولها:

جلد العميرة بالزجاج ولا الزواج ويقول:بالزجاج يا فقيه.وقال الفاضل كمال الدين جعفر الأدفوي:حكى لي القاضي سراج الدين يونس بن عبد المجيد الأرمنتي قاضي قوص قال:جئت إليه مرة وأردت الدخول فمنعني الحاجب وجاء الجلال العسلوجي فأدخله وغيره فتألمت وأخذت ورقة وكتبت فيها:

قل للتـقـي الـذي رعـيتـه                      راضون عن علمه وعن عمله

انـظـر إلـى بـابــك...                      يلـوح مـن خـلــلـــه

باطنـه رحـمة وظـاهـره                      يأتي إليك العذاب من قبـلـه

 

صفحة : 523

 

ثم دخلت وجعلت الورقة في الدواة وظننت أنه ما رأى وقمت فقال:اجلس ما في هذه الورقة?قلت:يقرأها سيدنا،قال:اقرأها أنت،وكررت عليه وهو يرد علي فقرأتها فقال:ما حملك على هذا?فحكيت له فقال:وقف عليها أحد?فقلت:لا،قال:قطعها.قال:وأخبرني برهان الدين إبراهيم المصري الحنفي الطبيب وكان قد استوطن قوص سنين قال:كنت أباشر وقفا فأخذه مني شمس الدين محمد بن أخي الشيخ ولاه لآخر فعز علي ونظمت أبياتا في الشيخ فبلغته فأنا أمشي مرة خلفه وإذا به قد التفت إلي وقال:يا فقيه بلغني أنك هجوتني،فسكت فقال:أنشدني،وألح علي فأنشدته الأبيات وهي:

وليت فولى الزهد عنك بأسـره                      وبان لنا غير الذي كنت تظهـر

ركنت إلى الدنيا وعاشرت أهلها                      ولو كان عن جبر لقد كنت تعذر فسكت زمانا وقال:ما حملك على هذا?فقلت:أنا رجل فقير وأنا أباشر وقفا أخذه مني فلان،فقال:ما علمت هذا أنت على حالك،فباشرت الوقف مدة وخطر لي الحج فجئت إليه استأذنه فدخلت خلفه فالتفت إلي فقال:أمعك هجو آخر?فقلت:لا ولكنني قصدت الحج وجئت أستأذن سيدي،فقال:مع السلامة ما يغير عليك.وأنشدني إجازة الشيخ ناصر الدين شافع قال:من نظم الشيخ تقي الدين قوله:

تجـاوزت حـد الأكـثــرين إلـــى الـــعـــلـــى                      وسـافـرت واسـتـبـقـيتـهـم فـي الــمـــفـــاوز

وخـضـت بـحـاراص لــيس يعـــرف قـــدرهـــا                      وألـقـيت نـفـسـي فـي فـسـيح الـــمـــفـــاوز

ولججت في الأفكار ثم تراجع اختياري إلى استحسان دين العجائز قلت:ولقد وقفت له على جواب طويل كتبه في درج إلى الأمير سيف الدين منكوتمر نائب السلطنة لحسام الدين لاجين وكان عند استاذه الجزء الذي لا يتجزأ وقد كتب فيه بعد البسملة:ورد على العبد الفقير محمد بن علي مخاطبة الأمير الكبير سيف الدين ووقف عليها وعجب منها الأمرين،ثم أنه يذكر كل فصل ويجيبه عنه إلى أن قال في آخر ذلك:فكتب الأمير إلي كتابا يكتب إلى من ليس عنده من الدين شيء ولو كان الأمير عرف مني ارتكاب الكبائر الموبقات ما زاد على مافعل،وعلى الجملة فإن الله تعالى أمر نبيه بالمباهلة والملاعنة في الدين فقال لأهل الكتاب  فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين  فنتمثل أمر الله لرسوله ونقول:اللهم يا شديد البطش يا جبار يا قهار يا حكيم يا قوي يا عزيز يا قوي يا عزيز يا قوي يا عزيز قد نسبت إلى أكل الحرام من مال المدارس الغائبة وإلى أمور أنت عالم بسرها،فإن كان ذلك في علمك صحيحا فاجعل لعنتك ولعنة ملائكتك والناس أجمعين علي،وإن لم يكن صحيحا فاجعلها على من افترى علي بها،وإن كان الولد قد فعل ما قيل من أخذ البراطيل فاجعلها عليه،وإن لم يكن فاجعلها على من افترى عليه،فهذا إنصاف وامتثال لما أمر الله به ورسوله وربك بالمرصاد والشكوى إلى الله الحكم العدل.

قيل أنه لم يلبث بعد ذلك إلا أسبوعا أو قريبا منه حتى قتل السلطان أستاذه وقتل هو أيضا.

الوزير سعد الدين الساوجي محمد بن علي الوزير الكبير سعد الدين الساوجي العجمي.

قتله خربندا وقتل معه الوزير مبارك شاه والملك ناصر الدين يحيى بن إبراهيم صاحب سنجار وصاحب الديوان المانشتري كانت قتلتهم ببغداد،وممن قتل أيضا تاج الدين الآوي الشيعي كبير الأشراف وذبح ابناه قبله وكان جبارا ظالما فرافعوه،وأخذ للساوجي أموال عظيمة ويقال أنه غرم على الجامع الذي عمره ببغداد ألف ألف درهم،قيل أنه صلى ركعتين وودع أهله وثبت للقتل وخلع فرجية على قاتله فباس يده واستجعل منه في حل ثم طير رأسه سنة إحدى عشرة وسبع مائة محمد بن علي العلامة الغرناطي المالكي المقرئ بالمدينة. توفي سنة خمس عشرة وسبع مائة.

شمس الدين الدهان محمد بن علي بن عمر المازني الدهان الشيخ شمس الدين الدمشقي الشاعر.

كان يعمل صناعة الدهان ويعرف مقامات الحريري وينظم الشعر الرقيق ويدري الموسيقى فيعمل الشعر ويلحنه فيغني به المغنون وكان يلعب بالقانون.

توفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة.

أنشدني من لفظه المولى القاضي شهاب الدين كاتب السر ابن القاضي محيي الدين ابن فضل الله إلى الشمس المذكور يضمن بيت أبي تمام:

رأيتك أيها الدهان تبـغـي                      مزيدا في التودد بالمساعي

 

صفحة : 524

 

 

فلو صورت نفسك لم تزدها                      على ما فيك كرم الطبـاع وكان قد ربى مملوكا اشتراه وأحبه وهذبه ورخجه فمات فأسف عليه أسفا كثيرا ورثاه بشعر كثير غنى به ونقله المغنون وتداوله الناس،من ذلك أنشدني من لفظه جمال الدين الخطيب الصوفي يوسف لنفسه ما نظمه في موت مملوك الدهان:

لئن مات يا دهان مملوكـك الـذي                      بلغت به في الفسق ما كنت ترتجي

فمثله بالأصبـاغ وجـهـا وقـامة                      وخصرا وردفا ثم عاينه واصلـج وقال شمس الدين الدهان موشحة: يا بأبي غصن بانة حملا بدر دجى بالجمال قد كملا أهيف فريد حسن ما ماس أو سفرا إلا أغار القضيب والقمرا يبدي لنا بابتسامه دررا في شهد لذ طعمه وحلا كأن أنفاسه نسيم طلا قرقف مورد الخد فاتر المقل يفوق ظبي الكناس بالحمل وينثني كالقضيب في الميل من حمل ردف مثل الكثيب علا نيط بخصر كأضلعي نحلا مخطف ظبي من الترك يقنص الأسدا مقرطق قد أذابني كمدا حاز بديع الجمال فانفردا واها له لو أجار أو عدلا لمستهام بهجره نحلا مدنف غزال سرب جماله شرك ستر اصطباري عليه منهتك لكل قلب هواه منتهك علم قلبي الولع والغزلا طرف له بالفتور قد كحلا أوطف لله يوم به الزمان وفى إذ من بالوصل بعد طول جفا حتى إذا ما اطمأن وانعطفا أسفر عنه اللثام ثم جلا وردا بغير اللحاظ منه فلا يقطف فظلت من فرط شدة الترح إذ زارني والرقيب لم يلح ألثم أقدامه من الفرح وقلت إذ عن صدوده عدلا أهلا بمن زار بعد جفوة وقلا أسعف ومن شعر شمس الدين الدهان وهو مما غني به:

ما يج الورد في خـديك ريحـان                      إلا ووجهك في التحقيق بسـتـان

ولا تعطف منك العطف من صلف                      إلا وريقك خمر وهـو نـشـوان

لله فتنة ذاك الطرف منـك لـقـد                      سبى المحبين لحظ منـه فـتـان

لو لم يكن سلب العشاق نومـهـم                      ما راح من غير سهد وهو وسنان ومنه أيضا وهو مما غني به:

عند قلبي منك وجد لا يحـد                      وغرام هزله في القول جد

واشتياق ناره لا تنطـفـي                      وله بين شغاف القلب وقد

أيها البدر الذي تـيمـنـي                      منه وجه يخجل البدر وخد

وسباني جوهر من ثغـره                      فوقه من ريقه خمر وشهد ومنه أيضا وهو مما غني به:

دلائل الوجد لا تخفى على الفطـن                      والحب أقصاه ما أفضى إلى الفتن

كم ذا التستر والأشواق تعرب عن                      سر الهوى بلسان المدمع الهتـن

دع التكتم فالكتمـان نـار جـوى                      بين الجوانح تذكيها يد الـمـحـن

ونح فليس بعار أن تنـوح فـمـا                      في ساحة الحي إلا كل ذي شجن ومنه أيضا وهو مما غني به:

ألا حبذا الوادي وروض البنفسج                      وطيب شذا من عرفه المتأرج

وأغصان بان في نواحيه مـيد                      وكل قويم القد غير مـعـوج

وأنهار ماء في صـفـاء ورقة                      تسيل بها ما بين روض مدبـج

فإن جعدته خطرة من نسيمـه                      فيا حسن مرأى متنه المتموج قلت:شعر مقبول بل هو متوسط لا ينحط ولا يرتفع.

محيي الدين ابن المارستاني محمد بن علي بن عبد القوي بن عبد الباقي محيي الدين التنوخي المعري ثم الدمشقي بن المارستاني الحنفي نزيل بالقاهرة.

ولد سنة سبع وأربعين وسمع من عثمان بن علي وإبراهيم بن خليل وفرج الخادم وعبد الله بن الخشوعي وعدة،وخرج له الدمياطي مشيخة وسمعها منه قديما،وكان مديما للاشتغال ورعا زهدا مفسرا متواضعا من كبار الحنفية،أعاد بالمنصورية والناصرية والظاهرية والصالحية،حمل عنه الطلبة من سماعاته جزء الذهلي علي ابن خطيب القرافة سنة اثنتين وخمسين.

وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة.

ابن الموازيني محمد بن علي بن الحسين بن سالم الشيخ المقرئ الصالح الحاج بقية المسندين شمس الدين ابو جعفر السلمي المرداسي الدمشقي ابن الموازيني.

 

 

صفحة : 525

 

ولد سنة خمس عشرة تقريباص وسماعه سنة اثنتين وست مائة وبعدها غذ كان عند الملقن،سمع أبا القاسم ابن صصرى والبهاء عبد الرحمن وتفرد بالرواية عنهما،وسمع من إسماعيل بن ظفر وأبي سليمان بن الحافظ والشيخ ضياء،وورث من أبيه ثروة وعقارا وجاور مدة وأنفق في البر والقرب ثم أعطى ملكه لابنته وبقى لنفسه كل يوم درهمين،ولبس العسلي وتزهد وحدث بالحرم،وانحطم بالهرم وثقل سمعه وضعف بصره،وحدث عنه ابن الخباز وباقي الطلبة.

وتوفي سنة ثمان وسبع مائة.

الشمس كمال الدين الزملكاني محمد بن علي بن عبد الواحد الشيخ الإمام العلامة المفتي قاضي القضاة ذو الفنون جمال الإسلام كمال الدين أبو المعالي ابن الزملكاني الأنصاري السماكي الدمشقي،كبير الشافعية في عصرة والفضلاء في دهره،كأنما عناه الغزي بقوله:

لم يبرح الفقه روضا فاق فيك لـه                      سحابة ورده منهـا وعـبـهـره

ذو الدرس سهل المعاني في جزالته                      يكاد يحفـظـه مـن لا يكـرره

أما الجدال فـمـيدان فـوارسـه                      تقر أنك دون النـاس عـنـتـره ولد في شوال سنة سبع وستين وسمع من أبي الغنائم ابن علان والفخر علي وابن الواسطي وابن القواس ويوسف بن المجاور وعدة،وطلب الحديث في وقت وقرأ الحديث وكان فصيحا متسرعا.

قال الشيخ شمس الدين:له خبرة بالمتون وكان بصيرا بالمذهب وأصوله قوي العربية قد أتقنها ذكاء ودربها ذكيا صحيح الذهن صائب الفكر فقيه النفس،تفقه على الشيخ تاج الدين وأفتى وله نيف وعشرون سنة وكان يضرب بذكائه المثل،وقرأ العربية فيما أظن على الشيخ بدر الدين ابن مالك وقرأ على قاضي القضاة شهاب الدين الخويي وشمس الدين الأيكي وصفي الدين الهندي أول قدومه البلاد أما لما عاد الشيخ صفي الدين وأقام بدمشق لم يقرأ عليه وقرأ على قاضي القضاة بهاء الدين ابن الزكي.

حكى لي الشيخ نجم الدين الصفدي رحمه الله تعالى قال:قلت له:فرطت في المنطق،فقال:كان بدمشق أيام طلبي له شخص يعرف بالأفشنجي وكت قد تميزت ودرست-أو قال:وأفتيت- فكنت أتردد إليه على كره مني والعلم في نفسه صعب وعبارة الأفشنجي فيها عجمة فإذا أردت منه زيادة بيان أو قلت له:ما ظهر،قال:جاء،وأدار وجهه عني فأنفت من تلك الحالة وبطلت الاشتغال،أو كما قال.قلت:أغناه ذهنه الثاقب وفكره الصائب على أنه كان يعرف منه ما يحتاج إليه في أصول الفقه من معرفة التصور والتصديق ودلالة المطابقة ودلالة التضمن ودلالة الالتزام والضرب من الشكل المنتج والكاذب ومواد البرهان والمقدم والتالي وقياس الخلف وغير ذلك مما يدخل في الأصولين معرفة جيدة يتسلط بها على باقي الفن،أما أنه كان يطلب منه أن يشغل في مختلطات كشف الأسرار للخونجي فلا،وحفظ التنبيه فيما أظن والمنتخب في أصول الفقه والمحصل في أصول الدين وغير ذلك.

وأما الخط وحسن وضعه:

فلا تسأل عن الروض النضير                      ولا عن طلعة القمر المنـير فإنه كتب على الشيخ نجم الدين ابن البصيص أحسن منه ومن بدر الدين حسن ابن المحدث وخطه وهو أحسن.،وقيل لي أنه كان يكتب الكوفي طبقة.

وكان شكله حسنا ومنظره رائعا وتجمله في بزته وهيئته غاية وشيبته منورة بنور الإسلام يكاد الورد يلقط من وجنتيه وعقيدته صحيحة متمكنة أشعرية وفضائله عديدة وفواضله ربوعها مشيدة،فإنه كان كريم النفس عالي الهمة حشمته وافرة وعبارته حلوة فصيحة ممتعة من رآه أحبه قريب من القلب خفيف على النفس.

صنف أشياء منها ورساله في الرد عليه في مسألة الزيارة ورسالة سماها رابع أربعة نظما ونثرا وشرح قطعة جيدة من المنهاج.

وتخرج به الأصحاب وانتفع به الطلبة ودرس بالشامية البرانية والظاهرية والرواحية وولي نظر ديوان الأفرم ونظر الخزانة ووكالة بيت المال وكتب في ديوان الإنشاء مدة ووقع في الدست فيما أظن وله الإنشاء الجيد ونثره خير من نظمه وله التواقيع المليحة والإنشاءات الجيدة.

 

 

صفحة : 526

 

ونقل إلى قضاء القضاة بحلب ومدارسها فأقام بها مدة أكثر من سنتين واشتغلوا عليه بها وما رأى الناس بعد دروسه في دمشق مثلها،ثم إن السلطان طلبه من حلب ليوليه قضاء دمشق لما نقل قاضي القضاة جلال الدين القزويني إلى قضاء الديار المصرية ففرح الناس بذلك،فمرض في الطريق وأدركه الأجل في بلبيس في سادس عشر شهر رمضان سنة سبع وعشرين وسبع مائة،فحمله ولده تقي الدين عبد الرحمن إلى القاهرة ودفنه بالقرافة عند الشافعي وله ستون سنة،قيل أنه سم في الطريق وعند الله تجتمع الخصوم.

وحكى لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله عن ولده تقي الدين أن والده الشيخ كمال الدين قال له:يا ولدي والله أنا ميت وما أتولى لا مصر ولا دمشق وما بقى بعد حلب ولاية أخرى لأنه في الوقت الفلاني حضر إلى الجامع فلان الصالح فترددت إليه وخدمته وطلبت منه التسليك فأمرني بالصوم مدة ثم أمرني بصيام ثلاثة أيام-أظنه قال-افطر فيها على الماء واللبان الذكر وكان آخر ليلة من الثلاث ليلة النصف من شعبان فقال لي:الليلة تجيء إلى الجامع تتفرج أو تخلو بنفسك،فقلت:أخلو بنفسي،فقال:جيد ولا تزال تصلي إلى أن أجيء إليك،قال:فخلوت بنفسي أصلي كما وقفني ساعة جيدة فلما كنت في الصلاة إذا به قد أقبل فلم أبطل الصلاة ثم أنني خيل لي قبة عظيمة بين السماء والأرض وظاهرها معارج ومراقي والناس يصعدون فيها من الأرض إلى السماء فصعدت معهم فكنت أرى على كل مرقاة مكتوبا نظرالخزانة وعلى أخرى وأخرى وأخرى وكالة بيت المال التوقيع المدرسة الفلانية قضاء حلب فلما وصلت إلى هذه المرقاة استفقت من تلك الحالة ورجعت إلى حسي وبت ليلتي،فلما اجتمعت بالشيخ قال:كيف كانت ليلتك?جئت إليك وما قصرت لأنك ما اشتغلت بي والقبة التي رايتها هي الدنيا والمراقي هي المراتب والوظائف والأرزاق وهذا الذي رأيتها كله تناله والله يا عبد الرحمن،وكل شيء رأيته قد نلته وكان آخر الكل قضاء حلب وقد قرب الأجل،أو كما قال.

وكان الشيخ كمال الدين رحمه الله تعالى كثير التخيل شديد الاحتراز يتوهم أشياء بعيدة ويبني عليها وتعب بذلك وعودي وحسد وعمل عليه ولطف الله به.

ولقد رأيته في الظاهرية وفي يده القائمة من الحساب وهو يساوق المباشرين على المصروف فيسبقهم إلى الجمع وعقد الجملة ويبقى ساعة ينتظرهم إلى أن يفرغوا فيقول:كم جاء معكم?فيقولون:كذا وكذا،فيقول:لا? فيعيدون الجمع إلى أن يصح.وعلى الجملة فكان غريب المجموع.

خرج له الشيخ صلاح الدين ابن العلائي عوالي وأربعين وقرأها الشيخ شمس الدين عليه.ومن نظمه قصيدة نظمها يذكر فيها الكعبة المعظمة ويمدح النبي صلى الله عليه وسلم أولها:

أهـــواك يا ربة الأســــتـــــــار أهـــــــواك                      وإن تـبـاعـد عـن مــغـــنـــاي مـــغـــنـــاك

وأعـمـل الــعـــيس والأشـــواق تـــرشـــدنـــي                      عسـى يشـاهـد مـعــنـــاكـــي مـــعـــنـــاك

تهـوى بـهـا الـبـيد لا تـخـشـى الـــضـــلال وقـــد                      هدت بـبـرق الـثـنـايا الــغـــر مـــضـــنـــاك

تشـوقـهـا نـســمـــات الـــصـــبـــح ســـارية                      تســـوقـــهـــا نـــحـــو رؤياكـــي بـــرياك

يا ربة الـحـرم الــعـــالـــي الأمـــين لـــمـــن                      وافـــاه مـــن أين هـــذا الأمـــن لـــــــولاك

أن شبهوا الخال بالمسك الذكي فهذا الخال من دونه المحكي والحاكي

أفدي بأسود قلبي نور أسوده                      من لـي بـتـقـبـيلـه مـــن بـــعـــد يمـــنـــاك

إنـي قـصـدتــك لا ألـــوي عـــلـــى بـــشـــر                      ترمـي الـنـوى بـي سـراعـا نــحـــو مـــرمـــاك

وقـد حـطـطـت رحـالـي فـي حـمــاك عـــســـى                      تحـــط أثـــقـــال أوزاري بـــلـــقـــــــياك

كمـا حـطـطـت بـبـاب الـمـصـطـفــى أمـــلـــي                      وقـلـت لـلـنـفـس بـالـمـــأمـــول بـــشـــراك

محـمـد خـير خــلـــق الـــلـــه كـــلـــهـــم                      وفـاتـح الــخـــير مـــاحـــي كـــل إشـــراك

سمـا بـأخـمـصـه فـوق الــســـمـــاء فـــكـــم                      أوطـا أسـافـلـــهـــا مـــن عـــلـــو أفـــلاك

ونــال مـــرتـــبة مـــا نـــالـــهـــا أحـــد                      من أنـــبـــياء ذوي فـــضــــل وأمـــــــلاك

يا صـاحـب الـجـاه عـنـد الــلـــه خـــالـــقـــه                      ما رد جـــاهـــــك إلا كـــــــل أفـــــــاك

أنـت الـوجـيه عـلـــى رغـــم الـــعـــدى أبـــدا                      أنـت الـشــفـــيع لـــفـــتـــاك ونـــســـاك

يا فـــرقة الـــزيغ لا لـــقـــيت صـــالـــــحة                      ولا شـفـى الـلـه يومـــا قـــلـــب مـــرضـــاك

 

صفحة : 527

 

 

ولا حظيت بجاه المصـطـفـى أبـدا                      ومن أعـانـك فـي الـدنـيا ووالاك

يا أفضل الرسل يا مـولـى الأنـام ويا                      خير الخـلائق مـن إنـس وأمـلاك

ها قد قصدتك اشكو بعض ما صنعـت                      بي الذنوب وهذا ملجـأ الـشـاكـي

قد قيدتني ذنوب عـن بـلـوغ مـدى                      قصدي إلى الفوز منها من غير إمساك

عليك من ربك الله الـصـلاة كـمـا                      منا عليك السلام الطـيب الـزاكـي تمت ولم أقف له على نظم هو خير من هذه القصيدة لمقصدها الصالح وقد أشبع فيها حركة الكاف في خطاب المؤنث حتى نشأت ياء في موضعين وهو جائز.

وعمل على هذه القصيدة فيما أظن أو على قصيدة ميمية مدح بها النبي صلى الله عليه وسلم أو عليهما كراريس وسماها عجالة الراكب.

ومن شعر كمال الدين الزملكاني:

يا سائق الظعن قف بي هذه الكثـب                      عساي أقضي بها ما للهوى يجـب

وارفق قليلا لكي تروي الثرى سحب                      من ناظري بمزن منه تنـسـكـب

فثم حي حياتـي فـي خـيامـهـم                      فالموت أن بعدوا والعيش أن قربوا

لي فيهم قمر القـلـب مـنـزلـه                      لكن طرفي له بالبـعـد يرتـقـب

لدن القوام رشيق الـقـد ذو هـيف                      تغار من لينه الأغصان والقضـب

حلو المقبل معسـول مـراشـفـه                      يجول فيها رضاب طعمه الضرب

لا غروان راح نشوانا ففي فـمـه                      خمر ودر ثنـاياه لـهـا حـبـب

زلائم لامني في البعد عـنـه وفـي                      قلبي من الشوق نيران لها لـهـب

فقلت أن صروف الدهر تصرفنـي                      عما أروم فما لي في النوى سبـب

ومذ رماني زماني بالـبـعـاد ولـم                      يرحم خضوعي ولما يبق لي نشـب ولما توجه إلى قضاء حلب نزل في مكان يعرف بالفردوس وكان معه شمس الدين الخياط الشاعر الدمشقي فأنشده لنفسه وأنشدني من لفظه غير مرة:

يا حاكم الحكام يا مـن بـه                      قد شرقت رتبته الفـاخـره

ومن سقى الشهباء مذ حلهـا                      بحار علم ونـدى زاخـره

نزلت في الفردوس فأبشر به                      دارك في الدنيا وفي الآخره ونظم فيه جمال الدين أبو بكر محمد بن محمد بن محمد بن نباتة لما توفي إلى رحمة الله تعالى قصيدة طنانة يرثيه بها أنشدنيها من لفظه أولها:

بلـغـا الـقــاصـــدين أن الـــلـــيالـــي                      قبـضـت جـمـلة الـعـلـى بـالـكـــمـــال

وقفا في مدارس العقل والنقل ونوحا معي على الأطلال

سائلاها عسى يجيب صداها                      أين ولـى مـجـــيب أهـــل الـــســـؤال

أين ولـى بـحـر الـعـــلـــوم وأبـــقـــى                      بين أجـفـانـــنـــا الـــدمـــوع لآلـــي

أين ذاك الـذهـن الـــذي قـــد ورثـــنـــا                      عنـه مـا فـي الـحـشـا مـن الاشـتــغـــال

أين تـلــك الأقـــلام يوم انـــتـــصـــار                      كعـوالــي الـــرمـــاح يوم الـــنـــزال

ينـقـل الـنـاس عــن حـــديث هـــداهـــا                      طرق الـعـلـم عـن مـتـون الـعـــوالـــي

وتـفـيد الـجـنـا مـن الـلـفــظ حـــلـــوا                      حين كـانـت نـوعـا مــن الـــعـــســـال قلت:هي من قصائده الغر وكلها نتقى وليس هذا موضع إثباتها.

كنت قد اختلفت أنا والمولى شرف الدين حسين ابن ريان الآتي ذكره إن شاء الله تعالى في قول الحريري:

فلـم يزل يبـتـزه دهــره                      ما فيه من بطش وعود صليب فذهب هو في إعراب قوله  ما فيه  إلى أنه في موضع نصب على أنه مفعول ثان وذهبت أنا إلى أنه بدل اشتمال من الهاء التي في قوله  يبتزه  فكتب شرف الدين فتيا من صفد وجهزها إلى الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني رحمه الله تعالى ونقلتها من خطه وهي:ما تقول السادة علماء الدهر،وفضلاء هذا العصر،لا برحوا لطالب العلم الشريف قبله،وموطن السؤال ومحله،في رجلين تجادلا في مسأله نحوية،وهي في بيت من المقامات الحريرية:وهو:

فلـم يزل يبـتـزه دهــره                      ما فيه من بطش وعود صليب

 

صفحة : 528

 

ذهبا إلى معنى يبتزه يسلبه،وكل منهما وافق في هذا مذهب خصمه مذهبه،وموطن سؤالهما الغريب،إعراب قوله  ما فيه من بطش وعود صليب  ،لم يختلفا في نصبه،بل خلفهما فيما انتصب به،فذهب أحدهما إلى أنه بدل اشتمال،من الهاء المنصوبة في يبتزه وله على ذلك استدلال،وذهب الآخر إلى أنه مفعول ثان ليبتزه وجعل المفعول الهاء،واختلفا في ذلك وقاصديكم جاءا،وقد سألا الإجابة عن هذه المسألة،فقد اضطرا في ذلك إلى المسألة:فكتب الشيخ كمال الدين رحمه الله الجواب ونقلته من خطه وهو:الله يهدي إلى الحق كل من المختلفين المذكورين قد نهج نهج صواب،وأتى بحكمة وفصل خطاب،ولكل من القولين مساغ في النظر الصحيح،ولكن النظر إنما هو في الترجيح،وجعل ذلك مفعولا أقوى توجيها في الإعراب،وأدق بحثا عند ذوي الألباب،أما من جهة الصناعة العربية،فلأن المفعول متعلق بالفعل بذاته التي بوقوع الفعل عليه معنية،والبدل مبين بكون الأول معه مطرحا في النية، وهذا الفعل بهذا المعنى متعد إلى مفعولين،و  ما فيه من بطش  هو أحد ذينك الاثنين،لئلا يفوت متعلق الفعل المستقل،والبدل بيان يرجع إلى توكيد بتأسيس المعنى مخل،وأما من جهة المعنى فلأن المقام مقام تشك وأخذ بالقلوب،وتمكين هذا المعنى أقوى إذا ذكر ما سلب منه مع بيان أنه المسلوب.فذكر المسلوب منه مقصود كذكر ما سلب،وفي ذلك من تمكين المعنى ما لا يخفى على ذوي الأرب،ووراء هذا بسط لا تحتمله هذه العجالة والله تعالى أعلم،كتبه محمد بن علي.

قلت:لا أعلم أحدا يأتي بهذا الجواب غيره لمعرفته بدقائق النحو وبغوامض علمي المعنى والبيان ودربته بصناعة الإنشاء،وأما صورة الخط الذي نقلت منه هذه الفتيا فما كانت إلا قطعة روض تدبجت،أو هوامش عذار على طرس الخد تخرجت،رحمه الله تعالى وأكرم مثواه،وجعل الجنة منقلبه وعقباه.

ابن العديسة المحدث محمد بن علي بن العديسة الشيخ شهاب الدين قارئ الحديث.توفي سنة ست وثلاثين وسبع مائة.

وأظن مجير الدين الخياط فيه يقول:

في الدهر شيء عجيب                      مرآه يقذي اللواحـظ

ابن الرزيز خـطـيب                      وابن العديسة واعـظ علم الدين الدميري محمد بن علي بن عبد الرحمن هو علم الدين ابن بهاء الدين ابن الإمام محيي الدين عرف بابن الدميري.

مولده سنة خمس وسبعين وست مائة بدار الزعفران بزقاق القناديل بمصر.توفي... أجاز لي رحمه الله.

تاج الدين طوير الليل البارنباري الشافعي محمد بن علي الإمام الفاضل الفقيه النحوي الأصولي تاج الدين البارنباري الشافعي.

أخبرني من لفظه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي قال:قرأ المذكور على الشيخ حسن الراشدي القراآت السبع بالفاضلية وقرأ المعقول على الشيخ شمس الدين الأصبهاني وحفظ التعجيز وكان يستحضره إلى آخر وقت ويعرفه جيدا وحفظ الجزولية واستمر على حفظ القرآن إلى أن مات سنة سبع عشرة وسبع مائة.

وكان جيد المناظرة متوقد الذهن في الفقه والأصولين والعربية والمنطق وكان عديم التكلف في ملبسه ولم يكن بيده غير فقاهات المدارس وكان يلقب بطوير الليل.

بدر الدين ابن غانم محمد بن علي بن محمد بن غانم الشيخ بدر الدين ابن الشيخ علاء الدين.

كان من جملة كتاب الإنشاء بدمشق وكان متشددا لا يكتب إلا شيئا يوافق الشرع وإن كان غير ذلك لم يكتبه،طلب الاعفاء من كتابة الإنشاء وسأل أن يكون نظير معلومه على الجامع الأموي للأشغال فأجيب إلى ذلك.

كان يدرس بالقليجية الشافعية وكان قليل الكلام ملازم الصمت منجمعا عن الناس منقبضا لا يتكلم فيما لا يعنيه مكبا على الاشتغال يكرر على محفوظاته الليل والنهار يحب الكتب ويجمعها خلف لما مات ألفي مجلدة،وكان معه عدة وظائف يباشرها بما يقارب الألف درهم في كل شهر.

توفي في شهر جمادى الأولى سنة أربعين وسبع مائة.

بهاء الدين ابن إمام الشمهد محمد بن علي بن سعيد المعروف بابن إمام المشهد.

مولده في ذي الحجة سنة ست وتسعين وست مائة،قرأ القرآن الكريم وأتقنه بالروايات السبع واشتغل بالعربية على الشيخ مجد الدين التونسي والشيخ نجم الدين القحفازي وقرأ الفقه على الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين وكتب الخط المليح الظريف.

 

 

صفحة : 529

 

وتوجه إلى حلب ثم إلى طرابلس وأقام بها مدة و...ثم عاد إلى دمشق وأقام بها مدة،ثم توجه إلى مصر وحضر بين يدي السلطان الملك الناصر على الأهرام وولاه تدريس المدرسة الأمينية بدمشق وحضر إليها على البريد.

وهو مجموع متناسب الحسن أخلاقه حسنة وشكالته تامة مليحة ووجاهته رائعة المنظر.

جمع كتاب الأحكام وجوده في ست مجلدات وتناولته منه وأجازني رواية ما له تسميعه بديوان الإنشاء بدمشق في المحرم سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة،وتلا بالسبع على الكفري وسمع بمصر والإسكندرية وحلب وأم بدار الحديث ثم بمسجد الكنيسة ودرس بالقوصية.

الشيخ محمد الغزي محمد بن علي بن محمد شمس الدين أبو عبد الله المصري مولدا الغزي منشأ.

سألته عن مولده فقال:في سنة خمس وثمانين وست مائة،اقام بغزة مدة وبدمشق مدة وبمصر وبصفد وحماة وحلب وخالط الناس وعاشر،فيه خفة روح وكيس وظرف وينظم الشعر الجيد ويكتب الخط المنسوب ويعرف النجامة والأسطرلاب والرمل.

أنشدني غير مرة بدمشق وصفد وبالقاهرة وحماة جملة كثيرة من شعره،ونادم الملك الأفضل صاحب حماة فيما أظن وقربه وأدناه وحنا عليه ورتب له الدراهم والخبز واللحم.

ومن شعره نقلته من خطه وأنشدنيه من لفظه:

بأبي غزال غزل هدب جفونـه                      يكسو الضنى صبا أذيب بصـده

يروي حديث السقم جسم محبـه                      عن جفنه عن خصره عن عهده وأنشدني ما نقلته من خطه له:

ما رأى الناس قبل قامة حبي                      وعذاريه حول محمر خـد

غصنا أنبت البنفـسـج والآ                      س سياجا على حديقة ورد وأنشدني له من لفظه ونقلته من خطه:

ونيل كم أنال منى وأمنـا                      وكم أهدى إلى سر مسره

تخال مراكبا تختـال فـيه                      نجوما سائرات في مجره وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت مواليا:

عاينت من ذنب هجرو بالوفا مغـفـور                      في النهر يسبح وحظو بالبها مـوفـور

شبهت من فوق جسمو شعرو المضفور                      ألف من المسك في صفحه من الكافور وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت:

باكر إلى رشف خمره تنعش المحرور                      مع من تحب وقلبك منشرح مسرور

أما ترى الليل شمر ذيلو المـجـرور                      والورد بالطل فتح جيبو الـمـزرور وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت:

حبي الذي خالقو بالحسن قد مـدوا                      حتى سما وتجاوز في الصفه حدو

رمان نهدو عقد في غصن من قدو                      وما انطفا جلنارو الغض في خدو وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت:

وهيفـاء وطـفـاء فـتـانة                      يلذ التهتك والـوجـد فـيهـا

إذا سكر الناس مـن خـمـرة                      فسكري ما زال من خمر فيها وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت:

انظر إلى تخييل أخياطـهـا                      في كاسها يا أحسن النـاس

لو لم تكن شمسا لما أظهرت                      أشعة في أفـق الـكـاس وأنشدني أيضا ومن خطه نقلت:

أتـشـكـى مـع الـــبـــعـــاد إلـــيكـــم                      برقـيق الـعـتـاب فــرط اشـــتـــياقـــي

فكأني الورقاء من فرقة الإلف تلهث بالسجع في الأوراق شمس الدين السروجي محمد بن علي بن ايبك السروجي الشيخ الإمام شمس الدين.

سألته عن مولده فقال:في ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبع مائة بالديار المصرية:عرض القرآن وهو ابن تسع سنين وارتحل إلى دمشق وحلب وغيرها من بلاد الشام مرات،وأخذ عن الشيخ فتح الدين والشيخ أثير الدين ومن عاصره من أشياخ العلم وصار من الحفاظ،أتقن المتون وأسماء الرجال وطبقات الناس والوقائع والحوادث وضبط الوفيات والمواليد ومال إلى الأدب وحفظ من الشعر القديم والمحدث جملة وكتب الأجزاء والطباق وحصل ما يرويه عن أهل عصره في البلاد التي ارتحل إليها،ولم أر بعد الشيخ فتح الدين رحمه الله تعالى من يقرأ أسرع منه ولا أفصح.

وسألته عن أشياء من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم فوجدته حفظة مستحضرا لا يغيب عنه ما حصله،وهذا الذي رأيته منه في هذه السن القريبة كثير على من علت سنه من كبار العلماء ومع ذلك فله ذوق الأدباء وفهم الشعراء وخفة روح الظرفاء.

توفي رحمه الله تعالى بحلب ليلة ثامن من شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبع مائة ودفن ثاني يوم بكرة الجمعة.

 

 

صفحة : 530

 

وكان قد خرج لنفسه تسعين حديثاص متباينة الأسناد قال الشيخ شمس الدين:سمعناها منه ثم كملها مائة.

أمين الدين الأنفي محمد بن علي بن الحسن المحدث الفاضل أمين الدين الأنفي الدمشقي المالكي.

ولد سنة ثلاث عشرة وسبع مائة في شوال وحفظ القرآن والفقه وطلب الحديث وقرأ ونسخ كثيرا من الأجزاء والكتب،سمع البندنيجي والشمس نقيب السبع وبنت صصرى ونسخ جملة من تواليفي وقرأ علي أشياء من شعري ومن مصنفاتي وهو حسن الشكل جميل الود حلو العبارة.

القاضي فخر الدين المصري الشافعي محمد بن علي بن عبد الكريم أبو الفضائل الشيخ الإمام الفاضل العلامة ذو الفنون أعجوبة الزمان القاضي فخر الدين أبو عبد الله المصري الشافعي الأشعري.

سألته عن مولده فقال:سنة إحدى وتسعين وست مائة بظاهر القاهرة في الحبانية،ووفاته بدمشق في داره بالعادلية الصغيرة بعد مرضة طويلة عوفي في أثنائها ثم انتكس توفي يوم الأحد سادس عشر ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وسبع مائة وصلي عليه الظهر بالجامع الأموي ودفن في مقابر الباب الصغير وكانت جنازته حفلة.

خرج من الديار المصرية أول سنة اثنتين وسبع مائة وأقام بدمشق وقرأ القرآن على جماعة منهم الشيخ موسى العجمي وقرأ العربية والفقه أولا على الشيخ كمال الدين ابن قاضي شهبة ثم قرأ الفقه على الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين وقرأ بقية العلوم على الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني وهو أكثرهم إفادة له وكان معجبا به وبذهنه الوقاد وحفظه المنقاد يشير إليه في المحافل والدروس وينوه بقدره ويثني عليه،وقرأ على الشيخ صدر الدين وبحث على الشيخ مجد الدين التونسي وعلى الشيخ نجم الدين القحفازي كتاب المقرب في النحو وحفظ الجزولية وبحث منها جانبا على الشيخ نجم الدين الصفدي وقرأ الجست على النعمان والمنطق على جماعة أشهرهم الشيخ رضي الدين المنطقي وعلى الشيخ علاء الدين القونوي بمصر وحفظ التنبيه والمنتخب في أصول الفقه وحفظ مختصر ابن الحاجب في مدة تسعة عشر يوماص وهذا أمر عجيب إلى الغاية فإن ألفاظ المختصر غلقة عقدة ما يرتسم معناها في الذهن ليساعد على الحفظ،وحفظ المحصل في أصول الدين وهو قريب من ألفاظ المختصر وحفظ المنتقى في الأحكام وشرع في حفظ أشياء لم تكمل مثل مطلع النيرين والمنهاج للشيخ محيي الدين وتصريف ابن الحاجب وكان يحفظ من المنتقى في أيام عديدة كراسة في كل يوم والكراسة قطع البلدي تضمن خمس مائة سطر.

وفي سنة خمس عشرة وسبع مائة ولي تدريس العادلية الصغيرة وفيها أذن له بالإفتاء وكان له من العمر ثلاث وعشرون سنة.

ولما توفي شيخه الشيخ برهان الدين ابن الشيخ تاج الدين جلس بعده بالجامع الأموي في حلقة الأشغال في المذهب وتأدب مع شيخه فأخلى مكانه وجلس دونه وعلق دروساص من التفسير والحديث والفقه مفيدة،وأقدم من سمع عليه الحديث هدية بنت عسكر وأحمد ابن مشرف.

وحج إلى سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة سبع مرات جاور في الأولى بمكة بعض سنة عشرين وجاور في الثانية سنة أربعين بمكة والمدينة.ولما حضر من الحجاز كتبت له توقيعا بإعادة تدريس الدولعية ونظرها إليه وهذه نسخته:

 

صفحة : 531

 

رسم بالأمر العالي لا زال يرتفع به العلم الشريف إلى فخره،ويعيده إلى خير حبر تقتبس الفوائد من نوره وتغترف من بحره،ويجمل الزمان بولائه من هو علم عصره وفخر مصره،أن يعاد المجلس العالي الفخري إلى كذا وكذا وضعا للشيء في محله،ورفعا للوبل على طله،ودفعا لسيف النظر إلى يد هي مألف هزه وسله،ومنعا لشعب مكة أن ينزل غير أهله،إذ هو لأصحاب الشافعي رضي الله عنه حجة،ولبحر مذهبه الزاخر لجة،ولأهل فضله الذين يقطعون مفاوزه بالسرى صبح وبالمسير محجة،طالما ناظر الأقران فعدلهم،وجادل الخصوم في حومة البحث فجد لهم وجد لهم،كم قطع الشبهات بحجج لا يعرفها،وأتى بوجه ما رأى الرؤياني أحلى منه في أحلام الطيف،ودخل باب علم فتحه القفال لطالب نهاية المطلب التبري،وارتوى من معين ورد عين حياته الخضري وتمسك بفروع صح سبكها فقال ابن الحداد هذا هو الذهب المصري،وأوضح المغالط بما نسف به جبال النسفي،وروى أقوال اصحاب المذهب بحافظة يتمناها الحافظ السلفي،كم جاور بين زمزم والمقام،وألقى عصا سفره لما رحل عنها الحجيج وأقام،وكم طاب له القرار بطيبه،وعطر بالأذخر والجليل ردنه وجيبه،وكم استروح بظل نخلها والسمرات،وتملى بمشاهدة الحجرة الشريفة وغيره يسفح على قرب تربها العبرات،وكم كتب له بالوصال وصول،وبث شكواه فلم يكن بينه وبين الرسول رسول،لا جرم أنه عاد وقد زاد وقارا،وآب بعدما غاب ليلا فتوضح شيبه نهارا،فليباشر ما فوض إليه جريا على ما عهد ما افادته،وألف من رياسته لهذه العصابة وسيادته،وعرف من زيادة يومه على أمسه فكان كنيل بلاده ولا يتعجب من زيادته،حتى يحيى بدرسه ما درس،ويثمر عود الفروع فهو الذي أنبته بهذه المدرسة وغرس،مجتهداص في نظر وقفها،معتمدا على تتبع ورقات حسابها وصفحها،عاملا بشروط الواقف فيما شرط،قابضا ما قبضه وباسطا ما بسط،وتقوى الله تعالى جنة يرتع فيها خاطره،ويسرح في رياضها الناضرة ناظره،ومثله لا ينبه عليها،ولا يومأ له بالإشارات إليها،فلا ينزع مالبسه من حلاها،ولا يسر في مهمة مهم إلا بسناها،والله يديم فوائده لأهل العلم الشريف،ويجدد له سعدا يشكر التالد منه والطريف،والخط الكريم أعلاه حجة بمقتضاه.

عماد الدين الدمياطي محمد بن علي بن حرمي الشيخ الفرضي الإمام المحدث عماد الدين ابو عبد الله الدمياطي نزيل بالقاهرة.

ولد سنة خمس وسبعين وست مائة وسمع من الدمياطي والأبرقوهي وبنت الأسعردي وطائفة وبدمشق من الموازيني وابن مشرف وسمع بقراءتي كثيرا على الشيخ أثير الدين من ذلك المقامات الحريرية،وهو حلو المحادثة كثير المحاسن له خصوصية زائدة عن الحد بقاضي القضاة عز الدين ابن جماعة ولي مشيخة الكاملية.

وتوفي رحمه الله تعالى بالقاهرة في طاعون مصر في سابع جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبع مائة.

ابن خروف الحنبلي محمد بن علي بن أبي القاسم المقرئ الكبير بقية السلف ابو عبد الله الموصلي الحنبلي ابن خروف ويعرف بابن الوراق.

مولده سنة أربعين وست مائة وتوفي رحمه الله تعالى بالموصل في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وسبع مائة.

ارتحل إلى بغداد في طلب العلم سنة اثنتين وستين فتلا بعدة كتب على الشيخ عبد الصمد وسمع من جماعة وقرأ كتبا كبارا وقرأ تفسير الكواشي على المصنف وجامع أبي عيسى ابن العجمي.

قال الشيخ شمس الدين:قدم علينا وسمعنا منه.

الحراني الحنبلي محمد بن عماد بن محمد بن الحسين بن عبد الله بن أبي يعلى ابو عبد الله الجزري الحراني الحنبلي التاجر.

سمع وروى عالم فقيه كثير المحفوظ حسن الإنصات صالح،طال عمره وسكن بالإسكندرية ورحل الناس إليه.

توفي سنة اثنتين وثلاثين وست مائة.

ابن عمار الأندلسي محمد بن عمار المهري بالراء-الأندلسي الشاعر المشهور هو ذو الوزارتين،كان هو وابن زيدون فرسي رهان في الأدب.

اشتمل عليه المعتمد ووزره ثم جعله نائباص على مرسية فعصى عليه بها فلم يزل يحتال عليه إلى أن وقع في يده فذبحه صبرا بيده سنة سبع وسبعين وأربع مائة ومولده سنة اثنتين وعشرين،ولما قتله المعتمد رثاه عبد الجليل بن وهبون المرسي بأبيات منها:

عجبا له أبكيه ملء مدامعي                      وأقول لا شلت يمين القاتل

 

صفحة : 532

 

قال صاحب القلائد الفتح بن خاقان:لقد رأيت عظمي ساقي ابن عمار وقد أخرجا بعد سنين من حفر يحفر بجانب القصر وأساودهما بهما ملتفة،ولباتهما مشتفة،ما فغرت أفواههما،ولا حل التواؤهما،فرمق الناس العبر،وصدق المكذب الخبر،يعني بالأساود القيود.

وسبب تغير المعتمد على ابن عمار أنه هجا الرميكية وهي اعتماد حظية المعتمد اختارها لنفسه واختار لها اللقب ليناسب لقبه،وقال ابن عمار من أبيات:

تخيرتها من بنات الهجان                      رميكية لا تساوي عقـالا

فجاءت بكل قصير الذراع                      لئيم النجارين عما وخالا وقيل أن هذا الهجو وضع على لسانه لإغراء المعتمد به.

ومن شعر ابن عمار القصيدة المشهورة الطنانة التي أولها:

أدر الزجاجة فالنسيم قـد انـبـرى                      والنجم قد صرف العنان عن السرى

والصبح قد أهدى لـنـا كـافـوره                      لما استرد الليل منـا الـعـنـبـرا ومن مدحها في المعتمد:

ملك إذا ازدحم الملوك بـمـورد                      ونحاه لا يردون حتـى يصـدرا

أندى على الأكباد من قطر الندى                      وألذ في الأجفان من سنة الكرى

قداح زند المجد لا ينـفـك مـن                      نار الوغى إلا إلى نار الـقـرى

يختار أن يهب الخريدة كاعـبـا                      والطرف أجرد والحسام مجوهرا

لا خلق أقرأ من شفار سـيوفـه                      إن أنت شبهت المواكب أسطـرا

ماض وصدر الرمح يكهم والظبى                      تنبو وأيدي الخيل تعثر بالـبـرى

أيقنت أنـي مـن ذراه بـجـنة                      لما سقاني من نداه الـكـوثـرا

وعلمت حقا أن ربعي مخصـب                      لما سألت به الغمام الممـطـرا

أثمرت رمحك من رؤوس كماتهم                      لما رأيت الغصن يعشق مثمـرا منها:

نمقتها وشيا بذكرك مـذهـبـا                      وفتقتها مسكا بحمدك أذفـرا

فلئن وجدت نسيم حمدي عاطرا                      فلقد وجدت نسيم برك أعطرا وقال أيضا يمدح المعتمد ويذكر فتح ابنه قرمونة:

نوال كما اخضر العذار وفـتـكة                      كما خجلت من دونه صفحة الخد

جنيت ثمار الصبر طيبة الجـنـى                      ولا شجر غير المثقفة الـمـلـد

وقلدت أجياد الشرى رائق الحلـى                      ولا درر غير المطهمة الـجـرد

بكل فتى عاري الأشاجـع لابـس                      إلى غمرات الموت محكمة السرد منها في ذكر ابنه:

ببدر ولكن من مطالعـه الـوغـى                      وليث ولكن من براثنه الـهـنـدي

ورب ظلام سار فيه إلـى الـعـدى                      ولا نجم إلا ما تطلع مـن غـمـد

أطل على قرمـونة مـتـبـلـجـا                      مع الصبح حتى قلت كانا على وعد

فأرملها بالـسـيف ثـم أرعـاهـا                      من النار أثواب الحداد على الفـقـد

فيا حسن ذاك السيف في راحة الهدى                      ويا برد تلك النار في كبد المـجـد

هنيئا ببكر في الفتوح افترعـتـهـا                      وما قبضت غير المنية في النـقـد وقال من قطعة:

وعاطلة من ليالي الـحـرو                      ب اطلعت رأيك فيها قمـر

فإن يجنك الفتح ذاك الأصيل                      فمن غرس تدبير ذاك السحر منها:

فعاقر سيفك حتى انحـنـى                      وعربد رمحك حتى انكسـر

وكم نبت في حربهم عن على                      وناب عن النهروان النهـر وقال في فارسين تطاعنا فسبق أحدهما الآخر:

روى ليضرب فابتدهت بطعنة                      أن الرماح بديهة الفرسـان ومن شعره:

علي وإلا ما بكاء الغمـائم                      وفي وإلا فيم نوح الحمائم منها يصف وطنه:

كساها الحيا برد الشباب فإنـهـا                      بلاد بها عق الشباب تمـائمـي

ذكرت بها عهد الصبى فكأنمـا                      قدحت بنار الشوق بين الحـيازم

ليالي لا ألوي علـى رشـد لائم                      عناني ولا أثنيه عن غي هـائم

أنال سهادي من عيون نواعـس                      وأجني عذابي من غصون نواعم

وليل لنا بالسد بين مـعـاطـف                      من النهر تنساب اسياب الأراقم

 

صفحة : 533

 

 

بحيث اتخذنا الروض جارا تزورنا                      هداباه في أيدي الرياح النواسـم

تبلغنـا أنـفـاسـه فـتـردهـا                      بأعطر أنفاسا وأذكى لـنـاسـم

تسير إلينا ثـم عـنـا كـأنـهـا                      حواسد تمشي بيننا بـالـنـمـائم

وبتنا ولا واش يحـس كـأنـنـا                      حللنا مكان السر من صدر كاتـم وقيل أن سبب اشتهار ابن حاج هو أن الوزير ابا بكر ابن عمار كان كثير الوفادة على ملوك الأندلس لا يستقر ببلد وكان كثير التطلب لما يصدر عن أرباب المهن من الأدب الحسن فبلغه خبر ابن حاج قبل اشتهاره فمر على حانوته وهو آخذ في صناعة صباغه والنيل على يده وقد غشاها فأخرج زنده ويده بيضاء من غير سوء وأراد أن يعلم سرعة خاطره فأشار إلى يده وقال:

كم بين زند وزند فقال ابن حاج:

ما بين وصل وصد فعجب من بادرته وجذب بصبغه وبالغ في الإحسان إليه.ودخل ابن عمار إلى سرقسطة فبلغه خبر يحيى القصاب السرقسطي فمر عليه وبين يديه لحم جزور فأشار ابن عمار إلى اللحم وقال:

لحم سباط الخرفان مهزول فقال:

يقول يا مشترين مه زولوا فأعجبه ذلك وأحسن إليه.

وينسب إلى ابن عمار وقيل لغيره:

غنى أبو الفضل فقلنـا لـه                      سبحان مخليك من الفضل

غناؤه حد على شـربـهـا                      فاشرب فأنت اليوم في حل ومن شعر ابن عمار رحمه الله تعالى:

سل الركب إن أعطاك حاجتك الركب                      من الكاعب الحسناء تمنعها كـعـب

أحبـك ودا مـن يخـافـك طـاعة                      وأعجب شيء خيفة معـهـا حـب ومنه:

إني لممن إن دعاك لنصرتي                      يوما بساطا حـجة وجـلاد

أذكيت دونك للعدى حدق القنا                      وخصمت عنك بألسن الأغماد  ابن عمران

قاضي المدينة محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عيد الله التيمي ابو سليمان قاضي المدينة الذي حكم بين المنصور والجمالين من الطبقة الخامسة من أهل المدينة.

أمه أسماء بنت سلمة بن عمر بن أبي سلمة وأمها حفصة بنت عبد الله بن عمر بن الخطاب وأمها أسماء بنت بن زيد بن الخطاب.

قضى لبني أمية ثم للمنصور على المدينة كان مهيبا صليبا قليل الحديث اتفقوا على صدقه وثقته وديانته وورعه ونزاهته،كان له من الولد عبد الله وعبد العزيز،لما بلغ موته سنة أربع وخمسين بعد المائة ابا جعفر قال:اليوم استوت قريش.

الأنصاري الكوفي محمد بن عمران بن أبي ليلى الإمام الأنصاري الكوفي.

روى عنه البخاري في كتاب الأدب وابن أبي الدنيا وغيره،وروى عنه الترمذي.

توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

الأصبهاني الشاعر محمد بن عمران الأصبهاني الشاعر.

هو القائل:

سأترك هذا الباب ما دام إذنـه                      على ما ارى حتى يلين قليلا

إذا لم أجد يوما إلى الإذن سلما                      وجدت إلى ترك المزار سبيلا أورده ابن المرزبان في معجم الشعراء.له.

أبو جعفر النحوي المؤدب محمد بن عمران بن زياد الضبي ابو جعفر النحوي الكوفي.

كان الغالب عليه الأخبار والأدب وكان ثقة فيما ينقل شيخا حلوا وكان قبل أن يؤدب المعتز يعلم الصبيان فلما اتصل بالمعتز جعله على القضاة والفقهاء فاجتمعوا إليه يوما فنعس ثم لما فتح عينيه قال:تهجوافضحكوا.

وحفظ عبد الله بن المعتز سورة النازعات وقال له:إذا سألك أمير المؤمنين في أي سورة أنت فقل له:في السورة التي تلي عبس،فسأله ابوه ذلك فقال:من علمك هذا?قال معلمي،فأمر لع بعشرة آلاف درهم.

توفي سنة خمس وخمسين ومائتين.

المرزبان الكاتب محمد بن عمران بن موسى بن عبيد ابو عبيد الله المرزبان الكاتب البغدادي العلامة.

حدث عن أبي القاسم البغوي وابن دريد ونفطويه وغيرهم وكان أخباريا راوية للآداب صنف في أخبار الشعراء وفي الغزل غير أن كتبه أكثرها لم تكن معه مما سمعه بل بالإجازة فيقول أخبرنا ولا يبين،وكان يضع المحبرة وقنينة النبيذ فلا يزال يكتب ويشرب،وكان معتزليا صنف في أخبار المعتزلة.

وتوفي سنة أربع وثمانين وثلاث مائة.وكان ثقة قال ابن الخطيب:وليس حاله عندنا الكذب وأكثر ما عيب عليه المذهب وروايته بالإجازة ولم يبينها.

 

 

صفحة : 534

 

وقال العتيقي:كان معتزليا ثقة.قال القفطي:نسبة تصانيفه تصانيف الجاحظ كان عضد الدولة مع عظمته يجتاز ببابه ويقف حتى يخرج إليه وكانت داره مجمع الفضلاء.

وله كتاب أخبار الشعراء المحدثين خاصة كبير إلى الغاية يكون في عشرة آلاف ورقة وأخبار النحاة ثلاثة آلاف ورقة وأخبار المتكلمين ألف ورقة وأخبار المتيمين ثلاثة آلاف ورقة وأخبار الغناء والأصوات ثلاثة آلاف ورقة كتاب المفيد وهو عدة فصول وكتاب الشعراء الجاهليين وكتاب معجم الشعراء وكتاب الموشح وصف فيه ما أنكره العلماء على بعض الشعراء من العيوب كتاب الشعر وهو جامع لفضائله كتاب أشعار النساء المقتبس في أخبار النحاة البصريين المرشد في أخبار المتكلمين أهل العدل والتوحيد كتاب أشعار الجن الرياض أخبار المتيمين كتاب الرائق أخبار المغنين كتاب الأزمنة كتاب الأنوار والثمار كتاب أخبار البرامكة كتاب المفضل في البيان والعربية والكتابة كتاب التهاني كتاب التسليم والزيارة كتاب التعازي كتاب المراثي كتاب المعلى في فضائل القرآن كتاب تلقيح العقول كتاب المشرف في حكم النبي صلى الله عليه وسلم وآدابه كتاب أخبار من تمثل بالأشعار كتاب الشبان والشيب كتاب المتوج في العدول وحسن السيرة كتاب المدبج في الولائم والدعوات والشراب كتاب الفرج القريب كتاب الهدايا كتاب المزخرف في الإخوان والأصحاب كتاب أخبار أبي مسلم الخراساني كتاب الدعاء كتاب الأوائل كتاب المستظرف في الحمقى كتاب أخبار الأولاد والزوجات والأهل كتاب أخبار الزهاد كتاب ذم الدنيا كتاب المنير في التوبة والعمل الصالح كتاب المواعظ وذكر الموت كتاب أخبار المحتضرين كتاب الحجاب كتاب الخاتم كتاب أخبار أبي حنيفة وأصحابه كتاب شعراء الشيعة أخبار شعبة بن الحجاج كتاب شعر حاتم وأخباره أخبار عبد الصمد بن المعذل أخبار ملوك كندة أخبار ابي تمام أخبار محمد بن حمزة العلوي كتاب أعيان الشعر في المديح والفخر والهجو أخبار الأجواد وله كتب غير ذلك بدأها ولم يتمها.

قال ابو حيان التوحيدي:حضرنا مع أبي عبيد الله المرزباني عزاء وجلس إلى جانبه رجل خراساني يرجع إلى مال كثير عليه قباء مبطن له رايحة منكرة فقام المرزباني من جنبه وجلس ناحية وقام بقيامه من ذلك الجانب خلق كثير فقيل له:أيها الشيخ ما حملك على ذلك?فذكر قصته وشرح حاله وأنشأ يقول:

هل لك في مالي وأهلي معا                      وجل ما يملك جـيرانـيه

تأخـذه نـافـلة جـمــلة                      أحسبك المحسن في شأنـيه

فاذهب إلى أبعد ما ينتـوى                      لا ردك اللـه ولا مـالـيه  ابن عمر

ابن علي بن أبي طالب محمد بن عمر بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه من سادات بني هاشم.

روى عنه الأربعة.توفي سنة أربعين ومائة أو ما دونها.

الواقدي محمد بن عمر بن واقد السلمي مولاهم المعروف بالواقدي الإمام أبو عبد الله المدني.

روى عن محمد بن عجلان وابن جريج وثور بن يزيد وأسامة ابن زيد ومعمر بن راشد وابن أبي ذئب وهشام بن الغاز وأبي بكر ابن أبي سبرة وسفيان الثوري ومالك وأبي معشر وخلائق وكتب ما لا يوصف كثرة.ولد سنة تسع وعشرين ومائة وهو مع عظمته في العلم ضعيف.

قال ابن حنبل:لم ندفع أمر الواقدي حتى روى عن معمر عن الزهري عن نبهان عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم:أفعمياوان أنتما،فجاء بشيء لا حيلة فيه وهذا لم يروه غير يونس.

ولي القضاء أربع سنين ببغداد للمأمون وكان عالما بالمغازي والسيرة والفتوح والأحكام واختلاف الناس.توفي ببغداد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة سبع ومائتين.

وروى عنه ابن ماجه وكان يقلب الأسانيد ويأتي بمتن واحد.وله ترجمة طويلة في تاريخ ابن عساكر وحاصل الأمر أنه مجمع على ضعفه وأجود الروايات عنه رواية ابن سعد في الطبقات.كان يقول:ما من أحد إلا وكتبه أكثر من حفظه وحفظي أكثر من كتبي.

 

 

صفحة : 535

 

ويقال أنه حمل كتبه على مائة وعشرين وقرا.ويقال أن المأمون قال له:لا بد أن تصلي غدا بالناس الجمعة،فقال:والله ما أحفظ سورة الجمعة،قال:أنا أحفظك،فجعل يلقنه السورة حتى يبلغ النصف منها فإذا حفظه ابتدأ بالنصف الثاني فإذا حفظ النصف الثاني نسي الأول فأتعب المأمون ونعس فقال لعلي بن صالح:حفظه أنت،قال علي:فلم يحفظ واستيقظ المأمون ولم يحفظ فقال المأمون:هذا رجل يحفظ التأويل ولا يحفظ التنزيل اذهب فصل بهم واقرأ أي سورة أردت.

قال الواقدي:صار إلي من السلطان ست مائة ألف درهم ما وجبت علي فيها زكاة،ومات وهو على القضاء وليس له كفن فبعث المأمون بأكفانه.

روى عنه بشر الحافي أنه سمعه يقول:ما يكتب للحمى:يؤخذ ثلاث ورقات زيتون تكتب يوم السبت وأنت طاهر على واحدة منهن جهنم غرثى وعلى الأخرى جهنم عطشى وعلى الأخرى جهنم مقرورة ثم تجعل في خرقة وتشد على عضد المحموم الأيسر،قال الواقدي المذكور:جربته فوجدته نافعا،قال ابن خلكان:نقل هذه الحكاية أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه الذي وضعه في أخبار بشر الحافي.

وله كتاب التاريخ والمغازي والمبعث كتاب أخبار مكة كتاب الطبقات كتاب فتوح الشام كتاب فتوح العراق كتاب الجمل كتاب مقتل الحسين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الردة والدار حروب الأوس والخزرج أمراء الحبشة والفيل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كتاب المناكح السقيفة وبيعة أبي بكر ذكر الأذان سيرة أبي بكر ووفاته الترغيب في علم المغازي وغلط الرجال تداعي قريش والأنصار في القطائع ووضع عمر الدواوين مولد الحسن والحسين ومقتله ضرب الدنانير تاريخ الفقهاء التاريخ الكبير الآداب غلط الحديث السنة والجماعة وذم الهوى وترك الخروج في الفتن اختلاف أهل المدينة والكوفة في أبواب الفقه.

قال المفضل بن غسان عن أبيه قال:صليت خلق الواقدي صلاة الجمعة فقرأ:إن هذا لفي الصحف الأولى صحف عيسى وموسى.

المقدمي البصري محمد بن عمر بن علي بن عطاء المقدمي البصري.

روى عنه الأربعة وقال أبو حاتم:صدوق.توفي سنة خمين ومائتين أو ما قبلها.

الحافظ الجعابي محمد بن عمر بن محمد بن سلم ابو بكر الجعابي-بالجيم والعين المهملة وبعد الألف باء موحدة-التميمي البغدادي الحافظ قاضي الموصل.

صحب ابن عقدة وسمع كثيرا وصنف الأبواب والشيوخ والتاريخ وتشيعه مشهور.

روى عنه الدارقطني وغيره وكان يفضل الحفاظ بأنه كان يسوق الألفاظ من المتون على ما هي عليه وأكثر الحفاظ يتسمحون في ذلك.

وكان إماما في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم وما يطعن به على كل واحد منهم ولم يبق في زمانه من يتقدمه في الدنيا.

قال السلمي:سألت عنه الدارقطني فقال:خلط،وذكر مذهبه في التشيع.وكذا ذكر الحاكم عن الدارقطني وذكر عنه قال:قال لي الثقة من أصحابنا ممن كان يعاشر الجعابي:أنه كان نائما فكتب على رجله فكنت أراه ثلاثة أيام لم يمسه بالماء.ولما مات أوصى أن تحرق كتبه فأحرقت وفيها كتب الناس.

وتوفي سنة خمس وخمسين وثلاث مائة.وأورد له الخطيب من شعره قوله:

يا خليلي جنباني الـرحـيقـا                      إنني لست للرحيق مطيقـا

غير أني وجدت للكأس نـارا                      تلهب الجسم والمزاج الرقيقا وقوله:

وإذا جدت للـصـديق بـوعـد                      فصل الوعد بالفعال الجـمـيل

ليس في وعد ذي السماحة مطل                      إنما المطل في وعود البخـيل ابن دوست اللغوي محمد بن عمر بن محمد بن يوسف بن دوست العلاف ابو بكر اللغوي النحوي من أولاد المحدثين.

كان أحد النحاة الأدباء يحفظ اللغة ويتقن العربية،قرأ عليه الخطيب ابو زكرياء التبريزي الأدب،وكان مشهورا بالصلاح والديانة والعفة،سمع الحديث من أبي علي الحسن بن شاذان وأبي القاسم علي السمسار،وروى عنه ابو علي أحمد بن محمد البرداني.

توفي سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة.

ومن شعره:

إذا شئت أن تبلو مودة صاحـب                      بواطنه مطوية عن ظواهـره

فقس ما بعينيه إلى ما بقلـبـه                      تجد خطرات من خفي سرائره

فكل خليل ماذق في مناظـره                      إليك دليل مخبر عن ضمـائره ابن اميرك الحازمي محمد بن عمر بن محمد ابن اميرك أبو بكر الأنصاري الحازمي من أهل هراة.

 

 

صفحة : 536

 

كان فقيها فاضلا مناظرا أديبا بارعا متدينا،سمع بهراة أبا الفتح نصر بن أحمد الحنفي وعبد الرزاق الماليني وأبا الفضل محمد بن إسماعيل الفضيلي وأبا الفتح المختار بن عبد الحميد البوشنجي وجماعة،وبنيسابور أبا عبد الله محمدا الفراوي وإسماعيل بن أحمد القارئ وغيرهما،وبسرخس أبا المعالي خلف بن الحسن الحداد وأبا النصر محمد بن الشرهمرد وغيرهما،وببلخ محمد بن محمد بن عبد الله البسطامي.

وقدم بغداد حاجا وسمع بها من جماعة ثم قدمها وحج وعاد وحدث.سمع منه أبو الفضل أحمد بن صالح بن شافع وعمر بن أحمد بن بكرون ونصر الله بن سلامة الهيتي.

توفي سنة أربع وستين وخمس مائة.

ابن القوطية اللغوي محمد بن عمر بن عبد العزيز ابو بكر ابن القوطية هي جدة أبي جده وهي سارة بنت المنذر من بنات الملوك القوطية الذين بإقليم الأندلس من ذرية قوم بن حام-بالقاف والطاء المهملة-القرطبي النحوي.

سمع بقرطبة من طاهر بن عبد العزيز وأبي الوليد الأعرج ومحمد بن عبد الوهاب بن مغيث وغيرهم وسمع بإشبيلية من محمد بن عبد الله الزبيدي وسعيد بن جابر وغيرهما.

وكان علامة زمانه في اللغة والعربية حافظا للحديث والفقه والأخبار لا يلحق شأوه ولا يشق غباره،وكان مضطلعا بأخبار الأندلس مليا برواية سير أمرائها وأحوال فقهائها وأدبائها وشعرائها يملي ذلك عن ظهر قلب وكانت كتب اللغة أكثر ما تملى عليه،ولم يكن بالضابط لرواية الحديث ولا الفقه ولا كانت له أصول يرجع إليها وكان الذي يسمع عليه من ذلك إنما يحمل على المعنى لا على اللفظ وكثيرا ما يقرأ عليه من ذلك للتصحيح لا للرواية.

وصنف كتبا مفيدة منها كتاب تصاريف الأفعال وهو الذي فتح الباب فجاء من بعده ابن طريف وابن القطاع وأفعال الحمار هي أجود ما في هذا الباب،وصنف تاريخا للأندلس وله المقصور والممدود جمع فيه فأوعى حتى أعجز من يأتي بعده وفاق فيه على من تقدمه.

وكان ابو علي القالي يعظمه كثيرا،وكان ناسكا عابدا تزهد أخيراص عن نظم الشعر.قال أبو يحيى بن هذيل التميمي:توجهت إلى ضيعتي يوما بسفح جبل قرطبة فصادفت ابن القوطية صادرا عنها وكانت له هناك ضيعة فقلت له:

من أين أقبلت يا من لا شبيه له                      ومن هو الشمس والدنيا له فلك فقال:

من منزل يعجب النساك خلوته                      وفيه ستر عن الفتاك إن فتكوا وتوفي سنة سبع وستين وثلاث مائة.

ومن شعر ابن القوطية:

ضحك الثرى وبدا لك استبشاره                      واخضر شاربه وطر عـذاره

ورنت حدائقه وآزر نـبـتـه                      وتعطرت أنـواره وثـمـاره

واهتز ذابل كل مـاء قـرارة                      لما أتى متـطـلـعـا آذاره

وتعممت صلع الربا بنباتـهـا                      وترنمت من عجمة أطـياره كاك الحنفي المقرئ محمد بن عمر بن عبد العزيز بن طاهر أبو بكر المقرئ الحنفي المعروف بكاك، بكافين بينهما ألف، من أهل بخارا.

نزل ببغداد مدة وسمع بها الحديث من جماعة وجاور بمكة سنين وكان إماما لأصحاب أبي حنيفة بالمسجد الحرام،وكان شيخا أديبا فاضلا متدينا صالحا مكثرا من الحديث.

سمع ببخارا أبا الحسن علي بن محمد بن جذام وأبا نصر أحمد الريغذموني وبنسف ابا بكر محمدا البلدي وبسمرقند أبا لقاسم عليا الصيرفي الكشاني وبنيسابور أبا نصر الوراق وأبا علي نصر الله الخشنامي وغيرهما وبهمذان أبا منصور العجلي وببغداد أبا علي محمد بن نبهان وأبا الغنائم النرسي وغيرهما،وحدث ببغداد وكتب عنه أبو البركات ابن السقطي وروى عنه أبو القاسم محمود بن ماشاذه.

توفي في طريق الحجاز سنة خمس وعشرين وخمس مائة.

الفقيه ابن مازة الحنفي محمد بن عمر بن عبد العزيز بن مازة أبو جعفر الفقيه الحنفي من أهل بخارا رئيسها وابن رئيسها.

كان من فحول فقهائها المشهورين بالفضل والنبل وله التقدم عند الملوك والسلاطين،قدم بغداد وحدث عن والده،روى عنه أبو البركات محمد بن علي الأنصاري قاضي سيوط من أهل مصر في مشيخته.

مولده سنة إحدى عشرة وخمس مائة وقتل سنة ستين وخمس مائة.

الحافظ ابو منصور الدينوري محمد بن عمر بن محمد أبو منصور الدينوري الحافظ.

 

 

صفحة : 537

 

حدث ببغداد عن أبي الحسن محمد بن زنجويه القزويني المقرئ ومحمد بن عبد الله بن بزرج وروى عنه عبد الرزاق الأصبهاني أخو أبي نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ في معجم شيوخه.

رئيس الطالبيين محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن الشهيد زيد بن علي الزيدي العلوي ابو الحسن الكوفي نزيل بغداد.

كان رئيس الطالبيين مع كثرة الضياع والمال،قبض عليه عضد الدولة وسجنه وأخذ أمواله وبقي إلى أن أطلقه شرف الدولة ولده،يقال أنه لما صادره أخذ منه ألف ألف دينار عينا.توفي سنة تسعين وثلاث مائة.

سمع أبا العباس ابن عقدة وطبقته وروى عنه أبو العلاء الواسطي وشيوخ الخطيب.رفع ابو الحسن علي بن طاهر عامل سقي الفرات إلى شرف الدولة أن الشريف زرع في سنة ثمان وسبعين وثلاث مائة ثمان مائة ألف جريب وأنه يستغل ضياعه الفي ألف دينار وبلغ الشريف ذلك فدخل على شرف الدولة وقال:يا مولانا والله ما خاطبت بمولانا ملكا سواك ولا قبلت الأرض لملك سواك لأنك أخرجتني من محبسي وحفظت روحي ورددت علي ضياعي وقد أحببت أن أجعل لك النصف مما أملك وأطتبه باسم ولدك وجميع ما بلغك عني صحيح،فقال له شرف الدولة:لو كان ارتفاع ملكك أضعافه كان قليلا وقد وفر الله مالك عليك وأغنى ولدي عنك فكن على حالك،وهرب ابن طاهر إلى مصر فلم يعد حتى مات الشريف.

ولما بنى داره بالكوفة كان فيها حائط عال فسقط من الحائط بناء وقام سالما فعجب الناس وعاد بالبناء ليصلح الحائط فقال له الشريف:قد بلغ أهلك سقوطك وهم لا يصدقون بسلامتك وكأني بالنوائح وقد أتين إلى بابي فاذهب إليهم ليطمئنوا ويصدقوا أنك في عافية وارجع إلى عملك،فخرج البناء إلى أهله مسرعا فلما بلغ عتبة الباب عثر فوقع ميتا.

خال الشرفي النحوي محمد بن عمر بن عبد الوارث أبو عبد الله القيسي القرطبي النحوي ويعرف بخال الشرفي.

توفي سنة تسع وأربع مائة.

الحافظ ابن الفخار المغربي محمد بن عمر بن يوسف أبو عبد الله ابن الفخار القطربي المالكي الحافظ عالم الأندلس في زمانه.

كان إماما زاهدا من أهل العلم والورع ذكياص عارفاص بمذهب الأئمة وأقوال العلماء،يحفظ المدونة جيدا والنوادر لابن أبي زيد،كان يقال أنه مجاب الدعوة،وفر عن قرطبة لما نذرت البرابر دمه.

وتوفي سنة تسع عشرة وأربع مائة.

أبو الفضل الأرموي الشافعي محمد بن عمر بن يوسف بن محمد القاضي ابو الفضل الأرموي الفقيه الشافعي من أهل ارمية.

قال ابن السمعاني:هو فقيه إمام متدين ثقة صالح الكلام في المسائل كثير التلاوة،حدث عنه السلفي وابن عساكر وابن السمعاني وعبد الخالق بن أسد وابن طبرزد وتاج الدين الكندي وجماعة كثيرة،كان أسند من بقى ببغداد وآخر من حدث عنه بالسماع الفتح بن عبد السلام.توفي سنة سبع وأربعين وخمس مائة.

أبو جعفر الجرجاني محمد بن عمر أبو جعفر الجرجاني أحد رواة الأخبار وأيام الناس.

ذكره أبو عبيد الله المرزباني في كتاب المقتبس في من كان ببغداد من الأدباء.

من شعره:

إني لأعرض عن أشياء تؤلمني                      حتى يظن رجال أن بي حمقا

أخشى جواب سفيه لا حياء له                      فسل يظن رجال أنه صدقـا المقرئ الكاتب البغدادي محمد بن عمر المقرئ الكاتب من أهل الجانب الشرقي ببغداد.

قال ابن النجار:رأيت له كتابا سماه تفضيل أخلاق الكلاب على من أحوج إلى العتاب من أهل الزيغ والارتياب،روى فيه عن جماعة سردهم ابن النجار منهم أبو القاسم عبد الله البغوي..

أبو جعفر الحربي محمد بن عمر بن سعيد أبو جعفر الحربي.

ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة في أخبار الشعراء وقال:بغدادي راوية صالح.

من شعره:

أنيتك كشتاقا وجئت مسلـمـا                      عليك وإني باحتجابك عالـم

فأخبرني البـواب أنـك نـائم                      وأنت إذا استيقظت أيضا فنائم توفي سنة أربعين ومائتين.

الأشتيخني النحوي محمد بن عمر بن محمد بن العباس بن علي الأديب ابو الفضل القرشي المخزومي الخالدي الإشتيخني السغدي السمرقندي.

كان أديبا نحويا بارعا صالحا خيرا سريع الدمعة،كتب بنفسه أمالي أئمة سمرقند.توفي سنة ستين وخمس مائة أو ما دونها.

 

 

صفحة : 538

 

الحافظ ابو موسى المديني محمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن محمد الحافظ الكبير ابو موسى بن أبي بكر ابن أبي عيسى المديني الأصبهاني صاحب التصانيف وبقية الأعلام.

كان واسع الدائرة في معرفة الحديث وعلله وأبوابه ورجاله وفنونه لم يكن في وقته أعلم منه ولا أحفظ منه ولا أعلى سندا وروى عنه جماعة من الحفاظ.

له من التصانيف الكتاب المشهور في تتمة معرفة الصحابة الذي ذيل به على أبي نعيم يدل على تبحره والطوالات مجلدان وتتمة الغريبين والوظائف واللطائف وعوالي التابعين وعرض من حفظه كتاب علوم الحديث للحاكم على إسماعيل الحافظ.

وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.والمديني بكسر الدال المهملة وسكون الياء آخر الحروف نسبة إلى مدينة أصبهان.

أبو نصر الأصبهاني محمد بن عمر بن محمد الرئيس أبو نصر الأصبهاني كاتب الوزير نظام الملك.

قال الباخرزي:ورد علينا نيسابور وكان وروده كورود الورد بعد انحسار برد البرد.وأورد له من شعره:

طويت رداء ودي لا كطي                      يراد به البقاء على النقاء

وما ظني بأعدائي إذا مـا                      يكون كذاك حال الأصدقاء ومنه:

شرق وغرب واغترب تلق الذي                      تهوى وتعزز أي وجه تشخص

وأرى المهانة في اللزوم فخلـه                      إن المتاع بأرضه يسترخـص ومنه:

بليت بمملـوك إذا مـا بـعـثـتـه                      لأمر أعيرت رجله مشية النـمـل

بليد كأن الـلـه خـالـقـنـا عـنـا                      به المثل المضروب في سورة النحل ومنه:

الناس أعـداء إذا جـربـتـهـم                      لمقلهم وأصادق الـمـتـمـول

كالريح قد تطفي السراج لضعفه                      وتزيد في ضوء الحريق المشعل الإمام حسام الدين ابن أخت صلاح الدين محمد بن عمر بن لاجين ابن أخت السلطان صلاح الدين الأمير حسام الدين.

توفي في الليلة التي توفي فيها صاحب حماة تقي الدين المظفر في سنة سبع وثمانين وخمس مائة وحزن السلطان عليهما ودفن حسام الدين في التربة الحسامية المنسوبة إليه من بناء والدته ست الشام وهي في الشامية الكبرى بظاهر دمشق.وقيل اسمه عمر بن لاجين.

الإمام فخر الدين الرازي محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي الإمام العلامة فريد دهره ونسيج وحده فخر الدين أبو عبد الله القرشي التيمي البكري الطبرستاني الأصل الرازي المولد ابن خطيب الري الشافعي الأشعري.

 

علامة العلماء والبحـر الـذي                      لا ينتهي ولكل بحر سـاحـل

ما دار في الحنك اللسان وقلبت                      قلما بأحسن من ثناه أنـامـل ولد سنة أربع وأربعين وخمس مائة واشتغل على والده الإمام ضياء الدين وكان من تلامذة محيي السنة أبي محمد البغوي،وكان إذا ركب يمشي حوله نحو ثلاث مائة تلميذ فقهاء وغيرهم،وكان خوارزم شاه يأتي إليه.

وكان شديد الحرص جدا في العلوم الشرعية والحكمة اجتمع له خمسة أشياء ما جمعها الله لغيره فيما علمته من أمثاله وهي سعة العبارة في القدرة على الكلام وصحة الذهن والاطلاع الذي ما عليه مزيد والحافظة المستوعبة والذاكرة التي تعينه على ما يريده في تقرير الأدلة والبراهين،وكان فيه قوة جدلية ونظره دقيق،وكان عارفا بالأدب له شعر بالعربي ليس في الطبقة العليا ولا السفلى وشعر بالفارسي لعله يكون فيه مجيدا.

وكان عبل البدن ربع اقامة كبير اللحية في صورته فخامة.كانوا يقصدونه من أطراف البلاد على اختلاف مقاصدهم في العلوم وتفننهم فكان كل منهم يجد عنده النهاية فيما يرومه منه.

قرأ الحكمة على المجد الجبلي والجيلي من كبار الحكماء وقرأ بعد والده على الكمال السمناني وقيل على الطبسي صاحب الحائز في علم الروحاني والله أعلم.

وله تصانيف ورزق الإمام فخر الدين السعادة العظمى في تصانيفه وانتشرت في الآفاق وأقبل الناس على الاشتغال بها ورفضوا كتب الأقدمين وكان في الوعظ باللسانين مرتبة عليا وكان يلحقه الوجد حال وعظه ويحضر مجلسه أرباب المقالات والمذاهب ويسألونه ورجع بسببه خلق كثير من الكرامية وغيرهم إلى مذهب السنة وكان يلقب بهراة شيخ الإسلام.يقال أنه حفظ الشامل في أصول الدين لإمام الحرمين.

 

 

صفحة : 539

 

قصد خوارزم وقد تمهر فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى العقيدة فأخرج من البلد،وقصد ما وراء النهر فجرى له أيضا ما جرى بخوارزم،فعاد إلى الري وكان بها طبيب حاذق له ثروة وله بنتان فزوجهما بابني فخر الدين ومات الطبيب فاستولى على جميع نعمته ومن ثم كانت له النعمة،ولما وصل السلطان شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بالغ في إكرامه وحصلت له أموال عظيمة منه،وعاد إلى خراسان واتصل بالسلطان خوارزم شاه محمد بن تكش وحظي عنده وأظنه توجه رسولا منه إلى الهند.

وهو أول من اخترع هذا الترتيب في كتبه وأتى فيها بما لم يسبق إليه لأنه يذكر المسألة ويفتح باب تقسيمها وقسمة فروع ذلك التقسيم ويستدل بأدلة السبر والتقسيم فلا يشذ منه عن تلك المسألة فرع لها بها علاقة فانضبطت له القواعد وانحصرت له المسائل،وكان ينال من الكرامية وينالون منه.

نقلت من خط الفاضل علاء الدين الوداعي من تذكرته أن الإمام فخر الدين الرازي رحمه الله كان يعظ الناس على عادة مشايخ العجم وأن الحنابلة كانوا يكتبون له قصصا تتضمن شتمه ولعنه وغير ذلك من القبيح،فاتفق أنهم رفعوا إليه يوما قصة يقولون فيها أن ابنه يفسق ويزني وأن امرأته كذلك فلما قرأها قال:هذه القصة تتضمن أن ابني يفسق ويزني وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون ونرجو الله تعالى إصلاحه والتوبة،وأما امرأتي فهذا شأن النساء إلا من عصمه الله تعالى وأنا شيخ ما في للنساء مستمتع هذا كلها يمكن وقوعه،وأما أنا فوالله لا قلت أن البارئ سبحانه وتعالى جسم ولا شبهته بخلقه ولا حيزته انتهى.

ذكرت هنا ما يحكى من أنه رفع لبعض الوعاظ ممن يحسده ورقة فيها:إن زوجتك تزني هي وبناتك وأولادك يفسقون ويفعلون ويصنعون،وأشياء من هذه المادة فقرأها في نفسه وقال:يا جماعة هذه الورقة فيها سب أهل البيت وذمهم العنوا من كتبهافقال الناس كلهم:لعنه الله.

ولما توفي الإمام فخر الدين بهراة في دار السلطنة يوم عيد الفطر سنة ست وست مائة كان قد أملى رسالة على تلميذه ومصاحبه إبراهيم بن أبي بكر بن علي الأصبهاني تدل على حسن عقيدته وظنه بكرم الله تعالى ومقصده بتصانيفه والرسالة مشهورة ولولا خوف الإطالة لذكرتها ولكن منها: وأقول:ديني متابعة سيد المرسلين،وقائد الأولين والآخرين إلى حظائر قدس رب العالمين،وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما،اللهم يا سامع الأصوات.ويا مجيب الدعوات ويا مقيل العثرات،ويا راحم العبرات،ويا قيام المحدثات والممكنات،أنا كنت حسن الظن بك،عظيم الرجاء في رحمتك،وأنت قلت  أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي خيرا  ،وأنت قلت  أمن يجيب المضطر إذا دعاه  وأنت، قلت  وغذا سالك عبادي عني فإني قريب: فهب أني جئت بشيء فأنت الغني الكريم،وأنا المحتاج اللئيم،وأعلم أنه ليس لي أحد سواك،ولا أحد كريم سواك،ولا أحد محسن سواك،وأنا معترف بالزلة والقصور،والعيب والفتور،فلا تخيب رجائي،ولا ترد دعائي،واجعلني آمنا من عذابك قبل الموت،وعند الموت،وبعد الموت،وسهل علي سكرات الموت،وخفض عني نزول الموت،ولا تضيق علي سبب الآلام والسقام فإنك أرحم الراحمين.

ثم قال في آخرها: واحملوني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان وادفنوني هناك وإذا وضعتموني في اللحد فاقرؤوا علي ما تقدرون عليه من آيات القرآن العظيم ثم ردوا علي التراب بالمساحي وبعد إتمام ذلك قولوا مبتهلين إلى الله مستقبلين القبلة على هيئة المساكين المحتاجين:يا كريم،يا كريم،يا عالما بحال هذا الفقير المحتاج،احسن إليه،واعطف عليه،فأنت أكرم الأكرمين،وأنت أرحم الراحمين،وأنت الفعال به وبغيره ما تشاء،فافعل به ما أنت أهله،فأنت أهل التقوى وأهل المغفرة انتهى.

قلت:ومن وقف على هذه الألفاظ علم ما كان عليه هذا الإمام من صحة الاعتقاد ويقين الدين واتباع الشريعة المطهرة.

 

صلوة وتسلـيم وروح وراحة                      عليه وممدود من الظل سجسج

 

صفحة : 540

 

وأكثر شناع عليه لخصومه أنه أكثر من إيراد الشبه والأدلة للخصوم ولم يجب عنها بطائل.حضرت أنا والشيخ فتح الدين ابن سيد الناس رحمه الله عند الشيخ أثير الدين أبي حيان فجاء ذكر الإمام فخر الدين فذكر ابن سيد الناس أن ابن جبير ذكر عنه في رحلته قال:ثم دخلت الري فوجدت ابن خطيبها قد التفت عن السنة وشغلهم بكتب ابن سينا وأرسطو،فقال لي الشيخ أثير الدين وأظنه تقي الدين ابن دقيق العيد-يقول:فخر الدين وإن كان قد أكثر من إيراد شبه الفلاسفة وملأ بها كتبه فإنه قد زلزل قواعدهم.قلت: الأمر كما قال لأنه إذا ذكر للفلاسفة أو غيرهم من خصومه شبهة ثم أخذ في نقضها فإما أن يهدمها ويمحوها ويمحقها وإما أن يزلزل أركانها،من ذلك أنه أتى إلى شبهة الفلاسفة في أن وجود الله تعالى عين ذاته ولهم في ذلك شبه وحجج قوية مبنية على أصولهم التي قرؤها فقال:هذا كله ما نعرفه ولكن نحن نعلم قطعا أن الله تعالى موجود ونشك في ذاته ما هي فلو كان وجوده عين ذاته لما كنا نعلم وجوده من وجه ونجهله من وجه إذ الشيء لا يكون في نفسه معلوما مجهولا.

هذا أمر قطعي فانظر إلى هذه الحجة ما أقواها وأوضحها وأجلاها كيف تهدم ما بنوه وتدكدك ما شيدوه وعلوه،وما رأيت أحدا يقول إذا عابه غير ذلك ولم يأت بشيء من عنده حتى يقول كان ينبغي أن نجيب عن كذا وكذا فيكون قد استدرك ما أهمله وأغفله والأعمال بالنيات.

ولما مات الإمام فخر الدين خلف ثمانين ألف دينار سوى الدواب والعقار وغير ذلك،وخلف ولدين الأكبر منهما تجند في حياة أبيه وخدم خوارزم شاه والآخر اشتغل ولم نعلم له ترجمة وأظنه الذي صنف له الأربعين في أصول الدين لكنه قال:لأكبر أولادي محمد ،والله أعلم.

وكان الإمام في أيامه له صورة كبيرة وجلالة وافرة وعظمة زائدة.

ذكر ابن مسدي في معجمه عن ابن عنين رحمه الله يقول سمعت أبا المحاسن محمد بن نصر الله ابن عنين رحمه الله يقول:كنت بخراسان في مجلس الفخر الرازي إذ أقبلت حمامة يتبعها جارح فسقطت في حجر الرازي وعاذت به وهو على منبره فقمت وأنشدت بديها:

يا ابن الكرام المطعمين إذا شتـوا                      في كل مسغبة وثلج خـاشـف

والعاصمين إذا النفوس تطـايرت                      بين الصوارم والوشيج الراعـف

من نبأ الورقاء أن مـحـلـكـم                      حرم وأنك ملجـأ لـلـخـائف

وافت إليك وقد تدانى حتـفـهـا                      فحبوتها ببقائها المـسـتـأنـف

ولو أنها تحبى بمال لانـثـنـت                      من راحتيك بنائل متضـاعـف

جاءت سليمان الزمان حـمـامة                      والموت يلمع من جناحي خاطف فخلع عليه جبة كانت عليه،قال:فكان هذا سببا لإقبال السعود علي وتسني الآمال لدي انتهى.

واقترح الإمام عليه قصيدة في كل كلمة منها سين فنظمها ابن عنين وأولها:

مرسى السيادة سنة سيفـية                      محروسة مسعودة التأسيس واقترح عليه قصدة أخرى في كل كلمة منها حاء فنظمها أيضا وأولها:

حيى محل الحاجبية بالحمى                      والسفح سيح مدلح سحاح والقصيدتان مثبتتان في ديوانه.ومدحه بقصيدة سيرها إليه من نيسابور منها:

من دوحة فـخـرية عـمــرية                      طابت مغارس مجدها المتـأثـل

مكية الأنسـاب زاك أصـلـهـا                      وفروعها فوق السماك الأعـزل

بحرا تصدر للعلـوم ومـن رأى                      بحرا تصدر قبله في مـحـفـل

ومشمرا به بدع تمادى عمـرهـا                      قهرا وكاد ظلامها لا ينـجـلـي

فعلا به الإسلام أرفـع هـضـبة                      ورسا سواه في الحضيض الأسفل

غلط امرؤ بأبي عـلـي قـاسـه                      هيهات قصر عن مداه أبو علـي

لو أن رسطاليس يسمـع لـفـظة                      من لفظه لعرته هـزة أفـكـل

ولحار بطليموس لـو لاقـاه مـن                      برهانه في كل شكل مـشـكـل

فلو أنهم جمعوا لـديه تـيقـنـوا                      أن الفضيلة لـم تـكـن لـلأول وقال ابن عنين:حصلت بلاد العجم من جهة فخر الدين وبجاهه نحوا من ثلاثين ألف دينار،ذكر ذلك ابن أبي أصيبعة في تاريخه.

 

 

صفحة : 541

 

وحكى لي بعض الأفاضل أن بعض الملوك-أنسيته-سأله أن يضع له شيئا في الأصول يقرأه فقال له:بشرط أنك تحضر إلى درسي وتقرأه علي،فقال:نعم وأزيدك على هذا،فوضع له المحصل قال الحاكي والعهدة عليه في ذلك:أن السلطان كان يجيء ويقف ويأخذ مداسه يعني مداس الإمام ويحمله في كمه ويسمع الدرس في الكتاب،قلت:إذا كان السلطان كذلك كيف لا يرغب أهل العلم ويزادون نشاطا ويجتهدون في طلب الغايات.وقال لي يوما الشيخ فتح الدين ابن سيد الناس:ما أعجب إلا من فخر الدين كونه وضع تفسيرا أنت من أين والتفسير من أين كما أعجب من تقي الدين ابن تيمية كونه يرد على فخر الدين وابن سينا،فقلت له:ما القياس صحيحا ولا المسألتان متقابلتين لأن الإمام إذا عمل تفسيرا يحسن أن يقول قال فلان كذا وقال فلان كذا فينقل أقوال المفسرين ولكن إذا أخذ الآية وذكر أدلة الشافعية منها وأدلة الحنفية منها وبحث بين الفريقين من هو الذي يجري معه في ذلك الميدان وإن كان الشيخ تقي الدين أقعد بعلم الرواية.

وقلت يوماص للشيخ الإمام العلامة قاضي القضاة أبي الحسن علي السبكي:قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية وقد ذكر تفسير الإمام:فيه كل شيء إلا التفسير،فقال قاضي القضاة:ما الأمر كذا إنما فيه مع التفسير كل شيء انتهى.

ومن تصانيف الإمام رحمه الله تعالى:التفسير الذي له وهو في ستة وعشرين مجلدا ذكر تفسير الفاتحة منه في مجلدة وهو على تجزئة الفاتحة في أكثر من ثلاثين مجلدا وأكمل التفسير على المنبر إملاء تفسير سورة البقرة على الوجه العقلي لا النقلي أسرار التنزيل وأخبار التأويل نهاية العقول في أصول الدين يكون في أربع مجلدات المطالب العالية في الأصول أيضا في أربعة كبار كتاب الأربعين في مجلدة كبيرة المحصل مجلدة كتاب الخمسين صغير المعالم في أصول الدين والفقه الخلق والبعث مجلدة تأسيس التقديس مجلدة البيان والبرهان في الرد على أهل الزيغ والطغيان المحصول في أصول الفقه في مجلدين المنتخب في أصول الفقه مجلدة النهاية البهائية في المباحث القياسية أجوبة المسائل النجارية الطريقة العلائية في الخلاف أربع مجلدات شرح أسماء الله الحسنى إبطال القياس الملل والنحل المباحث العمادية في المطالب المعادية تحصيل الحق عيون المسائل إرشاد النظار إلى لطائف الأسرار فضائل الصحابة القضاء والقدر ذم الدنيا نفثة المصدور إحكام الأحكام الرياض المؤنقة عصمة الأنبياء تعجيز الفلاسفة بالفارسي الأخلاق اللطائف الغياثية الرسالة الكمالية في الحقائق الإلهية بالفارسي عربها تاج الدين الأرموي رسالة الجوهر الفرد الآيات البينات في المنطق ترجيح مذهب الشافعي وأخباره شرح أبيات الشافعي الأربعة التي أولها:وما شئت كان وإن لم أشأ أظنه كتاب القضاء والقدر الزبدة نهاية الإيجاز اختصار دلائل الإعجاز المحرر في النحو قطعة من شرح الوجيز شرح المفصل لم يتمه شرح ديوان المتنبي شرح سقط الزند لباب الإشارات شرح الإشارات الإشارات له أيضا شرح نهج البلاغة ولم يتم الحكمة المشرقية تكون في ثلاثة المختص تكون في مجلدين شرح كليات القانون الطب الكبير ولم يتم عيون الحكمة مصادرات إقليدس التشريح ولم يتم النبض الاختيارات السماوية السر المكتوم في علم الطلاسم والنجوم منتخب درج تنكلوشا وقيل أنه شرحها رسالة في النبوات رسالة في النفس مباحث الوجود مباحث الحدود رسالة في التنبيه على الأسرار المودعة في بعض سور القرآن.

وكان الشيخ ركن الدين ابن القوبع يقول أنه شرح الشفاء وإن كان هذا صحيحا فأقل ما يكون في خمس وعشرين مجلدة.رأيت بعضهم قد كتب على كتاب المحصل الذي للإمام فخر الدين بيتين وهما:

محصل في أصول الدين حاصله                      من بعد تحصيله أصل بـلا دين

بحر الضلالات والشك المبين وما                      فيه فأكثره وحي الـشـياطـين فكتبت تحتهما من نظمي:

عميت عن فهم ما ضمت مسائله                      ونورها قد تجلى بالبـراهـين

فملت عجزا إلى التقليد وهو متى                      حققت لم تلق أمرا غير مظنون

والناس أعداء ما لم يعرفوه فـلا                      بدع إذا قلت ذا وحي الشياطـين وكتبت على كتاب له في أصول الدين:

علم الأصول بفخر الدين منتصر                      به نصول بإعجاب وإعـجـاز

 

صفحة : 542

 

 

أضحت به السنة الغراء واضـحة                      قد استقامت لمختار ومـجـتـاز

له مباحث كم قد أحرقت شبـهـا                      بشهبها فمن الرازي على الرازي وكتبت على كتاب الطب الكبير الذي له:

قد كنت يا ابن خطيب الري معجزة                      بذهنك المشرق الخالي من الكدر

دخلت في كل علم لـلأنـام وقـد                      حررته بدقيق الفكر والـنـظـر

إذا انتصرت لرأي أو لـمـسـألة                      ترجحت لأولي الألباب والفـكـر

وكل علمس لك الفصل المبين بـه                      فأنت حقا جمال الكتب والـسـير قال أبو علي الحسين الواسطي:سمعت فخر الدين بهراة ينشد على المنبر عقيب كلام عاتب أهل البلد فيه:

المرء ما دام حياص يستهان به                      ويعظم الرزء فيه حين يفتقـد ومن شعر الإمام فخر الدين ما أنشده ابن أبي أصيبعة قال:أنشدني بديع الزمان البندهي قال:أنشدني الإمام فخر الدين لنفسه:

فلو قنعت نفسي بميسور بـلـغة                      لما سبقت في المكرمات رجالها

ولو كانت الدنيا مناسـبة لـهـا                      لما استحقرت نقصانها وكمالها

ولا أرمق الدنيا بعـين كـرامة                      ولا أتوقى سوءها واختلالـهـا

وذاك لأني عارف بـفـنـائهـا                      ومستيقن ترحالها وانحلالـهـا

أروم أمورا يصغر الدهر عندها                      وتستعظم الأفلاك طرا وصالها ومنه:

أرواحنا ليس ندري أين مذهبها                      وفي التراب توارى هذه الجثث

كون يرى وفساد جاء يتبـعـه                      والله يعلم ما في خلقه عـبـث ومنه:

نهاية إقدام العـقـول عـقـال                      وأكثر سعي العالمين ضـلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا                      وحاصل دنيانـا ردى ووبـال

ولم نستفد من بحثنا طول دهرنا                      سوى أن جمعنا فيه قلت وقالوا

وكم قد رأينا من رجـال ودولة                      فبادوا جميعا مسرعين وزالـوا

وكم من جبال قد علت شرفاتها                      وعال فزالت والجبال جـبـال وله قصيدة نونية طويلة سماها الهادية للتقليد المؤدية إلى التوحيد أولها:

يا طالب التوحيد والإيمـان                      أبشر بكل كرامة وأمـان

واعلم بأن أجل أبواب الهدى                      تقرير دين الله بالبرهـان ورجمه الكرامية يوما على المنبر وزرقوا عليه من سقاه السم والله أعلم فمات من ذلك.قال ياقوت:وجدت على ظهر كتاب من تصانيف فخر الدين الرازي ما صورته:قال الأديب الأخسيكتي:

إن بالمشـرق فـينـا                      جبل العلم ابن سـينـا

فدع المغـرب يذكـر                      ذرةص من طور سينا فقال السراج:

اعلما علمـا يقـينـا                      أن رب العالمـينـا

لو قضى في عالميهم                      خدمة للعالـمـينـا

خدم الرازي فخـرا                      خدمة العبد ابن سينا وقيل أيضا:

قد تركنا قد نسـينـا                      حكمة الشيخ ابن سينا

حين شاهدنا عـيانـا                      حكمة الرازي فينـا

نحن قد بعنا حصـاة                      واشترينا طور سينـا وقيل أيضا:

نحن بالجهل ابتلـينـا                      نحن بالحمق رمينـا

نحن قضينا زمـانـا                      في تصانيف ابن سينا

ثم صرنا آمـنـينـا                      عن مقال الطاعنينـا

حين طالعنا كـلامـا                      يشبه الدر الثمـينـا

صاغه ارازي فينـا                      كاملا فخما مبـينـا

رب فاجعله بـحـال                      يشبه الروح الآمنينا الجمال الكاتب المصري محمد بن عمر المصري الكاتب المجود المنعوت بالجمال.

كان بارع الخط حسن التوقيف انتفع به جماعة كثيرة وله شعر.وتوفي سنة ثلاث عشرة وست مائة.

صدر الدين شيخ الشيوخ ابن حمويه محمد بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه صدر الدين ابو الحسن شيخ الشيوخ ابن شيخ الشيوخ عماد الدين أبي الفتح الجويني البحيراباذي الصوفي.

ولي تدريس الشافعي ومشهد الحسين وسيره الكامل رسولا إلى الخليفة وكانت داره مجمع الفضلاء.توفي سنة سبع عشرة وست مائة.

 

 

صفحة : 543

 

المنصور صاحب حماة محمد بن عمر بن شاهنشاه بن أيوب السلطان الملك المنصور ابن الملك المظفر تقي الدين ابن الأمير نور الدولة صاحب حماة وابن صاحبها.

سمع الحديث بالإسكندرية من السلفي وكان شجاعا يحب العلماء وجمع تاريخا على السنين في عدة مجلدات فيه فوائد.

قال شهاب الدين القوصي:قرأت عليه قطعة من كتابه مضمار الحقائق وسر الخلائق وهو كبير نفيس يدل على فضله ولم يسبق إلى مثله وله كتاب طبقات الشعراء يكون في عشرة وجمع من الكتب ما لا مزيد له،وكان في خدمته ما يناهز مائتي متعمم من الفقهاء والأدباء والنحاة والمشتغلين بالحكمة والمنجمين والكتاب.

وأقامت دولته ثلاثين سنة وتوفي سنة سبع عشرة وست مائة.

ومن شعره:

زاغ ولو شـاء زار                      مهفهف ذو احورار

مرنح يسـقـينـي                      من مقلتيه العقـار ومنه:

ادعني باسمها فإني مجـيب                      وادر أني مما تحب قريب

حكم الحب أن أذل لـديهـا                      نخوة الملك والغرام عجيب ومنه:

أربــــي راح وريحـــــــا                      ن ومـحــبـــوب وشـــادي

والذي ساق لي الملك له دفع الأعادي ومن شعر المنصور صاحب حماة:

سحا الدموع فإن القوم قد بانوا                      وأقفر الصبر لما أقفر البـان

وأسعداني بدمع بعد بـينـهـم                      فالشأن لما نأوا عني له شـأن

لا تبعثوا في نسيم الريح نشركم                      فإنني من نسيم الريح غـيران

سقاهم الغيث من قبلي كاظمة                      سحا وروى ثراهم أينما كانوا ابن اللهيب المالكي محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن جعفر الإمام شرف الدين ابو عبد الله الأزدي الغساني المصري المالكي المعروف بابن اللهيب.

أخذ المذهب عن الإمام ظافر بن الحسين الأزدي وغيره وناظر وسمع وتصدر بالجامع العتيق وكان بصيرا بالمذهب،ولي الوكالة السلطانية ونظر دمياط ودرس بالصالحبية باقاهرة وكان من الأذكياء الموصوفين وله شعر وفضائل وهو من بيت فيه جماعة فضلاء.

توفي سنة سبع وعشرين وست مائة.

ابن مغايظ محمد بن عمر بن يوسف الإمام أبو عبد الله الأنصاري القرطبي المالكي المعروف بابن مغايظ بالغين المعجمة والظاء المعجمة.

انتقل به أبوه إلى فاس فنشأ بها وحج وسمع بمكة والإسكندرية،وكان إماما صالحا مجودا للقراآت عارفا بوجوهها بصيرا بمذهب مالك حاذقا بفنون العربية وله يد طولى في التفسير وتخرج به جماعة وجلس بعد موت الشاطبي في مكانه للإقراء ونوظر عليه في كتاب سيبويه وجاور بالمدينة وعرف بالفضل والصلاح وأم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم.وقال ابن الطيلسان:توفي بمصر ودفن بقرافتها سنة إحدى وثلاثيت وست مائة.

الفخر ابن المالكي الشافعي محمد بن عمر بن عبد الكريم الإمام فخر الدين الحميري الدمشقي الشافعي المعروف بالفخر ابن المالكي.

ولد ظنا سنة ثمانين وخمس مائة وسمع من الخشوعي والقاسم ابن عساكر وحنبل وابن طبرزذ،وأكثر عن المتأخرين كأبي محمد ابن البن وزين الأمناء،وكتب الأجزاء والطباق وخطه مليح دقيق معلق،وكان له بيت بالمنارة الشرقية وخزانة كتب تجاه محراب الصحابة وكان قد ولي إمامة الكلاسة بعد الشيخ تاج الدين في السنه.وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة.

محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد ابو عبد الله القسطلاني التوريزي المولد المكي الدار والوفاة المالكي أمام حطيم المالكية بمكة.

مولده سنة ثمان وتسعين وخمسمائة سمع من أبي حفص عمر بن محمد السهروردي وغيره وحدث بمكة وكان شيخا عالما صالحا وله نظم.ودفن لما توفي بالمعلى سنة ثلاث وستين وست مائة.

ابن الشيخ شهاب الدين السهروردي محمد بن عمر بن محمد بن عبد الله ابو جعفر التيمي البكري السهروردي المولد البغدادي الدار الصوفي.

ولد سنة سبع وثمانين وخمس مائة سمع من أبي الفرج ابن الجوزي وغيره وكان والده شهاب الدين شيخ وقته في الطريقة وتربية المريدين.وتوفي ابو جعفر في عاشر جمادى الآخرة سنة خمس وخمسين وست مائة.

ابن الزقزوق محمد بن عمر بن محمد بن علي زين الدين الأنصاري المصري الصوفي الأديب المعروف بابن الزقزوق.

 

 

صفحة : 544

 

مولده سنة سبع وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة سبعين وست مائة.ومن نظمه ما رواه الدمياطي في معجمه نقلته من خط الجزري المؤرخ:

مر فقلنا من فتون بـه                      لله هذا من فتى نـابـه

فقال بعض القوم لما رنا                      للبعض يا قوم فتنا بـه وقوله في مليح يرمي:

وساهم في فؤادي بدر تـم                      فحاز فؤاد عاشقه بسهمـه

وناضل من كنانته فأصمى                      بسهم جفونه من قبل سهمه خطيب كفربطنا محمد بن عمر بن عبد الملك الخطيب جمال الدين أبو البركات الدينوري الصوفي الشافعي خطيب كفربطنا.

ولد سنة ثلاث عشرة وست مائة بالدينور وقدم مع والده وسكن سفح قاسيون ونسخ الأجزاء وروى وكان له أصحاب يعتقدون فيه وروى عنه البرزالي وابن الخباز وابن العطار.توفي سنة ست وثمانين وست مائة.

الشريف الداعي المقرئ محمد بن عمر بن أبي القاسم الشريف أبو عبد الله الداعي الرشيدي الهاشمي المقرئ شيخ القراء بالعراق ومسند الآفاق كان أحد من عني بهذا الشأن.

قرأ العربية على أبي بكر ابن الباقلاني وأبي يعقوب المبارك بن المبارك الحداد وعمر دهرا وجلس للإقراء ببغداد،وقرأ عليه القراآت الموفق عبد الله بن مظفر بن علان البعقوبي وأجاز لابن خروف بخط شديد الاضطراب،وروى عنه إذنا برهان الدين الجعبري شيخ الحرم ببلد الخليل عليه السلام.

وتوفي سنة خمس وستين وست مائة.

ابن شرف الدين ابن الفارض محمد بن عمر بن علي بن مرشد كمال الدين ابو حامد ابن الشيخ شرف الدين ابن الفارض.

سمع من أبيه ومن ابن رواج وأجاز له المؤيد الطوسي وابو روح وجماعة وكتب عنه المصريون والبرزالي.وتوفي سنة تسع وثمانين وست مائة.

الصاحب جمال الدين ابن العديم محمد بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة الصاحب العالم البارع جمال الدين ابو غانم ابن الصاحب كمال الدين ابن العديم العقبلي الحلبي الحنفي الكاتب.

حضر على الحافظ أبي عبد الله البرزالي وسمع من أبي رواحة وابن قميرة وابن خليل وجماعة بحلب،ورحل به والده قبل الخمسين مع الدمياطي إلى بغداد وأسمعه من شيوخها وطلع من أذكياء العلم وتأدب وشارك في الفضائل وبرع في كتابة المنسوب،وسكن حماة وحدث بها،ومشى السلطان الملك المظفر ومن دونه في جنازته وهو والد القاضي نجم الدين عمر ودفن بتربته بعقبة نقيرين سنة خمس وتسعين وست مائة.

ابن العقادة الحنفي محمد بن عمر بن حافظ بن خليفة بن حفاظ أبو عبد الله ابن أبي الخطاب السعدي الحموي الحنفي المعروف بابن العقادة.

درس بمدرسة طمان بحلب وتوفي سنة اثنتين وأربعين وست مائة.قال الصاحب كمال الدين ابن العديم:كتب إلي يعتذر من انقطاعه عني من أبيات:

عندي مريضق قد تمادى ضعفه                      متضاعفا وتورمت أقـدامـه

طال القيام به فيا عجبا لـمـن                      ورمت قوائمه وطال قـيامـه

غصن ذوي غض الشباب كأنما                      مر النسيم به فمـال قـوامـه

فلأجل ذلك ما انقطعت وقد بدا                      عذري وأمري في يديك زمامه ووالده الإمام المشهور توفي بحماة سنة عشر وست مائة.ونظم مختصر القذوري أرجوزة في مجلدة.

الشيخ صدر الدين محمد بن عمر بن مكي بن عبد الصمد الشيخ الإمام العالم العلامة ذو الفنون البارع ابن المرحل ويعرف في الشام بابن وكيل بيت المال المصري الأصل العثماني الشافعي أحد الأعلام وفريد أعاجيب الزمان في الذكاء والحافظة والذاكرة.

 

كم مقفل ضل فيه العقل فانفرجت                      أرجاؤه لحجاه عـن مـعـانـيه

يفتي فيروى غليل الدين من حصر                      أدناه نقلاص وقد شطت مراميه

ومؤنق قد سقاه غيث فطـنـتـه                      مزنا أيادي رياح الفكر تـمـريه ولد في شوال سنة خمس وستين بدمياط وتوفي بالقاهرة ودفن عند الشافعي سنة ست عشرة وسبع مائة.

رثاه جماعة في الشام ومصر وحصل التأسف عليه،وقال الشيخ الإمام تقي الدين ابن تيمية لما بلغته وفاته:أحسن الله عزاء المسلمين فيك يا صدر الدين.أنشدني من لفظه لنفسه القاضي شمس الدين محمد بن داود ابن الحافظ ناظر جيش صفد:

ما مات صدر الدين لكنه                      لما عدا جوهرة فاخره

 

صفحة : 545

 

 

لم تعرف الدنيا له قـيمة                      فعجل السير إلى الآخره وهو مأخوذ من قول القائل:

قد كان صاحب هذا القبر جوهـرة                      غراء قد صاغها الباري من النطف

عزت فلم تعرف الأيام قيمـتـهـا                      فردها غيرة منه إلـى الـصـدف نشأ بدمشق وتفقه بوالده وبالشيخ شرف الدين المقدسي وأخذ الأصول عن صفي الدين الهندي وسمع من القاسم الإربلي والمسلم بن علان وجماعة،وكان له عدة محفوظات قيل أنه حفظ المفصل في مائة يوم ويوم والمقامات الحريرية في خمسين يوما وديوان المتنبي على ما قيل في جمعة واحدة.،وكان من أذكياء زمانه فصيحا مناظرا لم يكن أحد من الشافعية يقوم بمناظرة الشيخ تقي الدين ابن تيمية غيره،ناظره يوما في الكلاسة فاضطر الكلام الشيخ تقي الدين إلى أحد الحاضرين وقال له:هذا الذي أقوله ما هو الصواب?فأنشده صدر الدين:

إن انتصارك بالأجفان من عجـب                      وهل رأى الناس منصورا بمنكسر وجرت بينهما مناظرات عديدة في غير موضع.

وتخرج به الأصحاب والطلبة وكان بارعا في العقليات وأما الفقه وأصول الفقه فكانا قد بقيا له طباعاص لا يتكلفهما،أفتى ودرس وبعد صيته،ولي مشيخة دار الحديث الأشرفية سبع سنين وجرت له أمور وتنقلات وكان مع اشتغاله يتنزه ويعاشر ونادم الأفرم نائب دمشق ثم توجه إلى مصر وقام بها إلى أن عاد السلطان من الكرك في سنة تسع وسبع مائة،فجاء بعدما خلص من واقعة الجاشنكير-فإنه نسب إليه منها أشياء وعزم الصاحب فخر الدين ابن الخليلي على القبض عليه تقربا إلى خاطر السلطان وهو بالرمل فعفا عنه السلطان-وجاء إلى دمشق.

فعمل عليه زمان قراسنقر وتوجه إلى حلب وأقرأ بها ودرس وأقبل عليه الحلبيون إقبالا زائدا وعاشرهم وخالطهم،قال:وصلني من مكارمات الحلبيين في مدة عشر أشهر فوق الأربعين ألف درهم،وأقبل عليه نائبها أسندمر.

وكان محفوظا لم يقع بينه وبين أحد من الكبار إلا وعاد من أحب الناس فيه،وكان حسن الشكل تام الخلق حسن البزة حلو المجالسة طيب المفاكهة وعنده كرم مفرط كل ما يحصل له ينفقه على خلطائه وخلصائه بنفس متسعة ملوكية وكان يتردد إلى الصلحاء ويلتمس دعاءهم ويطلب بركتهم.

أخبرني من لفظه الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن العسجدي الشافعي قال:كنت معه وكانت ليلة عيد فوقف له فقير وقال:شيء لله،فالتفت إلي وقال:ايش معك?فقلت:مائتا درهم،فقال:ادفعها إلى هذا الفقير،فقلت له:يا سيدي الليلة العيد وما معنا نفقة غد،فقال:امض إلى القاضي كريم الدين الكبير وقل له:الشيخ يهنيك بهذا العيد،فلما رآني كريم الدين قال:كأن الشيخ يعوز نفقة في هذا العيد،ودفع إلي ألفي درهم للشيخ وثلاث مائة درهم لي،فلما حضرت إلى الشيخ وعرفته ذلك قال:صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم  الحسنة بعشرة  مائتان بألفين.وحكى لي عند غير واحد ممن كان يختص به مكارم كثيرة ولطفا زائدا وحسن عشرة،وأما أوائل عشرته فما كان لها نظير لكنه ربما يحصل عنده ملل في آخر الحال حتى قال فيه القائل:

وداد ابن الوكيل له شبيه                      بلبادين جلق في المسالك

فأوله حلـي ثـم طـيب                      وآخره زجاج مع لوالك وشعره الجيد منه مليح إلى الغاية وربما يقع فيه اللحن الخفي وكان ينظم الشعر والمخمس والدوبيت والموشح والزجل وغير ذلك من أنواع النظم ويأتي فيه على اختلاف الأنواع بالمحاسن.

ومن تصانيفه ما جمعه في سفينة سماه الأشباه والنظائر في الفقه يقال أنه شيء غريب،وعمل مجلدة في السؤال الذي حضر من عند أسندمر نائب طرابلس في الفرق بين الملك والنبي والشهيد والولي والعالم.

ولما كان بحلب حضر الأمير سيف الدين أرغون الدوادار نائب السلطان أظنه متوجهاص إلى مهنا بن عيسى فاجتمع به هناك وقدم له ربعة عظيمة كان قد وهبها له أسندمر نائب حلب فقال:هذه ما تصلح إلا لمولانا السلطان،ووعده بطلبه إلى الديار المصرية ووفى له بوعده وطلب إلى مصر ولم يزل بها في وجاهة وحرمة إلى أن توفي رحمه الله.وجهزه السلطان رسولا إلى مهنا مع الأمير علاء الدين الطنبغا الحاجب فقال الشيخ:إنه حصل لي تلك السفرة ثلاثون ألف درهم.

ومن شعره قصيدة بائية أولها:

 

صفحة : 546

 

 

ليذهبوا في ملامـي أية ذهـبـوا                      في الخمر لا فضة تبقى ولا ذهب

لا تأسفن علـى مـال تـمـزقـه                      أيدي سقاة الطلا والخرد العـرب

فما كسوا راحتي من راحها حلـلا                      إلا وعروا فؤادي الهم واستلـبـوا

راح بها راحتي في راحتي حصلت                      فتم عجبي بها وازداد لي العجـب

أن ينبع الدر من حلـو مـذاقـتـه                      والتبر منسبك في الكأس منسكـب

وليست الكيميا في غيرها وجـدت                      وكل ما قيل في أبوابـهـا كـذب

قيراط خمر على القنطار من حزن                      يعيد ذلك أفـراحـا وينـقـلـب

عناصر أربع في الكأس قد جمعت                      وفوقها الفلك السيار والـشـهـب

ماء ونار هـواء أرضـهـا قـدح                      وطوفها فلك والأنجم الـحـبـب

ما الكأس عندي بأطراف الأنامل بل                      بالخمس تقبض لا يحلو لها الهرب

شججت بالماء منها الرأس موضحة                      فحين أعقلها بالخمس لا عـجـب قلت:لو لم يقل الشيخ صدر الدين من الشعر إلا هذا البيت لكان قد أتى بشيء غريب نهاية في البديع لقد غاص فيه على المعنى ودق تخيله فيه

وما تركت بها الخمس التي وجبـت                      وإن رأوا تركها من بعض ما يجب

وإن أقطب وجهي حين تبسـم لـي                      فعند بسط الموالي يحـفـظ الأدب هذا البيت أيضا بديع المعنى دقيقه وقد اعتذر عن تقطيبه بأحسن عذر وأوضحه عما أشار إليه الشعراء في ذلك وقبحوا فعله مثل قول ابن أبي الحداد:

بالـراح رح فـهـي الـمــنـــى                      وعـلـى جـمـاع الـكـأس كـس

لا تلقها إلا ببشرك فالقطوب من الدنس

ما أنصف الصهباء من                      ضحـكـت إلـيه وقـد عـبـــس

وإذا سـكـرت فــغـــن لـــي                      ذهـب الـرقـاد فـمــا يحـــس وما أحسن قول ابن رشيق القيرواني:

أحب أخي وإن أعرضت عنه                      وقل على مسامعه كلامـي

ولي في وجهه تقطيب راض                      كما قطبت في وجه المـدام وتتمة أبيات صدر الدين:

عاطيتها من بنات الترك عاطـية                      لحاظها للأسود الغلب قد غلبـوا

هيفاء جارية لـلـراح سـاقـية                      من فوق ساقية تجري وتنسكـب

من وجهها وتثنيها وقـامـتـهـا                      تخشى الأهلة والقضبان والكتـب

يا قلب أردافها مهما مررت بهـا                      قف لي عليها وقل:لي هذه الكثب

وإن مررت بشعر فوق قامتـهـا                      بالله قل لي:كيف البان والعـذب

تريك وجنتها ما في زجاجتـهـا                      لكن مذاقته للريق تـنـتـسـب

تحكي الثنايا الذي أبدته من حبـب                      لقد حكيت ولكن فاتك الشـنـب في هذه الأبيات تضمين إعجاز أبيات من قصيدة ابن الخيمي الآتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

وقال أيضا:

سرى وستور الهم بالكأس تهتـك                      وساكن وجدي بالغنـاء يحـرك

فعاطيته كأسا فحيى بفضـلـهـا                      ومازج ذاك الفضل ريق ممسك

أرقت دم الراووق حلا لأنـنـي                      رأيت صليبا فوقه فهو مشـرك

وسالت دموع العين منه وكلـمـا                      بكى بالدما مما جرى منه أضحك

وزوجت بنت الكرم بابن غمـامة                      فصح على التعليق والشرط أملك وهذه القصيدة والتي قبلها حذفت منهما جملة لأن هذا خلاصة ما فيهما.وقال:

وعارض قد لام في عارض                      وطاعن يطعن في سـنـه

وقال لي:قد طلعت ذقـنـه                      فقلت:لا أفكر في ذقـنـه وقال وهو في غاية الحسن:

شب وجدي بشائب                      من سنا البدر أوجه

كلما شاب ينحنـي                      بيض الله وجهـه وقال:

ولما جلا فصل الربيع محاسـنـا                      وصفق ماء النهر إذ غرد القمري

أتاه النسيم الرطب رقص دوحـه                      فنقط وجه الماء بالذهب المصري وقال:

عيرتني بالسقم طرفك مشبـهـي                      وكذاك خصرك مثل جسمي ناحلا

وأراك تشمت إذ أتـيتـك سـائلا                      لا بد أن يأتـي عـذارك سـائلا وقال في مليح به يرقان:

 

صفحة : 547

 

 

رأيت في طرفه اصفرارا                      سبا فؤادي فقلت مهـلا

أيا مليك الأنام حـسـنـا                      العفو من سيفك المحلـى قلت:وهذا مثل قول الوداعي:

قال قوم:قـد شـانـه يرقـان                      قلت:أخطأتم وحاشـى وكـلا

إنما الخد واللـواحـظ مـنـه                      مصحف مذهب وسيف محلى وقال:

أقصى مناي أن أمر على الحمى                      ويلوح نور رياضـه فـيفـوح

حتى أري سحب الحمى كيف البكا                      وأعلم الورقـاء كـيف تـنـوح وقال أيضا:

بعيشك خل عاذلتي تلـمـنـي                      ومنها في ملامتهـا ومـنـي

فإن نجحت فلا نجحت طريقي                      وأدركت المنية لا التـمـنـي

وإن خابت فلا خابت طريقـي                      وإن كان الهوى ثانيه عـنـي

فيا غصن النقا ويحـل قـدرا                      قوامك أن أشبهه بـغـصـن

لحاظك بالمها فتكـت عـنـادا                      ولا تسأل عن الظبي الأغـن

وعطفك قد كسا الأغصان وجدا                      فمالت بالهوى لا بالتـثـنـي

ورقت روقها فبكت علـيهـا                      وفي الأفنان أبدت كـل فـن

وقد طارحتها شجنـا فـلـمـا                      بكيت صبابة أخذت تـغـنـي وقال أيضا:

يا ليلة فيها الأمان والمـنـى                      وكل ما أطـلـبـه تـهـيا

لا تقصري فالصبح قد شربته                      مدامة عنقودهـا الـثـريا وقال أيضا:

تلك المعاطف أم غصون الـبـان                      لعبت ذؤابتها على الـكـثـبـان

وتضرجت تلك الخدود فـوردهـا                      قد شق قلب شقائق النـعـمـان

ما يفعل الموت المبرح في الورى                      ما تفعل الأحداق فـي الأبـدان

أخليل قلبي وهو يوسف عصـره                      قلبي الكليم رميت في الـنـيران

قطعته مذ كان قـلـبـا طـائرا                      ودعوته فـأتـى بـغـير تـوان

يا نور عينـي لا أراك وهـكـذا                      إنسان عينـي لا يراه عـيانـي وقال أيضا:

أخفيت حبك عن جميع جوانحي                      فوشت عيوني والوشاة عـيون

ووددت أن جوانحي وجوارحي                      مقل تراك وما لهن جـفـون

ووددت دمع الخافقينا لمقلتـي                      حتى عزيز الدمع فيك يهـون

يا ليت قيسا في زمان صبابتي                      حتى أريه العشق كيف يكون وقال أيضا:

يا وجنة هي جنة قـد زخـرفـت                      وردا ومن آس العذار تحصـرت

عين بنور جمال وجهك متـعـت                      وسوى جمالك أبصرت لا أبصرت وقال في مليح يلقب بالحامض:

وبديع الجمال معتدل الـقـا                      مة كالغصن والقنا الأملـود

لقبوه بحامض وهـو حـلـو                      قول من لم يصل إلى العنقود وقال أيضا:

راح بها الأعمى يرى مع العمى                      وهاك برهانا على هذي المدح

الخمر للأقـداح قـلـب دائمـا                      والحدق انظرها تجد قلب القدح وقال أيضا:

قال لي من أحب والبدر يبـدو                      من خلال السحاب ثم يغيب:

ما حكى البدر?قلت:وجهك لما                      يختفي عندما يلوح الرقـيب وقال أيضا:

كأنما البرق خلال السمـا                      من فوق غيم ليس بالكابي

طراز تبر في قبـا أزرق                      من تحته فروة سنجـاب وقال أيضا:

يا غاية منيتي ويا مـعـشـوقـي                      من بعدك لم أمل إلى مخـلـوق

يا خير نديم كان لـي يؤنـسـنـي                      من بعدك قد صلبت على الراووق وقال أيضا:

في خدك خط مشرف الصدغ ستور                      والشاهد ناظر على الفـتـك يدور

يا عارضه بالشرع لا تـقـتـلـي                      الشاهد فاتـك وذا خـطـك زور وقال أيضا:

تعطف على مهجة ظامـيه                      وتقذفها عـبـرة هـامـيه

فقد طال سقمي فقل لي متى                      تجيء إلى عبدك العـافـيه

وأرخصت دمعي يوم النوى                      لأجل سوالفك الـغـالـيه

فصبرا على ما قضى لم أقل                      فيا ليتها كانت القـاضـيه

ونحن عبـيدك ذبـنـا أسـا                      فرفقا على رقة الحاشـيه

فقال بعيني أقـيك الـردى                      فقلت على عينك الـواقـيه

 

صفحة : 548

 

 

فشنف سمعي بهذا الحديث                      فما ذكرت قرطها ماريه

فيا عاذلي لو دعاك الهوى                      لقد كنت تسمع يا ساريه وقال أيضا:

من دمي أنت كنت في أوسع الحل ومني خذي ثواب الشهاده

واحمليني على الترائب مهلا                      واحـسـبـي أنــنـــي خـــييط الـــقـــلاده وقال أيضا:

تغنت في ذرى الأوراق ورق                      ففي الأفنان من طرب فنون

وكم بسمت ثغور الزهر عجبا                      وبالأكمام كم رقصت غصون وقال أيضا رحمه الله تعالى:

وبي من قسا قلبا ولان معاطفا                      إذا قلت أدناني يضاعف تبعيدي

أقر بـرق إذ أقـول أنـا لـه                      وكم قلها أيضا ولكن لتهـديدي قلت:من العجيب أن الباخرزي ذكر في الدمية ترجمة الفقيه أبي نصر عبد الوهاب المالكي أورد فيها قول الشيخ أبي عامر الجرجاني:

عذيري من شادن أغضبوه                      فجرد لي مرهفا باتـكـا

وقال أنا لك يا ابن الوكـيل                      وهل لي رجاء سوى ذالكا أيها الواقف أنعم النظر في ما أوردته وتعجب من هذا الاتفاق وكون صدر الدين ابن الوكيل أخذ هذا المعنى الذي له في البيتين الأولين من قول الجرجاني،والجرجاني أتى بالقول بالموجب في بيتيه خفيا لأنه قال غضب وجر المرهف وقال أنا ابن الوكيل وهذا بقرينة تجريد المرهف لفظ تهديد فقلبه الجرجاني وقال بموجبه ونقله إلى التمليك،فأتى به الشيخ صدر الدين واضحا جليا صريحا ظاهرا،ومحل التعجب قوله أنا لم يا ابن الوكيل كأن هذا المعنى قال أنا لك يا ابن الوكيل تنظمني فيجيء أحسن وأبين وتكون أنت أحق بي من الجرجاني،وهذا اتفاق عجيب إلى الغاية ما مر بي مثله والظاهر أن الشيخ صدر الدين لما وقف على هذا المعنى تنبه له وأخذه فكان له وهو به أحق وهذا المعنى قد ابتكره الجرجاني أبو عامر وترك فيه فضلة فجاء الشيخ صدر الدين رحمه الله تعالى وجوده ولم يبق لأحد بعده مطمح إلى زيادة ولا مطمع في إفادة وما بقي إلا اختصار ألفاظه فقط فقلت:

قال حبي أنا لـه                      ولكم قلت سرمدا

أنا للملك قلتـهـا                      وهو للغيظ هددا وقال الشيخ صدر الدين:

غازل وخذ من نرجس من لحظه                      منثور دمع كـلـهـن نـظـام

واحذر إذا بعث السلام إليك مـن                      نبت الـعـذار فـإنـه نـمـام وقال أيضا دوبيت:

كم قال معاطفي حكتها الأسل                      والبيض سرقن ما حوته المقل

الآن أوامري عليهم حكـمـت                      البيض تحد والقنا تعـتـقـل وقال أيضا:

عانقت وبالعناق يشفـى الـوجـد                      حتى شفي الصب ومات الصـد

من أخمصه لثما إلى وجـنـتـه                      حتى اشتكت القضب وضج الورد وقال:

بكف الثريا وهي جذما تقـاس لـي                      شقاق دجى مدت من الشرق للغرب

ولو ذرعوها بالذراع لما انقـضـت                      فما تنقضي يا ليل أو ينقضي نحبي وأنا شديد التعجب منه رحمه الله تعالى فإنه لم يكن عاجزا عن النظم الجيد وبعد هذا كان يأخذ أشياء من قصائد ومقاطيع ويدعيها،من ذلك أنه امتدح السلطان بقصيدة عندما فرغ القصر الأبلق من العمارة بقلعة الجبل وهي بمجموعها لابن التعاويذي أولها:

لولاك يا خير من يمشي على قدم                      خاب الرجاء وماتت سنة الكرم منها:

بنيت دارا قضى بالسعد طالعها                      قامت لهيبتها الدنيا على قـدم فغيره وقال:بنيت قصرا.وكان ينظم الشاهد شعرا على الفور إذا احتاج إليه وينشده تأييدا لما قاله وادعاه،من ذلك ما أخبرني به قاضي القضاة العلامة تقي الدين أبو الحسن السبكي عمن أخبره قال:ادعى يوما في الطائفة المنسوبة إلى ابن كرام أنهم الكرامية بتخفيف الراء فقال الحاضرون:المعروف فيهم تشديد الراء،فقال:لا التخفيف والدليل عليه قول الشاعر:

الفقه فقه أبي حنيفة وحده                      والدين دين محمد بن كرام

 

صفحة : 549

 

انتهى. قلت:وهذا في البديهة مخرع لا يتفق ذلك لأحد غيره من حسن هذا النظم وإبرازه في هذا القالب،هكذا شاعت هذه الواقعة عن الشيخ صدر الدين في الديار المصرية وكنا نعتقد صحتها دهرا حتى ظفرنا بالبيت المذكور وهو من جملة بيتين من شعر المتقدمين والأول منهما:

إن الذين لجهلهـم لا يقـتـدوا                      في الدين بابن كرام غير كرام وكان الظفر بهذين البيتين في سنة أربع وأربعين وسبع مائة.

وجمع موشحاته وسمى الكتاب طراز الدار وهذا في غاية الحسن لأنه أخذ اسم كتاب ابن سناء الملك وهو دار الطراز فقلبه وقال طراز الدار لأن طراز الدار أحسن ما فيها،وكان الأدب قد امتزج بلحمه ودمه.

حكى لي قاضي القضاة تقي الدين أبو الحسن علي السبكي الشافعي قال:دخلت عليه في مرضه الذي توفي فيه فقلت:كيف تجدك?أو كيف حالك?فأنشدني:

ورجعت لا أدري الطريق من البكا                      رجعت عداك المبغضون كمرجعي فكان ذلك آخر عهدي به.أخبرني القاضي شهاب الدين ابن فضل الله قال:وكان عارفا بالطب والأدوية علما لا علاجا،فاتفق أن شكا إليه الأفرم سوء هضم فركب له سفوفا وأحضره،فلما استعمل منه أفرط به الإسهال جدا فأمسكه مماليك الأفرم ليقتلوه،وأحضر امين الدين سليمان الحكيم لمعالجة الأفرم فعالجه باستفراغ بقية المواد التي اندفعت وأعطاه أمراق الفراريج ثم أعطاه الممسكات حتى صلح حاله،فلما صلحت حاله سأل الأفرم عن الشيخ صدر الدين فأخبره المماليك ما فعلوه به فأنكر ذلك عليهم ثم أحضره وقال له:يا صدر الدين جئت تروحني غلطا،وهو يضحك فقال له سليمان الحكيم:يا صدر الدين اشتغل بفقهك ودع الطب فغلط المفتي يستدرك وغلط الطبيب ما يستدرك،فقال له الأفرم:صدق لك لا تخاطر،ثم قال لمماليكه:مثل صدر الدين ما يتهم والله الذي جرى عليه منكم أصعب مما جرى علي وما أراد والله إلا الخير،فقبل يده وبعث إليه الأفرم لما انصرف جملة من الدراهم والقماش.

وأخبرني أيضا أن الشيخ تقي الدين ابن تيمية كان يقول عنه:ابن الوكيل ما كان يرضى لنفسه بأن يكون في شيء إلا غاية،ثم يعدد أنواعا من الخير والشر فيقول:في كذا كان غاية وفي كذا كان غاية..قال: ولما أنكر البكري استعارة البسط والقناديل من الجامع العمري بمصر لبعض كنائس القبط في يوم من أيام مهماتهم ونسبت هذه الفعلة إلى كريم الدين وفعل ما فعل ثم طلع إلى حضرة السلطان وكلمه في هذا وأغلظ في القول له وكاد يجوز ذلك على السلطان لو لم يحل بعض القضاة الحاضرين على البكري وقال:ما قصر الشيخ كالمستزري به والمستهزئ بنكيره،فحينئذ أغلظ السلطان في القول للبكري فخارت قواه وضعف ووهن فازداد تأليب بعض الحاضرين عليه فأمر السلطان بقطع لسانه،فأتى الخبر إلى الشيخ صدر الدين وهو في زاوية السعودي فطلع إلى القلعة على حمار فاره اكتراه قصدا للسرعة فرأى البكري وقد أخذ ليمضي فيه ما أمر به فلم يملك دموعه أن تساقطت وفاضت على خده وبلت لحيته فاستمهل الشرطة عليه ثم أنه صعد الإيوان والسلطان جالس به وتقدم إلى السلطان بغير استئذان وهو باك فقال له السلطان:خير يا صدر الدين،فزاد بكاؤه ونحيبه ولم يقدر على مجاوبة السلطان فلم يزل السلطان يرفق به ويقول له:خير ما بك،إلى أن قدر على الكلام فقال له:هذا البكري من العلماء الصلحاء وما أنكر إلا في موضع الإنكار ولكنه لم يحسن التلطف،فقال له السلطان:إي والله أنا أعرف هذا ما هذا إلا حطبة،ثم انفتح الكلام ولم يزل الشيخ صدر الدين يرفق السلطان ويلاطفه حتى قال له:خذه وروح،فأخذه وانصرف،هذا كله والقضاة حضور وأمراء الدولة ملء الإيوان ما فيهم من ساعده وملا أعانه إلا أمير واحد شذ عني اسمه.

وحدث عنه من كان يصحبه في خلواته أنه كان إذا فرغ مما هو فيه قام فتوضأ ومرغ وجهه على التراب وبكى حتى يبل ذقنه بالدموع ويستغفر الله ويسأله التوبة حتى قال بعضهم:لقد رأيته وقد قام من سجوده ولصق بجدار الدار كأنه اسطوانة ملصقة.

وللشيخ صدر الدين ابن الوكيل رحمه الله تعالى ديوان موشحات منها قوله يعارض السراج المحار: ما أخجل قده غصون البان بين الورق إلا سلب المها مع الغزلان حسن الحدق قاسوا غلطا من حاز حسن البشر بالبدر يلوح في دياجي الشعر لا كيد ولا كرامة للقمر

 

صفحة : 550

 

الحب جماله مدى الأزمان معناه بقي وازداد سنا وخص بالنقصان بدر الأفق الصحة والسقام في مقلته والجنة والجحيم في وجنته من شاهده يقول من دهشته هذا وأبيك فر من رضوان تحت الغسق للأرض يعيذه من الشيطان رب الفلق قد أنبته الله نباتا حسنا وازداد على المدى سناء وسنا من جاد له بروحه ما غبنا قد زين حسنه مع الإحسان حسن الخلق لو رمت لحسنه شبيها ثان لم يتفق في نرجس لحظه وزهر الثغر روض نضر قطافه بالنظر قد دبج خده بنبت الشعر فالورد حواه ناعم الريحان بالظل سقي والقد يميل ميلة الأغصان للمعتنق أحيى وأموت في هواه كمدا من مات جوى في حبه قد سعدا يا عاذل لا أترك وجدي أبدا لا تعذلني فكلما تلحاني زادت حرقي يستأهل من يهم بالسلوان ضرب العنق القد وطرفه قناة وحسام والحاجب واللحاظ قوس وسهام والثغر مع الرضاب كأس ومدام والدر منظم مع المرجان في فيه نقي قد رصع فوقه عقيق قان نظم النسق وأما الموشحة التي للسراج المحار فهي: مذ شمت سنا البروق من نعمان باتت حدقي تذكي بمسيل دمعها الهتان نار الحرق ما أومض بارق الحمى أو خفقا إلا وأجد لي الأسى والحرقا هذا سبب لمحنتي قد خلقا أمسي لوميضه بقلب عان بادي القلق لا أعلم في الظلام ما يغشاني غير الأرق أضنى جسدي فراق إلف نزحا أفنى جلدي ودمع عيني نزحا كم صحت وزند لوعتي قد قدحا لم تبد يد السقام من جثماني غير الرمق ما أصنع والسلو مني فان والوجد بقي أهوى قمرا حلو مذاق القبل لم يكحل طرفه بغير الكحل تركي اللحظات بابلي المقل زاهي الوجنات زائد الإحسان حلو الخلق عذب الرشفات ساحر الأجفان ساجي الحدق ما حط لثامه وأرخى شعره أو هز معاطفا رشاقا نضره إلا ويقول كل راء نظره هذا قمر بدا بلا نقصان تحت الغسق أو شمس ضحى في غصن فينان غض الورق ما أبدع معنى لاح في صورته أيناع عذاره على وجنته لما سقي الحياة من ريقته فاعجب لنبات خده الريحان من حيث سقي يضحي ويبيت وهو في النيران لم يحترق والمحار عارض بهذا قول أحمد بن حسن الموصلي وهو: مذ غردت الورق على الأغصان بين الورق أجرت دمعي وفي فؤادي العاني أذكت حرقي لما برزت في الدوح تشدو وتنوح أضحى دمعي بساحة السفح سفوح والفكر نديمي في غبوق وصبوح قد هيجت الذي به أضناني منه قلقي والقلب له من بعد صبري الفاني والوجد بقي ما لاح بريق رامة أو لمعا إلا وسحاب عبرتي قد همعا والجسم على المزمع هجري زمعا بالنازح والنازح عن أوطاني ضاقت طرقي ما أصنع قد حملت من أحزاني ما لم أطق قلبي لهوى ساكنه قد خفقا والوجد حبيس واصطباري طلقا والصامت من سري بدمعي نطقا في عشق منعم من الولدان أصبحت شقي من جفوته ولم يزر أجفاني غير الأرق فالورد مع الشقيق من خديه قد صانهما النرجس من عينيه والآس هو السياج من صدغيه واللفظ وريق الأغيد الروحاني عند الحذق حلوان على غصن من المران غض رشق الصاد من المقلة من حققه والنون من الحاجب من عرقه واللام من العارض من علقه قد سطره بالقلم الريحاني رب الفلق بالمسك على الكافور كالعنوان فوق الورق الملحة لمع الصلت بالإيضاح والغرة بالتبيان كالمصباح والمنطق نثر الدر بالإصلاح والثغر هو الصحاح كالعقيان كالعقد نقي والرد مع الخلاف للسلوان عنه خلقي ما أبدع وضع الخال في وجنته خط الشكل الرفيع من نقطته قد حير إقليدس في هيئته كالعنبر في نار الأسيل القاني للمنتشق فاعجب لعبير وهو في النيران لم يحترق وقلت أنا معارضا لذلك وزدته توشيح الحشوات: ما هز قضيب قده الريان للمعتنق إلا استترت معاطف الأغصان تحت الورق أفدي قمرا لم يبق عندي رمقا لما رمقا قد زاد صبابتي به والحرقا شوقا وشقا لو فوق سهم جفنه أو رشقا في يوم لقا أبطال وغى تميس في غدران نسج الخلق أبصرتهم في معرك الفرسان صرعى الحدق بدر منعته قسوة الأتراك رحمى الشاكي من ناظره حبائل الشراك والإشراك كم ضل بها قلبي من النساك والفتاك قاني الوجنات ينتمي للقان صعب الخلق إن قلت أموت في الهوى ناداني هذا يسقي كم جاء جبينه الدجا واقترضا صبحا فأضا كم جرد جفنه حساما ونضا والصب قضى كم أودع ريقه فؤادا مرضا من جمر غضا

 

صفحة : 551

 

فاعجب لرضابه شفا الظمآن يذكي حرقي والخد به الخال على النيران لم يحترق يا خجلة خد الورد في جنته من وجنته يا كسرة غصن البان في حضرته من خطرته يا حسرة بدر الأفق من غرته في طرته لا تعتقد الأقمار بالبهتان وسط الأفق أن تشبهه فليس في الإمكان ما لم تطق ما أسعد من أصابه بالحور سهم النظر ما أنعم من يصليه نار الفكر طول العمر أو قيده الحب بقيد الشعر عند السحر أو طوقه بذلك الثعبان فوق العنق أو بات بقفل صدغه الريحاني تحت الغلق ابن قوام محمد بن عمر بن أبي بكر بن قوام الشيخ الزاهد العالم القدوة البالسي.

روى للجماعة عن أصحاب ابن طبرزذ وكان يحب الحديث ويسمع أولاده،وفيه تواضع ومروءة وعليه سكينة وهيبة وفيه صدق وإخلاص وتمسك بالسنن وله قبول عظيم ومحبة في القلوب،عرض الدولة عليه راتبا على زاويته فامتنع ووقف عليها بعض التجار بعض قرية،وجمع سيرة لجده،وكان له حظ من تعبد وتجهد وكرم وانقطاع عن الناس،قل أن ترى العيون مثله.

توفي سنة ثمان عشرة وسبع مائة ودفن بزاويته بسفح قاسيون وله ثمان وثمانون سنة.

البانياسي محمد بن عمر بن أبي بكر البانياسي.

شاب ذكي متيقظ، قرأ القرآات وبرع فيها وقرأ الفقه والعربية وله شعر أفاد في القرآات. ومات صغيرا ولم تطلع له لحية ولا بلغ العشرين ووفاته سنة تسع وتسعين وست مائة ومن شعره .

ابن رشيد السبتي محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن إدريس بن سعيد بن مسعود بن حسن بن عمر بن محمد بن رشيد أبو عبد الله الفهري السبتي.

أخذ العربية عنابن أبي الربيع ونظرائه واحتفل في صغره بالأدبيات وبرع فيها وروى البخاري عن عبد العزيز الغافقي قراءة من لفظه.

وارتحل إلى فاس واشتغل بالمذهب ورجع إلى سبته وتصدر لإقراء الفقه خاصة وتأدب مع أشياخه أن يقرئ غيره،ثم ارتحل إلى تونس واشتغل بالأصلين على ابن زيتون،ثم رحل إلى الإسكندرية وحج سنة خمس وثمانين وجاور بمكة والمدينة ونزل مصر.

وله مصنفات كثيرة منها الرحلة الشرقية أربع مجلدات وفهرست مشايخه والمقدمة المعرفة في علو المسافة والصفة والصراط السوي في اتصال سماع جامع الترمذي وإفادة النصيح في مشهور رواة الصحيح وجزء فيه مسأله العنعنة والمحاكمة بين الإمامين وإيضاح المذاهب في تعيين من ينطلق عليه اسم الصاحب وجزء فيه حكم رؤية هلال شوال ورمضان وتلخيص كتاب القوانين في النحو وشرح جزء التجنيس لحلزم بن حازم الإشبيلي وحكم الاستعارة وغير ذلك من الخطب والقصائد النبوية والمقطعات البديعة.

وكان ارتحاله إلى سبته في حدود سنة ست وثمانين وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبع مائة.

أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال:قدم المذكور علينا بالقاهرة حاجا وسمع معنا الحديث وعني به وكان قد بحث سيبويه على الأستاذ أبي الحسين ابن أبي الربيع.،ولما توجه إلى الحج صحبة أبي عبد الله ابن الحكيم اتفق أن السلطان أبا عبد الله ابن السلطان أبي عبد الله بن الأحمر استوزر ابن الحكيم،فولى ابن رشيد الإمامة والخطبة بجامع غرناطة،ولما قتل الوزير أخرج أهل غرناطة ابن رشيد إلى العدوة فأحسن إليه العدوة ابو سعيد عثمان بن السلطان أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق وبقي في إيالته إلى أن توفي ابن رشيد،وكان فاضلا سريا حسن الأخلاق،سألته أن يكتب لي من شعره وكان ممن ينظم بالعروض إذ لم يكن الوزن في طبعه فكتب لي بخطه:

يا من يفوق النجم موطنه                      كلفتني ما ليس أحسنـه

ولتغض عما فيه من خلل                      خلدت في عز تـزينـه وله أبيات كتبها على حذو نعل النبي صلى الله عليه وسلم بدار الحديث الأشرفية:

هنيئا لعيني إن رأت نعل أحـمـد                      فيا سعد جدي قد ظفرت بمقصدي

وقبلتها أشفي الغلـيل فـزادنـي                      فيا عجبا زاد الظما عند مـوردي

ولله ذاك اليوم عيدا ومـعـلـمـا                      بمطلعه أرخت مولـد أسـعـدي

عليه صلاة نشرها طـيب كـمـا                      يحب ويرضى ربنا لـمـحـمـد البدر المنبجي محمد بن عمر بن أحمد بن المثنى الشافعي الشاعر.

ولد بمنبج قبل الخمسين وسمع من ابن عبد الدائم بدمشق ومن النجيب بمصر وتخرج في الأدب بمجد الدين ابن الظهير الإربلي.وتوفي بمصر سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة.

 

 

صفحة : 552

 

أنشدني العلامة أثير الدين أبو حيان إجازة قال:أنشدني المنبجي لنفسه:

ومهفهف ناديته ومحـاجـري                      تذري دموعا كالجمان مبـددا

يا من أراه على الملاح مؤمرا                      بالله قل لي هل أراك مجردا قال:وأنشدني أيضا:

وبدر دجى وافى إلـي بـوردة                      وما حان من ورد الربيع أوانه

فقال وقد أبديت منه تعـجـبـا:                      رويدك لا تعجب فعندي بيانـه

هو الورد من روض بخدي دنيته                      وورد خدودي كل وقت زمانـه قال:وأنشدني أيضا:

وكأن زهر اللوز صب عاشق                      قد هزه شوق إلى أحبـابـه

وأظنه من هول يوم فراقهـم                      وبعادهم قد شاب قبل شبابـه قال:وأنشدني أيضا:

ومن عجب سيف بجفنك ينـتـضـى                      فيفتك في العشـاق وهـو كـلـيل

وأعجب من ذا لحظ طرفك في الهوى                      يداوي من السـقـام وهـو عـلـيل القاضي أخوين الشافعي محمد بن عمر بن الفضل قاضي القضاة قطب الدين التبريزي الشافعي الملقب بأخوين.

ولد سنة ثمان وستين،ككان صاحب مشاركة وفنون وتؤدة ومروءة وحلم،أتقن علم المعاني والبيان ونسخ كتبا كثيرة ولم يكن من قضاة العدل.توفي ببغداد سنة ثلاثين وسبع مائة وكان قاضي بغداد.

نجم الدين وكيل بيت المال محمد بن عمر الشيخ نجم الدين ابن أبي الطيب وكيل بيت المال بدمشق.

كان قد تزوج بنت القاضي محيي الدين ابن فضل الله فحصل له لما توجه القاضي محيي الدين إلى كتابة السر بالديار المصرية كل خير وولي الوظائف لكبار مثل نظر الخزانة بقلعة دمشق ووكالة بيت المال وكان بيده نظر الرباع السلطانية وتدريس المدرسة الكروسية والمدرسة الصلاحية.

وسوف يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة والده عمر بن أبي القاسم في حرف العين التنبيه على تسمية بيتهم ببني أبي الطيب.وأم نجم الدين هذا بنت شمس الدين ابن القاضي نجم الدين أبي بكر محمد ابن قاضي القضاة صدر الدين ابن سني الدولة وولي هو الوكالة بعد عزل ابن المجد عبد الله لما ولي قضاء القضاة بدمشق،وكان وليها بعد عزل القاضي علاء الدين ابن القلانسي لما غضب عليه الأمير سيف الدين تنكز وعزله عن وظائفه،وكان قد وليها بعد وفاة أخيه القاضي جمال الدين أحمد ابن القلانسي لما توفي عنها،وكان قد وليها بعد الشيخ كمال الدين ابن الشريشي،وكان قد وليها بعد الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني،ووليها بعد ابن الشريشي المذكور،ووليها بعد نجم الدين عمر والد نجم الدين المذكور.

وكان نجم الدين المذكور شافعي المذهب حسن الشكل تام الخلق له تودد وملقى وملق.

توفي في حمرة ظهرت بوجهه في يومين وكانت وفاته في رابع شعبان سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة.وكان حفظة لأخبار أهل عصره وتواريخهم ووقائعهم لا يدانيه أحد في ذلك واعترف له بذلك شهاب الدين ابن فضل الله.

شمس الدين ابن الرهاوي محمد بن عمر بن إلياس شمس الدين أبو العز الرهاوي ثم الدمشقي الكاتب.

سمع بمصر صحيح مسلم بفوت من ابن البرهان وسمع من النجيب وابن أبي اليسر وابن الأوحد وطائفة،ودار على الشيوخ وكتب الطباق وسمع الكتب.وتوفي رحمه الله سنة أربع وعشرين وسبع مائة.روى عنه الشيخ شمس الدين في المعجم.

ابن المشهدي محمد بن عمر بن سالم العدل الفاضل ناصر الدين المشهدي المصري.

سمع من غازي الحلاوي وخلق وعني بذلك وكتب الطباق وبرع في كتابة السجلات وحصل منها وأقام بدمشق مدة.قال الشيخ شمس الدين:وقد تكلموا في عدالته.

توفي رحمه الله تعالى كهلا سنة بضع وعشرين وسبع مائة.

ابن عمرو

ابن حزم الأنصاري محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري.

توفي سنة ثلاث وستين للهجرة وولد بنجران سنة عشر،وأبوه عامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنية محمد أبو سليمان وقيل أبو عبد الملك،روى عنه جماعة من أهل المدينة ويروي هو عن أبيه وغيره من الصحابة.

قال:كنت أكنى أبا القاسم عند أخوالي بني ساعدة فنهوني فحولت كنيتي إلى أبي عبد الملك.وقتل يوم الحرة ومعه جماعة من أهل بيته،ويقال أنه كان أشد الناس على عثمان رضي الله عنه.

الليثي المدني ابن وقاص محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني أحد علماء الحديث.

 

 

صفحة : 553

 

أكثر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب وإبراهيم بن عبد الله بن حنين ومحمد بن إبراهيم التيمي وعمرو والده،قال أبو حاتم:صالح الحديث،وقال النسائي وغيره:ليس به بأس،روى له الأربعة والبخاري مقرونا.

توفي في سنة خمس وأربعين ومائة.

السويقي محمد بن عمرو البلخي السواق ويقال له السويقي.

روى عنه البخاري ومسلم وأبو زرعة الرازي وآخرون،وتوفي سنة ست وثلاثين ومائتين.

ابن حنان محمد بن عمرو بن حنان الكلبي.روى عنه النسائي ووثقه الخطيب،وتوفي سنة سبع وخمسين ومائتين.

السوسي الزاهد محمد بن عمرو بن يونس أبو جعفر الثعلبي يعرف بالسوسي الزاهد.

حج سنة ثمان وخمسين ومائتين وعاد سنة تسع فدخل في الصلاة وتوفي وهو ساجد سنة تسع وخمسين ومائتين وقد بلغ مائة سنة،حدث عن أبي معوية الضرير وغيره،وروى عنه صالح بن علي الدمشقي وغيره،وكان ثقة.

ابن الموجه اللغوي محمد بن عمرو ابن الموجه الفزاري المروزي اللغوي الحافظ.توفي سنة تسعين ومائتين أو ما دونها.

ذو الشامة محمد بن عمرو بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط ويعرف بذي الشامة ابن أبي قطيفة.

ولاه يزيد بن عبد الملك الكوفة،وهو القائل يرثي مسلمة بن عبد الملك:

ضاق صـدري فــمـــا يحـــن حـــراكـــا                      عي عـــن أن يجـــيئه مـــا دهـــاكــــا

كل ميت قد اضطلعت عليه الحزن ثم اغتفرت فيه الهلاكا

قبل ميت أو قبل قبر على الجا                      لوت لـم أسـتـطـع عـــلـــيه أتـــراكـــا

زائن للقبور فيها كما كنت تزين السلطـان والأمـلاكـا الحربي البغدادي محمد بن عمرو بن سعيد الحربي أبو جعفر البغدادي.