Translate ***

السبت، 5 مايو 2018

احداث السنة الرابعة من الهجرة 4.



منقح ومصدره موقع الألوكة تابع احداث السنة الخامسة والسادسة
تحقيق تاريخ نزول سورة الطلاق وكونه بعد نزول سورة البقرة بسنتين علي الأقل
أولا حدث في السنة الرابعة من الهجرة ما يلي:

 
حدث في السنة الرابعة من الهجرة (1)
وفيها ثلاثة عشر حدثاً:
1- في المحرم من هذه السنة: كانت سرية أبي سلمة - صلى الله عليه وسلم - إلي طُلَيحه الأَسَديِّ، فغنم وأسر.
الشرح:
وكان من نتائج غزوة أُحُد أن تجرأ الأعراب حول المدينة على المسلمين وظهر ذلك في التجمعات التي قام بها بنو أسد بقيادة طُليحه الأسدي وأخيه سليمة في نجد، وبنو هذيل بقيادة خالد بن سفيان الهذلي في عرفات، مستهدفين غزو المدينة طمعاً في خيراتها وانتصاراً لشركهم ومظاهرة لقريش وتقرباً إليها، وكان ذلك في شهر محرم من السنة الرابعة للهجرة.
وتحرك المسلمون قبل أن يستفحل الأمر، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا سلمة بن عبد الأسد بمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار إلي طليحة الأسدي الذي تفرق أتباعه تاركين إبلهم وماشيتهم بيد المسلمين من هول المفاجأة[1].
2- وفي المحرم أيضاً من هذه السنة: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن أُنيس - صلى الله عليه وسلم - إلى خالد بن سفيان الهذلي، فقتل خالداً وعاد سالماً.
الشرح:
عَنِ عبد الله بن أُنَيْسٍ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "إِنَّهُ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ ابْنَ سُفْيَانَ يَجْمَعُ لِي النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي، وَهُوَ بنخلة أو بِعُرَنَةَ، فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ" قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله انْعَتْهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ، قَالَ: "ذلك إِذَا رَأَيْتَهُ أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وَجَدْتَ لَهُ قْشَعْرِيَرَةً"، قَالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي، حَتَّى دفعْتُ إلَيْهِ وَهُوَ في ظُعُنٍ يَرْتَادُ لَهُنَّ مَنْزِلًا، وَحِينَ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الْقْشَعْرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ بمُحَاوَلَةٌ تَشْغَلُنِي عَنْ الصَّلَاةِ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي نَحْوَهُ، وأُومِئُ بِرَأْسِي، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، قَالَ: مَنْ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَكَ لِذَلك، قَالَ: أَجَلْ، أَنَا لفِي ذَلِكَ، قَالَ: فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا، حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ السَّيْفَ حَتَّى فقَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَتَرَكْتُ ظَعَائِنَهُ - نساءه- مُنكِبَّاتٍ عَلَيْهِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرَآنِي، قَالَ: "أَفْلَحَ الْوَجْهُ"، قُلْتُ: قد قَتَلْتُهُ يَا رَسُولَ الله، قَالَ: "صَدَقْتَ"، ثُمَّ قَامَ فأدخلني بَيْتِهِ، فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: "أَمْسِكْ هَذِهِ عِنْدَكَ يَا عبد الله بن أُنَيْسٍ"، قَالَ: فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصَا؟ قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسِكَهَا عندي، قَالُوا: أفلَا تَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَتَسْأَلَهُ لم ذَلِكَ؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ: "آيَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ يَوْمَئِذٍ"[2].
فَقَرَنَهَا عبد الله بن أنيس بِسَيْفِهِ، فَلَمْ تَزَلْ بسيفه حَتَّى مَاتَ، ثم أَمَرَ بِهَا فَصُبَّتْ فِي كَفَنِهِ، ثُمَّ دُفِنَا جَمِيعًا[3].
3- وفي صفر من هذه السنة: كانت سريةُ الرَّجيع.
الشرح:
الرَّجِيع: اِسْم مَوْضِع مِنْ بِلَادِ هُذَيْلٍ كَانَتْ الْوَقْعَة بِقُرْبٍ مِنْهُ فَسُمِّيَتْ بِهِ[4].
عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا[5] وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بن ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ - جَدَّ عَاصِمِ بن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ - فَانْطَلَقُوا، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ - وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ- ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بنو لَحْيَانَ، فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ، فَقَالُوا: هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ، فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ، فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ[6]، وَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ، فَقَالُوا لَهُمْ: انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا، فقَالَ عَاصِمُ بن ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: أَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللهمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ، فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ، وَابْنُ دَثِنَةَ، وَرَجُلٌ آخَرُ، فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ، وَاللَّهِ لَا أَصْحَبُكُمْ، إِنَّ لِي فِي هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً - يُرِيدُ الْقَتْلَى- وجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى، فَقَتَلُوهُ، فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بنو الْحَارِثِ بن عَامِرِ بن نَوْفَلِ بن عبد مَنَافٍ، وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بن عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا، تقول بنتَ الْحَارِثِ بن عامر: أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ، فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ، قَالَتْ: فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي، فَقَالَ: تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ الله رَزَقَهُ خُبَيْبًا، فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ، قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، فكان أول من سن الرَكْعَتَيْنِ عند القتل هو، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا اللهمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، ثم قال

مَا أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا

عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ
يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
فَقَتَلَهُ عقبة بن الْحَارِثِ، واسْتَجَابَ الله لِعَاصِمِ بن ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ - عندما قال: اللهم أَخْبِر نبيك عنَّا فَأَخْبَرَ الله - عز وجل - نبيه بهم- وأخبر النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أُصِيبُوا، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ لِيُؤْتَوْا بِشَيْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ، وَكَانَ قَدْ قَتَلَ رَجُلًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ، فَبُعِثَ عَلَى عَاصِمٍ مِثْلُ الظُّلَّةِ مِنْ الدَّبْرِ[7] فَحَمَتْهُ مِنْ رَسُولِهِمْ، فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ مِنْ لَحْمِهِ شَيْئًا[8].
وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدًا أن لا يمسه مشرك، ولا يمسَّ مشركًا أبدًا، تنجسًا - أي: خشية تنجسه منهم-؛ فكان عمر بن الخطاب - صلى الله عليه وسلم - يقول حين بلغه أن الدَّبْر منعته: يحفظ الله العبد المؤمن، كان عاصم نذر أن لا يمسه مشرك، ولا يمس مشركًا أبدًا في حياته، فمنعه الله بعد وفاته، كما امتنع منه في حياته[9].
وأمَّا زيد بن الدِّثنَّة فابتاعه صفوان بن أُمية ليقتله بأبيه أُمية بن خلف، وبعث به صفوان بن أميه مع مولى له يقال له: نِسطاس، إلى التنعيم، وأخرجوه من الحرم ليقتلوه، واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب، فقال له أبو سفيان حين قُدِّم ليقتل: أُنشدك الله يا زيد، أتحبّ أن محمدًا عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحبُّ أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالس في أهلي، قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدًا يحبُّ أحدًا كحب أصحاب محمد محمدًا، ثم قتله نِسطاس[10].
4- وفي صفر أيضًا من هذه السنة: كانت سرية بئر معونة.
الشرح:
عَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رِعْلًا وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَبَنِي لَحْيَانَ اسْتَمَدُّوا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عَدُوٍّ[11].
هذه رواية البخاري، أما رواية مسلم: عَنْ أَنَسِ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: أَنْ ابْعَثْ مَعَنَا رِجَالًا يُعَلِّمُونَا الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ[12].
فبعث إليهم سَبْعِينَ رجلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يقال لهم الْقُرَّاءَ فِي زَمَانِهِمْ، كَانُوا يَحْتَطِبُونَ بِالنَّهَارِ، وَيُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ، وأمَّرَ عليهم حرام بن ملحان - قال أنس بن مالك-: حَتَّى كَانُوا بِبِئْرِ مَعُونَةَ - على بعد 160 كيلو- من المدينة غَدَرُ بِهِمْ عامر بن الطفيل، حيث ذهب إليه حرام بن ملحان - صلى الله عليه وسلم - ومعه رجلان، كان أحدهما أعرج، فقال لهما حرام: كونا قريبًا حتى آتيهم فإن آمنوني كنتم –آمنين- وإن قتلوني أتيتم أصحابكم، فذهب إليه فقال: أتُأمِّنوني أُبلغ رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فجعل يُحدِّثهم، وأومئوا إلى رجل فأتاه من خلفه فطعنه فقال حرام بن ملحان - صلى الله عليه وسلم - بالدَّم هذا فنضحه على وجهه ورأسه ثم قال: فزتُ وربِّ الكعبة، ثم اجتمعوا عليهم فقتلوهم جميعًا غير الرجل الأعرج الذي كان مع حرام بن ملحان صعد على رأس جبل، وعمرو بن أمية الضمري أُسر ثم خلا عامر بن الطفيل سبيله لما أعلمه أنه من مضر.
وكان عامر بن الطفيل هذا يكنُّ عداءً شديدًا للنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حيث أرسل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يخَيَّرَه بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَقَالَ له: يَكُونُ لَكَ أَهْلُ السَّهْلِ وَلِي أَهْلُ الْمَدَرِ، أَوْ أَكُونُ خَلِيفَتَكَ، أَوْ أَغْزُوكَ بِأَهْلِ غَطَفَانَ بِأَلْفٍ وَأَلْفٍ، فقد كان يحقد على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويرى أنه أخذ مكانةً لابدَّ أنْ يُشركه فيها.
وسأل عامر بن الطفيل عمرو بن أمية عن أحد القتلى فقال له: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ عَمْرُو بن أُمَيَّةَ: هَذَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ، فَقَالَ عامر بن الطفيل: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدَ مَا قُتِلَ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَتَّى إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ ثُمَّ وُضِعَ.
فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرُهُمْ فَنَعَاهُمْ فَقَالَ: "إِنَّ أَصْحَابَكُمْ قَدْ أُصِيبُوا، وَإِنَّهُمْ قَدْ سَأَلُوا رَبَّهُمْ، فَقَالُوا: رَبَّنَا أَخْبِرْ عَنَّا إِخْوَانَنَا بِمَا رَضِينَا عَنْكَ وَرَضِيتَ عَنَّا"، وَأُصِيبَ يَوْمَئِذٍ فِيهِمْ عُرْوَةُ بن أَسْماءَ بن الصَّلْتِ، وَمُنْذِرُ بن عَمْرٍو، فَأَنْزَلَ الله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الَّذِينَ قُتِلُوا أَصْحَابِ بِئْرِ مَعُونَةَ قُرْآنًا قَرَأْه الصحابة حَتَّى نُسِخَ بَعْدُ بَلِّغُوا قَوْمَنَا فَقَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَرَضِينَا عَنْهُ.
فظل النبي - صلى الله عليه وسلم - شَهْرًا يَدْعُو عَلَى رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وعصية، وَيَقُولُ: "عُصَيَّةُ عَصَتِ الله وَرَسُولَهُ"[13].
5- وفي هذه السنة: كانت سرية عمرو بن أمية الضمري لقتل أبي سفيان لكنه لم يتمكن منه.
الشرح:
قيل إن أبا سفيان بن حرب أرسل رجلاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليقتله، فأُخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - به، وجيء بالرجل فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بما جاء من أجله فأسلم الرجل، ثم أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أُمية الضمري لقتل أبي سفيان على إثْر هذا فلم يتمكن من قتله ورجع[14].
الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية 
 
[1] "السيرة النبوية الصحيحة" أكرم ضياء العمري 2/398، والسرية ذكرها ابن سعد في "الطبقات" 2/50، وابن القيم في "زاد المعاد" 3/218.
[2] المتخصرون: أي المتكئون على المخاصر، جمع مخصره وهي ما يمسكه الإنسان بيده من عصا وغيرها.
والمراد هنا: الذين يأتون يوم القيامة ومعهم أعمال صالحة يتكئون عليها.
[3] أخرجه أبو داود (1249) كتاب: الصلاة، باب: صلاة الطالب مختصرًا، صححه الألباني في "الصحيحة" (3293)، أحمد 3/496، وقال ابن كثير في "تفسيره" 1/295: إسناده جيد، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 2/350: إسناده حسن.
[4] "فتح الباري" 7/438.
[5] أي: عينًا له يتجسسون على الأعداء حول المدينة.
هذه رواية البخاري وذكر ابن إسحاق بسند مرسل أن هذه السرية لم تكن عينًا للتجسس، وإنما قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - رهط من قبيلتي عَضَل والقارَة، فقالوا: يا رسول الله إن فينا إسلامًا، فابعث نفرًا من أصحابك يُفقهوننا في الدين، ويُقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الإسلام، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - معهم ستة من أصحابه فغدروا بهم. وذكر نحو ما في رواية البخاري، والراجح ما في "الصحيح". والله أعلم.
[6] الفدفد: المكان المرتفع.
[7] الظُّلَّة: السحابة، والدَّبْر: ذكور النحل، أي: أن الله أرسل عليه سحابة من النحل فحمته منهم.
[8] صحيح: أخرجه البخاري (3045)، كتاب: الجهاد والسير، باب: هل يستأسر الرجل؟ ومن لم يستأسر، ومن ركع ركعتين عند القتل، وأخرجه أيضًا (4086)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع، ورعل وذكوان، وبئر معونة وحديث عضل والقارة، وعاصم بن ثابت وخبيب وأصحابه.
[9] "سيرة ابن هشام" 3/83.
[10] السابق.
[11] أخرجه البخاري (4090)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع.
[12] أخرجه مسلم (677)، كتاب: الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.
[13] انظر جميع هذه الأحداث في "صحيح البخاري"، كتاب: المغازي، باب: غزوة الرجيع وبئر معونة، حديث (4088) إلى الحديث رقم (4096) كلها عن أنس - صلى الله عليه وسلم - .
[14] ذكر تفاصيل هذه السرية كاملة ابن كثير في "البداية والنهاية" 4/80- 82. وفي سندها الواقدي وهو متروك وإن كان بعض العلماء يقبل رواياته في "المغازي".
ثانيا حدث الاتي ايضا:
===========


حدث في السنة الرابعة من الهجرة (2)
6- وفي ربيع الأول من هذه السنة: غدرت يهود بني النضير، فحاصرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أجلاهم عن المدينة.
الشرح:
كان سبب غزو بني النضير ومحاصرتهم وإجلائهم عن المدينة أنه لما قُتل أصحاب بئر معونة، من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانوا سبعين، وأفلت منهم عمرو بن أمية الضمري، فلما كان في أثناء الطريق راجعًا إلى المدينة قتل رجلين من بني عامر، وكان معهما عهد من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمان لم يعلم به عمرو، فلما رجع أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد قتلت رجلين لأدِينَّهما» وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك الرجلين، وكان منازل بني النضير على أميال من المدينة.
فلما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم في دية ذينك القتيلين، قالوا: نعم، يا أبا القاسم، نعينك على ما أحببت، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا إلى جنب جدار من بيوتهم، فمن رجل يصعد على هذا البيت فيلقى عليه صخرة فيُريحنا منه؟ فانتُدب لذلك أحدهم وهو عمرو بن جحاش بن كعب، فقال: أنا لذلك، فصعد ليلقى عليه صخرة كما قال، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه، فيهم أبو بكر وعمر وعليٌّ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعًا إلى المدينة، فلما استلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة، فسألوه عنه فقال: رأيته داخلاً المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهوا إليه، فأخبرهم الخبر بما كانت يهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيؤ لحربهم والمسير إليهم، ثم سار حتى نزل بهم فتحصنوا منه في الحصون ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 2] وصدق الله إذ يقول: ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾ [الحشر: 14] فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل والتحريق فيها، فنادوه: أن يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ [1] أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [الحشر: 5] [2].
وكان رهط من بني عوف بن الخزرج، منهم عبد الله بن أبي بن سلول، ووديعة، ومالك بن أبي نوفل، وسويد، وداعي، قد بعثوا إلى بني النضير: أن اثبتوا وتمنَّعوا فإنَّا لن نسلمكم، إن قوتلتم قاتلنا معكم، وإن أُخرجتم خرجنا معكم.
فانتظر بنو النضير نصر هؤلاء القوم الذي وعدوهم إياه فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب. وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ۞ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ۞ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الحشر: 11 - 13].
فلما تخلى عنهم هؤلاء المنافقون، وعلمت يهود بني النضير أنهم لن يستطيعوا الاستمرار على هذه الحالة، ولن يستطيعوا مواجهة النبي - صلى الله عليه وسلم - طلبوا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجليهم ويكف عن دمائهم، على أن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحَلْقة[3] فوافقهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه[4]، وفي ذلك يقول الله تعالى: ﴿ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2].
فقاموا بهدم بيوتهم حتى لا ينتفع بها المسلمون وأخذوا كل ما فيها حتى أبوابها.
فَخَرَجُوا إِلَى خَيْبَر، وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ إِلَى الشَّام, وخلفوا ما لم يستطيعوا حمله من الأموال، فكان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم غنموه من غير قتال[5] وقيل أنه أسلم من بني النضير رجلان هما: ياسين بن عمير بن كعب بن عمرو بن جحاش، وأبو سعد بن وهب[6].
ونزلت سورة الحشر في بني النضير[7].
7- وفي جمادى الأولى من هذه السنة: توفي أبو سلمة: عبد الله بن عبد الأسد المخزومي -رضي الله عنه-، وكان رضيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الشرح:
قال ابن كثير: وفيه - أي: في جمادى الأولى من سنة أربع- تُوفي أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وأمه بَرَّة بنت عبد المطلب، عمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان رضيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتضعا من ثويبة مولاة أبي لهب[8].
ومات من آثار جُرح جُرحَه بأُحُد -رضي الله عنه- وأرضاه[9].
8- وفي جُمادى الأولى من هذه السنة: مات عبد الله بن عثمان بن عفان، يعني من رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ست سنين.
الشرح:
قال ابن جرير: في جمادى الأولى من هذه السنة - سنة أربع- مات عبد الله بن عثمان بن عفان -رضي الله عنه.
قال ابن كثير: قلت: من رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ست سنين، فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونزل في حُفرته والده عثمان بن عفان -رضي الله عنه-[10].
9- وفي شعبان من هذه السنة: وقعتْ غزوة بدر الآخرة.
الشرح:
قال ابن إسحاق: ولما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة من غزوة ذات الرقاع[11].
أقام بها بقية جمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجبا ثم خرج في شعبان إلى بدر، لميعاد أبي سفيان، حتى نزله، فأقام عليه ثماني ليالٍ ينتظر أبا سفيان وخرج أبو سفيان في أهل مكة، حتى نزل مجنَّة من ناحية الظهران وبعض الناس يقول: قد بلغ عُسْفان، ثم بدا له في الرجوع، فقال: يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جَدْب، وإني راجع فارجعوا، فرجع الناس[12].
10- وفي شعبان أيضًا من هذه السنة: وُلد الحسين بن علي، من فاطمة - رضى الله عنها - بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم.
الشرح:
قال ابن جرير: وفي ليال خلوْنَ من شعبان وُلد الحسين بن علي من فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[13].
المصدر: الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية
[1] اللين: هو جميع النخل.
[2] صحيح: أخرجه الترمذي (1552)، كتاب: السير، باب: في التحريق والتخريب، وصححه الألباني.
[3] الحَلْقة: أي السلاح.
[4] النجاف: هي العتبة التي بأعلىٰ الباب.
[5] وهو ما يُسمىٰ بالفيء، فالفيء كلُّ ما أُخذ من الكفار من غير قتال، مثل غزوة بن النضير هذه، فإن المسلمين لم يقاتلوا فيها، إنما خرج اليهود من غير قتال وحكم الفيء في الإسلام أنه يكون للنبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة، يتصرف فيه حيث يشاء، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُنفقه في وجوه البر والمصالح التي ذكرها الله في الآيات: ﴿ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ۞ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 6، 7].
[6] ذكر غزوة بني النضير بهذه التفاصيل: ابن إسحاق «سيرة ابن هشام» 3/96 -98، وابن كثير في «التفسير»، انظر: «عمدة التفسير»، اختصار تفسير ابن كثير، أحمد شاكر 3/421، 422.
[7] متفق عليه: أخرجه البخاري (4882)، كتاب: التفسير، سورة الحشر، ومسلم (3031)، كتاب: التفسير، باب: في سورة براءة والأنفال والحشر.
[8] حديث رضاع النبي -صلى الله عليه وسلم- هو وأبو سلمة من ثويبة، متفق عليه، وقد سبق تخريجه.
[9] «البداية والنهاية» 4/101.
[10] المصدر السابق.
[11] غزوة ذات الرقاع كانت في العام السابع علىٰ الراجح.
[12] «سيرة ابن هشام» 3/110، 111.
[13] نقلًا عن «البداية والنهاية» 4/102.
===========


حدث في السنة الرابعة من الهجرة (3)
11- وفي شوال من هذه السنة: تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم سلمة بنت أبي أُمية.
الشرح:
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَاطِبَ بن أبي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بنتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُوا الله أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو الله أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ"[1].
وعنها - رضى الله عنها - قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "مَا مِنْ عبد تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ فَيَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَجَرَهُ الله فِي مُصِيبَتِهِ وَأَخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا"، قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ أبو سَلَمَةَ، قُلْتُ: كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَأَخْلَفَ الله لِي خَيْرًا مِنْهُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - [2].
12- وفي هذه السنة: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن ثابت - رضى الله عنه - أن يتعلم كتاب يهود، فتعلمه في خمسة عشر يومًا.
الشرح:
عَنْ زَيْدِ بن ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أَتَعَلَّمَ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ، قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، قَالَ: فَمَا مَرَّ نِصْفُ شَهْرٍ حَتَّى تَعَلَّمْتُهُ لَهُ، قَالَ: فَلَمَّا تَعَلَّمْتُهُ كَانَ إِذَا كَتَبَ إِلَى يَهُودَ كَتَبْتُ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ قَرَأْتُ لَهُ كِتَابَهُمْ[3].
13- وفي هذه السنة: رجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهودي واليهودية.
الشرح:
عن عبد الله بن عُمَرَ - رضى الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِيَهُودِيٍّ وَيَهُودِيَّةٍ قَدْ زَنَيَا، فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى جَاءَ يَهُودَ، فَقَالَ: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى الزَانَى؟ قَالُوا: نُسَوِّدُ وُجُوهَهُمَا، وَنُحَمِّلُهُمَا، وَنُخَالِفُ بَيْنَ وُجُوهِهِمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ: فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ، فَجَاءُوا بِهَا فَقَرَؤوهَا، حَتَّى إِذَا مَرُّوا بِآيَةِ الرَّجْمِ، وَضَعَ الْفَتَى الَّذِي يَقْرَأُ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، وَقَرَأَ مَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا وَرَاءَهَا، فَقَالَ لَهُ عبد الله بن سَلَامٍ وَهُوَ مَعَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: مُرْهُ فَلْيَرْفَعْ يَدَهُ، فَرَفَعَهَا فَإِذَا تَحْتَهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فَرُجِمَا، قَالَ عبد الله بن عُمَرَ: كُنْتُ فِيمَنْ رَجَمَهُمَا فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَقِيهَا مِنْ الْحِجَارَةِ بنفْسِهِ[4].
المصدر: الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية
--------------------
[1] صحيح: أخرجه مسلم (918)، كتاب: الجنائز، باب: ما يقال عند المصيبة.
[2] صحيح: أخرجه مسلم التخريج السابق.
[3] صحيح: أخرجه الترمذي (2715)، كتاب: الاستئذان والآداب، باب: ما جاء في تعلم السُّريانيه، وقال: حسن صحيح، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي".
[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (6819)، كتاب: الحدود، باب: الرجم في البلاط، ومسلم (1699)، كتاب: الحدود، باب: رجم اليهود أهل الذمة في الزنا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق