Translate ***

الأربعاء، 9 مايو 2018

6//6 حدث في السنة السادسة من الهجرة (6)



حدث في السنــــــــة السادسة من الهجرة (6)



20- وفي الحديبية كانت بيعة الرضوان تحت الشجرة.
الشرح:
لما أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إلى قريش ليبين لهم سبب مجيء النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأنهم يقصدون العمرة وليس القتال، وتأخر عثمان - رضي الله عنه - فظن المسلمون أن قريشًا قتلته، دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه إلى البيعة على قتال قريش.
فبايعوه جميعًا تَحْتَ الشَّجَرَةِ - وَهِيَ سَمُرَةٌ- غَيْرَ جَدِّ بن قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ اخْتَبَأَ تَحْتَ بَطْنِ بَعِيرِهِ[1]، وكان الجد بن قيس منافقًا.
وقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ»، فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: «هَذِهِ لِعُثْمَانَ» [2].
وقد بايع الصحابة رضوان الله عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- على الموت وعلى ألا يفروا.
عَنْ يَزِيدَ بن أبي عُبَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لِسَلَمَةَ بن الْأَكْوَعِ: عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ[3].
وعن عبد الله بن زيد أنه أتاه آت فقال يَوْمَ الْحَرَّةِ وَالنَّاسُ يُبَايِعُونَ لِعبد الله بن حَنْظَلَةَ: هذاك ابْنُ حَنْظَلَةَ يبايع النَّاسَ، فقال: على ماذا؟ قال: عَلَى الْمَوْتِ، قَالَ: لَا أُبَايِعُ عَلَى هذا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- [4].
وعن جَابِر - رضي الله عنه - قَالَ: لَمْ نُبَايِعْ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمَوْتِ إِنَّمَا بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ[5].
وقد ذكر ابن حجر أنه لا تعارض بين المبايعة على الموت وعلى أن لا يفروا، حيث قال: وَقَدْ أَخْبَرَ سَلَمَة بن الْأَكْوَع وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْت الشَّجَرَة- أَنَّهُ بَايَعَ عَلَى الْمَوْت, فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْن قَوْلهمْ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْت، وَعَلَى عَدَم الْفِرَار, لِأَنَّ الْمُرَاد بِالْمُبَايَعَةِ عَلَى الْمَوْت أَنْ لَا يَفِرُّوا وَلَوْ مَاتُوا, وَلَيْسَ الْمُرَاد أَنْ يَقَع الْمَوْت وَلَا بُدّ[6].
وعَنْ مَعْقِلِ بن يَسَارٍ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ الشَّجَرَةِ وَالنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُبَايِعُ النَّاسَ، وَأَنَا رَافِعٌ غُصْنًا مِنْ أَغْصَانِهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً، قَالَ: لَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ، وَلَكِنْ بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ[7].
سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - يبايع النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث مرات:
عن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - قَالَ: قَدِمْنَا الْحُدَيْبِيَةَ مَعَ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَنَحْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَعَلَيْهَا خَمْسُونَ شَاةً لَا تُرْوِيهَا. قَالَ: فَقَعَدَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى جَبَا الرَّكِيَّةِ[8]، فَإِمَّا دَعَا وَإِمَّا بَصَقَ فِيهَا، قَالَ: فَجَاشَتْ فَسَقَيْنَا وَاسْتَقَيْنَا. قَالَ: ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- دَعَانَا لِلْبَيْعَةِ فِي أَصْلِ الشَّجَرَةِ، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ أَوَّلَ النَّاسِ ثُمَّ بَايَعَ وَبَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي وَسَطٍ مِنْ النَّاسِ، قَالَ: «بَايِعْ يَا سَلَمَةُ!»، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ الله فِي أَوَّلِ النَّاسِ، قَالَ: «وَأَيْضًا»، قَالَ: وَرَآنِي رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عَزِلًا – يَعْنِي لَيْسَ مَعَهُ سِلَاحٌ- قَالَ: فَأَعْطَانِي رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حَجَفَةً أَوْ دَرَقَةً[9] ثُمَّ بَايَعَ حَتَّى إِذَا كَانَ فِي آخِرِ النَّاسِ، قَالَ: «أَلَا تُبَايِعُنِي يَا سَلَمَةُ؟»، قَالَ: قُلْتُ: قَدْ بَايَعْتُكَ يَا رَسُولَ الله فِي أَوَّلِ النَّاسِ وَفِي أَوْسَطِ النَّاسِ، قَالَ: «وَأَيْضًا»، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ قَالَ لِي: «يَا سَلَمَةُ أَيْنَ حَجَفَتُكَ أَوْ دَرَقَتُكَ الَّتِي أَعْطَيْتُكَ؟»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله لَقِيَنِي عَمِّي عَامِرٌ عَزِلًا، فَأَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: «إِنَّكَ كَالَّذِي قَالَ الْأَوَّلُ: اللهمَّ أَبْغِنِي حَبِيبًا هُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي»، ثُمَّ إِنَّ الْمُشْرِكِينَ رَاسَلُونَا الصُّلْحَ، حَتَّى مَشَى بَعْضُنَا فِي بَعْضٍ وَاصْطَلَحْنَا، قَالَ: وَكُنْتُ تَبِيعًا لِطَلْحَةَ بن عُبَيْدِ الله أَسْقِي فَرَسَهُ وَأَحُسُّهُ وَأَخْدِمُهُ، وَآكُلُ مِنْ طَعَامِهِ، وَتَرَكْتُ أَهْلِي وَمَالِي مُهَاجِرًا إِلَى الله وَرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: فَلَمَّا اصْطَلَحْنَا نَحْنُ وَأَهْلُ مَكَّةَ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ أَتَيْتُ شَجَرَةً فَكَسَحْتُ شَوْكَهَا، فَاضْطَجَعْتُ فِي أَصْلِهَا، قَالَ: فَأَتَانِي أَرْبَعَةٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، فَجَعَلُوا يَقَعُونَ فِي رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَأَبْغَضْتُهُمْ فَتَحَوَّلْتُ إِلَى شَجَرَةٍ أُخْرَى، وَعَلَّقُوا سِلَاحَهُمْ وَاضْطَجَعُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ نَادَى مُنَادٍ مِنْ أَسْفَلِ الْوَادِي: يَا لِلْمُهَاجِرِينَ قُتِلَ ابْنُ زُنَيْمٍ، قَالَ: فَاخْتَرَطْتُ سَيْفِي[10]، ثُمَّ شَدَدْتُ عَلَى أُولَئِكَ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ رُقُودٌ فَأَخَذْتُ سِلَاحَهُمْ فَجَعَلْتُهُ ضِغْثًا[11] فِي يَدِي، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: وَالَّذِي كَرَّمَ وَجْهَ مُحَمَّدٍ لَا يَرْفَعُ أَحَدٌ مِنْكُمْ رَأْسَهُ إِلَّا ضَرَبْتُ الَّذِي فِيهِ عَيْنَاهُ، قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ بِهِمْ أَسُوقُهُمْ إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: وَجَاءَ عَمِّي عَامِرٌ بِرَجُلٍ مِنْ الْعَبَلَاتِ[12] يُقَالُ لَهُ: مِكْرَزٌ يَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عَلَى فَرَسٍ مُجَفَّفٍ[13] فِي سَبْعِينَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: «دَعُوهُمْ يَكُنْ لَهُمْ بَدْءُ الْفُجُورِ وَثِنَاهُ»[14]، فَعَفَا عَنْهُمْ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وَأَنْزَلَ الله: (وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا )[الفتح: 24].
منزلة أهل بيعة الرِّضوان:
الذين قال الله تعالى فيهم: ( لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ )من الصدق والوفاء، والسمع والطاعة) فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ) [الفتح: 18].
وعن جَابِر بن عبدالله - رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ: «أَنْتُمْ خَيْرُ أَهْلِ الْأَرْضِ»، وَكُنَّا أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ[15].
وعن أُمِّ مُبَشِّرٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ عِنْدَ حَفْصَةَ: «لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ الله مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ، الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا»، قَالَتْ: بَلَى يَا رَسُولَ الله، فَانْتَهَرَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ:
 ﮋﮐ ﮑ ﮓﮔ
، فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «قَدْ قَالَ الله عز وجل:﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ﴾ [مريم: 72][16].
وجَاءَ عبد لِحَاطِبِ بن أبي بَلْتَعَةَ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكو حاطبًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله لَيَدْخُلَنَّ حَاطِبٌ النَّارَ، فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «كَذَبْتَ لَا يَدْخُلُهَا، فإِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَالْحُدَيْبِيَةَ»[17].
................. 

[1] صحيح: أخرجه مسلم (1856)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان تحت الشجرة.
[2] صحيح: أخرجه البخاري (3698)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عثمان - رضي الله عنه -.
[3] متفق عليه: أخرجه البخاري (4169)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (1860)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان تحت الشجرة.
[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (4167)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (1861)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان تحت الشجرة.
[5] صحيح: أخرجه مسلم (1856)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان تحت الشجرة.
[6] «فتح الباري» 6/137.
[7] صحيح: أخرجه مسلم (1858)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان.
[8] البئر.
[9] الترس.
[10] أي سللته.
[11] حزمة.
[12] بطن من قريش.
[13] مجفف: أي عليه تجفاف وهو ثوب يلبسه الفرس ليقيه من السلاح.
[14] أي: لهم بدء الفجور، وثناه: أي العوده إليه مرة ثانية، صحيح: أخرجه مسلم (1807)، كتاب: الجهاد والسير، باب: غزوة ذي قرد وغيرها.
[15] متفق عليه: أخرجه البخاري (4154)، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، ومسلم (1856)، كتاب: الإمارة، باب: بيعة الرضوان تحت الشجرة.
[16] صحيح: أخرجه مسلم (2496)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان.
[17] صحيح: سبق تخريجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق