الوافي بالوفيات الصفدي حرف العين 1.
الوافي بالوفيات |
الصفدي |
حرف العين 1 |
صفحة : 2312
حرف العين
عابدة
عابدة الجهنية
عابدة بنت محمد الجهنية، امرأة عم أبي محمد المهلبي؛ كانت أديبة شاعرة فصيحة فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسن التنوخي، ومن شعرها:
شاورني الكرخي لما دنا الني روز والسن له ضاحـكـه
فقال: ما نهدي لسلطـانـنـا من خير ما الكف له مالكه?
قلت له: كل الهـدايا سـوى مشورتي ضائعة هالـكـه
أهد له نفـسـك حـتـى إذا أشعل نارا كنت دوبـاركـه الدوباركه: لفظة أعجمية، وهي اسم للعب على قدر الصبيان يحلونها -أهل بغداد- سطوحهم ليلة النيروز المعتضدي.
الألقاب
العابر شهاب الدين الحنبلي: اسمه أحمد بن عبد الرحمن؛ العابر: محمد ين علي بن علوان؛ العابر الكرماني: محمد بن يحيى.
عابس
النخعي
عابس بن ربيعة النخعي؛ روى عن عمر وعلي وعائشة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له الجماعة.
قاضي مصر
عابس بن سعيد الغطيفي، قاضي مصر؛ توفي رحمه الله سنة ثمان وستين للهجرة.
عاتكة
أم البنين
عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهي أم البنين زوجة عبد الملك بن مروان، وهي أم الخليفة يزيد بن عبد الملك؛ كان لها من المحارم اثنا عشر خليفة تضع الخمار قدامهم، كل بني أمية إلا عمر بن عبد العزيز ومروان الحمار؛ وبقيت إلى أن قتل ابن ابنها الوليد بن يزيد، وتوفيت في حدود الثلاثين ومائة، وكان لها قصر بظاهر باب الجابية، وإليها تنسب أرض عاتكة، وهناك قبرها. كان أبوها يزيد بن معاوية، وأخوها معاوية بن يزيد بن معاوية، جدها معاوية بن أبي سفيان، زوجها عبد الملك بن مروان، أبو زوجها مروان بن الحكم، ابنها يزيد بن عبد الملك، ابن ابنها الوليد بن يزيد، ابنا ابن زوجها يزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد، وبنو زوجها الوليد وسليمان وهشام بنو عبد الملك؛ قال بعضهم مختصرا: جميع خلفاء بني أمية لها محرم سوى عمر بن عبد العزيز ومروان بن محمد، وكذلك فاطمة بنت عبد الملك: جميع خلفاء بني أمية لها محرم سوى مروان بن محمد؛ وسيأتي ذكر فاطمة في حرف الفاء إن شاء الله.
أم معبد الخزاعية
صفحة : 2313
عاتكة بنت خالد، أخت حبيش؛ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى له يدعى عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد عاتكة بنت خالد الخزاعية، وكانت امرأة جلدة تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحما وتمرا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر البيت فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد? قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: هل بها من لبن? قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها? قالت: نعم بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلبا فأحلبها، فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله ودعا في شأنها فتفاجت عليه ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيها ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم، ثم أراضوا، ثم حلب فيها ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها وارتحل عنها، فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا، مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال لها: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت? قالت: لا والله، أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجل ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي عنقه سطع وفي صوته صحل وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأهيأه من بعيد وأحسنه وأجمله من قريب، حاو المنطق فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات يتحدرن، ربعة لا يأس من طول ولا تقتحمه عين من قصر، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند، قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولا فعلن إلى ذلك سبيلا؛ فأصبح صوت بمكة، يسمعون الصوت ولا يرى من صاحبه، وهو يقول:
جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معـبـد
هما نزلاها بالهدى واهتدت بـه فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنـكـم به من فعال لا تجازى وسـؤدد
ليهن بني كعب مقام فتـاتـهـم ومقعدها للمؤمنين بمـرصـد
سلوا أختكم عن شاتها وإنـائهـا فإنكم إن تسألوا الشاة تشـهـد
دعاها بشاة حائل فتـحـلـبـت له بصريح ضرة الشاة مزبـد
فغادرها رهنا لديها لـحـالـب ترددها في مصدر ثـم مـورد فلما سمع ذلك حسان بن ثابت جعل يجاوب على الهاتف ويقول:
لقد خاب قوم غاب عنهـم نـبـيهـم وقد سر من يسري إليهم ويغـتـدي
ترحل عن قوم فضلت عقـولـهـم وحل على قـوم بـنـور مـجـدد
هداهم به بعد الـضـلالة ربـهـم وأرشده من يتبـع الـحـق يرشـد
وهل يستوي ضلال قوم تسـفـهـوا عمايتهم هـاد بـه كـل مـهـتـد
لقد نزلت منه علـى أهـل يثـرب ركاب هدى حلت عليه بـأسـعـد
نبي يرى ما لا يراه الناس حـولـه ويتلو كتاب الله في كل مـشـهـد
وإن قال فـي يوم مـقـالة غـائب فتصديقها في اليوم أو في ضحى غد
ليهـن أبـا بـكـر سـعـادة جـده بصحبته من يسعد الـلـه يسـعـد
ليهن بني كعب مقـام فـتـاتـهـم ومقعدها للمؤمـنـين بـمـرصـد بنت البكائي
صفحة : 2314
عاتكة بنت الفرات بن معاوية البكائي، وأمها الملاءة وسوف يأتي ذكرها إن شاء الله في حرف الميم في مكانه؛ خرجت عاتكة هذه يوما إلى بعض نواحي البصرة فلقيت بدويا ومعه أنحاء سمن، فقالت: يا بدوي، أتبيع هذا السمن? قال: نعم، قالت: أرناه، ففتح لها نحيا فنظرت إلى ما فيه ثم ناولته إياه، وقالت: افتح آخر، ففتح آخر، فنظرت إلى ما فيه ثم ناولته إياه، فلما شغلت يديه أمرت جواريها فجعلن يركلن في استه وجعلت تنادي: يا ثارات ذات النحيين-أرادت بذلك ما فعله خوات بن جبير الأنصاري وهو: أن امرأة من حضرموت حضرت سوق عكاظ ومعها نحيا سمن، فاستخلى بها خوات ليبتاعهما منها، ففتح أحدهما وذاقه ودفعه إليها، فأخذته بإحدى يديها، ثم فتح الآخر وذاقه ودفعه إليها، فأمسكته بيدها الأخرى، ثم إنه غشيها وهي لا تقدر على الدفع عن نفسها لحفظ فم النحيين وشحها على السمن، فلما قام عنها قالت: لا هنأك الله؛ فضرب بها المثل فيمن شغل بشيء.
وذكرت ها هنا ما أنشدنيه إجازة لنفسه صفي الدين عبد العزيز ابن سرايا الحلي في غلام كان يختار تقبيله ويمانعه، فوجده يوما بدهليز دار مولاه ويداه مشغولتان بسراحتي زجاج مملوئتين شرابا، فقبله قسرا أسوة بذات النحيين:
نفسـي الـفـداء لـشـادن وشفيت بالتقبيل منه غليلي
ظفرت يداي بصيده بوصيدة فأخذت ثم توصلي لوصولي
صادفته وأكفه مشـغـولة بأبارق قد أترعت بشمـول
فمنعته بالضم من إلقـائهـا وجعلتها نحييه في التقبـيل وقد تقدم في ترجمة خوات بن جبير هذه الواقعة، وهناك أبيات قالها في واقعته مع ذات النحيين.
وهذه عاتكة قد تزوجها يزيد بن المهلب، فقتل عنها يوم العقر، فقال الفرزدق في ذلك شعرا وهو مذكور في ترجمة أمها الملاءة، وسيأتي ذكره أمها إن شاء الله تعالى في حرف الميم في مكانه.
عاتكة بنت زيد
عاتكة بنت زيد، أخت سعيد بن عمرو بن نفيل؛ كانت عند عبد الله ابن أبي بكر، فأعجب بها واشتدت محبته لها فشغلته حتى عن صلاة الجمعة، فقال له أبوه: طلقها فإنها قد فتنتك، فقال عبد الله في ذلك:
يقولون طلقها وأصبح مكانها مقيما تمنني النفس أحلام نائم
وإن فراقي أهل بيت أحبهـم وما لهم ذنب لإحدى العظائم فلم يزل أبوه حتى طلقها، فلم يصبر عنها واتبعا نفسه، فهجم عليه أبوه يوما فسمعه يقول:
فلم أر مثلي طلق اليوم مثلـهـا ولا مثلها في غير ذنب تطلـق
لها خلق جزل ورأي ومنصـب وحلم وعقل في الأمور ومصدق فرق له فراجعها، ولم تزل عنده حتى أصابه سهم في الطائف فمات، فرثته بقولها:
وآليت لا تنفك عينـي سـخـينة عليك ولا ينفك جلدي أغـبـرا
فلله عينا من رأى مثلـه فـتـى أعف وأكفى في الأمور وأصبرا
إذا أشرعت فيه الأسنة خاضهـا إلى الموت حتى يترك أحمـرا ثم تزوجها عمر بن الخطاب وأولم عليها، ودعا الصحابة، فلما اجتمعوا قال علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي أن أميل رأسي إلى خدر عاتكة وأكلمها? قال: نعم، فأمال علي رأسه وقال لها: يا عدية نفسها:
فآليت لا تنفك عيني سخينة عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فبكت ، فقال عمر: يا أبا الحسن ما دعاك إلى كل هذا? كل النساء يفعلن ذلك؛ ثم إن عر قتل عنها، فرثته أيضا بشعر منه:
وفجعنـي فـيروز لا در دره بتالي الكتاب في الظلام منيب ثم تزوجها بعد ذلك الزبير، فقتل عنها، فرثته بقولها:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير مـعـرد
يا عمرو لو نبهته لـوجـدتـه لا طائشا رعش الجنان ولا اليد
كم غمرة قد خاضها لم يثـنـه عنها طرادك يا ابن فقع الغرقد
ثكلتك أمك إن ظفرت بمثـلـه فيما مضى ممن يروح ويغتدي
والله ربك إن قتلت لمسـلـمـا حلت عليك عقوبة المتعـمـد
صفحة : 2315
وكان الزبير شرط أن لا يمنعها من السجد، وكانت امرأة خليقة، وكانت إذا تهيأت إلى الخروج إلى الصلاة قال لها: والله إنك لتخرجين وإني لكاره، فتقول: فتمنعني فأجلس، فيقول: كيف وقد شرطت لك لا أفعل؛ فاحتال فجلس على الطريق في الغلس، فلما مرت رضع يده على كفلها، فاسترجعت ثم انصرفت إلى منزلها، فلمال جاء الوقت الذي كانت تخرج إلى المسجد قال لها الزبير: ما لك هذه الصلاة? فقالت: فسد الناس، والله لا أخرج من منزلي، فعلم أنها ستفي بما قالت، فقال: لا روع يا ابنة عم، وأخبرها الخبر. ثم إن علي بن أبي طالب خطبها بعد انقضاء العدة فقالت: يا أمير المؤمنين، بالمسلمين إليك حاجة، ولم تتزوج. وكان علي بعد ذلك يقول: من أراد الشهادة الحاضرة فعليه بعاتكة؛ وتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وتوفي عنها وكان آخر من ذكر من أزواجها.
عاتكة بنت أسيد
عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس؛ لها صحبة، قال ابن عبد البر: ولا أعلمها روت شيئا؛ قال محمد بن سلام: أرسل عمر بن الخطاب إلى الشفاء بنت عبد الله العدوية أن اغدي علي، فغدت عليه، فوجدت عاتكة بنت أسيد ببابه، فدخلتا فتحدثتا: ، فدعا بنمط فأعطاه عاتكة ودعا بنمط دونه فأعطاه للشفاء، فقالت: تربت يداك يا عمر، أنا قبلها إسلاما، وأنا بنت عمك دونها، وأرسلت إلي وجاءتك من قبل نفسها، فقال: ما كنت رفعت ذلك إلا لك، فلما اجتمعنا ذكرت أنها أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك.
الصوفية
عاتكة بنت أحمد بن محمد اللبان الصوفية؛ كانت من النساء الصالحات الفاضلات، لها كلام في الحقيقة على طريقة أهل التصوف، وتروي عن أبيا وعن أبي بكر الشبلي وجعفر بن محمد بن نصر الخلدي وغيرهم.
بنت العطار
عاتكة بنت أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطار، من أهل همذان؛ سمعت الكثير من أبي التوت وغيره، وقدمت بغداد وحدثت بالكثير. تقال محب الدين ابن النجار: كتبنا عنها؛ وتوفيت سنة تسع وستمائة: قامت نصف الليل وتوضأت، وكانت ليلة شديدة البرد، ووقفت في محرابها تصلي، فلما سجدت ماتت.
أم السلامي الشاعر
عاتكة بنت محمد بن القاسم، هي أم أبي الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر؛ كانت شاعرة فصيحة، مدحت عضد الدولة بقصيدة تقول فيها عند ذكر بختيار:
شتان بين مدبـر ومـدمـر صيد الليوث حصائد الغزلان
روعته من بعد دهر راعني وسقيته ما كان قبل سقانـي
فلقد سهرت ليالـيا ولـيالـيا حتى رأيتك يا هلال زماني
الألقاب
العادل نور الدين: أرسلان شاه؛ والعادل الكبير أبو بكر: محمد بن أيوب؛ العادل الصغير: أبو بكر بن محمد؛ العادل بن الناصر: أبو بكر بن داود؛ العادل نور الدين: محمود؛ العادل زن الدين: كتبغا؛ العادل: رزيك؛ العادل وزير مصر: علي بن السلار؛ العادل صاحب مراكش: اسمه عبد الله بن يعقوب؛ العادل: ألب أرسلان السلجوقي.
الحافظ عارم: محمد بن الفضل؛ عاشق النبي: أيمن بن محمد.
عاصم
البطليوسي
عاصم بن أيوب، أبو بكر البطليوسي الأديب؛ روى عن أبي بكر محمد ابن الغراب وأبي عمرو السفاقسي ومكي بن أبي طالب، وكان لغويا أديبا فاضلا ثقة، توفي سنة أربع وتسعين وأربعمائة.
الأنصاري
صفحة : 2316
عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النعمان، أبو سليمان الأنصاري؛ شهد بدرا، وهو حمي الدبر، والدب ذكور النحل، قتله بنو لحيان من هذيل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية عينا له وأمر عليهم عاصما، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، وانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ذكروا لحي من هذيل، فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا لا نقتل رجلا منكم، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم فأخبر عنا رسولك، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر، وبقي خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق أنى ينزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم أخذوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي كان معهم: هذا أوان الغدر، فأبى أن يصحبهم، فجروه، فأبى أن يتبعهم وقال: إن لي في هؤلاء أسوة، فضربوا عنقه وانطلقوا بخبيب وزيد فباعوهما بمكة؛ وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده ليعرفوه، وكان قتل أخا سلافة بنت سعد يوم بدر، وكانت نذرت أن تشرب الخمر في قحف دماغه، فيعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا على شيء منه، فلما أعجزهم قالوا: إن الدبر ستذهب إذا جاء الليل، فما جاء الليل حتى بعث الله مطرا جاء بسيل فحمله فلم يوجد، وكان قتل كثيرا منهم، فأرادوا رأسه، فحال الله بينهم وبينه. ومن ولده الأحوص الشاعر. وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يلعن رعلا وذكوان وبني لحيان؛ وقال حسان بن ثابت الأنصاري:
لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك أحاديث كانت في خبيب وعاصم
أحاديث لحيان صلوا بقبـيحـهـا ولحيان ركابو أشـر الـجـرائم في أبيات كثيرة مذكورة في المغازي.
العاصمي الرصاص
عاصم بن الحسن بن محمد بن علي بن عاصم بن مهران بن أبي المضاء، أبو الحسين العاصمي العطار البغدادي المعروف بابن عاصم الرصاص؛ سمع الكثير من عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي وأبي الحسين محمد بن أحمد بن المتيم الواعظ وأبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار وغيرهم، وكتب بخطه أكثر مسموعاته؛ قال محب الدين ابن النجار: وحدث بالكثير على سداد واستقامة، وسمع منه الأئمة والكبار، وروى عنه الخطيب في كتاب المختلف والمؤتلف وكان صدوقا عفيفا متدينا مع ظرف كان فيه ولطف، وله شعر سلس رقيق في الغزل وصفة الخمر، ولم تعرف له فترة ولا اشتغال بشيء من ذلك، وتوفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وأورد له قوله:
بنفس من شكوت لفرط وجدي خضوعي في محبته وذلـي
فزار مسلما فشفـى فـؤادي وأنعم بعد هجراني بوصلـي
فبت أشـم وردة وجـنـتـيه وأشرب خمر فيه بغير نقـل وقوله:
أقول وقد رأيت الليل ألـقـى على الآفاق من طول ظلامه
أظن الصبح مات فليس يرجى بأن يحيا إلى يوم القـيامـه وقوله:
وحرم غمضي والحجيج على منـى غزال رأيناه بمـكة مـحـرمـا
رمى وهو يسعى بالجمار وإنـمـا رمى جمرة القلب المعذب إذ رمى
ولما تفرقنا بمـنـعـرج الـلـوى وأنجدت لا أرجو لقاء وأتـهـمـا
بكيت علـى وادي الأراك ومـاؤه معين فصار الماء من عبرتي دما قلت: شعر متوسط.
السكوني
عاصم بن حميد السكوني الحمصي؛ روى عن عمر ومعاذ وعائشة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
أبو المخشي
عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عبدي بن زيد بن عدي العبادي، أبو المخشي، شاعر الأندلس في زمانه؛ كان خبيث اللسان، كثير الهجاء، وهو الذي قطع هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان لسانه لأنه عرض به في قصيدة مدح بها أخاه أيوب المعروف بالشامي، وكان بين الأخوين تباعد مفرط، والبيت الذي عرض به فيه قوله:
وليس كمن إذا ما سيل عرفا يقلب مقلة فـي اعـورار
صفحة : 2317
وكان هشام في إحدى عينيه نكتة بياض، كما كان جد أبيه هشام بن عبد الملك. ثم اتفق لأبي المخشي المذكور أن مدح هشاما، ووفد عليه إلى مارة، وهو يومئذ يتولى حربها لأبيه، فلما مثل بين يديه قال: يا عاصم، إن النساء اللاتي هجوتهن لمعاداة أولادهن وهتكت أستارهن قد دعون عليك فاستجاب الله لهن، وبعث عليك مني من يدرك منك بثأرهن وينتقم لهن، ثم أمر به فقطع لسانه، ثم نبت بعد ذلك وتكلم به.
قال ابن ظافر في بدائع البدائه: كان مالك رضي الله عنه فيمن قطع لسان رجل عمدا بقطع لسانه من غير انتظار، ثم رجع لما انتهت إليه قصة أبي المخشي وأنه نبت لسانه بعد أن قطع بمقدار سنة، فقال: قد ثبت عندي أن رجلا بالأندلس نبت لسانه بعد أن قطع في نحو هذه المدة؛ انتهى.
وكان أبو المخشي هذا يسكن بوادي شوش ، وكان بينه وبين ابن هبيرة مهاجاة شديدة، فاجتمعا يوما للمناقضة فقال له ابن هبيرة وعيره بأن نسبه إلى النصرانية لأحل أن آباءه كانوا نصارى:
أقلفتك التي قطعت بشوش دعتك إلى هجائي وانتقالي والانتقال: الشتم، فقال أبو المخشي ارتجالا:
سألت وعند أمك من ختانـي جواب كان يغني عن سؤالي فقطعه.
الأحول
عاصم بن سليمان الحافظ، أبو عبد الرحمن الأحول البصري، قاضي المدائن؛ روى عن عبد الله بن سرجس وأنس وأبي العالية ومعاذة العدوية وعكرمة وجماعة؛ ولي حسبة الكوفة وقضاء المدائن، وكان من أئمة العلم؛ قال ابن معين: كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عن عاصم يستضعفه، وقد وثقه الناس واحتجوا به في صحاحهم؛ وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائة، وروى له الجماعة.
الجحدري
عاصم بن أبي الصباح الجحدري البصري المقرئ المفسر؛ قرأ القرآن على سليمان بن قتة ونصر بن عاصم والحسن البصري. قال ابن معين: عاصم الجحدري هو صاحب القراءة، ثقة، روى عن عقبة بن ظبيان. قال الشيخ شمس الدين: قراءته شاذة، وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائة.
السلولي
عاصم بن ضمرة السلولي، صاحب علي؛ له عدة أحاديث عنه؛ قال النسائي: ليس به بأس، ولينه ابن عدي، ووثقه جماعة، وتوفي سنة أربع وسبعين للهجرة، وروى له الأربعة.
البلوي
عاصم بن عدي البلوي؛ رده رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر إلى مسجد الضرار لشيء بلغه عنهم، وضرب له بسهم وأجر، وطال عمره، وتوفي سنة خمس وأربعين للهجرة، وروى له النسائي.
الواسطي
عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصدق؛ روى عنه البخاري وروى الترمذي وابن ماجه عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل وابن عمه حنبل وأبو حاتم وغيرهم؛ وقد حط عليه ابن معين وقال أبو حاتم: صدوق. وعن أحمد بن عيسى قال: أتاني آت في منامي فقال: عليك بمجلس عاصم بن علي فإنه غيظ لأهل الكفر، وكان رحمه الله ممن ذب عن الإسلام في المحنة؛ وتوفي سنة إحدى وعشرين ومائتين.
ابن عمر الخطاب
عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو عمرو، وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخت عاصم حمي الدبر المذكور نفا، وقيل إن أمه جميلة بنت عاصم، والأول أكثر، وكان اسمها عاصية فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولد عاصم بن عمر قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وخاصمت فيه أمه أباه عملا بن الخطاب وعمره أربع سنين، وكان عاصم بن عمر طويلا، يقال إنه كان في ذراعه طول ذراع ونصف شبر، وكان خيرا فاضلا، ومات سنة سبعين، قبل موت أخيه عبد الله بنحو أربع سنين، ورثاه عبد الله بن عمر فقال:
وليت المنايا كن خلفن عاصما فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معا وكان عاصم شاعرا، وكان بينه وبين رجل ذات يوم شيء، فقام وهو يقول:
قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى له صبوة فيما بقي آخـر الـدهـر وعاصم هذا جد عمر بن عبد العزيز، أبو أمه؛ وروى له الجماعة سوى ابن ماجه، وتزوجت أمه جميلة بعد عمر يزيد بن حارثة الأنصاري، فولدت له عبد الرحمن.
المفضل المدني
عاصم بن عمر بن قتادة الظفري المدني؛ روى عن جابر بن عبد الله ومحمود ابن لبيد وجدته رميثة - ولها صحبة - وأنس بن مالك، وكان ثقة عارفا بالمغازي واسع العلم، وثقه أبو زرعة والنسائي، وتوفي سنة عشرين ومائة وروى له الجماعة.
الجرمي
صفحة : 2318
عاصم بن كليب الجرمي الكوفي؛ كان فاضلا عابدا؛ وثقه ابن معين، وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائة، وروى له مسلم والأربعة.
عاصم بن محمد
عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العدوي؛ روى له الجماعة، ووثقه أبو حاتم وغيره؛ قال الشيخ شمس الدين: ما علمت عنه شيئا بوجه وأبن مولده، إنما كل علمي اسمه عاصم، وفيه ضعف، وتوفي في حدود الستين ومائة.
العدوي
عاصم بن أبي النجود، أحد القراء السبعة، الإمام القارئ أبو بكر الأسدي؛ اسم أبي النجود بهدلة، وقيل بهدله اسم أمه، واسم أبي النجود كنيته، ويقال بضم النون وبفتحها؛ وهو كوفي أحد الأعلام، قرأ على أبي عبد الرحمن اسلمي وزر بن حبيش، وروى عنهما وعن أبي وائل ومصعب بن سعد وطائفة كثيرة، وتصدر للإقراء بالكوفة؛ قال أحمد بن حنبل: كان عاصم رجلا صالحا، وبهدلة أبوه، وثقه أبو زرعة وجماعة، أما في القراءة فثبت، وأما في الحديث فحسن الحديث، وروى له الأربعة، وروى البخاري ومسلم له مقرونا؛ وتوفي سنة سبع وعشرين أو ثمان وعشرين أو تسع وعشرين ومائة، وكان صاحب همز ومد وقراءة شديدة وكان شديد التنطع، ولما مات أبو عبد الرحمن السلمي جلس عاصم مكانه.
الألقاب
أبو عاصم النبيل: اسمه الضحاك بن مخلد.
العاضد صاحب مصر: عبد الله بن يوسف.
عافية
القاضي
عافية بن يزيد بن قيس الأودي، القاضي الكوفي، أحد الأعلام؛ تفقه على أبي حنيفة، وبرع في الفقه، وتوفي في حدود السبعين ومائة.
الألقاب
ابن العاقولي مدرس المستنصرية: عبد الله بن محمد.
عالي
الغزنوي الحنفي
عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي الحنفي، أبو علي؛ كان ممن لقي فخر خوارزم أبا القاسم محمود بن عمر الزمخشري وقرأ عليه وكتب عنه، وقدم حلب وأقام بها يدرس الفقه على مذهب أبي حنيفة، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وله من كتب: المشارع في فقه أبي حنيفة، المنابع في شرح المشارع، وتفسير القرآن.
الغساني
عالي بن جبلة الغساني؛ قال العميد أبو بكر القهستاني: كتب إلي عالي بن جبلة الغساني أول ما قدم علي:
من بني جفنة بن عمرو فتى بال باب يبغي إلى العميد الوصولا
أغبر قبحته غـبـراء لـلـري ح دوي فيها وكـان جـمـيلا ابن ابن جني النحوي
عالي بن عثمان بن جنب، أبو سعيد الموصلي؛ سكن صور، وكان مثل أبيه أبي الفتح نحويا أديبا حسن الخط جيد الضبط، وكتب بخطه كثيرا من تصانيف أبيه، ورواها عنه، وسمع من أبي القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن الجراح الوزير، وسمع بالموصل نصر بن أحمد بن الخليل المرجى، وروى عنه أبو نصر ابن ماكولا ومكي بن عبد السلام الزميلي، وكان له أخوان علي والعلاء، ونوفي بصيدا سنة تسع أو ثمان وخمسين وأربعمائة.
العالية
الكلابية
العالية بنت أبي ظبيان بن عمرو بن عوف الكلابية؛ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما شاء الله تعالى، ثم إنه طلقها؛ قل من ذكرها.
الألقاب
ابن العالمة المقرئ: اسمه أحمد بن الحسن.
ابن العالمة قاضي الخليل: اسمه محمد بن عبد القادر.
أبو العلية: الحسن بن مالك.
أبو العلية الصحابي: رفيع بن مهران.
عامر
أبو عبيدة بن الجراح
صفحة : 2319
عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري، أبو عبيدة، غلبت عليه كنيته؛ أمين هذه الأمة، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة؛ قال الزبير: كان أهتم، وذلك أنه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغفر يوم أحد فانتزعت ثنيتاه فحسنتا فاه، فيقال إنه ما رؤي قط أحسن من هتم أبي عبيدة. ذكره بعضهم فيمن هاجر إلى الحبشة، ولم يختلفوا في شهوده بدرا والحديبية، وكان يدعى في الصحابة: القوي الأمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران: لأرسلن معكم القوي الأمين، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح؛ وقال فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، عمر أو أبو عبيدة ابن الجراح؛ وعن يونس عن الحسن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صحابي أحد إلا لو شئت لوجدت عليه إلا أبا عبيدة. ولما ولي عمر بن الخطاب عزل خالدا وولى أبا عبيدة ابن الجراح؛ وتوفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة للهجرة، وسنه ثمان وخمسون سنة. وعمواس قرية يمين الرملة، وقيل سمي عمواس لقولهم عم وآس، مات فيه خمسة وعشرون ألفا؛ وروى له الجماعة.
أبو جهم الصحابي
عامر بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عريج بن عدي ابن كعب القرشي العدوي، أبو جهم، مشهور بكنيته، وقيل اسمه عبيد بن حذيفة؛ أسلم يوم الفتح، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مقدما في قريش معظما، وكان فيه وفي بيته شدة وعرامة. قال الزبير: أبو جهم ابن حذيفة من مشيخة قريش، كان عالما بالنسب، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب. وقال، قال عمي: كان أبو جهم ابن حذيفة من المعمرين بنى الكعبة مرتين: في الجاهلية حين بنتها قريش وحين بناها ابن الزبير؛ وهو أحد الأربعة الذين دفنوا عثمان، وهم حكيم بن حزام وجبير بن مطعم ودينار ابن مكرم وأبو جهم ابن حذيفة، ومنهم من قال إنه توفي في آخر خلافة معاوية، ولكن الزبير وعمه أعلم بأخبار قريش. وأبو جهم هذا هو الذي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم فشغلته في الصلاة فردها عليه؛ قال ابن عبد البر: هذا معنى رواية أئمة أهل الحديث. ذكر الزبير قال، حدثنا عمر بن أبي بكر المؤملي عن سعيد بن عبيد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه عن جده قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بخميصتين سوداوين، فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم، ثم إنه أرسل إلى أبي جهم في تلك الخميصة وبعث إليه التي لبسها هو ولبس هو التي كانت عند أبي جهم بعد أن لبسها أبو جهم لبسات.
عامر بن الطفيل
صفحة : 2320
عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب؛ كان من شعراء الجاهلية وفرسانها، شاعر مشهور وفارس مذكور، أخذ المرباع ونال الرئاسة وتقدم على العرب وأطيع في السياسة وقاد الجيوش وقمع العدو، وكان عقيما لم يولد له، وكان أعور، وأدرك الإسلام ولم يوفق للإسلام؛ وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر بن صعصعة فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس أخو لبيد بن ربيعة لأمه وجبار بن سلمى بن مالك، وكان هؤلاء الثلاثة رؤوس القوم وشياطينهم، وقد كوان قوم عامر قالوا له: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، فقال: قد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، فأتبع أنا عقب هذا الفتى من قريش? وهم بالغدر به، فقال لأربد: إذا أقبلنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه فاعله أنت بالسف، فجرى ما ذكرته في ترجمة أربد في حرف الهمزة. ولما خرج عامر من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما قال، قالت عائشة: من هذا يا رسول الله? قال: هذا عامر بن الطفيل، والذي نفسي بيده لو أسلم وأسلمت بنو عامر لزاحمت قريشا على منابرها. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا قوم إذا دعوت فأمنوا، ثم قال: اللهم اهد بني عامر واشغل عني عامر بن الطفيل بما شئت وكيف وأنى شئت. وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق نزل عامر بامرأة من بني سلول، فبعث الله على عامر الطاعون في عنقه فقتله، ورجع عامر يقول: يا بني عامر أغدة كغدة البكر وموت في بيت سلولية? وجعل يشتد وينزو إلى السماء ويقول: يا موت ابرز لي حتى أراك. وقدم أربد أرض بني عامر فقالوا: ما ورائك? قال: لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء لوددته عندي الآن فأرميه بنبلي هذه فأقتله. فخرج بعد مقالته هذه بيومين معه جمل يبيعه، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما في مكانهما؛ ونصبت بنو عامر على قبر عامر أنصابا ميلا في ميل حمى على قبره، لا تنشر فيه ماشية ولا ترعة فيه سارحة ولا يسلكه راكب ولا ماش. وكان جبار بن سلمى غائبا، فلما قدم قال: ما هذه الأنصاب? قالوا: حمى على قبر عامر، قال: ضيقتم على أبي علي، إن أبا علي أفضل على الناس بثلاث: كان لا يعطش حتى يعطش البعير، ولا يضل حتى يضل النجم، ولا يجبن حتى يجبن السيل. وكان يوم مات ابن بضع وثمانين سنة، وكان مولده قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع عشرة سنة؛ وأبو براء ملاعب الأسنة عامر بن مالك هو عم عامر هذا.
العنزي الصحابي
عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي - عنز بن وائل - أبو عبيد الله العدوي، حليف لهم، وقال علي بن المديني: عامر بن ربيعة من عنز - بفتح النون - والأصح تسكين النون؛ أسلم قديما بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وسائر المشاهد، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وقيل سنة خمس وثلاثين، بعد قتلة عثمان بأيام. روى عنه من الصحابة ابن عمر وابن الزبير، وروى له الجماعة. قال عبد الله بن عامر: قام عامر يصلي من الليل حين نشب الناس في الطعن على عثمان رضي الله عنه، قال: فصلى من الليل ثم نام، فأتي في المنام فقيل له: قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده، فقام فصلى ودعا، ثم اشتكى، فما خرج بعد إلا بجنازته.
مولى أبي بكر
صفحة : 2321
عامر بن فهيرة، مولى أبو بكر الصديق، أبو عمرو؛ كان مولدا من الأزد، أسود اللون مملوكا للطفيل بن سخبرة، فأسلم وهو مملوك، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، واسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها إلى الإسلام؛ وكان حسن الإسلام، وكان يرعى الغنم في ثور ثم يروح بها على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار، وكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر في هجرتهما إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة، وهو ابن أربعين سنة، قتله عامر بن الطفيل، وكان يقول: لما طعنته رأيته قد رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه ثم وضع؛ وطلب عامر في القتلى فلو يوجد، قال عروة: فيرون أن الملائكة دفنته أو رفعته؛ ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة أربعين صباحا حتى نزلت ليس لك من الأمر شيء أبو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ، وقيل نزلت في غير هذا.
عامر بن الأكوع
عامر بن الأكوع؛ هو عامر بن سنان عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، وسنان هو الأكوع؛ استشهد يوم خيبر سنة سبع للهجرة، ولما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسوق الركاب وهو يقول:
تالله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
إن الذين قد بغوا علينا
إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا
فثبت الأقدام إن لاقينا
وأنزلن سكينة علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا? قالوا: عامر يا رسول الله، قال: غفر لك ربك - وما خص أحدا بالاستغفار إلا استشهد - فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال: لو متعتنا بعامر؛ وبارز رحبا اليهودي يومئذ فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب
شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب فقال عامر أيضا:
قد علمت خيبر أني عامر
شاكي السلاح بطل مغامر فاختلفا بضربتين، فرقع سيف مرحب في ترس عامر ورجع سيفه على ساقه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه، فقال ناس: بطل عمل عامر، قتل نفسه؛ فأتى ابن أخيه سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين.
الهمداني
عامر بن شهر الهمداني، ويقال الناعطي والبكيلي، وكل ذلك في همدان؛ يكنى أبا شهر، وقيل أبو الكنود؛ روى عنه الشعبي لم يرو عنه غيره، قال ابن عبد البر: في علمي يعد في الكوفيين، قال: كنت عند النجاشي جالسا فجاء ابن له من الكتاب فقرأ آية من الإنجيل، فعرفتها وفهمتها فضحكت، فقال: مم تضحك، من كتاب الله? فوالله إن مما أنزله على عيسى بن مريم صلوات الله عليه أن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.
الأنصاري
عامر بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخو عاصم المقدم ذكره؛ هو الذي ولي ضرب عنق ابن أبي معيط يوم بدر، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقيل بل الذي قتله عاصم أخوه.
الأشجعي
عامر بن الأضبط الأشجعي؛ هو الذي قتلته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنونه متعوذا بقول لا إله إلا الله، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لقاتله قولا عظيما، وقال: هلا شققت عن قلبه، وأنزل الله عز وجل فيه يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا الآية.
أبو الطفيل
عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير الليثي أبو الطفيل؛ غلبت عليه كنيته؛ أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، كان مولده عام أحد ومات سنة مائة أو نحوها، وقيل سنة عشر ومائة؛ ويقال إنه آخر من مات ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روي عنه نحو أربعة أحاديث، وكان محبا في علي، وكان من أصحابه في مشاهده، وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين إلا أنه يقدم عليا، وروى له الجماعة، وخرج مع المختار طالبا بدم الحسين، فقتل المختار وأفلت هو. قال بشر بن مروان وهو على العراق لأنس بن زنيم: أنشدني أفضل شعر قالته كنانة، فأنشده قصيدة أبي الطفيل التي يقول فيها:
أيدعونني شيخا وقد عشت حقبة وهن من الأزواج نحوي نوازع
صفحة : 2322
وما شاب رأسي من سنين تتابعت علي ولكن شيبتنـي الـوقـائع فقال بشر: صدقت هذا أفضل شعر قالته. ولما استقام أمر معاوية لم يكن شيء أحب إليه من لقاء أبي الطفيل، فلم يزل يكاتبه ويلطف به حتى أتاه، فلما قدم عليه جعل يسائله عن الجاهلية، ودخل عليه عمرو بن العاص ونفر معه، فقال لهم معاوية: أما تعرفون هذا? هذا فارس صفين وشاعرها، هذا خليل أبي الحسن، ثم قال: يا أبا الطفيل ما بلغ من حبك لعلي قال: حب أم موسى، قال: فما بلغ من بكائك عليه? قال: بكاء العجوز الثكلى والشيخ الرقوب، وإلى الله عز وجل أشكو التقصير. قال معاوية: لكن أصحابي هؤلاء إن سئلوا عني ما يقولون في ما قلت في صاحبك، قالوا: إذن والله لا نقول الباطل، قال معاوية: لا والله، لا الحق تقولون، ثم قال معاوية: هو الذي يقول:
إلى رحبة السبعين يعـتـرفـونـنـي مع السيف في جأواء جم عـديدهـا
زحوف كركن الطود فيها معـاشـر كغلب السباع نمـرهـا وأسـودهـا
كهول وشبـان وسـادات مـعـشـر على الخيل فرسان قليل صـدورهـا
كأن شعاع الشمس تـحـت لـوائهـا إذا طلعت أعشى العـيون حـديدهـا
شعارهـم سـيمـا الـنـبـي وراية لها انتقم الرحمن مـمـن يكـيدهـا
تخطفـهـم إياكـم عـنـد ذكـركـم كخطف ضواري الطير طيرا تصيدها فقال معاوية لجلسائه: أعرفتموه? فقالوا: نعم هذا أفحش شاعر وألأم جليس، فقال معاوية: يا أبا الطفيل، أتعرفهم? قال: ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر، وقام خزيمة الأسدي فأجابه وقال:
إلى رجب أو غرة الشهـر بـعـده تصبحهم حمر المنـايا وسـودهـا
ثمانون ألفا دين عثـمـان يدنـهـم كتائب فيهـا جـبـريل يقـودهـا
فمن عاش منكم عاش عبدا ومن يمت ففي النار سقياه هنـاك صـديدهـا التميمي العابد
عامر بن عبد قيس التميمي العبدي الزاهد، عابد زمانه؛ روى عن عمر وسلمان الفارسي، وتوفي في حدود السبعين للهجرة.
الأنصاري
عامر بن مسعود الزرقي الأنصاري؛ وهو مختلف في صحبته، وتوفي في حدود السبعين للهجرة.
البجلي
عامر بن سعد البجلي الكوفي؛ يروي عن أبي مسعود البدري وجرير البجلي وأبي هريرة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
الزهري
عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني؛ له ثمانية إخوة، سمع أباه وأسامة بن زيد وأبا هريرة وعائشة وجابر بن سمرة، وتوفي قبل المائة للهجرة، وقيل سنة أربع ومائة، وروى له الجماعة.
المؤذن
عامر بن إبراهيم بن واقد الأشعري، مولى أبي موسى الأصبهاني المؤذن؛ كان ثقة من خيار الناس، توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين.
الشعبي
صفحة : 2323
عامر بن شراحيل، أبو عمرو الشعبي، من شعب همدان، علامة أهل الكوفة؛ ولد في وسط خلافة عمر بن الخطاب، وروى عن علي يسيرا وعن المغيرة بن شعبة وعمران بن حصين وعائشة وأبي هريرة وجرير البجلي وعدي بن حاتم وابن عباس ومسروق وخلق كثير؛ قال أحمد بن عبد الله العجلي: مرسل الشعبي صحيح ولا يكاد يرسل إلا صحيحا. قال الشعبي: ولدت عام جلولاء؛ وقال: أدركت خمسمائة من الصحابة أو أكثر؛ وقال ابن شبرمة: سمعته يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي؛ وقال: ما أروي شيئا أقل من الشعر ولو شئت لأمليتكم شهرا لا أعيد، وقال أبو أسامة: كان عمر في زمانه، وكان بعده ابن عباس، وكان بعده الشعبي، وكان بعده الثوري؛ وعلى الجملة فكان متسع العلم، وتوفي سنة أربع ومائة، وروى له الجماعة وحكى الشعبي قال: أنفذني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم، فلما وصلت إليه جعل لا يسأل عني شيء إلا أجبته، وكانت الرسل لا تطيل الإقامة عنده، فحبسني أياما كثيرة حتى استحثثت خروجي، فلما أردت الانصراف قال لي: أمن أهل بت المملكة أنت? قلت: لا، ولكني رجل من العرب في الجملة، فهمس بشيء، فدفعت إلي رقعة، وقال لي: إذا أديت الرسائل إلى صاحبك فأوصل إليه هذه الرقعة، قال: فأديت الرسائل عند وصولي إلى عبد الملك وأنسيت الرقعة، فلما صرت في بعض الدار أريد الخروج تذكرتها، فرجعت وأوصلتها إليه، فلما قرأها قال: أقال لك شيئا قبل أن يدفعها إليك? قلت: نعم، وخبرته بسؤالي وجوابي، ثم خرجت من عند عبد الملك، فلما بلغت الباب رددت، فلما مثلت بين يديه قال: أتدري ما في الرقعة? قلت: لا، قال: اقرأها، فقرأته، وإذا فيها: عجبت من قوم فيهم مثل هذا كيف ملكوا غيره، فقلت: والله لو علمت هذا ما حملتها، وإنما قال هذا لأنه لم يرك. قال: أفتدري لم كتبتها? قلت: لا، قال: حسدني عليك وأراد أن يغريني بقتلك؛ قال: فتأذى ذلك إلى ملك الروم فقال: ما أردت إلا ما قال. وكان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له يوما: إنا نراك ضئيلا، فقال: زوحمت في الرحم، وكان أحد توأمين، وأقام في الرحم سنتين، ويقال إن الحجاج سأله يوما فقال له: كم عطاءك في السنة? فقال: ألفين، فقال: ويحك كم عطاؤك? فقال: ألفان، فقال: كيف لحنت أولا? قال: لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب أعربت، وما يلحن الأمير فأعرب، فاستحسن منه ذلك وأجازه. وكان الشعبي مزاحا، دخل عليه رجل ومعه امرأة في البيت فقال: أيكما الشعبي? فقال: هذه، وأومأ إلى المرأة؛ وتوفي فجأة.
أبو الهول الحميري
عامر بن عبد الرحمن، أبو الهول الحميري؛ كان آية في الهجاء المقذع، له مدائح في المهدي والرشيد، وتوفي في حدود التسعين ومائة.
العابد ابن الزبير
عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، القانت العابد؛ سمع أباه وعمرو ابن سليم، اشترى نفسه من الله ست مرات - يعني تصدق كل مرة بديته -، ركع خلف الإمام ركعة في صلاة المغرب ثم مات رحمه الله في حدود الثلاثين ومائة، وقد أجمعوا على ثقته، وروى له الجماعة.
أحد قواد بني العباس
عامر بن إسماعيل؛ من كبار قواد الدولة العباسية، وهو الذي أدرك مروان بيوصير وبيته وأهلكه، وكان كبير القدر عند المنصور، توفي سنة سبع وخمسين ومائة.
أوقية المقرئ الموصلي
عامر بن عمر، أبو الفتح الملقب بأوقية؛ كان فصيحا مجودا لكتاب الله تعالى، توفي في حدود الخمسين ومائتين.
القاضي أبو بردة
صفحة : 2324
عامر بن عبد الله بن قيس، أبو بردة ابن أبي موسى الأشعري؛ كان أبوه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم عليه من اليمن في الأشعريين، وأبو بردة كان قاضيا على الكوفة، وليها بعد القاضي شريح، هكذا ذكره محمد بن سعد، وله مكارم ومآثر مشهورة؛ وكان أبو موسى تزوج في عمله على البصرة طفية بنت دمون، وكان أبوها من الطائف، فولدت له أبا بردة، وسماه أبوه عامرا، واسترضع له في بني فقيم، فلما شب كساه أبو شيخ ابن الغرق بردتين وغدا به على أبيه فكناه أبا بردة، فذهبت اسمه؛ وكان ولده بلال قاضيا على البصرة، وهم الذين يقال في حقهم: ثلاثة قضاة في نسق. وجلس أبو بردة يوما يفتخر بأبيه ويذكر فضائله وصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في مجلس عام وفيه الفرزدق الشاعر، فلما أطال القول في ذلك أراد الفرزدق الغض منه فقال: لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكفاه، فامتعض أبو بردة من ذلك ثم قال: صدقت ولكنه ما حجم أحدا قبله ولا بعده، فقال الفرزدق: كان أبو موسى والله أفضل من أنه يجرب الحجامة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت أبو بردة على غيظ. وتوفي أبو بردة المذكور سنة ثلاث ومائة، وقيل سنة أربع وقيل سنة ست أو سنة سبع ومائة، وقال ابن سعد: مات أبو بردة والشعبي في سنة ثلاث ومائة في جمعة واحدة. وروى أبو بردة عن أبيه وعلي بن أبي طالب والزبير وحذيفة وعبد الله ابن سلام وأبي هريرة وغيرهم، وروى له الجماعة.
المقدسي
عامر بن دغش بن حصن بن دغش، أبو محمد الأنصاري الحوراني، من أهل السويداء من حوران، كان يعرف بالمقدس؛ سكن بغداد إلى حين وفاته، وتفقه بالنظامية على الغزالي وغيره، وسمع من طراد بن محمد بن علي الزينب والمبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي وجعفر بن أحمد بن الحسين السراج وغيرهم، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
أو السرايا
عامر بن سعيد بن مفرج بن هذيل، أبو السرايا الزهري النجدي؛ شاعر مدح الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وغيره؛ قال محب الدين ابن النجار: كان حيا في عاشر صفر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وأورد له قوله:
يا عاشق الدنيا أمنت إلى التي وعدتك أم منتك بـالأشـواق
أما الذنوب فأنت منها مكثـر وأراك في الحسنات ذا إملاق
فانظر لنفسك إن نفسك ما لها يوما يحل بها الردى من واق أبو عكرمة الضبي
عامر بن عمران بن ذياد، أبو عكرمة الضبي، من أهل سر من رأى؛ كان نحويا لغويا أخباريا صنف كتاب الخيل. روى عن مسعود بن بشر المازني وعبد الله بن محمد التوزي والحسن بن محمد النخعي والعتبي وابن الأعرابي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وسليمان بن أبي شيخ وغيرهم؛ روى عنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري وأبو الحسين ابن القاسم الكوكبي ومحمد ابن هبيرة الملقب بصعودا، وكانت أخلاق أبي عكرمة شرسة، وهو أعلم الناس بأشعار العرب، وأرواهم لها.
أبو محمد المقرئ
عامر بن موسى بن طاهر بن بشكم، أبو محمد الضرير المقرئ البغدادي؛ كان فقيها شافعيا يتكلم في مسائل الخلاف ويعرف القراءات والنحو معرفة تامة، وكان يؤم في شهر رمضان بالإمام المقتدي، وسمع من علي بن محمد ابن علي بن قشيش وعلي بن المحسن بن علي التنوخي وغيرهما، وحدث باليسير، وتوفي سنة ست وثمانين وأربعمائة.
أبو المليح الهذلي
عامر بن أسامة، أبو المليح الهذلي؛ بصري ثقة، روى عن أبيه وعائشة وبريدة بن الحصيب وعوف بن مالك وابن عباس وعبد الله بن عمر، وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائة، وروى له الجماعة.
أبو القاسم القرطبي
عامر بن هشام، أبو القاسم القرطبي الأزدي؛ سمع من أبيه أبي الوليد وابن بشكوال وقرأ الملخص للقابسي، وكان أديبا شاعرا كاتبا مطبوعا، صنف شرحا لغريب الملخص، وصلحت حاله بأخرة وأقبل على العبادة والنسك، وتوفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة. ومن شعره. . .
ابن دقيق العيد
صفحة : 2325
عامر بن محمد بن علي بن وهب، هو عز الدين ابن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري؛ سمع من العز الحراني وابن الأنماطي وغيرهما، وتعدل وجلس بحانوت العدول. قال كمال الدين جعفر الأدفوي: ثم خالط أهل المعاصي فأثرت الخلطة فيه، وخرج عن طريقة أبي، واستمر على ذلك، وتمادى في سلوك هذه المسالك، حتى أن أباه جفاه، وودعه وقلاه. ولما ولي أبوه القضاء أقامه من الشهود لما علم منه وأبعده عنه، وتوفي بالقاهرة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.
الألقاب
ابن عامر المقرئ: هو عبد الله بن عامر.
عائد الكلب: عبد الله بن مصعب.
عائذ
أبو أحمد الكوفي
عائذ بن حبيب، أبو أحمد الكوفي؛ روى عن أشعث بن سوار وحميد الطويل وهشام بن عروة وجماعة، وعنه أحمد وإسحاق وأبو خيثمة وأبو كريب وأبو سعيد الأشج، ووثقه ابن معن، وتوفي سنة ست وثمانين وقيل تسعين ومائة، وروى له النسائي وابن ماجه.
أبو هبيرة
عائذ بن عمرو بن هلال، أبو هبيرة المزني؛ كان ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وكان من صالحي الصحابة، سكن البصرة وبنى بها دارا؛ روى عنه الحسن ومعاوية بن قرة وعامر الأحول، وتوفي في حدود السبعين للهجرة، وروى له البخاري ومسلم والنسائي.
أبو إدريس الخولاني
عائذ بن عبد الله، أبو إدريس الخولاني، فقيه أهل الشام، وقاضي دمشق؛ ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، وحدث عن أبي ذر وأبي الدرداء وحذيفة وعبادة بن الصامت وأبي موسى والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة وعقبة بن عامر وعوف بن مالك وشداد بن أوس وابن عباس وأبي مسلم الخولاني وجماعة، وتوفي سنة ثمانين من الهجرة، وروى له الجماعة؛ قال ابن عبد البر: واختلف في سماعه من معاذ، والصحيح أنه أدركه وروى عنه وسمع منه.
الألقاب
ابن عائذ صاحب المغازي: اسمه محمد بن عائذ
عائشة
أم المؤمنين رضي الله عنها
صفحة : 2326
عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم عبد الله التيمية، فقيهة نساء الأمة؛ دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال بعد بدر وعمرها تسع سنين، وتزوجها قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث، وهي بنت ست، وقيل بنت سبع، وكانت تذكر لجبير بن مطعم وتسمى له، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أري عائشة في المنام في سرقة من حرير متوفى خديجة، فقال: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم تزوجها، وتوفي عنها صلى الله عليه وسلم وعمرها يومئذ ثمان عشرة سنة؛ قال أبو عمر ابن عبد البر: لم ينكح بكرا غيرها، واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكنية فقال لها: اكتني بابنك عبد الله بن الزبير، يعن ابن أختها. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصادقة ابنة الصديق البريئة المبرأة بكذا وكذا. وقال أبو الضحى عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض؛ وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة رضي الله عنها أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا. قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل، وقال عمرو بن العاص: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك? قال: عائشة، قلت: فمن الرجال? قال: أبوها. وقال صلى الله عليه وسلم: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام؛ وقالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: عليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. وعنها أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة، رواه الترمذي وحسنه. وقال عروة: كان الناس يتحرون بهداياهم عائشة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعدما كادت? وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم؛ وفي عائشة يقول حسان بن ثابت الأنصاري في قصة الإفك الذي رميت به عائشة رضي الله عنها:
حصـان رزان مـا تـزن بـريبة وتصبح غرثى من لحوم الغوافـل
عقيلة أصل من لؤي بن غـالـب كرام المساعي مجدهم غير زائل
مهذبة قد طيب الـلـه خـيمـهـا وطهرها من كل بغي وبـاطـل
فإن كان ما قد قيل عني قـلـتـه فلا رفعت سوطي إلي أنامـلـي
وإن الذي قد قـيل لـيس بـلائط بها الدهر بل قول امرئ بي ماحل
وكيف وودي ما حييت ونصرتـي لآل رسول الله زين المـحـافـل
رأيتك وليغفر لـك الـلـه حـرة من المحصنات غير ذات غـوائل قال ابن عبد البر: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين رموا عائشة بالإفك حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا الحد ثمانين فيما ذكر جماعة من أئمة أهل السير والعلم بالخبر، وقال قوم: إن حسان بن ثابت لم يجلد معهم ولا يصح عنه أنه خاض في الإفك والقذف، ويزعمون أنه القائل:
لقد ذاق عبد الله ما كان أهلـه وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح عبد الله هو عبد الله بن أبي سلول، وآخرون يصححون جلد حسان، ويزعمون أن هذا البيت لغير حسان.
وتوفيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين من الهجرة، وقيل ثمان وخمسين، وأمرت أن تدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم بن محمد وعبد الله بن محمد بن أبي بكر وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر؛ وروى لها الجماعة.
التيمية
صفحة : 2327
عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم التيمية، أمها أم كلثوم ابنة الصديق؛ تزوجت بابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وبعده بمصعب بن الزبير، وكان صداقها مائة ألف دينار، وكانت أجمل أهل زمانها وأحسنهن وأرأسهن، فلما قتل مصعب تزوجها عمر بن عبد الله التيمي وأصدقها ألف ألف درهم؛ حدثت عن خالتها عائشة رضي الله عنها، ووثقها يحيى بن معين، وتوفيت في حدود العشرة بعد المائة، وروى لها الجماعة. وكانت لا تستر وجهها من أحد، فعاتبها مصعب في ذلك فقالت: إن الله عز وجل وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم، فما كنت لأستره، ووالله ما في وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد؛ وكانت شرسة الأخلاق، وكذلك نساء بني تيم، وكانت عند الحسين بن علي رضي الله عنهما أم إسحاق بنت طلحة، وكان يقول: والله لربما حملت ووضعت وهي مصارمة لي لا تكلمني. ثم إن عائشة آلت من مصعب فقالت: أنت علي كظهر أمي، وقعدت في غرفة وهيأت فيها ما يصلحها، فجهد مصعب أن تكلمه فأبت، فبعث إليها ابن قيس الرقيات فسألها كلامه فقالت: كيف بيميني? فقال: ها هنا الشعبي فقيه أهل العراق فاستفتيه، فدخل عليها فأخبرته، فقال: ليس هذا بشيء، فقالت: أتحلني وتخرج خائبا? فأمرت له بأربعة آلاف درهم. وكانت بارعة الحسن وفيها يقول ابن قيس الرقيات لما رآها:
إن الخليط قد ازمعوا تركي فوقفت في عرصاتهم أبكي
جنية برزت لتقـتـلـنـي مطلية الأصداغ بالمسـك
عجبا لمثلك لا يكـون لـه خرج العراق ومنبر الملك ووصفتها عزة الميلاء لمصعب لما خطبها فقالت: أما عائشة فلا والله ما إن رأيت مثلها مقبلة مدبرة، محطوطة المتنين، عظيمة العجيزة، ممتلئة الترائب، نقية الثغر وصفحة الوجه، غراء فرعاء الشعر، لفاء الفخذين، ممتلئة الصدر، خميصة البطن، ذات عكن، ضخمة السرة، مسرولة الساق، يرتج ما بين أعلاها إلى قدميها، وفيها عيبان: أما أحدهما فيواريه الخمار، وأما الآخر فيواره الخف: عظم الأذن والقدم؛ وكانت عائشة بنت طلحة تشبه بعائشة أم المؤمنين خالتها، ولم تلد عائشة بنت طلحة من أحد من أزواجها إلا من عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي بكر. وهو ابن خالها وأبو عذرها، وولدت له عمران، وبه تكنى، وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفيسة، وتزوجها الوليد بن عبد الملك؛ وطلحة ولدها من أجواد قريش. وصارمت عبد الله مرة وخرجت من دارها غضبى، فمرت في المسجد وعليها ملحفة تريد عائشة أم المؤمنين، فرآها أبو هريرة فسبح وقال: سبحان الله كأنها من الحور العين. فمكثت عند عائشة أربعة اشهر، وكان زوجها قد آلى منها، فأرسلت عائشة تقول: غني أخاف عليك الإيلاء، فضمها إليه، وكان ملقى منها فقيل له: طلقها، فقال:
يقولون طلقها لأصبـح ثـاويا مقيما على الهم أحـلام نـائم
وإن فراقي أهل بيت أحبـهـم لهم زلفة عندي لإحدى العظائم فتوفي عبد الله بعد ذلك وهي عنده، فما فتحت فاها عليه، وكانت عائشة أم المؤمنين تعدد علها هذا من ذنوبها.
صفحة : 2328
ودخل مصعب يوما عليها وهي نائمة مضمخة ومعه ثماني لؤلؤات قيمتها عشرون ألف دينار، فأنبهها ونثر اللؤلؤ في حجرها فقالت له: نومتي كانت أحب إلي من هذا اللؤلؤ. وكان مصعب لا يقدر عليها إلا بتلاح ينالها منه ويضربها، فشكا ذلك إلى ابن أبي فروة كاتبه، فقال له: أنا أكفيك هذا إن أذنت لي، قال: نعم، افعل ما شئت، فإنها أفضل شيء نلته في الدنيا، فأتاها ليلا ومعه أسودان فاستأذن عليها، فقالت له: أفي مثل هذه الساعة? قال: نعم، فأدخلته، فقال للأسودين: احفرا ها هنا بئرا، فقالت له جاريتها: وما تصنع بالبئر? قال: شؤم مولاتك، امرني هذا الفاجر أن أدفنها حية، وهو أسفك خلق الله لدم حرام، فقالت عائشة: فأنظرني أذهب إليه، قال: لا سبيل إلى ذلك، وقال للأسودين: احفرا. فلما رأت الجد منه بكت وقالت: يا ابن أبي فروة إنك لقاتلي ما منه بد? قال: نعم، وإني لأعلم أن الله سيجزيه بعدك، ولكنه قد غضب وهو كافر الغضب، قالت: وفي أي شيء غضبه? قال: في امتناعك عليه، وقد ظن أنك تبغضينه وتطلعين إلى غيره، فقد جن فقالت: أنشدك الله إلا عاودته، قال أخاف أن يقتلني، فبكت وبكى جواريها، فقال: قد رققت لك، وحلف أنه يغرر بنفسه، ثم قال لها: ماذا أقول? قالت: تضمن عني أن لا أعود أبدا، قال: فما لي عندك? قالت: قيام بحقك ما عشت قال: فأعطيني المواثيق، فأعطته، فقال للأسودين: مكانكما، وأتى مصعبا فاخبره فقال له: استوثق منها بالأيمان، ففعلت، وصلحت بعد ذلك.
وتزوجها عمر بن عبيد الله، وحمل إليها ألف ألف درهم وقال لرسولها: أنا أملأ بيتها خيرا وحرها أيرا، ودخل بها من ليلته، وأكل الطعام الذي عمل له على الخوان كله، وصلى صلاة طويلة، وخلا بها، ودخل المتوضأ سبع عشرة مرة، فلما أصبح قالت له جاريتها: والله ما رأيت مثلك، أكلت أكل سبعة، وصليت صلاة سبعة، ونكت نيك سبعة، فضحك وضرب بيده على منكب عائشة وقال: كيف رأيت ابن عمك? فضحكت وغطت وجهها وقالت:
قد رأيناك فلم تحل لـنـا وبلوناك فلم نرض الخبر القرشية الجمحية
عائشة بنت قدامة بن مظعون القرشية الجمحية؛ هي وأمها ريطة بنت سفيان من المبايعات، تعد في أهل المدينة.
القرشية التيمية
عائشة بنت الحارث بن خالد بن صخر، القرشية التيمية؛ ولدت هي وأختاها فاطمة وزينب بأرض الحبشة، وقيل إنهن متن في إقبالهن من الحبشة، وقيل إن فاطمة وحدها نجت منهن.
بنت عبد المدان
عائشة بنت عبد المدان، امرأة عبيد الله بن العباس؛ كان علي بن أبي طالب قد استعمل زوجها عبيد الله بن العباس على اليمن أيام صفين، فلما ولى معاوية بسر بن أرطاة اليمن وأحس به عبيد الله، هرب منه، فأخذ بسر بن أرطأة ولديه عبد الرحمن وقثم، وهما من عائشة هذه، وكانا صغيرين، فذبحهما قبالة أمهما عائشة، فأصابها من ذلك أمر عظيم وقالت:
ها من أحس بنـيي الـذين هـمـا كالدرتين تشظى عنهما الـصـدف
ها من أحس بنـيي الـذين هـمـا سمعي وعقلي فقلبي اليوم مختطف
حدثت بسرا وما صدقت ما زعموا من قيلهم ومن الإفك الذي اقترفوا
أنحى على ودجي ابني مـرهـفة مشحوذة وكذاك الإثـم يقـتـرف ثم إنها وسوست، فكانت تقف في الموسم فتنشد هذا الشعر وتهيم على وجهها، ويقال إنه قتلهما بالمدينة، فالله أعلم.
بنت الزبيدي
عائشة بن إسماعيل بن محمد بن يحيى الزبيدي؛ كانت تلقب بالمهدية، وكانت فاضلة تعقد مجلس الوعظ ببغداد، سمعت من أحمد بن بنيمان الهمذاني، ويحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك ومحمد بن أحمد بن الظاهري وغيرهم، قال محب الدين ابن النجار: وكتبنا عنها، وكانت صادقة، وتوفيت سنة أربع عشرة وستمائة.
بنت جعفر
عائشة بنت جعفر المتوكل؛ قالت فضل الشاعرة: دخلت على المتوكل يوما فوجدته قاعدا على كرسي وابنته عائشة تجلى عليه في: هذا الغلام غلامي، فقال: يا فضل، من الذي قول:
بأبي من إذا رآها أبوهـا قال يا ليتنا بدين المجوس
صفحة : 2329
قلت له: يا سيدي، هذا لأبي العتاهية، فقال: وجهوا إليه بعشرة آلاف درهم، قلت: إنه قد مات، قال: فليتصدق بها عند قبره قلت: إن له ابنا بالباب، قال: تصرف إليه. ولما توفيت عائشة رحمها الله سنة خمس وثلاثمائة ورثها اثنان وعشرون رجلا من ولد إخوتها وخمس أخوات من ولد المتوكل، وأعتقت جواريها قبل وفاتها وأقطعت دورها.
بنت المعتصم
عائشة بنت المعتصم؛ كانت أديبة شاعرة، كتب إليها عيسى بن القاسم ابن محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس أن توجه إليه عائشة بجاريتها ملكة وكان يهواها:
كتبت إليك ولـم أحـتـشـم وشوق المحبين لا ينـكـتـم
صبوحي في السبت من عادتي على رغم أنف الذي قد رغم
وعيشي يتم بمن قد علـمـت وإن غاب عن ناظري لم يتم
فمني علي بـتـوجـيهـهـا بتربة سيدك المـعـتـصـم فأنفذتها وقالت:
قرأت كتابك فـيمـا سـألـت وما أنت عندي بالـمـتـهـم
أتتك الـمـلـيحة فـي حـلة من النور تجلو سواد الظـلـم
فخذها هنيئا كما قـد سـألـت ولا تشك شكوى امرئ قد ظلم
ولا تحبسنها لوقت الـمـبـيت كما يفعل الرجل المغـتـنـم الزهرية المدنية
عائشة بن سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية؛ رأت شيئا من أمهات المؤمنين، روت عن أبيها وغيره: ، وهي من الثقات، وتوفيت سنة سبع عشرة ومائة، ولها أربع وثمانون سنة، روى لها البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
زهرة الأدب الإسكندرانية
عائشة الإسكندرانية المعروفة بزهرة الأدب؛ نقلت من خط أبي سعيد المغربي قال: كان مجلسا يعرف بالروض، قالت تخاطب فاضلا بعث إليها بشعر ذكر فيه أن قلبه من الحب يتقلب في جمر الغضا:
إذا كان قـلـبـك ذا جـاحـم فلا تـبـعـثـن بـأسـراره
فإنـي أشـفـق مـن نــاره على الروض أو بعض أزهاره القرطبية
عائشة بنت أحمد بن محمد بن قادم القرطبية؛ قال ابن حيان: لم يكن في حرائر الأندلس في زمانها من يعدلها فهما وعلما وأدبا وشعرا وفصاحة، تمدح ملوك الأندلس وتخاطبهم بما يعرض لها من حاجة، وكانت حسنة الخط تكتب المصاحف، ماتت عذراء لم تنكح سنة أربعمائة.
الفيروزجية
عائشة بنت المستنجد الإمام، وهي السيدة المكرمة المدعوة بالفيروزجية؛ مسنة معمرة ذات دين وصلاح، أدركت خلافة أبيها وأخيها وابن أخيها الناصر وابن ابن أخيها الظاهر ابن الناصر وابنه المستنصر وحفيده المستعصم، وماتت في ذي الحجة سنة أربعين وستمائة، وشيعها كافة الدولة وتكلم الوعاظ في عزائها، وبنت ببغداد رباطا.
بنت البهاء
عائشة بنت محمد بن المسلم بن سلام بن البهاء الحراني الشيخ الصالحة، أم محمد؛ سمعت من إسماعيل بن أحمد العراقي ومحمد بن أبي بكر المعروف بابن النور البلخي ومحمد بن عبد الهادي المقدسي وإبراهيم بن خليل وعبد الرحمن بن أبي الفهم اليلداني؛ أجازت لي بدمشق سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وكتب عنها بإذنها عبد الله بن المحب، وتوفيت رحمها الله تعالى في شوال سنة ست وثلاثين وسبعمائة.
أخت محاسن
عائشة بنت محمد بن مسلم الحرانية الصالحة الشيخة المعمرة أم عبد الله، أخت المحدث محاسن؛ ولدت سنة سبع وأربعين، وسمعها أخوها في الخامسة، وبعد ذلك من الرشيد العراقي ومحمد بن عبد الهادي واليلداني وابن خليل وفرح القرطبي والبلخي وابن عبد الدائم والعماد وعبد الحميد، وتفردت وروت جملة صالحة؛ وكانت خيرة قاعة فقيرة تعمل في الحياكة، سمع منها أبو هريرة ابن الشيخ شمس الدن وأولاد المحب والطلبة، وقاربت التسعين. روت فضائل الأوقات للبيهقي عن ابن خليل، وخرج لها ابن سعد، وأول حضورها في الرابعة في شعبان سنة خمسين وتوفيت سنة ست وثلاثين وسبعمائة.
الصائمة الأندلسية
صفحة : 2330
عائشة بنت أبي عاصم وخالة القائد الأجل أبي إسحاق ابن بلال، وهي أندلسية تعرف بالصائمة؛ بقيت أزيد من عشرين سنة لا تأكل شيئا قط؛ قال الشيخ شمس الدين: حدثني بقصتها غير واحد ممن أدركها، وكانت بغرفة لها على الجامع المعلق بمدينة الجزيرة الخضراء، وتركها الأكل أمر شائع لا ريب فيه، حدثني بذلك أبو عبد الله ابن ربيع المحدث ومحمد بن سعد العاشق، وتوفيت بعد عام سبعمائة بنحو خمس سنين؛ ولها نظيرة كانت بناحية واسطة بعد الستمائة ذكر شأنها شيخنا الفاروثي، وكذا المرأة الخوارزمية التي كانت أيام المعتضد بخوارزم، بقيت بضعا وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب، علقت ذلك بأصح إسناد. انتهى.
الألقاب
ابن عائشة الأخباري: عبيد الله بن محمد.
ابن عائشة الخارج على المأمون: هو إبراهيم بن محمد.
عباد
الأنصاري
عباد بن بشر بن وقش بن زغبة الأنصاري الأشهاي، أبو بشر، وقيل أبو الربيع؛ قال أبو عمر ابن عبد البر: لا يختلف أنه أسلم بالمدينة على يد مصعب ابن عمير، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير؛ شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان من فضلاء الصحابة، ذكر أنس بن مالك أن عصاه كانت تضيء له إذ كان يخرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ليلا. وعرض له ذلك مرة مع أسيد بن حضير، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه. وقالت عائشة: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ وأسيد بن ضير وعباد بن بشر؛ ولما قتل كعب بن الاشرف قال:
صرخت له فلم يعرض لصوتي ووافى طالعا من رأس جـدر
فعدت له فقال: من المـنـادي فقلت: أخوك عباد بن بـشـر
وهذي درعنا رهنا فـخـذهـا لشهر إن وفى أو نصف شهر
فقال معاشر سغبوا وجـاعـوا وما عدلوا الغنى من غير فقر
فأقبل نحونا يهـوي سـريعـا وقال لنا: لقد جـئتـم لأمـر
وفي أيمانـنـا بـيض حـداد مجردة بها الكفـار نـفـري
فعانقه ابن مسلـمة الـمـردى به الكفار كالليث الـهـزبـر
وشد بسيفه صـلـتـا عـلـيه فقطره أبو عبس بـن جـبـر
وكان الله سادسـنـا فـأبـنـا بأنعم نعـمة وأعـز نـصـر
وجاء بـرأسـه قـوم كـرام هم ناهيك مـن صـدق وبـر والذين قتلوا كعب بن الاشرف: محمد بن مسلمة والحارث بن أوس وعباد ابن بشر وأبو عبس ابن جبر، وأبو نائلة سلكان بن وقش الأشهلي. وقتل عباد بن بشر يوم اليمامة وكان قد أبلى بلاء حسنا.
أخو الأمير عبيد الله
عباد بن زياد أخو الأمير عبيد الله بن زياد؛ ولي إمرة سجستان، وتوفي في حدود التسعين للهجرة.
ابن ابن الزبير
عباد بن عبد الله بن الزبير؛ كان عظيم القدر عند والده، يستعمله على القضاء وغير ذلك، وكان صدوقا، روى عن أبيه وعائشة وجدته أسماء، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له الجماعة.
الناجي قاضي البصرة
عباد بن منصور الناجي البصري؛ ولي القضاء لإبراهيم بن عبد الله بن حسن، ولي قضاء البصرة خمس مرات؛ قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال ابن معين: عباد بن كثير وعباد بن منصور وعباد بن راشد حديثهم ليس بالقوي. مات على بطن امرأته فجأة سنة اثنتين وخمسين ومائة، روى له الأربعة.
الثقفي العابد
عباد بن كثير الثقفي مولاهم البصري العابد نزيل مكة؛ قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: شيخ بصري سكن مكة، تركوه؛ توفي في حدود الستين والمائة.
الأزدي البصري
عباد بن حبيب بن المهلب الأزدي البصري، أبو معاوية؛ نعته أبو حاتم كعادته وقال: لا يحتج به، وقال ابن سعد: لم يكن بالقوي، وقال الشيخ شمس الدين: حديثه في الكتب كلها؛ توفي سنة إحدى وثمانين ومائة، وروى له الجماعة.
أبو سهل الواسطي
عباد بن العوام، أبو سهل الكلابي الواسطي؛ كان يتشيع، فحبسه الرشيد زمانا ثم خلى عنه، في وفاته أقوال أقربها سنة ست وثمانين ومائة؛ روى له الجماعة.
الوزير معين الملك
صفحة : 2331
عباد بن الحسين بن غانم الطائي، أبو منصور، الوزير معين الملك الأصبهاني؛ أقام ببغداد وتولى الوزارة لخاتون بنت السلطان ملكشاه زوجة الإمام المقتدي، ثم وزر لكربوقا صاحب الموصل، ولم يمش أمره معه، فعاد إلى أصبهان، ولحقته إضاقة آخر عمره واحتاج إلى الناس، وتوفي هناك سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وكان معروفا بالدين والخير والمروءة، وحدث ببغداد عن محمد بن عبد الله بن ريذة وحمزة بن الحسين المشهدي الأديب.
الرواجني
عباد بن يعقوب الرواجني، أبو سعيد الكوفي، أحد رؤوس الشيعة؛ روى عن القاضي شريك وعباد بن العوام وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدن وإسماعيل بن عياش وعبد الله بمن عبد القدوس والحسين بن زيد بن علي العلوي والوليد بن أبي ثور وطائفة، وعنه البخاري حديثا واحدا قرنه بغيره، وعنه الترمذي وابن ماجه وأحمد بن عمرو البزار وصالح جزرة وابن خزيمة وغيرهم. وقال أبو حاتم: شيخ ثقة، وقال الحاكم: كان ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب؛ وقال ابن عدي: فيه غلو في التشيع، وروى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم؛ توفي سنة خمسين ومائتين.
المعتضد صاحب إشبيلية
عباد بن محمد بن إسماعيل بن عباد، المعتضد أبو عمرو، أمير إشبيلية، ابن قاضيها أبي القاسم، وقد تقدم ذكر والده؛ ولما توفي أبوه قام المعتضد بعده بالأمر، وكان شهما صارما، وخوطب بأمير المؤمنين، دانت له الملوك؛ اتخذ خشبا في قصره وجللها برؤوس ملوك وأعيان ومقدمين، وكان يشبه بأبي جعفر المنصور، وكان ابنه ولي العهد إسماعيل قد هم بقبض أبيه، فلم يتم له ذلك، وضرب أبوه عنقه، وطالت أيامه إلى أن توفي في شهر رجب سنة أربع وستين وأربعمائة. يقال إن ملك الفرنج سمه في ثياب بعثها إليه؛ وقال فيه الحجازي: وهذا الرؤوف العطوف، الدمث الأخلاق الألوف، ما مات حتى قبض أرواح ندمائه وخواصه بيده، ولم يكلهم إلى غيره، ولا أحوجهم إلى الحاجة بعده، فجزي عنهم بما هو أهله؛ وكان قد عرف منه ذلك واشتهر، فصار الأدباء يتحامونه. ولما وفد أبو عبد الله ابن شرف القيرواني على الأندلس تطلعت إليه همم ملوكها لبعد صيته، فكان ممن استدعاه المعتضد ابن عباد، وكان ابن شرف قد امتلأت مسامعه من أخباره الشنيعة، فجاوبه بقوله:
أإن تصيدت غيري صـيد طـائرة أوسعتها الحب حتى ضمها القفص
حسبتني فرصة أخرى ظفرت بها هيهات ما كل حين تمكن الفرص
لك الموائد للـقـصـاد مـتـرعة تروي وتشبع لكن بعدها الغصص ومن شنيع ما روي عنه أن غلاما دون البلوغ دخل عليه بدون استئذان، فقطع رأسه؛ وسمع جارية تقول: القبر والله أحسن من سكنى هذا القصر، فقال: والله لأبلغنك ما طلبته، وأمر بها فدفنت حية. وتعجب الناس من وزيره ابن زيدون كيف انفرد بالسلامة منه، فقال: كنت كمن يمسك بأذني الأسد، ينقي سطوته تركه أو أمسكه، وفيه يقول عند موته:
لقد سرنـا أن الـجـحـيم مـوكـل بطاغية قـد حـم مـنـه حـمـام
تجانف صوب المزن عن ذلك الصدى ومر عليه الغـيث وهـو جـهـام وللمعتضد شعر مدون فمنه:
كأنما ياسميننـا الـغـض كواكب في السماء تنقض
والطرق الحمر في جوانبه كخد عذراء مسها عـض ومنه:
اشرب على وجه الصباح وانظر إلى نور الأقـاح
واعلم بـأنـك جـاهـل إن لم تقل بالإصطبـاح
والدهـر شـيء بـارد إن لم تسخـنـه بـراح ومنه:
شربنا وجفن الليل يغسل كحله بماء صباح والنسيم رقـيق
معتقة صفراء أما نجـارهـا فضخم وأما جسمها فدقـيق
الألقاب
أبو عباد كاتب المأمون: اسمه ثابت بن يحيى.
ابن عباد الوزير الصاحب: إسماعيل بن عباد.
ابن عباد، المعتمد على الله: اسمه محمد بن عباد.
عبادة
الأنصاري
صفحة : 2332
عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم، ينتهي إلى عوف بن الخزرج، الأنصاري السالمي، أبو الوليد، وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة؛ كان عبادة رضي الله عنه نقيبا، شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وشهد بدرا والمشاهد، ثم وجهه عمر قاضيا إلى الشام ومعلما، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين ومات بها سنة أربع وثلاثين للهجرة، ودفن بالقدس، وقبره بها إلى اليوم معروف. كان معاوية قد خالف في شيء أنكره عليه عبادة في الصرف، فأغلظ له معاوية في القول، فقال عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبدا، ورحل إلى المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك? فأخبره، فقال: ارجع إلى مكانك فقبح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك؛ وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه. وتوفي عبادة رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وروى عنه من الصحابة أنس بن مالك وجابر بن عبد الله وفضالة بن عبيد والمقدام بن معدي كرب وأبو أمامة الباهلي ورفاعة بن رافع وأوس بن عبد الله الثقفي وشرحبيل ومحمود بن الربيع والصنابحي وجماعة من التابعين، وروى له الجماعة.
الأنصاري
عبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة الأنصاري، حليف لهم من بلي؛ قال ابن إسحاق وأبو معشر: عبادة بن الخشخاش - بالخاء والشين منقوطتين -، وقال الواقدي: هو عبادة بن الحسحاس، وهو ابن عم المجذر بن زياد وأخوه لأمه، وقتل يوم أحد شهيدا.
الليثي
عبادة بن قرص الليثي، وقيل قرط، وعند أكثرهم قرص؛ روى عنه أبو قتادة العدوي وحميد بن هلال؛ اقبل عبادة بن قرص الليثي من الغزو، فلما كان بالأهواز لقيه الحرورية فقتلوه؛ قال أبو عبيدة والمدائني: سنة إحدى وأربعين، خرج سهم بن غالب الهجيمي ومعه الخطيم الباهلي بناحية البصرة فقتلوا عبادة ابن قرص الليثي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعث إليهم معاوية عبد الله بن عامر، فاستأمن سهم والخطيم فأمنهما، وقتل عدة من أصحابهما، ثم عزل معاوية ابن عامر في سنة خمس وأربعين وولى زيادا، فقدم البصرة فقتل سهما وصلبه، وقتل زياد الخطيم سنة تسع وأربعين.
الزرقي
عبادة الزرقي الصحابي؛ روى عنه ابناه عبد الله وسعد، قال ابن عبد البر: لا تدفع صحبته.
الأنصاري
عبادة بن سعد بن عثمان بن خلدة الأنصاري الزرقي؛ روي أنه مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وبرك عليه، وأبوه له صحبة، وبابنه عبادة يكنى.
ابن الأشيم
عبادة بن الأشيم؛ وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا وأمره على قومه، ذكره ابن قانع في معجمه.
زين الدين الحنبلي
عبادة بن عبد الغني المفتي الإمام زين الدين أبو سعد الحراني المؤذن الشروطي الحنبلي؛ توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، ومولده سنة إحدى وسبعين وستمائة، كان قد طلب الحديث وقتا ودار على الشيوخ قليلا ونسخ جملة أجزاء سنة بضع وتسعين وستمائة، وتقدم في الفقه وناظر وتميز، وعنده صحيح مسلم عن القاسم الإربلي.
ابن ماء السماء الأندلسي
عبادة بن عبد الله بن ماء السماء، أبو بكر، شاعر الأندلس، ورأس الشعراء في الدولة العامرية؛ توفي سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقيل سنة تسع عشرة. قال ابن بسام في الذخيرة: كان في ذلك العصر شيخ الصناعة وأحكم الجماعة، سلك إلى الشعر مسلكا سهلا، فقالت له غرائبه مرحبا وأهلا، وكانت صنعة التوشيح التي نهج أهل الأندلس طريقتها، ووضعوا حقيقتها، غير مرقومة البرود، ولا منظومة العقود، فأقام عبادة هذا منآدها، وقوم ميلها وسنادها، فكأنها لم تسمع بالأندلس إلا منه، ولا أخذت إلا عنه، اشتهر بها اشتهارا غلب على ذاته، وذهب بكثير من حسناته. وأول من صنع أوزان هذه الموشحات بأفقنا واخترع طريقتها فيما بلغني محمد بن محمود القبري الضرير، وقيل إن عبد ربه صاحب كتاب العقد أول من سبق إلى خذا النوع من الموشحات، ثم نشأ يوسف بن هارون الرمادي، وكان أول من أكثر فيها من التضمين في المراكز، يضمن كل موقف يقف عليه في المراكز خاصة، فاستمر على ذلك شعراء عصره كمكرم بن سعيد وابني أبي الحسن، ثم نشأ عبادة هذا فأحدث التضفير، وذلك أنه اعتمد مواضع الوقف في المراكز. ومن شعر عبادة المذكور:
لا تشـكـون إذا عـثـر ت إلى صديق سوء حالك
صفحة : 2333
فيريك ألـوانــا مـــن ال إذلال لم تخطـر بـبـالـك
إياك أن تـــدري يمـــي نك ما يدور على شـمـالـك
واصبر على نـوب الـزمـا ن وإن رمت بك في المهالك
وإلـى الـذي أغـنــى وأق نى اضرع وسله صلاح حالك ومنه:
اجل المدامة فهي خير عروس تجلو كروب النفس بالتنفـيس
واستغنم اللذات في عهد الصبا وأوانه، لا عطر بعد عروس ومنه:
فهل ترى أحسن من أكؤس يقبل الثغر عليهـا الـيدا
يقول لي الساقي أغثني بها وخذ لجينا وأعد عسجـدا
أغرق فيها الهم لكن طفـا حبابها من فوقها مزبـدا
كأنما شـيبـهـا شـارب أمسكها في كفه سرمـدا قال ابن بسام: وهذا من معانيه المخترعة وألفاظه المبتدعة.
قلت: نقلت من خط جمال الدين علي بن ظافر هذه القطعة، وقال بعدها: القسم الأخير من البيت الثاني معكوس، لأن النديم يرد للساقي الكأس فارغة فتكون حينئذ باللجين أشبه، ثم يأخذها ملأى فتكون بالعسجد أولى، والصواب أن يقول:
وادفع لجينا ثم خذ عسجدا أو: أقول للساقي. .
ولعل الكاتب غلط أو الراوي. قلت: الصحيح أنه: أقول للساقي. . . ويصح المعنى وهو أحسن مما قاله ابن ظافر.
ومن شعر عبادة في الحاجب ابن أبي عامر:
لنا حاجب حاز المعالي بأسرهـا فأصبح في أخلاقه واحد الخلق
فلا يغترر منه الجهول ببـشـره فمعظم هذا الرعد في أثر البرق ومنه:
دارت دوائر صدغه فكـأنـهـا حامت على تقبيل قطة خـالـه
رشأ توحش من ملاقاة الـورى حتى توحش من لقاء خـيالـه
فلذاك صار خيالـه لـي زائرا إذ كنت في الهجران من أشكاله
ولقد هممت به ورمت حرامـه فحماني الإجلال دون حـلالـه ومنه وقد سقط برد عظيم:
يا عبرة أهديت لمعتـبـر عشية الأربعاء من صفر
أرسل ملء الأكف من برد جلامدا تنهمي على البشر
كاد يذيب القلوب منظرها ولو أعيرت قساوة الحجر ومن:
اشرب فعهد الشباب مغتنم وفرصة في فواتها نـدم
وعاطنيها من كف ذي غيد ألحاظه في النفوس تحتكم
كأنها صارم الأمير وقـد خضب حديه من عداه دم وكانت وفاة عبادة بمالقة في التاريخ المذكور، ضاعت له مائة مثقال ذهبا فاغتم لذلك ومات. ومن موشحاته:
من ولـي فـي أمة أمـرا ولــم يعزل إلا لحاظ الرشـأ الأكـحـل
جرت فـــــــــــــي حكمك من قتـلـي يا مـسـرف
فانـــــــصـــــــف فواجب أن ينصف الـمـنـصـف
وارأف فإن هـذا الـشـــوق لا يرأف
علل قلبي بذاك البارد السـلـسـل ينجل ما بفؤادي من جوى مشعـل
إنـــــــمـــــــــا تبرز كي تـوقـد نـار الـفـتـن
صنـــــــمــــــــا مصورا من كـل شـيء حـسـن
إن رمــــــــــــــى لم يخط من دون القلوب الجـنـن
كيف لي تخلص من سهمك المرسل فصل واستبقني حيا ولا تـقـتـل
يا ســـــــنــــــــا الشمس ويا أبهى من الـكـوكـب
يا مـــــــنــــــــى النفس ويا سؤلي ويا مـطـلـبـي
ها أنـــــــــــــــا حل بـأعـدائك مـا حـل بــي
عذلي من ألم الهجران في معـزل والخلي في الحب لا يسال عمن بلي
أنـــــــت قــــــــد صيرت بالحب من الـرشـد غـي
لم أجـــــــــــــــد في طرقي جسمك ذنـبـا عـلـي
فاتــــــــــــــــئد وإن تشأ قـتـلـي شـيئا فـشـي
صفحة : 2334
أجمل ووالني منك يد المـفـضـل فهي لي من حسنات الزمن المقبـل
ما اغـــــــتـــــــذى طرفـي إلا بـسـنـا نـاظـريك
وكــــــــــــــــذا في الحب ما بي ليس يخفى علـيك
ولــــــــــــــــذا أنشـد والـقـلـب رهـين لـديك
يا علي سلطت جفنيك على مقتلـي فابق لي قلبي وجد بالفضل يا موئلي ومنها:
حب الـــمـــهـــا عـــبـــــــاده من كـــل بـــســـام الـــســــرار
قمر يطلعمن حسن آفاق الكمالـحـسـنـه الأبـدع
لله ذات حسن ملـــيحة الـــمـــــــحـــــــيا
لهـــا قـــوام غــــــصـــــــن وشـــنـــفـــهـــا الـــثـــــريا
والـــثـــغـــر حـــب مــــــزن رضـــابـــه الـــحـــمـــــــيا
في رشـــفـــه ســــــعـــــــاده كأنـــه صـــفـــو الـــعـــقـــار
جوهر رصعيسقيك من حلو الزلالطيب المـشـرع
رشيقة المعاطف كالـــغـــصـــن فـــي قــــــوام
شهـــدية الـــمــــــراشـــــــف كالـــدر فـــي نــــــظـــــــام
دعــــصـــــــية الـــــــروادف والـحـــضـــر ذو انـــهـــضـــام
حسنها أبدعمن حسن ذياك الغزالأكحل الـمـدمـع
ليلية الذوائب ووجـــهـــهـــا نــــهـــــــار
مصـــقـــولة الـــــتـــــــرائب ورشـــفـــهـــا عـــقـــــــار
أصـــداغـــهـــا عـــقــــــارب والـــخـــد جـــلــــنـــــــار
ناديت وافــــــــــــــــــــؤاداه من غـــادة ذات اقــــــتـــــــدار
لحظها أقطعمن حد مصقول النصالفي الفتى الأشجع
سفرجل النهود في مـــرمـــر الــــصـــــــدور
يزهـــى عـــلـــى الـــعـــقـــود من لـــدة الـــبــــــحـــــــور
ومـــــــقـــــــلة وجـــــــيد من غـــــادة ســـــــفـــــــور
حبـــي لـــهـــا عــــبـــــــاده أعـــوذ مـــن ذاك الـــفـــخــــار
برشأ يرتعفي روض أزهار الجمالكـلـمـا أينـع
عفيفة الذيول نقـــــــية الـــــــثـــــــياب
سلابة الــــــعـــــــقـــــــول أرق مـــــــن شـــــــــــراب
أضـحــى بـــهـــا نـــحـــولـــي في الـــحـــب مـــن عـــذابــــي
في الـــنـــوم لــــي شـــــــراده أو حـكـمـهـا حـــكـــم اقـــتـــدار
كلما أمنعمنها فإن طيف الخيالـزارنـي أهـجـع
الألقاب
أبو عبادة الزرقي الأنصاري الصحابي: اسمه سعد بن عثمان.
عبادة المخنث
عبادة - بتشديد الباء وفتح العين - المخنث؛ كان صاحب نوادر ومجون، كان ببغداد، وتوفي في حدود الخمسين ومائتين أو بعدها. دخل على المأمون فامتحنه بخلق القرآن فقال: يعظم الله أجرك، فقال: فيمن? فقال: في القرآن، فقال: القرآن يموت? فقال: أليس بمخلوق? من بقي يصلي بالناس التراويح، فقال: أخرجوه. ويحكى أنه كان في مجلس أنس المتوكل ليلة قتل، فلما هجموا عليه بالسيوف وقتلوه، قام وزيره الفتح بن خاقان وألقى نفسه عليه وقال: يا أمير المؤمنين لا والله لا عشت بعدك، فقطعوه بالسيوف، فلما رأى ذلك عبادة انزوى وقال: يا أمير المؤمنين إلا أنا، إن لي بعدك أدوارا وأنزالا أشر بها، فضحكوا منه وتركوه.
الألقاب
ابن عباد الصاحب: إسماعيل بن عباد.
ابن عبادة وكيل السلطان: اسمه أحمد بن علي.
العبادي الشافعي: محمد بن أحمد.
العبادي الواعظ المشهور: اسمه أزدشير، وقد تقدم ذكره، والآخر ولده: المظفر بن أزدشير، وهو واعظ أيضا، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الميم في مكانه، وولده المظفر له كلام بديع.
العباس
عم الرسول صلى الله عليه وسلم
صفحة : 2335
العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الفضل؛ كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بثلاث، أمه نثلة وقيل نثيلة ابنة جاب بن كليب بن مالك بن النمر بن قاسط، كذا نسبها الزبير وغيره؛ ولدت العباس لعبد المطلب فأنجبت به، وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة، لأن العباس ضل وهو صبي، فنذرت كسوة البيت إن وجدته، فلما وجدته وفت بنذرها؛ كان العباس رئيسا في الجاهلية وفي قريش، وإليه كانت عمارة البيت والسقاية في الجاهلية، أما السقاية فمعروفة وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام ولا يقول فيه هجرا: يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأن قريش اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك وسلموا له ذك وكانوا له أعوانا؛ وكان العباس ممن خرج مع المشركين يوم بدر فأسر مع الأسارى وشدوا وثاقهم، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا رسول الله? فقال: اسهر لأنين العباس، فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس? فقال الرجل: أنا أرخيت وثاقه، فال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسارى كلهم، قال ابن عبد البر: أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك بين في حديث الحجاج بن علاط أنه كان مسلما يسره ما فتح الله على المسلمين، ثم أظهر إسلامه يوم الفتح، وشهد حنينا والطائف وتبوك، ويقال إن إسلامه قبل بدر، وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون بمكة يتقوون به، وكان يحب أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنه أخرج كرها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قوه يومئذ، وفدى عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبي طالب والحارث وغيرهم من ماله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم العباس ويجله ويعظمه بعد الإسلام ويقول: هذا عمي صنو أبي؛ وكان العباس جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة، ولم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا إجلالا له ويقولان: عم النبي صلى الله عليه وسلم. ولما أقحط أهل الرمادة - وذلك سنة سبع عشرة - قال كعب لعمر: يا أمير المؤمنين، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر رضي الله عنه: هذا عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وسيد بني هاشم، فمشى إليه عمر وشكا إليه ما الناس فيه، ثم صعد المنبر ومعه العباس فقال: اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبيا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ثم قال عمر: يا أبا الفضل، قم فادع، فقال العباس بعد حمد الله والثناء عليه: اللهم إن عندك سحابا وعندك ماء فانشر السحاب ثم أنزل الماء فيه علينا فاسدد به الأصل واطل به الفرع وادر به الضرع؛ اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك، فاسقنا الغيث؛ اللهم شفعنا في أنفسنا وأهلينا؛ اللهم اسقنا سقيا وادعا نافعا طبقا سحا عاما؛ اللهم لا نرجو إلا إياك، ولا ندعو غيرك، ولا نرغب إلا إليك؛ اللهم إليك جوع كل جائع، وعري كل عار، وخوف كل خائف، وضعف كل ضعيف؛ في دعاء كثير. فأرخت السماء عزاليها فجاءت بأمثال الجبال حتى استو الحفر بالآكام، وأخصبت الأرض، وعاش الناس، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه، فقال حسان بن ثابت الأنصاري:
سأل الإمام وقد تتابع جدبنـا فسقي الأنام بغرة العبـاس
عم النبي وصنو والده الـذي ورث النبي بذاك دون الناس
أحيا الإله به البلاد فأصبحت مخضرة الأجناب بعد الياس
صفحة : 2336
وكان العباس جميلا أبيض غضا ذا ضفيرتين معتدل القامة، وقيل بل كان طويلا؛ ولما سقوا طفق الناس يمسحون أركان العباس وبقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وصلى عليه عثمان، ودفن بالبقيع، وعاش ثمانيا وثمانين سنة. وقال خريم بن أوس: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمه العباس رضي الله عنه: يا رسول الله إني أريد أن امتدحك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قل لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:
من قبلها طبت في الجنان وفي مستودع حيث يخصف الورق
ثم هبطت البـلاد لا بـشـر أنت ولا مضغة ولا عـلـق
بل نطفة تركب السفين وقـد ألجم نسرا وأهلـه الـغـرق
تنقل من صالب إلـى رحـم إذا مضى عالم بـدا طـبـق
حتى احتوى بيتك المهيمن من خندف علياء تحتها النـطـق
وأنت لما ولدت أشـرقـت ال أرض وضاءت بنورك الأفق
فنحن في ذلك الضياء وفي ال نور وسبل الرشاد نخـتـرق وقد بورك في نسل العباس رضي الله عنه، فقال رجاء بن الضحاك: إنه في سنة مائتين أحصي ولد العباس فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا، كذا ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء.
المهاجري الأنصاري
العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الأنصاري الخزرجي؛ شهد بيعة العقبة الثانية، وقال بان إسحاق: كان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وشهد معه العقبتين، وقيل بل كان في النفر الستة الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأسلموا قبل سائر الأنصار، وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها حتى هاجر إلى المدينة، وكان يقال له مهاجري وأنصاري؛ قتل يوم أحد شهيدا، ولم يشهد بدرا؛ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن مظعون.
أبو الفضل السلمي
العباس بن مرداس بن أبي عامر بن جارية بن عبد بن عباس، أبو الفضل السلمي، وقيل أبو الهيثم؛ أسلم قبل فتح مكة بيسير، وكان أبوه مرداس شريكا ومصافيا لحرب بن أمية، وقتلهما جميعا الجن، وخبرهما مشهور عند الأخباريين، وكان العباس هذا من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم من سبي حنين مائة مائة من الإبل ونقص طائفة من المائة، منهم عباس بن مرداس، جعل عباس يقول، إذ لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن:
أتجعل نهبي ونهب العبـيد بين عـيينة والأقــرع
فما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في مجمع في أبيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي؛ وكان شاعرا محسنا. وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية وأبو بكر أيضا وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وقيس بن عاصم، وحرمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم وعبد الله بن جدعان وشيبة بن ربيعة وورقة بن نوفل والوليد بن المغيرة وعامر ابن الظرب، ويقال: هو أول من حرمها في الجاهلية، ويقال بل عفيف بن معدي كرب الكندي. والعباس بن مرداس هو القائل يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا سيد النبآء إنـك مـرسـل بالحق كل هدى السبيل هداكا
إن الإله بنى عليك مـحـبة في خلقه ومحمدا سمـاكـا وذكر الشعراء في الشجاعة يوما عند عبد الملك بن مروان فقال: أشجع الناس في الشعر عباس بن مرداس السلمي حيث قال:
أقاتل في الكتيبة لا أبالـي أحتفي كان فيها أم سواها وله يوم حنين أشعار حسان، منها:
عين تأوبها من شـجـوهـا أرق فالماء يغمرها طورا وينـحـدر
كأنه نظـم در عـنـد نـاظـمة تقطع السلك منه فهو ينـكـدر
يا بعد منزل من ترجو مـودتـه ومن حفى دونه الصفوان والحفر
دع ما تقادم من عهد الشباب فقـد ولى الشباب وجاء الشيب والذعر
واذكر بلاء سليم في مواطنـهـا وفي سليم لأهل الفخر مفتخـر في شعر طويل يذكره أهل المغازي.
البطل فارس بني مروان
صفحة : 2337
العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان؛ كان من الأبطال المذكورين في الأسخياء الموصوفين، وكان يقال له فارس بني مروان؛ استعمله أبوه على حمص، وولي المغازي وفتح عدة حصون، ولكنه كان ينال من عمر بن عبد العزيز بجهل، ومات في سجن مروان بن محمد في حدود الثلاثين ومائة.
الواقفي الأنصاري
العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة الواقفي الأنصاري، أبو الفضل المقرئ، صاحب أبي عمرو ابن العلاء؛ قرأ عليه وأتقن الإدغام الكبير، وولد سنة خمس ومائة وتوفي سنة ست وثمانين ومائة، وروى عنه عبد الغفار بن الزبير الموصلي، وقرأ عليه أبو الفتح عامر بن عمر أوقية، وقال أبو عمرو: لو لم يكن من أصحابي إلا العباس لكفاني؛ وناظر الكسائي في الإمالة، وولي قضاء الموصل؛ وهو بصري ضعيف بمرة، تفرد بحديث إذا كان سنة مائتين يكون كذا وكذا وقال أحمد بن حنبل: ما أنكرت عليه إلا حديثا واحدا، وما بحديثه بأس، وروى له ابن ماجه.
الأمير العباسي
العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، الأمير أبو الفضل؛ ولي إمرة الشام لأخيه المنصور، وحج بالناس مرات، وغزا الروم مرة في ستين ألفا، وكان شيخ بني العباس في عصره، وتوفي سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل سنة ست، وولد سنة إحدى وعشرين ومائة.
الشاعر الحنفي
العباس بن الأحنف الشاعر؛ كان ظريفا كيسا مجيدا حلو النادرة، وله مع الرشيد أخبار، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة على الأصح، وقيل سنة اثنتين، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي. قال بشار بن برد: ما زال غلام من بني حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها حتى قال:
أبكي الذين أذاقوني مودتـهـم حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
واستنهضوني فلما قمت منتصبا بثقل ما حملوني منهم قعـدوا
لأخرجن من الدنيا وحـبـهـم بين الجوانح لم يشعر به أحـد وقال عمر بن شبة: مات إبراهيم الموصلي النديم سنة ثمان وثمانين ومائة، ومات في ذلك اليوم الكسائي النحوي والعباس بن الأحنف وهشيمة الخمارة، فرفع ذلك إلى الرشيد، فأنمر المأمون أن يصلي عليهم، فخرج فصفوا بين يديه، فقال: من هذا الأول? فقالوا: إبراهيم الموصلي، فقال: أخروه وقدموا العباس ابن الأحنف، فقدم فصلى عليهم، فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله ابن مالك الخزاعي فقال: يا سيدي كيف آثرت العباس بن الأحنف على من حضر بالتقدمة? فأنشد:
وسعى بها ناس فقالوا إنهـا لهي التي تشقى بها وتكابد
فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم إني ليعجبني المحب الجاحد ثم قال: أتحفظها? فقلت: نعم، وأنشدته، فقال المأمون: أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقدمة? فقال: بلى والله يا سيدي. قلت: الكسائي إنما مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة على خلاف فيه، وما كان المأمون ممن يقدم العباس على مثل الإمام الكسائي، وكلن هكذا جاء. وقد روى الصولي أنه رأى العباس ابن الأحنف بعد موت هارون الرشيد في منزله بباب الشام، وهذا يدل أيضا على أن الرشيد ما أمر المأمون بالصلاة عليهم. ومن شعر العباس بن الأحنف:
يا أيها الرجل المعذب نفـسـه أقصر فإن شفاءك الإقصـار
نزف البكاء دموع عينك فاستعر عينا يعينك دمعها الـمـدرار
من ذا يعيرك عينه تبكي بـهـا أرأيت عينا للبكـاء تـعـار? ومنه:
تعب يطول مع الرجاء لذي الهوى خير له من راحة فـي الـياس
لولا محبتكم لما عـاتـبـتـكـم ولكنتم عندي كبعـض الـنـاس ومنه قوله:
وحدثتني يا سعد عنهم فزدتـنـي جنونا فزدني من حديثك يا سعـد
هواها هوى لم يعرف القلب غيره فليس له قبل وليس لـه بـعـد ومنه:
إذا أنت لم تعطفك إلا شفـاعة فلا خير في ود يكون بشافع
فأقسم ما تركي عتابك عن قلى ولكن لعلمي أنه غير نافعـي
وأني إذا ألزم الصبر طـائعـا فلا بد منه مكرها غير طائع
صفحة : 2338
وقال المدائني: كانوا يقولون العباس بن الأحنف مثل أبي العتاهية في الزهد، يكثران الحز ولا يصيبان المفصل؛ وقال غيره: كانت في العباس آلات الظرف، كان جميل المنظر نظيف الثوب فاره المركب حسن الألفاظ حسن لحديث كثير النوادر باقيا على الشراب شديد الاحتمال طويل المساعدة. قال أبو بكر الصولي: حدثت عن محمد بن زكرياء البصري قال، حدثني رجل من قريش قال: خرجت حاجا فخرجنا نصلي في بعض الطريق، فجاءنا غلام فقال: فيكم أحد من أهل البصرة? فقلنا: كلنا من أهل البصرة، قال: إن مولاي من أهلها وهو يدعوكم، فقمنا إليه فإذا هو نازل على عين ماء فقال: إني أحب أن أوصي إليكم، ثم رفع رأسه يترنم:
يا بعيد الدار عن وطنه مفردا يبكي على سكنه
كلما جد الرحـيل بـه زادت الأسقام في بدنه ثم أغمي عليه فأفاق وهو يقول:
ولقد زاد الفؤاد هوى هاتف يبكي على فننه
شفه ما شفني فبكـى كلنا يبكي على شجنه ثم مات، فقلنا للغلام: من مولاك? فقال: العباس بن الأحنف، فأصلحنا من شأنه وصلينا عليه ودفناه، رحمه الله. وطلبه يحيى بن خالد البرمكي يوما فقال: إن مارية هي الغالبة على أمير المؤمنين، وإنه جرى بينهما عتب فهي بعزة دالة المعشق تأبى أن تعتذر، وهو بعز الخلافة وشرف الملك والبيت يأبى ذلك، وقد رمت الأمر من قبلها فأعياني وهو أحرى أن تستفزه الصبابة، فقل شعرا تسهل به عليه هذه القضية، وأعطاه دواة وقرطاسا، وطلبه الرشيد فتوجه إليه، ونظم العباس بن الأحنف قوله:
العاشقان كلاهما متغضـب وكلاهما متوجد متجـنـب
صدت مغاضبة وصد مغاضبا وكلاهما مما يعالج متعـب
راجع أحبتك الذين هجرتهـم إن المتيم قلمـا يتـجـنـب
إن التجنب إن تطاول منكمـا دب السلو له فعز المطلـب ثم قال لأحد الرسل: ابلغ الوزير أني قد قلت أربعة أبيات فإن كان فيها مقنع وجهت بها، فعاد الرسول وقال: هاتها، ففي أقل منها مقنع، وفي قدر الروي، فكتب الأبيات وكتب تحتها أيضا:
لا بد للعاشق مـن وقـفة تكون بين الوصل والصرم
حتى إذا الهجر تمادى بـه راجع من يهوى على رغم فدفع الرقعة يحيى إلى الرشيد فقال: والله ما رأيت شعرا أشبه بما نحن فيه من هذا الشعر، والله لكأني قصدت به، فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين لأنت المقصود به، فقال الرشيد: يا غلام هات نعلي فإني والله أراجعها على رغم؛ فنهض وأذهله السرور أن يأمر للعباس بشيء؛ ثم إن مارية لما علمت بمجيء الرشيد إليها قامت تلقته وقالت: كيف ذلك يا أمير المؤمنين? فأعطاها الشعر وقال: هذا الذي جاء بي إليك، قالت: فمن قاله? قال: العباس بن الأحنف، قالت: فبم كوفئ? قال: ما فعلت بعد شيئا، فقالت: والله لا أجلس حتى يكافأ، فأمر له بمال كثير، وأمرت هي له بدون ذلك، وأمر له يحيى بدون ما أمرت به، وحل على برذون ثم قال له الوزير يحيى: من تمام النعمة عندك أن لا تخرج من الدار حتى نؤثل لك بهذا المال ضيعة، فاشترى له ضياعا بجملة من ذلك المال ودفع إليه بقية المال.
ومن شعره:
جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرى وفاضت له من مقلـتـي غـروب
ومـا ذاك إلا حـيث أيقـنـت أنـه يمـر بـواد أنـت مـنـه قـريب
يكون أجاجا دونكم فـإذا انـتـهـى إليكم تلقـى طـيبـكـم فـيطـيب
أيا ساكني أكنـاف دجـلة كـلـكـم إلى النفس من أجل الحبيب حبـيب وله تغزل كثير في فوز وظلوم، وخبره مع فوز مذكور في كتاب الأغاني لأبي الفرج؛ وقال أبو الفرج: حدثني أبو جعفر النخعي قال: كان العباس يهوى عنان جارية النطاف، فجاءني يوما فقال: امض بنا إلى عنان، قال: فصرنا إليها فرأيتها كالمهاجرة له، فجلسنا قليلا ثم ابتدأ العباس فقال:
قال عـبـاس وقـد أج هد من وجـد شـديد:
ليس لي صبر على الهج ر ولا لذع الـصـدود
لا ولا يصبر لـلـهـج ر فـؤاد مـن حـديد فقالت عنان:
من تراه كان أغنـى منك عن هذا الصدود
صفحة : 2339
بعد وصل لك مني فيه إرغام الحسود
فاتخذ للهجر إن شئ ت فؤادا من حديد
ما رأيناك على مـا كنت تجني بجلـيد فقال عباس:
لو تـجـــودين لـــصـــب راح ذا وجـــد شــــــديد
وأخـي جـهـل بـمــا قـــد كان يجـنـي بـالــصـــدود
ليس مـن أحـدث هـــجـــرا لصـــديق بـــســـــديد
ليس منه الموت إن لمتصليه ببعيد قال، فقلت للعباس: ويحك ما هذا الأمر? قال: أنا جنيت على نفسي بتتايهي عليها؛ فلم أبرح حتى ترضيتها له.
الأندلسي
عباس بن ناصح، أبو العلاء الجزيري الثقفي الأندلسي؛ كان من أهل العلم باللغة العربية من الشعراء المجودين، وكان منجب الولادة، ولي قضاء بلد الجزيرة مع شذونة، ووليه بعده ابنه عبد الوهاب بن عباس ثم ابنه محمد بن عبد الوهاب، وكلهم شعراء علماء أدباء ذوو شرف، ومنهم عباس بن عبد الرحمن ابن عباس بن ناصح، كان فقيها عالما لغويا حافظا أدرك جده وأخذ عنه. وتوفي أبو العلاء عباس بن ناصح في أواخر أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم بعد الثلاثين والمائتين؛ قرئ عليه يوما قصيدته التي أولها:
لعمرك ما البلوى بعار ولا العدم إذا المرء لم يعدم تقى الله والكرم حتى انتهى القارئ فيها إلى قوله:
تجاف عن الدنيا فما لمعجـز ولا حازم إلا الذي خط بالقلم فقال له يحيى بن حكم الغزال، وكان في أصحابه، وهو إذ ذاك حدث نظار متأدب ذكي القريحة - وسيأتي ذكره في حرف الياء في مكانه -: أيها الشيخ، وما الذي يصنع مفعل مع فاعل? فقال له: وكيف تقول أنت يا بني? قال: كنت أقول:
تجاف عن الدنيا فليس لعاجز ولا حازم إلا الذي خط بالقلم وأستريح، فقال عباس: والله يا بني لقد طلبها عمك ليالي فما وجدها. وقال عثمان بن سعيد: لما أنشد عباس بن ناصح أصحابه الآخذين عنه بقرطبة قصيدته التي منها هذا البيت:
بقرت بطون العلم فاستفرغ الحشا بكفي حتى عاد خاويه ذا بـقـر قال بكر بن عيسى الكتامي الأديب، وكان فيهم: أما والله يا أبا العلاء لئن كنت بقرت الحشا لقد وسخت يدك بفرثه، وملأتها من دمه، وخبثت نفسك من نتنه، وخممت أنفك بعرفه، فاستحيا عباس منه ولم يحر جوابا.
ومن شعر عباس:
ما خير مدة عيش المرء لو جعـلـت كمدة الـدهـر والأيام تـفـنـيهـا
فارغب بنفسك أن ترضى بغير رضى وابتع نجاتك بالـدنـيا ومـا فـيهـا قاتل الظافر والفائز قبله
العباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المع بن باديس، أبو الفضل، وزير الفائز عيسى العبيدي؛ كان وصل إلى القاهرة وهو مع أمه بلارة، فتزوجها العادل علي بن السلار وزير الظافر العبيدي، فأقامت عنده زمانا، ورزق عباس هذا ولدا اسمه نصر فكان عند جدته في دار العادل، وكان العادل يحنو عليه ويعزه؛ ثم إن عباسا دس ولده نصرا على أن قتل العادل - على ما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة العادل - ثم إن عباسا دس ولده نصرا على الظافر أيضا فقتله - على ما هو مذكور في ترجمة الظافر إسماعيل بن عبد المجيد - ثم إن أخت الظافر استدعت الصالح بن رزيك من منية بني خصيب، فحضر إلى القاهرة وهرب عباس هذا وولده نصر وأسامة بن منقذ إلى الشام، فخرج الفرنج عليهم وقتلوا عباسا وجهزوا نصرا إلى مصر في قفص حديد - على ما هو مذكور في ترجمة الظافر إسماعيل وولده الفائز عيسى، فليكشف من ترجمة المذكورين - وكانت قتلة عباس المذكور في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة؛ ووصل إلى دمشق جماعة من أصحابه هاربين على اقبح الصور من العري والعدم.
وقال عمارة اليمني من أبيات:
لكم يا بني رزيك لا زال ظلـكـم مواطن سحب الموت فيها مواطر
سللتم على العباس بيض صـوارم قهرتم به سلطانه وهو قـاهـر
صفحة : 2340
قال أسامة بن منقذ: كان لعباس أربعمائة جمل تحمل أثقاله ومائتا بغل رحل ومائتا جنيب؛ فلما أراد الخروج من مصر يوم الجمعة رابع ربيع الأول سنة تسع وأربعين وخمسمائة تقدم بشد خيله وجماله، فلما صار الجميع على باب داره وقد ملأت الفضاء إلى القصر خرج غلام له يقال له عنبر كان على أشغاله، وغلمانه كلهم تحت يده، فقال للجمالين والحزبندية والركابية: روحوا إلى بيوتكم وسيبوا الدواب، ففعلوا ذلك، وانحاز هو إلى المصريين بقاتل عباسا معهم؛ وكان عباس ومماليكه في ألف رجل، فنهب المصريون الخيل والجمال والدواب، ولما فتحوا بذلك الطريق خرج عباس من باب النصر، فجاؤوا في إثره وأغلقوا الباب، وعادوا إلى دور عباس فنهبوها؛ وكان عباس قد أحضر من العرب ثلاثة آلاف فارس يتقوى بهم على المصريين، ووهبهم أشياء كثيرة وحلفهم له، فلما خرج من باب النصر غدروا به وقاتلوه أشد قتال ستة أيام، يقاتلهم من الفجر إلى الليل فإذا نزل أمهلوه إلى نصف الليل ثم يركبون ويهدون خيلهم على جانب الناس ويصيحون صيحة واحدة فتجفل الخيل وتقطع لجمها؛ فلما كان بعد ستة أيام وقد ضعف، صبحه الإفرنج فقتلوا عباسا وابنه الأوسط واسروا ابنه الأكبر، وأخذوا نساء عباس وخزائنه، واسروا أولادا له صغارا، وقال في قتل الظافر بعض الشعراء، وهو ابن أسعد، يعني عباسا:
وأنفق من أموالهم في هلاكهـم وأظهر ما قد كان عنه ينـافـق
ومد يدا هم طولـوهـا إلـيهـم وحلت بأهل القصر منه البوائق
سقى ربه كأس المنايا وما انقضى له الشهر إلا وهو للكـأس ذائق أبو الفضل العلوي
العباس بن الحسن بن عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أبو الفضل العلوي؛ قدم بغداد في ودولة الرشيد ثم صحب المأمون، وكان شاعرا بليغا مفوها حتى قيل إنه أشعر آل أبي طالب، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وزير المكتفي والمقتدر
العباس بن الحسن، وزير المكتفي والمقتدر؛ وثب عله ابن حمدان فضرب عنقه في نوبة ابن المعتز، وذلك في حدود الثلاثمائة؛ ولم تزل تتقلب به الأيام من المباشرات إلى أن وزر للمكتفي وأقطعه غلة خمسين ألف دينار وأجرى له في كل شهر خمسة آلاف دينار؛ قال الصولي: ولد العباس في الليلة التي قتل فيها المتوكل، فقال أبو معشر: ما أعجب أمر هذا المولود، لو كان هاشميا لحكمت له بالخلافة، وسيكون أمره كأمره في سائر أحواله، غلا أنه وزير، وكان الأمر فيه كما حكم. وأوصى إليه المكتفي في ماله وولده وعياله. وقال القاسم بن عبيد الله: إني لأعنت العباس في سرعة الإملاء، فتسبق يده لفظي ويقطع الكتاب مع آخر كلامي. وقال الصولي: ما رأيت أنا يدا أسرع بالخط من العباس ولا أقل سقطا، مع إقامة حروفه واستواء سطوره وملاحة خطه، وكان له حظ وافر من البلاغة من غير تلبث ولا تمكث. وقال الزجاج النحوي: دخلت على العباس وهو يكتب رقعة وقد التطخت إصبعه الوسطى بالمداد، فلما فرغ من كتبها بل إصبعه بريقه ومسحها في منديل على حجره ثم قال:
إنما الزعفران عطر العذارى ومداد الدوي عطر الرجـال فقلت: نعم، أنشدني أحمد بن يحيى قال، أنشدني ابن الأعرابي:
من كان يعجبه إن مس عارضه مسك يطيب منه الريح والنسما
فإن مسكي مداد فوق أنملتـي إذا الأنامل مني مست القلمـا
صفحة : 2341
ولما توفي المكتفي أحكم البيعة العباس بن الحسن للمقتدر فتمت، فألحق الناس به كل لوم في كل شيء يمنع، فأشار عليه أولا بعض الكتاب والحسين ابن حمدان أن يختار للخلافة رجلا يشتد خوفه منه إذا دخل إليه، وقال له: تقيم من تخافه ويخافك الناس من أجله، وإلا طلب الناس منك زيادات الإقطاعات ومن منعته عاداك؛ فكان الأمر كذلك، وفسد الناس عليه وحسدوه، وصار يمنع والدة المقتدر من التوسع في النفقات، فثقل على قلب المقتدر ووالدته وحاشيتهما، فسعوا في إزالة أمره، إلى أن تم القضاء عليه بقتله، فرموه بأنه يريد البيعة لعبد الله بن المعتز؛ فلما كان في يوم السبت إحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ست وتسعين ومائتين، فنزل في موكبه وضربه الحسين بن حمدان فقتله، وقتل معه جماعة منهم فاتك المعتضدي وغيره، وقيل إن الحسين لما ضربه طار قحف رأسه، ثم ثناه فسقط على وجهه، ثم اعتوره الأعراب فقطع قطعا. وقال الصولي: حدثني أحمد بن العباس قال: كان لأبي شعر وكان يكتمه ولا يظهره، فوجدت بعد وفاته رقعة بخط يده فيها:
يا شادنا في فؤاد عـاشـقـه من حبه لوعة تـقـرحـه
لي خبر بعدمـا نـأيت ولـو أمنت رسلي ما كنت أشرحه
صنت الهوى طاقتي فأظهره دمع ينادي به ويوضـحـه
وكل صب يصون دمعـتـه فهي غداة الفراق تفضحـه وقال في الرقعة أيضا:
يا قاتلي بالصدود منه ولـو يشاء بالوصل كان يحيينـي
ومن يرى مهجتي تسيل على تقبيل فـيه ولا يواتـينـي
واحربي للخلاف منك ومن خلائق فيك ذات تـلـوين
طيفك في هجعتي يصالحني وأنت مستيقظا تعـادينـي قلت: شعر متوسط، والمعنى مأخوذ من قول أبي نواس:
يا ناعم البال فما بـالـنـا نشقى ويلـتـذ خـيالانـا
لو شئت إذ أحسنت لي نائما تممت إحسانك يقظـانـا حاجب الأمين
العباس بن الفضل بن الربيع بن يونس، مولى المنصور؛ كان من كبار الأمراء، ولي حجبة الأمين، وكان شاعرا فصيحا، توفي في حياة أبيه سنة ثلاث وتسعين ومائة. ومن شعره. . .
الأحمدي الأديب
العباس بن أحمد بن مطروح بن سراج بن محمد الأزدي، أبو عيسى الأحمدي الأديب؛ من أهل مصر، توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.
أبو الفضل النحوي
العباس بن أحمد بن موسى بن أبي موسى، أبو الفضل النحوي اللغوي؛ من أصحاب أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي، في طبقة أبي الفتح ابن جني، توفي سنة إحدى وأربعمائة.
اليزيدي
العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي، تقدم ذكر جماعة من أهل بيته، وهم أهل أدب وفضل، مات العباس هذا سنة إحدى وأربعين ومائتين.
عرام
العباس بن محمد، أبو الفضل، يعرف بعرام؛ له رسيلات تجري مجرى اللهو والطنز واللعب.
النرسي البصري
العباس بن الوليد، أبو الفضل الباهلي النرسي البصري؛ روى عنه البخاري ومسلم وروى النسائي عن رجل عنه؛ وثقه ابن معين ورجحوه على ابن عمه، وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.
الرياشي اللغوي
صفحة : 2342
العباس بن الفرج الرياشي مولاهم، ورياش مولى عباسة زوجة محمد بن سليمان الهاشمي؛ قرأ الرياشي على المازني وأخذ المازني عنه اللغة؛ حدث المبرد قال: سمعت المازني يقول: قرأ الرياشي علي كتاب سيبويه فاستفدت منه أكثر مما استفاد مني، يعني أنه أفادني لغته وشعره وأفاده هو النحو؛ وقتل الرياشي بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين، قتلته الزنج في نوبة العلوية أيام المعتمد على الله، وكان قائما يصلي الضحى في مسجده، ولم يدفن إلا بعد موته بزمان؛ قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: ذكر شيخنا ابن الأثير قفي تاريخه أنه قتل بالبصرة وهو غلط، إذ لا خلاف بين أهل العلم بالتاريخ أن الزنج دخلوا البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة سبع وخمسين، فأقاموا على القتل والإحراق ليلة السبت ويوم السبت، ثم عادوا غليها يوم الاثنين، فدخلوها وقد تفرق الجند وهربوا، فنادوا بالأمان، فلما ظهر الناس قتلوهم فلم يسلم منهم إلا النادر، واحترق الجامع ومن فيه، وقتل العباس المذكور في هذه الأيام وكان في الجامع لما قتل. قلت: كذا قال ابن خلكان، وما علمت مكان الغلط في قول ابن الأثير. وأخذ الرياشي عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي داود الطيالسي وعبد الله بن بكر السهمي وأبي عاصم النبيل وطائفة، وروى عنه أبو داود تفسير لغة والمبرد وابن دريد وغيرهم، وكان من اللغة والأدب بمحل كبير، وحفظ كتب أبي زيد الأنصاري وكتب الأصمعي، ووثقه الخطيب؛ وقال المبرد: كان الرياشي والله أحمق، ومن حمقه أنه إذا كان صائما لا يبلع ريقه. ومن تصانيفه: كتاب الخيل. كتاب الإبل. كتاب ما اختلف أسماؤه من كلام العرب.
ومن شعره:
أنكرت من بصري ما كنت أعرفه واسترجع الدهر ما قد كان يعطينا
أبعد سبعين قد ولـت وسـابـعة أبغي الذي كنت أبغيه ابن عشرينا ابن شاذان المقرئ
العباس بن الفضل بن شاذان الرازي المقرئ المفسر؛ توفي في حدود العشر وثلاثمائة.
الشكلي
العباس بن يوسف الشكلي، أبو الفضل البغدادي الصوفي؛ سمع سريا السقطي، وهو مقبول الرواية؛ توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة.
المزني الشافعي
العباس بن عبد الله بن أحمد بن عصام المزني البغدادي، الفقيه الشافعي؛ توفي في حدود الثلاثين وثلاثمائة.
ابن المأمون
العباس بن عبد الله، هو أبو الفضل ابن المأمون ابن هارون الرشيد بالله؛ توفي سنة أربع وعشرين ومائتين، توفي بمنبج لأن أباه ولاه الجزيرة والثغور والعواصم سنة ثلاث عشرة ومائتين، فلما توفي أبوه المأمون بايع عمه المعتصم واستقام له الأمر، فلما كان في سنة ثلاث وعشرين ومائتين توجه المعتصم إلى بلاد الروم غازيا ومعه العباس، وكان عجيف بن عنبسة القائد معهم، فوبخ العباس على مبايعته المعتصم، وشجعه على أن يتلافى أمره، وراسل له القواد بالطاعة، فأجابه جماعة منهم وبايعوه على أن يفتكوا بالمعتصم وبأكابر القواد ويخلص الأمر للعباس، فظاهر عليهم، فقبض عليهم وعلى العباس بعد عود المعتصم من عمورية؛ ولم يزل العباس ومن بايعه في الاعتقال إلى أن بلغ المعتصم إلى منبج فنزل بها؛ وقد كان العباس جائعا، سأل الطعام فقدم إليه طعام كثير فأكل، فلما طلب الماء منع منه، وأدرج في مسح، فمات بمنبج، وصلى عليه بعض إخوته ومن كان معه من القواد. والعباس هذا هو الذي رأى في يد إبراهيم بن المهدي بين يدي المعتصم خاتما استحسن فصه، فقال: ما رأيت مثله، فقال: هذا رهنته أيام أبيك وافتككته في أيام أمير المؤمنين، فقال: لئن لم تشكر لأبي حقن دمك لم تشكر لأمير المؤمنين افتكاك خاتمك، والله أعلم. وقيل إنه لما مات العباس جزع عليه المعتصم جزعا شديدا، وأمر أن لا يحجب عنه الناس للتعزية، فدخل فيمن دخل أعرابي، فلما بصر به قال:
اصبر نكن لك تابعين فـإنـمـا صبر الجميع بحسن صبر الراس
خير من العباس أجـرك بـعـده والله خير منـك لـلـعـبـاس ابن المستظهر
صفحة : 2343
العباس بن أحمد المستظهر بالله ابن المقتدي ابن محمد ابن القائم ابن القادر ابن المقتدر ابن المعتضد ابن الموفق ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، هو أبو طالب؛ سمع الحديث من مؤدبه أحمد بن عبد الوهاب بن السيبي مع أخويه المسترشد والمقتفي، وروى يسيرا، وتوفي سنة أربع وستين وخمسمائة.
الحافظ العنبري
العباس بن عبد العظيم الحافظ العنبري البصري؛ روى عنه الجماعة إلا البخاري، فإنه روى عنه تعليقا، توفي في حدود الخمسين ومائتين، وقيل سنة ست وأربعين، وروى عن يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن هشام وعبد الرزاق وعمر بن يونس اليمامي والنضر بن محمد ويزيد بن هارون وأبي عاصم وخلق، وعنه الجماعة وبقي بن مخلد وعبدان الأهوازي وابن خزيمة وعمر بن بجير وزكرياء الساجي وطائفة. وقال النسائي: ثقة مأمون، وكان من عقلاء أهل زمانه.
عباسويه
العباس بن يزيد البحراني الملقب عباسويه البصري؛ كان حافظا ثقة، ولي قضاء همذان مدة، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين، وروى عنه ابن ماجه.
الترقفي
العباس بن عبد الله بن أبي عيسى، أبو محمد الترقفي - بفتح التاء وبعد الراء قاف مضمومة وبعدها فاء - الباكسائي؛ قال الخطيب: كان ثقة صالحا عابدا، روى عنه ابن ماجه، وتوفي سنة سبع وستين ومائتين.
البيروتي
عباس بن الوليد البيروتي - بالتاء ثالثة الحروف - العذري؛ توفي سنة سبعين ومائتين، وروى عنه أبو داود والنسائي.
الدوري
عباس بن محمد بن حاتم الدوري، مولى بني هاشم، محدث بغداد في وقته؛ ولد سنة خمس وثمانين ومائة، وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائتين؛ روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ولزم يحيى بن معين دهرا، وقال النسائي: ثقه.
الأسفاطي البصري
العباس بن الفضل الأسفاطي البصري؛ روى عنه دعلج وفاروق الخطابي وسليمان الطبراني، وكان صدوقا حسن الحديث، جاور بمكة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
الواعظ الزاهد
العباس بن حمزة النيسابوري الواعظ؛ أحد العلماء والزهاد في وقته، مجاب الدعوة، توفي في حدود التسعين ومائتين.
وزير عز الدولة
العباس بن الحسين بن الفضل الشيرازي؛ وزر لعز الدولة بختيار بن بويه، وكان ظالما جبارا، فقبض عليه عز الدولة ثم قتله في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.
الأمير أخو المستنصر
العباس الأمير عبد الله، أخو المستنصر؛ توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وغسله عبد العزيز بن دلف، وعملت فيه المراثي.
شحنة الري
عباس، شحنة الري؛ دخل في الطاعة، وسلم الري إلى السلطان مسعود، ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعاه السلطان إلى دار المملكة في رابع ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتله والقي على باب الدار، فبكى الناس عليه لأنه كان يفعل الجميل وكانت له صدقات، وقيل إنه ما شرب الخمر قط ولا زنى، وإنه قتل من الباطنية ألوفا وبنى من رؤوسهم منارة، ثم إنه حمل ودفن في المشهد الذي يقابل دار السلطان.
الملك الأمجد ابن العادل
عباس بن محمد بن أيوب، هو الملك الأمجد تقي الدين ابن الملك العادل؛ كان آخر إخوته وفاة، وكان محترما عند الملوك ولا سيما عند الظاهر، لا يترفع أحد عليه في مجلس ولا في موكب؛ وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجلسة رئيسا سريا؛ توفي سنة تسع وستين وستمائة، ودفن بقاسيون بالتربة التي له، وحدث عن الكندي والبكري، وروى عنه الدمياطي وابن الخباز وجماعة.
الجريري
عباس بن جرير بن عبد الله بن محمد بن خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد ابن كرز القسري، أبو الوليد البجلي، يعرف بالجريري؛ كان كاتبا شاعرا ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الرقة في أخبار الشعراء. ومن شعره:
ظلت الأحزان تكحلـنـي مضضا طالت له سنتـي
من هوى ظبي كـأن لـه أربا في الصد في ترتـي
قد حمى عيني محاسـنـه وحمى تقبيله شـفـتـي
شركت عينـاه ظـالـمة في دمي يا عظم ما جنت. قلت: شعر متوسط.
ابن المعتضد
صفحة : 2344
العباس بن أحمد المعتضد ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب؛ توفي سنة سبع وثمانين ومائتين، ودفن بالرصافة.
ابن المستعين
العباس بن أحمد المستعين ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، أبو الفضل؛ ولاه أبوه الحرمين وهو صغير، وعقد له على الكوفة والبصرة سنة تسع وأربعين ومائتين، فقال البحتري في ذلك:
بقيت مسلما للمسلـمـينـا وعشت خليفة الرحمن فينا
أراد الله أن تبقى معـانـا فقدر أن تسمى المستعينـا
أرى البلد الأمين ازداد حسنا إذ استكفيته العف الأمينـا
ندبت له ابنك العباس لمـا رضيت بهديه خلقا ودينـا وتوفي العباس سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
ابن المقتدر
العباس بن جعفر المقتدر ابن المعتضد ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، أبو أحمد؛ ذكر أنه أزمع على نكث بيعة أخيه الراضي ابن جعفر المقتدر، فقبض عليه ليلة النصف من شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وأحضر القاضي وسائر الشهود فقال: إني آثرت الدين والمروءة على ما تقتضيه السياسة في حق أخي، فخذوا عليه البيعة وافرجوا عنه وعمن بايعه وأعطوه ما يحتاج إليه؛ وتوفي العباس سنة ثلاثين وثلاثمائة.
كاتب معز الدولة
العباس بن الحسين بن عبد الله، أبو الفضل؛ من أهل شيراز، كان كاتب معز الدولة أبي الحسن أحمد بن بويه وورد معه إلى بغداد، وناب عن المهلبي في الوزارة أيام غيبته عن الحضرة، وصاهره المهلبي على ابنته، ثم بعد موت معز الدولة كتب لابنه عز الدولة بختيار، ثم استوزره سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، ودبر أمر الوزارة للمطيع، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل يوم الثلاثاء لثلاث خلون من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان وليها مستهل ربيع الآخر من السنة المذكورة، وقبض عليه، ثم أعيد إلى الوزارة في شهر رجب سنة ستين وثلاثمائة، وقبض عليه في ذي الحجة سنة اثنتين وستين، وحمل إلى الكوفة، فمات بعد مديدة؛ وماتت زوجته ابنة المهلبي في الاعتقال ببغداد. وكان ظالما سيئ السيرة مجاهرا بالقبائح والجور والعسف، لكن كان واسع الصدر كثير العطاء ظاهر المروءة.
أبو الينبغي
العباس بن طرخان، أبو الينبغي؛ كانت له أخبار مع الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم، ومدحهم ومدح الوزراء والأكابر، وهجاهم على سبيل اللعب والتطايب، وأكثر أشعاره غير موزونة، جمع له أبو عبيد الله المرزباني أخبارا مفردة في مجلدة. قيل له: لم اكتنيت بأبي الينبغي? قال: لأني أقول ما لا ينبغي؛ وكان قد عمر، وتوفي في حبس المعتصم لأنه هجاه.
ومن شعره:
لزمت دهلـيزكـم جـمـعة ولم أكن آوي الـدهـالـيزا
خبزي من السوق ومدحي لكم تلك لعمري قسمة ضـيزى ومنه:
كم من حمار على جواد ومن جواد على حمار ومنه:
بلوت هذا الناس ما فيهم من واحد لأحد حامـد
حتى كأن قد أفرغـوا كلهم في قالب واحـد قال القاسم بن المعتمر الزهري: كنت أسير مع يحيى بن خالد وهو بين ابنيه الفضل وجعفر، فإذا أبو الينبغي واقف على الطريق، فنادى: يا زهري يا زهري، قال: فاستشرفت إليه فقال:
صحبت البرامك عشرا ولاء وبيتي كراء وخبزي شراء فسمعه يحيى، فالتفت إلى الفضل وجعفر، فقال: أف لهذا الفعل، أبو الينبغي يحاسب? فلما كان من الغد جاءني أبو الينبغي فقلت: ويحك ما هذا الذي عرضت له نفسك بالأمس? فقال: اسكت، ما هو والله إلا أن صرت إلى البيت حتى جاءني من الفضل بدرة ومن جعفر بدرة، ووهبني كل واحد منهما دارا، وأجرى إلي من مطبخه ما يكفيني.
أبو الفضل ابن حمدون
العباس بن أبي العبيس بن حمدون، أبو الفضل النديم، من أهل سر من رأى؛ أديب شاعر ظريف، كتب إليه محمد بن مزيد الأزهري وقد دخل إلى سر من رأى أبياتا، منها قوله:
أبا الفضل يا من ليس تحصى فضائله ومن ما له في الخلق خلق يعادلـه
أتـقـبـل خـلا جـاء يتـبـع وده إليك على علـم بـأنـك قـابـلـه
صفحة : 2345
يرحل عنك الهم عند حلوله ويلهيك بالآداب حين تساجله فكتب الجواب إليه، ومنه:
أتانا مقال أوجب الشكر حاملـه ودل على فضل الذي هو قائله
ومكن ودا قبل تمـكـين رؤية ومن قبل ما لاحت بذاك مخايله
سنقبل ما أهداه من صفو بـره ونبذل منه فوق ما هو باذلـه أبو محمد الكاتب
العباس بن الفضل، أبو محمد الكاتب، من أهل المدائن، ويقال اسمه عبسي بالباء الموحدة؛ كان شاعرا كثير العبث بالرؤساء والقول فيهم، قال في الحسن بن مخلد لما صرف صاعدا عن كتبة بغا ونقلها بعد في أبي الصقر:
أقيك بنفسي سوء عـاقـبة الـدهـر ألست ترى صرف الزمان بما يجري
يصاب الفتى في اليوم يأمن نحـسـه وتسعده الأيام مـن حـيث لا يدري
وقد كنت أبكي من تحامل صـاعـد وأشكو أمورا كان ضاق بها صدري
فلما انقـضـت أيامـه وتـبـدلـت بأيام ميمون الـنـقـيبة والـذكـر
سرت أسهم منه إلـي أمـنـتـهـا ولو خفتها داويتها قبل أن تـسـري
وذكرني بيتا من الـشـعـر سـائرا وقد تضرب الأمثال في سائر الشعر
عتبت على عمرو فلمـا فـقـدتـه وجربت أقواما بكيت على عـمـرو وقال في البحتري:
ليس في البحتري يا قوم غيبه بيته معدن لكـل مـريبـه
بيته معدن الزنـاء ولـكـن ليس يزني في بيته بغريبـه قلت: شعر جيد.
ابن الرحا الشافعي
العباس بن محمد بن علي بن أبي طاهر، أبو محمد العباسي، يعرف بابن الرحا البغدادي؛ كان فقيها على مذهب الشافعي، وروى عنه أبو نصر ابن المجلي في مصنفاته، وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
أبو القاسم المقرئ
العباس بن محمد بن محمد، أبو القاسم المقرئ البغدادي؛ كان أحد الأئمة في علم القراءات، وقيل إنه فسطاطي الأصل، روى عن أبي بكر ابن مجاهد المقرئ وعبد الله بن أحمد المعروف بمخشة.
ابن فسانجس
العباس بن موسى بن فسانجس، أبو الفضل الفارسي؛ كان من وجوهها، وله الضياع الكثيرة والنعمة الوافرة. قدم بغداد وولي ديوان السواد، ومات بالبصرة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة.
أبو القاسم المغربي
العباس بن فرناس المغربي؛ قال حرقوص: كان شاعرا مفلقا وفحلا مجودا مطبوعا مقتدرا كثير الإبداع حسن التوليد مليح المعاني بعيد الغور رقيق الذهن. له شخص إنسي وفطنة جني. وكان متفلسفا في غير ما جنس من الصناعات. ويقال إنه أول من فك في بلادنا العروض وفتح مقفله وأوضح للناس ملتبسه، وكان أبصر الناس بالنجوم وأعلمهم بدقائقها وأعرفهم بالفلك ومجاريه، وكان أقل الناس سرقة من شعر غيره. دس عليه مؤمن حدثا كان يصحبه يقال له طلحة، فأتاه فقال له: يا أبا القاسم إنك جنيت علي جناية، فقال: وما هي? فقال: إني جنبت بك الليلة فأعطني سطلا ومنديلا أدخل بهما الحمام، فقال: لا جزى الله خيرا مؤمنا فهو الذي عودك إتيان المشايخ في اليقظة حتى صرت تجنب عليم في النوم. قال: وبصر بمؤمن يوما وقد ألقى على رأسه رداء فعرفه وناداه: أبا مروان، أبا مروان، من خلفه، فاستجاب له ثم قال له: يا أبا القاسم من أين عرفتني ولم تر وجهي وإنما رأيت قفاي? فقال: أنا أعرف بك من ورائك. وفيه يقول مؤمن:
قعدت تحت سماء لابن فـرنـاس فخلت أن رحى دارت على رأسي فلما بلغ ابن فرناس ذلك قال: ليس كما قال ابن الزانية، كان ينبغي أن يقول:
قعدت من فوق عرد لابن فرناس فخلته ناتئا شبرا علـى رأسـي وأورد له حرقوص قصائد مطولة ومقطعات، فمما له من المقاطيع قوله:
يا من لعين خلت من الغمض ومهجة أشرفت على القبض
كل هوى لا يميت صاحـبـه فأصل ذاك الهوى من البغض ومن ذلك:
إن تلك التي أحـن إلـيهـا وعذابي وراحتي في يديها
نظر الناس في الهلال لفطر فتبدت فأفطروا إذ رأوهـا
ذاك في سبعة وعشرين يوما فذنوب العباد طرا عليهـا
ولحيني بانت ولم تشف قلبـا مستهاما يطير شوقا إليهـا ومن ذلك:
صفحة : 2346
بدل لنفسك روحـا لعل أن تستريحـا
مازال قلبك يهـوى من لا يزال شحيحا الأصولي بن البقال
أبو العباس ابن البقال؛ أحد المتكلمين الكبار العالمين بالأصول في بلاد العرب، أخذ عنه أبو الحسن البصري، وتوفي سنة أربع وعشرين وستمائة.
الألقاب
الشيخ أبو العباس المرسي: اسمه أحمد بن عمر.
أبو العباس الشاعر الأعمى: اسمه السائب.
العباسة
بنت المهدي
العباسة بنت أمير المؤمنين المهدي أخت هارون الرشيد؛ أمها أم ولد اسمها رخيم - وقد تقدم ذكرها في حرف الراء - تزوجها محمد بن سليمان بن علي ثم إبراهيم بن صالح بن علي وماتا عنها، فخطبها عيسى بن جعفر فقال الشاعر:
أعباس أنت الذعاف الـذي تضل لديه رقى النافـث
قتلت عظيمين من هاشـم وأصبحت في طلب الثالث
فمن ذا الذي غمه عمـره يعجل بالمال لـلـوارث فلم يتزوجها عيسى بن جعفر. ثم إن الرشيد زوجها جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، وكانت واقعة البرامكة بسببها على ما تقدم في ترجمة جعفر، فقال أبو نواس:
ألا قل لأمـين الـل ه وابن القادة الساسة
إذا ما ناكـث سـر ك أن تثكله رأسـه
فلا تقتله بالـسـيف وزوجه بعبـاسـه وقال الجاحظ: إن العباسة كتبت إلى وكيل لها يقال له سباع، وقد بلغها أنه يجتاح مالها ويبني به المساجد والحياض، فكتبت إليه:
ألا أيهذا المعمل العيس بلـغـن سباعا وقل إن ضم إياكما السفر
أتظلمني مالي وإن جاء سـائل رققت له أن حطه نحوك الفقر
كشافية المرضى بفائدة الـزنـا مؤملة أجرا ومالـهـا أجـر وكانت العباسة رائعة الجمال. وكان الرشيد يحبها ولا يكاد يفارقها. وتوفيت سنة اثنتين وثمانين ومائة.
زوج الرشيد
العباسة بنت سليمان بن أبي جعفر عبد الله المنصور زوج هارون الرشيد؛ ذكرها أبو هاشم الخزاعي.
زوج الأمين
العباسة بنت عيسى بن جعفر بن عبد الله المنصور؛ تزوجها الأمين وقتل عنها؛ ذكرها الخزاعي أيضا.
الألقاب
ابن أبي عباية الهيتي: اسمه محمد بن عبد الله
عبثر
الكوفي الزبيدي
عبثر ابن القاسم الكوفي الزبيدي؛ قال أبو داود: ثقة ثقة، وتوفي سنة ثمان وسبعين مائة، وروى له الجماعة، وروى عن حصين بن عبد الرحمن وأشعث بن سوار والعلاء بن المسيب والأعمش، وروى عنه أحمد بن إبراهيم الموصلي وخلف بن هشام وقتيبة وهناد بن السري وأبو حصين عبد الله بن أحمد ابن عبد الله بن يونس، وهو آخر من روى عنه.
الجزء السابع عشر
عبد الله
عبد الله بن إبراهيم
أبو حكيم الخبري الفرائضي عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حكيم الخبري. من ساكني درب الشاكرية. تفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وقرأ الفرائض والحساب حتى برع فيهما، وكان متمكنا في علم العربية، ويكتب خطا مليحا، ويضبط ضبطا صحيحا. وله مصنفات في الفرائض والحساب، وشرح الحماسة، وجمع عدة دواوين وشرحها كديوان الرضي والمتنبي والبحتري، وسمع الكثير من الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب الفارسي، وأبي محمد الحسن بن علي الجوهري وجماعة. وكتب بخطه كثيرا، وحدث اليسير، وكان مرضي الطريقة، متدينا، صدوقا. وتوفي سنة ست وسبعين وأربعمائة. وكان جد أبي الفضل ابن ناصر لأمه.
أبو محمد الشافعي عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي بكر الخطيب، أبو محمد الفقيه الشافعي. من أهل همذان. كان أبوه يتولى الخطابة ببعض نواحي همذان، وقدم بغداد وهو شاب، وأقام بها وقرأ الفقه على أبي طالب ابن الكرخي وأبي وأبي الخير القزويني حتى برع في الخلاف والمذهب وولى الإعادة بالنظامية. وكان حافظا للمذهب، شديد الفتاوى، غفيفا، نزها، ورعا، متقشفا. قال محب الدين ابن النجار: كتبت عنه وكان صدوقا. وتوفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة.
الحافظ الآبندوني
صفحة : 2347
عبد الله بن إبراهيم بن يوسف، أبو القاسم الجرجاني الآبندوني، الحافظ، وآبندون من قرى جرجان، رفيق ابن عدي في الرحلة. سكن بغداد وحدث. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا له تصانيف. توفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة.
الأصيلي المالكي عبد الله بن إبراهيم بن محمد، الفقيه أبو محمد الأصيلي، أصله من كورة شذونة، ورحل به والده إلى أصيلا من بلاد العدوة، فنشأ بها وطلب العلم، وتفقه بقرطبة. قال القاضي عياض: كان من حفاظ مذهب مالك ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله وكان يرد القول في إتيان النساء في أدبارهن كراهية دون التحريم على أن الآثار في ذلك شديدة. وكان ينكر الغلو في ذكر ولايات الأولياء، ويثبت منها ما صح، ودعاء الصالحين. ولي قضاء سرقسطة. وتوفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.
الأغلبي عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب التميمي الأمير. ولي إمرة القيروان بعد والده سنة ست وتسعين، وأنشأ عدة حصون وبنى القصر الأبيض بمدينة العباسية التي بناها أبوه. وبنى جامعا عظيما بالعباسية، طوله مائتا ذراع في مثلها، وعمل سقفه بالآنك، وزخرفه. وتوفي سنة إحدى ومائتين. وتولى بعده أخوه زيادة الله.
الأغلبي عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الأغلب التميمي، أمير المغرب وابن أمرائها. قتلته بتونس ثلاثة من غلمانه الصقالبة على فراشه وأتوا برأسه ابنه زيادة الله وأخرجوه من الحبس فصلب الثلاثة وهو الذي كان واطأهم. وكانت قتلته في حدود التسعين ومائتين.
ابن المؤدب عبد الله بن إبراهيم بن مثنى الطوسي، المعروف بابن المؤدب. أصله من المهدية. وكان شاعرا مذكورا، مشهورا، متصرفا، قليل الشعر، مفرطا في حب الغلمان، مجاهرا بذلك، بعيد الغور ذا حيلة وكيد، مغرى بالسياحة، وطلب الكيمياء والأحجار، محروما مقترا عليه متلافا إذا أفاد. خرج مرة يريد صقلية فأسره الروم في البحر، وأقام مدة إلى أن هادن ثقة الدولة ملك الروم، وبعث إليه بالأسرى، وكان ابن المؤدب فيهم، فمدح ثقة الدولة بقصيدة ورجا صلته فلم يصله بما أرضاه، فتكلم فيه فطلب طلبا شديدا فاختفى، وطالت المدة فخرج وهو سكران في بعض الليالي يشتري نقلا، فما شعر إلا وقد قيد، وحمل إلى بين يدي ثقة الدولة، فقال له: ما الذي بلغني? فقال: المحال يا سيدنا فقال: من الذي يقول في شعره: والحر ممتحن بأولاد الزنا فقال: والذي يقول: وعداوة الشعراء بئس المقتنى فتنمر ساعة ثم أمر له بمائة رباعي وإخراجه من المدينة كراهية أن تقوم عليه نفسه فيعاقبه، فخرج ثم مدح ثقة الدولة بقصيدة منها قوله: من الطويل
أبيت أراعي النجم فـي دار غـربة وفي القلب مني نار حزن مضـرم
أرى كل نجم في السمـاء مـحـلة ونجمي أراه في النجوم المـنـجـم
سأحمل نفسي في لظى الحرب حملة تبلغها من خطبها كـل مـعـظـم
فإن سلمت عاشت بعز وإن تـمـت لدى حيث ألقت رحلها أم قشـعـم وقال وهو في الأسر: من المجتث
لا يذكر اللـه قـومـا حللت فيهم بـخـير
جاهدت بالسيف جهدي حتى أسرت وغيري
والآن لست أطيق ال جهـاد إلا بــأيري
فهات من شئت منهـم لو كان صاحـب دير وكان صديقا لعبد الله بن رشيق، وهو يؤدب بعض أولاد تجار القيروان وكان حسنا، وكان ابن المؤدب يزوره، فعلق بالغلام وخرج ابن رشيق للحج، فكلما أتي بمعلم لم يكد يقم أسبوعا حتى يدعي الغلام أنه راوده، فذكر ابن المؤدب للوالد فأحضره، فما كان إلا ساعة جلوسه في المسجد ودخول الغلام إليه فأغلق باب الصحن فقام فبلغ أربه منه، وخرج الغلام إلى أبيه مبادرا فأخبره فقال أبوه: الآن تقرر عندي أنك كاذب وكذبت على من كان قبله وصرفه إلى المكتب، فأقام على تلك الحال مدة طويلة وقال: من الطويل
وظبي أنيس عالجته حبـائلـي فغادرته قبل الوثوب صريعـا
وكان رجال حاولوه ففاتـهـم سباقا ولكني خلقت سـريعـا
فتكت به وإن شاء في بيت ربه وإن لم يشأ مستصعبا ومطيعا
ليعلم أهل القيروان بـأنـنـي إذا رمت أمرا لم أجده منيعـا
صفحة : 2348
فيا لغزال ألجـأتـه كـلابـه إلى أسد ضار وصادف جوعا وكان قد اشتهر في محبة غلام فتذمم أبوه أن يقتله جهارا، وخرجوا يتصيدون فأمر من حل حزام دابته سرا وتبعوه طردا، فسقط وانكسرت فخذه حتى ظهر مخه وعظمه. ومات سنة أربع عشرة وأربعمائة.
حفيد هاشم المالكي عبد الله بن إبراهيم بن هاشم، أبو محمد القيسي المري الفقيه، ويعرف بحفيد هاشم كتاب التفريع لابن الجلاب في ست مجلدات. وتوفي في حدود الخمسمائة.
المنافق عبد الله بن أبي سلول الأنصاري، من بني عوف بن الخزرج، وسلول امرأة من خزاعة، وهي أم أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج. وسالم بن غنم يعرف بالحبلى لعظم بطنه، ولبني الحبلى شرف في الأنصار. وكان اسمه الحباب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. وكان رأس المنافقين ومن تولى كبر الإفك في عائشة رضي الله عنها.وكانت الخزرج قد اجتمعت على أن يتوجوه ويسندوا إليه أمرهم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء الله بالإسلام نفس على رسول الله صلى الله عليه وسلم النبوة وأخذته العزة، ولم يخلص الإسلام، وأظهر النفاق حسدا وبغيا. وهو الذي قال في غزوة تبوك: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . فقال ابنه عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الذليل يا رسول الله وأنت العزيز. وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أذنت في قتله قتلته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولكن بر أباك وأحسن صحبته. فلما مات سأله ابنه فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال: إذا فرغتم فآذنوني. فلما أراد الصلاة عليه جذبه عمر وقال: أليس قد نهى الله أن تصلي على المنافقين? فقال: أنا بين خيرتين أن استغفر لهم أو لا أستغفر لهم فصلى عليه فنزلت: ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم حينئذ. وابنه عبد الله من خيار الصحابة.
أبو أبي عبد الله بن أبي، وقيل عبد الله بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار. وهو أبو أبي. مشهور بكنيته. أمه أم حرام بنت ملحان أخت أم سليم كان قديم الإسلام ممن صلى القبلتين. يعد في الشاميين. قال إبراهيم ابن أبي عبلة: سمعت أبا أبي بن أم حرام - وكان صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عليكم بالسنا والسنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام. قالوا: يا رسول الله ما السام? قال: الموت. قال: السنوت الشبث، وقال آخرون: بل هو العسل يكون في وعاء السمن وأنشدوا عليه قول الشاعر: من الطويل
هم السمن بالسنوت لا ألس فيهم وهم يمنعون الجار أن يتفـردا عبد الله بن أحمد
ابن الخشاب النحوي
صفحة : 2349
عبد الله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن الخشاب، أبو محمد ابن أبي الكرم النحوي. كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال إنه كان في درجة أبي علي الفارسي. وكانت له عرفة بالحديث واللغة والفلسفة والحساب والهندسة، وما من علم من العلوم إلا وكانت له فيه يد حسنة. قرأ الأدب على أبي منصور ابن الجواليقي وغيره، والحساب والهندسة على أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، والفرائض على أبي بكر المزرفي. وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي الغنائم محمد بن علي ميمون النرسي. وقرأ بنفسه الكثير على هبة الله ابن محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما. ولم يزل يقرأ حتى قرأ على أقرانه، وقرأ العالي والنازل وكتب بخطه من الأدب والحديث وسائر الفنون، وكان يكتب مليحا ويضبط صحيحا، وحصل من الأصول، وغيرها ما لا يدخل تحت حصر، ومن خطوط الفضلاء وأجزاء الحديث شيئا كثيرا، ولم يمت أحد من أهل العلم إلا واشترى كتبه. وقرأ عليه الناس الأدب، وانتفعوا به، وتخرج به جماعة، وروى كثيرا من الحديث، وسمع منه الكبار. روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وأبو أحمد ابن سكينة، وابن الأخضر وغيرهم، وكان بخيلا مقنطا على نفسه، مبتذلا في ملبسه ومطعمه ومعيشته، متهتكا في حركاته، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم والمشيخة، يلعب الشطرنج على قارعة الطريق ويقف على حلق المشعبذين والذين يرقصون الدباب والقرود من غير مبالاة. قال ابن الأخضر: كنت يوما عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد: عندك كتاب الجمال ? فقال: يا أبله ما تراهم حولي? وسأله بعض تلامذته فقال: القفا يمد ويقصر? فقال له: يمد ثم يقصر وسأل بعض تلامذته: ما بك? فقال: فؤادي يؤجعني، فقال: لو لم تهمزه لم يوجعك وقرأ عليه بعض المعلمين قول العجاج: من الرجز
أطربا وأنت قـنـسـري وإنما يأتي الصبى الصبي فجعله الصبي بالياء، فقال له: هذا عندك في المكتب وكان يتعمم العمامة وتبقى على حالها مدة حتى تسود مما يلي رأسه منها، وتتقطع من الوسخ، وترمي العصافير عليها ذرقها وصنف الرد على الحريري في مقاماته، وشرح اللمع لابن جني ولم يتمه، وشرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو، وعمل الرد على التبريزي الخطيب في تهذيب إصلاح المنطق، وشرح الجمل للجرجاني وترك منه أبوابا في وسط الكتاب. وتوفي سنة سبع وستين وخمسمائة، ووقف كتبه، ومن شعره في الشمعة: من السريع
صفراء لا من سقم مسها كيف وكانت أمها الشافيه
عريانة باطنها مكـتـس فاعجب لها كاسية عارية وأنشد لابن الحجاج: من الخفيف
والسعيد الرشيد من شكر النا س له سعيد بمال الـنـاس فقال مرتجلا: من الخفيف
والشقي الشقي من ذمة النا س على بخله بمال الناس ابن الإمام القادر عبد الله أحمد القادر إسحاق بن المقتدر جعفر بن أحمد المعتضد بن محمد بن جعفر المتوكل. توفي سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وصلى عليه أبو جعفر أخوه وكبر أربعا، ودفن في الرصافة حيال أخيه الغالب بالله، وله اثنان وعشرون سنة وأربعمائة وأربعة أشهر واثنا عشر يوما. وقال الشريف المرتضي يرثيه بقصيدة بائية أولها: من الكامل
ما في السلو لنا نصيب يطلب الحزن أقهر والمصيبة أغلب
لك يا رزية من فؤادي زفـرة لا تستطاع ومن جفوني صيب أبو جعفر المقرئ عبد الله بن أحمد بن جعفر، أبو جعفر الضرير المقرئ. من أهل واسط. قدم بغداد صبيا وأقام بها. قرأ بالروايات على الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس المعروف بالبارع وغيره، وسمع أبي القاسم هبة الله بن الحصين، وأحمد بن الحسن بن البناء، ويحيى بن عبد الرحمان ابن حبيش الفارقي وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.
أبو القاسم العلاف الشافعي عبد الله بن أحمد بن الحسن بن طاهر العلاف، أبو القاسم البغدادي. كان شافعي المذهب وله معروفة بالفرائض وقسمة التركات. سمع عبد الله بن محمد الصريفيني، وأحمد ابن محمد النقور، وهناد بن إبراهيم النسفي. وتوفي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.
ابن بنت وليد قاضي مصر
صفحة : 2350
عبد الله بن أحمد بن راشد بن شعيب بن جعفر بن يزيد، أبو محمد القاضي، يعرف بابن أخت وليد، ويقال: ابن بنت وليد. ولي قضاء مصر في خلافة الراضي ثم عزل منها ثم وليها ثانيا من قبل الحسين بن موسى بن هارون قاضي مصر من قبل المستكفي بالله، ثم ولي القضاء ثالثا بمصر من قبل من المستكفي إلى أن صرف زمن المطيع، ثم ولي قضاء دمشق من قبل الإخشيدية. ويقال إنه كان خياطا وكان أبوه حائكا ينسج المقانع. وكان سخيفا، خليعا، مذكورا بالارتشاء، وهجاه جماعة من أهل مصر. وحدث عن أبي العباس محمد بن الحسين قتيبة العسقلاني وغيره وتوفي سنة تسع وستين وثلاثمائة، وله مصنفات.
الحافظ ابن شبويه عبد الله بن أحمد بن شبويه، الحافظ المروزي، توفي سنة ست وخمسين ومائتين.
ابن ذكوان المقرئ عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو وأبو محمد البهراني - مولاهم - الدمشقي، إمام جامع دمشق ومقرئها. قرأ على أيوب بن تميم المقرئ. وروى عنه أبو داود وابن ماجه. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو زرعة الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان عبد الله بن ذكوان أقرأ عندي منه. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
أمير المؤمنين القائم عبد الله بن أحمد، أمير المؤمنين أبو جعفر القائم بأمر الله ابن القادر بالله. ولد في نصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وبويع بالخلافة بمدينة السلام يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. وأمه أم ولد اسمها بدر الدجى الأرمنية، وقيل اسمها قطر الندى؛ كذا سماها الخطيب. وكان أمره مستقيما إلى أن خرج البساسيري عليه، وقصته مشهورة. وتوفي القائم ليلة الخميس ثالث عشر شعبان، ودفن في داره بالقصر الحسني سنة سبع وستين وأربعمائة، فكانت دولته خمسا وأربعين سنة، وبويع بعده المقتدي. وكان القائم كثير الحلم والحياء، فصيح اللسان، أديبا خطيبا، شاعرا، تقلبت به الأحوال ورأى العجائب. وفي أيامه أنقرضت دولة الديلم من بغداد بعد طول مدتها، وقامت دولة السلجوقية، وكان آخرهم الملك الرحيم من ولد عضد الدولة، دخل عليه بغداد طغرل بك السلجوقي وهو أو السلجوقية فقبض عليه وقيده، فقال له الملك الرحيم: إرحمني أيها السلطان فقال له: لا يرحمك من نازعته في اسمه المختص به - يشير إلى الله تعالى - فبلغ ذلك القائم فقال: قد كنت نهيته عن هذا الاسم فأبى إلا لجاجا أورده عاقبة سوء اختياره وخلصه طغرل بك من حبسه - أعني القائم بأمر الله - وأعاده إلى دار خلافتة ومشى بين يديه طغرل بك إلى إن وصل إلى عتبة باب النوبي، فقبلها شكرا لله تعالى، وصارت سنة بعده. ومن شعره: من البسيط
يا أكرم الأكرمين العفوعن غرق في السيئات له ورد وإصـدار
هانت عليه معاصيه التي عظمت علما بأنك للعاصـين غـفـار
فامنن علي وسامحني وخذ بيدي يا من له العفو والجنات والنـار ومنه: من المتقارب
سهرنا على سنة العاشقـين وقلنا لما يكره اللـه: نـم
وما خيفي من ظهور الورى إذا كان رب الورى قد علم ومنه: من الكامل
قالوا: الرحيل فأنشبت أظفارها في خدها وقد اعتلقن خضابـا
فاخضر تحت بنانها فكـأنـمـا غرست بأرض بنفسج عنابـا ومنه: من الكامل
جمعت علي من الغرام عجائب خلفن قلبي في إسار موحـش
خل يصد وعاذل متـنـصـح ومعاند يؤذي ونـمـام يشـي وباسم القائم بأمر الله أمير المؤمنين وضع الباخرزي كتاب دمية القصر وأمتدحه بقصيدته البائية المشهورة التي أولها: من البسيط
عشنا إلى أن رأينا في الهوى عجـبـا كل الشهور وفي الأمثال عش رجبـا
أليس من عجب أني ضحى ارتحلـوا أوقدت من ماء دمعي في الحشى لهبا
وأن أجفان عيني أمـطـرت ورقـا وأن ساحة خدي أنـبـتـت ذهـبـا
أإن توقد بـرق مـن جـوانـبـهـم توقد الشوق في جنبي والـتـهـبـا
كأنما انشق عنه من مـعـصـفـره قميص يوسف غشـوه دمـا كـذبـا منها: من البسيط
صفحة : 2351
ومهمـه يتـراءى آلـه لـجـجـا يستغرق الوخد والتقريب والخبـبـا
كم فيه حافر طرف يحتذي وقـعـا من فوق خف بعير يشتكي نقـبـا
تصاحب الغيم فيه الـريح لـم ينـيا أن يشركا في كلا خطيهما عقـبـا
فالريح ترضع در الغيم إن عطشـت والغيم يركب ظهر الريح إن لغبـا
أنكحته ذات خـلـخـال مـقـرطة والركب كانوا شهودا والصدى خطبا
إلى أبي البحر إني لست أنـسـبـه لجعفر إن حساه شارب نـضـبـا
قرم الوغي من بني العباس عترتـه لكنه غـير عـبـاس إذا وهـبـا
لعزه جعل الرحمـان مـلـبـسـه من الشباب ونور العين مستـلـبـا
وجه ولا كهلال الفطر مطـلـعـا بدر ولا كانهلال القطر منسكـبـا
وعمة عمت الأبصار هـيبـتـهـا برغم من لبس التيجان واعتصـبـا
له القضيبان هـذا حـده خـشـب وذاك لا يتعدى حـده الـخـشـبـا
كلاهما منه في شغـل يديرهـمـا بين البنان رضى يختار أم غضـبـا
قل للفرات ألم تستـحـي راحـتـه حتى اقتديت بها أنـى ولا كـربـا
وقل لدجلة غيضي يوم مـنـحـتـه قد أسأت بجاري فـيضـك الأدبـا ابن الإمام أحمد بن حنبل عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل. سمع من أبيه شيئا كثيرا من العلم، ولم يأذن له أبوه في السماع من علي بن الجعد، وسمع من ابن معين وجماعة. وروى عنه النسائي وعبد الله بن إسحاق المدائني وأبو القاسم البغوي وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا، إماما فهما، وسمع المسند من أبيه وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا، سمع منه ثمانين ألفا، والباقي وجادة. وسمع منه الناسخ والمنسوخ والتاريخ وحديث شعبة والمقدم والمؤخر من كتاب الله وجوابات القرآن والمناسك الكبير والصغير وغير ذلك. وتوفي سنة تسعين ومائتين.
أبن أبي دارة المروزي عبد الله بن أحمد ابن أبي دارة المروزي. له أربعون حديثا مروية. توفي في حدود الثلاثمائة.
الكعبي المعتزلي
صفحة : 2352
عبد الله بن احمد بن محمود، أبو القاسم الكعبي البلخي، رأس المعتزلة ورئيسهم في زمانه وداعيتهم. قال جعفر المستغفري: لا أستجيز الرواية عن أمثاله. توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وناهيك من فضله وتقدمه إجماع العالم على حسن تأليفه للكتب الكلامية والتصانيف الحكمية التي بذت أكثر كتب الحكماء، وصارت ملاذا للبصر وعمدة للأدباء، ونزهة في مجالس الكبراء. وكانت في العراق أشهر منها في خراسان، وأئمة الدينا مولعون بها،مغرمون بفوائدها حتى أنه لما دخل أبو الحسن علي بن محمد الخشابي البلخي تلميذه بغداد حاجا جعلها جعل أهلها يقولون بعضهم لبعض: قد جاء غلام الكعبي فتعالوا ننظر إليه فاحتوشه أهل العصر وعصابة الكلام، وجعلوا يتبركون بالنظر إليه ويتعجبون منه، وينظرون إليه، ويسألونه على الكعبي وخصائله وشمائله، وكان مدة مقامة بها كأنه فيها من كبار الأولياء. وكان الكعبي لا يخفي مذهبه وكان صلحاء أهل بلخ ينالون منه، ويقدحون فيه، ويرمونه بالزندقة ولما صنف أبو زيد كتاب السياسة ليانس الخادم - وهو إذ ذاك وإلي بلخ - قال الكعبي: قد جمع الله السياسة كلها في آية من القرآن حيث يقول: يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين . ومن تصانيفه تفسير القرآن على رسم لم يسبق إليه - إثنا عشر مجلد-؛ مفاخر خراسان ومحاسن آل طاهر، عيون المسائل - تسع مجلدات -، أوائل الأدلة، المقامات، جواب المسترشد في الإمامة، الأسماء والأحكام، بعض النقض على المجبرة، الجوابات، أدب الجدل، نقض كتاب أبي علي الجبائي في الإرادة، السنة والجماعة، الفتاوى الواردة من جرجان والعراق، الانتقاد للعلم الإلهي على محمد بن زكرياء، تحفة الوزراء. وكان الكعبي تلميذ أبي الحسين الخياط، وقد وافقه في اعتقاداته جميعها، وانفرد عنه بمسائل، منها قوله:إن إرادة الرب تعالى ليست قائمة بذاته، ولا هو مريد إرادته، ولا أرداته حادثة في محل، ولا لا في محل، بل ذا أطلق عليه أنه مريد لأفعاله فالمراد أنه خالق لها على وفق علمه. وإذا قيل إنه مريد لأفعال عباده فالمراد أنه راض بها، آمر بها. قلت: كذا قاله ابن أبي الدم في كتابه الفرق الإسلامية - أعني ذكر هذه العقيدة.
أبو هفان عبد الله بن أحمد بن حرب بن خالد بن مهزم، ينتهي إلى معد بن عدنان، أبو هفان. نحوي. لغوي،أديب رواية، من أهل البصرة، وكان مقترا عليه، ضيق الحال. روى عنه جماعة من أهل العلم ؛ منهم يموت بن المزرع، وروى هو عن الأصمعي وصنف كتبا منها كتاب صناعة الشعر - كبير، وكتاب أخبار الشعراء وغيرهم. وهو القائل في إبراهيم بن المدبر: من الكامل
يا ابن المدبر أنت علمت الورى بذل النوال وهم به بـخـلاء
لو كان مثلك في البرية آخـر في الجود لم يك بينهم فقـراء وقال: من الطويل
لعمري لئن بيعت في دار غربة ثيابي لما أعوزتني المـآكـل
فما أنا إلا السيف يأكل جفـنـه له حلية من نفسه وهو عاطل ودعاه دعبل الخزاعي في دعوة وأطعمه ألوانا كثيرة وسقاه نبيذا حلوا، وغمز الجواري أن لا يدلوه على الخلاء ثم تركه وتناوم، فلما أجهده الأمر قال لبعض الجواري: أين الخلاء? فقالت لها الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني: من الوافر
خلا من آل عاتكة الديار فمشوى أهلها منها قفار فغنت هذه، وزمرت هذه، وصبت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، وسكت فلما أجهده الأمر فقال: لعل الجارية بغدادية? فالتفت إلى أخرى فقال لها: فداك أبوك أين المستراح? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني: من البسيط
واستريح إلى من لست آلفـه كما استراح عليل من تشكيه فغنت هذه، وضربت هذه،وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه فقال: أحسنتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي ثم أجهده البلاء فقال: لعل الجارية بصرية? فقال للأخرى: أين المتوضأ? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني: من الوافر
توضأ للصلاة وصل خمسا وباكر بالمدام على النديم
صفحة : 2353
فضربت هذه، وزمرت هذه، وغنت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه. فقال: أحسنتم غير أنكم ما أتيتم على ما في نفسي. ثم قال: لعلهن حجازيات? فقال لإحداهن: فداك أبوك أين الحش? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت: يقول غني: من الطويل
وحاشاك أن أدعو عليك وإنـمـا أردت بهذا القول أن تقبلي عذري فغنت هذه، وضربت هذه، وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه. فقال: أحسنتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، وقال: لعلهن كوفيات? ثم قال: فداكن أبو كن أين الكنيف? فقالت واحدة: ما يقول سيدي? قالت: يقول غنوني: من الطويل
تكنفني الواشون من كل جانب ولو كان واش واحد لكفانـي فغنت هذه، وضربت هذه، وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه، فما تمالك حتى وثب قائما وحل سراويله وذرق على وجوههن فتصارخن فانتبه دعبل فقال:ما شأنك يا أبا هفان? فقال: من الوافر
تكنفني السلاح وأضجروني على ما بي بنيات الزوانـي
فلما قل عن حمل اصطباري رميت به على وجه الغواني فقام دعبل ودله على بيت الخلاء فدخل واغتسل وخلع عليه خلعة وتضاحكوا مليا. وقال سعيد بن حميد لأبي هفان: لئن ضرطت عليك لأبلغنك إلى فيد فقال له أبو هفان: بادرني بأخرى تبلغني إلى مكة فإن بي ضرورة الرجل الذي لم يحج بعد أبو محمد الفرغاني الأمير عبد الله بن أحمد بن جعفر، أبو محمد الفرغاني الأمير القائد، صاحب أبي جعفر الطبري? توفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. روى عن أبي جعفر الطبري وذيل له تاريخه، وقدم دمشق وحدث بها، وروى عنه جماعة من أهلها. ونزل عبد الله مصر وحدث بها، وكان ثقة. وأرسله الراضي إلى مصر وحمله الخلع إلى أبي بكر محمد بن طغج الإخشيدي.
أبو الحسين الشاماتي الأديب عبد الله بن أحمد بن الحسين الشاماتي الأديب، أبو الحسين. توفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة. مشهور بالتأديب. شرح ديوان المتنبي وشرح الحماسة، وشرح أبيات أمثال أبي عبيد.
أبو القاسم التاجر عبد الله بن أحمد بن رضوان بن جالينوس التميمي، أبو القاسم البغدادي. كان كثير المال وهو من أعيان التجار، وله وجاهة وتقدم عند الملوك. وصاهره أبو شجاع محمد بن الحسين، ومؤيد الملك، وسعى لكل واحد منهما في الوزارة وبذل البذول في ذلك حتى تم لهما ما أراده. وكان كثير العطاء والبذل والإحسان. سمع الحسن بن أحمد بن شاذان. قال محب الدين ابن النجار: وما أظنه روى شيئا. وتوفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة.
ابن المستظهر بالله عبد الله بن أحمد المستظهر بن المقتدي بن القائم بن القادر بن المقتدر ابن المعتضد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، أبو الحسن. أمه جارية حبشية اسمها ست السادة، وهو أكبر أولادها وبعده المقتفي ثم العباس، كان المستظهر قد خطب له بولاية العهد من بعد أخيه المسترشد، ولقبه بذخيرة الدين، فلما توفي والده خرج مختفيا من دار الخلافة قاصدا دبيس بن صدقة بالحلة السيفية فأكرم نزله، فلما طلبه أخوه المسترشد للمبايعة فقده فوقع الطلب، وبحث عن أمره فقيل له بالحلة عند دبيس، فقطع اسمه من الخطبة في الجمع وغيرها، وأنفذ نقيب النقباء علي بن طراد الزينبي يأمره بتسليمه، فامتنع دبيس وقال: إن أراد أن يرجع من قبل نفسه فليفعل فلاطفه النقيب في القول ووعده بما يريد، فأجاب بشروط اقترحها فعاد إلى بغداد، وأجابه المسترشد إلى ما أراد. ولما حصلت المنافرة بين دبيس وعساكر السلجوقية انضم في تلك الفترة جماعة من أوباش الجند والعرب إلى أبي الحسن وأطمعوه في الخروج والتوجه إلى واسط فأجاب وسار بمن معه ولقب نفسه المستنجد بالله واستوزر رجلا من بغداد يقال له ابن الدلف كان مقيما بالحلة، فوصل إلى واسط وبسط يده في الأموال واستكثر من الجند والأتباع، فراسل المسترشد دبيسا بسديد الدولة ابن الأنباري كاتب الإنشاء يأمره بحمل أبي الحسن إلى دار الخلافة، فتوجه في جملة من العسكر فقبض عليه وأحضره إلى بغداد، فلما دخل على المسترشد عاتبه وأمره بالمصير إلى أولاده فانصرف إليهم وبقي مقيما عندهم محناطا عليه بقية عمره. وتوفي سنة خمس وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: من الطويل
صفحة : 2354
أأشمت أعدائي وأوهنت جـانـبـي وهضت جناحا ريشته يد الفـخـر
فما أنت عندي بالـمـلـوم وإنـمـا لي الذنب هذا سوء حظي من الدهر النقيب أبو طالب عبد الله بن أحمد بن علي بن المعمر، أبو طالب بن أبي عبد الله العلوي البغدادي، نقيب الطالبيين ببغداد بعد وفاة والده. ولم يزل على ولايته إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان شابا، سريا، فاضلا، أديبا، شاعرا، مترسلا، من شعره فيما يكتب على قسي البندق: من مجزوء الرمل
حملتني راحة فـي جودها للخلق راحه
فأنا للفـتـك أهـل وهي أهل للسماحه ومنه أيضا فيه: من مجزوء الخفيف
أنا في كف مـاجـد جوده الغمر مفرط
كل طير يلوح لـي فهو في الحال يهبط ومنه فيه: من المنسرح
لا زلت يا ممسكي براحـتـه في ظل عيش يصفو من الكدر
ترمي بي الطير حين تحملنـي والدهر يرمي عداك بالـقـدر ومنه فيه: من مجزوء الخفيف
وقناة قد ثقـفـت ها لحرب ردينها
ثم لما انحنت بـلا كبر فيه شينـهـا
إستجادت من المنو ن أخا وهو زينها
كم على الجو طائر قد أصابته عينهـا
فارتقي وهو مرتق ما تعداه حينـهـا أبو الورد الشاعر عبد الله أحمد بن المبارك بن الدباس، أبو محمد وأبو الورد، كان شاعرا خليعا، ماجنا، مطبوعا، له حكايات. وكان ينادم أبا محمد الوزير المهلبي. روى عنه القاضي أبو علي التنوخي، وأبو عبد الله الحسين الخالع. وكان إذا شاهد أحدا من أهل العلم جالسه بخشوع ووقار وأفاده واستفاد منه، وأفضل عليه. وكان يحصل له من المهلبي في كل سنة ألفا دينار فتنسلخ السنة عنه وهو صفر منها. وقبض عضد الدولة عليه ليصادره فقال يوما للمستخرج - وقد أحضره ليطالبه وتقدم بضربه: هذا والله مال مشؤوم صفعنا حتى أخذناه ونصفع حتى نرده فبلغت عضد الدولة فأفرج عنه. وكان له ابن كالمعتوه فكلمه أبو الورد فأربى عليه الابن فقال: تقول لي هذا وأنا أبوك? فقال: أنت وإن كنت أبي فأنا خير منك فقال: وكيف ذاك? قال: لأني أنا صفعان بن صفعان وأنت صفعان فقط فضحك وقال الآن علمت أنك ابني ومن لم يشبه أباه فقد ظلم ومن شعره: من الوافر
تراك الشمس شمسا حين تبدو ويحسبك الهلال لها هـلالا
ومذ وحياة شخصك غاب عني خيالك ما رأيت له مـثـالا
مغيبك غيب اللـذات عـنـي وورثني نكالا واخـتـبـالا
فصرت لفقد وجهك مستهاما أقاسي من جوى البلوى نكالا أبو الفضل خطيب الموصل عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الخطيب، أبو الفضل ابن أبي نصر الطوسي البغدادي، نزيل الموصل وخطيبها. سمع من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، والحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، ومحمد ابن عبد السلام الأنصاري وجماعة، وقرأ الفقه والخلاف والأصول على الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي، والفرائض والحساب على الحسين بن أحمد الشقاق، والأدب على التبريزي والحريري البصري. وعلت سنه، وتفرد بأكثر مسموعاته وشيوخه، وقصده الرحالون من البلاد. وكان دينا، حسن الطريقة. وتوفي سنة سبع وثمانين وخمسمائة. ومن شعره: من الطويل
أقول وقد خيمت بالخيف من منى وقربت قرباني وقضيت أنساكي
وحرمة بيت الله ما أنا بـالـذي أملك مع طول الزمان وأنساك ومنه أيضا: من الطويل
سقى الله أيامـا لـنـا ولـيالـيا نعمنا بها والعيش إذ ذاك ناضر
ليالي لا أصغي إلى لوم عـاذل وطرفي إلى أنوار وجهك ناظر قلت: شعرمتوسط.
الموفق الحنبلي
صفحة : 2355
عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، شيخ الإسلام موفق الدين، أبو محمد المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد بجماعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة عشرين وستمائة، وهاجر في من هاجر مع أبيه وأخيه،وحفظ القرآن، واشتغل في صغره، وارتحل إلى بغداد صحبة ابن خالته الحافظ عبد الغني، وسمع بالبلاد من المشايخ. وكان إماما حجة، مصنفا، متفننا، محررا، متبحرا في العلوم، كبير القدر. ومن تصانيفه البرهان في القرآن - جزءان، مسألة العلو جزءان، الاعتقاد - جزء، ذم التأويل - جزء، كتاب القدر - جزءان، فضائل الصحابة - جزءان، كتاب المتحابين - جزءان، فضل عاشوراء جزء فضائل العشر، ذم الوسواس - جزء، مشيخته - جزء ضخم. وصنف المغني في الفقه في عشر مجلدات كبار، والكافي في أربع مجلدات، والمقنع - مجلدة، والعمدة - مجلدة لطيفة، والتوابين - مجلد صغير، والرقة - مجلد صغير، مختصر الهداية - مجلد، التبيين في نسب القرشيين - مجلد صغير، الاستبصار في نسب الأنصار - مجلد، كتاب قنعة الأريب في الغريب - مجلد صغير، الروضة في أصول الفقه،مختصر العلل للخلال، مجلد ضخم. وكان أوحد زمانه، إماما في علم الخلاف والفرائض والأصول والفقه والنحو والحساب والنجوم السيارة والمنازل. واشتغل الناس عليه مدة بالخرقي والهداية، ثم بمختصر الهداية الذي له بعد ذلك، واشتغلوا عليه بتصانيفه. وطول الشيخ شمس الدين ترجمته في سبع ورقات قطع النصف. ومن شعر الشيخ موفق الدين رحمه الله تعالى: من الطويل
أبعد بياض الشعر أعمر مسكـنـا سوى القبر إني إن فعلت لأحمـق
يخبرنـي شـيبـي بـأنـي مـيت وشيكا وينعانـي إلـي فـيصـدق
كأني بجسمي فوق نعشي مـمـددا فمن ساكت أو معـول يتـحـرق
إذا سئلوا عني أجابـوا وأعـولـوا وأدمعهم تنهل هـذا الـمـوفـق
وغيبت في صدع من الأرض ضيق وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق
ويحثو علي الترب أوثق صـاحـب ويسلمني للقبر من هو مـشـفـق