Translate ***

الأربعاء، 3 أغسطس 2022

الوافي بالوفيات الصفدي حرف العين 1.

 

  الوافي بالوفيات       الصفدي       حرف العين 1.

الوافي بالوفيات

الصفدي

حرف العين 1

صفحة : 2312

حرف العين 

عابدة

عابدة الجهنية

عابدة بنت محمد الجهنية، امرأة عم أبي محمد المهلبي؛ كانت أديبة شاعرة فصيحة فاضلة، روى عنها القاضي أبو علي المحسن التنوخي، ومن شعرها:

شاورني الكرخي لما دنا الني                      روز والسن له ضاحـكـه

فقال: ما نهدي لسلطـانـنـا                      من خير ما الكف له مالكه?

قلت له: كل الهـدايا سـوى                      مشورتي ضائعة هالـكـه

أهد له نفـسـك حـتـى إذا                      أشعل نارا كنت دوبـاركـه الدوباركه: لفظة أعجمية، وهي اسم للعب على قدر الصبيان يحلونها -أهل بغداد- سطوحهم ليلة النيروز المعتضدي.

 

الألقاب

العابر شهاب الدين الحنبلي: اسمه أحمد بن عبد الرحمن؛ العابر: محمد ين علي بن علوان؛ العابر الكرماني: محمد بن يحيى.

 

عابس

النخعي

عابس بن ربيعة النخعي؛ روى عن عمر وعلي وعائشة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له الجماعة.

قاضي مصر

عابس بن سعيد الغطيفي، قاضي مصر؛ توفي رحمه الله سنة ثمان وستين للهجرة.

 

عاتكة

أم البنين

عاتكة بنت يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهي أم البنين زوجة عبد الملك بن مروان، وهي أم الخليفة يزيد بن عبد الملك؛ كان لها من المحارم اثنا عشر خليفة تضع الخمار قدامهم، كل بني أمية إلا عمر بن عبد العزيز ومروان الحمار؛ وبقيت إلى أن قتل ابن ابنها الوليد بن يزيد، وتوفيت في حدود الثلاثين ومائة، وكان لها قصر بظاهر باب الجابية، وإليها تنسب أرض عاتكة، وهناك قبرها. كان أبوها يزيد بن معاوية، وأخوها معاوية بن يزيد بن معاوية، جدها معاوية بن أبي سفيان، زوجها عبد الملك بن مروان، أبو زوجها مروان بن الحكم، ابنها يزيد بن عبد الملك، ابن ابنها الوليد بن يزيد، ابنا ابن زوجها يزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد، وبنو زوجها الوليد وسليمان وهشام بنو عبد الملك؛ قال بعضهم مختصرا: جميع خلفاء بني أمية لها محرم سوى عمر بن عبد العزيز ومروان بن محمد، وكذلك فاطمة بنت عبد الملك: جميع خلفاء بني أمية لها محرم سوى مروان بن محمد؛ وسيأتي ذكر فاطمة في حرف الفاء إن شاء الله.

أم معبد الخزاعية

 

 

صفحة : 2313

 

عاتكة بنت خالد، أخت حبيش؛ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة هو وأبو بكر ومولى له يدعى عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط، مروا على خيمتي أم معبد عاتكة بنت خالد الخزاعية، وكانت امرأة جلدة تحتبي بفناء القبة، ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحما وتمرا ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا، وكان القوم مرملين مسنتين، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر البيت فقال: ما هذه الشاة يا أم معبد? قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، قال: هل بها من لبن? قالت: هي أجهد من ذلك، قال: أتأذنين لي أن أحلبها? قالت: نعم بأبي أنت وأمي، إن رأيت بها حلبا فأحلبها، فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح بيده ضرعها وسمى الله ودعا في شأنها فتفاجت عليه ودرت واجترت، ودعا بإناء يربض الرهط، فحلب فيها ثجا حتى علاه البهاء ثم سقاها حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، وشرب آخرهم، ثم أراضوا، ثم حلب فيها ثانيا بعد بدء حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها وبايعها وارتحل عنها، فقل ما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا، مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن عجب وقال لها: من أين لك هذا اللبن يا أم معبد والشاء عازب حيال ولا حلوب في البيت? قالت: لا والله، أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجل ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة، وسيم قسيم، في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي عنقه سطع وفي صوته صحل وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن، إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سما وعلاه البهاء، أجمل الناس وأهيأه من بعيد وأحسنه وأجمله من قريب، حاو المنطق فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات يتحدرن، ربعة لا يأس من طول ولا تقتحمه عين من قصر، فهو أنظر الثلاثة منظرا، وأحسنهم قدرا، له رفقاء يحفون به، إن قال أنصتوا لقوله، وإن أمر تبادروا لأمره، محفود محشود، لا عابس ولا مفند، قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر بمكة، ولقد هممت أن أصحبه، ولا فعلن إلى ذلك سبيلا؛ فأصبح صوت بمكة، يسمعون الصوت ولا يرى من صاحبه، وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه                      رفيقين قالا خيمتي أم معـبـد

هما نزلاها بالهدى واهتدت بـه                      فقد فاز من أمسى رفيق محمد

فيا لقصي ما زوى الله عنـكـم                      به من فعال لا تجازى وسـؤدد

ليهن بني كعب مقام فتـاتـهـم                      ومقعدها للمؤمنين بمـرصـد

سلوا أختكم عن شاتها وإنـائهـا                      فإنكم إن تسألوا الشاة تشـهـد

دعاها بشاة حائل فتـحـلـبـت                      له بصريح ضرة الشاة مزبـد

فغادرها رهنا لديها لـحـالـب                      ترددها في مصدر ثـم مـورد فلما سمع ذلك حسان بن ثابت جعل يجاوب على الهاتف ويقول:

لقد خاب قوم غاب عنهـم نـبـيهـم                      وقد سر من يسري إليهم ويغـتـدي

ترحل عن قوم فضلت عقـولـهـم                      وحل على قـوم بـنـور مـجـدد

هداهم به بعد الـضـلالة ربـهـم                      وأرشده من يتبـع الـحـق يرشـد

وهل يستوي ضلال قوم تسـفـهـوا                      عمايتهم هـاد بـه كـل مـهـتـد

لقد نزلت منه علـى أهـل يثـرب                      ركاب هدى حلت عليه بـأسـعـد

نبي يرى ما لا يراه الناس حـولـه                      ويتلو كتاب الله في كل مـشـهـد

وإن قال فـي يوم مـقـالة غـائب                      فتصديقها في اليوم أو في ضحى غد

ليهـن أبـا بـكـر سـعـادة جـده                      بصحبته من يسعد الـلـه يسـعـد

ليهن بني كعب مقـام فـتـاتـهـم                      ومقعدها للمؤمـنـين بـمـرصـد  بنت البكائي

 

 

صفحة : 2314

 

عاتكة بنت الفرات بن معاوية البكائي، وأمها الملاءة وسوف يأتي ذكرها إن شاء الله في حرف الميم في مكانه؛ خرجت عاتكة هذه يوما إلى بعض نواحي البصرة فلقيت بدويا ومعه أنحاء سمن، فقالت: يا بدوي، أتبيع هذا السمن? قال: نعم، قالت: أرناه، ففتح لها نحيا فنظرت إلى ما فيه ثم ناولته إياه، وقالت: افتح آخر، ففتح آخر، فنظرت إلى ما فيه ثم ناولته إياه، فلما شغلت يديه أمرت جواريها فجعلن يركلن في استه وجعلت تنادي: يا ثارات ذات النحيين-أرادت بذلك ما فعله خوات بن جبير الأنصاري وهو: أن امرأة من حضرموت حضرت سوق عكاظ ومعها نحيا سمن، فاستخلى بها خوات ليبتاعهما منها، ففتح أحدهما وذاقه ودفعه إليها، فأخذته بإحدى يديها، ثم فتح الآخر وذاقه ودفعه إليها، فأمسكته بيدها الأخرى، ثم إنه غشيها وهي لا تقدر على الدفع عن نفسها لحفظ فم النحيين وشحها على السمن، فلما قام عنها قالت: لا هنأك الله؛ فضرب بها المثل فيمن شغل بشيء.

وذكرت ها هنا ما أنشدنيه إجازة لنفسه صفي الدين عبد العزيز ابن سرايا الحلي في غلام كان يختار تقبيله ويمانعه، فوجده يوما بدهليز دار مولاه ويداه مشغولتان بسراحتي زجاج مملوئتين شرابا، فقبله قسرا أسوة بذات النحيين:

نفسـي الـفـداء لـشـادن                      وشفيت بالتقبيل منه غليلي

ظفرت يداي بصيده بوصيدة                      فأخذت ثم توصلي لوصولي

صادفته وأكفه مشـغـولة                      بأبارق قد أترعت بشمـول

فمنعته بالضم من إلقـائهـا                      وجعلتها نحييه في التقبـيل وقد تقدم في ترجمة خوات بن جبير هذه الواقعة، وهناك أبيات قالها في واقعته مع ذات النحيين.

وهذه عاتكة قد تزوجها يزيد بن المهلب، فقتل عنها يوم العقر، فقال الفرزدق في ذلك شعرا وهو مذكور في ترجمة أمها الملاءة، وسيأتي ذكره أمها إن شاء الله تعالى في حرف الميم في مكانه.

عاتكة بنت زيد

عاتكة بنت زيد، أخت سعيد بن عمرو بن نفيل؛ كانت عند عبد الله ابن أبي بكر، فأعجب بها واشتدت محبته لها فشغلته حتى عن صلاة الجمعة، فقال له أبوه: طلقها فإنها قد فتنتك، فقال عبد الله في ذلك:

يقولون طلقها وأصبح مكانها                      مقيما تمنني النفس أحلام نائم

وإن فراقي أهل بيت أحبهـم                      وما لهم ذنب لإحدى العظائم فلم يزل أبوه حتى طلقها، فلم يصبر عنها واتبعا نفسه، فهجم عليه أبوه يوما فسمعه يقول:

فلم أر مثلي طلق اليوم مثلـهـا                      ولا مثلها في غير ذنب تطلـق

لها خلق جزل ورأي ومنصـب                      وحلم وعقل في الأمور ومصدق فرق له فراجعها، ولم تزل عنده حتى أصابه سهم في الطائف فمات، فرثته بقولها:

وآليت لا تنفك عينـي سـخـينة                      عليك ولا ينفك جلدي أغـبـرا

فلله عينا من رأى مثلـه فـتـى                      أعف وأكفى في الأمور وأصبرا

إذا أشرعت فيه الأسنة خاضهـا                      إلى الموت حتى يترك أحمـرا ثم تزوجها عمر بن الخطاب وأولم عليها، ودعا الصحابة، فلما اجتمعوا قال علي بن أبي طالب: يا أمير المؤمنين، أتأذن لي أن أميل رأسي إلى خدر عاتكة وأكلمها? قال: نعم، فأمال علي رأسه وقال لها: يا عدية نفسها:

فآليت لا تنفك عيني سخينة                      عليك ولا ينفك جلدي أغبرا فبكت  ، فقال عمر: يا أبا الحسن ما دعاك إلى كل هذا? كل النساء يفعلن ذلك؛ ثم إن عر قتل عنها، فرثته أيضا بشعر منه:

وفجعنـي فـيروز لا در دره                      بتالي الكتاب في الظلام منيب ثم تزوجها بعد ذلك الزبير، فقتل عنها، فرثته بقولها:

غدر ابن جرموز بفارس بهمة                      يوم اللقاء وكان غير مـعـرد

يا عمرو لو نبهته لـوجـدتـه                      لا طائشا رعش الجنان ولا اليد

كم غمرة قد خاضها لم يثـنـه                      عنها طرادك يا ابن فقع الغرقد

ثكلتك أمك إن ظفرت بمثـلـه                      فيما مضى ممن يروح ويغتدي

والله ربك إن قتلت لمسـلـمـا                      حلت عليك عقوبة المتعـمـد

 

صفحة : 2315

 

وكان الزبير شرط أن لا يمنعها من السجد، وكانت امرأة خليقة، وكانت إذا تهيأت إلى الخروج إلى الصلاة قال لها: والله إنك لتخرجين وإني لكاره، فتقول: فتمنعني فأجلس، فيقول: كيف وقد شرطت لك لا أفعل؛ فاحتال فجلس على الطريق في الغلس، فلما مرت رضع يده على كفلها، فاسترجعت ثم انصرفت إلى منزلها، فلمال جاء الوقت الذي كانت تخرج إلى المسجد قال لها الزبير: ما لك هذه الصلاة? فقالت: فسد الناس، والله لا أخرج من منزلي، فعلم أنها ستفي بما قالت، فقال: لا روع يا ابنة عم، وأخبرها الخبر. ثم إن علي بن أبي طالب خطبها بعد انقضاء العدة فقالت: يا أمير المؤمنين، بالمسلمين إليك حاجة، ولم تتزوج. وكان علي بعد ذلك يقول: من أراد الشهادة الحاضرة فعليه بعاتكة؛ وتزوجها الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وتوفي عنها وكان آخر من ذكر من أزواجها.

عاتكة بنت أسيد

عاتكة بنت أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس؛ لها صحبة، قال ابن عبد البر: ولا أعلمها روت شيئا؛ قال محمد بن سلام: أرسل عمر بن الخطاب إلى الشفاء بنت عبد الله العدوية أن اغدي علي، فغدت عليه، فوجدت عاتكة بنت أسيد ببابه، فدخلتا فتحدثتا: ، فدعا بنمط فأعطاه عاتكة ودعا بنمط دونه فأعطاه للشفاء، فقالت: تربت يداك يا عمر، أنا قبلها إسلاما، وأنا بنت عمك دونها، وأرسلت إلي وجاءتك من قبل نفسها، فقال: ما كنت رفعت ذلك إلا لك، فلما اجتمعنا ذكرت أنها أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك.

الصوفية

عاتكة بنت أحمد بن محمد اللبان الصوفية؛ كانت من النساء الصالحات الفاضلات، لها كلام في الحقيقة على طريقة أهل التصوف، وتروي عن أبيا وعن أبي بكر الشبلي وجعفر بن محمد بن نصر الخلدي وغيرهم.

بنت العطار

عاتكة بنت أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطار، من أهل همذان؛ سمعت الكثير من أبي التوت وغيره، وقدمت بغداد وحدثت بالكثير. تقال محب الدين ابن النجار: كتبنا عنها؛ وتوفيت سنة تسع وستمائة: قامت نصف الليل وتوضأت، وكانت ليلة شديدة البرد، ووقفت في محرابها تصلي، فلما سجدت ماتت.

أم السلامي الشاعر

عاتكة بنت محمد بن القاسم، هي أم أبي الحسن محمد بن عبد الله السلامي الشاعر؛ كانت شاعرة فصيحة، مدحت عضد الدولة بقصيدة تقول فيها عند ذكر بختيار:

شتان بين مدبـر ومـدمـر                      صيد الليوث حصائد الغزلان

روعته من بعد دهر راعني                      وسقيته ما كان قبل سقانـي

فلقد سهرت ليالـيا ولـيالـيا                      حتى رأيتك يا هلال زماني

الألقاب

العادل نور الدين: أرسلان شاه؛ والعادل الكبير أبو بكر: محمد بن أيوب؛ العادل الصغير: أبو بكر بن محمد؛ العادل بن الناصر: أبو بكر بن داود؛ العادل نور الدين: محمود؛ العادل زن الدين: كتبغا؛ العادل: رزيك؛ العادل وزير مصر: علي بن السلار؛ العادل صاحب مراكش: اسمه عبد الله بن يعقوب؛ العادل: ألب أرسلان السلجوقي.

الحافظ عارم: محمد بن الفضل؛ عاشق النبي: أيمن بن محمد.

 

عاصم

البطليوسي

عاصم بن أيوب، أبو بكر البطليوسي الأديب؛ روى عن أبي بكر محمد ابن الغراب وأبي عمرو السفاقسي ومكي بن أبي طالب، وكان لغويا أديبا فاضلا ثقة، توفي سنة أربع وتسعين وأربعمائة.

الأنصاري

 

 

صفحة : 2316

 

عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح قيس بن عصمة بن النعمان، أبو سليمان الأنصاري؛ شهد بدرا، وهو حمي الدبر، والدب ذكور النحل، قتله بنو لحيان من هذيل لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية عينا له وأمر عليهم عاصما، وهو جد عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، وانطلقوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق بين عسفان ومكة نزولا ذكروا لحي من هذيل، فتبعوهم في قريب من مائة رجل رام، فاقتصوا آثارهم حتى لحقوهم، فلما رآهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد، وجاء القوم فأحاطوا بهم، فقالوا: لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا لا نقتل رجلا منكم، فقال عاصم: أما أنا فلا أنزل في ذمة كافر، اللهم فأخبر عنا رسولك، فرموهم حتى قتلوا عاصما في سبعة نفر، وبقي خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق أنى ينزلوا إليهم، فلما استمكنوا منهم أخذوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث الذي كان معهم: هذا أوان الغدر، فأبى أن يصحبهم، فجروه، فأبى أن يتبعهم وقال: إن لي في هؤلاء أسوة، فضربوا عنقه وانطلقوا بخبيب وزيد فباعوهما بمكة؛ وبعثت قريش إلى عاصم ليؤتوا بشيء من جسده ليعرفوه، وكان قتل أخا سلافة بنت سعد يوم بدر، وكانت نذرت أن تشرب الخمر في قحف دماغه، فيعث الله عليه مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسلهم، فلم يقدروا على شيء منه، فلما أعجزهم قالوا: إن الدبر ستذهب إذا جاء الليل، فما جاء الليل حتى بعث الله مطرا جاء بسيل فحمله فلم يوجد، وكان قتل كثيرا منهم، فأرادوا رأسه، فحال الله بينهم وبينه. ومن ولده الأحوص الشاعر. وقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يلعن رعلا وذكوان وبني لحيان؛ وقال حسان بن ثابت الأنصاري:

لعمري لقد شانت هذيل بن مدرك                      أحاديث كانت في خبيب وعاصم

أحاديث لحيان صلوا بقبـيحـهـا                      ولحيان ركابو أشـر الـجـرائم في أبيات كثيرة مذكورة في المغازي.

العاصمي الرصاص

عاصم بن الحسن بن محمد بن علي بن عاصم بن مهران بن أبي المضاء، أبو الحسين العاصمي العطار البغدادي المعروف بابن عاصم الرصاص؛ سمع الكثير من عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي وأبي الحسين محمد بن أحمد بن المتيم الواعظ وأبي الفتح هلال بن محمد بن جعفر الحفار وغيرهم، وكتب بخطه أكثر مسموعاته؛ قال محب الدين ابن النجار: وحدث بالكثير على سداد واستقامة، وسمع منه الأئمة والكبار، وروى عنه الخطيب في كتاب المختلف والمؤتلف وكان صدوقا عفيفا متدينا مع ظرف كان فيه ولطف، وله شعر سلس رقيق في الغزل وصفة الخمر، ولم تعرف له فترة ولا اشتغال بشيء من ذلك، وتوفي سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وأورد له قوله:

بنفس من شكوت لفرط وجدي                      خضوعي في محبته وذلـي

فزار مسلما فشفـى فـؤادي                      وأنعم بعد هجراني بوصلـي

فبت أشـم وردة وجـنـتـيه                      وأشرب خمر فيه بغير نقـل وقوله:

أقول وقد رأيت الليل ألـقـى                      على الآفاق من طول ظلامه

أظن الصبح مات فليس يرجى                      بأن يحيا إلى يوم القـيامـه وقوله:

وحرم غمضي والحجيج على منـى                      غزال رأيناه بمـكة مـحـرمـا

رمى وهو يسعى بالجمار وإنـمـا                      رمى جمرة القلب المعذب إذ رمى

ولما تفرقنا بمـنـعـرج الـلـوى                      وأنجدت لا أرجو لقاء وأتـهـمـا

بكيت علـى وادي الأراك ومـاؤه                      معين فصار الماء من عبرتي دما قلت: شعر متوسط.

السكوني

عاصم بن حميد السكوني الحمصي؛ روى عن عمر ومعاذ وعائشة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، روى له أبو داود والنسائي وابن ماجه.

أبو المخشي

عاصم بن زيد بن يحيى بن حنظلة بن علقمة بن عبدي بن زيد بن عدي العبادي، أبو المخشي، شاعر الأندلس في زمانه؛ كان خبيث اللسان، كثير الهجاء، وهو الذي قطع هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام ابن عبد الملك بن مروان لسانه لأنه عرض به في قصيدة مدح بها أخاه أيوب المعروف بالشامي، وكان بين الأخوين تباعد مفرط، والبيت الذي عرض به فيه قوله:

وليس كمن إذا ما سيل عرفا                      يقلب مقلة فـي اعـورار

 

صفحة : 2317

 

وكان هشام في إحدى عينيه نكتة بياض، كما كان جد أبيه هشام بن عبد الملك. ثم اتفق لأبي المخشي المذكور أن مدح هشاما، ووفد عليه إلى مارة، وهو يومئذ يتولى حربها لأبيه، فلما مثل بين يديه قال: يا عاصم، إن النساء اللاتي هجوتهن لمعاداة أولادهن وهتكت أستارهن قد دعون عليك فاستجاب الله لهن، وبعث عليك مني من يدرك منك بثأرهن وينتقم لهن، ثم أمر به فقطع لسانه، ثم نبت بعد ذلك وتكلم به.

قال ابن ظافر في بدائع البدائه: كان مالك رضي الله عنه فيمن قطع لسان رجل عمدا بقطع لسانه من غير انتظار، ثم رجع لما انتهت إليه قصة أبي المخشي وأنه نبت لسانه بعد أن قطع بمقدار سنة، فقال: قد ثبت عندي أن رجلا بالأندلس نبت لسانه بعد أن قطع في نحو هذه المدة؛ انتهى.

وكان أبو المخشي هذا يسكن بوادي شوش  ، وكان بينه وبين ابن هبيرة مهاجاة شديدة، فاجتمعا يوما للمناقضة فقال له ابن هبيرة وعيره بأن نسبه إلى النصرانية لأحل أن آباءه كانوا نصارى:

أقلفتك التي قطعت بشوش                      دعتك إلى هجائي وانتقالي والانتقال: الشتم، فقال أبو المخشي ارتجالا:

سألت وعند أمك من ختانـي                      جواب كان يغني عن سؤالي فقطعه.

الأحول

عاصم بن سليمان الحافظ، أبو عبد الرحمن الأحول البصري، قاضي المدائن؛ روى عن عبد الله بن سرجس وأنس وأبي العالية ومعاذة العدوية وعكرمة وجماعة؛ ولي حسبة الكوفة وقضاء المدائن، وكان من أئمة العلم؛ قال ابن معين: كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عن عاصم يستضعفه، وقد وثقه الناس واحتجوا به في صحاحهم؛ وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائة، وروى له الجماعة.

الجحدري

عاصم بن أبي الصباح الجحدري البصري المقرئ المفسر؛ قرأ القرآن على سليمان بن قتة ونصر بن عاصم والحسن البصري. قال ابن معين: عاصم الجحدري هو صاحب القراءة، ثقة، روى عن عقبة بن ظبيان. قال الشيخ شمس الدين: قراءته شاذة، وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائة.

السلولي

عاصم بن ضمرة السلولي، صاحب علي؛ له عدة أحاديث عنه؛ قال النسائي: ليس به بأس، ولينه ابن عدي، ووثقه جماعة، وتوفي سنة أربع وسبعين للهجرة، وروى له الأربعة.

البلوي

عاصم بن عدي البلوي؛ رده رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر إلى مسجد الضرار لشيء بلغه عنهم، وضرب له بسهم وأجر، وطال عمره، وتوفي سنة خمس وأربعين للهجرة، وروى له النسائي.

الواسطي

عاصم بن علي بن عاصم بن صهيب الواسطي، مولى قريبة بنت محمد بن أبي بكر الصدق؛ روى عنه البخاري وروى الترمذي وابن ماجه عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل وابن عمه حنبل وأبو حاتم وغيرهم؛ وقد حط عليه ابن معين وقال أبو حاتم: صدوق. وعن أحمد بن عيسى قال: أتاني آت في منامي فقال: عليك بمجلس عاصم بن علي فإنه غيظ لأهل الكفر، وكان رحمه الله ممن ذب عن الإسلام في المحنة؛ وتوفي سنة إحدى وعشرين ومائتين.

ابن عمر الخطاب

عاصم بن عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي، أبو عمرو، وأمه جميلة بنت ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخت عاصم حمي الدبر المذكور نفا، وقيل إن أمه جميلة بنت عاصم، والأول أكثر، وكان اسمها عاصية فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولد عاصم بن عمر قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وخاصمت فيه أمه أباه عملا بن الخطاب وعمره أربع سنين، وكان عاصم بن عمر طويلا، يقال إنه كان في ذراعه طول ذراع ونصف شبر، وكان خيرا فاضلا، ومات سنة سبعين، قبل موت أخيه عبد الله بنحو أربع سنين، ورثاه عبد الله بن عمر فقال:

وليت المنايا كن خلفن عاصما                      فعشنا جميعا أو ذهبن بنا معا وكان عاصم شاعرا، وكان بينه وبين رجل ذات يوم شيء، فقام وهو يقول:

قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى                      له صبوة فيما بقي آخـر الـدهـر وعاصم هذا جد عمر بن عبد العزيز، أبو أمه؛ وروى له الجماعة سوى ابن ماجه، وتزوجت أمه جميلة بعد عمر يزيد بن حارثة الأنصاري، فولدت له عبد الرحمن.

المفضل المدني

عاصم بن عمر بن قتادة الظفري المدني؛ روى عن جابر بن عبد الله ومحمود ابن لبيد وجدته رميثة - ولها صحبة - وأنس بن مالك، وكان ثقة عارفا بالمغازي واسع العلم، وثقه أبو زرعة والنسائي، وتوفي سنة عشرين ومائة وروى له الجماعة.

الجرمي

 

 

صفحة : 2318

 

عاصم بن كليب الجرمي الكوفي؛ كان فاضلا عابدا؛ وثقه ابن معين، وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

عاصم بن محمد

عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العدوي؛ روى له الجماعة، ووثقه أبو حاتم وغيره؛ قال الشيخ شمس الدين: ما علمت عنه شيئا بوجه وأبن مولده، إنما كل علمي اسمه عاصم، وفيه ضعف، وتوفي في حدود الستين ومائة.

العدوي

عاصم بن أبي النجود، أحد القراء السبعة، الإمام القارئ أبو بكر الأسدي؛ اسم أبي النجود بهدلة، وقيل بهدله اسم أمه، واسم أبي النجود كنيته، ويقال بضم النون وبفتحها؛ وهو كوفي أحد الأعلام، قرأ على أبي عبد الرحمن اسلمي وزر بن حبيش، وروى عنهما وعن أبي وائل ومصعب بن سعد وطائفة كثيرة، وتصدر للإقراء بالكوفة؛ قال أحمد بن حنبل: كان عاصم رجلا صالحا، وبهدلة أبوه، وثقه أبو زرعة وجماعة، أما في القراءة فثبت، وأما في الحديث فحسن الحديث، وروى له الأربعة، وروى البخاري ومسلم له مقرونا؛ وتوفي سنة سبع وعشرين أو ثمان وعشرين أو تسع وعشرين ومائة، وكان صاحب همز ومد وقراءة شديدة وكان شديد التنطع، ولما مات أبو عبد الرحمن السلمي جلس عاصم مكانه.

 

الألقاب

أبو عاصم النبيل: اسمه الضحاك بن مخلد.

العاضد صاحب مصر: عبد الله بن يوسف.

 

عافية

القاضي

عافية بن يزيد بن قيس الأودي، القاضي الكوفي، أحد الأعلام؛ تفقه على أبي حنيفة، وبرع في الفقه، وتوفي في حدود السبعين ومائة.

 

الألقاب

ابن العاقولي مدرس المستنصرية: عبد الله بن محمد.

 

عالي

الغزنوي الحنفي

عالي بن إبراهيم بن إسماعيل الغزنوي الحنفي، أبو علي؛ كان ممن لقي فخر خوارزم أبا القاسم محمود بن عمر الزمخشري وقرأ عليه وكتب عنه، وقدم حلب وأقام بها يدرس الفقه على مذهب أبي حنيفة، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة، وله من كتب: المشارع في فقه أبي حنيفة، المنابع في شرح المشارع، وتفسير القرآن.

الغساني

عالي بن جبلة الغساني؛ قال العميد أبو بكر القهستاني: كتب إلي عالي بن جبلة الغساني أول ما قدم علي:

من بني جفنة بن عمرو فتى بال                      باب يبغي إلى العميد الوصولا

أغبر قبحته غـبـراء لـلـري                      ح دوي فيها وكـان جـمـيلا  ابن ابن جني النحوي

عالي بن عثمان بن جنب، أبو سعيد الموصلي؛ سكن صور، وكان مثل أبيه أبي الفتح نحويا أديبا حسن الخط جيد الضبط، وكتب بخطه كثيرا من تصانيف أبيه، ورواها عنه، وسمع من أبي القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن الجراح الوزير، وسمع بالموصل نصر بن أحمد بن الخليل المرجى، وروى عنه أبو نصر ابن ماكولا ومكي بن عبد السلام الزميلي، وكان له أخوان علي والعلاء، ونوفي بصيدا سنة تسع أو ثمان وخمسين وأربعمائة.

 

العالية

الكلابية

العالية بنت أبي ظبيان بن عمرو بن عوف الكلابية؛ تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت عنده ما شاء الله تعالى، ثم إنه طلقها؛ قل من ذكرها.

 

الألقاب

ابن العالمة المقرئ: اسمه أحمد بن الحسن.

ابن العالمة قاضي الخليل: اسمه محمد بن عبد القادر.

أبو العلية: الحسن بن مالك.

أبو العلية الصحابي: رفيع بن مهران.

 

عامر

أبو عبيدة بن الجراح

 

 

صفحة : 2319

 

عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري، أبو عبيدة، غلبت عليه كنيته؛ أمين هذه الأمة، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة؛ قال الزبير: كان أهتم، وذلك أنه نزع الحلقتين اللتين دخلتا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغفر يوم أحد فانتزعت ثنيتاه فحسنتا فاه، فيقال إنه ما رؤي قط أحسن من هتم أبي عبيدة. ذكره بعضهم فيمن هاجر إلى الحبشة، ولم يختلفوا في شهوده بدرا والحديبية، وكان يدعى في الصحابة: القوي الأمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لأهل نجران: لأرسلن معكم القوي الأمين، ولقوله صلى الله عليه وسلم: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح؛ وقال فيه أبو بكر الصديق يوم السقيفة: قد رضيت لكم أحد الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، عمر أو أبو عبيدة ابن الجراح؛ وعن يونس عن الحسن قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من صحابي أحد إلا لو شئت لوجدت عليه إلا أبا عبيدة. ولما ولي عمر بن الخطاب عزل خالدا وولى أبا عبيدة ابن الجراح؛ وتوفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة للهجرة، وسنه ثمان وخمسون سنة. وعمواس قرية يمين الرملة، وقيل سمي عمواس لقولهم عم وآس، مات فيه خمسة وعشرون ألفا؛ وروى له الجماعة.

أبو جهم الصحابي

عامر بن حذيفة بن غانم بن عامر بن عبد الله بن عبيد بن عريج بن عدي ابن كعب القرشي العدوي، أبو جهم، مشهور بكنيته، وقيل اسمه عبيد بن حذيفة؛ أسلم يوم الفتح، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مقدما في قريش معظما، وكان فيه وفي بيته شدة وعرامة. قال الزبير: أبو جهم ابن حذيفة من مشيخة قريش، كان عالما بالنسب، وهو أحد الأربعة الذين كانت قريش تأخذ عنهم النسب. وقال، قال عمي: كان أبو جهم ابن حذيفة من المعمرين بنى الكعبة مرتين: في الجاهلية حين بنتها قريش وحين بناها ابن الزبير؛ وهو أحد الأربعة الذين دفنوا عثمان، وهم حكيم بن حزام وجبير بن مطعم ودينار ابن مكرم وأبو جهم ابن حذيفة، ومنهم من قال إنه توفي في آخر خلافة معاوية، ولكن الزبير وعمه أعلم بأخبار قريش. وأبو جهم هذا هو الذي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة لها علم فشغلته في الصلاة فردها عليه؛ قال ابن عبد البر: هذا معنى رواية أئمة أهل الحديث. ذكر الزبير قال، حدثنا عمر بن أبي بكر المؤملي عن سعيد بن عبيد الكبير بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أبيه عن جده قال: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بخميصتين سوداوين، فلبس إحداهما وبعث الأخرى إلى أبي جهم، ثم إنه أرسل إلى أبي جهم في تلك الخميصة وبعث إليه التي لبسها هو ولبس هو التي كانت عند أبي جهم بعد أن لبسها أبو جهم لبسات.

عامر بن الطفيل

 

 

صفحة : 2320

 

عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب؛ كان من شعراء الجاهلية وفرسانها، شاعر مشهور وفارس مذكور، أخذ المرباع ونال الرئاسة وتقدم على العرب وأطيع في السياسة وقاد الجيوش وقمع العدو، وكان عقيما لم يولد له، وكان أعور، وأدرك الإسلام ولم يوفق للإسلام؛ وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر بن صعصعة فيهم عامر بن الطفيل وأربد بن قيس أخو لبيد بن ربيعة لأمه وجبار بن سلمى بن مالك، وكان هؤلاء الثلاثة رؤوس القوم وشياطينهم، وقد كوان قوم عامر قالوا له: يا عامر، إن الناس قد أسلموا فأسلم، فقال: قد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، فأتبع أنا عقب هذا الفتى من قريش?  وهم بالغدر به، فقال لأربد: إذا أقبلنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه فاعله أنت بالسف، فجرى ما ذكرته في ترجمة أربد في حرف الهمزة. ولما خرج عامر من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما قال، قالت عائشة: من هذا يا رسول الله? قال: هذا عامر بن الطفيل، والذي نفسي بيده لو أسلم وأسلمت بنو عامر لزاحمت قريشا على منابرها. ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا قوم إذا دعوت فأمنوا، ثم قال: اللهم اهد بني عامر واشغل عني عامر بن الطفيل بما شئت وكيف وأنى شئت. وخرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق نزل عامر بامرأة من بني سلول، فبعث الله على عامر الطاعون في عنقه فقتله، ورجع عامر يقول: يا بني عامر أغدة كغدة البكر وموت في بيت سلولية?  وجعل يشتد وينزو إلى السماء ويقول: يا موت ابرز لي حتى أراك. وقدم أربد أرض بني عامر فقالوا: ما ورائك? قال: لقد دعانا محمد إلى عبادة شيء لوددته عندي الآن فأرميه بنبلي هذه فأقتله. فخرج بعد مقالته هذه بيومين معه جمل يبيعه، فأرسل الله عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما في مكانهما؛ ونصبت بنو عامر على قبر عامر أنصابا ميلا في ميل حمى على قبره، لا تنشر فيه ماشية ولا ترعة فيه سارحة ولا يسلكه راكب ولا ماش. وكان جبار بن سلمى غائبا، فلما قدم قال: ما هذه الأنصاب? قالوا: حمى على قبر عامر، قال: ضيقتم على أبي علي، إن أبا علي أفضل على الناس بثلاث: كان لا يعطش حتى يعطش البعير، ولا يضل حتى يضل النجم، ولا يجبن حتى يجبن السيل. وكان يوم مات ابن بضع وثمانين سنة، وكان مولده قبل مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع عشرة سنة؛ وأبو براء ملاعب الأسنة عامر بن مالك هو عم عامر هذا.

العنزي الصحابي

عامر بن ربيعة بن كعب بن مالك العنزي - عنز بن وائل - أبو عبيد الله العدوي، حليف لهم، وقال علي بن المديني: عامر بن ربيعة من عنز - بفتح النون - والأصح تسكين النون؛ أسلم قديما بمكة وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدرا وسائر المشاهد، وتوفي سنة ثلاث وثلاثين، وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وقيل سنة خمس وثلاثين، بعد قتلة عثمان بأيام. روى عنه من الصحابة ابن عمر وابن الزبير، وروى له الجماعة. قال عبد الله بن عامر: قام عامر يصلي من الليل حين نشب الناس في الطعن على عثمان رضي الله عنه، قال: فصلى من الليل ثم نام، فأتي في المنام فقيل له: قم فاسأل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده، فقام فصلى ودعا، ثم اشتكى، فما خرج بعد إلا بجنازته.

مولى أبي بكر

 

 

صفحة : 2321

 

عامر بن فهيرة، مولى أبو بكر الصديق، أبو عمرو؛ كان مولدا من الأزد، أسود اللون مملوكا للطفيل بن سخبرة، فأسلم وهو مملوك، فاشتراه أبو بكر وأعتقه، واسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وقبل أن يدعو فيها إلى الإسلام؛ وكان حسن الإسلام، وكان يرعى الغنم في ثور ثم يروح بها على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر في الغار، وكان رفيق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر في هجرتهما إلى المدينة، وشهد بدرا وأحدا، وقتل يوم بئر معونة سنة أربع من الهجرة، وهو ابن أربعين سنة، قتله عامر بن الطفيل، وكان يقول: لما طعنته رأيته قد رفع بين السماء والأرض حتى رأيت السماء دونه ثم وضع؛ وطلب عامر في القتلى فلو يوجد، قال عروة: فيرون أن الملائكة دفنته أو رفعته؛ ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الذين قتلوا أصحاب بئر معونة أربعين صباحا حتى نزلت  ليس لك من الأمر شيء أبو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون  ، وقيل نزلت في غير هذا.

عامر بن الأكوع

عامر بن الأكوع؛ هو عامر بن سنان عم سلمة بن عمرو بن الأكوع، وسنان هو الأكوع؛ استشهد يوم خيبر سنة سبع للهجرة، ولما خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويسوق الركاب وهو يقول:

تالله لولا الله ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

إن الذين قد بغوا علينا

إذا أرادوا فتنة أبينا

ونحن عن فضلك ما استغنينا

فثبت الأقدام إن لاقينا

وأنزلن سكينة علينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا? قالوا: عامر يا رسول الله، قال: غفر لك ربك - وما خص أحدا بالاستغفار إلا استشهد - فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال: لو متعتنا بعامر؛ وبارز رحبا اليهودي يومئذ فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب

شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب فقال عامر أيضا:

قد علمت خيبر أني عامر

شاكي السلاح بطل مغامر فاختلفا بضربتين، فرقع سيف مرحب في ترس عامر ورجع سيفه على ساقه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه، فقال ناس: بطل عمل عامر، قتل نفسه؛ فأتى ابن أخيه سلمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذب من قال ذلك، بل له أجره مرتين.

الهمداني

عامر بن شهر الهمداني، ويقال الناعطي والبكيلي، وكل ذلك في همدان؛ يكنى أبا شهر، وقيل أبو الكنود؛ روى عنه الشعبي لم يرو عنه غيره، قال ابن عبد البر: في علمي يعد في الكوفيين، قال: كنت عند النجاشي جالسا فجاء ابن له من الكتاب فقرأ آية من الإنجيل، فعرفتها وفهمتها فضحكت، فقال: مم تضحك، من كتاب الله? فوالله إن مما أنزله على عيسى بن مريم صلوات الله عليه أن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.

الأنصاري

عامر بن ثابت بن أبي الأقلح الأنصاري، أخو عاصم المقدم ذكره؛ هو الذي ولي ضرب عنق ابن أبي معيط يوم بدر، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقيل بل الذي قتله عاصم أخوه.

الأشجعي

عامر بن الأضبط الأشجعي؛ هو الذي قتلته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم يظنونه متعوذا بقول لا إله إلا الله، فوداه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لقاتله قولا عظيما، وقال: هلا شققت عن قلبه، وأنزل الله عز وجل فيه  يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا  الآية.

أبو الطفيل

عامر بن واثلة بن عبد الله بن عمير الليثي أبو الطفيل؛ غلبت عليه كنيته؛ أدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين، كان مولده عام أحد ومات سنة مائة أو نحوها، وقيل سنة عشر ومائة؛ ويقال إنه آخر من مات ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روي عنه نحو أربعة أحاديث، وكان محبا في علي، وكان من أصحابه في مشاهده، وكان ثقة مأمونا يعترف بفضل الشيخين إلا أنه يقدم عليا، وروى له الجماعة، وخرج مع المختار طالبا بدم الحسين، فقتل المختار وأفلت هو. قال بشر بن مروان وهو على العراق لأنس بن زنيم: أنشدني أفضل شعر قالته كنانة، فأنشده قصيدة أبي الطفيل التي يقول فيها:

أيدعونني شيخا وقد عشت حقبة                      وهن من الأزواج نحوي نوازع

 

صفحة : 2322

 

 

وما شاب رأسي من سنين تتابعت                      علي ولكن شيبتنـي الـوقـائع فقال بشر: صدقت هذا أفضل شعر قالته. ولما استقام أمر معاوية لم يكن شيء أحب إليه من لقاء أبي الطفيل، فلم يزل يكاتبه ويلطف به حتى أتاه، فلما قدم عليه جعل يسائله عن الجاهلية، ودخل عليه عمرو بن العاص ونفر معه، فقال لهم معاوية: أما تعرفون هذا? هذا فارس صفين وشاعرها، هذا خليل أبي الحسن، ثم قال: يا أبا الطفيل ما بلغ من حبك لعلي قال: حب أم موسى، قال: فما بلغ من بكائك عليه? قال: بكاء العجوز الثكلى والشيخ الرقوب، وإلى الله عز وجل أشكو التقصير. قال معاوية: لكن أصحابي هؤلاء إن سئلوا عني ما يقولون في ما قلت في صاحبك، قالوا: إذن والله لا نقول الباطل، قال معاوية: لا والله، لا الحق تقولون، ثم قال معاوية: هو الذي يقول:

إلى رحبة السبعين يعـتـرفـونـنـي                      مع السيف في جأواء جم عـديدهـا

زحوف كركن الطود فيها معـاشـر                      كغلب السباع نمـرهـا وأسـودهـا

كهول وشبـان وسـادات مـعـشـر                      على الخيل فرسان قليل صـدورهـا

كأن شعاع الشمس تـحـت لـوائهـا                      إذا طلعت أعشى العـيون حـديدهـا

شعارهـم سـيمـا الـنـبـي وراية                      لها انتقم الرحمن مـمـن يكـيدهـا

تخطفـهـم إياكـم عـنـد ذكـركـم                      كخطف ضواري الطير طيرا تصيدها فقال معاوية لجلسائه: أعرفتموه? فقالوا: نعم هذا أفحش شاعر وألأم جليس، فقال معاوية: يا أبا الطفيل، أتعرفهم? قال: ما أعرفهم بخير ولا أبعدهم من شر، وقام خزيمة الأسدي فأجابه وقال:

إلى رجب أو غرة الشهـر بـعـده                      تصبحهم حمر المنـايا وسـودهـا

ثمانون ألفا دين عثـمـان يدنـهـم                      كتائب فيهـا جـبـريل يقـودهـا

فمن عاش منكم عاش عبدا ومن يمت                      ففي النار سقياه هنـاك صـديدهـا  التميمي العابد

عامر بن عبد قيس التميمي العبدي الزاهد، عابد زمانه؛ روى عن عمر وسلمان الفارسي، وتوفي في حدود السبعين للهجرة.

الأنصاري

عامر بن مسعود الزرقي الأنصاري؛ وهو مختلف في صحبته، وتوفي في حدود السبعين للهجرة.

البجلي

عامر بن سعد البجلي الكوفي؛ يروي عن أبي مسعود البدري وجرير البجلي وأبي هريرة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

الزهري

عامر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني؛ له ثمانية إخوة، سمع أباه وأسامة بن زيد وأبا هريرة وعائشة وجابر بن سمرة، وتوفي قبل المائة للهجرة، وقيل سنة أربع ومائة، وروى له الجماعة.

المؤذن

عامر بن إبراهيم بن واقد الأشعري، مولى أبي موسى الأصبهاني المؤذن؛ كان ثقة من خيار الناس، توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين.

الشعبي

 

 

صفحة : 2323

 

عامر بن شراحيل، أبو عمرو الشعبي، من شعب همدان، علامة أهل الكوفة؛ ولد في وسط خلافة عمر بن الخطاب، وروى عن علي يسيرا وعن المغيرة بن شعبة وعمران بن حصين وعائشة وأبي هريرة وجرير البجلي وعدي بن حاتم وابن عباس ومسروق وخلق كثير؛ قال أحمد بن عبد الله العجلي: مرسل الشعبي صحيح ولا يكاد يرسل إلا صحيحا. قال الشعبي: ولدت عام جلولاء؛ وقال: أدركت خمسمائة من الصحابة أو أكثر؛ وقال ابن شبرمة: سمعته يقول: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا، ولا حدثني رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي؛ وقال: ما أروي شيئا أقل من الشعر ولو شئت لأمليتكم شهرا لا أعيد، وقال أبو أسامة: كان عمر في زمانه، وكان بعده ابن عباس، وكان بعده الشعبي، وكان بعده الثوري؛ وعلى الجملة فكان متسع العلم، وتوفي سنة أربع ومائة، وروى له الجماعة وحكى الشعبي قال: أنفذني عبد الملك بن مروان إلى ملك الروم، فلما وصلت إليه جعل لا يسأل عني شيء إلا أجبته، وكانت الرسل لا تطيل الإقامة عنده، فحبسني أياما كثيرة حتى استحثثت خروجي، فلما أردت الانصراف قال لي: أمن أهل بت المملكة أنت? قلت: لا، ولكني رجل من العرب في الجملة، فهمس بشيء، فدفعت إلي رقعة، وقال لي: إذا أديت الرسائل إلى صاحبك فأوصل إليه هذه الرقعة، قال: فأديت الرسائل عند وصولي إلى عبد الملك وأنسيت الرقعة، فلما صرت في بعض الدار أريد الخروج تذكرتها، فرجعت وأوصلتها إليه، فلما قرأها قال: أقال لك شيئا قبل أن يدفعها إليك? قلت: نعم، وخبرته بسؤالي وجوابي، ثم خرجت من عند عبد الملك، فلما بلغت الباب رددت، فلما مثلت بين يديه قال: أتدري ما في الرقعة? قلت: لا، قال: اقرأها، فقرأته، وإذا فيها: عجبت من قوم فيهم مثل هذا كيف ملكوا غيره، فقلت: والله لو علمت هذا ما حملتها، وإنما قال هذا لأنه لم يرك. قال: أفتدري لم كتبتها? قلت: لا، قال: حسدني عليك وأراد أن يغريني بقتلك؛ قال: فتأذى ذلك إلى ملك الروم فقال: ما أردت إلا ما قال. وكان الشعبي ضئيلا نحيفا، فقيل له يوما: إنا نراك ضئيلا، فقال: زوحمت في الرحم، وكان أحد توأمين، وأقام في الرحم سنتين، ويقال إن الحجاج سأله يوما فقال له: كم عطاءك في السنة? فقال: ألفين، فقال: ويحك كم عطاؤك? فقال: ألفان، فقال: كيف لحنت أولا? قال: لحن الأمير فلحنت، فلما أعرب أعربت، وما يلحن الأمير فأعرب، فاستحسن منه ذلك وأجازه. وكان الشعبي مزاحا، دخل عليه رجل ومعه امرأة في البيت فقال: أيكما الشعبي? فقال: هذه، وأومأ إلى المرأة؛ وتوفي فجأة.

أبو الهول الحميري

عامر بن عبد الرحمن، أبو الهول الحميري؛ كان آية في الهجاء المقذع، له مدائح في المهدي والرشيد، وتوفي في حدود التسعين ومائة.

العابد ابن الزبير

عامر بن عبد الله بن الزبير بن العوام، القانت العابد؛ سمع أباه وعمرو ابن سليم، اشترى نفسه من الله ست مرات - يعني تصدق كل مرة بديته -، ركع خلف الإمام ركعة في صلاة المغرب ثم مات رحمه الله في حدود الثلاثين ومائة، وقد أجمعوا على ثقته، وروى له الجماعة.

أحد قواد بني العباس

عامر بن إسماعيل؛ من كبار قواد الدولة العباسية، وهو الذي أدرك مروان بيوصير وبيته وأهلكه، وكان كبير القدر عند المنصور، توفي سنة سبع وخمسين ومائة.

أوقية المقرئ الموصلي

عامر بن عمر، أبو الفتح الملقب بأوقية؛ كان فصيحا مجودا لكتاب الله تعالى، توفي في حدود الخمسين ومائتين.

القاضي أبو بردة

 

 

صفحة : 2324

 

عامر بن عبد الله بن قيس، أبو بردة ابن أبي موسى الأشعري؛ كان أبوه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم عليه من اليمن في الأشعريين، وأبو بردة كان قاضيا على الكوفة، وليها بعد القاضي شريح، هكذا ذكره محمد بن سعد، وله مكارم ومآثر مشهورة؛ وكان أبو موسى تزوج في عمله على البصرة طفية بنت دمون، وكان أبوها من الطائف، فولدت له أبا بردة، وسماه أبوه عامرا، واسترضع له في بني فقيم، فلما شب كساه أبو شيخ ابن الغرق بردتين وغدا به على أبيه فكناه أبا بردة، فذهبت اسمه؛ وكان ولده بلال قاضيا على البصرة، وهم الذين يقال في حقهم: ثلاثة قضاة في نسق. وجلس أبو بردة يوما يفتخر بأبيه ويذكر فضائله وصحبته رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان في مجلس عام وفيه الفرزدق الشاعر، فلما أطال القول في ذلك أراد الفرزدق الغض منه فقال: لو لم يكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكفاه، فامتعض أبو بردة من ذلك ثم قال: صدقت ولكنه ما حجم أحدا قبله ولا بعده، فقال الفرزدق: كان أبو موسى والله أفضل من أنه يجرب الحجامة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت أبو بردة على غيظ. وتوفي أبو بردة المذكور سنة ثلاث ومائة، وقيل سنة أربع وقيل سنة ست أو سنة سبع ومائة، وقال ابن سعد: مات أبو بردة والشعبي في سنة ثلاث ومائة في جمعة واحدة. وروى أبو بردة عن أبيه وعلي بن أبي طالب والزبير وحذيفة وعبد الله ابن سلام وأبي هريرة وغيرهم، وروى له الجماعة.

المقدسي

عامر بن دغش بن حصن بن دغش، أبو محمد الأنصاري الحوراني، من أهل السويداء من حوران، كان يعرف بالمقدس؛ سكن بغداد إلى حين وفاته، وتفقه بالنظامية على الغزالي وغيره، وسمع من طراد بن محمد بن علي الزينب والمبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي وجعفر بن أحمد بن الحسين السراج وغيرهم، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.

أو السرايا

عامر بن سعيد بن مفرج بن هذيل، أبو السرايا الزهري النجدي؛ شاعر مدح الشيخ أبا إسحاق الشيرازي وغيره؛ قال محب الدين ابن النجار: كان حيا في عاشر صفر سنة ثلاث وستين وأربعمائة، وأورد له قوله:

يا عاشق الدنيا أمنت إلى التي                      وعدتك أم منتك بـالأشـواق

أما الذنوب فأنت منها مكثـر                      وأراك في الحسنات ذا إملاق

فانظر لنفسك إن نفسك ما لها                      يوما يحل بها الردى من واق  أبو عكرمة الضبي

عامر بن عمران بن ذياد، أبو عكرمة الضبي، من أهل سر من رأى؛ كان نحويا لغويا أخباريا صنف كتاب الخيل. روى عن مسعود بن بشر المازني وعبد الله بن محمد التوزي والحسن بن محمد النخعي والعتبي وابن الأعرابي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وسليمان بن أبي شيخ وغيرهم؛ روى عنه القاسم بن محمد بن بشار الأنباري وأبو الحسين ابن القاسم الكوكبي ومحمد ابن هبيرة الملقب بصعودا، وكانت أخلاق أبي عكرمة شرسة، وهو أعلم الناس بأشعار العرب، وأرواهم لها.

أبو محمد المقرئ

عامر بن موسى بن طاهر بن بشكم، أبو محمد الضرير المقرئ البغدادي؛ كان فقيها شافعيا يتكلم في مسائل الخلاف ويعرف القراءات والنحو معرفة تامة، وكان يؤم في شهر رمضان بالإمام المقتدي، وسمع من علي بن محمد ابن علي بن قشيش وعلي بن المحسن بن علي التنوخي وغيرهما، وحدث باليسير، وتوفي سنة ست وثمانين وأربعمائة.

أبو المليح الهذلي

عامر بن أسامة، أبو المليح الهذلي؛ بصري ثقة، روى عن أبيه وعائشة وبريدة بن الحصيب وعوف بن مالك وابن عباس وعبد الله بن عمر، وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائة، وروى له الجماعة.

أبو القاسم القرطبي

عامر بن هشام، أبو القاسم القرطبي الأزدي؛ سمع من أبيه أبي الوليد وابن بشكوال وقرأ الملخص للقابسي، وكان أديبا شاعرا كاتبا مطبوعا، صنف شرحا لغريب الملخص، وصلحت حاله بأخرة وأقبل على العبادة والنسك، وتوفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة. ومن شعره. . .

ابن دقيق العيد

 

 

صفحة : 2325

 

عامر بن محمد بن علي بن وهب، هو عز الدين ابن الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد القشيري؛ سمع من العز الحراني وابن الأنماطي وغيرهما، وتعدل وجلس بحانوت العدول. قال كمال الدين جعفر الأدفوي: ثم خالط أهل المعاصي فأثرت الخلطة فيه، وخرج عن طريقة أبي، واستمر على ذلك، وتمادى في سلوك هذه المسالك، حتى أن أباه جفاه، وودعه وقلاه. ولما ولي أبوه القضاء أقامه من الشهود لما علم منه وأبعده عنه، وتوفي بالقاهرة سنة إحدى عشرة وسبعمائة.

 

الألقاب

ابن عامر المقرئ: هو عبد الله بن عامر.

عائد الكلب: عبد الله بن مصعب.

 

عائذ

أبو أحمد الكوفي

عائذ بن حبيب، أبو أحمد الكوفي؛ روى عن أشعث بن سوار وحميد الطويل وهشام بن عروة وجماعة، وعنه أحمد وإسحاق وأبو خيثمة وأبو كريب وأبو سعيد الأشج، ووثقه ابن معن، وتوفي سنة ست وثمانين وقيل تسعين ومائة، وروى له النسائي وابن ماجه.

أبو هبيرة

عائذ بن عمرو بن هلال، أبو هبيرة المزني؛ كان ممن بايع بيعة الرضوان تحت الشجرة، وكان من صالحي الصحابة، سكن البصرة وبنى بها دارا؛ روى عنه الحسن ومعاوية بن قرة وعامر الأحول، وتوفي في حدود السبعين للهجرة، وروى له البخاري ومسلم والنسائي.

أبو إدريس الخولاني

عائذ بن عبد الله، أبو إدريس الخولاني، فقيه أهل الشام، وقاضي دمشق؛ ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، وحدث عن أبي ذر وأبي الدرداء وحذيفة وعبادة بن الصامت وأبي موسى والمغيرة بن شعبة وأبي هريرة وعقبة بن عامر وعوف بن مالك وشداد بن أوس وابن عباس وأبي مسلم الخولاني وجماعة، وتوفي سنة ثمانين من الهجرة، وروى له الجماعة؛ قال ابن عبد البر: واختلف في سماعه من معاذ، والصحيح أنه أدركه وروى عنه وسمع منه.

 

الألقاب

ابن عائذ صاحب المغازي: اسمه محمد بن عائذ

عائشة

أم المؤمنين رضي الله عنها

 

 

صفحة : 2326

 

عائشة بنت أبي بكر الصديق، أم المؤمنين زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، أم عبد الله التيمية، فقيهة نساء الأمة؛ دخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال بعد بدر وعمرها تسع سنين، وتزوجها قبل الهجرة بسنتين، وقيل بثلاث، وهي بنت ست، وقيل بنت سبع، وكانت تذكر لجبير بن مطعم وتسمى له، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أري عائشة في المنام في سرقة من حرير متوفى خديجة، فقال: إن يكن هذا من عند الله يمضه، ثم تزوجها، وتوفي عنها صلى الله عليه وسلم وعمرها يومئذ ثمان عشرة سنة؛ قال أبو عمر ابن عبد البر: لم ينكح بكرا غيرها، واستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكنية فقال لها: اكتني بابنك عبد الله بن الزبير، يعن ابن أختها. وكان مسروق إذا حدث عن عائشة قال: حدثتني الصادقة ابنة الصديق البريئة المبرأة بكذا وكذا. وقال أبو الضحى عن مسروق: رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الأكابر يسألونها عن الفرائض؛ وقال عطاء بن أبي رباح: كانت عائشة رضي الله عنها أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في العامة. وقال هشام بن عروة عن أبيه: ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة، ما كان ينزل بها شيء إلا أنشدت فيه شعرا. قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وعلم جميع النساء لكان علم عائشة أفضل، وقال عمرو بن العاص: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أحب إليك? قال: عائشة، قلت: فمن الرجال? قال: أبوها. وقال صلى الله عليه وسلم: فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام؛ وقالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام، فقلت: عليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى. وعنها أن جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذه زوجتك في الدنيا والآخرة، رواه الترمذي وحسنه. وقال عروة: كان الناس يتحرون بهداياهم عائشة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثير وتنجو بعدما كادت? وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم؛ وفي عائشة يقول حسان بن ثابت الأنصاري في قصة الإفك الذي رميت به عائشة رضي الله عنها:

حصـان رزان مـا تـزن بـريبة                      وتصبح غرثى من لحوم الغوافـل

عقيلة أصل من لؤي بن غـالـب                      كرام المساعي مجدهم غير زائل

مهذبة قد طيب الـلـه خـيمـهـا                      وطهرها من كل بغي وبـاطـل

فإن كان ما قد قيل عني قـلـتـه                      فلا رفعت سوطي إلي أنامـلـي

وإن الذي قد قـيل لـيس بـلائط                      بها الدهر بل قول امرئ بي ماحل

وكيف وودي ما حييت ونصرتـي                      لآل رسول الله زين المـحـافـل

رأيتك وليغفر لـك الـلـه حـرة                      من المحصنات غير ذات غـوائل قال ابن عبد البر: أمر النبي صلى الله عليه وسلم الذين رموا عائشة بالإفك حين نزل القرآن ببراءتها، فجلدوا الحد ثمانين فيما ذكر جماعة من أئمة أهل السير والعلم بالخبر، وقال قوم: إن حسان بن ثابت لم يجلد معهم ولا يصح عنه أنه خاض في الإفك والقذف، ويزعمون أنه القائل:

لقد ذاق عبد الله ما كان أهلـه                      وحمنة إذ قالوا هجيرا ومسطح عبد الله هو عبد الله بن أبي سلول، وآخرون يصححون جلد حسان، ويزعمون أن هذا البيت لغير حسان.

وتوفيت رضي الله عنها سنة سبع وخمسين من الهجرة، وقيل ثمان وخمسين، وأمرت أن تدفن ليلا، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير والقاسم بن محمد وعبد الله بن محمد بن أبي بكر وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر؛ وروى لها الجماعة.

التيمية

 

 

صفحة : 2327

 

عائشة بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب ابن سعد بن تيم التيمية، أمها أم كلثوم ابنة الصديق؛ تزوجت بابن خالها عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر وبعده بمصعب بن الزبير، وكان صداقها مائة ألف دينار، وكانت أجمل أهل زمانها وأحسنهن وأرأسهن، فلما قتل مصعب تزوجها عمر بن عبد الله التيمي وأصدقها ألف ألف درهم؛ حدثت عن خالتها عائشة رضي الله عنها، ووثقها يحيى بن معين، وتوفيت في حدود العشرة بعد المائة، وروى لها الجماعة. وكانت لا تستر وجهها من أحد، فعاتبها مصعب في ذلك فقالت: إن الله عز وجل وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس ويعرفوا فضلي عليهم، فما كنت لأستره، ووالله ما في وصمة يقدر أن يذكرني بها أحد؛ وكانت شرسة الأخلاق، وكذلك نساء بني تيم، وكانت عند الحسين بن علي رضي الله عنهما أم إسحاق بنت طلحة، وكان يقول: والله لربما حملت ووضعت وهي مصارمة لي لا تكلمني. ثم إن عائشة آلت من مصعب فقالت: أنت علي كظهر أمي، وقعدت في غرفة وهيأت فيها ما يصلحها، فجهد مصعب أن تكلمه فأبت، فبعث إليها ابن قيس الرقيات فسألها كلامه فقالت: كيف بيميني? فقال: ها هنا الشعبي فقيه أهل العراق فاستفتيه، فدخل عليها فأخبرته، فقال: ليس هذا بشيء، فقالت: أتحلني وتخرج خائبا? فأمرت له بأربعة آلاف درهم. وكانت بارعة الحسن وفيها يقول ابن قيس الرقيات لما رآها:

إن الخليط قد ازمعوا تركي                      فوقفت في عرصاتهم أبكي

جنية برزت لتقـتـلـنـي                      مطلية الأصداغ بالمسـك

عجبا لمثلك لا يكـون لـه                      خرج العراق ومنبر الملك ووصفتها عزة الميلاء لمصعب لما خطبها فقالت: أما عائشة فلا والله ما إن رأيت مثلها مقبلة مدبرة، محطوطة المتنين، عظيمة العجيزة، ممتلئة الترائب، نقية الثغر وصفحة الوجه، غراء فرعاء الشعر، لفاء الفخذين، ممتلئة الصدر، خميصة البطن، ذات عكن، ضخمة السرة، مسرولة الساق، يرتج ما بين أعلاها إلى قدميها، وفيها عيبان: أما أحدهما فيواريه الخمار، وأما الآخر فيواره الخف: عظم الأذن والقدم؛ وكانت عائشة بنت طلحة تشبه بعائشة أم المؤمنين خالتها، ولم تلد عائشة بنت طلحة من أحد من أزواجها إلا من عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي بكر. وهو ابن خالها وأبو عذرها، وولدت له عمران، وبه تكنى، وعبد الرحمن وأبا بكر وطلحة ونفيسة، وتزوجها الوليد بن عبد الملك؛ وطلحة ولدها من أجواد قريش. وصارمت عبد الله مرة وخرجت من دارها غضبى، فمرت في المسجد وعليها ملحفة تريد عائشة أم المؤمنين، فرآها أبو هريرة فسبح وقال: سبحان الله كأنها من الحور العين. فمكثت عند عائشة أربعة اشهر، وكان زوجها قد آلى منها، فأرسلت عائشة تقول: غني أخاف عليك الإيلاء، فضمها إليه، وكان ملقى منها فقيل له: طلقها، فقال:

يقولون طلقها لأصبـح ثـاويا                      مقيما على الهم أحـلام نـائم

وإن فراقي أهل بيت أحبـهـم                      لهم زلفة عندي لإحدى العظائم فتوفي عبد الله بعد ذلك وهي عنده، فما فتحت فاها عليه، وكانت عائشة أم المؤمنين تعدد علها هذا من ذنوبها.

 

 

صفحة : 2328

 

ودخل مصعب يوما عليها وهي نائمة مضمخة ومعه ثماني لؤلؤات قيمتها عشرون ألف دينار، فأنبهها ونثر اللؤلؤ في حجرها فقالت له: نومتي كانت أحب إلي من هذا اللؤلؤ. وكان مصعب لا يقدر عليها إلا بتلاح ينالها منه ويضربها، فشكا ذلك إلى ابن أبي فروة كاتبه، فقال له: أنا أكفيك هذا إن أذنت لي، قال: نعم، افعل ما شئت، فإنها أفضل شيء نلته في الدنيا، فأتاها ليلا ومعه أسودان فاستأذن عليها، فقالت له: أفي مثل هذه الساعة? قال: نعم، فأدخلته، فقال للأسودين: احفرا ها هنا بئرا، فقالت له جاريتها: وما تصنع بالبئر? قال: شؤم مولاتك، امرني هذا الفاجر أن أدفنها حية، وهو أسفك خلق الله لدم حرام، فقالت عائشة: فأنظرني أذهب إليه، قال: لا سبيل إلى ذلك، وقال للأسودين: احفرا. فلما رأت الجد منه بكت وقالت: يا ابن أبي فروة إنك لقاتلي ما منه بد? قال: نعم، وإني لأعلم أن الله سيجزيه بعدك، ولكنه قد غضب وهو كافر الغضب، قالت: وفي أي شيء غضبه? قال: في امتناعك عليه، وقد ظن أنك تبغضينه وتطلعين إلى غيره، فقد جن فقالت: أنشدك الله إلا عاودته، قال أخاف أن يقتلني، فبكت وبكى جواريها، فقال: قد رققت لك، وحلف أنه يغرر بنفسه، ثم قال لها: ماذا أقول? قالت: تضمن عني أن لا أعود أبدا، قال: فما لي عندك? قالت: قيام بحقك ما عشت قال: فأعطيني المواثيق، فأعطته، فقال للأسودين: مكانكما، وأتى مصعبا فاخبره فقال له: استوثق منها بالأيمان، ففعلت، وصلحت بعد ذلك.

وتزوجها عمر بن عبيد الله، وحمل إليها ألف ألف درهم وقال لرسولها: أنا أملأ بيتها خيرا وحرها أيرا، ودخل بها من ليلته، وأكل الطعام الذي عمل له على الخوان كله، وصلى صلاة طويلة، وخلا بها، ودخل المتوضأ سبع عشرة مرة، فلما أصبح قالت له جاريتها: والله ما رأيت مثلك، أكلت أكل سبعة، وصليت صلاة سبعة، ونكت نيك سبعة، فضحك وضرب بيده على منكب عائشة وقال: كيف رأيت ابن عمك? فضحكت وغطت وجهها وقالت:

قد رأيناك فلم تحل لـنـا                      وبلوناك فلم نرض الخبر  القرشية الجمحية

عائشة بنت قدامة بن مظعون القرشية الجمحية؛ هي وأمها ريطة بنت سفيان من المبايعات، تعد في أهل المدينة.

القرشية التيمية

عائشة بنت الحارث بن خالد بن صخر، القرشية التيمية؛ ولدت هي وأختاها فاطمة وزينب بأرض الحبشة، وقيل إنهن متن في إقبالهن من الحبشة، وقيل إن فاطمة وحدها نجت منهن.

بنت عبد المدان

عائشة بنت عبد المدان، امرأة عبيد الله بن العباس؛ كان علي بن أبي طالب قد استعمل زوجها عبيد الله بن العباس على اليمن أيام صفين، فلما ولى معاوية بسر بن أرطاة اليمن وأحس به عبيد الله، هرب منه، فأخذ بسر بن أرطأة ولديه عبد الرحمن وقثم، وهما من عائشة هذه، وكانا صغيرين، فذبحهما قبالة أمهما عائشة، فأصابها من ذلك أمر عظيم وقالت:

ها من أحس بنـيي الـذين هـمـا                      كالدرتين تشظى عنهما الـصـدف

ها من أحس بنـيي الـذين هـمـا                      سمعي وعقلي فقلبي اليوم مختطف

حدثت بسرا وما صدقت ما زعموا                      من قيلهم ومن الإفك الذي اقترفوا

أنحى على ودجي ابني مـرهـفة                      مشحوذة وكذاك الإثـم يقـتـرف ثم إنها وسوست، فكانت تقف في الموسم فتنشد هذا الشعر وتهيم على وجهها، ويقال إنه قتلهما بالمدينة، فالله أعلم.

بنت الزبيدي

عائشة بن إسماعيل بن محمد بن يحيى الزبيدي؛ كانت تلقب بالمهدية، وكانت فاضلة تعقد مجلس الوعظ ببغداد، سمعت من أحمد بن بنيمان الهمذاني، ويحيى بن موهوب بن المبارك بن السدنك ومحمد بن أحمد بن الظاهري وغيرهم، قال محب الدين ابن النجار: وكتبنا عنها، وكانت صادقة، وتوفيت سنة أربع عشرة وستمائة.

بنت جعفر

عائشة بنت جعفر المتوكل؛ قالت فضل الشاعرة: دخلت على المتوكل يوما فوجدته قاعدا على كرسي وابنته عائشة تجلى عليه في: هذا الغلام غلامي، فقال: يا فضل، من الذي قول:

بأبي من إذا رآها أبوهـا                      قال يا ليتنا بدين المجوس

 

صفحة : 2329

 

قلت له: يا سيدي، هذا لأبي العتاهية، فقال: وجهوا إليه بعشرة آلاف درهم، قلت: إنه قد مات، قال: فليتصدق بها عند قبره قلت: إن له ابنا بالباب، قال: تصرف إليه. ولما توفيت عائشة رحمها الله سنة خمس وثلاثمائة ورثها اثنان وعشرون رجلا من ولد إخوتها وخمس أخوات من ولد المتوكل، وأعتقت جواريها قبل وفاتها وأقطعت دورها.

بنت المعتصم

عائشة بنت المعتصم؛ كانت أديبة شاعرة، كتب إليها عيسى بن القاسم ابن محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس أن توجه إليه عائشة بجاريتها ملكة وكان يهواها:

كتبت إليك ولـم أحـتـشـم                      وشوق المحبين لا ينـكـتـم

صبوحي في السبت من عادتي                      على رغم أنف الذي قد رغم

وعيشي يتم بمن قد علـمـت                      وإن غاب عن ناظري لم يتم

فمني علي بـتـوجـيهـهـا                      بتربة سيدك المـعـتـصـم فأنفذتها وقالت:

قرأت كتابك فـيمـا سـألـت                      وما أنت عندي بالـمـتـهـم

أتتك الـمـلـيحة فـي حـلة                      من النور تجلو سواد الظـلـم

فخذها هنيئا كما قـد سـألـت                      ولا تشك شكوى امرئ قد ظلم

ولا تحبسنها لوقت الـمـبـيت                      كما يفعل الرجل المغـتـنـم  الزهرية المدنية

عائشة بن سعد بن أبي وقاص الزهرية المدنية؛ رأت شيئا من أمهات المؤمنين، روت عن أبيها وغيره: ، وهي من الثقات، وتوفيت سنة سبع عشرة ومائة، ولها أربع وثمانون سنة، روى لها البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

زهرة الأدب الإسكندرانية

عائشة الإسكندرانية المعروفة بزهرة الأدب؛ نقلت من خط أبي سعيد المغربي قال: كان مجلسا يعرف بالروض، قالت تخاطب فاضلا بعث إليها بشعر ذكر فيه أن قلبه من الحب يتقلب في جمر الغضا:

إذا كان قـلـبـك ذا جـاحـم                      فلا تـبـعـثـن بـأسـراره

فإنـي أشـفـق مـن نــاره                      على الروض أو بعض أزهاره  القرطبية

عائشة بنت أحمد بن محمد بن قادم القرطبية؛ قال ابن حيان: لم يكن في حرائر الأندلس في زمانها من يعدلها فهما وعلما وأدبا وشعرا وفصاحة، تمدح ملوك الأندلس وتخاطبهم بما يعرض لها من حاجة، وكانت حسنة الخط تكتب المصاحف، ماتت عذراء لم تنكح سنة أربعمائة.

الفيروزجية

عائشة بنت المستنجد الإمام، وهي السيدة المكرمة المدعوة بالفيروزجية؛ مسنة معمرة ذات دين وصلاح، أدركت خلافة أبيها وأخيها وابن أخيها الناصر وابن ابن أخيها الظاهر ابن الناصر وابنه المستنصر وحفيده المستعصم، وماتت في ذي الحجة سنة أربعين وستمائة، وشيعها كافة الدولة وتكلم الوعاظ في عزائها، وبنت ببغداد رباطا.

بنت البهاء

عائشة بنت محمد بن المسلم بن سلام بن البهاء الحراني الشيخ الصالحة، أم محمد؛ سمعت من إسماعيل بن أحمد العراقي ومحمد بن أبي بكر المعروف بابن النور البلخي ومحمد بن عبد الهادي المقدسي وإبراهيم بن خليل وعبد الرحمن بن أبي الفهم اليلداني؛ أجازت لي بدمشق سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وكتب عنها بإذنها عبد الله بن المحب، وتوفيت رحمها الله تعالى في شوال سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

أخت محاسن

عائشة بنت محمد بن مسلم الحرانية الصالحة الشيخة المعمرة أم عبد الله، أخت المحدث محاسن؛ ولدت سنة سبع وأربعين، وسمعها أخوها في الخامسة، وبعد ذلك من الرشيد العراقي ومحمد بن عبد الهادي واليلداني وابن خليل وفرح القرطبي والبلخي وابن عبد الدائم والعماد وعبد الحميد، وتفردت وروت جملة صالحة؛ وكانت خيرة قاعة فقيرة تعمل في الحياكة، سمع منها أبو هريرة ابن الشيخ شمس الدن وأولاد المحب والطلبة، وقاربت التسعين. روت فضائل الأوقات للبيهقي عن ابن خليل، وخرج لها ابن سعد، وأول حضورها في الرابعة في شعبان سنة خمسين وتوفيت سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

الصائمة الأندلسية

 

 

صفحة : 2330

 

عائشة بنت أبي عاصم وخالة القائد الأجل أبي إسحاق ابن بلال، وهي أندلسية تعرف بالصائمة؛ بقيت أزيد من عشرين سنة لا تأكل شيئا قط؛ قال الشيخ شمس الدين: حدثني بقصتها غير واحد ممن أدركها، وكانت بغرفة لها على الجامع المعلق بمدينة الجزيرة الخضراء، وتركها الأكل أمر شائع لا ريب فيه، حدثني بذلك أبو عبد الله ابن ربيع المحدث ومحمد بن سعد العاشق، وتوفيت بعد عام سبعمائة بنحو خمس سنين؛ ولها نظيرة كانت بناحية واسطة بعد الستمائة ذكر شأنها شيخنا الفاروثي، وكذا المرأة الخوارزمية التي كانت أيام المعتضد بخوارزم، بقيت بضعا وعشرين سنة لا تأكل ولا تشرب، علقت ذلك بأصح إسناد. انتهى.

 

الألقاب

ابن عائشة الأخباري: عبيد الله بن محمد.

ابن عائشة الخارج على المأمون: هو إبراهيم بن محمد.

 

عباد

الأنصاري

عباد بن بشر بن وقش بن زغبة الأنصاري الأشهاي، أبو بشر، وقيل أبو الربيع؛ قال أبو عمر ابن عبد البر: لا يختلف أنه أسلم بالمدينة على يد مصعب ابن عمير، وذلك قبل إسلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير؛ شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي، وكان من فضلاء الصحابة، ذكر أنس بن مالك أن عصاه كانت تضيء له إذ كان يخرج من عند النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته ليلا. وعرض له ذلك مرة مع أسيد بن حضير، فلما افترقا أضاءت لكل واحد منهما عصاه. وقالت عائشة: كان في بني عبد الأشهل ثلاثة لم يكن بعد النبي صلى الله عليه وسلم أحد أفضل منهم: سعد بن معاذ وأسيد بن ضير وعباد بن بشر؛ ولما قتل كعب بن الاشرف قال:

صرخت له فلم يعرض لصوتي                      ووافى طالعا من رأس جـدر

فعدت له فقال: من المـنـادي                      فقلت: أخوك عباد بن بـشـر

وهذي درعنا رهنا فـخـذهـا                      لشهر إن وفى أو نصف شهر

فقال معاشر سغبوا وجـاعـوا                      وما عدلوا الغنى من غير فقر

فأقبل نحونا يهـوي سـريعـا                      وقال لنا: لقد جـئتـم لأمـر

وفي أيمانـنـا بـيض حـداد                      مجردة بها الكفـار نـفـري

فعانقه ابن مسلـمة الـمـردى                      به الكفار كالليث الـهـزبـر

وشد بسيفه صـلـتـا عـلـيه                      فقطره أبو عبس بـن جـبـر

وكان الله سادسـنـا فـأبـنـا                      بأنعم نعـمة وأعـز نـصـر

وجاء بـرأسـه قـوم كـرام                      هم ناهيك مـن صـدق وبـر والذين قتلوا كعب بن الاشرف: محمد بن مسلمة والحارث بن أوس وعباد ابن بشر وأبو عبس ابن جبر، وأبو نائلة سلكان بن وقش الأشهلي. وقتل عباد بن بشر يوم اليمامة وكان قد أبلى بلاء حسنا.

أخو الأمير عبيد الله

عباد بن زياد أخو الأمير عبيد الله بن زياد؛ ولي إمرة سجستان، وتوفي في حدود التسعين للهجرة.

ابن ابن الزبير

عباد بن عبد الله بن الزبير؛ كان عظيم القدر عند والده، يستعمله على القضاء وغير ذلك، وكان صدوقا، روى عن أبيه وعائشة وجدته أسماء، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له الجماعة.

الناجي قاضي البصرة

عباد بن منصور الناجي البصري؛ ولي القضاء لإبراهيم بن عبد الله بن حسن، ولي قضاء البصرة خمس مرات؛ قال أبو حاتم: يكتب حديثه، وقال ابن معين: عباد بن كثير وعباد بن منصور وعباد بن راشد حديثهم ليس بالقوي. مات على بطن امرأته فجأة سنة اثنتين وخمسين ومائة، روى له الأربعة.

الثقفي العابد

عباد بن كثير الثقفي مولاهم البصري العابد نزيل مكة؛ قال ابن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: شيخ بصري سكن مكة، تركوه؛ توفي في حدود الستين والمائة.

الأزدي البصري

عباد بن حبيب بن المهلب الأزدي البصري، أبو معاوية؛ نعته أبو حاتم كعادته وقال: لا يحتج به، وقال ابن سعد: لم يكن بالقوي، وقال الشيخ شمس الدين: حديثه في الكتب كلها؛ توفي سنة إحدى وثمانين ومائة، وروى له الجماعة.

أبو سهل الواسطي

عباد بن العوام، أبو سهل الكلابي الواسطي؛ كان يتشيع، فحبسه الرشيد زمانا ثم خلى عنه، في وفاته أقوال أقربها سنة ست وثمانين ومائة؛ روى له الجماعة.

الوزير معين الملك

 

 

صفحة : 2331

 

عباد بن الحسين بن غانم الطائي، أبو منصور، الوزير معين الملك الأصبهاني؛ أقام ببغداد وتولى الوزارة لخاتون بنت السلطان ملكشاه زوجة الإمام المقتدي، ثم وزر لكربوقا صاحب الموصل، ولم يمش أمره معه، فعاد إلى أصبهان، ولحقته إضاقة آخر عمره واحتاج إلى الناس، وتوفي هناك سنة سبع وتسعين وأربعمائة، وكان معروفا بالدين والخير والمروءة، وحدث ببغداد عن محمد بن عبد الله بن ريذة وحمزة بن الحسين المشهدي الأديب.

الرواجني

عباد بن يعقوب الرواجني، أبو سعيد الكوفي، أحد رؤوس الشيعة؛ روى عن القاضي شريك وعباد بن العوام وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى المدن وإسماعيل بن عياش وعبد الله بمن عبد القدوس والحسين بن زيد بن علي العلوي والوليد بن أبي ثور وطائفة، وعنه البخاري حديثا واحدا قرنه بغيره، وعنه الترمذي وابن ماجه وأحمد بن عمرو البزار وصالح جزرة وابن خزيمة وغيرهم. وقال أبو حاتم: شيخ ثقة، وقال الحاكم: كان ابن خزيمة يقول: حدثنا الثقة في روايته المتهم في دينه عباد بن يعقوب؛ وقال ابن عدي: فيه غلو في التشيع، وروى أحاديث أنكرت عليه في فضائل أهل البيت ومثالب غيرهم؛ توفي سنة خمسين ومائتين.

المعتضد صاحب إشبيلية

عباد بن محمد بن إسماعيل بن عباد، المعتضد أبو عمرو، أمير إشبيلية، ابن قاضيها أبي القاسم، وقد تقدم ذكر والده؛ ولما توفي أبوه قام المعتضد بعده بالأمر، وكان شهما صارما، وخوطب بأمير المؤمنين، دانت له الملوك؛ اتخذ خشبا في قصره وجللها برؤوس ملوك وأعيان ومقدمين، وكان يشبه بأبي جعفر المنصور، وكان ابنه ولي العهد إسماعيل قد هم بقبض أبيه، فلم يتم له ذلك، وضرب أبوه عنقه، وطالت أيامه إلى أن توفي في شهر رجب سنة أربع وستين وأربعمائة. يقال إن ملك الفرنج سمه في ثياب بعثها إليه؛ وقال فيه الحجازي: وهذا الرؤوف العطوف، الدمث الأخلاق الألوف، ما مات حتى قبض أرواح ندمائه وخواصه بيده، ولم يكلهم إلى غيره، ولا أحوجهم إلى الحاجة بعده، فجزي عنهم بما هو أهله؛ وكان قد عرف منه ذلك واشتهر، فصار الأدباء يتحامونه. ولما وفد أبو عبد الله ابن شرف القيرواني على الأندلس تطلعت إليه همم ملوكها لبعد صيته، فكان ممن استدعاه المعتضد ابن عباد، وكان ابن شرف قد امتلأت مسامعه من أخباره الشنيعة، فجاوبه بقوله:

أإن تصيدت غيري صـيد طـائرة                      أوسعتها الحب حتى ضمها القفص

حسبتني فرصة أخرى ظفرت بها                      هيهات ما كل حين تمكن الفرص

لك الموائد للـقـصـاد مـتـرعة                      تروي وتشبع لكن بعدها الغصص ومن شنيع ما روي عنه أن غلاما دون البلوغ دخل عليه بدون استئذان، فقطع رأسه؛ وسمع جارية تقول: القبر والله أحسن من سكنى هذا القصر، فقال: والله لأبلغنك ما طلبته، وأمر بها فدفنت حية. وتعجب الناس من وزيره ابن زيدون كيف انفرد بالسلامة منه، فقال: كنت كمن يمسك بأذني الأسد، ينقي سطوته تركه أو أمسكه، وفيه يقول عند موته:

لقد سرنـا أن الـجـحـيم مـوكـل                      بطاغية قـد حـم مـنـه حـمـام

تجانف صوب المزن عن ذلك الصدى                      ومر عليه الغـيث وهـو جـهـام وللمعتضد شعر مدون فمنه:

كأنما ياسميننـا الـغـض                      كواكب في السماء تنقض

والطرق الحمر في جوانبه                      كخد عذراء مسها عـض ومنه:

اشرب على وجه الصباح                      وانظر إلى نور الأقـاح

واعلم بـأنـك جـاهـل                      إن لم تقل بالإصطبـاح

والدهـر شـيء بـارد                      إن لم تسخـنـه بـراح ومنه:

شربنا وجفن الليل يغسل كحله                      بماء صباح والنسيم رقـيق

معتقة صفراء أما نجـارهـا                      فضخم وأما جسمها فدقـيق

الألقاب

أبو عباد كاتب المأمون: اسمه ثابت بن يحيى.

ابن عباد الوزير الصاحب: إسماعيل بن عباد.

ابن عباد، المعتمد على الله: اسمه محمد بن عباد.

 

عبادة

الأنصاري

 

 

صفحة : 2332

 

عبادة بن الصامت بن قيس بن أصرم، ينتهي إلى عوف بن الخزرج، الأنصاري السالمي، أبو الوليد، وأمه قرة العين بنت عبادة بن نضلة؛ كان عبادة رضي الله عنه نقيبا، شهد العقبة الأولى والثانية والثالثة، آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنوي، وشهد بدرا والمشاهد، ثم وجهه عمر قاضيا إلى الشام ومعلما، فأقام بحمص، ثم انتقل إلى فلسطين ومات بها سنة أربع وثلاثين للهجرة، ودفن بالقدس، وقبره بها إلى اليوم معروف. كان معاوية قد خالف في شيء أنكره عليه عبادة في الصرف، فأغلظ له معاوية في القول، فقال عبادة: لا أساكنك بأرض واحدة أبدا، ورحل إلى المدينة، فقال له عمر: ما أقدمك? فأخبره، فقال: ارجع إلى مكانك فقبح الله أرضا لست فيها ولا أمثالك؛ وكتب إلى معاوية: لا إمرة لك عليه. وتوفي عبادة رضي الله عنه وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وروى عنه من الصحابة أنس بن مالك وجابر بن عبد الله وفضالة بن عبيد والمقدام بن معدي كرب وأبو أمامة الباهلي ورفاعة بن رافع وأوس بن عبد الله الثقفي وشرحبيل ومحمود بن الربيع والصنابحي وجماعة من التابعين، وروى له الجماعة.

الأنصاري

عبادة بن الخشخاش بن عمرو بن زمزمة الأنصاري، حليف لهم من بلي؛ قال ابن إسحاق وأبو معشر: عبادة بن الخشخاش - بالخاء والشين منقوطتين -، وقال الواقدي: هو عبادة بن الحسحاس، وهو ابن عم المجذر بن زياد وأخوه لأمه، وقتل يوم أحد شهيدا.

الليثي

عبادة بن قرص الليثي، وقيل قرط، وعند أكثرهم قرص؛ روى عنه أبو قتادة العدوي وحميد بن هلال؛ اقبل عبادة بن قرص الليثي من الغزو، فلما كان بالأهواز لقيه الحرورية فقتلوه؛ قال أبو عبيدة والمدائني: سنة إحدى وأربعين، خرج سهم بن غالب الهجيمي ومعه الخطيم الباهلي بناحية البصرة فقتلوا عبادة ابن قرص الليثي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيعث إليهم معاوية عبد الله بن عامر، فاستأمن سهم والخطيم فأمنهما، وقتل عدة من أصحابهما، ثم عزل معاوية ابن عامر في سنة خمس وأربعين وولى زيادا، فقدم البصرة فقتل سهما وصلبه، وقتل زياد الخطيم سنة تسع وأربعين.

الزرقي

عبادة الزرقي الصحابي؛ روى عنه ابناه عبد الله وسعد، قال ابن عبد البر: لا تدفع صحبته.

الأنصاري

عبادة بن سعد بن عثمان بن خلدة الأنصاري الزرقي؛ روي أنه مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وبرك عليه، وأبوه له صحبة، وبابنه عبادة يكنى.

ابن الأشيم

عبادة بن الأشيم؛ وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتابا وأمره على قومه، ذكره ابن قانع في معجمه.

زين الدين الحنبلي

عبادة بن عبد الغني المفتي الإمام زين الدين أبو سعد الحراني المؤذن الشروطي الحنبلي؛ توفي سنة تسع وثلاثين وسبعمائة، ومولده سنة إحدى وسبعين وستمائة، كان قد طلب الحديث وقتا ودار على الشيوخ قليلا ونسخ جملة أجزاء سنة بضع وتسعين وستمائة، وتقدم في الفقه وناظر وتميز، وعنده صحيح مسلم عن القاسم الإربلي.

ابن ماء السماء الأندلسي

عبادة بن عبد الله بن ماء السماء، أبو بكر، شاعر الأندلس، ورأس الشعراء في الدولة العامرية؛ توفي سنة إحدى وعشرين وأربعمائة، وقيل سنة تسع عشرة. قال ابن بسام في الذخيرة: كان في ذلك العصر شيخ الصناعة وأحكم الجماعة، سلك إلى الشعر مسلكا سهلا، فقالت له غرائبه مرحبا وأهلا، وكانت صنعة التوشيح التي نهج أهل الأندلس طريقتها، ووضعوا حقيقتها، غير مرقومة البرود، ولا منظومة العقود، فأقام عبادة هذا منآدها، وقوم ميلها وسنادها، فكأنها لم تسمع بالأندلس إلا منه، ولا أخذت إلا عنه، اشتهر بها اشتهارا غلب على ذاته، وذهب بكثير من حسناته. وأول من صنع أوزان هذه الموشحات بأفقنا واخترع طريقتها فيما بلغني محمد بن محمود القبري الضرير، وقيل إن عبد ربه صاحب كتاب العقد أول من سبق إلى خذا النوع من الموشحات، ثم نشأ يوسف بن هارون الرمادي، وكان أول من أكثر فيها من التضمين في المراكز، يضمن كل موقف يقف عليه في المراكز خاصة، فاستمر على ذلك شعراء عصره كمكرم بن سعيد وابني أبي الحسن، ثم نشأ عبادة هذا فأحدث التضفير، وذلك أنه اعتمد مواضع الوقف في المراكز. ومن شعر عبادة المذكور:

لا تشـكـون إذا عـثـر                      ت إلى صديق سوء حالك

 

صفحة : 2333

 

 

فيريك ألـوانــا مـــن ال                      إذلال لم تخطـر بـبـالـك

إياك أن تـــدري يمـــي                      نك ما يدور على شـمـالـك

واصبر على نـوب الـزمـا                      ن وإن رمت بك في المهالك

وإلـى الـذي أغـنــى وأق                      نى اضرع وسله صلاح حالك ومنه:

اجل المدامة فهي خير عروس                      تجلو كروب النفس بالتنفـيس

واستغنم اللذات في عهد الصبا                      وأوانه، لا عطر بعد عروس ومنه:

فهل ترى أحسن من أكؤس                      يقبل الثغر عليهـا الـيدا

يقول لي الساقي أغثني بها                      وخذ لجينا وأعد عسجـدا

أغرق فيها الهم لكن طفـا                      حبابها من فوقها مزبـدا

كأنما شـيبـهـا شـارب                      أمسكها في كفه سرمـدا قال ابن بسام: وهذا من معانيه المخترعة وألفاظه المبتدعة.

قلت: نقلت من خط جمال الدين علي بن ظافر هذه القطعة، وقال بعدها: القسم الأخير من البيت الثاني معكوس، لأن النديم يرد للساقي الكأس فارغة فتكون حينئذ باللجين أشبه، ثم يأخذها ملأى فتكون بالعسجد أولى، والصواب أن يقول:

وادفع لجينا ثم خذ عسجدا أو: أقول للساقي. .

ولعل الكاتب غلط أو الراوي. قلت: الصحيح أنه: أقول للساقي. . . ويصح المعنى وهو أحسن مما قاله ابن ظافر.

ومن شعر عبادة في الحاجب ابن أبي عامر:

لنا حاجب حاز المعالي بأسرهـا                      فأصبح في أخلاقه واحد الخلق

فلا يغترر منه الجهول ببـشـره                      فمعظم هذا الرعد في أثر البرق ومنه:

دارت دوائر صدغه فكـأنـهـا                      حامت على تقبيل قطة خـالـه

رشأ توحش من ملاقاة الـورى                      حتى توحش من لقاء خـيالـه

فلذاك صار خيالـه لـي زائرا                      إذ كنت في الهجران من أشكاله

ولقد هممت به ورمت حرامـه                      فحماني الإجلال دون حـلالـه ومنه وقد سقط برد عظيم:

يا عبرة أهديت لمعتـبـر                      عشية الأربعاء من صفر

أرسل ملء الأكف من برد                      جلامدا تنهمي على البشر

كاد يذيب القلوب منظرها                      ولو أعيرت قساوة الحجر ومن:

اشرب فعهد الشباب مغتنم                      وفرصة في فواتها نـدم

وعاطنيها من كف ذي غيد                      ألحاظه في النفوس تحتكم

كأنها صارم الأمير وقـد                      خضب حديه من عداه دم وكانت وفاة عبادة بمالقة في التاريخ المذكور، ضاعت له مائة مثقال ذهبا فاغتم لذلك ومات. ومن موشحاته:

من ولـي فـي أمة أمـرا ولــم                      يعزل إلا لحاظ الرشـأ الأكـحـل

جرت فـــــــــــــي                      حكمك من قتـلـي يا مـسـرف

فانـــــــصـــــــف                      فواجب أن ينصف الـمـنـصـف

وارأف                      فإن هـذا الـشـــوق لا يرأف

علل قلبي بذاك البارد السـلـسـل                      ينجل ما بفؤادي من جوى مشعـل

إنـــــــمـــــــــا                      تبرز كي تـوقـد نـار الـفـتـن

صنـــــــمــــــــا                      مصورا من كـل شـيء حـسـن

إن رمــــــــــــــى                      لم يخط من دون القلوب الجـنـن

كيف لي تخلص من سهمك المرسل                      فصل واستبقني حيا ولا تـقـتـل

يا ســـــــنــــــــا                      الشمس ويا أبهى من الـكـوكـب

يا مـــــــنــــــــى                      النفس ويا سؤلي ويا مـطـلـبـي

ها أنـــــــــــــــا                      حل بـأعـدائك مـا حـل بــي

عذلي من ألم الهجران في معـزل                      والخلي في الحب لا يسال عمن بلي

أنـــــــت قــــــــد                      صيرت بالحب من الـرشـد غـي

لم أجـــــــــــــــد                      في طرقي جسمك ذنـبـا عـلـي

فاتــــــــــــــــئد                      وإن تشأ قـتـلـي شـيئا فـشـي

 

صفحة : 2334

 

 

أجمل ووالني منك يد المـفـضـل                      فهي لي من حسنات الزمن المقبـل

ما اغـــــــتـــــــذى                      طرفـي إلا بـسـنـا نـاظـريك

وكــــــــــــــــذا                      في الحب ما بي ليس يخفى علـيك

ولــــــــــــــــذا                      أنشـد والـقـلـب رهـين لـديك

يا علي سلطت جفنيك على مقتلـي                      فابق لي قلبي وجد بالفضل يا موئلي ومنها:

حب الـــمـــهـــا عـــبـــــــاده                      من كـــل بـــســـام الـــســــرار

قمر يطلعمن حسن آفاق الكمالـحـسـنـه الأبـدع

لله ذات حسن                      ملـــيحة الـــمـــــــحـــــــيا

لهـــا قـــوام غــــــصـــــــن                      وشـــنـــفـــهـــا الـــثـــــريا

والـــثـــغـــر حـــب مــــــزن                      رضـــابـــه الـــحـــمـــــــيا

في رشـــفـــه ســــــعـــــــاده                      كأنـــه صـــفـــو الـــعـــقـــار

جوهر رصعيسقيك من حلو الزلالطيب المـشـرع

رشيقة المعاطف                      كالـــغـــصـــن فـــي قــــــوام

شهـــدية الـــمــــــراشـــــــف                      كالـــدر فـــي نــــــظـــــــام

دعــــصـــــــية الـــــــروادف                      والـحـــضـــر ذو انـــهـــضـــام

حسنها أبدعمن حسن ذياك الغزالأكحل الـمـدمـع

ليلية الذوائب                      ووجـــهـــهـــا نــــهـــــــار

مصـــقـــولة الـــــتـــــــرائب                      ورشـــفـــهـــا عـــقـــــــار

أصـــداغـــهـــا عـــقــــــارب                      والـــخـــد جـــلــــنـــــــار

ناديت وافــــــــــــــــــــؤاداه                      من غـــادة ذات اقــــــتـــــــدار

لحظها أقطعمن حد مصقول النصالفي الفتى الأشجع

سفرجل النهود                      في مـــرمـــر الــــصـــــــدور

يزهـــى عـــلـــى الـــعـــقـــود                      من لـــدة الـــبــــــحـــــــور

ومـــــــقـــــــلة وجـــــــيد                      من غـــــادة ســـــــفـــــــور

حبـــي لـــهـــا عــــبـــــــاده                      أعـــوذ مـــن ذاك الـــفـــخــــار

برشأ يرتعفي روض أزهار الجمالكـلـمـا أينـع

عفيفة الذيول                      نقـــــــية الـــــــثـــــــياب

سلابة الــــــعـــــــقـــــــول                      أرق مـــــــن شـــــــــــراب

أضـحــى بـــهـــا نـــحـــولـــي                      في الـــحـــب مـــن عـــذابــــي

في الـــنـــوم لــــي شـــــــراده                      أو حـكـمـهـا حـــكـــم اقـــتـــدار

كلما أمنعمنها فإن طيف الخيالـزارنـي أهـجـع

الألقاب

أبو عبادة الزرقي الأنصاري الصحابي: اسمه سعد بن عثمان.

عبادة المخنث

عبادة - بتشديد الباء وفتح العين - المخنث؛ كان صاحب نوادر ومجون، كان ببغداد، وتوفي في حدود الخمسين ومائتين أو بعدها. دخل على المأمون فامتحنه بخلق القرآن فقال: يعظم الله أجرك، فقال: فيمن? فقال: في القرآن، فقال: القرآن يموت?  فقال: أليس بمخلوق? من بقي يصلي بالناس التراويح، فقال: أخرجوه. ويحكى أنه كان في مجلس أنس المتوكل ليلة قتل، فلما هجموا عليه بالسيوف وقتلوه، قام وزيره الفتح بن خاقان وألقى نفسه عليه وقال: يا أمير المؤمنين لا والله لا عشت بعدك، فقطعوه بالسيوف، فلما رأى ذلك عبادة انزوى وقال: يا أمير المؤمنين إلا أنا، إن لي بعدك أدوارا وأنزالا أشر بها، فضحكوا منه وتركوه.

 

الألقاب

ابن عباد الصاحب: إسماعيل بن عباد.

ابن عبادة وكيل السلطان: اسمه أحمد بن علي.

العبادي الشافعي: محمد بن أحمد.

العبادي الواعظ المشهور: اسمه أزدشير، وقد تقدم ذكره، والآخر ولده: المظفر بن أزدشير، وهو واعظ أيضا، يأتي ذكره إن شاء الله تعالى في حرف الميم في مكانه، وولده المظفر له كلام بديع.

 

العباس

عم الرسول صلى الله عليه وسلم

 

 

صفحة : 2335

 

العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو الفضل؛ كان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنتين، وقيل بثلاث، أمه نثلة وقيل نثيلة ابنة جاب بن كليب بن مالك بن النمر بن قاسط، كذا نسبها الزبير وغيره؛ ولدت العباس لعبد المطلب فأنجبت به، وهي أول عربية كست البيت الحرام الحرير والديباج وأصناف الكسوة، لأن العباس ضل وهو صبي، فنذرت كسوة البيت إن وجدته، فلما وجدته وفت بنذرها؛ كان العباس رئيسا في الجاهلية وفي قريش، وإليه كانت عمارة البيت والسقاية في الجاهلية، أما السقاية فمعروفة وأما العمارة فإنه كان لا يدع أحدا يستب في المسجد الحرام ولا يقول فيه هجرا: يحملهم على عمارته في الخير، لا يستطيعون لذلك امتناعا، لأن قريش اجتمعوا وتعاقدوا على ذلك وسلموا له ذك وكانوا له أعوانا؛ وكان العباس ممن خرج مع المشركين يوم بدر فأسر مع الأسارى وشدوا وثاقهم، فسهر النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة ولم ينم، فقال له بعض أصحابه: ما يسهرك يا رسول الله? فقال: اسهر لأنين العباس، فقام رجل من القوم فأرخى وثاقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لي لا أسمع أنين العباس? فقال الرجل: أنا أرخيت وثاقه، فال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعل ذلك بالأسارى كلهم، قال ابن عبد البر: أسلم العباس قبل فتح خيبر، وكان يكتم إسلامه، وذلك بين في حديث الحجاج بن علاط أنه كان مسلما يسره ما فتح الله على المسلمين، ثم أظهر إسلامه يوم الفتح، وشهد حنينا والطائف وتبوك، ويقال إن إسلامه قبل بدر، وكان يكتب بأخبار المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان المسلمون بمكة يتقوون به، وكان يحب أن يقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن مقامك بمكة خير، فلذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر: من لقي منكم العباس فلا يقتله فإنه أخرج كرها. وكان العباس أنصر الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أبي طالب، وحضر مع النبي صلى الله عليه وسلم العقبة يشترط له على الأنصار، وكان على دين قوه يومئذ، وفدى عقيلا ونوفلا ابني أخويه أبي طالب والحارث وغيرهم من ماله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم العباس ويجله ويعظمه بعد الإسلام ويقول: هذا عمي صنو أبي؛ وكان العباس جوادا مطعما وصولا للرحم ذا رأي حسن ودعوة مرجوة، ولم يمر بعمر ولا بعثمان وهما راكبان إلا نزلا إجلالا له ويقولان: عم النبي صلى الله عليه وسلم. ولما أقحط أهل الرمادة - وذلك سنة سبع عشرة - قال كعب لعمر: يا أمير المؤمنين، إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم مثل هذا استسقوا بعصبة الأنبياء، فقال عمر رضي الله عنه: هذا عم النبي صلى الله عليه وسلم وصنو أبيه وسيد بني هاشم، فمشى إليه عمر وشكا إليه ما الناس فيه، ثم صعد المنبر ومعه العباس فقال: اللهم إنا قد توجهنا إليك بعم نبيا وصنو أبيه، فاسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ثم قال عمر: يا أبا الفضل، قم فادع، فقال العباس بعد حمد الله والثناء عليه: اللهم إن عندك سحابا وعندك ماء فانشر السحاب ثم أنزل الماء فيه علينا فاسدد به الأصل واطل به الفرع وادر به الضرع؛ اللهم إنك لم تنزل بلاء إلا بذنب، ولم تكشفه إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك، فاسقنا الغيث؛ اللهم شفعنا في أنفسنا وأهلينا؛ اللهم اسقنا سقيا وادعا نافعا طبقا سحا عاما؛ اللهم لا نرجو إلا إياك، ولا ندعو غيرك، ولا نرغب إلا إليك؛ اللهم إليك جوع كل جائع، وعري كل عار، وخوف كل خائف، وضعف كل ضعيف؛ في دعاء كثير. فأرخت السماء عزاليها فجاءت بأمثال الجبال حتى استو الحفر بالآكام، وأخصبت الأرض، وعاش الناس، فقال عمر: هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه، فقال حسان بن ثابت الأنصاري:

سأل الإمام وقد تتابع جدبنـا                      فسقي الأنام بغرة العبـاس

عم النبي وصنو والده الـذي                      ورث النبي بذاك دون الناس

أحيا الإله به البلاد فأصبحت                      مخضرة الأجناب بعد الياس

 

صفحة : 2336

 

وكان العباس جميلا أبيض غضا ذا ضفيرتين معتدل القامة، وقيل بل كان طويلا؛ ولما سقوا طفق الناس يمسحون أركان العباس وبقولون: هنيئا لك ساقي الحرمين. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة، وصلى عليه عثمان، ودفن بالبقيع، وعاش ثمانيا وثمانين سنة. وقال خريم بن أوس: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمه العباس رضي الله عنه: يا رسول الله إني أريد أن امتدحك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قل لا يفضض الله فاك، فأنشأ يقول:

من قبلها طبت في الجنان وفي                      مستودع حيث يخصف الورق

ثم هبطت البـلاد لا بـشـر                      أنت ولا مضغة ولا عـلـق

بل نطفة تركب السفين وقـد                      ألجم نسرا وأهلـه الـغـرق

تنقل من صالب إلـى رحـم                      إذا مضى عالم بـدا طـبـق

حتى احتوى بيتك المهيمن من                      خندف علياء تحتها النـطـق

وأنت لما ولدت أشـرقـت ال                      أرض وضاءت بنورك الأفق

فنحن في ذلك الضياء وفي ال                      نور وسبل الرشاد نخـتـرق وقد بورك في نسل العباس رضي الله عنه، فقال رجاء بن الضحاك: إنه في سنة مائتين أحصي ولد العباس فبلغوا ثلاثة وثلاثين ألفا، كذا ذكر الجهشياري في كتاب الوزراء.

المهاجري الأنصاري

العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان الأنصاري الخزرجي؛ شهد بيعة العقبة الثانية، وقال بان إسحاق: كان ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، وشهد معه العقبتين، وقيل بل كان في النفر الستة الذين لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأسلموا قبل سائر الأنصار، وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها حتى هاجر إلى المدينة، وكان يقال له مهاجري وأنصاري؛ قتل يوم أحد شهيدا، ولم يشهد بدرا؛ آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن مظعون.

أبو الفضل السلمي

العباس بن مرداس بن أبي عامر بن جارية بن عبد بن عباس، أبو الفضل السلمي، وقيل أبو الهيثم؛ أسلم قبل فتح مكة بيسير، وكان أبوه مرداس شريكا ومصافيا لحرب بن أمية، وقتلهما جميعا الجن، وخبرهما مشهور عند الأخباريين، وكان العباس هذا من المؤلفة قلوبهم، وممن حسن إسلامه منهم، ولما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم من سبي حنين مائة مائة من الإبل ونقص طائفة من المائة، منهم عباس بن مرداس، جعل عباس يقول، إذ لم يبلغ به من العطاء ما بلغ بالأقرع بن حابس وعيينة بن حصن:

أتجعل نهبي ونهب العبـيد                      بين عـيينة والأقــرع

فما كان حصن ولا حابس                      يفوقان مرداس في مجمع في أبيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهبوا فاقطعوا عني لسانه، فأعطوه حتى رضي؛ وكان شاعرا محسنا. وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر على نفسه في الجاهلية وأبو بكر أيضا وعثمان بن عفان وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وقيس بن عاصم، وحرمها قبل هؤلاء عبد المطلب بن هاشم وعبد الله بن جدعان وشيبة بن ربيعة وورقة بن نوفل والوليد بن المغيرة وعامر ابن الظرب، ويقال: هو أول من حرمها في الجاهلية، ويقال بل عفيف بن معدي كرب الكندي. والعباس بن مرداس هو القائل يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يا سيد النبآء إنـك مـرسـل                      بالحق كل هدى السبيل هداكا

إن الإله بنى عليك مـحـبة                      في خلقه ومحمدا سمـاكـا وذكر الشعراء في الشجاعة يوما عند عبد الملك بن مروان فقال: أشجع الناس في الشعر عباس بن مرداس السلمي حيث قال:

أقاتل في الكتيبة لا أبالـي                      أحتفي كان فيها أم سواها وله يوم حنين أشعار حسان، منها:

عين تأوبها من شـجـوهـا أرق                      فالماء يغمرها طورا وينـحـدر

كأنه نظـم در عـنـد نـاظـمة                      تقطع السلك منه فهو ينـكـدر

يا بعد منزل من ترجو مـودتـه                      ومن حفى دونه الصفوان والحفر

دع ما تقادم من عهد الشباب فقـد                      ولى الشباب وجاء الشيب والذعر

واذكر بلاء سليم في مواطنـهـا                      وفي سليم لأهل الفخر مفتخـر في شعر طويل يذكره أهل المغازي.

البطل فارس بني مروان

 

 

صفحة : 2337

 

العباس بن الوليد بن عبد الملك بن مروان؛ كان من الأبطال المذكورين في الأسخياء الموصوفين، وكان يقال له فارس بني مروان؛ استعمله أبوه على حمص، وولي المغازي وفتح عدة حصون، ولكنه كان ينال من عمر بن عبد العزيز بجهل، ومات في سجن مروان بن محمد في حدود الثلاثين ومائة.

الواقفي الأنصاري

العباس بن الفضل بن عمرو بن عبيد بن الفضل بن حنظلة الواقفي الأنصاري، أبو الفضل المقرئ، صاحب أبي عمرو ابن العلاء؛ قرأ عليه وأتقن الإدغام الكبير، وولد سنة خمس ومائة وتوفي سنة ست وثمانين ومائة، وروى عنه عبد الغفار بن الزبير الموصلي، وقرأ عليه أبو الفتح عامر بن عمر أوقية، وقال أبو عمرو: لو لم يكن من أصحابي إلا العباس لكفاني؛ وناظر الكسائي في الإمالة، وولي قضاء الموصل؛ وهو بصري ضعيف بمرة، تفرد بحديث إذا كان سنة مائتين يكون كذا وكذا وقال أحمد بن حنبل: ما أنكرت عليه إلا حديثا واحدا، وما بحديثه بأس، وروى له ابن ماجه.

الأمير العباسي

العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، الأمير أبو الفضل؛ ولي إمرة الشام لأخيه المنصور، وحج بالناس مرات، وغزا الروم مرة في ستين ألفا، وكان شيخ بني العباس في عصره، وتوفي سنة خمس وثمانين ومائة، وقيل سنة ست، وولد سنة إحدى وعشرين ومائة.

الشاعر الحنفي

العباس بن الأحنف الشاعر؛ كان ظريفا كيسا مجيدا حلو النادرة، وله مع الرشيد أخبار، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة على الأصح، وقيل سنة اثنتين، وهو خال إبراهيم بن العباس الصولي. قال بشار بن برد: ما زال غلام من بني حنيفة يدخل نفسه فينا ويخرجها حتى قال:

أبكي الذين أذاقوني مودتـهـم                      حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا

واستنهضوني فلما قمت منتصبا                      بثقل ما حملوني منهم قعـدوا

لأخرجن من الدنيا وحـبـهـم                      بين الجوانح لم يشعر به أحـد وقال عمر بن شبة: مات إبراهيم الموصلي النديم سنة ثمان وثمانين ومائة، ومات في ذلك اليوم الكسائي النحوي والعباس بن الأحنف وهشيمة الخمارة، فرفع ذلك إلى الرشيد، فأنمر المأمون أن يصلي عليهم، فخرج فصفوا بين يديه، فقال: من هذا الأول? فقالوا: إبراهيم الموصلي، فقال: أخروه وقدموا العباس ابن الأحنف، فقدم فصلى عليهم، فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله ابن مالك الخزاعي فقال: يا سيدي كيف آثرت العباس بن الأحنف على من حضر بالتقدمة? فأنشد:

وسعى بها ناس فقالوا إنهـا                      لهي التي تشقى بها وتكابد

فجحدتهم ليكون غيرك ظنهم                      إني ليعجبني المحب الجاحد ثم قال: أتحفظها? فقلت: نعم، وأنشدته، فقال المأمون: أليس من قال هذا الشعر أولى بالتقدمة? فقال: بلى والله يا سيدي. قلت: الكسائي إنما مات بالري سنة تسع وثمانين ومائة على خلاف فيه، وما كان المأمون ممن يقدم العباس على مثل الإمام الكسائي، وكلن هكذا جاء. وقد روى الصولي أنه رأى العباس ابن الأحنف بعد موت هارون الرشيد في منزله بباب الشام، وهذا يدل أيضا على أن الرشيد ما أمر المأمون بالصلاة عليهم. ومن شعر العباس بن الأحنف:

يا أيها الرجل المعذب نفـسـه                      أقصر فإن شفاءك الإقصـار

نزف البكاء دموع عينك فاستعر                      عينا يعينك دمعها الـمـدرار

من ذا يعيرك عينه تبكي بـهـا                      أرأيت عينا للبكـاء تـعـار? ومنه:

تعب يطول مع الرجاء لذي الهوى                      خير له من راحة فـي الـياس

لولا محبتكم لما عـاتـبـتـكـم                      ولكنتم عندي كبعـض الـنـاس ومنه قوله:

وحدثتني يا سعد عنهم فزدتـنـي                      جنونا فزدني من حديثك يا سعـد

هواها هوى لم يعرف القلب غيره                      فليس له قبل وليس لـه بـعـد ومنه:

إذا أنت لم تعطفك إلا شفـاعة                      فلا خير في ود يكون بشافع

فأقسم ما تركي عتابك عن قلى                      ولكن لعلمي أنه غير نافعـي

وأني إذا ألزم الصبر طـائعـا                      فلا بد منه مكرها غير طائع

 

صفحة : 2338

 

وقال المدائني: كانوا يقولون العباس بن الأحنف مثل أبي العتاهية في الزهد، يكثران الحز ولا يصيبان المفصل؛ وقال غيره: كانت في العباس آلات الظرف، كان جميل المنظر نظيف الثوب فاره المركب حسن الألفاظ حسن لحديث كثير النوادر باقيا على الشراب شديد الاحتمال طويل المساعدة. قال أبو بكر الصولي: حدثت عن محمد بن زكرياء البصري قال، حدثني رجل من قريش قال: خرجت حاجا فخرجنا نصلي في بعض الطريق، فجاءنا غلام فقال: فيكم أحد من أهل البصرة? فقلنا: كلنا من أهل البصرة، قال: إن مولاي من أهلها وهو يدعوكم، فقمنا إليه فإذا هو نازل على عين ماء فقال: إني أحب أن أوصي إليكم، ثم رفع رأسه يترنم:

يا بعيد الدار عن وطنه                      مفردا يبكي على سكنه

كلما جد الرحـيل بـه                      زادت الأسقام في بدنه ثم أغمي عليه فأفاق وهو يقول:

ولقد زاد الفؤاد هوى                      هاتف يبكي على فننه

شفه ما شفني فبكـى                      كلنا يبكي على شجنه ثم مات، فقلنا للغلام: من مولاك? فقال: العباس بن الأحنف، فأصلحنا من شأنه وصلينا عليه ودفناه، رحمه الله. وطلبه يحيى بن خالد البرمكي يوما فقال: إن مارية هي الغالبة على أمير المؤمنين، وإنه جرى بينهما عتب فهي بعزة دالة المعشق تأبى أن تعتذر، وهو بعز الخلافة وشرف الملك والبيت يأبى ذلك، وقد رمت الأمر من قبلها فأعياني وهو أحرى أن تستفزه الصبابة، فقل شعرا تسهل به عليه هذه القضية، وأعطاه دواة وقرطاسا، وطلبه الرشيد فتوجه إليه، ونظم العباس بن الأحنف قوله:

العاشقان كلاهما متغضـب                      وكلاهما متوجد متجـنـب

صدت مغاضبة وصد مغاضبا                      وكلاهما مما يعالج متعـب

راجع أحبتك الذين هجرتهـم                      إن المتيم قلمـا يتـجـنـب

إن التجنب إن تطاول منكمـا                      دب السلو له فعز المطلـب ثم قال لأحد الرسل: ابلغ الوزير أني قد قلت أربعة أبيات فإن كان فيها مقنع وجهت بها، فعاد الرسول وقال: هاتها، ففي أقل منها مقنع، وفي قدر الروي، فكتب الأبيات وكتب تحتها أيضا:

لا بد للعاشق مـن وقـفة                      تكون بين الوصل والصرم

حتى إذا الهجر تمادى بـه                      راجع من يهوى على رغم فدفع الرقعة يحيى إلى الرشيد فقال: والله ما رأيت شعرا أشبه بما نحن فيه من هذا الشعر، والله لكأني قصدت به، فقال يحيى: والله يا أمير المؤمنين لأنت المقصود به، فقال الرشيد: يا غلام هات نعلي فإني والله أراجعها على رغم؛ فنهض وأذهله السرور أن يأمر للعباس بشيء؛ ثم إن مارية لما علمت بمجيء الرشيد إليها قامت تلقته وقالت: كيف ذلك يا أمير المؤمنين? فأعطاها الشعر وقال: هذا الذي جاء بي إليك، قالت: فمن قاله? قال: العباس بن الأحنف، قالت: فبم كوفئ? قال: ما فعلت بعد شيئا، فقالت: والله لا أجلس حتى يكافأ، فأمر له بمال كثير، وأمرت هي له بدون ذلك، وأمر له يحيى بدون ما أمرت به، وحل على برذون ثم قال له الوزير يحيى: من تمام النعمة عندك أن لا تخرج من الدار حتى نؤثل لك بهذا المال ضيعة، فاشترى له ضياعا بجملة من ذلك المال ودفع إليه بقية المال.

ومن شعره:

جرى السيل فاستبكاني السيل إذ جرى                      وفاضت له من مقلـتـي غـروب

ومـا ذاك إلا حـيث أيقـنـت أنـه                      يمـر بـواد أنـت مـنـه قـريب

يكون أجاجا دونكم فـإذا انـتـهـى                      إليكم تلقـى طـيبـكـم فـيطـيب

أيا ساكني أكنـاف دجـلة كـلـكـم                      إلى النفس من أجل الحبيب حبـيب وله تغزل كثير في فوز وظلوم، وخبره مع فوز مذكور في كتاب الأغاني لأبي الفرج؛ وقال أبو الفرج: حدثني أبو جعفر النخعي قال: كان العباس يهوى عنان جارية النطاف، فجاءني يوما فقال: امض بنا إلى عنان، قال: فصرنا إليها فرأيتها كالمهاجرة له، فجلسنا قليلا ثم ابتدأ العباس فقال:

قال عـبـاس وقـد أج                      هد من وجـد شـديد:

ليس لي صبر على الهج                      ر ولا لذع الـصـدود

لا ولا يصبر لـلـهـج                      ر فـؤاد مـن حـديد فقالت عنان:

من تراه كان أغنـى                      منك عن هذا الصدود

 

صفحة : 2339

 

 

بعد وصل لك مني                      فيه إرغام الحسود

فاتخذ للهجر إن شئ                      ت فؤادا من حديد

ما رأيناك على مـا                      كنت تجني بجلـيد فقال عباس:

لو تـجـــودين لـــصـــب                      راح ذا وجـــد شــــــديد

وأخـي جـهـل بـمــا قـــد                      كان يجـنـي بـالــصـــدود

ليس مـن أحـدث هـــجـــرا                      لصـــديق بـــســـــديد

ليس منه الموت إن لمتصليه ببعيد قال، فقلت للعباس: ويحك ما هذا الأمر? قال: أنا جنيت على نفسي بتتايهي عليها؛ فلم أبرح حتى ترضيتها له.

الأندلسي

عباس بن ناصح، أبو العلاء الجزيري الثقفي الأندلسي؛ كان من أهل العلم باللغة العربية من الشعراء المجودين، وكان منجب الولادة، ولي قضاء بلد الجزيرة مع شذونة، ووليه بعده ابنه عبد الوهاب بن عباس ثم ابنه محمد بن عبد الوهاب، وكلهم شعراء علماء أدباء ذوو شرف، ومنهم عباس بن عبد الرحمن ابن عباس بن ناصح، كان فقيها عالما لغويا حافظا أدرك جده وأخذ عنه. وتوفي أبو العلاء عباس بن ناصح في أواخر أيام الأمير عبد الرحمن بن الحكم بعد الثلاثين والمائتين؛ قرئ عليه يوما قصيدته التي أولها:

لعمرك ما البلوى بعار ولا العدم                      إذا المرء لم يعدم تقى الله والكرم حتى انتهى القارئ فيها إلى قوله:

تجاف عن الدنيا فما لمعجـز                      ولا حازم إلا الذي خط بالقلم فقال له يحيى بن حكم الغزال، وكان في أصحابه، وهو إذ ذاك حدث نظار متأدب ذكي القريحة - وسيأتي ذكره في حرف الياء في مكانه -: أيها الشيخ، وما الذي يصنع مفعل مع فاعل? فقال له: وكيف تقول أنت يا بني? قال: كنت أقول:

تجاف عن الدنيا فليس لعاجز                      ولا حازم إلا الذي خط بالقلم وأستريح، فقال عباس: والله يا بني لقد طلبها عمك ليالي فما وجدها. وقال عثمان بن سعيد: لما أنشد عباس بن ناصح أصحابه الآخذين عنه بقرطبة قصيدته التي منها هذا البيت:

بقرت بطون العلم فاستفرغ الحشا                      بكفي حتى عاد خاويه ذا بـقـر قال بكر بن عيسى الكتامي الأديب، وكان فيهم: أما والله يا أبا العلاء لئن كنت بقرت الحشا لقد وسخت يدك بفرثه، وملأتها من دمه، وخبثت نفسك من نتنه، وخممت أنفك بعرفه، فاستحيا عباس منه ولم يحر جوابا.

ومن شعر عباس:

ما خير مدة عيش المرء لو جعـلـت                      كمدة الـدهـر والأيام تـفـنـيهـا

فارغب بنفسك أن ترضى بغير رضى                      وابتع نجاتك بالـدنـيا ومـا فـيهـا  قاتل الظافر والفائز قبله

العباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المع بن باديس، أبو الفضل، وزير الفائز عيسى العبيدي؛ كان وصل إلى القاهرة وهو مع أمه بلارة، فتزوجها العادل علي بن السلار وزير الظافر العبيدي، فأقامت عنده زمانا، ورزق عباس هذا ولدا اسمه نصر فكان عند جدته في دار العادل، وكان العادل يحنو عليه ويعزه؛ ثم إن عباسا دس ولده نصرا على أن قتل العادل - على ما يأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة العادل - ثم إن عباسا دس ولده نصرا على الظافر أيضا فقتله - على ما هو مذكور في ترجمة الظافر إسماعيل بن عبد المجيد - ثم إن أخت الظافر استدعت الصالح بن رزيك من منية بني خصيب، فحضر إلى القاهرة وهرب عباس هذا وولده نصر وأسامة بن منقذ إلى الشام، فخرج الفرنج عليهم وقتلوا عباسا وجهزوا نصرا إلى مصر في قفص حديد - على ما هو مذكور في ترجمة الظافر إسماعيل وولده الفائز عيسى، فليكشف من ترجمة المذكورين - وكانت قتلة عباس المذكور في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة؛ ووصل إلى دمشق جماعة من أصحابه هاربين على اقبح الصور من العري والعدم.

وقال عمارة اليمني من أبيات:

لكم يا بني رزيك لا زال ظلـكـم                      مواطن سحب الموت فيها مواطر

سللتم على العباس بيض صـوارم                      قهرتم به سلطانه وهو قـاهـر

 

صفحة : 2340

 

قال أسامة بن منقذ: كان لعباس أربعمائة جمل تحمل أثقاله ومائتا بغل رحل ومائتا جنيب؛ فلما أراد الخروج من مصر يوم الجمعة رابع ربيع الأول سنة تسع وأربعين وخمسمائة تقدم بشد خيله وجماله، فلما صار الجميع على باب داره وقد ملأت الفضاء إلى القصر خرج غلام له يقال له عنبر كان على أشغاله، وغلمانه كلهم تحت يده، فقال للجمالين والحزبندية والركابية: روحوا إلى بيوتكم وسيبوا الدواب، ففعلوا ذلك، وانحاز هو إلى المصريين بقاتل عباسا معهم؛ وكان عباس ومماليكه في ألف رجل، فنهب المصريون الخيل والجمال والدواب، ولما فتحوا بذلك الطريق خرج عباس من باب النصر، فجاؤوا في إثره وأغلقوا الباب، وعادوا إلى دور عباس فنهبوها؛ وكان عباس قد أحضر من العرب ثلاثة آلاف فارس يتقوى بهم على المصريين، ووهبهم أشياء كثيرة وحلفهم له، فلما خرج من باب النصر غدروا به وقاتلوه أشد قتال ستة أيام، يقاتلهم من الفجر إلى الليل فإذا نزل أمهلوه إلى نصف الليل ثم يركبون ويهدون خيلهم على جانب الناس ويصيحون صيحة واحدة فتجفل الخيل وتقطع لجمها؛ فلما كان بعد ستة أيام وقد ضعف، صبحه الإفرنج فقتلوا عباسا وابنه الأوسط واسروا ابنه الأكبر، وأخذوا نساء عباس وخزائنه، واسروا أولادا له صغارا، وقال في قتل الظافر بعض الشعراء، وهو ابن أسعد، يعني عباسا:

وأنفق من أموالهم في هلاكهـم                      وأظهر ما قد كان عنه ينـافـق

ومد يدا هم طولـوهـا إلـيهـم                      وحلت بأهل القصر منه البوائق

سقى ربه كأس المنايا وما انقضى                      له الشهر إلا وهو للكـأس ذائق  أبو الفضل العلوي

العباس بن الحسن بن عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أبو الفضل العلوي؛ قدم بغداد في ودولة الرشيد ثم صحب المأمون، وكان شاعرا بليغا مفوها حتى قيل إنه أشعر آل أبي طالب، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة.

وزير المكتفي والمقتدر

العباس بن الحسن، وزير المكتفي والمقتدر؛ وثب عله ابن حمدان فضرب عنقه في نوبة ابن المعتز، وذلك في حدود الثلاثمائة؛ ولم تزل تتقلب به الأيام من المباشرات إلى أن وزر للمكتفي وأقطعه غلة خمسين ألف دينار وأجرى له في كل شهر خمسة آلاف دينار؛ قال الصولي: ولد العباس في الليلة التي قتل فيها المتوكل، فقال أبو معشر: ما أعجب أمر هذا المولود، لو كان هاشميا لحكمت له بالخلافة، وسيكون أمره كأمره في سائر أحواله، غلا أنه وزير، وكان الأمر فيه كما حكم. وأوصى إليه المكتفي في ماله وولده وعياله. وقال القاسم بن عبيد الله: إني لأعنت العباس في سرعة الإملاء، فتسبق يده لفظي ويقطع الكتاب مع آخر كلامي. وقال الصولي: ما رأيت أنا يدا أسرع بالخط من العباس ولا أقل سقطا، مع إقامة حروفه واستواء سطوره وملاحة خطه، وكان له حظ وافر من البلاغة من غير تلبث ولا تمكث. وقال الزجاج النحوي: دخلت على العباس وهو يكتب رقعة وقد التطخت إصبعه الوسطى بالمداد، فلما فرغ من كتبها بل إصبعه بريقه ومسحها في منديل على حجره ثم قال:

إنما الزعفران عطر العذارى                      ومداد الدوي عطر الرجـال فقلت: نعم، أنشدني أحمد بن يحيى قال، أنشدني ابن الأعرابي:

من كان يعجبه إن مس عارضه                      مسك يطيب منه الريح والنسما

فإن مسكي مداد فوق أنملتـي                      إذا الأنامل مني مست القلمـا

 

صفحة : 2341

 

ولما توفي المكتفي أحكم البيعة العباس بن الحسن للمقتدر فتمت، فألحق الناس به كل لوم في كل شيء يمنع، فأشار عليه أولا بعض الكتاب والحسين ابن حمدان أن يختار للخلافة رجلا يشتد خوفه منه إذا دخل إليه، وقال له: تقيم من تخافه ويخافك الناس من أجله، وإلا طلب الناس منك زيادات الإقطاعات ومن منعته عاداك؛ فكان الأمر كذلك، وفسد الناس عليه وحسدوه، وصار يمنع والدة المقتدر من التوسع في النفقات، فثقل على قلب المقتدر ووالدته وحاشيتهما، فسعوا في إزالة أمره، إلى أن تم القضاء عليه بقتله، فرموه بأنه يريد البيعة لعبد الله بن المعتز؛ فلما كان في يوم السبت إحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى سنة ست وتسعين ومائتين، فنزل في موكبه وضربه الحسين بن حمدان فقتله، وقتل معه جماعة منهم فاتك المعتضدي وغيره، وقيل إن الحسين لما ضربه طار قحف رأسه، ثم ثناه فسقط على وجهه، ثم اعتوره الأعراب فقطع قطعا. وقال الصولي: حدثني أحمد بن العباس قال: كان لأبي شعر وكان يكتمه ولا يظهره، فوجدت بعد وفاته رقعة بخط يده فيها:

يا شادنا في فؤاد عـاشـقـه                      من حبه لوعة تـقـرحـه

لي خبر بعدمـا نـأيت ولـو                      أمنت رسلي ما كنت أشرحه

صنت الهوى طاقتي فأظهره                      دمع ينادي به ويوضـحـه

وكل صب يصون دمعـتـه                      فهي غداة الفراق تفضحـه وقال في الرقعة أيضا:

يا قاتلي بالصدود منه ولـو                      يشاء بالوصل كان يحيينـي

ومن يرى مهجتي تسيل على                      تقبيل فـيه ولا يواتـينـي

واحربي للخلاف منك ومن                      خلائق فيك ذات تـلـوين

طيفك في هجعتي يصالحني                      وأنت مستيقظا تعـادينـي قلت: شعر متوسط، والمعنى مأخوذ من قول أبي نواس:

يا ناعم البال فما بـالـنـا                      نشقى ويلـتـذ خـيالانـا

لو شئت إذ أحسنت لي نائما                      تممت إحسانك يقظـانـا  حاجب الأمين

العباس بن الفضل بن الربيع بن يونس، مولى المنصور؛ كان من كبار الأمراء، ولي حجبة الأمين، وكان شاعرا فصيحا، توفي في حياة أبيه سنة ثلاث وتسعين ومائة. ومن شعره. . .

الأحمدي الأديب

العباس بن أحمد بن مطروح بن سراج بن محمد الأزدي، أبو عيسى الأحمدي الأديب؛ من أهل مصر، توفي سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة.

أبو الفضل النحوي

العباس بن أحمد بن موسى بن أبي موسى، أبو الفضل النحوي اللغوي؛ من أصحاب أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي، في طبقة أبي الفتح ابن جني، توفي سنة إحدى وأربعمائة.

اليزيدي

العباس بن محمد بن أبي محمد اليزيدي، تقدم ذكر جماعة من أهل بيته، وهم أهل أدب وفضل، مات العباس هذا سنة إحدى وأربعين ومائتين.

عرام

العباس بن محمد، أبو الفضل، يعرف بعرام؛ له رسيلات تجري مجرى اللهو والطنز واللعب.

النرسي البصري

العباس بن الوليد، أبو الفضل الباهلي النرسي البصري؛ روى عنه البخاري ومسلم وروى النسائي عن رجل عنه؛ وثقه ابن معين ورجحوه على ابن عمه، وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

الرياشي اللغوي

 

 

صفحة : 2342

 

العباس بن الفرج الرياشي مولاهم، ورياش مولى عباسة زوجة محمد بن سليمان الهاشمي؛ قرأ الرياشي على المازني وأخذ المازني عنه اللغة؛ حدث المبرد قال: سمعت المازني يقول: قرأ الرياشي علي كتاب سيبويه فاستفدت منه أكثر مما استفاد مني، يعني أنه أفادني لغته وشعره وأفاده هو النحو؛ وقتل الرياشي بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين، قتلته الزنج في نوبة العلوية أيام المعتمد على الله، وكان قائما يصلي الضحى في مسجده، ولم يدفن إلا بعد موته بزمان؛ قال القاضي شمس الدين ابن خلكان: ذكر شيخنا ابن الأثير قفي تاريخه أنه قتل بالبصرة وهو غلط، إذ لا خلاف بين أهل العلم بالتاريخ أن الزنج دخلوا البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال سنة سبع وخمسين، فأقاموا على القتل والإحراق ليلة السبت ويوم السبت، ثم عادوا غليها يوم الاثنين، فدخلوها وقد تفرق الجند وهربوا، فنادوا بالأمان، فلما ظهر الناس قتلوهم فلم يسلم منهم إلا النادر، واحترق الجامع ومن فيه، وقتل العباس المذكور في هذه الأيام وكان في الجامع لما قتل. قلت: كذا قال ابن خلكان، وما علمت مكان الغلط في قول ابن الأثير. وأخذ الرياشي عن الأصمعي وأبي عبيدة وأبي داود الطيالسي وعبد الله بن بكر السهمي وأبي عاصم النبيل وطائفة، وروى عنه أبو داود تفسير لغة والمبرد وابن دريد وغيرهم، وكان من اللغة والأدب بمحل كبير، وحفظ كتب أبي زيد الأنصاري وكتب الأصمعي، ووثقه الخطيب؛ وقال المبرد: كان الرياشي والله أحمق، ومن حمقه أنه إذا كان صائما لا يبلع ريقه. ومن تصانيفه: كتاب الخيل. كتاب الإبل. كتاب ما اختلف أسماؤه من كلام العرب.

ومن شعره:

أنكرت من بصري ما كنت أعرفه                      واسترجع الدهر ما قد كان يعطينا

أبعد سبعين قد ولـت وسـابـعة                      أبغي الذي كنت أبغيه ابن عشرينا  ابن شاذان المقرئ

العباس بن الفضل بن شاذان الرازي المقرئ المفسر؛ توفي في حدود العشر وثلاثمائة.

الشكلي

العباس بن يوسف الشكلي، أبو الفضل البغدادي الصوفي؛ سمع سريا السقطي، وهو مقبول الرواية؛ توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة.

المزني الشافعي

العباس بن عبد الله بن أحمد بن عصام المزني البغدادي، الفقيه الشافعي؛ توفي في حدود الثلاثين وثلاثمائة.

ابن المأمون

العباس بن عبد الله، هو أبو الفضل ابن المأمون ابن هارون الرشيد بالله؛ توفي سنة أربع وعشرين ومائتين، توفي بمنبج لأن أباه ولاه الجزيرة والثغور والعواصم سنة ثلاث عشرة ومائتين، فلما توفي أبوه المأمون بايع عمه المعتصم واستقام له الأمر، فلما كان في سنة ثلاث وعشرين ومائتين توجه المعتصم إلى بلاد الروم غازيا ومعه العباس، وكان عجيف بن عنبسة القائد معهم، فوبخ العباس على مبايعته المعتصم، وشجعه على أن يتلافى أمره، وراسل له القواد بالطاعة، فأجابه جماعة منهم وبايعوه على أن يفتكوا بالمعتصم وبأكابر القواد ويخلص الأمر للعباس، فظاهر عليهم، فقبض عليهم وعلى العباس بعد عود المعتصم من عمورية؛ ولم يزل العباس ومن بايعه في الاعتقال إلى أن بلغ المعتصم إلى منبج فنزل بها؛ وقد كان العباس جائعا، سأل الطعام فقدم إليه طعام كثير فأكل، فلما طلب الماء منع منه، وأدرج في مسح، فمات بمنبج، وصلى عليه بعض إخوته ومن كان معه من القواد. والعباس هذا هو الذي رأى في يد إبراهيم بن المهدي بين يدي المعتصم خاتما استحسن فصه، فقال: ما رأيت مثله، فقال: هذا رهنته أيام أبيك وافتككته في أيام أمير المؤمنين، فقال: لئن لم تشكر لأبي حقن دمك لم تشكر لأمير المؤمنين افتكاك خاتمك، والله أعلم. وقيل إنه لما مات العباس جزع عليه المعتصم جزعا شديدا، وأمر أن لا يحجب عنه الناس للتعزية، فدخل فيمن دخل أعرابي، فلما بصر به قال:

اصبر نكن لك تابعين فـإنـمـا                      صبر الجميع بحسن صبر الراس

خير من العباس أجـرك بـعـده                      والله خير منـك لـلـعـبـاس  ابن المستظهر

 

 

صفحة : 2343

 

العباس بن أحمد المستظهر بالله ابن المقتدي ابن محمد ابن القائم ابن القادر ابن المقتدر ابن المعتضد ابن الموفق ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، هو أبو طالب؛ سمع الحديث من مؤدبه أحمد بن عبد الوهاب بن السيبي مع أخويه المسترشد والمقتفي، وروى يسيرا، وتوفي سنة أربع وستين وخمسمائة.

الحافظ العنبري

العباس بن عبد العظيم الحافظ العنبري البصري؛ روى عنه الجماعة إلا البخاري، فإنه روى عنه تعليقا، توفي في حدود الخمسين ومائتين، وقيل سنة ست وأربعين، وروى عن يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومعاذ بن هشام وعبد الرزاق وعمر بن يونس اليمامي والنضر بن محمد ويزيد بن هارون وأبي عاصم وخلق، وعنه الجماعة وبقي بن مخلد وعبدان الأهوازي وابن خزيمة وعمر بن بجير وزكرياء الساجي وطائفة. وقال النسائي: ثقة مأمون، وكان من عقلاء أهل زمانه.

عباسويه

العباس بن يزيد البحراني الملقب عباسويه البصري؛ كان حافظا ثقة، ولي قضاء همذان مدة، وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين، وروى عنه ابن ماجه.

الترقفي

العباس بن عبد الله بن أبي عيسى، أبو محمد الترقفي - بفتح التاء وبعد الراء قاف مضمومة وبعدها فاء - الباكسائي؛ قال الخطيب: كان ثقة صالحا عابدا، روى عنه ابن ماجه، وتوفي سنة سبع وستين ومائتين.

البيروتي

عباس بن الوليد البيروتي - بالتاء ثالثة الحروف - العذري؛ توفي سنة سبعين ومائتين، وروى عنه أبو داود والنسائي.

الدوري

عباس بن محمد بن حاتم الدوري، مولى بني هاشم، محدث بغداد في وقته؛ ولد سنة خمس وثمانين ومائة، وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائتين؛ روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، ولزم يحيى بن معين دهرا، وقال النسائي: ثقه.

الأسفاطي البصري

العباس بن الفضل الأسفاطي البصري؛ روى عنه دعلج وفاروق الخطابي وسليمان الطبراني، وكان صدوقا حسن الحديث، جاور بمكة، وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين.

الواعظ الزاهد

العباس بن حمزة النيسابوري الواعظ؛ أحد العلماء والزهاد في وقته، مجاب الدعوة، توفي في حدود التسعين ومائتين.

وزير عز الدولة

العباس بن الحسين بن الفضل الشيرازي؛ وزر لعز الدولة بختيار بن بويه، وكان ظالما جبارا، فقبض عليه عز الدولة ثم قتله في سنة ثلاث وستين وثلاثمائة.

الأمير أخو المستنصر

العباس الأمير عبد الله، أخو المستنصر؛ توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وغسله عبد العزيز بن دلف، وعملت فيه المراثي.

شحنة الري

عباس، شحنة الري؛ دخل في الطاعة، وسلم الري إلى السلطان مسعود، ثم إن الأمراء اجتمعوا عند السلطان ببغداد وقالوا: ما بقي لنا عدو سوى عباس، فاستدعاه السلطان إلى دار المملكة في رابع ذي القعدة سنة إحدى وأربعين وخمسمائة وقتله والقي على باب الدار، فبكى الناس عليه لأنه كان يفعل الجميل وكانت له صدقات، وقيل إنه ما شرب الخمر قط ولا زنى، وإنه قتل من الباطنية ألوفا وبنى من رؤوسهم منارة، ثم إنه حمل ودفن في المشهد الذي يقابل دار السلطان.

الملك الأمجد ابن العادل

عباس بن محمد بن أيوب، هو الملك الأمجد تقي الدين ابن الملك العادل؛ كان آخر إخوته وفاة، وكان محترما عند الملوك ولا سيما عند الظاهر، لا يترفع أحد عليه في مجلس ولا في موكب؛ وكان دمث الأخلاق حسن العشرة حلو المجلسة رئيسا سريا؛ توفي سنة تسع وستين وستمائة، ودفن بقاسيون بالتربة التي له، وحدث عن الكندي والبكري، وروى عنه الدمياطي وابن الخباز وجماعة.

الجريري

عباس بن جرير بن عبد الله بن محمد بن خالد بن عبد الله بن يزيد بن أسد ابن كرز القسري، أبو الوليد البجلي، يعرف بالجريري؛ كان كاتبا شاعرا ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الرقة في أخبار الشعراء. ومن شعره:

ظلت الأحزان تكحلـنـي                      مضضا طالت له سنتـي

من هوى ظبي كـأن لـه                      أربا في الصد في ترتـي

قد حمى عيني محاسـنـه                      وحمى تقبيله شـفـتـي

شركت عينـاه ظـالـمة                      في دمي يا عظم ما جنت. قلت: شعر متوسط.

ابن المعتضد

 

 

صفحة : 2344

 

العباس بن أحمد المعتضد ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور ابن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب؛ توفي سنة سبع وثمانين ومائتين، ودفن بالرصافة.

ابن المستعين

العباس بن أحمد المستعين ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، أبو الفضل؛ ولاه أبوه الحرمين وهو صغير، وعقد له على الكوفة والبصرة سنة تسع وأربعين ومائتين، فقال البحتري في ذلك:

بقيت مسلما للمسلـمـينـا                      وعشت خليفة الرحمن فينا

أراد الله أن تبقى معـانـا                      فقدر أن تسمى المستعينـا

أرى البلد الأمين ازداد حسنا                      إذ استكفيته العف الأمينـا

ندبت له ابنك العباس لمـا                      رضيت بهديه خلقا ودينـا وتوفي العباس سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

ابن المقتدر

العباس بن جعفر المقتدر ابن المعتضد ابن المتوكل ابن المعتصم ابن الرشيد ابن المهدي ابن المنصور، أبو أحمد؛ ذكر أنه أزمع على نكث بيعة أخيه الراضي ابن جعفر المقتدر، فقبض عليه ليلة النصف من شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وأحضر القاضي وسائر الشهود فقال: إني آثرت الدين والمروءة على ما تقتضيه السياسة في حق أخي، فخذوا عليه البيعة وافرجوا عنه وعمن بايعه وأعطوه ما يحتاج إليه؛ وتوفي العباس سنة ثلاثين وثلاثمائة.

كاتب معز الدولة

العباس بن الحسين بن عبد الله، أبو الفضل؛ من أهل شيراز، كان كاتب معز الدولة أبي الحسن أحمد بن بويه وورد معه إلى بغداد، وناب عن المهلبي في الوزارة أيام غيبته عن الحضرة، وصاهره المهلبي على ابنته، ثم بعد موت معز الدولة كتب لابنه عز الدولة بختيار، ثم استوزره سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، ودبر أمر الوزارة للمطيع، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل يوم الثلاثاء لثلاث خلون من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، وكان وليها مستهل ربيع الآخر من السنة المذكورة، وقبض عليه، ثم أعيد إلى الوزارة في شهر رجب سنة ستين وثلاثمائة، وقبض عليه في ذي الحجة سنة اثنتين وستين، وحمل إلى الكوفة، فمات بعد مديدة؛ وماتت زوجته ابنة المهلبي في الاعتقال ببغداد. وكان ظالما سيئ السيرة مجاهرا بالقبائح والجور والعسف، لكن كان واسع الصدر كثير العطاء ظاهر المروءة.

أبو الينبغي

العباس بن طرخان، أبو الينبغي؛ كانت له أخبار مع الرشيد والأمين والمأمون والمعتصم، ومدحهم ومدح الوزراء والأكابر، وهجاهم على سبيل اللعب والتطايب، وأكثر أشعاره غير موزونة، جمع له أبو عبيد الله المرزباني أخبارا مفردة في مجلدة. قيل له: لم اكتنيت بأبي الينبغي? قال: لأني أقول ما لا ينبغي؛ وكان قد عمر، وتوفي في حبس المعتصم لأنه هجاه.

ومن شعره:

لزمت دهلـيزكـم جـمـعة                      ولم أكن آوي الـدهـالـيزا

خبزي من السوق ومدحي لكم                      تلك لعمري قسمة ضـيزى ومنه:

كم من حمار على جواد                      ومن جواد على حمار ومنه:

بلوت هذا الناس ما فيهم                      من واحد لأحد حامـد

حتى كأن قد أفرغـوا                      كلهم في قالب واحـد قال القاسم بن المعتمر الزهري: كنت أسير مع يحيى بن خالد وهو بين ابنيه الفضل وجعفر، فإذا أبو الينبغي واقف على الطريق، فنادى: يا زهري يا زهري، قال: فاستشرفت إليه فقال:

صحبت البرامك عشرا ولاء                      وبيتي كراء وخبزي شراء فسمعه يحيى، فالتفت إلى الفضل وجعفر، فقال: أف لهذا الفعل، أبو الينبغي يحاسب?  فلما كان من الغد جاءني أبو الينبغي فقلت: ويحك ما هذا الذي عرضت له نفسك بالأمس? فقال: اسكت، ما هو والله إلا أن صرت إلى البيت حتى جاءني من الفضل بدرة ومن جعفر بدرة، ووهبني كل واحد منهما دارا، وأجرى إلي من مطبخه ما يكفيني.

أبو الفضل ابن حمدون

العباس بن أبي العبيس بن حمدون، أبو الفضل النديم، من أهل سر من رأى؛ أديب شاعر ظريف، كتب إليه محمد بن مزيد الأزهري وقد دخل إلى سر من رأى أبياتا، منها قوله:

أبا الفضل يا من ليس تحصى فضائله                      ومن ما له في الخلق خلق يعادلـه

أتـقـبـل خـلا جـاء يتـبـع وده                      إليك على علـم بـأنـك قـابـلـه

 

صفحة : 2345

 

 

يرحل عنك الهم عند حلوله                      ويلهيك بالآداب حين تساجله فكتب الجواب إليه، ومنه:

أتانا مقال أوجب الشكر حاملـه                      ودل على فضل الذي هو قائله

ومكن ودا قبل تمـكـين رؤية                      ومن قبل ما لاحت بذاك مخايله

سنقبل ما أهداه من صفو بـره                      ونبذل منه فوق ما هو باذلـه  أبو محمد الكاتب

العباس بن الفضل، أبو محمد الكاتب، من أهل المدائن، ويقال اسمه عبسي بالباء الموحدة؛ كان شاعرا كثير العبث بالرؤساء والقول فيهم، قال في الحسن بن مخلد لما صرف صاعدا عن كتبة بغا ونقلها بعد في أبي الصقر:

أقيك بنفسي سوء عـاقـبة الـدهـر                      ألست ترى صرف الزمان بما يجري

يصاب الفتى في اليوم يأمن نحـسـه                      وتسعده الأيام مـن حـيث لا يدري

وقد كنت أبكي من تحامل صـاعـد                      وأشكو أمورا كان ضاق بها صدري

فلما انقـضـت أيامـه وتـبـدلـت                      بأيام ميمون الـنـقـيبة والـذكـر

سرت أسهم منه إلـي أمـنـتـهـا                      ولو خفتها داويتها قبل أن تـسـري

وذكرني بيتا من الـشـعـر سـائرا                      وقد تضرب الأمثال في سائر الشعر

عتبت على عمرو فلمـا فـقـدتـه                      وجربت أقواما بكيت على عـمـرو وقال في البحتري:

ليس في البحتري يا قوم غيبه                      بيته معدن لكـل مـريبـه

بيته معدن الزنـاء ولـكـن                      ليس يزني في بيته بغريبـه قلت: شعر جيد.

ابن الرحا الشافعي

العباس بن محمد بن علي بن أبي طاهر، أبو محمد العباسي، يعرف بابن الرحا البغدادي؛ كان فقيها على مذهب الشافعي، وروى عنه أبو نصر ابن المجلي في مصنفاته، وتوفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.

أبو القاسم المقرئ

العباس بن محمد بن محمد، أبو القاسم المقرئ البغدادي؛ كان أحد الأئمة في علم القراءات، وقيل إنه فسطاطي الأصل، روى عن أبي بكر ابن مجاهد المقرئ وعبد الله بن أحمد المعروف بمخشة.

ابن فسانجس

العباس بن موسى بن فسانجس، أبو الفضل الفارسي؛ كان من وجوهها، وله الضياع الكثيرة والنعمة الوافرة. قدم بغداد وولي ديوان السواد، ومات بالبصرة سنة اثنتين وأربعين وثلاثمائة.

أبو القاسم المغربي

العباس بن فرناس المغربي؛ قال حرقوص: كان شاعرا مفلقا وفحلا مجودا مطبوعا مقتدرا كثير الإبداع حسن التوليد مليح المعاني بعيد الغور رقيق الذهن. له شخص إنسي وفطنة جني. وكان متفلسفا في غير ما جنس من الصناعات. ويقال إنه أول من فك في بلادنا العروض وفتح مقفله وأوضح للناس ملتبسه، وكان أبصر الناس بالنجوم وأعلمهم بدقائقها وأعرفهم بالفلك ومجاريه، وكان أقل الناس سرقة من شعر غيره. دس عليه مؤمن حدثا كان يصحبه يقال له طلحة، فأتاه فقال له: يا أبا القاسم إنك جنيت علي جناية، فقال: وما هي? فقال: إني جنبت بك الليلة فأعطني سطلا ومنديلا أدخل بهما الحمام، فقال: لا جزى الله خيرا مؤمنا فهو الذي عودك إتيان المشايخ في اليقظة حتى صرت تجنب عليم في النوم. قال: وبصر بمؤمن يوما وقد ألقى على رأسه رداء فعرفه وناداه: أبا مروان، أبا مروان، من خلفه، فاستجاب له ثم قال له: يا أبا القاسم من أين عرفتني ولم تر وجهي وإنما رأيت قفاي? فقال: أنا أعرف بك من ورائك. وفيه يقول مؤمن:

قعدت تحت سماء لابن فـرنـاس                      فخلت أن رحى دارت على رأسي فلما بلغ ابن فرناس ذلك قال: ليس كما قال ابن الزانية، كان ينبغي أن يقول:

قعدت من فوق عرد لابن فرناس                      فخلته ناتئا شبرا علـى رأسـي وأورد له حرقوص قصائد مطولة ومقطعات، فمما له من المقاطيع قوله:

يا من لعين خلت من الغمض                      ومهجة أشرفت على القبض

كل هوى لا يميت صاحـبـه                      فأصل ذاك الهوى من البغض ومن ذلك:

إن تلك التي أحـن إلـيهـا                      وعذابي وراحتي في يديها

نظر الناس في الهلال لفطر                      فتبدت فأفطروا إذ رأوهـا

ذاك في سبعة وعشرين يوما                      فذنوب العباد طرا عليهـا

ولحيني بانت ولم تشف قلبـا                      مستهاما يطير شوقا إليهـا ومن ذلك:

 

صفحة : 2346

 

 

بدل لنفسك روحـا                      لعل أن تستريحـا

مازال قلبك يهـوى                      من لا يزال شحيحا  الأصولي بن البقال

أبو العباس ابن البقال؛ أحد المتكلمين الكبار العالمين بالأصول في بلاد العرب، أخذ عنه أبو الحسن البصري، وتوفي سنة أربع وعشرين وستمائة.

 

الألقاب

الشيخ أبو العباس المرسي: اسمه أحمد بن عمر.

أبو العباس الشاعر الأعمى: اسمه السائب.

 

العباسة

بنت المهدي

العباسة بنت أمير المؤمنين المهدي أخت هارون الرشيد؛ أمها أم ولد اسمها رخيم - وقد تقدم ذكرها في حرف الراء - تزوجها محمد بن سليمان بن علي ثم إبراهيم بن صالح بن علي وماتا عنها، فخطبها عيسى بن جعفر فقال الشاعر:

أعباس أنت الذعاف الـذي                      تضل لديه رقى النافـث

قتلت عظيمين من هاشـم                      وأصبحت في طلب الثالث

فمن ذا الذي غمه عمـره                      يعجل بالمال لـلـوارث فلم يتزوجها عيسى بن جعفر. ثم إن الرشيد زوجها جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، وكانت واقعة البرامكة بسببها على ما تقدم في ترجمة جعفر، فقال أبو نواس:

ألا قل لأمـين الـل                      ه وابن القادة الساسة

إذا ما ناكـث سـر                      ك أن تثكله رأسـه

فلا تقتله بالـسـيف                      وزوجه بعبـاسـه وقال الجاحظ: إن العباسة كتبت إلى وكيل لها يقال له سباع، وقد بلغها أنه يجتاح مالها ويبني به المساجد والحياض، فكتبت إليه:

ألا أيهذا المعمل العيس بلـغـن                      سباعا وقل إن ضم إياكما السفر

أتظلمني مالي وإن جاء سـائل                      رققت له أن حطه نحوك الفقر

كشافية المرضى بفائدة الـزنـا                      مؤملة أجرا ومالـهـا أجـر وكانت العباسة رائعة الجمال. وكان الرشيد يحبها ولا يكاد يفارقها. وتوفيت سنة اثنتين وثمانين ومائة.

زوج الرشيد

العباسة بنت سليمان بن أبي جعفر عبد الله المنصور زوج هارون الرشيد؛ ذكرها أبو هاشم الخزاعي.

زوج الأمين

العباسة بنت عيسى بن جعفر بن عبد الله المنصور؛ تزوجها الأمين وقتل عنها؛ ذكرها الخزاعي أيضا.

 

الألقاب

ابن أبي عباية الهيتي: اسمه محمد بن عبد الله

عبثر

الكوفي الزبيدي

عبثر ابن القاسم الكوفي الزبيدي؛ قال أبو داود: ثقة ثقة، وتوفي سنة ثمان وسبعين مائة، وروى له الجماعة، وروى عن حصين بن عبد الرحمن وأشعث بن سوار والعلاء بن المسيب والأعمش، وروى عنه أحمد بن إبراهيم الموصلي وخلف بن هشام وقتيبة وهناد بن السري وأبو حصين عبد الله بن أحمد ابن عبد الله بن يونس، وهو آخر من روى عنه.

 

الجزء السابع عشر

 

عبد الله

عبد الله بن إبراهيم

أبو حكيم الخبري الفرائضي عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حكيم الخبري. من ساكني درب الشاكرية. تفقه على أبي إسحاق الشيرازي، وقرأ الفرائض والحساب حتى برع فيهما، وكان متمكنا في علم العربية، ويكتب خطا مليحا، ويضبط ضبطا صحيحا. وله مصنفات في الفرائض والحساب، وشرح الحماسة، وجمع عدة دواوين وشرحها كديوان الرضي والمتنبي والبحتري، وسمع الكثير من الحسين بن أحمد بن محمد بن حبيب الفارسي، وأبي محمد الحسن بن علي الجوهري وجماعة. وكتب بخطه كثيرا، وحدث اليسير، وكان مرضي الطريقة، متدينا، صدوقا. وتوفي سنة ست وسبعين وأربعمائة. وكان جد أبي الفضل ابن ناصر لأمه.

أبو محمد الشافعي عبد الله بن إبراهيم بن محمد بن علي بن أبي بكر الخطيب، أبو محمد الفقيه الشافعي. من أهل همذان. كان أبوه يتولى الخطابة ببعض نواحي همذان، وقدم بغداد وهو شاب، وأقام بها وقرأ الفقه على أبي طالب ابن الكرخي وأبي وأبي الخير القزويني حتى برع في الخلاف والمذهب وولى الإعادة بالنظامية. وكان حافظا للمذهب، شديد الفتاوى، غفيفا، نزها، ورعا، متقشفا. قال محب الدين ابن النجار: كتبت عنه وكان صدوقا. وتوفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة.

الحافظ الآبندوني

 

صفحة : 2347

 

عبد الله بن إبراهيم بن يوسف، أبو القاسم الجرجاني الآبندوني، الحافظ، وآبندون من قرى جرجان، رفيق ابن عدي في الرحلة. سكن بغداد وحدث. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا له تصانيف. توفي سنة ثمان وستين وثلاثمائة.

الأصيلي المالكي عبد الله بن إبراهيم بن محمد، الفقيه أبو محمد الأصيلي، أصله من كورة شذونة، ورحل به والده إلى أصيلا من بلاد العدوة، فنشأ بها وطلب العلم، وتفقه بقرطبة. قال القاضي عياض: كان من حفاظ مذهب مالك ومن العالمين بالحديث وعلله ورجاله وكان يرد القول في إتيان النساء في أدبارهن كراهية دون التحريم على أن الآثار في ذلك شديدة. وكان ينكر الغلو في ذكر ولايات الأولياء، ويثبت منها ما صح، ودعاء الصالحين. ولي قضاء سرقسطة. وتوفي سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة.

الأغلبي عبد الله بن إبراهيم بن الأغلب التميمي الأمير. ولي إمرة القيروان بعد والده سنة ست وتسعين، وأنشأ عدة حصون وبنى القصر الأبيض بمدينة العباسية التي بناها أبوه. وبنى جامعا عظيما بالعباسية، طوله مائتا ذراع في مثلها، وعمل سقفه بالآنك، وزخرفه. وتوفي سنة إحدى ومائتين. وتولى بعده أخوه زيادة الله.

الأغلبي عبد الله بن إبراهيم بن أحمد الأغلب التميمي، أمير المغرب وابن أمرائها. قتلته بتونس ثلاثة من غلمانه الصقالبة على فراشه وأتوا برأسه ابنه زيادة الله وأخرجوه من الحبس فصلب الثلاثة وهو الذي كان واطأهم. وكانت قتلته في حدود التسعين ومائتين.

ابن المؤدب عبد الله بن إبراهيم بن مثنى الطوسي، المعروف بابن المؤدب. أصله من المهدية. وكان شاعرا مذكورا، مشهورا، متصرفا، قليل الشعر، مفرطا في حب الغلمان، مجاهرا بذلك، بعيد الغور ذا حيلة وكيد، مغرى بالسياحة، وطلب الكيمياء والأحجار، محروما مقترا عليه متلافا إذا أفاد. خرج مرة يريد صقلية فأسره الروم في البحر، وأقام مدة إلى أن هادن ثقة الدولة ملك الروم، وبعث إليه بالأسرى، وكان ابن المؤدب فيهم، فمدح ثقة الدولة بقصيدة ورجا صلته فلم يصله بما أرضاه، فتكلم فيه فطلب طلبا شديدا فاختفى، وطالت المدة فخرج وهو سكران في بعض الليالي يشتري نقلا، فما شعر إلا وقد قيد، وحمل إلى بين يدي ثقة الدولة، فقال له: ما الذي بلغني? فقال: المحال يا سيدنا فقال: من الذي يقول في شعره: والحر ممتحن بأولاد الزنا فقال: والذي يقول: وعداوة الشعراء بئس المقتنى فتنمر ساعة ثم أمر له بمائة رباعي وإخراجه من المدينة كراهية أن تقوم عليه نفسه فيعاقبه، فخرج ثم مدح ثقة الدولة بقصيدة منها قوله: من الطويل

أبيت أراعي النجم فـي دار غـربة                      وفي القلب مني نار حزن مضـرم

أرى كل نجم في السمـاء مـحـلة                      ونجمي أراه في النجوم المـنـجـم

سأحمل نفسي في لظى الحرب حملة                      تبلغها من خطبها كـل مـعـظـم

فإن سلمت عاشت بعز وإن تـمـت                      لدى حيث ألقت رحلها أم قشـعـم وقال وهو في الأسر: من المجتث

لا يذكر اللـه قـومـا                      حللت فيهم بـخـير

جاهدت بالسيف جهدي                      حتى أسرت وغيري

والآن لست أطيق ال                      جهـاد إلا بــأيري

فهات من شئت منهـم                      لو كان صاحـب دير وكان صديقا لعبد الله بن رشيق، وهو يؤدب بعض أولاد تجار القيروان وكان حسنا، وكان ابن المؤدب يزوره، فعلق بالغلام وخرج ابن رشيق للحج، فكلما أتي بمعلم لم يكد يقم أسبوعا حتى يدعي الغلام أنه راوده، فذكر ابن المؤدب للوالد فأحضره، فما كان إلا ساعة جلوسه في المسجد ودخول الغلام إليه فأغلق باب الصحن فقام فبلغ أربه منه، وخرج الغلام إلى أبيه مبادرا فأخبره فقال أبوه: الآن تقرر عندي أنك كاذب وكذبت على من كان قبله وصرفه إلى المكتب، فأقام على تلك الحال مدة طويلة وقال: من الطويل

وظبي أنيس عالجته حبـائلـي                      فغادرته قبل الوثوب صريعـا

وكان رجال حاولوه ففاتـهـم                      سباقا ولكني خلقت سـريعـا

فتكت به وإن شاء في بيت ربه                      وإن لم يشأ مستصعبا ومطيعا

ليعلم أهل القيروان بـأنـنـي                      إذا رمت أمرا لم أجده منيعـا

 

صفحة : 2348

 

 

فيا لغزال ألجـأتـه كـلابـه                      إلى أسد ضار وصادف جوعا وكان قد اشتهر في محبة غلام فتذمم أبوه أن يقتله جهارا، وخرجوا يتصيدون فأمر من حل حزام دابته سرا وتبعوه طردا، فسقط وانكسرت فخذه حتى ظهر مخه وعظمه. ومات سنة أربع عشرة وأربعمائة.

حفيد هاشم المالكي عبد الله بن إبراهيم بن هاشم، أبو محمد القيسي المري الفقيه، ويعرف بحفيد هاشم كتاب  التفريع  لابن الجلاب في ست مجلدات. وتوفي في حدود الخمسمائة.

المنافق عبد الله بن أبي سلول الأنصاري، من بني عوف بن الخزرج، وسلول امرأة من خزاعة، وهي أم أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد بن مالك بن سالم بن غنم بن عوف بن الخزرج. وسالم بن غنم يعرف بالحبلى لعظم بطنه، ولبني الحبلى شرف في الأنصار. وكان اسمه الحباب فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. وكان رأس المنافقين ومن تولى كبر الإفك في عائشة رضي الله عنها.وكانت الخزرج قد اجتمعت على أن يتوجوه ويسندوا إليه أمرهم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، فلما جاء الله بالإسلام نفس على رسول الله صلى الله عليه وسلم النبوة وأخذته العزة، ولم يخلص الإسلام، وأظهر النفاق حسدا وبغيا. وهو الذي قال في غزوة تبوك:  لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل  . فقال ابنه عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الذليل يا رسول الله وأنت العزيز. وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أذنت في قتله قتلته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولكن بر أباك وأحسن صحبته. فلما مات سأله ابنه فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه، وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال: إذا فرغتم فآذنوني. فلما أراد الصلاة عليه جذبه عمر وقال: أليس قد نهى الله أن تصلي على المنافقين? فقال: أنا بين خيرتين أن استغفر لهم أو لا أستغفر لهم فصلى عليه فنزلت:  ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره  فترك الصلاة عليهم حينئذ. وابنه عبد الله من خيار الصحابة.

أبو أبي عبد الله بن أبي، وقيل عبد الله بن عمرو بن قيس بن زيد بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار. وهو أبو أبي. مشهور بكنيته. أمه أم حرام بنت ملحان أخت أم سليم كان قديم الإسلام ممن صلى القبلتين. يعد في الشاميين. قال إبراهيم ابن أبي عبلة: سمعت أبا أبي بن أم حرام - وكان صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين - يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عليكم بالسنا والسنوت فإن فيهما شفاء من كل داء إلا السام. قالوا: يا رسول الله ما السام? قال: الموت. قال: السنوت الشبث، وقال آخرون: بل هو العسل يكون في وعاء السمن وأنشدوا عليه قول الشاعر: من الطويل

هم السمن بالسنوت لا ألس فيهم                      وهم يمنعون الجار أن يتفـردا  عبد الله بن أحمد

ابن الخشاب النحوي

 

صفحة : 2349

 

عبد الله بن أحمد بن أحمد بن عبد الله بن نصر بن الخشاب، أبو محمد ابن أبي الكرم النحوي. كان أعلم أهل زمانه بالنحو حتى يقال إنه كان في درجة أبي علي الفارسي. وكانت له عرفة بالحديث واللغة والفلسفة والحساب والهندسة، وما من علم من العلوم إلا وكانت له فيه يد حسنة. قرأ الأدب على أبي منصور ابن الجواليقي وغيره، والحساب والهندسة على أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، والفرائض على أبي بكر المزرفي. وسمع الحديث من أبي القاسم علي بن الحسين الربعي، وأبي الغنائم محمد بن علي ميمون النرسي. وقرأ بنفسه الكثير على هبة الله ابن محمد بن الحصين، وأبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش وغيرهما. ولم يزل يقرأ حتى قرأ على أقرانه، وقرأ العالي والنازل وكتب بخطه من الأدب والحديث وسائر الفنون، وكان يكتب مليحا ويضبط صحيحا، وحصل من الأصول، وغيرها ما لا يدخل تحت حصر، ومن خطوط الفضلاء وأجزاء الحديث شيئا كثيرا، ولم يمت أحد من أهل العلم إلا واشترى كتبه. وقرأ عليه الناس الأدب، وانتفعوا به، وتخرج به جماعة، وروى كثيرا من الحديث، وسمع منه الكبار. روى عنه أبو سعد ابن السمعاني، وأبو أحمد ابن سكينة، وابن الأخضر وغيرهم، وكان بخيلا مقنطا على نفسه، مبتذلا في ملبسه ومطعمه ومعيشته، متهتكا في حركاته، قليل المبالاة بحفظ ناموس العلم والمشيخة، يلعب الشطرنج على قارعة الطريق ويقف على حلق المشعبذين والذين يرقصون الدباب والقرود من غير مبالاة. قال ابن الأخضر: كنت يوما عنده وعنده جماعة من الحنابلة، فسأله مكي الغراد: عندك  كتاب الجمال  ? فقال: يا أبله ما تراهم حولي? وسأله بعض تلامذته فقال: القفا يمد ويقصر? فقال له: يمد ثم يقصر وسأل بعض تلامذته: ما بك? فقال: فؤادي يؤجعني، فقال: لو لم تهمزه لم يوجعك وقرأ عليه بعض المعلمين قول العجاج: من الرجز

أطربا وأنت قـنـسـري                      وإنما يأتي الصبى الصبي فجعله الصبي بالياء، فقال له: هذا عندك في المكتب وكان يتعمم العمامة وتبقى على حالها مدة حتى تسود مما يلي رأسه منها، وتتقطع من الوسخ، وترمي العصافير عليها ذرقها وصنف الرد على الحريري في مقاماته، وشرح اللمع لابن جني ولم يتمه، وشرح مقدمة الوزير ابن هبيرة في النحو، وعمل الرد على التبريزي الخطيب في تهذيب إصلاح المنطق، وشرح الجمل للجرجاني وترك منه أبوابا في وسط الكتاب. وتوفي سنة سبع وستين وخمسمائة، ووقف كتبه، ومن شعره في الشمعة: من السريع

صفراء لا من سقم مسها                      كيف وكانت أمها الشافيه

عريانة باطنها مكـتـس                      فاعجب لها كاسية عارية وأنشد لابن الحجاج: من الخفيف

والسعيد الرشيد من شكر النا                      س له سعيد بمال الـنـاس فقال مرتجلا: من الخفيف

والشقي الشقي من ذمة النا                      س على بخله بمال الناس ابن الإمام القادر عبد الله أحمد القادر إسحاق بن المقتدر جعفر بن أحمد المعتضد بن محمد بن جعفر المتوكل. توفي سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وصلى عليه أبو جعفر أخوه وكبر أربعا، ودفن في الرصافة حيال أخيه الغالب بالله، وله اثنان وعشرون سنة وأربعمائة وأربعة أشهر واثنا عشر يوما. وقال الشريف المرتضي يرثيه بقصيدة بائية أولها: من الكامل

ما في السلو لنا نصيب يطلب                      الحزن أقهر والمصيبة أغلب

لك يا رزية من فؤادي زفـرة                      لا تستطاع ومن جفوني صيب أبو جعفر المقرئ عبد الله بن أحمد بن جعفر، أبو جعفر الضرير المقرئ. من أهل واسط. قدم بغداد صبيا وأقام بها. قرأ بالروايات على الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس المعروف بالبارع وغيره، وسمع أبي القاسم هبة الله بن الحصين، وأحمد بن الحسن بن البناء، ويحيى بن عبد الرحمان ابن حبيش الفارقي وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

أبو القاسم العلاف الشافعي عبد الله بن أحمد بن الحسن بن طاهر العلاف، أبو القاسم البغدادي. كان شافعي المذهب وله معروفة بالفرائض وقسمة التركات. سمع عبد الله بن محمد الصريفيني، وأحمد ابن محمد النقور، وهناد بن إبراهيم النسفي. وتوفي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة.

ابن بنت وليد قاضي مصر

 

صفحة : 2350

 

عبد الله بن أحمد بن راشد بن شعيب بن جعفر بن يزيد، أبو محمد القاضي، يعرف بابن أخت وليد، ويقال: ابن بنت وليد. ولي قضاء مصر في خلافة الراضي ثم عزل منها ثم وليها ثانيا من قبل الحسين بن موسى بن هارون قاضي مصر من قبل المستكفي بالله، ثم ولي القضاء ثالثا بمصر من قبل من المستكفي إلى أن صرف زمن المطيع، ثم ولي قضاء دمشق من قبل الإخشيدية. ويقال إنه كان خياطا وكان أبوه حائكا ينسج المقانع. وكان سخيفا، خليعا، مذكورا بالارتشاء، وهجاه جماعة من أهل مصر. وحدث عن أبي العباس محمد بن الحسين قتيبة العسقلاني وغيره وتوفي سنة تسع وستين وثلاثمائة، وله مصنفات.

الحافظ ابن شبويه عبد الله بن أحمد بن شبويه، الحافظ المروزي، توفي سنة ست وخمسين ومائتين.

ابن ذكوان المقرئ عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو وأبو محمد البهراني - مولاهم - الدمشقي، إمام جامع دمشق ومقرئها. قرأ على أيوب بن تميم المقرئ. وروى عنه أبو داود وابن ماجه. قال أبو حاتم: صدوق. وقال أبو زرعة الدمشقي: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان عبد الله بن ذكوان أقرأ عندي منه. توفي سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

أمير المؤمنين القائم عبد الله بن أحمد، أمير المؤمنين أبو جعفر القائم بأمر الله ابن القادر بالله. ولد في نصف ذي القعدة سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة وبويع بالخلافة بمدينة السلام يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة. وأمه أم ولد اسمها بدر الدجى الأرمنية، وقيل اسمها قطر الندى؛ كذا سماها الخطيب. وكان أمره مستقيما إلى أن خرج البساسيري عليه، وقصته مشهورة. وتوفي القائم ليلة الخميس ثالث عشر شعبان، ودفن في داره بالقصر الحسني سنة سبع وستين وأربعمائة، فكانت دولته خمسا وأربعين سنة، وبويع بعده المقتدي. وكان القائم كثير الحلم والحياء، فصيح اللسان، أديبا خطيبا، شاعرا، تقلبت به الأحوال ورأى العجائب. وفي أيامه أنقرضت دولة الديلم من بغداد بعد طول مدتها، وقامت دولة السلجوقية، وكان آخرهم الملك الرحيم من ولد عضد الدولة، دخل عليه بغداد طغرل بك السلجوقي وهو أو السلجوقية فقبض عليه وقيده، فقال له الملك الرحيم: إرحمني أيها السلطان  فقال له: لا يرحمك من نازعته في اسمه المختص به - يشير إلى الله تعالى -  فبلغ ذلك القائم فقال: قد كنت نهيته عن هذا الاسم فأبى إلا لجاجا أورده عاقبة سوء اختياره  وخلصه طغرل بك من حبسه - أعني القائم بأمر الله - وأعاده إلى دار خلافتة ومشى بين يديه طغرل بك إلى إن وصل إلى عتبة باب النوبي، فقبلها شكرا لله تعالى، وصارت سنة بعده. ومن شعره: من البسيط

يا أكرم الأكرمين العفوعن غرق                      في السيئات له ورد وإصـدار

هانت عليه معاصيه التي عظمت                      علما بأنك للعاصـين غـفـار

فامنن علي وسامحني وخذ بيدي                      يا من له العفو والجنات والنـار ومنه:  من المتقارب

سهرنا على سنة العاشقـين                      وقلنا لما يكره اللـه: نـم

وما خيفي من ظهور الورى                      إذا كان رب الورى قد علم ومنه:  من الكامل

قالوا: الرحيل فأنشبت أظفارها                      في خدها وقد اعتلقن خضابـا

فاخضر تحت بنانها فكـأنـمـا                      غرست بأرض بنفسج عنابـا ومنه:  من الكامل

جمعت علي من الغرام عجائب                      خلفن قلبي في إسار موحـش

خل يصد وعاذل متـنـصـح                      ومعاند يؤذي ونـمـام يشـي وباسم القائم بأمر الله أمير المؤمنين وضع الباخرزي كتاب دمية القصر وأمتدحه بقصيدته البائية المشهورة التي أولها:  من البسيط

عشنا إلى أن رأينا في الهوى عجـبـا                      كل الشهور وفي الأمثال عش رجبـا

أليس من عجب أني ضحى ارتحلـوا                      أوقدت من ماء دمعي في الحشى لهبا

وأن أجفان عيني أمـطـرت ورقـا                      وأن ساحة خدي أنـبـتـت ذهـبـا

أإن توقد بـرق مـن جـوانـبـهـم                      توقد الشوق في جنبي والـتـهـبـا

كأنما انشق عنه من مـعـصـفـره                      قميص يوسف غشـوه دمـا كـذبـا منها:  من البسيط

 

صفحة : 2351

 

 

ومهمـه يتـراءى آلـه لـجـجـا                      يستغرق الوخد والتقريب والخبـبـا

كم فيه حافر طرف يحتذي وقـعـا                      من فوق خف بعير يشتكي نقـبـا

تصاحب الغيم فيه الـريح لـم ينـيا                      أن يشركا في كلا خطيهما عقـبـا

فالريح ترضع در الغيم إن عطشـت                      والغيم يركب ظهر الريح إن لغبـا

أنكحته ذات خـلـخـال مـقـرطة                      والركب كانوا شهودا والصدى خطبا

إلى أبي البحر إني لست أنـسـبـه                      لجعفر إن حساه شارب نـضـبـا

قرم الوغي من بني العباس عترتـه                      لكنه غـير عـبـاس إذا وهـبـا

لعزه جعل الرحمـان مـلـبـسـه                      من الشباب ونور العين مستـلـبـا

وجه ولا كهلال الفطر مطـلـعـا                      بدر ولا كانهلال القطر منسكـبـا

وعمة عمت الأبصار هـيبـتـهـا                      برغم من لبس التيجان واعتصـبـا

له القضيبان هـذا حـده خـشـب                      وذاك لا يتعدى حـده الـخـشـبـا

كلاهما منه في شغـل يديرهـمـا                      بين البنان رضى يختار أم غضـبـا

قل للفرات ألم تستـحـي راحـتـه                      حتى اقتديت بها أنـى ولا كـربـا

وقل لدجلة غيضي يوم مـنـحـتـه                      قد أسأت بجاري فـيضـك الأدبـا ابن الإمام أحمد بن حنبل عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل. سمع من أبيه شيئا كثيرا من العلم، ولم يأذن له أبوه في السماع من علي بن الجعد، وسمع من ابن معين وجماعة. وروى عنه النسائي وعبد الله بن إسحاق المدائني وأبو القاسم البغوي وآخرون. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا، إماما فهما، وسمع المسند من أبيه وهو ثلاثون ألفا، والتفسير وهو مائة وعشرون ألفا، سمع منه ثمانين ألفا، والباقي وجادة. وسمع منه الناسخ والمنسوخ والتاريخ وحديث شعبة والمقدم والمؤخر من كتاب الله وجوابات القرآن والمناسك الكبير والصغير وغير ذلك. وتوفي سنة تسعين ومائتين.

أبن أبي دارة المروزي عبد الله بن أحمد ابن أبي دارة المروزي. له أربعون حديثا مروية. توفي في حدود الثلاثمائة.

الكعبي المعتزلي

 

صفحة : 2352

 

عبد الله بن احمد بن محمود، أبو القاسم الكعبي البلخي، رأس المعتزلة ورئيسهم في زمانه وداعيتهم. قال جعفر المستغفري: لا أستجيز الرواية عن أمثاله. توفي سنة تسع عشرة وثلاثمائة. وناهيك من فضله وتقدمه إجماع العالم على حسن تأليفه للكتب الكلامية والتصانيف الحكمية التي بذت أكثر كتب الحكماء، وصارت ملاذا للبصر وعمدة للأدباء، ونزهة في مجالس الكبراء. وكانت في العراق أشهر منها في خراسان، وأئمة الدينا مولعون بها،مغرمون بفوائدها حتى أنه لما دخل أبو الحسن علي بن محمد الخشابي البلخي تلميذه بغداد حاجا جعلها جعل أهلها يقولون بعضهم لبعض: قد جاء غلام الكعبي فتعالوا ننظر إليه  فاحتوشه أهل العصر وعصابة الكلام، وجعلوا يتبركون بالنظر إليه ويتعجبون منه، وينظرون إليه، ويسألونه على الكعبي وخصائله وشمائله، وكان مدة مقامة بها كأنه فيها من كبار الأولياء. وكان الكعبي لا يخفي مذهبه وكان صلحاء أهل بلخ ينالون منه، ويقدحون فيه، ويرمونه بالزندقة ولما صنف أبو زيد كتاب السياسة ليانس الخادم - وهو إذ ذاك وإلي بلخ - قال الكعبي: قد جمع الله السياسة كلها في آية من القرآن حيث يقول:  يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون  وأطيعوا الله ورسوله  ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين  . ومن تصانيفه تفسير القرآن على رسم لم يسبق إليه - إثنا عشر مجلد-؛ مفاخر خراسان ومحاسن آل طاهر، عيون المسائل - تسع مجلدات -، أوائل الأدلة، المقامات، جواب المسترشد في الإمامة، الأسماء والأحكام، بعض النقض على المجبرة، الجوابات، أدب الجدل، نقض كتاب أبي علي الجبائي في الإرادة، السنة والجماعة، الفتاوى الواردة من جرجان والعراق، الانتقاد للعلم الإلهي على محمد بن زكرياء، تحفة الوزراء. وكان الكعبي تلميذ أبي الحسين الخياط، وقد وافقه في اعتقاداته جميعها، وانفرد عنه بمسائل، منها قوله:إن إرادة الرب تعالى ليست قائمة بذاته، ولا هو مريد إرادته، ولا أرداته حادثة في محل، ولا لا في محل، بل ذا أطلق عليه أنه مريد لأفعاله فالمراد أنه خالق لها على وفق علمه. وإذا قيل إنه مريد لأفعال عباده فالمراد أنه راض بها، آمر بها. قلت: كذا قاله ابن أبي الدم في كتابه الفرق الإسلامية - أعني ذكر هذه العقيدة.

أبو هفان عبد الله بن أحمد بن حرب بن خالد بن مهزم، ينتهي إلى معد بن عدنان، أبو هفان. نحوي. لغوي،أديب رواية، من أهل البصرة، وكان مقترا عليه، ضيق الحال. روى عنه جماعة من أهل العلم ؛ منهم يموت بن المزرع، وروى هو عن الأصمعي وصنف كتبا منها كتاب صناعة الشعر - كبير، وكتاب أخبار الشعراء وغيرهم. وهو القائل في إبراهيم بن المدبر: من الكامل

يا ابن المدبر أنت علمت الورى                      بذل النوال وهم به بـخـلاء

لو كان مثلك في البرية آخـر                      في الجود لم يك بينهم فقـراء وقال: من الطويل

لعمري لئن بيعت في دار غربة                      ثيابي لما أعوزتني المـآكـل

فما أنا إلا السيف يأكل جفـنـه                      له حلية من نفسه وهو عاطل ودعاه دعبل الخزاعي في دعوة وأطعمه ألوانا كثيرة وسقاه نبيذا حلوا، وغمز الجواري أن لا يدلوه على الخلاء ثم تركه وتناوم، فلما أجهده الأمر قال لبعض الجواري: أين الخلاء? فقالت لها الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني:  من الوافر

خلا من آل عاتكة الديار                      فمشوى أهلها منها قفار فغنت هذه، وزمرت هذه، وصبت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه فقال: أحسنتم وجودتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، وسكت فلما أجهده الأمر فقال: لعل الجارية بغدادية? فالتفت إلى أخرى فقال لها: فداك أبوك أين المستراح? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني: من البسيط

واستريح إلى من لست آلفـه                      كما استراح عليل من تشكيه فغنت هذه، وضربت هذه،وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه فقال: أحسنتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي ثم أجهده البلاء فقال: لعل الجارية بصرية? فقال للأخرى: أين المتوضأ? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت، يقول غني: من الوافر

توضأ للصلاة وصل خمسا                      وباكر بالمدام على النديم

 

صفحة : 2353

 

فضربت هذه، وزمرت هذه، وغنت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه. فقال: أحسنتم غير أنكم ما أتيتم على ما في نفسي. ثم قال: لعلهن حجازيات? فقال لإحداهن: فداك أبوك  أين الحش? فقالت الأخرى: ما يقول سيدي? قالت: يقول غني: من الطويل

وحاشاك أن أدعو عليك وإنـمـا                      أردت بهذا القول أن تقبلي عذري فغنت هذه، وضربت هذه، وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه. فقال: أحسنتم غير أنكم لم تأتوا على ما في نفسي، وقال: لعلهن كوفيات? ثم قال: فداكن أبو كن أين الكنيف? فقالت واحدة: ما يقول سيدي? قالت: يقول غنوني: من الطويل

تكنفني الواشون من كل جانب                      ولو كان واش واحد لكفانـي فغنت هذه، وضربت هذه، وزمرت هذه، وشربوا أقداحا، وسقوه، فما تمالك حتى وثب قائما وحل سراويله وذرق على وجوههن فتصارخن فانتبه دعبل فقال:ما شأنك يا أبا هفان? فقال: من الوافر

تكنفني السلاح وأضجروني                      على ما بي بنيات الزوانـي

فلما قل عن حمل اصطباري                      رميت به على وجه الغواني فقام دعبل ودله على بيت الخلاء فدخل واغتسل وخلع عليه خلعة وتضاحكوا مليا. وقال سعيد بن حميد لأبي هفان: لئن ضرطت عليك لأبلغنك إلى فيد فقال له أبو هفان: بادرني بأخرى تبلغني إلى مكة فإن بي ضرورة الرجل الذي لم يحج بعد أبو محمد الفرغاني الأمير عبد الله بن أحمد بن جعفر، أبو محمد الفرغاني الأمير القائد، صاحب أبي جعفر الطبري? توفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة. روى عن أبي جعفر الطبري وذيل له تاريخه، وقدم دمشق وحدث بها، وروى عنه جماعة من أهلها. ونزل عبد الله مصر وحدث بها، وكان ثقة. وأرسله الراضي إلى مصر وحمله الخلع إلى أبي بكر محمد بن طغج الإخشيدي.

أبو الحسين الشاماتي الأديب عبد الله بن أحمد بن الحسين الشاماتي الأديب، أبو الحسين. توفي سنة خمس وسبعين وأربعمائة. مشهور بالتأديب. شرح ديوان المتنبي وشرح الحماسة، وشرح أبيات أمثال أبي عبيد.

أبو القاسم التاجر عبد الله بن أحمد بن رضوان بن جالينوس التميمي، أبو القاسم البغدادي. كان كثير المال وهو من أعيان التجار، وله وجاهة وتقدم عند الملوك. وصاهره أبو شجاع محمد بن الحسين، ومؤيد الملك، وسعى لكل واحد منهما في الوزارة وبذل البذول في ذلك حتى تم لهما ما أراده. وكان كثير العطاء والبذل والإحسان. سمع الحسن بن أحمد بن شاذان. قال محب الدين ابن النجار: وما أظنه روى شيئا. وتوفي سنة أربع وسبعين وأربعمائة.

ابن المستظهر بالله عبد الله بن أحمد المستظهر بن المقتدي بن القائم بن القادر بن المقتدر ابن المعتضد بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، أبو الحسن. أمه جارية حبشية اسمها ست السادة، وهو أكبر أولادها وبعده المقتفي ثم العباس، كان المستظهر قد خطب له بولاية العهد من بعد أخيه المسترشد، ولقبه بذخيرة الدين، فلما توفي والده خرج مختفيا من دار الخلافة قاصدا دبيس بن صدقة بالحلة السيفية فأكرم نزله، فلما طلبه أخوه المسترشد للمبايعة فقده فوقع الطلب، وبحث عن أمره فقيل له بالحلة عند دبيس، فقطع اسمه من الخطبة في الجمع وغيرها، وأنفذ نقيب النقباء علي بن طراد الزينبي يأمره بتسليمه، فامتنع دبيس وقال: إن أراد أن يرجع من قبل نفسه فليفعل فلاطفه النقيب في القول ووعده بما يريد، فأجاب بشروط اقترحها فعاد إلى بغداد، وأجابه المسترشد إلى ما أراد. ولما حصلت المنافرة بين دبيس وعساكر السلجوقية انضم في تلك الفترة جماعة من أوباش الجند والعرب إلى أبي الحسن وأطمعوه في الخروج والتوجه إلى واسط فأجاب وسار بمن معه ولقب نفسه المستنجد بالله واستوزر رجلا من بغداد يقال له ابن الدلف كان مقيما بالحلة، فوصل إلى واسط وبسط يده في الأموال واستكثر من الجند والأتباع، فراسل المسترشد دبيسا بسديد الدولة ابن الأنباري كاتب الإنشاء يأمره بحمل أبي الحسن إلى دار الخلافة، فتوجه في جملة من العسكر فقبض عليه وأحضره إلى بغداد، فلما دخل على المسترشد عاتبه وأمره بالمصير إلى أولاده فانصرف إليهم وبقي مقيما عندهم محناطا عليه بقية عمره. وتوفي سنة خمس وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: من الطويل

 

صفحة : 2354

 

 

أأشمت أعدائي وأوهنت جـانـبـي                      وهضت جناحا ريشته يد الفـخـر

فما أنت عندي بالـمـلـوم وإنـمـا                      لي الذنب هذا سوء حظي من الدهر النقيب أبو طالب عبد الله بن أحمد بن علي بن المعمر، أبو طالب بن أبي عبد الله العلوي البغدادي، نقيب الطالبيين ببغداد بعد وفاة والده. ولم يزل على ولايته إلى أن توفي سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان شابا، سريا، فاضلا، أديبا، شاعرا، مترسلا، من شعره فيما يكتب على قسي البندق: من مجزوء الرمل

حملتني راحة فـي                      جودها للخلق راحه

فأنا للفـتـك أهـل                      وهي أهل للسماحه ومنه أيضا فيه: من مجزوء الخفيف

أنا في كف مـاجـد                      جوده الغمر مفرط

كل طير يلوح لـي                      فهو في الحال يهبط ومنه فيه: من المنسرح

لا زلت يا ممسكي براحـتـه                      في ظل عيش يصفو من الكدر

ترمي بي الطير حين تحملنـي                      والدهر يرمي عداك بالـقـدر ومنه فيه: من مجزوء الخفيف

وقناة قد ثقـفـت                      ها لحرب ردينها

ثم لما انحنت بـلا                      كبر فيه شينـهـا

إستجادت من المنو                      ن أخا وهو زينها

كم على الجو طائر                      قد أصابته عينهـا

فارتقي وهو مرتق                      ما تعداه حينـهـا أبو الورد الشاعر عبد الله أحمد بن المبارك بن الدباس، أبو محمد وأبو الورد، كان شاعرا خليعا، ماجنا، مطبوعا، له حكايات. وكان ينادم أبا محمد الوزير المهلبي. روى عنه القاضي أبو علي التنوخي، وأبو عبد الله الحسين الخالع. وكان إذا شاهد أحدا من أهل العلم جالسه بخشوع ووقار وأفاده واستفاد منه، وأفضل عليه. وكان يحصل له من المهلبي في كل سنة ألفا دينار فتنسلخ السنة عنه وهو صفر منها. وقبض عضد الدولة عليه ليصادره فقال يوما للمستخرج - وقد أحضره ليطالبه وتقدم بضربه: هذا والله مال مشؤوم صفعنا حتى أخذناه ونصفع حتى نرده فبلغت عضد الدولة فأفرج عنه. وكان له ابن كالمعتوه فكلمه أبو الورد فأربى عليه الابن فقال: تقول لي هذا وأنا أبوك? فقال: أنت وإن كنت أبي فأنا خير منك فقال: وكيف ذاك? قال: لأني أنا صفعان بن صفعان وأنت صفعان فقط فضحك وقال الآن علمت أنك ابني ومن لم يشبه أباه فقد ظلم ومن شعره: من الوافر

تراك الشمس شمسا حين تبدو                      ويحسبك الهلال لها هـلالا

ومذ وحياة شخصك غاب عني                      خيالك ما رأيت له مـثـالا

مغيبك غيب اللـذات عـنـي                      وورثني نكالا واخـتـبـالا

فصرت لفقد وجهك مستهاما                      أقاسي من جوى البلوى نكالا أبو الفضل خطيب الموصل عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر الخطيب، أبو الفضل ابن أبي نصر الطوسي البغدادي، نزيل الموصل وخطيبها. سمع من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، والحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة، ومحمد ابن عبد السلام الأنصاري وجماعة، وقرأ الفقه والخلاف والأصول على الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي، والفرائض والحساب على الحسين بن أحمد الشقاق، والأدب على التبريزي والحريري البصري. وعلت سنه، وتفرد بأكثر مسموعاته وشيوخه، وقصده الرحالون من البلاد. وكان دينا، حسن الطريقة. وتوفي سنة سبع وثمانين وخمسمائة. ومن شعره: من الطويل

أقول وقد خيمت بالخيف من منى                      وقربت قرباني وقضيت أنساكي

وحرمة بيت الله ما أنا بـالـذي                      أملك مع طول الزمان وأنساك ومنه أيضا: من الطويل

سقى الله أيامـا لـنـا ولـيالـيا                      نعمنا بها والعيش إذ ذاك ناضر

ليالي لا أصغي إلى لوم عـاذل                      وطرفي إلى أنوار وجهك ناظر قلت: شعرمتوسط.

الموفق الحنبلي

 

صفحة : 2355

 

عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، شيخ الإسلام موفق الدين، أبو محمد المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد بجماعيل في شعبان سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة عشرين وستمائة، وهاجر في من هاجر مع أبيه وأخيه،وحفظ القرآن، واشتغل في صغره، وارتحل إلى بغداد صحبة ابن خالته الحافظ عبد الغني، وسمع بالبلاد من المشايخ. وكان إماما حجة، مصنفا، متفننا، محررا، متبحرا في العلوم، كبير القدر. ومن تصانيفه البرهان في القرآن - جزءان، مسألة العلو جزءان، الاعتقاد - جزء، ذم التأويل - جزء، كتاب القدر - جزءان، فضائل الصحابة - جزءان، كتاب المتحابين - جزءان، فضل عاشوراء جزء فضائل العشر، ذم الوسواس - جزء، مشيخته - جزء ضخم. وصنف المغني في الفقه في عشر مجلدات كبار، والكافي في أربع مجلدات، والمقنع - مجلدة، والعمدة - مجلدة لطيفة، والتوابين - مجلد صغير، والرقة - مجلد صغير، مختصر الهداية - مجلد، التبيين في نسب القرشيين - مجلد صغير، الاستبصار في نسب الأنصار - مجلد، كتاب قنعة الأريب في الغريب - مجلد صغير، الروضة في أصول الفقه،مختصر العلل للخلال، مجلد ضخم. وكان أوحد زمانه، إماما في علم الخلاف والفرائض والأصول والفقه والنحو والحساب والنجوم السيارة والمنازل. واشتغل الناس عليه مدة بالخرقي والهداية، ثم بمختصر الهداية الذي له بعد ذلك، واشتغلوا عليه بتصانيفه. وطول الشيخ شمس الدين ترجمته في سبع ورقات قطع النصف. ومن شعر الشيخ موفق الدين رحمه الله تعالى: من الطويل

أبعد بياض الشعر أعمر مسكـنـا                      سوى القبر إني إن فعلت لأحمـق

يخبرنـي شـيبـي بـأنـي مـيت                      وشيكا وينعانـي إلـي فـيصـدق

كأني بجسمي فوق نعشي مـمـددا                      فمن ساكت أو معـول يتـحـرق

إذا سئلوا عني أجابـوا وأعـولـوا                      وأدمعهم تنهل هـذا الـمـوفـق

وغيبت في صدع من الأرض ضيق                      وأودعت لحدا فوقه الصخر مطبق

ويحثو علي الترب أوثق صـاحـب                      ويسلمني للقبر من هو مـشـفـق

فيا رب كن لي مؤنسا يوم وحشـي                      فإني بما أنزلـتـه لـمـصـدق

وما ضرني أني إلى اللـه صـائر                      ومن هو من أهلي أبـر وأرفـق أبو بكر الخباز عبد الله بن أحمد بن محمد بن إبراهيم بن طلحة، أبو بكر بن أبي طالب الخباز المقرئ. قرأ بالروايات على أحمد بن أحمد بن القاص وأحمد بن سالم الشحمي، وعبد الله بن أحمد الباقلاني الواسطي وغيرهم. وسمع الكثير بنفسه من يحيى بن يوسف السقلاطوني، والأسعد بن بلدرك ابن أبي اللقاء الجبريلي، وعبد الحق بن عبد الخالق، وشهدة بنت الأبري وغيرهم، وممن هو مثله ودونه. وجمع لنفسه مشيخة خرج فيها بالسماع والإجازة. ولم يكن له معرفة بما يكتبه ويسمعه ولا يعتمد على قوله وخطه لكثرة وهمه وقلة معرفته. قال محب الدين ابن النجار: ولقد رأيت منه تسامحا وأشياء تضعفه من ديانة فيه وصلاح وتعفف مع فقر، وأضر بأخرة. توفي سنة ثلاث وعشرين وستمائة: أبو محمد ابن وزير المأمون عبد الله بن أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح، أبو محمد ابن أبي جعفر الكاتب. كان والده كاتب المأمون، وزيرا له، وكان أبو محمد يتقلد السر للمأمون وبريد خراسان وصدقات البصرة، وكان المأمون لعلمه بتقدمه في صناعته إذا حضر أمر يحتاج فيه إلى كتاب يشهر أمر أحمد أبنه فكتبه له. وكان ابنه ظريفا سمحا، مترسلا. ويغلب الهزل عليه. ومن شعره: من مجزوء البسيط

بلـوت هـذا الأنـام طـرا                      فلم تـشـبـث يدي بـحـر

ولا استبنت الصديق حـتـى                      تصرفت بي صروف دهري

ما المرء إلا أخو الـلـيالـي                      يسري به الدهر حيث يسري

إن تبله بالعقـوق مـنـهـا                      لا يندمن صـاحـب بـبـر أبو الحسن الظاهري ابن المغلس عبد الله بن أحمد بن المغلس البغدادي، أبو الحسن الفقيه الداودي الظاهري. له مصنفات في مذهبه. أخذ عن محمد بن داود الظاهري، وانتشر عنه مذهب أهل الظاهر في البلاد، وكان ثقة، مأمونا، إماما، واسع العلم، كبير المحل، وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.

ابن زبر القاضي

 

صفحة : 2356

 

عبد الله بن أحمد بن ربيعة بن سليمان بن زبر الربعي القاضي بغدادي مشهور. كان عارفا بالأخبار والسير، وصنف في الحديث كتبا، وعمل كتاب تشريف الفقر على الغنى. ولي قضاء مصر وعزل ثم وليها. قال الخطيب: كان غير ثقة. توفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

أبو محمد ابن طباطبا عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن بن إبراهيم بن طباطبا العلوي الإمام، أبو محمد المصري. صدر كبير، صاحب رباع وضياع وثروة وخدم وحاشية. كان عنده رجل يكسر اللوز دائما في الشهر بدينارين برسم عمل الحلوى التي ينفذها إلى كافور الإخشيدي فمن دونه.

وقبره مشهور بالقرافة بإجابة الدعاء عنده. توفي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة. وهذا أبو محمد المذكور هو الذي قال للمعز لما جاء إلى القاهرة: إلى من ينتسب مولانا? فقال له المعز: سنعقد مجلسا ونجمعكم ونسرد عليكم نسبنا، فلما استقر المعز بالقصر جمع الناس في مجلس عام وجلس لهم وقال: هل بقي من رؤسائكم أحد? فقالوا: لم يبق معتبر فسل عند ذلك نصف سيفه وقال: هذا نسبي ونثر عليهم ذهبا وقال: هذا حسبي فقالوا جميعا: سمعنا وأطعنا وكان هذا الشريف كثير الإحسان والبر إلى الناس، فحكى بعض من له عليه إحسان أنه وقف على قبره وأنشد: من الوافر

وخلفت الهموم على أنـاس                      وقد كانوا بعيشك في كفاف فرآه في نومه فقال له: سمعت ما قلت، وحيل بيني وبين الجواب والمكافأة ولكن صر إلى المسجد وصل ركعتين وادع يستجب لك وروي أن رجلا حج وفاتته زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فضاق صدره فرأى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إذا فاتتك زيارتي فزر قبر عبد الله ابن أحمد بن طباطبا وكان صاحب الرؤيا من مصر.

ابن معروف قاضي بغداد عبد الله بن أحمد بن معروف، أبو محمد البغدادي المعتزلي، قاضي القضاة. ولي بعد أبي بشر عمر بن أكثم. قال الخطيب: كان من أجلاد الرجال وألباء الناس مع تجربة وحنكة وفطنة وبصيرة ثاقبة وعزيمة ماضية، وكان يجمع وسامة في منظره، وظرفا في ملبسه، وطلاقة في مجلسه، وبلاغة في خطابه، ونهوضا بأعباء الأحكام، وهيبة في القلوب. وقد ضرب في الأدب بسهم وأخذ من علم الكلام بحظ. قال العتيقي: كان مجودا في الاعتزال. وثقه الخطيب. وله شعر. وتوفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

عبد الله بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو محمد ابن السمرقندي الحافظ اللغوي الأديب، سمع الخطيب أبا بكر والكتاني، وأبا نصر ابن طلاب وجماعة. وروى عنه السلفي وغيره، وسئل عنه فقال: كان ثقة، فاضلا، عالما، ذا لسن. وكان يقرأ لنظام الملك على الشيوخ وتوفي سنة ست عشرة وخمسمائة.

البزار الحاجي عبد الله بن أحمد بن سعد، أبو محمد النيسابوري البزار الحاجي الحافظ أحد الأثبات. كتب الكثير وجمع الشيوخ والأبواب والملح، ولم يرحل. توفي سنة تسع وأربعين وثلاثمائة.

أبو محمد السرخسي عبد الله بن أحمد بن حمويه بن يوسف بن أعين، أبو محمد السرخسي. ثقة. صاحب أصول حسان. توفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

أبو القاسم النسائي عبد الله بن أحمد بن محمد بن سعيد، أبو القاسم النسائي الفقيه، شيخ العلم والعدالة بنسا، توفي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.

القفال الشافعي

 

صفحة : 2357

 

عبد الله بن أحمد بن عبد الله، الإمام أبو بكر المروزي القفال، شيخ الشافعية بخراسان كان يعمل الأقفال وحذق في عملها حتى صنع قفلا بآلاته ومفتاحه وزن أربع حبات، فلما صار ابن ثلاثين سنة أحس من نفسه ذكاء فأقبل على الفقه فبرع فيه وفاق الأقران، وهو صاحب طريقة الخراسانيين في الفقه. تفقه عليه المسعودي والسنجي وابن فوران وهؤلاء من كبار فقهاء المراوزة. تفقه هو على أبي زيد القاشاني، وسمع منه ومن غيره، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره، وطريقته المهذبة في مذهب الشافعي وأكثرها تحقيقا. وتوفي بمرو - وله تسعون سنة - في جمادى الآخرة سنة سبع عشرة و أربعمائة. ولما جمع الفقهاء من الحنفية ومن الشافعية السلطان محمود الآتي ذكره - وهو يمين الدولة بن سبكتكين - التمس منهم الكلام في ترجيح أحد المذهبين على الآخر، فوقع الاتفاق على أن يصلوا بين يديه ركعتين على مذهب الشافعي، وركعتين على مذهب أبي حنيفة لينظر في ذلك السلطان ويختار ما هو الأحسن، وصلى الإمام أبو بكر القفال المروزي بطهارة مسبغة، وشرايط معتبرة في الطهارة والسترة واستقبال القبلة، وأتى بالأركان، والهيئات، والسنن، والآداب، والفرائض على وجه الكمال والتمام، وكانت صلاة لا يجوز الشافعي دونها. ثم إنه صلى ركعتين على ما يجوز في مذهب أبي حنيفة، فلبس جلد كلب مدبوغا، ولطخ ربعه بالنجاسة، وتوضأ بنبيذ التمر، وكان في صميم الصيف في المفازة فاجتمع عليه البعوض والذباب، وكان وضوؤه منكسا منعكسا  ثم استقبل القبلة وأحرم من غير نية في وضوئه، ثم قرأ آية بالفارسية وهو دوبر  ك  كل سبز، ثم نقر نقرتين كنقرات الديك عن غير فصل ومن غير ركوع وتشهد، وضرط في آخره من غير نية السلام، وقال أيها السلطان هذه صلاة أبي حنيفة  فقال السلطان: إن لم تكن الصلاة صلاة أبي حنيفة قتلتك لأن مثل هذه الصلاة لا يجوزها ذو دين  فأنكرت الحنفية أن تكون هذه صلاة أبي حنيفة، فأمر القفال بإحضار كتب أبي حنيفة، وأمر السلطان نصرانيا كاتبا يقرأ المذهبين جميعا فوجدت الصلاة على مذهب أبي حنيفة على ما حكاه القفال فأعرض السلطان عن مذهب أبي حنيفة، وتمسك بمذهب الشافعي رضي الله عنهما. نقلت ذلك من كلام القاضي شمس الدين أحمد بن خلكان في ترجمة السلطان محمود رحمه الله، وذكر أنه نقل ذلك من كلام إمام الحرمين في كتابه الذي سماه  مغيث الخلق في اختيار الأحق  ، قلت: وهذه العبارة ما تليق بإطلاق صلاة أبي حنيفة فإن من المعلوم القطعي أن الإمام أبا حنيفة رحمه الله ما صلى هذه الصلاة أبدأ ولا أحدا من أصحابه، والأولى أن يقال: الصلاة التي تجوز في مذهب أبي حنيفة. وأعتقد أن الصلاة إذا وقعت على هذه الصفة باطلة وفعلها حرام لأن هذا المجموع لا يتفق وقوعه. نعم إذا وقع فردا فردا في بعض صلاة جاز ذلك على قواعد المذهب. وحكى لي شرف الدين محمد بن مختار بالقاهرة أن هذه الحكاية حكاها إنسان بالقاهرة فبلغت الواقعة قاضي القضاة ابن الحريري الحنفي فأحضره وعزره، أو قال لي قاضي القضاة السروجي.

أبو محمد الشنتريني عبد الله أحمد بن سعيد بن سليمان بن يربوع، أبو محمد الأندلسي الشنتريني ثم الإشبيلي، نزيل قرطبة. كان عالما بالعلل، عارفا بالرجال والجرح والتعديل. صنف كتاب الإقليد في بيان الأسانيد، وكتاب تاج الحلية وسراج البغية في معرفة أسانيد الموطأ، وكتاب البيان عما في كتاب أبي نصر الكلاباذي من النقصان، وكتاب المنهاج في رجال مسلم. وتوفي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة.

الوحيدي قاضي مالقة عبد الله بن أحمد بن عمر، أبو محمد القيسي المالقي المعروف بالوحيدي. قاضي مالقة. سمع وروى. وكان من أهل العلم والفهم. قال ابن حزم اليسع: كنا نقرأ عليه صحيح مسلم فنصححه من لفظه فإذا وقع غريب ذكر اختلاف المحدثين واللغويين فيه. توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.

ابن النقار عبد الله بن احمد بن الحسين الرئيس، أبو محمد الطرابلسي الكاتب. يعرف بابن النقار. تحول إلى دمشق لما ملكت الفرنج طرابلس. وكان شاعرا فاضلا، كتب لملوك دمشق، ثم إنه كتب لنور الدين، وعمر دهرا. ولد بطرابلس سنة تسع وسبعين وأربعمائة، وله قصيدة مشهورة يقول فيها: من الكامل

 

صفحة : 2358

 

 

من منصفي من ظالم متعتـب                      يزداد ظلما كلما حكـمـتـه

ملكته روحي ليحفظ ملـكـه                      فأضاعني وأضاع ما ملكتـه

أحبابنا أنفقت عمري عنـدكـم                      فمتى أعوض بعض ما أنفقته

فلمن ألوم على الهوى وأنا الذي                      قدت الفؤاد إلى الغرام وسقته العبدري عبد الله بن احمد بن سعيد، أبو محمد بن موجول - بالجيم - العبدري البلنسي جمع كتابا حافلا في شرح مسلم ولم يتمه، وشرح رسالة ابن أبي زيد. وتوفي سنة ست وستين وخمسمائة.

البياسي المالكي عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمان، أبو محمد الثقفي الأندلسي البياسي المالكي الفقيه الكاتب. نزيل القاهرة. لقي السهيلي وجماعة من الفضلاء، وتولى بمصر ولايات. وكان أديبا، فاضلا، أخباريا، وله شعر توفي سنة خمس وثلاثين وستمائة. ومن شعره.......

ابن البيطار العشاب عبد الله بن أحمد الحكيم العلامة ضياء الدين ابن البيطار الأندلسي المالقي النباتي الطبيب، مصنف كتاب الأدوية المفردة، ولم يصنف مثله. وكان ثقة فيما ينقله حجة. وإليه أنتهت معرفة النبات، وتحقيقه، وصفاته، وأسماءه، وأماكنه. كان لا يجارى في ذلك. سافر إلى بلاد الأغارقة وأقصى بلاد الروم، وأخذ فن النبات عن جماعة. وكان ذكيا فطنا. قال الموفق ابن أبي أصيبعة: شاهدت معه كثيرا من النبات في أماكنه بظاهر دمشق. وقرأت عليه تفسيره لأسماء أدوية كتاب ديوسقوريدوس، فكنت أجد من غزارة علمه ودرايته شيئا كثيرا، وكان لا يذكر دواء إلا ويعين في أي مقالة هو من كتاب ديسقوريدوس وجالينوس وفي أي عدد هو من جملة الأدوية المذكورة في تلك المقالة. وكان في خدمة الملك الكامل، وكان يعتمد عليه في الأدوية المفردة والحشائش، وجعله مقدما في أيامه وحظيا عنده. وتوفي بدمشق في شعبان سنة ست وأربعين وستمائة. وكان بمصر رئيسا على سائر العشابين وأصحاب البسطات. ثم إنه خدم بعد الكامل ابنه الصالح وحظي عنده. وله كتاب المغني في الطب، وهو جيد مرتب على مداواة الأعضاء، وكتاب الأفعال الغريبة والخواص العجيبة، والإبانة والإعلام بما في المنهاج من الخلل والأوهام، وكتاب الجامع في الأدوية المفردة. قال ابن أبي أصيبعة: ولم يوجد في الأدوية المفردة كتاب أجل ولا أجود منه، و  شرح أدوية كتاب ديسقوريدوس  .

الشيخ تقي الدين ابن تمام عبد الله بن أحمد بن تمام، الشيخ الإمام الأديب، تقي الدين الصالحي الحنبلي. أخو الشيخ محمد بن تمام المقدم ذكره في المحمدين. ولد سنة خمس وثلاثين، وتوفي سنة ثمان عشرة وسبعمائة. سمع من يحيى بن قميرة، والمرسي والبلداني، وقرأ النحو على ابن مالك وعلى والده بدر الدين. وكان دينا خيرا نزها محببا إلى الفضلاء، مليح المحاضرة، حسن العشرة، حسن النظم، حسن البزة مع الزهد والقناعة. وكان بينه وبين العلامة شهاب الدين محمود أنس عظيم واتحاد كبير. أخبرني حفيده القاضي شرف الدين أبو بكر ابن شمس الدين محمد بن محمود قال: كان جدي قد أذن لغلامه الذي معه نفقته أنه مهما طلب منه الشيخ تقي الدين من الدراهم يعطيه بغير إذنه وما كان يأخذ منه إلا ما هو مضرور إليه أنشدني إجازة لنفسه القاضي شهاب الدين محمود ما كتبه من الديار المصرية إلى الشيخ تقي الدين ابن تمام: من البسيط

هل عند من عندهم برئي وأسقـامـي                      علم بـأن نـواهـم أصـل آلامـي

وأن جفني وقلبي بـعـد بـعـدهـم                      ذا دائم وجـده فــيهـــم وذا دام

بانوا فـبـان رقـادي يوم بـينـهـم                      فلست أطمع من طـيف بـإلـمـام

كتمت شأن الهوى يوم النوى فنـمـى                      بسره مـن دمـوعـي أي نـمـام

كانت ليالي بـيضـا فـي دنـوهـم                      فلا تسل بعدهـم مـا حـال أيامـي

ضنيت وجدا بهم الناس تحسـب بـي                      سقما فأبهم حالي عـنـد لـوامـي

وليس أصل ضنى جسمي النحيل سوى                      فرط اشتياقي إلى لقيا ابـن تـمـام

مولى متى أخل من بـرء بـرؤيتـه                      خلوت فردا بأشجاني وأسـقـامـي

نأى ورؤيتـه عـنـدي أحـب إلـى                      قلبي من الماء عند الحائم الظـامـي

 

صفحة : 2359

 

 

وصد عني فلم يسأل لجـفـوتـه                      عن هائم دمعه من بـعـده هـام

يا ليت شعري ألم يبلغـه أن لـه                      أخا بمصر حليف الضعف مذ عام

ما كان ظني هذا فـي مـودتـه                      ولا الحديث كذا في ساكني الشام فأجابه الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى عن ذلك: من البسيط

يا ساكني مصر فيكم ساكـن الـشـام                      يكابد الشوق مـن عـام إلـى عـام

الله في رمـق أودى الـسـقـام بـه                      كم ذا يعلل فيكـم نـضـو أسـقـام

ما ظنكم ببـعـيد الـدار مـنـفـرد                      حلـيف هـــم وأحـــزان وآلام

يا نازحين متى تدنـو الـنـوى بـكـم                      حالت لبـعـدكـم حـالـي وأيامـي

كم أسأل الطرف عن طـيف يعـاوده                      وما لجفنـي مـن عـهـد بـأحـلام

أستودع الله قلـبـا فـي رحـالـكـم                      عهـدتـه مـنـذ أزمـان وأعـوام

وما قضى بكم فـي حـبـكـم أربـا                      ولو قضى فهو من وجد بـكـم ظـام

من ذا يلوم أخـا وجـد بـحـبـكـم                      فأبعـد الـلـه عـذالـي ولـوامـي

في ذمة اللـه قـوم مـا ذكـرتـهـم                      إلا ونم بوجدي مدمـعـي الـدامـي

قوم أذاب فـؤادي فـرط حـبـهــم                      وقـد ألـم بـقـلـبـي أي إلـمـام

ولا اتخذت سـواهـم مـنـهـم بـدلا                      ولا نقضت لعـهـدي عـقـد إبـرام

ولا عرفت سوى حبـي لـهـم أبـدا                      حبا يعبر عنه جفـنـي الـهـامـي

يا أوحدا أعربت عـنـه فـضـائلـه                      وسار في الكون سير الكواكب السامي

في نعت فضلك حار الفكر من دهـش                      وكل ظام سقي من بحرك الطـامـي

لا يرتقي نحوك الساري على فـلـك                      فكيف من رام أن يسـعـى بـأقـدام

منك استفاد بنو الآداب ما نـظـمـوا                      وعنك ما حفظوا مـن رقـم أقـلام

إن الشهاب الذي سامى السماك علـى                      وفضل فضلك فينـا فـيض إلـهـام

لما رأيت كـتـابـا أنـت كـاتـبـه                      وأضرم الشوق عـنـدي أي إضـرام

أنشدت قلبي هذا مـنـتـهـى أربـي                      أعاد عهد حياتـي بـعـد إعـدامـي

يا ناظـري خـذا مـن خـده قـبـلا                      فهو الجـدير بـتـقـبـيل وإكـرام

ثم اسرحا في رياض مـن حـدائقـه                      وقد زها زهرها الزاهي بـأكـمـام

من ذا يوفيه فـي رد الـجـواب لـه                      عذرا إليه ولو كـنـت ابـن بـسـام

فكم جنحت ولي طـرف يخـالـسـه                      وأنثني خجلا مـن بـعـد إحـجـام

يا ساكنا بـفـؤادي وهـو مـنـزلـه                      محل شخصك في سري وأوهـامـي

حقـا أراك بـلا شـك مـشـاهـدة                      ما حال دونك إنجـادي وإتـهـامـي

ولذ عتبك لي يا مـنـتـهـى أربـي                      وفي الـعـتـاب حـياة بـين أقـوام

حوشيت من عرض يشكي ومـن ألـم                      لكن عبـدك أضـحـى حـلـف آلام

ولو شكا سمحت مـنـه شـكـايتـه                      إن الثمانين تسـتـبـطـي يد الـرام

وحـيد دار فـريد فـي الأنـام لــه                      جيران عـهـد قـديم بـين آكــام

طالت بهم شقة الأسـفـار ويحـهـم                      أغفوا وما نطقوا من تحـت أرجـام

أبلى محاسنهم مـر الـجـديد بـهـم                      وأبعد العـهـد مـنـهـم بـعـد أيام

فلا عداهم من الرحمـان رحـمـتـه                      فهي الرجاء الذي قدمـت قـدامـي

وكم رجوت إلهي وهـو أرحـم لـي                      وقل عند رجـائي قـبـح آثـامـي

فطال عمـرك يا مـولاي فـي دعة                      ودام سـعـدك فـي عـز وإنـعـام

ولا خلت مصر يوما من سناك بـهـا                      ولا نأى نورك الضاحي عن الـشـام قلت: وأنشدني العلامة شيخنا أثير الدين أبو حيان إجازة قال: أنشدنا الشيخ تقي الدين ابن تمام لنفسه: من الطويل

وقالوا تقول الشعر قلت أجيده                      وأنظمه كالدر راقت عقـوده

وأبتدع المعنى البديع بصنـعة                      يحلى بها عطف الكلام وجيده

 

صفحة : 2360

 

 

ويحلو إذا كررت بيت قصـيدة                      وفي كل بيت منه يزهى قصيده

ولكنني ما شمـت بـارق ديمة                      ولا عارض فيه ندى أستفـيده

فحسبي إله لا عدمـت نـوالـه                      وكـل نـوال يبـتـديه يعـيده وأخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان - من لفظه - قال: الشيخ تقي الدين فقير ظريف كثير البشر، سمع الحديث وروينا عنه ؛ قدم علينا القاهرة وأقام بها زمانا ثم سافر إلى دمشق، وتوفي بها، وأنشدنا لنفسه: من الطويل

وقالو: صبا بعد المـشـيب تـعـلـلا                      وفي الشيب ما ينهى عن اللهو والصبى

نعم قد صبا لما رأى الظـبـي آنـسـا                      يميل كغصن البان يعطفه الـصـبـا

أدار التفاتا عـاطـل الـجـيد حـالـيا                      وفي لحظه معنى به الصب قد صبـا

ومزق أثواب الدجـى وهـو طـالـع                      وأطلع بدرا بالجـمـال تـحـجـبـا

جرى حبه في كل قـلـب كـأنـمـا                      تصور مـن أرواحـنـا وتـركـبـا وأنشدنا لنفسه: من الوافر

أكاتبكم وأعلـم أن قـلـبـي                      يذوب إذا ذكرتكـم حـريقـا

وأجفاني تسح الدمـع سـيلا                      به أمسيت في دمعي غريقـا

أشاهد من محاسنكـم مـحـيا                      يكاد البدر يشبهه شـقـيقـا

وأصحب من جمالكـم خـيالا                      فأنى سرت يرشدني الطريقا

ومن سلك السبيل إلى حماكـم                      بكم بلغ المنى وقضى الحقوقا ومن شعره: من الكامل

طرقتك من أعلى زرود ودونها                      عنقا زرود ومن تهامة نفنـف

تتعسف المرمى البعيد لقصدها                      يا حبذا المرمى وما تتعسـف ومنه: من الوافر

معان كدت أشهدها عـيانـا                      وإن لم تشهد المعنى العيون

وألفاظ إذا فكـرت فـيهـا                      ففيها من محاسنها فنـون ومنه: من الوافر

تبدى فهو أحسن مـن رأينـا                      وألطف من تهيم به العقـول

وأسفر وهو في فلك المعانـي                      وعنه الطرف ناظره كلـيل

له قـد يمـيل إذا تـثـنــى                      كذاك الغصن من هيف يميل

وخد ورده الجـوري غـض                      وطرف لحظه سيف صقـيل

وخال قد طفا في ماء حسـن                      فراق بحسنه الخـد الأسـيل

تخال الخد من ماء وخـمـر                      وفيه الخال نشـوان يجـول

وكم لام العذول عليه جـهـلا                      وآخر ما جرى: عشق العذول قلت: هو مأخوذ من قول أبي الطيب: من الخفيف

ما لنا كلنا جو يا رسول                      أنا أهوى وقلبك المتبول وذكرت بقول الشيخ تقي الدين رحمه الله ما قلته في مادته، ومنه أخذت وعلى منواله نسجت: من الطويل

ألح عذولـي فـي هـواه وزاد فـي                      ملامي فقلت احتل على غير مسمعي

فلم يدر من فرط الولـوع بـذكـره                      مصيبته حتى تـعـشـقـه مـعـي وقلت في هذه المادة أيضا: من الخفيف

بي غزال لما أطعـت هـواه                      أخذ القلب والتصبر غصبـا

ما أفاق العذول من سكرة العذ                      ل عليه حتى غدا فيه صبـا بدر الدين ابن الشيرجي عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب بن إلياس، الصدر الصالح بدر الدين أبو محمد الأنصاري ابن الشيرجي أخو القاضي عماد الدين محمد. روى عن ابن الزبيدي، وروى عنه ابن العطار وابن الخباز. وكان يلبس زي الفقراء. وتوفي سنة أربع وسبعين وستمائة.

ابن الأخرس عبد الله بن أحمد الأنصاري القرموني، أبو جعفر.عرف بابن الأخرس. أخبرني العلامة الشيخ أثير الدين أبو حيان قال: المذكور أديب فاضل نحوي، بحث في كتاب سيبويه وغيره على أبي الحسن الأبذي الحافظ، وأنشدني كثيرا من شعره، وكتبت عنه وضاع مني، فمما بقي في محفوظي قوله من قصيدة: من الكامل

جبلوا على أثباج كل مـطـهـم                      نهد يباري الريح في هبـاتـهـا

لم يعرفوا بعد المهود سوى الـذي                      قد مهدوا في الدهر من صهواتها وأنشدنا لنفسه لما تولى قضاء الجماعة أبو بكر محمد بن فتح بن علي الأنصاري - وكان ابن أمية فيما يقال: من الوافر

 

صفحة : 2361

 

 

أمير المؤمـنـين ألا غـياث                      فقد ضجت ملائكة السمـاء

قضاة المسلمين بـنـو إمـاء                      لقد نزل القضاء على القضاء قال، وأخبرني أنه لما سافر أبو جعفر أحمد بن زكرياء الجياني من غرناطة إلى مدينة فاس قال: رأيته في النوم فقلت له: أنشدني شيئا من أبياتك المزدوجة قال، فأنشدني: من الكامل

يا دار مية كلما دنت انقضت                      لمحبها من وصلها اشـياء

الله يعلم أننـي بـك هـائم                      ويصدني من أن أزور حياء فتأولت أنه يشير إلى الدنيا ومفارقتها فلم يك إلا ايام قلائل فنعي إلينا. قال الشيخ أثير الدين: وأبو جعفر هذا أول من فهمني شيئا من النحو، قرأت عليه من أول  الجمل  إلى باب الابتداء، ومن  الفصيح  ، وأعربت عليه في شعر أبي إسحاق الألبيري الزاهد. وكان له اعتناء بالتفسير. توفي بعد السبعين وستمائة بمدينة فاس رحمه الله تعالى.

ابن المحب المحدث عبد الله بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الشيخ الإمام الصالح المحدث ، مفيد الطلبة، محب الدين، أبو محمد بن الشيخ المحدث محب الدين السعدي المقدسي الجماعيلي الدمشقي الصالحي الحنبلي. مولده سنة اثنتين وثمانين. سمعه والده وحفظ القرآن وطلب بنفسه في سنة سبع وتسعين، ولحق ابن القواس ن وابن عساكر الشرف والغسولي، والناس بعدهم.وعنده العوالي عن ابن البخاري وبنت مكي وعدة. إنتقى له الشيخ شمس الدين جزءا. وكان خيرا صينا، مليح الشكل، طيب الصوت في التلاوة، سريع القراءة، نفاعا في مواعيد العامة. له زبون ومحبون، وقرأ ما لا يعبر عنه وانتقى لبعض مشايخه، ونسخ عدة أجزاء، وخلف عدة أولاد. وتوفي سنة سبع وثلاثين وسبعمائة.

ابن الفصيح العراقي الحنفي عبد الله بن أحمد بن علي بن أحمد الفقيه النحوي، جلال الدين ابن فخر الدين بن الفصيح العراقي الكوفي الحنفي. مولده في شوال سنة اثنتين وسبعمائة. وتوفي رحمه الله تعالى سنة خمس وأربعين وسبعمائة. طلب الحديث، وسمع ببغداد من جماعة، وبدمشق من الجزري، ومن الشيخ شمس الدين الذهبي، وسمع أولاده، وشارك في الفضائل.

جلال الدين الزرندي الشافعي عبد الله بن أحمد بن يوسف بن الحسن الفقيه العالم جلال الدين أبو اليمن الزرندي ثم المدني الشافعي. مولده سنة عشرين وسبعمائة. سمع أبا العباس الجزري والمزي والموجودين، وقرأ كثيرا، وله عدة محفوظات. وسمع بالحرمين وبحماة وحلب والساحل وغيرها وكتب المشتبه. توفي في العشر الأخير من شعبان المكرم سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون شهيدا.

ابن زنبور

 

صفحة : 2362

 

عبد الله بن أحمد الوزير علم الدين ابن القاضي تاج الدين ابن زنبور. اول ما علمت من أمره أن القاضي شرف الدين النشو ناظر الخاص في أواخر أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون قد استخدمه كاتب الاصطبلات لما مات أولاد الجيعان في المصادرة تحت العقوبة، وبقي القاضي علم الدين على ذلك إلى أن توفي السلطان، ثم إنه بعد ذلك انتقل إلى حمد بن عمر ، أبو الاب استيفاء الصحبة وخرج إلى حلب لكشف القلاع والشام، وبقي على ذلك مدة إلى أن أمسك جمال الكفاة ناظر الخاص وتولى القاضي موفق الدين ناظر الخاص، فبقي في ذلك مدة يسيرة، وسأل الإعفاء من ذلك، فتولى الخاص ونظر الجيش القاضي علم الدين. ثم لما أمسك الأمير سيف الدين منجك الوزير في شوال سنة إحدى وخمسين وستمائة في أيام الناصر حسن أضيفت الوزارة إلى القاضي علم الدين ابن زنبور، فجمع بين هذه الوظائف، ولم تجتمع لغيره وبقي على ذلك إلى أن حضر السلطان الملك الصالح إلى دمشق في واقعة بيبغارؤس، فحضر معه وأظهر في دمشق عظمة زائدة، وروع الكتاب ومباشري الأوقاف، ولكن لم يضرب أحدا، وتوجه مع السلطان عائدا إلى الديار المصرية ووصلها في أول ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين وستمائة، وعمل سماطا عظيما وخلع فيه على الأمراء كبارهم وصغارهم، وكان تشريف الأمير سيف الدين صرغتمش ناقصا عن غيره، وكان في قلبه من الوزير، فدخل إلى الأمير سيف الدين طاز وأراه تشريفه وقال: هكذا يكون تشريفي  واتفق معه على إمساك الوزير، وخرج من عنده وطلبه وضربه ورسم عليه وجد في ضربه ومصادرته، فأخذ منه من الذهب والدراهم والقماش والكراع ما يزيد عن الحد ويتوهم الناقل له أنه ما يصدق في ذلك، وبقي في العقوبة زمانا. وكان الأمير سيف الدين شيخو يعتني بأمره في الباطن فشفع فيه وخلصه وجهزه إلى قوص، فتوجه إليها وأقام بها إلى ثاني عشر ربيع الأول سنة خمس وخمسين وستمائة فيما أظن. وتوفي إلى رحمة الله تعالى بقضاء الله وقدره، وقيل إنه سم أو نهشه ثعبان فالله أعلم. وكان قد ولي الوزارة بعده القاضي موفق الدين، ونظر الجيوش القاضي تاج الدين أحمد ابن الصاحب أمين الدين، ونظر الخاص القاضي بدر الدين كاتب يلبغا. ولما أن تولى السلطان الملك الناصر حسن الملك ثانيا في شوال سنة خمس وخمسين وستمائة أعيدت المصادرة على من بقي من ذرية الصاحب علم الدين ابن زنبور وذويه وأخذ منهم جملة من المال.

عبد الله بن الأرقم الكاتب

كان ممن أسلم يوم الفتح وكتب النبي صلى الله عليه وسلم ثم لأبي بكر وعمر وولي بيت المال لعمر وعثمان مديدة. وكان من فضلاء الصحابة وصلحائهم. أجازه عثمان ثلاثين ألف درهم فلم يقبلها. وتوفي في حدود الستين للهجرة وروى له الأربعة.

عبد الله بن ادريس

أبو محمد الكوفي عبد الله بن ادريس بن يزيد بن عبد الرحمان الأودي، أبو محمد الكوفي. روى عن أبيه، وسهيل بن أبي صالح، وحصين بن عبد الرحمان، وأبي إسحاق الشيباني، والأعمش، وإسماعيل بن أبي خالد وهشام بن عروة، وابن جريج وطائفة. روى عنه ماك بن أنس مع تقدمه، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وابن معين، وابنا أبي شيبة، والحسن بن عرفة، وأحمد بن عبد الجبار، والعطاردي وخلق سواهم. واستقدمه الرشيد ليوليه قضاء الكوفة فامتنع. قال بشر الحافي: ما شرب أحد ماء الفرات فسلم إلا عبد الله بن إدريس. وقد قيل: إن جميع ما يرويه مالك في الموطأ: بلغني عن علي، فيرسلها أنه سمعها من ابن إدريس. وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائة. وروى له الجماعة.

عبد الله بن إسحاق

المكاري عبد الله بن إسحاق بن سلام المكاري، أبو العباس الأخباري وقيل: اسمه عبيد الله مصغرا. وسيأتي ذكره في موضعه.

أبو بحر الحضرمي عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي. هو مولى آل الحضرمي. وآل الحضرمي حلفاء بني عبد شمس. يكني أبا بحر. كان قيما بالعربية والقراءة، أخذ عن عنبسة الفيل، ونصر بن عاصم. توفي سنة سبع عشرة ومائة في أيام هشام بن عبد الملك، وكان رفيقا لأبي عمرو بن العلاء. وهو أول من فرع النحو وقاسه، وتكلم في الهمز.

ابن التبان المالكي

 

صفحة : 2363

 

عبد الله بن إسحاق، أبو محمد بن التبان الفقيه المالكي عالم أهل القيروان في زمانه. قال القاضي عياض: ضربت إليه آباط الإبل من الأمصار لذبه عن مذهب أهل المدينة. وكان حافظا بعيدا من التصنع والرباء. توفي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة.

عبد الله بن أسعد

ابن الدهان عبد الله بن أسعد بن عيسى بن علي بن الدهان الجزري الموصلي ويعرف بالحمصي. مهذب الدين الفقيه الشافعي الأديب الشاعر، أبو الفرج مات بحمص سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. دخل يوما على نور الدين بن زنكي فقال له: كيف أصبحت ? فقال: كما لا يريده الله ولا رسوله ولا أنت ولا أنا ولا ابن عصرون فقال له: كيف? فقال: لأن الله تعالى يريد مني الإعراض عن الدنيا والإقبال على الآخرة ولست كذلك، وأما رسوله فإنه يريد مني ما يريد الله مني ولست وكذلك، وأما أنت فإنك تريد مني أن لا أسألك شيئا من الدنيا ولست كذلك، وأما أنا فإنني أريد لنفسي أن أكون أسعد الناس وملك الدينا بأجمعها ولي بالدنيا بأسرها ولست كذلك، وأما ابن عصرون فإنه يريد مني أن أكون مقطعا إربا إربا ولست كذلك فكيف يكون من أصبح لا كما يريد الله ولا رسوله ولا سلطانه ولا نفسه ولا صديقه ولا عدوه فضحك منه وأمرله بصلة. تقلبت به الأحوال، وتولي التدريس بحمص فلهذا نسب إليها. وكان لما ضاقت به الحال عزم على قصد الصالح بن رزيك وزير مصر وعجز عن استصحاب زوجته فكتب إلى الشريف أبي عبد الله زيد بن محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني نقيب العلويين بالموصل هذه الأبيات: من البسيط

وذات شجو أسال البين عـبـرتـهـا                      باتت تؤمل بالتفـنـيد إمـسـاكـي

لجت فلما رأتنـي لا أصـيخ لـهـا                      بكت فأقرح قلبي جفنها الـبـاكـي

قالت وقد رأت الأجمـال مـحـدجة                      والبين قد جمع المشكو والشـاكـي

من لي إذا غبت في ذا المحل قلت لها                      الله وابـن عـبـيد الـلـه مـولاك

لا تجزعي بانحباس الغيث عنك فقـد                      سألت نوء الثريا جـود مـغـنـاك فتكفل الشريف المذكور لزوجته بجميع ما تحتاج إليه مدة غيبته عنها. قال العماد الكاتب: ولما وصل السلطان صلاح الدين إلى حمص وخيم بظاهرها خرج إلينا أبو الفرج المذكور فقدمته للسلطان وقلت له: هذا الذي يقول في قصيدته الكافية في ابن رزيك: من البسيط

أأمدح الترك أبغي الفضل عندهـم                      والشعر ما زال عند الترك متروكا فأعطاه السلطان شيئا وقال: حتى لا يقول: إنه متروك عند الترك ثم إنه أمتدح السلطان بقصيدته العينية التي يقول فيها: من الكامل

قل للبخيلة بالـسـلام تـورعـا                      كيف استبحت دمي ولم تتورعي

وزعمت أن تصلي بعـام قـابـل                      هيهات أن أبقى إلى أن ترجعـي

أبديعة الحسن التي في وجهـهـا                      دون الوجوه عناية لـلـمـبـدع

ما كان ضرك لو غمزت بحاجب                      يوم التفرق أو أشرت بإصـبـع

وتيقي أنـي بـحـبـك مـغـرم                      ثم اصغي ما شئت بي أن تصنعي ومن شعر ابن الدهان: من الكامل

تردي الكتائب كتبه فإذا انبـرت                      لم تدر أنفذ أسطرا أم عسكـرا

لم يحسن الإتراب فوق سطورها                      إلا لأن الجيش يعقـد عـثـيرا ومنه: من الكامل

يضحي يجانبي مجانبة العـدا                      ويبيت وهو إلى الصباح نديم

ويمر بي يخشي الرقيب فلفظه                      شتم وغنج لحاظه تـسـلـيم ومنه في غلام لسعتة نحلة في شفته: من الرمل

بأبي من لسبتـه نـحـلة                      آلمت أكرم شيء وأجـل

أثرت لسبتهـا فـي شـفة                      ما يراها الله إلا للقـبـل

حسبت أن بفيه بـيتـهـا                      إذا رأت ريقته مثل العسل ومن شعر ابن الدهان: من البسيط

كأن مقلـتـه صـاد وحـاجـبـه                      نون وموضع تقبـيلـي لـه مـيم

فصرت أعشق منه في الورى صنما                      وعاشق الصنم الإنسـي مـحـروم ومنه أيضا: من البسيط

مولاي لابت في ضري ولا سهري                      ولا لقيت الذي ألقى من الفـكـر

باتت لوعدك عيني وهي ساهـرة                      والليل حي الدياجي ميت السحـر

 

صفحة : 2364

 

 

أود من قمري في الأفق غـيبـتـه                      وأرقب الشمس من شوقي إلى القمر

هذا وقد بت من وعد عـلـى ثـقة                      فكيف لو بت من هجر على خطـر ومنه: ومن البسيط

سرى يصانع سرا من خـلاخـلـه                      إذا مشى ويداري عـرف أكـمـام

وللحلى والشذا جنـح الـظـلام بـه                      تصريح واش وتعريضـات نـمـام

فدله نفسـي الـعـالـي ودلـهـه                      عن مضجعي فرط إعلالي وأسقامي

ولم يعدني من بعد الـنـوى فـيرى                      سوى هيامي الذي خلى وتهـيامـي

سقى الليالي التي كان الوصال بـهـا                      أحلى من الغمض في أجفان نـوام

بتنا وذيل الدجي مرخى علـى كـرم                      في خلوة خلـوة الأرجـاء مـن ذام

وبيننا طيب عتب لـو تـسـمـعـه                      قلت العـتـاب حـياة بـين أقـوام

وفاتر اللحظ لـو أنـي أبـوح بـه                      إذا لأوضحت عذري عند لـوامـي

رمى وأغضى وقد أصمي فقلت لـه                      أعد أعد لاعدمت السهم والـرامـي

أخافه حـين يبـدو أن أكـاشـفـه                      وجدي فأستر أوجـاعـي وآلامـي

وأخدع الناس عن حبي وأكتـمـهـم                      جراح قلبي لولا جفنـي الـدامـي

واها لوأن الذي خلفت من زمـنـي                      خلفي أشاهد شيئا مـنـه قـدامـي

عهدي بليلي قصيرا بالعراق فـمـا                      بالي أبيت طويل اللـيل بـالـشـام وقال: من الطويل

طوى دارها طي الكتاب المنمـنـم                      ومر على الأطلال غير مـسـلـم

يخادع إما عن جوى مـن تـذكـر                      بها الركب أو عن عبرة من توسـم

وكم وقفة فيها أقـل مـسـاعـدي                      على الدمع إسعادي وأكثر لومـي

إذا ما بلوت الغيث قالت عراصهـا                      لك الفضل ليس الفضل للمتـقـدم

وسار أتاني العرف عنه مـبـشـرا                      فقمت إليه أهتدي بـالـتـبـسـم

أتى بعد وهن عاطلا مـتـلـثـمـا                      مخافة حلي مـخـافة مـبـسـم

وناولني كـأسـا أزال فـدامـهـا                      ورد فمي عن لثم كـأس مـفـدم

فليتك إذ حلأتنـي عـن مـحـلـل                      من الخمر ما عللتنـي بـمـحـرم

أيا لذة الـدنـيا ومـنـه بـلاؤهـا                      ويا جنة فيهـا عـذاب جـهـنـم

ويا قاتلا ما مد كفا لـقـتـلـتـي                      وما زال مخضوب الأنامل من دمي

وكنا اغتنمنا لذة العـيش لـيتـهـا                      وإن أوبقت لذاتهـا لـم تـصـرم وقال: من الخفيف

عاتباه في فرط ظلمي وهجري                      واسألاه عساه يقـبـل عـذري

والطفا ما قدرتما في حـديثـي                      واحرصا أن تغنياه بشـعـري

واذكراني فإن بدا لكـمـا مـن                      هذا نفار فأجريا غـير ذكـري

ودعاني وشقوتي فـي رضـاه                      فلحيني عشقت عاشق هجـري

وهواه لو كـان ذنـبـي إلـيه                      غير حبي له لأوضحت عذري

قد كتمت الجوى وإن نم دمعـي                      وحملت الجفا وإن عيل صبري

ما درى جسمي المعنى لمن يض                      نى ولا مدمعي لمن بات يجري

سره في الحشا عن الخلق مستو                      ر فماذا عليه في هتك ستـري

ليت أيامنا بـبـرزة فـالـنـي                      رب منها يعود يوما بعـمـري

صمت من بعدها برغمي عن الله                      و فهل لي بعودها عبد فـطـر

لست أنفك مـن تـذكـر قـوم                      ليس يجري ببالهم قـط ذكـري

يا غزالا قد لج في الهجر عمـدا                      كم دم قد سفكت لو كنت تدري

قد حمى ثغره بناعـس طـرف                      يا له ناعسا وحـارس ثـغـر

وبفيه مدامة كـلـمـا حـلـي                      ت عن شرب كأسها دام سكري

ظالم لج في القطـيعة حـتـى                      لا مزار يدنو ولا طيف يسـري

كان لا يستطيع عنـي صـبـرا                      ليت شعري لم ملني ليت شعري  عبد الله بن إسماعيل

أبو محمد الميكالي

 

صفحة : 2365

 

عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن محمد بن ميكال بن عبد الواحد بن جبريل بن القاسم بن بكر بن سور بن سور بن سور بن سور - أربعة من الملوك - ابن فيروز يزد جرد بن بهرام جور، أبو محمد هو عم أبي الفضل عبد الله بن أحمد الميكالي. كان رئيس نيسابور. ومات بمكة في ذي الحجة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة. وكان مذكورا بالأدب، والكتابة، وحفظ دواوين العرب، ودرس الفقه على قاضي الحرمين. وكان أوحد زمانه في معرفة الشروط. أكره غير مرة على وزارة السلطان فامتنع وتضرع حتى أعفي. وكان يختم القرآن في ركعتين، ويعول المستورين ببلده سرا، ثم تقلد الرياسة وبقي منفردا بها بلا مانع ولا منازع نيفا وعشرين سنة. وكان يفتح بابه بعد فراغه من صلاة الصبح إلى أن يصلي العتمة، لا يحجب عنه أحدا، وعقد له مجلس الذكر في حياة إمامي المذهب أبي الوليد القرشي وأبي الحسين القاضي وحضرا جميعا مجلسه. وكان قد حج سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، ثم تأهب سنة سبع وسبعين وثلاثمائة واستصحب شيئا من مسموعاته من أبي حامد ابن الشرقي وأقرانه، وحدث بنيسابور، والدامغان، والري، وهمذان، وبغداد، والكوفة، ومكة. ودخل مكة وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقد حكم له المنجمون أنه يموت وهو ابن أربع وسبعين سنة، فدعا بمكة في المشاعر الشريفة يقول اللهم إن كنت قابضي بعد سنتين فاقبضني في حرمك، فاستجاب الله دعاءه وتوفي بمكة في آخر أيام الموسم، نام وأصبح فوجدوه ميتا مستقبل القبلة، فغسلوه وكفنوه وصلى عليه أكثر من مائة ألف رجل، ودفن بالبطحاء بين سفيان بن عيينة والفضيل ابن عياض.

العباسي عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن عيسى بن الخليفة المنصور، إمام الجامع. بغدادي، شريف، نبيل، ذو قعدد. وثقه الخطيب. وتوفي سنة خمسين وثلاثمائة.

الملك المسعود بن الصالح عبد الله بن إسماعيل بن محمد بن أيوب، الملك المسعود ابن الملك الصالح، رئيس جليل. وهو أخو الملك المنصور محمود، والملك السعيد أبي الكامل، توفي بدمشق سنة أربع وسبعين وستمائة.

ابن الجبنياني عبد الله بن إسماعيل بن ابي إسحاق الجبنياني. قال ابن رشيق في الأنموذج: متعبد المغرب، لم يكن فيه قط مثله، ولا أراه يكون - يعني أبا إسحاق إبراهيم جده. وكان عبد الله شاعرا ظريفا يخفي شعره وهو مع ذلك قليل. ويصنعه ولا يتجاوز المقطعات إلى شيء من التطويل. وكانت له نباهة وحدة خاطر، ولطافة في جميع أحواله، ونزاهة نفس، وعزوف همة، وفرط حياء، وغض طرف، ولا يكاد يملأ عينه من وجه أحد. رأيته سنة تسع وأربعمائة بمدينة سفاقس وهي موطنه وبها مشؤه. أنشدني لنفسه وهو يتململ كاللديغ، وكان متعلق النفس بجارية أم ولد تركها بموضعه: من الوافر

سأضرب في بلاد اللـه بـرا                      وبحرا بالسفائن والـركـاب

إلى أن تنكر الأحباب مـنـي                      ثوائي بالمغارب واغترابـي

لأكسب ثـروة وأفـيد مـالا                      وأبلو عذر نفسي في الطلاب

فإن نلت المراد فذاك حسبـي                      وإن أحرم فإني ذو احتسـاب

وما فارقت إخواني وأهلـي                      ومن أحببت إلا عن غـلاب وتوفي عبد الله إسماعيل بميورقة سنة خمس عشرة وأربعمائة، وقد بلغ الأربعين.

الجهني

 

صفحة : 2366

 

عبد الله بن أنيس الجهني ثم الأنصاري، حليف بني سلمة. كان مهاجرا، أنصاريا، عقبيا وشهد أحدا وما بعدها. روى عنه أبو أمامة وجابر بن عبد الله، وروى عنه من التابعين بشر بن سعيد، وبنوه: عطية وعمرو وضمرة وعبد الله بنو عبد الله بن أنيس. وهو الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر وقال: يا رسول الله إني شاسع الدار، فمرني بليلة أنزل فيها فقال: إنزل ليلة ثلاث وعشرين؛ وتعرف تلك الليلة بليلة الجهني - بالمدينة. وهو أحد الذين كسروا آلهة بني سلمة. توفي سنة أربع وخمسين. وروى له مسلم والأربعة. وقال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: بلغني أن سفيان بن نبيح الهذلي جمع الناس ليغزوني وهو بعرنة، فاقتله. قال: قلت: يا رسول الله إنعته لي حتى أعرفه، قال: إذا رأيته ذكرك الشيطان، وإذا رأيته وجدت له قشعريرة قال: فخرجت متوشحا سيفي، حتى دفعت إليه وهو في ظعائن له يرتاد لهن منزلا، وكان وقت العصر، فلم رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القشعريرة،وخشيت أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة. فصليت وأنا أمشي، وأومئ برأسي، فلما انتهيت إليه قال: من الرجل ? قلت: رجل من العرب سمع بك ويجمعك لهذا الرجل، فجاء لذلك. فقال أجل أنا في ذلك فمشيت معه حتى إذا أمكنني حملت عليه بالسيف حتى قتلته، ثم خرجت وتركت ظعائنه منكبات عليه، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفلح الوجه قلت: قتلته يا رسول الله قال: صدقت. ثم قام معي فدخل بي بيته وأعطاني عصا فقال: أمسك هذه العصا عندك يا عبد الله ابن أنيس فخرجت بها على الناس، فقالوا: ما هذه العصا ? قلت: أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها، قالوا: أفلا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله لم ذلك ? قال: فرجعت إليه فقلت: يا رسول الله لم أعطيتني هذه العصا ? قال: آية بيني وبينك يوم القيامة، إن أقل الناس المتخصرون يومئذ. فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه في كفنه ثم دفنا جميعا.

الخزاعي عبد الله بن أبي أوفى الخزاعي الأسلمي، أحد من بايع بيعة الرضوان. قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات نأكل الجراد. وهو أخر من مات من الصحابة بالكوفة، وممن مات في عشر المائة أو تجاوزها. توفي سنة ست وثمانين للهجرة، وروى له الجماعة. وقيل توفي سنة ثمان وثمانين وهو الأصح. واسم أبي أوفى علقمة بن خالد ويكنى أبا معاوية، وقيل: أبا إبراهيم، وقيل أبا محمد شهد الحديبية وخيبر ولم يزل بالمدينة إلى أن قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تحول إلى الكوفة. وكف بصره بأخرة.

التيمي الشاعر عبد الله بن أيوب التيمي. مولاهم. كان شاعرا من شعراء الدولة العباسية من الوصافين للخمر. قال أبو العيناء: خرج كوثر خادم الأمين ليرى الحرب، فأصابته رجمة في وجهه فجلس يبكي، فوجه محمد بمن جاء به وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول: من مجزوء الرمل

ضربوا قرة عينـي                      ومن اجلي ضربوه

أخذ الله لقـلـبـي                      من أناس أحرقوه وأراد زيادة في الأبيات فلم تواته، فقال: من هاهنا من الشعراء ? فقيل: عبد الله بن أيوب التيمي فقال: علي به فلما دخل أنشده البيتين وقال: أجز فقال: من مجزوء الرمل

ما لمن أهـوى شـيبـه                      فبـه الـدنـيا تـتـيه

وصله حـلـو ولـكـن                      هجـره مـر كـريه

مذ رأى الناس له الفضل                      علـيهـم حـســدوه

مثل ما قد حسد الـقـا                      ئم بالـمـلـك أخـوه فقال: أحسنت والله، هذا خير مما أردناه، يا عباسي أنظر فإن كان جاء على الظهر ملأت أحمال ظهره دراهم، وإن كان جاء في زورق ملأته له دراهم فأوقرت له ثلاثة أبغال دراهم.

ابن بري النحوي

 

صفحة : 2367

 

عبد الله بن بري بن عبد الجبار بن بري؛ أبو محمد المقدسي الأصل المصري الدار. كان نحويا، لغويا، شايع الذكر، مشهورا بالعلم. لم يكن للمصريين مثله. مات سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. قرأ كتاب سيبويه على أبي بكر محمد بن عبد الملك الشنتريني المغربي النحوي، وتصدر للإقراء بجامع عمرو بن العاص. وكانت عنايته تامة في تصحيح الكتب، وكتب الحواشي عليها بأحمر، فإذا رأيت كتابا قد ملكه فهو الغاية في الصحة والإتقان.و له على صحاح الجوهري حواش، أخذ فيها عليه وشرح بعضه فيها، وزيادات أخل بها؛ ولو تمت لكانت عجيبة. وكان من علمه وغزارة فهمه ذا غفلة وسلامة صدر. وكان وسخ الثوب، زري الهيئة واللبسة، يحكي المصريون عنه حكايات عجيبة؛ منها أنه اشترى لحما وخبزا وبيضا وحطبا، وحمل الجميع في كميه، وجاء إلى منزله فوجد أهله وقد ذهبوا لبعض شأنهم والباب مغلقا فتقدم إلى كوة هناك تفضي إلى داره فجعل يلقي منها الشيء بعد الشيء ولم يفكر في تكسير البيض وأكل السنانير اللحم والخبز إذا خلت بهقال ياقوت: حدثني بعض المصريين قال: كنت يوما أسير مع الشيخ أبي محمد ابن بري وقد اشترى عنبا وجعله في كمه، وجعل يحادثني وهو يعبث بالعنب ويقبضه حتى جرى على رجليه فقال لي: تحس المطر ? فقلت: لا قال: فما هذا الذي ينقط على رجلي ? فتأملته فإذا هو من العنب فأخبرته فخجل واستحيى ومضى. ويحكى عنه من الحذق وحسن الجواب عما يسأل عنه ومواضع المسائل من كتب العلماء ما يتعجب منه، فسبحان الجامع بين الأضداد وله حواش انتصر فيها للحريري على ابن الخشاب. وكان له تصفح ديوان الإنشاء في ما يكتبونه ليزيل الغلط واللحن منه كما كان ابن بابشاذ. وكان قيما بمعرفة كتاب سيبويه وعلله، قيما باللغة والشواهد. وقرأ عليه جماعة منهم أبو العباس ابن الحطية. كان ثقة. والجزولي من تلامذته. وأجاز لجميع من أدرك عصره من المسلمين. قال الشيخ شمس الدين: قرأت ذلك بخط أحمد بن الجوهري عن خط حسن بن عبد الباقي الصقلي عنه. وله مقدمة سماها اللباب، وحواشيه على الصحاح ست مجلدات: قلت: كذا رأيته والصحيح أن ابن بري رحمه الله تعالى وصل في الحواشي على صحاح الجوهري إلى وقش من باب الشين المعجمة من كتاب الصحاح، وكان ذلك مجلدين وهي ربع الكتاب، وكمل عليه الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان الأنصاري البسطي إلى آخر الكتاب فجاء التكملة في سنة مجلدات وكان جملة هذا المصنف ثمان مجلدات بخط البسطي وقد ملكتها وهي جميعا بخط البسطي واسم هذا الكتاب التنبيه والإفصاح عما وقع في حواشي الصحاح وهو كتاب جيد إلى الغاية. قال أبو محمد ابن بري رحمه الله، وقد أنشد قول أبي صخر الهذلي: من الطويل

تكاد يدي تندى إذا ما لمـسـتـهـا                      وينبت في أطرافها الورق الخضر هذا البيت كان سبب تعلمي العربية فقيل له: وكيف ذاك ? فقال: ذكر لي أبي أنه رأى فيما يرى النائم قبل أن يرزقني كأن في يده رمحا طويلا في رأسه قنديل وقد علقه على صخرة بيت المقدس، فعبر له بأن يرزق ابنا يرفع ذكره بعلم يتعلمه، فلما رزقني وبلغت خمس عشرة سنة حضر إلى دكانه - وكان كتبيا - رجل يعرف بظافر الحداد، ورجل يعرف بابن أبي حصينة وكلاهما مشهور بالأدب، فأنشد أبي البيت بكسر الراء فضحك الرجلان عليه للحنه، فقال لي: يا بني أنا منتظر تفسير منامي لعل الله تعالى يرفع ذكري بك، فقلت له: أي العلوم تريد أن أقرأ ? فقال لي: إقرأ في النحو حتى تعلمني، فكنت أقرأ على الشيخ أبي بكر محمد بن عبد الملك ابن السراج رحمه الله ثم أجي فأعلمه الخشوعي الرفاء عبد الله بن بركات بن إبراهيم بن طاهر بن بركات، أبو محمد الخشوعي الدمشقي الرفاء، ولد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وتوفي سنة ثمان وخمسين وستمائة. سمع من أبيه ويحيى الثقفي، والقاسم بن عساكر، وعبد الرزاق بن نصر الخشوعي، وإسماعيل الجنزوي، وجماعة وأجاز له أبو طاهر السلفي وأبو موسى المديني وأحمد بن ينال الترك وغيرهم. وروى عنه الدمياطي وابن الخباز، وأبو المعالي بن البالسي، وأبو الفداء ابن عساكر، وأبو الحسين الكندي وأبو عبد الله الزراد، وأبو عبد الله بن التوزي، وحفيده علي بن محمد الخشوعي، ومحمد بن المحب، ومحمد بن المهتار، وآخرون. وهو من بيت الرواية والحديث.

قاضي مرو

 

صفحة : 2368

 

عبد الله بن بريدة بن الحصيب، أبو سهل الأسلمي قاضي مرو بعد أخيه سليمان وهما توأمان. روى عن أبيه وعن أبي موسى، وعائشة، وعمران بن حصين، وسمرة، وابن مسعود، والمغيرة بن شعبة، وعبد الله بن مغفل، وأبي الأسود الدؤلي، ويحيى بن يعمر وطائفة. قال وكيع: كانوا يقدمون سليمان بن بريدة على أخيه عبد الله وقد ولي قضاء مرو وتوفي سنة خمس عشرة ومائة. وروى له الجماعة.

المازني عبد الله بن بسر بن أبي بسر المازني. نزيل حمص. له صحبة ورواية. كان في جبهته أثر السجود. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعيش هذا الغلام قرنا، فعاش مائة سنة، وكان في وجهه ثؤلول فقال: لا يموت هذا الغلام حتى يذهب هذا الثؤلول فلم يمت حتى ذهب. قال الواقدي: هو آخر من مات بالشام من الصحابة سنة ثمان وثمانين للهجرة. وروى له الجماعة.

عبد الله بن أبي بكر

ابن أبي بكر الصديق عبد الله بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. أمه وأم أسماء واحدة؛ إمرأة من بني عامر بن لؤي اسمها قتيلة. شهد عبد الله بن أبي بكر الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرماه أبو محجن الثقفي فدمل جرحه حتى انتقض به فمات منه سنة إحدى عشرة. وكان إسلامه قديما ولم يسمع له بمشهد إلا شهوده الفتح وحنينا والطائف. وابتاع الحلة التي أرادوا دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بتسعة دنانير. فلما حضرته الوفاة قال: لا تكفنوني فيها فلو كان فيها خير لكفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى عليه أبوه ونزل في قبره عمر وطلحة وأخوه عبد الرحمان.

الأنصاري المدني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المدني أحد علماء المدينة. توفي حدود الأربعين ومائة. روى له الجماعة.

أبو وهب السهمي عبد الله بن بكر بن حبيب، أبو وهب السهمي الباهلي البصري. نزيل بغداد كان فقيها، محدثا. توفي سنة ثمان ومائتين. وروى له الجماعة. وثقه أحمد بن حنبل وجماعة.

كتيلة عبد الله بن أبي بكر بن أبي البدر البغدادي الحربي الزاهد، ويعرف بالشيخ كتيلة. كان فقيرا، صالحا، ربانيا، مكاشفا، له أحوال وكرامات. وسمع بدمشق من الشيخ الضياء، والفقيه سليمان الإسعردي، واشتغل بمذهب أحمد، وصحب الشيخ أحمد المهندس، وصحبه الدباهي. وكان من جلالة قدره في بعض الأوقات يترنم ويغني لنفسه، وله كتاب المهم في الفقه، وكتاب التحذير من المعاصي، والعدة في أصول الدين، وجمع فيما في السماع من الخلاف مجلدا. وله كتاب الفوز مجلد. وتوفي سنة إحدى وثمانين وستمائة. قال الشيخ شمس الدين؛ حدثنا ابن الدباهي قال: سمعته يقول: كنت على سطح يوم عرفة ببغداد وأنا مستلق على ظهري؛ قال: فما شعرت إلا وأنا وافت بعرفة مع الركب سويعة ثم لم أشعر إلا وأنا على حالتي الأولى مستلق، قال: فلما قدم الركب جاءني إنسان صارخا فقال: يا سيدي أنا حلفت بالطلاق أني رأيتك بعرفة العام وقال لي واحد أو جماعة: أنت واهم الشيخ لم يحج العام قال؛ فقلت له: إمض لم يقع عليك حنث.

ابن عرام عبد الله بن أبي بكر بسن عرام الأسواني المحتد، الإسكندراني الدار والوفاة. إشتغل بالنحو والتصريف والتصوف، وسمع الحديث، وصحب أبا العباس المرسي. وأمه بنت الشيخ الشاذلي. وكان يذكر عنه كرامة وصلاح. ولد بدمنهور سنة أربع وخمسين وستمائة، توفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة بالإسكندرية، ودرس العربية بها.

النحوي المغربي عبد الله بن بننان - بضم الباء الموحدة والنون وفتح النون الثانية وبعد الألف نون ثالثة - نزيل إشبيلية. كان نحويا يحفظ كتب الأدب ذاكرا للكامل، وأمالي القالي. علم الناس والنحو بقرطبة. وتوفي سنة تسع وخمسمائة.

الصاحب أمين الدين

 

صفحة : 2369

 

عبد الله بن تاج الرئاسة، الصاحب، الوزير الكبير، الرئيس أمين الدين، أمين الملك، وزير الديار المصرية والشامية. لما استسلم الجاشنكير الأمير مظفر الدين بيبرس النصارى اختبأ الصاحب أمين الدين هو والصاحب شمس الدين غبريال تقدير شهر؛ فلما طال الأمر عليهما ظهرا وأسلما. وهو ابن أخت السديد الأعز المذكور في حرف السين المهملة. وكان خاله مستوفيا وبه تخرج وعليه تدرب، ولما مات رتب مكانه ونال في الاستيفاء السعادة الواسعة والدنيا العريضة. وزر بعد ذلك ثلاث مرات وهو يتأسف على وظيفة الاستيفاء، وتولي الوزارة بالديار المصرية، ثم عزل وأقام قليلا ثم وزر ثانيا،ثم إنه عمل عليه وأخرج إلى طرابلس ناظرا بمعلوم الوزارة، فأقام بها إلى أن حج منها في غالب الظن. واستعفى من الخدمة، وأقام بالقدس وله راتب يأكله في كل مرة ولم يزل مقيما بالقدس إلى أن أمسك القاضي كريم الدين الكبير في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة، فطلب إلى مصر وتولى الوزارة بها إلى أن كثر الطلب عليه، فدخل إلى السلطان الملك الناصر وقال له: يا خوند ما يمشي للوزير حال إلا أن يكون من مماليك مولانا السلطان فاتفق هو وإياه على الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي؛ فقال له السلطان: أخرج ونفذ أشغالك إلى آخر النهار، وانزل إلى بيتك وأعلم الناس أن الوزير فلان فخرج ونفذ الأشغال وكتب على التواقيع، وأطلق ورتب إلى آخر النهار ونزل إلى بيته بالمشاعل والفوانيس والمستوفين والنظار ومشد الدواوين والمقدمين، ولما نزل عن بغلته قال: يا جماعة مساكم الله بالخير وزيركم غدا الأمير علاء الدين مغلطاي الجمالي فكان ذلك عزلا لم يعزله وزير غيره في الدولة التركية ثم إنه لازم بيته يأكل مرتبه إلى أن عمل الاستيمار في أيام الجمالي ووفر فيه جماعة؛ فطلب من السلطان أن يتصدق عليه بوظيفة فقال السلطان: يكون ناظرا للدولة كبيرا مع الوزير مغلطاي، فباشر النظر هو والقاضي مجد الدين بن لفيتة أربعين يوما، فكان حمله ثقيلا عليه فاجتمع الجماعة من الكتاب عليه وقاموا كتفا واحدة فلما كان يوما وقد خرج من باب الوزير العصر خرج خادم صغير من القصر وجاء إليه أغلق دواته وقال: بسم الله يا مولانا، إلزم بيتك فلزم بيته وذلك في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. ولما أمسك الصاحب شمس الدين غبريال وطلب إلى مصر رسم له السلطان بنظر النظار مكانه بدمشق، فخرج إلى دمشق في شهر صفر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة، فأقام بها بعمل الوزارة إلى أن أمسك السلطان النشو في سنة أربعين وسبعمائة، فطلب الصاحب أمين الدين إلى مصر ليوليه الوزارة بمصر، فكان الكتاب عملوا عليه إلى أن انثنى عزمه عنه، فأقام في بيته قليلا ثم أمسك وصودر هو وولده القاضي تاج الدين أحمد ناظر الدولة بمصر، وأخوه القاضي كريم الدين مستوفي الصحبة، وبسط عليه العقاب إلى أن توفي رحمه الله تعالى في تلك الحال سنة أربعين وسبعمائة. وتغيب إذ ذاك ولده شمس الدين أبو المنصور ولم يظهر له خبر أبدا. وكان الصاحب أمين الدين يأخذ نفسه برياسة كبيرة وحشمة. وكان ساكنا، عاقلا، وقورا قد أسن وكبر ولا يدخل عليه أحد إلا قام له وتكلف ذلك، ويحكي عقيب ذلك أن خاله كان إذا جاء إلى قومس يقول: بالله لا تقوموا لي فإن هذا دين يشق علي وفاؤه وأحبه الأمير سيف الدين تنكز أخيرا محبة كبيرة، وكان يثني على آدابه وحشمته. ولما عمل النظر مع الجمالي كنت بالديار المصرية فطلبني وقال: أشتهي أن تكتب عني المكاتبات، ورتب لي شيئا عليه وكنت أبيت عنده وأصبح، وأنا في جامكيته وجرايته وقماشه فيعاملني بآداب كثيرة وحشمة زائدة رحمه الله. وكتب - وهو بالقدس مقيما - ربعة مليحة بخطه؛ ولم أر أعجل كتابة ولا أصفى؛ يكتب وهو متكئ على المدورة بغير كلفة، وإذا وضع القلم على الورقة لا ينقله حتى يفرغ منها ويرمي الورقة وفيها سطور تبهر العقل. وكان إذا حضر أحد وهو في دسته وقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ رمى الورقة من يده والقلم وأنصت، وسمع القرآن إلى أن يفرغ، وإذا أنشد أحد قصيدة مديحا في النبي صلى الله عليه وسلم كتبها بخطه في تعليقه المختص بذلك، أو قال لي: أكتب لي هذا ولما رسم له بوازرة الشام كتبت تقليده بذلك في صفر سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة عن السلطان الملك الناصر محمد بن

 

صفحة : 2370

 

قلاون رحمه الله لما كنت يومئذ بالقاهرة ونسخته: الحمد لله الذي جعل ولي أيامنا الزاهرة أمينا، وأحله من ضمائرنا الطاهرة مكانا أينما توجه وجده مكينا، وخصه بالإخلاص لدولتنا القاهرة، فهو يقينا يقينا، وعضد بتدبيره ممالكنا الشريفة فكان على نيل الأمل الذي لا يمين يمينا، وفجر خلال خلاله نهرا أصبح على نيل السعود معينا معينا، وزين بن آفاق المعالي فما دجا أمر إلا وكان فكره صبحا مبينا، وجمل به الرتب الفاخرة فكم قلد جيدها عقدا نفيسا ورصع تاجها درا ثمينا، وأعانه على ما يتولاه فهو الأسد الأسد الذي اتخذ الأقلام عرينا. نحمده على نعمه التي خصتنا بولي تتجمل به الدول، وتغنى الممالك بتدبيره عن الأنصار والخول، وتحسد أيامنا الشريفة عليه أيام من مضى من الملوك الأول، وتحل السعود حيث حل إذ لم يكن لها عنه حول. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نستمطر بها صوب الصواب، ونرفل منها في ثوب الثواب، وندخر منها حاصلا ليوم الحساب، ونعتد برها واصلا ليوم الفصل والمآب، ونشهد أن محمدا عبده الصادق الأمين، ورسوله الذي لم يكن على الغيب بضنين، وحبيبه الذي فضل الملائكة المقربين، ونجيه الذي أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حجة على الملحدين؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين صحبوا ووزروا، وأيدوا حزبه ونصروا، وبذلوا في نصحه ما قدروا، وعدلوا فيما نهوا وأمروا؛ صلاة تكون لهم هدى ونورا إذا حشروا، ويضوع بها عرفهم في الغرف ويطيب بها نشرهم إذا نشروا وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.لاون رحمه الله لما كنت يومئذ بالقاهرة ونسخته: الحمد لله الذي جعل ولي أيامنا الزاهرة أمينا، وأحله من ضمائرنا الطاهرة مكانا أينما توجه وجده مكينا، وخصه بالإخلاص لدولتنا القاهرة، فهو يقينا يقينا، وعضد بتدبيره ممالكنا الشريفة فكان على نيل الأمل الذي لا يمين يمينا، وفجر خلال خلاله نهرا أصبح على نيل السعود معينا معينا، وزين بن آفاق المعالي فما دجا أمر إلا وكان فكره صبحا مبينا، وجمل به الرتب الفاخرة فكم قلد جيدها عقدا نفيسا ورصع تاجها درا ثمينا، وأعانه على ما يتولاه فهو الأسد الأسد الذي اتخذ الأقلام عرينا. نحمده على نعمه التي خصتنا بولي تتجمل به الدول، وتغنى الممالك بتدبيره عن الأنصار والخول، وتحسد أيامنا الشريفة عليه أيام من مضى من الملوك الأول، وتحل السعود حيث حل إذ لم يكن لها عنه حول. ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نستمطر بها صوب الصواب، ونرفل منها في ثوب الثواب، وندخر منها حاصلا ليوم الحساب، ونعتد برها واصلا ليوم الفصل والمآب، ونشهد أن محمدا عبده الصادق الأمين، ورسوله الذي لم يكن على الغيب بضنين، وحبيبه الذي فضل الملائكة المقربين، ونجيه الذي أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى حجة على الملحدين؛ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين صحبوا ووزروا، وأيدوا حزبه ونصروا، وبذلوا في نصحه ما قدروا، وعدلوا فيما نهوا وأمروا؛ صلاة تكون لهم هدى ونورا إذا حشروا، ويضوع بها عرفهم في الغرف ويطيب بها نشرهم إذا نشروا وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين.

 

 

صفحة : 2371

 

وبعد، فإن أشرف الكواكب أبعدها دارا، وأجلها سرا وأقلها سرارا، وأدناها مبارا، وأعلاها منارا، وأطيب الجنات جنابا ما طاب أرجا وثمارا، وفجر خلاله كل نهر تروع حصاه حالية العذارى، ورنحت معاطف غصونه سلاف النسيم فتراها سكاري وتمد ظلال الغصون فتخال أنها على وجنات الأنهار تدب عذارا. وكانت دمشق المحروسة لها هذه الصفات، وعلى صفاها تهب نسمات هذه السمات، لم يتصف غيرها بهذه الصفة، ولا اتفق أولو الألباب إلا على محاسنها المختلفة، فهي البقعة التي يطرب لأوصاف جمالها الجماد، والبلد الذي ذهب بعض المفسرين إلى أنها إرام ذات الماد، وهي في الدنيا أنموذج  الجنة التي وعد المتقون  ومثال النعيم للذين  عند ربهم يرزقون  . وهي زهرة ملكنا، ودرة سلكنا؛ وقد خلت هذه المدة ممن يراعي مصالح أحولها، ويرعى بحزم أموالها، ويدبر أمر مملكتها أجمل التدبير، ويحمي حوزتها ويحاشيها من التدمير؛ فيسم منها غفلا ويحلي عطلا، ويملأ خزائنها خيرا يجلى، إذا ملأنا ساحتها خيلا ورجلا؛ تعين أن ننتدب لها من خبرناه بعدا وقربا، وهززناه مثقفا لدنا وسللناه عضبا، وخبأناه في خزائن فكرنا فكان أشرف ما يدخر وأعز ما يخبى، كم نهى في الأيام وأمر، وكم شد أزرا لما وزر، وكم غنيت به أيامنا عن الشمس وليالينا عن القمر، وكم رفعنا راية مجد تلقاها عرابة فضله بيمين الظفر، وكم علا ذرا رتب تعز على الكواكب الثابتة فضلا عمن يتنقل في المباشرات من البشر، وكم كانت الأموال جمادى فأعادها ربيعا غرد به طائر الإقبال في الجهات وصفر. وكان المجلس العالي القضائي الوزيري الصاحبي الأميني أدام الله نعمته هو معنى هذه الإشارة، وشمس هذ الهالة، وبدر هذه الدارة؛ نزل من العلياء في الصميم، وفخر بأقلامه التي هي سمر الرماح كما فخرت بقوسها تميم، وتحفظت الأموال في دفاتره التي يوشيها فآوت إلى الكهف والرقيم، وقال لسان قلمه:  إجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم  وعقم الزمان بأن يجيء بمثله  إن الزمان بمثله لعقيم  ، وتشبه به أقوام فبانوا وبادوا، وقام منهم عباد العباد فلما قام عبد الله يدعوه كادوا - أردنا أن ينال الشام فضله كما نالته مصر فما يساهم فيه سواهما، ولا يقول لسان الملك لغيره: من الطويل

حللت بهذا حـلة ثـم حـلة                      بهذا فطاب الواديان كلاهما فلذلك رسم بالأمرالشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري أعلاه الله وشرفه أن يفوض إليه تدبير الممالك الشريفة بالشام المحروس، ونظر الخواص الشريفة والأوقاف المبرورة على عادة من تقدمه في ذلك، وبمعلومه الشاهد به الديوان المعمور.

وهو في الشهر مبلغ: أربعة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعين درهما وثلث درهم. تفضيله عن نصر المملكة الشريفة بالشام المحروس: أربعة آلاف ومائة وثلاث وثلاثون وثلث درهم. مبلغ ألفي وسبعمائة وثلاثة وثمانون وثلث درهم. ثمن لحم وتوابل: ألف وثلاثمائة وخمسون درهما. خارجا عما باسم كتابة النظر، وهو في الشهر: مائة وخمسون درهما. قمح: غرارة ونصف. عن نظر الخاص الشريف: مبلغ وثمن لحم وتوابله: ثلاثة أرطال بالدمشقي خمسمائة وأربعون درهما. غلات عن الوظيفتين: تسعة وعشرون غرارة. تفصيله؛ قمح: تسع غرائر ونصف وربع غرارة. شعير: عشرون غرارة ونصف وربع. أصناف المشاهرة بالوزن الدمشقي، سكر بياض: إثنان وعشرون رطلا ونصف. حطب: تسعة قناطير. وفي اليوم بالدمشقي، خبز: خمسة عشر رطلا. شمع: أوقية ونصف. ماء ورد: أوقية ونصف. صابون: أوقية ونصف. زيت طيب: نصف رطل. والكسوة والتوسعة والأضحية والأتبان على العادة لمن تقدمه في ذلك.

 

 

صفحة : 2372

 

فليتلق هذه الولاية بالعزم الذي نعهده، والحزم الذي شاهدناه ونشهده، والتدبير الذي يعترف له الصواب ولا يجحده، حتى تثمر الأموال في أوراق الحساب، وتزيد نموا وسموا فتفوق الأمواج في البحار وتفوت القطر من السحاب؛ مع رفق يكون في شدته، ولين يزين مضاء حدته، وعدل يصون مهلة مدته، فالعدل يعمر، والجور يدمر، ولا يثمر؛ بحيث إن الحقوق تصل إلى أربابها، والمعاليم تطلع بدور بدرها كاملة كل هلال على أصابها، والرسوم لا تزداد على الطاقة في بابها، والرعايا يجنون ثمر العدل في أيامه متشابها. وإذا أنعمنا على بعض أوليائنا بجمل فلا تكدر بأن تؤخر، وإذا استدعيناه لأبوابنا بمهم فليكن الإسراع إليه يخجل البرق المتألق في السحاب المسخر؛ فما أردناك إلا لأنك سهم خرج من كنانة، وشهم لا يثني إلى الباطل عيانه ولا عنانه، فاشكر هذه النعمة على منائحها، وشنف الأسماع بمدائحها، متحققا أن في النقل، بلوغ العز والأمل، وأنه: لو كان في شرف المأوى بلوغ منى لم تبرح الشمس يوما دارة الحمل. فاستصحب الفرح والجذل، بذل الفكر والجدل. وسر على بركة آرائنا الشريفة وقل: وفي بلاد من أختها بدل، واختر ما اختارته لك سعادتنا المؤبدة المؤيدة فطرفها بالذكاء مكتحل: من البسيط

إن السعادة فيما أنت فاعـلـه                      وقفت مرتحلا أو غير مرتحل فما آثرنا بتوجيهك إلى الشام إلا ليأتيك المجد من هنا وهنا، ولأنك إذا كنت معنا في المعنى فما غبت في الصورة عنا. وابسط أملك  إنك اليوم لدينا مكين أمين  ، ونزه نفسك فقد أويت إلى ربوة ذات قرار ومعين، والوصايا كثيرة وأنت ابن بجدتها علما ومعرفة، وفارس نجدتها الذي لا يقدم على أمر حتى يعرف مصرفه، فما نحتاج إلى أن نرشدك منها إلى علم، ولا أن نشير لك فيها بأنملة قلم. وتقوى الله عز وجل هي العروة الوثقى، والكعبة التي من يطوف بها  فلا يضل ولا يشقى  ، فعض بالناجذ عليها، وضم يدك على معطفيها. والله يتولى ولايتك، ويعين دربتك بالأمور وعنايتك. والخط الشريف - شرفه الله وأعلاه - حجة ثبوته العمل بمقتضاه إن شاء الله تعالى.

خطيب شنهور عبد الله بن ثابت بن عبد الخالق بن عبد الله بن رومي بن إبراهيم ابن حسين بن عرفة بن هدية التجيبي؛ أبو ثابت الشنهوري، خطيب شنهور. أديب، شاعر، سمع الحافظ المنذري شيئا من شعره وقال؛ أنشدني لنفسه: من الكامل

قد جدت حتى قيل أي سحاب                      وعلوت حتى قيل أي شهاب

وعلمت أن المال ليس بخالد                      فجعلت تعطيه بغير حساب توفي سنة ثمان وعشرين وستمائة.

العذري عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ومسح على رأسه ووعى ذلك. وقيل: ولد عام الفتح وشهد الجابية. وحدث عن عمر، وسعد بن أبي وقاص، وأبي هريرة، وجابر، وأبيه ثعلبة. وتوفي سنة تسع وثمانين للهجرة. وروى له البخاري وأبو داود، والنسائي.

أبو مسلم الخولاني عبد الله بن ثوب، أبو مسلم الخولاني الداراني الزاهد، سيد التابعين. أسلم في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة في خلافة أبي بكر وهو معدود في كبار التابعين. وكان فاضلا، ناسكا، عابدا، وله كرامات وفضائل. روى عنه أبو إدريس الخولاني وجماعة من تابعي الشام. ولما تنبأ الأسود باليمن بعث إلى أبي مسلم فلما جاءه قال: أتشهد أني رسول الله? قال: ما أسمع قال: أتشهد أن محمدا رسول الله? قال: نعم فردد ذلك عليه هو يقول كما قال أولا. فأمر بنار عظيمة فأججت، ثم ألقى فيها أبا مسلم فلم يضره ذلك، فقيل له. إنفه عنك وإلا أفسد عليك من اتبعك فأمره بالرحيل فأتى أبو مسلم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فأناخ راحلته بباب المسجد وقام يصلي إلى سارية، وبصر به عمر بن الخطاب؛ فقام إليه وقال: ممن الرجل? قال: من أهل اليمن، قال: ما فعل الذي حرقه الكذاب بالنار? قال: ذاك عبد الله بن ثوب قال: أنشدك بالله أنت هو? قال: اللهم نعم فاعتنقه عمر وبكى ثم أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم الخليل عليه السلام وتوفي أبو مسلم سنة اثنتين وستين للهجرة. وروى له مسلم والأربعة.

عبد الله بن جابر

 

 

صفحة : 2373

 

أبو محمد العسكري عبد الله بن جابر بن ياسين بن الحسن بن محمد بن أحمد بن محمويه ابن خالد العسكري، أبو محمد. من أولاد المحدثين. تفقه على اقاضي أبي يعلى ابن الفراء، وكان خال أولاده. سمع الحسن بن أحمد بن شاذان، وعبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران وغيرهما. وروى عنه أبو القاسم السمرقندي، وعبد الوهاب الأنماطي، وعمر بن ظفر المغازلي، وإبراهيم بن سليمان الورديسي وغيرهم. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وأربعائة.

عبد الله بن جعفر

الجيلي الشافعي عبد الله بن جعفر بن عبد الله؛ أبو منصور الجيلي، الفقيه الشافعي. شهد عند قاضي القضاة أبي عبد الله محمد بن علي الدامغاني، وزكاه القاضي أبو يعلى ابن الفراء. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة.

الشيعي عبد الله بن جعفر بن محمد بن موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس. كان يذكر أنه من ولد حذيفة بن اليمان الصحابي. وكان أحد الفقهاء على مذهب الشيعة. قدم بغداد وحدث بها بشيء من أخبار أهل البيت عن جده محمد بن موسى. توفي بالري بعد الستمائة.

العلوي الحسيني عبد الله بن جعفر بن النفيس بن عبيد الله؛ أبو طاهر العلوي الحسيني، من أهل الكوفة. شيخ، أديب، فاضل، شاعر، له لسان وعارضة. طاف العراق والحجاز والشام ومصر وخراسان وما وراء النهر وغزنة. ومدح الإمام الناصر وغيره. وتوفي سنة ثلاث عشرة وستمائة بالقاهرة. ومن شعره......

ابن درستويه عبد الله بن جعفر بن درستويه بن مرزبان، أبو محمد؛ الفارسي، النحوي. أحد من اشتهر وعلا قدره وكثر علمه. وكان جيد التصنيف، مليح التأليف. قرأ على المبرد وصحبه، ولي ابن قتيبة. وأخذ عنه جماعة من الفضلاء كالدارقطني وغيره. وكانت ولادته سنة ثمان وخمسين ومائتين. وتوفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة. وكان شديد الانتصار للبصريين في النحو واللغة. ووثقه ابن منده، والحسين بن ثمان الشيرازي، وضعفه هبة الله اللالكائي وقال: بلغني عنه أنه قيل له: حدث عن عباس الدوري حديثا ونعطيك درهما ففعل ولم يكن سمعه منه قال الخطيب: سمعت هبة الله يقول ذلك. وهذه الحكاية باطلة لأن ابن دستوريه كان أرفع قدرا من أن يكذب. ومن تصانيفه تفسير كتاب الجرمي، والإرشاد في النحو، وكتاب الهجاء، وشرح الفصيح، والرد على المفضل الضبي في الرد على الخليل، وكتاب الهداية، وكتاب المقصور والممدود، وكتاب غريب الحديث، وكتاب معاني الشعر، وكتاب الحي والميت، وكتاب التوسط بين الأخفش وثعلب في تفسير القرآن، وكتاب خبر قس بن ساعدة، وكتاب الأضداد، وكتاب أخبار النحاة، وكتاب الرد على الفراء في المعاني. وله عدة كتب شرع فيها ولم يكملها.

أبو علي بن المديني عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي، والد علي بن المديني. قال النسائي: متروك. وقال ابن حبان: يأتي بالأخبار مقلوبة حتى كأنها معمولة. مات في جمادى الأولى سنة ثمان وسبعين ومائة. وروى له الترمذي وابن ماجه.

ابن جعفر البرمكي عبد الله بن جعفر بن يحيى بن خالد، أبو محمد البرمكي، ابن وزير الرشيد. روى عنه مسلم وأبو داود. وقال الدارقطني: ثقة. وتوفي في حدود الأربعين ومائتين.

أبو محمد الإصبهاني عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس؛ أبو محمد الإصبهاني. كان ثقة، عابدا. قال أبو الشيخ؛ سمعت أبا عمر القطان يقول: رأيت عبد الله بن جعفر في النوم فقلت له: ما فعل الله بك? فقال: غفر لي وأنزلني منزلة الأنبياء. وتوفي سنة ست وأربعين وثلاثمائة.

ابن الورد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد بن زنجويه، أبو محمد البغدادي، سمع وروى وكان من الصالحين. وتوفي سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة.

المخرمي المدني عبد الله بن جعفر المخرمي المدني الفقيه. كان مفتيا عارفا بالمغازي. وثقه أحمد وغيره. وقال ابن معين: صدوق، وليس بثبت. وأما ابن حبان فأنه أسرف في توهينه. وكان ابن حنبل يرجحه على ابن أبي ذئب لفضله ومروءته وإتقانه. وكان قصيرا جدا. وتوفي سنة سبعين ومائة. وروى له مسلم والأربعة.

الرقي عبد الله بن جعفرالرقي، مولى آل عقبة بن أبي معيط. وثقه ابن معين وغيره. وتوفي سنة عشرين ومائتين. وروى له الجماعة.

الجواد

 

صفحة : 2374

 

عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الجواد. له صحبة ورواية. ولد بالحبشة من أسماء بنت عميس. يقال إنه لم يكن في الإسلام أسخى منه. وروى عنه أبويه وعن عمه علي وهو آخر من رأى النبي صلى الله عليه وسلم من بني هاشم. سكن المدينة وتوفي سنة ثمانين للهجرة. وروى له الجماعة. وهو أول مولود ولد في الإسلام بالحبشة. وكان يسمى بحر الجود، وكان لا يرى بسماع الغناء بأسا. وكان إذا قدم على معاوية أنزله داره وأكرمه، وكان ذلك يغيظ فاخته بنت قرظة ابن عبد عمرو بن نوفل؛ زوج معاوية، فسمعت ليلة غناء عند عبد الله بن جعفر فجاءت إلى معاوية فقالت: تعال فاسمع ما في منزل هذا الرجل الذي جعلته بين لحمك ودمك فجاء فسمع وانصرف؛ فلما كان آخر الليل سمع معاوية قراءة عبد الله بن جعفر فأنبه فاختة فقال: إسمعي مكان ما اسمعتني ويقولون إن أجواد العرب في الإسلام عشرة؛ فأجواد أهل الحجاز عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب، وسعيد بن العاص بن سعيد بن العاص. وأجواد أهل الكوفة عتاب بن ورقاء أحد بني رياح بن يربوع، وأسماء بن خارجة بن حصن الفزاري، وعكرمة بن ربعي الفياض أحد بني تيم الله بن ثعلبة.وأجواد أهل البصرة عمربن عبيد الله بن معمر، وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي - وهو طلحة الطلحات، وعبيد الله بن أبي بكرة وأجواد أهل الشام خالد بن عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية. وليس في هؤلاء كلهم أجود من عبد الله بن جعفر؛ عوتب في ذلك فقال: إن الله عودني عادة وعودت الناس عادة فأخاف إن قطعتها قطعت عني وأخباره في الجود كثيرة مشهورة.

محيي الدين الصالح الكوفي عبد الله بن جعفر بن علي بن صالح محيي الدين الأسدي الكوفي النحوي الحنفي، ابن الصباغ. أحد الأعلام. ولد سنة تسع وثلاثين وستمائة وتوفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة. أجاز له رضي الدين الصاغاني والموفق الكواشي وبالعامة من ابن الخير، وألقى الكشاف دروسا مرات. وله أدب وفضائل. نظم الفرائض، وفيه عبادة وزهادة، وله جلالة. عرض عليه تدريس المستنصرية فأبى. كتب عنه العفيف المطري وأجاز لابن رافع المفيد، وكان فاضل الكوفة.

عفيف الدين كاتب صاحب اليمن عبد الله بن جعفر التهامي، عفيف الدين أحد كتاب الإنشاءللملك المؤيد صاحب اليمن. توفي سنة أربع عشرة وسبعمائة ببلدة من أعمال الجثة. كان فيه ديانة حسن السيرة. نقلت من خط الشيخ تاج الدين اليمني: كان يملي على أربعة قريضا من فيه على غرض طالبه ومستدعيه من غير لعثمة ولا فأفأة ولا تمتمة في أوزان مختلفة، وقواف غير متآلفة. بلغ السبعين وهو مشتمل برداء الدين. قال يمدح الملك المؤيد وقد سار إلى عدن من تعز وعيد بها: من الكامل

أعلمت من قاد الـجـبـال خـيولا                      وأفاض من لمع السـيوف سـيولا

وأماج بحرا مـن دلاص سـابـغ                      جرت أسود الغـاب مـنـه ذيولا

ومن القسي أهلة مـا ينـقـضـي                      منها الخضاب على النصول نصولا

وتزاحمت سمر القنا فتعـانـقـت                      قربا كما يلقى الـخـيل خـلـيلا

فالغيث لا يلقى الطريق إلى الثرى                      والريح فيهـا لا تـطـيق دخـولا

سحب سرت فيها السيوف بوارقـا                      وتجاوبت فيها الرعـود صـهـيلا

طلعت أسنتها نجوما في الـسـمـا                      فتبادرت عنـا الـنـجـوم أفـولا

تركت ديار الملـحـدين طـلـولا                      مما تبيح بهـا دمـا مـطـلـولا

والأرض ترجف تحتها في أفكـل                      والجو يحسب شـلـوه مـأكـولا

حطمت جحافلها الجحافل حطـمة                      تدع الحمام مع القـتـيل قـتـيلا

طلبوا الفرار فمد أشطان الـقـنـا                      فأعاد معقلهم بـهـا مـعـقـولا

عرفوا الذي جهلوا فكل غضنـفـر                      في الناس عاد نـعـامة إجـفـيلا

ملك إذا هاجـت هـوائج بـأسـه                      جعل العزيز من الملـوك ذلـيلا

بحر إلى بحر يسـير بـمـثـلـه                      والملح أحقر أن يكـون مـثـيلا

 

صفحة : 2375

 

قلت: شعر جيد. ومن شعر عفيف الدين، وقد أمر الملك المؤيد أن تطرح دراهم كثيرة في بركة صافية وأن ينزل الخدم والحاضرون للغوص عليها: من المتقارب

أرى بركة قد طمى ماؤها                      وفي قعرها ورق منتثـر

فيا ملك الأرض هذي السما                      وهذي النجوم وأنت القمر وقال وقد أمر الملك المؤيد الندامى أن يقطعوا عناقيد عنب فقطع عفيف الدين عنقودا وحمله إلى السلطان وهو يقول: من الكامل

جاء ابن جعفر حاملا بيمـينـه                      عنقود كرم هو من نعـمـاكـا

يقضي الزمان بأن نصرك عاجل                      يأتي إليك برأس من عـاداكـا وقال وقد حضر الخروف المغني من الشام سنة ثلاثين وسبعمائة وغنى بين يدي السلطان: من الخفيف

إن أيامـكـم لأمـن ويمــن                      وأمان في كل بدو وحـضـر

هيبة منك صالحت بين سرحـا                      ن وسخل وبين صقر وكـدري

من المعجـزات أن خـروفـا                      يرفع الصوت وهو عند الهزبر قلت: كذا نقلته من خط الشيخ تاج الدين اليمني قوله: أمن ويمن وأمان والأمن والأمان واحد.

الأطرابلسي عبد الله بن جعفر الأطرابلسي. معروف بالأدب والشعر، وهو القائل يرثي يوسف بن عبد الله العراقي - وتوفي يوسف سنة إحدى وثلاثين ومائتين: من البسيط

أضحى بيوسف قلبي اليوم محزونا                      إذ قيل أصبح تحت الترب مدفونا

وغالـه قـدر لا بـد يدركـنـا                      وسوف حقا كما أفناه يفـنـينـا

لله در أبي يعقوب ما فـجـعـت                      به الأحبة إذ قامـوا يبـكـونـا

قد كان زينا لهم في النائبـات إذا                      حلت وكان أصيل الرأي مأمونـا قلت: شعر نازل.

صاحب لورقة عبد الله بن جعفر؛ أبو محمد الكلبي. كان أبوه شاعرا، رئيسا في بلده، جليل القدر. وحصل لابنه عبد الله في معقل لورقة من مملكة مرسية رياسة من جهة العلم والأبوة. ولما اختلت الأندلس على الملثمين قدمه أهل لورقة وملكوه فرأى الأمور منحلة فاختفى، وطلب العافية وانخلع عن الملك. وصفه ابن الإمام صاحب كتاب السمط، فقال: روض الأدب الزاهر وطود الشرف الباهر الذي ملأ الدنيا زينا وأعاد آثار الملك عينا.

ومن شعره: من الخفيف

لست أرضي إلا النجوم سميرا                      لا أرى غيرها لمجدي نظيرا

بيننا في الظلام أسرار وحـي                      يرجع الليل من سناها منيرا

ولقد أفهمت وأفهمت عنـهـا                      وجعلنا حديثنـا مـسـتـورا خطيب غرناطة عبد الله بن أبي جمرة المالكي الإمام، أبو محمد خطيب غرناطة. روى عن أبي الربيع ابن سالم بالإجازة، وأقام مدة بسبتة، وولي خطابة غرناطة في أواخر عمره. خطب يوم الجمعة وخر من المنبر ميتا وذلك بعد سنة عشر وسبعمائة.

عبد الله بن الحارث

عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي المدني، نزيل البصرة، الملقب ببه - باء موحدة مفتوحة وباء أخرى مشددة مفتوحة وهاء - قيل: أمه هند أخت معاوية. إصطلح أهل البصرة على تأميره عند هروب عبيد الله بن زياد إلى الشام. توفي سنة أربع وثمانين للهجرة. وروى له الجماعة وإنما لقب ببة لأن أمه كانت ترقصه وتقول: من مجزوء الرجز

لأنكحن ببه جـارية                      خدبة مكرمة محبه قال ابن عبد البر: أجمعوا عن أنه ثقة فيما روى ولم يختلفوا. روى عنه عبد الملك بن عمير، ويزيد بن أبي زياد، وبنوه عبد الله وعبيد الله وإسحاق.

أخو جويرية أم المؤمنين عبد الله بن الحارث بن أبي ضرار الخزاعي. هو أخو جويرية بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في فداء أسارى بني المصطلق وغيب في بعض الطريق ذودا كن معه وجارية سوداء؛ فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم فما جئت به? قال: ما جئت بشيء قال: فأين الذود والجارية السوداء التي لا غيبت بموضع كذا وكذا? قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله والله ما كان معي أحد، ولا سبقني إليك أحد، فأسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:لك الهجرة حتى تبلغ برك الغماد.

الزبيدي

 

صفحة : 2376

 

عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، أبو الحارث. شهد فتح مصر وهو آخر الصحابة موتا بها توفي بقرية سفط القدور - وقد عمي - في سنة ست وثمانين للهجرة. وهو ابن اخي محمية ابن جزء الزبيري. روى عنه جماعة من المصريين؛ منهم يريد بن أبي حبيب. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة.

المكتب الزبيدي عبد الله بن الحارث المكتب الزبيدي الكوفي. روى عن ابن مسعود وجندب بن عبد الله وطليق بن قيس. وتوفي في حدود التسعين للهجرة. وروى مسلم والأربعة.

أبو الوليد عبد الله بن الحارث، أبو الوليد. زوج أخت محمد بن سيرين. روى عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس. وتوفي في حدود المائة للهجرة. وروى له الجماعة.

المخزومي عبد الله بن الحارث بن هشام المخزومي. قال ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم. يقال إن حديثه مرسل، ولا صحبة له، والله أعلم، إلا أنه ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

عبد الله بن حبيب

أبو محجن الثقفي عبد الله بن حبيب؛ أبو محجن الثقفي. كان فارسا، شاعرا من معاقري الخمر. أقام عليه عمر الحد الحد مرات ولم ينته؛ فنفاه إلى جزيرة في البحر يقال لها حضوضى وبعث معه حرسيا؛ فهرب منه على ساحل البحر، ولحق بسعد بن أبي وقاص وقال: من البسيط

الحمد لله نجاني وخـلـصـتـنـي                      من ابن جهراء والبوصي قد حبسـا

من يجشم البحر والبوصي مركـبـه                      إلى حضوضي فبئس المركب التمسا

أبلغ لديك أبا حفـص مـغـلـغـلة                      عند الإله إذا ما غار أو جـلـسـا

أني أكر على الأولـى إذا فـزعـوا                      يوما وأحبس تحت الراية الفـرسـا

أغشى الهياج وتغشاني مضـاعـفة                      من الحديد إذا ما بعضهم خـنـسـا فبلغ عمر خبره، فكتب إلى سعد فحبسه فلما كان يوم قس الناطف والتحم القتال سأل أبو محجن امرأة سعد أن تعطيه فرس سعد وتحل قيده ليقاتل المشركين؛ فإن استشهد فلا تبعة عليه، وإن سلم عاد حتى يضع في رجله القيد. فأعطته الفرس وحلت قيده وخلت سبيله وعاهدها علىالوفاء فقاتل فأبلى بلاء حسنا إلى الليل ثم عاد إلى محبسه وقال: من الوافر

لقد علمت ثقيف غير فخـر                      بأنا نحن أكرمهم سـيوفـا

أكثرهم دروعا سـابـغـات                      وأصبرهم إذا كرهوا الوقافا

وأنا وفدهـم فـي كـل يوم                      وإن جحدوا فسل بهم عريفا

وليلة قادس لم يشعروا بـي                      لوم اكره بمخرجي الزحوفا

فإن أحبس فقد عرفوا بلائي                      وإن أطلق أجرعهم حتوفـا فقالت له سلمى امرأة سعد: يا أبا محجن في أي شيء حبسك هذا الرجل? فقال: أما والله ما حبسني لحرام أكلته ولا شربته ولكني كنت صاحب شراب في الجاهلية وأنا امرؤ شاعر يدب الشعر على لساني فأنفثه أحيانا فحبسني لقولي: من الطويل

إذا مت فادفني إلى أصل كـرمة                      تروي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفنني في الفـلاة فـإنـنـي                      أخاف إذا ما مت أن لا أذوقهـا فأتت سعدا وخبرته خبر أبي محجن فدعا به وأطلقه وقال: إذهب فلست مؤاخذك بشيء تقوله حتى تفعله فقال: لا جرم والله لاأجيب بلساني إلى صفة قبيح أبدا. وهو القائل: من البسيط

لا تسألي الناس عن مالي وكثرتـه                      وسائلي الناس ما فعلي وما خلقي

أعطي السنان غداة الروع صحتـه                      وعامل الرمح أرويه من العلـق

وأطعن الطعنة النجلاء عن عرض                      وأحفظ السر فيه ضربة العـنـق

وقد أجود وما مالي بـذي قـنـع                      وقد أكر وراء المحجر الـفـرق

والقوم أعلم أني من سـراتـهـم                      إذا سما بصرالرعديدة الشـفـق

سيكثر المال يوما بعـد قـلـتـه                      ويكتسي العود بعد اليبس بالـورق أبو عبد الرحمان السلمي المقرئ عبد الله بن حبيب بن ربيعة؛ أبو عبد الرحمان السلمي. مقرئ الكوفة بلا مدافعة. قرأ القرآن على عثمان وعلي وابن مسعود وسمعهم. وتوفي في حدود الثمانين للهجرة. وروى له الجماعة.

زكي الدين الكاتب

 

صفحة : 2377

 

عبد الله بن حبيب، زكي الدين، الكاتب الأستاذ المجود، أو حد عصره في الخط ببغداد. كان شيخ رباط. عاش ستا وسبعين سنة. وتوفي سنة ثلاث وثمانين وستمائة.

الذبياني عبد الله بن الحجاج، من بني ذبيان، شاعر مكثر، فاتك شجاع. كان من أصحاب عبد الله بن الزبير وشيعته فلما قتل عبد الله احتال ابن الحجاج حتى دخل على عبد الملك وهو يطعم الناس، فدخل وجلس حجرة فقال له: ما لك ياهذا لا تأكل? فقال: لا أستحل أن آكل حتى تأذن لي قال: إني قد أذنت للناس جميعا قال: لم أعلم أفآكل بأمرك? قال: كل وعبد الملك ينظر إليه ويعجب من فعاله، فلما أكل الناس جلس عبد الملك في مجلسه وجلس خواصه بين يديه، وتفرق الناس وجاء عبد الله بن الحجاج فوقف بين يديه ثم استأذن في الإنشاد فأذن له فأنشد: من الكامل

أبلغ أمير المؤمنين بـأنـنـي                      مما لقيت من الحوادث موجع

منع القرار فجئت نحوك هاربا                      جيش يجر ومقنب يتـلـمـع فقال عبد الملك: وما خوفك لا أم لك، لولا أنك مريب? فقال:

إن البلاد علي وهي عريضة                      وعرت مذاهبها وسد المطلع فقال عبد الملك: ذلك بما كسبت يداك وما الله بظلام للعبيد فقال:

كنا تنحلنا الـبـصـائر مـرة                      وإليك إن عمي البصائر نرجع

إن الذي يعصيك منا بعـدهـا                      من دينه وحـياتـه مـتـودع

آني رضاك ولا أعود لمثلـهـا                      وأطيع أمرك ما أمرت وأسمع

أعطي نصيحتي الخليفة راجعا                      وخزامة الأنف المقود فأتبـع فقال عبد الملك: هذا لا نقبله منك إلا بعد المعرفة بك وبذ نبك فإذا عرفنا الحوبة قبلنا التوبة، فقال:

ولقد وطئت بني سعـيد وطـأة                      وابن الزبير فعرشه متضعضع فقال عبد الملك: الحمد لله رب العالمين. فقال:

ما زلت تضرب منكبا عن منكب                      تعلو ويسفل غيركم مـا يرفـع

ووطئتهم في الحرب حتى أصبحوا                      حدثا يكوس وغابـرا يتـفـجـع

فحوى خلافتهم ولم يظلـم بـهـا                      القرم قرم بني قضـي الأقـرع

لا يستوي خـاوي نـجـوم أفـل                      والبدر منبلجـا إذا مـا يطـلـع

وضعت أمية واسطين لقومـهـم                      ووضعت وسطهم فنعم الموضع

بيت أبو العاصي بنـاه بـربـوة                      عالي المشارف عزه مـا يدفـع فقال عبد الملك: إن توريتك عن نفسك تريبني، فأي الفسقة أنت? وماذا تريد? فقال:

فانعش أصييبتي الألاء كأنهم                      حجل تدرج بالشربة جوع فقال عبد الملك: لا نعشهم الله وأجاعهم فقال:

مال لهم مما يضن جمعتـه                      يوم القليب فحيز عنهم أجمع فقال له عبد الملك: مال أخذته من غير حله وأنفقته في غير حق وأرصدت به لمشاقة أولياء الله. فقال:

أدنو لترحمني وتجبر فاقتي                      وأراك تدفعني فأين المدفع فتبسم عبد الملك وقال: إلى النار فمن أنت? قال: أنا عبد الله بن الحجاج الذبياني الثعلبي، وقد دخلت دارك وأكلت طعامك وأنشدتك فإن قتلتني بعد ذلك فأنت بما عليك في هذا عارف، وعاد إلى إنشاده فقال:

ضاقت ثياب الملبسين وفضلهم                      عني فألبسني فثوبك أوسـع فشد عبد الملك الرداء الذي كان على كتفه وقال: إلبسه لا لبست فالتحف به. فقال له عبد الملك: أولى لك والله لقد طاولتك طمعا في أن يقوم إليك بعض هؤلاء فيقتلك فأبى الله فلا تجاورني في بلد وانصرف آمنا فأقم حيث شئت.

السهمي

 

صفحة : 2378

 

عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم القرشي السهمي، أبو حذافة. أسلم قديما، وكان من المهاجرين، هاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذاقة، في قول ابن إسحاق والواقدي، ولم يذكره أبو موسى، وأبو معشر. وهو أخو الأخنس بن حذافة وخنيس بن حذافة الذي كان زوج حفصة قبل النبي صلى الله عليه وسلم. يقال إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين. قال ابن عبد البر: كان عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى يدعوه إلى الإسلام، فمزق كسرى الكتاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم مزق ملكه. وقال: إذا مات كسرى فلا كسرى بعده وعبد الله هذا هو القائل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال، سلوني عما شئتم: من أبي يارسول الله? فقال: أبوك حذافة بن قيس. فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعق منك أمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء الجاهلية فتفضحها على أعين الناس فقال: والله لو ألحقني بعبد أسود للحقت به وكانت في عبد الله دعابة معروفة. عن الليث بن سعد قال: بلغني أنه حل حزام راحلة النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى كاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع، قال ابن وهب: فقلت لليث: ليضحكه? قال: نعم، كانت فيه دعابة. ومن دعابته أنه أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا، فلما أوقدوها أمرهم بالتقحم فيها فأبوا، فقال: ألم يأمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم بطاعتي? وقال: من أطاع أمره فقد أطاعني? فقالوا: ما آمنا بالله واتبعنا رسوله إلا لننجو من النار فصوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق قال الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم. وصلى عبد الله بن حذافة فجهر بصلاته، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناج ربك بقراءتك يا ابن حذافة ولا تسمعني وأسمع ربك. وتوفي عبد الله بن حذافة في حدود الثلاثين في خلافة عثمان. وروى له النسائي.

تم الجزء السابع عشر من الوافي بالوفيات للعلامة صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي تغمده الله برحمته

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رب أعن

عبد الله بن الحر

كان صالحا عابدا، كوفيا خرج إلى الشام وقاتل مع معاوية. ولما استشهد علي رجع إلى الكوفة وخرج عن الطاعة وتبعه طائفة. ولما مات معاوية عاث في مال الخراج بالمدائن فظفر به مصعب فسجنه، وشفع فيه فأخرج فعاد إلى الفساد والخروج، وندم مصعب ووجه عسكرا لحربه، فكسرهم. ثم إنه قتل في آخر سنة ثمان وستين للهجرة.

عبد الله بن الحسن

أبو بكر الحنبلي عبد الله بن حسن بن عبد الرحمان بن شجاع المروزي، أبو بكر. كان فاضلا، أديبا حنبلي المذهب، عالما بالنحو على مذهب الكوفيين. له تأليف في النحو على مذهبهم. مات في حدود أربع وعشرين وأربعمائة. ودخل الأندلس وحمل أهلها عنه.

خشويه الكاتب عبد الله بن الحسن بن أيوب بن زياد المعروف بخشويه - بفتح الخاء المعجمة وضم الشين المعجمة المشددة وبعد الواو ياء آخر الحروف وهاء - الإصبهاني. أحد بلغاء زمانه. دخل بغداد واتصل بعمرو بن مسعدة، فكان يكتب له، وعامة رسائل عمرو له. ثم ارتفع حتى كان يوقع بين يدي المأمون. ثم رشح للوزارة فامتنع منها. وأقطعه المأمون ضياعا بإصبهان. ومن شعره: من الخفيف أبرزت للسلام كفا خضيبا واستطالت للشوق عهدا قريبا وشكت ما اشتكيت من ألم البي - ن وقد أزمع الخليط المغيبا حاذرت أعينا وخافت رقيبا فأقامت على الرقيب رقيبا حبذا عقدها أناملها اليس - رى ببعض اليمنى تعد الذنوبا أبو الغنائم العلوي

 

صفحة : 2379

 

عبد الله بن الحسن بن الحسن بن محمد بن الحسين بن عيسى بن يحيى ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو الغنائم النسابة ابن القاضي أبي محمد الزيدي. تصانيفه تدل على الاعتزال والتشيع. صنف كتابا في النسب يزيد على عشر مجلدات سماه نزهة عيون المشتاقين إلى وصف السادة الغر الميامين. لقي جماعة من النسابين أخذ عنهم علم النسب. وسافر البلاد ولقي الأشراف والعلويين، واستقصى أنسابهم. ومن شعره وقد ودع الشريف أبا يعلى حمزة بن الحسن بن العباس القاضي فخر الدولة بمصر: من البسيط

أستودع الله مولاي الشريف وما                      يحويه من نعم تبقى ويبلـيهـا

كأنني وقت توديعي لحضرتـه                      ودعت من أجله الدنيا وما فيها فأقسم عليه أن يقيم فأقام، وأنعم عليه.

أبو محمد الهاشمي عبد الله بن الحسن بن الفياض، أبو محمد الهاشمي من شعره: من الطويل

رسالة مشتاق أضر بقلـبـه                      لهيب ضرام الشوق لما تأججا

فأهدى سلاما بالمعاذير معجما                      ولا غرو للمشتاق أن يتلجلجا الجبائي عبد الله بن أبي الحسن بن أبي الفرج الجبائي، أبو محمد الطرابلسي. كان أبوه نصرانيا فأسلم هو في صغره، وحسن إسلامه، وحفظ القرآن، وقدم بغداد، وصحب الشيخ بن عبد القادر الجيلي، وتفقه لأحمد بن حنبل، وسمع من القاضي أبي الفضل محمد بن عمر الأرموي، واحمد بن أبي غالب بن الطلاية ومحمد بن عبيد الله الزاغوني، والحافظ ابن ناصر، وجماعة. وكتب بخطه وسمع بإصبهان وحصل النسخ. وتوفي سنة خمس عشرة وستمائة بإصبهان.

أبو محمد الطبسي عبد الله بن الحسن بن محمد بن محمد بن أبي نصر بن أحمد الطبسي، أبو محمد، سمع بنيسابور الأستاذ أبا القاسم عبد الكريم ابن هوازن القشيري، وأبا حامد أحمد بن الحسن الأزهري، والفضل ابن عبد الله بن محمد بن المحب، وجماعة كثيرة. كان موصوفا بالحفظ والمعرفة وسعة الرحلة، وكان خطه رديا. توفي بمرو الروذ سنة أربع وتسعين واربعمائة.

أبو محمد العلوي عبد الله بن الحسن بن مسلم، أبو محمد العلوي. من أهل المدينة شاعر مقدم. قدم بغداد ومدح الإمام المستظهر.

ومن شعره: من الكامل

لله أيامي علـى وادي الـحـمـى                      ما كان أطيب ظلهن وأنـعـمـا

أيام وصلي لـلأحـبة مـمـكـن                      والدهر يسعدني على ذات اللمـى

خود تريك البدر سنة وجـهـهـا                      وتريك منها الليل فرعا أفحـمـا

قالت أتقتلني بـمـزح يا فـتـى                      وتروم هجراني وبعدي قلت مـا

أضمرت هذا يا مـلـيحة إنـمـا                      أضمرت سفك دمي بمزحك ربما

قالت فحبك كامن بين الـحـشـا                      فأجبتها حبي بشخصك قد نـمـا

أنت الذي غطى هواك بسحـبـه                      طرفي وأمطر من محاجري الدما قلت: شعر منحط عماد الدين بن النحاس عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن عبد الباقي بن محاسن، الشيخ عماد الدين أبو بكر بن أبي المجد بن أبي السعادات الأنصاري الدمشقي الأصم، المعروف بابن النحاس. ولد سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وتوفي سنة أربع وخمسين وستمائة. ولد بمصر، ونشأ بدمشق وسمع بها وبحلب ونيسابور. وكان ثقة صالحا فاضلا جليل القدر. حدث له صمم مفرط، وكان يحدث من لفظه وخرج له أبو حامد الصابوني جزءا.

بهاء الدين بن محبوب عبد الله بن الحسن بن إسماعيل بن محبوب، الصدر بهاء الدين المعري الأصل، البعلبكي. ولي نظر الحوائج خاناه ونظر بعلبك، ثم نظر جامع دمشق قليلا، وولي نظر البيمارستان النوري ونظر الأسرى وكان مشهورا بالأمانة والدين والكتابة. وكان عاقلا حسن المحاضرة. حدث عن أبي المجد القزويني. سمع منه أولاده شهاب الدين والرئيس نجم الدين، والشيخ فخر الدين عبد الرحمان، وعلاء الدين الكتبة وبقية الطلبة.وتوفي سنة سبع وسبعين وستمائة.

أخو تاج الدين الكندي عبد الله بن الحسن بن زيد بن الحسن. أبو محمد الكندي، أخو الشيخ تاج الدين. تاجر متميز سمح جواد، سمع من جماعة وروى. وتوفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة.

قاضي القضاة الحنبلي شرف الدين ابن الحافظ

 

صفحة : 2380

 

عبد الله بن الحسن بن عبد الله بن عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور. الشيخ الفقيه الإمام المحدث اللغوي المفتي الصالح الخير قاضي القضاة شرف الدين أبو محمد ابن العلامة شرف الدين ابن الحافظ جمال الدين ابن الحافظ الكبير تقي الدين الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد سنة ست وأربعين وستمائة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة. سمع حضورا سنة ثمان وأربعين وحدث عن مكي بن علان والعراقي والكفرطابي ومحمد بن سعد، سمع منه صحيفة همام، والعماد بن عبد الهادي، واليلداني وخطيب مردا وعلي بن يوسف الصوري، وإبراهيم بن خليل، وأبي المظفر سبط ابن الجوزي وطائفة. وحدث ب صحيح مسلم عن ابن عبد الهادي، وطلب قليلا بنفسه، وقرأ على ابن عبد الدائم والشيخ شمس الدين، وتفقه وبرع في المذهب وأفتى ودرس. وكان خيرا، وقورا، ساكنا، لين الجانب، حسن السمت. ناب في الحكم عن أخيه القاضي شهاب الدين ثم عن ابن مسلم ثم تقلد بعد عز الدين المقدسي فما غير زيه ولا حضر المواكب ولا اتخذ بغلة بل كان يأتي على حمار، وكان مديد القامة، رقيقا، دقيق الصوت، مليح الذهن، حسن المحاضرة ولم يكن محذلقا في أموره. روى الكثير وتفرد. وكان يمل ولا يحتمل تطويل المحدثين. حكم بالبلد إلى العصر وطلع الجبل ففجأة الموت هو يتوضأ للمغرب. وولايته سنة وشهران. وأجاز لي في سنة تسع وعشرين وسبعمائة بدمشق. وكتب عنه بإذنه عبد الله ابن أحمد بن المحب.

أبو محمد العلوي عبد الله بن الحسن بن السيد الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد العلوي، أبو محمد وإبراهيم اللذين خرجا على المنصور. أمه فاطمة ابنة السيد الحسين. قال الواقدي: كان من العباد وكان له شرف وعارضة وهيبة ولسان سديد. وكان ذا منزلة من عمر بن عبد العزيز، أكرمه السفاح ووهب له ألف ألف درهم، قال أبو حاتم والنسائي: ثقة، وسم بباب القادسية، وهو بها مدفون. ووفاته سنة أربع وأربعين ومائة. وروى له الأربعة. وخرج من بيته جماعة تقدم ذكرهم، ويأتي ذكر من بقي منهم.

أبو شعيب الأموي الأديب عبد الله بن الحسن بن أحمد، أبو شعيب الحراني الأموي الأديب. نزيل بغداد، توفي سنة خمس وتسعين ومائتين.

عبد الله بن الحسين

قاضي القضاة الدامغاني عبد الله بن الحسين بن أحمد بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الملك الدامغاني، أبو القاسم، قاضي القضاة ابن القاضي أبي المظفر ابن القاضي أبي الحسين ابن قاضي القضاة أبي الحسن ابن قاضي القضاة أبي عبد الله. أحد الأعيان من أولاد القضاة والعلماء والأئمة والكبراء. قلد القضاء بمدينة السلام سنة ست وثمانين وخمسمائة، وأذن للشهود بالشهادة عنده وعليه فيما يسجله عن الإمام الناصر، ولم يزل على ذلك إلى أن عزل سنة أربع وتسعين وخمسمائة، ولزم منزله وأهمل وخفي ذكره مدة طويلة إلى أن تولى رجل يعرف بابن الخوافي كان ناظرأ في ديوان العرض، فظهرت له وصية إلى القاضي ابن الدامغاني هذا، وكانت بمبلغ من المال فعرضت على الخليفة، فلما رأى اسمه قال: ما علمت أن هذا في الحياة فأمر بإحضاره إلى دار الوزارة وتقليده قضاء القضاة سنة ثلاث وستمائة في شهر رمضان، شافهه بذلك الوزير ابن مهدي وخلع عليه السواد وقرئ عهده في جوامع مدينة السلام، وأسكن بدار الخلافة. ولم يزل على ذلك إلى أن عزل سنة إحدى عشرة وستمائة في شهر رجب، ولزم بيته، وكان محمود السيرة، شديد الأفعال، مرضي الطريقة، نزها، عفيفا، متدينا، عالما بالقضايا والأحكام، غزير الفضل، كامل النبل، له يد في المذهب والخلاف ومعرفة الفرائض والحساب ويعرف الأدب معرفة حسنة، ويكتب خطا حسنا. سمع الحديث من والده وعمه قاضي القضاة أبي الحسن علي ومن أبي الفرج ابن كليب والقاضي أبي محمد الساوي وأبي الفتح ابن الماندائي الواسطي. وحدث باليسير ومولده سنة أربع وستين وتوفي سنة خمس عشرة وستمائة.

القطربلي عبد الله بن الحسين بن سعد القطربلي. صاحب التأريخ. تقلد عمالة بلد إسكاف، وكان من أهل العلم والأدب. وقد حفظ وسمع. وكان راوية لأشعار المحدثين، وقصده الشعراء ليثيبهم. وتوفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

ومن شعره من السريع

جارية أذهلها اللـعـب                      عما يلاقي الهائم الصب

 

صفحة : 2381

 

 

شكوت ما ألقاه من حبها                      فأقبلت تسأل: ما الحب ومنه في عبدون بن مخلد النصراني أخي صاعد لما جلس للمظالم بسر من رأى: من الوافر

إذا حكم النصارى في الفـروج                      وغالوا بالجياد وبـالـسـروج

وولت دولة الأشـراف طـرا                      وآل الأمر في أيدي العـلـوج

فقل للأعـور الـدجـال هـذا                      أوانك إن عزمت على الخروج أبو البقاء العكبري عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين الإمام العلامة، محب الدين، أبو البقاء العكبري البغدادي الأزجي الضرير، النحوي الفرضي الحنبلي، صاحب التصانيف. ولد سنة ثمان وثلاثين وتوفي سنة ست عشرة وستمائة. قرأ على ابن الخشاب وأبي البركات ابن نجاح، وبرع في الفقه والأصول وحاز قصب السبق في العربية. أضر في صباه بالجدري، وكان إذا أراد أن يصنف شيئا أحضرت إليه مصنفات ذلك الفن وقرئت عليه، فإذا حصل ما يريد في خاطره أملاه، وكان يقال: أبو البقاء تلميذ تلامذته وقال الشعر. وقال: جاء إلي جماعة من الشافعية وقالوا: إنتقل إلى مذهبنا ونعطيك تدريس النحو واللغة بالنظامية، فقلت: لو أقمتموني وصببتم الذهب علي حتى واريتموني ما رجعت عن مذهبي وقرأ الأدب على عبد الرحيم بن العصار، والفقه على الشيخ أبي حكم إبراهيم بن دينار النهاوندي. وكان الشيخ أبو الفرج ابن الجوزي يفزع إليه فيما يشكل عليه من الأدب. وكان رقيق القلب، سريع الدمعة. وسمع في صباه من أبي الفتح بن البطي، وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي، وأبي بكر عبد الله بن النقور، وأبي العباس أحمد بن المبارك بن المرقعاني وغيرهم. قال محب الدين ابن النجار: وكان ثقة، صدوقا فيما ينقله ويحكيه، غزير الفضل، كامل الأوصاف، كثير المحفوظ، متدينا، حسن الأخلاق، متواضعا. ذكر لي أنه بالليل تقرأ له زوجته. وله من التصانيف: تفسير القرآن، إعراب القرآن، إعراب الشواذ من القراءات، متشابه القرآن، عدد آي القرآن، إعراب الحديث، المرام في نهاية الأحكام - في المذهب، الكلام على دليل التلازم، تعليق في الخلاف، الملقح من الخطل في الجدل، شرح الهداية لأبي الخطاب، الناهض في علم الفرائض، البلغة - في الفرائض، التلخيص - في الفرائض، الاستيعاب في أنواع الحساب، مقدمة في الحساب، شرح الفصيح، المشوق المعلم في ترتيب كتاب إصلاح المنطق على حروف المعجم، شرح الحماسة، شرح المقامات الحريرية، شرح الخطب النباتية، المصباح في شرح الإيضاح والتكملة، المتبع في شرح اللمع، لباب الكتاب، شرح أبيات كتاب سيبويه، إعراب الحماسة الإفصاح عن معاني أبيات الإيضاح، تلخيص أبيات الشعر لأبي علي، المحصل في إيضاح المفصل، نزهة الطرف في إيضاح قانون الصرف، الترصيف في علم التصريف، اللباب في عللل البناء والإعراب، الإشارة في النحو - مختصر، مقدمة في النحو، أجوبة المسائل الحلبيات، التلخيص في النحو، التلقين في النحو، التهذيب في النحو، شرح شعر المتنبي، شرح بعض قصائد رؤبة، مسائل في الخلاف في النحو، تلخيص التنبيه لابن جني، العروض - معلل، العروض - مختصر، مختصر أصول ابن السراج، مسائل نحو مفردة، مسألة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما يرحم الله من عباده الرحماء، المنتخب من كتاب المحتسب، لغة الفقه. ومن شعره يمدح الوزير ابن مهدي: من الخفيف

بك أضحى جيد الزمان محـلـى                      بعد أن كان من علاه مخـلـى

لا يجاريك في نجـاريك خـلـق                      أنت أعلى قدرا وأغلى مـحـلا

دمت تحيي ما قد أميت من الفض                      ل وتنفي فقرا وتطرد مـحـلا ابن رواحة الحموي الخطيب عبد الله بن الحسين بن رواحة بن إبراهيم بن عبد الله بن رواحة بن عبيد بن محمد بن عبد الله بن رواحة، أبو محمد الأنصاري الخزرجي الحموي. كان خطيب حماة، وكان من ذوي الفضل والنبل، والرياسة والديانة والصيانة. قدم بغداد حاجا ومدح المقتفي بقصائد وشرف بالخلع والعطاء. وتوفي سنة إحدى وستين وخمسمائة، وبلغ من العمر خمسا وسبعين سنة.

ومن شعره: من الوافر

لمن تلك المعالم والرسـوم                      كأن بقية منـهـا وشـوم

تلوح لنا خلال هضاب نجد                      كما لاحت لناظرها النجوم ومنه: من الكامل

 

صفحة : 2382

 

 

أعلاق وجد القلب من إعلاقه                      وتصاعد الزفرات من إحراقه ومنه: من الطويل

أتعرف رسما دارس الآي بالحمى                      عفا وتهاداه السحاب فأطسـمـا

سلوت الهوى أيام شرخ شبيبتـي                      فهل رغبة فيه إذا الشـيب عـم

وقالوا مشيبا كالنجوم طـوالـعـا                      وما حسن ليل لا ترى فيه أنجما ومنه من البسيط

دبت عذاراه في ميدان وجنـتـه                      حتى كأن نمالا في تسـتـبـق

ليس السواد بشعر إنما نفضـت                      على ملاحتها من صبغها الحدق

كأن حبة قلبي خال وجـنـتـه                      لونا فمختلف منـا ومـتـفـق

ضدان هذا بنور الحسن محترق                      سحرا وهذا بنار الحزن محترق ومنه: من الطويل

وما الشمس في وسط السماء ودونها                      حجاب من الغيم الرقيق مـفـرق

بأحسن منها حين تستر وجـهـهـا                      حياء وتبـديه لـعـلـي أرمـق ومنه: من الوافر

إلهي ليس لي مـولـى سـواكـا                      فهب من فضل فضلك لي رضاكا

وإن لا ترض عني فاعف عـنـي                      لعلي أن أجـوز بـه حـمـاكـا

فقد يهب الكريم ولـيس يرضـى                      وأنت مـحـكـم فـي ذا وذاكـا عز الدين ابن رواحة عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة وباقي نسبه تقدم في ذكر جده آنفا المسند عز الدين أبو القاسم الأنصاري الخزرجي الحموي الشافعي، ولد بجزيرة من جزائر المغرب وهي صقلية وأبوه بها مأسور في سنة ستين وخمسمائة. وكان أبوه قد أسر وهو حمل بها، ثم يسر الله بخلاصهم. وهو من بيت علم وعدالة. رحل أبوه إلى الإسكندرية وكان له شعر وسط يأخذ به الصلات، وحدث بأماكن عديدة، وتوفي سنة ست وأربعين وستمائة بين حلب وحماة ونقل إلى حماة. ومن شعره: من الوافر

رحلت ولم تودع منك خـلا                      صفا كدر الزمان به وراقا

ولكن خاف من أنفاس وجدي                      إذا أبرى الوداع به احتراقا

وكأس الشوق منذ نأيت عني                      أكابدها اصطباحا واغتباقـا السامري المقرئ عبد الله بن الحسين بن حسنون، أبو أحمد السامري البغدادي المقرئ، مسند ديار مصر في القراآت. قال الشيخ شمس الدين في أخر ترجمته: وقد بان ضعفه فيا حينه وتوفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

أبو محمد الفارسي الكاتب عبد الله بن الحسين الفارسي، أبو محمد الكاتب. أديب، راوية للأخبار. روى عن أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري، وأبي الفرج علي بن الحسين الإصبهاني، والقاضي أبي القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم التنوخي، وأبي طالب محمد بن زيد العطار، وأبي سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان وغيرهم. وروى عنه أبو عبد الرحمان محمد بن الحسين السلمي النيسابوري.

مجد الدين مدرس القيمرية عبد الله بن الحسين بن علي، الشيخ الإمام مجد الدين أبو بكر الكردي الزرزاري الشافعي، إمام المدرسة القيمرية بدمشق. أم بالتربة الظاهرية ودرس بالكلاسة. وكان خيبرا بالمذهب، عارفا بالقراآت، صاحب زهد. توفي سنة سبع وسبعين وستمائة. روى عن الحافظ يوسف بن خليل وقرأ القراآت على أبي عبد الله الفاسي في غالب الظن وهو والد المفتي شهاب الدين والشيخ ركن الدين، والشيخ عفيف الدين المحمدين ابن أبي التائب عبد الله بن الحسين ابن أبي التائب ابن أبي العيش، الشيخ، المسند المعمر، الشاهد، بدر الدين أبو محمد الأنصاري الدمشقي أحد الضعفاء. ولد سنة اثنتين أو ثلاث وأربعين، وتوفي سنة خمس وثلاثين وسبعمائة، سمع من أخيه إسماعيل كثيرا من مكي بن علان والرشيد العراقي، وابن لنور البلخي، وعثمان ابن خطيب القرافة، وإبراهيم بن خليل، وعبد الله ابن الخشوعي وعدة. وروى الكثير وتفرد وعمر دهرا. كان لا يصدق في مولده في آخر عمره ويزعم أنه تجاوز المائة، وألحق مرة بخطه الوحش اسمه مع أخيه فيما لم يسمعه فما روى من ذلك كلمة وشرع يطلب على الرواية. وأجاز لي بخطه سنة تسع وعشرين وسبعمائة بدمشق.

ابن الحشرج القرشي

 

صفحة : 2383

 

عبد الله بن الحشرج. كان سيدا من سادات قريش وأميرا من أمرائها، وكان جوادا. تولى أعمال فارس وكرمان وأعطى بخراسان حتى أعطى منشفته التي كانت عليه وأعطى لحافه وفراشه، فقالت امرأته: لشد ما تلاعب بك الشيطان وصرت من إخوته مبذرا، كما قال الله عز وجل:  إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين...، فقال لرفاعة بن زوي النهدي - وكان صديقه: ألا تسمع إلى أب ما قالت هذه? فقال: صدقت والله وبرت.فقال ابن الحشرج: من الطويل

تلوم علي إتلافي المال خلـتـي                      ويسعدها نهد بن زيد على الزهد

أنهد بن زيد لست منكم فتشفقـوا                      علي ولا منكم غواتي ولا رشدي

سأبذل مالي إن مـالـي ذخـيرة                      لعقبى وما أجني به ثمر الخلـد

ولست بمبكاء على الزاد بـاسـل                      يهر على الأزواد كالأسد الـورد

ولكنني سمح بمـا حـزت بـاذل                      لما كلفت كفاي في الزمن الجحد

بذلك أوصاني الرقاد وقـبـلـه                      أبوه بأن أعطي وأوفي بالعهـد الرقاد: كان أحد عمومته. قدم عليه زياد الأعجم وهو أمير على نيسابور فأنزله وبعث بما يحتاج إليه فغذا عليه فأنشده: منا الكامل

إن السماحة والمـروءة والـنـدى                      في قبة ضربت على ابن الحشرج

ملـك أغـر مـتـوج ذو نـائل                      للمعتفين يمـينـه لـم تـشـنـج

يا خير من صعد المنابر بالتـقـى                      بعد النبي المصطفى المتـحـرج

لما أتيتـك راجـيا لـنـوالـكـم                      ألفيت باب نوالـكـم لـم يرتـج الصدفي عبد الله بن الحصين الصدفي - قرية على خمسة فراسخ من القيروان. قال ابن رشيق: له شعر طائل ومعان غريبة واهتداء حسن مع دارية بالنحو ومعرفة بالغريب واطلاع على الكتب. صحب العلماء قديما إلا أنه خامل رث الحال يطرح نفسه حيث وجد قناعة منه حتى أن بعضهم سماه سقراط لتلك العلة تشبيها به. وربما أقام أحم الناس به حولا كاملا لا يقع عليه نفورا ولواذا فشعره لذلك قليل بأيدي الناس لا أعرف منه إلا أبياتا كتبها إلي في شكر بن مروان القفصي وهي: من البسيط

لا أستكين إلى الأيام أعذلـهـا                      ولا عن الناس والحاجات أسألها

ولي أخ من بني الآداب همتـه                      بين السماك وبين النسر منزلها

ولو أرادت علوا فوق ذا لعلـت                      لكنها اقتربت ممن يؤمـلـهـا الزهري أبو بكر عبد الله بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري، أبو بكر. روى عن ابن عمر وأنس وعروة بن الزبير. وكان ثقة. وتوفي في حدود المائة والعشرين. وروى له جماعة.

عبد الله بن حمدان

أبو محمد النديم عبد الله بن حمدان بن إسماعيل، أبو محمد النديم. أديب، شاعر فاضل. روى عن أبيه وعن ابن المعتضد. وروى عنه إبراهيم بن محمد نفطويه، والصولي محمد بن يحيى، وأبو عبد الله الحكيمي ومحمد بن عبد الملك التاريخي. توفي سنة تسع وثلاثمائة. كتب إلى أبي العباس ابن المعتز يستهديه إزارا: من مجزوء البسيط

يا سيدي ليس لي قرار                      لأنه لـيس لـي إزار

فجد به معلمـا سـريا                      يحكيه في الرقة الغبار

ألبسه قـبـل رائعـات                      لا خمر فيها ولا خمار فوجه إليه من ساعته وكتب إليه: من الطويل

طلبت إزارا دلني إذ طلـبـتـه                      على بعض ما تطويه عنا وتخفيه

فدونـكـه ودون قـدرك قـدره                      ويا ليت شعري من تضاجعه فيه  ?عبد الله بن حمران

توفي سنة ست ومائتين. وروى له مسلم وأبو داود والنسائي.

?أبو محمد الزبيدي الأندلسي عبد الله بن حمود الزبيدي، أبو محمد الأندلسي. من مشاهير أصحاب أبي علي القالي. رحل المشرق ولم يعد إلى الأندلس، ولازم أبا سعيد السيرافي إلى أن توفي السيرافي. ولازم الفارسي واتبعه إلى فارس وكان إذا سمع كلام الجاحظ انحدر ويسدر عجبا به، وكان يقول: قد رضيت في الجنة بكتب الجاحظ بكتب الجاحظ عوضا من نعيمها??? وكان من فرسان النحو واللغة والشعر.

???المنصور الزيدي

 

صفحة : 2384

 

عبد الله بن حمزة، أبو محمد المنصور، المعروف بابن الهادي يحيى بن الحسين وسوف يأتي ذكره في ذكره في حرف الياء في مكانه، وقد مر ذكر ولده المرضي محمد بن يحيى في المحمدين. وكان منصورا شهما، حازما عظيم الناموس. وكان أهل اليمن يتوالونه، ويحدث نفسه بمدارك تعجز قدرته عنها، وما زال يمارس الديلم وأهل طبرستان بالمراسلات والهدايا لما يعلم من موالاتهم لأهل البيت حتى خطب له في بعض تلك البلاد، وقام له هناك داع تغلب على أكثر بلاد جيلان وخطب له على منابرها، على أنه لم يزل مقيما ببلاد صعدة. وكان معاصرا للإمام الناصر العباسي وكان يشبه به في الدهاء وكثرة التطلع إلى أخبار الرعايا حتى أنه كان يواصل طوائف العرب بحمل الأموال ويحرضهم على ذلك ويعدهم على قتله. وكان المنصور لكثرة أطلاعه واحترازه لا يطلع الناس فلا يظفر الناصر بشيء منه. وقال يوما: إن هذا الرجل قد أفنى الأموال الجليلة على الظفر بي ولو بذل لي بعض هذه الأموال لملك بها قيادي، ولكنت له أنصح وأخلص من كثير ممن يعتمد عليهم، وكان يربح التعب من طلب ما لا يناله مع الحصول على ودي. فبلغ ذلك الناصر فقال: أنا يسهل علي المال العظيم أملا أن أبلغ أقل غرض لي على وجه الغلبة، ولا يسهل علي بذل درهم واحد مع وهم أنه خداع. وكان للمنصور وزير نفذ إليه الناصر بجملة من المال على أن يكون بطانة له يعينه على بلوغ غرضه، فأطلع الوزير المنصور على ذلك فشكره وأحسن إليه ووصله ثم إنه قطعه عن خدمته فقيل له في ذلك فقال: لا يسهل علي أن يخدمني وأراه بعين أنه يمتن علي بأنه أبقى علي روحي وفي الناس سعة لي وله ولما مات أقما الزيدية ولده مقامه، واختبروه في علمه فوجدوه ناقصا عن رتبة الإمامة فلم يخطبوا له بها. والزيدية لا بد لهم من إمام فاطمي، فراسلوا أحمد بن الحسين المعروف بالموطي - وهو من بني عم المنصور - وكان مشورا بكمال العلم والزهد، وخطبوا له في قلعة ثلا من حصون اليمن. وكان على غاية من الزهد والعبادة، لا يسكن قلعة ولا يأوي إلا البراري والجبال. ومن شعر المنصور عبد الله المذكور يشير أن دعوته قد بلغت بلاد جيلان وجاوزت العراق وهو مقيم بمكانه في صعدة: من السريع

قل لبني العباس ما بالكـم                      لا تلحظونا لحظ رجحان

وقل تخطتكم لنـا دعـوة                      جالت على أقطار جيلان ومن شعره أيضا: من الرجز

قوض خيامي عن ديار الـهـون                      فلست ممن يرتضي بـالـدون

واشدد على ظهر الهجين رحلـه                      فقد شجاني غارب الـهـجـين

وقربا مني على الحصان زلـفة                      فالحصن أولى بي من الحصون

إني على ريب زمـان شـرس                      لا تخرج النخوة من بني عرنيني

جدي رسول الله حـقـا وأبـي                      ملقب بـالأنـزع الـبـطـين

من دوحة كـريمة مـيمــونة                      غراء تؤتي الأكـل كـل حـين ومنه من البسيط

لا تحسبوا أن صنعا جل مأربتـي                      ولا ذمار إذا أشمت حـسـادي

واذكر إذا شئت تشجيني وتطربني                      كر الجياد على أبواب بـغـداد ومنه: ومنه الطويل

أفيقا فما شغلي بسعدي بنـي سـعـد                      ولا طلل أضحى كحاشـية الـبـرد

ولا بغزال أغيد مهضـم الـحـشـا                      رضاب ثناياه ألـذ مـن الـشـهـد

يميس كغصن البان لـينـا ووجـهـه                      سنا البدر في ليل من الشعر الجعـد

ولا بادكار اليعـمـلات تـقـاذفـت                      بها البيد من غوري تهامة أو نـجـد

تؤم بهم شطر المحصب من مـنـى                      طلائح أمثال الحنـايا مـن الـشـد

فلي عنهم شـغـل بـقـنة شـيظـم                      طويل الشظى عبل الشوى سابح نهد

وتشقـيف هـنـدي وإعـداد حـربة                      وصقل حسام صارم مرهف الـحـد

وكل دلاص نسج داود صـنـعـهـا                      من الزرد الموضون قدر في السرد

وكل طلاع الكـف زوراء شـطـبة                      تراسل أسباب المنايا إلـى الـضـد

وقودي خميسا للـخـمـيس كـأنـه                      من البحر موج فاض بالبيض والجرد

وكان اشتغالي يا عذولي بمـا تـرى                      وتأليفهم من بطن واد ومـن نـجـد

 

صفحة : 2385

 

الأنصاري عبد الله بن حنظلة بن الراهب بن عبد عمرو بن صيفي. حنظلة أبوه هو غسيل الملائكة، وقد تقدم ذكره. ولد عبد الله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بسبع سنين. قال ابن عبد البر: كان خيرا، فاضلا مقدنا في الأنصار، وكان يتوضأ لكل صلاة. وروى عنه ابن أبي ملكية وضمضم بن جوس وأسماء بنت زيد بن الخطاب. وقتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين وكانت الأنصار قد بايعته يومئذ، وبايعت قريش عبد الله بن مطيع. وروى له أبو داود.

الأزدي عبد الله بن حوالة الأزدي. قال ابن عبد البر: ويشبه أن يكون حليفا لبني عامر بن لؤي. أبو حوالة. نزل الشام. وروى عنه أبو إدريس الخولاني وجبير بن نفير، ومرثد بن وداعة وغيرهم، وقدم مصر، وروى عن ربيعة، لقيط التجيبي. وتوفي سنة ثمان وخمسين. وقال ابن عبد البر: سنة ثمانين. وقال غيره: في حدود الثمانين. وروى له أبو داود.

أبو القاسم القزويني الشافعي عبد الله بن حيدر بن أبي القاسن القزويني، أبو القاسم الفقيه الشافعي. سافر إلى خراسان وتفقه على أئمتها وسمع بنيسابور من محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي وغيره،و بمرو من يوسف بن أيوب الهمذاني. واستوطن همذان وكان يدرس بها ويفتي. وله مدرسة كبيرة في سوق الطعام. قدم بغداد حاجا سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وحدث بصحيح مسلم عن الفراوي، وجمع أربعين حديثا وحدث بها.

عبد الله بن خازم

عبد الله بن خازم، أمير خراسان. أحد الأبطال المشهورين. يقال له صحبة، ولا تصحح. توفي في حدود الثمانين للهجرة.

الأعشي الشيباني عبد الله بن خارجة بن حبيب. من بني شيبان. هو الأعشى الشاعر المشهور. شاعر فصيح من ساكني الكوفة. كان شديد التعصب لبني أمية. وفد على عبد الملك بن مروان فقال: ماالذي بقي منك? فقال: أنا الذي أقول: من الطويل

وما أنا في أمري ولا في خصومتي                      بمهتضم حقي ولا قـارع سـنـي

ولا مسلم مـولاي عـنـد جـنـاية                      ولا خائف مولاي من شر ما أجني

وإن فؤادا بـين جـنـبـي عـالـم                      بما أبصرت عيني وما سمعت أذني

وفضلي بالشعر والـلـب أنـنـي                      أقول على علم وأعرف من أكنـي

وأصبحت إذ فضلت مروان وابنـه                      على الناس قد فضلت خير أب وابن فقال عبد الملك: من يلومني على مثل هذا ? وأمر له بعشرة آلاف درهم وعشر تخوت من ثياب وعشر فرائض من الإبل واقطعه ألف جريب. وقال له: إمض بها إلى زيد الكاتب يكتب لك بها، فأتى زيدا فقال له: إيتني غدا فأتاه فردده فقال له: من الرجز

يا زيد يا فـــداك كـــل كـــاتــــب                      في الـنـاس بـين حـاضـــر وغـــائب

هل لـك فـي حـق عــلـــيك واجـــب                      في مـثـلـه يرغــب كـــل راغـــب

وأنـت عـف طـيب الـمــكـــاســـب                      مبـرأ مـــن عـــيب كـــل عـــائب

ولست إن كلفتني بصاحبيطول غدو ورواح دائب

وسدة الباب وعنف الحاجب                      من نـعـمة أسـديتـهـــا بـــخـــائب فأبطأ عليه زيد فكلم سفيان بن الأبرد فكلمه فأبطأ عليه فعاد إلى سفيان فقال له: من البسيط

عد إذ بدأت أبا يحيى فأنت لها                      ولا تكن من كلام الناس هيابا

واشفع شفاعة أنف لم يكن ذنبا                      فإن من شعفاء الناس أذنابـا فأتى سفيان زيدا فلم يفارقه حتى قضى حاجته.

عبد الله بت الخضر ابن الشيرجي الشافعي عبد الله بن الخضر بن الحسين بن الحسن، المعروف بابن الشيرجي، أبو البركات الفقيه الشافعي ويسمى محمدا أيضا. من أهل الموصل. قدم بغداد وتفقه بالمدرسة النظامية وسمع من جماعة، وحدث باليسير. توفي سنة أربع وسبعين وخمسمائة.

جمال الدين المصري عبد الله بن خطلبا بن عبد الله، جمال الدين الغساني. أحد مقدمي الحلقة بالقاهرة. أخبرني العلامة أثير الدين من لفظه قال: مولده رابع عشر شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة.

أنشدنا لنفسه: من البسيط

أستغفر الله من أشياء تخطـر لـي                      من ارتكاب دنيات من الـعـمـل

ومن ملاحظتي طـورا مـسـارقة                      وتارة جهرة للفـاتـر الـمـقـل

من كل أحوى حوى رقي ورق لـه                      قلبي وقد راق لي في وصفه غزلي

 

صفحة : 2386

 

 

من أحسن الناس معنى قد شعفت به                      وهو الذي حسنه العصيان حسن لي

فالشمس تفخر إن قيست ببهجـتـه                      والبدر منه وغصن البان في خجل

فجعل جامع ما في الناس من حسن                      ومن على كل قلب بالجمال ولـي أبو العمثيل عبد الله بن خليد، أبو العمثيل - بفتح العين المهملة وفتح الميم وسكون الياء آخر الحروف وقتح التاء المثلثة وبعدها لام - وهو من صفات الخيل، وهو السبط الذيال المتبختر في مشيته. مولى جعفر بن سليمان. كان يؤدب ولد عبد الله بن طاهر. وأصله من الري. توفي سنة ست وأربعين ومائتين. وكان يعجم كلامه ويعربه ويتعقر فيه ويتجيد قول الشعر. فمن شعره وقد حجب في باب عبد الله بن طاهر: من الطويل

سأترك هذا الباب ما دام إذنه                      على ما أرى يخف قـلـيلا

إذا لم أجد يوما إلى الإذن سلما                      وجدت إلى ترك اللقاء سبيلا ومنه من الوافر

أما والراقصـات بـذات عـرق                      ومن صلى بـنـعـمـان الأراك

لقد أضمرت حبـك فـي فـؤادي                      وما أضمرت حبـا مـن سـواك

أطعت الآمريك بقطع حـبـلـي                      مريهم في أحـبـتـهـم بـذاك

فإن هم طاوعوك فطـاوعـيهـم                      وإن عاصوك فاعصي من عصاك قال الصولي: له ديوان شعر في خمسمائة ورقة. ومن شعره عبد الله بن طاهر: من الكامل

يا من يحاول أن تكون صـفـاتـه                      كصفات عبد الله أنصت واسمـع

فلأنصحنك في المشـورة والـذي                      حج الحجيج إليه فاسـمـع أو دع

أصدق وعف وبر واصبر واحتمل                      واصفح وكاف ودار واحلم واشجع

والطف ولن وتأن وارفـق واتـئد                      واحزم وجد وحام واحمل وادفـع

فلقد محضتك إن قبلت نصيحـتـي                      وهديت للنهج الأسـد الـمـهـيع ودخل يوما على عبد الله بن طاهر فقبل يده فقال له ممازحا: خدشت كفي بخشونة شاربك فقال أبو العميثل مسرعا: شوك القنفذ لا يؤلم كف الأسد فأعجبه ذلك وأمر له بجائزة. وله من المصنفات: كتاب التشابه، كتاب الأبيات السائرة، كتاب معاني الشعر، كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه.

المدني عبد الله بن دينار المدني العمري. مولاهم. أحد الثقات. سمع ابن عمر وأنس بن مالك، وسليمان بن يسار، وأبا صالح السمان. وقد أنفرد بحديث النهي عن بيع الولاء وهبته عن ابن عمر. وأساء العقيلي بإيراده في كتاب الضعفاء وإنما الاضطراب من أصحابه. وقد وثقه الناس. وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة. روى له الجماعة.

أبو الزناد عبد الله بن ذكوان، أبو الزناد الفقيه المدني، مولى قريش. يقال إنه ابن أخي أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب. سمع أنسا وأبا أمامة ابن سهل، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب، وسعيد بن المسيب، والأعرج، فأكثر عنه. وروى عنه مالك. وكان أحد الأئمة الأعلام. قال الليث: رأيت خلفه ثلاثمائة تابع من طالب فقه وطالب شعر وصنوف، قال: ثم لم يلبث أن بقي وحده وأقبلوا على ربيعة بن عبد الرحمان. وقال بعض النقاد: أصح الأسانيد أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. وقال أحمد: هو أعلم من ربيعة. وكان صاحب كتابة وحساب. وكان سبب جلد ربيعة الرأي، فولي المدينة بعد ذلك فلان التيمي فطين على أبي الزناد بيتا فشفع فيه ربيعة. قال الشيخ شمس الدين: إنعقد الإجماع على توثيق أبي الزناد. وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائة. وروى له الجماعة.

أبو خالد الأنصاري عبد الله بن رباح، أبو خالد الأنصاري المدني نزيل البصرة. روى عن أبي بن كعب، وعمار بن ياسر وعمران بن حصين، وكعب الأحبار. وتوفي في حدود المائة للهجرة. وروى له مسلم والأربعة.

والد عمر بن أبي ربيعة عبد الله بن ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، القرشي المخزومي، أبو عبد الرحمان. وهو والد عمر الشاعر وأخو عياش بن أبي ربيعة. كان اسمه في الجاهلية بحيرا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، وفيه يقول عبد الله بن الزبعري: من الطويل

بحير بن عبد الله قرب مجلسي                      وراح علينا فضله غير عاتم

 

صفحة : 2387

 

واختلف في اسم أبي ربيعة، والأكثر أن اسمه عمرو بن المغيرة. كان من أشراف قريش في الجاهلية ومن أحسن قريش وجها. وهو الذي بعثته قريش مع عمرو بن العاص إلى النجاشي في مطالبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. وقيل إنه الذي استجار يوم الفتح بأم هانئ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أجرنا من أجرت. وهو أخو أبي جهل لأمه. حضر من اليمن لنصرة عثمان، فلما كان بالقرب من مكة سقط عن راحلته فمات سنة خمس وثلاثين للهجرة. وروى له النسائي وابن ماجة.

الغداني البصري عبد الله بن رجاء الغداني البصري، أبو عمرو. روى عنه البخاري وابن ماجة، وروى النسائي وابن ماجة بواسطة عنه وإبراهيم الحربي. قال أبو حاتم: ثقة رضى. وتوفي سنة عشرين ومائتين.

القرطبي عبد الله بن رشيق. أصله من قرطبة. قال حسن بن رشيق: إجتمعت به بالمحمدية سنة إحدى وأربعمائة، وهو حديث السن لم يجز العشرين وليس فبله كبير شيء من هذه الصناعة. ثم ارتحل فأوطن القيروان سنين عدة بأهله واختص بالشيخ أبي عمران الفقيه، ففيه أكثر شعره، وأحاط بعلوم شتى وساد فيها. وتفقه في الدين. وكان عفيفا، خيرا، مستجيبا، منقطع اللسان عن فضول الكلام. كان له من الشعر حظ كبير إلا أنه لم يمدح لمثوبة ولا أعلمه هجا أحدا قط. وأراد الحج فناله ورجع فمات سنة تسع عشرة وأربعمائة بعد اشتهار فيها بالعلم والجلالة.

ومن شعره: من مجزوء الخفيف

خير أعمالك الرضى                      بالمقادير والقضـا

بينما المرء نـاطـق                      قيل قد كان فانقضى قال ابن رشيق: وأنشدته لنفسي: من الخفيف

من جفاني فإنني غير جـاف                      صلة أو قطيعة في عفـاف

ربما هاجر الفتى من يصافي                      ه ولاقى بالبشر من لا يصافي فصنع في مثل ذلك وأنشدنيه بعد أيام: من الطويل

سأقطع حبلي من حبالك زاهـدا                      وأهجر هجرا لا يجر لنا عرضا

وقد يعرض الإنسان عمـن يوده                      ويلقى ببشر من يسر له البغضا أبو محمد اليابري عبد الله بن رضا بن خالد بن عبد الله بن رضا، أبو محمد اليابري - بياء أخر الحروف وبعد الألف باء موحدة مضمومة وبعدها راء - المغربي. من رهط الأخطل الشاعر. كان بارعا في الأدب والنظم والإنشاء. توفي سنة تسع وعشرين وأربعمائة.

ومن شعره...

عبد الله بن رفاعة

بن عدي بن علي بن أبي عمر بن الذيال بن ثابت بن نعيم

أبو محمد السعدي المصري الفقيه الشافعي. كان دينا، بارعا في الفرائض والحساب. ولي القضاء بمصر بالجيزة مدة ثم استعفى واشتغل بالعبادة وسمع وروى. وتوفي سنة إحدى وستين وخمسمائة.

شاعر النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن عمرو بن امرئ القيس الأكبر الأنصاري الخزرجي، أبو محمد. أحد النقباء. شهد العقبة وبدرا وأحدا والخندق والحديبية وعمرة القضاء والمشاهد كلها إلا الفتح وما بعده لأنه طعن في وجهه يوم مؤتة فدلك وجهه بدمه ثم صرع بين الصفين وجعل يقول: يا معشر المسلمين ذبوا عن لحم أخيكم حتى مات، وذلك سنة ثمان للهجرة. وروى عنه من الصحابة ابن عباس وأبو هريرة. وهو الذي نزلت فيه وفي صاحبيه حسان بن ثابت الأنصاري وكعب بن مالك:  إلا الذين آمنو وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا  - الآية. وهو أخو أبي الدرداء لأمه، وهو شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد الشعراء الذين كانوا يردون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل شعرا تقتضبه الساعة وأنا أنظر إليك فانبعث مكانه يقول: من البسيط

إني تفرست فيك الخـير أعـرفـه                      والله يعلم أن ما خانني الـبـصـر

أنت النبي ومن يحرم شفـاعـتـه                      يوم الحساب لقد أودى به الـقـدر

فثبت الله ما أتـاك مـن حـسـن                      تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنت فشبتك الله با ابن رواحة قال هشام بن عروة: فثبته الله أحسن ثبات فقتل شهيدا وفتحت له الجنة فدخلها وكان عبد الله أحد الأمراء بمؤتة، وأول خارج إلى الغزو وآخر قافل. ولما خرج دعا المسلمون ولمن معه أن يرد الله سالمين فقال: من البسيط

 

صفحة : 2388

 

 

لكنني أسأل الرحمان مغـفـرة                      وضربة ذات فرغ تقذف الزبدا

أو طعنة بيدي حران مجهـزة                      بحربة تنفذ الأحشاء والكـبـدا

حتى يقولوا إذا مروا على جدثي                      يا أرشد الله من غاز وقد رشدا وقال يوم مؤتة يخاطب نفسه: من الرجز

أقسمت بالله لتـنـزلـنـه                      بطاعة منك وتكـرهـنـه

فطالما قد كنت مطمـئنـه                      جعفر ما أطيب ريح الجنه ثم قاتل حينا ثم نزل فأتاه ابن عم له برق من لحم فقال: شد بهذا ظهرك فإنك قد لقيت في أيامك هذه ما لقيت، فأخذه من يده فانتهس منه نهسة ثم سمع الحطمة في الناس فقال: وأنت في الدنيا فألقاه من يده ثم أخذ سيفه فقاتل حتى قتل. وهو الذي مشى ليلة إلى أمة له فنالها وفطنت له امرأته فجحدها فقالت له: إن كنت صادقا فاقرأ القرآن فالجنب لا يقرأ? فقال: من الوافر

شهدت أن وعد اللـه حـق                      وأن النار مثوى الكافرينـا

وأن العرش فوق الماء حق                      وفوق العرش رب العالمينا

وتحملـه مـلائكة غـلاظ                      ملائكة الإله مسـومـينـا فقالت امرأته: صدق الله وكذبت عيني ??القرشي السهمي عبد الله بن الزبعري - بكسر الزاي وفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة وفتح الراء وبعدها ألف مقصورة - ابن قيس بن عدي بن سهم القرشي السهمي الشاعر. كان من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه بنفسه ولسانه، وكان من أشعر الناس، يقولون هو أشعر قريش قاطبة. ثم إنه أسلم عام الفتح بعد أن هرب يوم الفتح إلى نجران فرماه حسان بن ثابت ببيت واحد وهو: من الكامل

لا تعدمن رجلا أحلك بغضه                      نجران في عيش أجذ لـئيم فأسلم وحسن إسلامه واعتذر للنبي صلى الله عليه وسلم بأشعار حسان كثيرة فقبل عذره، منها قوله: من الكامل

منع الرقاد بلابـل وهـمـوم                      والليل معتلج الرواق بـهـيم

مما أتاني أن أحمـد لامـنـي                      فيه فبت كأننـي مـحـمـوم

يا خير من حملت على أوصالها                      عيرانة سرح اليدين غـشـوم

إني لمعتذر إلـيك مـن الـذي                      أسديت إذا أنا في الضلال أهيم

أيام تأمرني بـأغـوى خـطة                      سهم وتأمرني بها مـخـزوم

وأمد أسباب الردى ويقـودنـي                      أمر الغواة وأمرهم مـشـؤوم

فاليوم آمن بالنبـي مـحـمـد                      قلبي ومخطىء هذه محـروم

مضت العداوة وانقضت أسبابها                      وأتت أواصر بيننـا وحـلـوم

فاغفر فدى لك والداي كلاهما                      وارحم فإنك راحم مـرحـوم

وعليك من سمة المليك علامة                      نور أغر وخاتـم مـخـتـوم

أعطاك بعد محبة بـرهـانـه                      شرفا وبرهان الإله عـظـيم  عبد الله بن الزبير

ابن عبد المطلب عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي. وأمه عاتكة بنت وهب بن عمرو بن عائذ. لا عقب له. قتل يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة للهجرة، ووجد عنده عصبة من الروم قد قتلهم، ثم اثخنه الجراح فمات رضي الله عنه. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول له: ابن عمي وحبي. ومنهم من قال إنه كان يقول: ابن أمي. قال ابن عبد البر: لا أحفظ له رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد روى عنه أختاه ضباعة وأم الحكم. وكانت سنه يوم قتل نحرا من ثلاثين سنة.

أمير المؤمنين

 

صفحة : 2389

 

عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن قصي القرشي الأسدي، يكنى أبا بكر. هو أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة. روى عن أبيه وأبي بكر وعمر وعثمان. شهد اليرموك، وغزا القسطنطينية والمغرب وله مواقف مشهودة. وكان فارس قريش في زمانه. بةيع بالخلافة سنة أربع وستين، وحكم على الحجاز واليمن ومصر والعراق وخراسان وأكثر الشام. وولد سنة اثنتين من الهجرة، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وله ثمان سنين وأربعة أشهر. خرجت أسماء أمه حين هاجرت حبلى فنفست بعبد الله في قباء. قالت أسماء: ثم جاء بعد سبع سنين ليبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره بذلك الزبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا ثم بايعه. ولما قدم المهاجرون أقاموا لا يولد لهم، فقالوا: سحرتنا يهود حتى كشرت في ذلك القالة فكان أول مولود بعد الهجرة، فكبر المسلمون تكبيرة واحدة حتى ارتجت المدينة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم فأذن في أذنيه بالصلاة. وكان عارضاه خفيفين فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة. وأتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحتجم، فلما فرغ قال: يا عبد الله إذهب بهذا الدم فاهرقه حيث لا يراك أحد، فلما برز عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمد إلى الدم فشربه فلما رجع قال: ما صنعت بالدم ? قال: عمدت إلى أخفى موضع علمت فجعلته فيه قال: لعلك شربته ? قال: نعم. قال: ولم شربت الدم ? ويل للناس منك، وويل لك من الناس.. وعن ابن أبزي عن عثمان أن ابن الزبير قال له حيث حصر: إن عندي نجائب أعددتها لك، فهل لك أن تحول إلى مكة فيأتيك من أراد أن يأتيك ? قال: لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله عليه مثل نصف أوزار الناس رواه أحمد في مسنده. وعن إسحاق ابن أبي إسحاق قال: حضرت قتل ابن الزبير، جعلت الجيوش تدخل عليه من أبواب المسجد فكلما دخل قوم من باب حمل عليهم وحده حتى يخرجهم، فبينا هو على تلك الحال إذا جاءته شرفة من شرفات المسجد فوقعت على راسه فصرعته وهو يتمثل: من الرجز

أسماء يا أسماء لا تبكيني                      لم يبق إلا حسبي وديني

وصارم الثت به يميني

 

صفحة : 2390

 

وقال سهل بن سعد: سمعت ابن الزبير يقول: ما أراني اليوم إلا مقتولا، لقد رأيت الليلة كأن السماء فرجت لي فدخلتها فقد والله مللت الحياة وما فيها. وقال عمرو بن دينار: كان ابن الزبير يصلي في الحجر، والمنجنيق يصيب طرف ثوبه فما يلتفت إليه. وكان يسمى حمامة المسجد. وقال ابن إسحاق: ما رايت أحدا أعظم سجدة بين عينيه من ابن الزبير. وجاء الحجاج إلى مكة فنصب المنجنيق عليها. وكان ابن الزبير قد نصب فسطاطا عند البيت، فاحترق فطارت شرارة فاحترق البيت، واحترق قرنا الكبش الذي فدي به إسماعيل يومئذ. ورمى الحجاج المنجنيق على ابن الزبير وعلى من معه في المسجد، وجعل ابن الزبير على الحجر الأسود بيضة ترد عنه، يعني خوذة، ودام الحصار ستة أشهر وسبع عشرة ليلة، وخذل ابن الزبير أصحابه وخرجوا إلى الحجاج، ثم إن الحجاج أخذه وصلبه منكسا. وكان آدم نحيفا ليس بالطويل، بين عينيه أثر السجود. قيل: إنه بقي مصلوبا سنة، ثم جاء إذن عبد الملك بن مروان أن يسلم ولدها إليها فحنطته وكفنته وصلت عليه وحملته فدفنته في المدينة في دار صفية بنت حيي، ثم زيدت دار صفية في المسجد فهو مدفون مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر وعمرو رضي الله عنهما. وكان كثير الصلاة، كثير الصيام، شديد البأس، كريم الجدات والأمهات والخالات. وقال مالك: ابن الزبير كان أفضل من مروان وكان اولى بالأمر من مروان ومن ابنه. وقال علي بن زيد الجدعاني: إلا أنه كانت فيه خلال لا تصلح معها الخلافة لأنه كان بخيلا، ضيق العطاء، سيىء الخلق، حسودا، كثير الخلاف، أخرج محمد بن الحنيفة ونفى عبد الله بن عباس إلى الطائف. وقال علي بن أبي طالب: ما زال الزبير يعد منا أهل البيت حتى نشأ عبد الله. ولما كان قبل قتله بعشرة أيام دخل على أمه وهي شاكية، فقال لها: كيف تجدينك يا أمه قالت: ما أجدني إلا شاكية، فقال لها: إن في الموت لراحة قالت: لعلك تمنيته لي ما أحب أن أموت حتى يأتي علي أحد طرفيك، إما قتلت فأحتسبك وإما ظفرت بعدوك فقرت عيني قال عروة: فالتفت إلي فضحك قال: فلما كان في اليوم الذي قتل فيه دخل عليها في المسجد فقالت: يا نبي لا تقبلن منهم خطة تخاف فيها على نفسك الذل مخافة القتل، فوالله لضربة سيف في عز خير من ضربة سوط في مذلة. قال: فخرج وقد جعل له مصراع عند الكعبة وكان تحته، فأتاه رجل من قريش فقال: ألا نفتخ لك باب الكعبة فتدخلها ? فقال عبد الله: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه. والله لو وجدوكم تحت أستار الكعبة لقتلوكم وهل حرمة المسجد إلا كحرمة البيت ? ثم تمثل: من الطويل

ولست بمبتاع الـحـياة بـسـبة                      ولا مرتق من خشية الموت سلما ثم شد عليه أصحاب الحجاج فقال: أين أهل مصر ? قالوا: هم هؤلاء من هذا الباب، فقال لأصحابه: إكسروا أغماد سيوفكم ولا تميلوا عني فإني في الرعيل، ففعلوا. ثم حمل عليهم وحملوا معه، وكان يضرب بسيفين، فلحق رجلا فقطع يده، وانهزموا، فجعل يضربهم حتى أخرجهم من باب المسجد، فجعل رجل أسود يسبه فقال له: اصبر يا ابن حام، ثم حمل عليه فصرعه، ثم دخل عليه أهل حمص من باب بني شيبة فشد عليهم وجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد، ثم انصرف وهو يقول: من الرجز

لو كان قرني واحدا كفيته                      أوردته الموت وقد ذكيته ثم دخل عليه أهل الأردن من باب آخر فجعل يضربهم بسيفه حتى أخرجهم من المسجد وهو يقول: من الرجز

لا عهد لي بغرة مثل السيل                      لا ينجلي قتامها حتى الليل وأقبل عليه حجر من ناحية الصفا فضربه بين عينيه فنكس رأسه وهو يقول: من الطويل

فلسنا على الأعقاب تدمى كلومنا                      ولكن على أقدامنا تقطر الدمـا وحماه موليان وأحدهما يقول: من الرجز

العبد يحمي ربه ويحتمي

 

صفحة : 2391

 

ثم اجتمعوا عليه فلم يزالوا يضربونه حتى قتلوه ومولييه جميعا. ولما قتل كبر عليه أهل الشام، فقال عبد الله بن عمر: المكبرون عليه يوم ولد خير من المكبرين عليه يوم قتل. وقتل معه مائتان وأربعون رجلا، منهم من سال دمه في جوف الكعبة. قال ابن عبد البر: رحل عروة بن الزبير إلى عبد الملك بن مروان فرغب إليه في إنزاله من الخشبة فأسعفه فأنزل. قال ابن أبي ملكية: كنت الآذن بمن بشر أسماء بنزوله عن الخشبة فدعت بمركن وشب يمان فأمرتني بغسله، فكنا لا نتناول عضوا إلا جاء معنا، فكنا نغسل العضو ونضعه في أكفانه، وتنناول العضو الذي يليه فنغسله ثم نضعه في أكفانه حتى فرغنا منه ثم قامت فصلت عليه. وكانت قبل ذلك تقول: اللهم لا تمتني حتى تقر عيني بحثه. فما أتى عليها بعد ذلك جمعة حتى ماتت. ويقال إنه لما جيء به إليها وضعته في حجرها فحاضت ودر ثديها فقالت: حنت إليه مواضعه ودرت عليه مراضعه. وقيل إن الحجاج آلى على نفسه إن لا ينزله عن الخشبة حتى تشفع فيه أمه، فبقي سنة ثم إنها مرت تحته فقالت: أما آن لراكب هذه المطية أن يترجل ? فيقال إنه قيل للحجاج أن هذا الكلام شفاعة فيه فأنزله. وكان قتله سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وروى له الجماعة. ويقال أن الحجاج ورد عليه كتاب عبد الملك بن مروان: اعط ابن الزبير الأمان على هدر هذه الدماء وحكمه في الولاية. فعرضوا ذلك عليه، فشاور أصحابه فأشاروا عليه بأن يفعل فقال: لا خلعها إلا الموت، ثم قال: من البسيط

الموت أكرم من إعطاء منقصة                      إن لم تمت عبطة فالغاية الهرم

إصبر فكل فتى لا بد مختـرم                      والموت أسهل مما أملت جشم ابن المعتز بالله عبد الله بن الزبير بن جعفر. هو عبد الله بن المعتز. يأتي ذكره في عبد الله بن محمد، فقد اختلف في اسم المعتز.

الحميدي فقيه مكة عبد الله بن الزبير بن عيسى، الإمام القرشي الحميدي، حميد بن زهير محدث مكة وفقيهها، وأجل أصحاب سفيان بن عيينة روى عنه البخاري. وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن رجل عنه. قال أحمد بن حنبل: الحميدي عندنا إمام. وقال أبو حاتم: أثبت الناس بمكة. توفي سنة تسع عشرة ومائتين.

الأسدي عبد الله بن الزبير - بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة على وزن كبير-ابن سليم الأسدي الكوفي الشاعر. من شعراء الحماسة. توفي في حدود التسعين للهجرة. ومن شعره: من الوافر

رمى الحدثان نسوة آل حرب                      بمقدار سمدن له سـمـودا

فرد شعورهن السود بيضـا                      ورد وجوههن البيض سودا

فإنك لو سمعت بكاء هـنـد                      ورملة إذ تصكان الخـدودا

سمعت بكاء باكـية وبـاك                      أبان الدهر واحدها الفقـيدا ومنه أيضا: من البسيط

لا أحسب الشر جارا لا يفارقني                      ولا أحز على ما فاتني الودجا

وما نزلت من المكروه منـزلة                      إلا وثقت بأن ألقى لها فرجـا ومنه: من الكامل

لا تجعلن مـبـدنـا ذا سـرة                      ضخما سرادقه عظيم الموكب

كأغر يتخذ السيوف سـرداقـا                      يمشي برايته كمشي الأنكـب

فتح الإله بشـدة لـك شـدهـا                      ما بين مشرقها وبين المغرب

جمع ابن مروان الأغر محمـد                      بين ابن أشترهم وبين المصعب الخزاعي فقيه دمشق عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي. فقيه دمشق. أحد الأعلام روى عن أبي الدرداء وسلمان وعبادة بن الصامت وأكثر ذلك مراسيل، وروى عن أم الدرداء وغيرها. وكان يعدل بعمر بن عبد العزيز، وكان يقول: ما عالجت من العبادة شيئا أشد من السكوت. وكان يجلسه عمر بن عبد العزيز مع على السرير. وكان ثقة قليل الحديث. توفي سنة سبع عشرة ومائة. وروى له أبو داود.

القرشي الأسدي

 

صفحة : 2392

 

عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي. أمه قريبة بنت أبي أمية أخت أم سلمة أم المؤمنين. كان من أشراف قومه وكان يأذن على النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو بكر بن عبد الرحمان وعروة بن الزبير. وكانت تحت عبد الله زينب بنت أم سلمة وهي أم بنيه. وقتل لعبد الله بن زمعة يزم الحرة بنون. ومن ولده كبير بن عبد الله بن زمعة. وهو جد أبي البختري القاضي وهب بن وهب بن كبير بن عبد الله بن زمعة.

عبد الله بن زيد

أبو محمد الأنصاري عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه بن زيد. من بني جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصاري. وقيل: ليس في آبائه ثعلبه إنما هو ابن زيد بن عبد ربه. شهد العقبة وبدرا وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو الذي أري الأذان في النوم فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم بلالا على ما رآه عبد الله بن زيد، وكانت الرؤيا سنة إحدى بعد بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت معه راية بني الحارث يوم الفتح، توفي سنة اثنتين وثلاثين للهجرة وهو ابن أربع وستين وصلى عليه عثمان. وروى عنه سعيد بن المسيب وعبد الرحمان بن أبي ليلى وابنه محمد بن عبد الله بن زيد. وروى له الجماعة.

ابن أم عمارة عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب بن المنذر بن عمرو بن عوف الأنصاري المازني. يعرف بابن أم عمارة. شهد أحدا ولم يشهد بدرا. وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب فيما ذكره خليفة بن خياط وغيره. وكان مسيلمة قتل أخاه حبيب بن زيد وقطعه عضوا عضوا. رمى مسيلمة وحشي بن حرب بالحربة، وضربه عبد الله بالسيف فقتله. وقتل عبد الله يوم الحرة سنة ثلاث وستين. روى عنه سعيد بن المسيب وابن أخيه عباد بن تميم بن زيد ويحيى بن عمارة بن أبي الحسن. وعبد الله بن زيد هو الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وله ولأبيه صحبة.

ابن أبي طلحة الأنصاري عبد الله بن زيد أبي طلحة بن سهل. هو أخو أنس بن مالك لأمه. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبعثت به أمه أم سليم ابنها أنس بن مالك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحنكه بتمرة ودعا، له، وسماه عبد الله. قال أنس ابن مالك: فما كان في الأنصار ناشىء أفضل منه. قال سفيان بن عيينة: ولد لعبد الله عشرة ذكور كلهم قرأ القرآن. وشهد عبد الله مع علي صفين. وروى عن أبيه أبي طلحة. وروى عنه ابناه إسحاق وعبد الله. توفي في حدود التسعين للهجرة. وروى له مسلم والنسائي.

أبو القلابة البصري عبد الله بن زيد، أبو القلابة الجرمي البصري، أحد أعلام من التابعين. روى عن ابن عمر وعائشة ومالك بن الحويرث وعمرو بن سلمة وسمرة بن جندب والنعمان بن بشير وثابت بن الضحاك وأنس بن مالك الأنصاري وأنس بن مالك الكعبي وأبي إدريس الخولاني وزهدم الجرمي وعبد الرحمان أبي ليلى وقبيصة بن ذؤيب بن مخارق وأبي المليح الهذلي وأبي الأشعث الصنعاني وخالد بن اللجلاج وأبي سماء الرحبي وعبد الله بن يزيد رضيع عائشة، وخلق. وروايته عن عائشة مرسلة. ولما مات عبد الرحمان بن أذينة القاضي ذكر أبو قلابة للقضاء فهرب حتى وصل اليمامة؛ وكان يراد للقضاء فيفر مرة إلى الشام ومرة إلى اليمامة. وقيل إنه كان يسكن داريا. وتوفي سنة أربع ومائة. وروى له الجماعة.

ابن أبي إسحاق النحوي عبد الله بن زيد أبي إسحاق بن الحارث الحضرمي البصري. مولى لهم، أحد الأئمة في القراءة والنحو. وهو أخو يحيى بن أبي إسحاق. أخذ القرآن عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم. وروى عن أبيه عن جده عن علي وأنس. قال أبو عبيدة: أول من وضع العربية أبو الأسود ثم ميمون ثم عنبسة الفيل ثم عبد الله بن أبي إسحاق. وتناظر هو وأبو عمرو ابن العلاء عند بلال بن أبي بردة. وهو ممن بعج النحو، ومد القياس، وشرح العلل. ومات هو وقتادة في يوم واحد بالبصرة سنة عشرين ومائة.

عبد الله بن سالم

الوحاظي الحمصي عبد الله بن سالم الأشعري الوحاظي الحمصي. قال أبو داود: كان يقول: علي أعان على قتل أبي بكر وعمر وقال النسائي: ليس به بأس، توفي سنة تسع وسبعين ومائة. وروى له البخاري وأبو داود والنسائي. قال أبو مسهر: ما رأيت أحدا أنبل في عقله ومروءته منه.

عبد الله بن السائب

 

 

صفحة : 2393

 

أبو السائب القارئ عبد الله بن السائب بن صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي؛ أبو عبد الرحمان، وقيل: أبو السائب، يعرف بالقارئ. أخذ عنه أهل مكة القراءة، وعليه قرأ مجاهد وغيره. سكن بها وتوفي بها قبل قتل ابن الزبير. قال هشام بن محمد ابن الكلبي: كان شريك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية عبد الله بن السائب. وقال الواقدي: السائب بن أبي السائب صيفي. وقيل: قيس بن السائب. وقال عبد الله بن السائب: شهدت رسولا الله صلى الله عليه وسلم صلى الصبح بمكة فافتتح بسورة المؤمنين، فلما أتي على ذكر موسى وهارون عليهما السلام أخذته سعلة فركع. توفي بعد السبعين للهجرة. وروى له مسلم والأربعة.

التابعي عبد الله بن سخبرة. تابعي مشهور، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي في حدود السبعين للهجرة، وروى له الجماعة.

?ابن الأنباري شيخ المستنصرية عبد الله بن أبي السعادات بن منصور ابن أبي السعادات بن محمد الإمام الفاضل نجم الدين ابن الأنباري شيخ المستنصرية، البغدادي البابصري المقرئ، خطيب جامع المنصور. سمع ابن بهروز الطبيب والأنجب الحمامي وأحمد المارستاني وتفرد بأجزاء. وحل عنه أهل بغداد وله اثنتان وثمانون سنة وتوفي سنة عشر وسبعمائة. وولي مشيخة المستنصرية بعد العماد ابن الطبال.

رأس السبئية عبد الله بن سبأ. هو رأس الطائفة السبئية، وهو الذي قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنت الإله فنفاه علي إلى المدائن، فلما قتل علي كرم الله وجهه زعم عبد الله بن سبأ أنه لم يمت لأن فيه جزءا إلهيا، فإن ابن ملجم إنما قتل شيطانا تصور بصورة علي، وأن عليا في السحاب، وأن الرعد صوته والبرق سوطه، وأنه ينزل إلى الأرض ويملؤها عدلا. وهذه الطائفة إذا سمعت صوت الرعد قالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين قال ابن أبي الدم: لا خفاء بكفر هذه الطائفة لاعتقادها أن عليا كرم الله وجهه إله، وأنه حل فيه جزء إلهي، فإن هذا المذهب قريب من مذهب النصارى تعالى الله عن أقوالهم علوا كبيرا. وقال في مكان آخر من كتابه الفرق الإسلامية: إنه كان يهودا وأسلم. وكان يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليه السلام كما يقول في علي. وهو أول من أظهر القول بالرفض وبإمامة علي، ومنه تشبعت فرق الضلال. واجتمعت عليه جماعة. وهم أول فرقة قالت بالتوقف وبالرجعة بعد الغيبة. وزعموا أن جعفرا كان عالما بمعالم الدين كلها العقليات والشرعيات، وقلدوا جعفرا في كل شيء حتى لو سئلوا عن صفات الله تعالى أو عن شيء من أصول الديانات قالوا: نقول فيها بما كان يقول جعفر فيها ولا نعلم بماذا قال جعفر ويلزمهم أن يتوقفوا في تكفير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حتى يعلموا ما قال جعفر فيهما بل يلزمهم أن يتوقفوا في توقفهم حتى يعلموا هل أجاز جعفر توقفهم في ذلك أو لا. وكل ما ذهبوا إليه باطل.

عبد الله بن سعد

ابن أبي سرح الكاتب الوحي

 

صفحة : 2394

 

عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث بن حبيب بن جذيمة، أبو يحيى القرشي العامري. أسلم قبل فتح وهاجر وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد منصرفا وصار إلى قريش بمكة فقال: إني كنت أصرف محمدا حيث أريد كان يملي علي عزيز حكيم فأقول: أو عليم حكيم ? فيقول: كل صواب فلما كام يوم الفتح أمر سول الله صلى الله عليه وسلم بقتله وقتل عبد الله بن خطل ومقيس ابن صبابة ولو وجدوا تحت أستار الكعبة، ففر عبد الله بن سعد إلى عثمان - وكان أخاه من الرضاعة، أرضعت أمه عثمان - فغيبه عثمان حتى أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما اطمأن أهل مكة فأستأمنه له، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال: نعم فلما انصرف عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله: ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه فقال رجل من الأنصار: فهلا أو أومأت إلي يا رسول الله ? فقال: إن النبي لا ينبغي أن تكون خائنة أعين. ثم إن عبد الله حسن إسلامه لم يظهر عليه بعد ذلك شيء ينكر. وهو أحد النجباء العقلاء الكرماء. ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين، وفتح على يديه إفريقية سنة سبع وعشرين. وكان فارس بني عامر وكان صاحب ميمنة عمرو بن العاص في افتتاحه. ولما ولاه عثمان عوضا عن عمرو بن العاص مصر جعل عمرو يطعن على عثمان ويؤلب عليه، ويسعى في فساد أمره، فلما بلغه قتل عثمان - وكان معتزلا بفلسطين - قال: إني إذا أنكأت قرحة أدميتها  أو نحو هذا. وكان عمرو بن العاص قد فتح الإسكندرية، وقتل المقاتلة، وسبى الذرية لما انتقضت. فأمر عثمان برد السبي الذين سبوا من القرى غل مواضعهم للعهد الذي كان لهم، ولم يصح عنده نقضهم، وعزل عمرو بن العاص، وولى عبد الله بن أبي سرح، وكان ذلك بدء الشر بين عثمان وعمرو بن العاص. ولما افتتح عبد الله بن أبي سرح إفريقية غزا منها الأساود من أرض النوبة سنة إحدى وثلاثين - وهوهادنهم الهدنة الباقية - وغزا الصواري من أرض الروم سنة أربع وثلاثين ثم قدم على عثمان واستخلف على مصر السائب بن هشام بن عمرو العامري، فانتزى محمد بن أبي حذيفة بن عتبة في الفسطاط، فمضى عبد الله إلى عسقلان وأقام بها حتى قتل عثمان. وقيل: أقام بالرملة حتى مات فارا من الفتنة. ودعا ربه فقال: اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح، فتوضأ وصلى وقرأ في الركعة الأولى أم القرآن والعاديات وفي الثانية أم القرآن وسورة، ثم سلم عن يمينه وذهب يسلم عن يساره فقبض. وكانت وفاته قبل اجتماع الناس على معاوية، ولم يبايع عليا ولا معاوية. ووفاته سنة ست أو سبع وثلاثين للهجرة. وقال في حصار عثمان: من الطويل

أرى الأمر لا يزداد إلا تفاقما                      وأنصارنا بالمكتـين قـلـيل

وأسلمنا أهل المدينة والهـوى                      هوى أهل مصر والذليل ذليل العامري عبد الله ابن السعدي العامري، اسم أبيه عمرو. يأتي في موضعه.

الأنصاري عبد الله بن سعد بن خيثمة الأنصاري. له صحبة. شهد الحديبية وخيبر. وتوفي في حدود الثمانين للهجرة.

حزيفة عبد الله بن سعد بن الحسين بن الهاطر، أبو المعمر العطار الوزان المعروف بخزيفة البغدادي. قرأ القرآن بالروايات، وتفقه على أبي الخطاب الكلواذني. سمع الكثير من أبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي وأحمد بن الحسن بن خيرون وغيرهم. وحدث بالكثير. وكان شيخا صالحا، صابرا على التحديث، محبا للرواية، حسن الأخلاق، توفي سنة ستين وخمسمائة.

الماسوحي عبد الله بن سعد بن سعود بن عسكر الماسوحي، الفقيه المحدث الشافعي، عارف بالفروع، كثير النقل. له مشاركة جيدة. تفقه بالشيخ برهان الدين، وسمع على الحجار والمزي والشيخ برهان الدين وغيرهم. وكتب الأجزاء والطباق. ومولده سنة اثنتي عشرة وسبعمائة تقريبا.

عبد الله بن سعيد

عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان الأموي، توفي سنة تسعين ومائة. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

أبو منصور الخوافي الكاتب

 

صفحة : 2395

 

عبد الله بن سعيد بن مهدي الخوافي، أبو منصور الكاتب. قدم بغداد أيام العميد الكندري واستوطنها إلى أن مات سنة ثمانين وأربعمائة، وكان أديبا فاضلا فرضيا حاسبا، كاتبا ظريفا شاعرا حسن المعرفة باللغة، له فيها مصنفات؛ منها كتاب خلق الإنسان على حروف المعجم، وكتاب رجم العفريت رد فيه على أبي العلاء المعري في عدة من مصنفاته ورسالة الربيع المورق إلى الشتاء المحرق.

ومن شعره: من الوافر

فلا تأيس إذا ما سـد بـاب                      فأرض الله واسعة المسالك

ولا تجزع إذا ما اعتاص أمر                      لعل الله يحدث بعـد ذلـك ومنه: من الوافر

زفت إليه من فكري عروسا                      وصغت من الثناء لها رعاثا

فقبلها وقلـبـهـا ولـمـا                      طلبت المهر طلقها ثلاثـا ومنه في البرغوث: من الوافر

وأحدب ضامر يسري بلـيل                      إلى النوام مفتن الجـفـون

تسلمه الثلاثون انـتـصـارا                      إلى السبعين في أسر المنون ومنه: من الوافر

سأحدث في متون الأرض ضربا                      وأركب في العلى غبر الليالـي

فإما والثرى وبسـطـت عـذرا                      وإما والثـريا والـمـعـالـي الأشج عبد الله بن سعيد بن حصين، أبو سعيد الكندي الكوفي الأشج. محدث الكوفة وحافظها في عصره ومسند وقته. له التفسير والتصانيف. قال أبو حاتم الرازي: هو إمام زمانه. توفي في شهر ربيع الأول سنة سبع وخمسين ومائتين. وروى عنه الجماعة.

ابن كلاب عبد الله بن سعيد بن كلاب، الفقيه أبو محمد البصري. كان يرد على المعتزلة وربما وافقهم. روى أبو طاهر الذهلي أن داود بن علي الإصبهاني أخذ الجدل والكلام عنه. وهو أصحابه كلابية لأنه كان يجر الخصوم إن نفسه بفضل بيانه كالكلاب. وقال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: كان له فضل وعلم ودين وكان ممن أنتدب للرد على الجهمية، ومن أدعى أنه ابتدع ليظهر دين النصرانية في المسلمين وأنه أرضى أخته بذلك فهذا كذب عليه افتراه المعتزلة. وتوفي في حدود الأربعين ومائتين. قلت: سوف تأتي ترجمة عبد الله بن محمد بن كلاب في مكانها، وهي تخالف هذه والله أعلم بما كان من أمره؛ فإن هذه تخالف تلك.

الحبر ابن سلام عبد الله بن سلام بن الحارث الإسرائيلي ثم الأنصاري؛ أبو يوسف. وهو من ولد يوسف بن يعقوب. كان حليفا للأنصار، وقيل حليفا للقواقلة من بني عوف بن الخزرج. وكان تسكه في الجاهلية الحصين، فلما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله. توفي سنة ثلاث وأربعين بالمدينة. وهو أحد الأحبار أسلم إذ قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة؛ قال: خرجت في جماعة من أهل المدينة لننظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حين دخول المدينة، فنظرت إليه وتاملت وجهه فعلمت أنه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء سمعته منه:  أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام  . ودخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم له بالجنة. قال ابن عبد البر: قال بعض المفسرين في قوله عز وجل:  وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم  هو عبد الله بن سلام. وقد قيل في قوله عز وجل:  ومن عنده علم الكتاب  إنه عبد الله بن سلام. وأنكر ذلك عكرمة والحسن وقالا: كيف يكون ذلك والسورة مكية وإسلام عبد الله بن سلام كان بعد ? قال ابن عبد البر: وكذلك سورة الأحقاف مكية فالقولان جميعا لا وجه لهما عند الاعتبار إلا أن يكون في معنى قوله:  فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك  . وقد تكون السورة مكية وبعضها آيات مدنية كالأنعام وغيرها. وقد روى له الجماعة.

المرادي عبد الله بن سلمة المرادي. روى عن علي وابن مسعود وصفوان بن عسال. وتوفي في حدود الثمانين. وروى له الأبعة.

عبد الله بن سليمان

السجستاني الحافظ

 

صفحة : 2396

 

عبد الله سليمان بن داود بن الأشعث بن إسحاق بن بشير، أبو بكر الأزدي، الحافظ السجستاني. ولد بسجستان ونشأ ببغداد وسمع بهما وبالحرمين ومصر والشام والثغور جماعة. وروى عنه جماعة. قال النحاس: سمعت ابن أبي داود يقول رأيت أبا هريرة في النوم - وأنا بسجستان وأنا أصنف حديث أبي هريرة - كث اللحية ربعة أسمر عليه ثياب غلاظ فقلت: إني لأحبك يا أبا هريرة فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا، فقلت: كم من رجل أسند عن أبي صالح عنك? قال: مائة رجل، قال ابن أبي داود: فنظرت فإذا عندي نحوها. قال السلمي، سألت الدارقطني عن ابن أبي داود فقال: ثقة كثير الخطأ في الكلام على الحديث. وقال ابن الشخير: إنه كان زاهدا، ناسكا. صلى عليه نحو ثلاث مائة ألف رجل وأكثر. توفي سنة خمس عشرة وثلاثمائة.

الحافظ ابن حوط الله عبد الله بن سليمان بن داود بن عبد الرحمان بن سليمان بن عمر بن حوط الله، وأبو محمد الأنصاري الحارثي الأندلسي الأندي - بالنون الساكنة - الحافظ. ولد بأندة سنة تسع وأربعين وخمسمائة، وتوفي سنة اثنتي عشرة وستمائة. سمع الكثير وأجازه خلق. ألف كتابا في تسمية رجال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي نزع فيه منزع أبي نصر الكلاباذي ولم يكمله، ولم يكن في زمانه أكثر سماعا منه. وله الرسائل والخطب والمشاركة في نظم الشعر. أقرأ بقرطبة القرآن والنحو، وأقرأ أولاد المنصور صاحب المغرب بمراكش، ونال من جهتهم دنيا عريضة، وولي قضاء إشبيلية.

ابن يخلف الصقلي عبد الله بن سليمان بن يخلف الصقلي، أبو القاسم الكلبي. أحد الأدباء المجيدين والشعراء المعدودين. وله تأليفات ومصنفات في الرد على العلماء. فمن مختار شعره قوله: من المتقارب

نعيمي أحـلـى بـتـلـك الـديار                      رواحي إلى لـذة وابـتـكـاري

فليت ليالي الـصـدود الـطـوال                      فداء ليالي الوصال الـقـصـار

زمانـا أبـيت طـلـيق الـرقـاد                      وأغدو خلـيا خـلـيع الـعـذار

ولم يكن الهجـر مـمـا أخـاف                      ولا العاذل الفـظ مـمـا أداري

أسابق صبحي بصـبـح الـدنـان                      وأصرف ليلي بصرف الكـبـار

ألا رب يوم لـنـا بـالـمـروج                      بخيل الضياء جـواد الـقـطـار

كأن الـشـقـيق بـهـا وجــنة                      بآخرهـا لـمـعة مـن عـذار

وسوسنها مثل بـيض الـقـبـاب                      بأوساطها عمـد مـن نـضـار

ترى النرجس الغض فوق الغصون                      مثل المصابيح فـوق الـمـنـار

أقمنا نسابـق صـرف الـزمـان                      بدارا إلى عيشنا المـسـتـعـار

نجيب وصوت القنانـي الـقـيان                      إذا ما أجابت غناء الـقـمـاري

وتصبح عيداننا في اصـطـخـاب                      يلذ وأطيارنـا فـي اشـتـجـار

نشم الـخـدود شـمـيم الـرياض                      ونجني النهود اجتنـاء الـثـمـار

ونسقى على النور مثل النـجـوم                      ومثل البدور اعتلـت لـلـمـدار

عقارا هي النـار فـي نـورهـا                      فلولا المزاج رمت بـالـشـرار

إذا ما لقـيت الـلـيالـي بـهـا                      فأنت على صرفهـا بـالـخـيار

نعمنـا بـهـا وكـان الـنـجـوم                      دراهم من فـضة فـي نـثـار وقوله: من الوافر

شربت على الرياض النـيرات                      وتغريد الحمام السـاجـعـات

معتقة ألذ من الـتـصـابـي                      واشرف في النفوس من الحياة

تسير إلى الهموم بـلا ارتـياع                      كما سار الكمي إلى الكـمـاة

وتجري في النفوس شفـاء داء                      مجاري الماء في أصل النبات

كأن حبابـهـا سـيل مـقـيم                      لصيد الألسن المتـطـايرات

لنا من لونها شفق الـعـشـايا                      ومن أقداحها فلـق الـغـداة منها: من الوافر

كأن الأقحوان فصوص تبـر                      تركب في اللجين موسطـات

ونارنج على الأغصان يحكـي                      كؤوس الخمر في أيدي السقاة

إذا ما لم تنعمـنـي حـياتـي                      فما فضل الحياة على الممات وقوله: من الوافر

أرحت النفس من هم براح                      وهان علي إلحاح اللواحي

 

صفحة : 2397

 

 

وصاحبت المدام وصاحبتنـي                      على لذاتها وعلى سمـاحـي

فما يبقى على طرب مصون                      ولا أبقي على مال مـبـاح

ثوت في دنها ولـهـا هـدير                      هدير الفحل ما بين اللـقـاح

وصفتها السنون ورققـتـهـا                      كما رق النسيم مع الـرواح

إلى أن كشفت عنها اللـيالـي                      ونالتها يد القدر الـمـتـاح

فأبرزها بزال الدن صـرف                      كما انبعث النجيع من الجراح قلت شعر جيد غاية الأندلسي المقرىء عبد الله بن سهيل بن يوسف، أبو محمد الأنصاري الأندلسي المقرىء. كان ضابطا للقراآت، عارفا بمعانيها وهو إمام أهل وقته. وكانت بينه وبين القاضي أبي الوليد الباجي منافرة عظيمة بسبب مسألة الكتابة. وكان ابن سهل يلعنه في حياته. وتوفي ابن سهل سنة ثمانين وأربعمائة.

القشيري عبد الله بن سوادة القشيري. ثقة. توفي في حدود الأربعين ومائة. وروى له مسلم والأربعة.

القاضي العنبري عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة العنبري القاضي البصري. وثقه أبو داود وغيره. قال المحدثون: كان صاحب سنة وعلم. وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائتين. وروى عنه النسائي.

المعداني عبد الله بن شاكر بن حامد. هو شمس الدين أبو المناقب ابن أبي المطهر المعداني. قد تقدم ذكر أبيه شاكر في حرف الشين مكانه . قال العماد الكاتب: ودعته بإصبهان سنة تسع وأربعين، يعني وخمسمائة وهو شاب فاضل، كامل، وله اليد الطولى في الهندسة وعلم النجوم والموسيقى. وله شعر فارسي حسن وعربي لا بأس به. وسمعت في دمشق سنة إحدى وسبعين - يعني وخمسمائة - من بعض الواصلين من إصبهان أن شمسه غربت وأن نغبة حسامه نضبت. وأورد له: من مجزوء الخفيف.

 

لفح وجد تـعـرضـا                      لفؤادي من الغـضـا

شبه لمـع بـنـجـوة                      في دجى الليل أومضا

من هوى أغـيد رنـا                      فرماني وأغمـضـا

عرض العرض للعدى                      ثم عادى فأعـرضـا

فشفـى بـعـد داره                      قلب صب ممرضـا

قلت لمـا كـفـيتـه                      لمن اغرى وحرضـا

أمسك القول لا تطـل                      ذاك دور قد انقضـى  عبد الله بن شبرمة بن الطفيل

أبو شبرمة الضبي الكوفي الفقيه

عالم الكوفة في زمانه مع أبي حنيفة. وهم عم عمارة بن القعاع وعمارة أسن منه وأوثق. روى عن أنس وأبي وائل وعبد الله بن شداد بن الهاد وأبي طفيل عامر بن واثلة وأبي زرعة وإبراهيم النخعي والشعبي وخلق. وثقه ابن حنبل وغيره. قال العجلي: كان عفيفا، صارما، عاقلا، خيرا، يشبه النساك، شاعرا جوادا، كريما، وهو قليل الحديث له نحو خمسين حديثا، وكان عيسى بن موسى لا يقطع أمرا دونه - وهو ولي العهد بعد المنصور. توفي عبد الله سنة أربع وأربعين ومائة، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

عبد الله بن شرحبيل بن حسنة

لم يلحق الرواية عن أبيه. وروى عن عثمان وعبد الرحمان بن أزهر. وتوفي في حدود التسعين للهجرة.

علم الدين المرزوقي عبد الله بن شرف بن نجدة المرزوقي، علم الدين. أخيرني الإمام العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: كان يحضر معنا عند قاضي القضاة تقي الدين بن رزين، وكان معيدا بالمشهد الحسيني. ألف شرحا للتنبيه وأنفذه إلى الشيخ بهاء الدين بن النحاس، فكتب عليه نشرا يصفه وأعاده فأنفذ المرزوقي أبياتا يشكره على ذلك وهي: من مجزوء البسيط

يا ملك الرق والـرقـاد                      ومن له الفضل والأيادي

ومن تحلى التقى لباسـا                      وأرشد الناس للـسـداد

ومن علا ذروة المعالي                      وخلف الناس في وهاد

ومن غدا في العلوم بحرا                      آذيه الدهر فـي ازدياد

وصار مدح الأنام وقفـا                      على علاه إلى التـنـاد

شرفت ما قد نظرت فيه                      شرفك الله في المعـاد

وهو كتاب عنـيت فـيه                      ولم أنل منتهى مـرادي

جمعت فيه غر المعاني                      من كتب جـمة عـداد

وعاند الدهر فيه حظـي                      والدهر ما زال ذا عناد

 

صفحة : 2398

 

 

فمهد العـذر فـيه عـنـي                      إن كنت قصرت في اجتهاد

لا زلت للعرف ذا اصطناع                      ترأب ما كـان ذا فـسـاد فأجاب الشيخ بهاء الدين عن ذلك: من مجزوء البسيط

يا فارسا في العلوم أضحى                      يزيد نظما عـلـى زياد

وراويا للحديث أمـسـى                      يفوق فيه على المـرادي

ومنسيا سيبـويه نـحـوا                      بلفظه الفائق الـمـفـاد

من دونه الأصمعي فيمـا                      رواه قدما عن البـوادي

فمسند الفضل عنـه يروي                      ونظمه جل عن سـنـاد

شيدت للشافـعـي ذكـرا                      بمنـطـق دونـه الأيادي

فاسلم لتهدى بك الـبـرايا                      فأنت للفضل خـير هـاد

إليك في معضل مـفـر                      وهل معاذ سوى العمـاد

ومن يجاريك في قـريض                      يعارض البحر بالثـمـاد المدني عبد الله بن شداد بن الهاد المدني. أمه سلمى بنت عميس أخت أسماء كانت تحت حمزة، فلما اشتشهد تزوجها شداد. روى عن أبيه وطلحة ومعاذ وعلي بن مسعود وعائشة وأم سلمة. وتوفي في حدود التسعين. وروى له الجماعة.

الزهري الأكبر عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري. وهو جد ابن شهاب الزهري الفقيه. قال الزبير: هما أخوان عبد الله بن الأكبر وعبد الله بن الأصغر ابنا شهاب بن عبد الله، كان اسم عبد الله هذا عبد الجان فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله، هاجر إلى الحبشة ومات بمكة قبل الهجرة إلى المدينة.

الزهري الأصغر عبد الله بن شهاب، أخو المتقدم ذكره. وهذا هو الأصغر. شهد أحدا مع المشركين ثم أسلم بعد، وهو جد محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الفقيه. قال ابن إسحاق: هو الذي شج رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه وابن قمئة جرح وجنته وعتبة كسر رباعيته. وحكى الزهري عن عبد الرحمان بن عبد الله بن عبد العزى الزهري قال: ما بلغ أحد الحلم من ولد عتبة بن أبي وقاص إلا بخر أو هتم لكسر عتبة رباعية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روي ان عبد الله بن شهاب الأصغر هو جد الزهري من قبل أمه، وأما جده من قبل أبيه فهو عبد الله بن شهاب الأكبر، وأن عبد الله الأصغر هو الذي هاجر إلى الحبشة وقدم مكة ومات بها قبل الهجرة.

المقدسي عبد الله بن شوذب البلخي البصري ثم المقدسي. وثقه أحمد وغيره. كان معاشه من كسب غلمانه في السوق. توفي سنة ست وخمسين ومائة. وروى له الأربعة.

عبد الله بن صالح

العجلي عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي الكوفي المقرئ، والد الحافظ أحمد بن عبد الله صاحب التاريخ. قرأ القرآن عن حمزة الزيات. وهو آخر من قرأ عليه موتا. وروى عنه وعن أبي بكر النهشلي والحسن ابن صالح بن حي وعبد الرحمان بن ثابت بن ثوبان وفضيل بن مرزوق وزهير بن معاوية وحماد بن سلمة وأسباط بن نصر وشبيب بن شيبة وعبد العزيز بن الماجشون وجماعة. وروى عنه البخاري - فيما قيل، وابنه أحمد بن عبد الله العجلي، وأحمد ابن أبي عزرة، وأحمد بن يحيى البلاذري الكاتب، وبشر بن موسى، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، ومحمد ابن غالب تمتام، وإبراهيم الحربي وخلق سواهم. ولد بالكوفة سنة إحدى وأربعين ومائة، وتوفي سنة إحدى عشرة ومائتين. وقيل في حدود العشرين قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صدوق. وقال ابن حبان في كتاب الثقات: كان مستقيم الحديث.

الجهني كاتب الليث

 

صفحة : 2399

 

عبد الله بن صالح بن محمد بن مسلم الجهني - مولاهم - المصري. أبو صالح كاتب الليث بن سعد. ولد سنة سبع وثلاثين ومائة، وتوفي يوم عاشوراء سنة ثلاث وعشرين ومائتين. ورأى زبان بن فائد وعمرو ابن الحارث، وسمع موسى بن علي بن رباح ومعاوية بن صالح ويحيى بن أيوب وعبد العزيز الماجشون وسعيد بن عبد العزيز التنوخي ونافع بن يزيد وجماعة. وأكثر عن الليث. وعنه يحيى بن معين والذهلي والبخاري - على الصحيح - في الصحيح وأبو حاتم وأبو إسحاق الجوزجاني وإسماعيل بن سمويه وحميد بن زنجويه والدرامي وعثمان بن سعيد الدرامي وأبو زرعة الدمشقي ومحمد بن إسماعيل الترمزي وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل وخلق. كان ابن معين يوثقه، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال ابن عدي: عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في حديثه غلط ولا يتعمد الكذب. وروى له داود والترمذي وابن ماجة.

الجمحي عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي المكي. ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وحدث عن أبيه وعمر وأبي الدرداء وصفية بنت أبي عبيد. وتوفي سنة ثلاث وسبعين للهجرة. وروى له مسلم والنسائي وابن ماجة.

أمير المدينة عبد الله بن صفوان الجمحي، أمير المدينة. توفي سنة ستين ومائة.

الصاحب شمس الدين غبريال

 

صفحة : 2400

 

عبد الله بن الصنيعة المصري. الصاحب شمس الدين. كان مستوفي الخزانة بالديار المصرية، ثم إنه ولي نظر البيوت بعد ذلك. وكان له الخزانة في أيام السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين ثم إنه بعد نظر البيوت بالديار المصرية حضر إلى دمشق وولي نظر الجامع الأموي ثم نقل إلى نظر النظار بدمشق، وانتمى إلى الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله، وتمسك به فطالت أيامه وامتدت ورزق السعادة العظيمة في مباشرته. وكانت أيامه للمباشرين كأنها أحلام لأمنها وكثرة خيرها، وكان كلما انتشا أحد من الأمراء الخاصكية بمصر خدمه وباشر أموره في الشام بنفسه، فكان أولئك يعضدونه ويقيمونه، وإذا جاء أحد من ممالكهم أو من جهتهم نزل عنده وخدمه، وكان مرجع دواوينهم إليه وأموالهم تحت يده يتجر لهم فيها مثل بكتمر الساقي، وقوصون، وبشتاك وغيرهم، كل من له علاقة الشام لا يخرج الحديث عنه. وكان هو والقاضي كريم الدين متعاضدين جدا، ودامت أيامهما مدة، وتولى نظر الدولة مع الجمالي الوزير بالديار المصرية مدة تزيد على السنة ونصف فيما أظن، ثم إنه سعى وعاد إلى نظر دمشق وأقام بها إلى سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة، فتنكر السلطان له وتغير عليه الأمير سيف الدين تنكز، فورد المرسوم بالقبض عليه فأمسك بدمشق وأخذ منه أربعة مائة ألف درهم، ثم إنه طلب إلى مصر وأخذ خطه بألف ألف درهم وأفرج عنه فوزن ذلك وبقي عليه ما يقارب المائتي ألف درهم، فاستطلق قوصون له ذلك من السلطان. ثم إن السلطان غير خاطره عليه وقيل إن له ودائع في دمشق، فكتب السلطان إلى تنكز قتتبع ودائعه وظهر له شيء كثير فحمل إلى السلطان. ولما مات في شوال سنة أربع وثلاثين وسبعمائة وقع اختلاف بين أولاده في الميراث، فطلع ابنه صلاح الدين بوسف - ولم يكن له ولد ذكر غيره - إلى السلطان ونم على أخواته فأخذ منهم شيء كثير من الجوهر فيرى الناس أن الذي أخذ من ماله أولا وآخرا ما يقارب الألفي ألف درهم. ولم يحك عنه أنه نكب ظاهرا مدة عمره إلا هذه النكبة التي مات فيها، ولم يرم أحد عليه عود ريحان ولا ضرب ولا أهين. وكان في دمشق في المدرسة والترسيم الذي عليه أمير طبلخاناه يعرف بعلاء الدين المرتيني، ولما أفرج عنه بدمشق خرج الناس له بالشمع وفرحوا به فرحا عظيما ولم يشك أحد عليه أبدا. وقد باشر نظر الدواوين مدة تزيد على أربع وعشرين سنة، ولما طلب إلى مصر أنزل في الطبقة التي على دار الوزارة، وكان هناك قاعدا على مقاعد سنجاب وسرسينا وغير ذلك. والأمير علاء الدين ابن هلال الدولة شاد الدواوين والأمير صلاح الدين الدوادار والقاضي شرف الدين النشو ناظر الخاص يترددون إليه في الرسائل عن السلطان إلى أن كتب خطه بما طلب منه، ونز إلى بيته عزيزا كريما، وكانت أيامه بدمشق كأنها مواسم، والخير يتدفق وأموال السلطان كثيرة، وكان فيه ستر وحلم وما وقع لأحد من الدماشقة الكبار واقعة إلا ورقع خرقها وسد خللها على أحسن الوجوه، وعمر جامعا على باب شرقي عند دير القعاطلة ووقف عليه وقفا. وعمر بالرحبة بيمارستانا وعمر بكرك نوح بالبقاع طهارة وأجرى الماء هناك في قناة. ولما مات كان في عشر الثمانين، وعمل بعد موته محضر بأنه بأنه خان في مال السلطان واشترى به أملاكا وقفها وليس له ذلك وشهد بذلك كمال الدين مدرس الناصرية وابن أخيه القاضي عماد الدين ناظر الجامع وعلاء الدين ابن القلانسي وعز الدين ابن المنجا وتقي الدين ابن مراجل وآخرون، وامتنع عز الدين ابن القلانسي ناظر الخزانة. ونظر المحضر وأريد بيع أملاكه فوقف قوصون للسلطان للسلطان في ذلك واستطلقها لأولاده. وكان يسمع البخاري في ليالي رمضان وليلة ختمة يحتفل بذلك، ويعمل مولد النبي صلى الله عليه وسلم في كل سنة ويحضره كبار الأمراء والفقهاء والقضاة والمتعممين والمحتشمين ويظهر تجملا زائدا ويخلع على الذي يقرأ المولد. وكتبت أنا إليه لما عمر البيمارستان بالرحبة أبياتا وهي: من الكامل

يا سيد الوزراء ذكرك قد عـلا                      فكأنه حيث اغـتـدى كـيوان

لك جامع بدمشق أضحى جامعا                      للفضل فيه الحسن والإحسـان

وأمرت أن يبنى برحبة مالـك                      من جودك المبرور مارستـان

 

صفحة : 2401

 

 

أنشأت ذاك وذا فجئت بآية                      صحت بها الأديان والأبدان  عبد الله بن طاهر

الخزاعي الأمير عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق بن ماهان الخزاعي أبو العباس. كان نبيلا، عالي الهمة، شهما، وكان المأمون كثير الاعتماد عليه لذاته، ورعاية لحق والده. وكان واليا على الدينور، فلما خرج بابك الخرمي على خراسان وأوقع الخوارج بأهل قرية الحمراء من أعمال نيسابور وأكثروا فيها الفساد بعث المأمون إليه يأمره بالخروج إلى خراسان، فخرج إليها في نصف شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة ومائتين وحارب الخوارج، وقدم نيسابور في رجب سنة خمس عشرة ومائتين، وكان المطر قد انقطع عنها تلك السنة، فلما دخلها أمطرت دخلها مطرا كثيرا فقام إليه رجل بزاز من حانوته وأنشده: من المنسرح

قد قحط الناس في زمانهم                      حتى إذا جئت جئت بالدرر

غيثان في ساعة لنا قدمـا                      فمرحبا بالأمير والمطـر وفيه يقول أبو تمام الطائي - وقد قصده من العراق، فلما انتهى إلى قومس وقد طالت عليه المشقة وبعدت الشقة: من البسيط

يقول في قومس صحبي وقد أخذت                      منا السرى وخطى المهرية القود

أمطلع الشمس تبغي أن تؤم بـنـا                      فقلت كلا ولكن مطلع الـجـود ولما وصل إليه أنشده قصيدته التي يقول فيها: من الطويل

فقد ثبت عبد الله خوف انتقامـه                      على الليل حتى ما تدب عقاربه وكان عبد الله ظريفا جيد الغناء، نسب إليه صاحب الأغاني أصواتا كثيرة نقلها عنه أهل الصنعة. وكان بارع الأدب، حسن الشعر ومن شعره: من الخفيف

نحن قوم تليننا الـحـدق الـنـج                      ل على أننـا نـلـين الـحـديدا

طوع أيدي الظباء تقتادنا الـعـي                      ن ونقتاد بالـطـعـان الأسـودا

نملك الصيد ثم تملكـنـا الـبـي                      ض المصونات أعينـا وخـدودا

تتقي سخطنا الأسود ونـخـشـى                      سخط الخشف حين يبدي الصدودا

فتـرانـا يوم الـكـريهة أحـرا                      را وفي السلم للغـوان عـبـيدا وقيل إنها لأصرم بن حميد. ومن مشهور شعر عبد الله بن طاهر: من الخفيف

إغتفر زلتي لتحرز فضل الش                      كر مني ولا يفوتك أجـري

لا تكلني إلى التوسل بالـعـذ                      ر لعلي أن لا أقوم بعـذري ولما افتتح عبد الله بن طاهر مصر سوغه المأمون خراجها سنة فصعد المنبر فلم ينزل حتى أجاز به كله، وكان ثلاثة آلاف ألف دينار أو نحوها، وقبل نزله أتاه معلى الطائي وقد أعلموه لما صنع عبد الله بالناس في الجوائز وكان عليه واجدا، فوقف بين يديه تحت المنبر فقال: أصلح الله الأمير أنا معلى الطائي ما كان منك من جفاء وغلظ فلا يغلظ علي قلبك ولا يستخفنك ما بلغك، أنا الذي أقول: من البسيط

يا أعظم الناس عفوا عند مقـدرة                      وأظلم الناس عند الجود والمـال

لو يصبح النيل يجري ماؤه ذهبـا                      لما أشرت إلى خزن بمـثـقـال

تعني بما فيه رق الحمد تملـكـه                      وليس شيء أعاض الحمد بالغالي

تفك باليسر كف العسر من زمـن                      إذا استطال على قـوم بـإقـلال

لم تخل كفك من جود لمختـبـط                      أو مرهف قاتل من رأس قتـال

وما بثثت رعيل الخيل في بـلـد                      إلا عصـفـن بـأرزاق وآجـال

هل في سبيل إلى أذن فقد ظمئت                      نفسي إليك فما تروى على حـال

إن كنت منك على حال مننت بـه                      فإن شكرك من حمد لى بـالـي

ما زلت مقتضيا لولا مجـاهـرة                      من ألسن خضن في بشري بأقوال

 

صفحة : 2402

 

فضحك عبد الله وسر بها وقال: يا أبا السمراء بالله أقرضني عشرة آلاف دينار فما أمسيت أملكها فأقرضه إياها فدفعها إلى معلى الطائي. ومن كلامه: سمن الكيس ونيل الذكر لا يجتمعان في موضع واحد وتنقل في الاعمال الجليلة ولما وصل إلى مصر وقف على بابها وقال: أخزى الله فرعون ملك مثل هذه القرية، فقال: أنا ربكم الأعلى ما كان أخبثه وأدنى همته والله لا دخلتها وكان جوادا، ممدحا وفد عليه دعبل الخزاعي فوصل إليه منه ثلاث مائة ألف درهم. وقيل: إنه وقع مرة على رقاع فبلغ ذلك ألفي ألف درهم وسبعمائة ألف درهم. وحكاياته في الجود كثيرة بالغة، وفيه يقول بعض الشعراء وهو بمصر: من الطويل

يقول أناس إن مصـرا بـعـيدة                      وما بعدت يوما وفيها ابن طاهر

وأبعد من مصر رجال تـراهـم                      بحضرتنا معروفهم غير حاضر

عن الخير موتى ما تبالي أزرتهم                      على طمع أم زرت أهل المقابر وذكر الوزير ابن المغربي في كتاب أدب الخواص أن البطيخ العبدلاوي الموجود بالديار المصرية منسوب إلى عبد الله المذكور. وتأدب عبد الله في صغره. وقرأ العلم والفقه، سمع من وكيع ويحيى بن الضريس وعبد الله المأمون. ولد سنة اثنتين وثمانين ومائة، وتوفي سنة ثلاثين ومائتين، وقيل: سنة ثمان وعشرين.

أبو القاسم الإسفرائيني عبد الله بن طاهر بن محمد بن شهفور. أبو القاسم التميمي الإسفرائيني. نزل بلخ وأقام بها، وتولى التدريس بالنظامية. وكان إماما فقيها، فاضلا نبيلا، حسن المعرفة بالأصول والفروع، جيد الكلام في مسائل الخلاف، له جاه وثروة وحشمة ومنزلة عند الأكابر. سمع من جده لأمه أبي منصورعبد القاهر بن طاهر البغدادي، وعلي بن محمد بن محمد الطرازي، وعبد الرحمان بن حمدان النصروي وجماعة، وورد بغداد وحدث بها. أنفذ إلى شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري لما قدم من هراة إلى بلخ بما قيمته ألف دينار هروية مما يحتاج إليه من الخيم والفرش والبسط وما استرد منه شيئا. وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

ابن أبي طاهر المرداوي عبد الله بن أبي الطاهر بن محمد الشيخ الصالح، أبو عبد الرحيم المقدسي المرداوي. أول سماعه سنة ست وثلاثين بمردا من خطيبها، وسمع من الضياء الحافظ واليلداني. وتلقن بمدرسة أبي عمر ثم رجع وحدث في أيام ابن عبد الدائم. روى عنه ابن الخباز. قال الشيخ شمس الدين: وسمع منه الأصحاب كان معمرا من أبناء التسعين، وهو آخر أصحاب أصحاب فلقهفالعقعلالشيخ الضياء بالسماع. توفي بمراد سنة إحدى وعشرين وسبعمائة.

??اليماني عبد الله بن طاوس اليماني. سمع أباه وعكرمة وعمر بن شعيب وعكرمة بن خالد. وكان من أعلم الناس بالعربية، قد وثقوه. قال ابن خلكان في تاريخه أن المنصور طلب ابن طاوس ومالك بن أنس فصدعه ابن طاوس بكلام. وهذا لا يستقيم لأن ابن طاوس مات قبل المنصور. وتوفي ابن طاوس في سنة اثنتين وثلاثين ومائة. وروى له الجماعة.

ذو النور الصحابي عبد الله بن الطفيل الأزدي ثم الدوسي. أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم نورا في جبينه ليدعو قومه به، فقال: يا رسول الله هذه مثلة، فجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سوطه، فكان يقول له ذو النور. وذو النور هو الطفيل بن عمرو بن طريف الدوسي وهو الصحيح. وقد تقدم ذكر ذلك في ترجمة الطفيل. كذا ذكره في الموضعين ابن عبد البر وهو وهم والله أعلم، وإنما وهم ابن عبد البر لأنه نقل ذلك تقليدا للمبرد في ترجمة ذي اليدين في حرف الذال وسرد فيها الأذواء الذين ذكرهم المبرد في الكامل.

مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عاتكة القرشي العامري. قال ابن عبد البر: لم يختلفوا أنه من بني عامر بن لؤي: وأمه أم مكتوم. واختلفوا في اسم أبيه، فقال بعضهم: هو عبد الله بن زائدة بن الأصم، وقال آخرون: هو عبد الله بن قيس بن مالك بن الأصم. وكان قديم الإسلام بمكة وهاجر إلى المدينة. قيل: قدمها بعد بدر بيسير فنزل دار القراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستخلفه في أكثر غزواته على المدينة. وأهل المدينة يقول: اسمه عبد الله، وأهل العراق يقولون: اسمه عمرو. وكان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم مع بلال. وشهد القادسية.

عبد الله بن عامر

 

 

صفحة : 2403

 

عبد الله بن عامر بن زرارة روى عنه?? مسلم وأبو داود وابن ماجة وبقي بن مخلد. قال أبو حاتم: صدوق. وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

ابن عامر المقرئ عبد الله بن عامر اليحصبي، واختلف في كنيته فقيل: أبو نعيم وهو أحد القراء السبعة. قيل: إنه قرأ على عثمان بن عفان رضي الله عنه وقيل: على أبي الدرداء، وقيل: على معاذ بن جبل، وقيل: قراءة أهل الشام موقوفة على قراءة ابن عامر اليحصبي، وقيل: قرأ على معاوية بن أبي سفيان. وروى الحديث عن عثمان وأبي الدرداء وزيد بن ثابت. وتوفي سنة ثمان عشرة ومائة. وكان يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان، وانتقلت إلى دمشق ولي تسع سنين. وروى له مسلم والترمذي. وولي قضاء دمشق بعد أبي إدريس الخولاني. وكان يغمز في نسبه، وكان يزعم أنه من حمير، فجاء رمضان فقالوا: من يؤمنا? فذكروا المهاجر بن أبي المهاجر، فقيل ذاك مولى، فبلغت سليمان بن عبد الملك فلما استخلف بعث إلى المهاجر بن أبي المهاجر، فقال: إذا كان أول ليلة من رمضان فقف خلف الإمام، فإذا تقدم ابن عامر فخذ بثيابه واجذبه وقل: تأخر فلن يؤمنا دعي وصل أنت يا مهاجر. ويقال إنه سمع قراءة عثمان في الصلاة. ويقال: قرأ عليه نصف القرآن، ولم يصح. وقيل: كان والي الشرطة لعثمان. قال الشيخ شمس الدين: الأصح أنه ثابت النسب وكان قاضي الجند، وكان على بناء مسجد دمشق، وكان رأس المسجد لايرى فيه بدعة إلا غيرها. توفي يوم عاشوراء وله سبع وتسعون سنة. وطول ترجمته فيكتاب طبقات القراء. وقال سعيد بن عبد العزيز: ضرب ابن عامرعطية بن قيس لكونه رفع يديه في الصلاة.

أبو محمد العنزي عبد الله بن عامر بن ربيعة، أبو محمد العنزي. وعنز أخو بكر بن وائل، المدني. أبوه عامر من كبار الصحابة. روى عن أبيه وعمر وعثمان وعبد الرحمان بن عوف. وولد سنة ست من الهجرة، وتوفي سنة خمس وثمانين للهجرة. وروى له الجماعة.

والي خراسان عبد الله بن عامر بن كريز بن حبيب بن عبد شمس العبشمي، وابن خال عثمان بن عفان. ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتي به وهو صغير فقال: هذا شبهنا وجعل يتفل عليه ويعوذه فجعل عبد الله يتسوغ ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه لمسقى، فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء. وكان ميمون النقيبة كثيرالمناقب. وهو افتتح خراسان، وقتل كسرى في ولايته، وأحرم من نيسابو شكرا لله تعالى. وهو الذي عمل السقايات بعرفة. وفي سنة تسع وعشرين عزل عثمان أبا موسى الأشعري عن البصرة وعثمان ابن أبي العاص عن فارس وجمع ذلك كله لعبد الله بن عامر بن كريز وهو ابن أربع وعشرين سنة. وافتتح أطراف فارس كلها وعامة خراسان وإصبهان وحلوان وكرمان. وهو الذي شق نهر البصرة. ولم يزل واليا على البصرة إلى أن قتل عثمان. وعقد له معاوية على البصرة ثم عزله عنها. وكان أحد الأجواد وأوصى إلى عبد الله بن الزبير، ومات قبله بيسير هو الذي يقول في ابن أذينة: من الطويل

فإن الذي أعطى العراق ابن عامر                      لربي الذي أرجو لسد مفارقـي وفيه يقول زياد الأعجم أبياته منها: من الوافر

وأحسن ثم أحسن ثم عدنـا                      فأحسن ثم عدت له فعادا

مرارا ما رجعت إليه إلا                      تبسم ضاحكا وثنى الوسادا  عبد الله بن عباس

حبر الأمة رضي الله عنه

 

صفحة : 2404

 

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي، أبو العباس الحبر البحر، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو الخلفاء. ولد في شعب بني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له بالحكمة مرتين. وقال ابن مسعود: نعم ترجمان القرآن ابن عباس وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان، وعلي، وأبي، وأبيه العباس، وأبي ذر، وأبي سفيان، وطائفة من الصحابة، وقال مجاهد: مارأيت أحدا قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وإنه لحبر هذه الأمة، وكان يسمى البحر لكثرة علومه. وعن عبيد الله بن عبد الله قال: كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبق، وفقه ما احتيج إليه، وحلم ونسب ونائل، ولا رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقضاء أبي بكر وعمرو وعثمان ولا أعلم بشعر منه. وتوفي سنة ثمان وستين للهجرة. وروى له الجماعة. أخرجه عبد الله ابن الزبير إلى الطائف، وبها توفي وهو ابن سبعين سنة، وقيل: ابن إحدى وسبعين سنة. وصلى عليه محمد بن الحنفية، وكبر عليه أربعا، وقال: اليوم مات رباني هذه الأمة، وضرب على قبره فسطاطا. روي من وجوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اللهم علمه الحكمة وتأويل القرآن ففي بعض الروايات: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل. وفي حديث: اللهم بارك فيه وانشر منه واجعله من عبادك الصالحين، وفي حديث: اللهم زده علما وفقها. قال ابن عبد البر: وهي كلها أحاديث صحاح. وكان عمر رضي الله عنه يحبه ويدنيه ويقربه ويشاوره مع جلة الصحابة. وكان عمر يقول: ابن عباس فتى الكهول، له لسان سئول وقلب عقول. وقال طاووس: أدركت نحو خمسمائة من الصحابة إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه لم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله. وقال يزيد بن الأصم: خرج معاوية حاجا معه ابن عباس، وكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم، وقال عبد الله بن يزيد الهلالي: من الطويل

ونحن ولدنا الفضل والحبر بعـده                      عنيت أبا العباس ذا الفضل والندى وفيه يقول حسان بن ثابت: من الطويل

إذا ما ابن عباس بدا لك وجـهـه                      رأيت له في كل أحواله فضـلا

إذا قال لم يترك مـقـالا لـقـائل                      بمنتظمات لا ترى بينها فـضـلا

كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع                      لذي إربة في القول جدا ولا هزلا ومر عبد الله بن صفوان يوما بدار عبد الله بن عباس فرأى فيها جماعة من طالبي الفقه، ومر بدار عبيد الله بن العباس فرأى فيها جمعا يتناوبونها للطعام، فدخل على ابن الزبير فقال له: أصبحت والله كما قال الشاعر: من البسيط

فإن تصبك من الأيام قـارعة                      لم نبك منك على دينا ولا دين قال: وماذاك يا أعرج ? قال: هذان ابنا العباس، أحدهما يفقه الناس والآخر يطعم الناس، فما أبقيا ذلك لك مكرمة، فدعا عبد الله بن مطيع وقال له: إنطلق إلى ابني عباس فقل لهما، يقول لكما أمير المؤمنين: أخرجا عني أنتما ومن انضوى إليكما من أهل العراق، وإلا فعلت وفعلت، فقال عبد الله بن عباس: والله ما يأتينا من الناس إلا رجلان: رجل يطلب فقها ورجل يطلب فضلا، فأي هذين نمنع? وكان ابن عباس قد عمي آخر عمره. وروي عنه أنه رأى رجلا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعرفه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال له: أرأيته? قال: نعم قال: ذاك جبريل عليه السلام، أما إنك ستفتقد بصرك فعمي في آخر عمره، فهو القائل فيما روي عنه: من البسيط

إن يأخذ الله من عيني نورهمـا                      ففي لساني وقلبي منهما نـور

قلبي ذكي وعقلي غير ذي دخل                      وفي فمي صارم كالسيف مأثور وروي أن طائرا أبيض خرج من قبره فتأولوه علمه خرج إلى الناس، ويقال: بل دخل قبره طائر أبيض، فقيل: إنه بصره بالتأويل وقيل: جاء طائر أبيض فدخل نعشه حين حمل فما رئي خارجا منه. وشهد عبد الله بن عباس الجمل وصفين والنهروان مع علي بن طالب.

حفيد وزير الرشيد

 

صفحة : 2405

 

عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع بن يونس. كان الفضل وزير الرشيد هارون وحفيده هذا عبد الله كان موصوفا بالبراعة مليح الشعر والغناء. قال إبراهيم الرقيق في كتاب الأغاني، كان عبد الله يقول: كنت أول من ضرب الكنكلة وهي طنبور بثلاثة أوتار. قال، فغنيت عليها بشعر الأعشي: من المتقارب

أتاني يؤامرني في الصبو                      ح ليلا فقلت له: غادها فأخذته مني صبية كانت بحذاء الفضل فوهبها لإبراهيم الموصلي فغنته له فأخذه عنها فقال: أني لك هذا ? قالت: أخذته عبد الله بن عباس، قال: فغناه الرشيد، فقال: ممن يقول هذا الصوت? قال: يقوله بعض مواليك قال: من من موالي يحسن مثل هذا ولا أعرفه? قال: فخفت الفضل ولم أجد من إعلام الرشيد بدا فعرفته أمره، فقال للفضل: أحضرني ابن ابنك - وعرفه الخبر، فقال: وولائك يا أمير المؤمنين ما علمت بشيء من هذا إلا في ساعتي هذه فانصرف ودعاني وقال بلغ من أمرك أن تجترئ علي حتى تصنع الغناء ويغنيه المغنون للخليفة وأنا لا أعلم بشيء من أمرك ? فجعلت أعتذر إليه وسألته أن يمتحن أدبي في كل باب أمر ان أودب فيه، فأمرني ان أغنيه بعض ما أروي وقال: إنما أكره أن تلهج بالغناء وتقصر فيه فنفتضح، قال: فغنيته صوتا فقبل رأسي وضمني إليه ثم صار بي إلى الرشيد فغنيته فأمر لي بعشرة آلاف دينار فقبضها الفضل وقال له الرشيد: إشتر له بها ضيغة، فما زلت من ندماء الرشيد وأنا غلام ما اتصل عارضاي. وبقي عبد الله إلى أيام المتوكل، وكان قد حلف أن لا يغني إلا خليفة أو ولي عهد، واصطبح ثلاثين سنة اصطباحا دائما لا يقطعه. ومن شعره وتلحينه: من الطويل

صباحي صبوحي قد ظمئت إلى الكاس                      وتقت إلى النسـرين والـورد والآس

فلا طلعت شمس علـى غـير لـذة                      صبوحي جديد فاسقياني من الـراس منه أيضا من الطويل

ألا قل لمن بالجـانـبـين بـأنـنـي                      مريض عداني عن زيارتهم ما بـي

ولو بهم بعض الذي بي لـزرتـهـم                      وحاشاهم من طول ضري وأوصابي أمين الدين ابن شقير عبد الله بن عبد الأحد بن عبد الله بن سلامة بن خليفة، القاضي أمين الدين بن شقير الحراني. كان من خير الناس وأجودهم من أكابر بيوت حران. أقام بدمشق، وطلب إلى مصر، وصودر في الدولة الظاهرية، ووكله بعض الأمراء المصريين بالشام واقتصر على وكالة الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري، وأقام يتحدث لورثته إلى آخر وقت. وكان فيه مروءة لمن يقصده. وتوفي رحمه الله سنة ثمان وسبعمائة، ونقل إلى القدس ودفن به.

النحوي عبد الله بن عبد الأعلى. هو أحد أصحاب أبي علي الفارسي. صحبه وخرج معه إلى فارس وإصبهان. وكان عبد الأعلى أبوه من كبار أصحاب الحديث ببغداد. صلى ابنه عبد الله وكبر عليه خمسا، فلما انصرف من الصلاة عليه قيل له: قد أظهرت اليوم خلاف مذهبك فقال للناس: إعلموا أنني لو تركت ورأيي لكنت أكبر عليه تكبيرة وبعد تكبيرة وأخصه بأدعية بعد أدعية من نية صادقة وطوية صافية فقد وقذني فراقه ولذعني انطلاقه، ثم بكى وافرط وشهق شهقة وأنشأ يقول: من الطويل

صحبتك قبل الروح إذ أنا نـطـفة                      مصان فلا يبدو لخلق مصونـهـا

فماذا بقاء الفرع من بعـد أصـلـه                      ستلقى الذي لاقى الأصول غصونها  عبد الله بن عبد الباقي

أبو بكر الواسطي الحنبلي عبد الله بن عبد الباقي بن التبان الواسطي، أبو بكر الفقيه الحنبلي ويسمى محمدا أيضا وأحمد. درس المذهب على أبي الوفاء علي ابن عقيل حتى برع، وكان يتكلم في مسائل الخلاف ويفتي ويدرس، وكان أميا لا يحسن الكتابة. سمع من أبي منصور محمد بن أحمد الخياط المقرئ وغيره. مات عن تسعين سنة، بقي على حفظه لعلومه إلى أن مات سنة أربع وخمسمائة.

الدلاصي

 

صفحة : 2406

 

عبد الله بن عبد الحق بن عبد الأحد المخزومي المصري الدلاصي. ولد سنة ثلاثين وستمائة، توفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وتلا لنافع على أبي محمد بن لب سنة خمس وثلاثين ثن تلا بعده كتب علي بن فارس، وسمع القصيدة من قارئ مصحف الذهب. وأقرأ دهرا بمكة وتلا عليه بالروايات عبد الله بن خليل والمجير مقرئ الثغر وأحمد بن الرضي الطبري والوادي آشي وخلق. وكان صاحب حال وتأله وأوراد، أحيا الليل سنوات وتفقه لمالك ثم الشافعي، ومناقبه غزيرة.

??المالكي عبد الله بن عبد الحكيم بن أعين بن ليث الفقيه، أبو محمد المالكي المصري. كان أعلم أصحاب مالك بمختلف قوله وأفضت إليه رياسة المالكية بعد أشهب، وروى الموطأ عن مالك سماعا. وكان من ذوي الأموال والرباع، له جاه عظيم وقدر كبير، وكان يزكي الشهود ويجرحهم، وهذا لم يشهد لأحد ولا أحد من ولده لدعوة سبقت فيه، ذكر ذلك القضاعي في كتاب الخطط? ويقال إنه دفع للشافعي رضي الله عنه عند قدومه إلى مصر ألف دينار من ماله، وأخذ له من عسامة التاجر ألف دينار، ومن رجلين ألف دينار. وهو والد أبي عبد الله محمد صاحب الشافعي. وروى بشر بن بكر قال: رأيت مالك بن أنس رضي الله عنه في النوم فقال: إن ببلدكم رجلا يقال له ابن عبد الحكم فخذوا عنه فإنه ثقة وكان لأبي محمد ولد آخر يسمى عبد الرحمان من أهل الحديث والتواريخ صنف كتاب فتوح مصر. وتوفي أبو محمد سنة أربع عشرة ومائتين، وقبره إلى جانب قبر الشافعي وهو الأوسط من القبور الثلاثة. وعبد الحكم يقال إنه مولى عثمان. سمع عبد الله مالكا والليث ومفضل بن فضالة ومسلم بن خالد الزنجي وجماعة. قال أبو زرعة: ثقة، وقال: لم أر بمصر أعقل منه. وصنف  كتاب الأهوال  ، وكتاب  فضائل عمر بن عبد العزيز  ، وسارت تصانيفه الركبان. وروى له النسائي.

شرف الدين ابن تيمية عبد الله بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن تيمية الحراني، الشيخ الإمام الفقيه المفتي القدوة العابد شرف الدين أبو محمد الدمشقي، أخو الشيخ الإمام العالم العلامة تقي الدين ولد بحران سنة ست وستين وستمائة، وتوفي سنة سبع وعشرين وسبعمائة، قبل أخيه بسنة. وسمع حضورا من ابن أبي عمر، علان، وابن الدرجي وخلق كثير، وطلب الحديث في وقته، وسمع المسند والمعجم الكبير والدواوين، وأحكم الفقه والنحو، وبرع في معرفة السيرة والتأريخ وكثير من أسماء الرجال. وكان فصيحا، يقظا، فهما، جزل العبارة، غزير العلم، بصيرا بالقواعد في الفقه، منصفا في بحثه، مع الدين والإخلاص والتعفف والسماح والزهد والانقباض عن الناس. وكان أخوه يتأدب معه ويحترمه. ينتقل في المساجد ويختفي أياما. وسمع منه الطلبة. قال الشيخ شمس الدين: وما علمته صنف شيئا. وتمرض أياما، وكانت جنازته مشهودة، وحمل على الرؤوس.

عبد الله بن عبد الرحمان

قاضي المدينة عبد الله بن عبد الرحمان بن معمر بن حزم الأنصاري المدني، قاضي المدينة في خلافة عمر بن عبد العزيز. كان عبدا صالحا يسرد الصوم. توفي في حدود الأربعين ومائة. وروى له الجماعة.

الحافظ الدارمي عبد الله بن عبد الرحمان التميمي الدارمي السمرقندي الإمام، صاحب المسند. ولد عام موت عبد الله بن المبارك. وكان من أوعية العلم يجتهد ولا يقلد. روى عنه مسلم وأبو داود والترمذي. وكان أحد الرحالين والحفاظ موصوفا بالثقة والزهد يضرب به المثل في الديانة والزهد. صنف المسند والتفسير وكتاب الجامع. قال أبو حاتم: ثقة صدوق، له مناقب كثيرة. توفي سنة خمس وخمسين ومائتين وقيل سنة أربع وخمسين.

أبو القاسم الدينوري الكاتب عبد الله بن عبد الرحمان الدينوري، أبو القاسم. من رؤساء الأدباء والكتاب ووجوه العمال بخراسان. قيل إنه من أولاد العباس بن عبد المطلب. له مصنفات وأشعار، منها في وصف الخمر: من البسيط

كأنها في يد الساقي المدير لـهـا                      عصارة الخد في ظرف من الآل

لم تبق منها الليالي في تصرفهـا                      إلا كما أبقت الأيام من حـالـي وله أبيات يسترجع بها كتابا معارا: من الخفيف

أنا أشكو إليك فقـد تـم نـديم                      قد فقدت السرور منذ تولـى

كان لي مؤنسا يسلي همومي                      بأحاديث من منى النفس أحلى

 

صفحة : 2407

 

 

عن أبي حاتم عن ابن قريب                      واليزيدي كل ما كان أملى

وهو رهن يشكو لديك ويبكي                      ويغني قد آن لي أن أخلـى

فتفضل به عـلـي فـإنـي                      لست إلا بمثله أتـسـلـى وله أيضا: من مجزوء الرمل

بأبي أنـت وقـد طـب                      ت لنا ضمـا وشـمـا

ضاق فوك العذب والعي                      ن وشيء لا يسـلـمـا أبو محمد المالكي عبد الله بن عبد الرحمان بن طلحة بن علي بن أحمد بن الحسين بن علي بن عمر المالكي، أبو محمد الفقيه البصري. من أعيان الفقهاء المالكية، وبيته مشهور بالدين والعلم. كان فاضلا متدينا حسن الديانة. توفي تسع وعشرين وستمائة. سمع وروى.

أمير مصر والإسكندرية عبد الله بن عبد الرحمان بن معاوية بن حديج بن جفنة الكندي التجيبي المصري الأمير. ولي الإسكندرية لهشام، وولي مصر للمنصور. وتوفي سنة خمس وخمسين ومائة.

ابن الناصر الأموي عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان ابن الحكم بن هشام بن عبد الرحمان بن معاوية الأموي المرواني. هو ابن الناصر أبي المطرف صاحب الأندلس، وقد تقدمت ترجمة والده. وكان عبد الله فقيها، شافعيا، متنسكا، أديبا، شاعرا، سما إلى طلب الخلافة في مدة أبيه، وبايعه قوم في الخفية على قتل والده وأخيه المستنصر ولي عهد أبيه فعرف أبوه بذلك فسجنه إلى أن أخرج يوم عيد الأضحى سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة من الحبس وأحضره أبوه بين يديه وقال لخواصه: هذه أضحيتي في هذا العيد، ثم اضجع له وذبحه، وقال لأتباعه: ليذبح كل أضحيته فاقتسموا أصحاب ولده عبد الله المذكور وذبحوهم عن آخرهم. ومن حكاياته أن سعيد بن فرج الشاعر أهدى له ياسمينا أبيض واصفر وكتب معه: من الكامل

مولاي قد أرسلت نحوك تحفة                      بمرادما أبغيه منك تـذكـر

من ياسمين كالنجوم تبرجـت                      بيضا وصفرا والسماح يعبر فعوضه عن ذلك ملء الطبق دنانير ودراهم وكتب له: من السريع

أتاك تعبيري ولما يحـل                      مني على أضغاث أحلام

فاجعله رسما دائما قائما                      منك ومني أول الـعـام ومر مع أحد الفقهاء يوما فأبصر غلاما فتان الصورة فأعرض عنه وقال: من المنسرح

أفدي الذي مر بي فمال له                      لحظي ولكن ثنيته غصبا

ما ذاك إلا مخاف منتقـد                      فالله يعفو ويغفر الذنـبـا قاضي حلب عبد الله بن عبد الرحمان بن عبد الله بن علوان بن رافع الأسدي، أبو محمد الحلبي. اسمعه والده الحديث في صباه من أبي الفرج يحيى بن محمود ابن سعد الثقفي الإصبهاني ومن جماعة من الشيوخ الكبار والأئمة. وسمع هو بنفسه كثيرا، وكتب بخطه وحصل بهمة وافرة، وحفظ القرآن في صباه وتفقه للشافعي، وصحب أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قاضي حلب، وقرأ عليه المذهب والخلاف والجدل والأصولين، وعني به عناية شديدة لما رأى من نجابته وفهمه، واتخذ ولدا وصاهره واعتمد عليه في جميع أحواله. وصار معيدا لمدرسته وله نيف وعشرون سنة، ثم ولي التدريس بعده، ونبل مقداره عند الملوك والسلاطين وعلا جاهه وارتفع شأنه وترسل إلى ملوك الشام ومصر مرات، وناب في القضاء بحلب، وأرسل إلى دار الخلافة، وتكلم مع الفقهاء بحضرة الوزير واستحسن الحاضرون كلامه. وكان لطيفا، ظريفا، بساما، حلو المنطق، مقبول الصورة، محبا إلى الناس. وتوفي سنة خمس وثلاثين وستمائة. ومن شعره وقد توجه إلى دمشق: من الطويل

إلى الله أشكو ما لقـيت مـن الأسـى                      بحمص وقد أمسى الحبيب مـودعـا

وأودع في العين السهاد وفي الحشا الل                      هيب وفي القلب الجوى والتصدعـا

ولـلـه أيام تـقـضـت بـقـربـه                      فيا طيبها لو دمت فيها مـمـتـعـا

ولكنها عمـا قـلـيل تـصـرمـت                      فأصحبت منبت السرور مفـجـعـا

وقد كان ظني أن عنـد قـفـولـنـا                      إلى حلب ألقى من الهم مـفـزعـا قلت: شعر نازل.

ابن الأنباري

 

صفحة : 2408

 

عبد الله بن عبد الرحمان بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد الأنباري النحوي، أبو محمد ابن أبي البركات. ولد ببغداد ونشأ بها، وسمع من والده ومن أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل الدباس وغيرهما، وقرأ الأدب واشتغل بالوعظ، وكان يتكلم على المنابر. وسكن الأنبار وكان يتردد إلى بغداد. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة.

الوزير الزجالي عبد الله بن عبد الرحمان الزجالي القرطبي الوزير، أبو بكر، وزر للمستنصر. كان خيرا، كثير المعروف والفضائل. قال ابن الفرضي: بلغني أن قدميه تفطرتا صديدا من القيام في الصلاة. وكان يصلح للقضاء، وكان من سادات الوزراء. وتوفي في جمادى الأولى سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.

الفرياني المغربي عبد الله بن عبد الرحمان الفرياني- بضم الفاء وفتح الراء وتشديد الياء أخر الحروف وبعد الألف نون. قال ابن الأبار في تحفة القادم: كان بإشبيلية ناظرا لأبي سليمان داود ابن أبي داود في المواريث وكان أبو بكر ابن زهر يكرهه، فقال الفرياني: من البسيط

أمران قد أتلفا جودي وموجـودي                      ظلم ابن زهر مع استخفاف داود

يا رب فاجز ابن زهر عن تعسفه                      واغفر لداود ياذا الفضل والجود المعافري البلنسي عبد الله بن عبيد الرحمان - بتصغير عبيد - بن جحاف المعافري البلنسي ؛ أبو محمد. من أرباب البيوت القديمة فيها والنباهة. توفي في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة. ومن شعره: من الكامل

هن البدور على الغصون الميس                      طلعت فكان مقامها في الأنفس

يرفلن في حلل الحـرير تـأودا                      وقد انتقبن براقعا من سـنـدس

وإذا مررن أثرن ما بي من هوى                      يا حسنهن وحسن ذاك المجلـس ومنه:من مجزوء الكامل

يا أيها الـقـمـر الـذي                      قد صرت فيه كالسهـى

أدمي بخـدك أم جـرى                      ماء العتيق على المهـى

خذ مهجتي وهب الرضى                      واجعلهمـا هـاء وهـا ابن أبي زيد المالكي عبد الله بن عبد الرحمان، أبو محمد ابن أبي زيد، فقيه القيروان وشيخ المالكية بالمغرب، كان أبوه قد جمع مذهب مالك وشرح أقواله، وكان واسع العلم، كثير الحفظ، ذا صلاح وورع وعفة ونجب أصحابه، وهو الذي لخص المذهب، وملأ البلاد من تواليفه وكان يسمى مالك الصغير. وصنف: النوادر والزيادات نحو المائة جزء، واختصر المدونة وعلى هذين الكتابين المعول في الفتيا بالمغرب، وكتاب الرسالة وهو مشهور، وكتاب الثقة بالله والتوكل عليه، وكتاب المعرفة، والتفسير، وإعجاز القرآن، والنهي عن الجدال، والرسالة في الرد على القدرية ورسالة التوحيد، وكتاب من تأخذه عند قراءة القرآن حركة. وقيل: إنه صنف الرسالة في سبع عشرة سنة. وتوفي سنة ست وثمانين وثلاثمائة.

ابن دنين المغربي عبد الله بن عبد الرحمان بن عثمان بن سعيد بن دنين، أبو محمد الصدفي الطليطلي. سمع وحدث. وكان زاهدا، عابدا، متبتلا، عالما، عاملا، مجاب الدعوة، متحريا. توفي سنة أربع وعشرين وأربعمائة.

سبط ابن العماد الحنبلي عبد الله بن عبد الرحمان بن أحمد بن محمد بن راجح، الإمام الفقيه موفق الدين ابن الشيخ نجم الدين ابن العلامة نجم الدين المقدسي الحنبلي، سبط العلامة شمس الدين محمد بن العماد. ولد بالقاهرة، وتفقه وبرع، وتميز، ولو عاش لساد الطائفة. سمع الكثير من الحافظ سعد الدين وغيره. وكان فيه مروءة وصلاح. توفي شابا سنة خمس وتسعين وستمائة.

ابن زين القضاة عبد الله بن عبد الرحمان بن سلطان بن يحيى بن علي، القاضي شرف الدين أبو طالب ابن زين القضاة القرشي الدمشقي. ولي نيابة القضاء بدمشق نيابة عن محيي الدين بن الزكي ثم عن ابنه زكي الدين الطاهر وهو ابن عمهما يلتقي نسب الجميع إلى يحيى بن علي. وهو أول من درس بالمدرسة الرواحية ثم بالمدرسة الشامية الحسامية، وهو الذي توجد علامته على الكتب المسجلة: الحمد لله وهو المستعان: كان فقيهيا فاضلا نزها عفيفا وتوفي رحمه الله في شعبان سنة خمس عشرة وستمائة، وصلي عليه بجامع دمشق ودفن عند مسجد القدم.

القاضي بهاء الدين بن عقيل الشافعي

 

صفحة : 2409

 

عبد الله بن عبد الرحمان بن عبد الله، ينتهي إلى عقيل بن أبي طالب. هو الشيخ الإمام العلامة القاضي بهاء الدين، أبو محمد بن أبي الفتح زين الدين ابن جلال الدين. مولده يوم الجمعة تاسوعاء سنة ثمان وتسعين وستمائة. أخذ القراآت السبع عن الشيخ تقي الدين الصائغ والعربية عن الشيخ علاء الدين القونوي وغالبهما في الكافية الشافية والمقرب، وقرأ على الشيخ أثير الدين التسهيل لابن مالك،جميعه في أربع سنين، ثم قرأ عليه سيبويه في أربع سنين بحثا بقراءته وبقراءة غيره ولم يكمل سيبويه على الشيخ المذكور إلا له وللشيخ جمال الدين يوسف بن عمر بن عوسجة العباسي بلدا. ثم إن بهاء الدين قرأ على الشيخ أثير الدين شرحه للتسهيل المسمى بالتكميل والتذييل بحثا بقراءته غالبا وقراءة غيره، ولم يكمل لغيره. وأما الفقه فقرأ فيه الحاوي على الشيخ علاء الدين القونوي ثم قرأ عليه شرحه للحاوي من أوله إلى باب الوكالة، ولازمه كثيرا وبه تخرج وانتفع وأخذ عنه الأصولين والخلاف والمنطق والعروض والمعاني والبيان والتفسير، قرأ في المنطق المطالع مرات بحثا، وفي أصول الدين الطوالع، وفي أصول الفقه مختصر ابن الحاجب مرات قراءة وسماعا، وانتخب من مختصر ابن الحاجب مسائل أمهات جاءت في تسعة عشر ورقة وحفظها وقرأ عليه، وسمع من التحصيل جملة كبيرة، وقرأ عليه تلخيص المفتاح في المعاني والبيان، وبحث عليه من الكشاف سورة البقرة وآل عمران، وقرأ عليه عروض ابن الحاجب بحثا، وقرأ عليه مقدمة النسفي في الخلاف ولم تكمل له. ولازم الشيخ زين الدين الكتاني وقرأ عليه من الحاوي ولم يكمل له،وبحث عليه في التحصيل. وقرأ على قاضي القضاة جلال الدين كتاب الإيضاح من أوله إلى آخره بحثا، والتلخيص سمعه قراءة. وسمع على مشايخ عصره منهم الشيخ شرف الدين بن الصابوني، وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة والحجار وست الوزراء وخلائق. وأملى على أولاد قاضي القضاة جلال الدين شرحا على ألفية ابن مالك، وأملى على التسهيل مثلا وكتبها بخطه، وكتب على التسهيل شرحا خفيفا سماه المساعد على تسهيل الفوائد يجيء في ثلاثة أسفار ووصل فيه يومئذ إلى باب الحال، وكتب في التفسير كتابا سماه الذخيرة بدأ فيه إلى نصف حزب في ثلاثين كراسا، وصنف في الفقه مختصرا من الرافعي لم يفته شيء من مسائله ولامن خلاف المذهب وضم إليه زوائد الروضة والتنبيه على ما خالف فيه محيي الدين النووي في أصل الروضة للشرح الكبير بزيادة أو تصحيح، وصل فيه يومئذ إلى كتاب الصلاة، وشرع في كتاب مستقل سماه الجامع النفيس في مذهب الإمام محمد بن إدريس، يجمع الخلاف العالي والمخصوص بمذهب الشافعي، وتتبع ما لكل مذهب من الصحابة فمن بعدهم من الأدلة كتابا وسنة وأقوى قياس في المسألة ثم الكلام على ما يتعلق بأحاديث تلك المسألة من تصحيح وتخريج ثم ذكر ما تبدد في كتب المذهب من فروعها وذكر ما يتعلق بشيء من فوائد الأحاديث التي جرى ذكرها في المسألة والكلام على ما يقع في كتابي الفقيه نجم الدين ابن الرفعة وهما الكفاية والمطلب مما يحتاج إلى الكلام فيه، وكذلك كلام النووي وغيره، وهو يكون إذا كمل في أربعين سفرا، وكتب منه يومئذ إلى باب المسح على الخفين ألف ورقة إلا أربعا وعشرين ورقة من القطع الكبير بلا هامش. وسمعت من لفظه ما حرره في أول باب المسح على الخفين. وجعل على الكتا ب المذكور ذيلا على نمط كتاب تهذيب الأسماء واللغات يذكر فيه ترجمة لكل من نقل عنه شيء من العلم في الكتاب المذكور، ويستوفي الكلام على ما في الكتاب المذكور من اللغات وضبطها، وعزمه أن يضمه إلى الكتاب المذكور ليكون في آخره ويعود كلاهما كتابا واحدا. ولي تدريس الفقه بالجامع الناصري بقلعة الجبل، وهو أول من تكلم به في العلم الشريف في سنة إحدى وثلاثين، وولي بعده تدريس المدرسة القطبية الكبرى في بعض شهور سنة أربع وعشرين وسبعمائة، وولي تدريس التفسير بالجامع الطولوني فكان شيخه أثير الدين في ربيع الأول سنة خمس وأربعين وسبعائة، وولي قضاء مصر في جمادى الآخرة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. وأجازني رواية ما يجوز له تسميعه متلفظا بذلك في المدرسة القطبية الكبرى داخل القاهرة في ثامن عشرين شهر رمضان المعظم سنة خمس وأربعين وسبعمائة وأنشدني من لفظه لنفسه: من الكامل

 

صفحة : 2410

 

 

قسما بما أوليتم من فضلكم                      للعبد عنـد قـوارع الأيام

ما غاض ماء وداده وثنائه                      بل ضاعفته سحائب الإنعام وأول ما اجتمعت به في المدرسة الشريفية بالقاهرة وقد رحت مع أمير حسين لوداع الشيخ علاء الدين القونوي وقد رسم له بالتوجه لقضاء الشام، وكان ذلك في أوائل دخولي إلى القاهرة فالتفت إلي وقال: مولانا هو الذي حضر مع الأمير كاتب درج من الشام? قلت: نعم فقال: يا مولانا ما تسأل أنت عن مرفوع ولا منصوب ولا مجرور? فقلت: بم يرسم مولانا? فقال: كيف يبنى سفرجل من عنكبوت وعنكبوت من سفرجل? فقلت: القاعدة في ذلك أن تحذف الزوائد من كل اسم وتبني الصيغة المطلوبة من الأصول. فقال: كيف يقال في ذلك ?فقلت أما عنكبوت من سفرجل فتقول فيه: عنكبب لأن الواو والتاء زائدتان وأما سفرجل من عنكبوت فتقول فيه سفرجول.

أبو الرداد عبد الله بن عبد السلام بن عبيد الله الرداد المؤذن، أبو الرداد البصري، صاحب المقياس بمصر. كان رجلا صالحا وتولى مقياس النيل الجديد بجزيرة مصر، وجمع إليه جميع النظر في أمره وما يتعلق به في سنة ست وأربعين ومائتين، واستمرت الولاية في ولده إلى الآن. توفي سنة تسع وسبعين ومائتين.

محيي الدين بن عبد الظاهر

 

صفحة : 2411

 

عبد الله بن عبد الظاهر بن نشوان بن عبد الظاهر بن نجدة الجذامي المصري المولى القاضي محيي الدين ابن القاضي رشيد الدين، الكاتب الناظم الناثر شيخ أهل الترسل ومن سلك الطريق الفاضلية في إنشائه. وهو والد القاضي فتح الدين محمد صاحب ديوان الإنشاء. سمع من جعفر الهمداني وعبد الله ابن إسماعيل بن رمضان ويوسف بن المخيلي وجماعة، وكتب عنه. البرزالي وابن سيد الناس وأثير الدين والجماعة. وكان بارع الكتابة في قلم الرقاع، ظريفا ذا عربية حلوة، وكان ذا مروءة وعصبية. ولد في المحرم سنة عشرين وتوفي بالقاهرة سنة اثنتين وتسعين وستمائة. ومن إنشائه كتاب كتبه إلى الأمير شمس الدين آقسنقر جوابا عن كتاب كتبه بفتح بلاد النوبة:  وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة  . أدام الله نعمة المجلس ولا زالت عزائمه مرهوبة وغنائمه مجلوبة ومحبوبة وسطاه وخطاه هذه تكف النوب وهذه تكفي النوبة. ولا برحت وطأته على الكفار مشتدة وآماله لإهلاك الأعداء كرماحه ممتدة. ولا عدمت الدولة بيض سيوفه التي يرى بها  الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة  . صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس تثني على عزائمه التي واتت على كل أمر رشيد، وأتت على كل جبار عنيد، وحكمت بعدل السيف في كل عبد سوء  وما ربك بظلام للعبيد  ، حيث شكرت الضمر الجرد وحمدت العيس واشتبه يوم النصر بأمسه بقيام حروف العلة مقام بعض فأصبح غزو كنيسة سوس كغزو سيس. ونفهمه أنا علينا أن الله بفضله طهر البلاد من رجسها وأزاح العناد وحسم مادة معظمها الكافر وقد كاد وكاد، وعجل عيد النحر بالأضحية بكل كبش حرب يبرك في سواد وينظر في سواد ويمشي في سواد. وتحققنا النصر الذي شفى النفوس وأزال البوس ومحا آية الليل بخير الشموس وخرب دنقلة يجريمة سوس وكيف لا يخرب شيء يكون فيه سوس? فالحمد لله عن أن صبحتم عزائم المجلس بالويل، وعلى أن أولج النهار من السيف منهم في الليل، وعلى أن رد حرب حرابهم إلى نحورهم وجعل تدميرهم في تدبيرهم، وبين خيط السيف الأبيض من الخيط الأسود من فجر فجورهم، وأطلع على مغيبات النصر ذهن المجلس الحاضر، وأورث سليمان الزمان المؤمن ملك داود الكافر، وقرن النصر بعزم المجلس الأنهض، وأهلك العدو الأسود بميمون طائر النصر الأبيض، وكيف لا وآقسنقر هو الطائر الأبيض وقرأ لأهل الصعيد كل عين، وجمع شملهم فلا يرون من عدوهم بعدها غراب بين، ونصر ذوي السيوف على ذوي الحراب، وسهل صيد ملكهم على يد المجلس وكيف يعسر على السنقر صيد الغراب. والشكر لله على إذلال ملكهم الذي لان وهان، وأذاله ببأسه الذي صرح به شر كل منهم في قتلة فأمسى وهو عريان، وإزهاقهم بالأسنة التي غدا طعتهم كفم غدا والزق ملآن، ودق أقفيتهم بالسيف الذي أنطق الله بألفهم أعجم الطير فقال دق قفا السودان. ورعى الله جهاد المجلس الذي قوم هذا الحادث المنآد، ولا عدم الإسلام في هذا الخطب سيفه الذي قام خطيبا وكيف لا وقد ألبسه منهم السواد، وشكر له عزمه الذي استبشربه وجه الزمن بعد القطوب، وتحققت بلاد الشمال به صلاح بلاد الجنوب، وأصبحت به سهام الغنائم في كل جهة تسهم، ومتون الفتوحات تمطى فتارة يمتطي السيف كل سيس وتارة كل أدهم. وحمد شجاعته التي ما وقف لصدمتها السواد الأعظم. والله المنة على أن جعل ربع العدو بعزائم المجلس حصيدا  كأن لم تغن بالأمس  ، وأقام فروض الجهاد بسيوفه المسنونة وأنامله الخمس، قون ثباته بتوصيل الطعن لنحور الأعداء ووقت النحر قيد رمح من طلوع الشمس، ونرجو من كرم الله إدراك داود المطلوب، ورده على السيف بعيب هربه، والعبد السوء إذا هرب يرد بعيب الهروب. والله يشكر تفضيل مكاتبه المجلس وجملها وآخر غزواته وأولها ونزال مرهفاته ونزلها، ويجعله إذا انسلخ نهار سيفه من ليل هذا العدو يعود سالما لمستقره  والشمس تجري لمستقر لها  . قلت: وفي هذه الغزاة قال ناصر الدين حسن ابن النقيب: من الكامل

يا يوم دنقلة وقتل عبـيدهـا                      من كل ناحية وكل مكـان

كم فيك نوبي يقـول لأمـه                      نوحي فقد دقوا قفا السودان

 

صفحة : 2412

 

وكتب في محضر قيم في حمام الصوفية جوراه خانقاه سعيد السعداء اسمه يوسف: يقول الفقير إلى الله تعالى عبد الله بن عبد الظهر، أن أبا الحجاج يوسف ما برح الصلاح متمما وله جودة صناعة استحق بها أن يدعى قيما. كم له عند جسم من من جسيم، وكم أقبل مستعملوه  تعرف في وجوههم نضرة النعيم  ، وكم تجرد مع شيخ صالح في خلوة، وكم قال ولي الله يا بشراي لأنه يوسف حين ادلى في حوض دلوه. كم خدم من العلماء والصلحاء إنسانا، وكم ادخر بركتهم لدنيا واخرى فحصل من كل منهم شفيعين مؤتزرا وعريانا. كم حرمة خدمة له عند أكابر الناس، وكم له يد عند جسد ومنه على راس، كم شكرته أبشار البشر. وكم حك رجل رجل رجل صالح فتحقق هناك أن السعادة لتلحظ الحجر. قد ميز بخدمه الفضلاء والزهاد أهله وقبيله، شكر على ما يعاب به غيره من طول الفتيلة. كم ختم تغسيل رجل بإعطائه براءته يستعملها ويخرج من حمام حار فاستعملها وخرج فكانت به برءة وعتقا بالنار. كم أوضح فرقا، وغسل درنا مع مشيب فكان الذي أنقى فما أبقى. تتمتع الأجساد بتطييبه لحمامه  بظل ممدود وماء مسكوب  ، وتكاد كثرة ما يخرجه من المياه أن تكون كالرمح على أنبوبا على أنبوب. كم له بينة حر على تكثير ماء يزول به الاشتباه، وكم تجعدت فباتت كالسطور في حوض فقل: كتاب الطهارة، باب المياه. كم رأس أنشدت موساه حين أخرجت من تلاحق الأنبات خضرا: من الطويل

ولو أن لي في كل منبت شعرة                      لسانا يبث الشكر كنت مقصرا ومن إنشائه إيضا صورة مقامة، وهو مما كتب به إلى محيي الدين ابن القرناص الحموي: حكى مسافر بن سيار قال، لما ألفت النوى عن الإخوان، وتساوت عندي الرحلة إلى البين تساوي الرحلة إلى الاوطان، وتمادت الغربة تحبوني أهوالها فتزلزل بي الأرض زلزالها وتخرج مني وسن أمثالي اثقالها ولا إنسان يرى أراجي نفسي وآمالها فيقول ما لها ولا يشاهد ما هو أوحى لها الدجة بالغذوة والإعتمام بالإسفار وغرني مع إيماني تقلبي في البلاد وتطلبي لتقويم عيشي المنآد وتحنني إلى الحصول بإرم ذات العماد  التي لم يخلق مثلها في البلاد  فلبثت فيها أياما وشهورا وودت لو كانت سنسن ودهورا، وما بلد الإنسان إلا الموافق. فيينا أنا منها لو ثلة من الولين ومن الوافدين عليها في قليل من الآخرين وبين سادات من كتابها  وأصحاب اليمن من أصحاب اليمين  ونحن في نعمة بالإيواء من ظلها إلى ربوة ذات قرار ومعين وإذا بداعي النفير قد أعلن مناديه وارتجل ما ارتجز حاديه، فقلت: المسير إلى أين ? قالوا: إلى الأين والسفر متى ? فقيل: أتى من الطويل

وماد دار فيما بيننا أين بيننا                      يكون ولكن الزمان غبون

 

صفحة : 2413

 

فعقدنا الحبا وجنبنا الجنايب، وركبنا الصبا وتسلمتنا من يد الربوة يد الوهاد والربا، وكان توجهنا حين أكثرت الجبال من الثلوج الاكتساء والاكتساب وبفضل فتحت فيه السماء أبوابها بما ليس لفصوله عن تلك المواطن من فصول ولا لأكوابه المترعة دائما بجميع الفصول من بواب فعدنا إلى جهة حمص وإن لم يعجبنا العام وقلنا كل ذلك متغفر في جنب ما أشارته مصلحة الإسلام المختصة بالخاص منهم والعام، واستقبلنا تلك النواحي المتناوحة والمنازل المنتائية على المنازل المتنازحة برقة جلود تتجالد على الجليد وأواجه تواجه من تلك الجهات ما ورود حياض المنون به أقرب من حبل الوريد. كم التقت الشمس بقارة من قرها بفروة سنجاب من الغمام وكم غمضت عينها عمن لم يغمض جفونه بمناخ ولا مقام، وكم سبكت الرياح الزمهريرية فضة ثلوجها فصحت عند السبك، وكم خبر من امرئ القيس أنشد عند النبك قفا نبك هذا والزميتا قد ادهنت بها رؤوس الأكمام وقال الفراشون: ما الديار ديار - لما لاقوه - ولا الخيام خيام. كأنه نصول المشيب في المفارق أو رمل أبيض قد أتربت به سطور تلك المهارق إلى غير ذلك من نوك كأنه من السماء والأرض بحر فاض، وغاض الشمس وما غاض. قد أصبح عجاج خيول الجنائب ودخان ما خيلته من صفاء الماء مجامر الكواكب وثلوج بقاصم تظهر ولأعين تلك المحاجر من العواصم تبهر، فدافعت الهضبات ملائتها البيضاء وأتت من الإيلام ببردها بأضعاف ما يحصل من حر رمضاء حر رمضاء. فكم أنامل يد هنالك قعدت القرفصاء على الطروس واشتلمت الصماء اشتمال اليمن والشمال على النفيس من النفوس. وعجزت عن أن تطبيق للأقلام إمساكا، وكم من مرملة اشتبكت دموعها بخدودها فما تبين من بكى ممن تباكى. فلم نصل إلى حمص إلا والجليد قد أعدم الجليد صبره وعبر تلك الأمكنة فجرت له على أخدود تلك الخدود عبرة وأي عبرة. واعتدقت الآمال أنها قد قربت من منازه تلك المنازل وأنها من حماه تغامز عيون الدعة وتغازل، وأن نار القرى تزيل برد القر وتستجيب دعاء من نادى هناك رب إني مستني الضر. وقالت عسى ثم أن تستقر النفس وتؤدي الأقلام بذلك ما وجب عليها من سورتي الحمد والإخلاص عند ملازمتها الخمس، فاتفق ما اتفق من نصرة حققت الكرة وأعادت الرجعة كما بدأتها أول مرة، وسقيت بكأس التعب التي كانت بها سقت وبكت السماء بالدموع التي كانت قد رقت لنا ورقت، وعاد الحبل على الجرارة والكيل إلى حبل الكارة، فدخلنا إلى دمشق وإذا أغصانها قد ألقت عصاها وما استقر بها من الثمر والنوى وأوراقها قد اصفرت وجوهها من الهواء والهوى، وحمائهما لم تحمل منه الليالي فخلعت ما لها بالأعناق من الأطواق، والنهر قد توقف عن زيادة الغصون فراسلته بالأوراق، فقالت العين ما الديار الديار ولا الرياض الرياض ولا المشارع المشارع ولا الحياض الحياض. فشمرنا عنها ذيل الإقامة وقلنا للعزم شأنك ومصر دار المقامة، فقطعنا بيدا وأي بيد ومنازل تستعبر السيد وتستعبر السيد، ورمالا هي الأفاعي خدور وللنسور وكور ولم يصدق فيها تشبيه يقال بالأهلة ولا آثار أخفاف المطي بالبدور، تستوقف الساري ويسعى الساعي منها على شفا جرف هار، يسقى من المياه ماء يغلي في البطون كغلي الحميم ويكفر شربه شرب الماء البارد الذي قال بعض المفسرين إنه الذي عنى الله تعالى بقوله  ولتسألن يومئذ عن النعيم  وما زال الشوق بنا والسوق حتى قربا البعيد حتى فلينا بهما الفلاة وأبدنا البيد، ودخلنا مصر فتلقانا نيلها مصعرا خده للناس وقلنا هذا الذي خرج إلينا عن المقياس، وشاهدنا ربوعها وقد فرشت من الربيع بأحسن بسطها وبدت كل مقطعة من النيل قد زينت بما أبدته من قرطها، وتنشقنا رياحها الهابة بما ترتاح إليه الأرواح وشمنا بروق غمائمها التي التي لم تغادر في القلوب من القر قروحا لا تتعقبه لما تلقيه من الماء القراح، لا يكلح الجليد أوجه بكرها ولا يهتم المدر ثنايا نهرها ولا يوقظ راقد سمرها، ولا تغير على أهلها القوانين ولا يحتاج إلى التدفي في الكوانين بنيران الكوانين. كل أوقاتها سحر وآصالها بكر، وطول زمانها ربيع لا يشان من اللواقح الكوالح ببرد ولا يشان من النوافح اللوافح بحر. غنينت بنيلها الخصم عن كل دان مسف فويق الأرض هيدبه وعن كل نادي ارتداد نحيف العزالة قطربه. فلما حصلنا هناك قالت النفس

 

صفحة : 2414

 

المطمئنة هذه أول أرض مس جلدي ترابها وهذه الجنة وهذا شرابها وإذا بشمس الأمل وقد حلت شرفها بغير الحمل شرفا كريما فاق أحسن الأوفاق وملأ آفاق الأوراق بما رق من الألفاظ الفاضلة وراق، فأقبلت العين إلى مرآه لترى وجه البلاغة وجنحت الجوانح الجوارح للتحلي بجواهر تلك الصناعة البديعة الصياغة، ومالت الأسماع إلى التشنف بتلك الأسجاع وما تضمنت من إبداع إيداع وترصيع تصريع يعيد سابق هذه الحلبة سكيتا وثنى حبها من حيائه وخجله ميتا فكم رأى المملوك بها منه كوكبا ما عثر جواده بجواده ولا كبا. وقال هذا رب الفضل الذي نزع، وهذا النابغة الذي شكر الله زمانا فيع نبغ. وهذا النبل الذي على الأكوار واقتعدنا سنامه وغاربا ورأينا مشارقه ومغاربه. نظرنا إلى السوارق من فوقه كالأهاضب ومن الجبال جدد بيض وحمر وغرابيب وقد حط رجلا في الأرض ورأسا في السما، وأخذ لسانا إلى البحر وما به من ظما، وكأنما قام إلى الأفق مزاحما بمناكبه أبراجه أو مال على البحر ملاطما بأهاضبه أمواجه. تزول جبال رضوى وهو لا يزول وتحول صبغة الأيام وصبغ شعرته لا يحول. قد رفع البروج عليه قبابا وأعارته الشمس من شاعهها أطنابا: من الوافرة هذه أول أرض مس جلدي ترابها وهذه الجنة وهذا شرابها وإذا بشمس الأمل وقد حلت شرفها بغير الحمل شرفا كريما فاق أحسن الأوفاق وملأ آفاق الأوراق بما رق من الألفاظ الفاضلة وراق، فأقبلت العين إلى مرآه لترى وجه البلاغة وجنحت الجوانح الجوارح للتحلي بجواهر تلك الصناعة البديعة الصياغة، ومالت الأسماع إلى التشنف بتلك الأسجاع وما تضمنت من إبداع إيداع وترصيع تصريع يعيد سابق هذه الحلبة سكيتا وثنى حبها من حيائه وخجله ميتا فكم رأى المملوك بها منه كوكبا ما عثر جواده بجواده ولا كبا. وقال هذا رب الفضل الذي نزع، وهذا النابغة الذي شكر الله زمانا فيع نبغ. وهذا النبل الذي على الأكوار واقتعدنا سنامه وغاربا ورأينا مشارقه ومغاربه. نظرنا إلى السوارق من فوقه كالأهاضب ومن الجبال جدد بيض وحمر وغرابيب وقد حط رجلا في الأرض ورأسا في السما، وأخذ لسانا إلى البحر وما به من ظما، وكأنما قام إلى الأفق مزاحما بمناكبه أبراجه أو مال على البحر ملاطما بأهاضبه أمواجه. تزول جبال رضوى وهو لا يزول وتحول صبغة الأيام وصبغ شعرته لا يحول. قد رفع البروج عليه قبابا وأعارته الشمس من شاعهها أطنابا: من الوافر

وأصبح والغمـام لـه رداء                      على ثوب من النبت العميم

له درج بنهر السحب يسقي                      يضاحك زهره زهر النجوم قد ركعت عليه الكواكب والنجم والشجر يسجدان ورفعت سماءه حتى وضع عليها الميزان ولما علاه المملوك تشوق إلى بلدته وتشوق وتعلل بقربها منه حين عاينها من بعد وتسوف، فإنها بلدته التي نشأ من مائها وتربها ولذلك جبلت طينته على حبها. ولم يزل يتلدد طرفه من بعد إليها ويتلذذ قلبه عليها حتى عطف إلى ظلها عائدا ورجع بعد صدوده عنها واردا فوجد بها أطيب بقعة وأحسن مدينة وكان موعد دخوله يوم الزينة، وقد دارت للسرور أعظم رحى وحشر الناس لقراءة كتاب البشارة ضحى وإذا به قد تضمن خبر الفتح المبين والنصر العزيز بعد أن مس المسلمين الضر بالشام ونادوا من بمصر يا أيها العزيز، وقد فرش الربيع ربوعها وقررها بالزهر ونشر عليها ملاءة النسيم وطرزها بالنهر. وكانت يومئذ بلدة لا يهجر قطرها القطار ولا يحجب أفقها الغبار ولا يعثر العقبان بعجاجها حتى كان جوها وعث أوضار، ولا يخترق عين شمسها كبد السماء ولا يضرم حرها لهوات بزفرات القضاء. قد اكتفت بسح سحبها وغنيت بسقيا ربها مع أن لها نهرا يتعطف تعطف الحباب ويتشنف بدر الحباب ويترشف ماؤه كالظلم من الأحباب والرضاب، وعليه نواعير تشابه الأفلاك في مدارها واستدارها والفلك في بحارهاوبخارها إذ في هذه أضلع كثيرة كما في جنبات تلك من الضلوع ولهذه صواري عديدة كذلك إلا أنها بغير قلوع. ومن عجائبها أنها تحن حنين العشاق وتئن للوعة الفراق وتبكي على بعد من الحدائق بعدة من الأحداق: من الطويل

وما ذكرت تلك النواعـير دوحـهـا                      وقد أقفرت في الأيك منها ربوعهـا

رنت نحوها تبكي الرياض عيونها الم                      راض وفاضت في الحياض دموعها

 

صفحة : 2415

 

 

وأحنى عليها السقم حتى بدت لنا                      من الوجد قد كادت تعد ضلوعها فلله بلدة هذه بعض محاسنها وقد أوجزت في أوصافها وأضربت عن ذكر مساكنها إذ عجزت عن إنصافها. وحين أعياني الكلام المنثور عدلت إلى المنظوم ووصفتها ثانيا بما استطردت فيها بمدح مولانا المخدوم. ولو لم يرد علي من المقام الفلاني مقامة وكان خاطري مشتتا فحل منها بدار إقامة لما فتحت في وصفها دواة ولا فما ولا أجريت لسانا ولا قلما، لكن تعلمت منها علم البيان وسحبت أذيال التيه على سحبان. ولقد قلبت منها بردا محررا ووشيا مرقوما وعاينت الدر من لفظها منثورا ومن حظها منظوما. وكان لفظها أعذب القلوب من الغمام وسجعها أطيب في الأسماع من سجع الحمام. وكنت عزمت حالة وصولها. على الاستمداد منها والاستعداد للإجابة عنها فرجعت أدراجي القهقري وقلت حبس البضاعة أولى من تخيير المشتري. فلما قرب أمد المزار وبرح الشوق حين دنت الديار من الديار رأيت ذلك تقصيرا في الخدمة وإخلالا وإن كان ذلك في الحقيقة تعظيما وإجلالا ز فأجلت في ذلك خاطرا وجلا وصرفت إلى هذا الوجه وجها خجلا. وعلى أن المملوك لو رزق التوفيق لما جرى مع مولانا في هذه الطريق، ولم يزل المملوك ينشد قبل ورود ركابه الشريف: عسى وطن يدنو بهم ولعلما.فلما دنا الوطن جعلت أهم بشيء والليالي كأنما. والمملوك قد أصبح من جملة عبيد مولانا وخدمه ويرجو من صدقاته الشريفة أن لا يقطع عنه ما عوده من بره المشفوع بصلته العائدة. والمملوك يواصل خدمته مع أن سيدنا أدام الله تعالى له السعد قد علم ندب الشارع إلى مكاتبة العبد. وقد قصد أولا أن يرتفع بابتداء مكاتبته وثانيا بخبر مجاوبته. والله تعالى يحرس محاسنه التي هي في فم الدهر ابتسام ويديم مننه التي هي الأطواق والناس الحمام. تمت.

وكتب رسالة مع مداد وأهداها إلى جماعة من الكتاب في الأيام المعزية الأقدار: أطال الله بقاء الموالي السادة ولا زالت سماء الدولة محروسة بشهب أقلامهم، ومواسم السعادة مختالة بشريف أيامهم ونحور العلياء منتزينة بتنضيد نظامهم ورياض البلاغة معلمة الأطراف والبرود بما تحوكه غمائمهم، إذا غدت رفيعة الهضاب وأضحت في أعلى سمك السماك مضروبة القباب، وأحنى منال الشمس دون منالها وعظم توهم إدراكها حتى أمست ولا الحلم يجود بها ولا بمثالها. استحقر في جانب شرفها كل جليل واستدر بجودها كل شيء جزيل واستقلت الرياض أن تهدي إلى جنابها زهرا، والسحائب أن ترسل إلى بحرها قطرا، والفلك الدائر أن يخدمها بنجومه والشذا العاطر،أن يكاثر عرف أوصافها بنسيمه، والنهارأن يمنح أيامها رقة أصائله وبكره، والليل أن يقدم بين يدي مساعيها حمد مسراه ونسمة سحره، والبدر أن يلبس حلة السرار ويكسوها حلل تمامه والجفن الساهر أن يصبر على مفارقة الطيف ويحبوها لذيذ منامه، واستحى كل فوقف موقف الإجلال وانتهى من التبجيل إلى حد كاد يبلغ به الإخلال، إلى أن تعارضت أدلة الرسائل وتزاحمت الغربان على ورود تلك المناهل، فقلب المملوك وجهه في سماء سماتها وأسام فكره في أريض روضاتها قائلا للجوهر الفاخر أنت قريب العهد من تلك البحار وللنضار أنت بعض هاتيك النسمات، وللعبير لا تقل أنا ضائع نعم عند شذا تلك النفحات، وللنظم والنثر أنتما جنى غصون تلك الأقلام وللحمد والشكر أنتما كمام ذلك الفضل والإنعام، فحار كل جوابا وغدا لا يملك خطابا، وأبى مشاكلة تلك الفضائل واستسقى سحائب تلك البلاغة التي إذا قالت لم تترك مقالا لقائل، والإصغاء إلى أوصافها والتسليف على سلافها فشغف بها حبا وصار بمحاسنهاصبا ودعاه اليها جمالها البديع وأغراه بحسنها الذي لها منه أكرم شفيع: من الطويل

وقال له بدر السماء ألا اجتـلـي                      وقالت له تلك الثمار ألا اجتنـي

وساعده من ذلك الأمر معـتـل                      وساعده من ذلك الفجر معتنـي

وشاهد من تلك الفضائل ما غـدا                      يميس به عطف الزمان وينثنـي

فضائل مثل الروض باكره الحيا                      فمغناه من تنويل كف الندى غني فسام وصالها فأعرض ونأى بجانبه ورام قربهافسد عليه الإجلال أبواب مطالعه ومطالبه قائلا لست يا اين السبيل من هذا القبيل: من الطويل

 

صفحة : 2416

 

 

ألا إنما نـحـن الأهـلة إنـمـا                      نضيء لمن يسري إلينا ولا نقري

فلا منح إلا مـا تـزود نـاظـر                      ولا وصل إلا بالخيال الذي يسري فتعلل بأحاديث المنى وقال: زور الزيادة وبالرغم مني فقالت: القناعة غنى ومن لم يجد ماء طهورا تيمما. ثم ثبت إلى عطف أوصافها الجميلة وقالت قد رأيت لك مزيد قصدك وإلا أنا بالطيف على غيرك بخيلة، فشكرت لها ذلك الإنعام وقلت أيكون ذلك نهارا أو ليلا هذا على تقدير وجود المنام فقالت: أوليس الليل هو حلة البدر الأكلف أم النهار ولا يأنف على شمسه أن ما بناه ضربه بمرماه الصائب بل نبغ. وهذا نسيم الروضة التي أطاعهاعاصيها وثمر الجنة التي كل ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فيها، وهذه البلاغة التي كنت بالإتحاف بها موعودا وهذه الفواضل والفضائل التي حققت أن في الناس مجدودا ومحدودا ومسعودا ومبعودا. ولمحه المملوك فقال: هذا نور أم نور وهذا ما ينسب إلى ما يستخرج من أصداف البحور ويجعل في أطواق أعناق النحور من الحور. ولم يرأحلى من تشبيهه وإن جل عن التشبيه ولا أحلى من بلاغته البالغة بما فيه من فيه، ولماشاهد من معجزها ما بهرحمد وشكر ورام مجادلتها فعجز عنها جواد القلم فقصر وعثر وسولت له نفسه الإضراب عن الإحالة في الإجابة ولو وفق لرأيه لأصابه، وإنما حداه إلى التعرض لنداه يحققه بأنه لم يكن في بيته الكريم إلا من هو بهذه المثابة في الإثابة ومن يتلقى راية رأيه الصائب بيمن يمينه خيرا من عرابة قال مسافر ابن سيار: ولما سللت عضب هذا المقال من غمده وتمتعت من شميم عرار نجده وأتم لي عشرا وعشرا من عنده، قلت: بماذا أجازي هذه المحنة وأكافي هذه المنة التي تشح بمثلها القرائح السمحة ? فقيل لي: بشكر من هو قادح زناد هذه القريحة وفاتح جواد هذه الطرق المفضية الفسيحة: من الكامل

ملك به الأقلام تقسـم أنـهـا                      ما إن يزال إلى علاه سجودها

وتكاد من أوصافه ومـديحـه                      تهتز من زهو ويورق عودها

سعد الكرام الكاتبون بـبـابـه                      إذ هم جيوش يراعه وجنودها

دامت فواضله تصيد خواطـرا                      ويروق فيه قصدها وقصيدها ثم خفت أن أقصر وإن اجتهدت وأن أحل الحبا وإن شددت وربحت في يومي من الخجل ما لعله يكون لغدي. ثم خطر أن أقول معميا ولا أصرح مسميا لأكون من سهام التأويلات الراشقة متوقيا، فأخفيت من معرفتي ما ظهر وقلت إذا كان المبتدا معرفة فلا يضر تنكير الخير. وسألت ولدي المساعدة والمساعفة فقال: لا يضر اشتراكي أنا وأنت في هذا القصر وقد تسميت بمسافر فاجمع إلى جوابك الجواب مقتصرا على ذلك فالمسافر جائز له الجمع والقصر. فأجابه عنها بقوله: لما ظعن والدي وقطنت وتحرك للرحلة وسكنت قلقت لبعده وأرقت من بعده ووجدت غاية الألم عند فقده فبقيت لا ألتذ بطعام ولا شراب ولا آوي إلى أهل ولا أصحاب ولا أتخذ مكانا في الأرض إلا ظهر سابح ولا جليسا إلا كتاب. أعالج لواعج الأشواق وأبوح لما أجد من الفراق وأنوح للورقاء حتى تغدو مشقوقة الأطواق. وحين طالت شقة البين ولم تنفصل وتهلهلت خيوط الدموع تتقطع تارة وتتوصل:من الطويل

لبست ثياب الحزن رثى جديدة                      تشف على أثواب بشر ممزق

 

صفحة : 2417

 

عقرت سوائم الآمال بعقر داري ولزمت كسر بيتي بانكساري، يتزايد شوقي ويتناقص صبري وتتسع همومي فيضيق لها صدري، فبقيت على ذلك من الزمن برهة لا أدخل في لذة ولا أخرج في نزهة إلى أن شامت بوارق البيارق الشريفة عيون الشام فتوجه لخدمتها المخدوم واثقا بأن قد هزمت الأحزاب وغلبت الروم، لكن الجزم يوجب للقلوب أن تكون هذه الدنيا خائفة والعزم يقتضي أن توجد راجية وأن يتحقق أن فرقه لم يفارق الإسلام والركاب الشريف هي الناجية. وكنت بتلك المدة أستريح من الغموم إلى النبت العميم وأسائل من ألقاه من الوفود حتى وفد النسيم. فخطر لي في بعض الأيام أن أكر بطرف طرفي في ميادين الفضا وأن أجرد سيف عزمي لقطع مواصلة الهموم فإنه معروف بالمضا. فخرجت أجيله في مساري الغمام وهو يتمطر وأميله عن محال الوعول ومجاري السيول وهو لطول الجمام يتقطر. وكان فيمايجاور المدينة من الحيط الغيط جبل يسمى بالخيط يشاكل خيط الصبح في امتداده ويماثل جناح الجنح بكثرة ظلال نجمه وشجره وسواده، قد شمخ بأنفه على وجه الأرض ورفع رأسه فشق السماء بالطول وشق الأرض بالعرض. قام الدوح على رأسه وهو جالس وتبسم البلج في وجهه وهو عابس: من الطويل

وقور على مر الليالي كأنـمـا                      يصيخ إلى نحوي وفي أذنه وقر يمسح بكلف الثريا عن أعطافه ويدير منطفة الجوزاء على أرادفه. فعزمت على أن أستظل بذروته وأستظل من ذورته، فدعوت جماعة من أصحابي كنت في السفر أرافقهم وفي الحضر ألازمهم فقلما أفارقهم، وقد انتظموا في المودة انتظام الدر في الأسلاك واتسقوا في الصحبة اتساق الدراري في الأفلاك: من الطويل

وقد كثروا عدا ولكن قلوبهـم                      قد اتفقت ودا على قلب واحد يتجارون إلى الفضائل كتباري الجياد ويهتزون إلى الفضائل اهتزاز الصعاد، قد نجنبوا المشاققة والمحاققة والتزموا بشروط الموافقة والمرافقة، فذكرت لهم خطر لي من العزم فكلهم أشار بأن الحزم في الجزم، فسرنا والشمس قد رفع حجاب الظلام عنها وقد تراءت حسنا وراق شبابا وشاب جانب منها. وكنا في فصل الربيع قد رق حسنا وراق شبابا وشاب عارضه بالزهر على صبى فجعل له الظل خضابا، قد اكتست أرضه وأشجاره واستوت في الطيب هواجره وأسحاره: من الوافر

نجيب القوم واضاح المحـيا                      أنيق الروض مصقول الأديم فلم نزل نمر مر السحاب ونقف للتنزه وقوف السراب حتى أشرافنا على واد لا يعرف قعره ولا يسلك وعره، قد نزل عن سمت الأودية والبقاع وأخذ في الانحطاط نظير ما أخذ جبلة في الارتفاع وقد استدار بالجبل وأحدق وأضحى لعالي سوره كالخندق، لا يسلكه إلا ملك أو شيطان ولا يصل إلى قرارته ولا منها إلا بأمراس ومراس أشطان: من الوافر

سحيق ساخ في الأرضين حتى                      حكى في العمق أودية الجحيم

ولاح الدوح والأنـهـار فـيه                      فخلنا ثم جـنـات الـنـعـيم وعندما أشرفنا عليه حمدنا التأويب لا السرى ورأينا ما لم ير بشعب بوان ولا وادي القرى، فأجمعنا على النزول إلى قراره والمبيت بمخيم، أشجاره، فتحدرنا إلي تحدر السيل ونزلنا إلى بطون شعابه على ظهور الخيل، ولم نزل تارة نهوي هوي القشاعم وننساب آونة الأنساب الأراقم إلى أن انقطعت أنفاسنا وأنفاس الهوا واحتجب عنا عين الشمس وكاد يحتجب وجه السما. ولما بلغنا منتهاه بطريق غير مسلوك ونزلنا كما يقول العامة إلى السيدوك إذا هو واد يذهل لحسنه الجنان وكأنما هو في الدنيا أنموذج الجنان، وقد امتدت سماؤه غصونا عندما هب الهواء وفجرت أرضه عيونا فالتقى الماء: من الوافر

فبتنا والسرور لنا سمـير                      وماء عيونه الصافي مدام

تساوه النسيم إذا تغـنـت                      حمائمه ويسقيه الغمـام ولما طلع الصباح علينا طلعنا ودعا داعي السرور فسمعنا وأطعنا، وتعلقنا بذيل الجبل وسققنا فروج المساهب وعلونا عاتقه حتى كدنا نلمس عليه عقود الكواكب، ولما طرنا إليه طيران البزاة إلى الأوكار وصعدنا عليه صعود السراة على الأكوار تكشف للعين وتكسف، فقلت لها مجاوبا ومنصف: من المتقارب

إذا كنت في الليل تخشى الرقيب                      لأنك كالقـمـر الـمـشـرق

وكان النهار لنـا فـاضـحـا                      فبالله قل لي متى نـلـتـقـي

 

صفحة : 2418

 

فقالت: إذ جنحت شمسي للمغيب فإياك، يرى طيفي من النجوم رقيب أو يشوب شباب ذلك الليل من أضوائها مشيب، وعليك بسواد الجفون فكون منه ليلا وسويداء القلوب فأسدل منه ذيلا، وانتظار زيارة الطيف ولا تجعل غير روحك قرى ذلك الضيف، فابت إلى فهمي وراجعني حلمي، وأهديت إليها ليلا من المداد أستزير في جنحه طيف خبالها وأستطلع في غسقه بدر كمالها، وجعلته كخافيه الغراب وكشعار الشعر أيام الشباب: من السريع:

كأنما قد ذاب فيه اللمـى                      أو حل فيه الحجر الأسود تعذو جفون الأقلام كحلية باثمده ووجوه السؤدد مبيضة بأسوده: من السريع

يقول من أبصره حـالـكـا                      هذا لعمري هو من حالكـا

أو ذاك من حظك بين الورى                      قلت صدقتـم إنـه ذلـكـا وقد خدم به آملا أن يستنشق لعبيره نشراعطرا ويرى لليله من الفضائل صبحا مسفرا، ويشاهد بدر الفضائل كيف يرق في حلله والبلاغة كيف تغدو من تخييله وخوله فحيئذ ينشد: من السريع

أصلحت قرطاسك عن حسنه                      أشجاره من حكم مثـمـره

مسودة نقـشـا ومـبـيضة                      طرسا كمثل الليلة المقمره والرأي أعلى في إجابه ما التمسه.

 

 

صفحة : 2419

 

كتاب البشرى بالنيل لنائب السلطنة بحلب المحروسة. وسره بكل مبهجة وهنأه بكل مقدمة سرور تغدو للخصب والبركة منتجة وبكل نعمى لا تصبح لمنة السحائب محوجة وبكل رحمى لا تستبعد لأيامها الباردة ولا للياليها المثلجة. هذه المكاتبة تفهمه أن نعم الله وإن كانت متعددة ومنحه وإن غدت بالبركات متوددة، ومننه وإن أصبحت إلى القلوب متوددة، فإن أشملها وأكملها وأجملها وأفضلها وأجزلها وأنهلها وأتمها وأعمها وأضمها وألمها نعمة أجزلت المن والمنح وأزلت في أبرك سفح المقطم أغزر سفح، وأتت بما أعجب الزراع ويعجل الهراع ويعجز البرق اللماع ويغل القطاع ويغل الإقطاع، وتنبعث أمواهه وأفواجه وتمد خطاها أمواهه وأمواجه، ويسبق وفد الريح من حيث ينبري ويغبط مريخه الأحمر القمر لأنه بيته السرطان، كما يغبط الحوت لأنه بين المشتري، ويأتي عجبه في الغد بأكثر من اليوم وفي اليوم بأكثر من الأمس. وتركت الطريق مجدا كان ظهر بوجهه حمرة فهي ما يعرض للمسافر من حر الشمس، ولم تكن شقته طويلة لما قيست بالذراع ولو لا أن مقياسه أشرف البقاع لما اعتبر ما تأخر ممل ما حوله الماضي بقاع، بينا يكون في الباب إذا هو في الطاق وبينا يكون في الاحتراق إذا هو في الاختراق للإغراق، وبينا يكون في المجاري إذا هو في السواري، وبينا يكون في الحباب إذ هو في الجبال، وبينا يقال لزيادته هذه الأمواه إذا يقال لغلاتها هذه الأموال، وبينا يكون ماء إذ أصبح خيرا، وبينا يكسب تجارة قد أكسب تجربة، وبينا يفيد غزاة قد أفاد عزاء. جسور على الجسور جيشه الكرار ولو أمست التراع منه تراع والبحار منه تحار. كم حسنت مقاطعاته على مر الجديدين، وكم أعانت ميزاب على مقياسه على الغزو من بلاد سيس على العمودين، أتم الله لطفه في الإتيان به على التدرج، وإجرائه بالرحمة التي تقضي للعيون بالتفرج وللقلوب بالتفريج فأقبل جيشه بمواكبه وجاء يطاعن الجدب بالصواري من مراكبه، وتصافف لحاجة الجسور في بيد الحجة ويثاقف القحط بالتراس من بركه والسيوف من خلجه. ولما تكامل إيابه وضح في ديوان الفلاح والفلاحة حسابه، وأظهر ما عنده من خسائر التيسير وودائعه، ولقط عموده جمل ذلك على أصابعه. وكانت الستة عشر ذراعا تسمى ماء السلطان. نزلنا وحصرنا مجلس الوفاء المعقود واستوفينا شكر الله تعالى بفيض ماهو من زيادته محسوب ومن صدقاتنا مخرج ومن القحط مردود، ووقع تياره بين أيدينا سطورا تفوق وعلمت يدنا الشريفة بالخلوق، وحمدنا السير كما حمدنا السرى وصرفناه في القرى للقرى، ولم نحضره في العام الماضي فعلمنا له من الشكر شكرانا، وعمل هو ما جرى وحضرنا الخليج إذا به أمم قد تلقونا بالدعاء المجاب وقرظونا، فأمرنا ماءه أن يحثو من سده - كما ورد - في وجوه المادحين التراب. ومر يبدي المسار ويعيدها ويزور منازل القاهرة ويعودها، وإذا سئل عن أرض الطبالة قال : جننا بليلى، وعن خلجها :  وهي جنت بغيرنا  وعن بركة الفيل قال :  وأخرى بنا مجنونة لا نريدها   وما برح حتى تعوض عن القيعان البقيعة من المراكب بالسرر المرفوعة ومن الأراضي المحروثة من جوانب الأدؤر بالزرابي المبثوثة، وانقضى اليوم هذا عن سرور لمثله فليحمد الحامدون، وأصبحت مصر جنة فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأهلها في ظل الأمن خالدون، فيأخذ حظه من هذه البشرى التي ما كتبنا بها حتى كتبت بها الرياح إلى نهر المجرة إلى البحر والمحيط، ونطقت بها رحمة الله تعالى إلى مجاوري بيت الله تعالى من لابسي التقوى ونازعي المخيط، وبشرت بها مطايا المسير الذي يسير من قوص غير منقوص، ويتشارك في الابتهاج بها العالم فلا مصر دون مصر بها مخصوص. والله تعالى يجعل الأولياء في دولتنا يبتهجون لكل أمر جليل وجيران الفرات يفرحون بجيران النيل.

 

 

صفحة : 2420

 

وكتب القاضي محيي الدين يستدعي بعض أصحابه إلى الحمام : هل لك أطال الله بقاك إطالة تكرع في منهل النعيم، وتتملى بالسعادة تملي الزهر بالوسمي والنظر بالحسن والوسيم في المشاركة في جمع بين جنة ونار وأنواء وأنوار، وزهر وأزهار، قد زال فيه الاحتشام فكل عار ولا عار. نجوم سمائه لا يعتريها أفول وناجم رخامه لا يعتريه ذبول، تنافست العناصر على خدمة الحال به تنافسا أحسن كل فيه التوسل إلى بلوغ أربه فأرسل، ما جسده جسده من زبده لتقبيل أخمصه إذ قصرت همته عن تقبيل يده. ولم ير التراب له في هذه الخدمة مدخلا . فتطفل وجاء وما علم أن التسريح لمن جاء متطفلا، والنار رأت أنه عين مباشرتها وأنها بفرض خدمته لا تخل ولأن لها حرمة هداية الضيف في السرى، وبها دفع القر ونفع القرى، فأعملت ضدها الماء فدخل وهو حر الأنفاس، وغلت مراجله فلأجل ذلك داخله من صوت تسكابه الوسواس، ورأى الهواء أنه قصر عن مطاولة هذه المبار ، فأمسك متهيبا ينظر ولكن من خلف زجاجة إلى تلك الدار . ثم إن الأشجار رأت أنها لا شائبة لها في هذه الخطوة، ولا مساهمة في تلك الخلوة، فأرسلت من الأمشاط أكفا أحسنت بما تدعو إليه الفرق، ومرت على سواد العذار الفاحم كما يمر البرق، وذلك بيد قيم قيم بحقوق الخدمة، عارف بما يعامل به أهل النعيم أهل النعمة، خفيف اليد مع الأمانة، موصوف بالمهارة عند أهل تلك المهانة، لطف أخلاقا حتى كأنها عتاب بين جحظة والزمان، وحسن صنعه فلا يمسك يدا إلا بمعروف ولا يسرح تسريحا إلا بإحسان أبدا يرى من طهارته وهو ذو صلف، ويشاهد مزيلا لكل أذى حتى لو خدم البدر لأزال وجهه الكلف. بيده موسى كأنها صباح ينسخ ظلاما، أو نسيم ينفض عن الزهر كماما، إذا أخذ صابونه أوهم من يخدمه بما يمره على جسده أنه بحر عجاج، وأنه يبدو منها زبد الأعكان التي هي أحسن من الأمواج، فلهم إلى هذه اللذة، ولا تعد الحمام أنها دعوة أهل الحراف فربما كانت هذه من بين تلك الدعوات فذة. ولعل سيدنا يشاهد ما لا يحسن وصفه قلمي، وأستحسن وصفه ليدي وفمي إذ جمح عناني فأقول، وإذا ترامت بي الخلاعة أخلع ما يتستر به ذوو العقول. لدي - أبهجك الله - غصون قد هزها الحسن طربا، ورماح لغير كفاح قد نشرت الشعور عذبا، وبدور أسدلت من الذوائب غيهبا. قد جعلت بين الخصور والروادف من المآزر برزخا لا يبغيان، وعلمنا بهم أننا في جنة  تجري من تحتها الأنهار  وتطوف علينا بها الولدان. يكاد الماء إذا مر على أجسادهم يخرجها بمره، والقلب يخرج إلى مباشرتها من الصدر وعجيب من مباشر لأمر لا يلتقيه بصدره، إذا أسدل ذوائبه ترى ماء عليه ظل يرف، وجوهرا من تحت عنبر يشف، يطلب كل منهم السلام وكان الواجب طلب السلامة. وكيف لا وقد غدا كل منهم أمير حسن وشعره المنثور وخاله العلامة، إذا قلب بأصفر الصفر ماء على الحضار، قلت هذا بدر بيده نجم تقسم منه أشعة الأنوار، وإن أخذ غسولا وأمره على جسمه مفركا، لم يبق عضو إلا واكتسب منه لطافة وراح مدلكا، فما عذرك في انتهار الفرص، وأقتناص هذه الشوارد التي يجب على مثلك أن يغدو لها وقد أقتنص. والله تعالى يوالي المسار ويجعلها لديك دائمة الاستقرار بمنه وكرمه.

وأما شعره فأحسنه المقاطيع وأما القصائد فربما قصر فيها. ومن ذلك ما نقلته من خطه من كتاب فلتة اليراعة ولفتة البراعة، قال في دواة منزلة : من مجزوء الرجز

دواة مولانا بـدت                      أوصافها مكلمة

بحسنها قد شهدت                      أقلامها المعدلـه

قد أعجزت آياتها                      لأنها مـنـزلـه

أم الكتاب قد غدت                      لأنها مفـصـلة وقال : من الوافر

ذباب السيف من لحـظ إلـيه                      لأخضر صدغه بعض انتساب

ولا عجب إذا مـا قـيل هـذا                      له صدغ زمـرده ذبـابـي وقال: من الدوبيت

لله ليال أقبلت بـالـنـعـم                      في ظل بناء شاهق كالعلـم

بالجيزة والنـيل بـدا أولـه                      في مقتبل الشباب عند الهرم وقال في مليح مشطوب: من البسيط

لك طرف طرف حمى من حسنك السرحه                      كم قد أغار على العشاق في صـبـحـه

لما علمت بأنـو سـابـق الـلـمـحـه                      عليه قد خفت شطبتو عـلـى صـحـه

 

صفحة : 2421

 

وقال من الكامل

كم قلت لما بت أرشف ريقه                      وأرى نقي الدر ثغرا منتقى

بالله يا ذاك اللمى مـتـرويا                      كرر علي حديث جيران النقا وقال من المتقارب

لئن ساءني أن هذا الـذي                      من العار فينا من العارفينا

لقد سرني أن ما قد أتـى                      من الجاه لينا من الجاهلينا وقال: من الخفيف

بي غزال يغزو الورى بجفون                      كل يوم سيوفها مشـهـوره

عجبا من لحاظها كيف حتـى                      هزمتنا مع أنها مكـسـور وقال: من المجتث

وبي من الترك أحـوى                      حوى الجمال فأكـثـر

من طرفه لي سـكـر                      من ريقه لـي سـكـر

قد صان في الجفن خمرا                      لأجل ذا هـو يكـسـر وقال: من مجزوء الرمل

إن يكون يضحك في الطي                      ف حديثـي ومـقـالـي

كيف لا يضحـك مـمـا                      قص منه في الـخـيال وقال: من مجزوء الرمل

جاء الرمـح يحـاكـي                      هذا فلم يحك منه قوامه

فهـو لا شـك لـهـذا                      يقرع السـن نـدامـه وقال: من مجزوء الكامل

شكرا لنسمة أرضهـم                      كم بلغت عني تـحـيه

كم قد أطالت بل أطـا                      بت في رسائلنا الخفيه

ولا غرو إن حفظت أحا                      ديث الهوى فهي الذكيه وقال: من مجزوء الرمل

إن يمل بالردف في السر                      ج فمـا ذاك عـجـيب

هو لا شـك يرينـــا                      كيف ينهار الـكـثـيب وقال: من السريع

لا تقل الروض من أحاديثه                      عن غير نمام غدت خافيه

فإنه تـنـقـل أخـبـاره                      إلى عين عنده صـافـيه وقال: من الكامل

من شاء يخلد في النعيم فدونـه                      حسن بديع ما به تـحـسـين

من ناصر الوجنات بل من ناظر                      الجفنين جنـات لـه وعـيون وقال: من الخفيف

سل سيفا من جفنه ثـم أرخـى                      وفرة وفرت عليه الحمـيلـه

إن شكا الخصر طولها غير بدع                      لنحيل يشكو الليالي الطـويلـه وقال: من مجزوء الرجز

إني كتبت ختـمة                      حررتها كما ترى

لله قد نذرت مـا                      في بطنها محررا وقال: من مجزوء الخفيف

بي أحوى وقد حـوى                      كلما يجلب الـهـوى

غصن بـان أظـنـه                      من دموعي قد ارتوى

هو لـي قـبـلة أمـا                      فرقه خـط اسـتـوا

إن لوى الوعد صدغه                      فهو يا طالما التـوى

كم له من مسلـسـل                      عن أبـي ذرة روى

منه دبـت عـقـارب                      خافها الخال فانـزوى

ظبي أنس لـحـاظـه                      هي لي الداء والـدوا

أرعد الرمح خـجـلة                      منه والمرهف انطوى وقال من أبيات: من مجزوء الكامل

أطـرافـهـا مـاء الـنــع                      يم بـهـا يجـول ويظـهـر

لولا الـسـوار لـكـان مـع                      صمـهـا يذوب ويقـطــر

لا غرو إن سـرقـت حـشـا                      ي فـإنـهـا تـتـســـور

ما شئت لـي مـن ريقـهـا                      سكــر ولا ســـكـــر

إن تخل من مـسـك الـعـذا                      ر فخالـهـا هـو عـنـبـر

وأنت يا قلبي الذي قد صـبـا                      خرجت مثل الصبر عن أمري

إنسان عيني إن غدا خـاسـرا                      للدمع فالإنسان فـي خـسـر وقال: من الطويل

وبطحاء في واد بروقك روضها                      ولا سيما إن جاد غيث مبكـر

تلاحظها عين تفيض بـأدمـع                      يرقرقها منها هنالك محـجـر وقال: من الخفيف

رب روض أزرتـه بـدر تـم                      حين غالى في تيهه والتجـري

كان ظني أن يفضح القد بالغص                      ن وأن الزلال بالـريق يزري

فرأيت الأغـصـان ذلا لـديه                      واقفات والعين للدمـع تـذري

ثم لما ثنى العنان عـن الـنـه                      ر غدا في ركابه وهو يجـري وكتب إلى ولده بحماه: من السريع

قلبي الذي صحبتكم قد مضى                      يشرح أشواقي إليكم شفـاه

 

صفحة : 2422

 

 

مر ولم يرجع بأخباركم                      أظنه عني حمته حماه وقال: من الخفيف

نيل مصر لمن تـأمـل مـرأى                      حسنه معجز من الحسن معجب

كم به شاب فودهـا وعـجـيب                      كيف شابت بالنيل والنيل يخضب وقال: من المديد

أيها الصائد باللحـظ ومـن                      هو من بين الورى مقتنص

لا تسم طائر قلبي هـربـا                      إنه من أضلعي في قفص وقال: من الطويل

كم قيل قوم بالمجالس خوطبـوا                      وذاك دوا جهالهم في التنافـس

فقلت لهم مـا ذاك بـدع وإنـه                      لعند الدوا يدعى الخرا بالمجالس وقال: من الخفيف

خذ حديثا يزينـه الإنـصـاف                      ليس مما يشينه الاعـتـراف

كل من في الوجود يطلب صيدا                      غير أن الشباك فيها اختـلاف وقال: من الطويل

لئن جاد لي بالوصل منه خاليه                      وأصبح مجهودا رقيب ولائم

ألا إنها الأقسام تحرم ساهـرا                      وآخر يأتي رزقه وهو نـائم وقال: من الطويل

لقد قال لي إذ رحت من خمر ريقه                      أحث كؤوسا من ألـذ مـقـبـل

بلثم شفاهي بعد رشف سلافـهـا                      تنقل فلذات الهوى في التـنـقـل وقال: من الكامل

ولقد أقول وقد شجتني شجة                      تبدو بصبح جبينه الوضاح

الله أكبر قال ما لك قلت قد                      نادى جبينك فالق الإصباح وقال: من المتقارب

مغاني المدينة قد أصبـحـوا                      وأنفق منهم مغاني العـرب

فهم بالعناء وهم بالـغـنـاء                      كمثل الحمير الشقا والطرب وقال: من الوافر

أرانا رقم صدغـيه مـثـالا                      لنا من طرز عارضه سيبرز

وقال لمبتد في نحو حـبـي                      ألا فاقرأ مقدمة المـطـرز وقال: من المنسرح

وأعور العين ظل يكشفهـا                      بلا حياء منه ولا خـيفـه

وكيف يلفى الحياء عند فتى                      عورته ما تزال مكشوفه وقال: من الخفيف

وبنفسي هويته عجـمـيا                      لي لذت ألفاظه الغتمـيه

كم حلا عجمية فقلت لخلي                      خلني والحلاوة العجمـيه وقال: من الطويل

وبي أزرق العينين لو أن مقـلـتـي                      كمقلته الزرقاء تلك المـطـوسـه

لدثرت ضيف الطيف من برد مدمعي                      بفروة سنجاب بهدبى مـقـنـدسـه وقال: من الخفيف

حبذا أسهم من النبع جاءت                      لك صنع فيها والله صنع

كيف لثت غمائم النقع منها                      برذاذ ووابل وهي نبـع وقال: من المنسرح

كم قطع الطرق نيل مصر                      حتى لقد خافه السـبـيل

بالسيف والرمح في غدير                      ومن قناة لهـا نـصـول وقال: من الكامل

يا من رأى غزلان رامة هل رأى                      بالله فيهم مثل طرف غـزالـي

أحيا علوم العاشقين بلـحـظة ال                      غزال والإحياء لـلـغـزالـي وقال: من الطويل

ولم أنسه إذ قال قم نودع الدجى                      دخائر وصل فالظلام كـتـوم

فما مثله حرز حـريز لأنـه                      تبيت عليه للنجـوم خـتـوم وقال: من الطويل

ملأت الليالي من على وختمتها                      فقد أصبحت مشحونة بمكارمك

ختمت عليها بالثريا فقـل لـنـا                      أهذا الذي في كفها من خواتمك وقال: من الطويل

عزيز على الأقلام تكليف مثلها                      من القول والتبيان ما لا تطيقه

وإن فما فاجى علاك لسـانـه                      وحقك معذور إذا جف ريقـه ويقال: من الطويل

أقول لمن قد رام نقد مدامعـي                      ومن لمعين في تأملهـا ذهـب

إذا انتقدوا قولي فما هو بـدعة                      وهل منكر إن راح ينتقد الذهب وقال: من المجتث

يا قاتلي بـجـفـون                      قتيلها ليس يقـبـر

إن صبروا عنك قلبي                      فهو القتيل المصبر وقال: من البسيط

قل للحفيظ الذي ما قيل عنه ولا                      عن نده وهما يوما ولا اتهمـا

لا تكتبن على عيني رنا نظـر                      للطيف فهي التي لم تبلغ الحلما

 

صفحة : 2423

 

وقال: يذم قريته القطيفة: من الوافر

على ذم القطيفة اجتمعـنـا                      وإن حشيت ببرد قد تكـرر

وقد أضحى عليها للزميتـا                      بياض مثلما قد ذر سكـر

ولم يكن المكفن غير شخص                      يكون إلى نواحيها مسـير وقال: من مجزوء الكامل

هذي القطـيفة الـتـي                      لا تشتهي عقلا ونقـلا

حشيت بـبـرد يابـس                      فلأجل ذاك الحشو تقلى وقال: من الخفيف

لا تلوموا دمـشـق إن جـئتـمـوهـا                      فهي قد أوضحت لـكـم مـا لـديهـا

إنها في الوجـوه تـضـحـك بـالـزه                      رضي الله عنه لمن جاء في الربيع إليها

وتراها بالثـلـج تـبـصـق فـي لـح                      ية من مر في الـشـتـاء عـلـيهـا وقال من أبيات: من الخفيف

قل للعين طيف إلفك سار                      فتباهي له ولو بعـواري

فتهيت لقربـه وتـهـادت                      من دموع إليه بين جواري

يتسابقن خدمه فتـراهـن                      لديها كالدر أو كالدراري منها: من الخفيف

مفرد في جمالـه إن تـبـدى                      خجلت منه جملة الأقـمـار

كيف أرجو الوفاء منه وعامل                      ت غريما من لحظه ذا انكسار

ذو حواش تلوح من قلم الـري                      حان في خده فجل الـبـاري

فيه وجدي محقـق وسـلـوي                      وكلام العذول مثل الغـبـار

فلساني في وصفه قلم الـشـع                      ر ورقي المكتوب بالطومـار  عبد الله بن عبد العزيز

أبو عبيد البكري عبد الله بن عبد العزيز بن أبي مصعب البكري، أبو عبيد الأندلسي. كان أميرا بساحل كورة لبلة، وصاحب جزيرة سلطيش، بلد صغيرة من قرى إشبيلية. وكان متقدما من مشيخة أولي البيوت وأرباب النعم بالأندلس، فغلبه ابن عباد على بلده وسلطانه، فلاذ بقرطبة. ثم صار إلى محمد بن معن صاحب المرية، فاصطفاه لصحبته وأثر مجالسته والأنس به، ووسع راتبه. وكان ملوك الأندلس تتهادى مصنفاته. ومن شعره: من الطويل

وما زال هذا الدهر يلحن في الورى                      فيرفع مجرورا ويخفض مبـتـدا

ومن لم يحط بالناس علما فإنـنـي                      بلوتهم شـتـى مـسـودا وسـيدا وكان معاقرا للراح لا يصحو من خمارها يدمنها أبدا، فلما دخل رمضان قال يخاطب نديمين له: من الطويل

خليلي إني قد طربت إلى الـكـاس                      وتقت إلى شم البـنـفـسـج والآس

فقوما بنا نلهو ونستـمـع الـغـنـا                      ونسرق هذا اليوم سرا من الـنـاس

فإن نطقوا كنا نصارى تـرهـبـوا                      وإن غفلوا عدنا إليهم مـن الـراس

وليس علينا في الـتـعـلـل سـاعة                      وإن رتعت في عقب شعبان من باس وحدث عن أبي مروان ابن حيان وأبي بكر المصحفي، وأجاز له ابن عبد البر، وكان إماما لغويا أخباريا متفننا، صنف كتاب أعلام النبوة وأخذه الناس عنه، وصنف اللآلي في شرح نوادر أبي علي القالي، والمقال في شرح الأمثال لأبي عبيد، و اشتاق الأسماء، ومعجم ما استعجم من البلاد والمواضع والنبات، وغير ذلك. وتوفي في شوال سنة سبع وثمانين وأربعمائة.

أبو موسى الضرير عبد الله بن عبد العزيز، أبو القاسم الضرير النحوي المعروف بأبي موسى. كان يؤدب المهتدي، وكان من أهل بغداد، وسكن مصر وحدث بها عن أحمد بن جعفر الدينوري، وجعفر بن مهلهل بن صفوان الراوي عن ابن الكلبي. وروى عنه يعقوب بن يوسف بن خرزاد النجيرمي. وله كتاب في الفرق وكتاب في الكتابة والكتاب.

العمري الزاهد العابد

 

صفحة : 2424

 

عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمان العدوي، المدني العابد، الزاهد، القدوة. روى القليل عن أبيه وأبي طوالة وغيرهما. وعن ابن المبارك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن عمران العابدي، عالما، عاملا قانتا لله، منعزلا، ينكر على مالك دخوله على السلطان. وله مناقب. توفي سنة أربع وثمانين ومائة. وعظ الرشيد مرة فقال: نعم يا عم  وأتبعة الأمين والمأمون بكيس فيه ألفا دينار، فلم يأخذها وقال وهو أعلم يفرقها عليه، وأخذ من الكيس دينارا وقال: كرهت أن أجمع من سوء القول وسوء الفعل وأتى إليه شاخصا مرة أخرى، فكره مجيئه وجمع العمريين وقال: مالي ولابن عمكم إحتملته بالحجاز فأتى دار مملكتي، يريد أن يفسد على أوليائي، ردوه عني قالوا: لا يقبل منا  فكتب إلى عيسى بن موسى أن يرفق به حتى يرده. وقال ابن عيينة: هو عالم المدينة الذي جاء في الحديث المشهور، وهو يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل إليه في العلم فلا يجدون أعلم منه.

جمال الدين الحنبلي المقدسي عبد الله بن عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور، الحافظ المحدث، جمال الدين أبو موسى ابن الحافظ الأوحد أبي محمد المقدسي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي. ولد في شوال سنة إحدى وثمانين وخمسمائة، وتوفي سنة تسع وعشرين وستمائة. سمع الكثير بالحجاز وإربل والموصل ونيسابور وإصبهان ومصر، وعني بالحديث، وكتب الكثير بخطه وخرج وأفاد، وقرأ القرآن على عمه العماد، وتفقه على الشيخ الموفق، وقرأ العربية ببغداد على أبي البقاء، وكانت قراءته صحيحة سريعة مليحة. له عبادة وورع ومجاهدة وكان جوادا كريما، ولما مات رثاه جماعة.

النور ابن عبد الكافي عبد الله بن عبد الكافي، نور الدين بن ضياء الدين ابن الخطيب الكبير جمال الدين عبد الكافي بن عبد الملك بن عبد الكافي الربعي الدمشقي الشروطي الأديب. ولد سنة أربع وستين وتوفي سنة تسع وستمائة، وكان حسن الكتابة، له نظم وفيه لعب وعشرة وانطباع.

ابن القشيري عبد الله بن عبد الكريم بن هوازن، الإمام أبو سعد ابن الإمام القشيري النيسابوري. كان أكبر أولاد الشيخ، وكان كبير الشأن في السلوك ذكيا، أصوليا، غزير العربية، سمع وحدث وتوفي سنة سبع وسبعين وأربعمائة.

عبد الله بن عبد الله

بن الحارث بن نوفل

أخو إسحاق ومحمد. روى عن أبيه وابن عباس وعبد الله بن خباب بن الأرت وعبد الله بن شداد. توفي في حدود المائة للهجرة وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

الأنصاري عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك الأنصاري. روى عن ابن عمر وأنس بن مالك وجده لأمه عتيك بن الحارث، وتوفي في حدود العشرين والمائة، وروى له الجماعة.

ابن عبد الله بن عمر عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهم، وصي أبيه، سمع أباه وأبا هريرة وأسماء بنت زيد بن الخطاب. وروى له الجماعة سوى ابن ماجة. وتوفي سنة خمس ومائة.

ابن رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه، وهو ابن عبد الله رأس المنافقين، وله ذكر في ترجمة أبيه عبد الله بن أبي. إستشهد عبد الله يوم اليمامة سنة اثنتي عشرة للهجرة. وروت عنه عائشة ومسلم وأبو داود والنسائي.

أبو العباس الصفري عبد الله بن عبد الله الصفري، أبو العباس، أديب، شاعر، ناثر، لقي أعيان المشايخ وأخذ عنهم الأدب، منهم: الفارسي وابن خالويه والزجاجي. وكان من شعراء سيف الدولة بن حمدان. مرض أبو فراس فلم يعده الصفري، فكتب إليه أبو فراس: من الكامل

إني مرضت فلم يعـدنـي عـائد                      ممن قضيت حقوقه فيما مضـى

إن الحقوق وإن تطاول عهـدهـا                      دين يحل وواجبات تقـتـضـى

لولا الجميل وحفظ ما أسفـلـتـم                      يا ظالمين لقلت لا يعد الرضـى

يا تاركين عيادتـي بـتـعـمـد                      إن تمرضوا لا تعدموا مني القضا فأجاب الصفوري: من الكامل

شكوى الأمير لما شكاه مـودع                      أحشاءنا وقلوبنا جمر الغضـا

ما في المروءة أن نراه يشتكي                      ما العدل إلا أن يصح ونمرضا

عوضت من ألم ألـم سـلامة                      إن السلامة خير شيء عوضا

 

صفحة : 2425

 

 

فانهض بمجد أنت محيي رسمه                      فالمجد ليس بناهض أو تنهضا وحضر مجلس سيف الدولة وعنده القاضي أبو حفص قاضي حلب فجرى ذكر البيتين المشهورين وهما: من الطويل

وليس صرير النعش ما تسمعونه                      ولكنه أصلاب قوم تقـصـف

وليس نسيم المسك ريا حنوطـه                      ولكنه ذاك الثناء المـخـلـف فاستحسنا وقال سيف الدولة: هما لبعض المحدثين وذهب عني اسمه فقال القاضي: هما الخنساء فقال سيف الدولة للصفري: أتعرف لمن هما? قال: نعم هما لأبي عبد الرحمان العطوي قال: صدقت، وأمره بإجازتهما فقال ارتجالا - وذكر أباه أبا الهيجاء: من الطويل

لقد ضم مـنـه قـبـره كـل سـؤدد                      وكـل عـلاء حـده لـيس يوصـف

وأضحى الندا مذ غاب عـنـا خـيالـه                      وأركانه من شدة الوجـد تـضـعـف

على أن صـرف الـدهـر لا در دره                      يسر أناسا بـالـحـمـام ويسـعـف

ألا يا أميرا عـم ذا الـخـلـق جـوده                      وأضحى به شعري على الشعر يشرف

حسامك يجري من دم الـقـرن حـده                      ورمحك في يوم الـكـريهة يرعـف

وأنـت إذ عـد الـكـرام مـقـــدم                      وغير إن عـد الـكـرام مـخـلـف قلت: هذه الأبيات في الارتجال كثيرة جيدة في الروية وسط، ولكن أين هذه الأبيات من البيتين المقدمين?.

شرف الدين ابن شيخ الشيوخ الصوفي عبد الله بن عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه، شيخ الشيوخ شرف الدين أبو بكر ابن الشيخ شيخ الشيوخ تاج الدين الجويني الدمشقي الصوفي. ولد سنة ثمان وستمائة وسمع من أبيه وأبي القاسم بن صصرى وأبي صادق بن صباح وابن اللتي. وروى عنه ابن الخباز وابن العطار والمزي والبرزالي، وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته. وكان شيخا جليلا محترما بين الصوفية. وتوفي سنة ثمان وسبعين وستمائة.

أمين الدين الرهاوي عبد الله بن عبد الله، أمين الدين الرهاوي الدمشقي تربية ابن الكريدي ولد سنة أربع وثمانين وستمائة، وتوفي رحمه الله بين العيدين سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. سمع وقتا من ابن القواس وابن عساكر وطلب بنفسه وقتا بعد سبعمائة، ونسخ الأجزاء وارتزق بالكتابة في زرع وغيرها.

عبد الله بن عبد الملك

ابن عبد الملك بن مروان عبد الله بن عبد الملك بن مروان ولي الغزو وبنى المصيصة، وولي إمرة مصر بعد عمه عبد العزيز. ولما مات في حدود المائة ترك ثمانين مدى ذهب.

ابن القابض عبد الله بن عبد الملك بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن شبويه بن القابض، أبو زيد الإصبهاني. سمع بها الكثير من أبي طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه، وأبي الطيب عبد الرزاق بن عمر بن شمسه وغيرهم. وقدم بغداد وسمع بها من أبي محمد الصريفيني وابن النقور، وابن غالب، العطار، وابن البشري وأبي بكر الخطيب وأمثالهم. وكانت له معرفة ودراية وحدث باليسير وتوفي بالبصرة سنة ست وستين وأربعمائة.

ابن الحجاج عبد الله بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد بن علاف بن خلف بن طلائع، المسند المعمر أبو عيسى الأنصاري النجاري المصري الرزاز المعروف بابن الحجاج - بضم الحاء المهملة بجمع حاج. ولد سنة ست وثمانين، وتوفي سنة اثنتين وسبعين وستمائة. سمع البوصيري وابن ياسين، وفاطمة بنت سعد الخير والحافظ عبد الغني وغيرهم. وهو آخر من روى بالسماع عن البوصيري وابن ياسين. وكان شيخا حسنا صحيح السماع، عالي الإسناد، روى عنه الدمياطي والدواداري وابن جماعة وسعد الدين الحارثي، وأحمد ابن حسن ابن شمس الخلافة وخلق كثير. وسيأتي ذكر ولده عبد الحق بن عبد الله في مكانه.

تقي الدين بن جبارة الحنبلي عبد الله بن عبد الولي بن جبارة بن عبد الولي، الإمام تقي الدين الحنبلي ابن الفقيه المقدسي الصالحي. إمام، مفت، مدرس، صالح، عارف بالمذهب، متبحر في الفرائض والحبر والمقابلة، كبير السن. توفي سنة تسع وتسعين وستمائة.

الحجبي البصري عبد الله بن عبد لوهاب الحجبي البصري. روى عنه البخاري، وروى النسائي عن رجل عنه. وثقة أبو حاتم وجماعة. وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

عبد الله بن عبيد الله

ابن البيع المؤدب

 

صفحة : 2426

 

عبد الله بن عبيد الله بن يحيى، أبو محمد البغدادي المؤدب، المعروف بابن البيع. كان ثقة. وتوفي سنة ثمان وأربعمائة.

أبو عبد الرحمان المعيطي عبد الله بن عبيد الله بن الوليد بن محمد بن يوسف بن عبد الله، أبو عبد الرحمان الأموي المعيطي القرطبي. وكان من أهل الشرف والسؤدد، بويع بالخلافة بشرق الأندلس وخطب له، ثم خلع فصار إلى كتامة. وكان مجاهد، صاحب دانية، قد قدم هذا المعيطي أن يكون أمير المؤمنين بعمله، فبقي مدة ثم خلعه ونفاه، فالتجأ إلى كتامة، وبقي لا يرفع للدنيا رأسا، وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة.

أبو محمد التيمي مؤذن الحرم عبد الله بن عبيد الله بن أبي ملكية، أبو محمد وأبو بكر التيمي المكي الأحول، مؤذن الحرم، قاضي مكة لابن الزبير، روى عن جده أبي ملكية - وله صحبة - وعن عائشة وأم سلمة، وابن عباس وعبد الله بن عمرو وطائفة. وثقة غير واحد، والصحيح أنه أدرك ثلاثين من الصحابة. وتوفي سنة سبع عشرة ومائة. وروى له الجماعة.

الجندعي المكي عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي المكي. روى عن أبيه وعائشة وابن عباس وابن عمر وجماعة. وهو من أفصح أهل مكة. قال أبو حاتم: ثقة. توفي سنة ثلاث عشرة ومائة.

الهذلي عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي. رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثا. وتوفي أربع وسبعين للهجرة. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة.

عبد الله بن عثمان

أبو بكر الصديق رضي الله عنه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ابن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي التيمي أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ابن أبي قحافة. أمه أم الخير بنت صخر بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة، واسمها سلمى. قال ابن عبد البر: لا يختلفون أن أبا بكر شهد بدرا بعد مهاجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة ولم يكن رفيقه غيره. وهو كان مؤنسه في الغار، وهو أول من أسلم من الرجال في قول طائفة من أهل العلم بالسير والخبر، وأول من صلى مع رسول اله صلى الله عليه وسلم. وكان يقال له عتيق لجماله وعتاقة وجهه، وقيل: لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب به، وقيل: كان له أخوان، أحدهما عتيق - بفتح العين، والآخر عتيق - بضم العين، فمات عتيق قبله فسمي باسمه، وقيل: لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:  من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى هذا  ، يقول حسان بن ثابت: من البسيط

إذا تذكرت شجوا من أخـي ثـقة                      فاذكر أخاك أبا بكر بما فـعـلا

خير البرية أتقاهـا وأعـدلـهـا                      بعد النبي وأوفاها بمـا حـمـلا

والثاني التالي المحمود مشـهـده                      وأول الناس منهم صدق الرسـلا

والثاني اثنين في الغار المنيف وقد                      طاف العدو به إذ صعدوا الجبلا

وكان حب رسول الله قد علمـوا                      خير البرية لم يعدل بـه رجـلا وقال أبو الهيثم بن التيهان: من الطويل

وإني لأرجو أن يقـوم بـأمـرنـا                      ويحفظه الصديق والمرء من عدي

أولاك خيار الحي فهو بن مـالـك                      وانصار هذا الدين من كل معتدي وقال أبو محجن الثقفي: من الطويل

وسميت صديقا وكل مهاجـر                      سواك يسمى باسمه غير منكر

سبقت إلى الإسلام والله شاهـد                      وكنت جليسا بالعريش المشهر

وبالغار إذ سميت بالغار صاحبا                      وكنت رفيقا للنبي المطـهـر

 

صفحة : 2427

 

وسمي الصديق لبداره إلى تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما جاء به، وقيل: لتصديقه في خبر الإسراء. وكان في الجاهلية وجيها رئيسا، كانت الأشناق - وهي الديات - إليه في الجاهلية، وأسلم على يديه: الزبير، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمان بن عوف. وأسلم وله أربعون ألفا أنفقها كلها على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  ما نفعني مال ما نفعني مال أبي بكر  ، وأعتق سبعة كانوا يعذبون في الله منهم: بلال وعامر بن فهيرة. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  دعوا لي صاحبي، فإنكم قلتم كذبت، وقال لي صدقت  . وقال:  إن من أمن الناس علي من صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذا خليلا لا تخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام. لا تبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر  . وقالوا لأسماء: ما أشد ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقالت: كان المشركون قعودا في المسجد الحرام فتذاكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقول في آلهتهم، فبينا هم كذلك، إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فقاموا إليه، وكانوا إذا سألوه عن شيء صدقهم فقالوا: ألست تقول آلهتنا كذا وكذا? قال: بلى قالت: فتشبثوا به بأجمعهم، فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقيل له: أدرك صاحبك فخرج أبو بكر حتى دخل المسجد، فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس مجتمعون عليه، فقال: ويلكم  أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله، وقد جاءكم بالبينات من ربكم  ? فلهوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا على أبي بكر رضي الله عنه يضربونه، قالت: فرجع إلينا فجعل لا يمس شيئا من غدائره إلا جاء معه وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام. وقال أبو بكر: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم، ونحن في الغار: لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما وعن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن شيء فأمرها أن ترجع إليه، فقالت: يا رسول الله، أرأيت إن جئت ولم أجدك - تعني الموت، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تجديني فأتي أبا بكر. قال الشافعي: في هذا دليل على أن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر. وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  اقتدوا باللذين من بعدي: أبو بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد  . وعن عبد الله بن مسعود قال: كان رجوع الأنصار يوم سقيفة بني ساعدة بكلام قاله عمر بن الخطاب: أنشدتكم الله هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس? قالوا: اللهم نعم، قال: فأيكم تطيب نفسه أن يزيله عن مقام أقامه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم? فقالوا كلهم: كلنا لا تطيب نفسه ونستغفر الله وقال قيس بن عباد، قال لي علي بن أبي طالب: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ليالي وأياما ينادى بالصلاة فيقول: مروا أبا بكر يصل بالناس، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام، وقوام الدين، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، فبايعنا أبا بكر. وعن عبد الله بن زمعة ابن الأسود قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عليل فدعاه بلال إلى الصلاة، فقال لنا: مروا من يصلي بالناس، قال: فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا، فقلت: قم يا عمر فصل بالناس، فقام عمر فلما كبر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته، وكان مجهرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أبو بكر? يأبى الله ذلك والمسلمون، فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة، وصلى بالناس طول علته حتى مات صلى الله عليه وسلم. وقال مسروق: حب أبي بكر وعمر ومعرفة فضلهما من السنة. وكان أبو بكر رجلا نحيفا أبيض، خفيف العارضين، أجنى، لا تستمسك أزرته، تسترخي عن حقويه، معروق الوجه، غائر العينين، نأتىء الجبهة، عاري الأشاجع ؛ كذا وصفته انته عائشة. بويع بالخلافة في اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعدة، ثم بويع البيعة العامة يوم الثلاثاء من غد ذلك اليوم، وتخلف عن بيعته سعد بن عبادة، وطائفة

 

صفحة : 2428

 

من الخزرج، وفرقة من قريش، ثم بايعوه بعد غير سعد. وقيل: لم يتخلف أحد. وقيل: تخلف علي والزبير، وطلحة، وخالد بن سعيد بن العاص، ثم بايعوه. وقيل: إن عليا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة، ولم يزل سامعا مطيعا له يثني عليه ويفضله. وعن محمد بن سيرين قال: لما بويع أبو بكر أبطأ علي عنه بيعته، وجلس في بيته، فبعث إليه أبو بكر: ما بطأ بك عني? أكرهت إمارتي? فقال علي: ما كرهت إمارتك، ولكني آليت أن لا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى اجمع القرآن، قال ابن سيرين: فبلغني أنه كتبه على تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير. وعن ابن أبجر قال: لما بويع لأبي بكر جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي فقال: غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش، أما والله لأملأنها خيلا ورجالا، فقال علي: مازلت عدو الإسلام وأهله، فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا، إنا رأينا أبا بكر أهلا . ورواه عبد الرزاق عن ابن المبارك. وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عليا والزبير كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها فقال: يا بنت سول الله ما كان من الخلق أحد أحب إلينا من أبيك، وما أحد أحب إلينا بعده منك، وقد بلغني أن هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلن ولأفعلن، ثم خرج وجاءوها، فقالت لهم: إن عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلن، وأيم الله ليفين بها، فانظروا في أمركم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا فلم يرجعوا حتى بايعوا أبا بكر. وعن عبد الله بن أبي بكر أن خالدا بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة سول الله صلى الله عليه وسلم تربص ببيعته شهرين، ولقي علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وقال: يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم فأما أبو بكر فلم يحفل بها، وأما عمر فأضطغنها عليه فلما بعث أبو بكر خالدا أميرا على ربع من أرباع الشام - وكان أول من استعمل عليها - فجعل عمر يقول: أتؤمره وقد قال ما قال? فلم يزل بأبي بكر حتى عزله، وولى يزيد بن أبي سفيان، وقال ابن أبي عزة الجمحي: من الكاملمن الخزرج، وفرقة من قريش، ثم بايعوه بعد غير سعد. وقيل: لم يتخلف أحد. وقيل: تخلف علي والزبير، وطلحة، وخالد بن سعيد بن العاص، ثم بايعوه. وقيل: إن عليا لم يبايعه إلا بعد موت فاطمة، ولم يزل سامعا مطيعا له يثني عليه ويفضله. وعن محمد بن سيرين قال: لما بويع أبو بكر أبطأ علي عنه بيعته، وجلس في بيته، فبعث إليه أبو بكر: ما بطأ بك عني? أكرهت إمارتي? فقال علي: ما كرهت إمارتك، ولكني آليت أن لا أرتدي ردائي إلا إلى صلاة حتى اجمع القرآن، قال ابن سيرين: فبلغني أنه كتبه على تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير. وعن ابن أبجر قال: لما بويع لأبي بكر جاء أبو سفيان بن حرب إلى علي فقال: غلبكم على هذا الأمر أرذل بيت في قريش، أما والله لأملأنها خيلا ورجالا، فقال علي: مازلت عدو الإسلام وأهله، فما ضر ذلك الإسلام وأهله شيئا، إنا رأينا أبا بكر أهلا . ورواه عبد الرزاق عن ابن المبارك. وعن زيد بن أسلم، عن أبيه، أن عليا والزبير كانا حين بويع لأبي بكر يدخلان على فاطمة فيشاورانها ويتراجعان في أمرهم، فبلغ ذلك عمر، فدخل عليها فقال: يا بنت سول الله ما كان من الخلق أحد أحب إلينا من أبيك، وما أحد أحب إلينا بعده منك، وقد بلغني أن هؤلاء النفر يدخلون عليك، ولئن بلغني لأفعلن ولأفعلن، ثم خرج وجاءوها، فقالت لهم: إن عمر قد جاءني وحلف لئن عدتم ليفعلن، وأيم الله ليفين بها، فانظروا في أمركم ولا ترجعوا إلي فانصرفوا فلم يرجعوا حتى بايعوا أبا بكر. وعن عبد الله بن أبي بكر أن خالدا بن سعيد لما قدم من اليمن بعد وفاة سول الله صلى الله عليه وسلم تربص ببيعته شهرين، ولقي علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وقال: يا بني عبد مناف لقد طبتم نفسا عن أمركم يليه غيركم فأما أبو بكر فلم يحفل بها، وأما عمر فأضطغنها عليه فلما بعث أبو بكر خالدا أميرا على ربع من أرباع الشام - وكان أول من استعمل عليها - فجعل عمر يقول: أتؤمره وقد قال ما قال? فلم يزل بأبي بكر حتى عزله، وولى يزيد بن أبي سفيان، وقال ابن أبي عزة الجمحي: من الكامل

شكرا لمن هو بالثناء خلـيق                      ذهب اللجاج وبويع الصديق

 

صفحة : 2429

 

 

من بعدما دحضت بسعد نعـلـه                      ورجا رجاء دونـه الـعـيوق

جاءت به الأنصار عاصب رأسه                      أتاهم الـصـديق والـفـاروق

وأبو عـبـيدة والـذين إلـيهـم                      نفس المؤمل للبقـاء تـتـوق

كنا نقول لها علـي والـرضـا                      عمر وأولاهم بـذاك عـتـيق

فدعت قريش باسمه فـأجـابـه                      إن المنوه باسمه الـمـوثـوق ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجت مكة، فسمع بذلك أبو قحافة فقال: ما هذا? قالوا: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرجلل فمن ولي بعده? قالوا: ابنك. قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة? قالوا: نعم قال: لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منعه الله. ومكث أبو بكر في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليال، وقيل: سنتين وثلاثة أشهر وسبع ليال. وقال ابن إسحاق: توفي أبو بكر على رأس سنتين وثلاثة أشهر واثنتي عشرة ليلة من متوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال غيره: وعشرة أيام، وقال غيره: وعشرين يوما. وقال أبو معشر: سنتين وأربعة أشهر إلا ربع ليال. وقال غيره: سنتين ومائة يوم. وكان يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة. وسبب موته أنه اغتسل في يوم بارد فحم خمسة عشر يوما لا يخرج للصلاة ويأمر عمر بالصلاة وعثمان ألزم الناس له. وقال ابن إسحاق: توفي يوم الجمعة لسبع ليال بقين من جمادى الآخرة. وقيل: عشي يوم الاثنين. وأوصى أن تغسله أسماء بنت عميس، فغسلته، وصلى عليه عمر بن الخطاب ، ونزل في قبره عمر وعثمان وطلحة وعبد الرحمان ابن أبي بكر، ودفن ليلا في بيت عائشة مع النبي صلى الله عليه وسلم. ولم يختلف أن سنه انتهت إلى ثلاث وستين سنة إلا ما لا يصح. وكان نقش خاتمه: نعم القادر الله، وقيل: عبد ذليل لرب جليل. وكان قد حرم الخمر في الجاهلية هو وعثمان رضي الله عنهما. وقال عروة عن عائشة: إن أبا بكر لم يقل بيت شعر في الإسلام، وقد أورد له ابن رشيق في أول العمدة قال: قال أبو بكر رضي الله عنه في غزوة عبيدة بن الحارث، رواه بن إسحاق وغيره: من الطويل

أمن طيف سلمى بالبطاح الدمـائث                      أرقت وأمر في العشـيرة حـادث

ترى من لؤي فـرقة لا يصـدهـا                      عن الكفر تذكير ولا بعث بـاعـث

رسول أتاهم صادق فـتـكـذبـوا                      عليه وقالوا لست فينا بـمـاكـث

إذا ما دعوناهم إلى الحـق أدبـروا                      وهروا هرير المجحرات اللواهث

فكم قد مـتـنـا فـيهـم بـقـرابة                      وترك التقى شيء لهم غير كـارث

فإن يرجعوا عن كفرهم وعقوقهـم                      فما طيبات الحل مثل الـحـبـائث

وإن يركبوا طغيانهم وضـلالـهـم                      فليس عذاب الله عنـهـم بـلابـث

ونحن أنـاس مـن ذؤابة غـالـب                      لنا العز منها في الفروع الأثـائث

فأولي برب الراقصـات عـشـية                      حراجيج تخدي في السريح الرثائث

كأدم ظباء حـول مـكة عـكـف                      يردن حياض البئر ذات النـبـائث

لئن لم يفيقوا عاجلا من ضلالـهـم                      ولست إذا آليت قـولا بـحـانـث

لتبتدرنهـم غـارة ذات مـصـدق                      تحرم أطهار النساء الـطـوامـث

تغادر قتلى تعصب الطير حولـهـم                      ولا يرأف الكفار رأف ابن حارث

فأبلغ بنـي سـهـم لـديك رسـالة                      وكل كفور يبتغي الشـر بـاحـث

فإن تشعثوا عرضي على سوء رأيكم                      فإني من أعراضكم غير شـاعـث قلت: ما أظن أن لحسان بن ثابت الأنصاري مثل هذه الأبيات لأنها في هذه القافية الثائية، وهي في غاية الفصاحة والعذوبة وانسجام التركيب، فرضي الله عنه. وقال أبو الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم العاصي: من البسيط

قالوا تحب أبا بكر فقلت لـهـم                      لم لا أحب الذي أرجوه يشفع لي

نعم ومن مذهبي أنـي أقـدمـه                      على الإمام مبيد الكافرين علـي

وجملة الأمر أن الـلـه قـدمـه                      فالفعل من قبل الرحمان لا قبلي أبو عبد الرحمان العتكي

 

صفحة : 2430

 

عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبي راود، ميمون الأزدي العتكي، أبو عبد الرحمان المروزي، عبدان أخو عبد العزيز شاذان، وهما سبطا عبد العزيز بن أبي رواد. روى عن عبد الله البخاري. وروى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن رجل عنه، وجماعة كثيرون. كان ثقة، إمامأ، تصدق في حياته بألف ألف درهم، وكتب كتب ابن المبارك بقلم واحد. وتوفي سنة إحدى وعشرين ومائتين، وقال: ما سألني أحد حاجة إلا قمت له بنفسي فإن تم وإلا قمت له بمالي فإن تم وإلا استعنت بالإخوان فإن تم وإلا استعنت بالسلطان.

أبو عمرو الأموي عبد الله بن عثمان، أبو عمرو الأموي البغدادي. صدوق. سم علي ابن المديني وتوفي سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة.

أسد الشام اليونيني عبد الله بن عثمان بن جعفر بن محمد اليونيني الزاهد، أسد الشام رحمه الله. كان شيخأ طوالا مهيبا، حاد الحال كأنه نار. جمع خطيب زملكا مناقبه. وتوفي سنة سبع عشرة وستمائة. وساق الشيخ شمس الدين ترجمته في نصف كراسة.

أبو بمحمد الواثقي الصادع بالحق عبد الله بن عثمان بن عمر بن عبد الرحيم بن إبراهيم بن الواثق بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور. أبو محمد الواثقي. حدث بخراسان عن جده، وكان اديبا، شاعرا، وجرت له أحوال وتقلبت به أمور وعجائب. كان يخطب بنصيبين ويشهد عند الحكام ففسق، فخرج منها إلى بغداد، وأقام بها مدة وتوجه إلى بلاد ما وراء النهر واتصل بالملك بغراخان، وصارت له عنده منزلة. وكان أبو الفضل التميمي الفقيه قد قصد بلاد الخانية واجتمع مع الواثقي وكتبا كتبا عن الإمام القادر بتقليد الواثقي العهد بعده، وأظهر ذلك وتقدم بأن يخطب له في بلاده بعد الخليفة وتلقب بالصادع بالحق، وشاع هذا الحديث ووردت الأخبار إلى القادر فانرعج وخطب بولاية العهد لولده أبي الفضل محمد ولقبه الغالب بالله، وعمره إذ ذاك خمس سنين. ومات بغراخان وملك بعده قراخان وكاتبه القادر بالله بإبعاد الواثقي، فأبعد فوصل بغداد مختفيا وبلغ القادر خبره فطلبه فانحدر إلى البصرة ومضى إلى فارس وعاود بلاد الترك وجاء إلى خوارزم وفارقها، وقصد الأمير يمين الدولة محمود سبكتكين فأخذه وسجنه في بعض القلاع إلى أن مات. ومن شعره: من الكامل

قمر ضياء وصاله من وجهـه                      يبدو وظلمة هجره من شعره

والمسك خالطه الرحيق رضابه                      سحرا ودر شنوفه من ثغـره

وسدته عضدي ونثر محاجري                      لونان مثل عقوده في نحـره

وبدا الصباح فمد نحو قراطـق                      يده وشد مزرها في خصـره ومنه: من السريع

وليلة شاب بها المفـرق                      بل جمد الناظر والمنطق

كأنما حم الغضا بـينـنـا                      والنار فيه ذهب محروق

أو سبج في ذهب أحمـر                      بينهما نيلـوفـر أزرق البطليوسي عبد الله بن عثمان البطليوسي العمري، أبو محمد النحوي، الفقيه الشاعر. توفي سنة أربعين وأربعمائة. ومن شعره . . .

عبد الله بن عدي

الصابوني عبد الله بن عدي، أبو عبد الرحمان الصابوني. توفي ببخارا سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وله شيء في الرد على ابن حبان فيما تأول من الصفات.

ابن القطان الحافظ عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد بن مبارك، أبو أحمد الجرجاني، المعروف بابن القطان. رحل لمصر الشام رحلتين، وسمع الكبار وروى عنه جماعة. وكان مصنفا حافظا، له كتاب الكامل في معرفة الضعفاء في غاية الحسن ذكر فيه كل من تكلم فيه ولو كان من رجال الصحيح وذكر في كل ترجمة حديثا فأكثر من غرائب ذلك الرجل ومناكيره، وتكلم لى الرجال بكلام مصنف. قال الحافظ ابن عساكر: كان ثقة على لحن فيه. وكان لا يعرف العربية مع عجمة، وأما في العلل والرجال فحافظ لا يجارى. توفي سنة خمس وستين وثلاثمائة.

الإبراهيمي عبد الله بن عطاء بن عبد الله بن أبي منصور بن الحسن بن إبراهيم، أبو محمد الإبراهيمي، الهروي، أحد من عني بهذا العلم. تكلم في أمره وتوفي سنة ست وسبعين وأربعمائة.

الدمشقي المفسر

 

صفحة : 2431

 

عبد الله بن عطية بن عبد الله بن حبيب، أبو محمد المقرئ المفسر المعدل الدمشقي. كان إمام مسجد باب الجابية. توفي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة. قيل: إنه كان يحفظ خمسين ألف بيت من الشعر للاستشهاد على معاني القرآن وغيره. وكان ثقة. وقرأ القرآن على أبي الحسن الأخرم.

عبد الله بن عقيل

الثقفي الكوفي عبد الله بن عقيل الثقفي، مولاهم، الكوفي. نزيل بغداد. وثقه أحمد وابن معين وتوفي في حدود الثمانين ومائة. وروى له الأربعة.

عبد الله بن علي

عم المنصور عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، عم المنصور أحد دهاة الرجال. وكان من الشجعان الأبطال وهو الذي انتدب لحرب مروان الحمار ولج في طلبه، وطوى الممالك حتى بلغ دمشق ونازلها وحاصرها وفتحها بالسيف، وعمل عمل التتار وأسرف في قتل بني أمية، ولم يرقب فيهم إلا ولا ذمة. ولما مات السفاح وهو بالشام دعا لنفسه وزعم أن على مثل هذا بايع ابن أخيه، فبايعه أهل الشام بالخلافة، فجهز المنصور إليه أبا مسلم الخراساني فالتقيا بنصيبين وكان الظفر لأبي مسلم، وقصد عبد الله بن علي البصرة فأخفاه أخوه عنده.، ثم لم يزل المنصور حتى سجنه وعمل على قتله سرا، فقيل: إنه جفر أساس الحبس وملأه ملحا ثم أرسل الماء عليه فوقع عليه فمات سنة سبع وأربعين ومائة. وقيل: إن المنصور قال يوما لجلسائه: أخبروني عن ملك جبار اسمه عين قتل ثلاثة أسماءهم عين? فقال له أحد من حضر: عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمان بن الأشعث. فقال: فخليفة آخر أسمه عين فعل ذلك بثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين? فقال: أنت يا أمير المؤمنين، قتلت أبا مسلم واسمه عبد الرحمان وقتلت عبد الجبار وسقط البيت على عمك عبد الله بن علي فضحك وقال: ويلك وما ذنبي أن سقط عليه البيت?. وقال لهم: أتعرفون عين بن عين بن عين قتل ميم بن ميم بن ميم? فقال له رجل: نعم عمك عبد الله بن علي بن عباس قتل مروان بن محمد بن مروان. وذكر ابن مسكويه في تأريخه أن عبد الله بن عمر بن عبد العزيز كان يأمل أن يقتل مروان الحديث سمعه أن عين بن عين بن عين يقتل ميم بن ميم بن ميم، وكان يروي هذا الحديث ويظنه حتى قتله عبد الله بن علي بن عباس. ولعبد الله بن علي عم المنصور ذكر في ترجمة عبد الله بن المقفع. ومن شعره: من مجزوء الكامل

الظلم يصرع أهـلـه                      والظلم مرتعه وخـيم

ولقد يكون لك البعـي                      د أخا ويقطعك الحميم ومنه أيضا: من البسيط

بنـي أمـية قـد أفـــنـــيت آخـــرهـــم                      فكـيف لـي مـنـكـم بـالأول الـمــاضـــي

يطـيب الـنـفـس أن الـنـار تـجـمـعـكـــم                      عوضـدتـم مـن لـظـاهـا شـر مـعـتــاض

منيتم لا أقال الله عثرتكمبليت غاب إلى الأعداء نهاض

إن كان غيظي لفوت منكم فلقد                      رضـيت مـنـكـم بـمـا ربـي بـه راضـــي وقد قتل جماعة أعمامهم فمنهم المنصور ومنهم المعتضد غرق عمه أبا عيسى في الماء، وسقى المعتضد عمه المعتمد السم، وكذا فعل جماعة من ولاة المغرب.

الحافظ ابن الجارود عبد الله بن علي بن الجارود، أبو محمد النيسابوري الحافظ. نزيل مكة. توفي سنة سبع وثلاثمائة. سمع إسحاق بن راهويه وعلي بن حجر وعنه ابن أخيه يحيى بن منصور القاضي.

المستكفي بالله أمير المؤمنين

 

صفحة : 2432

 

عبد الله بن علي، أمير المؤمنين المستكفي بالله بن المكتفي بن المعتضد ابن طلحة الموفق بن جعفر المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور. بويع للمستكفي عند خلع أخيه في صفر ثلاث وثلاثين، وقبض عليه في جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين وسملت عيناه وسجن في هذه السنة وبقي في هذا السجن إلى أن مات سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة عن ست وأربعين سنة. وكان أبيض جميلا، ربعة من الرجال، خفيف العارضين، أكحل، أقنى، ابن أمة اسها غصن لم تدرك خلافته، وبايعوا بعده المطيع لله الفضل بن المقتدر. ومولد المستكفي سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وكان يلقب الوسيم يسمى بإمام الحق، وخطب له بالمستكفي، وكنيته أو القاسم. ولم يل الخلافة من بني العباس أكبر سنا من المنصور ثم المستكفي. وخلعه معز الدولة أحمد بن بويه، ولم يزل محبوسا في دار السلطان إلى أن مات وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر ويومين. وأقام في السجن ثلاث سنين وأربعة أشهر وأربعة عشر يوما، وكان كاتبه أبو الفرج محمد بن أحمد السامري، ثم الحسين بن أبي سليمان، ثم أبو أحمد الفضل بن عبد الرحمان بن جعفر الشيرازي، والمدبر للأمور محمد بن يحيى ابن شيرزاد، وحاجبه أبو العباس أحمد بن خانقاه الملفحي، ونقش خاتمه: لله الأمر. وكان الغالب على دولة المستكفي امرأة يقال لها علم الشيرازية، وكانت قهرمانة داره، وهي التي سعت في خلافته عند توزون حتى تمت، فعوتب على اطلاق يدها وتحكمها في الدولة، فقال: خفضوا عليكم فإنما وجدتكم في الرخاء ووجدتها في الشدة، وهذه الدنيا التي بيدي هي التي سعت لي فيها حتى حصلت، أفأبخل عليها ببعضها? وكان خواصه كثيرا ما يبصرونه مصفرا لكثرة الجزع، فقالوا له في ذلك فقال: كيف يطيب لي عيش والذي خلع ابن عمي وسلمه أشاهده في اليوم مرات، وأطالع المنية بين عينيه، فما مر شهر من حين هذا الكلام حتى سم توزون ومات، ثم دخل معز الدولة بن بويه فخلعه وسمله، وانقضت دولة الأتراك وصارت الدولة للديلم.

الكركاني الصوفي عبد الله بن علي، أبو القاسم الطوسي الكركاني، ويعرف بكركان شيخ الصوفية وعارفهم بطوس، توفي في حدود الستين وأربعمائة.

القاضي ابن سمجون عبد الله بن علي بن عبد الملك، أبو محمد الهلالي الغرناطي المعروف بابن سمجون. أحد العلماء والفقهاء. ولي قضاء غرناطة توفي سنة أربع وعشرين وخمسمائة.

الرشاطي عبد الله بن علي بن عبد الله بن خلف بن أحمد بن عمر اللخمي الرشاطي المري. كانت له عناية كثيرة بالحديث والرجال والرواة والتاريخ له كتاب إقتباس الأنواء والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار أخذه الناس عنه وما قصر فيه، وهو على أسلوب كتاب السمعاني. توفي شهيدا سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة بالمرية عند تغلب العدو عليها.

الصاحب ابن شكر

 

صفحة : 2433

 

عبد الله بن علي بن الحسين بن عبد الخالق بن الحسين بن الحسن بن المنصور الصاحب الكبير الوزير صفي الدين بن شكر، أبو محمد الشيبي المصري الدميري المالكي. ولد سنة ثمان وأربعين، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وستمائة. تفق على أبي بكر عتيق البجائي، وتخرج به ورحل إلى الإسكندرية، وتفقه على شمس الإسلام أبي القاسم مخلوف بن جبارة، وسمع منه ومن السلفي وجماعة. وحدث بدمشق ومصر. وروى عنه الزكي المنذري والشهاب القوصي. وكان مؤثرا لأهل العلم والصالحين، كثير البر لهم والتفقد لا يشغله ما هو فيه من كثرة الأشغال عن مجالستهم ومباحثتهم، وأنشأ مدرسة قبالة داره بالقاهرة، وبنى مصلى العيد بدمشق، وبلط الجامع، وأنشأ الفوارة وعمر جامع المزة وجامع حرستا. قال الموفق: هو رجل طوال، تام القصب فعمها، دري اللون مشرق بحمرة، له طلاقة محيا، وحلاوة لسان وحسن هيئة، وصحة بنية، ذو دهاء مفرط في هوج وخبث في طيش مع رعونة مفرطة وحقد لا تخبوا ناره، ينتقم ويظن أنه لم ينتقم فيعود وينتقم، لا ينام عن عدوه ولا يقبل منه معذرة ولا إنابة، ويجعل الرؤساء كلهم أعداء، ولا يرضى لعدوه بدون الهلاك، لا تأخذه في نقماته رحمة. استولى على العادل ظاهرا وباطنا، ولم يمكن أحدا من الوصول إليه حتى الطبيب والفراش والحاجب عليهم عيون فلا يتكلم أحد منهم فضل كلمة. وكان لا يأكل من الدولة فلسا ويظهر الأمانة، فإذا لاح له مال عظيم احتجنه. وعملت له قبسة العجلان فأمر كاتبها أن يكتبها ويردها وقال: لا نحتسل أن نأخذ منك ورقا وكان له في كل بلد من بلاد السلطان ضيعة أو أكثر في مصر والشام إلى خلاط، وبلغ ذلك مجموع مغله مائة ألف وعشرين ألف دينار. وكان يكثر الإدلال على العادل ويسخط أولاده وخواصه، فكان العادل يترضاه بكل ممكن، وتكرر ذلك منه إلى أن غضب منه على حران. فأقره العادل على الغضب وأعرض عنه وظهر له منه فساد فأمر بنفيه عن مصر والشام، فسكن آمد وأحسن إليه صاحبها، فلما مات العادل عاد إلى مصر ووزر للكامل، وأخذ في المصادرات، وكان قد عمي، مات أخوه ولم يتغير، ومات أولاده وهو على ذلك. وكان يحم حمى قوية ويأخذه النافض وهو في مجلس السلطان ينفذ الأشغال ولا يلقي جنبه إلى الأرض، وكان يقول: ما في قلبي حسرة إلا أن ابن البيساني ما تمرغ على عتباتي، يعني القاضي الفاضل، وكان ابنه يحضر عنده وهو يشتمه فلا يتغير، وداراه أحسن مداراة، وبذل له أموالا جمة. وعرض له إسهال وزحير أنهكه حتى انقطع ويئس الأطباء منه فاستدعى من حبسه عشرة من شيوخ الكتاب وقال: أنتم تشتمون بي، وركب عليهم المعاصير وهو يزحر وهم يصيحون إلى أصبح وقد خف ما به، وركب في ثالث يوم، وكان يقف الرؤوساء على بابه من نصف الليل ومعهم المشاعل والشمع ويركب عند الصباح فلا يراهم ولا يرونه إما أنه يرفع رأسه إلى السماء وإما يعرج إلى طريق أخرى. وفيه يقول شرف الدين ابن عنين - فيما أظن: من الخفيف

ضاع شعري وقل في الناس قدري                      من لزومي باب اللئيم ابن شكـر

لو أتـتـه حـوالة بـخـــراه                      قال سدوا بلحيتي باب جـحـري وفيه يقول: من السريع

ونعمة جاءت إلـى سـلـفة                      أبطره الإثراء لـمـا ثـرا

فالناس من بغض له كلـمـا                      مر عليهم لعـنـوا شـاورا

تبا لمـصـر ولـهـا دولة                      ما رفعت في الناس إلا خرا ومما قيل فيه وقد عزل: من الخفيف

أين غلمانك المطيفون بالبـغ                      لة والرافعـون لـلأثـواب

ردك الدهر كالنداء على الني                      ل بلا حاجـب ولا بـواب وكان السبب في انحرافه عن القاضي الفاضل رحمه الله تعالى ما قاله القاضي الفاضل وهو: وأما ابن شكر فهو لا يشكر،وإذا ذكر الناس كان كان الشيء الذي لا يذكر فقيل للفاضل: ما هو الشيء الذي لا يذكر? قال الشيء الذي لا يذكر. وتوفي الفاضل رحمه الله وقد عصمه الله منه لم يمكنه منه على ما يأتي في ترجمة القاضي الفاضل إن شاء الله تعالى. وفي ابن شكر يقول ابن شمس الخلافة، وقيل إنه قال ذلك في الفاضل: من الكامل

مدحتك ألسـنة أنـام مـخـافة                      وتقارضت لك في الثناء الأحسن

أترى الزمان مؤخرا في مدتـي                      حتى أعيش إلى انطلاق الألسن

 

صفحة : 2434

 

وقيل: إنه عاش بعده وانطلق لسانه فيه ثم إنه تمنى أن يكون قد عاش إلى أنطلاق الألسن. ولشعراء عصره فيه أمداح طنانة مليحة إلى الغاية، فممن امتدحه ابن الساعاتي وان سناء الملك وابن عنين وغيرهم، والأمداح موجودة في دواوينهم.

أبو محمد المقرئ عبد الله بن علي بن أحمد بن عبد الله، الإمام محمد المقرئ، سبط الزاهد أبي منصور الخياط، شيخ القراء بالعراق. سمع الكتب الكبار وقرأ العربية على أبي الكرم بن فاخر، وصنف في القراءات المبهج والكفاية والاختيار والإيجاز. توفي سنة إحدى وأربعين وخمسمائة. وخولف في بعض مصنفاته وشنعوا عليه فرجع عن بعضها، وكان يقول: لو قلت إنه ليس بالعراق مقرئ. إلا وقد قرأ علي أو على جدي أو قرأ على من قرأ علي لظننت أني صادق. ولم يسمع أطيب من صوته. قال أبو الفرج ابن الجوزي: وقد رأيت جماعة من الأعيان ماتوا فما رأيت أكثر جمعا من جنازته وغلقت الأسواق لأجله. قال ياقوت: وهو شيخ شيخنا تاج الدين الكندي ومخرجه. ومن شعره: من الخفيف

أيها الزائرون بعد وفاتـي                      جدثا ضمني ولحدا عميقـا

سترون الذي رأيت من المو                      ت عيانا وتسلكون الطريقا ومنه: من الطويل

ومن لم تؤدبه الليالي وصرفهـا                      فما ذاك إلا غائب العقل والحس

يظن بأن الأمر جار بحكـمـه                      وليس له علم أيصبح أم يمسـي ومنه: ومن الطويل

أرى ظاهر الود الذي كان بيننـا                      تقضي وقد كادت به النفس تخدع

وغرك ما غر السراب لذي ظما                      فلما أتاه خانه وهـو يطـمـع قلت: شعر متوسط.

الفرغاني الحنفي الخطيب عبد الله بن علي بن صائن بن عبد الجليل بن الخليل ابن أبي بكر الفرغاني؛ أبو بكر الفقيه الحنفي. كان يتولى الخطابة بسمرقند، وقدم بغداد حاجا، وسمع من أحمد الأمين وابن الأخضر وجماعة من أصحاب أبي القاسم أبي الحصين، وكتب بخطه. قال محب الدين بن النجار: وحدثنا بأربعين حديثا جمعها عن شيوخه بما وراء النهر، وكان إماما كبيرا في المذهب والخلاف والحديث والنحو واللغة، وله النظم والنثر، ولقد كان من أفراد الدهر، تأدبنا بأخلاقه واقتدينا بأفعاله وتعلمنا من فوائده وفرائده واقتبسنا من علومه ما ينتشر بالحناجر على الحناجر، وأنشدنا له: من المتقارب

تحر فديتك صدق الـحـديث                      ولا تحسب الكذب أمرا يسيرا

فمن آثر الصدق في قـولـه                      سيلقى سرورا ويرقى سريرا

ومن كان بالكذب مستهـتـرا                      سيدعو ثبورا ويصلى سعيرا قتل شهيدا ببخارا صابرا محتسبا على أيدي التتار سنة ست عشرة وستمائة.

ابن الآبنوسي عبد الله بن علي بن عبد الله بن محمد بن علي بن محمد، أبو محمد ابن الآبنوسي البغدادي الوكيل على باب القضاة. قرأ العلم وسمع الحديث الكثير، وكتب بخطه الرديء العسر. وتوفي سنة خمس وخمسامائة. وكان من أهل المعرفة بالحديث وقوانينه. ومن شعره - ولم يل غيرهما: من مجزوء الرمل

أصبح الناس حالشـه                      كلهم يطلب مـالـه

لو بقي في الناس حر                      ما تعاطيت الوكالـه الشيخ السديد الطبيب

 

صفحة : 2435

 

عبد الله بن علي هو القاضي الرئيس شرف الدين السديد، أبو منصور ابن الشيخ السديد أبي الحسن الطبيب. غلب عليه لقب والده فلا يعرف إلا بالسديد. كان عالما بصناعة الطب خبيرا بها أصلا وفرعا، كثير الدربة حسن الأعمال باليد. خدم من الخلفاء المصريين خمس خلفاء: الآمر والحافظ والظافر والفائز والعاضد. وخدم بعدهم السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. ولم يزل على رياسة الطب إلى أن توفي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. وأول ما أدخله أبوه الشيخ السديد إلى الآمر فصده فأعجبه حركاته وقال له: أحسنت وأطلق له من الأنعام والهبات والجاري شيئا كثيرا، وأمره بملازمة القصر، وحصل له في يوم واحد من المعالجة لبعض الخلفاء ثلاثة آلاف دينار مصرية. ولما وصل المهذب النقاش من بغداد إلى دمشق أقام بها مدة ولم يحصل له ما يقول بكفايته وبلغته أخبار الخلفاء المصريين فتاقت نفسه إلى الديار المصرية وتوجه إليها واجتمع بالشيخ السديد وعرفه أمره فلما سمع كلامه قال له: كم يكفيك? قال: عشرة دنانير في كل شهر  فقال له : لا هذا القدر لا يكفيك وأمر له بخمس عشرة دينارا وأعطاه بيتا إلى جانبه وفرشة وبغلة جارية حسناء وخلعة سنية وقال: هذا لك في كل شهر وما تحتاج إليه من الكتب وغيرها يأتيك على وفق المراد بشرط أن لا تتطاول إلى الاجتماع بأحد من أرباب الدولة، ولا تطلب شيئا من جهة الخلفاء، فقبل ذلك، ولم يزل المهذب النقاش على ذلك بالقاهرة إلى أن عاد إلى دمشق. وكان الشيخ السديد قد رأى في منامه أن داره احترقت فانتبه مرعوبا وشرع في عمارة دار أخرى قريبة منها وحث الصناع على عمارتها فكلمت ولم يبق إلا مجلس واحد وينتقل إليها فاحترقت الدار التي هو ساكنها وذهب له فيها من الأثاث والآلات والأمتعة شيء كثير جدا.، ووقعت براني كبار وخوابي ممتلئة من الذهب المصري وتكسرت وتناثر ما فيها في الحريق والهدم وشاهده الناس وبعضه انسبك وكان ذلك ألوفا كثيرة. وكتب إليه الحسين بن علي بن إبراهيم الجويني الكاتب: من الوافر

أيا من الحق نعمـتـه قـديم                      على المرؤوس منا والرئيس

فكم عاف أعدت له العوافـي                      وكم عنا نضيت لباس بـوس

ويا من نفسه أعلـى مـحـلا                      من المنفوس يعدم والنفـيس

جرعت مرارة أحلى مـذاقـا                      لمثلك من كميت خـنـدريس

فعاين من عراك بنور تقـوى                      خلائقك التي هي كالشمـوس

مصابك بالذي أضحى ثـوابـا                      يريك البشر في اليوم العبوس

عطاء الله يوم العرض يسمـو                      مماثلة عن العرض الخسيس

هموم الخلق في الدنيا شـراب                      يدور عليها مثل الـكـؤوس

تروم الروح في الدنيا بعقـل                      ترى الأرواح منها في حبوس

وكل حوادث الـدنـيا يسـير                      إذا بقيت حشاشات النـفـوس ابن سويدة عبد الله بن علي بن عبد الله بن عمر بن الحسن بن خليفة، أبو محمد الصوفي المعروف بابن سويدة التكريتي. سمع من أبيه، وأبي شاكر محمد ابن خلف بن سعد التكريتي، وخلق كثير، وسمع بالموصل، وقدم بغداد وأقام بها مدة، وسمه بها جماعة، وخرج أربعين حديثا وغير ذلك من المجموعات بالأسانيد وحدث بها. قال محب الدين بن النجار: وكان قد جمع تاريخا لتكريت في مجلدين، فطالعته فوجدت فيه من التخليظ والغلط الفاحش ما يدل على كذب في مصنفه وتهوره وجهله بالأسانيد والرجال. توفي سنة أربع وثمانين وخمسمائة.

أبو القاسم المنجم عبد الله بن يحيى بن أبي المنصور بن المنجم، أبو القاسم، أخو أبي أحمد يحيى، وأبي الفتح أحمد، وأبي عيسى أحمد، وأبي عبد الله هارون. كانوا بيت فضل وأدب ينادمون الخلفاء والملوك ولهم النظم والنثر والمصنفات الحسنة ورواية الأخبار. ومن شعر أبي القاسم - أورده في اليتمية: من المتقارب

إذا لم تنل همم الأكرمـين                      وسعيهم وادعا فاغتـرب

فكم دعة أتعبت أهلـهـا                      وكم راحة نتجت من تعب الصيمري النحوي عبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري، أبو محمد النحوي. له كتاب في النحو جليل، أكثر ما يشتغل به أهل المغرب سماه كتاب التبصرة.

القيسراني

 

صفحة : 2436

 

عبد الله بن علي بن سعيد القيسراني القصري، أبو محمد. سكن حلب. وكان فقيها فاضلا حسن الكلام في المسائل. تفقه بالعراق في النظامية مدة على أبي الحسن الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي، وعلق المذهب والخلاف والأصول على أسعد الميهني وأبي الفتح بن برهان، وسمع الحديث من أبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وأبي طالب الزينبي . وارتحل إلى دمشق وعمل بها حلقة المناظرة بالجامع. ثم انتقل إلى حلب فبنى له ابن العجمي بها مدرسة إلى أن مات رحمه الله سنة ثلاث أو أربع وأربعين وخمسمائة. وهو منسوب إلى قصر حيفا، وهو موضع بين حيفا وقيسارية.

أبو نصر السراج الصوفي عبد الله بن علي بن يحيى، أبو نصر السراج الطوسي الصوفي مصنف كتاب اللمع في التصوف. توفي سنة سبع وسبعين وثلاثمائة.

عماد الدين بن السعدي عبد الله بن علي بن إبراهيم بن عبد الله، عماد الدين أبو محمد الأندلسي القرطبي المعروف بابن السعدي. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني المذكور لنفسه يمدح السلطان الملك الكامل: من الطويل

أيا ملكا قد طال في طوله شـكـري                      وقصر بعد الطول في المدح والشكر

حوى صبر أيوب ونصر مـحـمـد                      وقوة موسى بعد فضل أبي بـكـر وأورد له مقاطيع غير هذا، وكلها شعر نازل كما تراه في هذا المقطوع فإنه لا مناسبة لذكر أبي بكر مع ذكر الأنبياء. حسن الذوق غير هذا أبو طالب الحلبي عبد الله بن علي بن غازي، أبو طالب الحلبي. قال الفقيه شهاب الدين أبو الفضل محمد بن يوسف الغزنوي: لقيته بحلب وهو من مقدميها المقدمين ومميزيها المحترمين، وأورد قوله: من الكامل المرفل

قد قلت في وقت الصباح                      والراح محمول بـراح

يا صاح دونك والـخـلا                      عة والتهتك بالـمـلاح

لا تأل جهدا عـن طـلا                      بك وأعص فيه كل لاح وقوله: من الكامل

إن أخملت أرض الشآم فضائلي                      في أهلها للجهل من رؤسائهـا

فالعين تصر أن ترى أجفانـهـا                      وترى الكواكب في منار سمائها وقوله: من الوافر

فلا تغتر من خل ببشـر                      ولا بتودد عند التـلاقـي

فكم نبت نضير راق حسنا                      عيانا وهو مر في المذاق كمال الدين الكركي عبد الله بن علي بن سوندك، الأديب كمال الدين الكركي، شيخ فاضل أديب لغوي، كان من نقباء السبع. سمع وروى. وتوفي سنة تسع وتسعين وستمائة. روى نسخة أبي مسهر عن أبي خليل. وأول سماعه سنة تسع وأربعين.

تقي الدين السروجي

 

صفحة : 2437

 

عبد الله بن علي بن منجد بن ماجد بن بركات، الشيخ تقي الدين السروجي. أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان قال: كان رجلا خيرا عفيفا، تاليا للقرآن، عنده حظ جيد من النحو واللغة والآداب، متقللا من الدينا، يغلب عليه حب الجمال مع العفة التامة والصيانة. نظم كثيرا وغنى بشعره المغنون والقينات. وكان يذكر أنه يكرر على المفصل والمتنبي والمقامات ويستحضر حظا كبيرا من صحاح الجوهري، وكان مأمون الصحبة، طاهر اللسان، يتفقد أصحابه، لا يكاد يظهر إلا يوم الجمعة، وكان لي به اختلاط وصحبة، ولي فيه اعتقاد. ودفن لما مات بمقبرة الفخري بجوار من كان يهواه، ظاهر الحسينية. وهو أحد من تألمت لفقده لعزة وجود مثله في الصحبة رحمه الله. وكان يكره أن يخبر أحدا باسمه ونسبه، إنتهى. قلت؛ لأنه كان يقول لي: مع الأصحاب ثلاث رتب أول ما أجتمع بهم يقولون، الشيخ تقي الدين جاء، الشيخ تقي الدين راح، فإذا طال الأمر قالوا، راح التقي جاء التقي، صبرت عليهم وعلمت أنهم أخذوا في الملل، فإذا قالوا: راح السروجي جاء السروجي فذلك آخر عهدي بصحبتهم. وقال القاضي شهاب الدين محمود، كان يكره مكانا فيه امرأة ومن دعاه يقول: شرطي معروف أن لا تحضر امرأة قال: كنا يوما في دعوة بعض الأصحاب فكان مما حضر شواء، فأدخل إلى النساء ليقطعوه ويضعوه في الصحون، فكان يتبرم بذلك ويقول: أفيه الساعة يلمسونه بأيديهم وقال الشيخ أثير الدين، لما مات قال والد محبوبه: والله ما أدفنه إلا في قبر ولدي وهو كان يهواه وما أفرق بينهم في الدنيا ولا في الآخرة لما كان يعتقد الفخري من عفافه ومولده سنة سبع وعشرين وستمائة بسروج، وتوفي بالقاهرة رابع شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وستمائة رحمه الله تعالى. أنشدني العلامة أثير الدين قال؛ أنشدني المذكور لنفسه: من الكامل

أنعم بوصلك لي فلهذا وقـتـه                      يكفي من الهجران ما قد ذقته

أنفقت عمري في هواك وليتني                      أعطى وصولا بالذي أنفقـتـه

يا من شغلت بحبه عـن غـيره                      وسلوت كل الناس حين عشقته

كم جال في ميدان حبك فـارس                      بالصدق فيك إلى رضاك سبقته

أنت الذي جمع المحاسن وجهه                      لكن عليه تصبري فـرقـتـه

قال الوشاة قد ادعى بك نسـبة                      فسررت لما قلت قد صدقتـه

بالله إن سألوك عني قال لـهـم                      عبدي وملك يدي وما أعتقتـه

أو قيل مشتاق إليك فقل لـهـم                      أدري بذا وأنا الذي شوقـتـه

يا حسن طيف من خيالك زراني                      من فرحتي بلقاه ما حققـتـه

فمضى وفي قلبي عليه حسـرة                      ولو كان يمكنني الرقاد لحقتـه وأنشدني؛ قال؛ أنشدني لنفسه: من السريع

في الجانب الأيمن من خدها                      نقطة مسك أشتهي شمهـا

حسبته لما بـدا خـالـهـا                      وجدته من حسنة عمـهـا وأنشدني؛ قال؛ أنشدني لنفسه: من الكامل

دنيا المحـب ودينـه أحـبـابـه                      فإذا جفوه تقطعـت أسـبـابـه

وإذا أتاهم في المحـبة صـادقـا                      كشف الحجاب له عز جـنـابـه

ومتى سقوه شراب أنس منـهـم                      رقت معـانـيه وراق شـرابـه

وإذا تـهـتـك مـا يلام لأنــه                      سكران عشق لا يفيد عـتـابـه

بعث السلام مع النـسـيم رسـالة                      فأتاه في طي النسـيم جـوابـه

قصد الحمى وأتاه يجهد في السرى                      حتى بدت أعلامـه وقـبـابـه

ورأى لليلى العامـرية مـنـزلا                      بالجود يعرف والندى أصحـابـه

فيه الأمان لمن يخاف من الـردى                      والخير قد ظفرت بـه طـلابـه

قد أشرعت بيض الصوارم والقنـا                      من حوله فهو المنيع حـجـابـه

وعلى حماه جلالة مـن أهـلـه                      فلذاك طارقه العيون تـهـابـه

كم قلبت فيه القلوب على الثـرى                      شوقا إليه وقبـلـت أعـتـابـه

قد أخصبت منه الأباطح والـربـا                      للزائرين وفـتـحـت ابـوابـه وأنشدني؛ قال؛ أنشدني لنفسه: من الطويل

 

صفحة : 2438

 

 

معاملة الأحباب بالوصـل والـوفـا                      فدع يا حبيبي عنك ذا الهجر والجفـا

فإن كان لي ذنب بجهلي فـعـلـتـه                      فمثلي من أخطأ ومثلك مـن عـفـا

أيا بدر تم حـان مـنـه طـلـوعـه                      ويا غصن بان آن أن يتـعـطـفـا

كفى ما جرى من دمع عيني بالبـكـا                      وعشقي على قلبي جرى منه ما كفى

فإن كنت لا تدري وتعرف ما الهـوى                      فقصدي أن تدري بذاك وتـعـرفـا

أعد ذلك الفعل لجـمـيل تـجـمـلا                      وإن لم يكن طبعا يكون تـكـلـفـا

فما أقبح الإعراض ممـن تـحـبـه                      وما أحسن الإقبال منـه وألـطـفـا

تقدم شوقي يسبـق الـدمـع جـاريا                      إليك ولكن عنك صبري تـخـلـفـا

فديتك محبوبا على السخط والـرضـا                      وعذرك مقبول على العذر والـوفـا وأنشدني الشيخ فتح الدين محمد بن سيد الناس والقاضي عماد الدين إسماعيل ابن القيسراني؛ كلاهما قالا: أنشدنا تقي الدين السروجي لنفسه - والأكثر إنشاد القاضي عماد الدين: من السريع

يا ساعي الشوق الذ مذ جـرى                      جرت دموعي فهي أعوانـه

خذ لي جوابا عن كتابي الـذي                      إلى الحسـينـية عـنـوانـه

فهي كما قد قيل وادي الحمى                      وأهلها في الحسن غـزلانـه

امش قليلا وانعطف بـسـرة                      يلقاك درب طال بـنـيانـه

واقصد بصدر الدرب دار الذي                      بحسنه تحـسـن جـيرانـه

سلم وقل: يخشى كي مـسـن                      اشت حديثا طال كتـمـانـه

كنكم كزم ساوم أشى أط كبى                      فحبـه أنـت واشـجـانـه

وأسأل لي الوصل فإن قال يق                      فقل أوت قد طال هجرانـه

وكن صديقي واقض لي حاجة                      فشكر ذا عندي وسكـرانـه قلت: وفي ترجمة القاضي علم الدين سلمان بن إبراهيم أبيات من هذه المادة، وأظن الشيخ تقي الدين رحمه الله إنما أخذ قوله هذا من قول الرئيس أبي بكر اللاسكي وهو من شعراء الدمية - حيث قال: من الخفيف

قف بذات الجرعاء يا صاحب البك                      رة وانظر تلقاء جانـب نـجـد

فإذا ما بـدت خـيام لـعـينـي                      ك ففيها التي بها طـال وجـدي

فأت تلـك الـخـيام ثـم تـيمـم                      خيمة سترها عـصـائب بـرد

ثم سلم وقف وقل بعد تـسـلـي                      مك قول امرىء مجـدد عـهـد

أترى أنكم علـى مـا عـهـدنـا                      كم عليه أم خنتم العهـد بـعـدي ومن شعره الشيخ تقي الدين السروجي: من السريع

قلت لمحبوبي لـمـا بـدا                      إلي يا محبوب قلبي إلـيا

قد عشق الناس وقد واصلوا                      ما وقع الإنكار إلا علـيا ومن شعره أيضا: من الكامل

عندي هوى لك طال عمر زمـانـه                      لم يبق لي صبر على كـتـمـانـه

قد ضل قلبي مـن طـريق سـلـوه                      فدليلـه لا يهـتـدي لـمـكـانـه

يا صاحب القلـب الـذي أفـراحـه                      تلهيه عن قلبـي وعـن أحـزانـه

عيني لفقدك قد بكـى إنـسـانـهـا                      وجفا الكرى شوقا إلـى إنـسـانـه

يا من بدا لي حسنة مـتـلـطـفـا                      فعشقته وطمعت فـي إحـسـانـه

كان اعتقادي أن أفـوز بـوصـلـه                      فحرمته ورزقت من هـجـرانـه

كان الرقاد لصيد طيفـك حـيلـتـي                      فسلبتـه وفـجـعـتـه بـعـيانـه

ومنعتني أن أجتنـي مـن وصـلـه                      ثمرأ يطيب جـنـاه قـبـل أوانـه

ضمن التلطف منك وصلي في الهوى                      لكن أطال وما فـى بـضـمـانـه

خوف الفراق إلى حماك يسوقـنـي                      فمتي أفوز من اللـقـا بـأمـانـه ومنه أيضا: من البسيط

يا رايس الحب أدركني فقد وحلت                      مراكب بي في بحر أشـواقـي

ولي بضاعة صبر ضاع أكثرهـا                      وقد غدا ذا الهوى يستغرق الباقي قلت: وشعر الشيخ تقي الدين السروجي كثير، وكله من هذا النمط يتدفق سلامة ويذوب حلاوة لمن يذوق؛ منها قوله: من الطويل

تفقهت في عشقي لمن قد هويته                      ولي فيه بالتحرير قول ومذهب

 

صفحة : 2439

 

 

وللعين تنبيه به طال شرحـه                      وللقلب منه صدق ود مهذب وقوله: من الخفيف

مد لي من أحب حبل صـدود                      حين أوهى تجلدي واصطباري

ثم قال امش لي عليه سريعـا                      كيف أمشي وما أنا باختـياري وقوله: من الطويل

أرى المشتهي في روضة الحسن قد بدا                      على رصد المعشوق فالقلـب واجـد

وحقك ما السبـع الـوجـوه إذا بـدت                      بمغنية عـن وجـهـه وهـو واحـد وقوله: من الطويل

خدمت بذاك الوجه للثغر نـاظـرا                      لعلي أمسي والـيا مـن ولاتـه

وأصل حسابي ضبط حاصل وصله                      وتقبيله مستخرج من جـهـاتـه وقوله: من الخفيف

لي حبيب منه أرى وجه بدر                      لم يزل داخلا بباب السعادة

هو للحسن جامع حاكمـي                      فلهذا عشاقه فـي الـزياده وقوله: من الطويل

نديمي ومن حالي من الوجد حاله                      ومن هو مثلي عن مناه بـعـيد

أعد ذكر من أهوى فإني مدرس                      لذكراه من شوقي وأنت معـيد وقال: من الطويل

إلهي بجمع الشمل ممن أحبه                      دعوتك ملهوفا وأنت سمـيع

فلم يبق لي مما تشوقت مهجة                      ولم يبق لي مما بكيت دموع وقال: من الخفيف

بي طلوع منه أنا في نـزول                      وطلوع بلا ارتفاع نـزول

قيل لا بـد أن سـريعـــا                      قلت أخشى نزول قبل يزول وقال من المنسرح

لم تبد ممن أحـب سـيئة                      في الحب إلا رأيتها حسنه

وما أتتني بطـيفـه سـنة                      إلا تمنيت أن تكون سنـه ولتقي الدين السروجي موشحات ومنها قوله:

وبالروح أفديك يا حبـيبـي                      إن كنت ترضى بها فـداك

فداوني الـيوم يا طـبـيبـي                      فالقلب قد ذاب من جفـاك

يا طلعة البدر إن تـجـلـى                      وإن تثنى فـغـصـن بـان

بالوصل طوبى لمن تمـلـى                      ونال من هجـرك الأمـان

قل لي نعم قد ضجرت من لا                      وضاع مني بها الـزمـان

فارجع إلى الله مـن قـريب                      فبعض ما حل بي كـفـاك

من دمع عيني ومن نحيبـي                      وادي الحمى أنبـت الأراك

والله ما كنت في حسـابـي                      وإنما عشقـتـك اتـفـاق

وما أنا من ذوي التصـابـي                      فلم دمي في الهـوى يراق

وكلت بي تبتغـي عـذابـي                      الصد والهجـر والـفـراق

ثلاثة قد غـدت نـصـيبـي                      يا ليتهـا لا عـدت عـداك

فإن تكن ترتضي الذي بـي                      فإن كل المـنـى رضـاك

إن طال شوقي وزاد وجـدي                      فإنني عـاشـق صـبـور

اسمع حديثي بقيت بـعـدي                      أنا وحق الـنـبـي غـيور

ما أشتهي أن يكـون ضـدي                      يمشـي حـوالـيك أو يدور

كأنما لـحـظـه رقـيبـي                      ملازمي عـنـدمـا يراك

يسعى إلى الناس في مغيبـي                      يقـول هـذا يحــب ذاك

جميع ما تشتهي وتـرضـى                      علـي إحـضـاره لـديك

وذاك شـيء أراه فـرضـا                      بالله قل لي ومـا عـلـيك

أنفق وخذ ما تـريد نـضـا                      فحاصـلـي أمـره إلـيك

فأنت يا نزهتـي وطـيبـي                      عن صحبتي مالك انفكـاك

وما ابن عمي ولا نسـيبـي                      يسري إلى مهجتي سـراك

إن كنت تهوى مقام شـرب                      قم نغتبق ثم نـصـطـبـح

تعال حتى تـزيل عـتـبـي                      وبعد ذا العتب نصـطـلـح

والحقد في القلب لا تعـبـي                      وروح الهـم نـسـتـرح

فالعيش للعاشـق الـكـئيب                      يطيب بالأنس في حـمـاك

في خلسة المنظر العجـيب                      تجـيبـه كـلـمـا دعـاك ابن أسباط المغربي عبد الله بن علي، من أبناء الكتاب، ويعرف بابن أسباط، الكاتب، المصري الذي صنع له محمد بن عبد الملك تنورا يعذبه فيه فعاد وباله عليه.

 

 

صفحة : 2440

 

وهو جد بني أسباط لأمهم فنسبو إليه. ذكر عبد الله هذا ابن رشيق في الأنموذج وقال: كان حاذقا، مليح الكلام، غريب القوافي، ظريف المعاني، قليل الشعر، لا يتبذل به. ومن شعره: من الخفيف

ساءني الدهر مرة بعد مـرة                      فتكسبت حنكة بعـد غـره

وإذا ساءك الزمان فأبـشـر                      فعلى عقب ذاك يأتي المسره

إن تدم كرة الزمان علـينـا                      فلنا بعد كرة الدهـر كـره

من ذنوب الزمان عندي أنـي                      لم أسامح فيه بمثـقـال ذره

غير أني صحبته لم أفـارق                      فيه حمدا ولا صحبت معره ومنه: من الكامل المرفل

يا من يحملنـي ذنـوبـه                      ظلما ويفرط في العقوبه

يا ليت شعري ما الـذي                      أرجوه منك من المثوبه

إن كنت تطلب مهجتـي                      خذها فها هي قـريبـه

يكفيك أنك سـقـتـهـا                      للموت سامعة مجـيبـه ومنه: من مجزوء البسيط

قال الخلي الهوى محـال                      فقلت لو ذقته عرفـتـه

فقال هل غير شغل سـر                      إن أنت لم ترضه صرفته

وهل سوى زفـرة دمـع                      إن لم ترد جريه كففـتـه

فقلت من بعد كل وصـف                      لم تعرف الحب إذ وصفته قلت: شعر جيد عذب منسجم.

جمال الدين بن غانم عبد الله بن علي بن محمد بن سلمان، هو جمال الدين بن غانم ابن الشيخ علاء الدين. تقدم تمام نسبه في ترجمة عمه شهاب الدين أحمد بن محمد. الكاتب الناظم الناثر المترسل. كان شابا حسن الشكل، مليح الوجه، جيد الكتابة في الدرج مع قوة وأصالة وتسرع في الإنشاء. يكتب من رأس قلمه، وله غوص في نثره ونظمه. مولده في شوال سنة إحدى عشرة وسبعمائة. وتوفي في أواخر شوال سنة أربع وأربعين وسبعمائة رحم الله شبابه، ويسر حسابه. مرض في مدة عمره مرضا حادا مرات ونجاه الله منها، ثم إنه حصل له سلعة قرحت منها قصبة الرئة، وبقي متمرضا من ذلك يصح آونة ويعتل أخرى إلى أن قضى نحبه. وكان قد كتب إلي وقد انقطع في بعض علته هذه ولم أعده من أبيات عتاب: من الكامل

مولاي كيف كسرتني فهجرتني                      علما بأني كيف كنتم راضـي

أو قلت إني لا أعود ممرضـا                      ظنا بأني لا محـالة مـاض فكتب الجواب إليه عن ذلك: من الكامل

أرسلتها مثل السهـام مـواضـي                      نفذت من الأعراض في أعراض

فأتت وعتبك قد تخلل لفـظـهـا                      مثل الأفاعي بين زهـر رياض

دعني من الجبروت أو من أهلـه                      لا تجعلن سوادهم كـبـياضـي

حاشاك أن تمضي وسعدك قد غدا                      مستقبلا فينـا وأمـرك مـاض وقلت أرثيه رحمه الله تعالى: من الكامل

تبـــكـــي الـــطـــــروس عـــــــلـــــــيك والأقـــــــلام                      وتـــنـــوح فـــيك عـــلـــى الـــغـــصـــون حـــمـــــــام

يا مـــن حـــواه الـــلـــحـــد غـــضــــا يانـــــــعـــــــا                      وكـــذا كـــســـوف الـــبـــدر وهـــــــو تـــــــمـــــــام

يا وحـــــــشة الـــــــديوان مـــــــنـــــــك إذا غـــــــدت                      فيه مـــهـــــــمـــــــات الـــــــبـــــــريد تـــــــرام

من ذا يوفـــيهـــا مـــقـــاصـــدهـــــــا عـــــــلـــــــى                      ما يقـــتـــضـــيه الــــــنـــــــقـــــــض والإبـــــــرام

هيهـــات كـــنـــت بـــه جـــمـــــــالا بـــــــاهـــــــرا                      فعـــلــــــيه بـــــــعـــــــدك وحـــــــشة وظـــــــلام

أســـفـــي عـــلـــى الإنـــشـــاء وهـــو بـــجــــلـــــــق                      نثــــاره قـــــــد مـــــــات والـــــــنـــــــظـــــــام

كم مـــن كـــتـــاب ســـار عـــنـــــــك كـــــــأنـــــــه                      برد أجـــــــاد طـــــــرازه الـــــــــرقـــــــــــــــام

إن كـــان فــــي شـــــــر فـــــــقـــــــد رد الـــــــردى                      وبــــه تـــــــرفـــــــه ذابـــــــل وحـــــــســـــــام

لم لا يرد الـــبـــــــأس مـــــــا ألـــــــفـــــــاتـــــــه                      مثـــل الـــقــــنـــــــا والـــــــلام مـــــــنـــــــه لام

أو كـــان فـــي خـــير فــــــكـــــــل كـــــــلامـــــــه                      درر يؤلــــف بـــــــينـــــــهـــــــن نـــــــظـــــــام

وكـــأنـــمـــا تـــلـــك الـــســــطـــــــور إذا بـــــــدت                      كأس تـــرشـــــف راحـــــــهـــــــا الأفـــــــهـــــــام

يهـــتـــز عـــطـــف أولـــي الـــنـــهـــى لـــبـــيانـــــه                      فكـــأن هــــــاتـــــــيك الـــــــحـــــــروف مـــــــدام

كم فـــيه وجـــه ســـافـــر مـــثـــل الـــضـــــــحـــــــى                      وعـــلـــيه مـــن لـــيل الـــســـطــــور لـــــــثـــــــام

ولكم كتبت مطالعات خدهاقان وثغر فصولها بسام     وكأنما ألفاتها قضب اللوى      وكأنما همزاتهن حمام

ما كنت إلا فارس الكتاب في                      يوم تـــــــفـــــــرج ضـــــــيقـــــــه الأقــــــــــلام

 

صفحة : 2441

 

 

صلى وراءك كل من عاصـرتـه                      علـمـا بـأنـك الـبـيان إمـام

وكأن قبـرك لـلـعـيون إذا بـدا                      قصـر عـلـيه تـحـية وسـلام

يا محنة نزلت بـعـتـرة غـانـم                      هانوا وهم في العالـمـين كـرام

لما تغيب في التراب جـمـالـهـم                      قعدوا لهـول عـاينـوه وقـامـوا

يا قبره لا تنتظـر سـقـيا الـحـيا                      حزني ودمعـي بـارق وغـمـام

لي فيك خل كم قطعت بـقـربـه                      أيام أنـس والـخـطـوب نــيام

لذت فلذت بظلـهـا فـكـأنـهـا                      لقـياد لـذات الـزمـان زمــام

أسفي على صحب مضى عمري بها                      وصفت بـقـربـهـم لـي الأيام

ثم انقضت تلك السنون وأهـلـهـا                      فكـأنـهـا وكـأنـهـم أحــلام

بالرغم مني من أن أفارق صاحبـا                      لي بعـده ضـر ثـوى وضـرام

يا من تقدمـنـي وسـار لـغـاية                      لا بد لـي مـنـهـا وذاك لـزام

قد كنت أحسبتـه يرثـينـي فـقـد                      عكست قضيته معـي الأحـكـام

أنا ما أراك على الـصـراط لأنـه                      بيني وبينـك فـي الأنـام زحـام

إذ قد سبقت خفيف ظهر لا كـمـن                      قد قـيدت خـطـواتـه الآثــام

فاز المخف وقد تـقـدم سـابـقـا                      وشـفـيعـه لإلـهـه الإســلام

فاذهب فأنت وديعة الرحمـن لـي                      يلقـاك مـنـه الـبـر والإكـرام

ويجود قبرك منه غـيث سـمـاحة                      بالعفو صـيب ودقـهـا سـجـام

ولقد قضيت حـق ودك بـالـرثـا                      والحر مـن يرعـى لـديه ذمـام

خلفتني رهـن الـتـنـدم والأسـى                      تعـتـادنـي الأحـــزان والآلام

لكن لي بأخيك نـجـم الـدين فـي                      الديوان أنـسـا مـا عـداه مـرام

مهما توجس أو توحش خـاطـري                      فبه تزول وتنـقـضـي الأوهـام وكان قد كتب إلي وهو بدمشق وأنا بالقاهرة: من الكامل

ذكرت قلبي حين شط مـزارهـم                      بهم فناب عن الجوى تذكـارهـم

وبكى فؤادي وهو منزل حبـهـم                      وأحق من تبكي الأحـبة دراهـم

وتخلق الجفن الهمـول كـأنـمـا                      لمحته عند غروبهـم أنـوارهـم

وذكرت عيني عند عين فراقـهـم                      لما أثارت لوعـتـي آثـارهـم

نذري الدموع عليهـم وكـأنـهـم                      زهر الربا وكأنها أمـطـارهـم

ويئن من حالي العـواذل رحـمة                      لما بكيت وما الأنين شعـارهـم

ويح المحـبـين الـذين بـودهـم                      قرب المزار لو نأت أعمارهـم

فقدوا خليلهم الحبـيب فـأذكـيت                      بالشوق في حطب الأضالع نارهم

مولى تقلص ظل أنس منـه عـن                      أصحابه فأستوحشت أفكـارهـم

كم راقها يوما بـرؤية وجـهـه                      ما لا يروقهـم بـه دينـارهـم

ولكم بدت أسماعهم فـي حـلـية                      من لفظه وكذا غدت أبصارهـم

كانوا بصحبته الـلـذيذة رتـعـا                      بمسرة ملئت بها أعـشـارهـم

يتنافسون عـلـى دنـو مـزاره                      فكأنما بلقاه كـان فـخـارهـم

لا غيب الرحمان رؤية وجـهـه                      عن عاشقيه فإنهـا أوطـارهـم

وجلا ظلام بلادهم مـن بـعـده                      فلقد تساوى ليلهـم ونـهـارهـم

يا سيدا لي لم تزل ثـقـتـي بـه                      إن خادعتني في الولا أسرارهـم

أصرمت حبل مودتي ولصحبتـي                      عرف الطريقة في الوداد كبارهم

أم تلك عادات القلى أجـريتـهـا                      فكذا الأحبة هجرهم ونفـارهـم وكتبت الجواب إليه عن ذلك: من الكامل

أفدي الذين إذا تـنـاءت دارهـم                      أدناهم من صبهم تـذكـارهـم

في جلق الفيحاء منزلهـم وفـي                      مصر بقلب الصب تضرم نارهم

قوم بذكرهم الندامى أعـرضـوا                      عن كأسهم وكفتهم أخبـارهـم

وإذا الثناء على محاسنهـم أتـى                      طربوا له وتعطلت أوتـارهـم

وإذا هم نظروا لحسن وجوههـم                      لم تبق أنجمهم ولا أقمـارهـم

 

صفحة : 2442

 

 

فهم البدور إذا ادلهم ظـلامـهـم                      وهو الشموس إذا استبان نهارهـم

دنت النجوم تواضعا لمـحـلـهـم                      وترفعت من فوقهـا أقـدارهـم

وبكفهم وبوجههم كم قـد هـمـت                      أنواؤهـم وتـوقـدت أنـوارهـم

أهدى جمـالـهـم إلـي تـحـية                      منها تدار على الأنام عـقـارهـم

أفق وروض في البلاغة فـهـي                      إما زهرهم في الليل أو أزهارهم

لك يا جمال الدين سبق في الـوفـا                      لو رامه الأصحاب طال عثارهـم

وتـودد مـا زال يصـفـو ورده                      حتى تقر لصـفـوه أكـدارهـم

يا ابن الكرام الكاتبين فـشـأنـهـم                      صدق المودة والوفاء شعـارهـم

قوم إذا جاروا إلى شأو الـعـلـى                      سبقوا إليه ولم يشق غـبـارهـم

صانوا وزانو باليراع ملـوكـهـم                      أسوارهم من كتبهم وسـوارهـم

ما مثلهم في جودهم فـلـذاك قـد                      عزت نظائرهم وهان نضـارهـم

ما في الزمان حلى على أعطافـه                      إلا مآثرهـم بـه وفـخـارهـم

تتعلم النسمات مـن أخـلاقـهـم                      وتنوب عن زهر الربا أشعارهـم

ولفضلهم ما ابن الفرات يعـد فـي                      هذا قطرة لما تمـد بـحـارهـم

وحماهم يحمي النزيل بـربـعـه                      من جور ما يخشى ويرعى جارهم

بالرغم مني أن بعـدت ولـم أجـد                      ظلا تـفـيئه عـلـي ديارهــم

لو كان يمكنني وما أحلى المـنـى                      ما غاب عني شخصهم ومزارهـم

ويح النوى شمل الأحـبة فـرقـت                      فمتى يفك من البعـاد إسـارهـم وكتب رحمه الله قد دخلت الديوان بدمشق: من الوافر

يقول جماعة الديوان فيه                      فساد لا يزال ولا يزاح

فقلت فساده سيزول عما                      قليل إذ بدا فيه الصلاح فكتبت الجواب: من الوافر

هويت جماعة الديوان دهرا                      فلما ضمنا بدمشق مغنـى

نظرت إليهم نظر انتـقـاد                      فكنت جمالهم لفظا ومعنى وكنت قد وعدته بعارية رسالة لابن رشيق سماها ساجور الكلب فتأخر إرسالها إليه فكتب إلي: من الخفيف

يا جوادا عنانه في بد الجـو                      د تباخلت لي بساجور كلـب

لا تضع رتبة التفضل والاي                      ثار فالأمر دون بذل العتـب

وإذا لم يكن من العـتـب يد                      فمرادي إن شئت غير الكتب فجهزتها إليه وكتبت الجواب: من الخفيف

أيها الأروع الذي فـاق مـجـدا                      لا تؤنب من لا أتـاك بـذنـب

أنت تدري أن الوفاء المـوفـى                      لي طباع في الود من غير كسب

أنا أخبا لو كان طـوق عـروس                      عنك حتى أصون ساجور كلـب وكتب إلي وانا بصفد ضعيف: من الوافر

كتابك قد أتى عيني وفـيهـا                      فساد نوى لشوقي وارتياحي

فجـدده فـلــيس يزول إلا                      إذا عاد الصلاح إلى الصلاح فكتبت الجواب: من الوافر

كتابك جاءني فنفى همومي                      وآذن سقم جسمي بالزوال

وأذكر ناظري زمنا حميدا                      تمتع بالجمال من الجمال وكتب هو إلي يوما: من السريع

قد أصبح المملوك يا سيدي                      يختار أن يتفرع الربـوه

وقد أتى صحبتكم خاطبـا                      فأسعفوا واغتنموا الخلوه فكتبت أنا الجواب إليه ارتجالا: من السريع

ما لي على الربوة من قدرة                      لأنني أعجز عن خطـوه

وليس مركوبي هنا حاضرا                      فمر نحو الخلوة الحـلـوه وكتبت إليه وقد سافر إلى بعلبك وطول الغيبة فيها: من مجزوء الرجز

قربك القلب الـذي                      أبعدتـه وقـربـك

يا نازحا عن جلـق                      ونازلا في بعلبـك

لك البلاغات التـي                      أبدعت فيها مذهبك

جرت جريرا فالتوى                      إلى النسيب وانسبك

وكل سطر كالدجى                      وبرق معناه احتبك

شوارد المعنى غدت                      ميماته لها شـبـك

أشكو لك البعد الذي                      تطويله قد أعجبـك

 

صفحة : 2443

 

 

ذواك في ليل الـمـنـى                      عن ناظـري وغـيبـك

فاطلع علـينـا قـمـرا                      حتى تنـير غـيهـبـك

أنـا خـلـيل صـحـبة                      ودادها قـد جـلـبـك

حلـيك مـن فـاخــر                      وسحره قـد خـلـبـك

جلتك أنـوار الـمـنـى                      في خاطر تطـلـبـك

خلتك الحسنـى جـلـت                      لي في المعالي شهبـك

حلتك بالـعـلـم الـذي                      به عـلـوت رتـبـك

أبو جـلـنـك لـو رأى                      كمـا رأينـا أدبـــك

حل بك المعنـى الـذي                      جل بك الحق التبك ??? فكتب الجواب إلي: من مجزوء الرجز

أمـن عـقـار انـسـبــى                      أم مـن نـضـار انـسـبـك

أم مـن لآل نـظــمـــت                      على عـذاري كـالـشـبـك

أم نـفـس الأحـبـاب هـب                      موهـنـا فـأطــربـــك

نسـم فـي دمـشـق فــاش                      تممـتـه فـي بـعـلـبـك

يحـمـل ذكـراك لـقـــد                      عطرت مـنـه مـركـبـك

يا حـاضـرا فـي خـاطـر                      محـاضـر مـا غـيبـــك

وفـاضـلا ذهـبـك الـــل                      هذا لـنـا وهـــذبـــك

في أي صـورة لـــنـــا                      فضـيلة قـد ركــبـــك

ينسى بـك الـنـسـيب مـن                      حقـق فـيه نـســبـــك

ربتـك لـلـعـلـوم نـفـس                      بلـغـتـك رتـــبـــك

أعرب عنك الـدهـر بـالـت                      مييز حـتـى نـصـبـــك

عاج بـبـحـرك الـــورى                      لمـا تـراءوا عـجـبـــك

سر بـك الــرأي الـــذي                      بفـهـمـه قـد سـربــك

جلا بـذوق عـلـــمـــه                      نهـاك لـمـا جـلـبـــك

أنـت جـلـيل فــطـــنة                      يعـرف ذا مـن طـلـبـك

حلتـك فـارتـضـت ومـن                      يرتـــض إلا أدبــــك

خلتـك مـعـدوم الـنـظـي                      رضي الله عنه فرد أفراد النبك

أنـت خـلـيل لـلـعـلــى                      ولـيهـا قـد قــربـــك

حل بـك الـنـايل بـالـــن                      حلة مـنـهـــا أربـــك

حكـتـك فـي الـذكـا ذكـا                      ولـم تـحـاك نـخـبـــك

حل بـك الـفـضـل فـحـل                      ى لـلـبـرايا كـتـبـــك

جل بـالــيراع يا جـــواد                      فيه واحـرز قـصـبـــك

حلتك الـفـضـل جـاكـهـا                      نهـــاك إذ حـــبـــك

شدوت مـن تـصـحـيف ذا                      الاسم الذي قـد صـحـبـك

بعـض الـذي فـهـمـتــه                      إذا بـمـعـنـى حـبـبـك

بك اهـتـديت فـهـمـهــا                      لمـا رأيت شـهــبـــك

لا زلت فـي بـيد الـنـهـى                      تحدو إليهـا نـجـبـك ??? وحكى لي رحمه الله تعالى، قال رأيت البارحة في المنام كان في بيتي نهرا عظيما صافيا وأنت من ذلك الجانب وأنا في هذا الجانب وكأني أنشدك: من الخفيف

يا خليلي أبا الصفا لا تـكـدر                      منهلا من نمـير ودك أروى

فجميع الذي جرى كان بسطـا                      ولعمري بسط المجالس يطوى فقلت لي: لا بل انظم في زهر اللوز شيئا فأنشدتك:

أيا قادم الزهر أهلا وسهلا                      ملأت البرايا هـدايا أرج

فوقتك فض ختام السرور                      وعهدك فرجة باب الفرج فكتبت إليه عندما قص علي هذه الرؤيا: من الخفيف

حاش لـلـه أن أكـدر عـهـدا                      لم يزل من وفائك المحض صفوا

وإذا ما حديث فضلـك عـنـدي                      ضاع مني في نشره كيف يطوى واجتمع يوما هو وجمال الدين محمدا ابن نباتة في غياض السفرجل فقال جمال الدين بن نباتة: من الكامل

قد أشبه الحمام منزل لهـونـا                      فالماء يسخن والأزاهر تحلـق

فلذاك جسمي منشد ومصحـف                      عرق على عرق ومثلي يعرق

 

صفحة : 2444

 

قال جمال الدين ابن غانم رحمه الله تعالى: من الكامل

ما أشبه الحمام منزل لهونـا                      إلا لمعنى راق فيه المنطـق

فالدوح مثل قبابه والزهر كال                      جامات فيه وماؤه يتـدفـق  عبد الله بن عمر

ابن عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عبد الرحمان، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن وزيره. هاجر به أبوه قبل أن يحتلم، واستصغر عن أحد وشهد الخندق وما بعدها. وهو شقيق حفصة، أمها زينب بنت مظعون. روى علما كثيرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر. شهد فتح مصر، قاله ابن يونس. وقال غيره: شهد غزو فارس. كان يخضب بالصفرة. قال: عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد وأنا ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وأجازني يوم الخندق. بلغ أربعا وثمانين سنة، وتوفي بمكة سنة ثلاث وسبعين. قيل إنه قدم حاجا فدخل عليه الحجاج وقد أصابه زج رمح فقال: من أصابك? قال: أصابني من أمرتوه بحمل السلاح في مكان لا يحل فيه حمله رواه البخاري. وقد روى الجماعة كلهم لعبد الله بن عمر. وقد قيل إن إسلامه كان قبل إسلام أبيه ولا يصح. وقيل إنه أول من بايع يوم الحديبية والصحيح أن أول من بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي. وكان شديد التحري والاحتياط في فتواه وكل ما يأخذ به نفسه، وكان لا يتخلف عن السرايا في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كان بعد موته مولعا بالحج قبل الفتنة وفي الفتنة. ويقال إنه كان أعلم الصحابة بمناسك الحج. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزوجته حفصة بنت عمر:  إن أخاك عبد الله رجل صالح لو كان يقوم من الليل  ؛ فما ترك بعدها ابن عمر قيام الليل. وكان رضي الله عنه لورعه قد اشكلت عليه حروب علي بن أبي طالب، فقعد عنه، وندم على ذلك حين حضرته الوفاة، وسئل عن تلك المشاهد فقال: كففت يدي فلم أقدم والمقاتل على الحق أفضل  وقال جابر ابن عبد الله: ما منا أحد إلا مالت به الدنيا ومال بها خلا عمر وابنه عبد الله وأفتى في الإسلام ستين سنة، ونشر نافع عنه علما جما.

قاضي نيسابور عبد الله بن عمر بن الرماح؛ أبو محمد النيسابوري؛ قاضيها. روى عنه إسحاق بن راهويه مع تقدمه والذهلي وجماعة. قال الذهلي: ثقة ثقة. وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

المدني ابن ابن عمر بن الخطاب عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم أمير المؤمنين عمر المدني. أحد أوعية العلم. وهو أخو عبيد الله. كان صالحا عالما خيرا صالح الحديث. قال ابن حنبل: لا بأس به، وقال ابن معين: صويلح، وقال ابن المديني: ضعيف. توفي سنة إحدى وسبعين ومائة، وقيل: سنة ثلاث وسبعين. وروى له الأربعة ومسلم متابعة.

العبلي عبد الله بن عمر بن عبد الله بن علي بن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس، أبو عدي القرشي العبلي. عرف بالعبلي وليس منهم لأن العبلات من ولد أمية الأصغر بن عبد شمس، وسموا بذلك لأن أمهم عبلة بنت عبيد بن جاذل - بالجيم - بن قيس بن مالك ابن حنظلة، وهؤلاء يقال لهم براجم بني تميم. ولدت لعبد شمس بن عبد مناف أمية الأصغر وعبد أمية ونوفلا، وأمية بني عبد شمس، فهؤلاء يقال لهم العبلات ولهم جميعا عقب. أما بنو أمية الأصغر فهم بالحجاز، وأما بنو نوفل فهم بالشام كثير. وعبد العزى بن عبد شمس كان يقال له أسد البطحاء. وإنما أدخلهم الناس في العبلات لما صار الأمر لبني أمية الأكبر، وسادوا، وعظم شأنهم في الجاهلية والإسلام، فجعل سائر بني عبد شمس من لا يعلم طبقة واحدة فسموهم أمية الصغرى، ثم قيل لهم العبلات لشهرة الاسم. وعلي بن عدي جد هذا الشاعر شهد الجمل مع عائشة، وله يقول شاعر بني ضبة: من الرجز

يا رب اكبب بعلي جملـه                      ولا تبارك في بعير حمله

إلا علي بن عدي ليس له                      وأما العبلي هذا عبد الله بن عمر فكان في أيام بني أمية يميل إلى بني هاشم ويذم بني أمية، ولم يكن لهم إليه صنع جميل، فسلم بذلك إلى أيام بني العباس، ثم خرج على المنصور في أيامه مع محمد بن عبد الله ابن الحسن. وكان العبلي يكره في أيام بني أمية ما يبدو منهم في حق علي ويظهر إنكار لذلك فشهد عليه قوم من بني أمية بذلك بمكة ونهوه عنه، فانتقل إلى المدينة وقال: من الخفيف

 

صفحة : 2445

 

 

شردوني عن امتداحي علـيا                      ورأوا ذاك فــي داء دويا

فوربي لا أبرح الدهر حتى                      تختلى مهجتي أحب عـلـيا

وبنيه أحـب أحـمـد إنـي                      كنت أحببتهم لحبي النـبـيا

حب دين لا حب دنيا وشر ال                      حب حـب يكـون دنـياويا

صاغني الله في الذؤابة منهم                      لا زنيما ولا سنـيدا دعـيا

عدويا خالي صريحا وجـدي                      عبد شمس وهاشـم أبـويا

فسواء علي لسـت أبـالـي                      عبشميا دعيت أم هاشـمـيا وفد العبلي إلى هشام بن عبد الملك وقد أمتدحه بقصيدته الدالية وهي مذكورة في الأغاني التي يقول فيها: من الخفيف

عبد شمس أبوك وهو أبونا                      لا نناديك من مكان بعـيد

والقرابات بيننا وأشجـات                      محكمات القوى بعقد شديد فانشده إياها وأقام ببابه مدة حتى حضر بابه وفود قريش فدخل فيهم وأمر لهم بمال فضل فيه بني مخزوم أخواله وأعطى العبلي عطية لم يرضها فانصرف وقال: من الخفيف

خس حظي أن كنت من عبد شمس                      ليتني كنت من بنـي مـخـزوم

فأفوز الغـداة فـيهـم بـسـهـم                      وأبـيع الأب الـكـريم بـلـوم ولما فر العبلي من المنصور قصد عبد الله والحسن ابني الحسن بسويقة فاستنشده عبد الله شيئا من شعره فأنشده فقال: أريد شيئا مما رثيت به قومك، فأنشده قصيدة سينية مذكورة في الأغاني منها: من المتقارب

أولئك قوم أذعـت بـهـم                      نوائب من زمن متعـس

أذلت قيادي لمن رامنـي                      وألصقت الرغم بالمعطس

فما أنس لا أنس قتلاهـم                      والا عاش بعدهم من نسي فبكى محمد بن عبد الله بن حسن، فقال له عمه الحسن بن حسن ابن علي: اتبكي على بني أمية وأنت تريد ببني العباس ما تريد? فقال: والله يا عم، لقد كنا نقمنا على بني أمية ما نقمنا فما بنو العباس أخوف الله منهم، وإن الحجة على بني العباس لأوجب منها عليهم، ولقد كان للقوم أحلام ومكارم وفواضل ليست لأبي جعفر، فوثب حسن وقال أعوذ بالله من شرك مشكدانه عبد الله بن عمر بن محمد بن أبان الكوفي، أبو عبد الرحمان مشكدانه بضم الميم وسكون الشين المعجمة وفتح الكاف والدال المهملة وبعد الألف نون وهاء، وهو بلسان الخرسانيين وعاء المسك. روى عنه مسلم وأبو داود أبو زرعة الرازي وغيره. وقال أبو حاتم: صدوق. توفي سنة تسع وثلاثين ومائتين، وهو من أهل الكوفة من موالي عثمان بن عفان رضي الله عنه. وسمع عبد الله بن المبارك وأبا الأحوص سلام ابن سليم وعبثر بن القاسم وعلي بن عباس وعبيدة بن الأسود ومحمد ابن الحارث وغيرهم.

الدبوسي الحنفي عبد الله بن عمر بن عيسى، أبو زيد الدبوسي - بفتح الدال المهملة وضم الباء الموحدة المخففة وسكون الواو وبعدها السين مهملة - الفقيه الحنفي. كان ممن يضرب به المثل في النظر واستخرج الحجج، وهو أول من وضع علم الخلاف وأبرزه إلى الوجود. صنف كتاب الأسرار وتقويم الأدلة والأمر الأقصى وناظر بعض الفقهاء فكان كلما ألزمه أبو زيد إلزاما تبسم أو ضحك، فانشد أبو زيد: من السريع

ما لي إذا ألـزمـتـه حـجة                      قابلني بالضحك والتبسـمـه

إن كان ضحك المرء من فقهه                      فالدب في الصحراء ما أفهمه وتوفي الدبوسي سنة ثلاثين وأربعمائة.

سيف الدين الحنبلي عبد الله بن عمر بن أبي بكر، سيف الدين أبو القاسم المقدسي الحنبلي الفقيه، أحد الأئمة الأعلام. ولد بقاسيون سنة تسع وخمسين وخمسمائة، وتوفي سنة ست وثمانين وخمسمائة. ورحل إلى بغداد وسمع بها الكثير وتفقه واشتغل بالفقه والخلاف والفرائض والنحو، وصار إماما عالما ذكيا فطنا فصيح الإيراد، قال بعض الفقهاء: ما اعترض السيف على مستدل إلا ثلم دليله وكان يتكلم في المسألة غير مستعجل بكلام فصيح من غير توقف ولا تتعتع، وكان حسن الخلق والخلق. وأنكر منكرا ببغداد فضربه الذي أنكر عليه، كسر ثنيته ثم مكن منه فلم يقتص وحفظ الإيضاح للفارسي، وقرأ على أبي البقاء العكبري، واشتغل بالعروض، وصنف فيه، ورثاه سليمان بن النجيب بقوله: من الطويل

 

صفحة : 2446

 

 

على مثل عبد الله يفترض الحزن                      وتسفح آماق ولم يغتمض جفـن

عليه بكى الدين الحنيفي والتقـي                      كما قد بكاه الفقه والذهن والحسن

ثوى لثواه كل فـضـل وسـؤدد                      وعلم جزيل ليس تحمله الـبـدن ورثاه جبريل المصعبي بقوله: من البسيط

صبري لفقدك عبد الله مفـقـود                      ووجدك قلبي عليك الدهر موجود

عدمت صبري لما قيل إنك فـي                      قبر بحران سيف الدين مفـقـود

نبكي عليك شجونا بالدماء كـمـا                      تبكي التعاليق حزنا والأسـانـيد ابن الصفار أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد بن منصور بن الإمام محمد بن القاسم ابن حبيب، العلامة أبو سعد ابن الصفار النيسابوري. كان إماما عالما بالأصول، فقيها ثقة من بيت العلم، توفي سنة ستمائة وولد سنة ثمان وخمسمائة، وسمع جده لأمه الأستاذ أبا نصر ابن القشيري، وهو آخر من حدث عنه، والفراوي وزاهر الشحامي وعبد الغافر بن إسماعيل الفارسي، وعبد الجبار بن محمد الخواري وغيرهم، وحدث بصحيح مسلم عن الفراوي وبالسنن والآثار للبهيقي بسماعه من الخواري وبالسنن لأبي داود، وروى عنه بالإجازة الشيخ شمس الدين عبد الرحمان، وفخر الدين علي ابن البخاري.

ابن اللتي عبد الله بن عمر بن علي بن عمر بن زيد، الشيخ أبو المنجى ابن اللتي - بلامين آخرهما وبدها تاء ثالثة الحروف مشددة - البغدادي الحريمي الطاهري القزاز. روى الكثير ببغداد وحلب ودمشق والكرك، وعلا سنده، واشتهر اسمه، وتفرد في الدنيا، وطلبه الناصر داود إلى الكرك وسمعه أولاده. قال ابن نقطة: سماعه صحيح، وله أخ قد زور لعبد الله إجازات من ابن ناصر وغيره، وإلى الآن ما علمته روى بها شيئا وهي باطلة. وأما الشيخ فصالح لا يدري هذا الشأن البتة. وتوفي ببغداد سنة خمس وثلاثين وستمائة. وقال محب الدين ابن النجار: سألته عن مولده فقال: في العشرين من ذي القعدة من سنة خمس وأربعين وخمسمائة. وسمع بإفادة عمه أبي بكر محمد بن علي من أبي القاسم سعيد بن أحمد بن السحن بن البنا، وأبي الوقت عبد الأول السجزي، وأبي الفتح ابن البطي، وأبي علي الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله، وأبي جعفر محمد بن محمد ابن الطائي، وأبي المعالي محمد بن محمد بن محمد بن اللحاس وغيرهم.

ابن الظريف الشافعي عبد الله بن عمر بن محمد بن الحسين بن علي محمد بن أحمد ابن الحسن بن سهل بن عبد الله، أبو القاسم ابن أبي الفتح ابن أبي بكر الفقيه الشافعي المعروف بابن الظريف البخلي، والد أبي الحياة محمد بن عبد الله الواعظ. قدم بغداد حاجا في سنة ستين وخمسمائة، وحدث بها عن أبي الحسن علي بن أحمد بن علي الإسلامي، وولي التدريس بنظامية بلخ وقبل ذلك بمسجد راعوم.

المزني البدوي عبد الله بن عمر ابن أبي صبح المزني. أعرابي بدوي. نزل بغداد وبها مات. كان شاعرا فصيحا، أخذ عنه العلماء. ذكره محمد بن إسحاق في الفهرست. ومن شعره...

الموفق الورن عبد الله بن عمر بن نصر الله، الأديب الفاضل الحكيم موفق الدين أبو محمد الأنصاري المعروف بالورن. كان قادرا على النظم، وله مشاركة في الطب والوعظ والفقه، حلو النادرة لا تمل مجالسته. أقام ببعلبك مدة، وخمس مقصورة ابن دريد مرثية في الحسين رضي الله عنه. وتوفي سنة سبع وسبعين وستمائة بالقاهرة.

ومن شعره: من الخفيف

أنا اهوى حلو الشمائل ألمى                      مشهد الحسن جامع الأهواء

آية النمل قد بدت فوق خدي                      ه فهيموا يا معشر الشعراء ومنه ما كتبه إلى بعض الكتاب: من الوافر

أيا ابن السابقين إلى المـعـالـي                      ومن في مدحه قالـي وقـيلـي

لقد وصل انقطاعي منـك وعـد                      فمن قطع الطريق على الوصول ومنه: من الكامل

من لي بأسـمـر جـفـونـه                      بيض وحمر للمنايا تنتـضـى

كيف التخلص من لواحظه التي                      بسهامها في القلب قد نفذ القضا

أم كيف أجحد صبـوة عـذرية                      ثبتت بشاهد قده العدل الرضى ومنه: من الطويل

تجور بجفن ثم تشكو انكساره                      فوا عجبا تعدو علي وتستعدي

 

صفحة : 2447

 

 

أحمل أنفاس القبـول سـلامـهـا                      وحسبي قبولا حين تسعف بـالـرد

تثنت فمال الغصن شوقا مـقـبـلا                      من الترب ما جرت به فاضل البرد ومنه: من الكامل

يا سعد إن لاحت هضاب المنحنى                      وبدت أثيلات هـنـاك تـبـين

عرج على الوادي فإن ظـبـاءه                      للحسن في حركاتهن سـكـون ومنه: من البسيط

لله أيامنا والشـمـل مـنـتـظـم                      نظما به خاطر التفريق ما شعـرا

والهف نفسي على عيش ظفرت به                      قطعت مجموعة المختار مختصرا ومنه: من السريع

أرى غديرا الروض يهوى الصبا                      وقدر أبت منه سـكـونـا يدوم

فؤاده مـرتـجـف لـلـنـوى                      طرفه مخـتـلـج لـلـقـدوم ومنه: من الكامل

ولع النسيم ببانهم فلأجـل ذا                      قد جاء وهو معطر من تربه

وأظن لم يمس خفاق الحشـا                      متولها إلا بساكن شـعـبـه ومنه: من الخفيف

حار في لطفه النسيم فأضحـى                      رائحـا اشـتـياقـا وغـادي

مذ رأى الظبي منه طرفا وجيدا                      هام وجدا عليه فـي كـل واد وكان بالبقاع قاض يلقب شهاب الدين وله ولد مليح اسمه موسى فأتاه فقيه مشهور باللواط وكان قد أظل شهر رمضان فأنزله القاضي عند ابنه فكتب إليه الموفق المذكور: من السريع

قل لشهاب الـدين يا حـاكـمـا                      في شرعه الحب على الجار جار

آويت في ذا الشهر ضـيفـا يرى                      أن دبيب الليل مثـل الـنـهـار

وهو فقيه أشعـري الـخـصـى                      يعلم الصبيان بـاب الـظـهـار

إياك إن لاحـت لـه غـفــلة                      لف كبار البيت بعد الـصـغـار وكان بالبقاع أيضا وال من أهل الأدب يعرف بعلاء الدين علي بن درباس بنظم الشعر ويتوالى وكان الوزير بدمشق إذ ذاك بدر الدين جعفر ابن الآمدي وكان يتوالى فاتفق أنه ولى عنده كاتبا ممن سلم من التسمير في نوبة ديوان المطابخ لأنهم كانوا قد سرقوا قندا كثيرا بدمشق فبلغ ذلك الملك الظاهر بيبرس فأمر بهم فسمروا وطيف بهم على الجمال إلا هذا الكاتب فإنه شفع فيه فأطلق بعد أن قدم إلى الجمل ليسمر، فلما استخدمه ابن الآمدي بالبقاع ضيق على ابن درباس فأقام يعمل قريحته فيما يكتبه إلى ابن الآمدي فلم يأت بشيء فسأل الموفق المذكور في ذلك فنظم: من البسيط

شكية يا وزير العصر أرفعهـا                      ما كان يأمل هذا من ولاك علي

لم يبق في الأرض مختار فتبعثه                      إلا فتى من بقايا وقعة الجمـل فضحك ابن الآمدي وقال: قال والله الحق ثم عزل الكاتب ولم يستخدمه بعدها أبدا.

نصير الدين القاروقي الشافعي عبد الله بن عمر بن أبي الرضا الفارسي الفاروقي، العلامة سيف النظر نصير الدين أبو بكر الشافعي، مدرس المستنصرية. من كبار الشافعية. قدم دمشق وتكلم وبانت فضائله. ومات ببغداد سنة ست وسبعمائة.

البيضاوي عبد الله بن عمر الشيخ الإمام العالم العلامة المحقق المدفق ناصر الدين الشيرازي البيضاوي، صاحب التصانيف البديعة المشهورة، منها كتاب الغاية القصوى في دارية الفتوى و شرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، وكتاب المنهاج في أصول الفقه، وشرحه أيضا، و شرح المنتخب في الأصول للإمام فخر الدين، وكتاب الإيضاح في أصول الدين، وشرح الكافية في النحو، و شرح المطالع في المنطق. قال لي الحافظ نجم الدين سعيد الدهلي الحنبلي الحريري: توفي رحمه الله تعالى في سنة خمس وثمانين وستمائة بتبريز ودفن بها.

عبد الله بن عمرو

ابن عمرو بن العاص

 

صفحة : 2448

 

عبد الله بن عمرو بن العاص، من نجباء الصحابة وعلمائهم. كتب الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبيه. واختلف في كنيته فقيل أبو عبد الرحمان وقيل أبو نصير وهي غريبة، والأشهر: أبو محمد. أمه ريطة بنت منبه بن الحجاج السهمية ولم يعله أبوه في السن إلا باثنتي عشرة سنة. وأسلم قبل أبيه. وكان فاضلا، حافظا، عالما، قرأ الكتب، واستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتب الحديث فأذن له، فقال: يا رسول الله أكتب كل ما سمع منك الرضى والغضب? قال: نعم فإني لا أقول إلا حقا. وقال أبو هريرة: ما كان أحفظ مني لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يعي بقلبه وأعي بقلبي وكان يكتب وأنا لا أكتب. وقال عبد الله: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل. وكان يسرد الصوم ولا ينام الليل، وشكاه أبوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  إن لعينيك عليك حقا وإن لأهلك عليك حقا وإن لزوجك عليك حقا وإن لزورك عليك حقا قم ونم وصم وأفطر، صم ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صيام الدهر  . فقال له: إني أطيق أكثر من ذلك فلم يزل يراجعه في الصيام حتى قال له:  لا صوم أفضل من صوم داود عليه السلام، كان يصوم يوما ويفطر يوما  ، فوقف عبد الله عند ذلك وتمادى، ونازل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ختم القرآن فقال له: إختمه في كل شهر، فقال: إني أطيق أكثر من ذلك، فلم يزل يراجعه حتى قال:  لا تقرأه في أقل مع سبع  ، قيل: أقل من خمس، والأكثر على سبع، فوقف عند ذلك. واعتذر رضي الله عنه من شهود صفين وأقسم أنه لم يرم فيها بسهم ولا رمح وأنه إنما شهد ذلك لعزمة أبيه عليه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له:  أطع أباك   وكان يقول: مالي ولصفين مالي ولقتال المسلمين والله لوددت أني مت قبل هذا بعشر سنين وكان يقول: أستغفر الله عز وجل من ذلك وأتوب إليه، إلا أنه كانت الراية بيده يومئذ. وتوفي سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل ثلاث وسبعين وقيل خمس وستين، وقيل سبع وستين، وهو ابن اثنين وسبعين سنة بمصر، وقيل بأرض فلسطين، وقيل بمكة، وقيل بالطائف.

??ابن السعدي عبد الله بن عمرو السعدي العامري. له صحبة ورواية. نزل الأردن وتوفي سنة سبع وخمسين للهجرة. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.

أبو معمر التميمي عبد الله بن عمرو بن أبي الحاج، ميسرة، أبو معمر التميمي المنقري مولاهم، البصري المقعد. روى عنه البخاري وأبو داود والباقون بواسطة، والذهلي وأبو زرعة وعثمان بن خرزاد. وكان رواية عبد الوارث، وليس له في الكتب الستة شيء عن غيره. قال ابن معين: ثقة ثبت، وكان يقول بالقدر. وتوفي سنة أربع وعشرين ومائتين أمير البصرة الثقفي عبد الله بن عمرو بن غيلان بن سلمة الثقفي، ولاه معاوية إمرة البصرة، وروى عن ابن مسعود وكعب الأحبار، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له مسلم والأربعة.

سبط ابن عمر عبد الله بن عمرو بن عثمان، سبط ابن عمر. مدني. كان يقال له المطرف من ملاحته وحسنه، وهو والد محمد الديباج. روى عن ابن عباس ورافع بن بن خديج والحسين بن علي. وتوفي بمصر سنة ست وتسعين. وروى له مسلم وأبو داود والترمذي.

?????العرجي الأموي

 

صفحة : 2449

 

عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وقيل: عبد الله بن عمر - على وزن زفر ممنوعا من الصرف. هو العرجي - بفتح العين المهملة وسكون الراء وبهدها جيم. كان يسكن عرج الطائف. وهو من شعراء قريش المشهورين بالغزل. نحا نحو عمر بن أبي ربيعة وأجاد، وكان مشغوفا باللهو والصيد، وكان ذا مروءة، ولم تكن له نباهة في أهله. كان يتعرض لأم الأوقص، وهو محمد بن عبد الرحمان المخزومي، فمر يوما ببطن النقيع فنظر إليها وكانت متى رأته رمت بنفسها إلى الأرض وتسترت منه، وهي امرأة من بني تميم، فبصر بها في نسوة جالسة يتحدثن فأحب أن يتأملها من قرب فلقي أعرابيا من بني نصر ومعه وطبا لبن، فدفع إليه دابته وثيابه وأخذ قعوده ولبنه ولبس ثيابه وأقبل على النسوة فصحن به: يا أعرابي ، أمعك لبن? قال نعم، ومال إليهن وجلس يتأمل أم الأوقص، وتواثب من معها إلى الوطبين، وجلس العرجي يلحظها وينظر أحيانا إلى الأرض، فقالت امرأة منهن: أي شيء تطلب في الأرض يا أعرابي? قال: قلبي فلما سمعته التميمية نظرت إليه، وكان أشقر أزرق جميل الوجه. فقالت: العرجي بن عمرو ورب الكعبة وسترها نساؤها وقلن: لا حاجة لنا في لبنك، فمضى منصرفا وقال: من الوافر

أقول لصاحبي ومثل ما بي                      شكاة المرء ذي الوجد الأليم

إلى الأخوين مثلهما إذا مـا                      تأوبه مؤرقة الـهـمـوم

لحيني والبلاء لقيت ظهـرا                      بأعلى النقع أخت بني تميم

فلما أن رأت عيناي منـهـا                      أسيل الخد في خلق عمـيم

وعيني جؤذر خرق وثغـرا                      كلون الأقحوان وجـيد ريم

حنا أترابها دوني عـلـيهـا                      حنو العائدات إلى السقـيم ومن شعره: من الوافر

أضاعوني وأي فتى أضاعوا                      ليوم كريهة وسداد ثـغـر

فصبرا عند معترك المنـايا                      وقد شرعت أسنتها بنحري

أجرر في الجوامع كـا يوم                      فيا الله مظلمتي وصبـري

كأني لم أكن فيهم وسـيطـا                      ولم تك نسبتي في آل عمرو وهذه الأبيات قالها وهو في الحبس لأنه كان قد لاحى مولى لأبيه فأمضه العرجي فأجابه المولى بمثل ما قاله، فأمهله حتى إذا كان الليل أتاه مع جماعة من مواليه وعبيده فهجم عليه في منزله، وأوثقه كتافا ثم أمر عبيده أن ينكحوا زوجته بين يديه ثم قتلته وأحرقه بالنار. فاستعدت المرأة على العرجي إلى محمد بن هشام، وكان واليا على مكة في خلافة هشام، وكان العرجي قد هجاه قبل ذلك هجوا كثير لما ولاه هشام الحج، وتشبب بأمه وامرأته فأمض ذلك محمدا ولم يزل يطلب عثراته حتى وجدها، فلما وجد هذه الحجة عليه أخذه وأخذ معه الحصين الحميري وجلدهما وصب على رؤوسهما الزيت وأقامها في الحناطين بمكة، فقال العرجي أبياتا منها: من الوافر

وكم من عاكب حوراء بكـر                      ألوف الستر واضحة التراقي

بكت جزعا وقد سمرت كبولي                      وجامعة يشد بها خـنـاقـي

 

صفحة : 2450

 

ثم حبسه بعد الجلد وأقسم لا يخرج من حبسه ما دام له سلطان، فمكث في حسبه تسع سنين حتى مات فيه. ولما ولي الخلافة الوليد بن يزيد قبض على محمد بن هشام وأخيه إبراهيم وأشخصهما إلى الشام ودعا بالسياط، فقال محمد: أسألك بالقرابة فقال الوليد: وأي قرابة بيني وبينك? هل أنت إلا من أشجع? فقال: فأسألك بصهر عبد الملك قال له: لم تحفظه قال: يا أمير المؤمنين قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب قرشي بالسياط إلا في حد. قال: ففي حد أضربك وقود، أنت أول من سن ذلك على العرجي وهو ابن عمي وابن أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه فما رعيت حق جده ولا نسبه بهشام، وأنا ولي ثأره، إضراب يا غلام فضربهما ضربا مبرحا وأثقلا بالحديد ووجها إلى يوسف بن عمر بالكوفة وأمره باستصفائهما وتعذيبهما حتى يتلفا، فعذبهما عذابا شديدا وأخذ منهما مالا عظيما وماتا تحت العذاب. وكان من الفرسان المعدودين مع مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم، وكان قد اتخذ غلامين فإذا كان الليل نصب قدوره وقام الغلامان يوقدان النار، فإذا نام واحد قام الآخر، فلا يزالان كذلك حتى يصبحا، يقول: لعل طارقا يطرق وكان غازيا فأصاب الناس مجاعة فقال للتجار: أعطوا الناس وعلي ما تعطون، فلم يزل يعطيهم ويطعم الناس حتى أخصبوا، فبلغ عشرين ألف دينار. فألزمها العرجي نفسه وبلغ الخبر عمر بن عبد العزيز فقال: بيت المال أحق بهذا فقضى التجار من بيت المال. ومن شعره: من الكامل

باتا بأنعم لـيلة حـتـى إذا                      صبح تلوح كالأغر الأشقر

فتلازما عند الفراق صبابة                      أخذ الغريم بفضل المعسر ومنه: من الطويل

أماطت كساء الخز عن حر وجهها                      وأدنت على الخدين بردا مهلهـلا

من اللاء لم يحججن يبغين حسـبة                      ولكن ليقتلن البريء المـغـفـلا  عبد الله بن عمران

العابد المكي عبد الله بن عمران العابد المخزومي المكي. روى عنه الترمذي. وقال أبو حاتم: صدوق. وتوفي سنة خمس وأربعين ومائتين.

أبو الكنود الأزدي عبد الله بن عمران، أبو الكنود الأزدي،. سمع ابن مسعود وخباب ابن الأرت، وتوفي في حدود الثمانين للهجرة.

عبد الله بن عون

الخراز البغدادي عبد الله بن عون ابن أمير مصر، الهلالي البغدادي، أبو محمد الأدمي الخراز. روى عنه مسلم، وروى النسائي عن رجل عنه، وأبو زرعة وغيرهم. وثقه ابن معين والدارقطني. وتوفي سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.

الحافظ المزني عبد الله بن عون أرطبان أبو عون المزني، مولاهم، البصري الحافظ. أحد الأئمة الأعلام. قال خالد بن قرة: كنا نعجب من ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون. قال شعبة: شك ابن عون أحب إلي من يقين غيره وروى حماد بن زيد عن محمد بن فضالة قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: زورزا ابن عون فإنه يحب الله ورسوله. وكانت بعض أسنانه مشدودة بالذهب، وكان يمكنه السماع من طائفة من الصحابة، وكان ثقة كثير الحديث عثمانيا. وقيل إن أمه نادته فعلا صوتها فخاف فأعتق رقبتين. وترجمته في تاريخ دمشق عشرون ورقة. ومولده سنة ست وستين، وتوفي سنة إحدى وخمسين ومائة.

الدمشقي القارئ عبد الله بن عوف الكناني الدمشقي القارئ. رأى عثمان وروى عن أبي جمعة الأنصاري وبشير بن عقربة. قال بعضهم: استعمله عمر بن عبد العزيز في شيء، فتكون وفاته تأخرت إلى خلافة عمر بن عبد العزيز.

أبو زبر الدمشقي عبد الله بن العلاء زبر الربعي، أبو زبر الدمشقي. وثقه ابن معين وقال دحيم: ثقة. من أشراف أهل دمشق. وثقه عدة وقال أحمد: مقارب الحديث. توفي سنة أربع وستين ومائة. وروى له مسلم والأربعة.

عبد الله بن عياش

عبد الله بن عياش بن ربيعة بن الحارت بن عبد المطلب. توفي حدود الثمانين للهجرة.

المخزومي عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، عمرو بن المغيرة بن عبد الله بن عمر ابن مخزوم، أبو الحارث. ولد بالحبشة. له رؤية وشرف. وقرأ على أبي ابن كعب. وكان من أقرأ أهل المدينة. وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن عمر وغيره. وروى عنه الحارث بن عبد الله ونافع مولى ابن عمر. وتوفي في حدود الثمانين للهجرة.

المنتوف

 

صفحة : 2451

 

عبد الله بن عياش المنتوف الهمداني الكوفي. كنيته أبو الجراح. حدث عن الشعبي وغيره. وروى عنه الهيثم بن عدي فأوعب. وكان أحد أصحاب الأخبار ورواة الأنساب والأشعار مع دراية وفهم. وكان كيسا، مطبوعا صاحب نوادر. كان ينتف لحيته وكان أبرص. توفي سنة ثمان وخمسين ومائة في الستة التي مات فيها المنصور أمير المؤمنين. كتب إليه معن بن زائدة من اليمن: قد بعثت إليك بخمسمائة دينار ومن الثياب اليمنية بخمسين ثوبا أشتري بها دينك. فكتب إليه: قد بعتك ديني كله إلا التوحيد لعلمي بقلة رغبتك فيه قال ابن عياش: فحدثت المنصور بذلك فما زال يضحك منه ويعجب له. وكان شاعرا هجاء يتقى لسانه. وقال له المنصور يوما: أنظر إلى لحية عبد الله بن الربيع ما أحسنها فحلف ابن عياش أنه أحسن منه، فقال ابن الربيع: ما أجرأك على الله أيها الشيخ فقال ابن عياش: يا أمير المؤمنين، إنتف لحيته وأقمني إلى جنبه حتى ترى أينا أحسن وكان يطعن على الربيع في نسبه طعنا قبيحا ويقول له: فيك شبه من المسيح، يخدعه بذلك فكان يكرمه، فأخبر المنصور بذلك فقال: إنه يريد أنه لا أب لك فتنكر له بعد ذلك. وقال له رجل: لي إليك حاجة صغيرة، فقال أطلب لها صغيرا مثلها. وكان المنصور قد أخذ عليه العهد بإعفاء لحيته من النتف، فلما مات المنصور جعل يصرخ عليه ويقول: يا أمير المؤمنيناه وينتف لحيته حتى أتى عليها جمعاء.

ومن شعره في أخي أبي عمرو بن العلاء: من الطويل

صبحت ابا سفيان ستـين حـجة                      خليلي صفاء ودنا غير كـاذب

فأمسيت لما حالت الأرض بيننـا                      على قربه مني كمن لم أصاحب القتباني عبد الله بن عياش القتباني - بكسر القاف وسكون التاء ثالثة الحروف وفتح الباء الموحدة وبعد الألف نون - المصري. إحتج به مسلم، وقال أبو حاتم صدوق ليس بالمتين. وقال أيضا: هو قريب من ابن لهيعة. وضعفه أبو داود والنسائي. توفي سنة سبعين ومائة. وروى له مسلم والنسائي.

عبد الله بن عيسى

أبن أبي ليلى عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمان بن أبي ليلى الكوفي. كان أسن من عمه القاضي وأزهد. وروى عن جده وسعيد بن جبير والشعبي وعكرمة. قال ابن خراش: هو أوثق ولد ابن أبي ليلى. توفي سنة ثلاثين ومائة.

أبو محمد الشيباني عبد الله بن عيسى، أبو محمد الشيباني السرقسطي الحافظ كان يحفظ صحيح البخاري وسنن أبي داود عن ظهر قلب، وله على صحيح مسلم تأليف حسن لم يكمله، وله اتساع باع في اللغة، وتوفي سنة ثلاثين وخمسمائة.

أبو محمد الشلبي عبد الله بن عيسى بن أحمد بن سعيد، أبو محمد بن أبي بكر الأندلسي الشلبي. من بيت العلم والوزارة. حصل من العلم ما لم يحصله غيره. وولي القضاء بالأندلس وحج وجاور. وقدم خراسان وبغداد وطار ذكره في هذه البلاد. وتوفي بهراة. وسمع وحدث. وكانت وفاته سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.

ابن بختويه الواسطي الطبيب عبد الله بن عيسى بن بختويه. كان من أهل واسط، وكان طبيبا، خطيبا لديه معرفة في صناعة الطب كلام مطلع على تصانيف القدماء، وله فيها نظر ودراية. وكان والده أيضا طبيبا. ولأبي الحسين عبد الله من الكتب: كتاب المقدمات ويعرف بكنز الأطباء ألفه لولده وكتاب في الفصد وكتاب القصد إلى معرفة الزهد.

أبو محمد المالكي الهمداني عبد الله بن غالب بن تمام بن محمد، أبو محمد الهمداني المالكي الفقيه، عالم أهل سبتة وصالحهم وشيخهم. كان إماما فتيا عارفا بالمذهب بليغا شاعرا نظارا. توفي سنة أربع وثلاثين وأربعمائة.

عبد الله بن غانم

أبو محمد بن غانم عبد الله بن غانم بن علي، القدوة الزاهد، أبو محمد، ابن الشيخ الكبير العارف أبي عبد الله النابلسي. كان شيخ الأرض المقدسة توفي سنة اثنتين وسبعين وستمائة بنابلس وبها ولد سنة ثمان وستمائة، ولعله سمع بها من البهاء عبد الرحمان، فإنه روى بها الكثير في سنة تسع عشرة. وقد سمع بدمشق من الحافظ ضياء الدين المقدسي، وكان شيخ وقته زاهدا وصلاحا وشهرة وجلالة، وحدث عن النجم بن الخباز في مشيخته.

النحوي عبد الله بن فزارة النحوي. من نحاة مصر. مات سنة اثنتين وثمانين ومائتين.

عبد الله بن فروخ

 

 

صفحة : 2452

 

سمع أبا هريرة وعائشة. توفي في حدود التسعين للهجرة.

فقيه القيروان عبد الله بن فروخ، أبو محمد الفارسي المغربي، فقيه القيروان وزاهدها. كان قوالا للحق لا يهاب الملوك في نهيهم، الظلم، كثير التجهد والتأله قال البخاري: يعرف منه وينكر. قال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظة وتوفي في حدود الثمانين ومائة. وروى له أبو داود.

ابن غزلون عبد الله بن فرج بن غزلون، أبو محمد اليحصبي الطليطلي، ابن العسال. روى الحديث وكان فصيحا مفوها شاعرا مفلقا. توفي سنة سبع وثمانين وأربعمائة. ومن شعره...

الشاعر الأسدي عبد الله بن فضالة بن شريك بن سلمان بن خويلد بن سلمة بن عامر بن موقد النار. ينتهي إلى نزار. كان شاعرا، وسيأتي ذكره والده فضالة في حرف الفاء إن شاء الله تعالى. أتى عبد الله إلى عبد الله بن الزبير وافدأ فقال له: بعدت شقتي ونقبت راحلتي. قال: أحضرها فأحضرها، فقال: أقبل بها وأدبر، ففعل، فقال: ارقعها بسبت واخفضها بهلب وأنجد بها يبرد خفها وسر البردين تصح فقال ابن فضالة: إني أتيتك مستحملا ولم آتك مستوصفا فلعن الله ناقة حملتني إليك فقال ابن الزبير: إن وراكبها فانصرف ابن فضالة وقال: من الوافر

أقول لغلمتي شدوا ركـابـي                      أجازو بطن مكة في سـواد

فمالي حين أقطع ذات عرق                      إلى ابن الكاهلية من معـاد

سيبعد بيننا نص الـمـطـايا                      وتعليق الأداوي والـمـزاد

وكل معبد قـد أعـلـمـتـه                      مناسمهن طلاع الـنـجـاد

أرى الحاجات عند أبي خبيب                      نكدن ولا أمية في الـبـلاد

من الأعياص أو من آل حرب                      أغر كغرة الفرس الـجـواد قلت: أبو خبيب كنية عبد الله بن الزبير وكان يكنى أبا بكر وخبيب أكبر أولاده، ولم يكنه به إلا من ذمه فكأن ذلك لقب له. وقول ابن الزبير: إن وراكبها، إن ها هنا بمعنى نعم كإنه إقرار بما قاله. قال ابن قيس الرقيات من الكامل المرفل

ويقلن شيب قـد عـلا                      ك وقد كبرت فقلت إنه المدني عبد الله بن المفضل با العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب المدني. قتل أبوه يوم الحرة وهو صبي. روى عن أنس وعبيد الله بن أبي رافع وأبي سلمة عبد الرحمان ونافع بن جبير والأعرج وجماعة. ووثقه جماعة. وهو صاحب حديث البكر تستأمر، وتوفي في حدود الثلاثين ومائة، وروى له الجماعة.

المغربي عبد الله بن فلاح المغربي. قال ابن رشيق: كان متصدرا للقرآن مشهورا بذلك، ذكيا لوذعيا، مليح الشعر. فمن مشهوره قوله: من الطويل

محلك من قلبي وسمعي وناظري                      حمى لم يبحه مذ نأيت مـبـيح

وإني وإن أبصرت منك تغـيرا                      على ما بقلبي من هوى لشحيح

يقول أناس قد سلـوت وإنـنـي                      لفي حسرات أغـتـدي وأروح تمكن من جسمي الضنى فأذابه        فها أنا أبلى والفؤاد صحيح ومنه ما كتب في رخامة عند رأسه في قبره: من الطويل

أيا من رأى قبرا تضمن رمـسـه                      أخا سكرة ما إن يفيق إلى الحشـر

وما ساءني الأحباب في برزخ البلى                      فأصبحت لا أزداد إلا على عقـر

وأصبح وجهي بعـد أي نـضـارة                      كساه البلى ثوبا يجد مع الـدهـر  عبد الله بن القاسم

مرتضي الدين الشهرزوري عبد الله بن القاسم بن المظفر بن علي، أبو محمد الشهرزوري المنعوت بالمرتضى، والد القاضي كمال الدين. كان واعظا رشقا أديبا شاعرا. توفي سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. ووعظ في بغداد مدة واشتغل بالفقه والحديث، ورجع لى الموصل وتولى بها القضاء وروى بها الحديث. ومن شعره: من الخفيف

لمعت نارهم وقد عسعس اللي                      ل ومل الحادي وحار الدليل

فتأملتها وفكري من الـبـي                      ن عليل ولحظ عيني كلـيل

وفؤادي ذاك الفؤاد المعـنـى                      وغرامي ذاك الرغام الدخيل

ثم قابلتها وقلت لصـحـبـي                      هذه النار نار ليلى فيميلـوا

فرموا نحوها لحاظا صحيحـا                      ت فعادت خواسئا وهي حول

 

صفحة : 2453

 

 

ثم مالوا إلى المـلام وقـالـوا                      خلـب مـا رأيت أم تـخـييل

فتجنبتـهـم ومـلـت إلـيهـا                      والهوى مركبي وشوقي الزميل

ومعي صاحب أتى يقتـفـي الآ                      ثار والحب شرطه التطـفـيل

وهي تعلو ونحن ندنو إلـى أن                      حجزت دونها طلول مـحـول

فدنونا من الطلول فـحـالـت                      زفرات من دونهـا وغـلـيل

قلت: من بالديار? قالوا جـريح                      وأسـير مـكـبـل وقـتـيل

ما الذي جئت تبتغي قلت ضيف                      جاء ينبغي القرى فأين النزول

فأشارت بالرحب دونك فاعقـر                      ها فما عندنا لضـيف رحـيل

من أتانا ألقي عصا السير عنـه                      قلت من لي بها وكيف السبـيل وهي أكثر من هذا. ومن شعر ابن الشهرزوري في الشمعة: من مجزوء الكامل

ناديتها ودمـوعـهـا                      تحكي سوابق عبرتي

والنار من زفراتـهـا                      تحكي تلهب زفرتـي

ماذا التنحب والبـكـا                      ء فأعربت عن قصتي

قالت فجعت بمن هوي                      ت فمحنتي من منحتي

بالنار فـرق بـينـنـا                      وبها أفرق جملـتـي ومنه فيها أيضا: من الوافر

إذا صال البلى وسطا عليها                      تلقته بذل في الـتـوانـي

إذا خضعت تقط بحس مس                      فتحيا في المقام بلا تواني

كأني مثلها في كـل حـال                      أموت بكم وتحييني الأماني ومنه: من الدوبيت

يا قلب إلام لا يفيد النـصـح                      دع مزحك هوى جناه المزح

ما جارحة فيك خلاها جـرح                      ما تشعر بالخمار حتى تصحو وغالب شعره من هذا النمط من باب الوعظ والتذكير والأشعار الربانية.

أبو محمد اللخمي عبد الله بن قاسم بن عبد الله بن محمد بن خلف، أبو محمد اللخمي الحافظ الأندلسي الحريري. ولد سنة إحدى وتسعين، وتوفي سنة خمس وأربعين وستمائة. وعني بالحديث أتم عناية وصنف كتاب حديقة الأنوار في معرفة الأنساب والمنهج الرضي في الجمع بين كتابي ابن بشكوال وابن الفرضي وكان مع حفظه شاعرا مليح الخط. ومن شعره...

أبو القاسم البصري عبد الله بن قاسم بن علي بن محمد بن عثمان الحريري، أبو القاسم البصري ابن صاحب المقامات. سكن بغداد. له حظ وافر من الأدب واللغة. مولده سنة تسعين وأربعمائة وتوفي..... روى المقامات ودرة الغواص وملحة الإعراب عن والده، وكتب المقامات بخطه، رأيتها بخطه غير واحدة.

عبد الله بن أبي قتادة

روى عن أبيه فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم. وتوفي في حدود المائة. وروى له الجماعة.

أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس بن حضار. هو أبو موسى الأشعري اليماني، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدم عليه مسلما مع أصحاب السفينتين من الحبشة. استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على زبيد وعدن. وولي الكوفة والبصرة لعمر وحفظ الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان من أجلاء الصحابة. توفي سنة أربع وأربعين على الصحيح.

الحمصي عبد الله بن أبي قيس، مولى عطية، شامي من حمص. روى عن أبي الدرداء وأبي ذر وعائشة وابن الزبير. توفي في حدود المائة. وروى له مسلم والأربعة.

عبد الله بن كثير

أحد القراء السبعة

 

صفحة : 2454

 

عبد الله بن كثير، أحد القراء السبعة، أبو معبد مولى عمرو بن علقمة الكناني. أصله فارسي ويقال له الداري العطار، نسبة إلى دارين. وقال البخاري: هو قرشي من بني عبد الدار، وقال أبو بكر بن داود: الدار بطن من لخم منهم تميم الداري. وعن الأصمعي: الذي لا يبرح في داره ولا يطلب معاشا. قرأ القرآن على مجاهد باتفاف وورد أنه قرأ على عبد الله بن السائب المخزومي صاحب أبي بن كعب. وقد حدث عن ابن الزبير وعبد الله الرحمان بن مطعم وأبي المنهال وعكرمة. وثقه النسائي. وتوفي سنة عشرين ومائة. وراوياه قنبل محمد بن عبد الرحمان والآخر البزي أحمد بن محمد بن عبد الله. واختلف العلماء في قراءة ابن كثير فقيل إنها موقوفة عليه لم تتجاوزه إلى أحد، وقيل موقوفة على مجاهد بن جبر لم يتجاوزها أحدا فوقه، وقيل موقوفة على ابن عباس لم تتجاوزه، وقيل موقوفة على أبي ابن كعب. وقيل قرأ على درباس عن ابن عباس. وأهل مكة يقولون: درباس مخففا، وأهل الحديث يقولون درباس مشددا. وقيل: قرأ على درباس عن مجاهد عن ابن عباس عن أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقرأ عليه أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر والخليل بن أحمد وحماد ابن سلمة وحماد بن زيد اليصري.

الدمشقي الطويل المقرئ عبد الله بن كثير الدمشقي، أحد القراء، إمام جامع دمشق. روى عن الأوزاعي وعبد الرحمان بن يزيد بن جابر وشبيان النحوي، وعنه هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمان ومحمود بن خالد وغيرهم، قرأ في الصلاة وإذ قال إبراهام فبعث إليه نصر بن حمزة فخفقه بالدرة ونحاه عن الصلاة قال أبو زرعة: لا بأس به. وتوفي سنة ست وتسعين ومائة.

عبد الله بن كعب

المرادي عبد الله بن كعب المرداي. قتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب. يقال له صحبة. وكانت وفاته سبع وثلاثين للهجرة.

الأنصاري عبد الله بن كعب بن مالك السلمي الأنصاري، قائد أبيه من بين بنيه حين عمي. سمع أباه وعثمان وأبا لبابة وعبد الله بن أنيس، وتوفي في حدود التسعين للهجرة. وروى له الجماعة وسوى ابن ماجة.

المازني عبد الله بن كعب الأنصاري البدري، أخو أبي ليلى المازني. توفي سنة ثلاثين للهجرة.

عبد الله بن كيسان

التيمي المدني عبد الله بن كيسان التيمي المدني، مولى أسماء بنت أبي بكر. روى عن أسماء وابن عمر. وثقوه. وتوفي في حدود العشرين ومائه، وروى له الجماعة.

ابن أبي فروة عبد الله بن كيسان أبي فروة. هو أبو عبد الله بن أبي فروة جد الربيع مولى المنصور. كان عبد الله هو وعبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبيرفي حداثتهم أخلاء لا يكادون يفترقون، وكان أحدهم إذا اكتسى كسوة اكتسى الآخر مثلها، فاكتسى عبد الملك حلة واكتسى ابن أبي فروة مثلها وبقي مصعب لا يجد ما يكتسيه، فذكر ابن أبي فروة ذلك لأبيه فكساه مثل حلتيهما على يد ابنه، فلما ولي مصعب العراق استكتب ابن أبي فروة. وكان عنده يوما إذ أتي مصعب بعقد جوهر قد أصيب في بلاد العجم لا يدرى ما قيمته، فجعل مصعب يقلبه ويعجب منه، ثم قال لابن أبي فروة: أبا عبد الله أيسرك أن أهبه لك? قال: نعم والله أصلح الأمير فدفعه إليه فرآه وقد سر به سرورا شديدا. ققال له مصعب: أراك قد سررت به فقال: نعم فقال مصعب: والله لأنا بالحلة يوم كسوتنيها أشد سرورا منك بهذا الآن. ولم يزل العقد عند ابن أبي فروة إلى أن انقضت أيام مصعب فكان سبب غناه وغنى عقبه فيما بعد. وذكر مصعب الزبيري أنه ظهر عامل خراسان على كنز فيه نخلة كانت لكسرى مصوغة من ذهب عثاكيلها من لؤلؤ وجوهر وياقوت أحمر وأخضر، فحملها إلى مصعب بن الزبير، فجمع المقومين لها لما وردت عليه فقوموها ألفي ألف دينار. فقال: إلى من أدفعها? فقالوا له: إلى نسائك وأهلك. فقال: لا? بل إلى رجل قدم إلينا يدا وأولانا جميلا? أدعو عبد الله بن أبي فروة?? فدفعها إليه، فلما قتل مصعب كاتب ابن أبي فروة عبد الملك بن مروان وبذل له مالا فسلم منه بماله. وكان أيسر أهل المدينة. وأبو فروة كيسان مولى الحارث الحفار، مولى عثمان ابن عفان. وكان أبو فروة أحد من حصر عثمان وناداه وفي لسانه لكنة: رد المذالم? يريد المظالم. فقال عثمان: أنت أول من أرد على الحفار وقال الحزين الديلي في ذلك: من الطويل

 

صفحة : 2455

 

 

شهدت بإذن الله أن مـحـمـدا                      رسول من الرحمان غير مكذب

وأن ولا كيسان للحـرث الـذي                      ولي زمنا حفر القبور بيشـرب وقد روي لعبد الله بن أبي فروة أبيات شعر وهي: من الطويل

ولما أتينا منزلا طله الندى                      أنيقا وبستانا من النور حاليا

أجد لنا طيب المكان وحسنه                      منى نتمناها فكنت الأمانيا أبو عامر الهوزني عبد الله بن لحي، والد أبي اليمان. هو أبو عامر الهوزني، من قدماء التابعين. توفي سنة إحدى وثمانين للهجرة. وروى له أبو داود والنسائي وابن ماجة.

ابن لهيعه عبد الله بن لهيعة بن عقبة بن فرعان، عالم الديار المصرية وقاضيها ومفتيها ومحدثها. قال ابن حنبل: ما كان محدث مصر إلا ابن لهيعة. وقال ابن بكير: إحترق منزل ابن لهيعة وكتبه سنة سبعين ومائة. وقال ابن حنبل: من كان بمصر مثل ابن لهيعة في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه. ضعفه يحيى القطان وغيره، وسائر النقاد على أنه لا يحتج بحديثه. وعن ابن معين: ضعيف. وسئل أبو زرعة عن سماع القدماء من ابن لهيعة فقال: أوله وآخره سواء وقال: كان ابن لهيعة لا يضبط وليس بحجة. وقال ابن حبان، من أصحابنا من يقول: من سمع منه قبل احتراق كتبه مثل العبادلة، عبد الله ابن وهب وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن يزيد وعبد الله ابن مسلمة القعنبي سماع صحيح، ومن سمع بعد احتراقها فليس بشيء. وقد رمي بالتشيع. وتوفي سنة أربع وسبعين ومائة. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة، وروى له مسلم تبعا. ولما توفي أبو خزيمة إبراهيم بن يزيد الحميري القاضي دخل ابن حديج على المنصور فقال له المنصور: يا ابن حديج لقد توفي ببلدك رجل أصيبت به العامة، فقال: يا أمير المؤمنين ذاك إذا أبو خزيمة قال: نعم فمن ترى أن نولي القضاء بعده? قال: أبا معدان اليحصبي قال: رجل أصم ولا يصلح للقضاء قال: فابن لهيعة على ضعف فيه فأمر بتوليته وأجري عليه في كل شهر ثلاثون دينارا، وهو أول قاض تولى مصر من قبل الخليفة، وإنما كان ولاة البلد هم الذين يولون القضاة من عندهم.

ابن بحينة عبد الله بن مالك بن بحينة - بضم الباء الموحدة وفتح الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها نون. قديم الإسلام والصحبة، فاضل، ناسك. توفي آخر أيام معاوية في حدود الستين، وروى له الجماعة.

أبو المصيب الصقلي عبد الله بن أبي مالك، أبو المصيب القيسي الصقلي. أحد رجال اللغة والعربية، المطابيع في أجناس القريض العالمين بالأوزن والأعاريض. ومن شعره: من الكامل

غلط الذي سمى الحجارة جوهرا                      إن الكريم أحق باسم الجوهـر

إن الجواهر قد علمت صوامت                      والمرء جوهره جميل المحضر ابن سيف المقرئ عبد الله بن مالك بن سيف، بو بكر التجيبي المقرئ. من كبار قراء مصر. أخذ عن أبي يعقوب الأزرق صاحب ورش تلاوة. وتوفي سنة سبع وثلاثمائة. وسمع محمد بن رمح وجماعة. قرأ عليه أبو عدي عبد العزيز ابن علي بن محمد بن إسحاق ابن الإمام، وإبراهيم بن محمد بن مروان ومحمد بن عبد الرحمان الظهراوي وغيرهم، وهو آخر أصحاب الأزرق وفاة..

أبو تميم الجيشاني عبد الله بن مالك، أبو تميم الجيشاني، هو أخو سيف. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدما المدينة زمن عمر رضي الله عنه وقرآ القرآن على معاذ بن جبل، وكان من أعبد أهل مصر. وروى عن عمر وعلي وأبي ذر. وتوفي سنة سبع للهجرة، وروى له مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.

عبد الله بن المبارك

بن واضح الحنظلي

 

 

صفحة : 2456

 

مولاهم التركي ثم المروزي الحافظ. فريد الزمان وشيخ الإسلام. كانت أمه خوارزمية، ومولده سنة ثمان عشرة ومائة، وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة وقيل اثنتين وثمانين طلب العلم وهو ابن بضع عشرة سنة، ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة ولقي التابعين، وأكثر الترحال والتطواف إلى الغاية في طلب العلم والجهاد والحج والتجارة. روى عن سليمان التيمي وعاصم الأحول وحميد الأجلح الكندي وحسين المعلم وحنظلة السدوسي وحيوة بن شريح وهشام ابن عروة والجريري وإسماعيل بن أبي خالد والأعمش وبريد بن عبد الله وخالد الحذاء ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن عون وابن جريح وموسى بن عقبة وخلق، ثم عن الأوزاعي والثوري وشعبة ومالك الليث وابن لهيعة والحمادين وطبقتهم، ثم عن هشيم وابن عيينة وخلق من أقرانه. وصنف التصانيف النافعة. قال ابن مهدي: هو أفضل من الثوري.وقال ابن حنبل: لم يكن في زمانه مثله ولا أطلب منه للعلم? وقال ابن معين: كان ثقة متثبتا. وكتبه نحو من عشرين ألف حديث. وقال العباس بن مصعب: جمع ابن المبارك والحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء ومحبة الفرق له. وكان غنيا رأس ماله نحو من أربعمائة ألف درهم، وكان من فحول الشعراء ولما بلغ الرشيد موته قال: مات سيد العلماء. ومات بهيت وعانة في رمضان. قال العباس بن محمد النسفي: سمعت أبو حاتم الفربري يقول: رأيت في النوم ابن المبارك واقفا على باب الجنة وبيده مفتاح، فقلت: ما يوقفك هاهنا? قال: هذا مفتاح الجنة دفعه لي محمد صلى الله عليه وسلم وقال: حتى أزور الرب تعالى فكن أميني في السماء كما كنت أميني في الأرض وقال إسماعيل بن إبراهيم المصيصي: رأيت الحارث بن عطية في النوم فسألته فقال: غفر لي قلت: فابن المبارك? فقال: بخ بخ ذاك في عليين ممن يلج على الله في كل يوم مرتين. وروى له الجماعة. ومن شعر عبد الله بن المبارك: من البسيط

قد يفتح حانوتا لـمـتـجـره                      وقد فتحت لك الحانوت بالدين

بين الأساطين حانوت بلا غلق                      تبتاع بالدين أموال المساكـين

صيرت دينك شاهينا تصيد به                      وليس يفلح أصحاب الشواهين  عبد الله بن المثنى

بن عبد الله بن أنس بن مالك بن نصر الأنصاري البصري

قال ابن معين: صالح الحديث. وقال مرة: ليس بشيء وقال أبو داود: لا أخرج حديثه. توفي في حدود الثمانين ومائة، وروى له البخاري والترمذي وابن ماجة.

أبو حصين المعري عبد الله بن المحسن بن عبد الله، ويأتي تمام نسبه في ترجمة ولده أبي يعلى عبد الباقي. وكنيته عبد الله هذا أبو حصين، وهو بيت في المعرة طلع منه فضلاء وشعراء. قال العماد الكاتب: أنشدني له القاضي أبو اليسر يرثي والده وقد مات في الحج: من مجزوء المتقارب

دم فوق صدري وكف                      من الجفن لما ذرف

لفقـدان مـن لا رأى                      يدا الدهر منه خلف

لمـيت غـدا ثـاويا                      بطيبة بين السـلـف نابغة بني شيبان عبد الله بن المخارق. قيل إنه كان نصرانيا وكان شاعرا يمدح خلفاء بني أمية ويحزلون عطيته. ولما هم عبد الملك بخلع أخيه عبد العزيز وولاية العهد لابنه الوليد فدخل النابفة يوما على عبد الملك والناس حوله في يوم حفل وولده قدامه فمشل بيد يديه وأنشد: من المنسرح

أزحت عنا آل الـزبـير ولـو                      كانوا هم المالكين ما صلحـوا

إن تلق بلوى أنت مصطـبـر                      وإن تلاق النعمى فلا فـرح

آل أبي العاص أهل مـأثـرة                      غر عتا بالخير قد نـفـحـوا

خير قريش وهم أفاضـلـهـا                      في الجد جد وإن هم مزحـوا

أرجها أذرعـا وأصـبـرهـا                      أنتم إذا القوم في الوغي كلحوا

أما قريش وأنـت وازعـهـا                      تكف من شغبهم إذا طمحـوا

حفظت ما ضيعوا وزنـدهـم                      أوريت إن أصلدوا وإن قدحوا

آليت جهدا وصادق قسـمـي                      برب عبد اللـه بـنـتـصـح

يظل يتلو الإنـجـيل يدرسـه                      من خشية الله قـلـبـه فـيح

 

صفحة : 2457

 

 

لآبك أولى بـمـلـك والـده                      وعمه إن حرب فإنهم نصـح

وهم خيار فاعمل بسنـتـهـم                      واحي بخير واكدح كما كدحوا قال: فتبسم عبد الملك ولم يتكلم في ذلك بإقرار ولا دفع فعلم الناس أن رأيه في خلع أخيه عبد العزيز، وبلغ ذلك عبد العزيز فقال: لقد أدخل نفسه ان النصرانية مدخلا ضيقا وأوردها موردا خطرا ولله علي إن ظفرت به لأخضبن دمه بدمه ? ومن شعر نابغة بني شيبان من قصيدة طويلة: من الرمل

إمدح الكأس ومن أعملـهـا                      واهج قوما قتلونا بالعطـش

أنما الكأس ربـيع بـاكـر                      فإذا ما غاب عنا لم نعـش

وكأن الشرب قوم مـوتـوا                      من يقم منهم لأمر يرتعـش

خرس الألسن عما نالـهـم                      بين مصروع وصاح منتعش

من حميا فرقـف حـصـية                      قهوة حولية لم تمـتـجـش

ينفع المزكوم منها ريحـهـا                      ثم تنفي دواه إن لم تـنـش

كل من يشربها بـألـفـهـا                      ينفق الاموال فيها كل هش  عبد الله بن محمد

ابن ابن الحنفية عبد الله بن محمد الحنفية، أبو هاشم العلوي المدني. روى عن أبيه وعن صهر له، صحابي من الأنصار. كان صاحب الشيعة فأوصى إلى محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس والد السفاح ودفع إليه كتاب الشيعة وصرف الشيعة إليه. وقال أتباع أبي هاشم هذا المعروفون بالهاشمية من جملة الشيعة بموت السيد محمد أبي أبي هاشم وانتقال الإمامة منه إلى ابنه أبي هاشم وأن أباه أطلعه على الأسرار ثم أختلفوا بعده على خمس فرق، فرقة قالت: إنه مات بأرض الشراة وأوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس قالوا: وللعباس في الخلافة حق لاتصال النسب فإن الرسول الله توفي وعمه العباس أولى بالوراثة، وفرقة قالت: إن أبا هاشم أوصى بالإمامة بعده إلى الحسن بن علي بن محمد ابن الحنفية، وفرقة قالت:إن أبا هاشم أوصى بالإمامة إلى أخيه علي إلى ابنه الحسن، فالإمامة لا تخرج عندهم من بني الحنفية إلى فرقة غيرهم، وفرقة قالت: إن أبا هاشم أوصى إلى عبد الله بن عمرو بن حرب الكندي، وإن روح أبي هاشم تحولت إلى عبد اله المذكور، وكانوا يعتقدون في عبد الله علما ودينا. فلما ادعى انتقال روح أبي هاشم إليه ووافقوه تبين لهم بعد ذلك عدم دينه وعلمه وتحققوا كذبه وخيانته وأعرضوا عنه وقالوا بإمامة عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وكان عبد الله بن معاوية يقول بتناسخ الأرواح من شخص إلى شخص، وادعى الإلهية والنبوة معا فقال: إن روح الله جل جلاله حلت فيه وادعى علم الغيب. وتبعه جهال أنكروا القيامة لاعتقادهم أن الثواب والعقاب يكون بالتناسخ في الدنيا، وعنهم نشأت فرقة الخرمية. ثم إن أصحاب عبد الله بن معاوية اختلفت فيه فقال بعضهم: مات وتحولت روحه إلى إسحاق بن زيد بن الحارث الأنصاري - وتسمى هذه الفرقة الحارثية؛ أباحوا المحرمات وأسقطوا التكاليف. قال ابن سعد: كان ثقة قليل الحديث، وقيل إن سليمان بن عبد الملك دس إليه من سمه في لبن وذلك بالحميمة سنة ثمان وتسعين للهجرة. وروى له الجماعة.

ابن أبي عتيق عبد الله بن محمد أبي عتيق عبد الرحمان بن أبي بكر الصديق، والد محمد، وقد تقدم ذكره في المحمدين. روى عن أم المؤمنين عائشة وابن عمر وتوفي في حدود العشرة ومائة، وروى له البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة.

الهاشمي عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب المدني. روى له أبوداود والترمذي وابن ماجة، وتوفي في حدود الخمسين ومائة.

دافن العلوي عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب. أمه خديجة بنت زين العابدين، وكان لقبه دافن. قال بعض الحفاظ: صالح الحديث. وروى له أبو داود والنسائي، وتوفي سنة اثنتين وخمسين ومائة. روى عن أبيه وروى عنه ابنه عيسى وابن المبارك وابن أبي فديك والواقدي. وقال علي بن المديني: هو وسط.

سحبل

 

صفحة : 2458

 

عبد الله بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي المدني سحبل. روى عن ابيه ويزيد بن عبد الله بن قسيط ووثقه ابن معين، وهو أخو إبراهيم، وتوفي سنة اثنتين وستين ومائة. روى عن أبي صالح السمان وسعيد بن أبي هند وبكير بن الأشج وأبي الأسود محمد بن عبد الرحمان، وطال عمره. قال الشيخ شمس الدين: وهو فيما أرى أكبر من إبراهيم إن كان سمع من السمان وابن أبي هند. روى عن القعنبي وقتيبة والواقدي وسفيان بن وكيع. وثقه أحمد وابن معين، وهو قليل الحديث. وروى له أبو داود.

الدقاق عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الباقي الدقاق، أبو الفضائل بن أبي بكر المعروف بابن الخاضبة. أسمعه والده كثيرا في صباه من أبي الفوارس طراد الزينبي،وأبي الخطاب بن البطر، وأبي محمد رزق الله ابن عبد الوهاب التميمي، وأبي عبد الله الحسين بن أحمد النعالي وغيرهم. وقرأ هو بنفسه كثيرا على أصحاب أبي طالب، وكتب بخطه وخرج التخاريج. وكان فاضلا له معرفة بالحديث والأدب وكلامه على الحديث مليح وخطه مليح. وحدث باليسير.و توفي سنة ست وعشرين وخمسمائة. ويقال إن سيرته لم تكن محمودة.

أبو محمد الشاشي عبد الله بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عمر الشاشي، أبو محمد ابن أبي بكر. تفقه على أبيه حتى برع في المذهب والخلاف وناظر وأفتى وتكلم بلسان الوعظ. وكان فاضلا حسن العبارة، حلو الإشارة، ظريف الشمائل، كثير المحفوظ، فصيحا. وسمع من أبي عبد الله الحسين النعالي وطبقته، وحدث باليسير. ومن شعره ارتجالا: من الرجز

قضية أعجب بها قـضـيه                      جلوسنا الليلة في التاجـيه

والجو في حلته الفـضـيه                      صقالها قعقعة الرعـديه

أعلامها شعشعة البرقـيه                      تنثر من أردانها العطريه

ذائب در ينشـر الـبـريه                      والشمس تبدو تارة جلـيه

ثم تراهـا مـرة خـفـيه                      كأنهـا جـارية خـبـيه

حتى إذا حانت لنا العشـيه                      فضت لباس الغيم بالكلـيه

وأسفرت في الجهة الغربيه                      صفراء في محلفة ورسيه

كرامة أعرفها شـاشـيه وتوفي سنة ثمان وعشرين وخمسمائة.

أبو القاسم بن المعلم عبد الله بن محمد بن أحمد بن المعلم، أبو القاسم العكبري البغدادي. قرأ الأدب على أبي القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي، والفقه على أبي إسحاق إبراهيم الفيروزآبادي، وسمع جماعة. وكان فاضلا، شاعرا، صنف جزءا في الانتصار لحمزة الزيات مما نسبه إليه ابن قتيبة في مشكل القرآن. وروى كتاب أخبار النحويين للسيرافي عن أبي علي محمد بن محمد بن أحمد بن المسلمة. وتوفي سنة ست عشرة وخمسمائة. ومن شعره: من السريع

أسلفني الإحسان من جاءني                      يطلب إحساني على فقره

لأنه أحسـن بـي ظـنـه                      من قبل عزم لي على بره

فالشكر مني مع جزائي له                      يلزم أن يوفي على شكره ومنه: من البسيط

أرى المروءة أنثى ليس يخطبهـا                      مع حسنها معسر أو من له نسب

ظهر كريم ولكن قـل راكـبـه                      كأنما حل في جلدي به جـرب

كم قد تراءت لهذا الخلق قاطـبة                      وكلهم قائل ما فـيك لـي أرب

تزوجت كل أنثى فهي محصـنة                      وتلـك بـن لـدات أيم عـزب القاضي الكرخي عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد الكرخي، أو منصور ابن القاضي أبي طاهر البغدادي. ولي القضاء بباب النوبي بعد أبيه وبقي على القضاء إلى أن توفي سنة سبع وخمسين وخمسمائة. وحدث بيسير عن أبي القاسم بن الحصين، وسمع منه القاضي أبو المحاسن القرشي.

آخر المستنجد بالله عبد الله بن محمد بن أحمد بن عبد الله، أبو جعفر بن المقتفي أخو المستنجد. كان أسن من أخيه المستنجد بعشر سنين، وتوفي سنة ست وخمسين وخمسمائة.

أميرالمؤمنين السفاح

 

صفحة : 2459

 

عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أمير المؤمنين أبو العباس السفاح، أول خلفاء بني العباس. ولد بالحميمة. وكان شابا طويلا أبيض، مليح الوجه واللحية أمه ريطة الحارثية. حدث عن إبراهيم بن محمد الإمام وهو أخوه. مولده سنة ثمان ومائة، وتوفي سنة ست وثلاثين ومائة بالجدري، وعاش ثلاثا وثلاثين سنة. وقال خليفة: مات ابن ثمان وعشرين سنة. وبويع بالكوفة في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثلاثين ومائة ؛ وهو ابن أربع وعشرين سنة، وقيل ابن ثمان وعشرين سنة  وكانت ولايته أربع سنين وثمانية أشهر. ولما صعد المنبر خطب قائما، فقال الناس: يا ابن عم رسول الله أحييت السنة، وكانت بنو أمية يخطبون قعودا، وقتل أبا سلمة الخلال، وكان القائم بالدعوة وأضمر خلع بني العباس وتصيير الأمر إلى آل علي بن أبي طالب. وعهد إلى أخيه عبد الله المنصور وصرف البيعة عن عمه عبد الله ابن علي، وقال وهو مريض وقد دخل عليه الطبيب: من مجزوء الكامل

أنظر إلى ضعف الحرا                      ك وذله بين السكـون

ينـبـيك أن بـيانــه                      هذا مقدمة المـنـون ولقب القائم والمرتضى والمهتدي والمبيح وغير ذلك، وأشهر ألقابه السفاح ولم يحج في خلافته. وصل عبد الله بن الحسن بن الحسن بألفي ألف درهم وهو أول خليفة وصل بهذه الجملة. كاتبه أبو الجهم بن عطية وأبو العباس خالد بن برمك بعدما كان وزيرهم أبو سلمة الخلال. حاجبه أبو حسان مولاه، ويقال أبو غسان صالح بن الهيثم، وقيل محمد بن صول، وكان قد وقع في سبي يزيد ابن المهلب، وكان مولاه فأنكر ذلك وادعى أنه مولى المنصور. ونقش خاتمه: الله ثقة عبد الله وبه يؤمن  ولما تولى الخلافة وأصعده أبو مسلم الخراساني على المنبر أرتج عليه فقال: من الطويل

فإن لم أكن فيكم خطيبا فإنني                      بسيفي إذا جد الوغى لخطيب وأخذ سيفه في يده ونزل، فعجب الناس من بلاغته وإصابته المعنى. وهو أول من نزل العراق من خلفاء بني العباس. بني له المدينة الهاشمية إلى جانب الأنبار وفيها قبره إلى الآن، وهي المعروفة الآن بالأنبار لأن الأولى درست. وكان من أكرم الناس في المعاشرة وأسمحهم بالمال. ومن شعره قوله في بني أمية: من البسيط

أحيا الضغائن آباء لنا سلفوا                      ولن تموت وللآباء أبنـاء وقوله أيضا: من الطويل

تناولت ثأري مـن أمـية عـنـوة                      وحزت تراثي اليوم عن سلفي قسرا

وألقيت ذلا من مـفـارق هـاشـم                      وألبستها عزا وأعلـيتـهـا قـدرا ومن كلامه: إذا عظمت القدرة قلت الشهوة. وما أقبح الدنيا بنا إذا كانت لنا وأولياءنا خالون من حسن آثارها. الأناة محمودة إلا عند إمكان الفرصة. ولما وقع في النزع كان آخر كلامه: إليك يا رب لا إلى النار.

أمير المؤمنين المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب العباسي

 

صفحة : 2460

 

الخليفة، أبو جعفر المنصور. أمه سلامة البربرية. ولد قريب سنة خمس وتسعين. روى عن أبيه وروى عنه ابنه المهدي. وكان قبل الخلافة يقال له عبد الله الطويل، وضرب في الآفاق إلى الجزيرة والعراق وإصبهان وفارس. قال أبو بكر الجعابي: كان المنصور في حياة أبيه يلقب بمدرك التراب. أتته البيعة بالخلافة بمكة وعهد إليه بالخلافة أخوه السفاح، فولي اثنتين وعشرين سنة. وكان أسمر، طويلا نحيفا، خفيف العارضين، معرق الوجه، رحب الجبهة يخضب بالسواد، كأن عينيه لسانان ناطقان تخالطه أبهة الملك بزي النساك، تقبله القلوب وتتبعه العيون. وكان أقنى الأنف بين القنا. وكان من أفراد الدهر حزما ورأيا ودهاء وجبروتا، وكان مسيكا حريصا على جمع المال، كان يلقب أبا الدوانيق لمحاسبته العمال والصناع على الدوانيق والحبات. وكان شجاعا، مهيبا، تاركا للهو واللعب، كامل العقل، قتل خلقا كثيرا حتى ثبت الأمر له ولولده. وكان فيه عدل، وله حظ من صلاة وتدين وعلم وفقه نفس. توفي محرما على باب مكة في سادس ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة ودفن ما بين الحجون وبئر ميمون، وكان فحل بني العباس، وكان بليغا فصيحا. ولما مات خلف في بيوت الأموال تسع مائة ألف ألف وخمسين ألف ألف درهم. قال: رأيت كأني في الحرم وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة وبابها مفتوح، فنادى مناد: أين عبد الله? فقام أخي أبو العباس حتى صار على الدرجة فأدخل فما لبث أن خرج ومعه قناة عليها لواء أسود قدر أربعة أذرع، ثم نودي: أين عبد الله? فقمت إلى الدرجة فأصعدت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وبلال يعقد لي وأوصاني بأمته وعممني بعمامة وكان كورها ثلاثة وعشرين وقال: خذها إليك أبا الخلفاء إلى يوم القيامة وعاش أربعا وستين سنة، وتوفي ببئر ميمون من أرض الحرم قبل التروية بيوم لثمان خلون من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين ومائة، وكان يقول حين دخل في الثلاث وستين سنة: هذه تسميها العرب القتالة والحاصدة. كاتبه أبو أيوب سليمان المورياني وعبد الجبار بن عدي ثم أبان بن صدقة. نقش خاتمه: الحمد لله كله. وكان له من الأولاد محمد المهدي وجعفر الأكبر وجعفر الأصغر وإبراهيم وسليمان ويعقوب وصالح والقاسم وعلي وعبد العزيز والعباس، هؤلاء الذكور وبناته العالية وعبيدة. ومن شعره قوله لما قتل أبا مسلم الخراساني: من السريع

زعمت أن الدين لا يقتضـى                      فاكتل بما كلت أبا مـجـرم

وأشرب كؤوسا كنت تسقي بها                      أمر في الحلق من العلـقـم

حتى متى تضمر بغضا لـنـا                      وأنت في الناس بنا تنتـمـي ومنه: من الطويل

فإني وهذا الأمر من حيث نلته                      لأعلم أن الشكر للـه يعـظـم

ترى نعمة في الحاسدين وإنمـا                      هي المحنة العظمى لمن يتفهم الأحوص الشاعر عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح الأحوص، أبو عاصم، وقيل أبو عثمان الأنصاري الشاعر. هو من ولد حمي الدبر الصحابي. نفاه عمر بن عبد العزيز إلى دهلك لكثرة هجائه، وقيل: نفاه غيره. توفي في حدود العشر والمائة. قيل إنه وفد إلى الوليد بن عبد الملك فأمتدحه فأكرم نزله وأمر بمطبخه أن يمال عليه، فراود وصيفا للوليد على الفسق فبلغ ذلك الوليد فأرسله إلى ابن حزم بالمدينة وأمره أن يجلده ويصب على رأسه الزيت فقال وهو على تلك الحال: من الكامل

ما من مصيبة نكبة أمنى بهـا                      إلا تشرفني وترفع شـانـي

وتزول حين تزول عن متخمط                      تخشى بوادره على الأقـران

إني إذا خفي اللئام رأيتـنـي                      كالشمس لا تخفى بكل مكان وقال يهجو ابن حزم: من البسيط

أهوى أمية إن شطت وإن قـربـت                      يوما وأهدي لها نصحي وأشعاري

ولو وردت عليها القيظ ما حفـلـت                      ولا سقت عطشي من مائها الجاري

لا تـأوين لـحـزمـي رأيت بـه                      ضرا ولو طرح الحزمي في النار

الناخسون بمروان بـذي خـشـب                      والداخلون على عثمان في الـدار

 

صفحة : 2461

 

وقيل إن سليمان كتب إلى عامله بالمدينة أن يضربه مائة سوط ويقيمه على البلس للناس، ثم يسيره إلى دهلك، فثوى هنالك سلطان سليمان، ثم ولي عمر بن عبد العزيز فكتب إليه يمتدحه: من الطويل

أيا راكبا إما عرضت فبلـغـن                      هديت أمير المؤمنين رسائلـي

وقل لأبي حفص إذا ما لقيتـه                      لقد كنت نفاعا قليل الـغـوائل

فكيف ترى للعيس طيبا ولـذة                      وخالك أمسى موثقا في الحبائل فأتى رجال من الأنصار عمر بن عبد العزيز، فكلموه فيه وقالوا: قد عرفت نسبه وموضعه وقديمه وأخرج إلى أرض الشرك ونطلب أن ترده إلى حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودار قومه ؛ قال: فمن الذي يقول? من الطويل

فما هو إلا أن أراها فجاءة                      فأبهت حتى ما أكاد أجيب قالو: الأحوص قال: فمن الذي يقول: من الطويل

أدور ولولا أن أرى أم جعفـر                      بأبياتكم ما درت حـيث أدور

وما كنت زوارا ولكن ذا الهوى                      إذا لم يزر لا بد أن سـيزور قالوا: الأحوص قال: فمن الذي يقول: من المنسرح

كأن لبنى صبير غـادية                      أو دمية زينت بها البيع

الله بيني وبين قيمـهـا                      يفر مني بها وأتـبـه قالوا: الأحوص قال: بل الله بين قيمها وبينه، فمن الذي يقول: من الطويل

ستبقى لها مضمر القلب والحشا                      سريرة حب يوم تبلى السرائر قالوا: الأحوص قال: إن الفاسق عنها يومئذ لمشغول والله لا أرده ما دام لي سلطان فمكث هناك بقية ولاية عمر وصدرا من ولاية يزيد بن عبد الملك. وبينا يزيد وجاريته ليلة على سطح وهي تغنيه بشعر من أشعار الأحوص، فقال لها: من يقول هذا? قالت: وعيشك لا أدري فاستخبر عنه فعرفوه أنه للأحوص وأنه قد طال حسبه فأمر له بمال وكسوة وأطلقه.

أبو محمد المصيصي عبد الله بن محمد بن ربيعة، أبو محمد المصيصي. روى عنه مالك وإبراهيم بن سعد، وعنه صالح بن علي النوفلي ومحمد بن أبان القلانسي وإسحاق بن إبراهيم بن سهم وغيرهم. قال أبو عبد الله الحاكم: يروي عن مالك الموضوعات. وقال ابن حبان: لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار. وتوفي بعد المائتين.

الحافظ البصري عبد الله بن محمد بن حميد ؛ أبو بكر بن أبي الأسود، الحافظ البصري ابن أخت عبد الرحمان بن مهدي. ولي قضاء همذان، وحدث عن مالك وأبي عوانة وعبد الواحد بن زياد، وجعفر بن سليمان ويزيد ابن زريع وحاتم بن إسماعيل وخلق، وروى عنه البخاري وأبو داود، وروى الترمذي عن رجل عنه وإبراهيم الحربي وإسماعيل سمويه وابن أبي الدنيا وعثمان بن خرزاد ويعقوب الفسوي وطائفة. قال ابن معين: لا بأس ولكنه سمع من أبي عوانة وهو صغير. توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين.

أبو جعفر المسندي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن جعفر بن اليمان الحافظ، أبو جعفر الجعفي البخاري المسندي، لقب بذلك لأنه كان يعتني بالمسند ويزهد في المرسل وعلى يده جده الأعلى اليمان أسلم المغيرة جد البخاري. سمع عبد الله من سفيان بن عيينة وإسحاق الأزرق ومروان بن معاوية وعبد الرحمان بن مهدي، ورحل إلى عبد الرزاق وإلى سعيد بن أبي مريم وعمرو بن أبي سلمة، وأقدم أشياخه الفضيل بن عياض، ورى عنه البخاري والترمذي عن البخاري وعنه أبو زرعة وأبو حاتم ومحمد بن يحيى الذهلي. قال أبو حاتم: صدوق. قال الحاكم: هو إمام الحديث في عصره بما وراء النهر بلا مدافعة. توفي سنة تسع وعشرين ومائتين.

عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود، وروى عنه النسائي بواسطة. وثقه أبو حاتم. وتوفي سنة إحدى وثلاين ومائتين.

الحافظ النفيلي عبد الله بن محمد النفيلي، أبو جعفر القضاعي الحراني الحافظ. روى عنه أبو داود، وروى البخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة عن رجل عنه، وأحمد بن حنبل وابن معين والذهلي وأبو زرعة. قال أبو داود: أشهد علي أني لم أر أحفظ من النفيلي. تجاوز الثمانين، وتوفي سنة أربع وثلاثين ومائتين.

المخرمي عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن المسور بن مخرمة الزهري المخرمي البصري. روى عنه مسلم والأربعة. وقال أبو حاتم: صدوق. توفي سنة ست وخمسين ومائتين.

 

 

صفحة : 2462

 

أبو بكر بن أبي شيبة عبد الله بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان بن خواسي الإمام أبو بكر العبسي، مولاهم الكوفي الحافظ، أحد الأعلام. سمع القاضي شريك وأبا الأحوص وعبد السلام بن حرب، وأبا خالد الأحمر وجرير بن عبد الحميد وابن المبارك وعلي بن مسهر وسفيان بن عيينة وعباد بن العوام وعبد الله بن إدريس وحفص بن غياث وخلف بن خليفة وعبد الأعلى بن عبد الأعلى وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي وعلي بن هاشم بن البريد وعمر بن عبيد وهشيم بن بشير وخلقا كثيرا. وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة، وروى النسائي عن رجل عنه، وابنه إبراهيم وابن أخيه محمد بن عثمان وأبو زرعة وبقي بن مخلد وخلق كثير. قال ابن حنبل: صدوق، أحب إلي من أخيه. وقال العجلي: ثقة. وعن أبي عبيد، قال: أحسنهم وضعا لكتاب أبو بكر. وقال الخطيب: كان متقنا حافظا صنف المسند والأحكام والتفسير وتوفي سنة خمس وثلاثين ومائتين.

القاضي الخلنجي عبد الله بن محمد بن أبي يزيد الخلنجي، قاضي الكرخ وولي قضاء دمشق، وكان جهميا من أصحاب ابن أبي دؤاد وهو ابن أخت علويه المغني. توفي في حدود الستين ومائتين. وكان الخلنجي قد تقلد قضاء الشرقية في أيام الأمين، وكان يجلس إلى أسطوانة من أساطين المسجد فيستند إليها بجميع جسده، وإذا جاءه الخصمان ترك الاستناد إليها فإذا فصل القضية عاد إلى الأسطوانة، فعمد بعض المجان إلى رقعة من الرقاع التي يكتب فيها الدعاء فألصقها في موضع دنيته وطلاها بدبق، قجاء الخلنجي وجلس فالتصقت دنيته بالدبق وتمكن منها. فلما تقدم إليه الخصوم أقبل إليهم بجميع جسده فانكشف رأسه وبقيت موضعها مصلوبة، فقام مغضبا وعلم أنها حيلة عليه فغطى رأسه بطليسانه وانصرف وتركها مصلوبة مكانها، وقال بعض الشعراء فيه: من المنسرح

إن الخنجلي من تـتـايهـه                      أثقل باد لنا بطـلـعـتـه

ما تيه ذي نخوة منـاسـبة                      بين أخاوينه وقصـعـتـه

يصالح الخصم من يخاصمه                      خوفا من الجور في قضيته

لو لم تدبقه كف قابـضـه                      لصار تيها على رعـيتـه واشتهرت القصة والأبيات ببغداد وعمل علويه ابن اخته حكاية أعطاها للزفافين والمخنثين فأحرجوه فيها، فاستعفى الخلنجي من القضاء ببغداد وتولى بعض الكور البعيدة فولي دمشق أو حمص، فلما ولي المأمون غناه علويه يوما شعر الخلنجي وهو: من الطويل

برئت من الإسلام إن كان ذا الـذي                      أتاك به الواشون عني كما قـالـوا

ولـكـنـهـم لـمـا رأوك غـرية                      بهجري تواصوا بالنميمة واحتالـوا

فقد صرت أذنا للـوشـاة سـمـيعة                      ينالون من عرضي ولو شئت ما نالو فقال المأمون: من يقول هذا? قال: قاضي دمشق فأشخص وجلس المأمون وأحضر علويه ودعي بالخلنجي فقال له: أنشدني قولك: برئت من الإسلام فقال: يا أمير المؤمنين هذه أبيات قلتها منذ أربعين سنة وأنا صبي، والذي أكرمك بالخلافة ما قلت شعرا منذ أربعين سنة إلا في زهد أو في عتاب صديق، فأجلسه وناوله قدحا فأرعد وبكى وأخذه وقال: والله يا أمير المؤمنين ما غيرت الماء بشيء قط مما يختلف في تحليله فقال: لعلك تريد نبيذ الزبيب أو التمر? فقال: لاوالله لا أعرف شيئا من ذلك فأخذ المأمون القدح من يده وقال: أما والله لو شربت شيئا من هذا لضربت عنقك ولقد ظننت أنك صادق في كل قولك، ولكن لا يتولى القضاء لي أبدا رجل يحلف ببراءته في الإسلام إنصرف إلى منزلك وأمر علويه أن يغير هذه الكلمة ويقول بدلها: حرمت مناي منك.

المخرمي عبد الله بن محمد بن أيوب المخرمي. روى عنه ابن صاعد وابن مخلد وآخرون. قال ابن أبي حاتم: سمعت منه مع أبي وهو صدوق. وتوفي سنة خمس وستين ومائتين. قلت كذا ذكره الشيخ شمس الدين والظاهر أنه الذي تقدم ذكر وفاته في سنة ست وخمسين ومائتين.

أبو البختري عبد الله بن محمد بن شاكر، أبو البختري البغدادي العنبري. قال الدارقطني: ثقة، صدوق. وتوفي سنة سبعين ومائتين.

النوقاني

 

صفحة : 2463

 

عبد الله بن محمد بن أحمد بن الخليل بن أحمد بن محمد بن أبي حامد ابن أسد ابم إبراهيم الخليلي النوقاني، أبو بكر. كان فقيها فاضلا عارفا بالمذهب والخلاف، مشهورا بالعلم والرواية. قدم بغداد حاجا سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وأقام بها وحدث عن والده. ومن شعره...

الكرندي اليمني عبد الله بن محمد، أبو محمد الكرندي - بفتح الكاف وكسر الراء وسكون النون - من أهل اليمن. شاعر قدم بغداد ومدح المستظهر بالله، وروى عنه أبو طاهر السلفي في معجم شيوخه ومن شعره: من البسيط

يا سر سري وروح الروح من بدني                      ويا حقيقة تحقيق نفـى وسـنـي

أنت الحياة التي تحيا الحـياة بـهـا                      يا نفس نفس بنفس النفس مقتـرن

تحقق الحق قلبي فاستـطـار لـه                      فليس يلوي على أهـل ولا وطـن

مشرد الأنس بـين الإنـس شـرده                      سماع من سمع النجـوى بـلا أذن قلت: رحى تطحن قرونا.

الأمير ابن المعتز عبد الله بن محمد - وقيل اسم أبيه الزبير - أبو العباس بن المعتز ابن المتوكل ابن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، الأمير الأديب صاحب الشعر البديع والنثر الفائق. أخذ الأدب والعربية عن المبرد وثعلب عن مؤدبه أحمد بن سعيد الدمشقي. مولده في شعبان سنة تسع وأربعين ومائتين.

قتل سرا في ربيع الآخر سنة ست وتسعين ومائتين. قامت الدولة ووثبوا على المقتدر وأقاموا ابن المعتز فقال: بشرط أن لا يقتل بسببي مسلم ولقبوه المرتضى بالله وقيل: المنصف بالله، وقيل: الغالب بالله، وقيل الراضي بالله. وأقام يوما وليلة، ثم إن أصحاب المقتدر تحزبوا واجتمعوا وتحاربوا هم وأعوان ابن المعتز وشتتوهم وأعادوا المقتدر إلى دسته، واختفى ابن المعتز في دار ابن الجصاص الجوهري، فأخذه المقتدر وسلمه إلى مؤنس الخادم الخاذن فقتله وسلمه إلى أهله ملفوفا في كساء. وقيل إنه مات حتف أنفه، وليس بصحيح بل خنقه مؤنس ودفن في خرابة إزاء داره. وقضيته مشهورة فيها طول وهذه خلاصتها. وكان شديد السمرة، مسنون الوجه، يخضب بالسواد، وكان اسم أمه قبيحة لحسنها، وله من التصانيف كتاب الزهر والرياض وكتاب البديع وكتاب مكاتبات الإخوان بالشعر وكتاب الجوارح والصيد وكتاب السرقات وكتاب أشعار الملوك وكتاب الآداب وكتاب حلى الأخبار وكتاب طبقات الشعراء وكتاب الجامع في الغناء كتاب فيه أرجوزة في ذم الصبوح. وهو أول من صنف في صنعة الشعر فوضع كتاب البديع، وقال: إن البديع اسم لفنون الشعر يذكرها فوضع كتاب البديع، وقال: إن البديع اسم لفنون الشعر يذكرها الشعراء ونقاد المتأخرين بينهم، فأما العلماء باللغة والشعراء القديم الجاهلي والمخضرمي والعربي فلا يعرفون هذا الإسم ولا يدرون ما هو قال: وما جمع فنون البديع غير ولا سبقني إليه أحد. وهو أشعر بني هاشم على الإطلاق وأشعر الناس في الأوصاف والتشبيه ليس لأحد مثل تشبيهاته، وكان يقول: إذا قلت كأن ولم أت بعدها بالتشبيه ففض الله فاي وكان يحب غلامه نشوان وجاريته شرة ولما مات قام ابن بسام يرثيه: من البسيط

لله درك من مـيت بـمـضـيعة                      ناهيك في العلم والآداب والحسب

ما فيه لو ولا ليت فتـنـقـصـه                      وإنما أدركـتـه حـرفة الأدب وقال فيه بعض الأدباء: من البسيط

لا يبعد الله عبد اللـه مـن مـلـك                      سام إلى المجد والعلياء مذ خلقـا

قد كان زين بني العباس كـلـهـم                      بل كان زين بني الدنيا حجى وتقى

أشعاره زيفت بالشعر أجـمـعـه                      وكل شعر سواها بهرج ولـقـى

 

صفحة : 2464

 

من كلام ابن المعتز بالله في الآداب والمواعظ والحكم: الأدب صورة العقل فحسن أدبك كيف شئت. إعادة الاعتذار تذكير بالذنب. في العواقب شاف أو مريح. إذا كثر الناعي إليك قام الناعي بك. العقل غريزة تربيها التجارب. العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم النصح بين الملأ تقريع. إذا تم العقل نقص الكلام. الأمل رفيق مؤنس إن لم يبلغك فقد استمعت به. لا يقوم عز الغضب بذل الاعتذار. نفاق المرء من ذله وعقوبة الحاسد من نفسه. من أحب البقاء فليعد للمصائب قلبا صبورا. علامة الكذاب جوده باليمن لغير مستحلف. من ذاد أدبه على عقله كان كالراعي الضعيف مع نعم كثيرة. إفرح بما لم تنطق به من الخطأ مثل فرحك بما لم تسكت عنه من الصواب. إذا علمت فلا تفكر في كثرة من دونك من الجهال ولكن اذكر من فوقك من العلماء. المرض سجن البدن والهم سجن الروح. الدار الضيقة العمى الأصغر. إذا هرب الزاهد من الناس فاطلبه إذا طلب الناس فاهرب منه. البشر دال على السخاء كما يدل النور على الثمر. من تملقك فقد استغمر فطنتك. الشيب أول مواعيد الفناء. لا تشن وجه العفو بالتقريع. إنما أهل الدنيا كصور في صفيحة كلما نشر بعضها طوي بعضها. العاقل لا يدعه ما ستر الله من عيوبه يفرح ما يظهر من محاسنه. أن تذم بالعطاء خير من أن تذم بالمنع. العجز نائم والحزم يقظان. من تجرى لك تجرى عليك ما عفى عن الذنب من قرع به. الحسد والنفاق والكذب أثافي الذل. أمر المكاره ما لم يحتسب. عبد الشهوة أذل من عبد الرق. لا تستبطئ الإجابة للدعاء وقد سددت طريقة بالذنوب. الناس اثنان واحد لا يكتفي وطالب لا يجد. كلما كثر خزان الأسرار ازدادت ضياعا. ما ادري أيما أمر موت الغنى أم حياة الفقر. أفقرك الوالد وعاداك. الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له. من كثر تملقه لم يعرف بشره. من أكثر المشورة لم يعدم عند الصواب مادحا وعند الخطأ عاذرا. شكرك نعمة سالفة تقتضي نعمة مستأنفه. كلما حسنت نعمة الجاهل ازداد قبحا فيها. من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم ولولا من يقبل الجود لم يكن من يجود. العالم يعرف الجاهل لأنه قد كان جاهلا والجاهل لا يعرف العارف لأنه لم يكن عارفا. كفى بالظفر للمذنب إلى الحليم. من ترفع بعلمه وضعه الله بعلمه. زلة العالم كانكسار السفينة يغرق معها خلق كثير. من كتم علما فكأنه جاهله. علم المنافق في قوله وعلم المؤمن في عمله. إنما يحبك من لا يتملقك ويثني عليك من لا يسمعك. من مدحك بما لا يليق فحقيق أن يذمك بما ليس فيك أبق لرضاك من غضبك. لا يرضى عنك الحسود حتى تموت. إذا قدمت الرحمة شبهت بالقرابة. لا تسرع إلى أرفع موضع في المجلس فالموضع الذي ترفع إليه خير من الموضع الذي تحط عنه.

إذا زادك السلطان تأنيسا فزده إجلالا. أصغر الأعداء اخفاهم مكيدة وأمضهم على المغلوب ظفرا. لو تميزت الأشياء كان الكذاب مع الجبن والصدق مع الشجاعة والتعب مع الطمع والراحة مع اليأس والحرمان مع الحرص والذل مع الدين. المعروف إليك غل لا يفكه إلا شكر أو مكافأة. إذا حضر الأجل افتضح الأمل. رأس السخاء أداء الأمانة. الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها. من كثر مزاحه لم يخل من استخفاف به أو حقد عليه. كثرة الدين تضطر الصادق إلى الكذب والمنجز إلى الإخلاف. الوعد أول العطاء وآخره إنجازه رب صديق تؤتى من جهله لا من نيته. أول الغضب جنون وآخره ندم. إنفرد بسرك لا وتودعه حازما فيزل ولا جاهلا فيخون. علم الإنسان ولده المخلد. المعروف رق والمكافأن عتق. من لم يقدم الامتحان قبل الثقة والثقة قبل الأمن أثمرت مودته ندما. الجاهل صغير وإن كان شيخا والعالم كبير وإن كان حدثا. الميت يقل الحسد له ويكثر الكذب عليه. أبخل الناس بماله أجودهم بعرضه. أذكر عند الظلم عدل الله فيك وعند القدرة قدرة الله عليك. أعرف الناس بالله أرضاهم عن أقداره الملك بالدين يبقى والدين بالملك يقوى. العجب شر آفات العقل. الخضاب من شهود الزور. الزهد في الدنيا الراحة العظمى. الظلم من اللؤم والإنصاف من الكرم. غضب الجاهل في قوله وغضب العاقل في فعله. طلاق الدنيا مهر الجنة. وقال بعض من كان يخدمه إنه خرج يوما يتنزه ومعه ندماؤه وقصد باب الحديد وبستان الناعورة وكان ذلك آخر أيامه فأحذ خزفة وكتب بالجص: من المجتث

 

صفحة : 2465

 

 

سقيا لظل زماني                      ودهري المحمود

ولى كليلة وصل                      قدام يوم صـدود قال: وضرب الدهر ضربانه ثم عدت بعد قتل ابن المعتز فوجدت خطه خفيا وتحته مكتوب: من المجتث

أف لظل زمانـي                      وعيشي المنكـود

فارقت أهلي وإلفي                      وصاحبي ووددي

ومن هويت جفاني                      مطاوعا لحسودي

يا رب موتـا وإلا                      فراحة من صدود وكان ابن المعتز حنفي المذهب لقوله من أبيات: من الطويل

فهاتا عقارا في قميص زجاجة                      كياقوتة فـي درة تـتـوقـد

وقتني من نار الجحيم بنفسهـا                      وذلك من إحسانها ليس يجحد وكان سني العقيدة منحرفا عن العلوين قال ولهذا في قصيدته البائية التي أولها: من المتقارب

ألا من لعيني وتسكابهـا                      تشكى القذى وبكاها بها ومنها: من المتقارب

نهيت بني رحمي لو وعـوا                      نصيحة بر بأنـسـابـهـا

وراموا قريشا أسود الشرى                      وقد نشبت بين أنـيابـهـا

قتلنـا أمـية فـي دارهـا                      فكنا أحـق بـأسـلابـهـا

وكم عصبة قد سفت منكم ال                      خلافة صابا باكـوابـهـا

إذا ما دنوتم تـلـقـتـكـم                      زبونا وقرت بجـلا بـهـا

ولما أبي الله ان تمـلـكـوا                      دعينا إليها فقمـنـا بـهـا

وما رد حجـابـهـا وافـدا                      لنا إذ وقفنا بـأبـوابـهـا

كقطب الرحى واقفت أختها                      دعونا لها وعلـينـا بـهـا

ونحن ورثنا ثياب الـنـبـي                      فلم تجذبون بـأهـدابـهـا

لكم رحم يا بنـي بـنـتـه                      ولن أرى العم أولى بـهـا قلت: أخذ هذا من قول منصور النمري وقول مروان ابن أبي حفصة، وسيأتي ذلك في ترجمة منصور النمري:

به نصر الله محل الحجـاز                      وأبرأها بعج أوصابـهـا

ويوم حنـين فـداعـيكـم                      وقد أبدت الحرب عن نابها

فلما علا الحبر أكـفـانـه                      هوى ملل بين أثوابـهـا

فمهلا بني عمنـا إنـهـا                      عطية رب حبانـا بـهـا

وأقسم أنكـم تـعـلـمـو                      ن أنا لها خير أربابـهـا وقد أجابه عن ذلك صفي الدين الحلي في وزنها ورويها ؛ أنشدني ذلك لنفسه إجازة: من المتقارب

ألا قل لشـر عـبـيد الإلـه                      وطاغي قريش وكذابـهـا

وباغي العباد وباغي العنـاد                      وهاجي الكرام ومغتابـهـا

أأنت تفاخـر آل الـنـبـي                      وتجحدها فضل أحسابـهـا

بكم باهل المصطفى أم بهـم                      فرد العداة بـأوصـابـهـا

أعنكم نفى الرجس أم عنهـم                      لطهر النفوس وألبـابـهـا

أما الرجس والخمر من دأبكم                      وفرط العبادة مـن دابـهـا

وقلت ورثنا ثياب الـنـبـي                      فكم تجذبون بـأهـدابـهـا

وعندك لا تورث الأنـبـياء                      فكيف حظيتم بـأثـوابـهـا

فكذبت نفسك في الحالـتـين                      ولم تعلم الشهد من صابهـا

أجدك يرضى بما قـلـتـه                      وما كان يوما بمرتـابـهـا

وكان بصفين من حزبـهـم                      لحرب الطغاة وأحزابـهـا

وقد شمر الموت عن ساقـه                      وأكشرت الحرب عن نابهـا

فأقبـل يدعـو إلـى حـيدر                      بإرغابهـا وبـإرهـابـهـا

وآثر أن يرتـضـيه الأنـام                      من الحكمين لإسهـابـهـا

ليعطي الخلافة أهلا لـهـا                      فلم يرتضـوه لإيجـابـهـا

وصلى مع الناس طول الحياة                      وحيدر في صدر محرابهـا

فهلا تقمـصـهـا جـدكـم                      إذا كان إذ ذاك أحرى بهـا

وإذ جعل الأمر شورى لهـم                      فهل كان من بعض أربابها

أخامسهم كـان أم سـادسـا                      وقد جليت بين خطـابـهـا

وقولك أنتم بـنـو بـنـتـه                      ولكن بنو العم أولى بـهـا

 

صفحة : 2466

 

 

بنو البنت أيضا بنـو عـمـه                      وذلك أدنـى لأنـسـابـهـا

فدع في الخلافة فضل الخلاف                      فليست ذلـولا لـركـابـهـا

وما أنت والفحص عن شأنهـا                      وما قمصوك بـأثـوابـهـا

وما ساورتـك سـوى سـاعة                      فما كنت أهلا لأسـبـابـهـا

وكيف يخصوك يومـا بـهـا                      ولـم تـتـأدب بـآدابـهــا

وقلت بأنـكـم الـقـاتـلـون                      أسود أمـية فـي غـابـهـا

كذبت وأسرفت فيمـا ادعـيت                      ولم تنه نفسك عن عـابـهـا

فكم حاولتهـا سـراة لـكـم                      فردت على نكص أعقابـهـا

ولولا سيوف أبـي مـسـلـم                      لعزت على جهد طـلابـهـا

وذلك عبـد لـهـم لا لـكـم                      رعى فيكم قرب أنسـابـهـا

وكنتم أسارى بطون الحبـوس                      وقد شفكم لثـم أعـتـابـهـا

فأخرجكم وحـبـاكـم بـهـا                      وقمصكم فضل جلبـابـهـا

فجازيتموه بـشـر الـجـزاء                      لطغوى النفوس وإعجابـهـا

فدع ذكر قوم رضوا بالكفـاف                      وجاءوا الخلافة من بابـهـا

هم الزاهدون هم العـابـدون                      هم العالـمـون بـآدابـهـا

هم الصائمون هم القـائمـون                      هم الساجدون بمحـرابـهـا

هم قـطـب مـلة دين الإلـه                      ودور الرحي بأقـطـابـهـا

عليك بلهوك بـالـغـانـيات                      وخل المعالي لأصحـابـهـا

ووصف العذراء ذات الخمـار                      ونعت العقار بـألـقـابـهـا

فذلك شـأنـك لا شـأنـهـم                      وجري الجياد بأحـسـابـهـا من قول ابن المعتز يفخر على العلويين من هذه المادة:من المتقارب

فأنتم بنو بنته دونـنـا                      ونحن بنو عمه المسلم ومنه أيضا: من الطويل

وأعطاكم المأمون عهد خلافة                      لنا حقها لكنه جاد بالـدنـيا ومنه: من الطويل

دعوا آل عبـاس وإرث أبـيهـم                      وإياكم منهـم فـإنـهـم هـم

ملوك إذا خاضوا الوغى فسيوفهم                      مقابضها مسك وسـائرهـا دم ومنه قوله عند الانتصار عليهم: من الطويل

قدحتم زناد الـحـرب أول مـرة                      لنا وخلعتم بيننا ربـقة الـعـهـد

وفاخرتم قوما بهم فاز قـدحـكـم                      وهم علموكم في الملا حبوة المجد

فلذنا بركن الصبر وانتصفت لـنـا                      صوارم تعدينا إذا قل من يعـدي ومن شعره: من البسيط

مستيقظ لا يفل الشك عزمـتـه                      كأن أوهامه أبـصـار أقـوام

لا يشتكي الدهر إن خطب ألم به                      إلا إلى صعدة أوحد صمصـام ومنه: من المتقارب

تفقد مساقط لحظ المريب                      فإن العيون وجوه القلوب

وطالع بوادره في الكلام                      فإنك تجني ثمار الغيوب ومنه: من مجزوء البسيط

عجل شيبي على شـبـابـي                      ولي ديون على الحـبـيب

لما تولى الصبـي سـريعـا                      صفقت وجهي على المشيب ومنه: من السريع

سابق إلى مـالـك وراثـه                      ما المرء في الدنيا بلبـاث

كم صامت يخنق أكـياسـه                      قد صاح في ميزان ميراث وقال ابن المعتز رحمه الله في ذم الصبوح: من الرجز

لي صاحب قد لامـنـي وزادا                      في تركي الصبوح ثـم عـادا

قال ألا تشـرب بـالـنـهـار                      وفي ضياء الفجر والأسحـار

إذا وشى بالليل صبح فافتضـح                      وذكر الطائر شجوا فـصـدح

والنجم في حوض الغروب وارد                      والفجر في إثر الظلام طـارد

ونفض الليل على الروض الندى                      وحركت أغصانه ريح الصبـا

وقد بدت فوق الهلال كـرتـه                      كهامة الأسود شابت لحـيتـه

فجمش الدار ببـعـض نـوره                      والليل قد رفع مـن سـتـوره

وقدت المـجـرة الـظـلامـا                      تحسبها في لـيلـهـا إذا مـا

تنفس الصبح ولمـا يشـتـغـل                      بين النجوم مثل خرق المكتهل

 

صفحة : 2467

 

 

وقال شرب اللـيل قـد آذانـا                      وطمس العقول والأذهـانـا

وشكت الجن إلـى إبـلـيس                      أنهم في أضيق الـحـبـوس

يبول في وجهـهـم ويخـرا                      ويقتل الذباب منهم صـبـرا

أما ترى البستان كـيف نـورا                      ونشر المنثور بردا أصفـرا

وضحك الورد إلى الشـقـائق                      واعتنق القطر اعتناق الوامق

في روضة كحلة الـعـروس                      وخرم كـهـامة الـطـاوس

وياسمين في ذرى الإغصـان                      منظما كقطـع الـعـقـيان

والسرو مثل قضب الزبرجـد                      قد استمد الماء من ترب نـد

علـى رياض وثـرى ثـري                      وجدول كالمبرد المـجـلـي

وفرش الخشخاش جيبا وفتـق                      كأنه مصاحف بيض الـورق

حتى إذا ما انتشرت أوراقـه                      وكـاد أن ينـأد ريا سـاقـه

صار كأقداح من الـبـلـور                      كأنما تجسمـت مـن نـور

وبعضه عريان من أثـوابـه                      قد خجل البائس من أصحابـه

تبصره بعد انتـثـار الـورد                      مثل الدبابيس بأيدي الجـنـد

والسوسن الآزاذ منشور الحلل                      كقطن قد مسه بعض البلـل

نور في حاشيتي بـسـتـانـه                      ودخل الميدان في ضمـانـه

وقد بدت في ثمار الكنـكـر                      كأنها جماجم مـن عـنـبـر

وحلق البـهـار فـوق الآس                      جمجمة كهامة الـشـمـاس

حيال شيح مثل شيب النصـف                      وجوهر من زهر مختـلـف

وجلنار كاحـمـرار الـخـد                      أو مثل أعراف ديوك الهنـد

والأقحوان كالثـنـايا الـغـر                      قد صقلت أنواره بالقـطـر

قل لي أهذا حسن بـالـلـيل                      ويلي مما تشتهي وعـولـي

وأكثر الفضول والأوصـافـا                      فقلت قد حببت لي الخـلافـا

بت عندنا حتى إذا الصبح سفر                      كأنه جدول ماء منـفـجـر

قمنا إلـى زاد لـنـا مـعـد                      وقهوة صراعة لـلـجـلـد

كأنما حبابهـا الـمـنـشـور                      كواكب فـي فـلـك تـدور

ومسمع يلـعـب بـالأوتـار                      أرق من نائحة الـقـمـاري

ولا تقل لي قد ألفت منزلـي                      فتفسد القول بعذر مشـكـل

فقال هـذا أول الـجـنـون                      متى ثوى الضب بوادي النون

دعوتكم إلى الصبـاح ثـم لا                      أكون فيه إذ أجـبـتـم أولا

لي حاجة لا بد من قضـائهـا                      فتستريح النفس من عنـائهـا

ثم أجي والصبح في عـنـان                      من قبل أن يغـفـر بـالأذان

ثم مضى يوعد بـالـبـكـور                      وهز رأس فرح مـسـرور

فقمت منه خائفا مـرتـاعـا                      وقلت ناموا ويحكم سـراعـا

لتأخذ العـين مـن الـرقـاد                      حضا إلى تغليسة المـنـادي

فمسحت جنوبنا المضاجـعـا                      ولم أكن للنوم قبـل طـائعـا

ثمت قمنا والظلام مـطـرق                      والطير في أوكارها لا تنطق

وقد تبدى النجم فـي سـواده                      كحلة الراهب فـي حـداده

ونحن نصغي السمع نحو الباب                      فلم نجد حسا مـن الـكـذاب

حتى تبدت حمرة الصـبـاح                      وأوجع للندمان سوط الـراح

وقامت الشمس على الرؤوس                      وملك السكر على النـفـوس

جاء بوجة بارد الـتـبـسـم                      مفتضح لما جنـى مـذمـم

يعثر وسط الدار مـن حـيائه                      وينتف الأهـداب مـن ردائه

فعطعط القوم به حتى سـدر                      وافتتح القول بعي وحـصـر

وقال يا قوم اسمعوا كلامـي                      لا تسرعوا ظلما إلى ملامي

فجـاءنـا بـقـصة كـذابـه                      لم يفتح القلب لهـا أبـوابـه

 

صفحة : 2468

 

 

كعذر العـينـين يوم الـسـابـع                      إلى عروس ذات فـرج ضـائع

قال اشربوا فقلت قـد شـربـنـا                      أتيتنا ونـحـن قـد سـكـرنـا

فلم يزل بـشـأنـه مـنـفـردا                      يرفع بالـكـأس إلـى فـيه يدا

والقوم مـن مـعـذر نـشـوان                      أو غرق في نـومـه وسـنـان

كأنـه آخـر خـيل الـحـلـبـه                      له من السواس ألـف ضـربـه

مجتهـدا كـأنـه قـد أفـلـحـا                      يطلع في آثارهـا مـقـبـحـا

فاسمع فإني للصـبـوح عـائب                      عندي من أخـبـاره عـجـائب

إذا أردت الشرب عند الـفـجـر                      والنجم فـي لـجة لـيل يسـري

وكان بـرد فـالـنـديم يرتـعـد                      وريقه على الثنـايا قـد جـمـد

وللغلام ضجـرة وهـمـهـمـه                      وشتمة في صدره مجمـجـمـه

يمشي بلا رجل من الـنـعـاس                      ويدفق الكأس علـى الـجـلاس

ويلـعـن الـمـولـى إذا دعـاه                      ووجهـه إن جـاء فـي فـقـاه

وإن أحـس مـن نـديم صـوتـا                      قال مجيبـا طـعـنة ومـوتـا

وإن يكن للقـوم سـاق يعـشـق                      فجفنـه بـجـفـنـه مـدبـق

ورأسه كمثل فـرو قـد مـطـر                      وصدغه كالصولجان المنكـسـر

أعجل من مسـواكـه وزينـتـه                      وهيئة تنضر حسـن صـورتـه

فجاءهم بـفـسـوة الـلـحـاف                      محمولة في الثوب والأعطـاف

كأنـه عـض عـلـى دمــاغ                      متـهـم الأنـفـاس والأرفـاغ

يخدمهم بشـفـشـج مـحـلـول                      ويحمل الـكـأس بـلا مـنـديل

فإن طردت البرد بـالـسـتـور                      وجئت بالكانـون والـسـمـور

فأي فضل للـصـبـوح يعـرف                      على الغبوق والظلام مـسـدف

ولو دسست في است محموم لمـا                      نجا من القر إذا مـا صـمـمـا

تحـس مـن رائحة الـشـمـائل                      صرصرة ترسب في المفاصـل

وقد نسـيت شـرر الـكـانـون                      كأنـه نـثـار ياســمـــين

يرمي به الجمـر إلـى الأحـداق                      إن رمى قرطس فـي الآمـاق

وترك البساط بـعـد الـخـمـد                      ذا نقط سود كجـلـد الـفـهـد

وقطع المـجـلـس بـاكـتـئاب                      وذكرحرق الـنـار لـلـثـياب

ولم يزل للقوم شـغـلا شـاغـلا                      وأصبحت جبابـهـم مـنـاخـلا

حتى إذا ما ارتفعت شمس الضحى                      قيل فـلان وفـلان قـد أتــى

وربما كـان ثـقـيلا يحـتـشـم                      فطول الكـلام حـينـا وجـثـم

ورفـع الـريحـان والـنـبـيذ                      وزال عنـا عـيشـنـا الـلـذيذ

ولست في طول النهـار آمـنـا                      من حادث لم يك قـبـل كـائنـا

أو خـبـر يكـره أو كـتــاب                      يقطع طبيب اللهـو والـشـراب

فاسمع إلى مشالب الـصـبـوح                      في الصيف قبل الطائر الصدوح

حين حلا النوم وطاب المضجـع                      وانحسر الليل ولذ الـمـهـجـع

وانهـزم الـبـق وكـن رتـعـا                      على الدمـاء واردات شـرعـا

من بعد ما قد أكلـو الأجـسـادا                      وطيروا عن الـورى الـرقـاد

فقـرب الـزاد إلــى نـــيام                      ألسـنـهـم ثـقـيلة الـكـلام

من بعد أن دب علـيه الـنـمـل                      وحـية تـقـذف سـمـا صـل

وعقـرب مـحـذورة قـتـالـه                      وجـعـل فـوارة بـوالـــه

وللمغني عارض فـي حـلـقـه                      ونعسة قد قدحت فـي حـذقـه

وإن أدرت الشرب بعد الفـجـر                      والصبح قد سل سيوف الـحـر

فساعة ثـم تـجـيك الـدامـغة                      بنارهـا فـلا تـسـوغ سـائغة

ويسخن الـشـراب والـمـزاج                      ويكثر الخـلاف والـضـجـاج

من معشر قد جرعوا الحمـيمـا                      وطمعوا من زادهم سـمـومـا

وغيمت أنفاسـهـم أقـداحـهـم                      وعذبت أقداحـهـا أرواحـهـم

 

صفحة : 2469

 

 

وأولعو بالحـك والـتـفـرك                      وعصت الآباط أمر المرتـك

وصار ريحانهـم كـالـقـت                      فكلهم لكلـهـم ذو مـقـت

وبعضهم يمشي بلا رجـلـين                      ويأخـذ الـكـأس بـلا يدين

وبعضهم محـمـرة عـينـاه                      من السموم محـرق خـداه

وبعضهم عند ارتفاع الشمـس                      يحس جوعا مؤلما للنـفـس

فإن أسر ما بـه تـهـوسـا                      ولم يطق في ضعفة تنفسـا

وطاف في أصداغه الصـداع                      ولم يكن بمثلـه انـتـفـاع

وكثرت حـدتـه وضـجـره                      وصار كالجمر يطير شرره

وهم بالـعـربـدة الـوحـيه                      وصرف الكاسات والتـحـيه

وظهرت سبعية في خلـقـه                      ومات كل صاحب من فرقه

وإن دعا الشقي بالـطـعـام                      خيط جفنيه على الـمـنـام

وكلما جاءت صلاة واجـبـه                      فسا عليها فتولـت هـاربـه

فكدر العـيش بـيوم أبـلـق                      أقطاره بلهوه لـم تـلـتـق

فمن أدام لـلـشـقـاء هـذا                      من فعله والـتـذه الـتـذاذا

لم يلـف إلا دنـس الأثـواب                      مهوسا بهوس الأصـحـاب

يزداد مهنوا وضنى وسقـمـا                      ولا تراه الدهـر إلا فـدمـا

ذا شارب وظـفـر طـويل                      ينغص الزاد علـى الأكـيل

ومقلة مبـيضة الـمـآقـي                      وأذن كـحـقة الـــدرياق

وجسد عليه جلد مـن وسـخ                      كأنه شرب نفطا أو لـطـخ

تخال تحت إبطـه إذا عـرق                      لحية قاض قد نجا من الغرق

وريقة كمثل طـوق مـن أدم                      وليس من ترك السواك يحتشم

في صدره من واكف وقاطر                      كأثر الذرق على الكـنـادر

هذا ومـا تـركـت أكـثـر                      فجربوا ما قلتـه وفـكـروا قلت: إنما أثبت هذه المزدوجة بطولها لما فيها من بدائع التشبيه وغرائب الاستعارة وقد عارضه فيها الشريف أبو الحسن علي بن الحسين بن حيدرة العقيلي وعكس مقصوده ومدح فيها الصبوح ولكن ليست كهذه فتانة، فإن هذه درة يتيمة وتلك مرجانة وسوف تأتي إن شاء الله تعالى في ترجمة المذكور في مكانه.

ومنه: من الطويل

وطافت بأقداح المدامة بيننـا                      بنات نصارى قد تزين بالخفر

وتحت زنانير شددن عقودهـا                      زنانير أعكان معاقدها السرر قلت: نقل هذا المعنى التهامي من هنا فقال: من البسيط

وغادرت في العدا طعنا يحف بـه                      ضرب كما حفت الأعكان بالسرر ومنه: من الطويل

ألست ترى شيبا لرأسي مـاثـلا                      ونت حيلي عنه وضاق به ذرعي

كأن المناقيش التي تعـتـورنـه                      مناقير طير تتقي سنبل الـزرع ومنه: من الكامل

ومحجل غر اليمين كـأنـه                      متبخر يمشي بكم مسـبـل

متلثم لجم الحديد يلـوكـهـا                      لوك الفتاة سواكها من إسحل ومنه في روضة: من البسيط

تضاحك الشمس أنوار الرياض بها                      كأنما نثرت فـيهـا الـدنـانـير

وتأخذ الريح من دخانها عـبـقـا                      كأن تربتها مـسـك وكـافـور ومنه: من البسيط

والريح تجذب أطراف الرداء كما                      أفضى شفيق إلى تنبيه وسنـان ومنه: من الطويل

وأصبح يحدي للنوى كل بـازل                      سفينة أسفار على الأرض تسبح

وقد ثقلت أخفافه فـكـأنـهـا                      من الأين أرحاء تشال وتطرح ومنه: من الوافر

وفتيان سروا والـلـيل داج                      وضوء الصبح متهم الطلوع

كأن بزاتهم أمـراء جـيش                      على أكتافهم صدأ الـدروع ومنه في الهلال والثريا: من المنسرح

قد انقضت دولة الصيام وقد                      بشر سقم الهلال بالـعـيد

بتلو الثريا كفاغـر شـره                      يفتح فاه لأكل عـنـقـود ومنه: من الكامل

في ليلة أكل المحاق هلالها                      حتى تبدي مثل وقف العاج

 

صفحة : 2470

 

 

والصبح يتلو المشتري فكـأنـه                      عريان يمشي في الدجى بسراج ومنه: من الطويل

وقد صغت الجوزاء حتى كأنـهـا                      وراء نجوم هاويات هاويات وغور

صنوج على رقاصة قد تمـايلـت                      لتلهي شربا بـين دف ومـزهـر ومنه في الحية: من البسيط

كأنها حين تبدو من مكامنـهـا                      غضن تفتح فيه النور والورق

يستل منها لسان تستغـيث بـه                      كما تعوذ بالسبـابة الـفـرق ومنه: من الوافر

أطال الدهر في بغداذ همتي                      وقد يشقى المسافر أو يفوز

ظللت بها على كرهي مقيما                      كعنين تعانقـه عـجـوز ومنه: من المتقارب

إذا ما طعنا بطون الـدنـان                      وسار دم الكرم منهن سورا

كأن خراطيمها في الزجاج                      خراطيم نحل ينقين نـورا ومنه: من السريع

كأنما أقداحـنـا فـضة                      قد بطنت بالذهب الأحمر ومنه: من الوافر

كأن بكاسها نارا تـلـظـى                      ولو لا الماء كان لها حريق

كأن غمامة بيضاء بـينـي                      وبين الراح تحرقها البروق ومنه: من السريع

يا رب لـيل سـحـر كـــلـــه                      مفتضح البـدر عـلـيل الـنـسـيم

لم أعرف الإصباح الإصباح في ضوئه                      لمـا بـدا إلا بـسـكـر الـنــديم صاحب الأندلس عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان الحكم بن هشام بن عبد الرحمان ابن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية عبد شمس بن عبد مناف بن قصي الأموي المرواني صاحب الأندلس. ولي الأمر بعد أخيه المنذر بن محمد، وطالت أيامه وبقي خمسا وعشرين سنة. وكان من الأمراء العادلين الذين يعز وجودهم. وكان صالحا تقيا كثير العبادة والتلاوة رافعا علم الجهاد ملتزما للصلوات في الجامع. وله غزوات مشهورة. وكان أديبا عالما. توفي في غرة شهر ربيع الآخر سنة ثلاثمائة وبلغ من السن اثنتين وسبعين سنة، وسوف يأتي ذكر أخيه المنذر في حرف الميم مكانه إن شاء الله تعالى. قال صاحب الريحان والريعان: ثم وليها عبد الله بن محمد ولاية منحلة وقد كان الناس سئموا الحرب والفتنة فانصدعوا في كل جهة، ثم ثابت المملكة بظفره بحصون ابن حفصون والوقايع التي أوقع به، ووفر على المسلمين وأنمى لهم بيت مالهم فلم يمد يدا إليهم واقتصر على مؤنته وعلى مؤنة من يعوله من مال نفسه وخاصة كسبه وحل ميراثه، وحمل على ذلك ولده وسائر خاصته فلم ينفق من مال الله شيئا إلا في موضعه من الذب عن بلاد المسلمين وحوزة الدين، وكان روعا. ومن شعره: من المنسرح

لهفي على شادن كجيل                      في مثله يخلع العـذار

كأنما وجـنـتـاه ورد                      خالط محمره البهـار

قضيب بان إذا تنـثـى                      يدير طرفا به أحورار

يصفو وحبي عليه وقف                      ما اطرد الليل والنهار ومنه: من السريع

يا كبد العشـاق مـا أوجـعـك                      ويا أسير الحب ما أخضـعـك

ويا رسول العين من لحظـهـا                      بالرد والتبليغ مـا أسـرعـك

تنطق بالسـحـر وتـأتـي بـه                      في مجلس يخفى على من معك ومنه: من مجزوء الرمل

هذه الدار التـي قـد                      كنت من قبـل أزور

قد محاها الدهر بعدي                      مثل ما تمحى المطور

عج بها حتـى يوفـي                      حقها القلب الصبـور

ما قلوب لم تذب بـع                      د النوى إلا صخـور

 

صفحة : 2471

 

وكان جميلا يملأ العين بهاء، وكان متواضعا يلازم الصلوات في الجامع ليلا ونهارا، وكان يشاور العلماء ويزورهم، وكان متصرفا في العلوم إلا أنه ينسب إلى البخل المفرط الذي آل به إلى فساد ملكه، وقاسى من بخله سبطه الناصر إلا أنه اختص بخدمته من صغره، من ذلك أنه خرج معه يوما فنزل عن فرسه لقضاء صلاة فهرب الفرس وتعب أصحاب الموكب في أمره حتى أخذوه فقال له: يا عبد الرحمان مالي أراك بغير خصي يحفظ دابتك ? فقال له الناصر: ليس يفضل لي من راتبي ما اتخذه به؛ فقال: إذا انصرفنا إلى القصر ذكرني؛ فلما ذكره وهو لا يشك أن الوصيف حاصل أمر له بشكيمة مليحة. وكتب عنه الناصر كتابا أرضاه به، فقال له: قم إلى تلك الطاق فخذ تلك الدجاجة بما معها من الرقاق فقد آثرتك بها مبارك لك فيها.

ابن البندار عبد الله بن محمد بن الحسين بن ناقيا بن داود، أبو القاسم بن أبي الفتح الحنفي الشاعر المعروف بابن البندار البغدادي. قال محب الدين ابن النجار: هكذا رأيت اسمه بخط يده، ورأيت بخط عبد الوهاب الأنماطي اسمه عبد الباقي. ذكر في عبد الباقي.

ابن القلعي عبد الله بن محمد بن الحسين الأواني، أبو محمد الكاتب المعروف بابن القلعي أخو محمد. كان أديبا شاعرا، وورى عن الشريف مسعود بن المحسن البياضي وأبي علي بن الشبل وأبي القاسم بن ناقيا، وورى عنه أبو طاهر السلفي في معجم شيوخه.

أترجه الشاعر عبد الله بن محمد بن داود الهاشمي أترجة. كان شاعرا مدح المستعين بالله. قال: دخلت على المستعين وقد خرج من الكرخ فأنشدته: من الطويل

غدوت بسعد غـدوة لـك بـاكـره                      فلا زالت الدنيا بملكـك عـامـره

ونال مواليك الغنى بك مـا بـقـوا                      وعزوا وعزت دولة لك ناضـره

بقيت علينا غـيث جـود ورحـمة                      فنلنا بدنيا منك فـضـلا وآخـره

فلا خائف إلا بسـطـت أمـانـه                      ولا معدم إلا سـددت مـفـاقـره

تبين سبق المستعـين بـفـضـلـه                      على غيره نعماء في الناس ظاهره فدفع إليه خريطة فيها دنانير ودعا بغالية فجعل يغلفه بيده.

الوزير الخاقاني عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان: أبو القاسم الوزير ابن أبي علي الوزير. ولي الوزارة للمقتدر بعد ابن الفرات برأي مؤنس الخادم سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة. وكان رجلا قد مارس وجرب وتكهل. وكان حسن البلاغة والأدب مليح الخط جوادا. قبض عليه سنة ثلاث عشرة فكانت وزارته ثمانية عشرة شهرا، ووكل به في منزله، ولم يزل عليلا بالسل إلى أن توفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة، وسيأتي ذكر جده.

أبو محمد الحافظ البربري عبد الله بن محمد بن ناجية بن نجبة، أبو محمد البربري ثم البغدادي الحافظ. كان ثقة ثبتا ممتعا بإحدى عينيه. توفي عن سن عالية سنة إحدى وثلاثمائة. سمع أبا معمر الهذلي وسويد بن سعيد وعبد الواحد بن غياث وأبا بكر بن أبي شيبة وعبد الأعلى بن حماد وطبقتهم. وعنه أبو بكر الشافعي والجعابي وأبو القاسم بن النحاس وإسحاق النعالي.

ابن مقير عبد الله بن محمد بن حيان بن فروخ، أبو محمد بن مقير - بضم الميم وفتح القاف وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء. سمع محمود بن غيلان وعبد الله بن عمر بن أبان وغيرهما، وعنه محمد بن مخلد وإسماعيل الخطبي وأبو علي ابن الصواف وأبو بكر ابن الإسماعيلي. وكان ثقة. توفي سنة إحدى وثلاثمائة.

السمناني عبد الله بن محمد بن عبد الله، أبو الحسين السمناني. من أعيان المحدثين بخراسان وثقاتهم. سمع إساق بن راهويه وهشام بن عمار وعيسى بن زغبة وأبا كريب. وعنه علي بن حمشاد ومحمد بن يعقوب بن الأخرم وأبو عمرو بن حمدان. توفي سنة ثلاث وثلاثمائة.

أبو محمد بن شيرويه

 

صفحة : 2472

 

عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن شيرويه بن أسد بن أعين القرشي النيسابوري الفقيه، أبو محمد. أحد كبار نيسابور، له مصنفات كثيرة تدل على نبله. سمع المسند من ابن راهويه، وسمع خالد بن يوسف السمتي وعبد الله بن معاوية الجحمي وعمرو بن زرارة وأحمد بن منيع وأبا كريب. وعنه ابن خزيمة ومحمد بن يعقوب بن الأخرم والحسين بن علي الحافظ. قال؛ قال لي بندار: أرني ما كتبته عني، قال: فجمعت ما كتبته في أسفاط وحملتها إليه على ظهر حمال فنظر فيها وقال: يا ابن شيرويه أفلستني وأفلسك الوراقون - يعني النساخ. قال الشيخ شمس الدين: وقع لنا حديثه عاليا. وتوفي سنة خمس وثلاثمائة.

القزويني القاضي الشافعي عبد الله بن محمد بن جعفر، أبو القاسم القزويني الفقيه الشافعي. ولي نيابة الحكم بدمشق، وقضاء الرملة، وسكن مصر وحدث عن يونس بن عبد الأعلى ومحمد بن عوف الجمحي والربيع بن سليمان المرادي، وعنه عبد الله بن السقاء الحافظ وأبو بكر بن المقرئ وابن عدي ويوسف الميانجي ومحمد بن المظفر وجماعة. قال ابن المقرئ: رأيتهم يضعفونه وينكرون عليه أشياء: وقال ابن يونس: كان محمودا فيما يتولاه وكانت له حلقة للاشتغال. وقال: خلط في آخر عمره، ووضع أحاديث على متون فافتضح. وقال الشيخ شمس الدين: وضعفه جماعة.

الحافظ أبو بكر الإسفراييني عبد الله بن محمد بن مسلم، أبو بكر الاسفراييني الحافظ، احد المجودين الأثبات الطوافين. سمع محمد بن يحيى الذهلي، والحسن بن محمد الزعفراني، وأبا زرعة الرازي، ويونس بن عبد الاعلى، وحاجب بن سليمان، والعباس بن الوليد بن مزيد. وعنه أبو عبد الله ابن الأخرم، وأبو علي الحافظ، وأبو أحمد الحاكم، ومحمد بن الفضل بن خزيمة وآخرون. وتوفي سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.

أبو القاسم البغوي عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان بن سابور؛ أبو القاسم البغوي الأصل البغدادي، مسند الدنيا وبقية الحفاظ. ولد ببغداد في أول شهر رمضان سنة أربع عشرة ومائتين، وتوفي ليلة عيد الفطر سنة سبع عشرة وثلاثمائة. سمع علي بن الجعد وخلف بن هشام وأبا نصر التمار ويحيى الحماني وعلي ابن المديني وأحمد بن حنبل وشيبان بن فروخ وداود بن عمرو الضبي وخلقا كثيرا أزيد من ثلاثمائة. وروى عنه جماعة لا يحصيهم إلا الله تعالى لأنه طال عمره وتفرد في الدنيا بعلو السند. قال الدارقطني: كان البغوي قليل الكلام على الحديث فإذا تكلم كان كلامه كالمسمار في الساج. وآخر من روى عنه عاليا أبو المنجا ابن اللتي. قال الخطيب: كان ثقة ثبتا فهما عارفا وله معجم الصحابة في مجلدين، يدل على سعة حفظه وتبحره وكذلك تأليفه الجعديات أحسن ترتيبها وأجاد تأليفها.

أبو القاسم الرازي عبد الله بن محمد بن عبد الكريم بن يزيد بن فروخ بن داود، أبو القاسم الرازي ابن اخي الحافظ أبي زرعة. ولاؤهم لبني مخزوم. يروي عن عمه ويونس بن عبد الأعلى وأحمد بن منصور الرمادي ويوسف بن سعد بن مسلم ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، والعراقيين والرازيين والمصريين. روى عنه والد أبي نعيم والحسن بن إسحاق بن إبراهيم وابن المقرئ ومحمد بن عبيد الله الذكواني وكان صاحب أصول، ثقة. وتوفي سنة عشرين وثلاثمائة.

أبو بكر الشافعي الحافظ عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل، أبو بكر النيسابوري الحافظ الفقيه الشافعي مولى آل عثمان بن عفان. سمع محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف وعبد الله بن هاشم وأحمد بن الأزهر ببلده، ويونس والربيع وأحمد ابن أخي ابن وهب وأبا إبراهيم المزني المصريين، وأبا رزعة الرازي والعباس ابن الوليد البيروتي والحسن بن محمد الزعفراني والرمادي وعلي بن حرب ومحمد ابن عوف وهذه الطبقة. وعنه ابن عقدة وأبو علي النيسابوري وحمزة الكناني وأبو إسحاق ابن حمزة الإصبهاني والدارقطني وابن المظفر، حفاظ الدنيا وغيرهم. قال الحاكم: كان إمام عصره في الشافعية بالعراق من أحفظ الناس للفقيهات، وكان يعرف زيادات الألفاظ في المتون، ولما قعد للتحديث قالوا: حدث قال: بل سلوا فسئل عن أحائيث أجاد فيها. وتوفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.

ابن الشرقي

 

صفحة : 2473

 

عبد الله بن محمد بن الحسن، أبو محمد الشرقي، أخو أبي حامد. كان أسن منه الذهلي وعبد الله بن هاشم وعبد الرحمان بن بشر وأحمد ابن الأزهر وأحمد بن يوسف وأحمد منصور زاج، وعنه أحمد بن إسحاق الصبغي وأبو علي الحافظ ويحيى بن إسماعيل الحربي وعبد الله بن حامد الواعظ وغيرهم. قال الحاكم: توفي وله اثنتان وتسعون سنة، ورأيته وكأن أذنيه مروحتان وأصحاب المحابر بين يديه ولم أرزق السماع منه وكان أوحد وقته في الطب ولم يدع الشرب إلى أن مات فلذلك نقموا عليه، وكان أخوه لا يرى لهم يرى لهم السماع منه لذلك. وتوفي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.

حامض رأسه عبد الله بن محمد بن إسحاق بن يزيد، أبو القاسم المروزي الأصل البغدادي المعروف بحامض رأسه وبالحامض. سمع الحسن بن أبي الربيع وسعدان بن نصر وأبا يحيى العطار وأبا أمية الطرطوسي وغيرهم، وعنه أبو عمر بن حيويه والدارقطني وأبو بكر الأبهري والمعافى الجريري وعمر ابن أحمد الواعظ. وتوفي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

الكلاباذي الحنفي عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث بن خليل، أبو محمد الكلاباذي البخاري الفقيه شيخ الفقيه الحنفية بما وراء النهر يعرف بعبد الله الأستاذ. كان كبير الشأن كثير الحديث إماما في الفقه. روى عن عبيد الله بن واصل وعبد الصمد بن الفضل وحمدان بن ذي النون وغيره. وعنه أبو طيب عبد الله بن محمد ومحمد بن الحسن بن منصور النيسابوريان وجماعة. سئل عنه أبو زرعة الرازي فقال: ضعيف. وقال الحاكم هو صاحب عجائب عن الثقات. وقال الخطيب: لا يحتج به. وتوفي سنة أربعين وثلاثمائة.

أبو بكر لإصبهاني القاضي عبد الله بن محمد بن الحسن بن الخصيب بن الصقر، أبو بكر الإصبهاني الشافعي. ولي قضاء دمشق وقضاء مصر ثم قضاء دمشق من جهة الخليفة المطيع، وصنف كتابا في الفقه سماه المسائل المجالسية وحديثه في الخلعيات. توفي سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة.

القرطبي ابن الصفار عبد الله بن محمد بن مغيث، أبو محمد الأنصاري القرطبي ابن الصفار، والد القاضي الجماعة أبي الوليد يونس. كان أديبا شاعرا بليغا كاتبا مع عبادة وتواضع. صنف للحكم المستنصر كتاب شعراء بني أمية فأجاد وجاء به في مجلد واحد. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة. وروى عن خالد ابن سعد وأحمد بن سعيد بن حزم وإسماعيل بن بدر وجماعة.

?أبو أحمد الشافعي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع، أبو أحمد بن المفسر الفقيه الشافعي نزيل مصر. سمع أحمد بن علي بن سعيد المروزي وعبد الرحمان بن القاسم بن الرواس وعلي بن غالب السكسكي ومحمد بن إسحاق ابن اهويه. وانتقى عليه أبو الحسن الدارقطني وحدث عنه الحفاظ عبد الغني وابن مندة وأحمد بن محمد بن أبي العوام وجماعة. وتوفي سنة خمس وستين وثلاثمائة.

أبو الشيخ ابن حيان الإصبهاني عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان، أبو محمد الإصبهاني الحافظ أبو الشيخ صاحب التصانيف. ولد سنة أربع وسبعين ومائتين وتوفي سنة تسع وستين وثلاثمائة. وسمع في صغره جده لأمه محمود بن الفرج الزاهد وإبراهيم بن سعدان ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن حفص رئيس إصبهان ومحمد ابن أسد المديني وأحمد بن محمد بن علي الخزاعي، وسمع بالبصرة وببغداد وبمكة وبالموصل بالري. كان حافظا عارفا بالرجال والأبواب. صنف تاريخ بلده والتأريخ على السنين وكتاب السنة وكتاب العظمة وكتاب ثواب الأعمال وكتاب السنن. قال الشيخ شمس الدين: وقد وقع لنا أشياء من حديثه وتخاريجه. وروى عنه أبو سعد الماليني وأبو بكر بن مردويه وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمان الشيرازي وأبو نعيم ومحمد أبي علي بن سمويه المؤدب وسفيان بن حسنكويه.

القباب عبد الله بن محمد بن محمد بن فورك بن عطاء،أبو بكر الأصبهاني المقرئ القباب، وهو الذي يعمل المحابر. كان مسند إصبهان في عصره ومقرئها. سمع محمد بن إبراهيم الجيراني سنة ثمان وسبعين ومائتين وأبا بكر بن أبي بكر عاصم بن عبد الله بن محمد بن النعمان وعلي بن محمد الثقفي وطائفة. وقرأ القرآن على أبي الحسن محمد بن أحمد بن شنبوذ. وروى عنه أبو نعيم والفضل ابن أحمد الخياط وعلي بن أحمد بن مهران الصحاف وجماعة. وتوفي سنة سبعين وثلاثمائة.

الحافظ ابن السقاء

 

صفحة : 2474

 

عبد الله بن محمد بن عثمان بن المختار المزني الحافظ، أبو محمد ابن السقاء الواسطي محدث واسط. توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة. سمع أبا خليفة وزكرياء الساجي وأبا يعلي الموصلي وعبدان الأهوازي موسى ابن سهل الجوني ومحمد بن الحسين ابن مكرم وجماعة. وروى عنه الدار قطني وأبو الفتح يوسف القواس وأبو العلاء محمد بن علي وعلي بن احمد ابن داود الرزاز وأبو نعيم الحافظ. وقال الدارقطني وابن المظفر: لم نر مع ابن السقاء كتابا وإنما حدثنا حفظا.

ابن الباجي عبد الله بن محمد بن علي بن شريعة بن رفاعة اللخمي المعروف بابن الباجي، أبو محمد الإشبيلي. سمع محمد بن عبد الله بن القوف والسيد أبيه الزاهد وسعيد بن جابر وغيرهم. وكان حافظا ضابطا متقنا بصيرا بمعاني الحديث. وقال ابن الفرضي: لم أحدا أفضله أحد عليه في الضبط. وروى الناس عنه كثيرا، وتوفي سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة.

القاضي أبو محمد البعلبكي عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان القاضي أبو محمد البعلبكي. حدث عن أبي الجهم بن طلاب وابن جوصا وأبي الدحداح أحمد بن محمد وأبي العباس الزفتي أبي بكر الخرائطي وطائفة، وعنه الوليد بن بكر الأندلسي ومكي بن الغمر وجماعة. وتكلموا فيه. وتوفي سنة ثمانين وثلاثمائة.

والد ابن عبد البر عبد الله بن محمد بن عبد البر، أبو محمد النمري القرطبي الفقيه المالكي والد الإمام أبي عمر يوسف. تفقه على التجيبي ولازمه، وسمع من أحمد بن مطرف واحمد بن حزم، وكان صالحا عابدا مجتهدا. توفي سنة ثمانين وثلاثمائة.

أبو سعيد القرشي الصوفي عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب بن نصير بن عبد الوهاب بن عطاء ابن واصل، أبو سعيد القرشي الرازي الصوفي. حج ودخل الشام ومصر وجاور وأقام بنيسابور مدة، وصحب الزاهد أبا علي الثقفي، وحدث عن محمد بن أيوب الرازي بن الضريس ويوسف بن عاصم وروى عنه جماعة. وتوفي سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة.

أبو محمد القلعي عبد الله بن محمد بن القاسم بن حزم، أبو محمد الأندلسي القلعي. رحال جوال، سمع أبا القاسم علي بن أبي العقب وجماعة بدمشق، وأبا بكر الشافعي وأبا علي بن الصواف ببغداد، وإبراهيم بن علي الهجيمي بالبصرة، وأبا جعفر بن دحيم بالكوفة، وعبد الله بن الورد بمصر، ووهب بن مسرة بالأندلس. وروى عنه أبو الوليد بن الفرضي. وكان شيخا جليلا زاهدا شجاعا مجاهدا ولاه المستنصر بالله الحكم للقضاء فاستعفى، وأصله من قلعة أيوب بالأندلس. وكان فقيها صلبا الحق ورعا، وكانوا يشبهونه بسفيان الثوري في زمانه، وكان ثقة مأمونا، أخذ الناس عنه الكثير، وكان يقف وحده للفئة من المشركين. قال ابن الفرضي: سمعت منه علما كثيرا. وتوفي سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة.

البشتي الصوفي عبد الله بن محمد بن نافع، أبو العباس البشتي - بالشين المعجمة - الصوفي. ورث من آبائه أملاكا كثير فأنفقها في الخير، وكان كثير العبادة بقي سبعين سنة لا ستند إلى حائظ ولا يتكي على وسادة. حج من نيسابور حافيا راجلا، وأقام بالقدس أشهرا، ودخل الغرب وحج من الغرب، ورجع إلى بشت، وتصدق ببقية أملاكه، وتوفي سنة أربع وثمانين وثلاثمائة.

ابن كلاب عبد الله بن محمد بن كلاب القطان. ذكره محمد بن إسحاق في كتاب الفهرست. قال محب الدين بن النجار - ونقلته من خطه - فقال: ابن كلاب من نابتة الحشوية وله مع عباد بن سلمان مناظرات وكان يقول إن كلام الله هو الله، وكان عباد يقول: إنه نصراني فهذا القول. قال أبو العباس البغوي: دخلنا على فشيون النصراني وكان في دار الروم بالجانب الغربي فجرى الحديث إلى أن سالته عن ابن كلاب فقال : رحم الله عبد الله كان يجيئني فيجلس إلى تلك الزواية - وأشار إلى ناحية من البيعة عن، وعني أخذ هذ القول ولو عاش لنصرنا المسلمين قال البغوي، وسأله محمد بن إسحاق الطالقاني فقال: ما تقول في المسيح? فقال: ما يقوله أهل السنة من المسلمين في القرآن قال النديم: ولعبد الله من الكتب كتاب الصفات، كتاب خلق الأفعال كتاب الرد على المعتزلة. وقد تقدم في عبد الله ابن سعيد بن كلاب ترجمة أخرى وهي لهذا والله أعلم بما كان من أمره فإن تلك الترجمة تخالف هذه الترجمة فليكشف من هناك.

الفهري

 

صفحة : 2475

 

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن القاسم ن أبو محمد الفهري.ينتسب إلى عبد الملك بن قطن الفهري والي الأندلس لبني أمية، وأبو محمد هذا من ملوك الطوائف الصغار. ورث الملك بمعقل البنت عن أبيه جده ودام فيه مشهورا مقصودا ممدوحا إلى أن أخذه منه أمير المسلمين يوسف بن تاشفين وحمله إلى العدوة فأسكنه بسلا. وفيه يقول صاحب القلائد: رجل. زهت به الرياسة والتدبير، وجبل دونه يلملم وثبير، ذووقار لا يستفز ولو دارت عليه العقار، وضعته الدولة في مفرقها، وأطلعت شمسه في أفقها، فأظهر جمالها، وعطر صباها وشمالها. ومن شعره: من المتقارب

خلعت عن الملك لكنـنـي                      عن الصبر والمجد لا أخلع

رماني الزمـان بـأزرائه                      وغيري من خطبه يجـزع

فليس فؤادي بالملـتـظـي                      ولا مقلتي حسرة تـدمـع

ولي أمل ليتـه لـم يكـن                      فكم ذا يغر وكـم يخـدع ابن الأمين عبد الله بن محمد بن هارون، أبو محمد الأمين بن الرشيد. كان أديبا مليح الشعر، كان ينادم الواثق. أورد له الصولي قوله: من السريع

حار على وجنته مدمـعـه                      وزال عما قد رجا مطمعه

من حب ظبي لك من وجهه                      إذا تجلى قمر يطـلـعـه

أعطي رق الحسن ملكا فما                      أصبح عنه أحد يمـنـعـه

في خده من صدغه عقرب                      تلسع من شاء ولا تلسعـه ابن يزداد وزير المستعين عبد الله بن محمد بن يزداد بن سويد المروزي، أبو صالح الكاتب. ولي الوزارة للمستعين بعد أحمد بن الخصيب مديدة ثم صعب على الموالي أمره وخاصمه بغا الصغير لأنه كان منعه إقطاعه فتهدده بالقتل ثم وزر للمستعين ثانيا بعد قتل الوزير شجاع أو تامش وجعل إليه العرض وديوان القبض والخاتم ودور الضرب وكتابة ابنه العباس حتى تنكر له بغا الشرابي وألب عليه الأتراك. فهرب إلى بغداد وكانت وزارته أربعة أشهر وأياما، ولم يزل بالكرخ مستترا عند بعض التجار إلى أن أدركه أجله ودفن فشاع موته ونبش حتى رئي ثم ورد في قبره، وذلك سنة إحدى وستين ومائتين. ومدحه البحتري وغيره من الشعراء ويقال إنه امتدحه قوم من الشعراء فأمر لهم بثلاثة دراهم وكتب إليهم: من السريع

قيمة أشعـاركـم درهـم                      عندي وقد زودتكم درهما

ودرهم قيمة قرطاسكـم                      فانصرفوا قد نلتم مغنمـا وقال: من الطويل

كفى حزنا أني بقربك نازل                      وحالي حال النازح المتباعد

وأني ليلى ما أنام صـبـابة                      وأنت قرير العين أنعم راقد عبدوس عبد الله بن محمد، أبو محمد الوراق مولى بني هاشم. كان يلقب عبدوس. ذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة وقال: كان أقدر الناس على تأليف سمر وكتاب مصور، عمل كتابا ذكر في آباء أبي محمد الحسن بن مخلد ومآثرهم وكان يخدمه ويصحب ولده، وكتب إلى الحسن بن مخلد يوم فصده: من المتقارب

أيا من لع العز والمفـخـر                      ومن وجوده أبـدا يشـكـر

هديا المـلـوك وأبـنـائهـا                      ومنحتها الدر والـجـوهـر

وحقك أعظم من حـقـهـا                      ويتك في المجد ما ينـكـر

وإني رأيت كـبـير الـنـوا                      ل في جنب معرفوكم يصغر

فأهديت للفصـد رامـشـنة                      ترائبها المسك والعـنـبـر

موشحة بجـمـيل الـثـنـا                      ء ينشدها البدو والحـضـر

سيبقى على الدهر تذكارهـا                      وتفنى الهـدايا ولا تـذكـر أبو القاسم الرازي الشافعي الدود عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن أسد، أبو القاسم الرازي الفقيه الشافعي المحدث نزيل مصر. كان يلقب بالدود. سمع من عبد الرحمان ابن أبي حاتم وغيره بالري، وأحمد بن إبراهيم بن عبادل، ومحمد بن يوسف الهروي بدمشق، وروى عنه عبد الكريم بنم عبد الواحد الحسناباذي، وعبد الوهاب بن محمد المصري، ومحمد مغلس، وأبو عمر الطلمنكي وتوفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

ابن الثلاج

 

صفحة : 2476

 

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي الشاهد أبو القاسم ابن الثلاج. أصله من حلوان. ولد سنة سبع وثلاثمائة. وتوفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، وحدث عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر بن أبي داود، ويحيى بن صاعد ومن بعدهم فأكثر. وروى عنه أبو عبد الله الصيمري، ومحمد بن علي الواسطي، وأبو القاسم التنوخي. وآخرون. قال: ما باع أحد من أسلافي الثلج إنما كان جدي مترفا يجمع لنفسه كل في سنة ثلجا كثيرا، فمر بعض الخلفاء بحلوان فطلب ثلجا فلم يوجد إلا عند جدي فأهدى إليه فوقع عنده بموقع وقال: اطلبوا عبد الله الثلاج فغلب عليه. قال عبيد الله الازهري: كان ابن الثلاج الحديث على سليمان المطلي وغيره، وكذا تكلم فيه الدار قطني. وتوفي سنة سبع وثمانين وثلاثمائة.

ابن الزيات عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن بن يحيى، أبو محمد التجيبي ويعرف بقرطبة بابن الزيات. رحل إلى العراق مرتين وسمع من إسماعيل الصفار، ومحمد بن يحى بن عمر بن علي بن حرب، وعثمان بن السماك، وسمع بالبصرة من أبي بكر ابن داسة وجماعة، وبتنيس من عثمان بن محمد السمرقندي. وكان صدوقا كثير الحديث إلا أن ضبطه لم يكن جيدا، وكان ضعيف الخط ربما أخل بالهجاء. وكتب الناس عنه كثيرا، وكان يتصرف في التجارة. وهو من شيوخ أبي عمر ابن عبد البر. توفي سنة تسعين وثلاثمائة.

الجهني الطليطلي المالكي عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن أسد، أبو محمد الجهني الطليطلي الأندلسي الفقيه المالكي اللغوي البزاز، فقيه، أديب، محدث، مسند. سمع من قاسم بن أصبغ وغيره ورحل وسمع بمصر عبد الله بن جعفر بن الورد وابن السكن، وبمكة أحمد بن محمد بن أبي الموت صاحب علي ابن عبد العزيز، كان لا يعير كتابا إلا لمن يثق به ولا يسمع من غير كتابه، ويحب التلاوة في المصحف، وامتحن الحبس والقيد أيام المنصور بن أبي عامر أخرج من الأندلس. ورى عنه أبو عمر ابن عبد البر - وهو من كبار أشياخه، وأبو المطرف ابن فطيس وأبو عمر ابن الحذاء والخولاني وآخرون. ولد سنة عشر وثلاثمائة، وتوفي سنة خمس وتسعين وثلاثمائة.

ابن متويه النسابه عبد الله بن محمد بن أحمد بن محمد بن الفرج بن متويه القزويني الفقيه النسابه الحافظ. كان متفننا في العلوم، سمع على بن مهرويه وفي الرحلة من إسماعيل الصفار عبد الله بن شوذب الواسطي وجماعة ، وولي قضاء خراسان. وروى عنه أبو يعلى الخليلي. وتوفي سنة سبع وتسعين وثلاثمائة.

أبو محمد البافي الشافعي عبد الله بن محمد، أبو محمد البخاري الفقيه الشافعي المعروف بالبافي نزيل بغداد. تفقه على أبي علي بن أبي هريرة وأبي إسماعيل المروزي وبرع في المذهب وكان ماهرا في العربية حاضر البديهة وهو من أصحاب الوجوه. تفقه به جماعة. قال الخطيب: أنشدنا أبو القاسم التنوخي قال، أنشدنا أبو محمد البخاري لنفسه: من المنسرح

ثلاثة ما اجتمعن في الرجل                      إلا أسلمنه إلـى الأجـل

ذل اغتراب وفاقة وهـوى                      كلها سائق على عـجـل

يا عاذل العاشقين إنك لـو                      أنصفت رفهتهم عن العذل وقصد البافي صديقا يزوره فلم يجده فكتب له: من الخفيف

قد حضرنا وليس يقضى التلاقي                      نسأل الله خير هذا الـفـراق

أن تغب وإن لم تـغـب غـب                      ت كأن افتراقنـا بـاتـفـاق وتوفي البافي سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

?الطليطلي النحوي المحدث عبد الله بن محمد بن نصر بن أبيض الأموي، أبو الحسن الطيطلي النحوي المحدث الحافظ، نزيل قرطبة. روى عن أبي جعفر بن عون الله وعباس بن أصبغ وعلي بن مصلح، وأجاز له تميم بن محمد القيرواني، ومحمد بن القاسم مسعدة، وعني بالحديث وجمعه وجمع كتابا في الرد على محمد بن عبد الله بن مسرة وهو كتاب كبير. وروى عنه القاضي أبو عمر بن سميق، وحكم بن محمد، وأبو إسحاق وأبو جعفر الصاحبان. وتوفي سنة تسع وتسعين وثلاثمائة أو سنة أربعمائة.

?أبو بكر الحناني عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هلال، أبو بكر الحنائي - بالحاء المهملة والنون المشددة - البغدادي الأديب، نزيل دمشق. روى عن يعقوب الجصاص وغيره وثفة الخطيب، وتوفي سنة إحدى وأربعمائة.

?أبو محمد الصيريفيني

 

صفحة : 2477

 

عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر بن أحمد، أبو محمد الصيريفيني خطيب صريفين. قدم بغداد مرات وحدث. وتوفي سنة تسع وستين وأربعمائة.

?ابن اللبان عبد الله بن محمد بن عبد الرحمان بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن النعمان بن عبد السلام الإصبهاني، أبو محمد بن اللبان. قال الخطيب: كان أحد أوعية العلم ولم أر أجود ولا أحسن قراءة منه. توفي سنة ست وأربعين وأربعمائة.

??الخفاجي الحلبي عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الحلبي الخفاجي الشاعر. أخذ الأدب عن أبي العلاء المعري، وأبي نصر المنازي. وتوفي بقلعة عزاز مسموما سنة ست وستين وأربعمائة، وحمل إلى قلعة حلب وصلى عليه الأمير محمود بن صالح، وكان يرى رأي الشيعة الإمامية، ويرى ذم السلف، وكان قد عصى بقلعة عزاز من أعمال حلب، وكان بينه وبين أبي نصر محمد بن الحسين ابن النحاس الوزير لمحمود وغيره مودة مؤكدة، فأمر محمود أبا نصر أن يكتب إلى الخفاجي كتابا يستعطفه ويؤنسه، وقال: إنه لا يأمن إلا إليك ولا يثق إلا بك، فكتب إليه كتابا فلما فرغ منه وكتب إن شاء الله تعالى شدد النون من إن شاء الله، فلما قرأه الخفاجي خرج من عزاز قاصدا حلب، فلما كان على ظهر الطريق أعاد النظر في الكتاب فلما رأى التشديدة على النون أمسك رأس فرسه وفكر في نفسه وأن ابن النحاس لم يكتب هذا عبثا، فلاح له أنه أراد  إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك  فرجع إلى عزاز وكتب الجواب: أنا الخادم المعترف بالانعام، وكسر الألف من أنا وشدد النون وفتحها، فلما وقف أبو نصر على ذلك سر به وعلم أنه قصد:  إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها  ، وكتب الجواب يسنصوب رأيه فكتب الخفاجي إليه من البسيط:

خف من أمنت ولا تركن إلى أحد                      فما نصحتك إلا بعد تـجـريب

إن كانت الترك فيهم غير وافـية                      فما تزيد على غدر الأعـاريب

تمسكوا بوصايا اللـؤم بـينـهـم                      وكاد أن يدرسوها في المحاريب واستدعى محمود أبا نصر وقال: أنت أشرت علي بتولية هذا الرجل ولا أعرفه إلا منك ومتى لم تفرغ بالي منه قتلتك وألحقت بك من بينك وبينه حرمة فقال له: مرني بأمر أمتثله قال: تمضي إليه وفي صحبتك ثلاثون فارسا، فإذا قاربته عرفه بحضورك فإنه يلتقيك، فإذا حضر وسألك النزول عنده والأكل معه فامتنع وقل له أني حلفتك أن لا تأكل زاده ولا تحضر مجلسه حتى يطيعك في الحضور عندي، وطاوله في المخاطبة حتى تقارب الظهر ثم أدع أنك جعت وأخرج هاتين الخشكنانجين فكل أنت هذه وأطعمه هذه، فإذا استوفى أكلها عجل الرجوع إلي فإن منيته فيها. ففعل ما أمره به، ولما أكلها الخفاجي رجع أبو نصر إلى حلب ورجع الخفاجي عزاز، ولما استقر بها وجد مغصا شديدا ورعدة مزعجة ثم قال: قتلني والله أخي أبو النصر ثم أمر بالركوب خلفه ورده ففاتهم، ووصل إلى حلب وأصبح من الغد عند محمود فجاءه من عزاز من أخبره أن الخفاجي في السياق ومات وحمل إلى حلب. وللخفاجي من التصانيف كتاب سر الفصاحة، كتاب الصرفة، كتاب الحكم بين النظم والنثر - صغير، كتاب عبارة المتكلمين في أصول الدين، كتاب في رؤية الهلال، كتاب حكم منثورة، كتاب العروض مجدول. ومن شعره من الوافر

وقالوا قد تغيرت اللـيالـي                      وضيعت المنازل والحقوق

فأقسم ما استجد الدهر خلقا                      ولا عدوانـه إلا عـتـيق

أليس يرد عن فدك علـي                      ويملك أكثر الدنيا عتـيق ومنه: من الطويل

بقيت وقد شطت بكـم الـنـوى                      وما كنت أخشى أنني بعدكم أبقى

وعلمتموني كيف أصبر عنـكـم                      وأطلب من رق الغرام بكم عتقا

فما قلت يوما للبكاء عـلـيكـم                      رويدا ولا للشوق نحوكم رفقـا

وما الحب إلا أن أعد قبيحـكـم                      ألي جميلا والقلى منكم عشقـا ومنه: من الكامل

هل تسمعون شكاية من عاتب                      أو تقبلون إنابة مـن تـائب

أم كلما يتلو الصديق عليكـم                      في جانب وقلوبكم في جانب

أما الوشاة فقد أصابوا عندكم                      سوقا تنفق كل قول كـاذب

 

صفحة : 2478

 

 

فمللتم من صابـر ورقـدتـم                      عن ساهر وزهدتم في راغب

وأقل ما حكم الملال علـيكـم                      سوء القلى وسماع قول العائب ومنه: من الرمل

ما على محسنكم لو أحسنـا                      إنما نطلـب شـيئا هـينـا

قد شجانا اليأس من بعـدكـم                      فادركونا بأحاديث المـنـى

وعدوا بالوصل من طيفكـم                      مقلة تعرف فيكـم وسـنـا

لا وسحر بين أجـفـانـكـم                      فتن الحب به من فـتـنـا

وحديث مـن مـواعـيدكـم                      تحسد العين عليهـا الأذنـا

ما رحلت العيس عن أرضكم                      فرأت عيناي شيئا حسـنـا ومنه: من الكامل

عطر الثناء تعطرت أوصافه                      وحلت فكل فم بها مشغول

ما كان يعلم قبل صوب ثنائه                      أن الغمام المستهل بـخـيل

ولو آن لـلأيام نـار ذكـائه                      ما كان فيها بكرة وأصـيل ومنه: من الكامل

أملالة ضيعت ودي بعـدمـا                      وجبت عليك حقوقه الأسلاف

أم شئت تعلم أن جودك لم يدع                      شيئا وأن طباعـك الإتـلاف ومنه: من البسيط

إذا هجوتكم لم أخـش سـطـوتـكـم                      وإن مدحت فما حظي سوى التعـب

فحين لـم يك لا خـوف ولا طـمـع                      رغبت في الصمت إشفاقا على الكذب ومنه وهي من الطنانات: من الطويل

سلا ظبية الوعساء هل فقدت خشفـا                      فإنا لمحنا من مرابعـهـا طـرفـا

وقولا لخوط البان فليمسك الـصـبـا                      علينا فإنا قد عرفنا بـهـا عـرفـا

سرت من هضاب الشام وهي مريضة                      فما ظهرت إلا وقد كاد أن تخـفـى

عليلة أنفاس تداوي بـهـا الـجـوى                      وضعفا ولكنا نرجي بها ضـعـفـا

وهاتفة في البان تملـي غـرامـهـا                      وتتلو علينا من صبابتهـا صـحـفـا

عجبت لها تشكو الـفـراق جـهـالة                      وقد جاوبت من كل نـاحـية إلـفـا

ويشجي قلوب العاشقين حـنـينـهـا                      وما فهموا مما تغنـت بـه حـرفـا

ولو صدقت فيما تقول مـن الأسـى                      لما لبست طوقا ولا خضبـت كـفـا

أجارتنا أذكرت مـن كـان نـاسـيا                      وأضرمت نارا للصبابة لا تـطـفـا

وفي جانب المـاء الـذي تـردينـه                      مواعيد ما ينكرون لثما ولا خـلـفـا

ومهزوزة للـبـان فـيهـا تـمـايل                      جعلن لها في كل قـافـية وصـفـا

لبسنا عـلـيهـا بـالـثـنـية لـيلة                      من الود لم يطو الصباح لها سجـفـا

كأن الدجى لما تـولـت نـجـومـه                      مدبر حرب قد هزمنا لـه صـفـا

كأن عـلـيه لـلـمـجـره روضة                      مفتحة الأنوار أو نـثـرة زغـفـا

كأنا وقـد ألـقـا إلـينـا هـلالـه                      سلبناه جاما أو فصمنـا لـه وقـفـا

كأن السهـا إنـسـام عـين غـريقة                      من الدمع يبدو كلمـا ذرفـت ذرفـا

كأن سهيلا فـارس عـاين الـوغـى                      ففر ولم يشهد طـرادا ولا زحـفـا

كأن أفول الطرف طرف تعـلـقـت                      به سنة ما هب منهـا ولا أغـفـى ابن البواب عبد الله بن محمد بن عتاب بن إسحاق بن البواب، وكان يخلف الفضل بن الربيع على حجبة الخلفاء. وهو شاعر قليل الشعر، راوية للأخبار عن الخلفاء، عارف بأمورهم. روى عنه عمر بن شبه ونظراؤه. ولما أتي المأمون بشعر ابن البواب الذي قال فيه: من الطويل

أيبخل فرد الحسن فرد صفاته                      علي وقد أفردته بهوى فرد

رأى الله عبد الله خير عبـاده                      فملكه والله أعلم بالـعـبـد

ألا إنما المأمـون عـصـمة                      مميزة بين الضلالة والرشد قال المأمون: أليس هو القائل?: من الطويل

أعيني جودا وابكيا لي محـمـدا                      ولا تذخرا دمعا عليه وأسعـدا

فلا فرح المأمون بالملك بعـده                      ولا زال في الدنيا طريدا مشردا هيهات واحدة بواحد ولم يصله بشيء. ومن شعره: من الطويل

أذا أبصرتك العين من بعد غاية                      فأدخلت شكا فيك أثبتك القلب

 

صفحة : 2479

 

 

ولو أن ركبا يمموك لقـادهـم                      نسيمك حتى يستدل بك الركب ووقع بين إسحاق وبين ابن البواب، شر، فقال ابن البواب شعرا رديا ونسبه إلى إسحاق ليعره به، وهو: من الخفيف

إنما أنت يا عنـان سـراج                      زيته الظرف والفتيلة عقل

أنت ريحانة وراح ولكـن                      كل أنثى سواك خل وبقل قال حماد بن إسحاق، فبلغ ذلك أبي، فقال: من الكامل

الشعر قد أعيا عليك فـخـلـه                      وخذ العصا واقعد على الأبواب العطار عبد الله بن محمد الأزدي المغربي المعروف بالعطار. قال ابن رشيق في الأنموذج: شاعر حاذق نقي اللفظ جدا، لطيف الإشارات، مليح العبارات، صحيح الاستعارات، على شعره ديباجة ورونق يمازجان النفس ويملكان الحس، وفيه مع ذلك قوة ظاهرة. قال: ولم أر عطارديا مثله، لا ترى عينه شيئا إلا صنعته يده. وكان الأمير حسين بن ثقة الدولة قد أراده للكتابة بعد أن استشار الحذاق فدلوه عليه ولكن حال بينهما رجوع حسن إلى مصر، وكانت له عند عبد الله بن حسن بمدينة طرابلس حال شريفة وجراية ووظيفة إلى أن نازعته نفسه إلى الوطن. ومن شعره: من الكامل

أعرضن لما أن عرضن فإن يكن                      حذرا فأين تلفـت الـغـزلان

عطرن جيب الريح ثم بعثنـهـا                      طرب الشجي ورائد الغـيران

وكأنما أسكرنها فـتـرنـمـت                      بحليهـن تـرنـم الـنـشـوان

يا بنت ملتحف العجـاج كـأنـه                      قبس يضيء سناه تحت دخـان

إذ ينشر الطن الكماة كـأنـمـا                      يتراجم الفرسان بالـفـرسـان ومنه - وهو غريب: من مجزوء الوافر

شكوت إليه جـفـوتـه                      ومن خاف الصدود شكا

فأجرى في العقيق الـد                      مر واستبقاه فامتسكـا

فقلت مخاطبا نفـسـي                      أرق للوعتي فبـكـى

فقالت ما بكت عـينـا                      ه لكن خده ضحـكـا قلت، ذكرت ههنا لي بيتين وهما: من الوافر

بكى المحبوب لي لما اجتمعنا                      وكان هواء فرقته تنـسـم

غلطت فما بكى أسفا لبعدي                      ولكن ثغر ناظره تـبـسـم ومن شعر العطار: من السريع

مهفهف القامة ممشوقـهـا                      مستملح الخطرة معشوقها

في طرفه من سقم أجفانـه                      دعوى وفي جسمي تحقيقها ومنه: من الكامل

وكأنما المريخ يتلو المشتري                      بين الثريا والهلال المعتـم

ملك وقد بسطت له يد معدم                      فرمى بدينار إليه ودرهـم ومنه: من البسيط

لله وجنتـه يا مـا أمـيلـحـهـا                      كم بت مشتملا منها على حـرق

أودعت صبري عند الشوق مختبرا                      ما تحتها وخبأت النوم في الأرق

حتى إذا زال صبح الثوب عنه بدا                      ليل تزين في أعلاه بالـشـفـق

كدوحة الورد رواها الحيا فـبـدا                      نوارها وتوارى الشوك بالـورق ومنه: من الكامل

يا رب كأس مدامة باكـرتـهـا                      والصبح يرشح من جبين المشرق

والليل يعثر بالكواكـب كـلـمـا                      طردته رايات الصباح المشـرق ابن قاضي ميلة عبد الله بن محمد بن قاضي ميلة - بكسر الميم وسكون الياء آخر الحروف. بليدة من إفريقية. قال ابن رشيق في الأنموذج: شاعر لسن مقتدر يؤثر الاستعارة ويكثر الزجر والعيافة ويسلك طريق ابن أبي ربيعة وأصحابه في نظم الأقوال والحكايات، وله في الشعر قدم سابقة ومجال متسع وربما بلغ الإغراق والتعمق إلى فوق الواجب هو لهج بذلك مطالب له. صحب أباه إلى جزيرة صقيلة وكان مفخما حاذقا فعرف ثقة الدولة بسببه واتصل لاتصاله به فأوطن البلد وصنع فيه قصيدته الفائية وما أعلم لأحد في وزنها ورويها مثلها فأجزل صلته وقرب منزلته وألحقه في أحد دواوين الخاصة. وأول هذه القصيدة: من الطويل

يذيل الهوى دمعي وقلبي المعنف                      وتجني جفوني الوجد وهو مكلف

وإني ليدعوني إلى ما شنـفـتـه                      وفارقت مغناه الأغن المشنـف

وأحور ساجي الطرف أما وشاحه                      فصفر وأما وقفه فـمـوقـف

 

صفحة : 2480

 

 

يطيب أجاج الماء من نحو أرضـه                      يجيئ ويندى ريحه وهو حرجـف

وأيأسني مـن وصـلـه أن دونـه                      متالف تسري الريح فيها فتتـلـف

وغيران يجفو النوم كي لا يرى لنـا                      إذا نام شملا في الكـرى يتـألـف

يظل على ما كان من قرب دارنـا                      وغفلته عما مـضـى يتـأسـف

وجون مزن الرعد يسـتـن ودقـه                      يرى برقه كالحية الصل تطـرف

كأني إذا ما لاح والرعـد مـعـول                      وجفن السحاب الجون بالماء يذرف

سليم وصوت الرعـد راق وودقـه                      كنفث الرقى من سوء ما أتكلـف

ذكرت به ريا وما كـنـت نـاسـيا                      فأذكر لكن لـوعة تـتـضـعـف

ولما التقينا محـرمـين وسـيرنـا                      بلبيك تطوى والركائب تـعـسـف

نظرت إليها والـهـدايا كـأنـمـا                      غواربها منها عـواطـس رعـف

فقالت أما منكن ما يعرف الفـتـى                      فقد رابني من طول ما يتـشـوف

أراه إذا سـرنـا يسـير حـذاءنـا                      ونوقف أخفاف المطي فـيوقـف

فقلت لتربيها ابلغـاهـا بـأنـنـي                      بها مستهام قالـتـا نـتـلـطـف

وقولا لهـا يا أم عـمـر ألـيس ذا                      منى والمنى في خيفة ليس تخلـف

فقالت في أن تبذلي طارف الـوفـا                      بأن عن لي منك البنان المطـرف

وفي عرفات مـا يخـبـر أنـتـي                      بعارفة من عطف قلبك أسـعـف

وأما دماء الهدي فهـي تـواصـل                      ورأي يراني في الهوى متـألـف

وتقبيل ركن البـيت إقـبـال دولة                      لنا وزمان بالـتـحـية يعـطـف

فأوصلتا ما قلتـه فـتـبـسـمـت                      وقال: أحاديث العـيافة زخـرف

بعيشي ألم أخبركـمـا أنـه امـرؤ                      على لفظة برد الكلام المـفـوف

فلا تأمنا ما استطعتما كيد نطـقـه                      وقولا ستدري أينـا الـيوم أعـيف

إذا كنت ترجو في منى الفوز بالمنى                      فبا لخيف من إعراضنا تتـخـوف

وقد أنذر الإحـرام أن وصـالـنـا                      حرام وأنا عن مـرادك نـصـدف

فهذا وقذفي بالحصا لك مـخـبـر                      بأن النوى بي عن ديارك تـقـذف

وحاذر نفاري ليلة الـنـفـر إنـه                      سريع فقلبي بالـعـيافة أعـرف

فلم أر مثلينـا خـلـيلـي مـحـبة                      لكل لسان ذو غرارين مـرهـف

إما إنه لو لا الأغن المهـفـهـف                      وأشنب بـراق وأحـور أوطـف

لراجع مشتـاق ونـام مـسـهـد                      وأيقن مرتاب وأقصـر مـدنـف ومنه: من الكامل

ومدامة عني الرضاب بمزجها                      فأطابها وأدارها التـقـبـيل

ذهبية ذهب الزمان بجسمهـا                      قدما فليس لوصفها تحصـيل

بتنا ونحن على الفرات نديرها                      وهنا فأشرق من سناها النيل

فكأنها شمس وكف مديرهـا                      فينا ضحى وفم النديم أصـيل ومنه: من الطويل

محيا ترى الأتراب أشخاصها بـه                      جرى فيه رقراق النضارة مذهبا

إذا زاره ذو لوعة لاح شخصـه                      إلى الحول في إفرنده متنصبـا

فاعجب بوجه حسنه من وشاتـه                      ينم على من زاره متـنـقـبـا

بدت صور العشاق في ماء خـده                      فأغنت رقيب الحي أن يترقـبـا الجراوي عبد الله بن محمد الجراوي. تأدب بجراوة. دخل المغرب. قال ابن رشيق: قدم إلى الحضرة سنة سبع وأربعمائة متعلقا بالخدمة، وكان شاعرا فحلا قويا وصافا دربا بالخبر والنسيب جيد الفكرة والخاطر تحسب بديهته روية، عميدي الترسيل، يتحدر كلامه كالسيل، وكان حسن الخلق جميل العشرة مدمنا على الشراب متغارقا فيه مزاحا، سأله أيوب مرة: أي بروج السماء لك? فقال: واعجبا منك مالي في الأرض بيت يكون لي برج في السماء? فضحك وأمر له بدار جواره. وقال يوما وقد تعدى المعز في موكبه، أجيزوا: من البسيط

لله درك اي ابن لأي أب فقال ابن رشيق

 

صفحة : 2481

 

 

ما أشبه الشبل بالضرغامة الدرب فقال الجراوي:

هذا المعز لدين الله محتسبا فقال ابن رشيق:

لا من سواه وليس الأسم كاللقب وقال يصف الديك: من المتقارب

وكائن نفى النوم عن عترفـان                      بديع الملاحة حلو المعـانـي

بأجفان عـينـيه ياقـوتـتـان                      كأن وميضهمـا جـمـرتـان

على رأسه التاج مستشـرقـا                      كتاج ابن هرمز في المهرجان

وقرطان من جوهر أحـمـر                      يزينانه زين قرط الحـصـان

له عنـق حـولـهـا رونـق                      كما حوت الخمر إحدى القناني

ودار نـزايلـه حـولـهــا                      كما نورت شعرة الزعفـران

ودارت بـجـؤجـؤه حــلة                      تروق كما راقك الخسروانـي

فقـام لـه ذنـب مـعـجـب                      كباقة زهر بدت مـن بـنـان

وقاس جناحا عـلـى سـاقـه                      كما قيس شبر على خـيزران

وصفق تصفيق مسـتـهـتـر                      بمحمرة من بنـات الـدنـان

وغـرد تـغـريد ذي لـوعة                      يبوح بأشواقه لـلـغـوانـي وتوفي سنة خمس عشرة وأربعمائة وقد بلغت سنة نيفا وأربعين، سنة وكانوا قد أغروا به القائد حماد بن سيف فدس عليه من قتله ليلا. قال ابن رشيق: حدثني بعض أصحابنا قال: غدونا إلى حانوت عبد الله بن الحادرة أحد الجراويين وهو موصوف بالكرم وبين يديه طفلة فقال: إشهدوا أن هذه الطفلة في كفالتي إلى أن تصلح للنكاح فإن صلح لها ولدي فلان، فعلي مهرها وخمسون دينارا وازنة لشوارها نقدا وإن لا فالخمسون صدقة عليها لوجه الله، فقد رأيت البارحة أباها رحمه الله يوبخني بسببها وأنشدني: من الكامل

قتلوه لا لخيانة عرفـت لـه                      إلا لفضل براعة الشعـراء

أمروا به من غير ذنب واجب                      أكذا تكون صنائع الأمـراء فاتصلا بحماد فأسف على الجراوي.

ابن البغدادي المغربي عبد الله بن محمد، من أهل قفصة. كان أبوه ظريفا فلقب البغدادي. قال ابن رشيق في الأنموذج: وطريق عبد الله في الشعر خارجة عن طرقات أهل العصر تعاليا وتغاليا كأنه جاهلي المرمى ملوكي المنتمى، يخاله السامع فحلا يهدر أو أسدا يزأر، وله أمثال واستعارات على حدة من الكلام وفي جهة من البلاغة. وكانت له من عبد الله بن حسن مكانة ثم تغير عليه فداجاه إلى أن تخلص منه إلى جزيرة صقلية بحيلة كانت، منه ثم ورد الحضرة، ثم انتقل إلى طرابلس، ثم خرج منها إلى مصر سنة أربعمائة، وكانت له بمصر وقعات، فخرج منها مترقبا، ثم مات بالحضرة سنة إحدى وعشرين وأربعمائة وقد بلغ قريبا من الستين. وقال لما سار إلى مصر وكتب بها إلى أبيه: من الخفيف

ليت شعري هل ساءك البعد لـمـا                      قلت مثلي من حرقة ليت شعـري

وبرغم المراد أزعجنـي الـمـق                      دار قسرا وكان للقسر قـصـري

قل لمن جاء زائري عنـد أهـلـي                      سار عنهم وصار من أهل مصـر

غير أني سلـوت عـن لـذة الـرا                      ح على طيب مخبري عند سكري

أيها الدهر قد تبـينـت صـبـري                      فاصطنعني حتى ترى كيف شكري ومن شعره: من الكامل

ما كل من عرف التغزل باسمـه                      يجد الذي أدنى إلـي خـلـوبـا

أعطيت فضل زمام قلبي أحمر ال                      خدين مكحول الجفـون ربـيبـا

ويطيب لي حل الغدائر عـابـثـا                      بيدي وحكي بينهـن الـطـيبـا

وإذا العيون أردن قـتـل مـتـيم                      كسبنه بجـفـونـهـن ذنـوبـا

ولكم جريت مع الزمان كما جرى                      ومشيت في حلق الكبول دبـيبـا

ورأيت ماء المزن بين شبا القنـا                      والبيض في قعب الوليد حلـيبـا

وإذا أرابني الزمان بـصـرفـه                      أخرجت من أخلاقه الـتـأديبـا

والسيف أجمل ما تراه مضرجـا                      والمرء أخيب ما يكون هـيوبـا

والليل صاحب كل لـيث بـاسـل                      ولقد أكون له وكنت صحـوبـا منها يذكر المريخ: من الكامل

وكأنه سيف الزمان مجردا                      للنائبات فلا يزال خضيبا

 

صفحة : 2482

 

 

وكأنني لتلاعب الأيام بي                      رجل لبست ثيابها مقلوبا أبو بكر ابن أبي الدنيا عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي مولى بني أمية يعرف بابن أبي الدنيا. توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين، وقيل سنة إحدى. ومولده سنة ثمان ومائتين. وصلى عليه يوسف بن يعقوب القاضي. وكان يؤدب المكتفي بالله في حداثته. وهو أحد الثقات المصنفين للأخبار والسير. وله كتب كثيرة تزيد على مائة كتاب. كتب إلى المعتضد وابنه المكتفي - وكان مؤدبهما: من الخفيف

إن حق التأديب حـق الأبـوة                      عند أهل الحجى وأهل المروة

وأحق الأنـام أن يعـرفـوا ذا                      ك وبرعوه أهل بيت النبـوه قال: كنت أؤدب المكتفي فأقرأته يوما كتاب الفصيح فأخطا ففرصت خده قرصة شديدة فانصرفت، فإذا قد لحقني رشيق الخادم فقال، يقال لك ليس من التأديب سماع المكروه فقلت: سبحان الله أنا لا أسمع المكروه غلامي ولا أمتي قال: فخرج إلي ومعه كاغذ قال: يقال لك صدقت يا أبا بكر وإذا كان يوم السبت تجيء على عادتك، فلما كان يوم السبت جئت فقلت: أيها الأمير تقول عني ما لم أقل? فقال: نعم يا مؤدبي من فعل ما لم يجب قيل عنه ما لم يكن وسمع من المشايخ ولم يسمع من أحمد بن حنبل، وروى عنه جماعة. قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه مع أبي وهو صدوق. وكان إذا جالس أحدا إن شاء أضحكه وإن شاء أبكاه. قال الشيخ شمس الدين: وقع لنا جملة صالحة من مصنفاته، وآخر من روى حديثه بعلو الشيخ فخر الدين ابن البخاري.

أبو محمد التوزي اللغوي عبد الله بن محمد بن هارون التوزي، ويقال التوجي، أبو محمد. مولى قريش. توفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين. أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد، وهو من أكابر أئمة اللغة. قرأ على أبي عمر الجرمي كتاب سيبويه، وكان في طبقته في غير ذلك من العلوم. قال المبرد: كان التوزي أعلم من الرياشي والمازني. وله من التصانيف كتاب الأمثال، كتاب الأضداد، كتاب الخيل وسبقها وشياتها.

وقال خالد النجار يهجون: من الكامل المرفل

يا من يزيد تمـقـتـا                      وتبغضا في كل لحظه

والله لو كنت الخلـيل                      لما كتبنا عنك لفظـه الناشئ الشاعر المتكلم عبد الله بن محمد، أبو العباس الناشئ الشاعر المتكلم المعروف بابن شرشير. أصله من الأنبار وسكن مصر بغداد، وهو معدود في طبقة البحتري وابن الرومي، وله قصيدة نحو من أربعة آلاف بيت فيها فنون من العلم وهي على روي واحد وقافية واحدة. قال ياقوت في معجم الأدباء: وقد قرأت بعض كتبه فدلتني على هوسه واختلاطه لأنه أخذ نفسه بالخلاف على أهل المنطق والشعر والعروضيين وغيرهم، ورام أن يحدث لنفسه أقوالا ينقض بها ما هم عليه، فسقط في بغداد فلجأ إلى مصر وأقام بها بقية عمره إلى أن مات سنة ثلاث وتسعين ومائتين. قيل إن سبب موته كان عجبا، وهو أنه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب نظمه فقال ابن شرشير: كم تقولون? لوشئت... وتكلم بكلام عظيم فأنكروا عليه ذلك فقال: إيتوني بقرطاس ومحبرة فأحضر له ذلك فقام ودخل بيتا فانتظروه، فلما طال انتظاره قاموا ودخلوا إليه فإذا القرطاس مبسوطا وإذا الناشئ فوقه ممتدا فحركوه فإذا هو ميت. وكان السبب في تلقبه بالناشئ أنه دخل مجلسا فيه أهل الجدل فتكلم فأحسن على مذهب المعتزلة فجود وقطع من ناظره فقام شيخ منهم فقبل رأسه وقال: لا أعد منا الله مثل هذا الناشئ أن يكون فينا فينشأ في كل وقت لنا مثله، فاستحسن أبو العباس هذا الاسم وتلقب به: ومن شعره: من المتقارب

بكت للفراق وقد راعني                      بكاء الحبيب لبعد الديار

كأن الدموع على خدها                      بقية طل على جلنـار وله في داود بن علي الظاهري: من الطويل

أقول كما قال الخلـيل بـن أحـمـد                      وإن قست بين اللفظ واللفظ في الشعر

عذلت على ما لو علـمـت بـقـدره                      بسطت مكان اللوم والعذل من عذري

جهلت ولم تـدري بـأنـك جـاهـل                      فمن لي بأن تدري بـأنـك لا تـدري وقال: من البسيط

أشدد يديك بمن تهوى فما أحد                      يمضي فيدرك حي بعده خلفا

 

صفحة : 2483

 

 

واسعتب الحر إن أنكرت شيمتـه                      فالحر يستأنف العتبى إذا أنـفـا

من ذا الذي نال حظا دون صاحبه                      يوما فأنصفه في الود وانتصفـا قال محمد بن خلف بن المرزبان: إجتمع عندي أحمد بن أبي طاهر والناشئ ومحمد بن عروس فدعوت لهم مغنية فجاءت ومعها رقيبة لم ير الناس أحسن منها فلما شربوا أخذ الناشئ رقعة وكتب فيها: من المتقارب

فديتك لو أنهم أنـصـفـوك                      لردوا النواظر عن ناظريك

تردين أعيننـا عـن سـواك                      وهل تنظر العين إلا إلـيك

وهم جعلوك رقيبا عـلـينـا                      فمن ذا يكون رقيبا عـلـيك

ألم يقرأوا ويحهـم مـا يرون                      من وحي حسنك في وجنتيتك وقال الناشئ يصف أصحابه: من البسيط

ولو شهدت مقـامـاتـي وأنـديتـي                      يوم الخصام وماء المـوت مـطـرد

في فتية لم يلاق الناس مـذ وجـدوا                      لهم شبيها ولا يلـقـون إن فـقـدوا

مجاورو الفضل أفلاك العلى سبل الت                      قوى محل الهدى عمد النهى الوطـد

كأنهم فـي صـدور الـنـاس أفـئدة                      تحس ما أخطأوا فيها وما عـمـدوا

يبدون للناس ما تخفي ضـمـائرهـم                      كأنهم وجدو منـهـا الـذي وجـدوا

دلوا على باطن الدنيا بـظـاهـرهـا                      وعلم ما غاب عنهم بالذي شـهـدوا

مطالع الحق ما من شبهة غسـقـت                      إلا ومنهـا لـديهـم كـوكـب يقـد ومن شعره الناشئ: من البسيط

وشادان ما تولى وصـفـه أحـد                      إلا تلجلج في الوصف الذي وصفا

يلوح في خده ورد علـى زهـر                      يعود من حسنه غضا إذا قطـفـا

لا شيء أعجب من جفينه إنهمـا                      لا يضعفان القوى إلا إذا ضعفـا ?لنيسابوري اللغوي عبد الله بن محمد بن هانئ النيسابوري، أبو عبد الرحمان. مات سنة ست وثلاثين ومائتين. روى عن أبي زيد الأنصاري. يحكى أنه أنفق على الأخفش سعيد بن مسعدة اثني عشر ألف دينار وبيعت كتبه بأربع مائة ألف درهم. قال شمر بن حمدويه: كنت عند أبي عبد الرحمان فجاءه وكيل له فحاسبه فبقي وكيل له فحاسبه فبقي له خمس مائة درهم، فقال له. أي شيء أصنع بها? قال: تصدق بها? وكان قد أعد دارا لكل من يقدم عليه من المستفيدين فيأمر بإنزاله فيها ويزيح علله في النفقة والرزق ويوسع النسخ عليه. وله كتاب نوادر العرب وغرائب ألفاظها يربى على ألفي ورقة. سمع شمر منه بعض هذا الكتاب.

ابن وداع الوراق عبد الله بن محمد بن وداع بن الزياد بن هاني الأزدي، أبو عبد الله. كان وراقا حسن المعرفة صحيح الخط يرغب الناس في خطه، وكان لخطه نفاق وثمن ونفاسة. توفي.....

ابن فأر اللبن عبد الله بن محمد بن عبد الوارث معين الدين الأنصاري، أبو الفضل المعروف بابن فأر اللبن. شيخ متميز مسن وهو آخر من روى عن الشاطبي. روى عنه القصيده الشيخ حسن الرشيدي وقاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة وبدر الدين الجوهري. توفي سنة أربع وستين وستمائة.

ابن أبي الجوع الوراق عبد الله بن محمد بن أبي الجوع النحوي الأديب الوراق. من أهل مصر. كان مليح الخط جيد الضبط وخطه مرغوب فيه وكان له تحقق باللغة والنحو والبلاغة وقول الشعر. وصل إليه من العزيز وابنه الحاكم جملة كبيرة على الوراقة. وقد أدرك المتنبي وأيام كافور، ومات بمصر سنة خمس وتسعين وثلاثمائة. قال: كان لي على الوزير ابن خنزابة وعد مطلني به مطلا ضاق به صدري فعملت فيه: من مجزوء الرمل:

تاه جهلا بالـفـرات                      أحمـق ذو نـزوات

قال لي أهيف عـنـه                      وهو من إحدى الثقات

إنه يجـمـع بـالـم                      يم رؤوس الألـفـات قال: وكتبتها في رقعة وكتبت في أخرى إليه أتنجزه الوعد، واتفق لقائي له على عجلة فأردت أن أعرض عليه القصة فدفعت إليه الأبيات غلطا فلما قرأها قال: لعنك الله قد غلطت وأعادها إلي والتمس الأخرى فدفعتها إليه وعندي من الخجل ما يقتضيه مثل تلك الحال فأخذها ووقع فيها بما أردت، فقلت: لك علي مع ما تكرمت به من الحلم أن لا يسمعها أحد مني.

أبو محمد الخطابي

 

صفحة : 2484

 

عبد الله بن محمد بن حرب بن خطاب الخطابي، أبو محمد. من نحاة الكوفة. وكان شاعرا يغلب عليه السخف والألفاظ الغريبة له كتاب النحو الكبير، كتاب النحو الصغير، كتاب عمود النحو، كتاب المكتم في النحو.

أبو الحسن الخراز النحوي عبد الله بن محمد بن سفيان الخراز النحوي، أبو الحسن. أخذ عن المبرد وثعلب وغيرهما ومات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة. وكان معلما في دار الوزير علي بن عيسى بن الجراح وهو الذي صنف كتاب المعاني وخلط المذهبين، وله مصنفات في علوم القرآن منها كتاب مختصر في علم العربية، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث، كتاب معاني القرآن، كتاب أعيان الحكام، ألفه لأبي الحسين بن أبي عمر القاضي، كتاب أعياد النفوس في العلم، كتاب رمضان وما قيل فيه.

?ابن الأكفاني قاضي بغداد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن إبراهيم، أبو محمد الأسدي البغدادي المعروف بابن الأكفاني قاضي القضاة ببغداد. أنفق على أهل العلم مائة ألف دينار، وتوفي سنة خمس وأربعمائة.

ابن الفرضي القرطبي عبد الله بن محمد بن يوسف بن نصر الأزدي الحافظ، أبو الوليد ابن الفرضي القرطبي، مصنف تاريخ الأندلس. له مصنف في أخبار شعراء الأندلس، وكتاب في المؤتلف والمختلف وفي مشتبه النسبة، وروى عنه ابن عبد البر. وكان فقيها عالما في جميع فنون العلم، إستقضاه محمد المهدي ببلنسية، وكان حسن البلاغة والخط وقتلته البربر في الفتنة، وبقي في داره ثلاثة أيام مقتولا. قال ابن الفرضي: تعلقت بأستار الكعبة وسألت الشهادة ثم انحرفت وفكرت في هول القتل فندمت وهممت أن أرجع واستقيل الله ذلك فاستحييت قال الحميدي: فأخبرني من رآه بين القتلى ودنا منه فسمعه يقول بصوت ضعيف: لا يكلم أحد في سبيل الله - والله أعلم بمن يكلم في سبيله - إلا وجاء يوم القيامة وجرحه يثعب دما اللون لون الدم والريح ريح المسك كأنه يعيد الحديث على نفسه، ثم قضى على أثر ذلك. وأنشد له ابن عبد البر: من الطويل

أسير الخطايا عند بـابـك واقـف                      على وجل مما به أنـت عـارف

يخاف ذنوبا لم يغب عنك عيبـهـا                      ويرجوك فيها فهو راج وخـائف

ومن ذا الذي يرجو سواك ويتقـي                      ومالك من فضل القضاء مخالف

فيا سيدي لا تخزني في صحيفتـي                      إذا نشرت يوم الحساب الصحائف

وكن مؤنسي في ظلمة القبر عندما                      يصد ذوو ودي ويجفو الموالـف

لئن ضاق عني عفوك الواسع الذي                      أرجي لإسرافي فإني لـتـالـف وأنشد الحميدي لابن الفرضي: من الكامل

إن الذي أصبحت طوع يمينـه                      إن لم يكن قمرا فليس بدونـه

ذلي له في الحب من سلطانه                      وسقام جسمي من سقام جفونه الزوزني العبدلكاني عبد الله بن محمد بن يوسف العبدلكاني، أبو محمد الزوزني الأديب. توفي سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة، وهو رجل مشهور من الشعراء، حسن الكلام غزير العلم كثير الحلم. سمع الحديث وقلما كان ينشط للرواية. وكان خفيف الروح، كثير النوادر والمضاحك سريع الجواب، قصير القامة لا يزيد على ذراعين، كث اللحية نحيف الجسم إلا أن وجهه بهي، وكان يكتحل إلى قريب من أذنيه فيصير شهرة مضحكة، وكان ملوك خراسان يصطفونه لمنادمتهم وتعليم أولادهم، وله كتاب المرجان في الرسائل. ومن شعره: من مجزوء البسيط

يا سيدي نحن في زمان                      أبدلنا الله منه غـيره

كل خسيس وكل نـذل                      متع بالطـيبـات أيره

وكل ذي فطنة وعقـل                      بجلد من فقره عميره ومنه: من مجزوء البسيط

لما رأيت الزمان نـكـسـا                      وليس في الحكمة انتفـاع

كل رئيس بـه مـــلال                      وكـل رأس بـه صـداع

وكل نـذل بـه ارتـفـاع                      وكل حـر بـه اتـضـاع

لزمت بيتي وصنعت عرضا                      به عن الـذلة امـتـنـاع

أشرب مما ادخرت راحـا                      لها على راحتي شـعـاع

لي من قراقيرها نـدامـى                      ومن قواريرهـا سـمـاع

وأجتني من ثـمـار قـوم                      قد أقفرت منهم البـقـاع الواثق الصمادحي

 

صفحة : 2485

 

عبد الله بن محمد بن معن الواثق عز الدولة بن المعتصم بن صمادح. كان أبوه قد ولاه بالمرية عهده فلما أخذ الملثمون المرية عند موت أبيه ركب الواثق البحر إلى جهة بجاية بما قدر عليه، وأقام في الجزائر تحت ظل بني حماد سلاطين الغرب الأوسط. ومن وصف الحجازي له: قمر عاجله المحاق قبل التمام فنشر من يديه ما كان عقد أبوه من ذلك النظام، وكان قد خصه بولاية عهده ورشحه للملك من بعده وآل أمره إلى أن حل ببجابة في دولة بني حماد مستوحشا، وقال شعرا منه قوله: من الطويل

لك الحمد بعد الملك أصبح خامـلا                      بأرض اغتراب لا أمر ولا أحلي

وقد أصدأت فيها الهوادة منصلـي                      كما نسيت ركض الجياد بها رجلي

ولا مسمعي يصغي لنغمة شاعـر                      وكفي لا تمتد يومـا إلـى بـذل قال: وما أظن أحدا قال في عظم الهم مثل قوله: من البسيط

لييأس الناس من هم ومن كـمـد                      فإنني قد جمعت الهم والكـمـدا

لم أبق منه لغـيري مـا يحـاذره                      فليس يقصد دوني في الورى أحدا وقال: من المجتث

أهوى قضيب لجـين                      قد أطلع البدر فـيه

إن كان موتي بلحظ                      فمنه عيشـي يلـيه

يا رب كم اتمـنـى                      لقياه كم أشتـهـيه

ولا أرى منه شـيئا                      سوى جفـاء وتـيه

طوبى لدار حـوتـه                      وأمـه وأبـــيه

بل ألف طوبى لصب                      في موضع يلتقـيه أبو بكر القاضي الطريثيثي عبد الله بن محمد بن طاهر الطريثيثي، أبو بكر القاضي. وطريثيث بلد من أعمال نيسابور. له يد باسطة في اللغة والنحو والأدب. ورد بغداد قبل سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة. له كتاب الموازنة بين أبي طاهر وطاهر، يمدح فيه أبا طاهر الخوارزمي ويذم طاهر الطريثيثي، وهو كتاب كثير الفوائد. وتوفي سنة ثلاث وخمسمائة.

أبو محمد الشهراباني عبد الله بن محمد بن محمد بن هبة الله بن أبي عيسى، أبو محمد من أهل شهرابان، وأقام ببغداد. كان له معرفة بعلم الأدب والنحو والعربية والشعر. وهو مليح الخط جيد الضبط. قرأ على أبي محمد ابن الخشاب ولازمه حتى حصل طرفا جيدا مما عنده. مات في رجب سنة ستمائة. ومن شعره: من الرمل

نحن قوم قد تـولـى حـظـنـا                      وأتى قوم لـهـم حـظ جـديد

وكـذا الأيام فـي أفـعـالـهـا                      تخفض الهضب وتستعلي الوهود

إنمـا الـمـوت حـياة لامـرئ                      حظه ينـقـص والـهـم يزيد أبو محمد الأشيري عبد الله بن محمد بن عبد الله بن علي الأنصاري، أبو محمد الاشيري، وأشير بلدة في أطراف إفريقية.كان احد الأعلام والشيوخ المشهورين كتب بيده الكثير من الحديث والأدب،ودخل الأندلس ولقي القاضي عياضا،وورد إلى الشرق وحج ودخل مصر والشام وحلب ومات سنة سبعين وخمسمائة. وكان يقرأ الحديث فغلط في شيء سبقه إليه لسانه فرده عليه بعض الحاضرين فقبل قوله وقال: القارئ أسير المستمع. وكان الوزير أبو المظفر ابن هبيرة طلبه من العادل نور الدين الشهيد لما صنف كتاب الإفصاح وجمع أهل المذاهب لأجله، وقيل له إنه فقيه مالكي المذهب. ولما وصل بغداد أنزله بدار بين الدربين وأنعم عليه وأجرى له الجرايات الحسنة وأكثر مذاكرته ومجالسته وكان قد بحث يوما معه فرد عليه وأغضبه بين الجماعة، فقال له الوزير: تهذي ليس كلامك بصحيح فمضى الأشيري ولم يعد إلى مجلسه فأرسل إليه حاجبه فلم يحضر فرد الحاجب وقال له: إن لم يجئ بعثت إليه ولدي الإثنين فحضر فقال له: لا بد أن تقوم بين الجماعة وتخاطبني بما خاطبتك به وحلف على ذلك فلم يفعل فألزمه الوزير والجماعة الحاضرون إلى أن قال للوزير كما قال له، واعتذر الوزير إليه ووصله. وله كتاب الاشتقاق وكتاب وجوب الطمأنينة.

أبو محمد الأسلمي عبد الله بن محمد بن عيسى بن وليد الأندلسي النحوي، يعرف بابن الأسلمي، كنيته أبو محمد. كان يختم كتاب سيبويه كل خمسة عشر يوما مرة، وألف كتبا منها كتاب تفقيه الطالبين ثلاثة أجزاء، كتاب الإرشاد إلى إصابة الصواب.

البلنسي المجلد

 

صفحة : 2486

 

عبد الله بن محمد البلنسي. أبو محمد. كان مجلدا فاضلا.قال له يوما شهاب الدين عبد الحق بن عبد السلام الصقلي وهو يبشر جلدا لكتاب: ما أنت إلا بشار فقال: من مجزوء الرمل

أنا بـشـار ولـك                      لست بشار بن برد

ذاك بشار لشعـر                      وأنا بشار جـلـد المكفوف النحوي القيرواني عبد الله بن محمد، وقيل ابن محمود، أبو محمد المكفوف النحوي القيرواني. كان عالما بالغريب والعربية والشعر وتفسير المشروحات وأيام العرب وأخبارها. وتوفي سنة ثمان وثلاثمائة. وله كتاب في العروض يفضله أهل العلم على كل ما ضنف لما بين وقرب. وكان يجلس مع حمدون النعجة في مكتبه فربما استعار بعض الصبيان كتابا فيه شعرأو غريب أو شيء من أخبار العرب فيقتضيه صاحبه إياه فإذا ألح عليه أعلم أبا محمد المكفوف بذلك فيقول له: إقرأ علي فإذا فعل قال: أعده ثانية ثم يقول: رده على صاحبه ومتى شئت تعالى حتى أمليه عليك. وهجاه إسحاق بن خنيس فأجابه المكفوف وقال: من البسيط

إن الخنيسي يهجوني لأرفـعـه                      إخسا خنميس فإني لست أهجوكا

لم تبق مثلبة تحصى إذا جمعـت                      من المثالب إلا كلـهـا فـيكـا وكانت الرحلة إليه من جميع إفريقية لأنه كان أعلم خلق الله بالنحو واللغة والشعر والأخبار.

أبو محمد الغيمي المالكي عبد الله بن محمد الغيمي - بالغين المعجمة مفتوحة والياء آخر الحروف ساكنة - أبو محمد المغربي. صوام قوام، عني بكتب أشهب وبالمدونة وبكتب ابن الماجشون، وأخذ الفقه عن جلة أصحاب ابن سحنون. حمل هو وأبو عبد الله الصدري إلى المهدي لما ذما التشيع فضربهما حتى ماتا وصلبهما رضي الله عنهما وذلك سنة ثمان وثلاثمائة.

الحافظ الدينوري عبد الله بن محمد بن وهب بن بشر، أبو محمد الدينوري الحافظ الكبير. طوف الأقاليم وسمع. كان أبو زرعة يعجز عن مذاكرته. قال الدار قطني: متروك. توفي سنة ثمان وثلاثمائة.

عين القضاة الميانجي عبد الله بن محمد بن علي بن الحسن أبو المعالي عين القضاة الميانجي - بعد الميم آخر الحروف وبعدها الف ونون وجيم - وميانج بلد بأذربيجان، وهو من أهل همذان، فقيه علامة شاعر مفلق يضرب به المثل في الذكاء والفضل، ويتكلم بإشارات الصوفية، وكان الناس يتباركون به والعزيز المستوفي يبالغ في تعظيمه فلما قتل كان بينه وبين الوزير أبي القاسم إحن فعمل محضرا بألفاظ شنيعة التقطت من تصانيفه فكتب جماعة بحل دمه، فحمله أبو القاسم الوزير إلى بغداد مقيدا ثم رد وصلب بهمذان في سنة خمس وعشرين وخمسمائة. وكان من تلاميذ الغزالي وتلاميذ محمد بن حمويه. ومن شعره: من الطويل

أقول لنفسي وهي طالبة العلـى                      لك الله من طلابة للعلى نفسـا

أجيبي المنايا إن دعتك إلى الردى                      إذا تركت للناس ألسنة خرسـا ومنه: من الطويل

فما خدع الأجفان بعدك غفوة                      ولا وطئ الأجفان قبلك أدمع ومن تصانيفه الرسالة العلائية، أمالي الاشتقاق، البحث عن معنى البعث، كتاب زبدة الحقائق، في الحساب الهندي - مقدمة، وغير ذلك.

الكامل الخوارزمي صاحب الرحل عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الخوارزمي، أبو القاسم الكامل. أحد البلغاء المتأخرين والعلماء المبرزين. كان في عصر الحريري أبي محمد صاحب المقامات، ولما فاز الحريري بالسبق إلى عمل المقامات إخترع هذا الخوارزمي كتاب الرحل وعمل فيه ست عشرة رحلة حذا فيها حذو المقامات وأهداها إلى هبة الله ابن الفضل بن صاعد بن التلميذ في سنة اثنتين وخمسمائة، وأورد منها ياقوت في معجم الأدباء رحلة واحدة.

ابن الذهبي الطبيب عبد الله بن محمد الأزدي. يعرف بابن الذهبي. أحد المعتنين بصناعة الطب ومطالعة كتب الفلاسفة. وكان كلفا بصناعة الكيمياء مجتهدا في طلبها. توفي سنة ست وخمسين وأربعمائة. وله من الكتب مقالة في أن الماء لا يغذو.

ابن علقمة البلنسي

 

صفحة : 2487

 

عبد الله بن محمد بن الخلف، أبو محمد الصدفي البلنسي، يعرف بابن علقمة، وأبوه الكاتب أبو عبد الله هو صاحب تاريخ بلنسية وكتب أبو محمد هذا للقاضي أبي الحسين بن عبد العزيز وفيه يقول أبو العباس بن العريف الزاهد رحمه الله تعالى: من السريع

من عجب الدهـر وآياتـه                      سكرة تعزى إلى علقمـه

خيف عليها العين من طيبها                      فهي بأضداد الكنى معلمه

بقية المعنى لذي فـطـنة                      لأنها في اللفظ علق ومه ومن شعر أبي محمد يخاطب الأستاذ أبا عبد الله بن خلصة عقيب إبلاله من مرض أرجف فيه بموته: من الطويل

نعوك وقاك الله كـل مـلـمة                      وما هو نعي بل مصحفه بقي

وينع لزهر الجسم بعد ذبـولـه                      وبالضد من معناه يبدو لنا الشي

فهذا صحيح الزجر باد دلـيلـه                      ولله فينا الحكم والأمر والنهي فأجاب ابن خلصة بأبيات منها: من الطويل

لثن كنت منعيا فما الموت وصمة                      لقد نعيت قبلي الرسالة والوحي

ليغض عدو أو ليظهر شـمـاتة                      فعما قليل يتبع الميت الـحـي قلت: أحسن من الأول قول الأول: من الطويل

تمنى رجال أن أموت وإن أمت                      فتلك طريق لست فيها بأوحـد ابن أبي روح المغربي عبد الله بن محمد بن أبي روح، أبو محمد. من أهل الجزيرة الخضراء. رحل منها إلى المشرق سنة سبعين وخمسمائة أو نحوها ولم يعد إليها، فقال يتشوقها: من الطويل

أعلل يا خضراء نفسي بالمـنـى                      وأقنع إن هبت رياحك بالـشـم

إذا غبت عن عيني يغيب منامهـا                      وكيف ينام الليل ذو الوجد والهـم

تذكرت من فيها ففاضت مدامعي                      فلله من فيها من الخال والـعـم

أحن إلى الخضراء من كل موطن                      حنين مشوق للعناق ولـلـضـم

وما ذاك إلا أن جسمي رضيعهـا                      ولا بد من شوق الرضيع إلى الأم قلت: شعر مقبول.

المغربي المهري عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن المنخل المهري، من أهل شلب، أبو محمد بن أبي بكر. ومن شعره: من الكامل

شرف الخلافة أن ملكت زمامها                      وغدوت من عقب الإمام إمامها

وافتك تبتدر الرضا إذ رمتـهـا                      ولشد ما امتنعت على من رامها

طبع الإله لها حساما صـارمـا                      يحمي جوانبها فكنت حسامهـا

ورأت عداة الله أن حمـامـهـا                      من قيس عيلان فكنت حمامهـا منها:

فعلى رماحك أن تشق جيوبهـا                      وعلى حسامك أن يفلق هامهـا

ملك يجير من الزمان فإن يضم                      حرا بوادية الليالي ضـامـهـا

قسطاس عدل لا يميل فإن رأى                      ميل الخلافة أمها فأقـامـهـا

ما الجود إلا ما تفيض بـنـانـه                      لا ما تفيض العرب فيه سهامها

ما البأس إلا ما تضمن سـيفـه                      لا ما تضمن بعضه صمصامها

ما الزجر إلا ما يجر خـلافـه                      ليس الذي وسمت به أيامـهـا

يطفي الحروب إذا توهج جمرها                      ولربما خمدت فشب ضرامهـا

وإذا أسود الحرب هاج غرامها                      عانى بحد المشرفي عرامـهـا

وإذا بروق المزن لحن كواذبـا                      صدقت بروق نواله من شامها ومنها:

لما رأيت الدين أظلم وجـهـه                      والحرب قد سدلت عليه قتامها

أقبلتها شعث النواصي شـزبـا                      جردا تباري في الفلاة سمامها

من كل مشرفة التليل كأنـمـا                      عقدوا بباسقة النخيل لجامهـا

وأغر وضاح الحجول مطهـم                      يجلو إذا خاض الغمار ظلامها منها:

يلقى العداة الرعب قبل لقائه                      فيزل قبل قتالها أقدامـهـا وقال مسليا من هزيمة: من الكامل

لا تكترث يا ابن الخلفة إنـه                      قدر أتيح فما يرد متـاحـه

قد يكدر الماء القراح لعـلة                      ويعود صفوا بعد ذاك قراحه قلت: شعر جيد.

أبو محمد المرسي الكاتب

 

صفحة : 2488

 

عبد الله بن محمد بن ذمام، أبو محمد الكاتب المرسي، من أهل لقنت - بفتح اللام والقاف وسكون النون وبعدها تاء ثالثة الحروف - سكن مالقة. وكان في أول أمره توجه إلى مراكش وتعلق بخدمة أبي الغمر هلال بن الأمير محمد بن مرذنيش، فكتب إليه أبوه الأستاذ أبو عبد الله مع رسالة يشعره اللحاق به وقد رغب إليه: فيه من الطويل

إلى الحضرة العليا المسير المحقق                      بها أمل إن شاءه اللـه يلـحـق

بها كعبة الآمال طوبى لـطـائف                      يقبل أركانـا لـهـا ويخـلـق

فطوبى لمن أمسى وقد حط رحله                      بساحة باب للهدى ليس يغـلـق

وتعسا لمن لم ينظم الدهر شملـه                      بمراكش الغراء حيث التـأنـق فراجعه برسالة يقول فيها: من الطويل

بنانك من بحر المعارف تنـفـق                      وذهنك للمعنى البديع مـوفـق

فنظمك در أنفـس الـدر دونـه                      ونثرك مسك طيب العرف يعبق

وأنت مليك للبـلاغة كـلـهـا                      وراياتها من فوق رأسك نخفق

ولله بكر بنت عشر زففـتـهـا                      تعبر عن سحر حلال وتنطـق

تجلت فجلت أن يعارض حسنها                      وكيف وفيها للمعالـي تـأنـق

وما هو إلا أن فضضت ختامهـا                      فهيج بلبالي إلـيك الـتـشـوق

فيا ليت مر الشوق لم تدر طعمه                      وياليت هذا البين لم يك يخلـق

فذاك للذات التواصـل قـاطـع                      وهذا لشمل الأقربين مـفـرق قلت: شعره أجود من شعر أبيه بل ما بينهما صيغة أفعل واقترح عليه أبو الغمر المذكور أن يعارض أربعة من أشعار الغناء أولها: من الوافر:

يخط الشوق شخصك في ضميري                      على بعد الـتـزاور خـط زور فقال: من الوافر

ملكت الفضل يا نجل ابن سعد                      فما لك في الأكارم من نظير

حسامك حاسم عدو الأعـادي                      ومالك مذهب عدم الفـقـير

ووجهك إن تبدى في ظـلام                      تجلى عن سنا قمر مـنـير

لذا سماك من سمـى هـلالا                      لإشراق حبيت بـه ونـور وثانيها: من الطويل

أشاقك طيف آخر الليل من هند                      ضمان عليه أن يزور على بعد فقال: من الطويل

حكى دمعها الجاري على صفحة الخد                      نثير جمان قد تساقـط مـن عـقـد

فقلت لها ما بـال دمـعـك جـاريا                      فقالت لما في القلب من ألم الوجـد

ولو لا لهيب ظل بـين جـوانـحـي                      يجفف دمعي كان كالسيل في المـد

وما يطفئ الجمر المضرم في الحشا                      سوى وصل مولانا هلال أبي سعـد وثالثها: من الطويل

أعانق غصن البان منها تعللا                      فأنكره مسا وأعرفـه قـدا فقال: من الطويل

شكت يالها تشكو لفرط صبـابة                      ولوعة وجد ألبستها الضنى بردا

وقالت ودمع العين في ورد خدها                      يريك جمان الطل إذ بلل الوردا

أيا قمر رفقا على القلـب إنـه                      سقيم ضعيف ليس يحتمل الصدا

فلو حملت شم الجبال من الهوى                      كبعض الذي حملته هدها هـدا ورابعها: من الطويل

صحا القلب عن سلمى وعلق زينبا                      وعاوده أضعاف ما قد تجـنـبـا فقال: من الطويل

إذا نمت الأزهار واعتلت الصبا                      وهيجت الألحان أشجان من صبا

ودارت كؤوس للمدام تخالـهـا                      لرقة ما فيها لجينـا مـذهـبـا

تهز هلالا للـمـكـارم هـزة                      كهز القنا يوم الكريهة والظبـى

ففي حالة الإفضال يشبه حاتمـا                      وفي حالة الإقدام يحكي المهلبا ومن شعره - والرابع مضمن: من الوافر

نفى نومي وهيج لي خيالي                      فراق لم يكن يجري ببالي

وكنا قبله في خفض عـيش                      وأنس وانتظام واتـصـال

فشتتنا الفراق وروعـتـنـا                      مطي البين تدني لارتحـال

فلو نعطى الخيار لما افترقنا                      ولكن لا خيار مع الليالـي البكري الإشبيلي

 

صفحة : 2489

 

عبد الله بن محمد بن عمار البكري الإشبيلي، من أقارب أبي عبيد البكري. قدم على شرق الأندلس في أول المائة السابعة. قال ابن الأبار في تحفة القادم: سمع منه ببلنسية بعض شعره شيخنا القاضي أبو الخطاب بن واجب ثم عاد إلى بلده وبه توفي. ومن شعره: من الكامل

سلت على الأعداء منه صـوارم                      قطعت مناسب دومة عن قيصر

وكتائب ضاق الفضاء بحملـهـا                      برئت بها لمتونة من حـمـير وأول هذه الأبيات: من الكامل

طلعت كبدر التم لاح لمبـصـر                      غيداء تبسم عن نفيس الجوهـر

وتنفست فكـأن نـفـح مـدامة                      شيبت روائحها بمـسـك أذفـر

عجبت لرامية القلوب بأسـهـم                      أبدا تفوق من قسي المحـجـر

سفرت كما وضح الصباح فقابلت                      بدر السماء ببـدر أرض نـير ومنه: من الكامل

أهلا بساحرة الجفون وقد أتت                      لزيارتي تمشي على استحياء

خافت عيون وشاتها فتلفعـت                      حذر الرقيب ببردة الظلمـاء

وأتتك ببن لداتها فكـأنـهـا                      قمر وهن كواكب الجـوزاء وقال في أعور غمت حدقته السليمة حمرة إلا يسير بياض كالخط الدائر بها، وقاله ارتجالا: من السريع

لم تر عيني مثل عين غـدت                      لا تعرف السهد من الغمض

فازت يد الدهر يتفريقـهـا                      من كل مسـود ومـبـيض

وأبقت الأيم أخـتـا لـهـا                      ناكسة الرأس إلـى الأرض

كأنها مـن حـمـرة وردة                      قد طوقت بالسوسن الغض وقال في صديق كان يداجيه: من الطويل

ومستبطن حقدا وفـي حـركـاتـه                      تصنع مـظـلـوم يدل بـظـالـم

تصدى لإيناسـي بـحـيلة فـاتـك                      ولاحظني خوفا بطرف مـسـالـم

تستر عن كشف العـداوة جـاهـدا                      كما كمنت في الروض دهم الأراقم قلت: يشبه قول ابن عبدون في ذم الأيام: من البسيط

تستربالشيء لكن كي تغـر بـه                      كالأيم ثار إلى الجاني من الزهر ومنه شعره يصف إشبيلية: من البسيط

أجل فديتك طرفا في محاسنـهـا                      تبصر وحقك منها آية عـجـبـا

قطر تكنفه من جانـبـيه مـعـا                      مصانع تحمل الأنداء واللـهـبـا

زهر الوجوه كأن البدر جر علـى                      حيطانها البيض من أنواره عذبـا

والنهر كالجوارق العين بهجـتـه                      تهز منه الصبا هندية قـضـبـا

تراه من فضة حينا فإن طلـعـت                      عليه شمس الضحى أبصرته ذهبا

صفا وراق فلـولا أنـه نـهـر                      أمسى سماء يرينا في الدجى شهبا

كأنما الجو مرآة بـه صـقـلـت                      زرقاء تحسب فيها زهرها حببـا

ما روضة الحزن حلى القطر لبتها                      ومدت الشمس في حافتها طنبـا

يوما بأبهج مرأى منه إن رقصت                      حدائق الحسن في أرجائه طربـا وكتب إلى أبي الربيع بن سالم يطلب منه جزءا من نسب الأشراف للبلاذري: من الكامل

إبعث إلي أبا الربيع صـحـيفة                      قد راق منظرها وطاب ثناهـا

مهما تصخ أسماعنا لحـديثـهـا                      فنفوسنا تصبـو إلـى رؤياهـا

أضحت تحدث عن أناس أصبحوا                      رمما يذكرك الردى مثـواهـا

أظفر يدي منها بعلق مـضـنة                      كمين موسى أظفرت بعصاهـا

أو كالقميص أتى النبي مبشـرا                      فأزاح عن عين النبي عماهـا فأجاب أبو الربيع بأبيات منها: من الكامل

أهدى إلى النفس المشوق مناها                      وأعاد نضرة أنسه وثـنـاهـا

طرس أتى والمجد بعض حداته                      يحوي نظائر فاقت الأشباهـا

حيي بها ودي سـلافـا مـزة                      طابت مذاقتها وطاب شذاهـا وهي أبيات طويلة جيدة. وكان أبو محمد قد كتب قوله: علق مضنة بظاء ثم إنه تذكر ذلك بعد إنفاذها فكتب إلى أبي الربيع ابن سالم: من الكامل

قل للفقيه أبي الربيع وقد جرى                      قلمي فأصبح بالصواب ضنينا

أبشر بفضلك ظاء كل مضـنة                      سألته كفي فاستحال ظنـينـا

 

صفحة : 2490

 

فكتب أبو الربيع جوابه: من اكامل

حسن بإخوان الصفاء ظـنـونـا                      ليس الصجي على الصديق ضنينا

ما دار في خلدي سوى غلط جرى                      حاشاك تفلى بالصواب ضنـينـا

وقد بشرت مشال كـل مـضـنة                      لما أتت حتى بشرت الـنـونـا القاضي أبو محمد التجيبي عبد الله بن محمد بن مطروح التجيبي، أبو محمد القاضي البلنسي. توفي بها والروم يحاصرونها سنة خمس وثلاثين وستمائة ومن شعره يرثي أباه من قصيده: من المتقارب

دعاك فلبيت داعي البلـى                      وفارقت أهلك لا عن قلى

رمتك وسهم الردى صائب                      شعوب فما أخطأت مقتلا

تقاضاك منا الغريم الـذي                      أبي قدر الله أن يمطـلا

أيا ظاعنا هـدنـا فـقـده                      جميعا ألم يأن أن نقفـلا

أحن إلـى مـورد أمـه                      وإن لم يكن موردا سلسلا

وأذهل مهما دعوا باسمـه                      وحق لمثلـي أن يذهـلا

وهون وجدي على فقـده                      لحاقي به بعد مستعجـلا

إن جف من شجر أصلـه                      فال بد للفـرع أن يذبـلا

سأبكيه ما دمت ذا مقـلة                      وأعصي العواذل والعذلا

وأترك حكم لبـيد سـدى                      كما ينسخ الآخـر الأولا قلت: قول لبيد من أبيات وأنشدها لابنتيه لما احتضر: من الطويل

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما                      ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر ولهذا قال أبو حاتم الطائي: من الكامل

ظعنوا فكان بكاي حولا بعدهم                      ثم ارعويت وذاك حكم لبـيد وقال القاضي أبو محمد يرثي الشيخ أبا عبد الله بن نوح من قصيدة: من الكامل

ناداك إذ أزف الرحيل منـادي                      فظعنت في قود الحمام الغادي

والناس والدنيا كسفر أزمعـوا                      ظعنا وما غير المنـية حـادي

هل نحن إلا من أروم هـالـك                      فالفرع تلو الأصل في المعتاد

كل الجسوم وإن تطاول مكثهـا                      فمصيرها بجـواهـر أفـراد

فضت العقول بأن كل مركـب                      ينحل عند تغـالـب الأضـداد

تتلو المبادي في الأمور نهـاية                      والكون يؤذن طبعه بفـسـاد

لهفي ولهفي لا يجير من الردى                      لهفي على قمر العلى والنادي

أودى ابن نوح فالشريعة بعـده                      تبكي وتندب منه ثواب حـداد

كم ذب عنها كم أقام لـواءهـا                      فردا وجلى من ظلام عـنـاد

ولم يلج أذنيه مـؤلـم نـعـيه                      لم يدر كيف تصدع الأكـبـاد ابن الواعظ المقدسي عبد الله بن محمد بن الصفي أبي المعالي أحمد المقدسي، عرف بابن الواعظ. أخبرني العلامة أثير الدين أبو حيان من لفظه قال: لقيته بدمياط سنة ثمان وثمانين وستمائة وأنشدنا لنفسه: من الطويل

سرت نسمة مسكية العرف معطار                      لها أرج في طي مسراه أسـرار

فلمنا بها حتى الغصون كـأنـمـا                      شذاها سلاف الراح والنشر خمار

ألا هات عن نجد أحـاديث غـربة                      فيما طيب ما خبر أفدت وأخبـار

أهيل ودادي هل عل أيمن الحمـى                      أراكم وتقضى بالتواصل أوطـار

وهل تسعف الأيام تسمح بالمـنـى                      بقرب مزاز أو يوافق مـقـدار

خليلي إن القلب والنفس والهـوى                      لعينيه أعوان علـي وأنـصـار قلت: شعر يقارب الجودة ولو كان لي فيه حكم لقلت:  فيا حبذا، خبر أفدت وأخبار  وكان يستريح من اللحن ومن قلق هذا التركيب لأن ما هنا زائدة تقديره  فيا طيب خبر وأخبار أفدت  والمعنى عليه، وإن كانت نكرة موصولة وتقديره، فيا طيب ما أفدته خبرا وأخبارا فيتعين النصب حينئذ على التمييز.

بليغ الدين القسنطيني عبد الله بن محمد بن عبد الغفار القسنطيني، أبو محمد النحوي العروضي. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني بليغ الدين أبو محمد عبد الله النحوي اللغوي العروضي رحمه الله لنفسه بدمشق بالمدرسة الريحانية في صفر سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة لغزا في الفرزدق وجرير: من الطويل

 

صفحة : 2491

 

 

رأيت جريرا والفـرزدق فـوقـه                      بخفيف منى لم يخش عارا ولا إثما

فألقيت في النار الفرزدق بعـدمـا                      لطمت محياه ولم أقترف ظلـمـا

ولو لا جرير ما ذكت نارنـا لـه                      فلما ذكت أضحى جرير بها فحما الفرزدق قطع العجين والجرير هو الحبل قال: وأنشدني لنفسه: من الكامل

جمع الهواء من الهوى في باطنـي                      فتكاملت في أضـلـعـي نـاران

فقصرت بالمقصور عن وصل الظبا                      ومددت بالمدود فـي أكـفـانـي قلت، لو قال فقصرت بالمدود ومددت بالمقصور لكان أغزل وأشعر وأصنع قال: وأنشدني نفسه القصيدة الخالية وهي: من الطويل:

أيا راكب الوجناء في السبسب الخالي                      إذا جئت نجدا عج على دمن الخـال الأول: لا أنيس به، والثاني بنجد معروف.

 

وقف باللوى حيث الرياض أنيقة                      بذات الغضاغب المواطر كالخال برود اليمن الموشاة

وحيث الصبا تثني الغصون عليلة                      تهب فتذكي لوعة الصب والخالي الذي ليس في قلبه علاقة من حب

ومهما أرتك الجلهتـان ذوائبـا                      من البان يثني بانثناء على الخال المطر الذي يتخيل في السحب

غدتها بعل بعـد نـهـل فـرنـحـت                      معاطفها كالمزدهي العطف ذي الخال الخيلاء.

 

تهيج بها الأغصـان ورق صـوادح                      وتبكي هديلا بان في العصر الخالي المتقدم.

 

فتلك المغاني معشري وأحبـتـي                      وربع ذوات الأعين النجل والخال أحد الخيلان.

 

ربوع بها أصبحت اللهو والصبا                      وحيث بها ريعان عمري كالخال المتكبر عجبا

يخيل لي من نشوة الحب أنني                      أهز الرديني المثقف ذا الخال اللواء.

 

أنزه سمعي عن ملامة نـاصـح                      وأعدل عن عذل من العم والخال أخو الأم.

 

وأصغي إلى صوت المهيب إذا دعا                      لراح براح من أخي ثقة خـالـي الحسن المخيلة.

 

إذا أنا أعـطـيت الـنـديم مـدامة                      بروضة حزن راقت الطرف للخال نور معروف بنجد.

 

أجود بما ضن البخيل بـبـذلـه                      وأحسبني كسرى وقيصر بالخال الظن والتوهم.

 

إذا كنت لا تسطيع رد منيتـي                      فدعني ولذاتي وخال إذن خالي فعلا أمر من المتاركة.

 

إليك فإنـي لا أصـيخ لـعـاذل                      فلا تحلني واكفف ملامك يا خال ترخيم خالد.

 

إذا أنا أتلفت الذي جمعـت يدي                      وعيشك إني فارغ القلب كالخال العزب لا زوج له.

 

عليم بأسباب اكتساب تـخـالـنـي                      إذا ما حويت الوفر يا صاح كالخال حسن القيام على المال.

 

لحى الله مالا صانه بـذل بـاخـل                      لعرض ذميم النشر أهجن من خال ثوب يستر به الميت.

 

ولا أمنح الكـومـاء إلا غـريرة                      ولا القوم إلا إن غدا وهو كالخال الحبل الأسود.

 

ومالي لا أسموا إلى طلب العلى                      وألحق أطواد المبارين بالخـال الأكمة الصغيرة.

 

وإن تخل سلمى من وجيب ولوعة                      فلست وإن خانت عهودي بالخالي الفارغ.

 

فقلبي وإن شت بهـا غـربة الـنـوى                      على حفظ عهد الحب ما عشت كالخالي الخالي: الملازم للشيء.

 

قررت بها عينا على السخط والرضا                      كقرة عين الرائد الخصب بالخـال الذي وجد الخلا.

 

خلعت في الصبابة والصـبـا                      وما أنا ذا طوع إذا شئت للخال الذي يلقي اللجام في فم الفرس.

 

وما أنا بالهيابة الأمـر هـائلا                      وليس فؤادي باليراع ولا الخال الضعيف القلب.

 

وعزمي كالغضب الجراز مضاؤه                      وإني به للخطب إن جل للخالـي قاطع الخلا وهو العشب.

 

أراعي عهودا بـينـنـا ومـودة                      وإن كنت في وج كنت بذي الخال موضع ببلاد بني أسد.

 

فلا تتهمني في الوداد فاننـي                      إذا غير البين المحبين للخالي البريء من التهمة.

 

وكم وقفة لي بالمعالـم بـاكـيا                      أروي بدمع ذاوي الطلح والخال قلت: قد تكررت معه القوافي في مواضع وهي ظاهرة إلا بتكلف كثير وتوسع زائد.

ابن جرج الكاتب

 

صفحة : 2492

 

عبد الله بن محمد بن جرج - بجيمين بينهما راء - الكاتب أبو جعفر القرطبي. أصله من ألبيرة. توفي سنة خمس وسبعين وخمسمائة. ومن شعره يستدعي طبيبا: من السريع

خل ابن سيناء وأقـوالـه                      فإنها من خدع الـمـرء

ولتأتني في منزلي مسرعا                      فإن عندي حيلة الـبـرء ومنه: من البسيط

أما ذكاء فلم تصفر إذ جنـحـت                      إلا لفرقة هذا المنظر الحسـن

ربى تروق وريعان مـزخـرفة                      وسابح مد بالهطـالة الـهـتـن

وللنسيم علـى أرجـائه حـبـب                      يكاد من رقة يخفى على الغصن قال ابن الأبار في تحفة القادم: وتنسب هذه القطعة غلطا إلى أبي القاسم أخيل ابن إدريس الرندي، وأنشدها أبو القاسم عامر بن هشام القرطبي في مجموع له لأبي جعفر بن جرج هذا وهو بلديه ولعله سمعها منه.

ابن سارة المغربي عبد الله بن محمد بن سارة، ويقال صارة بالصاد، أبو محمد البكري الشنتريني نزيل إشبيلية. كان شاعرا مغلقا لغويا مليح الكتابة، نسخ الكثير بالأجرة وهو قليل الحظ. توفي سنة سبع عشرة وخمسمائة. كان لم يسعه مكان ولا اشتمل عليه سلطان. أثنى عليه صاحب القلائد، وصاحب الذخيرة، قال: إنه يتبع المحقرات وبعد جهد اتقى إلى كتابة بعض الولاة فلما كان من خلع الملوك ما كان آوى إلى إشبيلية أوحش حالا من الليل وأكثر انفرادا من سهيل وتبلغ بالوراقة وله منها جانب وبها بصر ثاقب فانتحلها على كساد سوقها وخلو طريقها وفيها يقول: من الكامل

أما الوراقة فهي أيكة حرفة                      أوراقها وثمارها الحرمـان

شبهت صاحبها بصاحب إبرة                      تكسو العراة وجسمها عريان ومن شعره: من الكامل

ومعذر رقت حواشي وجهـه                      فقلوبنا وجدا علـيه رقـاق

لم يكس عارضه السواد وإنما                      نفضت عليه سوادها الأحداق ومنه في غلام أزرق العينين: من الكامل

ومهفهف أبصرت في أطرافـه                      قمرا بآفاق المـلاحة يشـرق

تقضي على المهجات منه صعدة                      متألق فـيهـا سـنـان أزرق وأورد له صاحب الحديقة: من الرجز

أسنى ليالي الدهر عندي لـيلة                      لم أخل فيها الكأس من أعمالي

فرقت فيها بين جفني والكرى                      وجمعت بين القرط والخلخال وقيل: إنهما لصالح الهزيل الإشبيلي. ومن شعره ابن سارة: من البسيط

يا من يصيخ إلى داعي السقاة وقـد                      نادى به الناعيان الشيب والكـبـر

إن كنت لا تسمع الذكرى ففيم ثوى                      في رأسك الواعيان السمع والبصر ومنه: من البسيط

ليس الأصم ولا الأعمى سوى رجل                      لم يهده الهاديان الـعـين والأثـر

لا الدهر يبقى ولا الدنيا ولا الفلك ال                      أعلى ولا النيران الشمس والقمـر

ليرحلن عن الـدنـيا وإن كـرهـا                      فراقها الثاويان البدو والـحـضـر ومنه: من البسيط

وصاحب لي كداء البطن عشرته                      يودني كوداد الذئب للـراعـي

يثني علي جزاه الله صـالـحة                      ثناء هند على روح بن زنبـاع إشارة إلى قول هند بنت النعمان بن بشير الأنصاري وكانت زوجة روح بن زنباع، وفيه تقول: من الطويل

وهل هند إلا مهـرة عـربـية                      سليلة أفراس تحللـهـا بـعـل

فإن تنجت مهرا كريما فبالحرى                      وإن يك إقراف فما أنجب الفحل ومنه: من الطويل

أعندك أن البدر بات ضجيعي                      فقضت أطاري بغير شفـيع

جعلت ابنه العنقود بيني وبينه                      فكانت لنا أما وصار رضيعي ومن شعر ابن سارة قوله: من الوافر

تأمل حالنا والجو طـلـق                      محياه وقد طفل المسـاء

وقد جالت بنا عذراء حبلى                      تجاذب مرطها ريح رخاء

بنهر كالسجنجل كوثـري                      تعاين وجهها فيه السمـاء قلت: قوله تجاذب مرطها أراد بذلك القلع الذي كان للمركب أو المظلة التي كانت عليهم فيه. ولما وقف أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة على هذه القطعة أعجب بها فقال: من الوافر

 

صفحة : 2493

 

 

إلا يا حبذا ضحك الـحـمـيا                      بحامتها وقد طفل المـسـاء

وأدهم من جياد المـاء نـهـد                      تنـازع جـلـه ريح رخـاء

إذا بدت الكواكب فيه غرقـى                      رأيت الأرض تحسدها السماء ومنه في ذم فروته: من الكامل

أودى بـذات يدي ذمـاء فـرية                      كفؤاد عروة في الضنى والرقة

يتجشم الفراء في ترقـيعـهـا                      بعد المشقة في قريب الشـقة

إن قلت بسم الله عند لبـاسـهـا                      تقرا علي إذا السماء انشـقـت قلت: ذكرت ها هنا ما نظمت ونحن بمرج الغسولة وقد تواترت الأمطار والرعود علينا ونحن في الخيام مقيمون: من المنسرح

لم أنس ليلا بالمرج مر لنا                      به حللنا في غاية الشـدة

تقابل الرعد فيه خيمتـنـا                      بسورة الانشقاق والسجده النحوي عبد الله بن محمد بن زبرج، أبو المعالي العتابي النحوي، قال محب الدين ابن النجار: كتبت عنه وكان عسرا في الرواية جدا مبغضا لأهل هذا الشأن، ولم تكن سريته مرضية، وله معرفة حسنة بالنحو، ويتردد إلى بيوت الناس للتعليم. وتوفي سنة ستمائة.

أبو طالب النهرواني عبد الله بن محمد الفتي، أبو طالب النهرواني. كان فاضلا أديبا شاعرا، أمر أن ينقش على لوح قبره: من الطويل

شربنا بكأس سوف تسقون مثلها                      قريبا لعمري والكؤوس تدور

فقل للذي أبدى شماتتـه بـنـا                      إلى مثل ما صرنا إليه تصير

فلو دامت الدنيا على ذي مهابة                      لدمت ولكن الزمـان مـبـير الحافظ الهروي عبد الله بن محمد بن علي بن محمد بن مت، شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي الحافظ العارف. هو من ولد أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه. كان بكر الزمان في فنون الفضائل وأنواع المحاسن. صنف كتاب الفاروق في الصفات، وكتاب ذم الكلام، وكتاب الأربعين حديثا. وله في التصوف كتاب منازل السائرين، وقصيدة في مذهبه، ومناقب أحمد بن حنبل رضي الله عنه. وتوفي في ذي الحجة سنة إحدى وثمانين وأربعمائة.

والد ابن العربي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن العربي، أبو محمد المعافري الإشبيلي، والد القاضي أبي بكر بن العربي. سمع ببلده، وحج، وسمع بالشام والعراق. وكان من أهل الآداب واللغة والذكاء والبراعة والتقدم في معرفة الخبر والشعر والافتتان بالعلوم وجمعها وتوفي سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة. ومن شعر أبي محمد المعافري قوله: من الكامل

نصح العدى ضرب من التـمـويه                      فعلام تقبل نصـحـهـم وتـعـيه

أو لم يبن لك نصح عهدي في الهوى                      أيام قـلـبـك فـي يدي وإلــيه

قل لي فقد بلغ الأسى من خاطـري                      وتحكمت أيدي والـوسـاوس فـيه

أو لا فلا يضررك قوله عـاشـق                      لخلـيه فـي الـسـر أو لأخـيه

كيف السبيل إلى الخلاص من الأذى                      يوما وقلـبـي فـي يدي مـؤذيه ابن السيد البطليوسي عبد الله بن محمد بن السيد، أبو محمد البطليوسي النحوي نزيل بلنسية. قال ابن بشكوال: كان عالما باللغات والآداب مبتحرا فيهما يجتمع الناس إليه ويقرؤون عليه، وكان حسن التعليم. صنف كتبا حسانا منها: كتاب الاقتضاب في شرح أدب الكتاب، والتنبيه على الأسباب الموجبة للاختلاف بين الأمة وكتاب شرح الوطأ وشرح ديوان المتنبي، وشرح سقط الزند، والخلل في أغاليط الجمل، والحلل في شرح أبيات الجمل، وكتاب في الحرفة الخمسة وهي: السين والصاد والضاد والظاء والذال، والمثلث في مجلدين، ومشائل منثورة عربية. ولد سنة أربع وأربعين وأربعمائة. وتوفي في نصف شهر رجب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة. ومن شعره: من الطويل

ترى ليلنا شابت نواصية كـبـرة                      كما شبت أم الجو روض بهـار

كأن الليالي السبع في الجو جمعت                      ولا فصل فيما بينهـا بـنـهـار ومنه: من الطويل

أخو العلم حي خالـد بـعـد مـوتـه                      وأوصاله تـحـت الـتـراب رمـيم

وذو الجهل ميت وهو ماش على الثرى                      يظـن مـن الأحـياء وهـو عـديم ومنه يمدح المستعين بن هود: من الطويل

 

صفحة : 2494

 

 

هم سلبوني حسن صبري إذ بـانـوا                      بأقمار أطواف مطالعهـا الـبـان

لئن غادروني باللوى إن مهجـتـي                      مسايرة أضعانهم حيثـمـا بـانـوا

سقي عهدهم بالخيف عهد غـمـائم                      ينازعها مزن من الدمـع هـتـان

أأحبابنا هل ذلك الـعـهـد راجـع                      وهل لي عنكم آخر الدهر سلـوان

ولي مقلة عبرى وبين جوانـحـي                      فؤاد إلى لقياكم الـدهـر حـنـان

تنكرت الدنيا لنا بـعـد بـعـدكـم                      وحلت بنا من معضل الخطب ألوان من مديحها: من الطويل

رحلنا سوام الحمد عنها لغـيرهـا                      ولا ماءها صدى ولا النبت سعدان

إلى ملك حاباه بالحسـن يوسـف                      وشاد له المجد الرفيع سلـيمـان

من النفر الشم الـذين أكـفـهـم                      غيوث ولكن الخواطـر نـيران كان لابن الحاج صاحب قرطبة ثلاثة بنون يسمى أحدهم عزون والثاني رحمون والثالث حسنون، وكانوا صغارا في حد الحلم وهم من أجمل الناس صورة، وكانوا يقرؤون القرآن على المقرئ ويختلفون إليه في الجامع، وكان أبو محمد البطليوسي قد أولع بهم، ولم يمكنه صحبتهم إذ كان من غير زيهم فكان يجلس في الجامع تحت شجرة كانت في وسطه بكتاب يقرأ فيه يتحين وقت خروجهم ولم يكن له منهم حظ غير ذلك فقال: من البسيط

أخفيت سقمي حتى كاد يخفينـي                      وهمت في حب عزون فعزوني

ثم ارحموني برحمون فإن ظمئت                      نفسي ريق حسنون فحسـونـي القاضي ابن عصرون عبد الله بن محمد بن هبة الله بن المطهر بن علي بن أبي عصرون ابن أبي السري قاضي القضاة شرف الدين أبو سعد التميمي الموصلي الفقيه الشافعي، أحد الأئمة الأعلام. تفقه على القاضي المرتضى، الشهرزوري، وأبي عبد الله الحسين بن خميس الموصلي، وقرأ السبع على أبي عبد الله البارع، والعشر على أبي بكر المزرفي، والنحو على أبي الحسن بن دبيس. ودخل حلب ودرس بها وأقبل عليه صاحبها نور الدين. ولما أخذ دمشق ورد معه إليها ودرس بالغزالية، ثم عاد إلى حلب، وولي قضاء سنجار وحران وديار ربيعة، ثم عاد إلى دمشق فولي بها القضاء وبنى له نور الدين المدارس بحلب وحماة وحمص وبعلبك، وبنى هو لنفسه مدرسة بحلب وأخرى بدمشق وأضر آخر عمره وهو قاض. وصنف جزءا في جواز قضاء الأعمى وهو خلاف مذهبه، وفي جوازه وجهان، والجواز أقوى لأن الأعمى أجود من الأصم والأعجمي. وكتب السلطان صلاح الدين كتابا بخطه إلى القاضي الفاضل يقول فيه إن القاضي قال: إن قضاء الأعمى جائز والفقهاء يقولون غير جائز، فتجتمع بالشيخ أبي الطاهر بن عوف الأسكندراني وتسأله عما ورد من الأحاديث في قضاء الأعمى. ووفي سنة خمس وثمانين وخمسمائة. ومن تصانيفه صفوة المذهب في نهاية المطلب سبع مجلدات، والانتصار في أربع مجلدات، والمرشد في مجلدين، والذريعة في معرفة الشريعة، والتيسير في الخلاف، أربع مجلدات، ومآخذ النظر، ومختصر في الفرائض، والإرشاد في نصرة المذهب وماتم، والتنبيه في معرفة الأحكام، وفوائد المهذب في مجلدين وغير ذلك. وله شعر منه قوله: من الطويل

أؤمل أن أحيى وفي كل ساعة                      تمر بي الموتى تهز نعوشها

وهل أنا إلا مثلهم غير أن لي                      بقايا ليال في الزمان أعيشها ومنه: من الطويل

أؤمل وصلا من حبيب وإنني                      على ثقة عما قيل أفارقـه

تجارى بنا خيل الحمام كأنما                      يسابقني نحو الردى وأسابقه

فيا ليتنا متنا معا ثم لـم يذق                      مرارة فقدي لا ولا أنا ذائقه قلت: في ترجمة سعيد بن حميد في هذه المادة أبيات جيدة.

ومنه: من البسيط

يا سائلي كيف حالي بعد فرقـتـه                      حاشاك مما بقلبي من تـنـائيكـا

قد أقسم الدمع لا يجفو الجفون أسى                      والنوم لا زارها حتـى ألاقـيكـا ومنه: من الطويل

وما الدهر إلا ما مضى وهو فائت                      وما سوف يأتي وهو غير محصل

وعيشك فيما أنـت فـيه فـإنـه                      زمان الفتى من مجمل ومفصـل قلت: أكمل منه قول الأول: من الخفيف

ما مضى فات والمؤمل غيب                      ولك الساعة التي أنت فيهـا

 

صفحة : 2495

 

وأجاب القاضي الفاضل لمن كتب إليه يعرفه بموت ابن أبي عصرون: وصل كتاب الحضر جمع الله شملها، وسر بها أهلها، ويسر إلى الخيرات سبلها، وجعل في ابتغاء رضوانه قولها وفعلها، وفيه زيادة وهي نقص الإسلام، وثلم في البرية يتجاوز رتبة الانثلام إلى الانهدام، وذلك ما قضاه الله من وفاة الإمام شرف الدين ابن أبي عصرون رحمة الله عليه وما حصل بموته من نقص الأرض من أطرافها ومن مساءة أهل الملة ومسرة أهل خلافها، فلقد كان علما للعلم منصوبا وبقية من بقايا السلف الصالح محسوبا، وقد علم الله اغتمامي لفقد حضرته واستيحاشي لخلو الدنيا من بركته واهتمامي بما عدمت من النصيب الموفور من أدعيته.

الحجري المغربي عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن سعيد بن محمد ابن ذي النون الحجري - بفتح الحاء وسكون الجيم، حجر ذي رعين - الأندلسي المريي الفقيه الحافظ الزاهد أحد أئمة الأندلس. سمع الكثير وروى وكان له بصر بصناعة الحديث موصوفا بجودة الفهم. أصاب الناس قحط شديد فلما وضعوه على شفير قبره، توسلوا به إلى الله تعالى فسقوا، وتوفي سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.

ابن زهر الطبيب عبد الله بن محمد بن عبد الملك بن زهر، أبو محمد الإيادي ابن الحفيد أبي بكر الأندلسي الإشبيلي الطبيب، معروف بالطب، آباؤه شيوخ لطب. وكان شابا جميلا مفرط الذكاء خيرا عاش خمسا وعشرين سنة وتوفي سنة اثنتين وستمائة، وكان قد اشتغل على والده وأوقفه على كثير من أسرار هذه الصناعة وعملها، وقرأ كتاب النبات لأبي حنيفة على أبيه وأتقن معرفته، وكان الخليفة أبو عبد الله الناصر محمد بن المنصور أبي يعقوب يرى له كثيرا ويحترمه ويعرف مقدار علمه ويثق به. ولما توجه إلى الحضرة خرج منه فيما اشتراه لسفره ونفقته في الطريق عشرة آلاف دينار. وكان يشتغل على الجزولي في النحو، وكان الناصر إذا جلس جلس الخطيب أبو عبد الله بن محمد بن الحسن بن أبي علي بن الحسن بن أبي يوسف حجاج القاضي، ويجلس تلوه القاضي الشريف أبو عبد الله الحسيني، وكان يجلس تلوه ابن الحفيد أبو محمد عبد الله بن زهر هذا، وكان يجلس تلوه أبو موسى عيسى الجزولي النحوي. ومات ابن الحفيد مسموما. وقال أبو مروان الباجي، قال لي يوما: رأيت البارحة أختي - وكانت أخته قد ماتت قبله - وكأنني قلت لها: بالله يا أختي عرفيني كم يكون عمري? فقالت لي طابيتين ونصفا - والطابية هي الخشبة للبناء المعروفة في المغرب بهذا الاسم طولها عشرة أشبار - فقلت لها: أنا أقول لك جدا وأنت تجيبيني بالهزء فقالت: لا والله ما أجبتك إلا بالجد وإنما أنت ما فهمت، أليس أن الطابية عشرة أشبار? والطابيتان ونصفا خمسة وعشرون شبرا يكون عمرك خمسا وعشرين سنة. قال أبو مروان: فلما قص علي هذه الرؤيا قلت له: لا تتوهم من هذا فلعله أضغاث أحلام قال: ولا تكمل تلك السنة إلا وقد مات وكان عمره كما قيل له خمسا وعشرين سنة لا أقل ولا أكثر أبو محمد الناسخ عبد الله بن محمد بن جرير، أبو محمد القرشي الأموي البغدادي الناسخ. من ولد سعيد بن العاص بن أمية. سمع الكثير وكتب من الكتب الكبار شيئا كثيرا، وكان مليح الكتابة محدثا مفيدا مالكي المذهب. قال ابن النجار: كتب ما لا يدخل تحت الحصر بالأجرة، ويقال إنه كتب بخمس مائة رطل حبر أحصاها هو. وتوفي سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة.

الهروي عبد الله بن محمد بن علي بن محمد الأديب الهروي البغدادي. قرأ الأدب وقال الشعر وغلب عليه المجون والخلاعة والفحش والسخف وجمع مقامات في الهزل، وروى عنه ابن النجار شعرا. وتوفي سنة ثمان وثلاثين وستمائة، وكان يخضب بالسواد والحرة. ومن شعره: من الطويل

سلام كما افتر النسيم وصافحت                      بواكره روضا تجلت غمائمه

وأحسن من دوح يراوحه الحيا                      تأشب أعلاه وغنت حمائمـه ومنه: من السريع

واخجلتا من عبرة كشـفـت                      ستري بعد البين للـحـاسـد

قد يكشف الدمع ضمير الهوى                      ويعرف الغائب بالـشـاهـد ابن المهتدي

 

صفحة : 2496

 

عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن المهتدي بالله، أبو جعفر أخو أبي الغنائم محمد الخطيب، وعبد الله أسن. وكانت له معرفة بأنساب الهاشميين والطالبيين وصنف في ذلك كتابا حافلا. كان أديبا فاضلا متفننا ولي الخبرية بباب النوبي أيام المستنجد، وجمع مدائحه في كتاب. وكان يكتب مليحا. نقم عليه شيء فقبض عليه وحبس إلى أن أتاه حينه، وكان شابا، وتوفي سنة ثلاث وستين وخمسمائة.

الشيخ نجم الدين الرازي عبد الله بن محمد شاهاور بن أنوشروان بن أبي النجيب الأسدي الرازي نجم الدين أبو بكر، شيخ الطريقة والحقيقة. كان كبير الشأن من أصحاب الحال والمقامات، أكثرمن الترحال إلى الحجاز ومصر والشام والعراق والروم وآذربيجان وأران وخراسان وخوارزم. ولد سنة ثلاث وسبعين وتوفي سنة أربع وخمسين وستمائة، وسمع عبد المعز الهروي ومنصور بن الفراوي وأحمد بن عمر الخيوقي والمؤيد الطوسي وابن السمعاني وعبد الوهاب بن سكينة وزينب الشعرية وعبد المحسن بن الطوسي ومسسمار بن العويس ومحمد بن أبي بكر الغزال وعبد الله بن إبراهيم بن عبد الملك الشحادي وجماعة. وروى عنه جماعة منهم شرف الدين الدمياطي وقطب الدين القسطلاني والشيخ محمد بن محمد الكنجي.

نجم الدين البادرائي الشافعي عبد الله بن محمد بن أبي الوفاء بن الحسن بن عبد الله بن عثمان الإمام نجم الدين أبو محمد البادرائي البغدادي الشافعي الفرضي. ولد سنة أربع وتسعين، وتوفي سنة خمس وخمسين وستمائة. سمع من عبد العزيز ابن منينا، وسعيد بن محمد الرزاز، وسعيد بن هبة الله الصباغ وجماعة، وتفقه وبرع في المذهب ودرس بالنظامية، وترسل عن الديوان العزيز غير مرة، وحدث بحلب ودمشق ومصر وبغداد، وبنى بدمشق المدرسة الكبيرة المشهورة به. وكان صدرا محتشما جليل القدر وافر الحرمة. قال الشيخ شرف الدين الدمياطي: أحسن إلي ولقيت منه أثرة وبرا في السفر والحضر ببغداد ودمشق والموصل ومصر وحلب، وصحبته تسع سنين وولي قضاء القضاة ببغداد خمسة وعشرين يوما، وعمل عزاؤه بدمشق في مدرسته في ثامن عشر ذي الحجة، وكان يركب بالطرحة ويسلم على من يمر به، وعافاه الله من فتنة التتار الكائنة على بغداد، وقال له الزين خالد: تذكر ونحن بالنظامية والفقهاء يلقبونني حولتا ويلقبونك الدعشوش، فتبسم وحملها منه ولما اجتاز بالموصل رسولا إلى حلب سنة سبع وأربعين وستمائة سأل الفقهاء بها هذه المسأله: من الطويل

ألا يا فقهاء العصر هل من مخبر                      عن امرإة حلت لصاحبها عقـدا

إذا طلقت بعد الدخول تربصـت                      ثلاثة أقراء حددن لـهـا حـدا

وإن مات عنها زوجها فاعتدادها                      بقرء من الأقراء تأتي به فـردا فأجابه صاحب التعجيز ابن يونس: من الطويل

وكنا عهدنا النجم يهدي بنوره                      فما باله قد أبهم العلم الفردا

سألت فخذ عني فتلك ليقطة                      أقرت برق أن نكحت عمدا قاضي القضاة الأذرعي الحنفي عبد الله بن محمد بن عطاء بن حسن بن عطاء قاضي القضاة، أبو محمد شمس الدين الأذرعي الحنفي. ولد سنة خمس وتسعين وتوفي سنة ثلاث وسبعين وستمائة. سمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وابن ملاعب والموفق الحنبلي، وتفقه ودرس، وأفتى وصار مشارا إليه في المذهب، وولي عدة مدارس، وناب في القضاء عن صدر الدين ابن سني الدولة وغيره، وولي قضاء الحنفية لما جددت القضاة الأربع. وكان فاضلا دينا حسن العشرة ولقد صدع بالحق لما حصلت الحوطة على البساتين بحضور الملك الظاهر بيبرس وقال : ما يحل لمسلم أن يتعرض لهذه الأملاك ولا إلى هذه البساتين فإنها بيد أصحابها ويدهم عليها ثابتة فغضب السلطان، وقام وقال: إذا كنا ما نحن مسلمين ايش قعودنا? فأخذ الأمراء في التلطف وقالوا: لم يقل عن مولانا السلطان. ولما سكن غضبه قال: أثبتوا كتبنا عند القاضي الحنفي، وتحقق صلابته في الدين ونبل في عينه. روى عنه قاضي القضاة شمس الدين الحريري وابن العطار وجماعة، وشيع جنازته خلائق.

نجم الدين ابن سطيح

 

صفحة : 2497

 

عبد الله بن محمد بن أبي الخير بن سطيح، الشيخ القدوة نجم الدين، ابن الحكيم الحموي. ولد سنة ثلاث وستمائة وتوفي سنة ثمان وسبعين. ويقال إنه من ذرية سطيح الكاهن. كان شيخأ صالحا زاهدا كبير القدر. أثنى عليه ابن الدباهي، وكان يحضر السماع وهو الذي أنكر على ابن إسرائيل ذلك البيت، وأظنه قوله: من الكامل

هذا الوجود وإن تكثر ظاهرا                      وحياتكم ما فـيه إلا أنـتـم وهو والد شرف الدين المحتسب ولهم زاوية بحماة، وتوفي بدمشق ودفن في مقابر الصوفية.

محيي الدين قاضي القضاة ابن عين الدولة عبد الله بن محمد ابن عين الدولة قاضي القضاة محيي الدين أبو الصلاح ابن قاضي القضاة شرف الدين الصفراوي ثم الإسكندري المصري الشافعي. عاش إحدى وثمانين سنة وتوفي سنة ثمان وسبعين وستمائة. وولي القضاء بمصر والوجه القبلي بعد القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز مدة، وأصابه فالج، وعجز عن الكتابة خمسة أعوام، وكان كاتب الحكم يعلم عنه ثم عزل وكان فيه لطف ودماثة.

الطوبي الكاتب عبد الله بن محمد بن الحسين الصقلي الطوبي الكاتب. أورد له أمية ابن أبي الصلت في الحديقة: من مجزوء الوافر

تلاعب بي وأطعمني                      بنعمى ليس يبدلهـا

يقبل لي أنـامـلـه                      ويمنعني أقبلـهـا وأورد له أيضا: من المتقارب

بخـدك آس وتـفـاحة                      وعينيك نرجسة ذابلـه

وريقك من طيبه قهـوة                      فوجهك لي دعوة كامله هذا كقول القائل: من مجزوء الخفيف

شادن خـده وعـي                      ناه وردي ونرجسي

إن يجد لي بخمر في                      ه فقد تم مجلسـي المعري عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان. هو أبو محمد التنوخي المعري وهو من بيت أبي العلاء المعري، وقد تقدم والده وجده في مكانيهما. كان والده أبو المجد محمد قاضي المعرة إلى أن ملكها الفرنج. ومن شعر أبي محمد هذا: من الكامل

يا من تنكب قوسـه وسـهـامـه                      وله من اللحظ السقـيم سـيوف

تغنيك عن حمل السلاح إلى العدى                      أجفانك المرضى فهن حـتـوف مجد الدين الطبري عبد الله بن محمد بن محمد بن أبي بكر، الشيخ الإمام مجد الدين أبو محمد الطبري المكي الشافعي المحدث المفتي. ولد بمكة سنة تسع وعشرين وسمع من ابن المقير وابن الجميزي وشعيب الزعفراني وجماعة، وقدم دمشق وسمع من الرشيد بن مسلمة ومكي بن علان، وبرع في الفقه ودرس وأفتى. ولي الإمام بمكة ثم بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم أواخر أيامه القدس وأم بالصخرة فجمع له الإمامة بالمسجد الثلاثة وأفتى بالأماكن المذكورة. روى عنه ابن العطار والبرزالي والجماعة، وكتب إلى الشيخ شمس الدين بمروياته، وتوفي بالقدس سنة إحدى وتسعين وستمائة.

ابن هارون المغربي

 

صفحة : 2498

 

عبد الله بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل الطائي الأندلسي القرطبي المالكي نزيل تونس. مولده سنة ثلاث وستمائة، وتوفي سنة اثنتين وسبعمائة وطلب العلم في حدائثته قراآت وحديث وفقه ولغة ونحو وأدب، ومهر في الآداب، وله حظ من النظم. قرأ القرآن على جده لأمه محمد بن قادم المعافري ولازم خال أمه إمام جامع قرطبة العلامة أبا محمد عصام ابن أبي جعفر أحمد بن محمد بن خلصة، واستفاد عليه، وأخذ على قرابته الحافظ أبي زكرياء بن أبي عبد الله بن يحيى الحميري وقرأ عليه الفصيح والأشعار الستة وسمع منه الروض الأنف ولم يكن أحد في عصر أبي ذكرياء أحفظ منه، وسمع قاضي الجماعة أبا القاسم بن بقي وأخذ عنه الموطأ سماعا وقرأ عليه كامل لمبرد، وسمع صحيح مسلم من عبد الله بن أحمد بن عطية، وسمع من أبي بكر محمد بن سيد الناس الخطيب صحيح البخاري ولازمه، وسمع الشمائل من الحافظ محمد بن سعيد الطرار، وسمع التيسير من النحوي أحمد بن علي الفحام المالقي، وأخذ كتاب سيبويه تفهما عن أبي علي الشلوبين وأبي الحسن الدباج، وقرأ مقامات الحريري تفهما على العلامة عامر بن هشام الأزدي. وله نظم كثير وانتهى إليه علو الإسناد. روى عنه الشيخ أثير الدين أبو حيان وأبو عبد الله الوادي آشي وأبو مروان التونسي خازن المصحف وآخرون. قال الشيخ شمس الدين: وكتب إلينا بمروياته عام سبعمائة، وفي آخر وقته أسن وانحطم وتغير تغير الهرم. وقال قاضي القضاة العلامة تقي الدين السبكي: رأيت بخط ناصر الدين بن سلمة الغرناطي: شيخنا ابن هارون فيه تشيع وانحراف عن معاوية وابنه يطعن فيهما نظما ونثرا، اختلط بعد انفصالي عنه وبان اختلاطه.

الصاحب فتح الدين ابن القيسراني عبد الله بن محمد بن أحمد بن خالد بن نصر، الصاحب الأثير فتح الدين ابن القيسراني المخزومي الحلبي ثم الدمشقي نزيل مصر. مولده سنة ثلاث وعشرين ووفاته سنة ثلاث وسبعمائة بالقاهرة. سمع أبا القاسم ابن رواحة ابن الجميزي ويوسف الساوي وابن خليل وأحمد بن الحباب وجماعة، وشارك في الفضائل والآداب وعني بالحديث وجمع وألف كتابا في معرفة الصحابة. وله النظم والنثر، وخرج لنفسه أربعين حديثا. ولي الوزارة في دولة الملك السعيد ابن الظاهر. روى عنه الدمياطي من نظمه وأخذ عنه فتح الدين ابن سيد الناس والبرزالي. أنشدني من لفظه الشيخ شمس الدين قال: أنشدني الصاحب فتح الدين من لفظ لنفسه: من الوافر

بوجه معذبـي آيات حـسـن                      فقل ما شئت فيه ولا تحاشي

ونسخة حسنه قرئت فصحـت                      وها خط المال على الحواشي القرطبي القوصي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد القرطبي ثم القوصي. كان فاضلا وتزهد. قال الحافظ المنذري: أنشدني أبو الحسن علي بن بن محمد القرطبي قال: أنشدني أخي عبد الله بمنزله بقوص - وقد انقطعت فيه قريبا من ثلاثين سنة، يصوم يوما ويفطر يوما - لنفسه: من الوافر

متى تعش مـلـكـا كـريمـا                      يذل لملكك الملك الفـخـور

قنعت بوحدتي ولزمت بـيتـي                      فطاب العيش لي ونما السرور

وأدبني الزمان فـلا أبـالـي                      هجرت فـلا أزار ولا أزور

ولست بقائل مـا دمـت حـيا                      أسار الجيش أم ركب الأمـير الأسواني عبد الله بن محمد بن زريق، أبو عبد الله الأسواني. ذكره ابن عرام في جملة من مدح بني الكنز وذكر له قصيدة أولها: من البسيط

بالسفح من ربع سلمى منزل دثـرا                      فاسفح دموعك في ساحاتـه دررا

واستوقف الركب واستسق الغمام له                      والثم صعيد ثراه الأذفر العطـرا

واستخبر الدار عن سلمى وجارتها                      إن كانت الدرا تعطي سائلا خبـرا

وكيف تسأل دارا لم تـدع جـلـدا                      لسائليها ولا سمعـا ولا بـصـرا ومنها في المديح: من البسيط

أقسمت لو كان في الماضين مولده                      لأنزل الله في أوصافـه سـورا

كأنه الحرم المحجوج تـقـصـده                      وفوده لا تمل الورد والـصـدرا عماد الدين الطبيب البغدادي الشافعي

 

صفحة : 2499

 

عبد الله بن محمد بن عبد الرزاق العراقي الإمام البارع عماد الدين الحربوي الطبيب الأديب الحيسوب المتكلم الفيلسوف أحد الأعيان ببغداد. ولد سنة ثلاث وأربعين وتوفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة وبرع في فنون، وعلم شرف الدين هارون ابن الوزير وأولاد عمه علاء الدين صاحب الديوان فن الحساب، وكثرت الأموال التي له ودرس مذهب الشافعي بدار الذهب، وولي رياسة الطب ومشيخة الرباط، وجالس الملوك وأخذ عن النصير علم الأوائل وأنشأ دارا ووقف عليها الإمام ومؤدبا وعشرة أيتام، وله تصانيف وإنشاء. وأخذ عنه العز الإربلي الطبيب. وله من الكتب القواعد البهائية في الحساب ومقدمة في الطب وغير ذلك. قال في تفسير رشيد الدولة: هو إنسان رباني بل رب إنساني تكاد تجل عبارته بعد الله فشهدوا عليه بعد موت الرشيد، فدخل على قاضي القضاة قطب الدين فحقن دمه. ومات ودفن بداره في بغداد.

ابن العاقولي الشافعي مدرس المستنصرية عبد الله بن محمد بن علي بن حماد بن ثابت الواسطي الشافعي الإمام مفتي العراق جمال الدين بن العاقولي البغدادي مدرس المستنصرية. ولد سنة ثمان وثلاثين وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة. تفقه ودرس وأفتى وعدل سنة سبع وخمسين. وكان يقول إنه سمع من محيي الدين ابن الجوزي وسمع من الكمال الكبير. روى عنه ابن الساعاتي شيئا في تأليفه ورزق الحظ في فتاويه، وكان إماما عالما مفتيا شهما حميد الطريقة أفتى نحوا من سبعين سنة. دفن بداره التي وقفها على ملقن وعشرة أيتام، وذكر أنه ما رئي أكثر جمعا من جنازته، وخلف ولدا ذكيا مشتغلا بالحكمة والبحث ودرس وعظم.

تقي الدين الزيراني الحنبلي عبد الله بن محمد بن أبي بكر الإمام العلامة تقي الدين الزريراني العراقي الحنبلي مدرس المستنصرية. ولد سنة ثمان وستين وتوفي سنة تسع وعشرين وسبعمائة، وقدم دمشق في حدود التسعين فتفقه على المجد وغيره ورجع وبرع في المذهب، وصنف واشتغل وناب في الحكم وحمدت سيرته وتفقه به جماعة. وهو والد شرف الدين عبد الرحيم.

قاضي حلب ابن قاضي الخليل عبد الله بن محمد بن عبد القادر بن ناصر قاضي القضاة بحلب زين الدين المعروف بابن قاضي الخليل الشافعي. كان رئيسا متميزا وقورا، مليح الشكل فاخرة البزة حسن المشاركة حلو المحاضرة. سمع من ابن أبي عمرو البخاري والقطب الزهري وحدث وناب في الحكم بدمشق وولي قضاء حمص وبعلبك ثم حلب نيفا وعشرين سنة، وثقل سمعه، وحج مرات، وتوفي سنة أربع وعشرين وسبعمائة عن أربع وسبعين سنة. وكان الشيخ كمال الدين ابن الزملكاني كثير الحط عليه، حكى لي عنه حكايات عجيبة.

تقي الدين الهرغي عبد الله بن محمد بن عبد الله بن ميمون، الشيخ تقي الدين أبو محمد الهرغي - بالهاء والراء والغين المعجمة - الزكندري - بالزاء والكاف والنون والدال المهملة والراء - المراكشي قاضي الركب المغربي. إجتمعت به بجسر اللبادين بدمشق في حادي عشر صفر سنة سبع وأربعين وسبعمائة وسألته عن مولده فقال: في تاسع عشر شهر ربيع الأول سنة خمس وسبعمائة، وأنشدني من لفظه لنفسه ملغزا في البربر: من الطويل

وما أمة سكناهم نصف وصفهم                      وعيش أعيالهم إذا ضم أولـه

ومقلوبة بالضم مشروب جلهم                      وبالفتح من كل عليه معولـه وأنشدني من لفظه لنفسه أيضا: من البسيط

إسم الذي قد سبى قلبي تجنـيه                      وعز ملك جميع الحسن يطغيه

ما كل آخره عـشـر لأولـه                      وعشر ثالثه شطر لـثـانـيه وأنشدني من لفظه لنفسه أيضا: من الكامل

قسما بورد الوجنتين ونضـرتـه                      وبقدرك السامي الرفيع وعزته

لو لاح وجهك في الكرى لكثير                      ما اعتاده برح الخيال بعـزتـه

أو لو رأى الضليل بعض جمالكم                      ما ضل عن سبل الهوى بعنيزته المرجاني

 

صفحة : 2500

 

عبد الله بن محمد، أبو محمد المرجاني الواعظ المذكر الزاهد القرشي التونسي. كان مفتيا عالما مفسرا مذكرا حلو العبارة كبير القدر له شهرة في الآفاق. قدم الإسكندرية وذكر بها وبالديار المصرية وكان بارعا في مذهب مالك عارفا بالحديث له قدم في التصوف والعبادة والزهد ولم يصنف شيئا ولا كان أحد يقدر يعيد ما يقوله لكثرة ما يقول على الآية ولربما فسر في الآية الواحدة على لسان القوم ثلاثة أشهر. خلف كتبا كثيرة. توفي رحمه الله تعالى بتونس سنة تسع وتسعين وستمائة، وحضره صاحب تونس المستنصر أبو عبد الله محمد بن الواثق. وعاش اثنتين وستين سنة وصلي عليه بالقاهرة.

العسقلاني عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن خليل العسقلاني. ثم المكي المقرئ الشافعي المحدث القدوة الرباني بهاء الدين أو محمد. قرأ بالروايات وأتقن المذهب، وعني بالحديث وارتحل فيه، وأخذ عن بيبرس العديمي بحلب وعن ست الوزراء والدشي بدمشق. وعن التوزري ورضي الدين بمكة. وعن طائفة بمصر. وكان حسن القراءة جيد المعرفة، مليح المذاكرة، متين الديانة، شديد الورع يؤثر الانقطاع والخمول، وقرأ المنطق وحصل الجامكية ثم ترك ذلك وانقطع بظاهر الإسكندرية في زاوية على البحر مرابطا. مولده سنة أربع وتسعين بمكة.

القاضي موفق الدين الحنبلي عبد الله بن محمد بن عبد الملك، الإمام العالم قاضي القضاة موفق الدين أبو محمد المقدسي ثم المصري الحنبلي، عالم ذكي خير فيه مروءة وديانة وله أوصاف حسنة وسيرة حميدة ويد طولى في المذهب. إرتحل إلى دمشق سنة سبع عشرة فسمع من أبي بكر بن عبد الدائم وعيسى المطعم وعدة، وسمع بمصر وقرأ وعني بالرواية وسمع من الشيخ شمس الدين الذهبي. ولد سنة نيف وتسعين وستمائة وولاه السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون القضاء بالديار المصرية سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة لما عزل القضاة بمصر، فكان القاضي موفق الدين عوضا عن قاضي القضاة تقي الدين الحنبلي.

ابن الواني عبد الله بن إبراهيم بن محمد، الإمام الفقيه المحدث الفاضل شرف الدين أبو محمد الواني الدمشقي الحنفي حفيد الشيخ برهان الدين المؤذن وقد تقدم ذكر آبائه. ولد في شهر ربيع الآخر سنة ست عشرة وسبعمائة، وسمعه والده الشيخ أمين الدين من أبي بكر بن عبد الدائم والمطعم حضورا ومن ابن سعد والبهاء ابن عساكر،وبالقدس من بنت شكر، وبمصر وقوص والحرمين وحماة وحلب. وطلب هو بنفسه و قرأ وهو فصيح الأداء جيد القراءة حاد الذهن فيه ورع .قرأعلى الشيخ شمس الدين الذهبي وغيره، وعمل أربعين بلدية وغير ذلك. وكتبت له ورقة شهادة باستحقاقه لما يتولاه من وظائف العلم. وتوفي رحمه الله تعالى في آخر جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وسبعمائة بالطاعون في دمشق.

الحمداني الخوافي عبد الله بن محمد، أبو محمد الحمداني. من أهل خواف، ناحية من نواحي نيسابور. كان أديبا فاضلا شاعرا رواية للأخبار والأشعار، قدم بغداد وأقام بها مدة يقتبس من فضلائها، وروى بها الأشعار،وكتب عنه فارس الذهلي. ومن شعره: من الكامل

لله ساحر ناظريه إذا انتضى                      من جفنه حد الحسام الباتر

يغتال وامقه بطرف فاتـن                      ويصيد رامقه بطرف فاتر ومنه: من الطويل

لو كان يحوي الروض ناضر خلقه                      ما كان يذبل نـوره بـشـتـائه

أو قابل الأفلاك طالـع سـعـده                      ما سار نحس في نجوم سـمـائه نجم الدين الإصبهاني عبد الله بن محمد بن محمد بن علي، الإمام القدوة شيخ الحرم نجم الدين الإصبهاني الشافعي المجاور. ولد سنة ثلاث وأربعين وستمائة وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة، وصحب أبا العباس المرسي تلميذ الشاذلي وتفقه وبرع في الأصول، ودخل في طريق الحب صحبة الشيخ عماد الدين الحزامي، وكان شيخا مهيبا منقبضا عن الناس وجاور بضعا وعشرين سنة. حج من مصر ولم يزر النبي صلى الله عليه وسلم فعيب ذلك عليه مع جلالة قدره، وكان لجماعة فيه اعتقاد عظيم.

القرشي الجمحي المكي العابد

 

صفحة : 2501

 

عبد الله بن محيريز بن جنادة القرشي الجمحي المكي نزيل القدس. قال الشيخ شمس الدين: لا أعلم أحدا ذكر أباه في الصحابة. روى عن عبادة ابن الصامت، وأبي محذورة .المؤذن الجمحي - وكان زوج أمه - ومعاوية وأبي سعيد والصنابحي. وثقه أبو زرعة. قال رجاء بن حيوة: إن يفخر علينا أهل المدينة بعابدهم عبد الله بن عمر فإنا نفخر عليهم بعابدنا عبد الله بن محيريز. توفي سنة تسع وتسعين، وروى له الجماعة.

راوية أبي عبيد عبد الله بن مخلد بن عبد الله التميمي راوية أبي عبيد. من أهل نيسابور. كنيته أبو محمد النحوي. مات سنة ستين ومائتين بنيسابور. روى عنه أبو بكر الجارودي وغيره،وهو روى كتب أبي عبيد عنه.

أبو الخير الهروي عبد الله بن مرزوق بن عبد الله، أبو الخير الهروي. من الموالي لأبي إسماعيل الأنصاري. قرأ العلم ورزق الفهم وسمع الكثير وسافر في طلب الحديث وكتب بخطه وحصل وكان موصوفا بالحفظ والمعرفة مع حسن سيرة وجميل طريقة وكان خطه رديا وأصابه في آخر عمره صمم شديد. توفي سنة سبع وخمسمائة.

وزير الرشيد عبد الله بن مرزوق، أبو محمد الزاهد البغدادي. كان وزير الرشيد فخرج من ذلك وتخلى عن ماله وتزهد وكان كثير البكاء والحزن وسبب حزنه أنه نام يوماعن صلاة الظهر وكانت له جارية فعمدت إلى جمرة من نار فوضعتها على قدمه فاتنبه فزعا وقال: ما هذا? قالت: هذه نار الدنيا فكيف بنار الآخرة، فقام فدخل على هارون فاستعفاه فأعفاه. وقال سلامة، قال عبد الله في مرضه الذي مات فيه: يا سلامة، إن لي إليك حاجة قلت: وما هي? قال: تحملني فتطرحني عى تلك المزبلة لعلي أموت عليها فيرى ذلي ومكاني فيرحمني. وكانت وفاته رحمه الله تعالى ببغداد سنة ست وتسعين ومائة.

عبد الله بن مروان

زين الدين الفارقي عبد الله بن مروان بن عبد الله بن فيره، الشيخ الإمام المحدث المفتي الإسلام زين الدين الفارقي خطيب دمشق ومفتيها، أبو محمد الشافعي وشيخ دار الحديث الأشرفية. ولد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة وتوفي سنة ثلاث وسبعمائة. سمع من كريمة القرشية وابن رواحة وابن الصلاح والسخاوي وابن خليل وطبقتهم ثم تحول إلى مصر وبرع في الفقه على ابن عبد السلام وغيره، وقدم بالمشيخة بعد الشيخ محيي الدين النووي ودرس بالشامية والناصرية وتصدى للأشغال، وروى الكثير وكان فصيحا متحريا وفيه ديانة وصيانة وقوة في الحق وله هيبة وزعارة. أخذ عنه ابن أبي الفتح وابن الخباز والبرزالي والمزي وابن حبيب وطائفة ولم يكن بالماهر في خطبته وقدم على البريد بجهاته صدر الدين ابن الوكيل فجرى ما جرى على ما تقدم في ترجمته.

الهمداني عبد الله بن مرة الهمداني الكوفي. روى عن البراء بن عازب وابن عمر ومسروق وتوفي في حدود المائة وروى له الجماعة.

الفزاري عبد الله بن مسعدة الفزاري. قال الطبراني: له صحبة. وقال ابن عساكر له رؤية. توفي في حدود السبعين للهجرة.

عبد الله بن مسعود

الصحابي

 

صفحة : 2502

 

عبد الله بن مسعود بن غافل - بالغين المعجمة والفاء - بن حبيب ابن شمخ، أبو عبد الرحمان الهذلي، حليف بني زهرة. كان أبوه في الجاهلية قد حالف عبد الله بن الحارث بن زهرة وأم عبد الله أم عبد بنت عبدود من هذيل. كان إسلام عبد الله قديما حين أسلم سعيد بن زيد وزوجته فاطمة بنت الخطاب قبل إسلام عمر بزمان، وكان سبب إسلامه أنه كان يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخذ شاة حائلا من تلك الغنم فدرت علينا لبنا غزيرا فحلبه في إناء وشرب وسقى أبا بكر ثم قال للضرع: اقلص فقلص. قال: ثم أتيته بعد هذا فقلت: يا رسول الله علمني من هذا القول. فمسح رأسي وقال: يرحمك الله فإنك عليم معلم. قال ابن عبد البر: ثم ضمه إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يلج عليه ويلبسه نعليه ويمشي أمامه ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام. وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذنك علي أن ترفع الحجاب وأن تجمع سوادي حتى أنهاك. وكان يعرف في الصحابة بصاحب السواد والسواك. شهد بدرا والحديبية ، وهاجر الهجرتين جميعا الأولى إلى الحبشة والثانية من مكة إلى المدينة، وصلى القبلتين وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة. وقال صلى الله عليه وسلم: رضيت لأمتي ما رضي لها ابن أم عبد، وسخطت لها ما سخط ابن أم عبد. وقال صلى الله عليه وسلم: اهدوا هدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد. وقال صلى الله عليه وسلم: رجل عبد الله أو رجلا عبد الله في الميزان أثقل من أحد. وقال صلى الله عليه وسلم: إستقرأوا القرآن من أربعة نفر، فبدأ بابن أم عبد، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وسالم مولى أبي حذيفة. وقال صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يسمع القرآن غضا فليسمعه من ابن أم عبد. وكان رحمه الله رجلا قصيرا نحيفا يكاد طوال الرجال يوازونه جلوسا وهو قائم، وكانت له شعرة تبلغ أذنيه، وكان لا يغير شيبه. وجاء رجل إلى عمر وهو بعرفات فقال: جئتك من الكوفة ونركت بها رجلا يملي المصاحف عن ظهر قلبه. فغضب عمر غضبا شديدا وقال ويحك من هو? قال: عبد الله بن مسعود فذهب عنه ذلك الغضب وسكن وعاد إلى حاله وقال: والله ما أعلم أحدا من الناس هو أحق بذلك منه. وبعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة مع عمار بن ياسر، وكتب إليهم: إني بعثت إليكم بعمار بن ياسر أميرا وعبد الله بن مسعود معلما ووزيرا، وهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أهل بدر فاقتدوا بهما، واسمعوا من قولهما، وقد آثرتكم بعبد الله بن مسعود على نفسي. وقال عمر فيه: كنيف ملئ علما. ولما أمر عثمان بما أمر قام عبد الله بن مسعود خطيبا فقال: أتأرمني أن أقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت? والذي نفسي بيده لقد خذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وإن زيد بن ثابت لذو ذؤابة يلعب مع الغلمان الله ما نزل شيء من القرآن إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل، وما أحد أعلم بكتاب الله مني ولو أعلم أحدا تبلغنيه الإبل أعلم بكتاب الله مني لأتيته، ثم استحى مما قال، فقال: وما أنا بخيركم. ولما مات عبد الله نعي إلى أبي الدرداء فقال: ما ترك بعده مثله. ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان، وقيل عمار، وقيل الزبير، ودفنه ليلا بإيصائه بذلك إليه سنة اثنتين وثلاثين للهجرة. وروى له الجماعة.

عبد الله بن مسلم

ابن قتيبة

 

صفحة : 2503

 

عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري وقيل المروزي الكاتب نزيل بغداد صاحب التصانيف. حدث عن إسحاق بن راهويه، ومحمد بن زياد الزيادي، وزياد بن يحيى الحساني، وأبي حاتم السجستاني وغيرهم. وروى عنه ابنه القاضي أحمد. وعبيد الله السكري، وعبيد الله بن أحمد ابن بكير، وعبد الله بن جعفر بن درستويه. ومولده سنة ثلاث عشرة وتوفي سنة سبع وستين وماتئين. قال الخطيب: كان ثقة دينا فاضلا ولي قضاء الدينور وكان رأسا في اللغة والعربية والأخبار وأيام الناس، وقال البيهقي: كان يرى رأي الكرامية. ونقل صاحب المرآة عن الدارقطني أنه كان يميل إلى التشبيه. قلت: وهذا فيه بعد لأن له مصنفا في الرد على المشبهة، والله أعلم. ومات فجأة، صاح صيحة عظيمة سمعت من بعد ثم أغمي عليه. كان أكل هريسة فأصاب حرارة فبقي إلى الظهر ثم اضطرب ساعة ثم هدأ فما زال يتشهد إلى السحر ومات. وقال مسعود السجزي: سمعت الحاكم يقول: أجمعت الأمة على أن القتيبي كذاب وهذه مجازفة من الحاكم. قال الشيخ شمس الدين: ما علمت أحدا اتهم القتيبي في نقله مع أن الخطيب قد وثقه وما أعلم الأمة أجمعت إلا على كذب الدجال ومسيلمة. ومن تصانيفه: كتاب مختلف الحديث، كتاب إعراب القرآن، كتاب الخليل، كتاب جامع النحو، كتاب ديوان الكتاب، كتاب خلق الإنسان، كتاب المراتب والمناقب، كتاب القراآت، كتاب الأنواء، كتاب التسوية بين العرب والعجم، كتاب دلائل النبوة، كتاب مشكل القرآن، كتاب تأويل مختلف الحديث، كتاب المعارف، كتاب جامع الفقه، كتاب غريب الحديث، كتاب الميسر والقداح، كتاب الحكم والأمثال، كتاب الأشربة، كتاب جامع النحو الصغير، كتاب المسائل والجوابات، كتاب إصطلاح ما غلط فيه أبو عبيد في غريب الحديث، كتاب الرد على المشبهة، كتاب القلم، كتاب الجوابات الحاضرة، كتاب النفس، كتاب ما قيل في الخيل من الشعر، كتاب ملح الأخبار، كتاب ذكر النبي ومولده ووفاته، كتاب الضواري والبزاة، كتاب الفهود، كتاب الكلاب، كتاب السماحة، كتاب التنبيه، كتاب عيون الأخبار، كتاب طبقات الشعراء، كتاب الإبل، كتاب الوحش والرؤيا، كتاب معاني الشعر، كتاب أدب القاضي، كتاب الرد على من قال بخلق القرآن، كتاب الصيام، كتاب المطر والرواد، كتاب الشعر والشعراء، كتاب الحجامة. ومن شعره: من المقارب

فيا من مودته بـالـعـيان                      فإن غاب كانت مع الغائب

ويا من رضي لي من وده                      بفعل امرئ قاطع قاضب

بأية جرم قد اقصـيتـنـي                      وألقيت حبلي على غاربي ابن جندب القارئ عبد الله بن مسلم بن جندب بن حذيفة بن عمرو بن زهير بن خداش الهذلي القارئ، أحد قراء الرواة. قرأ عليه نافع بن أبي نعيم وحدث عنه ابن أبي ذئب وغيره. ودخل على المهدي مع القراء فأخذ عشرة آلاف درهم ثم دخل عليه في الرواة فأخذ عشرة آلاف درهم ثم دعي في المغنين فأخذ عشرة آلاف درهم ثم دعي في القصاص، فقال المهدي: لم أر كاليوم أجمع لما لم يجمع الله في أحد منك وكان ظريفا غزلا وهو أحد الكملة. لما ولي الحسن بن زيد المدينة منعه أن يؤم بالناس فقال: أصلح الله الأمير لم منعتني مقامي ومقام آبائي وأجدادي قبلي? فقال: منعك منه يوم الأربعاء، يريد بذلك قوله: من البسيط

يا للرجال ليوم الأربـعـاء أمـا                      ينفك يحدث لي بعد النهى طربا

إذا لا يزال غزال فيه يفتنـنـي                      يهوي إلى مسجد الأحزاب منتقبا

يخبر الناس أن الأجر هـمـتـه                      وما أتى طالبا للأجر محتسـبـا

لو كان يطلب أجرا ما أتى ظهرا                      مضمخا بفتيت المسك مختضبـا وهي أطول من هذا. وله: من الكامل

قل للمليحة في الخمار الأسود                      ماذا صنعت براهب متعبـد

قد كان شمر للصلاة ثـيابـه                      حتى وقفت له بباب المسجد أبو محمد القيرواني عبد الله بن مسلم بن عبد الله القيرواني، أبو محمد النحوي. قدم بغداد وأقام بها وتولى تدريس العربية بالنظامية، وروى بها كتاب الزجاجي في النحو رواه عنه أبو منصور ابن الجواليقي وحدث باليسير وكان من أهل الصلاح والدين، وتوفي سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

ابن المولى الأنصاري

 

صفحة : 2504

 

عبد الله بن مسلم بن المولى الأنصاري. مولاهم. كان شاعرا من شعراء الدولتين مدح المهدي فأنعم عليه وكان ظريفا عفيفا. وهو القائل يمدح يزيد بن حاتم من قصيدة: من الكامل

يا واحد العرب الذي دانت له                      قحصان قاطبة وساد نـزارا

إني لأرجو إن لقيتك سالـمـا                      أن لا أعالج بعدك الأسفـارا

رشت الندى ولقد تكسر ريشه                      فعلا الندى فوق البلاد وطارا فأعطاه رزمتي ثياب وعشرة ألاف دينار. وقدم على المهدي فأنشده قصيدته التي قال فيها: من الطويل

وما قارع الأعداء مـثـل مـحـمـد                      إذا الحرب أبدت عن حجول الكواعب

فتى ماجد الأعراق مـن آل هـاشـم                      تبحبح منها فـي الـذرى والـذوائب

أشم من الرهـط الـذين كـأنـهـم                      لدى حندس الظلماء زهر الكواكـب

إذا ذكرت يوما مـنـاقـب هـاشـم                      فإنكم منها بـخـير الـمـنـاصـب

ومن عيب في أخلاقـه ونـصـابـه                      فما في بني العباس عـيب لـعـائب

وإن أمير المـؤمـنـين ورهـطـه                      لأهل المعالي من لؤي بن غـالـب

أولئك أوتاد الـبـلاد ووراثـوا الـن                      م بي بأمر الحق غـير الـتـكـاذب ثم ذكر آل أبي طالب فيها فقال:

وما نقمـوا إلا الـمـودة مـنـهـم                      وأن غادرو فيهم جزيل المـواهـب

وأنهم نالـوا لـهـم مـن دمـائهـم                      شفاء النفوس من قـتـيل وهـارب

وقاموا لهم دون العدى وكـفـوهـم                      بسمر القنا والمرهفات القـواضـب

وحاموا على أحسـابـهـم وكـرائم                      حسان الوجوه واضحات الـتـرائب

وإن أمـير الـمـؤمـنـين لـعـائد                      بإنعامه فيهـم عـلـى كـل تـائب

إذا ما دنـوا أدنـاهـم وإذا هـفـوا                      تجاوز عنهم ناظرا في العـواقـب

شفيق على الأقصين أن يركبوا الردى                      فكيف به في واشجـات الـقـرائب فوصله المهدي صلة سنية، وقدم بالمدينة فأنفق وبنى داره ولبس ثيابا فاخرة كذلك مدة حتى نفذ ما جاء به، ثم دخل على الحسن بن زيد وكانت له عليه وظيفة في كل سنة فأنشده مديحا فيه قصيدة منها: من الخفيف

ولو أن أمـرأ ينـال خـلـودا                      بمحل ومنـصـب ومـكـان

أو بيت ذرعه تلصق بـالـنـج                      م قرانا في غير بـرج قـران

أو بمجد الحياة أو بـسـمـاح                      أو بحلم أوفى علـى ثـهـلان

أو بفضل لناله حسـن الـخـي                      ر بفضل الرسول ذي البرهان

فضله راجح برهط أبي الـقـا                      سم رهط الـيقـين والإيمـان

هم ذوو النور والهدى وأولو الأم                      ر وأهل البرهان والفـرقـان

معدن الحق والنـبـوة والـبـذ                      ل إذا ما تنازع الخـصـمـان فلما أنشده دعا به خاليا وقال يا عاض كذا من أمه إذا ما جئت إلى الحجاز تقول لي هذا، وإذا ما مضيت إلى العراق تقول: وإن أمير المؤمنين ورهطه، وأنشده البيتين، فقال له أتنصفني يا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا? قال: بلى قال: ألم أقل: وإن أمير المؤمنين ورهطه، ألستم رهطه? فقال: دع هذا ألم تقدر أن تنفق شعرك ومديحك إلا بتهجين أهلي والطعن عليهم والإغراء بهم حيث تقول وما نقموا إلا المودة منهم، وأنشده البيتين. فوجم ابن المولى وأطرق ثم قال: يا ابن رسول الله إن الشاعر يقول ويتقرب بجهده، ثم قام وخرج من عنده منكسرا، فأمر الحسن وكيله أن يحمل إليه وظيفته ويزيده مثلها، ففعل، فقال ابن المولى: والله لا أقبلها وهو علي ساخط فعاد رسول فأخبره فقال: قل له قد رضيت فأقبلها، فدخل على الحسن وأنشده: من الطويل

سألت فأعطاني وأعطى ولم أسل                      وجاد كما جادت غـواد رواعـد

فأقسمت لا أنفك أنشـد مـدحـه                      إذا جمعتني والحجيج المشـاهـد

إذا قلت يوما في ثنائي قـصـيدة                      ثنيت بأخرى حيث تجزى القصائد أبو صخر الهذلي

 

صفحة : 2505

 

عبد الله بن مسلم الهذلي. كان شاعرا مواليا لبني أمية وهو المعروف بأبي صخر. لما ظهر عبد الله بن الزبير بالحجاج دخل عليه أبو صخر الهذلي، وكان عارفا بهواه في بني أمية فمنعه عطاءه، فقال له: علام تمنعني حقا لي، وأنا امرؤ مسلم، ما أحدثت في الإسلام حدثا، ولا أخرجت من طاعة يدا، فقال: عليك ببني أمية فاطلب عطاءك عندهم فقال: إذا أجدهم سبطا أكفهم، سمحة أنفسهم بذلا لأموالهم وأبين لمجتديهم، كريمة أعراقهم، شريفة أصولهم، زاكية فروعهم، قريبا من رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبهم وسببهم ليسوا بأذناب ولا وشائظ ولا أتباع، ولا هم في قريش كفقعة القاع، لهم السؤدد في الجاهلية، والملك في الإسلام لاكمن لا يعد في عيرها و لا نفيرها، ولا حكم آباؤه في نقيرها ولا قطميرها. ليس من أحلافها المطيبين. ولا من ساداتها المطعمين، ولا جودائها الوهابين، ولا من هاشمها المنتخبين، ولا عبد شمسها المسودين، كيف تقابل الرؤوس بالأذناب? أين النصل من الجفن، والسنان من الزج، والذنابى من القدامى? وكيف يفضل الشحيح على الجواد، والسوقة على الملك، والمجيع بخلا على المطعم فضلا? فغضب ابن الزبير حتى ارتعدت فرائصه، وعرق جبينه واهتز من قرنه إلى قدمه وامتقع لونه ثم قال: يا ابن البوالة على عقبيها. يا جلف، يا جاهل، أم والله لو لا الحرمات الثلاث حرمة الإسلام وحرمة الحرم، وحرمة الشهر الحرام لأخذت ما فيه عيناك. ثم أمر به إلى سجن عارم فحبس فيه مدة، ثم استوهبته قريش وهذيل ومن له من قريش خؤولة في هذيل، فأطلقه بعد سنة، وأقسم ألا يعطيه عطاء مع المسلمين أبدا. ولما كان عام الجماعة وولي عبد الملك وحج فلقيه أبو صخر، فلما رآه عبد الملك قربه وأدناه وقال: لم يخف علي خبرك مع الملحد ولا ضاع لك عندي هواك ولا موالاتك فقال: إذا شفى الله نفسي ورأيته قتيل سيفك، وصريع أوليائك، مصلوبا مهتوك الستر مفرق الجمع فما أبالي ما فاتني من الدنيا، ثم استأذنه في الإنشاد فأذن له فمثل قائما وأنشأ يقول: من الطويل

عفت ذات عرق عصلها فرئامهـا                      فدهناؤها وحش وأجلى سوامـهـا

إلى عقد الجرعاء من جمل أقفرت                      وكان بها مصطافها ومقـامـهـا

إذا اعتجلت فيها الرياح فأدلـجـت                      عيشا جرى في جانبيها قمامـهـا

وإن معاجي في القتام وموقـفـي                      بدراسة الربعين بال ثـمـامـهـا

لجهل ولكني أجـلـي ضـمـانة                      وأضعف أسرار الفؤاد سقامـهـا

فأقصر فلا ما قد مضى لك راجع                      ولا لـذة الـدنـيا يدوم دوامـهـا

وفد أمير المؤمنـين الـذي رمـى                      بجأواء جمهور تسيل إكـامـهـا

من ارض قرى الزيتون مكة بعدما                      غلبنا عليها واستحل حـرامـهـا

وإذ عاث فيها الفاسقون وأفـسـدوا                      فخيفت أقاصيها وطار حمامـهـا

فشج بهم عرض الفلاة تعـسـفـا                      إذا الأرض أخفى مستواها علامها

له عسكر طاحي الصفوف عرمرم                      وجمهورة يثني العدو اقتحامـهـا

فطهر منهم بطن مـكة بـعـدمـا                      أبي الضيم والميلاء حين يسامهـا

فدع ذا وبشر شاعـري أم خـالـد                      بأبيات ما خزي طويل عرامـهـا

فإن تبد تجدع منـخـراك بـمـدية                      مشرشرة حرى حديد حسامـهـا

وإن تخف منها أو تخف من أذاتنـا                      تنوشك نابا حـية وسـمـامـهـا

فلو لا قريش لا سترقت عجوزهـم                      وطال على قطبي رحاها احتزامها

هم البيض إقدامـا وديبـاج أوجـه                      وغيث إذا الجوزاء قل رهامـهـا فأمر له عبد الملك بما فاته من العطاء وبمثلة صلة من ماله وكساه.

عبد الله بن مسلمة

القعنبي

 

صفحة : 2506

 

عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي القعنبي. كان من أهل المدينة، وأخذ العلم عن مالك رضي الله عنه، وهو من جلة أصحابه وفضلائهم وخيارهم، وهو أحد رواة الموطأ عنه، فإن الموطأ رواه عن مالك جماعة، وبين الروايات اختلاف، وأكملها رواية يحيى ابن يحيى. وكان يسمى الراهب لعبادته وفضله، وسكن البصرة. ولد بعد الثلاثين ومائة وتوفي سنة إحدى وعشرين ومائتين، وسمع من صغار التابعين وروى عنه البخاري ومسلم وأبو داود، وروى مسلم والترمذي والنسائي عن رجل عنه، وعبد الله بن داود الخريبي - وهو أكبر - وجماعة كثيرون. وكان مجاب الدعوة وكان لا يرضى لنفسه قراءة حبيب حتى قرأ لنفسه الموطأ، وهو أكبر شيخ لمسلم.

عبد الله بن مصعب

أمير المدينة واليمن عبد الله بن مصعب بن الزبير المدني الأمير. ولي إمرة المدينة وإمرة اليمن وحمدت سيرته. وكان وسيما جميلا فصيحا مفوها، ولاه الرشيد وجعل له في العام اثني عشر ألف دينار ووصله بعشرين ألف دينار وعقد له اللواء بيده وزاده معهما ولاية عك، وتوفي سنة أربع وثمانين ومائة. روى عن هشام بن عروة وأبي حازم الأعرج وموسى بن عقبة. وروى عنه ابنه مصعب وهشام بن يوسف وإبراهيم بن خالد الصنعانيان. سئل عنه ابن معين فقال: ضعيف الحديث لم يكن له كتاب، وتوفي بالرقة وله نحو سبعين سنة. وقال ياقوت: كنيته أبو بكر ويلقب عائد الكلب لقوله: من الكامل

مالي مرضت فلم يعدني عـائد                      منكم ويمرض كلبكم فـأعـود

وأشد من مرضي علي صدوركم                      وصدود عبدكم عـلـي شـديد ومن شعره: من الطويل

فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها                      مقـالة واش أو وعـيد أمـير

فلن يمنعوا عيني من دائم البكـا                      ولن يحجبوا ما قد أجن ضميري

وما برح الواشون حتى بدت لنـا                      بطون الهوى مقلوبة لظـهـور

إلى الله أشكو ما ألاقي من الهوى                      ومن نفس يعتـادنـي وزفـير عبد الله بن مطيع العدوي عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي. ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث عن أبيه وتوفي سنة ثلاث وسبعين للهجرة، وروى له مسلم. قال أبوه مطيع: رأيت في المنام أهدي إلي جراب تمر، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: تلد امرأتك غلاما فولدت عبد الله بن مطيع فذهبت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال الزبير: كان عبد الله بن مطيع من جلة قريش شجاعة وجلدا، قتل مع ابن الزبير وكان قد هرب، ولحق بمكة، فلما حصر الحجاج ابن الزبير جعل عبد الله بن مطيع يقاتل ويقول: من الرجز

أنا الذي فررت يوم الحره                      والحر لا يفر إلا مـره

يا حبذا الكرة بعد الفـره                      لأجزين فـرة بـكـره  عبد الله بن مطيع بن راشد

روى عنه مسلم وروى النسائي عن رجل عنه. وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

الإصبهاني عبد الله بن مظاهر، أبو محمد الإصبهاني الحافظ. توفي شابا وكان آية في الحفظ، حفظ المسند كله وشرع في حفظ فتاوي الصحابة وحدث عن مطين، وتوفي سنة أربع وثلاثمائة.

الجمحي عبد الله بن مظعون بن حبيب الجمحي أخو عثمان وقدامة. شهد بدرا وهاجر إلى الحبشة، وتوفي سنة ثلاثين للهجرة.

عبد الله بن المظفر

أبو الحكيم الباهلي الطبيب عبد الله بن المظفر بن عبد الله بن محمد، أبو الحكم الباهلي الأندلسي، المغربي الأصل يمني المولد. كان أديبا شاعرا وله يد في الهندسة والطب، وله ديوان شعر يغلب عليه المجون والهزل. قدم بغداد وأقام بها يعلم الصبيان بها ومدح الأكابر، وسمى ديوانه نهج الوضاعة. وكان يهجو ابن الحويزي الناظر، ثم انتقل إلى الشام وسكن دمشق وبها مات سنة تسع وأربعين وخمسمائة. وكان يعرف الموسيقى ويلعب بالعود ويجلس في جيرون على دكان للطب وسكن دار الحجارة ومدح بني الصوفي كثيرا، وكان يهاجي أهل عصره ورثى أحياء لم يموتوا مجونا منه وهزلا، وفيه يقول عرقلة الشاعر: من السريع

لنا طبيب شاعر أشـتـر                      أراحنا من شخصه اللـه

ما عاد في صبحة يوم فتى                      إلا وباقـي الـيوم رثـاه

 

صفحة : 2507

 

وكان لشتره سبب وهو أنه خرج ليلة وهو سكران من دار زين الملك أبي طالب ابن الخياط ووقع وشج وجهه وجعل الناس يسألونه: كيف وقعت? فنظم هذه الأبيات: من الطويل

وصعت على وجهي فطارت عمامتـي                      وضاع شمشكي وانبطحت على الأرض

وقمت وأسراب الدمـاء بـلـحـيتـي                      ووجهي وبعض الشر أهون من بعض

قضى الله أني صرت في الحال هتـكة                      ولا حيلة للمرء فيمـا بـه يقـضـي

ولا خير في قـصـف ولا فـي لـذاذة                      إذا لم يكن سكر إلى مثل ذا يفـضـي وآخذ المرآة فرأى الجرح بوجهه غايرا تحت الوجنة بعد وقعته فقال: من مجزوء الكامل

ترك النبيذ بوجنـتـي                      جرحا ككس النعـجة

ووقعت منبطحا علـى                      وجهي وطارت عمتي

وبقيت منهتكـا ولـو                      لا الليل بانت سوأتـي

وعلمت أن جمـيع ذا                      لك من تمام الـلـذة

من لي بأخرى مثل تل                      ك ولو بحلق اللحـية وقال يهجو الطبيب المفشكل على سبيل المرثية: من الطويل

ألا عد عن ذكرى حبيب ومـنـزل                      وعرج على قبر الطبيب المفشكل

فيا رحمة الله استهينـي بـقـبـره                      وكوني على الشيخ الوضيع بمعزل

ويا منكـرا جـود فـديت قـذالـه                      بمقنعة واسقله سقل السجـنـجـل

وكبكبه في قعر الجحيم بوجـهـه                      كجلمود ضخر حطه السيل من عل

فلا زال وكـاف يرجـــيه ديمة                      عليه بمنهل من السلح مـسـبـل

لقد حاز ذاك اللحد أخـبـث جـيفة                      وأوضع ميت بين ترب وجـنـدل وقال يهجو نصيرا الحلبي على سبيل المرثيه: من مجزوء الرجز

يا هذه قومي انـدبـي                      شخص النصير الحلبي

يرحمه الـلـه لـقـد                      كان طويل الـذنـب

قد ضجت الأملاك من                      نكهته فـي الـتـرب

وودهم لو عـوضـوا                      منه بكـلـب جـرب وهي أطول من هذا. وعمل أرجوزة وسمها بمعرة البيت يذكر فيها ما ينال الإنسان من العناء إذا عمل دعوة وهي مائة وستون بيتا أوردها ابن أبي أصيبعة في تاريخ الأطباء كاملة في ترجمة المذكور أولها: من الرجز

معرة البيت على الإنـسـان                      تطرى بلا شك على الأسنان

فاصغ إلى قول أخي تجريب                      يأتيك الشرح على الترنـيب

جميع ما يحدث في الدعوات                      وكل ما فيها مـن الآفـات

فصاحب الدعوة والمـسـره                      لا بد أن يحتمل المـضـره أبو الفضل عبد الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة، أبو الفضل ابن الوزير أبي القاسم الملقب برئيس الرؤساء. كان فاضلا أديبا لبيبا كبير القدر. توقي سنة ست وعشرين وخمسمائة.

ومن شعره: من الوافر

أمولانـا جـلال الـدين يا مـن                      أذكره بخدمـتـي الـقـديمـه

ألم تك قد عزمت على اصطناعي                      فماذا صد عن تلك الـعـزيمـه الأثير أبو جعفر عبد الله بن المظفر بن هبة الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة، أبو جعفر بن أبي شجاع. من بيت المذكور آنفا. كان يعرف بالأثير وكان من الأعيان، كاتبا جليلا حاذقا بليغا نبيلا. كان ينوب في وقت في ديوان الإنشاء في سفر سديد الدولة بن الأنباري وولي النظر بأعمال دجيل، ثم صار عميدا في الحلة السيفية، وسمع الحديث من أبي منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون وغيره، وروى. وتوفي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة. ومن شعره: من الخفيف

قلت شعرا قالوا بغير عروض                      ناقص والعروض كالمـيزان

قلت إني لص القوافي فـديوا                      ني من شعر كـل ذي ديوان

أسرق الشعر لا بوزن وما يس                      رق إلا جزف بـلا مـيزان ومنه: من الخفيف

خير ما جالس اللبيب كتـاب                      لا قرينا فيه ريا ونـفـاق

هو مثل الرياض حقا كما أو                      راقها بينهـا لـهـا أوراق رشيد الدين الصفوي

 

صفحة : 2508

 

عبد الله بن المظفر، رشيد الدين، أبو محمد الصفوي الكاتب المصري، نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: كان المذكور من أجلاء الكتاب جامعا بين فضيلتي الحكمة والحساب وعرف بخدمة الوزير صفي الدين سيد الأصحاب. ووزر بحماة للملك الناصر قلج أرسلان. وتوفي بدمشق سنة اثنتين وأربعين وستمائة. أنشدني بحماة - وقد ذكرت له قول الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا لقدرتك عليه - هذين البيتين: من الكامل

إذا قدرت على عـدوك مـرة                      فالعفو أجمل بالكريم القـادر

ليكون ذلك شكر قدرتك التـي                      أعطاكها الرحمان أكرم ناصر قال: وأجريت يوما معه بحماة ذكر السيف الآمدي وزين الدين قاضي حمص وكانا لا يفترقان ويعرفان بالسيف والنطع، فأنشدني هذين البيتين: من الطويل

وقالوا افترشت النطع صيفا وقدأتى ال                      خريف فمر في نطعك الآن بالرفـع

فقلت حبيبي شاهر سيف لـحـظـه                      ولا بد للسيف الشهير من الـنـطـع إنتهي. قلت: وقد تقدم في ترجمة محمد بن إسماعيل الأشرفي حكاية تتعلق بها الرشيد الصفوي.

الزماني البصري عبد الله بن معبد الزماني البصري. روى عن ابن مسعود وأبي قتادة وأبي هريرة. وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له مسلم والأربعة.

المزني الكوفي عبد الله بن معقل بن مقرن المزني الكوفي. لأبيه صحبة. روى عن أبيه وعلي وابن سمعود وكعب بن عجرة، وتوفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له الجماعة سوى ابن ماجة.

عبد الله بن معاوبة

الجمحي البصري عبد الله بن معاوية بن موسى الجمحي البصري المعمر مسند العراق في زمانه. روى عنه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وتوفي في حدود الخمسين ومائتين.

العلوي رأس الجناحية

 

صفحة : 2509

 

عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. روى عن أبيه. كان جوادا ممدحا شاعرا من رجال العالم وأبناء الدنيا. خرج بالكوفة وجمع خلقا ونزع الطاعة وجرت له أمور يطول شرحها. ثم لحق بإصبهان وغلب على تلك الديار، ثم ظفر أبو مسلم الخراساني فقتله. وقيل: سجنه إلى أن مات. ذكره ابن حزم في الملل والنحل قال: كان رديء الدين معطلا يصحب الدهرية وذهب بعض الكيسانيةالى أن عبد الله حي لم يمت وأنه بجبال إصبهان ولا بد أن يظهر. وكانت قتلته في حدود الثلاثين ومائة، وهو رئيس الجناحية من الرافضة. قال ابن أبي الدم في الفرق الإسلامية: زعمت هذه الفرقة أن الأرواح تتناسخ وأن روح الله حلت في آدم ثم في الأنبياء بعده إلى محمد صلى الله عليه وسلم ثم في على ثم في أولاده الثلاثة من بعده، ثم صارت إلى عبد الله بن معاوية، وأنه حي لم يمت مقيم بجبال إصبهان. وذهبوا إلى القول بإلهية الأنبياء والأئمة وكفروا بالقيامة فأنكروها وأباحوا شرب الخمر وأكل الميتة فكفروا بجميع ذلك. وكان قد خرج عبد الله هذا قبيل الدولة العباسية أوان اختلاف النزارية واليمنية وقال: إني أجد الذي يلي الخلافة من بني هاشم اسمه عبد الله وليس فيهم من اسمه عبد الله يستحق ذلك غيري، فقدم الكوفة وجمع وأظهر أمره بالجبانة، وعلى العراق عبد الله بن عمر بن عبد العزيز من قبل مروان بن محمد، فوجه إليه بخالد بن قطن الحارثي فهزمه عبد الله ثم إنه خرج إلى المدائن وغلب على الماهين وهمذان وإصبهان والري وخرج إليه العبيد وتلاحق به الشذاذ ودخل فارس وجبى الأموال في سنة ثمان وعشرين ومائة واتسع أمره واستعمل أخاه الحسن على الجبال وأخاه يزيد على فارس وقصده الناس من بني هاشم وغيرهم وقدم يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري أميرا على العراق فوجه لحربه نباتة بن حنظلة الكلابي ثم وجه بابن ضبارة مع ابنه داود بن يزيد ومعه معن بن زائدة فانهزم عبد الله بن معاوية من إصطخر وقتل فيهم ابن ضبارة وأسر منهم خلقا ومضى ابن معاوية إلى سمنان ثم إلى خراسان ثم وصل هراة هو وأخوه الحسن ويزيد أخوه فأخذهم مالك أبي الهيثم، وكان من قبل أبي مسلم فكتب إليه بخبرهم فقال: إحبسهم إلى أن يأتيك أمري، ووجه إليهم بعين فحبس معهم وكانوا يقولون ولا يدرون بمكان العين: أبو مسلم كذاب، فكتب العين إليه بذلك فجهز يطلبهم فحملوا إليه فأطلق الحسن ويزيد ابني معاوية وقتل عبد الله ابن معاوية، أخاهم، وقيل: بل مات سنة تسع وعشرين ومائة. ورثاه أبو مالك الخزاعي فقال: من الطويل

تغيرت الدنيا خلاف ابن جعفر                      علي وولي طيبها وسرورها وكتب عبد الله بن معاوية إلى أبي مسلم الخراساني وهو في سجنه: من الأسير في يديك من غير ذنب إليك ولا خلاف عليك أما بعد: فإنك مستودع ودائع ومولى صنائع وإن الودائع مرعية، وإن الصنيعة عارية، فاحذر القصاص واطلب الخلاص وأنبه للتفكر قلبك واتق الله ربك وآثر ما يلقاك غدا على ما لا يلقاك أبدا فإنك لاق ما استلفت لا ما خلفت، وفقك الله لما ينجيك وأوزعك شكر ما يوليك. ومن شعره: من الطويل

رأيت فضيلا كان شيئا ملـفـفـا                      فكشفه التمحيص حتى بـدا لـيا

فأنت أخي ما لم تكن لـي حـاجة                      فإن عرضت أيقنت ألا أخـالـيا

فلا زاد ما بيني وبينك بـعـدمـا                      بلوتك في الحاجات إلا تـمـاديا

ولست براء عيب ذي الود كـلـه                      ولا بعض ما فيه إذا كنت راضيا

فعين الرضى عن كل عيب كليلة                      كما أن عين السخط تبدي المساويا المزني عبد الله بن مغفل المزني الصحابي المشهور. شهد بيعة الشجرة ونزل المدينة وتو في سنة ستين للهجرة، وروى له الجماعة.

مخلص الدين الطوخي

 

صفحة : 2510

 

عبد الله بن المفضل بن سليم، مخلص الدين الطوخي ويعرف بضياء الدين أيضا. أخبرني العلامة أثير الدين من لفظه قال: كان يحضر معنا في درس قاضي القضاة ابن رزين وبعده في درس ابنه. كان يقرأ عليه الحاجبية وكتاب المتنبي، وكان له معرفة بالفقه والأصول وله رد على النصارى، وأدب من النثر والنظم. وكان معدودا في فضلاء ديار مصر وأخلدت به البطالة عن بلوغه مراتب العلماء، وكثيرا ما كان يشتغل عليه الكتاب والنصارى. وتوفي بالقاهرة ليلة الجمعة حادي عشري شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وستمائة، ودفن بقرافة سارية بتربة نجم الدين ابن الحلي ورثاه ناصر الدين ابن النقيب على حرف الزاي المفتوحة وبعث بها إلى ناصر الدين شافع، وهي قطعة مليحة، وأجابه عنها ناصر الدين بمثلها في الوزن والروي.

البليغ المشهور عبد الله بن المقفع - بضم وفتح القاف وكسر الفاء المشددة وفتحها معا والفتح أشهر - أصله من خراسان. قتل سنة سبع وثلاثين ومائة. كان أديبا فاضلا شاعرا بارعا في الفصاحة والبلاغة متحققا بنحو ولغة، وكان يكتب لعيسى بن علي بن عبد الله بن العباس عم المنصور. قيل له: لم لا تقول الشعر? قال: ما يأتي جيده وآبى رديئه. وهو القائل: من الطويل

رزئنا أبا عمرو ولا حي مثلـه                      فلله ريب الحادثات بمن وقـع

لئن تك قد فارقتنا وتركـتـنـا                      إلى خلة ما في انسداد لها طمع

فقد جر نفعا فقدنـا لـك أنـنـا                      أمنا على كل الرزايا من الجزع وهو القائل أيضا: من الطويل

دليلك أن الفقر خير من الغـنـى                      وأن القليل المال خير من المثري

لقاؤك إنسانا عصى الله للغـنـى                      ولم تر إنسانا عصى الله للفقـر

 

صفحة : 2511

 

قال نصر بن حبيب المهلبي: أخذت قوما من الزنادقة فوجدت في كتبهم: إلى هذا ما انتهى قول ابن المقفع. وقال الجهشياري: كان ابن المقفع من أهل خوز من أرض فارس، وكان سريا سخيا كاتبا فصيحا لبيبا يطعم الطعام ويصل كل من احتاج إليه، وكان يكتب للداود بن يزيد بن هبيرة على كرمان، وأفاد معه مالا، وكان يجري على جماعة من أهل الكوفة ما بين الخمسمائة إلى الألفين، وكانت بينه وبين عمارة بن حمزة مودة فلما أنكر المنصور على عمارة بن حمزة شيئا، ونقله إلى الكوفة كان ابن المقفع يأتيه ويزوره، فبينا هو عنده ذات يوم إذ ورد على عمارة كتاب وكيله بالبصرة يعلمه فيه أن ضيعته مجاورة لضيعة تباع بثلاثين ألف درهم، وأن ضيعته لا تصلح إلا بهذه الضيعة وإن لم تشتر هذه الضيعة فيبيع ضيعته. فلما قرأه قال: ما أعجب أمر هذا الوكيل يشير علينا بمشترى ضيعة في وقت إضاقتنا وإملاقنا ونحن إلى البيع أحوج فسمع ابن المقفع الكلام وكتب في منزله سفتجة إلى الوكيل بثلاثين ألف درهم، وكتب إليه على لسان عمارة بمشترى الضيعة وأن يقيم مكانه وينفذ إليه الكتاب بالابتياع، فلم يشعر عمارة بعد أيام إلا وكتاب وكيله قد ورد عليه قرين الكتاب بمشترى الضيعة، فتعجب عمارة من وقوع ذلك فقيل له: إن ابن المقفع فعل ذلك. فلما صار إليه بعد أيام وتحدثا قال له عمارة: بعثت الى الوكيل بثلاثين ألف درهم، وكنا إليها ههنا أحوج فلما توجه من عنده بعث إليه بثلاثين ألف درهم أخرى. ولما هرب عبد الله بن علي بن العباس من أبي مسلم الخراساني قصد أخويه سليمان وعيسى ابني علي، وهما بالبصرة فكاتبا المنصور أن يؤمنه، وأنفذ سليمان كاتبه عمر ابن أبي حليمة في ذلك، فاستقر الأمر في إعطائه الأمان، وأنفذ المنصور سفيان ابن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وأمره بضبطهم والتضييق عليهم حتى يحضروا عبد الله بن علي إلى حضرته، وكان ابن المقفع يكتب لعيسى بن علي، فأمره عيسى بن علي بعمل نسخة الأيمان لعبد الله وأكدها واحترس من كل تأويل يجوز أن يقع عليه فيها، وترددت بين أبي جعفر المنصور وبينهم في النسخة كتب ورسائل إلى أن استقرت على ما أراد من الاحتياط، ولم يقع للمنصور فيها حيلة لفرط احتيال ابن المقفع، وكان الذي زاده فيها مما شق على المنصور أن قال، يوقع بخطه في سفل الأمان: فإن أنا نلت عبد الله بن علي، أو أحدا ممن آمنته معه بصغيرة من المكروه أو كبيرة، أو أوصلت إلى أحد منهم ضررا سرا أو علانية على الوجوه والأسباب كلها تصريحا أو كناية أو بحيلة من الحيل. فأنا نفي من محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ومولود لغير رشدة، وقد حل لجميع أمة محمد خلعي وحربي والبراءة مني، ولا بيعة لي في رقاب المسلمين، ولا عهد ولا ذمة، وقد وجب لهم الخروج من طاعتي، وإعانة من ناوأني من جميع الخلق، ولا موالاة بيني وبين أحد من المسلمين، وأنا متبر من الحول والقوة، مدع - إن كان - أنه كافر بجميع الأديان ألقى ربي على غير دين ولا شريعة، محرم المأكل والمشرب والمنكح والملبس والمركب والرق والملك على سائر الوجوه والأسباب كلها، ويعطي ولايتي سواه، ولا يقبل الله مني إلا إياه والوفاء به. فقال المنصور: إذا وقعت عيني عليه، فهذا الأمان له صحيح لأني لا آمن إن أعطه إياه قبل رؤيتي له أن يسير في البلاد، ويسعى علي بالفساد وتهيأت له الحيلة من هذه الجهة، وقال: من كتب له هذا الأمان? فقيل: ابن المقفع، كاتب عيسى بن علي. فقال المنصور: فما أحد يكفنيه? وكان سفيان بن معاوية أمير البصرة من قبل المنصور يضطغن على ابن المقفع أشياء كثيرة، منها أنه كان يهزأ به، ويسأله عن الشيء بعد الشيء، فإذا أجابه قال: أخطأت ويضحك منه. فلما كثر ذلك على سفيان غضب وافترى عليه، فقال له ابن المقفع: يا ابن المغتلمة والله ما اكتفت أمك برجال العراق حتى تعدتهم إلى الشام فلما قال المنصور ذلك الكلام كتب أبو الخصيب إلى سفيان بذلك فعمل على قتله، فقال يوما علي بن عيسى لابن المقفع: صر إلى سفيان فقل له كذا وكذا فقال: وجه معي إبراهيم بن جبلة بن مخزمة الكندي فإني لا آمن سفيان، فتوجها إليه فأذن لإبراهيم بن جبلة قبله فدخل ثم خرج الإذن لابن المقفع، فلما دخل عدل به إلى مقصورة فيها غلامان فأوثقاه كتافا، فقال إبراهيم لسفيان:

 

صفحة : 2512

 

ايذن لابن المقفع فقال للآذن: ايذن له فخرج ثم رجع فقال له إنه انصرف، فقال سفيان لإبراهيم: هو أعظم كبرا من أن يقيم وقد أذنت لك قبله وما أشك في أنه غضب. ثم قام سفيان وقال لإبراهيم: لا تبرح ودخل المقصورة التي فيها ابن المقفع، فقال له وقد وقعت عينه عليه: أنشدك الله فقال: أمي مغتلمة كما قلت، إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد وأمر بتنور فسجر ثم أمرهما فقطعا منه عضوا عضوا ويلقى في التنور وهو يرى إلى أن قطع أعضاءه ثم أحرقه وهو يقول: والله يا ابن الزنديقة لأحرقنك بنار الدنيا قبل نار الآخرة فلما فرغ منه رجع لإبراهيم فحدثه ساعة، ثم خرج إبراهيم فقال له غلام ابن المقفع: ما فعل مولاي? فقال: ما رأيته فقال: دخل بعدك إلى سفيان، فرام الرجوع إلى سفيان فحجب عنه، فانصرف غلام ابن المقفع وهو يقول: سفيان قتل مولاي فدخلا على عيسى ابن علي فقال: ما هذا? فخبره الخبر، فقال عيسى: إرجع إلى سفيان وقل له: خل سبيل ابن المقفع ما لم تكن قتلته وإن كنت قتلته فوالله لأطالبنك بدمه، ولا أدع جهدا. فعاد إليه وقال له ذلك، فقال: ما رأيته وسعى سفيان مع أبي أيوب المورياني إلى المنصور وطلب سفيان إلى المنصور وجرت أمور وذهب ابن المقفع. وقيل إن سفيان لما أراد قتل ابن المقفع قال له: والله إنك لتقتلني فيقتل بقتلي ألف نفس ولو قتلوا مثلك مائة ما وفوا بواحد، ثم قال: من الوافر لابن المقفع فقال للآذن: ايذن له فخرج ثم رجع فقال له إنه انصرف، فقال سفيان لإبراهيم: هو أعظم كبرا من أن يقيم وقد أذنت لك قبله وما أشك في أنه غضب. ثم قام سفيان وقال لإبراهيم: لا تبرح ودخل المقصورة التي فيها ابن المقفع، فقال له وقد وقعت عينه عليه: أنشدك الله فقال: أمي مغتلمة كما قلت، إن لم أقتلك قتلة لم يقتل بها أحد وأمر بتنور فسجر ثم أمرهما فقطعا منه عضوا عضوا ويلقى في التنور وهو يرى إلى أن قطع أعضاءه ثم أحرقه وهو يقول: والله يا ابن الزنديقة لأحرقنك بنار الدنيا قبل نار الآخرة فلما فرغ منه رجع لإبراهيم فحدثه ساعة، ثم خرج إبراهيم فقال له غلام ابن المقفع: ما فعل مولاي? فقال: ما رأيته فقال: دخل بعدك إلى سفيان، فرام الرجوع إلى سفيان فحجب عنه، فانصرف غلام ابن المقفع وهو يقول: سفيان قتل مولاي فدخلا على عيسى ابن علي فقال: ما هذا? فخبره الخبر، فقال عيسى: إرجع إلى سفيان وقل له: خل سبيل ابن المقفع ما لم تكن قتلته وإن كنت قتلته فوالله لأطالبنك بدمه، ولا أدع جهدا. فعاد إليه وقال له ذلك، فقال: ما رأيته وسعى سفيان مع أبي أيوب المورياني إلى المنصور وطلب سفيان إلى المنصور وجرت أمور وذهب ابن المقفع. وقيل إن سفيان لما أراد قتل ابن المقفع قال له: والله إنك لتقتلني فيقتل بقتلي ألف نفس ولو قتلوا مثلك مائة ما وفوا بواحد، ثم قال: من الوافر

إذا ما مات مثلي مات شخص                      يموت بموته خلـق كـثـير

وأنت تموت وحدك ليس يدري                      بموتك لا الصغير ولا الكبير وقال أبو الغول الأسدي قصيدة طويلة يعير فيها علي بن عيسى ابن علي منها: من الطويل

لعمري لمن أوفى بجـار أجـاره                      لقد غر عيسى جاره ابن المقفـع

فلو بابن حرب عاذ أو بابن عامـر                      لما اغتيل عبد الله في شر مضجع

ولكن عبد اللـه ألـجـأ ظـهـره                      إلى رخمات بالنبـيط وإصـبـع

دعا دعوة عيسى وهم يسحبـونـه                      بلحيته جر الحـوار الـمـفـزع

فما كنت عدلا للسمـوأل إذ فـدى                      بواحـده أحـلاف بـيض وأدرع

ولا مثل جار ابن الملهب إذا سمـا                      به جاره في شاهق مـتـمـنـع

أولئك لم تقعد بـه أمـهـاتـهـم                      ولم يسلموا الأحرار أسوأ مصرع

أهابوا به حتى إذا قيل قـد عـلا                      مع النجم خلوه وقالـوا لـه قـع

إذا أنت لم تغضب لجار أجـرتـه                      فدونك ثوبي حيضة فـتـقـنـع

 

صفحة : 2513

 

ومن تصانيفه: كتاب مزدك، كتاب كليلة ودمنة صنعه وعزاه إلى الهند، كتاب التاج في سيرة أنوشروان، كتاب الأدب الكبير، كتاب الأدب الصغير، كتاب جوامع كليلة ودمنة، كتاب رسالته في الصحابة، كتاب خداي نامه في السير، كتاب آئين نامه، كتاب الدرة اليتيمة.

عبد الله بن منصور

ابن الباقلاني المقرئ عبد الله بن منصور بن عمران بن ربيعة الربعي، أبو بكر المقرئ المعروف بابن الباقلاني. من أهل واسط. كان أحد المشايخ القراء المشهورين بالفضل والمعرفة وتجويد القراءة ووجهها وطرقها وعلو الأسانيد فيها، والرحلة إليه من سائر الأقطار. قرأ على أبي العز محمد بن الحسين بن بندار القلانسي - وانفرد بالرواية عنه في الدنيا جمعاء - وعلى أبي القاسم علي بن علي بن شيران وأبي الكتائب بن ملاهي الخباز، وقرأ ببغداد على أبي محمد عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط، وسمع من أبي القاسم هبة الله بن الحصين وأبي عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس وأبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء وغيرهم. ضعفه غير واحد إلا ما صحت قراءته به على القلانسي وهو كتاب إرشاد المبتدي في القراآت العشر تصنيفه لا غير وما عداه من كتب القراآت المشهور منها والشاذ فلا تصح قراءته به ولا روايته له، ذكر ذلك محب الدين ابن النجار. ولد سنة خمسمائة وتوفي سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة.

أمير المؤمنين المستعصم بالله عبد الله بن منصور بن محمد بن أحمد بن الحسن، أمير المؤمنين، أبو أحمد المستعصم بالله الشهيد ابن المستنصر بن الظاهر بن الناصر بن المستضيء بن المستنجد بالله البغدادي، آخر خلفاء العباسيين بالعراق، وكان ملكهم به من سنة اثنتين وثلاثين ومائة إلى سنة ست وخمسين وستمائة. ولد سنة تسع وستمائة وقتل سنة ست وخمسين وستمائة آخر المحرم هو وابناه أحمد وعبد الرحمان وبقي ابنه الصغير مبارك وأخواته فاطمة وخديجة ومريم في أسر التتار. بويع بالخلافة سنة أربعين، وكان مليح الخط. قرأ القرآن على الشيخ علي بن النيار الشافعي وعملت دعوة عظيمة وقت ختمه وأعطي الشيخ من الذهب ستة آلاف دينار، وخلع يوم خلافته ثلاثة عشر ألف وسبع مائة وخمسين خلعة، وروى عنه بالإجازة في خلافته محيي الدين ابن الجوزي ونجم الدين الباذرائي، وكان حليما، كريما، سليم الباطن، حسن الديانة، متمسكا بالسنة ولكنه لم يكن كما كان عليه أبوه وجده من الحزم والتيقظ، وكان الدوادار والشرابي لهم الأمر، وركن إلى ابن العلقمي الوزير فأهلك الحرث والنسل، وحسن له جمع الأموال والاقتصار على بعض العساكر، وكان فيه شح وقلة معرفة وعدم تدبير. جاء هولاكو البلاد في نحو مائتي ألف فارس وطلب الخليفة وحده فطلع ومعه القضاة والمدرسون والأعيان نحو سبع مائة نفس، فلما وصلوا إلى الحربية جاء الأمر بحضور الخليفة وحده ومعه سبعة عشر نفسا، فساقوا مع الخليفة وأنزلوا من بقي عن خيلهم وضربوا رقابهم، ووقع السيف في بغداد، وعمل القتل أربعين يوما وأنزلوا الخليفة في خيمة وحده والسبعة عشر في خيمة أخرى ثم إن هولاكو أحضر الخليفة وجرت له معه ومع ابنه أبي بكر محاورات وأخرجاورفسوهما إلى أن ماتا وعفي أثرهما، وأطلقوا السبعة عشر وأعطوهم نشابة، وكان الحال قد تقرر أن يكون للتتار داخل البلاد فلما تركهم ابن العلقمي وقال: المصلحة قتله وإلا ما يتم لكم ملك العراق قال الشيخ شمس الدين: توفي الخليفة في أواخر المحرم وما أظنه دفن، وكان الأمر أعظم من أن يوجد من يؤرخ موته أو يواري جسده، وراح تحت السيف أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى، ويقال: إنهم أكثر من ألف ألف واستغنى التتار إلى الأبد. وحدثني شيخنا ابن الدباهي قال: لما بقي بين التتار وبين بغداد يومان أعلم الخليفة حينئذ فقال: عدلين يروحون يبصرون هذا الخبر إن كان صحيح.

المكين الأسمر المقرئ عبد الله بن منصور بن علي الإمام أبو محمد اللخمي الإسكندراني المعروف بالمكين الأسمر، المقرئ. قرأ القراآت على أبي القاسم الصفراوي وغيره وطال عمره وأقرأ جماعة وحدث عن أصحاب السلفي، وتوفي سنة اثنتين وتسعين وستمائة.

المروزي الزاهد عبد الله بن منير المروزي الزاهد. كان من كبار الأولياء. روى عنه البخاري والترمذي والنسائي، وتوفي سنة إحدى وأربعين ومائتين.

 

 

صفحة : 2514

 

عبد الله بن موسى

ابن الكريد عبد الله بن موسى بن الحسن بن إبراهيم السلامي، أبو الحسن بن الكريد. توفي في المحرم سنة أربع وسبعين وثلاثمائة. سمع أبا محمد صاعدا وأقرانه. روى عن الحسين بن إسماعيل المحاملي وغيره كنفطويه النحوي ومحمد بن مخلد العطار، وكان من الرحالة في طلب الحديث وكان شاعرا كثير الحفظ للحكايات والنوادر وصنف كتبا كثيرة، وكان صحيح السماع إلا أنه كتب عمن دب ودرج من المجهولين. ومن شعره: من المنسرح

قال السلامي محنتي عجـب                      أصغرها في القياس أعظمها

من ذلك أني اشتريت جـارية                      خادمة لي فصرت أخدمهـا ابن الهادي عبد الله بن موسى الهادي بن المهدي بن المنصور. ذكره الصولي في كتاب الأوراق قال: أمه أم ولد يقال لها أمة العزيز، وكان أديبا، فاضلا، مليح الشعر، ظريفا كريما جوادا ممدحا، وقال محمد بن حبيب: كان عبد الله بن موسى الهادي معربدا، وكان قد أعضل المأمون مما يعربد عليه إذا شرب معه، فأمر به أن يجلس في بيته فلا يخرج منه، وأقعد على بابه حرسا، ثم تذمم من ذلك فأظهر له الرضى وصرف الحرس عنه، ثم نادمه فعربد عليه وكلمه بكلام أحفظه. وكان عبد الله مغرما بالصيد، فأمر المأمون خادما من خواصه يقال له حسين فسمه في دراج وهو بموشاباذ، فدعا عبد الله العشاء، فأتاه حسين بذلك الدراج فأكله، فلما أحس بالسم ركب في الليل وقال لأصحابه: هو آخر ما تروني، وأكل معه الدراج خادمان، فأما أحدهما فمات من وقته، والآخر مضى مدة مضنى ثم مات، ومات عبد الله بعد أيام. ومن شعره: من المتقارب

تقاضاك دهرك ما أسلفا                      وكدر عيشك بعد الصفا

فلا تنكرن فإن الزمـان                      جدير بتشتيت ما ألـفـا

ولما رآك قليل الهمـوم                      كثير الهوى ناعما مترفا

ألح عليك بـروعـاتـه                      وأقبل يرميك مستهدفـا ومنه: من السريع

يا من يراه الناس دونـي ولا                      أراه طوبى لعـيون تـراك

أنت الذي إن غاب بدر الدجا                      لم يكشف الظلمة نور سواك

وأنت من لو خير الحسن أن                      يملكه خلق إذا مـا عـداك

وما يشم الناس من وردهـم                      فإنما منشـؤه وجـنـتـاك ?ابن حدير المغربي عبد الله بن موسى بن حدير المغربي. ذكره حرقوص في كتابه فقال: شاعر محسن مفلق مجود مطبوع. كان من أملح الناس وأطيبهم وأرشقهم وأظرفهم وأحضرهم جوابا وأسرعهم بديهة وأوقعهم على نادرة مضحكة وطيبة مستطرفة، كان جالسا عند صاحب له فأمر بمرآة فأتي بها فنظر إلى وجهه فيها ثم رمى بها إلى ابن حدير وقال له: أنظر إلى هذا الوجه القبيح فلما تصفح وجهه فيها قال: يا رب لقد صورتني فشوهت بي وخلقتني فقبحت صورتي وما أعلم شيئا أكافيك به إلا ترك الصلاة وأنا أدعها ولا أصيلها. ولقيه رجل من أخوانه في السوق فسلم عليه وسأله عن حاله وقال له: أي شيء تصنع فقال له: ما كانت الأنبياء تصنع،  تأكل الطعام وتمشي في الأسواق  . ومن شعره: من الوافر

جفا أهـلا وزايلـه طـريدا                      وأخلى منزلا واحـتـل بـيدا

وهدد بالردى إن لـم يقـوض                      فخاف فأعمل الركض الشديدا

فعاد بقفـرة لا مـاء فـيهـا                      ولا ظـلا يلـوذ بـه مـديدا

تأنس بالوحـوش ومـن يراه                      يخال به خلال الوحش سـيدا

غدا من أهله بالبـيد وحـشـا                      يوالف من أهالـيه جـنـودا  عبد الله بن موسى الجون

بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي ابن أبي طالب

وسيأتي ذكر والده موسى الجون في حرف الميم من مكانه. كان عبد الله سيدا مشهورا بالجود ممدحا معمرا وهو القائل: من الطويل

أذا العرش إن تفرج فإنك قـادر                      وإن تكن الأخرى فإني صابـر

جزى الله عنا قومنا شر ما جزى                      فلله للمظلوم كاف ونـاصـر وقال: من الطويل

على زهرة الدنيا السلام من امرئ                      يرى كل ما فيها يزول ويذهـب  عبد الله بن نافع

 

 

صفحة : 2515

 

عبد الله بن نافع العدوى مولى ابن عمر وله إخوة. ضعفه ابن معين وغيره وتوفي سنة أربع وخمسين ومائة وروى له ابن ماجة.

الأصغر عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو بكر الأسدي الزبير المدني - وليس بالصايغ، ذاك مخزومي وهذا يقال له عبد الله بن نافع الأصغر. قال ابن معين: صدوق. وقال البخاري: أحاديثه معروفة. توفي سنة ست عشرة ومائتين وهو ابن سبعين سنة. وروى له النسائي وابن ماجة.

الصايغ المدني الفقيه عبد الله بن نافع الصايغ المدني الفقيه. قال ابن معين: ثقة. وقال البخاري: تعرف وتنكر. قال ابن عدي: روى عن مالك غرايب، وتوفي سنة ست ومائتين. وروى له مسلم والأربعة.

السلمي عبد الله بن النضر السلمي. روى عنه أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من النار، فقالت إمرأة: يا رسول الله أو اثنان? قال: أو اثنان. قال ابن عبد البر: وهو مجهول لا يعرف ولا أعرف له غير هذا الحديث، وقد ذكروه في الصحابة وفيه نظر، ومنهم من يقول فيه محمد، ومنهم من يقول فيه أبو النضر، كل ذلك قال فيه أصحاب مالك، وبعضهم يقول فيه: ابن النضر لا يسميه. وأما ابن وهب فجعل هذا الحديث لأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عبد الله بن عامر الأسلمي وما أعلم في الموطأ رجلا مجهولا غير هذا.

جلال الدين ابن شاس المالكي عبد الله بن نجم بن شاس بن نزار بن عشاير بن عبد الله بن محمد ابن شاس الجذامي السعدي الفقيه المالكي، جلال الدين. كان فقيها فاضلا عارفا بقواعد مذهبه. قال القاضي شمس الدين ابن خلكان رحمه الله تعالى: رأيت بمصر جمعا كثيرا من أصحابه يذكرون فضائله، وصنف في مذهب مالك كتابا نفيسا أبدع فيه وسماه الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة وضعه على ترتيب الوجيز وفيه دلالة على غزارة فضله. والطائفة المالكية بمصر عاكفة عليه لحسنه وكثرة فوائده. وكان مدرسا بمصر بالمدرسة المجاورة للجامع. وتوفي غازيا بدمياط سنة ست عشرة وستمائة.

تاج الدين كاتب قطيا عبد الله بن نجيب بن خصيب تاج الدين المصري، كاتب الدرج بقطيا فيه خدمة وإحسان للصادر والوارد ويخدم من يعرف ومن لا يعرف. سألته عن مولده فقال: سنة إحدى وسبعمائة. أنشدني من لفظه لنفسه: من الكامل

أفديه إن نبذ الـمـودة أو رعـى                      ملك الحشاشة ما عشى أن يصنعا

رشاء تصيد الأسود سود عـيونـه                      ولديه أضحى كل قلب مرتـعـا

لم أنس ليلة زارني متـعـطـفـا                      من بعد صد بالوصال ممـتـعـا

والعتب منه كقهوة لما افتـرى ال                      واشي سلوي عن هواه وأبـدعـا

قمر سقاني من رحيق رضـابـه                      إذ عزت الصهباء كأسا متـرعـا

حفت كؤوس رضابه بـعـتـابـه                      فسكرت من خمرين في وقت معا رشيد الدين ابن كاتب الصادر القوصي عبد الله بن نصر ابن كاتب الصادر القوصي رشيد الدين، أبو محمد. كان حيا سنة سبع عشرة وستمائة. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني المذكور لنفسه بدمشق في الشيب والكبر: من البسيط

نعمت حينا قديما في بلـهـنـية                      من الشباب وعودي وارق نضر

وقد سقيت زمان الشيب وا أسفا                      قد خاب مني ما قد كنت أنتظر قال: وأنشدني لنفسه: من مجزوء الرجز

هذا غزال فـاتـن                      بطرفه وشـعـره

يريد أن يخرجكـم                      من أرضكم بسحره قال: وأنشدني لنفسه: من الرمل

عللونا فالشفا من سوركـم                      وكذا جنتنا من سـوركـم

فارفعوا سجفكم كي نهتدي                      وانظرونا نقتبس من نوركم الهريع النحوي

 

صفحة : 2516

 

عبد الله بن نصر بتن سعد، رشيد الدين القوصي النحوي. قرأ النحو وتصدر لإقرائه مدة، وتولى عدة ولايات، وسمع الحديث وحدث. ولد بقوص سنة ستمائة وتوفي سنة خمس وسبعين وستمائة بمصر، وذكره المحدث عبد الغفار بن عبد الكافي في معجمه وقال عنه: اللغوي، ويعرف بالهريع. وقال: كان إماما في اللغة، وقال إنه ذكر أنه - وهو صغير - سمع كتاب الترمذي من أبي الحسن ابن البناء، وقال: قرأت عليه الجزء الأول منه.

الحافظ الخارفي عبد الله بن نمير الخارفي الكوفي الحافظ. وثقه ابن معين وغيره. وتوفي سنة تسع وتسعين ومائة. وورى له الجماعة.

قاضي المدينة عبد الله بن نوفل بن الحارث، أخو الحارث. ولي قضاء المدينة زمن معاوية وكان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم. لا يحفظ له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم. قيل: قتل يوم الحرة سنة ثلاث وستين للهجرة، وقيل سنة أربع وثمانين.

عبد الله بن هارون

أمير المؤمنين المأمون

 

صفحة : 2517

 

عبد الله بن هارون، أمير المؤمنين، أبو العباس المأمون بالله بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور. ولد سنة سبعين ومائة. بايعوه أول سنة ثمان وتسعين ومائة، وكان يكنى أبا العباس فلما استخلف اكتنى بأبي جعفر. وتوفي سنة ثمان عشرة ومائتين في يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب، وكانت وفاته بالبدنون، فكانت خلافته عشرين سنة وستة أشهر. قرأ العلم في صغره وسمع من هشيم وعباد بن العوام ويوسف بن عطية وأبي معاوية الضرير وطبقتهم، وروى عنه ولده الفضل، ويحيى بن أكثم، وجعفر ابن أبي عثمان الطيالسي والأمير عبد الله ابن طاهر، وأحمد بن الحارث الشيعي، ودعل الخزاعي، وبرع في الفقه والعربية وأيام الناس. ولما كبر عني بعلوم الأوائل ومهر في الفلسفة فجره ذلك إلى القول بخلق القرآن. وكان من رجال بني العباس حزما وعزما وعلما وحلما ورأيا ودهاء وشجاعة وسؤددا وسماحة. قال ابن أبي الدنيا: كان أبيض ربعة حسن الوجه تعلوه صفرة قد وخطه الشيب، أعين، وطويل اللحية رقيقها، ضيق الجبين، على خده خال. وقال الجاحظ: كان أبيض فيه صفرة وكان ساقاه دون جسده صفراوين كأنما طليتا بزعفران. ولما خلعه الأمين غضب ودعا إلى نفسه بخراسان فبايعوه في ذلك التاريخ. وأمه أم ولد اسمها مراجل، ماتت أيام نفاسها به. ودعي للمأمون بالخلافة - وأخوه الأمين حي - في آخر سنة خمس وتسعين ومائة إلى أن قتل الأمين، فاجتمع الناس عليه وتفرقت عماله في البلاد وأقيم الموسم سنة ست وسنة سبع باسمه وهو مقيم بخراسان واجتمع الناس عليه ببغداد في أول سنة ثمان. وكان فصيحا مفوها، كان يقول: معاوية بعمره، وعبد الملك بحجاجه، وأنا بنفسي، ورويت هذه عن المنصور. ختم في الرمضانات ثلاثا وثلاثين ختمة، وقال يحيى بن أكثم، قال المأمون: أريد أن أحدث، فقلت: ومن أولى بهذا من أمير المؤمنين? فقال: ضعوا لي منبرا، ثم صعد فأول ما حدث: حدثنا هشيم بن أبي الجهم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة - رفع الحديث - قال: امرؤ القيس  صاحب لواء الشعراء إلى النار  ، ثم حدث بنحو ثلاثين حديثا، ثم نزل فقال: كيف رأيت يا يحيى مجلسنا? فقلت: أجل مجلس تفقه الخاصة والعامة. فقال: ما رأيت لكم حلاوة إنما المجلس لأصحاب الخلقان والمحابر. وروى عن محمد بن عون عن ابن عيينة أن المأمون جلس فجاءته امرأة فقالت: يا أمير المؤمنين، مات أخي وخلف ستمائة دينارا فأعطوني دينارا وقالوا: هذا نصيبك فقال المأمون: هذا نصيبك هذا خلف أربع بنات? فقالت: نعم، قال: لهن أربعمائة دينار، وخلف والدة لها مائة دينار، وخلف زوجة لها خمسة وسبعون دينارا، بالله ألك إثنا عشر أخا? قالت: نعم. قال: لكل واحد ديناران ولك دينار واحد. وقال المأمون: لو عرف الناس حبي للعفو لتقربوا إلي بالجرائم. وقيل إن ملاحا مر فقال: أتظنون أن هذا ينبل في عيني، وقد قتل أخاه الأمين? فسمعها فتبسم وقال: ما الحيلة التي أنبل في عين هذا السيد الجليل? وكان المأمون بخراسان قد بايع بالعهد لعلي بن موسى الرضا الحسيني ونوه بذكره وغير زي آبائه من لبس السواد وأبدله بالحضرة فغضب بنو العباس بالعراق لهذين الأمرين وخلعوه وبايعوه إبراهيم بن المهدي عمه ولقبوه المبارك، فحاربه الحسن ابن سهل، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط، وأقام إبراهيم بالمدائن، ثم سار جيش الحسن وعليهم حميد الطوسي وعلي بن هشام فهزموا إبراهيم فاختفى وانقطع خبره إلى أن أظهر في وسط خلافة المأمون فعفا عنه على ما ذكرته في ترجمة إبراهيم. وتقدم رجل غريب بيده محبرة فقال: يا أمير المؤمنين صاحب حديث منقطع به فقال: ما تحفظ في باب كذا? فلم يذكر فيه شيئا، فما زال المأمون يقول: حدثنا هشيم وحدثنا يحيى وحدثنا الحجاج حتى ذكر الباب، ثم سأله عن باب آخر، فلم يذكر فيه شيئا، فقال المأمون: حدثنا فلان وحدثنا فلان إلى أن قال لأصحابه: يطلب أحدهم الحديث ثلاثة أيام، ثم يقول: اعطوني أنا من أصحاب الحديث أعطوه ثلاثة دراهم ومع ذلك فكان مسرف الكرم جوادا ممدحا، فرق ساعة ستة وعشرين ألف ألف درهم. ومدحه أعرابي مرة فأجازه بثلاثين ألف دينار. وقال أبو معشر: كان أمارا بالعدل، ميمون النقيبة، فقيه النفس يعد مع كبار العلماء. وأهدى إليه ملك الروم تحفا سنية منها مائة رطل مسك، ومائة حلة

 

صفحة : 2518

 

سمور، فقال المأمون: أضعفوها له ليعلم عز الإسلام وذل الكفر. وقال يحيى بن أكثم: كنت عند المأمون وعنده جماعة من قواد خراسان، وقد دعا إلى خلق القرآن فقال لهم: ما تقولون في القرآن? فقالوا ؛ كان شيوخنا يقولون ما كان فيه من ذكر الجمال والبقر والخيل والحمير فهو مخلوق، وما سوى ذلك فهو غير مخلوق، فأما إذ قد قال أمير المؤمنين هو مخلوق فنحن نقول: كله مخلوق فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء? وقال ابن عرفة: أمر المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية أو ذكره بخير، وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة، فكثر المنكرلذلك وكاد البلد يفتن، ولم يلتئم له من ذلك ما أراد فكف عنه إلى بعد هذا الوقت. وقال النضر بن شميل: دخلت على المأمون فقال، إني قلت اليوم: من المنسرحر، فقال المأمون: أضعفوها له ليعلم عز الإسلام وذل الكفر. وقال يحيى بن أكثم: كنت عند المأمون وعنده جماعة من قواد خراسان، وقد دعا إلى خلق القرآن فقال لهم: ما تقولون في القرآن? فقالوا ؛ كان شيوخنا يقولون ما كان فيه من ذكر الجمال والبقر والخيل والحمير فهو مخلوق، وما سوى ذلك فهو غير مخلوق، فأما إذ قد قال أمير المؤمنين هو مخلوق فنحن نقول: كله مخلوق فقلت للمأمون: أتفرح بموافقة هؤلاء? وقال ابن عرفة: أمر المأمون مناديا فنادى في الناس ببراءة الذمة ممن ترحم على معاوية أو ذكره بخير، وكان كلامه في القرآن سنة اثنتي عشرة، فكثر المنكرلذلك وكاد البلد يفتن، ولم يلتئم له من ذلك ما أراد فكف عنه إلى بعد هذا الوقت. وقال النضر بن شميل: دخلت على المأمون فقال، إني قلت اليوم: من المنسرح

أصبح ديني الـذي أدين بـه                      ولست منه الغداة معتـذرا

حب علي بعد النـبـي ولا                      أشتم صديقه ولا عـمـرا

وابن عفان في الجنان مع الأ                      برار ذاك القتيل مصطبـرا

وعائش الأم لست أشتمـهـا                      من يفتريها فنحن منه بـرا وقد نادى المنادي بإحة متعة النساء ولم يزل به يحيى بن أكثم، وروى له حديث الزهري عن ابني ابن الحنفية عن أبيهما محمد عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، فلما صحح له الحديث رجع إلى الحق وأبطلها. وأما مسألة خلق القرآن فلم يرجع عنها، وصمم عليها في سنة ثمان عشرة ومائتين، وأمتحن العلماء، فعوجل ولم يمهل ؛ توجه غازيا بالخلافة إلى أرض الروم فلما وصل إلى البدندون مرض، وأوصى بالخلاقة إلى أخيه المعتصم. ولما مات نقله أخوه المعتصم وابن المأمون العباس إلى طرسوس فدفن بها في دار خاقان خادم أبيه. ومن شعره: من المتقارب

لساني كـتـوم لأسـراركـم                      ودمعي نموم لـسـري يذيع

فلولا دموعي كتمت الهـوى                      ولولا الهوى لم تكن لي دموع ومن شعره: من الوافر

أنا المؤمنون والملك الهمـام                      ولكني بحبك مـسـتـهـام

أترضى ان أموت عليك وجدا                      ويبقى الناس ليس لهم إمـام ومنه: من الطويل

بعثتك مشتاقا فـفـزت بـنـظـرة                      وأغفلتني حتى أسأت بك الظـنـا

وناجيت من أهوى وكنت مقـربـا                      فما ليت شعري عن دنوك ما أغنى

فما ليتني كنت رسول وكنـتـنـي                      فكنت الذي يقصى وكنت الذي أدنى

 

صفحة : 2519

 

حكى الفضل بن الربيع عن أبيه قال: كان إبراهيم بن المهدي شديد الانحراف عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فحدث المأمون يوما أنه رأى عليا في النوم، فقال له: من أنت? فأخبره أنه علي بن أبي طالب، قال: فمشينا حتى جئنا قنطرة فذهب يتقدمني لعبورها، فأمسكته وقلت: أنت رجل يدعي هذا الأمر بامرأة ونحن أحق به منك، فما رأيت له في الجواب بلاغة كما توصف عنه. فقال: واي شيء قال لك? قال: ما زادني على أن قال: سلاما سلاما فقال له المأمون: قد والله أجابك أبلغ جواب، قال: فكيف ذلك? قال: عرف أنك جاهل لا يجاوب مثلك، قال الله عز وجل:  وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما  فخجل إبراهيم وقال: ليتني لم أحدثك بهذا الحديث. قلت: يؤيد هذ التفسير ما حكاه أحمد بن الربيع عن إبراهيم ابن المهدي قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النوم فقلت: إن الناس قد أكثروا فيك وفي أبي وعمر فما عندك ذلك? فقال لي: إخسه ولم يزدني على ذلك. وأدخل رجل من الخوارج عليه فقال له: ما حملك على الخروج والخلاف? قال: قوله تعالى:  ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون  . قال: ألك علم بأنها منزلة? قال: نعم قال: ما دليلك? قال: إجماع الأمة، قال: فكما رضيت بإجماعهم في التنزيل فارض بإجماعهم في التأويل، فقال: صدقت السلام عليك يا أمير المؤمنين. وقال يحيى: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا وكان يشرب النبيذ وقيل بل الخمر وكان يتشيع. قال الجهشياري: وكان المأمون أول من جعل التواقيع أن تختم وإنما كانت مجردة منشورة. وكاتبه أبو العباس الفضل بن سهل ثم أخوه أبو محمد الحسن بن سهل ثم أبو العباس أحمد بن أبي خالد الأحول ثم محمد بن زياد ثم عمرو ابن مسعدة ثم أبو جعفر أحمد بن يوسف ثم أبو عباد ثابت بن يحيى وقيل أبو عبد الله محمد بن يزداد. وحاجبه عبد الحميد بن شبيب بن حميد بن قحطبة وصالح صاحب المصلى ثم محمد وعلي ابنا صالح ثم إسماعيل بن محمد بن صالح ومحمد بن حماد بن دنقش، وعلى حجابة العامة الحسن ابن أبي سعيد. ونقش خاتمه:  الله ثقة عبد الله وبه يؤمن  ، وقيل:  عبد الله يؤمن بالله مخلصا  . وكان المأمون يعرف بابن مراجل، طباخة كانت لزبيدة.

الطوسي عبد الله بن هاشم بن حيان الطوسي. رحل وعني بالحديث. روى عنه مسلم، واختلف في موته والصحيح أنه مات سنة خمس وخمسين ومائتين.

الحضرمي عبد الله بن هبيرة السبائي الحضرمي المصري. روى عن مسلمة ابن مخلد وأبي تميم الجيشاني وعبيد بن عمير وقبيصة بن ذؤيب. وثقة أحمد، وتوفي سنة ست وعشرين ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

عبد الله بن هبة الله

عز الدين استاذدار المقتفي عبد الله بن هبة الله بن المظفر بن علي بن الحسن بن المسلمة، أبو الفتوح بن أبي الفرج بن أبي القاسم الملقب برئيس الرؤساء، عز الدين، وهو والد الوزير أبي الفرج محمد. تولى أستاذ دارية الخلافة أيام المقتفي سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وعلا قدره وكان رئيسا نبيلا كثير الميل إلى الصوفية وأرباب الفقر والصلاح. وتوفي سنة تسع وأربعين وخمسمائة.

أبو العز الضرير عبد الله بن هرمز بن عبد الله، أبو العز الضرير البغدادي المقرئ. كان ينظم الشعر. وروى عنه أبو بكر بن كامل الخفاف. ومن شعره يمدح أبا طالب الزينبي: من المتقارب

هنيئا لك النـوم يا نـائم                      رقدت ولم يرقد الهـائم

وكيف ينام فتى مـغـرم                      برى جسمه سره الكاتم

أريد لأضمر وجدي بكم                      فيظهره دمعي الساجـم

فليت الذي شفتي حـبـه                      بما في فؤادي له عالـم

عساه على ظلمه يرعوي                      فيدنو وقد يرعوي الظالم ومنه: من الكامل

ومدامة صهبـاء صـافـية                      تنسي الهموم وتذكر المرحا

سبقت حدوث الدهر عصرتها                      فلذاك يلفى سؤرها شبـحـا قلت: شعر جيد.

السلولي عبد الله بن همام، أبو عبد الرحمان السلولي الكوفي، أحد الشعراء. توفي حدود الثمانين للهجرة.

الأسدي عبد الله بن وهب بن زمعة بن الأسود الأسدي. قتل يوم الدار مع عثمان، والأصح أنه ما له صحبة. قتل سنة خمس وثلاثين للهجرة.

المالكي

 

صفحة : 2520

 

عبد الله بن وهب بن مسلم، الإمام أبو محمد الفهري المالكي المصري أحد الأعلام وعالم مصر. ولد سنة خمس وعشرين ومائة وتوفي سنة سبع وتسعين ومائة. قال أبو زرعة: نظرت في ثلاثين ألف حديث لابن وهب لا أعلم أني رأيت له حديثا ولا أصل له. وهو ثقة له موطأ كبير إلى الغاية، وكتاب الجامع، وكتاب البيعة، وكتاب المناسك، وكتاب المغازي، وكتاب الردة، وكتاب تفسير غريب الموطأ وغير ذلك. قرأ كتاب أهوال يوم القيامة فخر مغشيا عليه ولم يتكلم بكلمة حتى مات.

ابن العميد عبد الله بن أبي الياسر المكين المعروف بابن العميد الكاتب النصراني. كان جده من تكريت وكان يحضر إلى مصر بمتجر في أيام الإمام الآمر بأمر الله الفاطمي فقدم للخليفة المذكور من متجره طرفا فأحسن إليه وقربه فأقام بالديار المصرية وجاءه بها الأولاد وكان فيهم من تعلم الكتابة وتصرف وتقدم، وعرف أبو الياسر بالعميد. وخدم بديوان الجيش بمصر والشام وتقدم في الدولة الناصرية يوسف وبعده إلى الدولة الظاهرية، والنائب يومئذ علاء الدين طيبرس الوزيري، فتقدم عنده وصارت له كلمة نافذة، ولما تغير خاطر الظاهر على النائب المذكور أرسل يطلب ديوان الجيش إلى مصر فلم يرسلم واعتقلهم صورة، فلما قبض السلطان عليه طلب المكين إلى مصر وأعتقله مدة ثم أفرج عنه ولاه جيش مصر وأضاف إليه جيش الشام، فحسده بعض نواب ديوان الجيش وزور كتابا إليه وألقاه في حرمدانه ووشى به لينقم عليه ويتولى مكانه، فاعتقل المكين ونقل عن الذي وشى به كلام أوجب القبض عليه والعقوبة فاعتقل بعد العذاب مدة خمس عشرة سنة وأفرج عن المكين هذا، وترك التصرف وحضر إلى دمشق وتوفي بها سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وكان مولده سنة اثنتين وستمائة. وجمع تاريخا في مجلدين من ابتداء العالم إلى أول الدولة الظاهرية وعمل الملة الإسلامية في مجلد منهما وكان له بر وفيه مكارم وعنده مروءة.

عبد الله بن يحيى

اليمامي عبد الله بن يحيى بن أبي كثير اليمامي. كان من خيار الناس، ورعا. وتوفي في حدود الثمانين ومائة، وروى له البخاري ومسلم.

عبدون بن صاحب الصلاة عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن فتوح، أبو محمد الحضرمي الداني النحوي المعروف بعبدون وبابن صاحب الصلاة أقرأ النحو بشاطبة زمانا وأدب بني صاحب بلنسية وكان مبرزا في العربية مشاركا في الفقه ويقول الشعر وفيه تواضع وطيبة اخلاق. توفي سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وأخذ عنه جلة منهم أبو جعفر الذهبي، وأبو الحسن بن حريق وأبو محمد ابن نصرون وأبو الربيع بن سالم، ومن شعره في ابن سعد وقد كتبت به البغلة: من البسيط

إن تكب في السير بنت العير بالملـك                      فليس يدركهـا فـي ذاك مـن درك

عذرك الملومة فيها انها حـمـلـت                      ما ليس يحمل غير الأرض والفلـك

الدهر والبحر والطـود الأشـم ذرى                      والبدر بدر الدجى والشمس في الحلك قلت: كذا وجدته ولعله: والشمس شمس الضحى والبدر في الحلك. قال ابن الأنبار: هذا مأخوذ من قول ابن المعتز: من البسيط

لا ذنب عندي لابن العير يوم وهت                      قواه من خور فيهـا ومـن لـين

حملتموه سوى ما كان يحـمـلـه                      فره البغال وأصناف الـبـراذين

الشمس والبدر والطود المنيف ولي                      ث الغاب والبحر والدنيا مع الدين ولأبي بكر من مجبر: من البسيط

لا ذنب للطرف وإن زلت قوائمه                      وهضبة الحلم إبراهيم يجريهـا

وكيف يحمله طـرف وخـردلة                      من حمله تزن الدنيا وما فيهـا وله أيضا: من الطويل

ألا اصفح عن الطرف الذي زل إذ جرى                      أيثبت طرف فوقه النـاس والـدهـر

تداخله كـبـر لـئن كـنـت فـوقـه                      فتلك لعمري زلة جـرهـا الـكـبـر

ثبـت عـلـيه حـين زل رجـــاحة                      أيخرج عن أثنـاء هـالـتـه الـبـدر

ولم يدر هل أمسكتـه أو ركـضـتـه                      وللعجب سكر ليس يعـدلـه سـكـر ومن شعر عبدون أيضا: من البسيط

يا من محياه جنات مفـتـحة                      وهجره لي ذنب غير مغفور

 

صفحة : 2521

 

 

لقد تناقضت في خلق وفي خلق                      تناقض النار بالتدخين والنـور ومنه ما ألغزه في باكورة تين: من الوافر

وما شيء نماه العود حـتـى                      تناهى بالنماء إلى الصـلاح

تكفله الهواء بـدر سـكـرى                      من الأنـواء صــيبة رداح

طلته الشمس مكا ثم خـطـت                      بكافور عـلـيه يد الـرياح

خطوطا بالبياض على سـواد                      كما خط الدجى ضوء الصباح قاضي مالقة وخطيبها عبد الله بن يحيى بن عبد الرحمان بن أحمد بن عبد الرحمان بن ربيع، أبو القاسم، الأشعري نسبا، القرطبي، قاضي الجماعة بغرناطة. روى عن الخطيب أبي جعفر بن يحيى وتفرد بالرواية عنه وعن أبي الحسن علي القشوري وأبي القاسم بن بقي وأبي الحسن بن خروف النحوي، وروى عنه ابن الزبير وأثنى عليه. وولي القضاء بشريش ومالقة وخطابنها وتصدر للأشغال. قال الشيخ أثير الدين أبو حيان: كان مسدد النظر رطب المناظرة منصفا أديبا نحويا فقسيها مشاركا في الأصول. توفي سنة ست وستين وستمائة.

الجزائري عبد الله بن يحيى بن أبي بكر بن يوسف بن حيون الغساني الشيخ جمال الدين أبو محمد الجزائري. نزيل دمشق. شيخ محدث عالم متقن كثير الرواية مليح الكتابة. نسخ الكثير وعني بالحديث مع فهم ومعرفة وديانة وتواضع. سمع بمصر من جماعة من أصحاب السلفي وحدث عن ابن دحية واخيه يوسف بن المخيلي والسخاوي وكريمة القرشية وابن الصلاح وإبراهيم بن الخشوعي، وروى عنه ابن الخباز وابن العطار وابن تيمية. وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته. وولي مشيخة النجيبية، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وستمائة.

صفي الدين البغدادي عبد الله بن يحيى بن عبد الله بن محمد بن المعمر بن جعفر، أبو القاسم أبن أبي الفضل المعروف بصفي الدين بن زعيم الدين. كان والده صدرا بالمخزن وناب في الوزارة. قرأ عبد الله الأدب على أبي محمد ابن الخشاب، وسمع بقراءته الحديث على أبي العباس أحمد ابن محمد العباسي المكي وأبي بكر ابن الزغواني وأبي الفتح ابن البطي وجماعة وغيرهم. ومات شابا سنة أربع وسبعين وخمسمائة ولم يرو شيئا. ومن شعره في مدح المستضيء بالله على وزنين وقافيتين: من الكامل ومجزوء الرجز

جود الإمام المستضيء غمام للمجتـدي                      تروى بــهـــا آمـــالـــه

منح الورى منه بأبلج الشدائد منـجـد                      معـــدومة أمـــتـــالـــه

إن الخليقة بالخليفة في المكارم تقتـدي                      فدلـيلـهـا أفـــعـــالـــه

وبجوده الحيران منها في النوائب يهتدي                      فسـراجـهـا أفـضـــالـــه

قال السماح وقد حبا أكرم به من مرفد                      مبـــذولة أمـــوالــــــه

أحيى مناقب جده العباس عم محـمـد                      فبــذاك تـــم جـــلالـــه

خجل الحيا بسحابه متبرعا بـنـدى يد                      متـتـابـع هـــطـــالـــه

جود السحاب بمائه والمستضيء بعسجد                      فاعـتـاقـه إخــجـــالـــه ومنه: من مجزوء الكامل

هب النسيم بـحـاجـر                      فتنبـهـت أشـواقـه

ووشت بما حوت الضلو                      ع من الجوى آمـاقـه

ناديت والبـين الـمـش                      ت غدت تزم نـياقـه

يا مشبه الشمس المنـي                      رة في الضحى إشراقه

الصب فـيك مـعـذب                      مضني الحشا مشتاقـه

والقلب في أسر الهوى                      ما تنقضي أعـلاقـه

إرحم معنى في الهـوى                      ما إن يحـل وثـاقـه

أمسى لـديغ هـواكـم                      ووصالـكـم درياقـه المصري البرلسي عبد الله بن يحيى المغافري المصري البرلسي. روى له البخاري وأبو داود، وتوفي سنة اثنتي عشرة ومائتين.

طالب الحق الخارجي الإمام

 

صفحة : 2522

 

عبد الله بن يحيى الكندي، أحد بني عمرو بن كنانة. كان من حضرموت مجتهدا عابدا. كان يقول قبل أن يخرج: لقيني رجل فأطال النظر إلي وقال: ممن أنت? فقلت: من كندة، فقال: من أيهم? فقلت: من بني شيطان، فقال: والله لتملكن ولتبلغن وادي القرى، وذلك بعد أن تذهب إحدى عينيك. وقد ذهبت وأنا أتخوف ما قال، وأستخير الله. فرأى باليمن جورا ظاهرا، وعسفا شديدا، وسيرة قبيحة، فقال لأصحابه: ما يحل لنا المقام على ما نرى، ولا يسعنا الصبر عليه، وكتب إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الذي يقال له كرزين مولى تميم - وكان ينزل في الأزد - وإلى غيره من الإباضية بالبصرة يشاورهم في الخروج، فكتبوا إليه: إن استطعت أن لا تقيم يوما واحدا فافعل وشخص إليه المختار بن عوف الأزدي وبلج بن عقبة السقوري في رجال من الإباضية، وأتوه إلى حضرموت وسموه طالب الحق وكثر جمعه، وتوجه إلى صنعاء سنة تسع وعشرين ومائة في ألفين، وجرت له حروب ثم دخلها وجمع الخزائن والأموال فأحرزها. ولما استولي على بلاد اليمن خطب ؛ فحمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ووعظ وذكر وحذر ثم قال: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وإجابة من دعا إليهما. الإسلام ديننا، والكعبة قبلتنا، والقرآن إمامنا، رضينا بالحلال حلالا لا نبغي به بدلا، ولا نشتري به ثمنا، حرمنا الحرام، ونبذناه وراء ظهورنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول. من زنا فهو كافر ، ومن سرق فهو كافر، ومن شرب الخمر فهو كافر، ومن شك في أنه كافر فهو كافر، ندعوكم إلى فرائض بينات وآيات محكمات وآثار يقتدى بها، ونشهد أن الله صادق فيما وعد، وعدل فيما حكم، ندعوكم إلى توحيد الرب، واليقين بالوعيد والوعيد، وأداء الفرائض، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والولاية لأهل ولاية الله، والعداوة لأعداء الله. أيها الناس إن من رحمة الله أن جعل في كل فترة بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون على الألم في جنب الله، يقتلون على الحق سالف الدهور شهداء، فما نسيهم ربهم  وما كان ربكك نسيا  ، أوصيكم بالتقوى، وحسن القيام على ما وكلتم بالقيام به فابلوا الله بلاء حسنا في أمره وزجره. أقول قولي هذا، واستغفر الله لي ولكم. وأقام بصنعاء أشهرا يحسن السيرة، وأتته الشراة من كل جانب. ولما كان وقت الحج جهز أبا حمزة المختار بن عوف، وبلج بن عقبة، وأبرهة بن الصباح إلى مكة في سبعمائة وقيل: في ألف، وأمره أن يقيم بمكة إذا صدر الناس ويوجه بلجا إلى الشام، وجرت حروب وخطوب يطول شرحها. ثم إن مروان انتخب من عسكره أربعة آلاف فارس وقدم عليهم عبد الملك بن محمد بن عطية السعدي، فالتقى أبو حمزة وابن عطية بأسفل مكة، فخرج أهل مكة مع ابن عطية، فقتل أبو حمزة على فم الشعب، وتفرق الخوارج، وصلب أبو حمزة وأبرهة بن الصباح وعلي بن الحصين ولم يزالوا كذلك إلى أن حج مهلهل الهجيمي في خلافة أبي العباس فأنزلهم ودفنهم. وكان ابن عطية قد بعث برأس أبي حمزة إلى مروان وخرج إلى الطائف وقاتل عبد الله بن يحيى وجرت بينهما حروب، وآخر الأمر التقيا في مكان كثير الشجر والكرم والحيطان، فترجل عبد الله بن يحيى في ألف فارس، وقاتلوا حتى قتلوا وبعث عبد الملك بن عطية برأس عبد الله بن يحيى إلى مروان مع ابنه يزيد ابن عبد الملك.

الصليحي صاحب خدد عبد الله بن يعلي، السلطان الصليحي، صاحب حصن خدد قال من قصيدة في رجل ادعى أنه شاعر ومدح المكلة الحرة بما لم يستحق عليه جائزة فاستشفع به: من الكامل

قاس الأمور ولم يجد في فكره                      أمرا يقوم بواجب من عـذره

فمضي ينفق زائفا من تبـره                      وسرى يلفق كاسدا من شعره

ويظن أن حقوقك ابنة أحمـد                      جهلا يقوم بهن باطل أمـره

هيهات منك فوق ذاك وإنـه                      قسما بحقك عاجز عن شكره

إن الذي يلقى الصنيع بجحـده                      مثل الذي يلقى الإله بكفـره

ومتى أخل بواجباتك شـاعـر                      عن قدره هدمت مباني فخره

إن الصنائع في الكـرام ودائع                      تبقى ولو فني الزمان بأسره  عبد الله بن يزيد

الأوسي الخطمي

 

صفحة : 2523

 

عبد الله بن يزيد بن زيد الأوسي الخطمي. شهد الحديبية وله سبع عشرة سنة، وروى أحاديث وتوفي في حدود السبعين للهجرة وروى له الجماعة، وروى عنه عدي بن ثابت عن البراء بن عازب، وكان أميرا على الكوفة، وشهد مع علي الجمل والنهروان.

حمار الفراء عبد الله بن يزيد بن راشد، أبو بكر القرشي الدمشقي المقرئ الملقب بحمار الفراء. شيخ مسن معمر. قال ابن عدي: أرجو أن لا بأس به. توفي في سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

المقرئ المكي عبد الله بن يزيد - مولى آل عمر الفاروق - المقرئ المكي. روى عنه البخاري وروى عنه الجماعة الباقون عن رجل عنه وأحمد بن حنبل وغيرهم. كان إماما في القرآن والحديث كبير الشأن. مات بمكة سنة اثنتي عشرة ومائتين.

أبو بكر ابن هرمز عبد الله بن يزيد بن هرمز، أبو بكر الأصم الفقية أحد الأعلام. روى عن جماعة من التابعين. قال مالك: كنت أحب أن أقتدي به وكان قليل الكلام، قليل الفتيا، شديد التحفظ يرد على أهل الأهواء عالما بالكلام. قال أبو حاتم: ابن هرمز أحد الفقهاء ليس بقوي، يكتب حديثه. توفي في حدود ثلاثين ومائة وروى له الجماعة.

عبد الله بن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم ولد عبد الله هذا سبعة من الخلفاء، أبوه يزيد، وجده عبد الملك، وجد أبيه مروان، وجده لأم أبيه يزيد بن معاوية لأن أم أبيه عاتكة بنت يزيد، وأبو جده لأم أبيه معاويه بن أبي سفيان وجده لأمه عثمان رضي الله عنه لأن أمه سعدى بنت عبد الله بن عمرو بن عثمان وأم عبد الله بن عمرو ابن عثمان ابنة عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وكان لعبد الله هذا ولد عظيم القدر عند المهدي. والرشيد اسمه عبد المطلب.

ابن أبي نجيح عبد الله بن يسار أبي نجيح، مولى الأخنس الثقفي أحد الثقات قال يعقوب بن شيبة: هو ثقة قدري. توفي في حدود الأربعين ومائة روى له الجماعة.

عبد الله بن يعقوب

العادل صاحب مراكش عبد الله بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، السلطان أبو محمد الملقب بالعادل. بويع بالمغرب إثر خلع ابن عمهم عبد الواحد سنة إحدى وعشرين وتوفي سنة أربع وعشرين وستمائة، وكانت دولته أقل من أربع سنين ولم يستقل بالمملكة وكان أخوه المأمون أبو العلى منازعا له ثم قوي المأمون ودخل قصر الإمارة بمراكش وقبض على العادل.

عبد الله بن يعلى الصليحي

صاحب حصن خدد. هو من بيت الصليحيين الذين كانت لهم سلطنة اليمن، وهو ممن ذكره العماد في الخريدة وأنشد له من أبيات قالها في شاعر مدح الحرة صاحبة اليمن بشعر لم يستحق عليه جائزة: من الكامل

قاس الأمور فلم يجد في فكره                      أمرا يقوم بواجب من عذره

فمضى ينفق زائفا من نثـره                      وسرى يلفق كاسدا من شعره

ويظن أن حقوقك أبنة أحمـد                      جهلا يقوم بهن باطل أمـره ومنه: من الكامل

إن الصنائع في الكرام ودائع                      تبقى ولو فني الزمان بأسره  عبد الله بن يوسف

والد إمام المحرمين عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيويه الشيخ أبو محمد الجويني والد إمام الحرمين. كان إماما بارعا فقيها شافعي المذهب مفسرا نحويا أديبا. تفقه على أبي بكر القفال وتخرج به فقهاء. صنف التبصرة، وصنف التذكرة، والتعليق، ومختصر المختصر، والفرق والجمع، والسلسلة، وموقف الإمام والمأموم، والتفسير الكبير. وسمع من جماعة، وروى عنه ولده إمام الحرمين وغيره، وتوفي سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة. وقرأ أيضا على أبي الطيب سهل الصعلوكي، وكان مهيبا لا يجري بين يديه إلا الجد. ولما مات والد إمام الحرمين قال أبو الفرج حمد بن محمد بن حسنيل الهمذاني يرثيه: من الطويل

علوم علت أعلامها غـبـراتـهـا                      وأعين أعيان طغت عـبـرانـهـا

وأفلاذ أكباد من الفضـل فـتـتـت                      فدلت على تفتيتـهـا زفـراتـهـا

بنى بليوث الغاب عقر غـيولـهـا                      وأخلته من عفر الفلا سمراتـهـا

أبى الله عز الدين إلا تـنـقـصـا                      من الأرض حتى استقلعت شجراتها

تداعت مباني الدين وانهـد ركـنـه                      ودهده من أطواده صخـراتـهـا

 

صفحة : 2524

 

 

وغار ضياء الشرق فانكسفت لـه                      شموس وأقمار خبت شرراتهـا

أرى عصبا تيجانها قد تقوضـت                      وقد عصبتها بالثرى غبراتـهـا

علا الحبر عبد الله صهوة سابـق                      قوائمه من معشر قصـداتـهـا

وإن قلوبا قطـعـت لـوفـاتـه                      كوتها على تقطيعها حسراتـهـا

ذوت دوحة الإسلام والعلم والعلى                      بمصرع من جدت به ثمراتـهـا

هوى نجمها العالي وأظلم جوهـا                      ومادت رواسيها ومارت كراتها

سلام على المنطيق في شبهاتهـا                      إذا ما رجال عاقها حصراتـهـا

برغم الفتاوى والمدارس هـورت                      خواطره واستنزفت خطراتـهـا

برغم النوادي والمجالس رنقـت                      مواردها وارتد ملحا فـراتـهـا

برغم العلى والدين والعلم والجحى                      ثوى البدر والبيداء ضلت سراتها

فجايع سالت بالخـدود دمـاؤهـا                      كذا وتهارت في الحشا جمراتها

لخفت مثاقيل الرجال وأضلـلـت                      حلوما وطاشت بعده وقراتـهـا

وكان إذا ما حررت كلـمـاتـه                      معاني لم ترقم سطورا قراتهـا وهي طويلة ساقها الباخرزي في الدمية وتألم مرة من ضرسه فقال الباخرزي: من السريع

جل الإمام الحبر عن علة                      في ضرسه لم تك معتاده

لسانه أوجع أسـنـانـه                      والسيف قد يأكل أغماده الجرجاني المحدث عبد الله بن يوسف، القاضي أبو محمد الجرجاني المحدث. صنف فضائل الشافعي، وفضائل أحمد بن حنبل، ودخل هراة وكان ثقة، وتوفي سنة تسع وثمانين وأربعمائة.

أبو محمد الكلاعي عبد الله بن يوسف التنيسي، أبو محمد الكلاعي الدمشقي ثم المصري نزل تنيس. روى عنه البخاري، وروى أبو داود والترمذي والنسائي عن رجل عنه. قال البخاري: من أثبت الشاميين، وقال أبو حاتم وغيره: ثقة. توفي سنة سبع عشرة ومائتين.

العاضد صاحب مصر

 

صفحة : 2525

 

عبد الله بن يوسف. هو العاضد لدين الله أبو محمد ابن يوسف ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد بن محمد بن المستنصر بن الظاهر بن الحاكم العبيدي المصري. هو آخر خلفاء المصريين. ولد سنة ست وأربعين وخمسمائة في أولها وتوفي سنة تسع وستين وخمسمائة لما هلك الفائز ابن عمه واستولى الملك الصالح طلائع على الديار المصرية بايع العاضد وأقامه صورة وكان كالمحجور عليه لا يتصرف في أمر. وكان رافضيا سبابا خبيثا إذا رأى سنيا استحل دمه، وقتل ابن رزيك ووزر له شاور ودخل أسد الدين شيركوه إلى القاهرة وقتل شاور، ووزر له شيركوه على ما هو مذكور فيما تقدم في ترجمتهما. ومات شيركوه فوزر له صلاح الدين يوسف على ما سيأتي في ترجمة صلاح الدين، وتمكن صلاح الدين من المملكة ولم يزل يستدعي منه الخيل والرقيق وغيره إلى أن أخذ منه فرسا كان راكبه، فسيره إليه وشق خفيه ولزم بيته وبقي معه صورة إلى أن خلعة وخطب لأمير المؤمنين المستضيء بأمر الله العباسي وأزال تلك الدولة وكانوا أربعة عشر خليفة منهم ثلاثة بإفريقية وهم: المهدي، والقائم، والمنصور، وأحد عشر بمصر وهم: المعز، والعزيز، والحاكم، والظاهر والمستنصر، والمستعلي، والآمر، والحافظ، والظافر، والفائز، والعاضد، يدعون الشرف ونسبتهم إلى مجوسي أو يهودي واشتهروا بين العوام فيقولون الدولة الفاطمية والعلوية، وقد أوضحت ذلك في ترجمة عبيد الله المهدي. وتسلم الملك الناصر صلاح الدين قصر الخلافة واستولى على ما كان فيه من الذخائر وكانت عظيمة الوصف، وقبض على أولاد العاضد وأهله وحبسهم في مكان واحد بالقصر وأجرى عليهم ما يموتهم وعفى آثارهم. واستمر البيع في موجودهم مدة عشر سنين، ولم يوجد في خزائنهم من المال كثير لأن شاور ضيعه وصانع به الفرنج. ومن عجائب ما وجد فيها قضيب زمرد طوله شبر وشيء في غلظ الإبهام فأخذه صلاح الدين وأحضر صائغا ليقطعه فاستعفى الصائغ من ذلك فرماه السلطان فانكسر ثلاث قطع وفرقه على نسائه. ووجد طبل القولنج الذي صنع للظافر، وكان من ضربه خرج منه الريح واستراح من القولنج، فوقع إلى بعض أمراء الأكراد فلم يدر ما هو فكسره لأنه ضربه فضرط، ووجد إبريق عظيم من الحجر المانع، فكان من جملة ما أرسل إلى بغداد من التحف. ثم إن موفق الدين خالد بن القيسراني وصل إلى مصر من جهة نور الدين الشهيد وطالبه بجميع ما حصله فشق ذلك على صلاح الدين وهم بشق العصا، ثم إنه أمر بعمل الحساب وعرضه على موفق الدين وأراه جرائد الأجناد وأرسل معه هدية إلى نور الدين على يد الفقيه عيسى، وهي خمس ختمات إحداهن مكتوبة بالذهب بخط يانس في ثلاثين جزء، وختمة بخط مهلهل، وختمة بخط الحاكم البغدادي، وختمة بخط راشد في عشرة أجزاء، وختمة بخط ابن البواب، وثلاثة أحجار بلخش وزنها أربعة وأبعون مثقالا، وست قصبات مرد مزنها ثلاثة عشر مثقالا وثلث وربع، وياقوتة وزنها سبعة مثاقيل، وحجر أزرق وزنه ستة مثاقيل وسدس، ومائة عقد جوهر وزنها مائة وخمسة وسبعون مثقالا، وخمسون قارورة دهن بلسان، وعشرون قطعة بلور وأربع عشرة قطعة جزع، وإبريق يشم، وطشت يشم، وسقرق مينا مذهب، وصحون وزبادي صيني أربعون قطعة، وكرتين عود وزنهما خمسون رطلا بالمصري ومائة ثوب أطلس وأربع وعشرون بقيارا مذهبة، وأربعة وعشرون ثوبا حريرا، وأربعة وعشرون من الوشي، وحلة فلفلي مذهبة، وحلة مريش صفراء مذهبة، وغير ذلك أنواع قماش قيمتها مائتان وعشرون ألف دينار مصرية وعدة من الخيل والغلمان والجواري وشيئا كثيرا من السلاح. ويقال إن دار الكتب كان بها ألف ومائتان وعشرون نسخة بتاريخ الطبري وكانت تحتوي على ألفي ألف وستمائة ألف كتاب، وكان فيها من الخطوط المنسوبة أشياء كثيرة حصل القاضي الفاضل نخبها أنه اعتبرها، وكلما أعجبه شيء قطع جلده ورماه في البركة، فلما فرغ الناس من شراء الكتب اشترى هو تلك على أنها مخرومة، ذكر ذلك ابن أبي طي. وقال: أخبرني بذلك جماعة من المصريين منهم الأمير شمس الخلافة موسى بن محمد، وساروا بهذه الهدية فلم تصل إلى نور الدين لأنهم اتصلت بهم وفاة نور الدين في الطريق، وقيل: إنها أعيدت جميعها إلى صلاح الدين لأنه وضع على موفق الدين والفقيه عيسى من نهبهما في الطريق. وكان موت العاضد بذرب مفرط، وقيل: مات غما لما بلغه قطع خطبتهم

 

صفحة : 2526

 

من مصر، وقيل: سم نفسه. ومات يوم عاشوراء بعد قطع الخطبة بيوميات قلائل. يقال: إن صلاح الدين لما بلغته وفاته قال لو علمت قرب أجله ما روعته بقطع الخطبة. حكى ابن المارستاني في سيرة الوزير عون الدين ابن هبيرة أنه رأى إنسان من أهل بغداد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة كأن قمرين أحدهما أنور من الآخر والأنور منهما مسامت القبلة وله لحية سوداء فيها طول، ويهب أدنى نسيم فيحركها وظلها في الأرض، وكأن الرجل يتعجب من ذلك وكأنه يسمع أصوات جماعة يقرؤن بألحان وأصوات لم يسمع قط مثلها، وكأنه يسأل بعض من حضر فقال: ما هذا? فقال: قد استبدل الناس بإمامهم. قال: وكأن الرجل استقبل القبلة وهو يدعو الله أن يجعله إماما برا نقيا. واستيقظ الرجل وبلغ هذا المنام الوزير ابن هبيرة إذ ذاك ببغداد فعبر المنام بأن الإمام الذي بمصر يستبدل به وتكون لدعوة لبني العباس لمكان اللحية السوداء. وقوي هذا عنده حتى كاتب نور الدين الشهيد حين دخل أسد الدين شيركوه إلى مصر في أول مرة بأنه يظفر بمصر وتكون الخطبة لبني العباس بها على يده. وفي قطع خطبة خلفاء مصر يقول العرقلة: من الخفيفمن مصر، وقيل: سم نفسه. ومات يوم عاشوراء بعد قطع الخطبة بيوميات قلائل. يقال: إن صلاح الدين لما بلغته وفاته قال لو علمت قرب أجله ما روعته بقطع الخطبة. حكى ابن المارستاني في سيرة الوزير عون الدين ابن هبيرة أنه رأى إنسان من أهل بغداد في سنة خمس وخمسين وخمسمائة كأن قمرين أحدهما أنور من الآخر والأنور منهما مسامت القبلة وله لحية سوداء فيها طول، ويهب أدنى نسيم فيحركها وظلها في الأرض، وكأن الرجل يتعجب من ذلك وكأنه يسمع أصوات جماعة يقرؤن بألحان وأصوات لم يسمع قط مثلها، وكأنه يسأل بعض من حضر فقال: ما هذا? فقال: قد استبدل الناس بإمامهم. قال: وكأن الرجل استقبل القبلة وهو يدعو الله أن يجعله إماما برا نقيا. واستيقظ الرجل وبلغ هذا المنام الوزير ابن هبيرة إذ ذاك ببغداد فعبر المنام بأن الإمام الذي بمصر يستبدل به وتكون لدعوة لبني العباس لمكان اللحية السوداء. وقوي هذا عنده حتى كاتب نور الدين الشهيد حين دخل أسد الدين شيركوه إلى مصر في أول مرة بأنه يظفر بمصر وتكون الخطبة لبني العباس بها على يده. وفي قطع خطبة خلفاء مصر يقول العرقلة: من الخفيف

أصبح الملك بعـد آل عـلـي                      مشرقا بالملوك من آل شاذي

وغدا الشرق يحسد الغرب للقو                      م ومصر تعلو على بـغـداذ

ما حووها إلا بحـزم وعـزم                      وصليل الفولاذ في الـفـولاذ

لا كفرعون والعزيز ومن كـا                      ن بها كالخصيب والأسـتـاذ ويقال: إن الشريف الجليس وهو رجل شريف كان يجلس مع العاضد ويحادثه عمل دعوة لشمس الدولة توران شاه أخي السطان صلاح الدين بعد انقراض دولة الفاطميين غرم عليها مالا كثيرا وأحضرها جماعة من أكابر أمراء الدولة الصلاحية، فلما جلسوا على الطعام قال شمس الدولة للشريف، حدثنا بأعجب ما رأيت قال: نعم طلبني العاضد يوما والجماعة من الندماء فلما دخلنا عنده وجدنا عنده مملوكين من الترك عليهم أقبية مثل أقبيتكم وقلانس كقلانسكم وفي أوساطهم مناطق كمناطقكم فقلنا: يا أمير المؤمنين ما هذ الذي ما رأيناه قط? فقال: هذه هيئة الذين يملكون ديارنا ويأخذون أمولنا وذخائرنا. وكتب صلاح الدين إلى وزير بغداد على يد شمس الدين محمد بن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي الذي خطب أول شيء بمصر للعباسيين من إنشاء القاضي الفاضل كتابا؛ منه:

 

صفحة : 2527

 

وقد توالت الفتوح غربا ويمنا وشاما، وصارت البلاد والشهر بل الدهر حرما حراما، وأضحى الدين واحدا بعدما كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شايعة، ذلك بأنهم آتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا، وكذبوا بالنار فجعلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظبى حروف رؤوسهم نثر الأقلام للحروف، ومزقوا كل ممزق، وأخذ منهم بكل مخنق، وقطع دابرهم، ووعظ آثبهم غابرهم، ورغمت أنوفهم ومنابرهم، صدقا وعدلا، وليس السيف عمن سواهم من الفرنج بصائم، ولا الليل عن السير إليهم بنائم، ولا خفاء عن المجلس الصاحبي أن من شد عقد خلافة وحل عقد خلاف، وقام بدولة وقعد بأخرى قد عجز عنها الأخلاف والأسلاف، فإنه مفتقر إلى أن يشكر ما نصح، ويقلد ما فتح، ويبلغ ما اقترح، ويقدم حقه ولا يطرح، ويقرب مكانه، وإن نزح وتأتيه التشريفات الشريفة. ويقال: إن المعز لما أتى إلى القاهرة قال لديوان الإنشاء: أكتبوا لنا ألقابا تصلح لنا أن نتلقب بها. فكتبوا لهم ألقابا آخر ما كان فيه لقب العاضد، فقدر الله تعالى أن آخر من ملك منهم كان لقبه العاضد، وهذا فأل عجيب. وقد تقدم في ترجمة الخبوشاني فصل يتعلق بالعاضد. وكان الفقيه عمارة اليمني قد رثى أهل القصر بهذه القصيدة اللامية، وهي: من البسيط

رميت يا دهر كف المجـد بـالـشـلـل                      وجيده بعد حسن الحلـي بـالـعـطـل

سعيت في منهج الرأي الـعـثـور فـإن                      قدرت من عثرات الدهر فـاسـتـقـل

جدعت ما رنك الأقـنـى فـأنـفـك لا                      ينفك ما بين أمر الـشـين والـخـجـل

هدمت قاعدة المعـروف عـن عـجـل                      سقيت مهلا أما تمشي عـلـى مـهـل

لهفي ولـهـف بـنـي الأيام قـاطـبة                      على فجيعـتـهـا فـي أكـرم الـدول

قدمت مصرا فأولـتـنـي خـلائفـهـا                      من المكارم ما أربـى عـلـى الأمـل

قوم عرفت بهم كسـب الألـوف ومـن                      تمامـهـا أنـهـا جـاءت ولـم أسـل

وكنت من وزراء الدسـت حـين سـمـا                      رأس الحصان يهاديه علـى الـكـفـل

ونلت من عظمـاء الـجـيش تـكـرمة                      وحلة حرست من عـارض الـحـلـل

يا عاذلي في هـوى أبـنـاء فـاطـمة                      لك الملامة إن قصـرت فـي عـذلـي

بالله زر ساحة القصرين وابـك مـعـي                      عليهما لا على صـفـين والـجـمـل

ماذا ترى كـانـت الأفـرنـج فـاعـلة                      في نسل آل أمير المـؤمـنـين عـلـي

هل كان في الأمر شيء غير قسمة مـا                      ملكتم بين حكم الـسـبـي والـنـفـل

وقد حصلتم عـلـيهـا واسـم جـدهـم                      محـمـد وأبـيكـم غـير مـنـتـقـل

مررت بالقـصـر والأركـان خـالـية                      من الوفـود وكـان قـبـلة الـقـبـل

فملت عنها بوجهي خـرف مـنـتـقـد                      من الأعـادي ووجـه الـود لـم يمـل

أسبلت من أسف دمعـي غـداة خـلـت                      رحابكم وغدت مهـجـورة الـسـبـل

أبكي على ما تراءت من مـكـارمـكـم                      حال الزمان عليكم وهـي لـم تـحـل

دار الضـيافة كـانـت أنـس وافـدكـم                      واليوم أحوحش من رسم ومـن طـلـل

وفطرة الصوم إن أصغت مكـارمـكـم                      تشكو من الدهر حيفا غير مـحـتـمـل

وكسوة الناس في الفصلين قـد درسـت                      ورث منهـا جـديد عـنـهـم وبـلـي

وموسم كان فـي يوم الـخـلـيج لـكـم                      يأتي تجملكم فـيه عـلـى الـجـمـل

وأول العـلـم والـعـيدين كـم لـكـم                      فيهن من وبل وجود لـيس بـالـوشـل

والأرض تهتز في عيد الـغـدير كـمـا                      يهتز ما بين قـصـريكـم مـن الأسـل

والخيل تعرض في وشـي وفـي شـية                      مثل العرائس في حلـي وفـي حـلـل

وما حملتم قرى الأضياف من سعة إلى ال                      أطباق إلا على الأكتـاف والـعـجـل

 

صفحة : 2528

 

 

وما خصصتم ببر أهل مـلـتـكـم                      حتى عممتم به الأقصى من الملـل

كانت رواتبكم لـلـذمـتـين ولـل                      ضيف المقيم وللطاري من الرسل

ثم الطراز بتنيس الذي عـظـمـت                      منه الصلات لأهل الأرض والدول

وللجوامع من أحبـاسـكـم نـعـم                      لمن تصدر في علم وفي عـمـل

وربما عادت الدنيا بمـعـقـلـكـم                      منكم وأضحت بكم محلولة العقـل

والله لا فاز يوم الحشر مبغضـكـم                      ولا نجا من عذاب الله غـير ولـي

ولا سقي الماء من حر ومن ظمـأ                      من كف خير البرايا خاتم الرسـل

أئمتي وهداتـي والـذخـيرة لـي                      إذا ارتهنت بما قدمت من عملـي

تالله لم أوفهم في المدح حـقـهـم                      لأن فضلهم كالوابـل الـهـطـل

ولو تضاعفت الأقوال واستبـقـت                      ما كنت فيهم بحمد الله بالخـجـل

باب النجـاة فـهـم دنـيا وآخـرة                      وحبهم فهو أصل الدين والعـمـل

نور الهدى ومصابيح الدجى ومـح                      ل الغيث إن ونت الأنواء في المحل

أئمة خـلـقـوا نـورا ونـورهـم                      عن نور خالص نور الله لـم يفـل

والله لا زلت عن حبي لـهـم أبـدا                      ما أخر الله لي فـي مـدة الأجـل قلت: أنا شديد التعجب من الفقيه عمارة وهو كان من أهل السنة معروفا بذلك في أيامهم لم يتشيع، وكيف رثاهم بهذه المرثية خصوصا هذه الأبيات الأخيرة وكأنها ألحقت في هذه القصيدة أو عملت على لسانه حتى أغري السلطان صلاح الدين بشنقه على ما يأتي في ترجمته، لكن القصيدة من نفسه والله أعلم.

ابن عبد البر عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، أبو محمد ابن الحافظ أبي عمر ابن عبد البر، وسيأتي ذكر والده أبي عمر في مكانه. كان أبو محمد من أهل الأدب البارع والبلاغة الرائعة والتقدم في العلم والذكاء. توفي قبل أبيه رحمه الله تعالى بعد الخمسين والأربع مائة، ودون الناس رسائله وشعره. ومنه قوله: من الكامل المرفل

لا تـكـثـرن تـأمــلا                      واحبس عليك عنان طرفك

فلـربـمـا أرسـلـتـه                      فرماك في ميدان حتفـك  عبد الله بن يونس

الشيخ الأرمني عبد الله بن يونس الأرمني، الشيخ الزاهد القدوة نزيل سفح قاسيون وهو من أرمينية الروم. كان صاحب أحوال ومجاهدات سمحا لطيفا متعففا، ساح مدة وأكل المباحات. وكان قد حفظ القرآن والقدوري، فوقع برجل من الأولياء فدله على الطريق. وطول أبو المظفر ابن الجوزي ترجمته. وزاويته مطلة على مقبرة الشيخ الموفق توفي سنة إحدى وثلاثين وستمائة.

البطال عبد الله، أبو محمد البطال المذكور في سيرة دلهمه. والبطال يقال له أبو يحيى أيضا. كان أحد الشجعان الموصوفين بالاقدام، كان أحد أمراء بني أمية، وكان على طلايع مسلمة بن عبد الملك، وكان ينزل بأنطاكية. شهد عدة حروب، وأوطأ الروم خوفا وذلا، وسارت بذكره الركبان إلا أنه لم يكن كما كذبوا عليه في السيرة المذكورة من الخرافات والأمور المستحيلة. وتوفي سنة ثلاث عشرة ومائة، وقيل سنة اثنتين وعشرين ومائة.

أخو مهدي البعلبكي عبد الله البعلبكي المعروف بأخي مهدي، وهو والد الفقيه نجم الدين هاشم. ولد سنة أربع وستمائة وتوفي سنة ثمان وثمانين وستمائة. وكان لونا غريبا ووحشا عجيبا، قطع إصبع يده وزعم أنه أمرها فعصته فقطعها. وكان لجماعة من أهل الضياع فيه عقيدة، وقضى أكثر عمره محبوسا في برج، وكان يتكلم تارة بالعجمى وتارة بالفرنجي ويظهر منه أنواع من الاختلال، والذي ظهر من أمره أنه كان يميل إلى مذهب الإسماعيلية لأنه سافر في شبابه إلى حصونهم. قال الشيخ شمس الدين وكان ضالا بلا شك لأنه كان يتكلم بالكفر.

الفاتولة الحلبي

 

صفحة : 2529

 

عبد الله الفاتولة الحلبي الدمشقي، شيخ مسن حرفوش مكشوف الرأس عليه دلق رقيق وسخ من رقاع، وله مجمرة، يجلس عند قناة عقبة الكتان، ولا يقرب الصلاة، ثابت العقل ولا يسأل أحدا شيئا، ويذكر الناس له كرامات، وكان الصبيان يعبثون به فيزط عليهم. وكانت له جنازة حفلة، وتوفي سنة سبعمائة.

النحوي الكوفي أبو عبد الله الطوال، أحد الأئمة في نحو الكوفيين. له مذهب وذكر قديم، وهو في وقتنا خامل الذكر لخمول نحو الكوفيين. توفي. . . .

الصقلي أبو عبد الله العروضي الصقلي، أحد العلماء الرواة الحفاظ الثقات العالمين بجميع التواريخ والأخبار وملح الآداب والأشعار. كان يسامر الملوك والأمراء، وينادم السادات والوزراء، عالم بالغناء أربى فيه على المتقدمين، وعلمه بالعروض والقوافي والأوزان كعلم الخليل. وله شعر منه: من المنسرح

وسنان طرف يبيت في دعة                      وليس طرفي عنه بوسنان

كان أجفان عينه حلـفـت                      الا تذوق الرقاد أجفـانـي ومنه: من الكامل

لما نظرنا إلي من حدق الـمـهـا                      وبسمن عن متـفـتـح الـنـوار

وحللن أطراف الخمـار مـجـانة                      عن جنح ليل فـاحـم ونـهـار

وشددن بين قضيب بـان نـاعـم                      وكثيب رمل عـقـدة الـزنـار

عفرت وجهي في الثرى لك ساجدا                      وعزمت فيك على دخول النـار المغربي عبد الله البلوي. من أهل باجة القمح. قال ابن رشيق في الأنموذج: شاعر قديم معروف بحب الغريب من اللغة، ويورد كثيرا في أشعاره من ذلك ولا يبالي بلفظه كيف وقع وربما سهل طريقه فجاء فوق المراد، من ذلك قوله في فرس: من الرجز

يدير في ملمومة كالفـهـر                      أذنا كأطراف اليراع المبري

مدلق الخد رحيب السـحـر                      عذاره من خده في السطر وقوله: من الرجز

قد أغتدي قبل نعيب الأسحـم                      بسابح قان كلون الـعـنـدم

ليس بفرسـاح ولا بـأقـتـم                      ولا بمضطر ولا بأهـضـم

منهرت الشدق ممر المعصـم                      تصل في فيه فؤوس الألجـم

يصهل في مثل الطوى المحكم                      يعدو بساقي نقنق مـصـلـم

قد ركبا في سنبك عثـمـثـم                      مجتمع كالحجر الملـمـلـم

باطنه فيه مغار الـشـيهـم وقوله: من الطويل

وحول بيوت الحي جرد وترى لهـا                      إذا ما علا صوت الصريخ تحمحما

وفي الحي فتيان تخال وجوهـهـم                      إذا سفروا في ظلمة الليل أنجمـا منها: من الطويل

إذا ما تتوجنا فلا ناس غيرنـا                      ونمنع من شئناه أن يتعممـا

وكنا ذوي التيجان قبل محمـد                      ومن بعده نلنا الفخار المعظما المنوفي المالكي عبد الله بن المنوفي المالكي العالم الصالح. أخبرني من لفظه العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي قال: إجتمع به الأمير سيف الدين بكتمر الساقي زائرا وحمل إليه سبعين ألف درهم فامتنع من قبولها وقال له: مالي بها حاجة. فقال له ففرقها على من تختار فقال: نعم حتى أنظر في ذلك إلى غد. فلما أصبح ردها وقال: ما أعرف أحدا فأخذوها منه. وقال أيضا أنه جاء في بعض الأيام إلى شواء عنده رأس غنم قد شواه، فقال له: بكم هذا? فقال: بخمسة وعشرين درهما، فقال: هات الميزان ووزن له الثمن وطلب حمالا فحمل له ذلك الرأس وتوجه به إلى كيمان البرقية ودعا الكلاب وجعلهم من ذلك الرأس إلى أن فرغ، فغسل يده ودفع إلى الحمال أجرته فراح الحمال إلى الشواء وقال له: هذا الذي أشترى منك هذا الرأس مجنون لأنه توجه به وأطعمه الكلاب، فقال له الشواء: ولا الله إلا هذا رجل صالح لأنه لم يكن عندي غيره، ولما أصبحت اليوم وجدته ميتا وأنا لا أملك غيره فشويته على أني أبيعه فجاء وفعل ما رأيت فأطعمه الكلاب حتى لا يأكل الناس منه. وكان رضي الله عنه من العلماء المجيدين في مذهب الإمام مالك يقري الناس وتوفي في سابع شهر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

القاق

 

صفحة : 2530

 

عبد الله القاق. هو أبو سالم ابن الدويدة وكان له أخوان، علي ومحمد، وأبو سالم هذا هو القائل في أبي صالح حيث أعطى ابن حيوس وحرم الشعراء أبياته السائرة وهي: من الطويل

على بابك الميمون منا عـصـابة                      مفاليس فانظر في أمور المفاليس

وقد قنعت منا العصابة كـلـهـا                      بعشر الذي أعطيته لابن حـيوس

وما بيننا هذا التـفـاوت كـلـه                      ولكن سعيد لا يقاس بمنـحـوس

الجزء الثامن عشر

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رب أعن

 

عبد الأحد

عبد الأحد بن أبي القاسم بن عبد الغني، ابن خطيب حران. هو الشيخ العدل بقية الأخيار شرف الدين أبو البركات ابن تيمية التاجر. سمع من ابن اللتي في الخامسة ومن ابن رواحة، ومرجى بن شقيرة، وعلوان بن جميع. وكان له حانوت في البر، ثم انقطع وحدث زمانا. وتوفي سنة اثنتي عشرة وسبع مائة.

 

عبد الأعلى

أبو الخطاب المعافري

عبد الأعلى بن السمح، أبو الخطاب المعافري مولاهم رأس الإباضية، وهم صنف من الخوارج بالمغرب. خرج بالمغرب ودعي له بالخلافة في عصر الأربع والأربعين ومائة، واستفحل أمره وكان له شأن. فندب له المنصور محمد ابن الأشعث الخزاعي، فقتل عبد الأعلى سنة أربع وأربعين ومائة، وكانت أيامه أربع سنين.

قال ابن أبي الدم: الإباضية، أصحاب عبد الرحمن بن إباض، خرج في أيام مروان بن محمد. وقيل: إن عبد الله بن يحيى الإباضي كان رفيقا لعبد الرحمن بن إباض موافقا له في أقواله وأفعاله. زعموا أن مخالفيهم من أهل القبلة كفار غير مشركين، ومناكحتهم جائزة، ومواريثهم حلال، ولا يجوز قتلهم إلا بعد إقامة الحجة ونصب القتال، وقالوا: إن أصحاب الكبائر موحدون غير مؤمنين، وإن أفعال العبد مخلوقة لله تعالى إحداثا وإبداعا، مكتسبة للعبد حقيقة لا مجازا، ولا يسمون إمامهم أمير المؤمنين، وقالوا: العالم يفني كله إذا فني أهل التكليف.

وحكى أبو القاسم الكعبي عنهم أنهم قالوا بطاعة لا يراد بها وجه الله تعالى، كما هو مذهب أبي الهذيل العلاف من المعتزلة، واختلفوا في النفاق هل يسمى شركا أو لا? وقال قوم منهم: يجوز أن يخلق الله تعالى رسولا بلا دليل ولا معجزة، ويكلف العباد ما يوحي إليه، ولا يجب على الله إقداره على المعجزة، ولا يجب على النبي إظهار المعجزة. وافترقت الإباضية ثلاث فرق: حفصية وحارثية وبريدية، وقد ذكرت كل فرقة في حرفها عند ذكر اسم رئيسها.

أبو محمد القرشي

عبد الأعلى بن عبد الأعلى الشامي، الإمام أبو محمد القرشي، صدوق لكنه رمي بالقدر، وروي له الجماعة، توفي سنة تسع وثمانين ومائة. وروى عن حميد، والجريري ويونس بن عبيد، وداود بن أبي هند وطبقتهم. وروى عنه ابن راهويه، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو حفص الفلاس، وبندار، ونصر الجهضمي وخلق.

أبو يعلى الحسيني

عبد الأعلى بن عزيز بن أبي الفخر، السيد الشريف أبو يعلى العلوي الحسيني الماليني الهروي، سبط عبد الهادي ابن شيخ الإسلام الأنصاري. كان مفضلا جوادا سخي النفس. سمع أبا عبد الله العميري وأبا عطاء المليجي، وتوفي سنة تسع وأربعين وخمس مائة.

أبو يحيى الباهلي

عبد الأعلى بن حماد النرسي، الحافظ أبو يحيى الباهلي. روى عن الحمادين، وعبد الجبار بن الورد، ووهيب بن خالد، ومالك بن أنس، وسلام بن أبي مطيع، ويزيد بن زريع وخلق. وعنه البخاري ومسلم وأبو داود، وروى النسائي عنه بواسطة، وأبو حاتم ومحمد بن عبد بن حميد الليثي، وعبد الله بن ناجية، وبقي بن مخلد وغيرهم. وثقه أبو حاتم وغيره، وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.

ابن هلال الأسدي

عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى بن هلال الأسدي. روى عن عبد الله بن إدريس، وأبي أسامة، وابن فضيل، ويحيى بن آدم، ويعلي بن عبيد وغيرهم. وعنه الترمذي والنسائي وغيرهم. وتوفي سنة سبع وأربعين ومائتين.

ابن أبي دارمة

عبد الأعلى بن مسهر بن عبد الأعلى أبو مسهر الغساني شيخ الشام الدمشقي، أحد الأعلام، يعرف بابن أبي دارمة، وهي كنية جده عبد الأعلى. ولد سنة أربعين ومائة، وتوفي سنة ثمان عشرة ومائتين. روى له الجماعة، وعنه أحمد بن حنبل، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومحمد بن إسحاق الصغاني وغيرهم.

 

 

صفحة : 2531

 

قال ابن معين: منذ خرجت من باب الأنبار إلى أن رجعت لم أر مثل أبي مسهر، وقد امتحنه المأمون وحمله إلى الرقة، بالقول بخلق القرآن، وأدخل إليه وقد ضربت رقبة رجل، وهو مطروح بين يديه، فامتحنه فلم يجبه، فأمر به فوضع في النطع فأجاب فأخرج، فعاد فأعيد فأجاب، فأمر به إلى بغداذ فأقام مائة يوم ومات، عاش تسعا وسبعين سنة.

 

عبد الأول

ابن أبي عبد الله السجزي

عبد الأول بن عيسى بن شعيب بن إبراهيم بن إسحاق، مسند الوقت أبو الوقت ابن أبي عبد الله السجزي الأصل الهروي الماليني الصوفي رحمه الله. سمع الصحيح ومنتخب مسند عبد، وكتاب الدارمي من جمال الإسلام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي في سنة خمس وستين ببوشنج حمله أبوه إليها، وسمع من أبي عاصم النبيل وغيره، وحدث بخراسان وأصبهان وكرمان وهمذان وبغداذ، واشتهر اسمه وازدحم الطلبة عليه، وروى عنه ابن عساكر وابن السمعاني وأبو الفرج ابن الجوزي وجماعة كثيرة. وكان صبورا على القراءة محبا للرواية، وأشياخه كثر إلى الغاية. مات سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة. وكان أبوه قد سماه محمدا فسماه الإمام أبو عبد الله الأنصاري عبد الأول وكناه أبا الوقت، وكان آخر كلمة قالها:  يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين  وأنشد الرئيس أبو الفضل محمد بن المفضل بن كاهويه لنفسه، وقد دخل على أبي الوقت في النظامية بأصبهان وشهد اجتماع العلماء والحفاظ في مجلسه عند الإمام صدر الدين محمد بن عبد اللطيف الخجندي والحافظ أبو مسعود كوتاه يقرأ عليه الصحيح: السريع:

أتاكم الشيخ أبـو الـوقـت                      بأحسن الأخبار من ثبـت

طوى إليكم علمه نـاشـرا                      مراجل الأبرق والخبـت

ألحق بالأشياخ أطفالـكـم                      وقد رمى الحاسد بالكبـت

بارك فيه الله من حـامـل                      خلاصة الفقه إلى المفتي

انتهزوا الفرصة يا سادتـي                      وحصلوا الإسناد في الوقت

فإن من فوت مـا عـنـده                      يصير ذا الحسرة والمقت

عبد الباري

أبو محمد المقرئ

عبد الباري بن عبد الرحمن، أبو محمد الصعيدي المقرئ المجود، قرأ بالروايات على أبي القاسم بن عيسى وغيره، وصنف في القراءات وتصدر بالمدرسة الحافظية بالإسكندرية، وأخذ عنه الطلبة، وكان مقرئا صالحا. قال الشيخ شمس الدين: وقد روى ولده أبو بكر عن سبط السلفي، وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة.

كمال الدين الأرمنتي

عبد الباري بن أبي علي الحسين بن عبد الرحمن، كمال الدين بن الأسعد الأرمنتي بهمزة مفتوحة وراء ساكنة وميم مفتوحة ونون ساكنة وتاء ثالثة الحروف القرشي البكري، سمع من ابن النعمان وغيره.

قال كمال الدين جعفر الأدفوي: كان فقيها مالكيا، اشتغل بمذهب مالك وبمذهب الشافعي، وحفظ كتاب ابن الحاجب في مذهب مالك، والتعجيز في مذهب الشافعي، ذكر لي جماعة من قوص أن قاضي القضاة أبا الفتح القشيري قال له: اكتب على باب بلدك أنه ما خرج منها أفقه منك.

وكان متورعا زاهدا عنده قمح قد انتقاه يغسله بالماء ويزرعه بنفسه في أرض يختارها، ويحصده ويطحنه بيده، وعنده طين طاهر يعمل منه آنية بنفسه، ويحترز في الطهارات، لكنه حصل له تغير مزاج، فطلع إلى المنبر بقوص عقيب صلاة الجمعة وادعى الخلافة بعد ذلك صلح حاله قليلا وتوفي بقوص سنة ست أو سبع وسبع مائة بلسعة ثعبان.

 

?عبد الباقي

الحافظ ابن قانع

عبد الباقي بن قانع بن مروان بن واثق، أبو الحسين الأموي مولاهم البغداذي الحافظ. سمع الحارث بن أبي أسامة، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وإبراهيم الحربي، وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وإسماعيل بن الفضل البلخي وخلقا سواهم. وعنه الدار قطني، وابن رزقويه وجماعة. وصنف معجم الصحابة، ووقع للشيخ شمس الدين بعلو.

وقال البرقاني: أما البغداذيون فيوثقونه وهو عندي ضعيف، قال الخطيب: ولد سنة خمس وستين ومائتين، وتوفي في شوال سنة إحدى وخمسين وثلاث مائة وحدث به اختلاط قبل موته.

ابن عبد الله النحوي

 

 

صفحة : 2532

 

عبد الباقي بن محمد بن الحسن بن عبد الله النحوي، أخذ النحو عن أبي علي الفارسي، وتوفي سنة نيف وتسعين وثلاث مائة. له كتاب الدواة واشتقاقها، النكت المختارة في شرح حروف العطف.

أبو البركات ابن النرسي

عبد الباقي بن أحمد بن إبراهيم بن علي بن النرسي، أبو البركات الأزجي المحتسب البغداذي. قال ابن السمعاني: شيخ مسن بهي المنظر به طرش، وجدنا له ثلاثة أجزاء عن أبي القاسم عبد الله بن الحسن الخلال قرأناها عليه. قال الشيخ شمس الدين: سمعنا على أبي الفداء ابن الفراء أجزاء من حديث ابن صاعد بسماعه من أبي القاسم ابن صصرى والطبقة بخط الحافظ الضياء بإجازته من عبد الباقي بن النرسي بسماعه من القاضي أبي يعلى وفرحت بذلك، فلما تنبهت في الحديث بأن لي أن هذا غلط، وأن عبد الباقي ولد بعد موت أبي يعلى بسنة.

ولي أبو البركات قضاء باب الأزج، وولي الحسبة ببغداذ وبذل أموالا جمة فيهما.

وزير الظاهر غازي

عبد الباقي بن أبي يعلى محمد بن علي بن إسماعيل بن عبد الباقي بن محمد بن أبي يعلى بن عبد الله بن إبراهيم، قيل أبو المظفر الصاحب شمس الدين أبو محمد الموصلي وزير الملك الظاهر غازي بحلب.

نقلت من خط شهاب الدين القوصي من معجمه قال: لما اجتمعت به بحلب في شهور سنة تسع وتسعين وخمس مائة وقلت له إن المولى السلطان الملك العادل ما يعتمد في تشديد أمور سلطانه إلا عليك، ولا يفوض إصلاح ذات البين إلا إليك، فقال: تخدم عني مولانا السلطان عز نصره وتنهي إليه أن حالي وحال مخدومي عبرت عن حقيقتهما بهذين البيتين، وأنشدنيهما، وهما لقمر الدولة أبي طاهر جعفر بن دواس المصري: الطويل:

فإني والمولى الذي أنا عبده                      طريفان في أمر له طرفان

تراني قريبا منه أبعد ما ترى                      كأني يوم العيد من رمضان فاستحسنت منه هذا المعنى الذي قصده والاعتذار الذي ضمنه في الشعر الذي أورده، وقال: كان هذا الوزير عالما فاضلا رئيسا في أفعاله وأقواله كاملا، وبعد انفصاله من الوزارة الظاهرية بحلب قصد بلاد الروم وبلغ من صاحبها من الكرامة كل مطلوب ومروم.

وقال ابن أنجب: هو أبو المظفر البغداذي الأصل الموصلي المولد، فاضل أخذ بأطراف العلوم، وصنف كتابا سماه نخبة الكلم وروضة الحكم، سار إلى حلب واتصل بالملك الظاهر غازي ورتبه مشرفا بديوان حلب ثم ولاه الوزارة. وكان أهل حلب يثنون عليه ويحمدون سيرته، ثم إنهم صاروا يذمونه ويسيئون الثناء عليه، وذلك بعد موت الظاهر، فإنه كان على حاله في الوزارة، ومد يده وأخذ الأموال، وصنف كتابا سماه تجنب الحرام والتورع عن الآثام، توفي رحمه الله بحلب في أواخر الأيام المستنصرية.

كتب إليه محمد بن عبد الله الهاشمي يعتذر عن تأخره: الخفيف:

حال دون الـوزير وحــل وبـــرد                      وسـحـاب يروح طـورا ويغـــدو

وظـلام كـأنـه وجـه نــضـــر                      وسـجـاياه حـين يطـلـب رفـــد

فاعذر الـعـبـد إن تـأخـر أو قـص                      ر وزيرا إحـسـانـــه لا يعـــد

وابق في نعـمة تـدوم عـلـى الـده?                      ر إلـى أن يرى لـمـجـدك نـــد

فكتب إليه الوزير أبو المظفر: الخفيف:

أيها السيد الشريف المود                      قد تغشى الـقـلـوب بـعـدك وجـد

لم يكـن عـاقـك الـلـقـاء لـغـيث                      فلـقـاء الـلـيوث مـا لا يصـــد ?غير أن الحواس تطلب حظا من خليل آلاؤه لا تحد

فابق للفضل قدوة وإماما                      ما تراقى لأهل بيتك مجد  ?ابن الباجي

عبد الباقي حسن بن أبي القاسم، أبو ذر الصقلي ثم المصري المعروف بابن الباجي. سمع من العماد الكاتب وغيره وحضر إسماعيل بن ياسين وحدث، وتوفي سنة أربع وخمسين وست مائة.

ابن ناقيا

عبد الباقي بن محمد بن الحسين بن داود بن ناقيا بالنون وبعد الألف الأولى قاف وياء آخر الحروف أبو القاسم الجريمي البغداذي الشاعر.

 

 

صفحة : 2533

 

صنف عدة كتب منها: تفسير فصيح ثعلب، واختصر الأغاني وغير ذلك. وله ملح الممالحة، وأغاني المحدثين وملح المكاتبة والرسائل، والجمان في تشبيهات القرآن، لم يسبق إليها بل إلى مثلها، إلا أنه كان معثرا ثلابة يطعن على الشريعة ويذهب إلى رأي الأوائل، وله مقالة في التعطيل. توفي سنة خمس وثمانين وأربع مائة، وكان يعرف بابن البندار، وله مقامات أدبية، إلا أنه كان مطعونا عليه في دينه وعقيدته، وكان كثير الهزل والمجون.

سمع من عبد الرحمن بن عبيد الله المخزومي، ومحمد بن علي العشاري، وأبي القاسم علي بن المحسن التنوخي وغيرهم. وروى عن جماعة من الشعراء كأبي الخطاب الحبلي وأبي القاسم المطرز وغيرهم. ومن شعره وهو مريض: الكامل:

نمضي كما مضت القبائل قبلنا                      لسنا بأول من دعاه الداعـي

تبقى النجوم دوائرا أفلاكهـا                      والأرض فيها كل يوم داعي

وزخارف الدنيا يجوز خداعها                      أبدا على الأبصار والأسماع ومنه الطويل:

وإني لآبي الدمع فيك تـطـيرا                      عليك وتأبى العين إلاه جـاريا

وأسخط لاستمرار هجرك ساعة                      وتغلب أشواقي فأرجع راضيا

هنيئا إن استحللت قتلي فلا تطل                      عذابي وموهوب لعينك ثـاريا ومنه الطويل:

أرى كل محبوب يلاقي محبه                      وما نتلاقى والليالي تصـرم

وقد علمت أني مشوق وأنني                      بها كلف لكنها ليس ترحـم ومنه الكامل:

يا صاح أذن بالـصـبـاح يشـير                      والكاس تطلـع تـارة وتـفـور

والروض مبتسم الثغور نسـيمـه                      يستاف منه المسك والـكـافـور

والعود تخطر في حشاه أنـامـل                      لم يطو سرا دونهـن ضـمـير

فاشرب على طرب النديم ولا تطل                      حبس المدامة فالزمن قـصـير ومنه ما كتبه إلى بعض الرؤساء وقد افتصد الخفيف:

جعل الله ذو المواهب عقبـا                      ك من الفصد صحة وسلامه

قل ليمناك كيف شئت استهلي                      لا عدمت الندى فأنت غمامه ومنه الطويل:

أخلاي ما صاحبت في العيش لـذة                      ولا زال عن قلبي حنين التـذكـر

ولا طاب لي طعم الرقاد ولا اجتلت                      لحاظي مذ فارقتكم حسن منظـر

ولا عبثت كفـي بـكـأس مـدامة                      يطوف بها ساق ولا جس مزهـر وكان يقول: في السماء نهر من خمر ونهر من لبن، ونهر من عسل لا ينقط منه شيء، ينقط هذا الذي يخرب البيوت ويهدم السقوف. وكانت بينه وبين ابن الشبل منافسة ومباعدة شائعة ظاهرة، قال أبو الحسن علي بن أحمد ابن الدهان: أنشدته يوما لابن الشبل الطويل:

وما أسجد للـه الـمـلائك كـلـهـم                      لآدم إلا أن في نـسـلـه مـثـلـي

ولو أن إبلـيسـا درى خـر سـاجـدا                      لآدم من قبل المـلائك مـن أجـلـي

ولكن أنسى اللـه عـنـه تـكـونـي                      إلى أن زهت أنوار فضلي على النسل

فيا رب إبراهيم لـم أوت فـضـلـه                      ولا فضل موسى والنبي على الرسـل

فلم لي وحدي ألف فرعون في الورى                      ولي ألف نمرود وألف أبـو جـهـل فلما سمعها قالك أشهد بين يدي الهل أنه ما أخرج آدم من الجنة إلا لأنه كان في ظهره، ثم قال: أمضي إليه فأنشده: المتقارب

إذا ما افتخرت فلا تجهلا                      أباك وشلاقه والعصـا

فأنت قذار تبيد الـذبـاب                      إذا أنت أوطئتها إخمصا

فكونك في الظهر من آدم                      بشؤمك أهبطه إذ عصا ولو كان آدم ذا خبرة بأنك من نسله لاختصى فقيل له: ألم تكن قرأت على الشيخ ابن الشبل، قال: بلى وغلا من أين أكتسب هذه البلادة التي في، فبلغ ذلك ابن الشبل فقال: الوافر

فقل ما شئت إن الحلم دأبـي                      وشأني الخير إن حاولت شرا

فأنت أقل أن تـلـقـى بـذم                      مجاهرة وأن تغتـاب سـرا وبلغ ابن شبل عنه كلام قبيح فقال وأغرب في عروضها البسيط:

وستة فيك لم يجمعن في بشـر                      كذب وكبر وبخل أنت جامعـه

مع اللجاج وشر الحقد والحسد

 

صفحة : 2534

 

 

وستة في لم يخلقـن فـي مـلـك                      حلمي وعلمي وإفضالي وتجربتي

وحسن خلقي وبسطي بالنوال يدي وقال ابن الدهان: دخلت على ابن ناقيا بعد موته لأغسله فوجدت يده اليسرى مضمومة، فاجتهدت حتى فتحتها وفيها كتابة بعضها على بعض فتمهلت حتى قرأتها فإذا فيها مكتوب الطويل:

نزلت بجار لا يخيب ضيفـه                      أرجي نجاتي من عذاب جهنم

وإني على خوفي من الله واثق                      بإنعامه والله أكرم مـنـعـم  أبو الحسن المقرئ

عبد الباقي بن حسن بن أحمد، الإمام المقرئ أبو الحسن بن السقاء أحد الحذاق بالقراءات. توفي في حدود التسعين وثلاث مائة.

ابن كتيلة

عبد الباقي بن أحمد بن الحسين بن إبراهيم، أبو الحسين النجاد البغداذي المعروف والده بكتيلة تصغير كتلة. قرأ بالروايات على أبي الحسن علي بن أحمد ابن البناء، وسمع من أبي جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، وعبد الله بن محمد بن عبد الله الصريفيني وغيرهما. قال محب الدين بن النجار: يقال إن سيرته لم تكن مرضية. توفي سنة خمس وعشرين وخمس مائة.

أبو الفضل البغداذي

عبد الباقي بن حمزة بن الحسين الحداد، أبو الفضل البغداذي الفرضي. قرأ الفقه وكانت له يد باسطة في الفرائض والحساب، وكان صالحا ثقة. سمع الحسن بن علي الجوهري، ومحمد بن علي بن المهتدي، ومحمد بن أحمد بن حسنون الزيني وغيرهم. وحدث باليسير. ولد سنة خمس وعشرين وأربع مائة. وتوفي سنة ثلاث وتسعين وأربع مائة.

أبو محمد العبرناني

عبد الباقي بن محمد العبرتاني، أبو محمد الكاتب، أديب شاعر غلب عليه الخلاعة والمجون. كتب عنه أبو الوفاء أحمد بن محمد بن الحصين قطعة من شعره وعظية تشتمل على تصحيفات في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وأربع مائة. ومن شعره ما وجد في كفنه مكتوبا عند موته: الطويل:

نزلت بجار لا يخيب ضيفـه                      أرجي نجاتي من عذاب جهنم

وإني على خوف من الله واثق                      بإنعامه والله أكرم مـنـعـم قلت: وقد تقدم إيرادهما في ترجمة ابن ناقيا آنفا والله أعلم لمن هما.

أبو يعلى ابن أبي حصين

عبد الباقي بن عبد الله أبي حصين بن المحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو بن سعيد ابن محمد بن داود بن المطهر إلى أن ينتهي إلى قحطان. هو من بيت يعرفون ببني أبي حصين من معرة النعمان، وأخوه أبو سعد عبد الغالب بن أبي حصين عبد الله، وأخوه القاضي أبو غانم عبد الرزاق بن أبي حصين، وأبو حصين عبد الله، وأبو القاسم المحسن والد أبي حصين، كل هؤلاء شعراء. فمن شعر أبي يعلى عبد الباقي بن عبد الله الكامل:

بانوا فجفن المستهـام قـريح                      يخفي الصبابة مـرة ويبـوح

من طرفه وصلت جراحة قلبه                      وإليه فاض نجيعها المسفوح

لم يبق بعدهم له من جسـمـه                      شيء فوا عجباه أين الـروح منها:

لم يدنني طمع إلـى طـبـع ولا                      شعري لجائزة عـلـيه مـديح

أغلقت باب الحرص خشية وقفة                      بفناء من ما بابـه مـفـتـوح

وعفوت عن جرم الزمان ولم أرد                      منه القصاص وفي منه جروح ومن شعره الطويل:

ولما التقينا لـلـوداع وقـلـبـهـا                      وقلبي يبثان الصبـابة والـوجـدا

بكت لؤلؤا رطبا ففاضت مدامعـي                      عقيقا فصارا الكل في نحرها عقدا ومنه في ولد له مات فرآه في النوم: الكامل

أهلا بطيف خـيالـك الـمـعـتـاد                      شق التـراب إلـي شـق فـؤادي

أهدى الثرى لي في الكرى شخصا له                      أهديته حـمـلا عـلـى الأعـواد

شتان بين الـحـالـتـين قـبـرتـه                      في يقظتي ونـشـرتـه بـرقـادي ومن شعره: المتقارب:

إذا غبت عن ناظري لم يكد                      يمر به وأبـيك الـكـرى

فيؤلمـنـي أنـنـي لأراك                      إذا ما طلبتك فـيمـن أرى

لقد كذب النوم فيما استقـل                      بشخصك في مقلتي وافترى

وكيف وداري بأرض الشآم                      ودارك أرض بوادي القرى

وبعد فلي أمل في اللـقـاء                      لأني وإياك فوق الـثـرى قلت شعر جيد متمكن.

ابن عبد المجيد

 

 

صفحة : 2535

 

عبد الباقي بن عبد المجيد بن عبد الله بن أبي المعالي متى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن يوسف، تاج الدين اليمني المخزومي المكي. ولد بمكة لمضي اثنتي عشرة ليلة من رجب سنة ثمانين وست مائة، وتوفي في أواخر سنة ثلاث وأربعين وسبع مائة، أو أوائل سنة أربع وأربعين بالديار المصرية. ورد إلى دمشق أيام الأفرم وأقام بها متصدرا بالجامع في أيام الأمير سيف الدين تنكز مدة سبع سنين يقرئ الطلبة المقامات الحريرية والعروض وغير ذلك من علوم الأدب، وقرر له على ذلك مائة درهم في كل شهر على مال الجامع الأموي. ثم توجه إلى اليمن وكتب الدرج لصاحب اليمن، وربما وزر له. ثم لما مات الملك المؤيد صادره ولده وأخذ منه ما حصله. ثم ورد إلى مصر سنة ثلاثين وفوض إليه تدريس المشهد النفيسي وشهادة البيمارستان المنصوري، ثم قدم دمشق ورأيته بها فيما أظن سنة إحدى وثلاثين، ثم عاد إلى القاهرة ورأيته بها سنة اثنتين وثلاثين. ثم قدم دمشق ورتب مصدرا بالحرم في القدس فأقام به مدة. وتردد إلى دمشق وحلب وطرابلس وعمل له راتب بطرابلس. ثم توجه إلى القاهرة وأباع وظائفه، وبها توفي رحمه الله تعالى.

وكان شيخا طوالا حسن الشكل والعمة حلو الوجه، اجتمعت به غير مرة، وكان قادرا على النظم والنثر إلا أنه لم يكن له فيهما غوص، وكان ظنينا بنفسه يعيب كلام القاضي الفاضل وغيره، ويظن أن كلامه خير من كلام القاضي الفاضل، ويرجح كلام ابن الأثير عليه. وعارض الرسائل المختارة للقاضي الفاضل مثل الرسالة الذهبية وفتح القدس وغيرهما، فعارض الشمس بالزبالة والجواهر بالزبالة لكن كلامه كان متوسطا. وهو قادر على الإنشاء نظما ونثرا ذو بديهة وارتجال، وخطه جيد قوي. عمل تاريخا لليمن وتاريخا للنحاة ليس بشيء، وذيل على تاريخ ابن خلكان، بذيل قصير جدا رأيته لم يبلغ به ثلاثين رجلا، وكان يعظم نفسه ويمدحها، ولكلامه وقع في النفوس إذا أطنب في وصف فضائله. وأنشدني من كلامه كثيرا، وكتب علي أشياء وقف عليها من تصانيفي تقريظا بالنظم والنثر، فمن ذلك ما كتبه على جنان الجناس، الطويل:

جنان جناس فاق جنس جـنـان                      يعين المعاني فيه جل معـانـي

لقد نوع الأجناس فيه مـؤلـف                      طرائق وشي أو سموط جمـان

غدا ناهجا فيه مناهج لـم يكـن                      قدامة قدما جـاءهـا بـبـيان

مقاصد ما نجل الأثير مثـيرهـا                      بدائع فضل من بـديع زمـان

محررة الألفاظ لكن حسـنـهـا                      رقيق ينسينا حـلـيل حـسـان

إذا ابن فتى نجل الحديد أرادهـا                      تقول له: أقصر فلسـت بـدان

وما أنت ممن يسبك التبر ناقـدا                      وما لك في سبك النضـار يدان

لقد أطربت أبياته كـل سـامـع                      فرائد ما جاءت لـهـن ثـوان

تفوح بأرواح الصبا نفحـاتـهـا                      حظيرة بان عند حضـرة بـان

لقد صير الحساد تذرف عندهـا                      مدامع شأن في محاجـر شـان

أقول لنظمي حين حاول شأوهـا                      رفيقك قـيسـي وأنـت يمـان

بقيت صلاح الدين للفضل صالحا                      لحسن بيان مـن يراع بـنـان وأنشدني من لفظه لنفسه، الوافر:

تجنب أن تذم بك الـلـيالـي                      وحاول أن يذم لك الزمـان

ولا تحفل إذا كمـلـت ذاتـا                      أصبت العز أم حصل الهوان وأنشدني لنفسه أيضا، الكامل:

بخلت لواحظ من رأينا مقبلا                      برموزها ورموزهن سلام

فعذرت نرجس مقلتيه لأنه                      يخشى العذار فإنه نـمـام قلت: أخذه من الأول وهو أحسن وأكمل، المديد:

لافتضاحي في عوارضه                      سبب والـنـاس نـوام

كيف يخفى ما أكـابـده                      والذي أهـواه نـمـام وأنشدني لنفسه في حمار وحش: السريع:

حمار وحش نقشه معـجـب                      فلا يضاهي حسنه في الملاح

قد غدا في حسـنـه أوحـدا                      تشاركا فيه الدجى والصبـاح قلت: فيه إضمار قبل الذكر ولا يجوز إلا على لغة من قال: أكلوني البراغيث، وأحسن من هذا قول القائل في فهد، البسيط:

تنافس الليل فيه والنهار معا                      فقمصاه بجلباب من المقل

 

صفحة : 2536

 

وأنشدني لنفسه أيضا وقد ركب المؤيد فيلا، البسيط:

اللـه أولاك يا داود مـكـرمة                      ورتبة ما أتاها قبل سلـطـان

ركبت فيلا فظل الفيل ذا رهج                      مستبشرا وهو بالسلطان فرحان

لك الإله أذل الوحش أجمـعـه                      هل أنت داود فيه أم سليمـان وأنشدني لنفسه يهجو عدن، الكامل:

عدن إذا رمت المقام بربعهـا                      فلقد أقمت على لهيب الهاوية

بلد خلا عن فاضل وصدوره                      أعجاز نخل إذ تراها خـاوية وأنشدني لنفسه ما قاله وقد زار جمال الدين محمد بن نباتة الشاعر بدمشق فرأى في بيته نملا كثيرا، البسيط:

ما لي أرى منزل المولى الأديب به                      نمل تجمع فـي أرجـائه زمـرا

فقال: لا تعجبن من نمل منـزلـه                      فالنمل من شأنها أن تتبع الشعـرا وأنشدني لنفسه أيضا، البسيط:

لا أعرف النوم في حالي جفا ورضى                      كأن جفني مطبوع مـن الـسـهـد

فليلة الوصل تمضي كلهـا سـمـرا                      وليلة الهجر لا أغفي من الـكـمـد وأنشدني لنفسه، الرجز:

لو لم تكن وجرة منشا عفـرهـا                      ما طاب وصف نورها وغفرها

منازل لولا الصبا ما شـاقـنـي                      نور أقاحيها وظـل سـدرهـا

إن المغاني كالغواني لـم تـزل                      معشوقة تصبي بحسن ذكرهـا

علام أهوى منزلا ما عـطـرت                      فجاجه سلمى بنشر عطـرهـا

ولا غدت تسحب ذيل مرطـهـا                      فيه ولا مدت حبـال خـدرهـا

بهنانة قد ملكت لـمـهـجـتـي                      قلبي وأمسى في أليم أسـرهـا

مرت على الوادي فمال نحوهـا                      أراكه يبغي ارتشاف ثغـرهـا

وراعها منه الحصى فـسـيرت                      يمينها تكشف عقـد نـحـرهـا

غزالة إن سـفـرت لـنـاظـر                      رأيت ليلى في فروع شعرهـا

تملي على خلخالـهـا شـكـاية                      من ردفها مرفوعة عن خصرها

يا حبذا منها أصـيل وصـلـهـا                      لو لم ينغصه هجير هجـرهـا

سارت بهـا فـوارس مـن وائل                      قد أطلعت كواكبا من سمرهـا

وخلفتـنـي فـي الـديار نـاديا                      أبكي طلول رسمها وعقـرهـا

اعملت في طلابـهـا رواحـلا                      بوخدها تفـري أديم قـفـرهـا

والليل مـثـل غـادة زنـجـية                      قد زانها عشـاقـهـا بـدرهـا

وصفحة الأفق كمـثـل روضة                      تبدو لنا أنوارها مـن نـورهـا وله: الطويل

لعـل رسـولا مـن سـعـاد يزور                      فيشفـي ولـو أن الـرسـائل زور

يخبرنا عن غادة الحـي هـل ثـوت                      وهل ضربت بالرقمـتـين خـدور

وهل سنحت في الروض غزلان عالج                      وهل أثله بـالـسـاريات مـطـير

ديار لسلمى جادهـا واكـف الـحـيا                      إذا ذكرت خلـت الـفـؤاد يطـير

كأن غنا الورقاء من فـوق دوحـهـا                      قيان وأوراق الغـصـون سـتـور

تمايل فيها الغصن من نشوة الصـبـا                      كأن عـلـيه بـالـسـلاف تــدير

متى أطلعت فيه الغمـائم أنـجـمـا                      تلوح ولـكـن بـالأكـف تـغـور

إذا اقتطفتها الـغـانـيات رأيتـهـا                      نجوما جنتها في الصـبـاح بـدور

وفي الكلة الـوردية الـلـون غـادة                      أسير لديها القلـب حـيث تـسـير

بعيدة مهوى القـرط أمـا أثـيثـهـا                      فضاف وأما خطوهـا فـقـصـير

من العطرات العرف ما زان فرقهـا                      ذرور ولا شاب الـثـياب بـخـور

حمتها كماة مـن فـوارس عـامـر                      ضراغـمة يوم الـهـياج ذكــور

فما الحب إلا حيث تشتجـر الـقـنـا                      ولـلأسـد فـي أرجـائهـن زئير

عبد البر

ابن الحافظ الهمذاني

 

 

صفحة : 2537

 

عبد البر بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني العطار أبو محمد، سمع أباه، وعلي بن محمد المشكاني راوي التاريخ الصغير، ونصر بن المظفر البرمكي، وأبا الخير الباغياني، وأبا الوقت السجزي وجماعة. وروى عنه ولده والصدر البكري، والزكي البرزالي وسائر الرحالة. وتوفي سنة أربع وعشرين وست مائة.

أبو محمد الوادي آشي الكاتب

عبد البر بن فرسان الغساني الكاتب، أبو محمد الوادي آشي. أخذ بمالقة عن أبي القاسم السهيلي، ثم لحق بإفريقية فكتب ليحيى بن إسحاق بن غانية وحضر معه حروبه. وكان من رجالات وقته براعة وشجاعة، وأصابته في بعض الوقائع جراحة انتقضت به فهلك منها في سنة إحدى عشرة وست مائة قبل وفاة مخدومه بعشرين سنة، فلم يسد عنه أحد مسده ولا أغنى غناه بعده، وله في مخدومه أمداح حسان يصف وقائعه، ومن شعره: مخلع البسيط:

بيض من مفرقي عدوي                      لخوض هول وخرق دو

وصير الليل منه صبحـا                      طلوع شمس بكل جـو ومنه أيضا قوله: الطويل

كفى حزنا أن الزجاج صقيلة                      وأن الشبا رهن الصدى ببهائه

وأن بياذيق الجوانب فرزنـت                      ولم يعد رخ الدست بيت بنائه ومنه في خباء ضرب خلف قيطون شعر: الكامل

أخـريدة أم دمـية مـن عـاج                      حتى الدجى منها بضوء سراج

قد كان أليل داجيا حتـى بـدت                      فعزته لـلألاء لا لـلـداجـي

وكأنما أبقى علـيهـا حـارسـا                      منه فقام لها مقام مـنـاجـي

كفتاة زنج في حلي كحلي الملا                      حفت ببعض كـرائم الأعـلاج

كاللمة السوداء أرسل عقصهـا                      فوق الغلائل دون عقد الـتـاج

كالفجر أشرق من حجاب جهامه                      أو كالهدي على منـصة سـاج ومنه: الطويل

متى تتجلى عن بدور المـطـالـب                      سحاب الخطوب الفاحمات الذوائب

وهل تأخذن العين حظا من الكـرى                      بما أخذت من حظ رعي الكواكـب

أرقت لبرق سله الأفـق صـارمـا                      على الليل لساعا كهام المضـارب

ينير ذرى الأفواز ومض التـياحـه                      كما شعشع الساقي كؤوسا لشـارب

إذا قيل أورت زندها كف مصطـل                      تلألاء خفاقا فأكذبت صـاحـبـي

سرى وسرى همي فأصبـح دانـيا                      وواصلت سيري بالسرى المتنـاوب

ومما شجاني والشـجـون كـثـيرة                      وغيري يشجي بالحسان الخـوالـب

وما كنت وقاعا على مـا يقـودنـي                      مباديه مطواعا كـذم الـعـواقـب

بكاء ضنينات الـدمـوع سـواجـع                      حللن من الأغصان فوق مشاجـب

سليمات رجع اللحن من خطل الأسى                      مثيرات شجو الصب عجم أعـارب

صقيلات ما فوق الظهور إلى الطلى                      وما خطت الأعناق فوق التـرائب

فقدن هديلا ما تـنـاسـين بـرحة                      وليس يجيء الدهر منه بـذاهـب

فهن على مـا خـيلـت يدعـينـه                      وصم عن الداعي صماخ المجاوب

قلت: شعر جيد فـصـيح جـزل.  ابن رزين القاضي

عبد البر بن محمد بن الحسين بن رزين، القاضي العالم صدر الدين ابن قاضي القضاة تقي الدين الشافعي، مدرس القيمرية بدمشق. كان شابا متوددا متواضعا حسن العشرة وفيه ذكاء ومعرفة، توفي سنة خمس وتسعين وست مائة.

 

عبد الجبار

القاضي عبد الجبار المعتزلي

 

 

صفحة : 2538

 

عبد الجبار بن أحمد، القاضي أبو الحسن الهمداني المعتزلي قاضي قضاة الري شيخ الاعتزال، توفي سنة أربع عشرة وأربع مائة وقيل سنة خمس عشرة زاد سنة على التسعين. وكان كثير المال والعقار، ولي قضاء القضاة بالري وأعمالها بعد امتناع منه وإباء وإلحاح من الصاحب بن عباد. وهو صاحب التصانيف المشهورة في الاعتزال، وتفسير القرآن، وكان مع ذلك شافعي المذهب. وكان الصاحب قد أنفذ إلى أستاذه أبي عبد الله البصري يسأله إنفاذ رجل يدعو الناس بعمله وعلمه إلى مذهبه، فأنفذ إليه أبا إسحاق النصيبي، وكان حسن اللفظ والحفظ، فلم ينفق على الصاحب لشراسة أخلاقه، واحتشم الصاحب أن يجزيه بما يكره، فأكل معه يوما وأكثر من أكل الجبن، فقال له الصاحب: لا تكثر من أكل الجبن فإنه يضر الذكاء، فقال النصيبي: لا تطبب الناس على مائدتك، فساءت هذه الكلمة الصاحب، فبعث إليه بخمسة مائة دينار وثياب ورحل وأمره بالانصراف عنه. وكتب إلى أبي عبد الله البصري: أريد أن تبعث لي رجلا يدعو الناس بعقله أكثر مما يدعوهم بعلمه وعمله، فأنفذ إليه عبد الجبار فرأى منه جبل علم وأخلاقا مهذبة فنفق عليه.

ودرس يوما القاضي عبد الجبار مسألة في بعض الأيام فقال: تقوم علي هذه المسألة بمائة وثلاثين ألف درهم، فسأله التلامذة عن ذلك فقال: كان يلازمني حدث من أهل قزوين لم يكن له رغبة في العلم، فعلمت أن ملازمته لي رغبة في جاهي، فاتفق أن توجهت عليه مطالبة تتعلق بدار الضرب بقزوين فقرر عليه مائة وثلاثون ألف درهم، فقصدني وشكا إيل فما ظهرت له نصيحتي، فحضرت مجلس الصاحب فسألني عن هذه المسألة وهي قوله تعالى:  وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم، أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله  هل في النصارى من يقول أن مريم إله? فقلت: هذا على سبيل الإلزام يلزمهم بمقتضى قولهم في عيسى أن يقولوه في مريم.

وسألني عن قوله تعالى:  إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا  كيف قرن بين لفظ فاعل بفعول وأحدهما يراد به المبالغة دون الآخر? فقلت: نعم الله تعالى على عباده كثيرة فكل شكر يأتي في مقابلتها قليل، وكل كفر يأتي في مقابلتها عظيم، فجاء بلفظ فاعل ليس للمبالغة، وجاء كفور على وزن فعول للمبالغة، فتهلل وجهه، فقلت: هذه ساعة تليق أن أخاطبه في أمر القزويني، فلما خاطبته قال: يحكم القاضي، فقلت: إن حكمت بشيء يسير نسبني إلى ضعف النفس وصغر الهمة، فقلت: تسقط عنه مائة ألف درهم، فقال الصاحب: والعلاوة أيضا. وكان قبل اتصاله بالصاحب على حظه من الفقه، وكان له زوجة وولد، وابتاع ليلة من الليالي دهنا ليداوي به جربا كان عليه، فلما أظلم الليل تفكر هل يطلي الجرب أو يشعل به السراج ولا تفوته مطالعة الكتب، فرجح عنده الإشعال للمطالعة، فما بعد أن أرسل الصاحب وراءه وولاه القضاء فملك الأموال. وكان موصوفا بقلة الرعاية للحقوق، فأول ذلك أنه كان يكتب للصاحب على عنوان كتبه: عبده وصنيعه وغرسه عبد الجبار فلما رأى منزلته منه ومعرفته لحقه وإقباله عليه كتب: عبده وصنيعه ثم كتب غرسه، فقال الصاحب لجلسائه: إن تطاول مقام القاضي عندنا عنون كتبه إلينا الجبار وترك ما سواه من اسمه. ولما مات الصاحب كان يقول: أنا لا أترحم عليه لأنه لم يظهر توبته فطعن الناس عليه بذلك ومقتوه مع كثرة إحسان الصاحب إليه. وكان عاقبة ذلك أن قبض فخر الدولة عليه بعد موت الصاحب وصادره على ثلاثة آلاف ألف درهم وعزله عن قضاء الري وولى مكانه القاضي أبا الحسن علي بن عبد العزيز الجرجاني العلامة صاحب التصانيف التي منها الوساطة، ويقال إن عبد الجبار باع في مصادرته ألف طيلسان مصري.

وهو شيخ المعتزلة ورئيس طائفتهم، يزعم أن المسلم يخلد في النار على ربع دينار وجمع هذا المال من القضاء والحكم بالظلم والرشا، وتولاها عن قوم هم في مذهبه ظلمة بل كفرة.

أبو يعلى الديناري

عبد الجبار بن أحمد بن الحسين بن محمد بن اليمان الديناري، أبو يعلى من أهل البيوت المذكورة وذوي الأنساب. كان والده يزور على خط أبي علي بن مقلة تزويرا لا يكاد يفطن له.

 

 

صفحة : 2539

 

وكان أبو يعلى فيه فضائل جمة من درس القرآن والفقه، ورواية الأخبار وحفظ دواوين الأشعار، ومعرفة تامة بالنحو واللغة وإنشاء الرسائل، وكان عارفا بأمور المياه والضياع، وله بصيرة جيدة بأحوال المصالح، ويميل إلى مذهب أبي حنيفة ويدعي الفروسية ويتعاطاها، وواقع العرب عدة وقعات.

وأورد له ياقوت في معجم الأدباء قوله في الشمعة: السريع

فالليل صبح كلما استوقدت                      والمنزل الموحش كالآهل

تشبه مني كلما حـل بـي                      عند صدود الرشاء الخاذل

صفرة لون إن تأملتـهـا                      مثل بوادي لوني الحـائل

وأدمعي تجري ولا ينثنـي                      كدمعها المنسبل الهامـل

وزفرتي ترقا كما ترتقي                      زفرتها شوقا إلى قاتلـي

والجسم مني محرق ذابل                      كقلبها المحترق الذابـل

والنار من قلبي ومن قلبها                      تذيب جسمينا ولا تأتلـي  أبو طالب القرطبي

عبد الجبار بن عبد الله بن أحمد المرواني القرطبي، أبو طالب. توفي سنة عشر وخمس مائة. كان من أهل المعرفة باللغة والأدب والعربية، جمع كتابا حافلا في التاريخ سماه عنوان الآثار ونواظر السياسة، وكان شاعرا ذكيا.

أبو محمد الجراحي

عبد الجبار بن محمد بن عبد الله، بن محمد بن أبي الجراح، أبو محمد الجراحي المرزباني راوي جامع الترمذي عن أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب بن فضل التاجر. توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة.

ابن حسكان الإسفراييني

عبد الجبار بن علي بن محمد بن حسكان، الأستاذ أبو القاسم الإسفراييني المتكلم الأصم المعروف بالإسكاف. فقيه إمام أشعري، من تلامذة أبي إسحاق الإسفراييني المبرزين في الفتوى. توفي سنة اثنتين وخمسين وأربع مائة.

المساحقي صاحب مالك

عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي الفقيه المدني، صاحب مالك، روى عنه وعن ابن أبي ذئب، وروى عنه إسماعيل القاضي وغيره. ولي قضاء المصيصة وعاش بضعا وثمانين سنة، قال مصعب: كان أجمل قرشي وجها وأحسنهم لسانا. توفي سنة ست وعشرين ومائتين.

أبو بكر العطار البصري

عبد الجبار بن العلاء بن عبد الجبار، أبو بكر البصري المجاور بمكة مولى الأنصار. سمع سفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، وعبد الوهاب الثقفي، ويوسف بن عطية، وغندرا وجماعة، وروى عنه مسلم والترمذي، والنسائي، وأبو بكر بن أبي عاصم، وإسحاق بن أحمد الخزاعي، وعمر البحيري، وأبو قريش محمد بن جمعة، وابن صاعد، وابن خزيمة، وأبو عروبة وروى النسائي أيضا عن زكريا خياط السنة عنه وقال: لا بأس به.

وقال أبو حاتم: صالح، وقال ابن خزيمة: ما رأيت أسرع قراءة منه. ومن بندار. وتوفي بمكة سنة ثمان وأربعين ومائتين.

أبو هاشم السلمي

عبد الجبار بن عبد الصمد بن إسماعيل، أبو هشام السلمي المؤدب المقرئ، قرأ القراءات على أبي عبيدة أحمد بن ذكوان، وسمع محمد بن خريم وجعفر بن أحمد بن عاصم، والقاسم بن عيسى العصار، ومحمد بن المعافي الصيداوي، وسعيد بن عبد العزيز وغيرهم بالشام ومصر والحجاز. وعنه تمام الرازي، ومكي بن الغمر، وعبد الوهاب الميداني، وأبو الحسن ابن جهضم وغيرهم. وجمع من المصنفات شيئا، وكان ثقة مأمونا، وتوفي سنة أربع وستين وثلاث مائة.

أبو سعيد الأزجي

عبد الجبار بن يحيى بن علي بن هلال، أبو سعيد الأزجي الدباس المعروف بابن الأعرابي، سمع أبا القاسم بن بيان، وأبا ياسر البرداني، ومحمد ابن عبد الباقي الدوري، وابن الحصين وجماعة. سمع منه أبو محمد بن الخشاب مع تقدمه. وروى عنه ابن الدبيثي والبهاء عبد الرحمن وجماعة. وتوفي سنة ست وسبعين وخمس مائة.

أبو محمد المقدسي

عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن علي، القاضي الأكرم أبو محمد بن القاضي الأجل أبي الحجاج الجذامي الصويتي المقدسي.

ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة، وتوفي ببيت المقدس سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة. سمع من السلفي وولي ديوان الجيش بمصر مدة، ومولده وداره بمصر.

شيخ الفتوة

 

 

صفحة : 2540

 

عبد الجبار بن يوسف بن صالح البغدادي شيخ الفتوة ورئيسها ودرة تاجها وحامل لوائها، تفرد بالمروءة والعصبية، وانفرد بشرف النفس والأبوة، وانقطع إلى عبادة الله بموضع اتخذه لنفسه وبناه، فاستدعاه الإمام الناصر وتفتى إليه ولبس منه، خرج حاجا في سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة فتوفي بالمعلاة في ذي الحجة من السنة.

عبد الجبار الحصري

عبد الجبار بن أبي الفضل بن الفرج بن حمزة الأزجي الحصري المقرئ الراجل الصالح، قرأ القراءات على أبي الكرم الشهرزوري، وسمع من أبي الوقت وابن ناصر وأبي بكر الزاغوني وجماعة، وأقرأ القرآن مدة ببغداذ والموصل والقفص. سقط عليه جرف بتكريت وعجزوا عن كشفه، وكان قبره سنة سبع وتسعين وخمس مائة.

أبو محمد الخرقي

عبد الجبار بن عبد الجبار بن محمد بن ثابت بن أحمد، أبو محمد الثابتي الخرقي المروزي. فقيه فاضل بارع تفقه على تاج الإسلام أبي بكر بن السمعاني، وعلى الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن أحمد المروروزي، ثم اشتغل بالحساب والهندسة وتجاوزه وتجاوزها إلى علوم الأوائل، ومع ذلك كان حسن الصلاة وسمع الكثير من الحديث فانتفع به، وجمع تاريخا لمور، وسمع أبا بكر محمد ابن السمعاني قال: ولد بعزبة خرق _ بفتح الخاء والراء _ سنة سبع وسبعين وأربع مائة وتوفي يوم عيد الفطر سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة.

أبو طالب المعافري

عبد الجبار بن محمد بن علي، أبو طالب المعافري اللغوي المغربي، قدم البلاد وأقرأ العربية بمصر وبغداذ، وانتفع به خلق، وتوفي وو راجع إلى بلاده سنة ست وستين وخمس مائة. وهو شيخ عبد الله بن بري.

كمال الدين بن الحرستاني

عبد الجبار بن عبد الغني بن علي بن أبي الفضل بن علي بن عبد الواحد ابن عبد الضيف الأنصاري بن الحرستاني الشافعي الفقيه المفتي، كمال الدين أبو محمد.

سمع أبا القاسم الحافظ ?، وأبا سعد بن أبي عصرون، وأجاز له خطيب الموصل أبو الفضل، والحافظ أبو مسوى المديني، وسمع منه الزكي البرزالي وخرج له جزءا،وأبو حامد ابن الصابوني، وابن الدخميسي، والفخر محمد ابن محمد بن التيني. ودرس بالكلاسة والأكزية. و هو من بيت ابن طليس. وتوفي سنة أربع وعشرين وست مائة.

ابن حمديس الصقلي

عبد الجبار بن أبي بكر بن محمد بن حمديس، أبو محمد الصقلي الشاعر، امتدح ملوك الأندلس بعد السبعين وأربع مائة واختص بالمعتمد، وامتدح بعده ملك إفريقية يحيى بن تميم. وتوفي سنة ست عشرة وخمس مائة ومن شعره: الرمل

والثريا رجح الغـرب بـهـا                      كابن ماء ضم للوكر جنـاح

وكأن الغرب منهـا نـاشـق                      باقة من ياسمـين أو أقـاح

وكأن الصبح بالأنـوار مـن                      ظلم الليل على الظلماء صاح ومنه: البسيط:

ومغرب طعنته غير نـابـية                      أسنة هن إن حققتها شـهـب

ومشرق كيمياء الشمس في يده                      ففضة الماء من إلقائها ذهب ومنه: البسيط:

ورب ليل سريناه وقد طـلـعـت                      بقية البدر فـي أولـى بـشـائره

كأنما أدهم الإظـلام حـين نـجـا                      من أشهب الصبح ألقى نعل حافره ومنه: الطويل

ووردية في اللون والفوح شعشعت                      فأبدت نجوما في شعاع من الشمس

نفيت هموم النفس منهـا بـشـربة                      دبيب حمياها يدق عـن الـحـس

كأن يدي من فـضة فـإذا حـوت                      زجاجتها عادت مذهبه الخـمـس ومنه: الكامل:

حمراء يشرب الأنوف سلافها                      لطفا مع الأسماع والأحـداق

بزجاجة صور الفوراس نقشها                      فترى لها حربا بكف الساقي

وكأنما سفكت صورامها دمـا                      لبست به غرقا إلى الأعنـاق

وكأن للكاسات حمر غـلائل                      أزرارها درر على الأطواق ومنه في وصف فرس: الكامل

يجري ولمع البرق في آثـاره                      من كثرة الكبوات غير مفـيق

ويكاد يخرج سرعة من ظلـه                      لو كان يرغب في فراق رفيق ومنه: البسيط

يرعى الرعايا بعين من حـفـيظـتـه                      ويبسط الـعـدل مـنـه لـين قـاس

كأن سورة كسرى عـنـد سـورتـه                      سكون صورة كسرى وهي في الكاس ومنه في الذباب الذي يقع على الإبل: البسيط

 

صفحة : 2541

 

 

ومودع في المطايا لسـعة حـمة                      فيزعج الروح مسراها من الجسد

يحك من دمها القـانـي يدا بـيد                      كما تـحـك بـحـنـاء يدا بـيد

يغشى السوام مناقيرا فتحسبـهـا                      مباضعا مدميات كل مفـتـصـد ومنه في وصف الإبل في المسير: البسيط

وداخلات على بهماء سبسبـهـا                      بكل خرق عريق في العلى ندس

كأنها وهي ترمي المقفرات بهـم                      من الوجيف نبال والهزال قسي

مثل الحواجب لاذت وهي ظامئة                      بأعين بالفلا مطـمـوسة درس من ذا يقول ولج الآل يحملها إن السفينة لا تجري على يبس ومنه البسيط

حرر لمعناك لفظا كي تزان بـه                      وقل من الشعر سحرا أو فلا تقل

فالكحل لا يفتن الأبصار منظـره                      حتى يصير حشو الأعين النجـل ومنه في الشيب: مخلع البسيط

ولي شبابي وراع شيبي                      مني سرب المها وفضه

كأنما المشط في يمينـي                      يجر منه خيوط فضـه ومنه: الوافر

وقد سكرت صعاد الخط حتى                      تأود كل لـدن مـسـتـقـيم

وما شربت سوى خمر التراقي                      ولا نشقت سوى ورد الكلـوم ومنه: الكامل

والروع تثقل بالردى ساعاتـه                      وتخف بالأبطال في الضمـر

نكص النهار به على أعقابـه                      حتى حسبت الشمس فيه تكور

والنقع منه دجنة لا تنجـلـي                      والصبح منه ملاءة لا تنشـر ومنه: السريع

قم هاتها من كف ذات الوشـاح                      فقد نعى الليل بشير الصـبـاح

واحلل عرى نومك من مـقـلة                      تمقل أحداقا مراضا صـحـاح

خل الكرى عنك وخـذ قـهـوة                      تهدي إلى الروح نسيم ارتـياح

باكر إلى اللـذة واركـب لـهـا                      سوابق اللهـو ذوات الـمـراح

من قبل أن ترشف شمس الضحى                      ريق الغوادي من ثغور الأقـاح ومنه: الطويل

كأنك لم تجعل قنـاك مـراودا                      تشق من الليل البهيم مـآقـيا

ولم تزد الإظلام بالنقع ظلـمة                      إذا بيض الإصباح منه حواشيا ومنه القصيدة المشهورة: المتقارب

قضت في الصبا النفس أوطارها                      وأبلغهـا الـشـيب إنـذارهـا

نعم وأحلـت قـداح الـهـوى                      عليها فقسمـن أعـشـارهـا

وما غرس الدهـر فـي تـربة                      غراسا ولم يجـن أثـمـارهـا

فأفنيت في الـحـرب آلاتـهـا                      وأفنيت في السـلـم أوزارهـا

كميتا لها مـرح بـالـفـتـى                      إذا حث بالـلـهـو أدوارهـا

ينازلها الـكـوب مـن دنـهـا                      فتحسبه كان مـضـمـارهـا

وسـاقـية زررت كـفـهــا                      على عنق الظبـي أزرارهـا

تدير بـــياقـــــوتة درة                      فتغمس في مـائهـا نـارهـا

وفتيان صدق كزهر النـجـوم                      كرام النـحـائز أحـرارهـا

يديرون راحا تفيض الـكـؤوس                      على ظلم الـلـيل أنـوارهـا

كأن لها من نسـيج الـحـبـاب                      شباكـا تـعـقـل أطـيارهـا

وراهـبة أغـلـقـت ديرهـا                      فكنـا مـع الـلـيل زوارهـا

هدانـا إلـيهـا شـذا قـهـوة                      تذيع لأنـفـك أسـرارهــا

فما فاز بالـمـسـك إلا امـرؤ                      تيمــم دارين أو دارهـــا

كأن نـوافـجـه عـنـدهــا                      دنـان مـضـمـنة قـارهـا

طرحت بميزانهـا درهـمـي                      فسيل في الكـاس دينـارهـا

خطبنا بـنـات لـهـا أربـعـا                      ليفترع اللـهـو أبـكـارهـا

تريك عرائسـهـا أيديا طـوالا                      تصـافـح أخـصـارهـــا

من اللأى أعمار زهر النجـوم                      تكاد تـطـاول أعـمـارهـا

تفرس في طيبـهـا شـمـهـا                      مجيد الفراسة فـاخـتـارهـا

فتى دارس الكاس حـتـى درى                      عصير الخمور وأعصـارهـا

يعد لمـا شـئت مـن قـهـوة                      سنيها ويعـرف خـمـارهـا

وعدنا إلى هـالة أطـلـعـت                      على قضيب البان أقمـارهـا

 

صفحة : 2542

 

 

نفى ملك اللهو عنا الهـمـوم                      ولو ثرن قـتـل ثـوارهـا

وقد سكنت حركـات الأسـى                      قيان تـحـرك أوتـارهــا

فهذي تعانـق لـي عـودهـا                      وتلك تقـبـل مـزمـارهـا

وراقصة لقطـت رجـلـهـا                      حساب يد نقـرت طـارهـا

وقضب من الشمع مصـفـرة                      تريك من الـنـار نـوارهـا

كأن لها عـمـدا صـفـفـت                      وقد وزن العدل أقطـارهـا

تقل الدياجي على هـامـهـا                      وتهتك بالنـور أسـتـارهـا

كأنـا نـسـلـط آجـالـهـا                      عليها فتمحـق أعـمـارهـا

ذكرت صـقـلـية والأسـى                      يهيج للنـفـس تـذكـارهـا

ومنزلة للصبـا قـد خـلـت                      وكان بنو الظرف عمـارهـا

فإن كنت أخرجت مـن جـنة                      فإنـي أحـدث أخـبـارهـا

ولولا ملوحة مـاء الـبـكـاء                      حسبت دموعي أنـهـارهـا

ضحكت ابن عشرين من صبوة                      بكيت ابن سـتـين أوزارهـا

فلا تعظمن علـيك الـذنـوب                      إذا كان ربـك غـفـارهـا قلت: كذا فليكن الشعر عذوبة وانسجاما وتمكن قواف وحسن تشبيه، ولطف استعارة وغوصا على المعاني.

أبو محمد البغداذي

عبد الجبار بن عبد الخالق بن محمد بن أبي نصر بن عبد الباقي بن عكبر، الإمام الواعظ العلامة جلال الدين أبو محمد البغداذي أحد المشاهير. ولد في حدود العشرين وست مائة وتوفي سنة إحدى وثمانين وست مائة.

سمع من ابن اللتي، ونصر بن عبد الرزاق وحدث، أخذ عنه ابن الفوطي وأبو العلاء ابن الفرضي، ودفن في داره، وولي تدريس المستنصرية. وكان وحيد دهره في الوعظ والتفسير، وله مصنفات منها: مشكاة البيان في تفسير القرآن، ومراتع المرتعين في مرابع الأربعين من أخبار سيد المرسلين، وإيقاظ الوعاظ، ولم يخلف مثله.

أبو طالب النسائي

عبد الجبار بن عاصم النسائي حدث ببغداذ. قال الدارقطني: ثقة وتوفي سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.

أبو محمد الجهرمي

عبد الجبار بن أحمد بن محمد الجهرمي، أبو محمد بن أبي الحدث. كان فقيها مناظرا، ولي الحسبة ببغداذ وعزل، وولي الإشراف على جبل والنظر في أموال الوكلاء بواسط والبصرة، واتصل بالوزير أبي المحاسن وزير السلطان محمد بن ملكشاه، وقبض عليه لما نكب الوزير وخلصه صدقة بن مزيد، ثم قبض عليه العميد أبو جعفر وصودر على مال، سمع من أبي محمد الصريفيني، وحدث باليسير.

أبو المظفر عبد الجبار

عبد الجبار بن عبد الجليل، أبو المظفر. قال الباخرزي في الدمية: ارتبطه الصاحب أبو عبد الله الحسين بن علي بن ميكائيل، رحمه الله، لكتابته في ديوان رسالته، وكنا نحن ثلاثتنا: هو، وأبو منصور الجلاب، وهو منخرط في سلك الكتاب لنجابته، وأنشدني لنفسه ونحن في مجلس الأنس بين يدي الصاحب بالري سنة أربع وأربعين وأربع مائة: الرمل

أشتهي نوما ونيكـا مـعـه                      إنما النوم مع النيك يطـيب

هو دائي ودوائي عـنـدكـم                      هل لدائي سادتي فيكم طبيب قال الباخرزي: هذا الفاضل صادق الاشتهاء، أفصح عند الطبيب بالداء ولم يسر الحسو في الارتغاء، يغر أن الطبيب هنا كناية عن القواد وعن البغاء، وما أطيب ما اشتهى، والعجب أنه ما بكى، فهو كما وصفت به نفسي حيث قلت: السريع

يا قوم إني رجل فـاضـل                      وليس في فضلي من شك

أهوى كؤوس الراح مملوءة                      وأشتهي الإيلاج في الترك

وأقضم القند ولا أشتـكـي                      وآكل التمـر ولا أبـكـي

عبد الجليل

أبو المظفر المروزي

عبد الجليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن طلحة، أبو المظفر المروزي الفقيه الشافعي، قدم دمشق وتفقه به جماعة منهم: أبو المفضل يحيى بن علي القرشي، وتوفي سنة تسع وسبعين وأربع مائة.

أبو مسعود الأصبهاني كوتاه

عبد الجليل بن محمد بن عبد الواحد بن محمد بن إبراهيم بن سهمرد بن مهرة، الحافظ الكبير أبو مسعود الأصبهاني كوتاه بالكاف وبعد الواو تاء ثالثة الحروف، وتوفي سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة. تقدم ذكر والده وولده وحفيده في المحمدين.

 

 

صفحة : 2543

 

كان من أئمة الحديث موصوفا بالحفظ والإتقان والصدق والديانة. وقد أملى كثيرا من المجالس وسمع منه الكبار. سمع هو رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأحمد بن عبد الرحمن الذكواني، والقاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي، ومحمد بن أحمد بن الحسن بن ماجة الأبهري، وأحمد بن الحسين ابن أبي ذر الصالحاني وجماعة.

عبد الجليل الغزنوي

عبد الجليل بن فيروز بن الحسن من أهل غزنة أحد أعيانها، له تصانيف منها: كتاب لباب التصريف، كتاب الهداية في النحو، كتاب معاني الحروف، كتاب مؤنس الإنسان ومذهب الأحزان.

أبو محمد الأنصاري القرطبي

عبد الجليل بن موسى بن عبد الجليل القصري، الإمام القدوة شيخ الإسلام أبو محمد الأنصاري القرطبي، عرف بالقصري قصر كتامة. كان رأسا في العلم والعمل منقطع القرين فارغا عن الدنيا، صنف التفسير، وشرح الأسماء الحسنى وله شعب الإيمان، وكلامه في العرفان بديع، وتوفي سنة ثمان وست مائة.

ابن وهبون المرسي

عبد الجليل بن وهبون، أبو محمد الملقب بالدمعة المرسي. قال ابن بسام في ترجمته: شمس الزمان وبدره، وسر الإحسان وجهره، ومستودع البيان ومستقره، أحد من أفرغ في وقتنا فنون المقال، في قوالب السحر الحلال، وقيد شوارد الألباب، بأرق من ملح العتاب، وأروق من غفلات الشباب، وكورة تدمير أفقه الذي منه طلع، وعارضه الذي منه لمع.

اجتاز بالمرية في بعض رحله الشرقية، وملكها يومئذ أبو يحيى ابن صمادح فاهتز لعبد الجليل واستدعاه، وعرض له بجملة وافرة من عرض دنياه، فلم يعرج على ذلك وارتحل عن بلده، وقال في ارتجال: الطويل

دنا العيد لو تدنو به كعبة المنـى                      وركن المعالي من ذؤابة يعرب

فيا أسفا للشعر ترمى جـمـاره                      ويا بعد ما بين المنى والمحصب ومن عجيب ما اتفق أن عبد الجليل وأبا إسحاق بن خفاجة تصاحبا في طريق مخوف فمرا بعلمين وعليهما رأسان كأنهما، بسر متناجيان، فقال أبو إسحاق: الطويل

ألا رب رأس لا تزاور بينـه                      وبين أخيه والمزار قـريب

أناف به صلد الصفا فهو منبر                      وقام على أعلاه فهو خطيب فقال عبد الجليل: الطويل

يقول حذارا لا اغترار فطالما                      أناخ قتيل بي ومر سـلـيب فما أتم قوله حتى لاح لهما قتام ساطع، كأن السيوف فيه برق لامع، فما تجلى إلا وعبد الجليل قتيل وابن خفاجة سليب، فكأنما كشف له فيما قال ستر الغيب، ومن شعره يمدح المعتمد: البسيط

بيني وبين الليالـي هـمة جـلـل                      لو نالها البدر لاستخزى له زحـل

سراب كل يباب عندهـا شـنـب                      وهول كل ظلام عندهـا كـحـل

من أين أبخس لا في ساعدي قصر                      عن المساعي ولا في مقولي خطل

ذنبي إلى الدهر إن أبدي تعـنـتـه                      ذنب الحسام إذا ما أحجم البـطـل

يا طالب الوفر إني قمت أطلبـهـا                      علياء تعيا بها الأسماع والمـقـل

لا كان للعيش فضل لا أجـود بـه                      يكفي المهند من أسلابه الخـلـل

لكن بخلت بـأنـفـاس مـهـذبة                      تروي العقول وهن الجمر والشعل

وإن وصفت فكاليوم الذي عرفـت                      منك الفرنجة فيه كنه ما جهـلـوا

وقد دلفت إليهم تـحـت خـافـقة                      قلب الضلالة منها خـائف وجـل

فراعهم منك وضاح الجبين وعـن                      بشر الحسام يكون الخوف والوهل

وحين أسمعت ما أسمعت من كلـم                      تمثلت لهم الأعراب والـحـلـل

وكلما نفحت ريح الهدى خـمـدت                      دماؤهم وسيوف الهند تشـتـعـل

أشباه ما اعتقلـوه مـن ذوائبـهـم                      فالحرب جاهلة من منهم الأسـل

لولا اعتراضك سرا بين أعينـهـم                      لكان يفرق منها السهل والجـبـل

أنسيتها النظر الشزر الذي عهـدت                      فكل عين بها من دهـشة قـبـل

تنزلـوا آل عـبـاد فـربـتـمـا                      لم يدرك الوصف ما تأتون والمثل

إذا أسرتم فما في أسركـم قـنـط                      وإن عفوتم فما في عفوكم خـلـل

يقبل الغل مـرتـاحـا أسـيركـم                      فهو البشير له أن تسحب الحـلـل

 

صفحة : 2544

 

 

جيش فوارسه بيض كأنصلة                      وخيله كالقنا عسـالة ذبـل ومن شعر عبد الجليل ?: الكامل

ناهضتهم والبارقـات كـأنـهـا                      شعل على أيديهـم تـتـلـهـب

ووقفت مشكور المكان كـريمـه                      والبيض تطفو في الغبار وترسب

ما إن ترى إلا توقـد كـوكـب                      من قونس قد غاب فيه كوكـب

فمجـدل ومـزمـل ومـوسـد                      ومضرج ومضمخ ومخـضـب

سلبوا وأشرقت الدماء عـلـيهـم                      محمرة فكأنهم لـم يسـلـبـوا

ولو أنهم ركبوا الكواكب لم يكـن                      لمجدهم من حد بأسك مـهـرب ومنه الطويل

قتلت بني الأيام خبرا فباطـنـي                      مشيب وما يبدو علي شـبـاب

ولما رأيت الزور في الناس فاشيا                      تحيل لي أن الشباب خـضـاب ومنه: الكامل

للدهر عندي في جنابك لـيلة                      وضاحة الأقطار والجنبـات

لو أنها يوم الحساب صحـيفة                      في راحتي لضقت بالحسنات ومنه: المتقارب

بنفس وإن كنت لا نفس لي                      فقد سلبتها لحاظ المقـل

عذار وخد كما يحـتـوي                      سواد القلوب بياض الأمل ومنه قوله أيضا في مغنية لابسة حليا: البسيط

إني لأسمع شدوا لا أحقـقـه                      وربما كذبت في سمعها الأذن

متى رأى أحد قبلي مطـوقة                      إذا تغنت بلحن جاوب الفنـن ومنه: الطويل

يعز على العلياء أني خـامـل                      وأن أبصرت مني خمود شهاب

وحيث ترى زند النجابة واربـا                      فثم ترى زند السعادة كـابـي ومنه: الكامل:

زعموا الغزال حكاه قلت لهم نعم                      في صده عن عاشقيه وهجـره

قالوا الهلال شبيهه فأجبـتـهـم                      إن كان قيس إلى قلامة ظفـره

وكذا يقولون المـدام كـريقـه                      يا رب لا علموا مذاقة ثـغـره ومنه: السريع

وبركة تزهـى بـنـيلـوفـر                      نسيمه يشبه ريح الـحـبـيب

حتى إذا الـلـيل دنـا وقـتـه                      ومالت الشمس لحين الغـروب

أطبق جفنـيه عـلـى إلـفـه                      وغاص في الماء حذار الرقيب وأنشد المعتمد يوما قول أبي الطيب: الطويل

إذا ظفرت منك العيون بنظـرة                      أثاب بها معيي المطي ورازمه فجعل يردده استحسانا له، فقال عبد الجليل بديها: الطويل

لئن جاد شعر ابن الحسين فإنما                      تجيد العطايا واللهى تفتح اللها

تنبأ عجبا بالقريض ولـو درى                      بأنك تروي شعره لتـألـهـا فأمر له بمائتي دينار.

وأرسلت البزاة يوما بين يديه واستحث الشعراء في وصفها، فقال عبد الجليل: الكامل

للصيد قبلك سنة مـأثـورة                      لكنها بك أعجـب الأشـياء

تمضي البزاة وكلما أمضيتها                      عارضتها بخواطر الشعراء وجلس المعتمد يوما وبين يديه جارية تسقيه فخطف البرق فارتاعت فقال: السريع

روعها البرق وفـي كـفـهـا                      برق من الـقـهـوة لـمـاع

عجبت منها وهي شمس الضحى                      كيف مـن الأنـوار تـرتـاع ثم أنشد الأول لعبد الجليل واستجازه، فقال: السريع

ولن ترى أعجب من آنس                      من مثل ما يمسك يرتاع ومن شعر عبد الجليل: الوافر

غزال يستطاب الموت فيه                      ويعذب في محاسنه العذاب

يقبله اللثام هوى وشـوقـا                      ويجني ورد خديه النقـاب ومنه: الطويل

سقى فسقى الله الزمان من أجله                      بكأسين من لميائه وعـقـاره

وحيا فحيا الله دهرا أتـى بـه                      بأطيب من ريحانـه وعـراره ولما ركب المعتمد البحر قال ابن وهبون: البسيط

أحاط جودك بالدنيا فلـيس لـه                      إلا المحيط مثال حين يعتـبـر

وما حسبت بأن الكل يحـمـلـه                      بعض ولا كاملا يحويه مختصر

كأنما البحر عين أنت ناظرهـا                      وكل شط بأشخاص الورى شفر

 

صفحة : 2545

 

وكان للمعتمد أستاذ يسمى خليفة، فأمره أن يأتي بنبيذ فأخذ وعاء يسمى القمصال فجاء إليهم فعثر ووقع القمصال فانكسر ومات الأستاذ فأخبر المعتمد بذلك، فقال: الوافر

أنأمن والحياة لنا مـخـيفة                      ونفرح والمنون بنا مطيفه فقال ابن عمار:

وفـي يوم ومــا أدراك يوم                      مضى قمصالنا ومضى خليفه فقال ابن وهبون:

هما فخارتا راح وريح                      تكسرتا فاشقاف وجيفه واجتاز ابن وهبون يوما على فرن ويده في يد فتى يسمى ربيعا، فقال له صف هذا الفرن، فقال: الخفيف

رب فرن رأيته يتلـظـى                      وربيع مخالطي وعقيدي

قال شهه قلت صدر حسود                      خالطته مكارم المحسـود وهو القائل في رثاء ابن عمار لما قتله المعتمد: الكامل:

عجبا له أبكيه ملء مدامعي                      وأقول لا شلت يمين القاتل

عبد الحافظ

عماد الدين النابلسي

عبد الحافظ بن بدران بن شبل بن طرخان الزاهد القدوة المسند الرحلة، أبو محمد عماد الدين النابلسي المقدسي شيخ نابلس.

قدم دمشق في صباه وسمع الكثير من الشيخ موفق الدين وموسى بن عبد القادر، وابن راجح، وأحمد بن طاوس، وزين الأمناء، والبهاء عبد الرحمن، وابن الزبيدي وجماعة. وأجاز له أبو القاسم ابن الحرستاني، وأبو البركات ابن ملاعب، وتفرد بأشياء، وقصد للسماع والزيارة والتبرك، وبنى بنابلس مدرسة، وجدد طهارة، وكان كثير التلاوة والأوراد لازما بيته إلى جانب مسجده، وقيل إنه تعاطى الكيمياء مدة ولم تصح له.

قال الشيخ شمس الدين: قرأت عليه عشرة أجزاء ورحل إليه قبلي ابن العطار والبرزالي وسمعا منه، وسمع منه شمس الدين بن مسلم، وابن نعمة وجماعة، وشارف التسعين، وأول سماعه سنة خمس عشرة وست مائة وتوفي سنة ثمان وتسعين وست مائة.

 

عبد الحق

أبو محمد الزهري

عبد الحق بن محمد بن علي بن عبد الرحمن، أبو محمد الزهري الأندي، بالنون الساكنة، نزيل بلنسية. ولد سنة سبع أو ثمان وثلاثين وتوفي سنة اثنتين وعشرين وست مائة. حج عام اثنتين وسبعين، وسمع من السلفي الأربعين والمحامليات، وكان عدلا تاجرا قال ابن الأبار: سمعت الأربعين منه، وقد سمعها منه أبو محمد وأبو سليمان ابنا ابن حوط الله، وعمر وأسن حتى ألحق الصغار بالكبار.

أبو محمد الأنصاري المغربي

عبد الحق بن عبد الله بن عبد الحق، أبو محمد الأنصاري المغربي المهدوي قاضي الجماعة بمراكش وبإشبيلية، وولي أولا قضاء غرناطة وامتحن في قضاء مراكش بالفتنة المتفاقمة. قال ابن الآبار: وكان من العلماء المتفننين فقيها مالكيا حافظا للمذهب. نظارا بصيرا بالأحكام، صليبا في الحق، مهيبا معظما، وله كتاب في الرد على أبي محمد بن حزم دل على فضله وعلمه وأفاد بوضعه، ولا أعلم له رواية. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وست مائة.

عبد الحق بن خلف الحنبلي

عبد الحق بن خلف بن عبد الحق، ضياء الدين أبو محمد الدمشقي الصالحي الحنبلي المغسل إمام مسجد الأرزة الذي بطريق الجسر الأبيض. ولد سنة سبع وأربعين وخمس مائة تقريبا وتوفي سنة إحدى وأربعين وست مائة، وسمع من عبد الرحمن بن أبي العجائز وهبة الله بن محفوظ بن صصرى وعبد الصمد بن سعد النسوي وأحمد بن أبي الوفاء وأبي المعالي صابر وأحمد بن حمزة المواويني وجماعة وله مشيخة. وروى عنه الحافظان البرزالي والضياء محمد وحفيده عز الدين عبد العزيز بن محمد المعدل وسبط كمال الدين علي بن أحمد القاضي وغيرهم. قال الضياء: هو دين خير، وقال غيره: شيخ معمر صالح حسن المحاضرة حلو النادرة وعجز آخر عمره عن التصرف.

ابن الحجاج

عبد الحق بن عبد الله بن عبد الواحد بن علاف بن خلف، أبو سليمان الخزرجي المصري ويعرف بابن الحجاج، بضم الحاء صيغة جمع، محدث معروف، ولد سنة اثنتين وسبعين وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة، وطلب وسمع من أبي القاسم البوصيري وأبي نزار ربيعة، وبدمشق الخضر بن كامل وابن الحرستاني، روى عنه الدمياطي وتقدم ذكر والده.

ابن الرصاص الشافعي

عبد الحق بن مكي بن صالح بن علي بن سلطان، المحدث علم الدين أبو محمد القرشي المصري الشافعي، المعروف بابن الرصاص. ولد سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة، وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة.

?ابن سبعين

 

 

صفحة : 2546

 

عبد الحق بن إبراهيم بن محمد بن نصر بن محمد بن سبعين، الشيخ قطب الدين أبو محمد المرسي الرقوطي الصوفي. كان صوفيا على قواعد الفلاسفة، وله كلام كثير في العرفان وتصانيف، وله أتباع ومريدون يعرفون بالسبعينية.

قال الشيخ شمس الدين: ذكر شيخنا قاضي القضاة تقي الدين ابن دقيق العيد، قال: جلست مع ابن سبعين من ضحوة إلى قريب الظهر وهو يسرد كلاما تعقل مفرداته ولا تعقل مركباته.

قال الشيخ شمس الدين: واشتهر عنه أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة واسعا بقوله: لا بني بعدي، فإن كان ابن سبعين قال هذا فقد خرج به من الإسلام، مع أن هذا الكلام هو أخف وأهون من قوله في رب العالمين: إنه حقيقة الموجودات، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

وحدثني فقير صالح أنه صحب فقراء من السبعينية، وكانوا يهونون له ترك الصلاة وغير ذلك، قال: وسمعت أن ابن سبعين فصد يديه وترك الدم يخرج حتى تصفى، ومات بمكة في ثامن عشرين شوال سنة ثمان وستين وست مائة وله خمس وخمسون سنة.

قال الشيخ صفي الدين الأرموي الهندي: وحججت في حدود سنة ست وستين وبحثت مع ابن سبعين في الفلسفة، وقال لي: لا ينبغي لك الإقامة بمكة، فقال له: كيف تقيم أنت بها? قال: انحصرت القسمة في قعودي بها، فإن الملك الظاهر يطلبني بسبب انتمائي إلى أشراف مكة، واليمن صاحبها له في عقيدة ولكن وزيره حشوي يكرهني.

قال صفي الدين: وكان داوى صاحب مكة فصارت عنده له بذلك مكانة، يقال: إنه نفي من المغرب بسبب كلمة كفر صدرت عنه وهي أنه قال: لقد تحجر ابن آمنة كما مر. انتهى ما نقلته من كلام الشيخ شمس الدين.

قلت: ولقد اجتمعت بجماعة من أصحاب أصحابه ورأيتهم ينقلون عن أولئك أن ابن سبعين كان يعرف السيمياء والكيمياء، وأن أهل مكة كانوا يقولون إنه أنفق فيها ثمانين ألف دينار، وإنه كان لا ينام كل ليلة حتى يكرر على ثلاثين سطرا من كلام غيره، وإنه لما خرج من وطنه كان ابن ثلاثين سنة أو ما حولها، وخرج في خدمته جماعة من الطلبة والأتباع وفيهم الشيوخ، وأنهم لما أبعدوا بعد عشرة أيام دخلوه الحمام ليزيل وعثاء السفر فدخلوا في خدمته وأحضروا له قيما، فأخذ القيم يحك رجليه ويسألهم عن وطنهم لما استغربهم فقالوا له من فلانة، فقال لهم من البلد التي ظهر فيها الزنديق ابن سبعين? فأومأ إليهم أن لا يتكلموا وقال: هو نعم، فأخذ يسبه ويلعنه كثيرا، وهو يقول له: استقص في الحك، وذاك القيم يزيد في اللعن والذم وهو لا يزيده إلا استقص، إلى أن فاض أحدهم غيظا وقال له: ويلك هذا الذي تسبه قد جعلك الله تحك رجليه وأنت في خدمته أقل لغلام يكون، فسكت خجلا وقال: استغفر الله.

ويحكون عنه أشياء من الرياضة، وكلامه مفحل محشو بقواعد الفلاسفة، وله كتاب البد يعني أنه لا بد للعارف منه، وكتاب الإحاطة ومجلدة صغيرة في الجوهر وغير ذلك، وله عدة رسائل بليغة المعنى فصيحة الألفاظ جيدة منها رسالة العهد وهي:  رسالة العهد

يا هذا، هل عمرك إلا كلمح، أو إعطاء مكد لا سمح? وآصالك لهو وعلل، وأسحارك سهو وعلل. وما سر ورد أو صدر إلا وساء كدر. والغرض بحول الله تعالى في تحصيل الكمالات وأسبابها والتجوهر بمدلولات الإمكانات الإلهية، وبما يجب كما يجب على ما يجب في الوقت الذي يجب، والاتصاف بالحكمة التي تفيد الصورة المتممة للسعيد، وبالحقيقة التي تقيمه في الصورة المقومة وتعمل على نيل الآلات التي تعطي الحق بحسب ما تعطيه وتقتضيه طبيعة البرهان.

وتحكم الشارع، عليه السلام، على جملتك، وتمتثل أوامره، وتعتقد أنه الخير بالذات، وتصل حبل المعروف وجميع ما استحسنه العقل وحرره النقل، وحضت عليه الشرائع، وتتخلا عن كل قاطع يقطعك عن الله تعالى بعد ما تتصف بالعلوم الضرورية التي لا يحملها أحد عن أحد في عرف الشريعة، وبالأعمال التي تلزم لزوم هذه العلوم، وبالعلوم التي تدخل بها في زمرة الحكماء، وبالحقيقة الجامعة التي فيها نتيجة الشرائع وغاية الحكمة وهي علوم التحقيق. وإن غلبت عليك شهوة حيوانية وما أشبه ذلك أجبر وقتك مع الله تعالى بتوبة صادقة، فإن بابه ما عليه بواب إلا رحمته خاصة ورضوانه يأمرها بالمضمار.

 

 

صفحة : 2547

 

واعلم أن مطالك مطال ومحالك محال. والواصل رحمه مهما دعا الله تعالى رحمه، والعلم للعلو علامة والسلم للعدو سلامة، والصلح مع جملتك صلاح، والدعاء بالإخلاص سلاح. وإياك من العمل المهدوم والأمل المعدوم، ومن الأمور التي تفسد حكمة العادة وأصول السعادة، ومن الود مع الملك فإنه قبيح في كل الملل، والسعيد هو المصلح أعماله، المطرح لله تعالى ما له، ولا تخالط إلا ما قامت به الأوصاف المذكورة قبل إن استطعت، وإلا الأمثل فالأمثل.

وحبيبك من يدبر أمر آخرتك، ويعينك عليها، ويذكرك بها، ويهجرك ويصلك من أجلها، ومع هذا كله سله ورح مملوء الراحة، وصل وسح مكلوء الساحة، ولا تغفل عن الدعوات المأثورة، وأعظمها: اللهم اختر لي وأسماء الله تعالى دروع ما معها أحد مروع، ولا سبيل إلى التعجب في قيامك وجلوسك ولا تنظر إلى جاهك وفلوسك. والتقي هو الذي يطرفه في حبوته مغضوض. وخذ البغي في خلوته تنير مغضوض، وهو الذي لا يرفل في أثواب اللاهي، ولا يغفل عن ثواب الله. وإذا الله تعالى تاب عليه أناب هو إليه وتأهب لجواز العقاب، وكفاه سوء الحساب. والشرير الجاهل هو الذي لا يعرف معروفا، ويحسب ماله من البحر مغروفا، ونفسه تطمع وتشح، ويداه تجمع ولا تسح. فإذا قضى الله وفاته خانه الأمل وفاته.

وقد عاهدتك على هذا، وارتضيتك لي تلميذا، وجعلتك مع الأصحاب الذين يخاطبهم لسان حال الغبطة ويقول لهم: تكثرون وأنتم ترثون. وأشهدت الله تعالى عليك العليم بخفيات الصدور، الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويثيب على كظم نفثات الصدور، وقد رجوت لك خبر الخلاص وخير الإخلاص. وصلى الله على الشرط في نيل الشرف والكمال محمد وآدم وما بينهما من النبيين والمرسلين وسلم تسليما كثيرا. وبعد هذا كله تبارك المبدي المعيد قد صدق الوعد والوعيد إن شاء الله تعالى.

?ابن الخراط الإشبيلي

عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد، أبو محمد الأزدي الإشبيلي ويعرف بابن الخراط.

روى عن شريح بن محمد، وأبي الحكم بن برجان، وعمر بن أيوب، وأبي بكر بن مدبر، وأبى الحسن طارق، وطاهر بن عطية. وأجاز له ابن عساكر وغيره، ونزل بجاية وقت فتنة الأندلس بانقراض الدولة اللمتونية، فبث بها علمه، وصنف التصانيف وولي الخطبة والصلاة بها.

وكان فقيها حافظا عالما بالحديث وعلله ورجاله، موصوفا بالخير والصلاح والزهد والورع والتقلل من الدنيا، مشاركا في الأدب وقول الشعر، وصنف في الأحكام نسختين كبرى وصغرى، سبقه إلى مثل ذلك أبو العباس ابن أبي مروان الشهير بلبلة، فحظي عبد الحق دونه، وجمع بين الصحيحين وجمع الكتب الستة، وله كتاب في المعتل من الحديث، وكتاب في الرقائق ومصنفات أخر. وله في اللغة كتاب حافل ضاهي به كتاب الهروي. وتوفي بعد محنة نالته من قبل الولاية، وروي عنه أبو الحسن المعافري علي بن محمد خطيب القدس، وتوفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. ومن شعره: الخفيف

إن في الموت والمعاد لشغـلا                      وادكارا لذي النهى وبلاغـا

فاغتنم خطتين قبل الـمـنـايا                      صحة الجسم يا أخي والفراغا  ?ابن البيطار المالقي

عبد الحق بن عبد الملك بن بونة بن سعيد، أبو محمد المالقي العبدري المعروف بابن البيطار نزيل مدينة المنكب بالأندلس. شيخ معمر يوري عن أبيه أبي مروان وأبي محمد بن عتاب وأبي بحر بن العاص وغالب بن عطية وأبي الحسن ابن البادش وأبي الحسن بن مغيث وطائفة، وأجاز له أبو علي بن سكرة. قال ابن الأبار: كان عالي الإسناد صحيح السماع، اعتنى به أبوه وسمعه صغيرا ورحل به إلى قرطبة فأورثه نباهة. وأخذ عنه جماعة من شيوخنا، وروى عنه ابن دحية وغيره.

مولده سنة أربع وخمس مائة ووفاته سنة سبع وثمانين وخمس مائة.

سبط ابن عطية

عبد الحق بن محمد بن عبد الرحمن أبو محمد القيسي المرسي سبط عبد الحق بن عطية، روى عن أبي محمد عبد الله بن سهل الضرير وأبي القاسم بن حبيش. قال ابن الأبار: كان متفننا في العلوم الشرعية والنظرية مع دقة الذهن وجودة النظر وقول الشعر، وتوفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة.

ابن عطية المفسر

 

 

صفحة : 2548

 

عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن تمام بن عطية، الإمام الكبير قدوة المفسرين، أبو محمد ابن الحافظ الناقد الحجة أبي بكر المحاربي الغرناطي القاضي. حدث عن أبيه وغيره، وكان فقيها عارفا بالأحكام والحديث والتفسير، بارعا في الأدب ذا ضبط وتقييد وتجويد وذهن سيال، ولو لم يكن له إلا تفسيره لكفى. ولد سنة ثمانين وأربع مائة وتوفي سنة اثنتين وأربعين وخمس مائة، وقيل سنة إحدى، خامس عشرين شهر رمضان ومات بحصن لورقة.

عبد الحق بن محمد

عبد الحق بن محمد، الشيخ الإمام المحدث مجد الدين أبو محمد، سمع الكثير كأخيه من أصحاب ابن كليب والبوصيري، وحدث ومات وقد نيف على الثمانين. وهو أخو تاج الدين عبد الغفار السعدي. توفي سنة ثلاث وثلاثين وسبع مائة. وأجاز لي بخطه سنة ثمان وعشرين وسبع مائة بالقاهرة.

ابن الجنان الشاعر

عبد الحق بن خلف، أبو العلاء الكناني الشاطبي المعروف بابن الجنان الشاعر. صحب ابن خفاجة، وكان بصيرا بالشعر بارعا في الطب واللغة والعربية. توفي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة.

 

عبد الحكم

ابن العراقي

عبد الحكم بن إبراهيم بن منصور بن المسلم، الفقيه الخطيب أبو محمد ابن الإمام أبي إسحاق المعروف والده بالعراقي. اشتغل على والده، وقرأ الأدب ونظم الشعر وأنشأ الخطب الكثيرة، وناب عن والده في خطابة جامع مصر واستقل به بعد موته. وتوفي سنة ثلاث عشرة وست مائة. ومن شعره ما نقلته من خط ابن سعيد المغربي: الكامل

قامت تطالبني بلؤلؤ نحـرهـا                      لما رأت عيني تجود بدرهـا

وتبسمت عجبا فقلت لصاحبـي                      هذا الذي اتهمت به في ثغرها  أبو عثمان المصري

عبد الحكم بن عبد الله بن عبد الحكم بن أعين، الفقيه أبو عثمان المصري أحد الإخوة. سمع أباه وابن وهب، وكان فقيها صالحا عالما، سجن وعذب عذابا شديدا، ودخن عليه في السجن فمات لأنه اتهم بودائع لعلي بن الجروي.

ويقال إن بني عبد الحكم ألزموا في نوبة ابن الجروي بأكثر من ألف ألف دينار، ثم بعد مدة ورد كتاب المتوكل بإخراج من بقي منهم في السجن، ورد أموالهم إليهم وسجن القاضي الأصم الذي تعصب عليه وحلقت لحيته وضرب بالسياط وطيف به على حمار. وكانت وفاة عبد الحكم في حدود الأربعين ومائتين.

ابن عبد الحكم

الشافعي محمد بن عبد الله.

 

شهاب الدين

عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم، الإمام المفتي المتفنن شهاب الدين ابن العلامة أبي البركات ابن تيمية الحراني الحنبلي، نزيل دمشق والد الشيخ تقي الدين رحمهما الله.

ولد سنة سبع وعشرين وست مائة، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة. سمع من ابن اللتي وأبي القاسم ابن رواحة، وحامد بن أميرتن، وعلي ابن الفتح الكيماري، وابن خليل وعيسى الخياط. وقرأ المذهب وأتقنه على والده، ودرس وأفتى وصنف وصار شيخ البلد بعد أبيه. وكان محققا لما ينقله جيد المشاركة في العلوم، له يد طولى في الفرائض والحساب والهيئة، وكان دينا خيرا، تفقه عليه ولداه الشيخ تقي الدين وأخوه، وهاجر بأهله إلى دمشق سنة سبع وستين ودفن بمقابر الصوفية.

 

عبد الحميد

عبد الحميد المدني الأعرج

عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب المدني الأعرج، ولي إمرة الكوفة لعمر بن عبد العزيز، سأل ابن عباس وروى عن مسلم بن يسار، ومقسم، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وثقه ابن خراش وغيره، وتوفي في حدود العشرين ومائة وروى له جماعة.

ابن رافع الأنصاري

عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع الأنصاري. قال النسائي: ليس به بأس. وكان الواقدي ينكر عليه خروجه مع محمد بن عبد الله، وكان من فقهاء المدينة ويرمي بالقدر. وتوفي سنة ثلاث وخمسين ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

الحماني الكوفي

عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني الكوفي، ولاؤه لحمان وهم بطن من تميم، وأصله خوارزمي ولقبه بشمين بالباء الموحدة والشين المعجمة وبعد الميم ياء آخر الحروف ونون وثقه ابن معين، وقال النسائي: ليس بالقوي وقال أبو داود: كان داعية في الإرجاء. وتوفي سنة اثنتين ومائتين، وروى له البخاري وأبو داود والترمذي ابن ماجة.

أبو بكر الأصبحي

 

 

صفحة : 2549

 

عبد الحميد بن عبد الله أبي أويس بن عبد الله بن مالك بن أبي عامر، أبو بكر الأصبحي المدني الأعشى. وثقه ابن معين وغيره. وقرأ القرآن على نافع وتوفي سنة اثنتين ومائتين، وروى له الجماعة سوى ابن ماجة.

البرجمي

عبد الحميد بن صالح البرجمي الكوفي. قال أبو حاتم: صدوق، وتوفي سنة ثلاثين ومائتين، وروى له النسائي.

أبو الحسن الواسطي

عبد الحميد بن بيان، أبو الحسن الواسطي العطار، روى عنه مسلم، وأبو داود، وابن ماجة. وتوفي سنة أربع وأربعين ومائتين.

القاضي أبو خازم السكوني

عبد الحميد بن عبد العزيز القاضي أبو خازم السكوني البصري البغداذي الحنفي الفقيه. كان ثقة، ولي قضاء الشام والكوفة والشرقية ببغداذ للمعتضد، أدب شخصا فمات، فكتب إلى المعتضد أن دية هذا واجبة في بيت المال فإن رأى أمير المؤمنين يحملها إلى أهله، فحمل إليه عشرة آلاف درهم فدفعها إلى ورثته وله شعر، مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

ومن شعره:  أبو علي الزيدي

عبد الحميد بن عبد الله بن أسامة بن أحمد، أبو علي بن التقي الهاشمي العلوي الحسيني الزيدي الشريف النقيب. عاش خمسا وسبعين سنة. وكان إماما في الأنساب، واشتغل على ابن الخشاب، وتوفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة.

قال ياقوت: حدث النقيب شرف الدين يحيى بن أبي زيد، نقيب البصرة، أنه لم يكن تحت السماء أحد أعرف من ابن التقي بالأنساب، وكان يحدث عن معرفته بالعجائب، وكان مع ذلك عارفا بالطب والنجوم وعلوم كثيرة من الفقه والشعر وغيره.

أبو بكر الهمذاني

عبد الحميد بن عبد الرشيد بن علي بن بنيمان، القاضي أبو بكر الهمذاني الشافعي الحداد، سبط الحافظ أبي العلاء الهمذاني. ولد سنة أربع وستين وخمس مائة، وتوفي سنة سبع وثلاثين وست مائة. سمع وله أربع سنين من جده، وناب في القضاء بالجانب الغربي، وكان صالحا دينا ورعا على طريقة السلف كثير المحفوظ، قدم دمشق وحدث بها، وولي قضاء الجانب الغربي ببغداذ لما عاد من دمشق، وروى عنه جماعة.

شمس الدين الخسروشاهي

عبد الحميد بن عيسى بن عمويه بن يونس بن خليل، الشيخ الإمام العلامة شمس الدين أبو محمد الخسروشاهي التبريزي، ولد سنة ثمانين وخمس مائة بخسروشاه، وتوفي بدمشق في سنة اثنتين وخمسين وست مائة.

اشتغل بالعقليات على الإمام فخر الدين الرازي، وسمع من المؤيد الطوسي، وبرع في الكلام، وتفنن في العلوم، ودرس وأقرأ واشتغل عليه زين الدين بن المرجل، خطيب دمشق، والد الشيخ صدر الدين، وغير زين الدين. وأقام بالكرك مدة عند الناصر، وأخذ الناصر داود عنه أشياء من علم الكلام، روى عنه الدمياطي وغيره، ودفن بقاسيون، واختصر المهذب لأبي إسحاق، واختصر الشفاء لابن سينا. وتمم الآيات البينات التي للإمام فخر الدين وصل فيها إلى الشكل الثاني، وهذه الآيات البينات غير النسخة الصغيرة التي هي عشرة أبواب، وكتب إليه سعد الدين محمد بن عربي: الطويل

يمينا لقد أحييت عـلـم أفـاضـل                      مضوا فرأيناه لـديك جـمـيعـا

ولو لم أكذب قلت إنـك مـنـهـم                      فليت لقولي سامعا ومـطـيعـا

لأنك أنت الشمس والشمس إن تغب                      فإن لها بعد المغيب طـلـوعـا ورثاه عز الدين الإربلي الضرير الغنوي بأبيات منها: الطويل

بموتك شمس الدين مـات الـفـضـائل                      وأقفر من ذكر العلـوم الـمـحـافـل

أصاب الردى شمس الورى عندما استوت                      وأودى ببدر الفضل والـبـدر كـامـل

فتى بذ كل الـقـائلـين بـصـمـتـه                      فكـيف إذا وافـيتـه وهـو قـــائل

فربع الحجى من بعده الـيوم قـد خـلا                      وجيد المعالي من حلى الفضل عاطـل

أتدري المنايا من رمت بـسـهـامـهـا                      وأي فـتـى أودى وغـال الـغـوائل

رمت أوحد الدنيا وبحـر عـلـومـهـا                      ومن قصرت في الفضل عنـه الأوائل ورثاه الصاحب نجم الدين بن اللبودي بأبيات منها: الطويل

أيا ناعيا عبد الحـمـيد تـصـبـرا                      علي فإن العلم أدرج فـي كـفـن

مضى مفردا في فضله وعلـومـه                      وعدت فريد الوجد والهم والحـزن

فيا عين سحي بالدمـوع لـفـقـده                      فما حسن صبري بعده اليوم بالحسن

 

صفحة : 2550

 

 

تلقته أصناف الملائك بـهـجة                      بمقدمه الأسنى على ذلك السنن

تقول له أهلا وسهلا ومرحـبـا                      بخير فتى وافي إلى ذلك الوطن  أبو الحسن النيسابوري

عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الحسين، القاضي أبو الحسن ابن الإمام أبي سعيد النيسابوري، أحد رجال الدهر علما ورئاسة وسؤددا. عرض عليه المطيع لله قضاء بغداذ فأبى. وتوفي سنة سبع وخمسين وثلاث مائة.

عبد الحميد الكتامي الأسيوطي

عبد الحميد بن عبد المحسن الكتامي الأسيوطي، قال من قصيدة مدح بها القاضي الفاضل: الكامل

والروض قد راض الخواطر بعدما                      ركضت خيول الغيث في جنباتـه

قد أشرع الأرماح أغصانـا وقـد                      نشر الشقيق هناك مـن راياتـه

وترنحت أغصانـه بـنـسـيمـه                      لتشاجر الأطيار في سـحـراتـه

كتب الغمام به سطور مـنـمـق                      في خطـه ودواتـه مـن ذاتـه

ورأت طيور الدوح حسن كتـابـه                      فغدت له همزا على ألـفـاتـه  مختص الدين ابن أبي الرجاء

عبد الحميد بن عبد المجيد بن محمد بن عبد الله بن أبي الرجاء، هو مختص الدين، كان من أئمة أصبهان الشافعية. قال العماد الكاتب: فارقته بها حيا ولم أسمع بعد ذلك سوى خبر سلامته شيئا. وأورد له: الوافر

ألا يا ليت دهري صار شخصا                      ويدرك فهمه رتب الـكـلام

لأعرف منه في سر لـمـاذا                      أصر على معاداة الـكـرام وأورد له أيضا: الوافر

إمام العصر لا أحصي ثناء                      عليك فأنت أكرم من ثنائي

وإني فيك معترف بعجزي                      ولكن لا أقل من الدعـاء  عز الدين ابن أبي الحديد

عبد الحميد بن هبة الله بن محمد بن محمد ابن أبي الحديد، عز الدين أبو حامد المدائني المعتزلي الفقيه الشاعر أخو موفق الدين. ولد سنة ست وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة خمس وخمسين وست مائة. وهو معدود في أعيان الشعراء وله ديوان مشهور روى عنه الدمياطي. ومن تصانيفه القلك الدائر على المثل السائر صنفه في ثلاثة عشر يوما. وكتب إليه أخوه موفق الدين: السريع

المثل الـسـائر يا سـيدي                      صنفت فيه الفلك الـدائرا

لكـن هـذا فـلـك دائر                      أصبحت فيه المثل السائرا ونظم فصيح ثعلب في يوم وليلة وشرح نهج البلاغة في ستة عشر مجلدا، وله تعليقات على كتابي المحصل والمحصول للإمام فخر الدين.

ومن شعره: الطويل

وحقك لو أدخلتني النار قلت لل                      ذين بها قد كنت ممن يحـبـه

وأفنيت عمري في دقيق علومه                      وما بغيتي إلا رضاه وقـربـه

هبوني مسيئا أوتغ الحلم جهلـه                      وأبقـه دون الـبـرية ذنـبـه

أما يقتضي شرع التكرم عفـوه                      أيحسن أن ينسي هواه وحـبـه

أما رد زيغ ابن الخطيب وشكه                      وتمويهه في الدين إذ جل خطبه

أما كان ينوي الحق فيما يقولـه                      ألم تنصر التوحيد والعدل كتبـه وقلت أنا ردا عليه في وزنه ورويه: الطويل

علمنا بـهـذا الـقـول أنـك آخـذ                      بقول اعتزال جل في الدين خطبـه

فتزعم أن الله في الحشـر مـا يرى                      وذاك اعتقاد سـوف يرديك غـبـه

وتنفي صفات اللـه وهـي قـديمة                      وقد أثبتتها عن إلـهـك كـتـبـه

وتعتقد القرآن خلـقـا ومـحـدثـا                      وذلك داء عز في النـاس طـبـه

وتثبت للعبد الضـعـيف مـشـيئة                      يكون بهـا مـا لـم يقـدره ربـه

وأشياء من هذي الفـضـائح جـمة                      فأيكما داعي الضـلال وحـزبـه

ومن ذا الذي أضحى قريبا إلى الهدى                      وحامي عن الدين الحنـيفـي ذبـه

وما ضر فخر الدين قول نظمـتـه                      وفيه شناع مـفـرط إذ تـسـبـه

وقد كان ذا نور يقود إلى الـهـدى                      إذا طلعت في حندس الشك شهبـه

ولو كنت تعطي قدر نفسك حـقـه                      لأخمدت جمرا بالمحـال تـشـبـه

وما أنت من أقرانـه يوم مـعـرك                      ولا لك يومـا بـالإمـام تـشـبـه

 

صفحة : 2551

 

وأنشدني من لفظه العلامة أثير الدين أبو حيان قال: أنشدنا شيخنا الحافظ شرف الدين أبو محمد عبد المؤمن بن خلف ابن أبي الحسن الدمياطي، قال: أنشدنا الشيخ العالم الصاحب عز الدين أبو حامد عبد الحميد بن هبة الله ابن أبي الحديد المعتزلي ببغداذ: السريع

لولا ثلاث لم أخف صرعتي                      ليست كما قال فتى العبـد

أن أنصر التوحيد والعدل في                      كل مكان بـاذلا جـهـدي

أن أناجي الله مستمـتـعـا                      بخلوة أحلى من الشـهـد

وأن أتيه الدهر كبرا علـى                      كل لئيم أصـعـر الـخـد

لذاك لا أهـوى فـتـاة ولا                      خمرا ولا ذا ميعة نـهـد وقلت أنا أيضا في هذه المادة: السريع

لولا ثلاث هن أقصى المنى                      لم أهب الموت الـذي يردي

تكميل ذاتي بالعلـوم الـتـي                      تنفعني إن صرت في لحدي

والسعي في رد الحقوق التي                      لصاحب نلت به قـصـدي

وأن أرى الأعداء في صرعة                      لقيتها من جمعهـم وحـدي

فبعدها اليوم الذي حـم لـي                      قد استوى في القرب والبعد وفي ترجمة أحمد بن صابر القيسي مقطوعان له وللشيخ أثير الدين أبي حيان في هذه المادة. ولعز الدين ابن أبي الحديد قصائد مطولة مديح في على ابن أبي طالب رضي الله عنه، منها قوله: الطويل

ألا إن نهج المجد أبـيض مـحـلـوب                      على أنه جم المسـالـك مـرهـوب

هو العسل المـاذي يشـتـاره امـرؤ                      بغاه وأطراف الرماح الـيعـاسـيب

ذق الموت إن شئت العلى واطعم الردى                      فنيل الأماني بالمـنـية مـكـسـوب

خض الحتف تأمن خطة الخسف إنمـا                      يباح ضرام الخطب والخطب منسوب

ألم تخبر الأخبار عن فـتـح خـيبـر                      ففيها لذي اللب المـلـب أعـاجـيب

وفوز علي بالـعـلـى فـوزهـا بـه                      فكل إلى كل مضـاف ومـنـسـوب

حصون حصان الفرج حيث تبـرجـت                      وما كل ممتط الجـرارة مـركـوب

تناط عـلـيهـا لـلـنـجـوم قـلائد                      وتسفل عنها للـغـمـام أهـاضـيب ومنها:

وأرعن موار العنـان يمـورهـا                      فلم يغن عنها جر مجر وتلـبـيب

فللخطب عنها والصروف صوارف                      كما كان عنها للنوائب تـنـكـيب منها:

نهار سيوف في دجى ليل عثـير                      فأبيض وضاح وأسود غربـيب

ينوح عليها نوح قـارون يوشـع                      ويذري عليها دمع يوسف يعقوب

بها من زماجير الرجال صواعق                      ومن صوب أذي الدماء شآبـيب منها:

يمج منونا سيفه وسنـانـه                      ويلهب نارا غمده والأنابيب ومن شعره فيه أيضا: الكامل

عن ريقها يتحـدث الـمـسـواك                      أرجا فهل شـجـر الأراك أراك

ولطرفها خنث الجبان فإن رنـت                      باللحظ فهي الضيغم الـفـتـاك

شرك القلوب ولم أخل من قلبهـا                      أن القلوب تصـيدهـا الأشـراك

يا وجهها المصقول ماء شبـابـه                      ما الحتف لولا طرفك الفـتـاك

أم هل أتاك حديث وقفتها ضحـى                      وقلوبنا بشبا الـفـراق تـشـاك

لا شيء أفظع من نوى الأحباب أو                      سيف الوصي كلاهمـا سـفـاك  ??الأخفش الأكبر

عبد الحميد بن عبد المجيد، مولى قيس بن ثعلبة الأخفش الأكبر أبو الخطاب. إمام في علم العربية قديم، لقي الأعراب وأخذ عنهم. وأخذ عنه أبو عبيدة، وسيبويه، والكسائي، ويونس بن حبيب، وأخذ هو عن أبي عمرو بن العلاء وطبقته. وكان دينا ورعا ثقة. قال المرزباني: هو أول من فسر الشعر تحت كل بيت، وما كان الناس يعرفون ذلك قبله، وإنما كانوا إذا فرغوا من القصيدة فسروها.

وقف أبو الخطاب علي أعرابي يريد الحج فقال له: أتقرأ من القرآن شيئا? قال: نعم، قال فاقرأ، فقال: الطويل

فإن كنت قد أيقنـت أنـك مـيت                      وأنك مجزي بما كنت تـفـعـل

فكن رجلا من سكرة الموت خائفا                      ليوم به عنك الأقارب تشـغـل

 

صفحة : 2552

 

فقال له: ليس هذا من القرآن، قال: بلى فاقرأ أنت، فقرأ:  وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد  فقال: هذه أخت التي تلوتها سواء إلا أنها بعد لم تنتظم لك.

شمس الدين الجزري

عبد الحميد بن محمد بن محمد بن سعيد بن ندى، الأمير الأوحد شمس الدين ابن الصاحب الكبير محيي الدين بن شمس الدين الجزري، تقدم ذكره والده في المحمدين وذكر مملوكهم أيدمر المحيوي وسيأتي ذكر أخيه الأمير مجير الدين عبد العزيز.

انقطع وانعزل عن الدنيا بعد الرئاسة، وزهد في الدنيا وأقبل على الآخرة. وكان الملك الكامل بن العادل يعرف منه ذلك ويراه من أعظم وجوه الدول الذين تسفر عنهم حسان الممالك، وكان يأنس بمحاضرته ويحن إلى مجالسته. وأورد له نور الدين سعيد المغربي في كتاب المشرق في أخبار المشرق ونقلت ذلك من خطه: الطويل

لنا من سنا وجه المليحة مصـبـاح                      ومن لفظها در ومن ريقهـا راح

ومن شعرها ليل يضل عن الهـدى                      ومن فرقها خيط من الصبح وصاح وأورد له أيضا: المنسرح

عليه من شعره قميص دجا                      لكنه بالصباح مشـقـوق وأورد له يعارض أبا نواس في قوله: المديد

ما هوى إلا له سبب                      يبتدي منه وينشعب فقال:

لي حشا بالجمر يلتهـب                      من رشا في ثغره شنب

تيمت قلبي لـواحـظـه                      حين يبدو سحرها العجب

أجتلي من وجهه قمـرا                      بضياء الصبح ينتـقـب

فكأن الحـسـن فـي يده                      ملك حق ليس يستـلـب وأورد له: الكامل

سفر الحبيب مواجهي فحسبته                      بدرا وأين البدر من تمثالـه

وثنى معاطفه إلي تـمـايلا                      بذؤابة وصلت إلى خلخالـه وأورد له أيضا: السريع

أما ترى الصهباء قـد أقـبـلـت                      تتيه في معـجـرهـا الأبـيض

في مجلس حـفـت رياحـينـه                      وفيه ظبي هجره مـمـرضـي

وأوجه الـعـيش صـبـاح بـه                      ولذة الأفـراح لا تـنـقـضـي

يا خيل لهوي أنـت فـي سـاحة                      كري على الإخوان لي واركضي وأورد له ما كتبه إلى الملك الكامل وقد قصد بلاد عدو له دون أن يبلغ غرضه: البسيط:

لله لله هـذا الـورد والـصـدر                      وللعلى كل ما تأتي ومـا تـذر

ما غير الله أمرا كنت تعـهـده                      وإنما النصر عند الله مـدخـر

قد أخـرتـه لـك الأيام طـائعة                      عمدا ومقصودها أن يحلو الظفر  ?عماد الدين الجماعيلي

عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر، عماد الدين المقدسي الجماعيلي، ثم الصالح المقرئ الحنبلي المؤدب. ولد بجماعيل سنة ثلاث وسبعين ظنا، وتوفي سنة ثمان وخمسين وست مائة. وقدم دمشق وسمع، وكان له مكتب بالقصاعين، روى عنه الدمياطي وغيره.

أبو القاسم الموسوي النسابة

عبد الحميد بن فخار بن معد، الشيخ جلال الدين أبو القاسم الموسوي الحسيني الأديب النسابة، وفي سنة أربع وثمانين وست مائة، سمع عبد العزيز بن الأخضر وغيره ومات ببغداذ.

?ملك الموت

عبد الحميد بن عمر ابن أبي القاسم، العلامة نور الدين البصري العبدلياني، درس للحنابلة بالبشرية مدة، ثم درس بالمستنصرية بعد ابن عكبر. وله تصانيف منها: كتاب جامع العلوم في التفسير، وكب الحاوي في الفقه، وكتاب الكافي في شرح الخرقي، والشافي في المذهب وله طريقة في الخلاف. وكان يلقب بملك الموت، ومات ليلة عيد الفطر سنة أربع وثمانين وست مائة.

اليونيني الحنبلي

عبد الحميد بن عبد الرحمن بن رافع بن منهال بن عيسى، الفقيه الزاهد العابد حسام الدين اليونيني الحنبلي، مريد الشيخ إبراهيم البطائحي وفقي قرية عمسكا وخطيبها. شيخ صالح عالم عابد، دائم الذكر والصيام والمراقبة، قليل الكلام، روى عن إبراهيم بن ظفر، وسمع منه الشيخ شمس الدين. وتوفي سنة ثمان وتسعين وست مائة.

ابن الوزير المغربي

عبد الحميد بن الحسين بن علي بن الحسين بن محمد المغربي، أبو يحيى ابن الوزير أبي القاسم المغربي، تقدم ذكر والده، كان فاضلا أديبا يكتب مليحا، روى ببغداذ عن أبيه، وروى عنه أبو منصور العكبري، وفارس الذهلي. ومن شعره: الطويل

 

صفحة : 2553

 

 

لقيت من الدنيا أمورا ثـلاثة                      ولو كان منها واحد لكفانـيا

تكدر عيش المرء بعد صفائه                      وهجر خليل كان للفجر قاليا

وثالثة تنسي الأحاديث كلهـا                      ثقيل إذا أبعدت عنه أتـانـيا  أبو منصور المدائني

عبد الحميد بن محمد بن المبارك بن محمد بن محمد بن الخطيب، أبو المنصور المدائني كان قاضيها، وكان شابا أديبا فاضلا نزيها عفيفا مشكورا عند أهل بلده. توفي سنة ثمان وتسعين وخمس مائة. ومن شعره: السريع

إذا نهيت الوغد عن طبعه                      أتاك منه الزيغ والخلف

لا يصبر المرء على حالة                      كان له في ضدها إلـف

كدودة الخل إذا ألـقـيت                      في عسل بادرها الحتف  عبد الحميد الأنصاري

عبد الحميد بن منصور بن علي بن عبد الجبار الأنصاري. سمع من علي ابن عبد الواحد، وإسماعيل ابن أبي اليسر وغيرهما. وولد في سنة ست وخمسين وست مائة، وتوفي رحمه الله في ذي العقدة سنة تسع وعشرين وسبع مائة، وأجاز لي بخطه في هذه السنة التي توفي فيها.

عبد الحميد الكاتب

عبد الحميد بن يحيى بن سعد، أبو يحيى الكاتب مولى العلاء بن وهب العامري الأنباري. كان يعلم الصبيان وينتقل في البلدان، سكن الرقة وله بها عقب. كان من الكتاب الفضلاء البلغاء الذين يضرب بهم المثل في الكتابة، كان أوحد دهره بلغ مجموع رسائله نحوا من ألف ورقة، وأستاذه في الكتابة سالم مولى هشام بن عبد الملك.

تولى عبد الحميد الكتابة لمروان بن محمد بن مروان بن الحكم، آخر خلفاء الأمويين. لما قوي أمر بني العباس، قال مروان لعبد الحميد: إنا نجد في الكتاب أن هذا الأمر زائل عنا لا محالة، وسيضطر إليك هؤلاء القوم فصر إليهم فإني أرجو أن تتمكن منهم فتنفعني في مخلفي وفي كثير من أموري، فقال: وكيف لي بأن يعلم الناس جميعا أن هذا عن رأيك، وكلهم يقول أني غدرت بك وأني صرت إلى عدوك: الطويل

أسر وفـاء ثـم أظـهـر غـدرة                      فمن لي بعذر يوسع الناس ظاهره? ثم أنشد أيضا: الوافر

فلوم ظاهر لا شك فـيه                      للائمة وعذري بالمغيب فلما سمع ذلك مروان علم أنه لا يفعل، ثم قال عبد الحميد: إن الذي أمرتني به أنفع الأمرين لك وأقبحهما لي، ولك علي الصبر إلى أن يفتح الله عليك أو أقتل في جماعتك، ولكن دعني أكتب إلى أبي مسلم كتابا إن قرأه على نفسه جبنه وفزعه، وإن قرأه على جيشه فلله وفرقه، فكتب إليه طومارا حمل على بعير، فوصل الرسول إلى أبي مسلم وهو بالري فوضع الكتاب يبن يديه في سرادقه وجمع عساكره ووزراءه، فلما حضروا أمر بنار فأضرمت ثم قال لكاتبه: اقطع من رأس هذا الطومار قدر الراحة ثم قال اكتب إلى مروان جوابه. الطويل

محا السيف أسطار البلاغة وانتحت                      عليك صدور الخيل من كل جانب وسلم الجواب إلى الرسول ثم أمر بالطومار فوضع في النار ولم يقرأه ولا فضه. وقيل لعبد الحميد: ما الذي مكنك من البلاغة وخرجك فيها? قال: كلام الأصلع، يعني علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

وأهدى عامل لمروان غلاما أسود، فقال لعبد الحميد: اكتب إليه واذممه واختصر، فكتب: لو وجدت لونا شرا من السواد وعددا أقل من الواحد لأهديته. وعبد الحميد أول من أطال الرسائل واستعمل التحميدات في فصول الكتب، وقيل: إنه قتل مع مروان على بوصير سنة اثنتين وثلاثين ومائة وقيل أنه استخفى لما قتل مروان وكان بالجزيرة فغمز عليه فدفعه السفاح إلى عبد الجبار بن عبد الرحمن صاحب شرطته فكان يحمي له طستا ويضعه على رأسه إلى أن مات سنة أربع وثلاثين.

وكان يعقوب بن داود، وزير المهدي، كاتبا بين يدي عبد الحميد وعليه تحرج. وكان إسماعيل بن عبد الحميد من الكتاب الماهرين ورسالته _ أعني عبد الحميد _ إلى الكتاب مشهورة وهي التي أولها: أما بعد حفظكم الله، يا أهل هذه الصناعة. ومن شعر عبد الحميد: المتقارب.

 

ترحل ما ليس بالـقـافـل                      وأعقب ما ليس بـالآفـل

فلهفي من الخلف النـازل                      ولهفي من السلف الراحل

وأبكي على ذا وأبكي لـذا                      بكاء المولهة الـثـاكـل

تبكي من ابن لها قـاطـع                      وتبكي على ابن لها واصل

 

صفحة : 2554

 

وكان المنصور كثيرا ما يقول بعد إفضاء الأمر إليهم. غلبنا بنو مروان بثلاثة أشياء: بالحجاج، وعبد الحميد الكاتب، وبالمؤذن البعلبكي.

 

عبد الخالق

أبو محمد الحنفي

عبد الخالق بن أسد بن ثابت، أبو محمد الفقيه الدمشقي. تفقه على البلخي، وسمع الكثير من عبد الكريم بن حمزة الحداد، وأبي الحسن علي بن المسلم، وطاهر بن سهل الاسفراييني وغيرهم، ورحل في طلب الحديث وحدث به. وكان فاضلا أديبا شاعرا، وكان يدرس بالمدرسة الصادرية بباب البريد في دمشق، وتوفي سنة أربع وستين وخمس مائة، ومن شعره: البسيط

قل الحفاظ فذو العاهات محـتـرم                      والشهم ذو الفضل يؤذي مع سلامته

كالقوس يحفظ عمدا وهو ذو عـوج                      وينبذ السهم قصدا لاستـقـامـتـه  السيوري المالكي

عبد الخالق بن عبد الوارث، أبو القاسم السيوري المغربي المالكي، خاتمة شيوخ القيروان، كان آية في معرفة المذهب بل في معرفة مذاهب العلماء. توفي سنة ستين وأربع مائة.

أبو محمد الدمشقي

عبد الخالق بن طاهر بن عبد الله، أبو محمد الشاعر الدمشقي، توفي سنة أربع عشرة وست مائة بالديار المصرية. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني لنفسه بدمشق سنة تسع وتسعين وخمس مائة: الطويل

فؤادي لم يسكن وهم فيه سـكـان                      فعندهم قلب وعندي جـثـمـان

مررت على الأوطان عنهم مسائلا                      وقلبي لهم فيه ربـوع وأوطـان

سلام عليهم أين حلـوا فـإنـنـي                      أسير هواهم عبدهم أينما كانـوا

وكم رمت كتمان الهوى ما أطقته                      وكيف ودمع العين في الخد هتان قلت: أثبت القوصي القصيدة بكمالها وهي مطولة من هذا الأنموذج. وهو شعر نازل إلى الغاية.

أبو جعفر الحنبلي

عبد الخالق بن عيسى بن أحمد بن محمد بن عيسى بن أحمد بن موسى ابن محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب، أبو جعفر ابن أبي موسى الفقيه. إمام طائفة الحنابلة في زمانه بلا مدافعة. كان ورعا زاهدا مفننا عالما بأحكام القرآن والفرائض، دفن إلى جانب الإمام أحمد وختم على قبره نحو عشرة آلاف ختمة، وكان دفنه يوما مشهودا، وتوفي سنة سبعين وأربع مائة.

وكان قد انقطع إلى الزهد والعبادة وخشونة العيش والشدة والصلابة في مذهبه، حتى أفضى ذلك إلى مسارعة العوام إلى إيذاء الناس وإقامة الفتنة وسفك الدماء وسب العلماء وتكفير طوائف المسلمين، فأخذ وحبس إلى حين وفاته. وأراد العوام دفنه في قبر الإمام أحمد فقال لهم أبو محمد التميمي: لا يجوز دفنه فيه فإن بنت أحمد دفنت عند أبيها، فقال له بعض العوام: أسكت قد زوجناه بنت الإمام أحمد. ورويت له المنامات الصالحة. من ذلك أنه قيل له: ما فعل الله بك? فقال: لما وضعت في قبري رأيت فيه قبة من درة بيضاء لها ثلاثة أبواب وقائلا يقول: هذه لك أدخل من أي أبوابها شئت.

أبو محمد القرشي النحوي

عبد الخالق بن صالح بن علي بن زيدان بن أحمد، الشيخ الإمام أبو محمد ابن أبي التقى القرشي الأموي المسكي الأصل المصري الشافعي النحوي اللغوي. برع في اللغة وكتب الكثير بخطه، وكان مفيد القاهرة وتوفي سنة أربع عشرة وست مائة.

الحافظ النشتبري

عبد الخالق بن الأنجب بن المعمر بن الحسن، الفقيه الملقب بالحافظ أبو محمد ضياء الدين العراقي والنشتبري _ بنون بعدها شين معجمة وتاء ثالثة الحروف مفتوحة أو مكسورة وباء موحدة ساكنة وبعدها راء _ المارديني نزيل دنيسر وماردين. سمع ببغداذ من ابن شاتيل وغيره، وبمصر ودمشق. وكان فقيها عالما، ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مائة وتوفي سنة تسع وأربعين وست مائة. روى عنه الدمياطي، ومجد الدين ابن العديم، وابن الظاهري وجماعة.

أبو محمد بن علوان الشافعي

عبد الخالق بن عبد السلام بن سعيد بن علوان، القاضي الإمام تاج الدين أبو محمد المعري الأصل البعلبكي الشافعي الأديب، ولد سنة ثلاث وست مائة وتوفي سنة ست وتسعين وست مائة.

 

 

صفحة : 2555

 

حدث عن الشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والمجد القزويني، والكاشغري والعز بن رواحة، والتقي أبي أحمد علي بن واصل البصري، وأحمد بن هشام الليلي، والزكي أبي عبد الله البرزالي وجماعة،، وأجاز له الكندي. وروى الكثير وتفرد في زمانه ورجل إليه، وحدث بسنن ابن ماجة بدمشق، وسمعه منه شمس الدين الذهبي وأكثر عنه، وهو من جلة شيوخه. ولي قضاء بعلبك وحمدت سيرته، وكان صاحب أوراد وتهجد وبكاء من خشية الله، ودرس بالأمينية وهو ابن نيف وتسعين سنة، وحدث عنه أبو الحسين اليونيني والمزي. ومن شعره:  ابن أبي حاتم

عبد الخالق بن أبي حاتم. قال ابن رشيق في الأنموذج: كان شاعرا مشهورا، وكان مقصرا عند نفسه لا يتعاطى الدخول بين الحذاق _ على أنه مجود _ تواضعا وبعد همة في الشعر لا يكاد يرضى عن جيد نفسه، ولم تكن له بديهة بل كان شديد التعب والمعالجة إذا أراد الصنعة. وأورد له: الطويل:

جناح سلوي عـن هـواك مـهـيض                      وما لي بما حملت منـك نـهـوض

وكيف وبي في القرب ما بي في النوى                      وجسمي من اللحظ المريض مريض

يغيض اصطباري عنك والنفس كلمـا                      تذكرت أشجانـي تـكـاد تـفـيض قلت: شعر يظهر أثر الكلفة عليه. وتوفي سنة عشرين وأربع مائة.

ابن الفكاه

عبد الخالق بن إبراهيم القرشي المعروف بابن الفكاه. قال ابن رشيق: شاعر بارع ذكي الخاطر حسن الطريقة يضرب في كل علم بقدح، ويرجع من كل طريق بربح. وأورد له: الطويل

وقالوا ظلام الليل ستر لذي الهوى                      إذا قاده الشوق المبـرح عـاش

فما لي إذا ما جن أيقظ يا فـتـى                      كأن علي اللـيل مـقـلة واش وأورد له أيضا: الطويل

على الضيم أو فاحلل عقال الركائب                      وللذل أو فاحلل صدور الكـتـائب

فإما حياة تـحـت إدراك مـنـية                      وإما منايا تحت عز القـواضـب

فما العيش في ظل الهوان بطـيب                      وما الموت في سبل العلاء بعائب قلت: شعر جيد.

 

عبد الدائم

ابن عبد الدائم الحنبلي

ابن عبد الدائم الحنبلي اسمه أحمد بن عبد الدائم، وابنه أبو بكر بن أحمد.

 

عبد ربه

عبد ربه بن سعيد

عبد ربه بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري المدني، أخو يحيى وسعد. توفي في حدود الأربعين ومائة وروى له الجماعة.

 

عبد الرب

أبو عبد الرب الدمشقي

أبو عبد الرب الدمشقي الزاهد، مولى رومي قسطنطيني. روى عنه فضالة بن عبيد، ومعاوية، وأويس القرني. خرج عن عشرة آلاف دينار لله تعالى، وكان يختار الفقر على الغنى. وتوفي سنة إحدى عشرة ومائة، وروى له ابن ماجة.

 

عبد الرحمن

ابن أم برثن

عبد الرحمن بن آدم البصري، صاحب السقاية. توفي في حدود التسعين للهجرة، وروى له مسلم وأبو داود.

دحيم اليتيم

عبد الرحمن بن إبراهيم بن عمرو بن ميمون الأموي مولى آل عثمان الحافظ الدمشقي. توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.

ابن أبي طاهر طيفور

عبد الرحمن بن إبراهيم بن أبي طاهر بن إبراهيم بن طيفور البغداذي، كان يتولى الخطابة بصرصر، وكان مالكي المذهب. سمع أبا القاسم هبة الله ابن الحسين، وحدث باليسير، وكان شيخا صالحا ورعا متدينا، توفي سنة سبعين وخمس مائة.

أبو محمد المقدسي

عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن منصور، الإمام بهاء الدين أبو محمد المقدسي الحنبلي. ولد بقرية الساويا بالأرض المقدسة سنة خمس أو ست وخمسين وخمس مائة، وكان أبوه يؤم بأهلها، وهي من عمل نابلس، وأمه ست النظر بنت أبي المكارم. هاجر به أبوه نحو دمشق سرا وخيفة من الفرنج، ثم سافر به إلى مصر وسمع بالبلاد.

قال: قرأت القرآن في ستة أشهر وصليت التراويح بهم، وتوجه إلى بغداذ، وسمع بالموصل، وروى الكثير ببعلبك ونابلس ودمشق، واشتغل على ابن المني، وكان فقيها مناظرا، وكتب الكثير بخطه، وأقام بنابلس بعد الفتوح سنين كثيرة وشرح كتاب المقنع وكتاب العمدة، لموفق الدين، وروى عنه جماعة وانقطع بموته حديث كثير. وتوفي سنة أربع وعشرين وست مائة.

أبو محمد الفزاري

 

 

صفحة : 2556

 

عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع بن ضياء، العلامة الإمام مفتي الإسلام فقيه الشام تاج الدين أبو محمد الفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الشافعي الفركاح.

ولد في شهر ربيع الأول سنة أربع وعشرين وست مائة، وتوفي سنة تسعين وست مائة. وسمع البخاري من ابن الزبيدي، وسمع من ابن ناسويه، وابن المنجا، وابن اللتي، ومكرم بن أبي الصقر، وابن الصلاح، والسخاوي، وتاج الدين ابن حمويه، والزين أحمد بن عبد الملك، وخرج له البرزالي عشرة أجزاء صغار عن مائة نفس، وسمع منه ولده الشيخ برهان الدين، وابن تيمية، والمزي، والقاضي ابن صصرى، وكمال الدين الزملكاني، وابن العطار، وكمال الدين الشهبي، والمجد الصيرفي، وأبو الحسن الختني، والشمس محمد بن رافع الرجبي، وعلاء الدين المقدسي، والشرف بن سيدة، وزكي الدين زكري.

وخرج من تحت يده جماعة من القضاة والمدرسين والمفتيين، ودرس وناظر وصنف، وانتهت إليه رئاسة المذهب، كما انتهت إلى ولده، وكان لطيف الحية، قصيرا أسمر حلو الصورة، ظاهر الدم، مفركح الساقين بهما حنف ما، وكان يركب البغلة ويحف به أصحابه ويخرج معهم إلى الأماكن النزهة ويباسطهم ويحضر المغاني، وله في النفوس صورة عظيمة لدينه وعلمه وتواضع وخيره ولطفه، وكان مفرط الكرم، وله تصانيف تدل على محله من العلم وتبحره، وكانت له يد في النظم والنثر.

تفقه في صغره على الشيخ عز الدين بن عبد السلام. والشيخ تقي الدين ابن الصلاح، وبرع في المذهب وهو شاب، وجلس للاشتغال وله بضع وعشرون سنة، ودرس سنة ثمان وأربعين، وكتب في الفتاوى وقد كمل الثلاثين. ولما قدم النووي من بلده أحضروه ليشتغل عليه، فحمل همه وبعث به إلى مدرس الرواحية ليصح له بها بيت ويرتفق بمعلومها، وكانت الفتاوى تأتيه من الأقطار، وإذا سافر إلى زيارة القدس ترامى أهل البر على ضيافاته. وكان أكبر من الشيخ محيي الدين النووي بسبع سنين، وهو أفقه نفسا وأذى وأقوى مناظرة من الشيخ محيي الدين بكثير، وقيل إنه كان يقول: أيش قال النووي في مزيلته _ يعني الروضة _ وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يسميه الدويك لحسن بحثه.

وقرأ عليه ولده برهان الدين، وكمال الدين ابن الزملكاني، وكمال الدين الشهبي، وزكي الدين زكري، وكان قليل المعلوم كثير البركة، لم يكن له إلا تدريس الباذرائية مع ما له على المصالح. دفن بمقابر باب الصغير وشيعه الخلق وتأسفوا عليه، عاش ستا وستين سنة وثلاثة أشهر. وله الإقليذ في شرح التنبيه وهو جيد، وكشف القناع في حل السماع، وله شرح الوسيط في نحو عشرة أسفار، ومن شعره لما انجفل الناس سنة ثمان وخمسين: البسيط

لله أيام جمع الشمل ما بـرحـت                      بها الحوادث حتى أصبحت سمرا

ومبتدا الحزن من تاريخ مسألتـي                      عنكم فلم ألق لا عينا ولا خبـرا

يا راحلين قدرتم فالنجـاء لـكـم                      ونحن للعجز لا نستعجز القـدرا ومنه: الخفيف

يا كريم الآباء والأجـداد                      وسعيد الإصدار والإيراد

كنت سعدا لنا بوعد كريم                      لا تكن في وفاته كسعاد وكتب الشيخ تاج الدين إلى زين الدين عبد الملك بن العجمي ملغزا في اسم بيدرا: البسيط

يا سـيدا مـلأ الآفـاق قـاطــبة                      بكل فن من الألغاز مـبـتـكـر

ما اسم مسماه بدر وهو مشتـمـل                      عليه في اللفظ إن حققت في النظر

وإن تكن مسقطا ثانية مقـتـصـرا                      عليه في الحذف أضحى واحد البدر فكتب الجواب: البسيط

يا أيها العالم الحبر الـذي شـهـدت                      له فضائله في البدو والـحـضـر

مقلوب خمسي مسمى أنت ملـغـزه                      يطوف ظاهره نعتا على البـشـر

وما بقي منه وحشي مـصـحـفـه                      من بعد قلب بعكس عند ذي البصر

هذا اسم من صار سلطان الملاح وقد                      جلاه وصفك إذ حـلـوه بـالـدرر ومن شعر الشيخ تاج الدين:

ما أطيب ما كنت من الوجد لقـيت                      إذ أصبح بالحبيب صبـا وأبـيت

واليوم صحا قلبي من سـكـرتـه                      ما أعرف في الغرام من أين أتيت  ابن أبي عمر المقدسي

 

 

صفحة : 2557

 

عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي عمر المقدسي، سمع من ابن عبد الدائم وأجاز لي بخطه في سنة تسع وعشرين وسبع مائة بدمشق.

عبد الرحمن بن أبي أبزى

عبد الرحمن بن أبي أبزى، مولى نافع بن عبد الحارث. له صحبة ورواية. توفي في حدود الثمانين، وروى له الجماعة.

أبو سليمان الداراني

عبد الرحمن بن أحمد السيد القدوة أبو سليمان الداراني العنسي _ بالنون _ أصله واسطي. قال محمد بن خريم العقيلي: سمعت أحمد بن أبي الحواري يقول: تمنيت أن أرى أبا سليمان الداراني في المنام، فرأيته بعد سنة فقلت له: يا معلم ما فعل الله بك? قال: يا أحمد دخلت من باب الصغير فلقيت وسق شيح فأخذت منه عودا فلا ادري تخللت به أم رميت به فأنا في حسابه من سنة. مات سنة خمس وعشرين ومائتين أو خمس عشرة وهو الصحيح.

نجم الدين الشيرازي

عبد الرحمن بن أحمد بن القاضي شمس الدين أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن يحيى بن جميل، الصدر نجم الدين أبو بكر ابن القاضي تاج الدين الشيرازي الدمشقي، من بيت الرواية والعلم والرئاسة. روى عن عمر بن طبرزد، وتاج الدين الكندي، وداود بن ملاعب، وابن الحرستاني وغيرهم. وروى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار، والمجد بن الصيرفي وجماعة، وكان من أعيان الشهود. وتوفي سنة ثلاث وسبعين وست مائة.

أبو الفضل العجلي

عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار، أبو الفضل العجلي الرازي المقرئ الزاهد الإمام. كان فاضلا كثير التصنيف، عارفا بالقراءات والأدب والنحو، وله شعر. وتوفي سنة أربع وخمسين وأربع مائة بنيسابور، ومن شعره: السريع

يا موت ما أجفاك من زائر                      تنزل بالمرء على رغمه

وتأخذ العذراء من خدرها                      وتسلب الواحد مـن أمـه ومنه: الطويل

طوى الدهر أترابي فبادوا جميعهم                      وما أحد مـنـهـم إلـيه يؤوب

ومن رزق العمر الطويل تصيبه                      مصائب في أشكالـه وتـنـوب

إذا ما مضى القرن الذي أنت فيهم                      وخلفت في قرن فأنت غـريب

وإن امرءا قد سار سبعين حـجة                      إلى منهل مـن ورده لـقـريب  كمال الدين ابن الفاقوسي

عبد الرحمن بن أحمد بن عباس بن أحمد بن بشر، كمال الدين أبو الفرج المصري الدمشقي المعروف بابن الفاقوسي إمام المدرسة المجاهدية. روى عن ابن الحرستاني، وابن ملاعب، وابن البن، وروى عنه البرزالي والمزي وابن تيمية، وكان فيه نباهة وخطه مليح. وتوفي عن خمس وسبعين سنة في سنة اثنتين وثمانين وست مائة. ومن شعره:  ابن بقي بن مخلد

عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد، أبو الحسن القرطبي، سمع وروى وكان ثقة ضابطا بليغا وقورا، قال ابن الفرضي: أخبرني من سمع عنه يقول: الإجازة عندي وعند أبي وعند جدي كالسماع. وتوفي سنة ست وستين وثلاث مائة.

أبو حبيب المغربي

عبد الرحمن بن أحمد، أبو حبيب قال ابن رشيق في الأنموذج: ولد بالمحمدية وتأدب بالأندلس، دخلها صغيرا مع أبيه. وكان من صالحي الأمة وعبادها وزهادها. ترك التجارة لشيء اطلع عليه من شريك كان له فتبرأ له من جميع ما في يديه. وخرج فقيرا إلى الأندلس غازيا. ولم يخف حاله هناك وسكن الثغر مرابطا حتى قبض. ولم يزل ولده أبو حبيب هكذا يخالط أشراف الناس وأهل الأقدار حتى برز في الأدب وصناعة الشعر وعلم الشرع. فصار صدرا مذكورا في كل واحد منها يصلح للفتوى. ومن شعره: الكامل

أضحى عذولي فيه من عشاقه                      لما بدا كالبدر في إشـراقـه

وغدا يلوم ولومه لـي غـيرة                      منه عليه ليس من إشفـاقـه قلت من هنا أخذ ابن الخيمي قوله: الرمل

ما عذولي قط إلا عاشـق                      ستر الغيرة بالعذل وداجى رجع إلى تمام شعر أبي حبيب: الكامل

قمر تنافست الجوانح والصبا                      في حبه لتفوز عند عناقـه

في خده نور تفـتـح ورده                      ألحاظه منعته من عشاقـه ومنها:

عرض الوصال وظل يعرض دونه                      وتخلق المعسول مـن أخـلاقـه

وغدا محاق البدر موعـد بـينـه                      ورحيله فمحقت قبل مـحـاقـه ومنه: الطويل

 

صفحة : 2558

 

 

وإني على شوقي إلـيه وصـبـوتـي                      أغار عليه في دجى الليل إذ يسـري

فبت ودمعي مزج فـيض دمـوعـه                      أقبل ما بين الـتـرائب والـنـحـر

إذا هم أن يمضي جذبـت بـثـوبـه                      وأطبقت من خوف على مقلتي شفري

وكم ليلة هانـت عـلـي ذنـوبـهـا                      بما بات يرويني من الريق والخمـر

أقبل منه الـورد فـي غـير حـينـه                      وألثم بدر التـم فـي غـيبة الـبـدر

إلى أن بدا نور التبلـج فـي الـدجـا                      كنور جبين لاح في ظلمة الشـعـر

وهب نسيم لـلـصـبـاح كـأنـمـا                      يهب بريح المسك أو خالص العطـر

وقد نبه الساقي النـدامـى لـقـهـوة                      كشعلة مصباح خلا أنهـا تـجـري ومنه: البسيط

مجرى جفوني دماء وهو ناظرها                      ومتلف القلب وجدا وهو مرتعه

إذا بدا حال دمعـي دون رؤيتـه                      يغار مني عليه فهو بـرقـعـه قلت: ولي في مثل هذا المعنى: الوافر

سألتهم وقد عزم التـنـائي                      قفوا نفسا علي فما أجابوا

ولم أرهم وقد زموا المطايا                      بأن الدمع في عيني حجاب ولي مثله أيضا: البسيط

هم نور عيني وإن كانت لبـعـدهـم                      أيام عيشي سودا كلـهـا عـطـب

أن يحضروا فالبكا غطى على بصري                      فهم حضور وفي المعنى هم غـيب  أبو المطرف بن بشر القرطبي

عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد بن محمد بن بشر بن غرسيه، أبو المطرف القرطبي قاضي الجماعة ابن الحصار مولى ابن فطيس. روى عن أبيه وتفقه به، وكان من أهل العلم والتفنن والذكاء، وكان لا يفتح على نفسه باب رواية ولا مدارسة.

قال ابن بشكوال: سمعت أبا محمد ابن عتاب حدثنا أبي مرارا قال: كنت أرى القاضي ابن بشر في المنام بعد موته في هيئته وهو مقبل من داره، فأسلم عليه وأدري أنه ميت، وأسأله عن حاله وعما صار إليه? فكان يقول لي: إلى خير ويسر بعد شدة، فكنت أقول له: وما تذكر من فضل العلم? وكان يقول لي: ليس هذا العلم، يشير إلى علم الرأي، ويذهب إلى أن الذي انتفع به من ذلك ما كان عنده من علم كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ابن حزم في آخر كتاب الإجماع: ما لقيت في المناظرة أشد إنصافا منه. توفي سنة اثنتين وعشرين وأربع مائة ولم يأت بعده قاض مثله.

أبو الفرج السرخسي الزاز

عبد الرحمن بن أحمد بن محمد، الأستاذ أبو الفرج السرخسي الفقيه الشافعي المعروف بالزاز. كان أحد من يضرب به المثل في حفظ المذهب، وهو رئيس الشافعية بمرو، تفقه على القاضي حسين، وله مصنف سماه الإملاء انتشر في الأقطار. توفي سنة أربع وتسعين وأربع مائة.

أبو نصر النيسابوري

عبد الرحمن بن أحمد بن سهل بن محمد بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن حمدان ابن محمد السراج، أبو نصر بن أبي بكر من أهل نيسابور من بيت العلم والدين. وكان والده من كبار الأئمة الفقهاء. تفقه أبو نصر هذا على أبي المعالي الجويني، ولازمه حتى برع في الفقه وصار من خواص أصحابه والمعيدين لدرسه، وجرى على منوال أسلافه في الدين والورع وقلة المخالطة لأبناء الدنيا وملازمة طريق السلف، سمع والده وسعيد بن محمد بن أحمد البحيري ومحمد بن عبد الرحمن الجترزوذي وغيرهم، وقدم بغداذ حاجا وحدث بها، وتوفي سنة ثمان عشرة وخمس مائة.

أبو طاهر الساوي

عبد الرحمن بن أحمد بن علك ، بتشديد اللام بعد العين المهملة وآخره كاف، ابن دات، بالدال المهملة وبعد الألف تاء ثالثة الحروف، الساوي، أبو طاهر الفقيه الشافعي. كان والده من أهل ساوة، وكان والده أمير الحاج، سمع بسمرقند من طاهر بن عبد الله الإيلافي، والحاكم أبي عمرو عبد العزيز بن محمد القنطري المروزي، وعبد الله بن محمد الفارسي وغيرهم، توفي سنة أربع وثمانين وأربع مائة وشيع جنازته نظام الملك وجمع من الأكابر. ودفن عند قبر الشيخ أبي إسحاق الشيرازي. ورؤي الشيخ أبو إسحاق في الليلة التي دفن أبو طاهر بجانبه كأنه خرج من قبره وقعد على شفير القبر وهو يحرك إصبعه المسبحة ويقول: يا بني الأتراك يا بني الأتراك كأنه يستغيث من جواره.

أبو النجيب التغلبي

 

 

صفحة : 2559

 

عبد الرحمن بن أحمد بن المفرج بن درع بن الخضر بن حسن بن حامد، أبو النجيب ابن أبي العباس التغلبي التكريتي. ولد سنة سبع وثلاثين وخمس مائة وتوفي سنة ست وسبعين وخمس مائة. قرأ القرآن على والده والتفسير والوعظ والعربية، وصار يعظ الناس على الكرسي، وقوي فهمه واحتد خاطره وسافر إلى بغداذ وتفقه على يوسف الدمشقي بالنظامية، وعلى ابن الخل، وأتقن المذهب والخلاف والجدل وناظر الأئمة وتكلم في مسائل الخلاف، ومدح شيخه الدمشقي بأبيات منها: الخفيف

هل زماني بالأجرعين يعود                      أم هل الدهر بالحبيب يجود

أم هل الشمل شامل بعد نأي                      فبري مكمدا بذاك الحسود منها:

بحر بر بالمكر مات مـحـيط                      فسماء السماح منـه تـجـود

لو سرى روح راحتيه إلى الجل                      مد حقا لأعشب الجـلـمـود

كفه في العطاء بحر وفي البـأ                      س دم تقشعر منه الـجـلـود ثم إنه عاد إلى تكريت وأقام مدة. وتوجه إلى الموصل وتكلم عند فضلاء بها، وندب للتدريس بماردين، وبنت له أخت شاه أرمن إبراهيم بن أحمد بن سكان مدرسة فدرس بها مدة، ثم عاد إلى تكريت وولي القضاء بها إلى أن توفي في التاريخ المذكور.

أبو الفرج عبد الرحمن المقدسي

عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الملك بن عثمان، الشيخ شمس الدين أبو الفرج المقدسي الحنبلي، ولد في ذي القعدة سنة ست وست مائة وتوفي سنة تسع وثمانين وست مائة. سمع حضورا من عبد الجليل بن مندويه، ومن الكندي، وابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله ابن البناء، وأبي الفتوح ابن الحرستاني، وداود بن ملاعب، وأبي عبد الله ابن البناء، وأبي الفتوح ابن الجلاجلي، وموسى بن عبد القادر، والشيخ الموفق، وابن راجح، وابن البن، وابن أبي لقمة وطائفة. ورحل هو والسيف بن المجد، والتقي بن الواسطي، وسمعوا ببغداذ من الفتح بن عبد السلام وأبي الحسن ابن بو زيدان وغيرهما، وأجاز له جماعة.

وكان فقيها صالحا ثقة نبيلا عابدا مهيبا متيقظا واسع الرواية على الإسناد، تفرد ببعض مروياته وسمع منه خلق منهم: ابن الخباز وأبو الحسن الموصلي وابن العطار وشمس الدين بن مسلم وابن تيمية والمزي والبرزالي وابن المهندس، وأجاز الشيخ شمس الدين مروياته.

ابن يونس الصدفي

عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي المصري الحافظ المؤرخ، أبو سعيد مؤرخ مصر. ولد سنة إحدى وثمانين ومائتين وتوفي سنة سبع وأربعين وثلاث مائة. ولم يرحل، ولكن كان إماما في فن التاريخ، روى عنه ابن مندة وأبو محمد ابن النحاس وعبد الواحد بن محمد البلخي وجماعة من الرحالة والمغاربة، وله كلام في الجرح والتعديل يدل على بصره بالرجال ومعرفته بالعلل.

وعمل لمصر تاريخين: أحدهما _ وهو الأكبر _ يختص بالمصريين والآخر _ وهو صغير _ يختص بذكر الغرباء الواردين على مصر، وقد ذيلهما أبو القاسم يحيى بن علي الحضرمي وبنى عليهما. وهذا أبو سعيد هو حفيد يونس بن عبد الأعلى صاحب الإمام الشافعي.

ولما مات أبو سعيد المذكور رثاه أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله الخولاني الخشاب النحوي العروضي بقوله: البسيط

بثثت علمك تشـريقـا وتـغـريبـا                      وعدت بعد لذيذ العـيش مـنـدوبـا

أبا سعيد وما نـألـوك إن نـشـرت                      عنك الدواوين تصديقا وتـصـويبـا

ما زلت تلهج بالتـاريخ تـكـتـبـه                      حتى رأيناك في التاريخ مكـتـوبـا

أرخت موتك في ذكري وفي صحفي                      لمن يؤرخه إذ كنت مـحـسـوبـا

نشرت عن مصر من سكانها علمـا                      مبجلا لجمال القوم مـنـصـوبـا

كشفت عن فخرهم للناس ما سجعت                      ورق الحمام على الأغصان تطريبا

أعربت عن عرب نخبت عن نحـب                      سارت مناقبهم في الناس تنـقـيبـا

أنشرت ميتتهم حـيا بـنـسـبـتـه                      حتى كأن لم يمت إذ كان منسـوبـا

إن المكارم لـلإحـسـان مـوجـبة                      وفيك قد ركبت يا عبـد تـركـيبـا

حجبت عنا وما الدنيا بـمـظـهـرة                      شخصا وإن جل إلا عاد محجـوبـا

كذلك الموت لا يبقي عـلـى أحـد                      مدى الليالي من الأحباب محبـوبـا

 

صفحة : 2560

 

قوله: ما زلت تلهج بالتاريخ تكتبه، البيت مأخوذ من خبر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو أنه كان رجل مجنون في زمانه يمشي أمام الجنائز وينادي: الرحيل الرحيل، لا تكاد جنازة تخلو منه، فمرت يوما جنازة بعلي ابن أبي طالب ولم يره أمامها ولم يسمع نداءه فسأل عنه فقيل له: هو هذا الميت فقال: لا إله إلا الله. الكامل

ما زال يصرخ بالرحيل مناديا                      حتى أناخ ببابه الـجـمـال وقال الأصمعي: حدثني أبي قال: رأيت رجلا على قصر أويس أيام الطاعون وبيده كوز يعد الموتى فيه بالحصى، فعد في أول يوم ثمانين ألفا. ثم عد في اليوم الثاني مائة ألف، فمر قوم بميتهم فرأوه ثم رجعوا فرأوا على الكوز رجلا غيره، فسألوا عنه فقال: وقع في الكوز. ومثل هذا قول التهامي: الكامل

حكم المنية في البرية جـار                      ما هذه الدنيا بـدار قـرار

بينا يرى الإنسان فيها مخبرا                      حتى يرى خبرا من الأخبار  ابن العجوز

عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن الكتامي، الفقيه المالكي أبو عبد الرحمن السبتي، يعرف بابن العجوز. إليه كانت الرحلة بالمغرب وعليه مدار الفتوى وفي عقبه نجباء.

ابن عجب

عبد الرحمن بن أحمد بن سعيد، أبو المطرف البكري، عرف بابن عجب، الحافظ لمذهب مالك. توفي سنة أربع وأربع مائة.

عبد الرحمن بن أرطاة

عبد الرحمن بن أرطاة، وقيل ابن سيحان بن أرطاة بن سيحان ينتهي إلى مضر بن نزار. هو شاعر مقل إسلامي ليس من الفحول المشهورين ولكنه يقول في الغزل والفخر والشراب، وهو أحد المعاقرين للشراب المحدودين فيه. وكان مع بني أمية كواحد منهم، إلا أنه اختص بآل أبي سفيان وآل عثمان. وكان ينادم الوليد بن عثمان فأصابه ذات يوم خمار، فذهب لسانه، وسكنت أطرافه وصرخ أهله عليه، فجاءه الوليد فزعا، فلما رآه قال: أخي مخمور ورب الكعبة، ثم أمر غلامه فأتاه بشراب من منزله فأمر به فأسخن وسقاه إياه وقيأه، وصنع له حساء وجعل على رأسه دهنا، وجعل رجليه في ماء سخن، فما لبث أن انطلق وذهب ما كان به، فقال يذكر تلك الإداوة التي أحضر له فيها الشراب: الكامل

حنت إلى برق فقلت لها قـري                      بعض الحنين فإن شجوك شائقي

بأبي الوليد وأم نفسي كـلـمـا                      بدت النجوم وذر قرن الشـارق

أثوى فأكرم في الثواء وقضـيت                      حاجاتنا من عند أورع بـاسـق

كم عنده من نـائل وسـمـاحة                      وفضائل مـعـدودة وخـلائق

وكرامة للمعتفين إذا اعتـفـوا                      في ماله حقا وقـول صـادق

لا تبـعـدن إداوة مـطـروحة                      كانت حديثا للشراب العـاتـق  الزجاجي

عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي، أبو القاسم الزجاجي النحوي صاحب الجمل. أصله من صيمر، نزل بغداذ ولزم أبا إسحاق الزجاج حتى برع في النحو، ثم نزل حلب ثم دمشق. وأملى عن محمد بن العباس اليزيدي، وعلي بن سليمان الأخفش، وابن دريد وغيرهم.

وصنف الجمل بمكة وكان إذا فرغ الباب طاف به أسبوعا ودعا بالمغفرة. وللنحاة عليه مؤاخذات معروفة في هذا الكتاب، والجزولية حواش عليه. وتوفي سنة أربعين وثلاث مائة. وله كتاب الإيضاح في النحو، وشرح خطبة أدب الكاتب، والمخترع في القوافي، والكافي في النحو، وكتاب اللامات كبير، وشرح كتاب الألف واللام للمازني، في النحو، وله آمال حسنة جامعة لفنون الأدب من النحو واللغة والأشعار والأخبار.

أبو القاسم الأزدي

عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الرحمن، أبو القاسم الأزدي ابن الحداد التونسي شارح الشاطبية. كان قد رحل وسمعها من الناظم، وتلا عليه بالسبع. سمع ابن بقي وجماعة، ودخل الأندلس وبها لقيه ابن مسدي، وتوفي سنة ست وعشرين وست مائة أو سنة خمس وعشرين وهو الصحيح.

أبو شامة المقدسي

 

 

صفحة : 2561

 

عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان، الإمام العلامة ذو الفنون شهاب الدين أبو القاسم المقدسي الأصل الدمشقي الشافعي الفقيه المقرئ النحوي أبو شامة. ولد سنة تسع وتسعين بدمشق في أحد الربيعين وتوفي سنة خمس وستين وست مائة. وقرأ القرآن وله دون العشر، وقرأ القراءات كلها سنة ست عشرة على الشيخ علم الدين السخاوي. وسمع بالإسكندرية من أبي القاسم عيسى بن عبد العزيز وغيره، وحصل له سنة بضع وثلاثين عناية بالحديث، وسمع أولاده، وقرأ بنفسه، وكتب الكثير من العلوم وأتقن الفقه ودرس وأفتى، وبرع في العربية وصنف شرحا نفيسا للشاطبية، واختصر تاريخ دمشق مرتين: الأولى في خمسة عشر مجلدا، والثانية في خمسة، وشرح القصائد النبوية للسخاوي في مجلد، وله كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية، وكتاب الذيل عليها، وكتاب شرح الحديث المقتفى في مبعث المصطفى، وكتاب ضوء القمر الساري إلى معرفة الباري، والمحقق في علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول، وكتاب البسملة الأكبر في مجلد، والباعث على إنكار البدع والحوادث، وكتاب السواك، وكشف حال بني عبيد، والأصول من الأصول، ومفردات القراء، ومقدمة نحو، ونظم المفصل للزمخشري، وشيوخ البيهقي، وله غير ذلك، وأكثرها لم يفرغها.

وذكر أنه حصل له الشيب وله خمس وعشرون سنة، وولي مشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية، ومشيخة دار الحديث الأشرفية، وكان متواضعا مطرحا للتكلف. أخذ عنه القراءات الشيخ شهاب الدين حسين الكفري، والشهاب أحمد اللبان، وزين الدين أبو بكر بن يوسف المزي وجماعة، وقرأ عليه شرح الشاطبية الشيخ شرف الدين الفزاري الخطيب. دخل عليه اثنان جبليان إلى بيته الذي بآخر المعمور من حكر طواحين الأشنان في صورة فتيا، فضرباه ضربا مبرحا كاد يتلف منه، ولم يدر به أحد ولا أغاثه، وتوفي في تاسع عشر رمضان ودفن بباب الفراديس.

قال رحمه الله: جرت لي محنة بداري بطواحين الأشنان فألهم الله الصبر ولطف، وقيل لي: اجتمع بولاة الأمر فقلت: أنا قد فوضت أمري إلى الله وهو يكفينا. وقلت في ذلك: السريع

قلت لمن قال أما تشتـكـي                      ما قد جرى فهو عظيم جليل

يقيض الله تـعـالـى لـنـا                      من يأخذ الحق ويشفي الغليل

إذا توكلنـا عـلـيه كـفـى                      وحسبنا الله ونعم الـوكـيل ومن شعره ضابط في السبعة الذين يظلهم الله يوم لا ظل إلا ظله: الطويل

إمام محب نـاشـئ مـتـصـدق                      وباك مصل خائف سطوة البـاس

يظلهم الله الـجـلـيل بـظـلـه                      إذا كان يوم العرض لا ظل للناس

أشرت بألفـاظ تـدل عـلـيهـم                      فيذكرهم بالنظم من بعضهم ناس وقال أيضا: الطويل

وقال النبي المصطفى إن سبعة                      يظلهم الله العظيم بـظـلـه

محب عفيف ناشئ متـصـدق                      وباك مصل والإمام بعـدلـه ولما تولى دار الحديث الأشرفية مكان القاضي عماد الدين عبد الكريم ابن القاضي جمال الدين بن الحرستاني بعد موته في تاسع عشرين جمادى الأولى سنة اثنتين وستين وست مائة، حضر درسه قاضي القضاة شمس الدين ابن خلكان والأعيان على العادة، وذكر من أول تصنيفه في كتاب المبعث الخطبة والحديث والكلام على سنده ومتنه، فقال بعض الشعراء في ذلك: الكامل

العلم والمعلوم قـد أدركـتـه                      وسماعك البحر المحيط بمحدث

وبعثت في دار الحديث بمعجز                      وأبان عنه لك افتتاح المبعـث

مكثت له الألباب طائعه النـدى                      والحسن من طرب به لم يمكث وقد نظم الشيخ شهاب الدين أبو شامة رحمه الله تعالى قصيدة تناهز الأربعين بيتا في زوجته فسمج عفا الله عنه فيها ما شاء وبرد رحمه الله ما أراد، أولها: الطويل

تزوجت مـن أولاد دنـو عـقـيلة                      بها من خصال الخير ما حير العقلا

مكملة الأوصاف خلقـا وخـلـقة                      فأهلا بها أهلا وسهلا بها سـهـلا

ولـود ودود حـرة قـرشـــية                      مخدرة من حسنها تكرم البـعـلا منها:

مطـرزة خـطـالة ذهـبـــية                      مفصلة خياطة تحـكـم الـغـزلا

تنقل في الأشغـال مـن ذا وذا وذا                      وتفعل حتى الكنس والطبخ والغسلا

 

صفحة : 2562

 

وضاح اليمن

عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد كلال الحميري الخولاني، المعروف بوضاح اليمن. قيل: هو من الفرس الذين قدموا اليمن مع وهرز لنصرة سيف ابن ذي يزن على الحبشة. وكان من حسنه يتقنع في المواسم مخافة العين، وكان يهوى امرأة من اليمن اسمها روضة ويشبب بها. فمن ذلك قوله: السريع

قالت ألا لا تلجـا دارنـا                      إن أبانـا رجـل غـاير

قلت فإني طالـب غـرة                      وإن سيفي صارم باتـر

قالت فإن القصر من دوننا                      قلت فإني فوقـه طـائر

قالت فإن البحر من دوننا                      قلت فإني سابح مـاهـر

قالت فحولي إخوة سبـعة                      قلت فإني لـهـم حـاذر

قالت فليث رابض دوننـا                      قلت فإني أسد عـاقـر

قالت فإن الله من فوقـنـا                      قلت فربي راحم غافـر

قالت فقد أعييتنـا حـجة                      فأت إذا ما هجع السامر

واسقط علينا كسقوط الندى                      ليلة لا نـاه ولا آمــر قلت: هذه الأبيات عدها أرباب البديع في المراجعة، وأما هذا المعنى وهو قوله واسقط علينا كسقوط الندى، فقد اشتهر ونظم الشعراء في معناه كثيرا، وأصله لامرئ القيس حيث قال: الطويل

سموت إليها بعد ما نامأهلهاسمو حباب الماء حالا على حال وقيل إن بعض الظرفاء وقف على هذه الأبيات وكتب في الحاشية عند قوله: فربي راحم غافر، هذا نياك بالدبوس ما يرجع.

ولما استأذنت أم البنين بنت عبد العزيز من الوليد بن عبد الملك في الحج أذن لها وهو خليفة، وهي زوجته، وكتب الوليد يتوعد الشعراء جميعا أن يذكرها أحد منهم أو يذكر أحدا ممن تبعها، فقدمت مكة وتراءت للناس. وتصدى لها أهل الغزل والشعراء، ووقعت عينها على وضاح فهويته، وأنفذت إلى كثير وإلى وضاح أن انسبا بي، فكره ذلك كثير وشبب بجاريتها غاضرة، وذلك في قوله: الوافر

شجا أظعان غاضرة الغوادي وأما وضاح فإنه صرح فبلغ ذلك الوليد فقتله. وقيل إنه مدح الوليد فوعدته أن تعينه على رفده وتقوي أمره، فقدم عليه وأنشده: الوافر

صبا قلبي إليك ومال ميلا                      وأرقني خيالـك يا أثـيلا

يمانية تلم بنـا فـتـبـدي                      ودقيق محاسن وتكن غيلا وهي أبيات مشهورة فأحسن رفده، ثم نمي إليه أنه يشبب بأم البنين، فجفاه وحجبه ودبر في قتله، واختلسه ودفنه في داره. وقيل إن أم البنين كانت ترسل إليه فيدخل إليها ويقيم عندها، فإذا خافت وارته في صندوق كان عندها، فأهدي إلى الوليد جوهر فأعجبه ودعى خادما وبعث به إلى أم البنين فدخل عليها مفاجأة ووضاح عندها، فرآه وقد وارته فقال لها: يا مولاتي هبي لي منه حجرا، فقالت: لا يا ابن اللخناء ولا كرامة فرجع إلى الوليد وأخبره الخبر، فقال له: كذبت، وأمر به فوجئت عنقه، ثم أتى أم البنين وهي تمتشط في بيتها، وقد وصف له الخادم ذلك الصندوق فجاء فجلس عليه وقال لها: يا أم البنين ما أحب إليك هذا البيت من بين بيوتك، فلم تختارينه? قالت: أختاره لأنه يجمع حوائجي كلها فأتناولها منه من قرب على ما أريد. فقال لها: هبي لي صندوقا من هذه الصناديق، فقالت: كلها لك يا أمير المؤمنين، فقال: ما أريد كلها، إنما أريد واحدا منها، فقالت: خذ أيها شئت، قال: هذا الذي جلست عليه، قالت: غيره خذ فإن لي فيه أشياء أحتاج إليها، قال: ما أريد غيره، قالت: خذه فدعا بالخدم وأمرهم بحمله حتى انتهى به إلى مجلسه، وحفر بئرا عميقة في المجلس إلى الماء تحت بساطه ووضع الصندوق على شفير البئر ودنا منه وقال: يا صاحب الصندوق إنه بلغنا شيء فإن كان حقا فقد كفيناك ودفناك ودفنا ذكرك وقطعنا أثرك إلى آخر الدهر، وإن كان باطلا فإنما دفنا الخشب وما أهون ذلك، ثم قذف به في البئر وهيل عليه التراب وسويت الأرض ورد البساط وجلس عليه والوليد، وما رأى الوليد ولا أم البنين في وجه واحد منهما أثرا حتى فرق الدهر بينهما.

 

 

صفحة : 2563

 

قال البلاذري: أم البنين صاحبة وضاح اليمن ليست ببنت عبد العزيز بن مروان، وإنما هي أم البنين بنت المحرم من حمير من أهل اليمن، وكانت جميلة عشقها وضاح وعشقته فتزوجها وخرج بها إلى مكة وطلقها، فحج الوليد وهي بمكة فبلغه حسنها وجمالها فتزوجها وخرج بها إلى الشام، وخرج وضاح خلفها ففعل به الوليد ما فعل.

قلت: أنا في حيرة من أمر أم البنين وما جرى لها مع وضاح. إن قلنا إنها بنت عبد العزيز فنحاشيها من ذلك لأنها كانت من العفائف العابدات، وقد قيل إنها كانت توجد في ذلك المكان تبكي إلى أن وجدت يوما مكبوبة على وجهها ميتة، وهذا لا يصح أيضا فإنها توفيت سنة سبع عشرة ومائة، والوليد توفي سنة تسع وستين، وكان أبوه قد زوجه إياها في حال حياته.

وإن قلنا أن أم البنين هي بنت المحرم الحميرية فلا يصح احتمال الوليد قصتها مع وضاح اليمن وأنه ما واجهها بذلك، لأنه إنما فعل ذلك مع أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان لشرفها ومكانها من قومها، والله أعلم بحقيقة الحال في ذلك.

أبو عيسى الخولاني النحوي المصري

عبد الرحمن بن إسماعيل بن عبد الله بن سليمان الخولاني النحوي العروضي الخشاب، أبو عيسى المصري. مات سنة ست وستين وثلاث مائة. وهو صاحب المرثية البائية التي قالها في ابن يونس الصدفي المؤرخ، واسمه عبد الرحمن بن أحمد، وأولها: البسيط

بثثت علمك تشريقا وتغريبـا                      وعدت بعد لذيذ العيش مندوبا وقد مرت الأبيات في ترجمة ابن يونس  أبو محمد الوراق

عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن علي بن عبد العزيز، أبو محمد الوراق البغداذي. كتب بخطه الكثير توريقا للناس، وكان حفظة للحكايات والأشعار المستحسنة، وكان صدوقا صالحا. سمع محمد بن محمد بن محمد بن اللحاس، وأحمد بن محمد الرحبي البواب. وتوفي سنة ست عشرين وست مائة.

أبو محمد البغداذي

عبد الرحمن بن إسماعيل بن محمد بن يحيى الزبيدي، أبو محمد البغدادي الشافعي. سمع في صباه من ابن البطي، وأحمد بن بنيمان البقال، وعبد الله بن المبارك بن البقلي وغيرهم وبرع في الفقه وصار معيدا بمدرسة أم الخليفة جوار معروف الكرخي. وكانت لديه يد باسطة في الفرائض والحساب، ثم رتب شيخا برباط الشونيزية وتوفي سنة عشرين وست مائة.

وبرع في الفقه وصار معيدا بمدرسة أم الخليفة جوار معروف الكرخي. وكانت لديه يد باسطة في الفرائض والحساب، ثم رتب شيخا برباط الشونيزية وتوفي سنة عشرة وست مائة.

شيخ الشيوخ

عبد الرحمن بن إسماعيل بن أحمد بن محمد شيخ الشيوخ، صدر الدين أبو القاسم بن أبي البركات بن أبي سعد النيسابوري ثم البغدادي شيخ الشيوخ. كان حسن النثر والنظم له رأي ودهاء وتقدم، وجاه عريض، وكان و المشار إليه في حسن الرأي والتدبير مع الزهد والورع والعبادة. ترسل إلى الشام وكانت الملوك تستغني برأيه، توفي بالرحبة سنة ثمانين وخمس مائة، وكان كفنه معه من غزل أمه ودينار من غزل أمه لتجهيزه أينما سافر، وأظنه هو الذي لما اجتمع بالسلطان صالح الدين وقام من عنده، قدم السلطان مداسه، فقال القاضي الفاضل: هذا ما بقي يصلح إلا للرؤوس، فقال الشيخ صدر الدين: بمس الله يا مولانا المملوك فقير ومذهبه الإيثار. ومن شعره: البسيط

من عاش في أهله أبدوا سآمته                      وعافه منهم أهـل وجـيران

يحنو ودادا وتبدو منهـم إحـن                      وليس يألوهم نصحا وإن خانوا

يهوى لإيثارهم موتا يعاجـلـه                      والمرتجى بعده عفو وغفران

إن بان من بينهم سروا بغيبتـه                      وليس يهناؤه عيش إذا بانـوا ومنه من أبيات: الكامل

سافر بهمك في مقامات الرضـى                      واسرح بقلبك في رياض الأنـس

تصفو صفاتك من كدورات الهوى                      وتعيش فرحا بين جمـع الإنـس

شمر فقد وضح الطريق إلى الهدى                      والحر موعـده زوال الـلـبـس

من عاف شهوته وعف ضمـيره                      فهو المعافي من عيوب النـفـس  عبد الرحمن الزهري

عبد الرحمن بن الأسود الزهري، روى عن أبي بكر وعمر وغيرهما. وتوفي في حدود السبعين من الهجرة، وروى له البخاري وأبو داود وابن ماجة.

أبو حفص النخعي

 

 

صفحة : 2564

 

عبد الرحمن بن الأسود النخعي. يروي عن أبيه وعن عمه علقمة بن قيس، وعائشة وابن الزبير، وأدرك عمر. يقال أنه صام حتى احترق لسانه، ولم يزل يقرأ القرآن حتى مات سنة ثمان وتسعين للهجرة، وروى له الجماعة.

أبو القاسم المالقي

عبد الرحمن بن أيوب بن تمام، أبو القاسم الأنصاري المالقي، روى عن جماعة، كان عالما بالعربية واللغة والآداب مبرزا فيها مع مشاركة في الفقه والحديث. توفي سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة.

الرشيد النابلسي

عبد الرحمن بن بدر بن الحسن بن المفرج بن بكار، رشيد الدين النابلسي الشاعر، مدح الناصر وأولاده وأولاد العادل، وهو عم الحافظ شرف الدين يوسف بن الحسن النابلسي. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني لنفسه في شهور سنة سبع وتسعين وخمس مائة وقد رأى مليحا بديع الصورة بين أسودين قبيحي الصورة: البسيط

لله من عاينت عيني محـاسـنـه                      يوما فعوذته باللـه مـن عـينـي

يختال كالغصن تهيا في شمـائلـه                      ما بين عبدين لون الليل علـجـين

فقلت والشوق يطويني وينشرنـي                      لم ألق قبلك صبحا بـين لـيلـين

فمر يضحك من قولي وقال: بلـى                      كم قد رأى الناس سعدا بين نحسين قال: وأنشدني لنفسه غزلا في محبوبه: المنسرح

يا من عيون الأنام ترقبـه                      رقبة شهر الصيام والفطر

وإنما يرقب الهلال فـلـم                      ترقب بعد الكمال يا بدري ومن شعره قصيدة لها أربع قواف: رجز

كم الحشى معذبموجعمع المدىصب الفؤاد مغرم

بناره ملتهبملذعما خمداأواره والضرم

حكم في أشنبممنعمن الفدافهو الأسير المسلم

مبتعد مجتنبمودعتعمداوهو القريب الأمم

زمانه تعتبوولعوقد أكمدامن غر فهو يحكم

ما الحب إلا لهبومدمعتجدداولوعة وسقم

يا هل إليه سببممتعيولي يدامن لبه مخترم

ما أنا إلا أشعبوأطمعفيما عدامما إليه سلم وهي تسعة وعشرون بيتا. ومن شعره: الرجز

ما لك والورق علـى أوراقـهـا                      تعجم ما يعرب عن أشـواقـهـا

دعها وما هـيجـهـا فـإنـهـا                      أو ألف تفرق مـن فـراقـهـا

وإنمـا يريب ذا الـوجـد بـهـا                      ملبسها الحلي فـي أطـواقـهـا

أفدي الأولى فارقتهم فمهجـتـي                      لا تطمع الأساة في إفـراقـهـا

سروا بدورا فـي دجـى غـدائر                      أعاذها الرحمن من مخلوقـهـا

غوارابـا أفـلاكـهـا غـوارب                      تزري بضوء الشمس في إشراقها

تساق لبين المـشـت عـيسـهـا                      وأنفس العشاق فـي سـياقـهـا

فكم حشا نطوي علـى حـريقـه                      وأدمع تنشـر مـن آمـاقـهـا ومنه الخفيف

هز لدنا مـن قـده سـمـهـريا                      ومن اللحظ صارما مـشـرفـيا

شادن أرسل الجفـون سـهـامـا                      حين أبدى من حاجبـيه قـسـيا

من بني الترك ما رنا ورمى حب                      ة قلب إلا وأصـمـى الـرمـيا

مخطف الخصر والسهام ولمـا أر                      شق في الرمي راشقـا تـركـيا

فهو شاكي السلاح ما زال من قت                      ل محبيه يركـب الـمـنـهـيا وأظن أن الرشيد النابلسي كان يلقب مدلويه، وفيه يقول الصاحب شرف الدين ابن عنين: السريع

جال على حجرته مدلويه                      فويه من أفعاله ثم ويه

كأنه الرحبي في حمقـه                      فلعنة الله على والـديه وفيه يقول لما اعتكف النجيب غلام الكندي في جامع دمشق، وجلس الرشيد في الجامع يقرأ شعره: البسيط

اثنان في الجامع المعمور ليس على                      كل البرية في صفعيهمـا حـرج

هذاك قد أنف الفسـاق مـنـه وذا                      تتلى عليه مسـاويه فـيبـتـهـج وفي الرشيد يقول وقد صفح: الخفيف

قيل لي إن مدلويه بن بدر قتلوه بالصفع أشنع قتل

قلت عظمتهم القضية في دل                      و خـلـيع قـد رقـعـوه بــنـــعـــل وفيه يقول: المتقارب

تعجب قوم لصفع الرشـيد                      وذلك ما زال مـن دأبـه

رحمت انكسار قلوب النعال                      وقد دنسوهـا بـأثـوابـه

فوالله ما صفعـوه بـهـا                      ولكنهم صفعـوهـا بـه

 

صفحة : 2565

 

عبد الرحمن الأنصاري

عبد الرحمن بن بشر بن مسعود الأنصاري المدني، روى عن أبي مسعود الأنصاري، وخباب وأبي هريرة، محمد سعيد. وتوفي في حدود المائة، وروى له مسلم وأبو داود والنسائي.

عبد الرحمن بن بشر النيسابوري

عبد الرحمن بن بشر بن الحكم بن حبي العبدي النيسابوري. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة. وتوفي سنة تسع وخمسين ومائتين.

أبو محمد المؤدب البغداذي

عبد الرحمن بن أبي بكر بن علي بن أحمد بن عبد الله النيسابوري، أبو محمد المؤدب البغداذي. كان يؤدب الصبيان بدرب النخلة، وكان أديبا فاضلا حسن الطريقة، نظيفا ظريفا، توفي سنة ثلاث عشرة وست مائة. ومن شعره: الخفيف

زارني من أحـبـه بـعـد يأس                      من شفائي فكان نعـم الآسـي

زارني والسمول تفـعـل فـيه                      فعل ريح الشمال في غصن آس

ثمـلا مـائلا يمـــيس دلالا                      بين سكري مـدامة ونـعـاس

وأماط اللثـام عـن وجـنـتـيه                      فغنينا عن شعـلة الـنـبـراس

وانجلت ظلمة الغياهـب عـنـا                      وأضاءت حنـادس الـديمـاس قلت: شعر جيد  ابن الفحام الصقلي

عبد الرحمن بن أبي بكر عتيق بن خلف، أبو القاسم الصقلي المقرئ المجود المعروف بابن الفحام، مصنف التجريد في القراءات طال عمره وتفرد في عصره، وأعلى ما يروى سند القراءات من طريقه. توفي سنة ست عشرة وخمس مائة.

ابن أبي بكرة الثقفي

عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي، أول مولود ولد بالبصرة، ثقة كبير القدر، توفي في حدود العشرة والمائة، وروى له الجماعة.

ابن ثوبان

عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان أبو عبد الله العنسي بالنون الدمشقي المحدث، أحد الصالحين. ولد في خلافة عبد الملك، وتوفي سنة خمس وستين ومائة. وثقه أبو حاتم، واختلف قول ابن معين فيه، ووثقه دحيم. قال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن حنبل وغيره: أحاديثه منكرة، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي، وقال صالح جزرة: قدري ضعيف. وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة.

أبو قيس بن ثروان

عبد الرحمن بن ثروان الأزدي، أبو قيس الكوفي، روى عن علقمة والقاضي شريح وهذيل بن شرحبيل وسويد بن غفلة. وثقه ابن معين، ولينه أبو حاتم وغيره، وتوفي سنة عشرين ومائة، وروى له البخاري والأربعة.

ابن غنيمة

عبد الرحمن بن جامع بن غنيمة البناء، أبو الغنائم الفقيه الحنبلي البغداذي، كان يسمي نفسه غنيمة أيضا. قرأ الفقه على أبي بكر الدينوري، والخلاف على أسعد المهيني، وكان يدرس في مسجده بالميدان، وكان فقيها فاضلا ورعا زاهدا مليح المناظرة حسن المعرفة بالمذهب والخلاف، سمع من أبي القاسم هبة الله بن الحسين، ومحمد بن عبد الباقي الأنصاري، والحسين بن عبد الملك الخلال وغيرهم، ولد سنة خمس مائة تقريبا وتوفي سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة.

أبو حميد الحضرمي

عبد الرحمن بن جبير من نفير الحضرمي الحمصي، روى عن أبيه وخالد بن معدان وكثير بن مرة، وثقه النسائي وغيره. وتوفي سنة ثمان عشرة ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

المصري المؤذن

عبد الرحمن بن جبير المصري المؤذن. يروي عن عقبة بن عامر الجهني، وعبد الله بن عمرو وغيرهما. شهد فتح مصر وكان عبد الله بن عمر معجبا به ويقول إنه من المحبتين. وتوفي سنة سبع وتسعين للهجرة. وروى له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

أبو محمد المخزومي

عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي، أبو محمد والد أبى بكر الفقيه، أحد الذي عينهم عثمان لكتابة مصاحف الأمصار، وهو ابن أبي جهل. توفي في آخر أيام معاوية في حدود الستين للهجرة. وروى له البخاري والأربعة. وأظنه الشريد الذي رثى له عمر.

أعشى همدان

عبد الرحمن بن الحارث أبو المصيح الأعشى الهمداني الشاعر، أحد الفصحاء المفوهين. قيل أن اسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث، وسيأتي في مكانه إن شاء الله.

عبد الرحمن بن حجيرة

عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني المصري القاضي، روى عن أبي ذر وابن مسعود وأبي هريرة. وكان عبد العزيز قد جمع له القضاء والقصص وبيت المال ورزقه في العام ألف دينار، وتوفي في حدود التسعين للهجرة.

ابن حرملة

 

 

صفحة : 2566

 

عبد الرحمن بن حرملة الأسلمي، قال النسائي: ليس به بأس، وضعفه القطان، ولينه البخاري. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وتوفي سنة خمس وأربعين ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

عبد الرحمن بن حسان

عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري، يقال إنه أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله رواية عن أبيه، وأمه شيرين القبطية أخت مارية. توفي في حدود السبعين للهجرة. ذكره الشيخ شمس الدين في من توفي في حدود السبعين، ثم ذكره في من مات في سنة أربع ومائة.

أبو محمد البندنيجي

عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن بصلا، أبو محمد الصوفي البندنيجي البغداذي، تفقه للشافعي وقرأ الأدب، وكان من أعيان المتصوفة وفيه فضل وله نظم. سمع أحمد بن المقرب الكرخي، ويحيى بن ثابت بن بندار وغيرهما، وتوفي سنة ست وعشرين وست مائة. ومن شعره: الكامل

ورد الكتاب من الحبيب فسرني                      لما قرأت سطوره وفهمـتـه

ووضعته فوق الجفون وحقكم                      يا سادتي فرحا به ولثمـتـه

كتب أناملكم كتـابـا أودعـت                      سر الهوى في طيه فعلمتـه

فختامه مسك وفـي أرجـائه                      أرج به تحيي النفوس شممته  أبو القاسم الهمذاني

عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد بن محمد بن عبيد الأسدي، أبو القاسم الهمذاني. روى عن إبراهيم بن ديزيل، ويحيى بن عبد الله الكرابيسي، ومحمد بن الضريس، وتكلموا في سماعه من ابن ديزيل. وروى عنه ابن مندة، والحاكم، وأحمد بن موسى بن مردويه، وأبو بكر بن لال، ومحمد ابن أحمد بن الحسين المحاملي، وأبو علي بن شاذان وآخرون. ورماه القاسم ابن أبي صالح بالكذب. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وثلاث مائة.

الحافظ أبو سعد النيسابوري

عبد الرحمن بن الحسن بن عليك بضم العين وتشديد الياء آخر الحروف وبعدها كاف ابن الحسين الحافظ، أبو سعد النيسابوري، ثقة حافظ مشهور نبيل مصنف بصير بالفن حسن المذاكرة، توفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.

عبد الرحمن القبابي

عبد الرحمن بن الحسين الفقيه الإمام القدوة الرباني بركة المسلمين نجم الدين اللخمي المصري القبابي، والقباب قرية بناحية دمياط. تفقه لأحمد، وكان زكي النفس ثخين الورع ذا حظ من صدق وعزم، وتأله وقناعة. حدث بشيء يسير عن عيسى المطعم وتحول من مصر بأهله وترك المدارس وانزوى بحمص، ثم فتح له فاخوريا، وكان ينته المشتري على عيوب الشربة، ثم تحول إلى حماه فعرف به ملكها فأقبل عليه واشتهر أمره وقصد بالزيارة.

مولده سنة ثمان وستين وست مائة، وتوفي بحماة سنة أربع وثلاثين وسبع مائة وحمل على الرؤوس. وقبره الآن بحماه يزار.

القرمسيني

عبد الرحمن بن أبي الحسن، هو القاضي صدر الدين بن محيي الدين القرمسيني الإسكندري، من بيت رئاسة وحشمة، تقدم ذكر أخيه أحمد في مكانه في الأحمدين. ولأبي الحسين الجزار فيه أمداح جيدة. وتولى نظر جهات من الديار المصرية، منها نظر الإسكندرية، وكان وجيها عند الكامل. ومن أمداح الجزار فيه قوله وقد عصر بعض أعدائه: الكامل

والعصر إن عداك في العصـر                      وقد انتهوا لبـداية الـحـشـر

ظلموا فما أبـقـوا لـهـم وزرا                      ينجي ولا سلمـوا مـن الـوزر

ظهروا لنورك وهو شمس ضحى                      فتضاءلوا كتـضـاؤل الـبـدر

مكروا وقد مكـر الإلـه بـهـم                      شتان بين المكـر والـمـكـر

دعهم فلا برح التـغـابـن مـن                      حسد يواصلهم إلى الـحـشـر

وأنشد إذا ما زرت تـربـتـهـم                      متمكنا في السـر والـجـهـر

ماتوا بغيظهـم ومـا ظـفـروا                      بمدادهم واضـيعة الـعـمـر

ومن العجائب كونهم جـهـلـوا                      أن العـلـوم وديعة الـصـدر

لولا أخاف اللـه قـلـت لـمـن                      يروي مديحك أثـل يا مـقـري

للـه درك كـل مـمـتـــدح                      بعلاك قـد ضـاهـى أبـا ذر وقوله من قصيدة: السريع

واحر قلباه ولـلـعـين فـي                      خديه من حسنهما جـنـتـان

في صدغه الآس وفي خده إلى                      ورد وفي مبسمه الأقحـوان

له من الصدر مكان ولـلـص                      در من العلياء أعلى مـكـان

 

صفحة : 2567

 

 

العالم العامل والفاضـل إلـى                      فاضل حكما بوجيز الـبـيان

والناظر اليقظان أغنتـه عـن                      سود جفون اللحظ بيض الجفان

والكامل الفضل السريع النـدى                      والوافر العرض البسيط البنان

ذو طلعة كالبدر في التـم بـل                      كالشمس لولا هالة الطيلسـان ومن شعر صدر الدين عبد الرحمن: الوافر

فلان والجماعة عـارفـوه                      وظاهره التنسك والزهـادة

يموت على الشهادة وهو حي                      إلهي لا تمته على الشهـادة ومنه: الخفيف

قد لعمري أخطأت يا بن عباده                      في ترقيك جاهلا للشـهـاده

لو تصديت للقـيادة قـلـنـا                      أنت علق وما بلغت القـياده  الحافظ الأصبهاني

عبد الرحمن بن الحسن بن موسى الضراب الأصبهاني الحافظ ثقة كبير، صنف الأبواب والمسند وتوفي سنة سبع وثلاث مائة.

أبو القاسم الصيمري

عبد الرحمن بن الحسن، أبو القاسم الصيمري الفقيه. شيخ الشافعية، وهو من أصحاب الوجوه. تفقه بأبي الفياض البصري، وهو شيخ أقضى القضاة الماوردي. له كتاب الإيضاح في المذهب وهو كتاب جليل. ومن غرائب وجوهه أنه قال: لا يملك الرجل الكلأ النابت في ملكه ومنها: لا يجوز مس المصحف لمن بعض بدنه نجس. كان حيا في سنة خمس وأربع مائة، ولم يعلم وقت وفاته.

أبو سعيد النيسابوري

عبد الرحمن بن الحسين بن خالد، أبو سعيد النيسابوري القاضي الحنفي. قال الحاكم: كان إمام أهل الرأي بلا مدافعة، وكان بينه وبين ابن خزيمة منافرة، فلما مات أظهر السرور ابن خزيمة وعمل دعوة. وكانت وفاته سنة تسع وثلاث مائة.

شريح النعماني

عبد الرحمن بن الحسين بن عبد الله النعماني، أبو منصور المعروف بشريح. ولي قضاء النيل مدة. كان فاضلا أديبا، اتصل بالملك طاشتكين ومات سنة ثلاث وست مائة. وكتب الإنشاء لطاشتكين، وله رسائل مدونة في مجلدين. وكان كامل الرئاسة يصلح للوزارة، وكان كريما جوادا، وسجن بعد وفاة طاشتكين إلى أن مات في محبسه.

أبو القاسم المقرئ البغداذي

عبد الرحمن بن الحسين بن إبراهيم، أبو القاسم بن أبي عبد الله المقرئ البغداذي. قرأ بالروايات على عبد الله بن علي سبط أبي منصور الخياط، وسمع من أبي الفضل بن ناصر، وحدث باليسير، وكان مقرئا مجودا، وله معرفة بمنازل النجوم وأوقات الصلوات، وصنف في ذلك كتابا. وتوفي سنة إحدى وسبعين وخمس مائة.

الفقيه أبو محمد الطبري

عبد الرحمن بن الحسين بن محمد بن عبد الله الطبري أبو محمد الفقيه الشافعي. تفقه على والده، وعلى أبي إسحاق الشيرازي، وسمع من علي بن محمد بن الخطيب الأنباري، وأبي الخطاب نصر بن البطر، وجعفر بن أحمد بن السراج وغيرهم. وولي التدريس بنظامية بغداذ سنة ثلاث عشرة وخمس مائة، ثم عزل سنة سبع عشرة، وحدث بالمدرسة المذكورة.

سمع منه محمد بن علي بن محمد بن شهفيروز اللارزي الطبري، وأنفق الأموال والذخائر حتى ولي التدريس. قيل إنه أنفق على تدريس المدرسة ما لو أراد لعمر به مدرسة مثل النظامية. ولد سنة ثلاث وستين وأربع مائة. وتوفي سنة إحدى وثلاثين وخمس مائة.

ابن أبي العاص الأموي

عبد الرحمن بن الحكم بن أبي العاص الأموي أخو مروان، شاعر محسن شهد يوم الدار، وتوفي في حدود السبعين للهجرة. كان حاضرا عند يزيد بن معاوية وقد جيء إليه برأس الحسين ووضع بين يديه في طست، فبكى عبد الرحمن ثم قال: الطويل

أبلغ أمير المؤمـنـين فـلا تـكـن                      كموتر قوس ثم ليس لـهـا نـبـل

لهام يجنب الـطـف أدنـى قـرابة                      من ابن زياد الوغد ذي الحسب الرذل

سمية أمسى نسلها عدد الـحـصـى                      وبنت رسول الله ليس لهـا نـسـل فصاح يزيد وقال: اسكت يا ابن الحمقاء، وما أنت وهذا? وقال لما ادعى معاوية زيادا، وبعض الناس بنسبه لابن مفرغ وهو خطأ: الوافر

ألا أبلغ معاوية بن حـرب                      مغلغلة عن القوم الهجـان

أتغضب أن يقال أبوك عف                      وترض أن يقال أبوك زاني

فأشهد أن رحمك مـن زياد                      كرحم الفيل من ولد الأتان

وأشهد أنـهـا ولـدت زيادا                      وصخر من أمية غير دان

 

صفحة : 2568

 

فبلغ ذلك معاوية فحلف لا يرضى عنه حتى يرضى عنه زياد، فخرج عبد الرحمن إلى زياد فلما دخل عليه قال: إيه يا عبد الرحمن أنت القائل:

ألا أبلغ معاوية بن حرب .... الأبيات فقال: أيها الأمير ما قلت هذا. ولكني قلقت: الوافر

ألا من مبلـغ عـنـي زيادا                      مغلغلة من الرجل الهجـان

من ابن القرم قرم بني قصي                      أبي العاص ابن آمنة الحصان

حلفت برب مكة والمصلـى                      وبالتوراة أحلف والـقـران

لأنت زيادة فـي آل حـرب                      أحب إلي من وسطى بنانـي

سررت بقربه وفرحت لـمـا                      أتاني الله مـنـه بـالـبـيان

وقلت أتى أخـو ثـقة وعـم                      بعون الله في هذا الـزمـان

كذاك أراك والأهواء شـتـى                      فما أدري بغيب ما تـرانـي فرضي عنه زياد وكتب له إلى معاوية برضاه عنه. فلما دخل بالكتاب وقال: أنشدني ما قلته لزياد، فأنشده، فتبسم ثم قال: قبح الله زيادا فما أجهله، لما قلت له أخيرا حيث يقول:

لأنت زيادة في آل حرب ... البيت شر من القول الأول ولكنك خدعته فجازت خديعتك عليه.

??عبد الرحمن الأوسط

عبد الرحمن بن الحكم بن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي، وهو عبد الرحمن الأوسط الأمير أبو المطرف صاحب الأندلس. كان عادلا في الرعية بخلاف أبيه، جوادا فاضلا له نظر في العلوم العقليلة، وهو أول من أقام رسوم الإمرة وامتنع عن التبذل للعامة، وهو أول من ضرب الدراهم بالأندلس، وبنى سور إشبيلية، وأمر بالزيادة في جامع قرطبة، وكان يشبه بالوليد بن عبد الملك، وكان محبا للعلماء مقربا لهم، وكان يقيم الصلوات بنفسه، ويصلي إماما بهم في أكثر الأوقات. اسم أمه حلاوة. وتوفي سنة سبع وثلاثين ومائتين وهو ابن اثنتين وستين سنة، ومدته إحدى وثلاثون سنة وخمسة أشهر. ومن شعره: الطويل

وهل برأ الرحمن من كل ما برا                      أقر لعيني من منعـمة بـكـر

ترى الورد فوق الياسمين بخدها                      كما فوف الورد المنور بالزهر

فلو أنني ملكت قلبي وناظـري                      نظمتهما منها على الجيد والنحر ومنه: مجزوء الرمل

ما تراه في اصطبـاح                      وعقود القطر تنـثـر

ونسيم الروض يخـتـا                      ل على مسك وعنبـر

كلما حـاول سـبـقـا                      فهو بالريحان يعـثـر

لا تكن شبها لـه واس                      بق فما في البطء تعذر وقيل أنه ولد لسبعة أشهر. وجهز إلى البلاد في طلب الكتب. وهو أول من أدخل كتب الأوائل إلى الأندلس، وعرف أهلها بها. وكان حسن الصورة ذا هيئة، وكان يكثر تلاوة القرآن ويحفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقال لأيامه أيام العروس، وافتتح دولته بهدم فندق الخمر وإظهار البر، وتملا الناس بأيامه وطال عمره، وكان حسن التدبير في تحصيل الأموال وعمارة البلاد بالعدل حتى انتهى ارتفاع بلاده في كل سنة ألف ألف دينار. واتفق أن بعض علماء سرق له بدرة وهو يلمحه، فلما عدت البدر نقصت فأكثروا التنازع في من أخذها، فقال السلطان: أخذها من لا يردها ورآه من لا يتم عليه ولا يفضحه، فإياكم والعودة فإن كبير الذنب يهجم على استنفاد العفو.

ومن توقيعاته: من لم يعرف وجه مطلبه كان الحرمان أولى به.

أبو سلمة العنبري

عبد الرحمن بن حماد بن شعيب، أبو سلمة العنبري البصري. روى عنه البخاري، وروى الترمذي عن رجل عنه. قال أبو زرعة: لا بأس به. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي. توفي سنة اثنتي عشرة ومائتين.

أبو محمد الجلاب

عبد الرحمن بن حمدان بن المرزبان الهمذاني، أبو محمد الجلاب الجزار. كان أحد أركان السنة بهمذان. توفي سنة اثنتين وأربعين وثلاث مائة.

عبد الرحمن الدوني الزاهد

عبد الرحمن بن حمد بن الحسن بن عبد الرحمن الدوني الصوفي الزاهد، من بيت زهد. روى كتاب السنن لنسائي عن ابن الكسار، وهو آخر من حدث به عنه، قرأه عليه السلفي سنة خمس مائة. قال السلفي: كان سفياني المذهب ثقة بليغا. توفي سنة إحدى وخمس مائة.

أبو محمد، ناظر الديوان

 

 

صفحة : 2569

 

عبد الرحمن بن حمدان بن أحمد الكناني التكريتي، القاضي تقي الدين أبو محمد. كان قاضيا بقلعة الكرك وقلعة جعبر، وتولى نظر الديوان بالقدس. نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه، قال: أنشدني المذكور، رحمه الله، لنفسه بالبيت المقدس وهو يومئذ ناظر ديوانه: البسيط

يا خير من سطرت في الطرس أنمله                      وخـير مـن ولـدتـه بـرة وأب

أنت الشهاب لديك الفـضـل والأدب                      والعلم والحلم والعلياء والـحـسـب  عبد الرحمن بن حميد الزهري

عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني. توفي في حدود الأربعين ومائة، وروى له الجماعة.

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد

عبد الرحمن بن خالد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه، ولا سمع منه. وكان عبد الرحمن من فرسان قريش وله فضل وهدي حسن وكرم، إلا أنه كان منحرفا عن علي ابن أبي طالب وبني هاشم، مخالفا لأخيه المهاجر بن خالد، فأن المهاجر كان يحب عليا، وشهد عبد الرحمن صفين مع معاوية. ولما أراد معاوية البيعة ليزيد، خطب أهل الشام وقال: إنه قد كبرت سني وقرب أجلي، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم، وإنما أنا رجل منكم فارتأوا رأيكم. فاتفقوا واجتمعوا وقالوا: رضينا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فشق ذلك على معاوية وأسرها في نفسه. ثم إن عبد الرحمن مرض فأمر معاوية طبيبا عنده يهوديا أن يأتيه فيسقيه سقية يقتله بها، فسقاه فانحرق بطنه. ودخل أخوه المهاجر دمشق مستخفيا هو وغلام له فرصدا ذلك اليهودي، فخرج ليلا من عند معاوية فقتله المهاجر وقصته مشهورة. وجاءت عن عبد الرحمن بن خالد رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها سماع.

ابن مسافر الفهمي

عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي، أمير المؤمنين الديار المصرية لهشام بن عبد الملك. قال النسائي: ليس به بأس، له نسخة عن الزهري نحو مائتي حديث. وتوفي سنة سبع وعشرين ومائة، وروى له البخاري والترمذي والنسائي.

أبو القاسم المخزومي

عبد الرحمن بن داود بن رسلان، الشيخ عماد الدين أبو القاسم المخزومي المصري السمرباوي من أعمال الغربية. عاش ثمانين سنة، وكان دينا عالما خيرا مشهورا له فضل وأدب. توفي في شهر رجب سنة أربع وسبعين وست مائة. وجدت له أبياتا يخرج بها الضمير وحكمها أبيات الخطيري سعد بن علي، وهي: الطويل

أتاني غزال ظل إذ داء شـيقـا                      يخوض دجى ليل لشأن لقـاء

بعرة صبح حل كعبة صـورة                      كروضة زهر صبحت برخاء

صفي خليل كيس حيث لا شجى                      يحثك في ضيق لأجل جفـاء

يروض شمولا من يمين نـدية                      لأزهر ذي صد وسـيم رواء

ظلوم غوي عطفه لا يقـيمـه                      على كلف ينمي لطول وفـاء  ابن أبي الرجال الأنصاري

عبد الرحمن بن أبي الرجال الأنصاري النجاري، وثقه ابن معين وغيره، ولينه أبو حاتم قليلا. وتوفي في حدود التسعين ومائة، روى له الأربعة.

ابن رواحة

عبد الرحمن بن رواحة بن علي بن الحسين بن مظفر بن نصر بن رواحة، الشيخ الجليل المعمر المسند زين الدين بن أبي صالح الأنصاري الحموي الشافعي، نزيل مدينة أسيوط من مدة طويلة. ولد سنة ثمان وعشرين وست مائة، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. سمع من جده لأمه أبي القاسم بن رواحة عدة أجزاء منها القناعة لابن مسروق، وسمع من صفية بنت الحبقبق جزءا من معرفة الصحابة لابن مندة، وهو الثامن، وللبغوي. وله إجازة من ابن روزبه وللشيخ شهاب الدين السهروردي وطائفة. تفرد في زمانه واختفى ذكره مدة ثم تنبه الطلبة له وحدث بآخرة وكان كاتبا بأسيوط.

عبد الرحمن بن زيد

عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب. أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأمه لبابة بنت أبي لبابة، أتى به أبو لبابة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ما هذا منك يا أبا لبابة? فقال: ابن بنتي يا رسول الله. فقال: ما رأيت مولودا قط أصغر منه فحنكه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومسح رأسه ودعا له بالبركة، قال: فما رؤي عبد الرحمن في قوم قط إلا فرعهم طولا. قال مصعب: كان أطول الرجال وأتمهم. توفي في حدود السبعين من الهجرة، وروى له النسائي.

 

 

صفحة : 2570

 

عبد الرحمن بن زيد الأنصاري

عبد الرحمن بن زيد بن خارجة الأنصاري، أخو مجمع، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدث عن عمه وأبي لبابة وخنساء بنت خدام، وتوفي في حدود المائة.

عبد الرحمن بن زياد الإفريقي

عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي، قاضي إفريقية وعالمها، وكان أول مولود ولد في الإسلام بإفريقية فيما قيل. وفد على المنصور وأغلظ له في الكلام طلبا للمعدلة. قال ابن معين: هو ضعيف ولا يسقط حديثه. وقال أحمد: لا أكتب حديثه وهو منكر الحديث ليس بشيء. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. توفي بإفريقية سنة ست وخمسين ومائة، وروى له أبو داود والترمذي وابن ماجة.

الحافظ المحاربي

عبد الرحمن بن زياد الكوفي الحافظ، قال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق. توفي، رحمه الله، في عشر المائتين. وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة ويعرف بالمحاربي.

الجمحي المكي

عبد الرحمن بن سابط الجمحي المكي. روى عن أبيه وله صحبة، وعن عائشة وجابر وأبي أمامة وأرسل عن معاذ وغيره، وقد وثقوه. وكان ابن معين يعد أكثر رواياته مرسلة. وتوفي سنة ثمان عشرة ومائة.

وروى له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة، وكان يحيى بن معين يقول: هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سليط، وسابط جده. قال ابن عبد البر: وفي ذكر نظر.

ابن صصرى

عبد الرحمن بن سالم بن الحسن بن صصرى، الصدر الرئيس شرف الدين ابن أبي الغنائم، سمع من حنبل وابن طبرزد والكندي وغيرهم. ولي الوزارة والمناصب الجليلة وله بر وصدقة، وهو والد الصاحب جمال الدين إبراهيم، روى عنه ابن أخيه قاضي القضاة نجم الدين، وتوفي سنة أبع وستين وست مائة.

جمال الدين الأنباري

عبد الرحمن بن سالم بن يحيى بن هبة الله الإمام المفتي جمال الدين أبو محمد الأنصاري الأنباري البغداذي ثم الدمشقي الحنبلي. سمع من الكندي وابن ملاعب وابن الحرستاني، وتفقه على الشيخ الموفق، ونسخ بخطه كثيرا من كتب العلم، وكان صحيح النقل يقول الشعر، وهو دين صالح، روى عنه ابن الخلال والدمياطي. وتوفي سنة إحدى وستين وست مائة.

قال أبو شامة: كان يصلي بالمتأخرين إماما صلاة الصبح فيطيل إطالة مفرطة خارجة عن المعتاد بكثير إلى أن تكاد الشمس تطلع ولا يترك ذلك. ومن شعره:  أبو حميد الساعدي

عبد الرحمن بن سعد بن المنذر، أبو حميد الساعدي. من أكبر فقهاء الصحابة، وقد اختلف في اسمه فقيل: عبد الرحمن بن سعد بن مالك، وقيل: عبد الرحمن بن سعد بن عمرو بن سعد، وقيل: المن بن سعد بن المنذر.

أمه أمامة بنت ثعلبة الخزرجية، روى عنه من الصحابة: جابر بن عبد الله ومن التابعين: عروة بن الزبير، والعباس بن سهل بن سعد، ومحمد ابن عمرو بن عطاء، وخارجة بن زيد بن ثابت وجماعة من تابعي المدينة. وتوفي سنة ستين للهجرة، وروى له الجماعة.

?ابن أبي سعيد الخدري

عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري المدني، روى عن أبيه وأبي حميد الساعدي، وثقه النسائي. وتوفي سنة إحدى عشرة ومائة، وروى له مسلم والأربعة.

جمال الدين البغداذي

عبد الرحمن بن سليمان بن سعيد بن سليمان الإمام الفقيه جمال الدين البغداذي مصغرا ثم الحراني الحنبلي ولد بحران سنة خمس وثمانين، وتوفي سنة سبعين وست مائة، وسمع من ابن طبرزد، وحنبل، والكندي، وعبد القادر الحافظ، وابن الحرستاني، والشيخ الموفق، والفخر بن تيمية. وروى عنه الدمياطي، وابن الخباز، وابن العطار. وكان إماما صالحا خيرا خبيرا بالمذهب، حسن التعليم متواضعا.

ابن الغسيل

عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل، أبو سليمان الأنصاري، رأى عبد الرحمن بن سهل الساعدي، وروى عن عكرمة. وثقه أبو زرعة والدارقطني، وقال النسائي: ليس بالقوي، وعن ابن معين صويلح. وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائة وروى له البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة.

الجمحي

عبد الرحمن بن سلام الجمحي مولاهم، روى عنه مسلم وأبو زرعة وأبو حاتم.

قال أبو حاتم: صدوق. وتوفي سنة إحدى وثلاثين ومائتين.

ابن سمرة العبشمي

 

 

صفحة : 2571

 

عبد الرحمن بن العبشمي. أسلم يوم الفتح. قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تسأل الإمارة. غزا خراسان زمن عثمان وفتح سجستان وكابل، ولم يزل بسجستان حتى اضطرب أمر عثمان فخرج عنها واستخلف رجلا من بني يشكر فخرجه أهل سجستان، ثم عاد إليها بعد، ثم رجع إلى البصرة فسكنها وإليه تنسب سكة ابن سمرة بالبصرة.

توفي سنة خمسين للهجرة أو إحدى وخمسين، وروى له الجماعة.

أبو المطرف القرطبي

عبد الرحمن بن سوار بن أحمد بن سوار، أبو المطرف القرطبي الفقيه قاضي الجماعة. كان نبيها ولم يأخذ على القضاء أجرا، توفي سنة أربع وستين وأربع مائة.

أبو الفرج بن شجاع

عبد الرحمن بن شجاع بن الحسن بن الفضل، أبو الفرج الفقيه الحنفي البغداذي. قرأ الفقه على أبيه حتى برع فيه، وأجاد الكلام في المناظرة، وولي التدريس بمشهد أبي حنيفة، سمع من ابن ناصر، وأبي العباس أحمد ابن يحيى بن ناقة الكوفي. توفي سنة تسع وست مائة.

أبو شريح المعافري

عبد الرحمن بن شريح، أبو شريح المعافري الإسكندري العابد: قال أبو حاتم: لا بأس به. وتوفي في حدود السبعين ومائة، وروى له الجماعة.

أبو محمد الدنيسري

عبد الرحمن بن صالح بن عمار المزعفري، أبو محمد الثعلبي الدنيسري، محتسب دنيسر. له اليد الطولى في العروض والعربية، حبسه الملك المنصور صاحب ماردين بسبب قصيدة عملها في الملك الأشرف ابن العادل، فمات في السجن بعد خمس سنين في أواخر ذي الحجة سنة سبع وعشرين وست مائة. ومن شعره: الوافر

تزايد في هوى أملي جنونـي                      وأورث مهجتي سقما شجوني

وصرت أغار من نظر البرايا                      عليه ومن خيالات الظنـون

وأحرص أن يكون له وفـاء                      من الأبصار قلبي أو جفوني  أبو هريرة

عبد الرحمن بن صخر، أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه. في اسمه واسم أبيه اختلاف كثير لا يضبط ولا يحصر، وأشهرها عبد الرحمن بن صخر. كان اسمه قبل الإسلام عبد شمس. وقال: كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم لأني كنت أحمل هرة في كمي فلما رآني قال: ما هذه? فقلت هرة فقال: يا أبا هريرة. وقيل أنه قال: كناني أبي بأبي هريرة لأني كنت أرعى غنما فوجدت أولاد هرة وحشية فأخذتها فلما رآني قال: أتت أبو هريرة.

كان أحد الحفاظ المعدودين في الصحابة، قدم من أرض دوس هو وأمه مسلما وقت فتح خيبر. قال البخاري: روى عنه ثمان مائة رجل أو أكثر. كان فقيرا من أصحاب الصفة استعمله عمر وغيره، وولي المدينة زمن معاوية. قال المقبري عن أبي هريرة قلت: يا رسول الله أسمع منك أشياء فلا أحفظها، قال فابسط رداءك فبسطته، فحدث حديثا كثيرا فما نسيت شيئا حدثني به.

قال الواقدي: توفي سنة تسع وخمسين وله سبع وثمانون سنة، وقيل سنة سبع، وهو الذي صلى على عائشة في رمضان سنة ثمان وخمسين. وقال هشام: مات هو وعائشة سنة ثمان وتابعه المدائني وعلي بن المديني. وقال غيرهم: سنة ثمان وصلى عليه الوليد بالمدينة. وكان قد لزم النبي صلى الله عليه وسلم وواظبه رغبة في العلم راضيا بشبع بطنه، وكانت يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدور معه حيثما دار، وكان أحفظ الصحابة لأنه كان يحضر ما لا يحضره سائر المهاجرين والأنصار، لاشتغال المهاجرين بالتجارة والأنصار بحوائجهم. شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه حريص على العلم والحديث. وروى عنه من الصحابة ابن عباس، وابن عمر، وجابر، وأنس ووائلة بن الأسقع، وعائشة رضي الله عنهم، وروى له الجماعة.

ابن الضحاك الفهري

عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري، أحد أشراف العرب، ولي إمرة المدينة فأحسن إلى أهلها. خطب فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب فألح عليها فشكته إلى يزيد فغضب لها وعزله وغرمه أربعين ألف دينار، وأبوه هو المقتول يوم مرج راهط. وتوفي عبد الرحمن المذكور في حدود العشر ومائة.

عبد الرحمن بن عائذ

عبد الرحمن بن عائذ الأزدي الثمالي الحمصي، يقال له صحبة ولا تصح. روى عن معاذ، وعمر، وأبي ذر، وعلي، وعمر بن عنبسة، وعوف بن مالك الأشجعي، والعرباض، وتوفي في حدود المائة، وروى له الأربعة.

أبو النصر الهروي

 

 

صفحة : 2572

 

عبد الرحمن بن عبد الجبار بن عثمان بن منصور بن عثمان الفامي، أبو النصر ابن أبي عبد الرحمن من أهل هراة. كان من المعدلين بها ومن وجوه محدثيها وأدبائها وأولاده وأحفاده شهود. سمع الكثير من عبد الله بن محمد بن علي الأنصاري، ومحمد بن علي العميري، ونجيب بن ميمون الواسطي وجماعة. وقدم بغداذ سنة تسع عشرة وخمس مائة، وسمع بها أبا القاسم هبة الله بن الحصين، وأبا غالب أحمد بن الحسن بن البناء وغيرهما، وحدث باليسير، وتوفي سنة ست وأربعين وخمس مائة. ومن شعره: الوافر

يروم القلب عيشا مستطـابـا                      مدامـا لا يغـيره الـزوال

ومن عرف الزمان درى يقينا                      بأن منال ما يرجو مـحـال

فطب نفسا بما قضت الليالي                      فليس لدفع ما يقضي احتيال

فلا حـزن يدوم ولا سـرور                      ولا هجر يدوم ولا وصـال وكان كثير الصلاة والصدقة، دائم الذكر، متوددا متواضعا، له معرفة بالحديث والأدب، يكرم الغرباء، وفيه دماثة أخلاق، حسن السيرة جميل الطريقة.

أبو عدنان السلمي

عبد الرحمن بن عبد الأعلى، أبو عدنان. يقال اسمه ورد بن حليم السلمي من أهل البصرة، مولى بني سليم. كان علامة راوية، أخذ عن أبي زيد الأنصاري، وأبي عبيدة والأصمعي وطبقتهم. وكان شاعرا راوية، وكان معلما وكتابه بالبصرة في بني جشم بن سعد، وكان يتطوع على المعلمين وعلى أصحابه بتعليمه، روى عنه الجاحظ حكايات. ومن شعره: الكامل

أهملت نفسك في هواك ولمتنـي                      لو كنت تنصف لمت نفسك دوني

ما بال عينك لا ترى أقـذاءهـا                      وترى الخفي من القذى بجفوني  سحنون

عبد الرحمن بن عبد الحليم بن عمران، الشيخ الإمام المحدث المقرئ الفقيه، صدر الدين أبو القاسم الأوسي الدكالي المالكي الملقب سحنون.

كان إماما فقيها مفتيا متفننا كثير الفضائل قوي العربية زعر الأخلاق. ولد سنة ست عشرة وقيل سنة عشر، وتوفي سنة خمس وتسعين وست مائة. قدم الإسكندرية في عنفوان شبابه، وقرأ بها على أبي القاسم الصفراوي، وسمع منه ومن علي بن مختار العامري، وابن رواح وجماعة، وقرأ الحديث على الشيوخ، وسمع منه ابن الظاهري والمزي وابن سيد الناس والبرزالي وطائفة.

أبو طالب ابن العجمي

عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن الكرابيسي، الفقيه العالم أبو طالب بن العجمي الحلبي. كان رئيسا محتشما، ومفتيا محترما. روى عنه جماعة وعذبه التتار. ومات سنة ثمان وخمسين وست مائة.

سديد الدين القوصي

عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن رافع العثمان القوصي الكيزاني، سديد الدين. سمع من مجد الدين القشيري ومن ابنه تقي الدين، ومن عبد العظيم، ومن ابن برطلة، ومن ابن عبد السلام وغيرهم. وحدث بقوص. سمع منه شرف الدين النصيبي وغيره. وحدث بالقاهرة وقرأ الفقه للشافعي على مجد الدين القشيري. وكان خفيف الروح، وكان الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد ينبسط معه وينشده: الرجز

بين السديد والسداد سـد                      كسد ذي القرنين أو أشد ولد بقوص سنة أربع وعشرين وست مائة، وتوفي بها سنة خمس عشرة وسبع مائة.

أبو الفضل اللمغاني

عبد الرحمن بن عبد السلام بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن الحسن بن اللمغاني، أبو الفضل الفقيه الحنفي البغداذي، قرأ القرآن والخلاف، وناظر ودرس، وناب في الحكم والقضاء عن القاضي محمود بن أحمد الزنجاني، ثم عن قاضي القضاة محمد بن يحيى بن فضلان وبعده عن قاضي القضاة أبي صالح الحنبلي، وعن قاض القضاة عبد الرحمن بن مقبل، وولي التدريس بجامع السلطان ثم بمشهد أبي حنيفة وولي قضاء بغداذ وخوطب بأقضى القضاة، واستناب نوابا في الحكم والتدريس، وولي التدريس بالمستنصرية، وحدث عن والده وغيره، ومولده سنة أربع وستين وخمس مائة، وتوفي سنة تسع وأربعين وست مائة.

ابن الطبيز الرامي

عبد الرحمن بن عبد العزيز أحمد، أبو القاسم الحلبي المعروف بابن الطبيز الرامي. سكن دمشق، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة.

أبو سليمان المقدسي

 

 

صفحة : 2573

 

عبد الرحمن بن عبد الغني بن عبد الواحد بن علي، الفقيه أبو سليمان ابن الحافظ المقدسي محيي الدين. ولد سنة ثلاث وثمانين، وتوفي سنة ثلاث وأربعين وست مائة. سمع من أبيه والخشوعي وجماعة، وتفقه على الموفق. وكان فقيها متقنا صالحا عابدا مدرسا من أعيان الحنابلة، قيل إنه حفظ كتاب الكافي جميعه. وكان دائم البشر حسن الأخلاق، روى عنه جماعة.

أبو الفرج البزاز الحنبلي

عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن محمد بن عبد الله بن وريد، بفتح الواو وتشديد الراء المكسورة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها دال مهملة، الشيخ المعمر كمال الدين أبو الفرج البغداذي الحنبلي المقرئ البراز المكبر والده بجامع القصر، شيخ دار الحديث بالمستنصرية ويلقب بالفويرة من الفروهية. انتهى إليه علو الإسناد في عصره. ولد قبل سنة خمس مائة وتوفي سنة سبع وتسعين وست مائة. وسمع من أحمد بن صرما وأبي بكر زيد بن يحيى البيع، وأبي الوفاء محمود بن مندة قدم عليهم، والمهذب بن قنيدة، وعمر بن كرم، ومحمد بن الحسن بن إشنانة، وأبي الكرم علي بن يوسف بن صبوحا، ويعيش بن مالك، ومحمد بن أحمد بن صالح الجيلي، وأبي صالح نصر بن عبد الرزاق الجيلي، وسعد بن ياسين، ومحمد بن محمد بن أبي حرب النرسي، ومحمد بن أبي جعفر بن المهتدي. وأجاز له ابن طبرزد، وابن سكينة، وابن شنيف، ومحمد بن هبة الله الوكيل، وابن الأخضر وخلق. وقرأ السبعة على فخر الدين محمد بن أبي الفرج الموصلي الفقيه صاحب ابن سعدون القرطبي، وسمع منه كتابي التيسير والتجريد في القراءات وروى الكثير. وعمر دهرا طويلا. ذكره الفرضي فقال: شيخ جليل ثقة مسند مكثر، وأذن للشيخ شمس الدين في جميع مروياته.

عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق

عبد الرحمن بن عبد الله بن عثمان، أبو عبد الله وقيل أبو محمد، هو ابن أبي بكر الصديق. أدرك هو وأبوه وجده وابنه أبو عتيق بن عبد الرحمن النبي صلى الله عليه وسلم، يقال أنه شقيق عائشة، حضر بدرا مشركا ثم أسلم قبل الفتح وهاجر، وكان أسن ولد أبي بكر، وكان شجاعا راميا قتل يوم اليمامة سبعة نفر. توفي بالصفاح من مكة على أميال، وحمل فدفن في مكة سنة ثلاث وخمسين للهجرة.

شهد بدرا وأحدا مع الكفار ودعي إلى البراز وقام إليه ليبادره، فذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: متعني بنفسك وأسلم. وصحب النبي صلى الله عليه وسلم في هدنة الحديبية وكان اسمه عبد الكعبة فغيره النبي صلى الله عليه وسلم. وكان فيه دعابة، ونفله عمر بن الخطاب ليلى بنت الجودي حين فتح دمشق، وكان رآها قبل ذلك وكان يشبب بها وله فيها أشعار وخبره معها مشهور، وكان قد رآها في طريقه بالشام لما وافى الشام تاجرا، وهي قاعدة على طنفسة وحولها ولائد فقال فيها، وكانت تسمى ليلى: الطويل

نذكر ليلى والسماوة دونـهـا                      وما لابنة الجودي ليلى وما ليا

وأنى تعاطي قلبـه حـارثـية                      تدمن بصرى أو تحل الجوابيا

وأنى يلاقيها، بلى، ولعلـهـا                      إن الناس حجوا قابلا أن توافيا ولما أمر له بها عمر أحبها وآثرها على نسائه، فشكونه إلى عائشة فعاتبته على ذلك، فقال: والله لكأني أرتشف بأنيابها حب الرمان، فأصابها مرض وقع له فوها، فجفاها حتى شكته إلى عائشة، فقالت له: يا عبد الرحمن لقد أحببت ليلى وأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أن تجهزها إلى أهلها، فجهزها إلى أهلها. ومن شعره فيها: الوافر

وقالت يا ابن عم استحي مني                      ولا بقيا إذا ذهب الـحـياء ومنه أيضا: المديد

يا ابنة الجودي قلبي كئيب                      مستهام عندها لا يؤوب

جاورت أخوالها حي عك                      فلعك من فؤادي نصيب

ولقد قلت ملن لام فيهـا                      إن من تلحون فيه حبيب

 

صفحة : 2574

 

وشهد الجمل مع عائشة، وكان أخوه محمد يومئذ مع علي ابن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين. ولما قعد معاوية على المنبر ودعا إلى بيعة يزيد كلمه الحسين بن علي وابن الزبير، وأما عبد الرحمن هذا فقال له: أهرقلية إذا مات كسرى كان كسرى مكانه? لا نفعل والله أبدا، وبعث إليه معاوية بمائة ألف درهم بعد أن أبى البيعة فردها، وقال: أبيع ديني بدنياي? وخرج إلى مكة، فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد، يقال إنه مات في نومة نامها وظعنت أخته عائشة من المدينة حاجة ووقفت على قبره فبكت وتمثلت: الطويل

وكنا كندماني جـذيمة حـقـبة                      من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

فلما تفرقنا كأنـي ومـالـكـا                      لطول اجتماع لم نبت ليلة معا أما والله لو حضرتك، لدفنتك حيث مت، ولو حضرتك ما بكيت، وروى له الجماعة.

عبد الرحمن الهذلي

عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفي، أحد الأعلام. قال أبو حاتم: تغير قبل موته بيسير سنة أو سنتين، وكان أعلم أهل زمانه بحديث ابن مسعود. وتوفي في حدود الستين ومائة، وروى له الأربعة.

أبو سعيد البصري

عبد الرحمن بن عبد الله، مولى بني هاشم، شيخ بصري حافظ جاور بمكة، وثقه أحمد وغيره. وتوفي سنة سبع وتسعين ومائة، وروى له البخاري والنسائي وابن ماجة.

أبو القاسم الجوهري المالكي

عبد الرحمن بن عبد الله المالكي، الفقيه أبو القاسم المصري الجوهري، توفي بمصر. وهو صاحب مسند الموطأ، ووفاته سنة إحدى وثمانين وثلاث مائة وسمع الموطأ منه جماعة منهم أبو العباس بن نفيس المقرئ، وأبو بكر بن عبد الرحمن، وأبو الحسن بن فهد وآخرون.

عبد الرحمن بن أبي عصرون

عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن أبي عصرون، القاضي نجم الدين التميمي ابن شيخ الشام أبي سعد شرف الدين. توفي بحماة سنة إحدى وعشرين وست مائة.

عبد الرحمن القس

عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار، من بني جشم بن معاوية، كان فقيها عابدا من عباد مكة فسمي القس لعبادته، وكان يشبه بعطاء بن أبي رباح. فسمع يوما غناء سلامة جارية سهيل بن عبد الرحمن على غير تعمد منه، فبلغ غناؤها منه كل مبلغ. فرآه مولاها فقال له: هل لك أن أخرجها إليك أو تدخل فتسمع غناءها ولا تراها ولا تراك، فأبى: فلم يزل به حتى أخرجها إليه فأقعدها بين يديه فغنته، فشغف بها. وعرف ذلك أهل مكة واشتهر بها، فهي تعرف بسلامة القس، وقد تقدم ذكرها في مكانه من حرف السين، وقالت له يوما: أنا والله أحبك، قال: وأنا والله أحبك. قالت: وأحب أن أضع فمي على فمك، قال: وأنا والله أحب ذلك. قالت: وألصق بطني مع بطنك، قال: وأنا والله أحب ذلك. قالت: فما يمنعك فإن الموضع لخال? قال: إني سمعت الله جل وتعالى يقول:  الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين  ، فأنا أكره أن يكون خلة ما بيني وبينك تؤول إلى عداوة، ثم قام وانصرف، وعاد إلى ما كان عليه من النسك. ومن قوله فيها: الكامل

إن التي طرقتك بـين ركـائب                      تمشي بمزهرها وأنت حـرام

لتصيد قلبـك أو جـزاء مـودة                      إن الرفيق له عـلـيك ذمـام

باتت تعللنا وتحـسـب أنـنـا                      في ذاك أيقاظ ونـحـن نـيام

حتى إذا سطع الضياء لناظـر                      فإذا وذلـك بـينـنـا أحـلام

قد كنت أعذل في السفاهة أهلها                      فاعجب لما تـأتـي بـه الأيام

فاليوم أعذرهم وأعلـم أنـمـا                      سبل الضلالة والهدى أقـسـام ومنه قوله أيضا: الطويل

ألم ترها لا يبعـد الـلـه دارهـا                      إذا رجعت في صوتها كيف تصنع

تمد نـظـام الـقـول ثـم تـرده                      إلى صلصل في صوتها يترجـع ومنه قوله: السريع

سلام هل لي منكم ناصر                      أم هل لقلبي عنكم زاجر

قد سمع الناس بوجدي بكم                      فمنهم اللائم والـعـاذر وله فيها غير ذلك.

عبد الرحمن بن عبد الله

عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي، توفي أبوه وله ست سنين فحفظ عنه شيئا. وروى عن علي، والأشعث بن قيس، ومسروق وغيرهم، وتوفي سنة تسع وسبعين للهجرة، وروى له الجماعة.

أغشى همدان

 

 

صفحة : 2575

 

عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث بن نظام الهمداني، أبو المصبح الأعشى. كوفي من شعراء الدولة الأموية، كان زوج أخت الشعبي، والشعبي زوج أخته. وكان من القراء والفقهاء، ثم ترك ذلك وقال الشعر. وكان قد قص يوما على الشعبي مناما رآه، قال: رأيت كأني دخلت بيتا فيه حنطة وشعير، وقيل خذ أيهما شئت. فأخذت الشعير، فقال الشعبي: إن صدقت رؤياك تركت القرآن وقراءته وقلت الشعر، فكان كما قال.

وكان قد وفد على النعمان بن بشير إلى حمص ومدحه، فيقال إنه حصل له أربعين ألف دينار، وسيأتي ذلك في ترجمة النعمان، وكان الحجاج قد أغراه الديلم فأسروه وبقي في أيديهم مدة. ثم إن بنت العلج الذي أسره هويته فمكنته من نفسها، فواقعها ثماني مرات، فقالت له الديلمية: يا معشر المسلمين، هكذا تفعلون بنسائكم? فقال: هكذا نفعل كلنا. فقالت: بهذا العمل نصرتم، أفرأيت إن خلصتك أن تصطفيني لنفسك? قال: نعم. فلما كان الليل حلت قيوده وأخذت به طريقا تعرفها حتى خلصته، فقال شاعر من أسراء المسلمين: الطويل

فمن كان يفديه من الأسر ماله                      فهمدان تفديها الغداة أيورها وقال الأعشى قصيدته الفائية التي يذكر فيها أسره بالديلم، وهي طويلة مذكورة في كتاب الأغاني، وأولها: الكامل

لمن الظعائن سيرهن تزحـف                      عوم السفين إذا تقاعس مجذف

مرت بذي خشب كأن حمولها                      نخل بيثرب حمله متضعـف وقتله الحجاج في حدود التسعين لما خرج مع ابن الأشعث.

ثم إن أعشى همدان خرج هو والشعبي مع ابن الأشعث على الحجاج، فلما أتى به أسيرا قال الحجاج: الحمد لله الذي أمكن منك، ألست القائل كذا. ألست القائل كذا. وعدد له أشعارا قالها فلم يبق في المجلس أحد إلا أهمته نفسه وأرعدت فرائصه. فقال الأعشى لا بل أنا القائل: الطويل

أبى الله إلا أن يتمـم نـوره                      ويطفئ نار الفاسقين فتخمدا منها:

فصادمنا الحجاج دون صفوفنـا                      كفاحا ولم يضرب لذلك موعدا

بجند أمير المؤمنـين وخـيلـه                      وسلطانه أمسى معانـا مـؤيدا

ليهنئ أمير المؤمنين ظهـوره                      على أمة كانت بغاة وحـسـدا

وجدنا بني مـروان خـير أئمة                      وأعظم هذا الخلق حلما وسؤددا

وخير قريش من قريش أرومة                      وأكرمهم إلا النبي مـحـمـدا وهي أكثر من هذا. فقال الحجاج: أظننت يا عدو الله أنك تخدعني وتفلت من يدي، ألست القائل: الكامل

وإذا سألت المجد أين محله                      فالمجد بين محمد وسعيد

بين الأشج وبين قيس بيته                      بخ بخ لوالده وللمـولـود والله لا تبخبخ بعدها أبدا. أولست القائل: الكامل

وإذا تصبك من الحوادث نكبة                      فاصبر فكل غيابة ستكشف أما والله لتكونن غيابة لا تتكشف عنك، يا حرسي اضربا عنقه.

?جمال الدين الباذرائي

عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد بن الحسن، الإمام جمال الدين ابن الشيخ الإمام نجم الدين الباذرائي، درس بمدرسة والده إلى أن مات سنة سبع وسبعين وست مائة عن نيف وخمسين سنة. وكان صدرا رئيسا حسن الأخلاق، ودرس بعده الشيخ تاج الدين.

ياقوت الرومي

عبد الرحمن بن عبد الله الرومي، أبو الدر الشاعر مولى أبي منصور الجيلي. كان اسمه ياقوت، أقام بالمدرسة النظامية ببغداذ وحفظ القرآن، وله معرفة بالأدب، ويقول الشعر ولا يمدح به أحدا، وكان غاليا في التشيع، وجد ميتا في داره سنة اثنتين وعشرين وست مائة. ومن شعره: الخفيف

كتبت أدمعي ووجدي أمـلـي                      أسطرا أعربته نقطا وشـكـلا

يا مقيما على الجفا صل محبـا                      غادر البعد طل جفنـيه وبـلا

أي مفت أفتاك في حل قتـلـي                      ليت شعري وأي شرع أحـلا

أسلوا يروم بالـعـذل مـنـي                      عاذلي في الهوى سفاها وجهلا

أنا لا أعرف السـلـو ولا أس                      مع في حب من تعشقت عذلا

كلـمـا زادنـي دلالا وعـزا                      زدته في الهوى خضوعا وذلا

يا حبـيبـا صـدوده وتـجـن                      يه بقتلي يوم الفراق استـقـلا

 

صفحة : 2576

 

 

لا يظن المحب عنك وإن غي                      بت عن لحظ طرفه يتسلـى قلت: شعر وسط خال من الغوص.

السهيلي

عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن أصبع بن الحسين بن سعدون بن رضوان ابن فتوح، الإمام الخير أبو القاسم وأبو زيد ويقال أبو الحسن ابن الخطيب أبي عمر بن أبي الحسن الخثعمي السهيلي الأندلسي المالقي الحافظ صاحب المصنفات. توفي سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.

ناظر علي بن الحسين بن الطراوة في كتاب سيبويه، وسمع منه كثيرا من اللغة والآداب. وكف بصره وهو ابن سبع عشرة سنة، وكان عالما بالعربية واللغة والقراءات، بارعا في ذلك تصدر للإقراء والتدريس والحديث، وبعد صيته وجل قدره، جمع بين الرواية والدراية، له من المصنفات الروض الأنف في شرح السيرة وهو كتاب جليل جود فيه ما شاء، ذكر في آخره أنه استخرجه من نيف وعشرين ومائة ديوان، وله التعريف والإعلام بما في القرآن من الأسماء والأعلام وشرح آية الوصية، ومسألة رؤية الله تعالى ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، وشرح الجمل ولم يتم، ومسألة السر في عور الرجال. واستدعي إلى مراكش وحظي بها، وولي قضاء الجماعة وحسنت سيرته.

وأصله من قرية بوادي سهيل من كورة مالقة، لا يرى سهيل من جميع المغرب إلا من جبل مطل على هذه القرية، ومن شعره يرثي بلده، وكان الفرنج قد خربته وقتلت رجاله ونساءه، وكان غائبا عنه: الكامل

يا دار أين الـبـيض والأرآم                      أم أين جيران علـي كـرام

دار المحب من المنـازل آية                      حيى فلم يرجع إلـيه سـلام

أخرسن أم بعد المدى فنسينـه                      أم غال من كان المجيب حمام

دمعي شهيدي أنني لم أنسهـم                      إن السلو على المحب حـرام

لما أجابتني الصدى عنهم ولـم                      يلج المسامع للحبـيب كـلام

طارحت ورق حمامها مترنما                      بمقال صب والدموع سجـام

يا دار ما صنعـت بـك الأيام                      ضامتك والأيام ليس تـضـام ومر على دار بعض تلاميذه من أعيان البلد، وهو جميل وقد مرض، فلقيه بعض المشايخ فقال له: عجبا لمرورك ههنا، فأشار بيده نحو دار التلميذ وأنشد: المتقارب

جعلت طريقي عـلـى داره                      وما لي على داره من طريق ?وعاديت من أجله جيرتي وواخيت من لم يكن لي صديقي

فإن كان قتلـي حـلالا لـه                      فسيري بروحي مسير الرفيق وله الأبيات المشهورة وهي: الكامل

يا من يرى ما في الضمير ويسمع                      أنت المعد لكـل مـا يتـوقـع

يا من يرجى للشـدائد كـلـهـا                      يا من إليه المشتكي والمـفـزع

يا من خزائن رزقه في قول: كن                      أمنن فإن الخير عندك أجـمـع

ما لي سوى فقري إلـيك وسـيلة                      فبالافتقار إلـيك ربـي أضـرع

ما لي سوى فقري إلـيك حـيلة                      فلئن رددت فـأي بـاب أقـرع

ومن الذي أدعو وأهتف باسـمـه                      إن كان فضلك عن فقيرك يمنع

حاشى لمجدك أن يقنط عـاصـيا                      الفضل أجزل والمواهب أوسـع  ?ابن شبراق

عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الخضرمي، الأديب أبو القاسم المعروف بابن شبراق بكسر الشين المعجمة وسكون الباء الموحدة وبعد الراء ألف وقاف كان شاعرا نبيلا، صنف كتابا في الأخبار، وعمر طويلا. وتوفي سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.

دحمان الأشقر المغني

عبد الرحمن بن عبد الله. هو دحمان الأشقر المغني، مولى بني ليث. كان بالمدينة في حياة الأربعة الحذاق: ابن سريج، ومعبد، ومالك، وابن عائشة ويأخذ منهم. وكان جيد الصوت والضرب، من فحول المغنين. وكان فاضلا عفيفا حسن المذهب، يوالي بين الحج والغزو. عاش تسعين سنة، ومات في خلافة الرشيد.

 

 

صفحة : 2577

 

قال إسحاق: قال دحمان: ما رأيت باطلا أشبه بحق من الغناء. وكان منقطعا إلى جعفر بن سليمان وهو على المدينة، وكان دحمان يقول: ما رأيت مثل مجلس جعفر، فيه الفقهاء والعلماء والأدباء والشعراء والقراء والمغنون وأصحاب النجوم والغريب والمضحكون. قال علي بن سليمان النوفلي: غنى دحمان الأشقر الرشيد صوتا فأطربه واستعاده مرارا، ثم قال له: احتكم، فقال: غالب والريان، وهما ضيعتان بالمدينة غلتهما أربعون ألف دينار، فأمر له بهما. فقيل له: يا أمير المؤمنين إن هاتين الضيعتين من جلالتهما وعظم خطرهما لا يجب أن يسمح بمثلهما، فقال الرشيد لا سبيل إلى استرداد ما أعطيت، ولكن احتالوا في شرائهما منه، فوافقوه على مائة ألف دينار فرضي بذلك. وأخبروا الرشيد فقال: ادفعوها إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين في إخراج مائة ألف دينار لمغن من بيت المال أشنوعة عظيمة، ولكن تقطعها له. فكان يوصل بخمسة آلاف دينار وثلاثة آلاف دينار حتى استوفاها. قال أبو الفرج: والصوت الذي طرب له الرشيد حتى حكمه: الطويل

إذا نحن أدلجنا وأنت إمامـنـا                      كفى لمطايانا بـرياك هـاديا

أعد الليالي ما نأيت ولم أكـن                      لما مر من دهري أعد اللياليا

ذكرتك بالديرين يوما فأشرقت                      بنات الهوى حتى بلغن التراقيا  أبو القاسم ابن الصفراوي

عبد الرحمن بن عبد المجيد بن إسماعيل بن عثمان بن يوسف بن الحسين بن حفص، الإمام جمال الدين أبو القاسم بن الصفراوي الإسكندري المالكي المقرئ المفتي. كان من الأئمة الأعلام، وانتهت إليه رئاسة الإقراء والفتوى ببلده، ونزل الناس بموته درجة. وحدث ببلده وبمصر والمنصورة، وتوفي سنة ست وثلاثين وست مائة. وكان قرأ القراءات على أبي القاسم عبد الرحمن بن خلف بن محمد بن عطية القرشي، وعلى أبي العباس أحمد بن جعفر الغافقي، وأبي يحيى اليسع بن حزم، وأبي الطيب عبد المنعم بن الخلوف، وتفقه على العلامة أبي طالب صالح بن إسماعيل ابن بنت معافي، وسمع السلفي، وإسماعيل بن عوف، وأبا محمد العثماني وجماعة، وهو آخر من قرأ على الأربعة المذكورين. خرج لنفسه مشيخة، وكان صاحب ديانة وجلالة.

خطيب الموصل

عبد الرحمن بن عبد المحسن بن الخطيب أبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي ثم الموصلي، تاج الدين خطيب الموصل وابن خطبائها. كان ورعا صالحا متواضعا شاعرا. توفي سنة تسع وعشرين وست مائة وقيل سنة ست. ومن شعره: مجزوء الكامل

ما لاح بارق مقـلـتـي                      ه لناظـر إلا وشـامـه

للصبح يشبـه والـظـلا                      م إذا بدا خدا وشـامـه

فاقت محاسنه الـحـسـا                      ن عراقة فينا وشـامـه

يا لـيتـه مـثـل يقـو                      ل لمن إليه بي وشى: مه قلت: شعر جيد صنع.

كمال الدين الحنبلي

عبد الرحمن بن عبد المحسن بن حسن بن ضرغام بن صمصام، العدل الفقيه المعمر كمال الدين الكناني المصري المنشاوي الحنبلي. مولده بالمنشية، التي لقناطر الأهرام، سنة سبع وعشرين وست مائة، وتوفي سنة عشرين وسبع مائة. وكان يخطب بالمنشية، وصار عدلا بالقاهرة دهرا. سمع من سبط السلفي، والصدر البكري، وطائفة. سمع منه الشيخ شمس الدين، واختبل قبل موته بنحو من أربعة أشهر.

أبو الفرج الواسطي

عبد الرحمن بن عبد المحسن بن عمر بن شهاب، الإمام المفتي الشيخ تقي الدين أبو الفرج الواسطي الشافعي محدث واسط. ولد سنة أربع وسبعين وست مائة وتوفي رحمه الله ببغداذ سنة أربع وأربعين وسبع مائة. وحج مرات، وقدم دمشق وسمع هو والشيخ شمس الدين الذهبي، وأخذ عن المخزومي وبنت جوهر والموجودين. وكان كيسا خيرا لطيفا متواضعا، كثير المحاسن، له صورة كبيرة ببلده ومروة تامة. قال الشيخ شمس الدين: حصل كثيرا من مروياته وحدثنا عنه ابن ثردة الواعظ، وصحب الشيخ عز الدين الفاروثي.

أبو محمد اليلداني

 

 

صفحة : 2578

 

عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن عبد الله بن أحمد بن محمد، المحدث المعبر تقي الدين أبو محمد اليلداني الدمشقي الشافعي. ولد بيلدا سنة ثمان وستين، وتوفي سنة خمس وخمسين وست مائة، وطلب الحديث على كبر وسمع من ابن كليب وكتب الكثير بخطه. وكان ثقة صالحا وسمع من ابن بوش والمبارك بن المعطوش، وهبة الله بن الحسن السبط وغياث بن الحسن بن البناء، وأعز بن علي الظهيري، ودلف بن قوفا والحسن بن أشنانة، وعبد اللطيف بن أبي سعد، وبقاء بن جند، وأبي علي بن الخريف، وعبد الله بن جوالق، وعبد الرحمن بن أحمد الغمري وخلق كثير بالموصل وبدمشق. وروى عنه سبطه عبد الرحمن، ومحمد بن الزراد، والبدر بن التوزي والجمال علي بن الشاطبي، والشرف محمد بن رقية، وأبو المعالي ابن البالسي وجماعة. وكان خطيب يلدا، قال أبو شامة: أخبرني أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: يا رسول الله ما أنا رجل جيد? فقال له: بلى أنت رجل جيد.

الحافظ أبو يحيى الأندلسي

عبد الرحمن بن عبد المنعم بن محمد بن عبد الرحيم بن محمد بن الفرس، الوزير الحافظ اللغوي أبو يحيى ابن القاضي النحوي أبي محمد الخزرجي الأندلسي، أحد الأعلام، ذكره ابن الزبير في تاريخه فقال: أخذ عن أبيه فأكثر، وعن أبي الحسن ابن كوثر، وعبد الحق بن بونة، وابن عبد الله الحجري، وابن رفاعة وانفرد بالرواية عنهم. وأجاز له من المشرق الأرتاحي والبوصيري. كان يدري كثيرا من مشكل الحديث وغريبه. صنف كتابا في غريب القرآن وأسمع الحديث طول حياته. وكانت فيه غفلة قصرت به عن قضاء بلده وخطابته. توفي في سنة ثلاث وستين وست مائة.

أبو الفرج النابلسي

عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن سلطان بن سرور بن رافع، الفقيه الإمام جمال الدين أبو الفرج النابلسي الحنبلي، والد شهاب الدين العابر وفخر الدين علي. ولد سنة أربع وتسعين وخمس مائة، وتوفي سنة ست وخمسين وست مائة. سمع بالقدس من أبي عبد الله محمد بن البناء، وبنابلس من البهاء، وبدمشق من الكندي والموفق، وحضر ابن طبرزد. قال الشيخ شمس الدين: وروى لنا عنه أحمد بن ياقوت المقرئ، وكان فقيها دينا له شعر حسن.

سبط اليلداني

عبد الرحمن بن عبد المولى بن إبراهيم، الشيخ المسند أبو محمد اليلداني الصحراوي، سبط اليلداني. سمع الكثير من جده تقي الدين الرشيد العراقي، وابن خطيب القرافة، وشيخ الشيوخ الأنصاري. وأجاز له العلم السخاوي، والضياء الحافظ وآخرون، وتفرد بأشياء. وسمع منه الأمير سيف الدين تنكز، نائب الشام، كتاب الآثار للطحاوي ووصله ورتب له مرئبا. وكان فقيرا، ثم عمي. مولده سنة أربعين وست مائة، و توفي سنة خمس وعشرين وسبع مائة.

قاضي القضاة ابن بنت الأعز

عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن خليفة بن بدر، قاضي القضاة تقي الدين أبو القاسم ابن قاضي القضاة تاج الدين العلامي المصري الشافعي، المعروف بابن بنت الأعز. كان جده لأمه يعرف بالقاضي الأعز وزير الملك الكامل بن أبي بكر بن أيوب. وعلامة بالفتح والتخفيف قبيلة من لخم.

سمع من الرشيد العطار وغيره، وتفقه على ابن عبد السلام وعلى والده. وكان فقيها إماما مناظرا بصيرا بالأحكام، جيد العربية، ذكيا كاملا نبيلا رئيسا، شاعرا محسنا فصيحا مفوها، وافر العقل كامل السؤدد. روى عنه الدمياطي في معجمه شيئا من نظمه، توفي كهلا سنة خمس وتسعين وست مائة. ودرس في أماكن كبار، وولي الوزارة مع القضاء ثم استعفى من الوزارة.

أخبرني الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس قال: كان يجلس وكتاب الحكم بين يديه والموقعون وتعمل محاسبات الضمان من خاطره أو كما قال: وتولى القضاء بعده الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد، وأخبرني من لفظه العلامة أثير الدين أبو حيان قال: كان ناظر الخزانة السلطانية ودرس بالصالحية وفي قبة الشافعي، وبالشريفية، وبالمشهد. وتولى مشيخة الشيوخ بخانقاه سعيد السعداء، وتولى الخطابة بالجامع الأزهر. وله خطب ونثر ونظم، وكان فصيحا جزلا في أحكامه يقظا مهيبا، كثير التحرز والاجتهاد في من ينوب عنه، وكان من بقايا العلماء الفصحاء ومن أحد رجال الكمال بالديار المصرية.

 

 

صفحة : 2579

 

وامتحن في الدولة الأشرفية على يد الصاحب شمس الدين ابن السلعوس ثم نجاه الله تعالى منه، قلت: في ترجمة الشيخ تقي الدين ابن دقي العيد كلام له علاقة بهذه الترجمة ويقال أنه لما حكم بتعزيره نهره ابن السلعوس وأقامه، فقالوا له: هذا تعزير مثل هذا، فقال: لا بد من زيادة، فقالوا ينزل من القلعة إلى باب زويلة ماشيا، ولم ينله منه مكروه بعد عزله من القضاء أكثر من ذلك. وسكن القرافة، وتولى التدريس بالمدرسة المجاورة لضريح الشافعي، ثم سافر إلى الحج فقضي الفريضة وزار النبي صلى الله عليه وسلم وأنشد بها القصيدة البليغة من نظمه وهي: الكامل

الناس بين مرجز ومقصـد                      ومطول في مدحه ومجود

ومخبر عمن روى ومعبـر                      عما رآه من العلى والسؤدد ومنها:

ما في قوى الأذهان حصر صفاتك ال                      عليا وما لك من كريم الـمـحـتـد

وتفاوت المـداح فـيك بـقـدر مـا                      بصروا به من نورك الـمـتـوقـد

ومن المحيط بكنه معنـى مـدهـش                      بهر بالعقول بمـصـدر وبـمـورد

فإذا البصائر فيه تـنـفـذ أدركـت                      منه معاني حسـنـهـا لـم ينـفـد

ورأتك في مرآتها شمس الضـحـى                      طلعت بكـل تـنـوفة وبـفـدفـد

فأفادت البصر الـصـحـيح إنـارة                      يقوى على البصر الضعيف الأرمـد

وأخو الهوى في طـرفـه وفـؤاده                      مرض يصد عن الطريق الأقـصـد

جحد الظهيرة نـورهـا واهـا لـه                      حرم السعادة كـلـهـا إن يجـحـد

حظ الـمـوفـق أن يتـابـع دائمـا                      أخلاقك الغر الـكـرام ويقـتـدي منها في الإسراء:

لم يرتفع لله من خفـض ولـم                      يقرب إليه من مكان مبـعـد

لكن أرى محبوبه ملـكـوتـه                      حتى يشاهد فيه ما لم يشـهـد

وأراه كيف تفاضل الأملاك وال                      رسل الكرام وكان غير مقلـد

ورأت له الأملاك في ملكوتـه                      جاها وقدرا مثلـه لـم يوجـد منها:

هل جاء قبلك مرسل بخـوارق                      إلا وجئت بـمـثـلـه أو أزيد

فعصا الكليم تبدلت أعراضـهـا                      وكذا عصاك تبدلت بمـهـنـد

نبعت عيون الماء من حجر لـه                      والنبع في الأحجار كالمتعـود

إن البعيد من العـوائد كـلـهـا                      نبع بدا بين الأصابع فـي الـيد

هذي هي الكف التي قد أصبحت                      بحرا إذا مدحوا لنا الكف الندي منها:

ومحبة المولى هي الأصل الذي                      لم يثن عزمك عنه رأي مفنـد

ومن الذي يجلي عليه جـهـرة                      ذاك الجمال فلم يخر ويسجـد منها:

صلوات ربك والسلام علـيك مـا                      حييت من متـوجـه مـتـعـبـد

وجرى بذكرك لفظه في وقـفـه                      لخطابة أو جـلـسة لـتـشـهـد

وإذا مررت على القلوب فكنت كال                      أرج الذكي يرد روح المـكـمـد

وعلى صحابتك الكـرام وآلـك ال                      براء من قول الجهول المفـسـد

وعلى ضجيعيك اللذين تـشـرفـا                      بالقرب منك بمقعـد وبـمـرقـد

لمكانة في الدين ما خفيت عـلـى                      متبصر قرأ الـعـلـوم مـسـدد

قاما بنصرك في الحـياة عـبـادة                      وجلادة أزرت على المتـجـلـد

وتكفلا بعد الممات بـنـصـرة ال                      دين الحنيف على الكفور الملحـد

وتقلدا الأمر العظيم فـأصـبـحـا                      حججا على كل امرء مـتـقـلـد

تالله قـد جـدا ومـا ونـيا ولا اخ                      تارا الأخف على الأشق الأجهـد

وكلاهما بزلال فضـلـك يرتـوي                      وبفضل برد من شعارك يرتـدي

كانا سعادة كـل عـبـد صـالـح                      وشقاوة الباغي الجهول المفـنـد قلت: شعر جيد جزل يدل على تمكن من العلوم.

عماد الدين النابلسي

 

 

صفحة : 2580

 

عبد الرحمن بن عبد الوهاب، عماد الدين النابلسي، كان إماما في علم الطب يشتغل الناس عليه، قال العلامة أثير الدين أبو حيان: فأخذ ذلك عن ابن الرحبي ولم يصنف فيه ولا في غيره، وكان له نظم يسير، وحفظ جملة كبيرة من شعر أبي العلاء المعري ويتمثل به كثيرا، وقرأ ألفية ابن مالك على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، واشتغل الشيخ بهاء الدين عليه في الطب، ودرس أخيرا قطعة من مختصر الوجيز لابن يونس. وكان يميل إلى كلام ابن حزم ويعظمه، وقرأت عليه جملة من الأرجوزة المنسوبة لأبي علي ابن سينا في الطب بحثا ونظرا، وقيدت لي جملة منها شرحا. ولما مات دفن خارج باب النصر في التربة التي ابتناها رحمه الله تعالى.

ضياء الدين البعلبكي

عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن علي بن أحمد بن عقيل، الإمام الخطيب المعمر ضياء الدين ابن الخطيب السلمي البعلبكي. ولد سنة أربع عشرة وست مائة وتوفي سنة ثلاث وسبع مائة. سمع من أبي المجد القزويني كتاب شرح السنة وكان خاتمة أصحابه، وسمع من ابن اللتي، وابن الصلاح. وكان خيرا متواضعا يخضب بالحمرة. بقي في الخطابة بضعا وخمسين سنة، وسمع منه الشيخ شمس الدين.

القاري

عبد الرحمن بن عبد القاري، والقارة هم بنو الهون ابن خزيمة أخو أسد وكنانة، ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس له منه سماع ولا له عنه رواية. وكان مع عبد الله بن الأرقم على بيت المال في خلافة عمر بن الخطاب، وهو من جملة تابعي المدينة وعلمائها. توفي سنة ثمانين للهجرة وروى له الجماعة.

عبد الرحمن بن عثمان التيمي

عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، له صحبة ورواية. أسلم يوم الحديبية، وقيل يوم الفتح. قتلوا ثلاثتهم مع ابن الزبير. وفاته سنة ثلاث وسبعين للهجرة. وروى له مسلم وأبو داود والنسائي.

عبد الرحمن التيمي

عبد الرحمن بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشي التيمي، ابن أخي طلحة بن عبيد الله. أسلم يوم الحديبية وقيل يوم الفتح. قتل في يوم واحد هو وابن الزبير في مكة. وكان له من الولد معاذ وعثمان رويا عنه، وروى عنه محمد بن المنكدر، وأبو سلمة ابن عبد الرحمن، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب. قال ابن سعد: يقال لعبد الرحمن هذا شارب الذهب.

الشيخ العفيف

عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف بن حبيب، أبو محمد بن أبي نصر التميمي الدمشقي المعدل الرئيس، المعروف بعفيف الدين. قرأ لأبي عمرو على أحمد بن عثمان غلام السباك. حضر جنازته حتى اليهود والنصارى، وتوفي سنة عشرين وأربع مائة.

أبو القاسم الشهرزوري

عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر المفتي، صلاح الدين أبو القاسم الكردي الشهرزوري الشافعي، والد الشيخ تقي الدين ابن الصلاح. تفقه على القاضي شرف الدين بن أبي عصرون وغيره، وأفتى وأفاد، وسكن حلب بآخرة، ودرس بالمدرسة الأسدية. وتوفي بحلب سنة ثمان عشرة وست مائة.

ابن عسيلة الصنابحي

عبد الرحمن بن عسيلة الصنابحي، نزيل الشام. هاجر فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه بخمس أو ست. وتوفي في حدود الثمانين للهجرة وروى له الأربعة.

أبو الفرج ابن الجوزي

عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن الجوزي، أبو الفرج الواعظ، قال محب الدين بن النجار: هكذا كان يكتب نسبه بخطه، وهكذا رأيته بخط شيخه ابن ناصر. وذكر لي ولده أبو القاسم علي أنه: عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله بن حمادى بن أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي بن عبد الله بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. كان والده يعمل الصفر بنهر العلامين فتوفي وهو صغير.

وقال الشيخ شمس الدين: الحافظ العلامة جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي القرشي التيمي البكري البغداذي الحنبلي الواعظ، صاحب التصانيف المشهورة في أنواع العلوم، عرف جدهم بالجوزي لجوزة في داره بواسط، ولم يكن بواسط جوزة غيرها، وجعفر في أجداده هو الجوزي منسوب إلى فرضة من فرض البصرة يقال لها جوزة. توفي أبوه وله ثلاث سنين، وكانت له عمة صالحة وكان أهله تجارا في النحاس، ولهذا كتب اسمه في بعض السماعات عبد الرحمن الصفار.

 

 

صفحة : 2581

 

ولد تقريبا سنة ثمان أو سنة عشر وخمس مائة، وتوفي سنة سبع وتسعين وخمس مائة. وأول سماعه سنة عشر وخمس مائة، وسمع بعد ذلك في سنة عشرين من ابن الحصين، وعلي بن عبد الواحد الدينوري، والحسين بن محمد البارع، وأبي السعادات أحمد بن محمد المتوكلي، وأبي سعد إسماعيل بن أبي صالح المؤذن، وأبي الحسن علي بن الزاغوني الفقيه، وأبي غالب ابن البناء، وأخيه يحيى، وأبي بكر محمد بن الحسين المزرفي، وهبة الله بن الطير وقاضي المارستان، وأبي غالب محمد بن الحسن الماوردي، وخطيب أصبهان أبي القاسم عبد الله بن محمد الراوي عن ابن شمة، وأبي السعود أحمد بن المجلي، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد الفزاز، وعلي بن أحمد الموحد، وأبي القاسم السمرقندي، والحافظ بن ناصر وأبي الوقت. وخرج لنفسه مشيخة عن سبعة وثمانين شيخا، ووعظ وهو صغير وقرأ الوعظ على الشريف أبي القاسم علي بن يعلى بن عوض العلوي الهروي، وأبي الحسن ابن الزاغوني، وتفقه على أبي بكر أحمد بن محمد الدينوري. وتخرج في الحديث بابن ناصر، وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي. وروى عنه ابنه محيي الدين يوسف الواعظ، والحافظ عبد الغني. والشيخ الموفق، والبهاء عبد الرحمن، والضياء محمد وابن خليل والدبيثي، ومحب الدين ابن النجار، واليلداني، والزين بن عبد الدايم، وأحمد ابن أبي الخير، والعز عبد العزيز بن الصقيل، والنجيب عبد اللطيف وخلق سواهم، وأجاز لجماعة كثيرين. وقال يوما في وعظه للخليفة: يا أمير المؤمنين إن تكلمت خفت منك وإن سكت خفت عليك، فأنا أقدم خوفي عليك على خوفي منك، إن القائل اتق الله خير من القائل أنتم أهل بيت مغفور لكم. وقال في قوله تعالى:  أليس لي ملك مصر  يفتخر فرعون بنهر ماء أجراه ما أجراه، وقال، وقد طرب الجمع: فهمتم فهمتم.

صنف ابن الجوزي وله ثلاث عشرة سنة، وصنف في علوم القرآن المغني وهو أحد وثمانون جزءا، زاد المسير أربع مجلدات، تيسير البيان مجلدة، تذكرة الأريب في تفسير الغريب مجلد، والوجوه والنظائر مجلد، عيون المشتبه جزء، وعيون علوم القرآن مجلد، وفنون الأفنان، مجلد، الناسخ والمنسوخ خمسة أجزاء.

في الأصول: منهاج الوصول إلى علم الأصول، خمسة أجزاء، نفي التشبيه مجلد.

في علم الحديث: جامع المسانيد سبع مجلدات، الحدائق أربع وثلاثون جزءا، نقي النقل خمسة أجزاء، المجتنى مجلد، النزه جزءان، وغرر الأثر ثلاثون جزءا، التحقيق في أحاديث التعليق مجلدان، المديح سبعة أجزاء، الموضوعات مجلدان، الأحاديث الواهية مجلدان، الكشف لمشكل الصحيحين أربع مجلدات، الضعفاء والمتروكون مجلد، الناسخ والمنسوخ في الحديث مجلد، الأحاديث الرائقة.

في التاريخ: التلقيح مجلد، المنتظم في تاريخ الملوك والأمم عشر مجلدات، شذور العقود مجلد، مناقب بغداذ مجلد، درة الإكليل أربع مجلدات، المصباح المضيء في سيرة المستضيء مجلد، الفجر النوري المجد الصلاحي مجلد.

في الفقه: المذهب في المذهب الإنصاف في مسائل الخلاف، جنة النظر وحبة النظر، مختصر المختصر في مسائل النظر، الدلائل في مشتهر المسائل، المنفعة في المذاهب الأربعة.

وفي الوعظ: اليواقيت في الخطب مجلد، المنتخب في الغرب مجلد، نسيم الرياض مجلد، اللؤلؤ مجلد، كتاب الذخائر مجلد، كنز المذكر مجلد، الأرج مجلد، اللطف مجلد، اللطائف مجلد، كنوز الرموز مجلد، النفيس مجلد، زين القصص مجلد، مغاني المعاني مجلد، منهاج القاصدين أربع مجلدات، المدهش مجلدان، النور في فضائل الأيام والشهور مجلد، أخبار النساء مجلد، المختار من أخبار الأخيار مجلد، ملتقط الحكايات ثلاثة عشر جزءا، عيون الحكايات مجلد، إرشاد المريدين مجلد، صفوة الصفوة خمس مجلدات، مثير العزم الساكن مجلد، كان وكان في الوعظ مجلد، المعقد المقيم مجلد، تبصرة المبتدي عشرون جزءا، تحفة الوعظ مجلد، المرتجل مجلد، التبصرة ثلاث مجلدات، ياقوتة المواعظ.

 

 

صفحة : 2582

 

في فنون شتى: ذم الهوى مجلدان، صدي الخاطر خمسة وستون جزءا أحكام الأشعار عشرون جزءا، الأذكياء مجلد، الحمقى مجلد، تلبيس إبليس مجلدان، لقط المنافع في الطب مجلد، الشيب والخضاب مجلد، المختار من الأشعار عشر مجلدات، ملح الأحاديث لغة الفقه، تقويم اللسان منهاج الإصابة في محبة الصحابة، الملهب المطرب. صبا نجد، منتهى المشتهى، فنون الألباب، الظرفاء والمتحابين، تقريب الطريق الأبعد في فضل مقبرة أحمد، أسباب الهداية لأرباب البداية، واسطات العقود، الوفا بفضائل المصطفى، مناقب علي، مناقب أبي بكر، مناقب عمر، مناقب عمر بن عبد العزيز، مناقب سعيد بن المسيب، مناقب الحسن البصري، مناقب إبراهيم بن أدهم، مناقب الفضيل، مناقب الشافعي، مناقب أحمد، مناقب معروف، مناقب الثوري، مناقب بشر، مناقب رابعة، كتاب المعاد، إيقاظ الوسنان، الثبات عند الممات، النصر على مصر، خطب اللآلي على الحروف، مواسم العمر، مرافق الموافق.

الخواتم، المجالس اليوسفية، كتاب تنوير الغش في فضائل الحبش، كتاب المحتسب في النسب، كتاب عجائب البدائع الدالة على الصنائع، كتاب منقد المعتقد، كتاب السهم المصيب في الرد على الخطيب، عدد الآخرة لنيل المراتب الفاخرة، وأكثر هذه التصانيف متداخل بعضه في بعض، فإنه كان إذا جمع كتابا كبيرا اختصر منه كتابا أوسط ثم اختصر من الأوسط كتابا أصغر، ولم يزل يصنف ويكتب إلى أن مات. قال سبطه شمس الدين أبو المظفر: سمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بإصبعي هاتين ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني، وسئل عن عدد تصانيفه فقال: تزيد على ثلاث مائة وأربعين مصنفا، منها ما هو عشرون مجلدا ومنها ما هو كراس واحد.

قال الشيخ شمس الدين: ومع تبحر ابن الجوزي في العلوم وكثرة اطلاعه وسعة دائرته لم يكن مبرزا في علم من العلوم وذلك شأن كل من فرق نفسه في بحور العلوم مع أنه كان مبرزا في الوعظ والتفسير والتاريخ متوسطا في المذهب والحديث، له اطلاع على متون الحديث. وأما الكلام على صحيحه وسقيمه فما له فيه ذوق المحدثين ولا نقد الحفاظ المبرزين، فإنه كثير الاحتجاج بالأحاديث الضعيفة مع كونه كثير السياق لتلك الأحاديث في الموضوعات. والتحقيق أنه لا ينبغي الاحتجاج بها ولا ذكرها في الموضوعات، وربما ذكر في الموضوعات أحاديث حسانا قوية. وكلامه في السنة مضطرب تراه في وقت سنيا وفي وقت متجهما محرفا للنصوص، والله يرحمه ويغفر له. مرض خمسة أيام وتوفي يوم الجمعة بني العشاءين الثالث عشر من شهر رمضان، سنة سبع وتسعين وخمسمائة كما تقدم في أول ترجمته، في داره ودفن بمقبرة أحمد بن حنبل وكان يوما عظيما، وختم الناس الختمات على قبره طول رمضان على الشمع والقناديل. وغالي بعض الناس فقال: جمعت كراريسه التي كتبها وحسبت مدة عمره وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسعة كراريس، وهذا مما لا يكاد العقل يعيه. ويقال إنه جمعت براية أقلامه فكان شيئا كثيرا، وأوصى أن يسخن به الماء الذي يغسل به ففعل ذلك وفضل منها. ومن شعره: المتقارب

عذيري من فتية بالعـراق                      قلوبهم بالجـفـا قـلـب

يرون العجيب كلام الغريب                      وقول القريب فلا يعجـب

ميازيبهم إن تندت بـخـير                      إلى غير جيرانهم تقلـب

وعذرهم عند توبـيخـهـم                      مغنية الحي ما تـطـرب ومنه: المتقارب

ولـمـا رأيت ديار الـصـفـا                      ء أقوت من اخوان أهل الصفاء

سعيت إلى سـد بـاب الـوداد                      وأحزن قلبي وفـاة الـوفـاء

فلما اصطحبنا وعـاشـرتـكـم                      علمـت بـكـم أن رأي وراء ومنه: السريع

يا صاحبي إن كنت لي أو معي                      فعج إلى وادي الحمى نرتعي

وسل عن الوادي وسـكـانـه                      وأنشد فؤادي في ربي المجمع

حي كتب الرمل رمل الحمـى                      وقف وسلم لي على لعـلـع

واسمع حديثا قد روته الصبـا                      تسنـده عـن بـانة الأجـرع

وابك فما في العين من فضلة                      ونب فدتك النفس عن مدمعي

وانزل على الشيخ بـواديهـم                      واشمم عشيب البلد البلـقـع

 

صفحة : 2583

 

 

رفقا بنضو قد براه الأسـى                      يا عاذلي لو كان قلبي معي

لهفي على طيب ليال خلـت                      عودي تعودي دنفا قد نعـي

إذا تذكرت زمانـا مـضـى                      فريح أجفاني من أدمـعـي

يا نفس كم أتلو حديث المنـى                      ضاع زماني بالمنى فاقطعي

يا قلب لا تسكن على بعدهـم                      وأنت يا عين فلا تهجـعـي ومنه: المتدارك

أترى سألوا لمـا رحـلـوا                      ماذا فعلوا في من قتـلـوا

خدعوا بالبين قبيل الـبـين                      فسحب العين لـهـم ذلـل

وغدوا فطمعت غداة سمعت                      مني وقنعت بمـا بـذلـوا

أحليف النوم أقـل الـلـوم                      فعندي اليوم بهـم شـغـل

أدنى جزعي لم يبق معـي                      قلبا فيعي منذ احتـمـلـوا

لما ذرفت عيني وقـفـت                      أترى عرفت ما بي الإبـل

ولحا اللاحي وهو الصاحي                      ولهم زاجي وأنا الثـمـل وأمر أن يكتب على قبره: مجزوء الرمل

يا كـثـير الـعـفــو عـــمـــن                      كثـــر الـــذنـــب لــــديه

جاءك المذنب يرجوالصفح عن جرم يديه

أنا ضيف وجزاء الض                      يف إحـــســـان إلـــــــيه ولما دفن قام الفاخر العلوي من أهل مشهد موسى بن جعفر فأنشد: الكامل

الدهر عن طمـع يعـز ويخـدع                      وزخارف الدنيا الدنية تـطـمـع

وأعنة الآمال يطلقـهـا الـرجـا                      طمعا وأسياف المنية تـقـطـع

والمرء مع علم بها مـتـشـوف                      أبدا إلى نيل المنى مـتـطـلـع

يا لاهيا أمـن الـحـوادث غـرة                      يغدو ويصفو زمانـه يتـمـتـع

الشيب يا مغرور يأنـفـه الـردى                      أأمنت من حدثـانـه مـا يفـزع

والمـوت آت والـحـية مـريرة                      والناس بعضهم لبعـض يتـبـع

وأخو البصيرة من لـخـير زارع                      والمرء يحصد في غد مـا يزرع

واعلم بأنك عـن قـلـيل صـائر                      خبرا فكن خبرا لخـير يسـمـع

لعلا أبي الفرج الذي بعد التـقـى                      والعلم يوم حواه هذا المضـجـع

ما زال منتصرا لمذهـب أحـمـد                      بالحق والحجج التـي لا تـدفـع

خبر عليه الشرع أصبـح والـهـا                      ذا مقلة حـرى عـلـيه تـدمـع

من للفتاوى المشكلات وحـلـهـا                      من ذا لخرق الشرع يوما يرقـع

من للمنابر إن تفاقم خـطـبـهـا                      ولرد مسـألة يقـول فـيسـمـع

من للجدال إذا الشفاه تقـلـصـت                      وتأخر القرم الهزبر المصـقـع

من للدياجي قـائمـا ديجـورهـا                      يتلو الكتاب بمقـلة لا تـهـجـع

أجمال دين محمد مات الـتـقـى                      والعلم بعدك واستجم المـجـمـع

وتزعزعت لعظيم يومك حـسـرة                      صم الجبال وكيف لا تـتـصـدع

قد كنت كهفا للشريعة والـهـدى                      حبرا بألوان الـهـداية تـلـمـع

يا قبره جـادتـك كـل غـمـامة                      هطالة بـركـابـه لا تـقـلـع

فيك الصلاة مع الصلاة فتـه بـه                      وانظر به يا ويك ماذا تـصـنـع

يا أحمدا خذ أحمد الثـانـي الـذي                      ما زال عنك مدافعـا لا يرجـع

خذ يا ابن حنبل سيفك الماضي الذي                      ما زال عـنـك إذا يذب ويدفـع

أقسمت لو كشف الغطا لرأيتـمـو                      وفد الملائك حولـه تـتـسـرع

ومحمـد يبـكـي عـلـيه وآلـه                      خير البرية والبـطـين الأنـزع

والحور حور القدس حول ضريحه                      والأولياء بقـبـره تـتـضـرع  ابن مسعدة الكاتب

عبد الرحمن بن علي بن مسعد العامري الكاتب، من أهل غرناطة وولي الخطبة بجامع قصبتها، قال ابن الأبار في تحفة القادم: وكان من مشاهير الكتاب وتوفي عن سن عالية يوم الأربعاء الموفي ثلاثين لجمادى الأولى ودفن مستهل جمادى الآخرة سنة ست مائة.

كتب إليه أبو الحسين بن جبير أيام الشبيبة: الوافر

 

صفحة : 2584

 

 

أبا يحيى أما في الدن فضل                      تجود به فقد طال الظماء

فأطلعها لنا حمراء نبصـر                      بها شفقا تضمنها الإنـاء

وليس بلونها لكن أغـبـت                      زيارتها فخامرها الحـياء فبعث إليه بمطلوبه وكتب إليه مراجعا: الوافر

نعم نعمت بك العلياء خـذهـا                      معتقة كما طلـعـت ذكـاء

فأما طعمهـا فـألـذ شـيء                      كان مزاجها عـسـل ومـاء

بعثت بها على الغرض الموفي                      وحسبي ما تتضمنـه الإنـاء أدام الله رفعتكم، فهمت إشارتك في معنى البيت المشار إليه وعرضت منه بمثله: البسيط

فسقياني شرابا نـام طـابـخـه                      نصف النهار ونصفا لم يجد حطبا وكتب ابن مسعدة إلى أبي بكر يزيد بن محمد بن صقلاب: الوافر

أبا بكر ودادك مـن ضـمـيري                      كرقم يحابر أعي الصـنـاعـا

وأنسى أن الرقاع وأم سلـمـى                      فما لي لا أضمنه الـرقـاعـا

وأكتم لوعتي حفـظـا لـشـيب                      لحى في الحب من كشف القناعا

وخلة واصل بالـذات تـبـقـى                      بالإعراض لا تألو انقـطـاعـا

وإن يك طيفك الساري سـهـيلا                      قنعت به على البعد اطـلاعـا

وحسبي نفثة في عقـد سـحـر                      لخمسك تلأم النفس الشعـاعـا فكتب ابن صقلاب: الوافر

خلفت وإنها لـيمـين صـدق                      كشفت بها إلى الخصم القناعا

لقدك في لطيف الوهم مثـوى                      أمنت به من الحدق اطلاعـا

وكنت أقول في قلبي ولـكـن                      خشيت عليه من كبدي انصداعا

متى ما شئت لقيا أمسكتـنـي                      ولم أثقل لها في الحين بـاعـا

إذا تدعو فـأول مـن يلـبـي                      وإن تأمر فأول من أطـاعـا

فزد بضمائري شرب التصافي                      ورد حوض الهوى في انتجاعا

أأسترها علاقة مـسـتـهـام                      فشا ولها بكم ونمى وشـاعـا

ويا لـلـه لا أنـسـى رياضـا                      سلبت بها مسالمة الشجـاعـا

جرى الأدب المعين بحافتـيهـا                      وأخدمها الخواطر والـيراعـا

غلبت بها النجوم على سراهـا                      وضمنت الربيع بها الرقاعـا

وخذها من يدي زمن ظـلـوم                      تقسم صرفه النفس الشعاعـا قلت: قوله مسالمة الشجاعا، لحن فما أدري علام نصب الشجاع وهو مضاف، وكأن يشير في هذا إلى البيت الذي يمثل به النحاة وهو: الرجز

قد سالم الحيات منه القدمـا                      الأفعوان والشجاع الشجعما مستشهدين على نصب الأفعوان والشجاع بأنه مفعول سالم، والقدما تثنية قدم، وإنما سقطت النون وتقديره: قد سالم القدمان منه الحيات والأفعوان وما بعده بدل.

ابن شقف الأتون البغداذي

عبد الرحمن بن علي بن حمزة بن أحمد بن حمزة، أبو محمد المقرئ المعروف بابن شقف الأتون البغداذي. قرأ بالروايات على والده وعلى أبي بكر محمد بن الحسين المرزفي، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، والشريف أبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي، وعبد الله سبط ابن الخياط وغيرهم. وسمع من ابن الحصين، وابن البناء، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد الفزاز وغيرهم، توفي سنة ست وسبعين وخمس مائة.

ابن التانرايا البغداذي

عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن علي بن محمد، أبو محمد الواعظ المعروف بابن التانرايا، الأولى تاء مثناة من فوق والثانية نون، البغداذي. قرأ الفقه على أبي الفتح بن المني، وناظر الفقهاء وصحب ابن الجوزي أبا الفرج وقرأ عليه، وتكلم على المنابر في الوعظ مدة، وتولى مشيخة رباط الزوزني، واستنابه القاضي أبو صالح الجيلي وأذن له في سماع البينة والإسجال عنه، وعزل بعزل أبي صالح. وأدركه أجله فجأة بعد يومين من عزله سنة ست وعشرين وست مائة.

صدر الدين القرميسني

عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي بن محمد بن مهران، الفقيه صدر الدين ابن العلامة أبي الحسن القرميسيني الشافعي الإسكندري الحاكم. ولي الحكم بالغربية مدة وخدم في الديوان مدة ودرس بمصر بزاوية المسجد البهنسي مدة، وله شعر وأدب. وتوفي سنة أربع وثلاثين وست مائة. ومن شعره: الخفيف

 

صفحة : 2585

 

 

قد لعمري أخطأت يا ابن عبادة                      في ترقيك جاهلا للشـهـادة

لو تصديت للقـيادة قـلـنـا                      أنت علق وما بلغت القـيادة  أبو القاسم سعد الله البيساني

عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحيم بن علي، الأجل سعد الدين أبو القاسم بن زين الدين أبو الحسن ابن القاضي الأشرف بهاء الدين ابن القاضي الفاضل البيساني الأصل المصري. روى عن جعفر الهمداني، وعبد الصمد الغضاري، ويوسف ابن المخيلي، ويوسف بن جبريل بن محبوب وجماعة، وحضر علي ابن باقا وتفرد أجزاء وكان من المكثرين، وكان خازن الكتب التي بمدرسة جده. سمع منه الجماعة، وتوفي يوم الأحد مستهل شهر رجب سنة خمس وتسعين وست مائة. ومن غريب الاتفاق أنه في هذا الوقت توفي رجل بدمشق باسمه واسم أبيه وجده وهو عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن عبد الرحمن الفقيه العدل جمال الدين الشهرزوري الشاهد.

ابن أبي صادق النيسابوري

عبد الرحمن بن علي بن أحمد بن أبي صادق النيسابوري، طبيب فاضل بارع في العلوم الحكمية، كثير الدراية في الصناعة الطبية، له حرص بالغ في الاطلاع على كتب جالينوس وما أودعه فيها من غامض الصناعة. وكان فصيحا بليغ الكلام فيما فسره من كتب جالينوس وهو في نهاية الجودة والإتقان، وقيل إنه اجتمع بابن سينا واشتغل عليه.

 

وله من الكتب: شرح كتاب المسائل في الطب لحنين بن إسحاق اختصار شرحه الكبير، شرح الفصول لأبقراط، ووجد خطه على هذا الشرح سنة ستين وأربع مائة، شرح تقدمه المعرفة، شرح كتاب منافع الأعضاء لجالينوس، ووجد خطه عليه سنة تسع وخمسين وأربع مائة، وله حل شكوك الرازي على كتب جالينوس.  القاضي المرتضى العسقلاني

عبد الرحمن بن علي بن قريش، يلقب القاضي المرتضى بهاء الدين من أهل عسقلان، انتقل إلى مصر وكتب في الدواوين، وكان من أهل البلاغة والكفاية جليل القدر، وتوفي رحمه الله تعالى في ...

رستة الأصبهاني

عبد الرحمن بن عمر بن يزيد بن كثير الزهري رستة الأصبهاني المدائني. سمع يحيى القطاع، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الوهاب الثقفي وغيره. وروى عنه ابن ماجة، ومحمد بن يحيى بن منده، وعبد الله بن أحمد بن أسيد، وابن أخيه عبد الله بن محمد ابن عمر الزهري، وابن أخيه الآخر محمد ابن عبد الله بن عمر وخلق. وكان عنده عن ابن مهدي ثلاثون ألف حديث. توفي في سنة خمسين ومائتين أو في حدودها.

أبو الفضل المجلد

عبد الرحمن بن عمر بن حميلة العجان، أبو الفضل المجلد صاحب أبي بكر بن الزاغوني، كان موصوفا بحسن الصنعة في تجليد الكتب. سمع أبا عثمان إسماعيل بن محمد بن أحمد بن ملة الأصبهاني، وحدث باليسير. وتوفي سنة اثنتين وخمسين وخمس مائة.

أبو محمد الحراني

عبد الرحمن بن عمر بن بركات بن شحانة بالشين المعجمة والحاء المهملة المحدث العالم، سراج الدين أبو محمد الحراني. توفي بميافارقين سنة ثلاث وأربعين وست مائة. سماعاته كثيرة سنة نيف عشرة وست مائة بدمشق ومصر وحلب والموصل. وكتب شيئا كثيرا، وكان ثقة فهما حسن المحاضرة.

الصاحب ابن أبي جرادة

عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة الصاحب قاضي القضاة مجد الدين أبو المجد ابن الصاحب العلامة كمال الدين أبي القاسم ابن العديم العقيلي الحلبي الحنفي.

ولد سنة ثلاث عشرة أو قريبا منها، وتوفي سنة سبع وسبعين وست مائة، سمع من ثابت بن مشرف حضورا وعن عمر بن أبيه القاضي أبي غانم هبة الله وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وأبي حفص الشهروزدي وعبد الرحمن بن بصلا وابن شداد والحاكم وعبد اللطيف بن يوسف وابن زوزيه وابن اللتي وأبي الحسن ابن الأثير وجماعة بحلب وجماعة بمكة وجماعة بدمشق وجماعة ببغداد وجماعة بمصر وجماعة بالإسكندرية، وقرأ بالسبع على الفاسي وخرج له ابن الظاهري معجما في مجلدة، وأجاز له المؤيد الطوسي.

 

 

صفحة : 2586

 

وكان صدرا معظما محتشما ذا دين وتعبد وأوراد وسيرة حميدة لولا ما كان فيه من التيه. وكان إماما مفتيا مدرسا عالما بالمذهب عارفا بالأدب، وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بظاهرية القاهرة وحضره السلطان وهو لم يأت بعد، فطلبه السلطان فقيل حتى يقضي ورد الضحى، ثم جاء وقد تكامل الناس فقام كلهم ولم يقم هو لأحد. ثم قدم على قضاء الشام وهو بزي الوزراء والرؤساء لم يعبأ بالمنصب ولا غير زيه ولا وسع كمه، ومر بوادي الربيعة وهو مخوف فنزل وصلى ورده ولما فرغ ركب وسار، وكان يتواضع للصالحين ويعتقد فيهم. ودرس بدمشق في عدة مدارس. وسمع منه ابن الظاهري، والدمياطي، والحارثي، وشرف الدين الحسن بن الصيرفي وقطب الدين بن القسطلاني، وبهاء الدين يوسف بن العجمي، وابن العطار، وابن جعوان وجماعة، وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته، وتوفي في سادس عشر شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة، ودفن بتربته قبالة جوسق ابن العديم عند زاوية الحريري، وكان يوما مشهودا. ورثاه الشعراء منهم العلامة شهاب الدين محمود بقصيدتين إحداهما أولها: الوافر

أقم يا ساري الخطـب الـذمـيم                      فقد أدركت مجد بني الـعـديم

هدمت وكنت تقصر عنه بـيتـا                      له شرف يطول على النـجـوم

قصدت ذوي الجمال فعاجلتهـم                      يداك بحل عقدهـم الـنـظـيم

أتدري من أصبت وكيف أمست                      بك العلياء دامـية الـكـلـوم

وكيف رفعت قدر الجهل لـمـا                      خفضت منارة أعلام العـلـوم

ومكنت الصغار مـن الأيامـى                      وسلطت الشظاء على الـيتـيم

ولم تترك لوفـد الـرفـد أيدي                      شطاك سوى البكاء على الرسوم

عثرت وقد ضللت بطود عـلـم                      أما تمشي على السنن الـقـويم

بمن أودى بصرف الدهر قدمـا                      فثار عليه لـلـثـأر الـقـديم

بمن بسط الندى فأفـاض عـدلا                      يكف الليث عن ظلم الظـلـوم

صحيح الزهـد غـادره تـقـاه                      وخوف الله كالنضو الـسـقـيم

فكم قد بات وهو من الخـطـايا                      سليم النفس في ليل الـسـلـيم

وكم أورى هداه المستـضـيء                      وكم أروى نداه غـلـيل هـيم

مضى وسراح منزلـه الـثـريا                      ومورد بيته قـلـب الـغـيوم

وودع والثنـاء عـلـى عـلاه                      يفوق مضاعف النبت العـمـيم

وساد وكان للفـضـلاء مـنـه                      حنو المرضعات على الـيتـيم

وغاب فأعدم الأسماع لـفـظـا                      أرق من الـمـدامة لـلـنـديم

أمجد الدين دعوة مـسـتـنـيم                      لأنـواع الـكـآبة مـسـتـديم

حللت من الجـنـان أجـل دار                      وقلبي حل بعدك في الجـحـيم

فما لي غير حزني من صـديق                      ولا غير المدامع مـن حـمـيم

إذا ما شام نوء الأنس طـرفـي                      ليمطرني اهتمامي بالهـمـوم

سقاك من الجنان رحيق لطـف                      يدار عليك مفضوض الخـتـوم

ولا برحت ركاب المزن تسري                      إلى مثواك مطلـقة الـرسـيم ورثاه بقصيدة أخرى جيدة جاء منها أخيرا: الطويل

أمر على مغناه كي يذهب الأسى                      كعادته الأولى فيغري ولا يغني

وتنثر عيني لؤلؤا كان كـلـمـا                      يساقطه من فيه تلقطـه أذنـي

وأحسد عجم الطير فيه لأنـهـا                      تزيد على إعراب لفظي باللحن

وأقسم أن الفضل مات لمـوتـه                      ويخطر في ذهني أخوه فأستثني  أبو القاسم الأنصاري

عبد الرحمن بن عمر بن عذرة، أبو القاسم الأنصاري القاضي، من أهل الجزيرة الخضراء، كان خطيبا مفوها واستعمل في قضاء الجزيرة، توفي بها سنة ست وست مائة. أورد له ابن الأبار في تحفة القادم من أبيات راجع بها أبا عمرو بن عتاب الشريشي: الطويل

ترفق على النفس النفـيسة إنـهـا                      أجل نهى من أن تحملهـا هـمـا

كبير عليهـا أن تـهـيم بـخـطة                      وقد عظمت قدرا وقد رسخت حلما

وقد طلعت شمسا إلى كل نـاظـر                      وما خفيت إلا على ناظر أعمـى

 

صفحة : 2587

 

 

رويدك يا إنسان عين زمانـنـا                      فقد لاحظ الإقبال والسعد أوهما ووقف هو وأخواه أبو بكر محمد وأبو الحكم عبد الرحيم على قبر أبيهم أبي حفص فقال أبو القاسم: البسيط

يا أيها الواقف استغفر لمودعه                      رب العباد ورب المجد والكرم فقال أبو بكر:

واحذر هجوم المنايا واستعد لها                      وعد نفسك إحدى هذه الرمـم فقال أبو الحكم:

ولا تغرنك الدنيا وزينـتـهـا                      فكم أبادت وكم أفنت من الأمم وهي طويلة أكثر من هذا ونقشوها على قبر أبيهم في مرمرة.

عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب

عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب، هم ثلاثة. الأكبر منهم هو أبو بيهس، وبيهس لقب اسمه عبد الله، وعبد الرحمن الأكبر هذا أدرك بسنه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه.

وعبد الرحمن بن عمر الأوسط هو أبو شحمة وهو الذي ضربه عمرو بن العاص بمصر في الخمر ثم حمله إلى المدينة فضربه أبوه أدب الوالد، ثم مرض ومات بعد شهر. قال ابن عبد البر: هكذا يروي معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه، وأما أهل العراق فيقولون إنه مات تحت سياط عمر وذلك غلط.

وعبد الرحمن بن عمر الأصغر هو أبو المجبر وإنما سمي بذلك لأنه وقع وهو صغير فتكسر فأتي به إلى حفصة أم المؤمنين فقيل لها انظري إلى ابن أخيك المكسر، فقال: ليس والله بالمكسر ولكنه المجبر.

النحاس، مسند مصر

عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد، أبو محمد التجيبي المعروف بالنحاس، مسند ديار مصر في وقته. كان الخطيب قد هم بالرحلة إليه لعلو سنده، وحديثه أعلى ما في الخلعيات. توفي سنة ست عشرة وأربع مائة.

الشنشتري الطبيب

عبد الرحمن بن عمر بن علي الهاشمي الجعفري الشنشتري الطبيب. قدم بغداذ ونزل بالنظامية وتفقه ومهر في الطب، وتخرج بابن الصباغ وبابن القسيس، ثم برع في الإنشاء والأدب وكتابة المنسوب وأيام الناس، فنوه عز الدين الجعفري متولي البصرة بذكره وأجزل عطاءه، واتصل بصاحب الديوان علاء الدين وحصل الأموال بالطب. ثم إنه أقبل على التصوف ودخل في تلك المضائق وعمر خانقاه صير نفسه شيخها، وعظم شأنه عند خربندا، وبقي دخله في العام سبعين ألفا إلى أن مات سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة وقد شاخ، وهو والد نظام الدين شيخ الربوة بدمشق.

المشارف كمال الدين الأرمنتي

عبد الرحمن بن عمر بن الحسن بن علي، كمال الدين الشيمي الأرمنتي يعرف بالمشارف، وكان كريما جوادا كثير المروءة والفتوة، شاعرا أديبا، تقلب في الخدم الديوانية، وكان فقيها حسن السيرة، توفي في سنة تسع وسبع مائة. ومن شعره: المديد

حبست جفني على الأرق                      نغمات الورق في الورق

وانعطاف الغصن صيرني                      واختلاف النور في نسق

هائما لم أدر ما فعـلـت                      يد هذا البـين بـالأفـق ومنه: الوافر

ألحظك فيه سحر أم حـسـام                      وخدك فـيه ورد أم ضـرام

وثـغـرك فـيه در أم أقـاح                      وما في فيك شهـد أم مـدام

خطرت فكان من فرط التثني                      يغرد فوق عطفيك الحـمـام

أيا من خص بالتعذيب قلـبـي                      أما في الوصل بعدك لي مرام  أبو عمرو الأوزاعي

عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، أبو عمرو الأوزاعي، إمام أهل الشام وفقيههم وعالمهم. سكن بظاهر الفراديس بمحلة الأوزاع، ثم تحول إلى بيروت فرابط بها إلى أن مات سنة سبع وخمسين ومائة، والأوزاع بطن من همدان، وولد سنة ثمانين.

وكان ثقة مأمونا فاضلا خيرا كثير العلم والحديث والفقه حجة. روى عن عطاء بن أبي رباح، والقاسم ابن مخيمرة، ومحمد بن سيرين حكاية، والزهري، ومحمد بن علي الباقر، وإسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر، وقتادة، وعمرو بن شعيب، وربيعة بن يزيد، وشداد، وأبي عمار، وعبدة ابن أبي لبابة، وبلال بن سعد، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ويحيى بن أبي كثير، وعبد الله بن عامر اليحصبي، ومكحول، وأبي كثير السحيمي وخلق.

وكانت صناعته الكتابة والترسل ورسائله تؤثر، قال ابن المنذر بشر: كان الأوزاعي كأنه أعمى من الخشوع، وقال ابن مسهر: كان يحيي الليل صلاة وقرآنا وكان يقول: لا بأس بإصلاح اللحن.

 

 

صفحة : 2588

 

وقال الأوزاعي: رأيت كأن ملكين نزلا فأخذا بضبعي فعرجا بي إلى الله وأوقفاني بين يديه فقال: أنت عبدي عبد الرحمن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال قلت: بعزتك يا رب، فرداني إلى الأرض.

قال الحكم بن موسى بن الوليد قال: ما كنت أحرص على السماع من الأوزاعي حتى رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم والأوزاعي إلى جنبه، فقلت: يا رسول الله عمن أحمل العلم? قال: عن هذا، وأشار إلى الأوزاعي. وكانت أمه تدخل منزله فتفقد مصلاه فتجده رطبا من دموعه. وقال: لا يجتمع حب علي وعثمان إلا في قلب مؤمن. وقال: إنا لا ننقم على أبي حنيفة أنه رأى، كلنا يرى، ولكننا ننقم عليه أنه رأى الشيء عن النبي صلى الله عليه وسلم فخالفه.

وقال محمد بن عبد الله الطنافسي: كنت جالسا عند الثوري، فجاءه رجل فقال: إني رأيت كأن ريحانة قلعت من المغرب، فقال: إن صدقت رؤياك مات الأوزاعي، فكتبوا ذلك، فوجدوه قد مات في ذلك الوقت.

قيل إنه دخل الحمام، وكان لصاحب الحمام حاجة، فأغلق الباب عليه وذهب، ثم جاء فوجده ميتا مستقبلا القبلة. ولم يخلف إلا ستة دنانير من عطائه. وخرج في جنازته اليهود ناحية والنصارى ناحية وكانت وفاته في صفر. ولقد كان مذهبه ظاهرا بالأندلس إلى حدود العشرين ومائتين، ثم تناقص. واشتهر مذهب مالك بيحيى بن يحيى الليثي، وكان مذهبه بدمشق مشهورا إلى حدود الأربعين وثلاث مائة، وروى له الجماعة. وولد في بعلبك، وكان فوق الربعة خفيف اللحية به سمرة وكان يخضب بالحناء بقرية خنتوس من عمل بيروت، ورثاه بعضهم بقوله: الكامل

جاد الحيا بالشام كـل عـشـية                      قبرا تضمن لحـده الأوزاعـي

قبر تضمن فيه طـود شـريعة                      سقيا له مـن عـالـم نـفـاع

عرضت له الدنيا فأعرض مقلعا                      عنهـا بـزهـد أيمـا إقـلاع  أبو زرعة الدمشقي

عبد الرحمن بن عمرو الحافظ أبو زرعة النصري الدمشقي محدث الشام عن جماعة، وروى عنه أبو داود تفسير حديث، وابن صاعد وجماعة.

قال أبو حاتم: صدوق. قال جماعة: توفي سنة إحدى وثمانين ومائتين، ومن قال سنة ثمانين فقد وهم.

ابن أبي عمرة

عبد الرحمن بن أبي عمرة الصحابي توفي سنة ستين للهجرة. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لمعاوية: اللهم اجعله هاديا مهديا واهده الهدية، قال الترمذي: حديث حسن غريب.

عبد الرحمن بن عوسجة

عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني، كان على ميمنة ابن الأشعث. قتل يوم الرادية في حدود التسعين للهجرة، وروى عن البراء بن عازب وروى له الأربعة.

?عبد الرحمن بن عوف عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي الزهري، أبو محمد.

كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم. أمه الشفاء بنت عوف بن عبد الجبار بن زهرة بن كلاب. ولد بعد الفيل بعشر سنين وأسلم قبل أن يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وتوفي سنة إحدى وثلاثين أو اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة، ودفن بالبقيع وصلى عليه عثمان، هو أوصى بذلك. وقال ابن سعد: كان سنه ثمانيا وسبعين سنة.

كان من المهاجرين الأولين، جمع الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل إلى كلب وعممه بيده وسدلها بين كتفيه، وقال له: سر باسم الله، وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه، ثم قال له: إن فتح الله عليك فتزوج بنت ملكهم، أو قال بنت شريفهم، وكان الأصبغ بن ثعلبة بن ضمضم الكلبي شريفهم فتزوج بنته تماضر وهي أم ابنه أبي سلمة الفقيه.

 

 

صفحة : 2589

 

قال ابن الزبير: وأم ابنه محمد الذي كان يكنى به، ولد في الإسلام. وابنته أم القاسم ولدت في الجاهلية، أم هؤلاء الثلاثة أم كلثوم بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وأم إبراهيم وحميد وإسماعيل أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، وأم عروة بحيرة بنت هاني بن قبيصة من بني شيبان. قتل عروة بن عبد الرحمن بن عوف بإفريقية. وأم سالم الأصغر سهلة بنت سهيل بن عمرو العامري، أخوه لأمه محمد بن أبي حذيفة. وأم أبي بكر بن عبد الرحمن أم حكيم بنت قارط بن خالد بن عبيد من كنانة. وأم عبد الله الأكبر. يكنى أبا عثمان قتل بإفريقية أيضا، والقاسم أمهما بنت أنس ابن رافع الأنصاري من بني عبد الأشهل هي أمهما جميعا، وعبد الله الأصغر هو أبو سلمة الفقيه، وعبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عوف أمه أسماء بنت سلامة بن مخرمة ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف أمه سبية من بهران، وسهيل بن عبد الرحمن بن عوف أمه مجد بنت يزيد بن سلامة الحميري، وعثمان بن عبد الرحمن ابن عوف أمه غزال بنت كسرى من سبي سعد بن أبي وقاص يوم المدائن. وجويرية بنت عبد الرحمن ابن عوف زوج المسور بن مخرمة أمها بادية بنت غيلان بن سلمة الثقفي، ومحمد بن معن وزيد بنو عبد الرحمن بن عوف أمهم سهلة الصغرى بنت عاصم بن عدي العجلاني، هذا كله قول الزبير بن بكار.

كان عبد الرحمن أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة الذين جعل عمر الشورى فيهم، وأخبر أن رسول اله صلى الله عليه وسلم توفي وهو راض عنهم. وصلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم خلفه في سفره، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عبد الرحمن بن عوف سيد من سادات المسلمين، وقال عبد الرحمن بن عوف أمين في السماء وأمين في الأرض. وقال عبد الرحمن بن عوف لأصحاب الشوري: هل لكم أن أختار لكم وأشفى منها? فقال علي رضي الله عنه أنا أول من رضي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أنت أمين في أهل السماء أمين في أهل الأرض.

وقال الزبير بن بكار: كان عبد الرحمن أمين رسول الله، صلى الله عليه وسلم على نسائه، وكان رجلا طويلا أجنا ابيض مشربا حمرة، حسن الوجه رقيق البشرة لا يغير لحيته ولا رأسه، وكان أعين أهدب الأشفار أقنى طويل النابين الأعليين ربما أدمي شفته، له جمة ضخم الكفين غليظ الأصابع، جرح يوم أحد إحدى وعشرين جراحة وجرح في رجله وكان يعرج منها.

قال ابن عبد البر: كان تاجرا مجدودا في التجارة، وكسب مالا كثيرا، وخلف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحا، وكان يدخر من ذلك قوت أهله سنة.

وقال صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف: صالحنا امرأة عبد الرحمن بن عوف، التي طلقها في مرضه، من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفا، وقيل: صولحت بذلك عن ربع الثمن من ميراثه. وأعتق في يوم واحد ثلاثين عبدا. ولم حضرته الوفاة بكى بكاء شديدا فقال: إن مصعب بن عمير كان خيرا مني توفي على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم فلم يكن له ما يكفن فيه، وإن حمزة بن عبد المطلب كان خيرا مني لم نجد له كفنا، وإني أخشى أن أكون ممن عجلت له طيباته في حياته الدنيا وأخشى أن أحبس أصحابي بكثرة مالي. ودخل على أم سلمة فقال: يا أمه قد خشيت أن يهلكني كثرة مالي، أن أكثر قريش كلهم مالا. قالت: يا بني تصدق فإني سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه. فخرج عبد الرحمن فلقي عمر فأخبره بما قالت أم سلمة، فجاء عمر فدخل عليها فقال: بالله منهم أنا? فقالت: لا ولن أقول بعدك لأحد هكذا.

???عبد الرحمن بن عياش

عبد الرحمن بن عياش لما خرج ابن الأشعث علي عبد الملك بايع أهل البصرة عبد الرحمن بن عياش وخرجوا معه لقتال الحجاج بالزاوية فهزم وفر إلى الكوفة، ثم لحق بخراسان فبويع بها بيعة ثانية. وقصد لحرب يزيد بن المهلب فالتقيا بهراة فهزم أيضا ولحق بالهند وانقضى أمره.

أبو علي بن الجراح

عبد الرحمن بن عيسى بن داود بن الجراح، أبو علي الكاتب، أخو الوزير علي ابن عيسى، كان كاتبا سديدا ولي الوزارة للراضي بالله بعد عزل أبي علي بن مقلة لأربع عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى سنة أربع عشرة وثلاث مائة، وعزل لسبع خلون من شهر رجب من السنة المذكورة. فكانت وزارته ثمانين يوما.

 

 

صفحة : 2590

 

قال أبو بكر بن مجاهد: اعتللت علة فعادني رؤساء بغداذ جميعهم إلا عبد الرحمن بن عيسى أخو الوزير علي فكتبت إليه: المتقارب

تراني أعيش إذا عدتـنـي                      وإن لم تعدني تراني أموت

تمحل بما شئت مـن ذا وذا                      فإن المكافاة ليس تفـوت فركب إلى سبعة عشر ركبة يقول في كل ركبة: زال ما في نفسك من تركي عيادتك، إلى أن حلفت له على زوال ذلك. وتوفي سنة ثمان وأربعين وثلاث مائة. له: أخبار الوزراء، كتاب الخراج التاريخ، وغير ذلك.

صاحب الألفاظ

عبد الرحمن بن عيسى بن حماد الهمذاني، كاتب بكر بن عبد العزيز ابن أبي دلف العجلي، له من التصانيف: كتاب الألفاظ. قال الصاحب بن عباد: لو أدركته لأمرت بقطع يده ولسانه؛ لأنه جمع شذور العربية الجزلة المعروفة في أوراق يسيرة، فأضاعها في أفواه صبيان المكاتب، ورفع عن المتأدبين تعب الدرس والحفظ والمطالعة. ومن شعره: البسيط

ما ودني أحـد إلا بـذلـت لـه                      صفو المودة مني آخـر الأبـد

ولا قلاني وإن كنت المحب لـه                      إلا دعوت له الرحمن بالرشـد

ولا أوتمنت على سر فبحت بـه                      ولا مددت إلى غير الجميل يدي

ولا أقول نعم يوما فأتبـعـهـا                      بلا ولو ذهبت بالمال والـولـد وتوفي سنة عشرين وثلاث مائة.

التمتام الحداد المصري

عبد الرحمن بن عيسى، أبو القاسم الكناني التمتام المعروف بالحداد المصري، نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه قال: أنشدني المذكور بدمشق سنة أربع وتسعين وخمس مائة لنفسه: المنسرح

أما ترى الغيث كلما ضحكـت                      كمائم الزهر في الرياض بكى

كالحب يبكي لديه عـاشـقـه                      وكلما فاض دمعه ضحـكـا قال: وأنشدني لنفسه: الطويل

بنفسي غزال في فؤادي كناسه                      ومرعاه قلبي ليته ذمتي رعى

دعوت عليا فاعتزيت بحـبـه                      لدين نصير وادعيت كما ادعى

وأقسم لو أن الشقي ابن ملجـم                      رأى منه ما عاينته لتشـيعـا وقال: وأنشدني لنفسه في راقصة: البسيط

وذات دل يضل المهتـدون بـهـا                      أصبحت في حبها بين الورى علما

يعلم اللين خوط البان قـامـتـهـا                      تعليم جفني من أجفانها السقـمـا

رقراقة لو مشت في جفن ذي رمد                      لما أحس به من وطئهـا ألـمـا

خفيفة الخطو لو جالت بخطوتهـا                      رقصا على الماء ما ندى لها قدما

معاذ ربي أسلوها وقـد تـركـت                      وجود قلبي في وجدي بها عدهـا  أبو نوح الخزاعي

عبد الرحمن بن غزوان، أبو نوح الخزاعي، ويقال الضبي مولاهم.

قال ابن المدائني وابن نمير: ثقة، وقال ابن معين: ليس به بأس.

توفي سنة سبع ومائتين،وروى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.

ابن غنم الأشعري

عبد الرحمن بن غنم الأشعري نزيل فلسطين. روى عن عمر وعلي ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وأبي مالك الأشعري. وتوفي سنة ثمان وسبعين للهجرة، وروى له الأربعة.

ابن غطريف البغداذي

عبد الرحمن بن أبي الفوارس بن أحمد بن شيران، أبو الفتوح السمسار المعروف بابن غطريف البغداذي. طلب الحديث بنفسه وقرأ على المشايخ، وسمع الكثير وكتب بخطه. سمع أبا غالب محمد بن الداية، وأبا الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، والحافظ ابن ناصر وغيرهم.

قال محب الدين بن النجار: توفي سنة تسع وست مائة، وأنشدنا لنفسه: الكامل

إني أسأت رجا لحلمك سـيدي                      وعظيم عفوك والتجاوز والكرم

إلا رحمت فليس غيرك راحما                      ربا سواه لمن عصاه أو اجترم

ظني بك الحسنى وأنت وليهـا                      تمحو وتثبت ما تشاء بلا قلـم  عبد الرحمن بن القاسم

عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق المدني الفقيه، أحد الأعلام، سمع أباه وأسلم مولى عمر، ومحمد بن جعفر بن الزبير وغيرهم. وكان إماما ورعا حجة وهو خال جعفر الصادق. ولد في حياة عمة أبيه عائشة، استوفده الوليد بن يزيد فمات بحوران سنة ست وعشرين ومائة، وروى له الجماعة.

ابن الرواس الدمشقي

 

 

صفحة : 2591

 

عبد الرحمن بن القاسم بن الفرح، أبو بكر الهاشمي الدمشقي المعروف بابن الرواس، وهو آخر من روى عن أبي مسهر والوحاظي، توفي سنة سبع وتسعين ومائتين.

أبو عبد الله العتقي

عبد الرحمن بن القاسم بن خالد، أبو عبد الله العتقي مولاهم المصري الفقيه المالكي. أحد الأعلام القائمين بمذهب مالك. أنفق أموالا جمة في طلب العلم. قال النسائي: ثقة مأمون، أحد الفقهاء، وعن مالك أنه ذكر عنده عبد الرحمن بن القاسم فقال: عافاه الله مثله كمثل جراب فيه مسك.

قال سحنون: رأيت ابن القاسم فقلت ما فعل الله بك? فقال: وجدت عنده ما أحببت، توفي سنة إحدى و تسعين ومائة. وروى له البخاري والنسائي. صحب مالكا عشرين سنة وانتفع به أصحابه بعد موته. وهو صاحب المدونة في مذهب مالك.

ابن المسجف العسقلاني

عبد الرحمن بن أبي القاسم بن غنائم بن يوسف، الأديب بدر الدين الكناني العسقلاني ابن المسجف الشاعر. ولد سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة وتوفي سنة خمس وثلاثين وست مائة ودفن عند والده بالمزة. وكان أديبا ظريفا خليعا، توفي فجاءة، وخلف خمس مائة ألف درهم فأخذها الجواد صاحب دمشق، وله أخت عمياء فقيرة فمنعها حقها من ميراثها. وكان بدر الدين يتجر وله رسوم على الملوك وأكثر شعره في الهجو.

نقلت من خط شهاب الدين القوصي في معجمه: كان السيد الشريف شهاب الدين ابن الشريف فخر الدولة بن أبي الجن الحسيني، رحمه الله تعالى. لما ولاه السلطان الملك الناصر، أعزه الله، النقابة على الطالبين من الأشراف، اجتمع في داره للتهنئة جماعة الولاة والقضاء والصدور، وسألني الشريف والجماعة إنشاء خطبة أمام قراءة المنشور، فذكرت خطبة على البديهة بآية جمعت فيها بين ذكر فضل أهل البيت عليهم السلام، وبين شكر السلطان على توليته ما أولاه من الإحسان، فحضر بدر الدين ابن المسجف رحمه الله المجلس وأنشد هذه الثلاثة أبيات لنفسه: الكامل

دار النقيب حوت بمن قد حـلـهـا                      شرفا يقصر عن مداه المـطـنـب

أضحت كسوق عكاظ في تفضيلهـا                      وبها شهاب الدين قـس يخـطـب

الفاضل القوصي أفصح مـن غـدا                      عن فضله في العصر يعرب يعرب وأنشدني المذكور لنفسه في الشرف الحلي الشاعر: الطويل

يقولون لي ما بال حظك ناقصـا                      لدى راجح رب الفهاهة والجهل

فقلت لهم إني سمي ابن ملـجـم                      وذلك اسم لا يقول بـه حـلـي وأنشدني لنفسه هذين البيتين وكان قد قالهما ببغداذ وقد جاء مطر كثير يوم عاشوراء في فصل الصيف: الكامل

مطرت بعاشورا وتلك فضيلة                      ظهرت فما للناصبي المعتدي

والله ما جاد الغمـام وإنـمـا                      بكت السماء لرزء آل محمد وأنشدني لنفسه يمدح الكمال القانوني: الكامل

لو كنت عانيت الكمال وجسـه                      أوتار قانون له في المجـلـس

لرأيت مفتاح السرور بكفـه ال                      يسرى وفي اليمنى حياة الأنفس وأنشدني لنفسه: الكامل

ولقد مدحتهم على جـهـل بـهـم                      وظننت فيهم للصنيعة موضـعـا

فرجعت بعد الاختـبـار أذمـهـم                      فأضعت في الحالين عمري أجمعا قلت: ومثل هذا قول سبط بن التعاويذي: السريع

قضيت شطر العمر في مدحكم                      ظنا بـكـم أنـكـم أهـلـه

وعدت أفنيه هـجـاء لـكـم                      فضاع عمري فيكـم كـلـه ومن شعر ابن المسجف: الكامل

يا رب كيف بلوتني بـعـصـابة                      ما فيهم فـضـل ولا إفـضـال

متنافري الأوصاف يصدق فيهم ال                      هاجي وتكذب فـيهـم الآمـال

غطى الثراء على عيوبهـم وكـم                      من سوءة غطى عليها الـمـال

جبناء ما استنجدتهـم لـمـلـمة                      لؤماء ما استرفدتـهـم بـخـال

فوجوههم عوذ على أمـوالـهـم                      وأكفهم مـن دونـهـا أقـفـال

هم في الرخاء إذا ظفرت بنعـمة                      آل وهـم عـنـد الـشـدائد آل ومن شعره في العزيز خليل والي دمشق: الرمل

ما خلـيل بـخـلـيل لا ولا                      صحبه أهل صلاح بل فساد

لقبوه الغرز لا جهـلا بـه                      صدقوا لكنه غـرز جـراد وقال يمدح الملك الكامل: المتقارب

 

صفحة : 2592

 

 

إذا لبس الدرع مستلـئمـا                      وكرسيه صهوة الصاهل

ترى الأرض محمرة بالدما                      ومخضرة اللون بالنـائل وقال على لسان بنت الملك الأشرف في دار السعادة: البسيط

قالت مليكة هذي الدار حين ثوى                      من شيد الدار بعد الملك بالترب

لا تحسدوني على دار السعادة بل                      دار السعادة كانت في زمان أبي وقال: السريع

إربل دار الفسق حقا فلا                      يعتمد العاقل تعزيزهـا

لو لم تكن دار فسوق لما                      اصبح بيت النار دهليزها وصل ابن المسجف في بعض سفراته إلى الموصل بما معه من تجارة، فباع الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ الأتابكي متملك الموصل شيئا معه ومدحه، فتقدم إلى نائبه الأمير أمين الدين لؤلؤ عتيقه بقضاء أشغاله فتوقف في أمره فقال له بعض أصحاب الباب: لو طاب قلب الأمين لمشى الحال وحصل المقصود، فقال: المتقارب

يقولون إن طاب قلب الأمين                      رجعت بشيء نفيس ثمـين

فقلـت أعـود بـلا حـبة                      ولا طيب الله قلب الأمـين  أبو ليلى الأنصاري

عبد الرحمن بن كعب بن عمرو، أبو ليلى الأنصاري المازني، وهو أخو عبد الله بن كعب الأنصاري. كان أبو ليلى أحد البكائين الذين نزل فيهم:  تولوا وأعينهم تفيض من الدمع  توفي أول خلافة عثمان، وكان قد شهد أحدا وما بعدها.

أبو محمد المقرئ الفرضي

عبد الرحمن بن كليب، أبو محمد الحموي المقرئ الفرضي. قال ابن عساكر: كان علامة في الفرائض والحساب، وكان يعلم الصبيان في مكتبه. توفي سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة.

شيخ الدولة

عبد الرحمن بن لؤلؤ، الأمير شيخ الدولة. قال الأمير أبو غانم شمس الدولة حامد بن عبدان: أنشدت شيخ الدولة للظاهر الجزري في وصف فرس: الكامل

أبت الحوافر أن يمس بها الثرى                      فكأنه في جريه مـتـعـلـق

وكأن أربعة تراهن طـرفـه                      فتكاد تسبقه إلى مـا يرمـق فأنشدني لنفسه في هذا المعنى: الطويل

وأدهم كالليل البهـيم مـطـهـم                      فقد عز من يعلو لساحة عرفـه

يفوت هبوب الريح سبقا إذا جرى                      تراهن رجليه مواقع طـرفـه  أبو سعد المتولي

عبد الرحمن بن مأمون بن علي بن إبراهيم، أبو سعد بن أبي سعيد المتولي النيسابوري، تفقه بمرو على أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الفوراني، وبمرو الروذ على القاضي حسين، وببخارى على أبي سهل أحمد ابن علي الأبيوردي، وسمع منهم ومن أبي عبد الله الطبري وأبي عمرو محمد بن عبد العزيز بن محمد القنطري وجماعة. وبرع فيما حصله من المذهب والخلاف والأصول، وقدم بغداذ وولي التدريس بالنظامية بعد وفاة الشيخ أبي إسحاق ثم صرف عنها، ثم أعيد إليها فدرس بها إلى حين وفاته سنة ثمان وسبعين وأربع مائة.

وكان أحسن الناس خلقا وخلقا، وأكثر العلماء تواضعا ومروءة، وكان محققا مدققا مع فصاحة وبلاغة، وتحرج به جماعة من الأئمة وقد تمم كتاب الإبانة للقاضي حسين وجوده.

عبد الرحمن بن المبارك

عبد الرحمن بن المبارك البصري الخلقاني العيسي بالياء آخر الحروف الظفاوي، روى عنه البخاري وأبو داود وروى النسائي عن رجل عنه: قال أبو حاتم: ثقة: وتوفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

عبد الرحمن بن الأشعث

عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أمير سجستان. ظفر به الحجاج وقتله وطيف برأسه سنة أربع وثمانين للهجرة. وكان قد خلع عبد الملك بن مروان ودعا لنفسه في شعبان سنة اثنتين وثمانين، وبايع الناس فدوفع بدير الجماجم وقتل. ولما أن وصل ابن الأشعث البصرة هرب الحجاج إلى ناحية العراق، وبايع أهل البصرة ابن الأشعث على قتال الحجاج وحرب عبد الملك من القراء وغيرهم.

وكان ممن بايع ابن الأشعث من الأعيان مسلم بن يسار، وجابر بن زيد أبو الشعثاء، وأبو الحوراء، وقتل معه، وأيوب ابن القرية، وماهان العابد قتلهما الحجاج، وأنس بن مالك في جملة القراء. ومن أهل الكوفة سعيد بن جبير، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وطلحة بن مصرف وذر وعبد الله بن شداد، وأبو البحتري الطائي، والحكم بن عتبة وعون بن عبد الله بن مسعود الهذلي وخلق سواهم.

 

 

صفحة : 2593

 

وكان ابن الأشعث في مائتي ألف فارس ومائة ألف راجل. وكان دخول ابن الأشعث البصرة في آخر ذي الحجة سنة إحدى وثمانين، ثم إن الحجاج التقى مع ابن الأشعث في أول المحرم، وهي وقعة الزاوية، فاقتتلا قتالا شديدا، وقال الحجاج: لله در مصعب بن الزبير ما كان أكرمه. فعلم أهل الكوفة أنه لا يفر حتى يقتل، فقاتلوا دونه هم وأهل الشام وانهزم ابن الأشعث والناس معه إلى الكوفة، فأتاه وجوه أهل الكوفة وأتاه العلماء من الأمصار والزهاد وبايعوه.

وقتل الحجاج يوم الزاوية أحد عشر ألفا، نادى مناديه بالأمان ثم قتلهم إلا واحدا. ولم يزل هو والحجاج في حروب وكروب وكر وفر إلى أن أسر ابن الأشعث. وكانت بينه وبين ابن الأشعث ثمانين وقعة.

وهذا عبد الرحمن بالمذكور أعرق الناس في الغدر لأن عبد الرحمن غدر بالحجاج، وغدر والده محمد بن الأشعث بأهل طبرستان، لأن عبيد الله بن زياد ولاه إياها، فصالح أهلها على أن لا يدخل إليها ثم إنه عاد إليهم غادرا فأخذوا عليه الشعاب وقتلوا ابنه أبا بكر، وغدر الأشعث بن قيس ببني الحارث بن كعب غزاهم فأسروه ففدا نفسه بمائتي بعير فأعطاهم مائة وبقي عليه مائة فلم يؤدها إليهم حتى جاء الإسلام فهدم ما كان في الجاهلية.

وكان بين قيس بن معدي كرب وبين مراد عهد إلى أجل، فغزاهم في آخر يوم من العهد وكان يوم الجمعة، فقالوا إنه لا يحل لنا القتال فأمهلنا إلى يوم السبت، فأمهلهم. فلما كانت صبحية السبت قاتلهم فقتلوه وهزموا جيشه. وغدر معدي كرب ببني مهرة، كان بينه وبينهم عهد إلى أجل فغزاهم ناقضا لعهدهم فقتلوه وملأوا بطنه حصى.

كزبران

عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي البغداذي البصري الأصل يلقب كزبران. قال الدارقطني: ليس بالقوي. وتوفي سنة إحدى وسبعين ومائتين.

الحافظ أبو يحيى الرازي

عبد الرحمن بن محمد بن سلم، أبو يحيى الرازي الحافظ إمام جامع أصبهان. صنف المسند والتفسير وغير ذلك، وتوفي سنة إحدى وتسعين ومائتين.

أبو القاسم الواعظ الخراساني

عبد الرحمن بن محمد بن الحسين الخراساني، أبو القاسم الواعظ البارع الأديب، توفي سنة أربع وعشرين وثلاث مائة، سمع السري بن خزيمة، والحسين بن الفضل وموسى بن هارون، وروى عنه ابنه أبو الحسين، وأبو إسحاق المذكي وجماعة. حضر ابن خزيمة مجلسه فلما فرغ قال: ما رأينا مثل أبي القاسم ولا رأى مثل نفسه. وقال أبو سهل الصعلوكي: ما رأيت مثل أبي القاسم مذكرا، ولا مثل السراج محدثا، ولا مثل أبي سلمة أديبا.

ابن أبي حاتم

عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران، أبو محمد ابن أبي حاتم التميمي الحنظلي، الإمام ابن الإمام، الحافظ ابن الحافظ. سمع أباه وغيره، وقال يحيى بن منده: صنف ابن أبي حاتم المسند في ألف جزء، وكتاب الزهد، وكتاب الكني، والفوائد الكبير، وفوائد الرازيين، وتقدمة الجرح والتعديل. وصنف في الفقه واختلاف الصحابة والتابعين وعلماء الأمصار، وله الجرح والتعديل في عدة مجلدات تدل على سعة حفظه وإمامته، وكتاب الرد على الجهمية في مجلد كبير، وله تفسير كبير سائره آثار مسندة في أربع مجلدات.

قال أبو يعلى الخليلي: كان يعد من الأبدال وقد أثنى عليه جماعة بالزهد والورع التام والعلم والعمل، توفي في المحرم سنة سبع وعشرين وثلاث مائة رحمه الله تعالى.

أبو القاسم الخرقي

عبد الرحمن بن محمد بن ثابت، أبو القاسم الثابتي الخرقي، من قرية خرق. كان من أئمة الشافعية ورعا زاهدا، تفقه بمرو على الفوراني، وبمرو الروز على القاضي حسين، وببغداذ على أبي إسحاق الشيرازي. وتوفي سنة خمس وتسعين وأربع مائة رحمه الله تعالى.

أبو الحسن القرطبي

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن الحافظ بقي بن مخلد، أبو الحسن القرطبي، تولى الأحكام بقرطبة وكان بها دربا، وتوفي سنة خمس عشرة وخمس مائة رحمه الله تعالى.

عبد الرحمن الناصر الأموي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم ابن هشام بن عبد الرحمن بن معاوية الأموي المرواني، الناصر لدين الله أبو المطرف صاحب الأندلس، الملقب أمير المؤمنين.

 

 

صفحة : 2594

 

بقي في الإمرة خمسين سنة وقام بعده ولده الحكم، وكان أبوه قد قتله أخوه المطرف في صدر دولة أبيهما، وخلف ابنه عبد الرحمن هذا ابن عشرين يوما، وتوفي جده عبد الله الأمير في سنة ثلاث مائة، فولي عبد الرحمن الناصر، وقيل: لبث في ولايته خمسا وأربعين سنة، وجد في الغزو والفتوح وكثرت له الفتوحات واستوت له طاعة الأجناد، ولم يكن بعد عبد الرحمن الداخل أجزل منه في الحروب وصحة الرأي والإقدام عل المخاطرة والهول حتى نال البغية وبنى المدينة الزهراء فرارا بنفسه وخاصة جنده عن عامة قرطبة، الكثيرة الهرج الجمة سواد الخلق، فرتب الجيوش ترتيبا لم يعهد مثله قبله، واكرم أهل العلم واجتهد في تخير القضاة وكان مبخلا لا يعطي ولا ينفق إلا فيما رآه سدادا، وتوفي في شهر رجب سنة خمس وأربعين وثلاث مائة.

وتولى ابنه الحكم المستنصر، وقد مر ذكره، ولم يتسم بأمير المؤمنين حتى تحقق اختلال دولة بني العباس بالعراق وقتل المقتدر العباسي، وغلبة العجم عليهم بعد قتل المتوكل. قال ابن عبد ربه: نظمت أرجوزة ذكرت فيها غزواته. وافتتح سبعين حصنا من أعظم الحصون ومدحه الشعراء، وكثر العلماء في أيامه. ومن شعر الناصر عبد الرحمن: الكامل

همم الملوك إذا أرادوا ذكرها                      من بعدهم فبألسن البـنـيان

إن البناء إذا تعاظـم شـأنـه                      أضحى يدل على عظيم الشان ومنه وقيل هو لابنه المستنصر: مخلع البسيط

ما كل شيء فقدت إلا                      عوضني الله عنه شيا

إني إذا ما منعت خيري                      تباعد الخير مـن يديا

من كان لي نعمة عليه                      فإنها نعـمة عـلـيا ومن سياساته الحسنة أنه رفع إليه أن تاجرا زعم أنه ضاعت له صرة فيها مائة دينار، وأنه نادى عليها وجعل لمن يأتيه بها عشرة دنانير، فجاءه بها رجل عليه سمة خير، وذكر أنه وجدها، فلما حصلت في يد التاجر ادعى أنها كانت مائة وعشرة، وإن العشرة التي نقصت منها أخذها، وغرضه أن لا يعطيه ما شرط له. فوقع الناصر: صدق الرجلان، فناد على مال التاجر فإنه مائة وعشرة واترك المائة مع الذي أخذها إلى أن يجيء صاحبها.

الناصر شنشول الأندلسي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الناصر، المعروف بشنشول بشينين معجمتين بينهما نون وبعد الواو لام ابن المنصور أبي عامر الحاجب. تقدم ذكر والده في المحمدين.

ولي بعد أبيه الأندلس وفتح أموره باللعب واللهو والخروج إلى النزه والتهنك، والمؤيد بالله على عادته التي قررها المنصور أبو عامر الحاجب من الأصحاب، فأكره المؤيد على النزول عن الأمر وأنه الخليفة بعده، وكان زيه وزي أصحابه الشعور المكشوفة، فأمر أصحابه بحلق الشعور وشد العمائم تشبها ببني زيري، فبقوا أوحش ما يكون. ثم إن ابن عبد الجبار ظفر به وقتله وطيف برأسه، وذلك في سنة تسع وتسعين وثلاث مائة، وأخرج ابن عبد الجبار المؤيد بالله من الاحتجاب وكتب خلع شنشول وتولية محمد بن هشام بن عبد الجبار.

الحافظ أبو مسلم العابد

عبد الرحمن بن محمد بن مهران، أبو مسلم البغداذي الحافظ الثقة العابد. صنف أشياء كثيرة وتوفي سنة خمس وسبعين وثلاث مائة، سمع البغوي، وابن صاعد، وأبا عروبة الحراني، وأحمد بن عمير بن جوصاء، وأبا حامد بن بلال، وسمع الكثير بخراسان، ودخل بخارى وسمرقند وأقام هناك نحو ثلاثين سنة، وجمع المسند على الرجال. وروى عنه الحاكم، وأبو العلاء الواسطي، وعلي بن محمد الحذاء، وأحمد بن محمد الكاتب.

ابن فوران الشافعي

عبد الرحمن بن محمد بن فوران، أبو القاسم المروزي الفقيه صاحب أبي بكر القفال. له المصنفات الكثيرة في مذهب الشافعي. وكان مقدم أصحاب. الشافعي بمرو، وصنف الإبانة وغيرها. وهو شيخ المتولي صاحب التتمة، وهي تتمة الكتاب المذكور وشرح له، وكان إمام الحرمين يحط عليه حتى قال في باب الأذان: والرجل غير موثوق به في نقله. ونقم العلماء ذلك عليه ولم يصوبوا حطه عليه. وتوفي سنة إحدى وستين وأربع مائة.

وقيل أن إمام الحرمين كان يحضر حلقة ابن فوران، وهو شاب، وكان ابن فوران لا ينصفه ولا يصغي إلى قوله لكونه شابا، فمتى قال إمام الحرمين في نهاية المطلب: وقال بعض المصنفين كذا وغلط في ذلك فمراده ابن فوران.

أبو القاسم ابن منده

 

 

صفحة : 2595

 

عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، واسم منده إبراهيم ابن الوليد، أبو القاسم ابن الحافظ أبي عبد الله العبدي الأصبهاني، كان كبير الشأن، جليل القدر، حسن الخط واسع الرواية، له أصحاب وأتباع، وهو أكبر الإخوة، والإجازة كانت عنده قوية. وله تصانيف كثيرة وردود جمة عل أهل البدع.

قال السمعاني: سمعت الحسن بن محمد بن الرضا العلوي يقول: سمعت خالي أبا طالب ابن طباطبا يقول: كنت اشتم أبدا عبد الرحمن بن أبي عبد الله بن منده إذا سمعت ذكره، أو جرى ذكره في محفل، فسافرت إلى جرباذقان، فرأيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المنام ويده في يد رجل عليه جبة زرقاء وفي عينيه نكتة، فسلمت عليه فلم يرد علي وقال: لم تشتم هذا إذا سمعت اسمه? فقيل لي في المنام: هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وهذا عبد الرحمن بن منده فانتبهت ثم رجعت إلى أصبهان وقصدت الشيخ عبد الرحمن فلما دخلت عليه ورأيته صادفته على النعت الذي رأيته في المنام، وعليه جبة زرقاء، فلما سلمت عليه قال: وعليك السلام يا أبا طالب، وقبل ذلك ما رآني ولا رأيته، فقال لي قبل أن أكلمه: شيء حرمه الله ورسوله، يجوز لنا أن نحله? فقلت له: اجعلني في حل ونشدته الله، وقبلت بين عينيه، فقال: جعلتك في حل فيما يرجع إلي. وتوفي ابن منده سنة سبعين وأربع مائة.

ابن الرمال النحوي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن عيسى، أبو القاسم الأموي الإشبيلي النحوي المعروف بابن الرمال. روى عن جماعة منهم ابن الطراوة، وابن الأخضر. وكان أستاذا في العربية مدققا قيما بكتاب سيبويه.

قال أبو علي الشلوبيني: ابن الرمال عليه تعلم طلبة الأندلس. وتوفي كهلا سنة إحدى وأربعين وخمس مائة.

فخر الدين ابن عساكر

عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين، الإمام المفتي فخر الدين أبو منصور الدمشقي الشافعي، ابن عساكر شيخ الشافعية. تولى تدريس الجاروخية ثم تدريس الصلاحية بالقدس، ثم بدمشق تدريس التقوية، وكان يقيم بالقدس أشهرا وبدمشق أشهرا، وكان عنده بالتقوية فضلاء الشام، وهو أول من درس بالعذراوية، وكان يتورع من المرور في رواق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، لأن عوامهم يبغضون بني عساكر لأنهم شافعية أشاعرة، وعرض عليه ولايات ومناصب فتركها. وصنف في الفقه والحديث مصنفات. وتوفي سنة عشرين وست مائة، ومولده سنة خمسين وخمس مائة.

الفراسي المغربي

عبد الرحمن بن محمد الفراسي بالفاء وبعد الراء ألف وسين مهملة _ قرية تعرف ببني فراس جوار تونس _ إلا أن مستقره تونس وبها تأدبه. كان شاعرا خليعا ماجنا شريرا، كثير المهاجاة قيل المداراة خفيف اللسان، من تلاميذ الصرايري، توفي بمدينة سوسة، سقط من سطح وهو سكران بحضرة عتيق بن مفرج سنة ثمان وأربع مائة وقد نيف على الثلاثين.

لما ولي القاضي عبد الرحمن بن محمد النحوي، قضاء تونس، كتب الفراسي في الجبل المعشوق حيث يتنزه الناس ويتفرجون: المتقارب

يقول فراسي هذا الزمان                      وما زال في قوله يعدل

متى يملك الأرض دجالها                      فقد صار قاضينا أحول وبلغه ذلك فأحفظه، ودعاه إليه رجل خاصمه، فلما مثل بين يديه سمع دعوى خصمه، وسأله فأقر فألزمه أداء الحق فامتنع وقال: علي يمين إن لا أديته إلى وقت كذا، فأطرق القاضي ساعة وقضى عنه ما وجب لغريمه. فلما خرج قليل له ويحك ما صنعت? قال: أردت أن استحل عرضه فحرمه علي، ونظم: المنسرح

من كان عندي له مـطـالـبة                      كأن بيني وبينه الـقـاضـي

قاض قضى عني الحقوق على                      بعدي منه وفرط إعـراضـي

أباح لي ماله لـيمـنـعـنـي                      من عرضه وهو ساخط راض

فيا لـهـا رقـية مـسـكـنة                      لحية قد ساورت نضـنـاض ومن شعره: مخلع البسيط

خلقت إلا عليك جـلـدا                      يا متلفي جفـوة وصـدا

لججت وصلا فلج هجرا                      وزدت قربا فزاد بعـدا

يا أيها النـاس أي شـيء                      عليكم إن هلكت وجـدا

حرمت من وصله نصيبي                      إن لم تكن وجنتـاه وردا ومنه: الكامل

مسكين هجرك أو أسير هواكا                      أمسى وأصبح يرتجيك عساكا

 

صفحة : 2596

 

 

ضاقت به سعة البلاد وأمسكت                      كف الغرام لقلبه إمـسـاكـا

قد كان منقطع الرجاء فما ترى                      فيمن أضر به الهوى فدعاكـا

يا أيها الرشأ الذي بلـحـاظـه                      ما زال ينصب للهوى أشراكـا

أترى جميلا أن تعذب في الهوى                      قلبي وقد عبثت به عـينـاكـا

ولقد عكفت على هواك ألومـه                      فأبى وأقسم لا يحب سـواكـا وكتب إلى معد بن جبارة: السريع يا واحد العلم ويا كهفه ويا فريد الأدب المحض

ومن به يفخر شأو العـلـى                      في سائر الآفـاق والأرض

مسألة جاءك عـنـوانـهـا                      خصمان في أمر بما تقضي

طرف رأى طرفا فلم يبرحا                      وآخر في خـده الـغـض

لكن جرح القلب عـن لـذة                      وهي به نحو الردى تمضي

والجرح في الخد لـه زينة                      أتته عن كره وعن بغـض

فاقض وقاك الله من بينـنـا                      بالحق يا خير امرئ يقضي فأجابه معد وتعافى من الحكومة قطعا للجدال وللخصومة وقال: السريع

تفديك نفسي من فتـى بـارع                      يعرف بالإبرام والـنـقـض

قد أتعب الأفكار وصف الهوى                      وكل غبن دونـه يعـضـي

تلـك أمـور خـفــيت دقة                      عن كل من يحكم أو يقضـي

لو لم يعب أمر الهوى لم يكن                      فيه تلاف المال والـعـرض وجلس يوما إلى شيخ تونس، وكان نهاية في المجون، فاجتاز بهما رجل يسأل عن دار ابن عبدون، فقال له الشيخ: هي تلك الرائقة حيث يقوم أيرك، فقال الفراسي: والله لأنظمنه فما رأيت كهذا المعنى، وقال من ساعته: السريع

إن شئت أن تعرف عن صحة                      دار التي تعزى لعبـدونـه

فامش فإن أيرك أبصـرتـه                      قام فإن البـاب مـن دونـه قلت قد وقع لي هذا المعنى لكن هو عكس هذا وهو: الوافر

أقول لمن يسائل عن محـلـي                      تقدم وامش من خلف السواري

ومر فحيثما تلقـى حـكـاكـا                      بسرمك لا تعـد فـثـم داري  أبو طالب الواسطي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد السميع بن أبي تمام عبد الله بن عبد السميع، أبو طالب الهاشمي الواسطي المقرئ المعدل. سمع وكتب الكثير لنفسه ولغيره، وصنف أشياء حسنة، وروى الكثير، وكان ثقة حسن النقل. وتوفي سنة إحدى وعشرين وست مائة.

أبو القاسم الطيبي

عبد الرحمن بن محمد بن حمدان، الفقيه صائن الدين أبو القاسم الطيبي مصنف شرح التنبيه، ومعيد النظامية. كان سديد الفتوى متقنا فرضيا حاسبا. توفي سنة أربع وعشرين وست مائة.

أبو محمد المقدسي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الجبار، الإمام رضي الدين أبو محمد المقدسي الحنبلي المقرئ، والد السيف بن الرضي. شيخ صالح تال لكتاب الله تعالى، سمع وروى، وتوفي سنة خمس وثلاثين وست مائة.

ابن رحمون النحوي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن، الأستاذ أبو القاسم بن رحمون النحوي المصمودي. أخذ العربية عن ابن خروف، وكان ذا لسن وفصاحة، وكان يقرئ كتاب سيبويه، وله صيت وشهرة ومشاركة في فنون. توفي سنة تسع وأربعين وست مائة.

ابن الفويرة

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن حفاظ، الشيخ زكي الدين أبو محمد السلمي الدمشقي المعروف بابن الفويرة، حدث عن الكندي وكان من المعدلين، وهو والد بدر الدين الحنفي.

عبد الرحمن بن محمد الحنبلي

عبد الرحمن بن محمد بن الحافظ الكبير عبد الغني بن عبد الواحد، الإمام المحدث عز الدين ابن العز أخو التقي بن المعز المقدسي الحنبلي. ولد سنة تسع وتسعين وخمس مائة وتوفي سنة إحدى وستين وست مائة. سمع حضورا من ابن طبرزد، وتفقه على الشيخ الموفق، وسمع من الكندي، وابن الحرستاني، وابن ملاعب وطبقتهم، وسمع من أصحاب السلفي بالإسكندرية، وله معرفة بالرجال. وروى عنه الدمياطي، وابن الزراد، والقاضي تقي الدين. ولم يستكمل الستين.

ابن قدامة الجماعيلي

 

 

صفحة : 2597

 

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة، شيخ الإسلام وبقية الأعلام شمس الدين أبو محمد وأبو الفرج ابن القدوة الشيخ أبي عمر المقدسي الجماعيلي الصالحي الحنبلي الخطيب الحاكم. ولد سنة سبع وتسعين وخمس مائة بالدير المبارك بسفح قاسيون، وتوفي سنة اثنتين وثمانين وست مائة.

وسمع حضورا من ست الكتبة بنت الطراح، ومن أبيه وعمه الموفق وعليه تفقه وعرض عليه المقنع وشرحه عليه وشرح عليه غيره وشرحه في عشر مجلدات، وسمع من حنبل، وابن طبرزد، والكندي، وابن الحرستاني، وابن كامل، والقاضي أسعد بن المنجا، وابن البناء، وابن ملاعب، وأبي الفتوح البكري، والجلاجلي، والشمس البخاري وجماعة كثيرة. وطلب بنفسه وكتب وقرأ على الشيوخ، قرأ على ابن الزبيدي، وجعفر الهمذاني، والضياء المقدسي، وسمع بمكة من أبي المجد القزويني وابن باسويه، وبالمدينة من أبي طالب عبد المحسن بن العميد الحفيفي. وأجاز له أبو الفرج بن الجوزي، وأبو جعفر الصيدلاني، و أبو سعد بن الصفار وعفيفة الفارقانية، وأبو الفتح المندائي وخلق كثير. وروى عنه الأئمة أبو بكر النواوي، وأبو الفضل بن قدامة الحاكم، وابن تيمية، وأبو محمد الحارثي، وابن العطار، وأبو الحجاج الكلبي، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الفداء إسماعيل الحراني، والبرزالي وخلق كثير. وإليه انتهت رئاسة المذهب في عصره، وكان عديم النظير علما وعملا وزهدا، وتولى القضاء أكثر من اثنتي عشرة سنة ولم يأخذ عليه رزقا، ثم إنه تركه.

وبالغ نجم الدين بن الخباز وجمع سيرته في مائة وخمسين جزءا تجيء ست مجلدات، لعل ثلثها مما يختص بترجمة الشيخ، والباقي في ترجمة النبي صلى الله عليه وسلم لكون الشيخ من أمته، وفي ترجمة الإمام أحمد بن حنبل وأصحابه وهلم جرا إلى زمان الشيخ. وأجاز للشيخ شمس الدين مروياته. ورثاه شمس الدين الصائغ، والشيخ علاء الدين بن غانم، والشيخ محمد بن الأموي، والبرهان بن عبد الحافظ، ونجم الدين بن فليته، ومجد الدين بن المهمار، ورثاه شهاب الدين محمود بقصيدته التي أولها: الكامل

ما للوجـود وقـد عـلاه ظـلام                      أعراه خـطـب أم عـداه مـرام

أم قد أصيب بشمسه فـغـدا وقـد                      لبسـت عـلـيه حـدادهـا الأيام

لم أدر هل نبذ الظلام نـجـومـه                      أم حل للفـلـك الأثـير نـظـام

فلقد تنكرت المعـالـم واسـتـوى                      في ناظري الإشـراق والإظـلام

وذهلت حتى خلت أني لـيس لـي                      بعد الفراق سوى الدمـوع كـلام

أترى درى صرف الردى لما رمى                      أن المصاب بسهـمـه الإسـلام

أو أنه ما خص بالـسـهـم الـذي                      أصمى به دون العـراق الـشـام

سهم تقصد واحـدا فـغـدا وفـي                      كل الـقـلـوب لـوقـعـه آلام

ما خلت أن يد المنون لها عـلـى                      شمس المعارف والهـدى إقـدام

من كان يستسقى بغـرة وجـهـه                      إن عاد وجه الغيث وهو جـهـام

وتبين للساري أسـرة فـضـلـه                      فكأنما هـي لـلـهـدى أعـلام

ما خلت أن الـدين لـولا فـقـده                      فمـن يروع سـربـه ويضــام

كانت تطيب لنا الحـية بـأنـسـه                      وبقره فعـلـى الـحـياة سـلام

كانت ليالـينـا بـطـيب بـقـائه                      فينـا تـضـيء كـأنـهــا أيام

كانت به تروى القلوب وتنـثـنـي                      ولـهـا إلـيه تـعـطـش وأوام

من للعلوم وقد علت وغلـت بـه                      أضحت تسامي بـعـده وتـسـام

من للحديث وكان حـافـظ سـره                      من أن يضم إلى الصحاح سقـام

وله إذا ذكر الـدروس مـراتـب                      تسمو فتقصر دونـهـا الأوهـام

يروي فيروي كل ذي ظـمـأ لـه                      بحمى الحديث تعـلـق وغـرام

ببديهة في العلم يقسـم مـن رأى                      ذاك التـسـرع أنـهـا إلـهـام

من للقضايا المشكلات إذا نـبـت                      عنها العقول وحـارت الأفـهـام

هل للفتاوى من إذا وافـى بـهـا                      قضي القضاء وجـفـت الأقـلام

 

صفحة : 2598

 

 

من للمنابر وهو فـارسـهـا الـذي                      تحيى القلـوب بـه وهـن رمـام

ولـه إذا أم الـدروس مـواقــف                      مشـهـودة مـا نـالـهـن إمـام

يجلى بها صدأ القلـوب وتـرتـوي                      منها العقول وتعـقـل الأحـكـام

ولديه في علم الـكـلام جـواهـر                      غر يحار لحسـنـهـا الـنـظـام

من للزمان? وكان طـول حـياتـه                      أللـيل يحـيى والـنـهـار يصـام

من للعفاة وللعـنـاة وهـل لـهـم                      من بعد في ذاك المـقـام مـقـام

كانت لهم منه عواطف مـشـفـق                      فمضى فهـم مـن بـعـده أيتـام

إن يخل منهم بابـه فـلـطـالـمـا                      عاينـتـه ولـهـم عـلـيه زحـام

وذوو الحوائج مـا أتـوه لـحـادث                      إلا ونالوا عـنـه مـا قـد رامـوا

يلقاهم بـشـر يبـشـرهـم بـمـا                      قصدوا من الحاجات وهي جـسـام

من للطريد وهل لـه مـن بـعـده                      يوما من الـدهـر الـذمـيم ذمـام

فجعت به الدنيا فـإن لـم تـصـف                      من أكدارها يومـا فـلـيس تـلام

فعلام يبقي الطـرف فـيه بـقـية                      أيروم أن يرد الـجـفـون مـنـام

أو أن يصون الدمع كي يطفي الجوى                      ولناره بـين الـضـلـوع ضـرام

أو أن يكون ذخـيرة هـيهـات مـا                      لمـلـمة مـن بـعـدهــا إيلام

هذا الذي عفنا المضاجـع خـشـية                      من أن تـخـيلـه لـنـا الأحـلام

فعلام نجزع للحوادث ما اشتـهـت                      من بـعـده فـلـتـفـعـل الأيام

بتنا نـودعـه وقـد جـاءتـه مـن                      دار الـسـلام تـحـية وســلام

ونقوم إجـلالا لـديه ولـم نـخـل                      أن الـمـلائكة الـكـرام قــيام

وأتته من خلع القـبـول مـلابـس                      شرفت فليس تـرى ولـيس تـرام

فليهنه الدار التـي لـنـعـيمـهـا                      فيهـا إذا زال الـنـعـــيم دوام

دار له فيها الـسـرور مـحـقـق                      لا كالحـياة فـإن تـلـك مـنـام

حيي الحـيا زال الـزمـان فـإنـه                      للأنس بل للمـكـرمـات خـتـام

وسقى العهاد عـهـوده فـإذا ونـى                      فالدمع إن ضن الغـمـام غـمـام

إن كان عاندنا الـزمـان بـفـقـده                      فله بمـن أبـقـى لـنـا إنـعـام

أو غالنا في الشمس وهي مـنـيرة                      فلقد سخا بالـبـدر وهـو تـمـام

نجم به ألـف الـهـدى وبـنـوره                      عادت وجوه الدهـر وهـي وسـام

أبقى لنا مـنـه الـزمـان بـقـية                      أثنى عليه بـتـركـهـا الإسـلام

شرف القضاء بعلمه وتـشـرفـت                      بوجـوده الأحـكـام والـحـكـام

وبه علينا الدهر لـمـا أن مـضـى                      منـه إمـام قـام مـنـه إمــام

حسن الزمان به فـألـفـت جـيده                      ماضي الدهور وحـنـت الأعـوام

ولكـم عـدت مـن زلة وفـريضة                      هذي تقـال بـه وتـلـك تـقـام

من دوحة شرفت وكم فـرع بـهـا                      زاك تأخـر عـنـه وهـو إمـام

من كان في حجر العلوم وطالـمـا                      سبق الكهول تـقـاه وهـو غـلام

مولاي نجم الدين دعـوة مـن غـدا                      الصبر الجميل عليه وهـو حـرام

طلب عن أبيك فدتك نفـسـي إنـه                      ولـى ولـم تـعـلـق بـه الآثـام

فلمثل هذا كان يتـعـب نـفـسـه                      اللـيل ذكـر والـنـهـار صـيام

لكم الكرامات الجـلـيلات الـتـي                      لا يستطـيع جـحـودهـا الأقـوام

في وقت دفن أبيك هبـت نـسـمة                      في طيهـا كـلـف بـه وغـرام

إن لم يكن روح الجنان فقـبـلـهـا                      ما طاب من لفح الهجـير مـقـام

فاسلم ودم تحيى المآثر والـعـلـى                      ما ناح في فـرع الأراك حـمـام  ابن الإخوة الكاتب

 

 

صفحة : 2599

 

عبد الرحمن بن محمد بن احمد بن علي بن عبد الغفار بن الحسين بن محمد بن محمد ابن الوزير الصقر إسماعيل بن بلبل الشيباني البيع، أبو الفتح ابن أبي الغنائم الكاتب المعروف بابن الإخوة. سمع محمد بن عبد السلام الأنصاري، وثابت بن بندار البقال، والحسين بن علي بن أحمد بن البشري وغيرهم. وكان أحد الكتاب بالديوان وكتب خطا مليحا، وله أدب وشعر. توفي سنة تسع وخمسين وخمس مائة. ومن شعره: الرجز المجزوء

صد الغزال الأغيد                      فعاد طرفي السهد

وليس لي من مسعد                      على الغرام يسعد

وفي ضلوعي زفرا                      ت نارها ما تخمد

يا عاذلي رفقا فمـا                      مثل الذي بي تجد

أنت خـلـي وأنـا                      صب معنى مكمد

فلا تلمني في البكاء                      إذا بدا لي معهـد وهي أكثر من هذا طويلة، قلت: شعر فارغ لا روح فيه.

أبو منصور الكرخي

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن علي، أبو منصور الكرخي. أسمعه جده في صباه من أبي الفتح بن البطي وجماعة في طبقته. وكان والده سنيا، ولكن صحب ولده هذا أبو منصور الرفضة، وتعلم الإنشاد لمراثي الحسين رضي الله عنه في أيام المواسم بالكرخ في مشهد موسى بن جعفر، ويذكر سب الصحابة. وجود حفظ القرآن وقرأه بالروايات على أبي بكر بن الباقلاني. وكان حسن التلاوة طيب النغمة، أدب الصبيان في منزله وكتب الحسن. وتوفي شابا قد جاوز الأربعين سنة ثمان وتسعين وخمس مائة. وأورد له محب الدين ابن النجار: الكامل

وصل الكتاب فلا عدمت أناملا                      عبثت به فلقد تضوع طـيبـا

فقرأته وفهمتـه فـوجـدتـه                      لحفي أسرار القلوب طبـيبـا

يجلو العمى عن ناظري بوروده                      كقميص يوسف إذ أتى يعقوبا  أبو القاسم الواسطي

عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن سعيد بن جامع، أبو القاسم الواسطي يعرف بابن المعلم. دخل بغداذ وتفقه للشافعي على أبي القاسم بن فضلان، وأبي علي بن الربيع حتى برع في المذهب والخلاف والأصول، وسمع من ابن شاتيل أبي الفتح. ولي الإعادة بمدرسة الجهة أم الخليفة بالجانب الغربي عند الفارقي، فلما توفي الفارقي ولي بها التدريس، وتوفي سنة ثمان وعشرين وست مائة.

كمال الدين بن الأنباري

عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي سعيد، أبو البركات النحوي كمال الدين ابن الأنباري، قدم بغداذ في صباه وقرأ الفقه بالمدرسة النظامية على أبي منصور سعيد ابن الرزاز وعلى من بعده حتى برع، وحصل طرفا صالحا من الخلاف، وصار معيدا بالنظامية، وكان يعقد مجلس الوعظ، ثم قرأ الأدب على أبي منصور بن الجواليقي ولازم الشريف أبا السعادات ابن الشجري حتى برع وصار من المشار إليهم في النحو، وتخرج به جماعة. وسمع من أبيه بالأنبار ومن خليفة بن محفوظ المؤدب، وببغداذ من أبي منصور محمد ابن خيرون، وعبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، ومحمد بن عبد الله بن حبيب العامري وغيرهم. وحدث باليسير إلا أنه روى الكثير من كتب الأدب، ومن مصنفاته.

 

 

صفحة : 2600

 

وكان إماما ثقة صدوقا فقيها مناظرا غزير العلم، ورعا زاهدا عابدا تقيا عفيفا لا يقبل من أحد شيئا، وكان خشن العيش خشن المأكل لم يتلبس من الدنيا بشيء. توفي سنة سبع وسبعين وخمس مائة. وله من المصنفات: هداية الذاهب في معرفة المذاهب، كتاب بداية الهداية والداعي إلى الإسلام في علم الكلام، النور اللائح في اعتقاد السلف الصالح، واللباب المختصر، منثور العقود في تجريد الحدود، التنقيح في مسلك الترجيح، الجمل في علم الجدل، والاختصار في الكلام على ألفاظ تدور بين النظار، نجدة السؤال في عمدة السؤال، الإنصاف في مسائل الخلاف بين نحاة البصرة والكوفة، أسرار العربية، عقود الإعراب، حواشي الإيضاح، منثور الفوائد، مفتاح المذاكرة، كلا وكلتا، كتاب لو، كتاب ما، كتاب كيف، كتاب الألف واللام، كتاب في يعفون، كتاب حلية العربية، كتاب لمع الأدلة، الإغراب في علم الإعراب، شفاء السائل في بيان رتبة الفاعل، الوجيز في التصريف، البيان في جمع أفعل أخف الأوزان، المعتبر في الفرق بين الوصف والخبر، المرتجل في إبطال تعريف الجمل، جلاء الأوهام وجلاء الأفهام في متعلق الظرف في قوله تعالى:  أحل لكم ليلة الصيام  ، غريب إعراب القرآن، رتبة الإنسانية في المسائل الخراسانية، مقترح السائل في ويل أمه، كتاب الزهرة في اللغة، الأسمى في شرح الأسما، كتاب حيص بيص، حلية العقود في الفرق بين المقصور والممدود، كتاب ديوان اللغة، زينة الفضلاء في الفرق بين الضاد والظاء، البلغة في الفرق بين المذكر والمؤنث، كتاب النوادر، كتاب الأضداد، كتاب فعلت وأفعلت، الألفاظ الجارية على لسان الجارية، قبسة الطالب في شرح خطبة أدب الكاتب، تفسير غريب المقامات الحريرية، شرح ديوان المتنبي، شرح الحماسة، شرح السبع الطوال، شرح مقصورة ابن دريد، المقبوض في العروض، شرح المقبوض، الموجز في القوافي، اللمعة في صنعة الشعر، نزهة الألباء في طبقات الأدباء، الجوهرة في نسب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه العشرة، تاريخ الأنبار، نكت المجالس في الوعظ، نقد الوقت، بغية الوارد، التفريد في كلمة التوحيد، أصول الفصول في التصوف، نسمة العبير في التعبير. ومن شعره: البسيط

إذا ذكرتك كاد الشوق يقتلنـي                      وأرقتني أحـزان وأوجـاع

وصار كلي قلوبا فيك دامـية                      للسقم فيها ولـلآلام إسـراع

فإن نطقت فكلي فيك ألسـنة                      وإن سمعت فكلي فيك أسماع ومنه: الخفيف

دع فؤادي من ذكر دعد وهـنـد                      وبكائي مغنى العقـيق ونـجـد

وادكاري أطلال رامة والـجـز                      ع فذكر الأطلال ما ليس يجدي

وارتياحي إلى الحمـى والأثـيلا                      ت وما فيه من عـرار ورنـد

واشتياقي إلى الأراك ومـا ض                      م حماه من المـهـا والـربـد

ودعاني بذكر من سكن الـخـي                      ف فخيفي خوفي ونجدي وجدي

سوق شوق الحبيب يحدو بقلبـي                      نحو سوق الشوق المبرح وجدي

غيرة أن يحـل فـيه ســـواه                      أو يرى فيه ذكر مولى وعبـد

هو أنسي إذا تبـاعـد أنـسـي                      وجليسي إذا ذكرت وعـنـدي

جل في الذات والصفات عن الح                      د وفي الطول أن يحـد بـحـد

عد عني ذكر الغوانـي وهـنـد                      والمغاني بالجزع بالـلـه عـد ومنه: الكامل

العلم أوفـى حـلـية ولـبـاس                      والعقل أوقـى جـنة الأكـياس

كن طالبا للعم تـحـيا فـإنـمـا                      جهل الفتى كالموت في الأرماس

وصن العلوم عن المطامع كلهـا                      لترى بأن الـعـز عـز الـياس

والعلم ثوب والعفـاف طـرازه                      ومطامع الإنسـان كـالأدنـاس

والعلم نور يهـتـدى بـضـيائه                      وبه يسود الناس فـوق الـنـاس  الحلواني

عبد الرحمن بن محمد بن علي بن محمد بن الحلواني، أبو محمد بن أبي الفتح، تفقه على أبيه وفسر القرآن الكريم في أحد وأربعين جزءا، وحدث به وكان فقيها يفتي وينتفع به أهل محلته بالمأمونية في بغداذ. وروى عن والده، وعلي بن الحسين بن أيوب البراز، والمبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي. مولده سنة تسعين وأربع مائة وتوفي سنة ست وأربعين وخمس مائة.

أبو محمد الحنفي

 

 

صفحة : 2601

 

عبد الرحمن بن محمد بن عمران بن علوان بن خزرج، أبو محمد الحنفي العراقي. قدم دمشق وروى بها عن أبي عبد الله محمد بن يحيى الزبيدي الواعظ، وعن الوزير أبي المظفر يحيى بن هبيرة، وكتب عنه أبو الخير سلامة ابن إبراهيم بن سلامة الحداد إمام الحنابلة بالجامع الأموي في شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وخمس مائة. ومن شعره: الكامل

ما بال قلبـي لا يفـيق لـدائه                      كم ذا التمادي منه في عمـيائه

يصف الرشاد ولا يصيخ لمرشد                      ويظل يخبط في دجى ظلمـائه

حسب المنافق أن يكون مخالفـا                      في فعله عن قـولـه بـريائه

ما عذر من قطع الزمان مشرقا                      في طاعة الرحمن يوم لقـائه  عبد الرحمن بن منقذ

عبد الرحمن بن محمد بن مرشد بن منقذ، أبو الحارث شمس الدولة الشيزري، ابن بيت الإمارة والتقدم والفضل والأدب. قدم بغداذ رسولا عن السلطان صلاح الدين، وروى بها شيئا من شعره، وجهزه أيضا رسولا إلى ابن تاشفين، صاحب مراكش، ولد سنة اثنتين وعشرين وخمس مائة. من شعره: مجزوء الكامل

لام الـعـذول عـــلـــى هـــوا                      ه فـقـلـــت عـــذل لا يفـــيد

زادت ملاحته فقللوا من ملامي أو فزيدوا

قد جدد الوجد القدي                      م لـدي عـارضــه الـــجـــديد ومنه: الطويل

وأغيد مسب للعقول بوجـهـه                      وثغر تبدى دره من عقـيقـه

إذا لدغت عقارب صـدغـه                      فليس شفائي غير درياق ريقه  عبد الرحمن بن محمد

عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن الحسن بن علي بن الحسين، أبو علي توفي سنة اثنتي عشرة وأربع مائة. سمع جماعة من أهل العلم منهم: أبو يعقوب يوسف بن يعقوب النجيرمي، وأبو سعيد السيرافي، وروى عنه القاضي أبو منصور محمد بن عبد الجبار السمعاني في مصنفاته.

 

الداوودي عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود بن أحمد بن معاذ بن سهل بن الحكم بن شيرزاذ، أبو الحسن بن أبي طلحة الداوودي البوشنجي جمال الإسلام وشيخ خراسان.

كان من الأئمة الكبار في معرفة المذهب والخلاف والأدب مع علو الإسناد، وله حظ من النظم والنثر، قرأ الفقه على القفال المروزي، وأبي الطيب سهل الصعلوكي، وأبي ظاهر محمد بن محمد بن يحمش الزيادي، وأبي بكر الطوسي، وأبي سعيد يحيى بن منصور. وقرأ الأدب على أبي علي الفلجردي، وصحب الأستاذ أبا علي الدقاق، وأبا عبد الرحمن السلمي، وفاخر السجزي الضرير، ويحيى بن عمار، وقدم بغداذ وقرأ على أبي حامد الإسفرييني حتى برع في المذهب والخلاف، وسمع من أحمد بن محمد بن الصلب، وعبد الواحد بن محمد بن مهدي، وعلي بن عمر التمار وغيرهم. وعاد إلى بوشنج وأخذ في التدريس والفتوى والتصنيف، وعقد مجالس التذكير ورواية الحديث إلى أن توفي سنة سبع وستين وأربع مائة، وكان مولده سنة أربع وسبعين وثلاث مائة. ومن شعره: السريع

كان اجتماع الناس فيما مضى                      يورث البهجة والـسـلـوة

فانقلب الأمـر إلـى ضـده                      فصارت السلوة في الخلـوة ومنه: الخفيف

كان في الاجتماع من قبل نور                      فمضى النور وادلهم الظلام

فسد الناس والزمان جمـيعـا                      فعلى الناس والزمان السلام ومنه: الرجز المجزوء

إن شئت عيشا طيبا                      صفوا بلا منـازع

فاقنع بما أوتـيتـه                      فالعيش عيش القانع  ابن دوست

عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عزيز بن يزيد، الحاكم أبو سيعد بن دوست، ودوست لقب جده محمد، أحد الأعيان الأئمة بخراسان في العربية. سمع الدواوين وحصلها، وصنف التصانيف المفيدة، وأقرأ الناس الأدب والنحو، وله رد على الزجاجي فيما استدركه على ابن السكيت في إصلاح المنطق. وكان زاهدا عارفا فاضلا، وعنه أخذ الواحدي اللغة، وتوفي سنة إحدى وثلاثين وأربع مائة. وكان أطروشا لا يسمع شيئا، وكان يقرأ على الحاضرين مجلسه بنفسه، وكان أوجه من قرأ اللغة على إسماعيل الجوهري، ومن شعره: الهزج

ألا يا ريم أخبـرنـي                      عن التفاح من عضه

وحدث بأبي عن حب                      ك البكر من افتضه

وختم اللـه بـالـورد                      على خديك من فضه

لقد أثرت الـعـض                      ة في وجنتك الغضه

 

صفحة : 2602

 

 

كما يكتب بالعـنـب                      ر في جام من الفضه ومن شعره: السريع

وشادن نادمت في مجلس                      قد مطرت راحا أباريقه

طلبت وردا فأبى خـده                      ورمت راحا فأبى ريقه ومنه: الرجز المجزوء

وشادن قـلـت لـه                      هل لك من المنادمة

فقال: كم عـاشـق                      سفكت بالمنى دمه ومنه: البسيط

عليه بالحفظ دون الجمع في كتب                      فإن للكتب آفات تـفـرقـهـا

الماء يغرقها والنار تحـرقـهـا                      والفار يخرقها واللص يسرقهـا  الحافظ الإدريسي

عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس بن حسن بن متويه، الحافظ أبو سعيد الإدريسي الأسترابادي نزيل سمرقند، رحل وأكثر وصنف تاريخ سمرقند، وتاريخ استراباد وجمع الأبواب والشيوخ. وثقه الخطيب وتوفي سنة خمس وأربع مائة.

أبو محمد الحصار الطليطلي

عبد الرحمن بن محمد بن عياش بن جوشن، أبو محمد الأنصاري عرف بابن الحصار الطليطلي خطيبها. حدث وعني بالرواية وجمع، وكانت إليه الرحلة. وهو ثقة صدوق صبور على النسخ، ذكر أنه نسخ مختصر ابن عبيد وعارضه في يوم واحد. وتوفي سنة ثمان وثلاثين وأربع مائة.

أبو المطرف ابن فطيس

عبد الرحمن بن محمد بن عيسى بن فطيس بن أصبغ بن فطيس، العلامة أبو المطرف قاضي الجماعة بقرطبة، سمع وروى، وكان من جهابذة المحدثين وكبار الحفاظ، بيعت كتبه بأربعين ألف دينار، وكان له ستة وراقين ينسخون دائما. وصنف كتاب القصص وأسباب النزول وهو في مائة جزء، وفضائل الصحابة في مائة جزء، وفضائل التابعين في مائة جزء وخمسين جزء، والناسخ والمنسوخ ثلاثون جزءا، والإخوة من أهل العلم والصحابة ومن بعدهم في أربعين جزءا، وأعلام النبوة ودلالة الرسالة عشرة أسفار، كرامات الصالحين ثلاثون جزءا، منه حديث محمد بن وطس في خمسين جزءا، ومسند قاسم بن أصبغ العوالي، في ستين جزءا، والكلام على الإجازة والمناولة في عدة أجزاء، توفي سنة اثنتين وأربع مائة.

الوزير أبو مطرف اللخمي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن وافد بن مهند اللخمي، الوزير أبو المطرف. أحد أشراف الأندلس وذوي السلف الصالح والسابقة القديمة، عني عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وتفهمها، ومطالعة كتب أرسططاليس وغيره من الحكماء، ومهر في علم الأدوية وجمع فيها كتابا جليلا لا نظير له في حسن الترتيب، جمعه في عشرين سنة. وله في الطب منزع لطيف ومذهب نبيل، كان لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية، أو كان قريبا منها. فإذا دعت الضرورة إلى الدواء لا يراه بالمركب، فإن اضطر إلى المركب لم يره بما كثر تركيبه.. وله نوادر محفوظة وغرائب مشهورة في الإبراء من العلل الصعبة والأمراض المخيفة بأيسر علاج، واستوطن طليطلة.

ومولده سنة سبع وثمانين وثلاث مائة، وكان حيا سنة ستين وأربع مائة وله كتاب الأدوية المفردة وكتاب الوساد في الطب، كتاب تدقيق النظر في علة حاسة البصر، كتاب المغيب.

أبو محمد المكناسي الكاتب

عبد الرحمن بن محمد بن محمد، أبو محمد المكناسي الكاتب الأديب، قال ابن الآبار: ختمت به البلاغة بالأندلس، ورأس في الكتابة، وديوان رسائله بأيدي الناس يتنافسون فيه، وكتب لأبي عبد الله محمد بن سعد وغيره من الأمراء، ومات كهلا سنة إحدى وسبعين وخمس مائة.

أبو محمد القرطبي

عبد الرحمن بن محمد بن عتاب بن محسن، أبو محمد القرطبي مسند الأندلس في عصره. قال ابن بشكوال: هو آخر الشيوخ الجلة الأكابر بالأندلس في علو الإسناد وسعة الرواية. جمع كتابا حفلا في الزهد والرقائق.

ابن حبيش الأنصاري

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن يوسف بن أبي عيسى، القاضي أبو القاسم بن حبيش الأنصاري الأندلسي المرسي نزيل مرسية، وحبيش خاله.

برع في النحو وولي القضاء بجزيرة شقر، ثم نقل إلى قضاء مرسية وخطابتها، وكان أحد الأئمة بالأندلس في الحديث وغريبه ولغته. وله المغازي في عدة مجلدات وملكته بخطه وهو في مجلدين، وخطه جيد في المغربي طبقة. وطال عمره وكاد الناس يهلكون من الزحمة على قبره، توفي سنة أربع وثمانين وخمس مائة.

أبو القاسم القوصي

 

 

صفحة : 2603

 

عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز بن سليمان، وجيه الدين أبو القاسم القوصي. تفقه لأبي حنيفة وسمع من ابن بري، وعلي بن هبة الله الكاملي، ومحمود بن أحمد الصابوني، وعبد الخالق بن فيروز الجوهري، والمسلم بن علان، وأبي محمد القاسم بن علي الدمشقي، وإسماعيل بن صالح بن ياسين وجماعة. وأخذ القراءات عن أبي الجيوش عساكر، وجاور بمكة ودرس بها، ودرس بالمدرسة العاشورية بحارة زويلة بالقاهرة. وحدث وصنف، وكان أحد الفقهاء. ولد بقوص سنة خمس وخمسين وخمس مائة وتوفي بالقاهرة سنة ثلاث وأربعين وست مائة وكان شاعرا. ومن شعره.

 

تاج الدين التبريزي الشافعي عبد الرحمن بن محمد، الإمام القدوة العابد المتبع المذكر تاج الدين ابن الإمام أفضل الدين أبي حامد التبريزي الشافعي الواعظ، أحد من قام بالإنكار على رشيد الدولة وزير التتار وطعن في نحلته وفلسفته، فما أقدم الرشيد عليه وأعرض عنه لوقعه في نفوس أهل تبريز، وكان سلفيا قوالا بالحق ذا سكينة وإخلاص، قدم دمشق حاجا بأبيه وأولاده فسار ورجع مع الركب العراقي، فأدركه أجله ببغداذ سنة تسع عشرة وسبع مائة، وله ثمان وخمسون سنة.

ابن عسكر البغداذي

عبد الرحمن بن محمد بن عسكر البغداذي، مدرس المستنصرية، ولد سنة أربع وأربعين وست مائة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. وهو شيخ المالكية شهاب الدين. روى عن ذي الفقار محمد بن شرف العلوي مسند الشافعي بسماعه من ابن الخازن، وسمع من علي بن محمد الأسدآبادي، وعز الدين الفاروثي، والعماد بن الطبال، وسمع في الحجاز من زين الدين بن المنير قصيدة. وأخذ عنه الشرف ابن الكازروني، وأبو الخير الذهلي، وولده الفقيه شرف الدين أحمد الذي درس بعده. وكان صاحب أخلاق وتصوف ولطف يشهد السماع ويتواجد ولا يراعي ناموسا ولا ملبوسا. سافر ودخل اليمن، وله مصنفات في المذهب وفي الدعوات، وله عمدة الناسك وغير ذلك من التواليف، وتخرج به الأصحاب وبعد صيته.

أبو محمد البعلبكي الحنبلي

عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي ثم الدمشقي الحنبلي، الفقيه المحدث المفيد فخر الدين عين الطلبة أبو محمد قارئ الكراسي. ولد سنة خمس وثمانين وست مائة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. سمع من الفخر في الخامسة، ومن ابن الواسطي، وابن القواس، ثم طلب بنفسه سنة خمس وسبع مائة، ورحل وكتب وتعب وخرج وتميز، ودرس الفقه وغير ذلك، وكان فيه دين وخير ونفع للعامة.

الدباغ القيرواني

عبد الرحمن بن محمد بن علي المؤرخ المحدث، أبو زيد الأنصاري الأسدي القيرواني المعمر، صاحب تاريخ القيروان، ولد بها سنة خمس وست مائة وتوفي سنة تسع وتسعين وست مائة. وأخذ عن عبد الرحمن بن طلحة، وعبد السلام بن عبد الغالب الصوفي وطائفة. وأجاز له ابن رواج، وابن الجميزي، وسبط السلفي وجماعة، وخرج له أربعين تساعيات بالإجازة. سمع منه محمد بن جابر الوادي آشي، وتوفي في بلده.

تاج الدين المصري الشافعي

عبد الرحمن بن محمد بن علي، تاج الدين ابن الإمام العلامة القاضي فخر الدين المصري الشافعي، تقدم ذكر والده في مكانه. قرأ تاج الدين المذكور المنهاج للشيخ محيي الدين النووي، ومنهاج البيضاوي في الأصول، وناب عن والده في العادلية الصغيرة وفي الرواحية، واستقل هو بتدريس الدولعية لما نزل له عنها والده، وحج مع والده سنة ثمان وأربعين وسبع مائة وجاور والده، وقدم هو صحبة الركب إلى دمشق. وكان هشا بشا فيه كيس وذوق وتعصب مع الناس، وله مروءة وعنده كرم، وفي كل قليلة يعمل للفقهاء دعوة ويحسن إلى أصحابه، وتوفي رحمه الله بالطاعون في شهر رمضان المعظم سنة تسع وأربعين وسبع مائة شابا، تقدير عمره ثلاث وعشرون سنة وتأسف أصحابه ومن يعرفه عليه.

ابن سنينيرة

 

 

صفحة : 2604

 

عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عمر بن أبي القاسم بن بخمش، أبو المظفر بن أبي سعد جمال الدين الواسطي الشاعر المشهور بابن سنينيرة تصغير سنورة ولد سنة سبع أو تسع وأربعين وخمس مائة بواسط وتوفي سنة ست وعشرين وست مائة. كان يطوف البلاد ودخل حلب، ومدح الظاهر غازيا، وجرى له معه قضية ذكرتها في ترجمة ابن خروف علي بن محمد بن يوسف. وكان عسر الأخلاق صعب الممارسة كثير الدعاوي، لا يعتقد في أحد من أقرانه من الشعراء، مثل الأبله وابن المعلم وغيرهما شيئا، ويقول أنا أسحب ذيلي عليهم فضلا ومزية، وأنشد الملك الظاهر قصيدة يذكر فيها القناة التي أجراها بحلب، وهي: الكامل

دون الصراة بدت لنا صور الـدمـا                      لا أدم صيران الصريم ولا الحمـى

غيد هززن مـن الـقـدود ذوابـلا                      لدنا ورشن من اللواحظ أسـهـمـا

عنت وكم دون الحـريم أحـل مـن                      دم عاشق عان وكـان مـحـرمـا

فنهبن أنـقـاء الـصـريم روادفـا                      ووهبن إيماض البروق تـبـسـمـا

وأعرن أنفاس النسيم من الـصـبـا                      أرجا أبـت أسـراره أن يكـتـمـا

وعلى أوانا كـم ونـى يوم الـنـوى                      جلد وعهد هوى وهى وتصـرمـا

أأميم لولا فـرط صـدك لـم أهـم                      ظمأ ولا ألما إلى رشف الـلـمـى

ولما وقفت بسفح سلمـى مـنـشـدا                      أمحلتي سلمى بكاظـمة اسـلـمـا

خلفتني بين التـجـنـي والـقـلـى                      لا ممعنا هربا ولا مسـتـسـلـمـا

وتركتني تفني الـزمـان تـعـلـلا                      نفسي بذكر عسى وسوف ولعلـمـا

ولكم طرقتك زائرا فجعـلـت لـي                      دون الوسادة والمهاد المعـصـمـا

ومنحتني ضما ولـثـمـا لـم يكـن                      حوض العفاف بورده مـتـهـدمـا

فاليوم طيفك لـو ألـم لـبـخـلـه                      بالصب في سنة الكرى ما سلـمـا

يا سعد إن حلاوة الـعـيش الـتـي                      قد كنت تعهدها استحالت علـقـمـا

سر بي فلي في السرب قلب سار في                      أثر الفريق مقـوضـا ومـخـيمـا

قد فاز بالقدح المعـلـى مـن أتـى                      نهر المعلـى زائرا ومـسـلـمـا

لو لم تكن تلك الـقـبـاب مـنـازلا                      ما قابلت فيها البـدور الأنـجـمـا

يا ساكني دار الـسـلام عـلـيكـم                      مني التحية معرقـا أو مـشـئمـا

وعلى حمى حلب فإن مـلـيكـهـا                      ما زال صبا بالمكـارم مـغـرمـا

قرم ترى في الدرع منه لدى الوغى                      ذا لبدة قـرمـا وصـلا أرقـمـا

ويضم منه الدست في يوم الـوغـى                      بحرا طمى كرما وطـودا أيهـمـا منها

روى ثرى حلب فعادت روضة                      أنفا وكانت قبله تشكو الظمـا

أحيا رفات عفاتهـا فـكـأنـه                      عيسى بإذن الله أحيا الأعظمـا

لا غرو إن أجرى القناة جداولا                      فلطالما بقناته أجرى الـدمـا

وبكفـه لـلآمـلـين أنـامـل                      منها العباب أو السحاب إذا هما وقال: الطويل

رآني جليدا وهو شمس منيرة                      فذبت وبالشمس الجليد يذوب  ابن قرطاس القوصي

عبد الرحمن بن محمود مجد الدين بن قرطاس القوصي. أديب فاضل، سمع الحديث بالقاهرة على أشياخ عصره، وقرأ النحو على العلامة أثير الدين، وتأدب على الطوفي الحنبلي، والشيخ صدر الدين بن الوكيل، والأمير مجير الدين عمر بن اللمطي، وتولى الخطابة بجامع الصارم بقوص. وكان صوفيا، وعلق تعاليق كثيرة، واختار دواوين، ووقف كتبه بالمدرسة السابقية بقوص، وتوفي سنة أربع وعشرين وسبع مائة، وقال يرثي مجير الدين بن اللمطي بقصيدة أولها: الكامل

كأس الحمام على الأنـام تـدور                      يسقى بها ذو الصحو والمخمور منها:

يزهى به النعش الذي هو فوقه                      وكذاك يزهى بالأمير سـرير  أبو الحسن القرطبي

عبد الرحمن بن مخلد بن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد، أبو الحسن القرطبي، سمع من أبيه وأجاز له جده، وكان مليح الخط دربا بالقضاء. توفي سنة سبع وثلاثين وأربع مائة.

ابن مخلوف الإسكندري

 

 

صفحة : 2605

 

عبد الرحمن بن مخلوف بن عبد الرحمن بن مخلوف بن جماعة بن رجاء الربعي الإسكندري المالكي، الشيخ العالم العدل الخير المعمر المسند محيي الدين أبو القاسم، ولد سنة تسع وعشرين وست مائة أو نحوها، وتوفي سنة اثنتين وعشرين وسبع مائة. سمع من جعفر الهمداني وعلي بن زيد التسارسي وابن رواح وطائفة، وتفرد بأجزاء عالية سلفية، وله بصر بالشروط وتقدم فيها. سمع منه الواني وابن سيد الناس وابن ربيع المصغوني، وسمع منه الشيخ شمس الدين خمس مجالس تعرف بالسلماسية، ومن سماعه الثالث من الثقفيات على التسارسي والدعاء للمحاملي على جعيفر.

أبو سهل التنوخي الشاعر

عبد الرحمن بن مدرك بن علي، أبو سهل التنوخي المعري الشاعر، زلزلت حماة في شهر رجب سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة فهلك جماعة تحت الردم منهم أبو سهل. روى عنه من شعره أبو اليسر شاكر التنوخي الكاتب مقطعات منها قوله: المنسرح

سارقته نظرة أطال بـهـا                      عذاب قلبي وما لـه ذنـب

يا جور حكم الهوى ويا عجبا                      تسرق عيني ويقطع القلب  أبو القاسم بن مرهف

عبد الرحمن بن مرهف بن عبد الله بن يحيى بن عبد المجيد، الإمام البارع تقي الدين أبو القاسم الأنصاري المصري الشافعي الناشري المقرئ. ولد سنة ثمانين وخمس مائة. وقرأ على أبي الجود. انتهت إليه رئاسة الإقراء بجامع مصر.

عبد الرحمن بن مروان

ابن المنجم الواعظ

عبد الرحمن بن مروان بن سالم بن المبارك، أبو محمد التنوخي المعري ابن المنجم الواعظ، قدم بغداذ وعليه مسح على هيئة السياح، فصار له ناموس عظيم، وعقد مجلس الوعظ بدار السلطان، وحضر السلطان مجلسه، وصار له الجاه التام، ونفذه الخليفة رسولا إلى الموصل، واشتهر ذكره ونمى خبره. وكان مشتهرا بتزويج الأبكار وأكثر من ذلك حتى قيلت فيه الأشعار، وصار له جوار يقين عليهن، وخرج من بغداذ هاربا من أيدي الغرماء، ودخل الشام وأقام بدمشق إلى أن توفي سنة سبع وخمسين وخمس مائة. وقد جاوز السبعين.

وكان يعظ بدمشق ونفقت سوقه بها، ولم يترك الوعظ في الأعزية، أتاه يوما صغير ليتوب على يده، فحمله على كتفه، وقال: الرجز

هذا صغير ما أتى صغيرة                      فهل كبير ركب الكبائرا فضج أهل المجلس بالبكاء. وكان يظهر لكل طائفة أنه منهم حرصا على التحصيل، وعمل عزاء أمير المؤمنين المقتفى لأمر الله في الجامع الأموي بدمشق، فقام في التعزية ورثاه بأبيات، فخلع عليه صدر المجلس ثوبه، فذكر عادته في الكدية، وعرج عما كان فيه من التعزية إلى استدعاء موافقة الحاضرين فخلع عليه بعضهم فقال ذلك اليوم فيه العماد الكاتب: المعري لا المعري، يعني بضم الميم لا فتحها، قال العماد الكاتب، يعني ابن المنجم الواعظ، قال بديها: وسمعني أنشد بعض الأصحاب قطعة سمعتها في الجرب من جملتها: مجزوء الخفيف

دب في الجسم والتهب فقطع علي الإنشاد وأنشأ:

فهو كالنار في الحطب ثم قال: كالنار في الغرب فإنه أغرب

صحت من حـر نـاره                      صيحة السخط والغضب

متعب قلبـي الـجـرب                      ومطيل بي النـصـب

فمتـى يأمـل الـخـلا                      ص معنى به تـعـب

مطرت قلبه الـهـمـو                      م فأودت به السـحـب

فهو ما فوق جـسـمـه                      طافيات من الحـبـب ما قصر في تشبيه الجرب بالحبب، وأنشدني أيضا: الهزج

ولما أصبح الوصل                      صحيحا ما به داء

أتى الهجر فلا سين                      ولا هـاء ولا لاء

ولا مـيم ولا راء                      ولا حـاء ولا ياء ومن شعره: الوافر

حبيب لست أنظره بعيني                      وفي قلبي له حب شـديد

أريد وصاله ويريد هجري                      فأترك ما أريد لمـا يريد ومنه: مجزوء الخفيف

جارة قد أجارها ال                      حسن من كل جانب

فهي بين النساء كال                      بدر بين الكواكـب ومنه: مجزوء الرمل

أف للدنـيا وتـف                      كل من فيها يلف

مثل خياط حريص                      كلما شل يكـف ومنه في فرس أدهم: الوافر

وأدهم يستعير الليل مـنـه                      وتطلع بين عينيه الـثـريا

إذا لاح الصباح يطير طيرا                      وتطوى دونه الأفلاك طيا

 

صفحة : 2606

 

ومنه: البسيط

وشارب مثل نصف الصاد صاد به                      قلبي رشا ثغره أنقى من البـرد

كأنما خاله من فـوق وجـنـتـه                      سواد عين بدا في حمرة الرمـد ومنه: الطويل

أرى حب ذات الطوق يزداد لوعة                      إذا نحت أو ناح الحمام المطوق

وقلبي على جمر المحبة مـودع                      وإنسان عيني بالمدامـع يغـرق

سعى الدهر ما بيني وبين أحبتـي                      فغربت لما فارقوني وشـرقـوا قلت: شعر جيد.

أبو عوف البغداذي

عبد الرحمن بن مروان بن عطية، أبو عوف البغداذي البزوري. قال الدارقطني: لا بأس به، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين.

أبو المطرف القنازعي

عبد الرحمن بن مروان بن عبد الرحمن، أبو المطرف الأنصاري القنازعي القرطبي الفقيه المالكي، نشر العلم وأقرأ القرآن، وكان عالما عاملا فقيها حافظا ورعا متقشفا، صنف شرح الموطأ، وكان له معرفة باللغة والأدب. وتوفي سنة ثلاث عشرة وأربع مائة.

شمس الدين الحارثي الحنبلي

عبد الرحمن بن مسعود بن أحمد، العلامة شيخ الحنابلة شمس الدين ابن قاضي القضاة سعد الدين الحارثي المصري الحنبلي، ولد سنة إحدى وسبعين وست مائة وتوفي سنة اثنتين وثلاثين وسبع مائة. سمع من العز الحراني وغازي، وبدمشق من الفخر علي وجماعة. وبرع في المذهب، وأخذ النحو عن ابن النحاس، والأصول عن ابن دقيق العيد، ودرس وأفتى وناظر وتصدر للإفادة مع الديانة والصيانة والوقار والسمت الصالح والقوة في الصدق. وكان معه مدارس كبار وحج غير مرة، وتوفي بالقاهرة رحمه الله تعالى.

أبو مسلم الخراساني

عبد الرحمن بن مسلم، أبو مسلم وقيل إبراهيم بن عثمان بن يسار الخراساني صاحب الدعوة، كان قصيرا أسمر جميلا حلوا، نقي البشرة، أحور العين، عريض الجبهة، حسن اللحية، طويل الشعر طويل الظهر، خافض الصوت، فصيحا بالعربي والفارسي، حلو المنطق، راوية للشعر، عالما بالأمور، لم ير ضاحكا ولا مازحا إلا في وقته، ولا يكاد يقطب في شيء من أحواله، تأتيه الفتوحات العظائم فلا يظهر عليه أثر السرور، وتنزل به الفادحة فلا يرى مكتئبا، لا يأتي النساء في السنة إلا مرة ويقول: الجماع جنون ويكفي الإنسان أن يجن في السنة مرة واحدة.

 

 

صفحة : 2607

 

ولد سنة مائة من الهجرة، وقتل سنة سبع وثلاثين ومائة، وأول ظهوره بمرو، وكان في سنة تسع وعشرين ظهر في خمسين رجلا، ويروى أنه من ولد بزرجمهر، ولد بأصبهان ونشأ بالكوفة، وروى عن عكرمة مرسلا، وعن ثابت البناني وابن الزبير وإسماعيل السدي ومحمد بن علي العباسي وجماعة: كان اسمه إبراهيم فقال له إبراهيم الإمام: غير اسمك، فسمى نفسه عبد الرحمن. قيل إن أباه رأى في نومه كأنه جلس للبول فخرج من إحليله نار وارتفعت في السماء وسدت الآفاق وأضاءت الأرض، ووقعت بناحية المشرق. فقص رؤياه على عيسى بن معقل العجلي فقال له: ما اشك أن في بطن جاريتك غلام، وكانت جاريته حاملا فوضعت أبا مسلم. فلما ترعرع اختلف مع ولده إلى المكتب فخرج أديبا لبيبا أريبا يشار إليه في صغره، فاجتمع بجماعة من نقباء الإمام محمد بن علي بن العباس الخراسانية، فأعجبهم عقله وأدبه وكلامه ومعرفته، ومال هو إليهم وخرج معهم إلى مكة. فأورد النقباء على إبراهيم بن محمد الإمام وقد تولى الإمامة بعد وفاة أبيه عشرين ألف دينار ومائتي ألف درهم وأهدوا إليه أبا مسلم، فأعجب بمنطقه وأدبه وقال لهم: هذا عضلة من العضل وأقام بخدمه سفرا وحضرا. ثم إن النقباء عادوا إلى إبراهيم وسألوه رجلا يقوم بأمر خراسان فقال: إني جربت هذا الأصبهاني وعرفت باطنه وظاهره فوجدته حجرا لأرض، فدعا أبا مسلم وقلده أمر خراسان. وكان إبراهيم قد أرسل إلى أهل خراسان سليمان بن كثير الحراني يدعوهم إلى أهل البيت، فلما بعث أبا مسلم أمر من هناك بالسمع والطاعة وأمره أن لا يخالف سليمان، فكان أبو مسلم يختلف ما بين إبراهيم وسليمان، وكان مروان بن محمد يحتال على الوقوف على حقيقة الأمر وإلى من يدعو أبو مسلم، فلم يزل حتى ظهر له أن الدعاء لإبراهيم، فأرسل مروان وقبض عليه وهو عند إخوته بالحميمة وأحضره إلى حران فأوصى إبراهيم لأخيه عبد الله السفاح وقتل إبراهيم الإمام على ما مر في ترجمته وأخذ أبو مسلم يدعو إلى عبد الله السفاح ولما ظهر بمرو كان الوالي بخراسان نصر بن سيار الليثي، فكتب نصر إلى مروان: الطويل

أرى جذعا إن يئن لم يقو ريض                      عليه فبادر قبل أن يثني الجذع وكان مروان مشغولا بغيره من الخوارج بالجزيرة الفراتية وغيرها، منهم: الضحاك بن قيس الحروري وغيره فلم يجبه عن كتابه، فكتب إليه ثانية قول ابن مريم، عبد الله بن إسماعيل البجلي الكوفي، وكان له مكتب بخراسان: الوافر

أرى خلل الرماد وميض جمر                      ويوشك أن يكون لها ضـرام

فإن النار بالـزنـدين تـورى                      وإن الحرب أولـهـا كـلام

لئن لم يطفها عـقـلاء قـوم                      يكون وقودها جثـث وهـام

أقول من التعجب: ليت شعري                      أأيقـاظ أمــية أم نـــيام

فإن كانوا لحينـهـم نـيامـا                      فقل قوموا فقد حان الـقـيام فكتب مروان الجواب: نمنا حين وليناك خراسان والشاهد يرى ما لا يرى الغائب فاحسم الشولول قبلك، فقال نصر: قد أعلمكم أن نصر عنده، ثم كتب ثالثا فأبطأ الجواب عنه، وقويت شوكة أبي مسلم وهرب نصر من خراسان فمات بناحية ساوة، ووثب أبو مسلم على علي بن جديع بن علي الكرماني فقتله بنيسابور بعد أن قيده وحبسه وقعد في الدست وسلم عليه بالإمرة، وصلى وخطب ودعا للسفاح وصفت له خراسان وانقطعت عنها ولاية بني أمية. ثم أنه سير العساكر لقتال مروان وظهر السفاح بالكوفة وبويع بالخلافة وتجهزت العساكر لمروان وعليها عبد الله بن علي بن العباس، فتقدم مروان إلى الزاب، وهو نهر بين الموصل وإربل، وكانت الوقعة على كساف، وانكسر عسكر مروان فتبعه عبد الله بن علي بجيوشه فهرب إلى مصر، فأقام عبد الله بدمشق وأرسل وراءه جيشا بصبغ الأصفر، فأدرك مروان عند قرية بوصير بالفيوم وقتل على ما يذكر في ترجمته إن شاء الله تعالى، واجتز رأسه وبعثوه إلى السفاح فبعثه إلى أبي مسلم وأمره أن يطيف به في بلاد خراسان.

وكان السفاح كثير التعظيم لأبي مسلم لما صنعه ودبره، وكان أبو مسلم ينشد: البسيط

أدركت بالحزم والكتمان ما عجزت                      عنه ملوك بني مروان إذ حشـدوا

ما زلت أسعى بجهدي في دمارهم                      والقوم في غفلة بالشام قد رقـدوا

 

صفحة : 2608

 

 

حتى ضربتهم بالسيف فانتبـهـوا                      من نومة لم ينمها قبلـهـم أحـد

ومن رعى غنما في أرض مسبعة                      ونام عنها تولى رعيهـا الأسـد ولما مات السفاح، وتولى أخوه أبو جعفر المنصور، صدرت من أبي مسلم أسباب وقضايا غيرت قلب المنصور عليه فعزم على قتله، وبقي حائرا في أمره بين الاستبداد برأيه أو الاستشارة في أمره، فقال يوما لسلم بن قتيبة ابن مسلم الباهلي: ما ترى في أمر أبي مسلم? فقال:  لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا  ، فقال: حسبك يا ابن قتيبة، لقد أودعتها أذنا واعية.

وكان أبو مسلم قد حج، ولما عاد نزل الحيرة عند الكوفة، وكان بها نصراني كبير السن يخبر بالكوائن، فسأله أبو مسلم فقال له: تقتل وإن صرت إلى خراسان سلمت، فعزم على الرجوع. فلم يزل أبو جعفر يخدعه بالرسائل إلى أن عاد. وكان أبو مسلم ينظر في كتب الملاحم ويجد خبره فيها وأنه مميت دولة ومحيي دولة وأنه يقتل ببلاد الروم. وكان المنصور برومية المدائن التي بناها كسرى، ولم يخطر لأبي مسلم أنها موضع قتله. فلما دخل على المنصور رحب به وأمره بالانصراف إلى مخيمه. وركب أبو مسلم إليه مرارا وأظهر له التجني، ثم جاءه يوما فقيل له إنه يتوضأ للصلاة فقعد تحت الرواق، ورتب له المنصور جماعة يقفون وراء السرير الذي خلف أبي مسلم، فإذا عاتبه لا يظهرون، فإذا ضرب يدا على يد ظهروا وضربوا عنقه، ثم جلس المنصور ودخل أبو مسلم فسلم فرد عليه وأذن له في الجلوس وحادثه ثم عاتبه، فقال: فعلت وفعلت، فقال أبو مسلم: ما يقال هذا إلي بعد سعيي واجتهادي وما كان مني، فقال المنصور: يا ابن الخبيثة إنما فعلت ذلك بجدنا وحظنا ولو كان مكانك أمة سوداء لعملت عملك، ألست الكاتب إلي تبدأ بنفسك قبلي، ألست الكاتب تخطب عمتي آسية وتزعم أنك ابن سليط بن عبد الله بن العباس? لقد ارتقيت لا أم لك مرتقى صعبا، فأخذ أبو مسلم بيده يعركها ويقبلها ويعتذر إليه، فقال له المنصور: قتلني الله إن لم أقتلك، ثم صفق بيده على الأخرى فخرج إليه القوم وخبطوه بسيوفهم، والمنصور يقول: اضربوا قطع الله أيديكم، وكان أبو مسلم قد قال عند أول ضربة: استبقني يا أمير المؤمنين لعدوك، فقال: لا أبقاني الله أبدا إذا، وأي عدو أعدى منك? ثم أدرج في بساط فدخل جعفر ابن حنظلة فقال له المنصور: ما تقول في أمر أبي مسلم? فقال: يا أمير المؤمنين إن كنت أخذت من رأسه شعرة فاقتل ثم اقتل ثم اقتل، فقال المنصور: وفقك الله، ها هو في البساط، فلما نظره قتيلا قال: يا أمير المؤمنين عد هذا اليوم أول خلافتك، فأنشد المنصور: الطويل

فألقت عصاها واستقرت بها النوى                      كما قر عينا بالإياب المسـافـر ثم أقبل المنصور على من حضره وأبو مسلم بين يديه طريحا وأنشد: السريع

زعمت أن الدين لا يقتضى                      فاستوف بالكيل أبا مجـرم

إشرب بكأس كنت تسقي بها                      أمر في الحلق من العلقـم وفيه يقول أبو دلامة: الطويل

أبا مجرم ما غير اللـه نـعـمة                      على عبده حتى يغيرها العـبـد

أفي دولة المنصور حاولت غدرة                      ألا إن أهل الغدر آباؤك الكـرد

أبا مجرم خوفتني القتل فانتحـى                      عليك بما خوفتني الأسد الـورد وكان المنصور بعد قتله أبا مسلم كثيرا ما ينشد لجلسائه: الطويل

طوى كشحه عن أهل كل مشورة                      وبات يناجي عزمه ثم صمـمـا

وأقدم لما لم يجد ثـم مـذهـبـا                      ومن لم يجد بدا من الأمر أقدمـا وفي سنة إحدى وأربعين ومائة ظهر الريوندية، وهم قوم من خراسان على رأي أبي مسلم الخراساني، يقولون في ما زعم بتناسخ الأرواح، وأن روح آدم حلت في عثمان بن نهيك، وأن المنصور هو ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم، وأن الهيثم بن عدي هو جبريل، أتوا قصر المنصور وجعلوا يطيفون به ويقولون هذا، فقبض المنصور منهم نحو المائتين من الكبار وحبسهم، فغضب الباقون لأجل ذلك وحملوا نعشا ومروا به على باب السجن، يوهمون أنها جنازة، واقتحموا السجن وأخرجوا أصحابهم وقصدوا المنصور وهم ست مائة، فتنادى الناس وأغلقت المدينة ثم أبادوهم قتلا.

عبد الرحمن بن المسور

 

 

صفحة : 2609

 

عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة الزهري المدني الفقيه، سمع أباه وسعدا بن أبي وقاص وأبا رافع، وكان ثقة قليل الحديث. وتوفي سنة تسع وثمانين للهجرة وروى له مسلم.

ابن مسافع الشاعر

عبد الرحمن بن مسافع بن دارة، وقيل هو عبد الرحمن بن ربعي بن مسافع، وأخوه مسافع بن مسافع وكلاهما شاعران، وأخوهما سالم بن مسافع ابن دارة شاعر أيضا. فأما سالم أخوهما فمخضرم أدرك الجاهلية والإسلام، وأما عبد الرحمن ومسافع فإسلاميان، لما أخذ السمهري العكلي اللص وحبس وقتل، كانت بنو أسد قد أخذته وبعثت به إلى السلطان، وكان نديما لعبد الرحمن، فقال عبد الرحمن يهجو بني أسد ويحرض عكلا: الطويل

إن يمس بالعينين سقم فـقـد أنـا                      لعينيك من طول البكاء على جمل

يهيم بها لا الدهر فان ولا المنـى                      سواها ولا تسلوا بأهل ولا شغـل

كبيضة أدحي بـمـيث خـمـيلة                      يخففها جون بجوجؤه الصـعـل منها: الطويل

ويا راكبا إمـا عـرضـت مـبـلـغـا                      على نأيهم مني القبـائل مـن عـكـل

وكيف تنام اللـيل عـكـل ولـم تـنـل                      رضا قود بالسـمـهـري ولا عـقـل

فلا صلح حتى تنحط الخـيل بـالـقـنـا                      وتوقد نار الحرب بالحطـب الـجـزل

وجرد تعـادي بـالـكـمـاة كـأنـهـا                      تلاحظ من غيظ بأعـينـهـا الـقـبـل

علام تمـشـي فـقـعـس بـدمـائكـم                      وما هي بالفرع المـنـيف ولا الأصـل

وكنا حسبنـا فـقـعـسـا قـبـل هـذه                      أذل على وقع الهـوان مـن الـنـعـل

فقد نظرت نحو النـجـوم وسـلـمـت                      على الناس واعتاضت بخصب من المحل

وإن أنـتـم لـم تـثـأروا بـأخـيكــم                      فكونوا بغايا للخـلـوق ولـلـكـحـل

وبيعوا الردينيات بالـحـلـي واقـعـدوا                      على الذل وابتاعوا المغازل بـالـنـبـل وهي قصيدة طويلة فاعتضه الكميت بن معروف الفقعسي فعيره بقتل زميل الفزاري سالم بن دارة وقال: الطويل

فلا تكثروا فينا الضجـاج فـإنـه                      محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا ثم إن بني أسد ظفرت بعبد الرحمن بعدما أكثر من سبهم وهجائهم فتآمروا في قتله، فقال بعضهم: لا نقتله ولكن نأخذ عليه أن يمدحنا فنحسن إليه فيمحو بمدحه ما سلف من هجائه. فأتى رجل منهم كان قد عضه بهجائه فضربه بسيفه فقتله وقال: الكامل

قتل ابن دارة بالجزيرة سبنا                      وزعمت أن سبابنا لا يقتل ويقال إن البيت الأول لهذا القائل أيضا.

عبد الرحمن الداخل

عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي الداخل إلى الأندلس، وهو أول من ملك الأندلس، وانفلت من بين يدي بني العباس وأبعد إلى المغرب. أقام ببرقة خمس سنين، ودخل بدر مولاه يتجسس له الأخبار، فقال للمضرية: لو وجدتم رجلا من أهل الخلافة أكنتم تبايعونه? فقالوا: وكيف لنا بذلك? فقال بدر: هذا عبد الرحمن بن معاوية فأتوه فبايعوه، فولي عليهم ثلاثا وثلاثين سنة، وكان دخوله الأندلس سنة تسع وثلاثين ومائة، وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين ومائة، وكانت ولايته ثلاثا وثلاثين سنة وأربعة اشهر وكان يوسف الفهري أول من قطع الدعوة عنهم، وكانوا من قبله يدعون لولد عبد الملك بن مروان بالخلافة فأبطل يوسف ذلك، فلما دخل عبد الرحمن قاتل يوسف واستولى على البلاد، وبقي ملك الأندلس بأيدي أولاده إلى رأس الأربع مائة.

وكان عبد الرحمن من أهل العلم، على سيرة جميلة من العدل في قضائه، وكانوا يقولون: ملك الدنيا ابنا بربريتين، يعنون المنصور وعبد الرحمن، وكان المنصور إذا ذكر له عبد الرحمن قال: ذاك صقر قريش دخل المغرب وقد قتل قومه، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية حتى تملك. قال ابن حزم: خطب عبد الرحمن بالخلافة لأبي جعفر المنصور أعواما، ثم ترك الخطبة، ولم تهجه بنو العباس ولا تعرض هو لهم. وكان بقرطبة جنة اتخذها عبد الرحمن، وكان فيها نخلة تولدت منها كل نخلة بالأندلس. وتوفي في جمادى الأولى سنة اثنتين وسبعين ومائة.

 

 

صفحة : 2610

 

وقيل إن رجلا ممن كان له علم رأي فيه علامة فقال له: إن أمر الأندلس صائر إليك، فهو الذي حثه على التوجه إلى الأندلس، وبويع بطتيانة من قرى الوادي بإشبيلية، وطلبت قناة تعقد له فيها راية فلم توجد، فعقدوا له ملحفة في قصبة، وكانت الأندلس غفلا من سمة الملك، فدون الدواوين وجند الأجناد وفرض الأعطية وأقام للملك أبهة وشعارا.

ومن شعره: الرجز

غنيت عن روض وقصر شاهق                      بالقفر والإيطان في السـرادق

فقل لمن نام على الـنـمـارق                      إن العلى شدت بهـم طـارق ومنه: الخفيف

أيها الراكب المـيمـم أرضـي                      أقر من بعض السلام لبـعـض

إن جسمي كما علمـت بـأرض                      وفؤادي ومـالـكـيه بـأرض

قدر البين بيننـا فـافـتـرقـنـا                      وطوى البين عن جفوني غمضي

قد قضى الله بالفراق عـلـينـا                      فعسى باجتماعنا سوف يقضـي ومنه: الكامل

لا يلف ممتن علـينـا قـائل                      لولاي ما ملك الأنام الداخـل

سعدي وحزمي والمهند والقنا                      ومقادر بلغت وحـال حـائل

إن الملوك مع الزمان كواكب                      نجم يطالعنـا ونـجـم آفـل

والحزم كل الحزم أن لا يغفلوا                      أيردم تدبير البـرية غـافـل

ويقول قوم سعده لا عقـلـه                      خير السعادة ما حماها العاقل

أبني أمية قد جبرنا كسـركـم                      بالغرب رغما والسعود قبائل

ما دام من نسلي إمـام قـائم                      فالملك فيكم ثابت متواصـل

أبو عثمان النهدي

عبد الرحمن بن مل بكسر الميم وضمها أبو عثمان النهدي. قال: أسلمت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأديت إليه ثلاث صدقات ولم ألقه، وغزوت على عهد عمر، قال ابن عبد البر: شهد القادسية وجلولاء وتستر ونهاوند واليرموك ومهران ورستم. يقال أنه عاش في الجاهلية أزيد من ستين سنة، وفي الإسلام مثل ذلك. وكان يقول: بلغت من العمر مائة وثلاثين سنة فما مني شيء إلا قد عرفت النقص فيه إلا أملي، فإنه كما كان. وكان يقول: أدركت الجاهلية فما سمعت صوت صبح ولا بربط ولا مزمار أحسن من صوت أبي موسى الأشعري بالقرآن، وإنه كان ليصلي بنا صلاة الصبح فنود لو صلى بنا بسورة البقرة من حسن صوته.

وسمع أبو عثمان من عمر، وابن مسعود وحذيفة، وبلال، وسلمان، وعلي، وأبي موسى، وسعيد بن زيد، وابن عباس وطائفة. وحج في الجاهلية مرتين، وصحب سلمان الفارسي اثنتي عشرة سنة، وكان صواما قواما قانتا لله، وكان يصلي حتى يغشى عليه، وتوفي سنة خمس وتسعين للهجرة، وروى له الجماعة.

أبو مسلم الأصبهاني

عبد الرحمن بن مندويه، أبو مسلم الأصبهاني، من بلغاء أصبهان، ورسائله في طريق رسائل الجاحظ وكلامه يكاد يشبه كلامه. وله كتاب الشعر والشعراء يشتمل على خمسة وعشرين كتابا كل كتاب منها ذو أبواب وفصول يبلغ عددها سبع مائة باب وفصل، وقد فرق فيها كل فن من فنون الشعر المقول في الجاهلية والإسلام، يقع في ألف ورقة، وله كتاب في السمن والهزال والطول والقصر، يقع في نحو مائتي ورقة ما سبق إلى مثله، وتوفي سنة خمس وتسعين وثلاث مائة تقريبا. قال حمزة الأصبهاني: ومن عجب الاتفاق أن سعيد بن الفضل اليزيدي كان أنشدني لنفسه أبياتا من نسخة ديوان شعره، وكانت أول من نسخها وهي: الكامل

ضاعف علي بجهدك البلوى                      واصرف عنانك للذي تهوى

واهجر وبالغ في مهاجرتـي                      والهج بها في السر والنجوى

فإذا بلغت الجهد منـك ولـم                      تترك لنفسك غاية تـرجـى

فانظر فهل حالي بك انتقلت                      عما تحب لـحـالة أخـرى فدخلت في أسبوعي إلى أصبهان فاجتمعت بأبي مسلم فأنشدني لنفسه من دفتر شعره: الكامل

ما كل من لك يظهر الشكوى                      حنيت أضالعه على البلـوى

فطوى الهوى وأسر علـتـه                      ولم يدر من يهواه ما يلقـى

أتظن أنك لو سفكـت دمـي                      يا من يتيه بحسنـه زهـوا

هل كنت منتقلا ومنصرفـا                      عما تحب لحـالة أخـرى أبو سعيد العنبري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق