Translate ***

الأربعاء، 2 مايو 2018

21.المغازي للواقدي

21.كتاب المغازي للواقدي
حُجّةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ وَابْنُ أَبِي [ ص 1077 ] سَبْرَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ . وَحَارِثَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكُلّ وَاحِدٍ قَدْ حَدّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا : كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ « بَرَاءَةٌ » قَدْ عَاهَدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْدًا ; فَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجّ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ ، وَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعِشْرِينَ بَدَنَةً قَلّدَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّعَالَ وَأَشْعَرَهَا بِيَدِهِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ وَسَاقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ خَمْسَ بَدَنَاتٍ . وَحَجّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَأَهْدَى بُدْنًا ، وَقَوْمٌ أَهْلُ قُوّةٍ وَأَهْلُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَسَارَ حَتّى إذَا كَانَ بِالْعَرْجِ فِي السّحَرِ سَمِعَ رُغَاءَ نَاقَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْقَصْوَاءِ فَقَالَ هَذِهِ الْقَصْوَاءُ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَيْهَا ، فَقَالَ اسْتَعْمَلَك رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْحَجّ ؟ قَالَ لَا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي أَقْرَأُ « بَرَاءَةٌ » عَلَى النّاسِ وَأَنْبِذُ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَهِدَ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ فَيَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَلَا يَقِفُ بِجَمْعٍ وَلَا يَدْفَعُ مِنْ عَرَفَةَ حَتّى تَغْرُبَ الشّمْسَ وَيَدْفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ . فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ وَهُوَ مُفْرِدٌ بِالْحَجّ فَخَطَبَ النّاسَ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ التّرْوِيَةِ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ، ثُمّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ، وَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ بِمِنًى . ثُمّ لَمْ يَرْكَبْ حَتّى طَلَعَتْ الشّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ ، فَانْتَهَى إلَى نَمِرَةَ ، فَنَزَلَ فِي قُبّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ فِيهَا ، فَلَمّا زَاغَتْ الشّمْسُ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ ، ثُمّ أَنَاخَ فَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ [ ص 1078 ] ثُمّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَوَقَفَ بِالْهِضَابِ - الْهِضَابُ عَرَفَةُ ، وَالْمُصَلّى مِنْ عَرَفَةَ - فَلَمّا أَفْطَرَ الصّائِمُ دَفَعَ فَكَانَ يَسِيرُ الْعُنُقَ حَتّى انْتَهَى إلَى جَمْعٍ ، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ النّارِ الّتِي عَلَى قُزَحَ . فَلَمّا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلّى الْفَجْرَ ثُمّ وَقَفَ فَلَمّا أَسْفَرَ دَفَعَ وَجَعَلَ يَقُولُ فِي وُقُوفِهِ يَا أَيّهَا النّاسُ أَسْفِرُوا يَا أَيّهَا النّاسُ أَسْفِرُوا ثُمّ دَفَعَ قَبْلَ الشّمْسِ فَكَانَ يَسِيرُ الْعُنُقَ حَتّى انْتَهَى إلَى مُحَسّرٍ فَأَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ فَلَمّا جَازَ وَادِيَ مُحَسّرٍ عَادَ إلَى مَسِيرِهِ الْأَوّلِ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ رَاكِبًا ; سَبْعَ حَصَيَاتٍ ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثُمّ حَلَقَ . وَقَرَأَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانَ اللّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ النّحْرِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ « بَرَاءَةٌ » ، وَنَبَذَ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ . قَالَ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا يَحُجّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ . وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ حَضَرْت ذَلِكَ الْيَوْمَ - فَكَانَ يَقُولُ هُوَ يَوْمُ الْحَجّ الْأَكْبَرِ - فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَوْمَ النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ خَطَبَ فِي حَجّتِهِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا ; قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بِمَكّةَ بَعْدَ الظّهْرِ وَبِعَرَفَةَ قَبْلَ الظّهْرِ وَبِمِنًى يَوْمَ النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ . وَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَرْمِي الْجِمَارَ مَاشِيًا ، ذَاهِبًا وَجَائِيًا ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الصّدْرِ - قَالُوا : رَمَى مَاشِيًا - فَلَمّا جَاوَزَ الْعَقَبَةَ رَكِبَ . وَيُقَالُ رَمَى يَوْمَئِذٍ رَاكِبًا ، فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْأَبْطَحِ صَلّى بِهِ الظّهْرَ وَدَخَلَ مَكّةَ فَصَلّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمّ خَرَجَ مِنْ لَيْلَتِهِ قَافِلًا إلَى الْمَدِينَةِ(1/1077)
==========
سَرِيّةُ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ إلَى الْيَمَنِ [ ص 1079 ] قَالُوا : بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُعَسْكِرَ بِقُبَاءَ فَعَسْكَرَ بِهَا حَتّى تَتَامّ أَصْحَابُهُ فَعَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَئِذٍ لِوَاءً أَخَذَ عِمَامَةً فَلَفّهَا مَثْنِيّةً مُرَبّعَةً فَجَعَلَهَا فِي رَأْسِ الرّمْحِ ثُمّ دَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَالَ هَكَذَا اللّوَاءُ وَعَمّمَهُ عِمَامَةً ثَلَاثَةَ أَكْوَارٍ وَجَعَلَ ذِرَاعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَشِبْرًا مِنْ وَرَائِهِ ثُمّ قَالَ هَكَذَا الْعِمّةُ
قَالَ فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ لَمّا وَجّهَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ امْضِ وَلَا تَلْتَفِتْ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ إذَا نَزَلْت بِسَاحَتِهِمْ فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يُقَاتِلُوك ، فَإِنْ قَاتَلُوك فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يَقْتُلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا ، فَإِنْ قَتَلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَا تُقَاتِلْهُمْ تَلَوّمْهُمْ تُرِهِمْ أَنَاةً ثُمّ تَقُولُ لَهُمْ هَلْ لَكُمْ إلَى أَنْ تَقُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللّهُ ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَقُلْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُصَلّوا ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَقُلْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُخْرِجُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ صَدَقَةً تَرُدّونَهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَلَا تَبْغِ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ . وَاَللّهِ لَأَنْ يَهْدِي اللّهُ عَلَى يَدِك رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَك مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ
قَالَ فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمْ أَوّلَ خَيْلٍ دَخَلَتْ تِلْكَ الْبِلَادَ فَلَمّا انْتَهَى إلَى أَدْنَى النّاحِيَةِ الّتِي يُرِيدُ - وَهِيَ أَرْضُ مَذْحِجَ - فَرّقَ [ ص 1080 ] أَصْحَابَهُ فَأَتَوْا بِنَهْبٍ وَغَنَائِمَ وَسَبْيٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَنَعَمٍ وَشَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ . فَجَعَلَ عَلِيّ عَلَى الْغَنَائِمِ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ فَجَمَعَ إلَيْهِ مَا أَصَابُوا قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ جَمْعٌ ، ثُمّ لَقِيَ جَمْعًا فَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَحَرّضَ بِهِمْ فَأَبَوْا وَرَمَوْا فِي أَصْحَابِهِ . وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى مَسْعُودِ بْنِ سِنَانٍ السّلَمِيّ فَتَقَدّمَ بِهِ فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ مَذْحِجَ يَدْعُو إلَى الْبِرَازِ فَبَرَزَ إلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْخُزَاعِيّ السّلَمِيّ فَتَجَاوَلَا سَاعَةً وَهُمَا فَارِسَانِ فَقَتَلَهُ الْأَسْوَدُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ . ثُمّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيّ بِأَصْحَابِهِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ، فَتَفَرّقُوا وَانْهَزَمُوا وَتَرَكُوا لِوَاءَهُمْ قَائِمًا ، فَكَفّ عَنْ طَلَبِهِمْ وَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَسَارَعُوا وَأَجَابُوا ، وَتَقَدّمَ نَفَرٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَالُوا : نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا ، وَهَذِهِ صَدَقَاتُنَا فَخُذْ مِنْهَا حَقّ اللّهِ
قَالَ فَحَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَجَمَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا أَصَابَ مِنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ فَجَزّأَهَا خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ فِي سَهْمٍ مِنْهَا « لِلّهِ » ، فَخَرَجَ أَوّلُ السّهَامِ سَهْمُ الْخُمْسِ وَلَمْ يُنْفِلْ أَحَدًا مِنْ النّاسِ شَيْئًا . فَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يُعْطُونَ أَصْحَابَهُمْ - الْحَاضِرَ دُونَ غَيْرِهِمْ - مِنْ الْخُمْسِ . ثُمّ يُخْبِرُ بِذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَا يَرُدّهُ عَلَيْهِمْ فَطَلَبُوا ذَلِكَ مِنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَأَبَى وَقَالَ الْخُمْسُ أَحْمِلُهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَهَذَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوَافِي الْمَوْسِمَ وَنَلْقَاهُ وَيَصْنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ اللّهُ . فَانْصَرَفَ رَاجِعًا ، وَحَمَلَ الْخُمْسَ وَسَاقَ مَعَهُ مَا كَانَ سَاقَ فَلَمّا كَانَ بِالْفُتُقِ تَعَجّلَ . وَخَلّفَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالْخُمُسِ أَبَا رَافِعٍ فَكَانَ فِي الْخُمُسِ ثِيَابٌ [ ص 1081 ] مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ ، أَحْمَالٌ مَعْكُومَةٌ وَنَعَمٌ تُسَاقُ مِمّا غَنِمُوا ، وَنَعَمٌ مِنْ صَدَقَةِ أَمْوَالِهِمْ .
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ - وَكَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ - قَالَ وَكَانَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَنْهَانَا أَنْ نَرْكَبَ عَلَى إبِلِ الصّدَقَةِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَكْسُوَهُمْ ثِيَابًا فَكَسَاهُمْ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ . فَلَمّا كَانُوا بِالسّدْرَةِ دَاخِلِينَ مَكّةَ ، خَرَجَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَتَلَقّاهُمْ لِيَقْدَمَ بِهِمْ فَيُنْزِلَهُمْ فَرَأَى عَلَى أَصْحَابِنَا ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ عَلَى كُلّ رَجُلٍ فَعَرَفَ الثّيَابَ فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ مَا هَذَا ؟ قَالَ كَلّمُونِي فَفَرِقْت مِنْ شِكَايَتِهِمْ وَظَنَنْت أَنّ هَذَا يَسْهُلُ عَلَيْك ، وَقَدْ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَك يَفْعَلُ هَذَا بِهِمْ . فَقَالَ رَأَيْت إبَائِي عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ أَعْطَيْتهمْ وَقَدْ أَمَرْتُك أَنْ تَحْتَفِظَ بِمَا خَلّفْت ، فَتُعْطِيَهُمْ قَالَ فَأَبَى عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَتّى جَرّدَ بَعْضَهُمْ مِنْ ثَوْبَيْهِ فَلَمّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شَكَوْا ، فَدَعَا عَلِيّا فَقَالَ مَا لِأَصْحَابِك يَشْكُونَك ؟ فَقَالَ مَا أَشْكِيَتُهُمْ ؟ قَسّمْت عَلَيْهِمْ مَا غَنِمُوا ، وَحَبَسْت الْخُمُسَ حَتّى يَقْدَمَ عَلَيْك وَتَرَى رَأْيَك فِيهِ وَقَدْ كَانَتْ الْأُمَرَاءُ يَفْعَلُونَ أُمُورًا ، يُنْفِلُونَ مَنْ أَرَادُوا مِنْ الْخُمُسِ فَرَأَيْت أَنْ أَحْمِلَهُ إلَيْك لِتَرَى فِيهِ رَأْيَك . فَسَكَتَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فَحَدّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ثَابِتٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَمّا ظَهَرَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَى عَدُوّهِ وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ جَمَعَ مَا غَنِمَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ وَأَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَكَتَبَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 1082 ] كِتَابًا مَعَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ يُخْبِرُهُ أَنّهُ لَقِيَ جَمْعًا مِنْ زُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَنّهُ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا كَفّ عَنْهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ وَقَاتَلَهُمْ . قَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَرَزَقَنِي اللّهُ الظّفَرَ عَلَيْهِمْ حَتّى قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ . ثُمّ أَجَابُوا إلَى مَا كَانَ عُرِضَ عَلَيْهِمْ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأَطَاعُوا بِالصّدَقَةِ وَأَتَى بِشْرٌ مِنْهُمْ لِلدّينِ وَعَلّمَهُمْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ . فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوَافِيَهُ فِي الْمَوْسِمِ فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِذَلِكَ .
قَالَ فَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التّنُوخِيّ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حُلَيْسٍ قَالَ لَمّا قَدِمَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ الْيَمَنَ خَطَبَ بِهِ وَبَلَغَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قِيَامُهُ بِخُطْبَتِهِ فَأَقْبَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي حُلّةٍ مَعَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ ، حَتّى اسْتَمَعَا لَهُ فَوَاقَفَاهُ وَهُوَ يَقُولُ إنّ مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ . قَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ عَلِيّ : وَفِيهِمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ . فَقَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ وَمَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ . فَقَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ الْحَبْرُ وَكَيْفَ تُصَدّقُهُ ؟ قَالَ أَمّا قَوْلُهُ « مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ » فَهُوَ الْمُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْأَوّلِ وَلَا يُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْآخِرِ . وَأَمّا قَوْلُهُ « مِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ » فَهُوَ الّذِي لَا يُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْأَوّلِ وَلَا الْآخِرِ . وَأَمّا قَوْلُهُ « مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ » فَهُوَ مَا يَقْبَلُ اللّهُ مِنْ الصّدَقَاتِ . قَالَ وَهُوَ مَثَلٌ رَأَيْته بَيّنٌ قَالُوا : وَجَاءَ كَعْبًا سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ حُلّتَهُ وَمَضَى الْحَبْرُ مُغْضَبًا ؟ وَمَثَلَتْ بَيْنَ يَدَيْ كَعْبٍ امْرَأَةٌ تَقُولُ مَنْ يُبَادِلُ رَاحِلَةً بِرَاحِلَةٍ ؟ قَالَ كَعْبٌ وَزِيَادَةِ حُلّةٍ ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَأَخَذَ كَعْبٌ وَأَعْطَى ، وَرَكِبَ الرّاحِلَةَ وَلَبِسَ الْحُلّةَ ، [ ص 1083 ] وَأَسْرَعَ السّيْرَ حَتّى لَحِقَ الْحَبْرَ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ
قَالَ فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعَبْسِيّ قَالَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : لَمّا قَدِمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ الْيَمَنَ ، لَقِيته فَقُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ مُحَمّدٍ . فَجَعَلَ يُخْبِرُنِي عَنْهُ وَجَعَلْت أَتَبَسّمُ فَقَالَ مِمّ تَتَبَسّمُ فَقُلْت : مِمّا يُوَافِقُ عِنْدَنَا مِنْ صِفَتِهِ . فَقَالَ مَا يُحِلّ وَمَا يُحَرّمُ فَقُلْت : فَهُوَ عِنْدَنَا كَمَا وَصَفْت وَصَدّقْت بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَآمَنْت بِهِ . وَدَعَوْت مَنْ قِبَلَنَا مِنْ أَحْبَارِنَا ، وَأَخْرَجْت إلَيْهِمْ سَفَرًا فَقُلْت : هَذَا كَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ عَلَيّ وَيَقُولُ لَا تَفْتَحْهُ حَتّى تَسْمَعَ بِنَبِيّ يَخْرُجُ بِيَثْرِبَ . قَالَ فَأَقَمْت بِالْيَمَنِ عَلَى إسْلَامِي حَتّى تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتُوُفّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَدِمْت فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَيَا لَيْتَ أَنّي كُنْت تَقَدّمْت فِي الْهِجْرَةِ
(1/1079)
====
بَابٌ مَا جَاءَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الصّدَقَاتِ [ ص 1084 ] أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَيّةَ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثّلْجِيّ ، قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ قَالَ قَرَأْت كِتَابًا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ فِيهِ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَوَائِمِ مَوَاشِيهمْ مِنْ كُلّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا شَاةٌ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلَاثٌ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ شَاةً فَفِي كُلّ مِائَةٍ شَاةٍ شَاةٌ . وَفِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلّ خَمْسٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ . فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَثَلَاثِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتّةً وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقّةٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إحْدَى وَسِتّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا تَيْسٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إلّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدّقُ وَلَا يُفَرّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرّقَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسّوِيّةِ . فَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلّ خَمْسِينَ حِقّةٌ وَفِي كُلّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ وَفِي كُلّ ثَلَاثِينَ جَذَعٌ [ ص 1085 ] أَوْ جَذَعَةٌ فِي كُلّ أَرْبَعِينَ مُسِنّةٌ . وَفِيمَا سَقَتْ السّمَاءُ أَوْ سُقِيَ بِالْغَيْلِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيّةٍ أَوْ نَصْرَانِيّةٍ لَمْ يُفْتَنْ عَنْهَا ، وَأُخِذَ مِنْهُ دِينَارٌ عَلَى كُلّ حَالِمٍ أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الْمَعَافِرِيّ . قَالَ حَدّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُكَيْدِرِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ الْمَازِنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ كُنّا مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِالْيَمَنِ فَرَأَيْته يَأْخُذُ الْحَبّ مِنْ الْحَبّ وَالْبَعِيرَ مِنْ الْإِبِلِ وَالشّاءَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرَةَ مِنْ الْبَقَرِ وَالزّبِيبَ مِنْ الزّبِيبِ وَكَانَ لَا يُكَلّفُ النّاسَ مَشَقّةً وَكَانَ يَأْتِيهِمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ فَيُصَدّقَ مَوَاشِيَهُمْ وَيَأْمُرَ مَنْ يَسْقَبُ بِذَلِكَ وَكَانَ لَا يُفَرّقُ الْمَاشِيَةَ كَانَ يَقْعُدُ فَمَا أُتِيَ بِهِ مِنْ شَاةٍ فِيهَا رَفَاءٌ لَهُ أَخَذَهَا ، وَيَأْمُرُ مَنْ يَسْقَبُ بِذَلِكَ وَيَقْسِمُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ - يَسْقَبُ يَسْعَى عَلَيْهِمْ - يَأْخُذُ الصّدَقَةَ مِنْ هَاهُنَا وَمِنْ هَاهُنَا ; يَعْرِفُهُمْ .
قَالَ حَدّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمّدٍ الْفِهْرِيّ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مَعَ رُسُلِ حِمْيَرَ ، وَبَعَثَ عَلِيّا عَلَيْهِ السّلَامُ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنْ اجْتَمَعْتُمَا فِي مَكِيدَةٍ فَعَلِيّ عَلَى النّاسِ وَإِنْ افْتَرَقْتُمَا فَكُلّ عَلَى حِدَةٍ قَالَ رَجَاءٌ وَكَانَ قَدْ قَضَى بِهَا قَضِيّةً دِيَةُ النّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ وَأَلْفَيْ شَاةٍ عَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ مِائَتَيْ جَذَعَةٍ - أَيْ ثُمّ ضَالَعَ الشّاةَ جَذَعَةً ثُمّ ثَنِيّةً - وَمِائَتَيْ بَقَرَةٍ نِصْفُهَا تَبِيعٌ وَنِصْفُهَا مَسَانّ . وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ أَلْفَيْ ثَوْبٍ مَعَافِرِيّةٌ .
[ ص 1086 ] قَالُوا : احْتَفَرَ قَوْمٌ بِالْيَمَنِ بِئْرًا ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ سَقَطَ فِيهَا أَسَدٌ ، فَأَصْبَحَ النّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَسَقَطَ إنْسَانٌ فِي الْبِئْرِ فَتَعَلّقَ بِآخَرَ فَتَعَلّقَ الْآخَرُ بِآخَرَ حَتّى كَانُوا فِي الْبِئْرِ أَرْبَعَةً فَحَرِبَ الْأَسَدُ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ فَأَهْوَى لَهُ رَجُلٌ بِرُمْحِهِ فَقَتَلَهُ . فَقَالَ النّاسُ الْأَوّلُ عَلَيْهِ دِيَتُهُمْ فَهُوَ قَتَلَهُمْ . فَأَرَادُوا يُقْبِلُونَ فَمَرّ بِهِمْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَقَالَ أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِقَضَاءٍ فَمَنْ رَضِيَ فَهُوَ إلَى قَضَائِهِ وَمَنْ تَجَاوَزَ إلَى غَيْرِهِ فَلَا حَقّ لَهُ حَتّى يَكُونَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقْضِي فِيكُمْ اجْمَعُوا مَنْ حَضَرَ الْبِئْرَ مِنْ النّاسِ فَجَمَعُوا كُلّ مَنْ حَضَرَ الْبِئْرَ ثُمّ قَالَ رُبُعُ دِيَةٍ وَثُلُثُ دِيَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ وَدِيَةٌ تَامّةٌ فَالْأَسْفَلُ رُبُعُ دِيَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنّهُ هَلَكَ مِنْ فَوْقِهِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثّانِي ثُلُثُ الدّيَةِ لِأَنّهُ هَلَكَ اثْنَانِ وَلِلثّالِثِ نِصْفُ الدّيَةِ مِنْ أَنّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ وَلِلْأَوّلِ الدّيَةُ كَامِلَةٌ . فَإِنْ رَضِيتُمْ فَهُوَ بَيْنَكُمْ قَضَاءٌ وَإِنْ لَمْ تَرْضَوْا فَلَا حَقّ لَكُمْ حَتّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَيَقْضِي بَيْنَكُمْ . فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ وَهُمْ عَشْرَةُ نَفَرٍ فَجَلَسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَصّوا عَلَيْهِ خَبَرَهُمْ فَقَالَ أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ إنْ شَاءَ اللّهُ فَقَامَ أَحَدُ النّفَرِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ عَلِيّا قَدْ قَضَى بَيْنَنَا . فَقَالَ فِيمَ قَضَى بَيْنَكُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَضَى بِهِ فَقَالَ هُوَ مَا قَضَى بِهِ . فَقَامَ الْقَوْمُ فَقَالُوا : هَذَا قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ . فَلَزِمَ الْمَقْضِيّ عَلَيْهِمْ وَسَأَلَهُمْ عَنْ الْأُسْدِ أَهِيَ فِي بِلَادِهِمْ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهَا لَكَثِيرَةٌ تُغِيرُ عَلَى مَاشِيَتِنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأُسْدِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ فَإِنّهُ غَدَا عَلَى ابْنٍ لِحَوّاءَ فَأَكَلَهُ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ حَوّاءُ فَقَالَتْ وَيْلَك ، أَكَلْت ابْنِي قَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ آكُلَ رِزْقًا سَاقَهُ اللّهُ إلَيّ . فَأَقْبَلَ [ ص 1087 ] آدَمُ فَقَالَ وَيْلَك ، تُخَاطِبُهَا وَقَدْ أَكَلْت ابْنَهَا ؟ اخْسَأْ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَمْشِي إلّا مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ . ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنْ شِئْتُمْ وَظّفْت لَهُ وَظِيفَةً لَا يَعْدُوهَا إلَى غَيْرِهَا ، وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْته يُجَالِسُكُمْ وَتَحْذَرُونَ مِنْهُ . فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالُوا : وَظّفْ لَهُ وَظِيفَةً . فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَخْشَى أَلّا يَحْمِلَهَا قَوْمُنَا وَلَا يُطِيعُونَ بِهَا ، فَنَكُونُ قَدْ قُلْنَا لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَوْلًا لَا نَفِي بِهِ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْهُ يُجَالِسُنَا وَنَتَحَذّرُ مِنْهُ . فَقَالَ فَذَاكَ فَوَلّى الْقَوْمُ رَاجِعِينَ إلَى قَوْمِهِمْ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ أَخْبَرُوهُمْ فَقَالُوا : وَاَللّهِ مَا هُدِيتُمْ لِرُشْدِكُمْ لَوْ قَبِلْتُمْ مَا وَظّفَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمِنْتُمْ مِنْهُ . فَهَيّئُوا رَجُلًا يَبْعَثُونَهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُ الرّسُولُ .
قَالَ وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَحَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ مَوْلًى لِآلِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ قَدِمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ الْيَمَنِ ، . فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمّنْ حَلّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ « أَمَرَنِي بِهَذَا أَبِي قَالَ عَلِيّ ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْت إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُحَرّشًا عُلَى فَاطِمَةَ لِلّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ وَأَخْبَرْته أَنّي أَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ » أَبِي أَمَرَنِي بِذَلِكَ « . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَدَقْت مَاذَا قُلْت حِينَ فَرَضْت الْحَجّ ؟ قَالَ قُلْت : اللّهُمّ إنّي أُهِلّ بِمَا أَهَلّ بِهِ رَسُولُك قَالَ [ ص 1088 ] فَإِنّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلّ فَكَانَتْ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ وَاَلّذِي سَاقَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَحَلّ النّاسُ وَقَصّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ثُمّ نَحَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَدْيَهُ وَأَشْرَكَ عَلِيّا عَلَيْهِ السّلَامُ فِي هَدْيِهِ .
(1/1084)
=======
حَجّةُ الْوَدَاعِ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَمُوسَى بْنُ مُحَمّدٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَبُو حَمْزَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَيْمُونٍ وَحِزَامُ بْنُ هِشَامٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عَامِرٍ فَكُلّ قَدْ حَدّثَنِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِطَائِفَةٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَغَيْرُ مَنْ سَمّيْت قَدْ حَدّثَنَا أَيْضًا ، قَالُوا : قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ فَأَقَامَ يُضَحّي بِالْمَدِينَةِ كُلّ عَامٍ لَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَصّرُ وَيَغْزُو الْمَغَازِيَ وَلَمْ يَحُجّ حَتّى كَانَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ فَأَجْمَعَ الْخُرُوجَ وَآذَنَ النّاسَ بِالْحَجّ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلّهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَأْتَمّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَيَعْمَلَ بِعَمَلِهِ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ أَوّلُهَا عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ ، نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتّ ثُمّ عُمْرَةُ الْقَضِيّةِ سَنَةَ سَبْعٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَأَهْدَى سِتّينَ بَدَنَةً وَنَحَرَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَحَلَقَ وَاعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ .
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ [ ص 1089 ] عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالَ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ : كَمْ حَجّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ لَدُنْ نُبّئَ إلَى أَنْ تُوُفّيَ ؟ قَالَ حَجّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ الْحَارِثُ فَسَأَلْت أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللّهِ بْنَ مُحَمّدِ بْنِ الْحَنَفِيّةِ ، قَالَ حَجّ حَجّةً بِمَكّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ النّبُوّةِ وَحَجّتَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ .
وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ حَجّتَيْنِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ . وَالْأَمْرُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ بَلَدِنَا ، إنّمَا حَجّ حَجّةً وَاحِدَةً مِنْ الْمَدِينَةِ ، وَهِيَ الْحَجّةُ الّتِي يَقُولُ النّاسُ إنّهَا حَجّةُ الْوَدَاعِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ كُرِهَ أَنْ يُقَالَ حَجّةُ الْوَدَاعِ . فَقِيلَ حَجّةُ الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَوْمَ السّبْتِ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ فَصَلّى الظّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَحْرَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الظّهْرِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَهَذَا الثّبْتُ عِنْدَنَا . قَالَ فَحَدّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْتَهَى إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ عِنْدَ الظّهْرِ فَبَاتَ لِأَنْ يَجْتَمِعَ إلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَالْهَدْيُ حَتّى أَحْرَمَ عِنْدَ الظّهْرِ مِنْ الْغَدِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ بَيْتِهِ مُدّهِنًا مُتَرَجّلًا مُتَجَرّدًا حَتّى أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ [ ص 1090 ] اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحْرَمَ فِي ثَوْبَيْنِ صُحَارِيّيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَأَبْدَلَهُمَا بِالتّنْعِيمِ بِثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسِهِمَا .
قَالُوا : لَمّا اجْتَمَعَ إلَيْهِ نِسَاؤُهُ - وَكَانَ حَجّ بِهِنّ جَمِيعًا فِي حَجّتِهِ فِي الْهَوَادِجِ - وَانْتَهَى إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اجْتِمَاعُ أَصْحَابِهِ وَالْهَدْيِ دَخَلَ مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ أَنْ صَلّى الظّهْرَ وَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ خَرَجَ فَدَعَا بِالْهَدْيِ فَأَشْعَرَهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَقَلّدَ نَعْلَيْنِ . ثُمّ رَكِبَ نَاقَتَهُ فَلَمّا اسْتَوَى بِالْبَيْدَاءِ أَحْرَمَ .
فَقَالَ فَحَدّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ انْتَهَيْنَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ لَيْلًا ، وَمَعَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ ، فَبِتْنَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَأَيْت الْهَدْيَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الظّهْرَ أَشْعَرَ هَدْيَهُ وَقَلّدَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ . وَالْقَوْلُ الْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا أَنّهُ لَمْ يَبِتْ .
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الْمُجَمّرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُشْعِرَ بُدْنَهُ أَتَى بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ وَقَلّدَهَا . وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ أَشْعَرَهَا وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَسَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ . وَيُقَالُ إنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ بِأَنْ يُشْعِرَ مَا فَضَلَ مِنْ الْبُدْنِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْهَدْيِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ [ ص 1091 ] عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كُنْت عَلَى هَدْيِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ وَكَانَ مَعِي فَتَيَانِ مِنْ أَسْلَمَ ، كُنّا نَسُوقُهَا سَوْقًا نَبْتَغِي بِهَا الرّعْيَ وَعَلَيْهَا الْجِلَالُ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت مَا عَطِبَ مِنْهَا ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ تَنْحَرُهُ وَتُلْقِي قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ ثُمّ تَضْرِبُ بِهِ صَفْحَتَهُ الْيُمْنَى ، ثُمّ لَا تَأْكُلْ مِنْهَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِك .
قَالَ ثُمّ قَدِمْنَا مَكّةَ بَعْدَ يَوْمٍ ثُمّ رُحْنَا يَوْمَ التّرْوِيَةِ إلَى عَرَفَةَ بِالْهَدْيِ ثُمّ انْحَدَرْنَا مِنْ عَرَفَةَ حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى جَمْعٍ ، ثُمّ انْتَهَيْنَا مِنْ جَمْعٍ إلَى مَنْزِلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمِنًى حَيْثُ ضُرِبَتْ قُبّتُهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ سُقْ الْهَدْيَ إلَى الْمَنْحَرِ فَرَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَنْحَرُ الْهَدْيَ بِيَدَيْهِ وَأَنَا أُقَدّمُهَا إلَيْهِ تَعْتَبُ فِي الْعَقْل
قَالُوا : وَمَرّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا وَيْلَك قَالَ إنّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْمُرُ الْمُشَاةَ أَنْ يَرْكَبُوا عَلَى بُدْنِهِ .
قَالُوا : وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ طَيّبْت لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إحْرَامَهُ بِيَدَيّ . وَكَانَتْ تَقُولُ أَحْرَمْت مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَطَيّبْت ، فَلَمّا كُنّا بِالْقَاحَةِ سَالَ مِنْ الصّفْرَةِ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا أَحْسَنَ لَوْنَك الْآنَ يَا شُقَيْرَاءُ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي بَيْنَ مَكّةَ وَالْمَدِينَةِ رَكْعَتَيْنِ آمِنًا لَا يَخَافُ إلّا اللّهَ تَعَالَى ، فَلَمّا قَدِمَ [ ص 1092 ] مَكّةَ صَلّى بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ سَلّمَ ثُمّ قَالَ أَتِمّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكّةَ ، فَإِنّا سَفْرٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيمَا أَهَلّ بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي طَوَالَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرَنَ مَعَ حَجّتِهِ عُمْرَةً قَالَ وَحَدّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَتْ قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ تَأْمُرُ النّاسَ أَنْ يَحِلّوا وَلَمْ تَحِلّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك ؟ قَالَ إنّي لَبّدْت رَأْسِي ، وَقَلّدْت هَدْيِي ، فَلَا أَحِلّ حَتّى أَنْحَرَ هَدْيِي
(1/1089)
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ ; وَمَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ : قَالَا . أَهَلّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْعُمْرَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ
قَالَ فَحَدّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ أَفْرَدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْحَجّ فَكَانَ هَذَا الْأَمْرُ الّذِي أَخَذَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَثَبَتَ عِنْدَهُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الْأَحَدِ بِمَلَلٍ ، ثُمّ رَاحَ فَتَعَشّى بِشَرَفِ السّيّالَةِ ، وَصَلّى بِالشّرَفِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَصَلّى الصّبْحَ بِعِرْقِ الظّبْيَةِ بَيْنَ الرّوْحَاءِ وَالسّيّالَةِ - وَهُوَ دُونَ الرّوْحَاءِ ، فِي الْمَسْجِدِ الّذِي عَنْ يَمِينِ الطّرِيقِ . ثُمّ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الرّوْحَاءَ ، فَإِذَا بِحِمَارٍ عَقِيرٍ فَذُكِرَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا حِمَارٌ عَقِيرٌ . قَالَ دَعُوهُ حَتّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ . فَجَاءَ النّهْدِيّ وَهُوَ صَاحِبُهُ فَأَهْدَاهُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ صَيْدُ الْبَرّ لَكُمْ حَلَالٌ إلّا مَا صِدْتُمْ أَوْ صِيدَ لَكُمْ . ثُمّ رَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الرّوْحَاءِ فَصَلّى الْعَصْرَ بِالْمُنْصَرَفِ ثُمّ صَلّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَتَعَشّى بِهِ وَصَلّى الصّبْحَ بِالْأَثَايَةِ وَأَصْبَحَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ بِالْعَرْجِ
[ ص 1093 ] قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَصُونٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْمَدِينَةِ إنّ عِنْدِي بَعِيرًا نَحْمِلُ عَلَيْهِ زَادَنَا . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَذَاكَ إذًا قَالَتْ فَكَانَتْ زَامِلَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً فَأَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِزَادٍ دَقِيقٍ وَسَوِيقٍ فَجَعَلَ عَلَى بَعِيرِ أَبِي بَكْرٍ . وَكَانَ غُلَامُهُ يَرْكَبُ عَلَيْهِ عُقْبَةً فَلَمّا كَانَ بِالْأَثَايَةِ عَرّسَ الْغُلَامُ وَأَنَاخَ بَعِيرَهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَقَامَ الْبَعِيرُ يَجُرّ خِطَامَهُ آخِذًا فِي الشّعْبِ ، وَقَامَ الْغُلَامُ فَلَزِمَ الطّرِيقَ يَظُنّ أَنّهُ سَلَكَهَا ، وَهُوَ يَنْشُدُهُ فَلَا يَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ . وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَبْيَاتٍ بِالْعَرْجِ فَجَاءَ الْغُلَامُ مُظْهِرًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَيْنَ بَعِيرُك ؟ قَالَ ضَلّ مِنّي قَالَ وَيْحَك ، لَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا أَنَا لَهَانَ الْأَمْرُ عَلَيّ وَلَكِنْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَهْلُهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَعَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطّلِ ، وَكَانَ صَفْوَانُ عَلَى سَاقَةِ النّاسِ وَأَنَاخَهُ عَلَى بَابِ مَنْزِلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ اُنْظُرْ هَلْ تَفْقِدُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك فَنَظَرَ فَقَالَ مَا نَفْقِدُ شَيْئًا إلّا قَعْبًا كُنّا نَشْرَبُ بِهِ فَقَالَ الْغُلَامُ هَذَا الْقَعْبُ مَعِي . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَدّى اللّهُ عَنْك الْأَمَانَة
[ ص 1094 ] قَالَ حَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا نَزَلَ الْعَرْجَ جَلَسَ بِفِنَاءِ مَنْزِلِهِ ثُمّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَجَلَسَ إلَى جَنْبِهِ فَجَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فَجَلَسَتْ إلَى جَنْبِهِ الْآخَرِ وَجَاءَتْ أَسْمَاءُ فَجَلَسَتْ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَ غُلَامُ أَبِي بَكْرٍ مُتَسَرْبِلًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَيْنَ بَعِيرُك ؟ قَالَ أَضَلّنِي . فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَضْرِبُهُ وَيَقُولُ بَعِيرٌ وَاحِدٌ يَضِلّ مِنْك ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَتَبَسّمُ وَيَقُولُ أَلَا تَرَوْنَ إلَى هَذَا الْمُحْرِمِ وَمَا يَصْنَعُ ؟ وَمَا يَنْهَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
(1/1093)
قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَسْلَمِيّ عَنْ آلِ نَضْلَةَ الْأَسْلَمِيّ أَنّهُمْ خُبّرُوا أَنّ زَامِلَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ضَلّتْ فَحَمَلُوا جَفْنَةً مِنْ حَيْسٍ فَأَقْبَلُوا بِهَا حَتّى وَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ هَلُمّ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَدْ جَاءَك اللّهُ بِغَدَاءٍ طَيّبٍ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَغْتَاظُ عَلَى الْغُلَامِ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَوّنْ عَلَيْك ، فَإِنّ الْأَمْرَ لَيْسَ إلَيْك ، وَلَا إلَيْنَا مَعَك قَدْ كَانَ الْغُلَامُ حَرِيصًا أَلّا يَضِلّ بَعِيرُهُ وَهَذَا خَلَفٌ مِمّا كَانَ مَعَهُ . فَأَكَلَ [ ص 1095 ] رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَهْلُهُ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَكُلّ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى شَبِعُوا .
قَالَ وَجَاءَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَابْنُهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ بِزَامِلَةٍ تَحْمِلُ زَادًا ، يَؤُمّانِ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى يَجِدَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاقِفًا عِنْدَ بَابِ مَنْزِلِهِ قَدْ أَتَى اللّهُ بِزَامِلَتِهِ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ بَلَغَنَا أَنّ زَامِلَتَك أَضَلّتْ مَعَ الْغُلَامِ وَهَذِهِ زَامِلَةٌ مَكَانَهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ جَاءَ اللّهُ بِزَامِلَتِنَا فَارْجِعَا بِزَامِلَتِكُمَا بَارَكَ اللّهُ عَلَيْكُمَا أَمَا يَكْفِيك يا أَبَا ثَابِتٍ مَا تَصْنَعُ بِنَا فِي ضِيَافَتِك مُنْذُ نَزَلْنَا الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللّهِ الْمِنّةُ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ لَلّذِي تَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِنَا أَحَبّ إلَيْنَا مِنْ الّذِي تَدَعُ . قَالَ صَدَقْتُمْ يَا أَبَا ثَابِتٍ أَبْشِرْ فَقَدْ أَفْلَحْت إنّ الْأَخْلَاقَ بِيَدِ اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَمَنْ أَرَادَ اللّهُ أَنْ يَمْنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا مَنَحَهُ وَلَقَدْ مَنَحَك اللّهُ خُلُقًا صَالِحًا . فَقَالَ سَعْدٌ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هُوَ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَهْلَ بَيْتِ سَعْدٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ سَادَتُنَا وَالْمُطْعِمُونَ فِي الْمَحْلِ مِنّا . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا ، لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ .
قَالَ ابْنُ أَبِي الزّنَادِ يَقُولُ لَهُ جَمِيلٌ ذِكْرُهُ قَالَ وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِلَحْيَىْ جَمَلٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ قَالَ حَدّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمّدٌ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزّنَادِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ [ ص 1096 ] عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ ، عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالُوا : وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّقْيَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمّ أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْأَبْوَاءِ فَأَهْدَى لَهُ الصّعْبُ بْنُ جَثّامَةَ عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا ، فَرَدّهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ إنّا حُرُمٌ . فَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ بِالْأَبْوَاءِ لِيَاءً مُقَشّي أُهْدِيَ لَهُ مِنْ وَدّانَ ، ثُمّ قَامَ فَصَلّى وَلَمْ يَتَوَضّأْ فَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي يَنْظُرُ وَادِيَ الْأَبْوَاءِ ، عَلَى يَسَارِك وَأَنْتَ مُوَجّهٌ إلَى مَكّةَ . ثُمّ رَاحَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْأَبْوَاءِ فَصَلّى بِتَلَعَاتِ الْيَمَنِ ، وَكَانَ هُنَاكَ سَمُرَةٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَلَسَ تَحْتَهَا ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُبّ الْإِدَاوَةَ تَحْتَهَا إذَا مَرّ بِهَا ، يَسْقِيهَا .
قَالَ حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَلَسَ تَحْتَهَا ، وَأَنّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصُبّ الْإِدَاوَةَ تَحْتَهَا فِي أَصْلِ السّمُرَةِ يُرِيدُ بَقَاءَهَا
(1/1095)
قَالَ فَحَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي هُنَاكَ حِينَ يَهْبِطُ . مِنْ ثَنِيّةِ أَرَاكٍ عَلَى الْجُحْفَةِ ، وَنَزَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْجُحْفَةَ ، ثُمّ رَاحَ مِنْهَا فَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ مُشْرِفًا خَارِجًا مِنْ الْجُحْفَةِ ، وَالْمَسْجِدُ الّذِي دُونَ خَمّ عَنْ يَسَارِ الطّرِيقِ فَكَانَ يَوْمَ السّبْتِ بِقُدَيْدٍ فَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الْمُشَلّلِ ، [ ص 1097 ] وَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الّذِي أَسْفَلَ مِنْ لَفَتٍ .
قَالَ حَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ مَرّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةِ فِي مِحَفّتِهَا ، وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا صَغِيرٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ أَلِهَذَا حَجّ ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ وَكَانَ يَوْمَ الْأَحَدِ بِعْسْفَانَ ، ثُمّ رَاحَ . فَلَمّا كَانَ بِالْغَمِيمِ اعْتَرَضَ الْمُشَاةَ فَصُفّوا لَهُ صُفُوفًا فَشَكَوْا إلَيْهِ الْمَشْيَ فَقَالَ اسْتَعِينُوا بِالنّسَلَانِ . فَفَعَلُوهُ فَوَجَدُوا لِذَلِكَ رَاحَةً . وَكَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِمَرّ الظّهْرَانِ ، فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْهَا حَتّى أَمْسَى ، وَغَرَبَتْ لَهُ الشّمْسُ فَلَمْ يُصَلّ الْمَغْرِبَ حَتّى دَخَلَ مَكّةَ . فَلَمّا انْتَهَى إلَى الثّنِيّتَيْنِ بَاتَ بَيْنَهُمَا ، بَيْنَ كُدًى وَكَدَاءٍ ، ثُمّ أَصْبَحَ فَاغْتَسَلَ وَدَخَلَ مَكّةَ نَهَارًا
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَخَلَ مَكّةَ نَهَارًا مِنْ كُدًى عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ إلَى الْأَبْطَحِ ، حَتّى دَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكّةَ حَتّى انْتَهَى إلَى الْبَابِ الّذِي يُقَالُ [ لَهُ ] بَابُ بَنِي شَيْبَةَ . فَلَمّا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَوَقَعَ زِمَامُ نَاقَتِهِ فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ . قَالُوا : ثُمّ قَالَ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ : اللّهُمّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرّا
قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَدَأَ بِالطّوَافِ قَبْلَ الصّلَاةِ . قَالُوا : وَلَمّا انْتَهَى إلَى الرّكْنِ اسْتَلَمَهُ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِرِدَائِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللّهِ وَاَللّهُ أَكْبَرُ ثُمّ رَمَلَ ثَلَاثَةً مِنْ الْحَجَرِ . وَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ يَسْتَلِمُ الرّكْنَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللّهِ وَاَللّهُ أَكْبَرُ إيمَانًا بِاَللّهِ وَتَصْدِيقًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمّدٌ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 1098 ]
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْن أَبِي السّائِبِ الْمَخْزُومِيّ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ الرّكْنِ الْيَمَانِيّ وَالْأَسْوَدِ : رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النّارِ
قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَمَقْت النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمْ يَسْتَلِمْ مِنْ الْأَرْكَانِ إلّا الْيَمَانِيّ وَالْأَسْوَدَ ، وَمَشَى أَرْبَعَةً . قَالُوا : ثُمّ انْتَهَى إلَى خَلْفِ الْمَقَامِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا : قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ثُمّ عَادَ إلَى الرّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ . وَقَدْ قَالَ لِعُمَرَ : إنّك رَجُلٌ قَوِيّ ; إنْ وَجَدْت الرّكْنَ خَالِيًا فَاسْتَلِمْهُ وَإِلّا فَلَا تُزَاحِمْ النّاسَ عَلَيْهِ فَتُؤْذِي وَتُؤْذَى . وَقَالَ لِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : وَكَيْفَ صَنَعْت بِالرّكْنِ يَا أَبَا مُحَمّدٍ ؟ قَالَ اسْتَلَمْت وَتَرَكْت . قَالَ أَصَبْت ثُمّ خَرَجَ إلَى الصّفَا مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَقَالَ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللّهُ بِهِ
(1/1097)
قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَفْدَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَعَى بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ .
[ ص 1099 ] قَالَ حَدّثَنِي الثّوْرِيّ ، عَنْ حَمّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدِمَ وَهُوَ سَاكِنٌ فَطَافَ بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ . قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ طَافَ يَوْمَئِذٍ عَلَى بَغْلَتِهِ . وَالْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ - عَلَى رَاحِلَتِهِ .
قَالُوا : فَصَعِدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الصّفَا ، فَكَبّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَقَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ صَدَقَ اللّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ ثُمّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ ، فَلَمّا انْصَبّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ
قَالَ فَحَدّثَنِي عَلِيّ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ أُمّهِ عَنْ بَرّةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ لَمّا انْتَهَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَسْعَى قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّ اللّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السّعْيَ فَاسْعَوْا فَسَعَى حَتّى رَأَيْت إزَارَهُ انْكَشَفَ عَنْ فَخِذِهِ وَقَالُوا : قَالَ فِي الْوَادِي : رَبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الْأَعَزّ الْأَكْرَمُ فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْمَرْوَةِ فَعَلَ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصّفَا ، فَبَدَأَ بِالصّفَا وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اضْطَرَبَ بِالْأَبْطَحِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي بُرْدٌ أَنّ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي النّضْرِ حَدّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ عَنْ أُمّ هَانِئٍ قَالَتْ قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلّا تَنْزِلُ فِي بُيُوتِ مَكّةَ ؟ فَأَبَى وَاضْطَرَبَ بِالْأَبْطَحِ حَتّى خَرَجَ يَوْمَ التّرْوِيَةِ ثُمّ رَجَعَ [ ص 1100 ] مِنْ مِنًى فَنَزَلَ بِالْأَبْطَحِ حَتّى خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَلَمْ يَنْزِلْ بَيْتًا وَلَمْ يُظِلّهُ . قَالَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْكَعْبَةَ ، فَلَمّا انْتَهَى إلَى بَابِهَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَدَخَلَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، وَبِلَالٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ طَوِيلًا ثُمّ فَتَحُوهُ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَكُنْت أَوّلَ النّاسِ سَبَقَ إلَيْهِ فَسَأَلْت بِلَالًا : أَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِ ؟ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ الْمُقَدّمَتَيْنِ - وَكَانَ عَلَى سِتّةِ أَعْمِدَة فَحَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَبّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلّ . قَالُوا : وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَزِينًا فَقُلْت : مَا لَك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ فَعَلْت الْيَوْمَ أَمْرًا لَيْتَنِي لَمْ أَكُ فَعَلْته دَخَلْت الْبَيْتَ فَعَسَى الرّجُلُ مِنْ أُمّتِي لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَهُ فَتَكُونَ فِي نَفْسِهِ حَرَارَةٌ وَإِنّمَا أُمِرْنَا بِالطّوَافِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالدّخُولِ . وَكَسَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْبَيْتَ
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُوسَى ، قَالَ سَمِعْت الْعَبّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَسَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْبَيْتَ فِي حَجّتِهِ الْحِبَرَاتِ . قَالُوا : وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا .
قَالُوا : وَقَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ - وَهُوَ يَوْمُ التّرْوِيَةِ فِيمَا اُجْتُمِعَ لَنَا عَلَيْهِ - وَخَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ بِمَكّةَ .
[ ص 1101 ] قَالَ فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ الظّفَرِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ الضّمْرِي ، قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْطُبُ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَبْلَ الصّلَاةِ وَالْغَدُ مِنْ يَوْمِ النّحْرِ بِمِنًى بَعْدَ الظّهْرِ . قَالَ الْوَاقِدِيّ : هَذَا الْأَمْرُ الْمَأْخُوذُ بِهِ الْمَعْرُوفُ . وَيُقَالُ إنّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَافَقَ يَوْمَ التّرْوِيَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الرّكْنِ وَالْمَقَامِ فَوَعَظَ النّاسَ وَقَالَ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنّ يُصَلّيَ الظّهْرَ بِمِنًى فَلْيَفْعَلْ . وَرَكِبَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ بَعْدَ أَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، فَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ بِمِنًى ، وَنَزَلَ بِمَوْضِعِ دَارِ الْإِمَارَةِ الْيَوْمَ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَا نَبْنِي لَك كَنِيفًا ؟ فَأَبَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ مِنًى مَنْزِلُ مَنْ سَبَقَ
(1/1099)
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَرْكَبْ مِنْ مِنًى حَتّى رَأَى الشّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ ثُمّ رَكِبَ فَانْتَهَى إلَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَقَدْ ضَرَبَ لَهُ بِهَا قُبّةً مِنْ شَعْرٍ وَيُقَالُ إنّمَا قَالَ إلَى فَيْءِ صَخْرَةٍ وَمَيْمُونَةُ زَوْجَتُهُ تَتْبَعُ ظِلّهَا حَتّى رَاحَ وَأَزْوَاجُهُ فِي قِبَابٍ - أَوْ فِي قُبّةٍ - حَوْلَهُ . فَلَمّا كَانَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرُحّلَتْ إلَى بَطْنِ الْوَادِي - بَطْنِ عُرَنَةَ .
[ ص 1102 ] قَالُوا : وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَشُكّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُجَاوِزُ الْمُزْدَلِفَةَ يَقِفُ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ ، وَهُوَ يَسِيرُ إلَى جَنْبِهِ يَا رَسُولَ اللّهِ ظَنّ قَوْمُك أَنّك تَقِفُ بِجَمْعٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَقَدْ كُنْت أَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ خِلَافًا لَهُمْ وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ : رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ كُلّهَا تَقِفُ بِجَمْعٍ إلّا شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ . وَإِنّ مُوسَى بْنَ يَعْقُوبَ حَدّثَنِي ، عَنْ عَمّهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ كَانَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ يَقِفُ بِعَرَفَةَ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَسْوَدَانِ وَزِمَامُ بَعِيرِهِ مِنْ شَعْرٍ بَيْنَ غَرْزَيْنِ أَسْوَدَيْنِ حَتّى يَقِفَ مَعَ النّاسِ بِعَرَفَةَ ثُمّ يَدْفَعُ بِدَفْعِهِمْ فَإِنّنَا لَا نَتَكَلّمُ مَعَ النّاسِ - يَعْنِي الْعَرَبَ - كَانَتْ تَقِفُ بِعَرَفَةَ وَقُرَيْشٌ بِجَمْعٍ تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ اللّهِ
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ بِبَطْنِ عَرَفَةَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَلَمّا كَانَ آخِرُ الْخُطْبَةِ أَذّنَ بِلَالٌ وَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَمّا فَرَغَ بِلَالٌ مِنْ أَذَانِهِ تَكَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِكَلِمَاتٍ وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَأَقَامَ بِلَالٌ فَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الظّهْرَ ثُمّ أَقَامَ فَصَلّى الْعَصْرَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ
فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّهُ رَأَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْطُبُ يَوْمَئِذٍ فِي وَادِي عَرَفَةَ ، ثُمّ رَكِبَ . قَالَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إلَى النّاسِ أَنْ يَقِفُوا - إلَى عَرَفَةَ
(1/1102)
======
=========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق