4.علة الرواية بالمعني٤
مناهج المحدثين في رواية الحديث بالمعنى / د. عبد
الرزاق الشايجي /د. السيد محمد السيد نوح
قال المؤلف:
الرواية بالمعنى معناها : أن يؤدي الراوي معاني الحديث بألفاظ من عنده {قلت المدون وبتصوره الخاص}،ليؤدى
المعنى الذي فهمه، وللعلماء في جواز هذا الأمر مذاهب .
{قلت المدون ولا يصلح في دين الله هذا الاتجاه لانه سيصير تشريعا ناقصا مبتورا}
قلت ويلجأ الراوي لهذا بأحد الدوافع التالية
1.ضعف الحفظ وعدم الاتقان عنده.
2.إذا كان له منهج في التدليس
3.تشويشهة عند سماعه الحديث
4.حدوث اختلاطه او نسيانه او آفة في حفظه
5.ضياع كتبه إن كان له كتب.
6.كِبَرَهُ وضعف ذاكرته..
قلت وما يقال بعد ذلك من مذاهب فلن يرقي قولهم الي أن يكون ذلك حق أو دين تقام به الاحكام وتؤسس عليه المعاملات مثل :
قال المؤلف
المذهب الأول : جواز رواية الحديث بالمعنى في الأحاديث المرفوعة وفي غير المرفوعة
إذا تم التأكد بأن اللفظ الذي يروى به يؤدى المعنى{قلت المدون كيف ذلك وقد انحرف الراوي عن لفظه؟} ، قالوا وهذا مذهب الجمهور من السلف
والخلف .
المذهب الثاني : لا تجوز رواية الحديث بالمعنى إلا للصحابة رضي الله عنهم .
المذهب الثالث : لا تجوز إلا للصحابة والتابعين .
المذهب الرابع : لا تجوز الرواية بالمعنى إلا بشرط أن يقتصر ذلك على إبدال اللفظ
بمرادفه مع بقاء تركيب الكلام على حاله .
المذهب الخامس : لا يجوز في حديث رسول الله –
صلى الله عليه وسلم – ويجوز في غيره .
والرأي الراجح : قلت المدون لا يجوز أصلا لأنه شرع والنبي صلي الله عليه وسلم قال {{نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فبلغها عني كما سمعها
الحديث}} ويجب التفريق بين ماروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم – على أنه من
أفعاله ، وما يروى عنه على أنه من أقواله وفي رواية أصحابه عنه .
قال الكاتب فالأحاديث الفعلية والتقريرية لا تدخل في مبحث رواية الحديث بالمعنى في عصر
الصحابة ، وأما الأحاديث القولية فغير جائز روايتها بالمعنى أصلا الا بشروط وضوابط تعدم الرواية بالمعني وتحولها الي اللفظ{ كورود شاهد صحيح من طريق آخر يدل لفظه علي المعني بالضبط} لضبط الأمر وإتقانه .والأضمن أن لا تروي
بالمعني لأن ذلك ضد حديث نضر الله وجه امرئ سمع مقالتي فبلغها عني كما سمعها
الحديث ... وفروق لفظه
رواية الأحاديث بالمعنى هل أدخلت ضرراً على الدين ؟!!
قلت المدون :
الرواية هي أداء الحديث وتبليغه كما هو بلفظه ، مسنداً إلى النبي - صلى الله
عليه وسلم - بصيغة من صيغ الأداء ، وهي نوعان :
روايةٌ باللفظ الذي سمعه الراوي دون تغيير أو تبديل ، أو تقديم أو تأخير ، أو
زيادة أو نقص ، وروايةٌ بالمعنى{وذلك خطأ الراو} الذي اشتمل عليه اللفظ ، بدون التقيد بألفاظ
الحديث المسموعة .
والأصل في الرواية أن تكون باللفظ المسموع منه - صلى الله عليه وسلم- ، فإذا نسي
الراوي اللفظ جازت الرواية بالمعنى على سبيل التخفيف والرخصة ، بضوابط معروفة
يذكرها أهل العلم في هذا الباب{ قلت وممها تنصيصه في السياق علي ذلك وفي الاحاديث من أمثلة ذلك كثير مثل قول الراو لا أدري ان قال كذا ام لا اولا أدري ان قال كذا او كذا ......... ومثل ذلك كثيرا} .
قلت المدون وتعقيبي علي الكاتب:
ومن تداعيات ذلك
1. تغير الشرائع عن مقصود الله الباري..وتحريفها
2. أن المشكِّكين يأبوا إلا أن يصطادوا في الماء العكر ، ويبحثوا عن أي مدخل للطعن
في السنة والتشكيك فيها ، وكان المدخل في هذه المرة مسألة " رواية الحديث
بالمعنى " ، حيث زعموا أن جميع الأحاديث قد رواها الرواة بالمعنى لا بالألفاظ
المسموعة منه - صلى الله عليه وسلم - ، وأن ذلك كان شأن الرواة في كل طبقة ،وقال المشككون : فالرواه
يسمعون الأحاديث بألفاظ ثم يروونها بألفاظ أخرى ، قالوا :وهكذا حتى انطمست معالم الألفاظ
النبوية وتغيرت معانيها ، مما أدخل الضرر الكبير على الدين ، وأوجب إسقاط الثقة
بهذه الأحاديث والتي تصرف الرواة في ألفاظها ، حتى غدت لا تمتُّ إلى الألفاظ
النبوية بصلة .
وبذلك نحي المشككون نحو أن جعلوا رواية الأحاديث بالمعنى هو الأصل والقاعدة ، ومجيئها على اللفظ
المسموع أمراً شاذاً نادراً ،
=وأتجهوا باللوم والتشنيع على الذين اعتقدوا (( أن
أحاديث الرسول التي يقرؤونها في الكتب ، أو يسمعونها ممن يتحدثون بها ، جاءت صحيحة
المبنى محكمة التأليف ، وأن ألفاظها قد وصلت إلى الرواة مصونة كما نطق بها النبي
بلا تحريف ولا تبديل ، وأن الصحابة ومن جاء بعدهم ممن حملوا عنهم إلى زمن التدوين
قد نقلوا هذه الأحاديث بنصها كما سمعوها ، وأدوها على وجهها كما تلقوها ، فلم
ينلها تغير ولا اعتراها تبديل ، وأن الرواة للأحاديث كانوا صنفاً خاصاً في جودة
الحفظ وكمال الضبط وسلامة الذاكرة )) - كما فعل " محمود أبو رية " - في
كتابه " أضواء على السنة المحمدية -- وقال بعد أن ذكر أنه أن لبث زمناً طويلاً يبحث وينقب حتى انتهى إلى حقائق عجيبة ،
ونتائج خطيرة : (( ذلك أني وجدت أنه لا يكاد يوجد في كتب الحديث ( كلها ) - مما
أسموه صحيحاً ، أو ما جعلوه حسناً- حديثٌ قد جاء على حقيقة لفظه ومحكم تركيبه .
كما نطق به الرسول به . . . ، وقد يوجد بعض ألفاظ مفردة بقيت على حقيقتها في بعض
الأحاديث القصيرة ، وذلك في الفلتة والندرة . . )) قلت هكذا قال المشككون
والقارئ لهذا الكلام إذا لم يكن من أهل العلم والمعرفة بالحديث النبوي ، يخيل إليه
أن السنة لم يأت فيها حديث مروي بلفظه ، وأنه قد دخلها الكثير من التحريف والتغيير
.
مع أنه لا خلاف بين أهل العلم في أن رواية الحديث بلفظه المسموع منه - صلى الله
عليه وسلم - هو الأصل الذي ينبغي لكل راوٍ وناقل أن يلتزمه ما استطاع إلى ذلك
سبيلاً ، بل قد أوجبه بعضهم ومنعوا الرواية بالمعنى مطلقاً ، وألزموا أنفسهم
وغيرهم بأداء اللفظ كما سُمِع .
والذين أجازوا الرواية بالمعنى {قد أخطأوا } وقالوا إنما أجازوها على أنها رُخْصة تقدر بقدرها ، إذا
غاب اللفظ عن الذهن أو لم يتأكد منه ، لا على أنها أصل يتبع ويلتزم في الرواية .
ومع ذلك فقد اشترطوا لجوازها شروطاً تضمن سلامة المعنى وعدم تحريفه ، فقالوا : نقل
الحديث بالمعنى دون اللفظ حرام على الجاهل بمواقع الخطاب ، ودقائق الألفاظ ، أما
العالم بالألفاظ ، الخبير بمقاصدها ، العارف بما يحيل المعاني ويغيرها ، البصير
بمقدار التفاوت بينها حيث يفرق بين المحتمل وغير المحتمل ، والظاهر والأظهر ،
والعام والأعم ، فإنه يجوز له ذلك ، وإلى هذا ذهب جماهير الفقهاء والمحدثين .
{قلت المدون في ذلك نظر يطول فالاصل الرواية كما هي وبلفظها }
أما التجويز منهم للرواية بالمعنى إنما هو في غير ما تضمنته بطون الكتب ، أما ما
دُوِّن في الكتب فليس لأحد أن يغير لفظ شيء من كتاب مصنف ، ويثبت بدله لفظاً آخر
بمعناه لأن الرواية بالمعنى إنما رُخِّص فيها لما في ضبط الألفاظ والمحافظة عليها
من الحرج والمشقة ، وذلك غير موجود فيما تضمنته بطون الكتب ، ولأنه لا يملك تغيير
تصنيف غيره - كما ذكر ذلك الإمام ابن الصلاح - .
ومن الأحاديث ما لا يجوز روايته بالمعنى كالأحاديث التي يتعبد بلفظها مثل أحاديث
الأذكار والأدعية والتشهد ونحوها ، وما كان من جوامع كلمه - صلى الله عليه وسلم -
، والأحاديث التي تتعلق بالأمور التوقيفية كأسماء الله وصفاته وغير ذلك ، فليس كل
الأحاديث إذاً يجوز روايته بالمعنى .
على أن الرواية بالمعنى إنما تكون غالباً في الكلمة والكلمتين والثلاث ، وقل أن
تقع في جميع ألفاظ الحديث ، وربما ذكر الراوي عقب الحديث - إذا اضطر إلى الرواية
بالمعنى ولم يتأكد من اللفظ - لفظاً يفيد التصون والاحتياط ، لعلمهم بما في
الرواية بالمعنى من الخطورة ، كما ثبت عن ابن مسعود أنه قال يوماً : قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - ، فاغرورقت عيناه ، وانتفخت أوداجه ، ثم قال : (( أو مثله
أو نحوه أو شبهه )) رواه ابن ماجة وغيره
كما أنه من الظلم والتلبيس عند اتهام هؤلاء الرواة الثقات - من الصحابة ومن بعدهم
من التابعين وتابعيهم - بالتصرف في الألفاظ ، إغفال الخصائص الدينية ، والنفسية ،
والخلقية ، التي كانوا يتمتعون بها ، والتي لم تتوفر لمن بعدهم بالقدر الذي توفر
لهم ، مما عصمهم بإذن الله من التغيير والتبديل ، والتساهل في الرواية .
فقد كانوا عرباً خلصاً ، أهل فصاحة وبلاغة ، وكانوا على علم بمواقع الخطاب ،
ومحامل الكلام ، مع ما هم عليه من الديانة والورع والتقوى ، وهم يعلمون بأن الذي
يروونه دين من عند الله تعالى ، يحرم فيه الكذب على الله وعلى رسوله ، وأن أي تزيد
فيه أو تحريف يقود المرء إلى أن يتبوأ مقعداً في النار .
إضافة إلى ما حباهم الله به من حوافظ قوية ، وأذهان سيالة ، وقلوب عاقلة واعية ،
والغفلة عن ذلك كله إنكار للحق الثابت ، والواقع الملموس .
وبذلك يظهر لك أخي القارئ أن أكثر الأحاديث قد وصلت إلينا بمحكم ألفاظها ، وأن
بعضها قد روي بالمعنى مع الاحتياط البالغ من أي تغيير يخل بالمعنى الأصلي ، وما
عسى أن يكون قد دخل نزراً من الأحاديث بسبب الرواية بالمعنى فهو شيء يسير تنبه له
العلماء وبينوه .
فعُلِم أن الرواية بالمعنى لم تجن على الدين ، ولم تدخل على النصوص التحريف
والتبديل ، كما زعم المستشرقون ومن لفَّ لفَّهم ، وأن الله الذي تكفل بحفظ كتابه ،
قد تكفل بحفظ سنة نبيه من التحريف والتبديل ، وقيض لها في كل عصر من ينفي عنها
تحريف الغالين وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين .
_______________
المراجع :
دفاع عن السنة د . محمد أبو شهبة .
الحديث والمحدثون محمد محمد أبو زهو .
موقف المدرسة العقلية الأمين الصادق الأمين