| 
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، وَمَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ
  ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ قَالَ كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْجَاهِلِيّةِ
  ثُمّ أَقَرّهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْإِسْلَامِ
  وَقَضَى بِهَا فِي الْأَنْصَارِيّ الّذِي وُجِدَ بِخَيْبَرَ قَتِيلًا فِي جُبّ مِنْ
  جِبَابِ الْيَهُودِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  لِلْأَنْصَارِ تَحْلِفُ لَكُمْ الْيَهُودُ ; خَمْسِينَ رَجُلًا خَمْسِينَ
  يَمِينًا بِاَللّهِ مَا قَتَلْنَا ؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ
  تَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كَفّارٍ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَتَحْلِفُونَ خَمْسِينَ رَجُلًا خَمْسِينَ يَمِينًا
  بِاَللّهِ أَنّهُمْ قَتَلُوا صَاحِبَكُمْ وَتَسْتَحِقّوا الدّمَ ؟ قَالُوا : يَا
  رَسُولَ اللّهِ لَمْ نَحْضُرْ وَلَمْ نَشْهَدْ . قَالَ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دِيَتَهُ عَلَى الْيَهُودِ لِأَنّهُ قُتِلَ
  بِحَضْرَتِهِمْ 
حَدّثَنِي مَخْرَمَة بْنُ بُكَيْر ، عَنْ خَالِدِ بْنِ
  يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قَالَ قَضَى
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِدِيَتِهِ عَلَى الْيَهُودِ ،
  فَإِنْ لَمْ يُعْطُوا فَلِيَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللّهِ وَرَسُولِهِ .
  وَأَعَانَهُمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِبِضْعَةٍ
  وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا - فَهِيَ أَوّلُ مَا كَانَتْ الْقَسَامَة وَكَانَ النّاسُ
  يَطْلُعُونَ إلَى أَمْوَالِهِمْ بِخَيْبَرَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ . 
(1/714) 
وَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَالِمِ
  بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ أَبِيهِ [ ص 716 ] قَالَ خَرَجْت أَنَا وَالزّبَيْرُ
  وَالْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ نُفَيْلٍ
  إلَى أَمْوَالِنَا بِخَيْبَرَ فَطَلَعْنَا نَتَعَاهَدُهَا ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
  يَبْعَثُ مَنْ يَطْلُعُهَا وَيَنْظُرُ إلَيْهَا ، وَكَانَ عُمَرُ يَفْعَلُ
  ذَلِكَ أَيْضًا ، فَلَمّا قَدِمْنَا خَيْبَرَ تَفَرّقْنَا فِي أَمْوَالِنَا .
  فَعُدِيَ عَلَيْنَا مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ وَأَنَا نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِي
  فَصُرِعَتْ يَدَايَ فَسَأَلُونِي : مِنْ صَنِعِ هَذَا بِك ؟ فَقُلْت : لَا
  أَدْرِي ، فَأَصْلَحُوا أَمْرَ يَدَيْ وَقَالَ غَيْرُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
  قَالَ سَحَرُوهُ بِاللّيْلِ وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى فِرَاشِهِ فَكُوّعَ حَتّى
  أَصْبَحَ كَأَنّهُ كَانَ فِي وِثَاقٍ وَجَاءَ أَصْحَابُهُ فَأَصْلَحُوا مِنْ
  يَدَيْهِ فَقَدِمَ ابْنُ عُمَرَ الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرَ أَبَاهُ بِمَا صُنِعَ
  بِهِ . 
(1/716) 
حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ سَهْلِ بْنِ أَبِي
  حَثْمَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَقْبَلَ مُظَهّرُ بْنُ رَافِعٍ الْحَارِثِيّ
  بِأَعْلَاجٍ مِنْ الشّامِ يَعْمَلُونَ لَهُ بِأَرْضِهِ وَهُمْ عَشَرَةٌ
  فَأَقْبَلَ حَتّى نَزَلَ بِهِمْ خَيْبَرَ فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ
  فَيَدْخُلُ بِهِمْ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ أَنْتُمْ نَصَارَى وَنَحْنُ
  يَهُودُ وَهَؤُلَاءِ قَوْمٌ عَرَبٌ قَدْ قَهَرُونَا بِالسّيْفِ وَأَنْتُمْ عَشَرَةُ
  رِجَالٍ أَقْبَلَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَسُوقُكُمْ مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ
  وَالْخَيْرِ إلَى الْجَهْدِ وَالْبُؤْسِ وَتَكُونُونَ فِي رِقّ شَدِيدٍ فَإِذَا
  خَرَجْتُمْ مِنْ قَرْيَتِنَا فَاقْتُلُوهُ . قَالُوا : لَيْسَ مَعَنَا سِلَاحٌ . فَدَسّوا
  إلَيْهِمْ سِكّينَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً . قَالَ فَخَرَجُوا فَلَمّا كَانُوا
  بِثِبَارَ قَالَ لِأَحَدِهِمْ وَكَانَ الّذِي يَخْدُمُهُ مِنْهُمْ نَاوِلْنِي
  كَذَا وَكَذَا . فَأَقْبَلُوا إلَيْهِ جَمِيعًا قَدْ
  شَهَرُوا سَكَاكِينَهُمْ فَخَرَجَ مُظَهّرٌ يَعْدُو إلَى سَيْفِهِ وَكَانَ فِي
  قِرَابِ رَاحِلَتِهِ فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْقِرَابِ لَمْ يَفْتَحْهُ حَتّى
  بَعَجُوا بَطْنَهُ ثُمّ انْصَرَفُوا سِرَاعًا حَتّى قَدِمُوا خَيْبَرَ عَلَى
  الْيَهُودِ فَآوَوْهُمْ وَزَوّدُوهُمْ وَأَعْطَوْهُمْ قُوّةً فَلَحِقُوا
  بِالشّامِ . وَجَاءَ عُمَرُ الْخَبَرَ
  بِمَقْتَلِ مُظَهّرِ بْنِ رَافِعٍ وَمَا صَنَعَتْ الْيَهُودُ ، فَقَامَ عُمَرُ
  خَطِيبًا بِالنّاسِ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أَيّهَا
  النّاسُ إنّ [ ص 717 ] الْيَهُودَ فَعَلُوا بِعَبْدِ اللّهِ مَا فَعَلُوا ،
  وَفَعَلُوا بِمُظَهّرِ بْنِ رَافِعٍ مَعَ عَدْوَتِهِمْ عَلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ
  سَهْلٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا أَشُكّ
  أَنّهُمْ أَصْحَابُهُ لَيْسَ لَنَا عَدُوّ هُنَاكَ غَيْرَهُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ
  بِهَا مَالٌ فَلْيَخْرُجْ فَأَنَا خَارِجٌ فَقَاسَمَ مَا كَانَ بِهَا مِنْ الْأَمْوَالِ
  وَحَادّ حُدُودَهَا ، وَمُوَرّفٌ أُرَفَهَا وَمُجْلِي الْيَهُودِ مِنْهَا ،
  فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَهُمْ أُقِرّكُمْ
  مَا أَقَرّكُمْ اللّهُ وَقَدْ أَذِنَ اللّهُ فِي جَلَائِهِمْ إلّا أَنْ يَأْتِيَ
  رَجُلٌ مِنْهُمْ بِعَهْدٍ أَوْ بَيّنَةٍ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ أَنّهُ أَقَرّهُ فَأَقَرّهُ . فَقَامَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللّهِ
  فَقَالَ قَدْ وَاَللّهِ أَصَبْت يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَوُفّقْت إنّ
  رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ أُقِرّكُمْ مَا أَقَرّكُمْ
  اللّهُ وَقَدْ فَعَلُوا مَا فَعَلُوا بِعَبْدِ اللّهِ بْنِ سَهْلٍ فِي زَمَنِ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا حَرّضُوا عَلَى مُظَهّرِ بْنِ
  رَافِعٍ حَتّى قَتَلَهُ أَعْبُدُهُ وَمَا فَعَلُوا بِعَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ
  فَهُمْ أَهْلُ تُهْمَتِنَا وَظِنّتِنَا . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
  مَنْ مَعَك عَلَى مِثْلِ رَأْيِك ؟ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ جَمِيعًا
  وَالْأَنْصَارُ . فَسُرّ بِذَلِكَ عُمَرُ . 
(1/717) 
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ
  بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ بَلَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
  أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فِي مَرَضِهِ الّذِي
  تُوُفّيَ فِيهِ لَا يَجْتَمِعُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَان فَفَحَصَ عَنْ
  ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ حَتّى وَجَدَ عَلَيْهِ الثّبْتَ مَنْ لَا
  يَتّهِمُ فَأَرْسَلَ إلَى يَهُودِ الْحِجَازِفَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ
  عِنْدَهُ عَهْدٌ مِنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي
  مُجَلّيهِ فَإِنّ اللّهَ عَزّ وَجَلّ قَدْ أَذِنَ فِي جَلَائِهِمْ . فَأَجْلَى
  عُمَرُ يَهُودَ الْحِجَازِ . 
[
  ص 718 ] قَالُوا : فَخَرَجَ عُمَرُ بِأَرْبَعَةِ
  قُسّامٍ : فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو الْبِيَاضِيّ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، وَحُبَابُ
  بْنُ صَخْرٍ السّلَمِيّ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التّيهَانِ
  ، قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَسَمُوا خَيْبَرَ عَلَى ثَمَانِيّةَ
  عَشْرَ سَهْمًا ، عَلَى الرّءُوسِ الّتِي سَمّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّهُ سَمّى ثَمَانِيّةَ عَشْرَ سَهْمًا وَسَمّى
  رُؤَسَاءَهَا . وَيُقَالُ إنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
  سَمّى الرّؤَسَاءَ ثُمّ جَزّءُوا الشّقّ وَالنّطَاةَ ، فَجَزّءُوهَا عَلَى
  ثَمَانِيّةَ عَشْرَ سَهْمًا ، جَعَلُوا ثَمَانِيّةَ عَشْرَ بَعْرَةً
  فَأَلْقَيْنَ فِي الْعَيْنِ جَمِيعًا ، وَلِكُلّ رَأْسٍ عَلَامَةٌ فِي
  بَعْرَتِهِ فَإِذَا خَرَجَتْ أَوّلُ بَعْرَةٍ قِيلَ سَهْمُ فُلَانٍ وَسَهْمُ
  فُلَانٍ . وَكَانَ فِي الشّقّ ثَلَاثَةَ عَشْرَ سَهْمًا ، وَفِي النّطَاةِ
  خَمْسَةُ أَسْهُمٍ . حَدّثَنِي بِذَلِكَ حَكِيمُ بْنُ مُحَمّدٍ مِنْ آلِ
  مَخْرَمَة ، عَنْ أَبِيهِ . فَكَانَ أَوّلَ سَهْمٍ خَرَجَ فِي النّطَاةِ سَهْمُ
  الزّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ ; ثُمّ سَهْمُ بَيَاضَةَ يُقَالُ إنّ رَأْسَهُ
  فَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو ، ثُمّ سَهْمُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ ثُمّ سَهْمُ
  بِلْحَارِث بْنِ الْخَزْرَجِ ، يُقَالُ رَأْسُهُ عَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ ;
  ثُمّ سَهْمُ نَاعِمٍ يَهُودِيّ . ثُمّ ضَرَبُوا
  فِي الشّقّ ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَا عَاصِمُ
  بْنَ عَدِيّ ، إنّك رَجُلٌ مَحْدُودٌ فَسَهْمُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ مَعَ سَهْمِك . فَخَرَجَ سَهْمُ عَاصِمٍ أَوّلَ سَهْمٍ فِي الشّقّ ،
  وَيُقَالُ إنّهُ سَهْمُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ فِي
  بَنِي بَيَاضَةَ وَالثّبْتُ أَنّهُ كَانَ مَعَ عَاصِمِ بْنِ عَدِيّ . ثُمّ
  خَرَجَ سَهْمُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَى أَثَرِ سَهْمِ عَاصِمٍ ثُمّ
  سَهْمُ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ; ثُمّ سَهْمُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ
  اللّهِ ، ثُمّ سَهْمُ بَنِي سَاعِدَةَ يُقَالُ رَأْسُهُمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ
  ; ثُمّ سَهْمُ بَنِي النّجّارِ ثُمّ سَهْمُ بَنِي حَارِثَةَ بْنِ الْحَارِثِ
  ثُمّ سَهْمُ [ ص 719 ] أَسْلَمَ
  وَغِفَارٍ ، يُقَالُ رَأْسُهُمْ بُرَيْدَة بْنُ الْحُصَيْبِ ثُمّ سَهْمَا
  سَلِمَةَ جَمِيعًا ; ثُمّ سَهْمُ عُبَيْدِ السّهَامِ ; ثُمّ سَهْمُ عُبَيْدٍ ;
  ثُمّ سَهْمُ أَوْسٍ صَارَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ .
  قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ : فَسَأَلْت ابْنَ أَبِي حَبِيبَةَ لِمَ سُمّيَ عُبَيْدُ
  السّهَامِ ؟ قَالَ أَخْبَرَنِي دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ كَانَ اسْمُهُ
  عُبَيْدًا ، وَلَكِنّهُ جَعَلَ يَشْتَرِي مِنْ السّهَامِ بِخَيْبَرَ فَسُمّيَ
  عُبَيْدَ السّهَامِ . 
(1/718) 
حَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ نَافِعٍ
  مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ
  أَوّلُ مَا ضُرِبَ فِي الشّقّ خَرَجَ سَهْمُ عَاصِمِ بْنِ عَدِيّ فِيهِ سَهْمُ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ
  جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : كُنْت أُحِبّ أَنْ
  يَخْرُجَ سَهْمِي مَعَ سَهْمِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمّا أَخْطَأَنِي
  قُلْت : اللّهُمّ اجْعَلْ سَهْمِي فِي مَكَانٍ مُعْتَزِلٍ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ
  عَلَيّ طَرِيقٌ . فَكَانَ سَهْمُهُ مُعْتَزِلًا وَكَانَ شُرَكَاؤُهُ أَعْرَابًا
  ، فَكَانَ يَسْتَخْلِصُ مِنْهُمْ سِهَامَهُمْ يَأْخُذُ حَقّ أَحَدِهِمْ
  بِالْفَرَسِ وَالشّيْءِ الْيَسِيرِ حَتّى خَلَصَ لَهُ سَهْمُ أَوْسٍ كُلّهُ . 
(1/718) 
حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
  قَالَ لَمّا قَسَمَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ خَيْبَرَ خَيّرُوا أَزْوَاجَ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي طُعُمِهِنّ الّذِي أَطْعَمَهُنّ
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْكَتِيبَةِ ، إنْ
  أَحْبَبْنَ أَنْ يُقْطَعَ لَهُنّ مِنْ الْأَرْضِ [ وَ ] الْمَاءُ مَكَانُ
  طُعُمِهِنّ أَوْ يُمْضَى لَهُنّ الْوُسُوقُ وَتَكُونُ مَضْمُونَةً لَهُنّ .
  فَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا وَحَفْصَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا
  مِمّنْ [ ص 720 ] اخْتَارَ الْأَرْضَ وَالْمَاءَ وَكَانَ سَائِرُهُنّ
  أَخَذْنَ الْوُسُوقَ مَضْمُونَةً . 
حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ سَمِعْت الْقَاسِمَ
  بْنَ مُحَمّدٍ يَقُولُ سَمِعْت عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ يَوْمًا
  : رَحِمَ اللّهُ بْنَ الْخَطّابِ قَدْ خَيّرَنِي فِيمَا صَنَعَ خَيّرَنِي فِي
  الْأَرْضِ وَالْمَاءِ وَفِي الطّعْمَةِ فَاخْتَرْت الْأَرْضَ وَالْمَاءَ فَهُنّ
  فِي يَدَيّ وَأَهْلُ الطّعْمِ مَرّةً يَنْقُصُهُمْ مَرْوَانُ وَمَرّةً لَا يُعْطِيهِمْ
  شَيْئًا ، وَمَرّةً يُعْطِيهِمْ . وَيُقَالُ إنّمَا خَيّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ
  عَنْهُ أَزْوَاجَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَطْ . 
(1/720) 
حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
  خَيّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ النّاسَ كُلّهُمْ فَمَنْ شَاءَ أَخَذَ
  الطّعْمَةَ كَيْلًا ، وَمَنْ شَاءَ أَخَذَ الْمَاءَ وَالتّرَابَ وَأَذِنَ لِمَنْ
  شَاءَ بَاعَ وَمَنْ أَحَبّ أَنْ يُمْسِكَ أَمْسَكَ مِنْ النّاسِ كُلّهِمْ
  فَكَانَ مَنْ بَاعَ الْأَشْعَرِيّينَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ مِائَةَ
  وَسْقٍ بِخَمْسَةِ آلَافِ دِينَارٍ ، وَبَاعَ الرّهَاوِيّونَ مِنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
  أَبِي سُفْيَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ . قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ هَذَا الثّبْتُ
  عِنْدَنَا وَاَلّذِي رَأَيْت عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ . 
(1/720) 
وَحَدّثَنِي أَيّوبُ بْنُ النّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ
  خَيّرَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مَنْ كَانَتْ لَهُ طُعْمَةٌ أَنْ يُعْطِيَهُ
  مِنْ الْمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ الطّعْمَةُ مَضْمُونَةٌ فَكَانَ أُسَامَةُ بْنُ
  زَيْدٍ اخْتَارَ الطّعْمَةُ مَضْمُونَةٌ . وَلَمّا فَرَغَ عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
  مِنْ الْقِسْمَةِ أَخَرَجَ يَهُودَ خَيبِرَ ، وَمَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللّهُ
  عَنْهُ مِنْ خَيْبَرَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ إلَى وَادِي الْقُرَى
  . وَخَرَجَ مُعَاوِيَةُ بِالْقُسّامِ الّذِينَ قَسَمُوا : جَبّارُ بْنُ
  صَخْرٍ ، وَأَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التّيهَانِ ، وَفَرْوَةُ بْنُ عَمْرٍو ،
  وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ ، فَقَسَمُوهَا عَلَى [ ص 721 ] أَعْدَادِ السّهَامِ وَأَعْلَمُوا أُرَفَهَا ، وَحَدّوا حُدُودَهَا ، وَجَعَلُوهَا
  السّهَامَ تَجْرِي . فَكَانَ مَا قَسَمَ عُمَرُ مِنْ وَادِي الْقُرَى
  لِعُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ خَطَرًا ، وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ خَطَرٌ
  وَلِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ خَطَرٌ - الْخَطَرُ هُوَ السّهْمُ - وَلِعَامِرِ
  بْنِ رَبِيعَةَ خَطَرٌ وَلِمُعَيْقِبٍ خَطَرٌ وَلِعَبْدِ اللّهِ بْنِ
  الْأَرْقَمِ خَطَرٌ وَلِبَنِي جَعْفَرٍ خَطَرٌ وَلِعَمْرِو بْنِ سُرَاقَةَ
  خَطَرٌ وَلِعَبْدِ اللّهِ وَعُبَيْدِ اللّهِ خَطَرَانِ وَلِشُيَيْمٍ خَطَرٌ
  وَلِابْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ جَحْشٍ خَطَرٌ وَلِابْنِ أَبِي بَكْرٍ خَطَرٌ
  وَلِعُمَرَ خَطَرٌ وَلِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ خَطَرٌ وَلِأُبَيّ بْنِ كَعْبٍ
  خَطَرٌ وَلِمُعَاذِ بْنِ عَفْرَاءَ خَطَرٌ وَلِأَبِي طَلْحَةَ وَجُبَيْرٍ خَطَرٌ
  وَلِجَبّارِ بْنِ صَخْرٍ خَطَرٌ وَلِجَبّارِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ رَبَابٍ
  خَطَرٌ وَلِمَالِكٍ بْنِ صَعْصَعَةَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ
  خَطَرٌ وَلِسَلَمَةَ بْنِ سَلَامَةَ خَطَرٌ وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ ثَابِتٍ
  وَابْنِ أَبِي شُرَيْقٍ خَطَرٌ وَلِأَبِي عَبْسِ بْنِ جَبْرٍ خَطَرٌ
  وَلِمُحَمّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ خَطَرٌ وَلِعَبّادِ بْنِ طَارِقٍ خَطَرٌ
  وَلِجَبْرِ بْنِ عَتِيكٍ نِصْفُ خَطَرٍ وَلِابْنِ الْحَارِثِ بْنِ قِيسٍ نِصْفُ
  خَطَرٍ وَلِابْنِ جَرْمَةَ وَالضّحّاكِ خَطَرٌ . 
(1/721) 
حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ أَبِي
  بَكْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ
  مِكْنَفٍ الْحَارِثِيّ قَالَ إنّمَا خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ
  اللّهُ عَنْهُ مِنْ الْقُسّامِ بِرَجُلَيْنِ جَبّارِ بْنِ صَخْرٍ وَزَيْدِ بْنِ
  ثَابِتٍ ، هُمَا قَاسِمَا الْمَدِينَةِ وَحَاسَبَاهَا ، فَقَسَمَا خَيْبَرَ وَأَقَامَا
  نَخْلَ فَدَكَ وَأَرْضَهَا ، وَدَفَعَ عُمَرُ إلَى يَهُودِ فَدَكَ نِصْفَ
  الْقِيمَةِ وَقَسَمَا السّهْمَانِ بِوَادِي الْقُرَى ، ثُمّ أَجْلَى عُمَرُ
  رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَهُودَ الْحِجَازِ، وَكَانَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ قَدْ
  تَصَدّقَ بِاَلّذِي صَارَ لَهُ مِنْ وَادِي الْقُرَى مَعَ غَيْرِهِ . 
(1/721) 
======== 
سَرِيّةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى
  تُرَبَةَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْع 
[
  ص 722 ] حَدّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ
  أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ بَعَثَ
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي
  ثَلَاثِينَ رَجُلًا إلَى عَجُزِ هَوَازِنَ بِتُرَبَةَ فَخَرَجَ عُمَرُ رَضِيَ
  اللّهُ عَنْهُ وَمَعَهُ دَلِيلٌ مِنْ بَنِي هِلَالٍ فَكَانُوا يَسِيرُونَ
  اللّيْلَ وَيَكْمُنُونَ النّهَارَ وَأَتَى الْخَبَرُ هَوَازِنَ فَهَرَبُوا ، وَجَاءَ
  عُمَرُ مُحَالّهُمْ فَلَمْ يَلْقَ مِنْهُمْ أَحَدًا . وَانْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ حَتّى سَلَكَ النّجْدِيّةَ ، فَلَمّا
  كَانَ بِالْجَدْرِ قَالَ الْهِلَالِيّ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ
  عَنْهُ هَلْ لَك فِي جَمْعٍ آخَرَ تَرَكْته مِنْ خَثْعَمَ ، جَاءُوا سَائِرِينَ
  قَدْ أَجْدَبَتْ بِلَادُهُمْ ؟ فَقَالَ عُمَرُ لَمْ يَأْمُرْنِي رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِهِمْ إنّمَا أَمَرَنِي أَصْمَدُ لِقِتَالِ
  هَوَازِنَ بِتُرَبَةَ . فَانْصَرَفَ عُمَرُ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ
  . 
سَرِيّةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى نَجْدٍ فِي
  شَعْبَانَ سَنَةَ سَبْعٍ 
حَدّثَنِي حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ عِكْرِمَةَ
  بْنِ عَمّارٍ ، عَنْ إيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ
  اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ
  وَأَمّرَهُ عَلَيْنَا ، فَبَيّتْنَا نَاسًا مِنْ هَوَازِنَ ، فَقَتَلْت بِيَدَيْ
  سَبْعَةً أَهْلَ أَبْيَاتٍ وَكَانَ شِعَارُنَا : أَمِتْ أَمِت 
(1/722) 
====== 
سَرِيّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إلَى فَدَكَ فِي شَعْبَانَ
  سَنَةَ سَبْعٍ 
[
  ص 723 ] حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ
  الْفُضَيْلِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فِي ثَلَاثِينَ رَجُلًا إلَى بَنِي مُرّةَ
  بِفَدَكَ . فَخَرَجَ فَلَقِيَ رِعَاءَ الشّاءِ
  فَسَأَلَ أَيْنَ النّاسُ ؟ فَقَالُوا : هُمْ فِي
  بِوَادِيهِمْ . وَالنّاسُ يَوْمئِذٍ شَاتُونَ لَا يَحْضُرُونَ الْمَاءَ
  فَاسْتَاقَ النّعَمَ وَالشّاءَ وَعَادَ مُنْحَدِرًا إلَى الْمَدِينَةِ ،
  فَخَرَجَ الصّرِيخُ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَدْرَكَهُ الدّهْمُ مِنْهُمْ عِنْدَ
  اللّيْلِ فَبَاتُوا يُرَامُونَهُمْ بِالنّبْلِ حَتّى فَنِيَتْ نَبْلُ أَصْحَابِ
  بَشِيرٍ وَأَصْبَحُوا وَحَمَلَ الْمُرّيُونَ عَلَيْهِمْ فَأَصَابُوا أَصْحَابَ
  بَشِيرٍ وَوَلّى مِنْهُمْ مَنْ وَلّى . وَقَاتَلَ
  بَشِيرٌ قِتَالًا شَدِيدًا حَتّى ضُرِبَ كَعْبُهُ وَقِيلَ قَدْ مَاتَ وَرَجَعُوا
  بِنَعَمِهِمْ وَشَاءَهُمْ . وَكَانَ أَوّلَ مَنْ قَدِمَ بِخَبَرِ السّرِيّةِ
  وَمُصَابِهَا عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ الْحَارِثِيّ . وَأُمْهِلَ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ وَهُوَ فِي الْقَتْلَى ، فَلَمّا
  أَمْسَى تَحَامَلَ حَتّى انْتَهَى [ إلَى ] فَدَكَ ، فَأَقَامَ عِنْدَ يَهُودِيّ
  بِفَدَكَ أَيّامًا حَتّى ارْتَفَعَ مِنْ الْجِرَاحِ ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ
  . 
وَهَيّأَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  الزّبَيْرَ بْنَ الْعَوَامّ فَقَالَ سِرْ حَتّى تَنْتَهِيَ إلَى مُصَابِ
  أَصْحَابِ بَشِيرٍ فَإِنْ ظَفّرَك اللّهُ بِهِمْ فَلَا تَبْقَ فِيهِمْ .
  وَهَيّأَ مَعَهُ مِائَتَيْ رَجُلٍ وَعَقَدَ لَهُ اللّوَاءَ فَقَدِمَ غَالِبُ
  بْنُ عَبْدِ اللّهِ مِنْ سَرِيّةٍ قَدْ ظَفِرَ اللّهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلزّبَيْرِ بْنِ الْعَوَامّ اجْلِسْ
  وَبَعَثَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ فِي مِائَتَيْ رَجُلٍ فَخَرَجَ أُسَامَةُ
  بْنُ زَيْدٍ فِي [ ص 724 ] السّرِيّةِ حَتّى انْتَهَى إلَى مُصَابِ بَشِيرٍ
  وَأَصْحَابِهِ وَخَرَجَ مَعَهُ عُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ .(1/723) حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ سَعِيدٍ
  عَنْ بَشِيرِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ كَانَ مَعَ
  غَالِبٍ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو مَسْعُودٍ وَكَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ ،
  وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ ; فَلَمّا دَنَا غَالِبٌ
  مِنْهُمْ بَعَثَ الطّلَائِعَ فَبَعَثَ عُلْبَةَ بْنَ زَيْدٍ فِي عَشَرَةٍ
  يَنْظُرُ إلَى جَمَاعَةِ مُحَالّهِمْ حَتّى أَوْفَى عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ
  ثُمّ رَجَعَ إلَى غَالِبٍ فَأَخْبَرَهُ . فَأَقْبَلَ غَالِبٌ يَسِيرُ حَتّى إذَا
  كَانَ مِنْهُمْ بِمَنْظَرٍ الْعَيْنِ لَيْلًا ، وَقَدْ اُجْتُلِبُوا وَعَطَنُوا وَهَدَءُوا
  ، قَامَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمّ قَالَ
  أَمّا بَعْدُ فَإِنّي أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ
  وَأَنْ تُطِيعُونِي وَلَا تَعْصُونِي وَلَا تُخَالِفُوا لِي أَمْرًا ، فَإِنّهُ
  لَا رَأْي لِمَنْ لَا يُطَاعُ . ثُمّ أَلّفَ بَيْنَهُمْ فَقَالَ يَا فُلَانُ
  أَنْتَ وَفُلَانٌ يَا فُلَانُ أَنْتَ وَفُلَانٌ - لَا يُفَارِقُ كُلّ رَجُلٍ
  زَمِيلَهُ - وَإِيّاكُمْ أَنْ يَرْجِعَ إلَيّ أَحَدُكُمْ فَأَقُولُ أَيْنَ
  فُلَانٌ صَاحِبُك ؟ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي ; وَإِذَا كَبّرَتْ فَكَبّرُوا .
  قَالَ فَكَبّرَ وَكَبّرُوا ، وَأَخْرَجُوا السّيُوفَ . قَالَ فَأَحَطْنَا
  بِالْحَاضِرِ [ وَفِي الْحَاضِرِ ] نَعَمٌ وَقَدْ
  عَطَنُوا مَوَاشِيَهُمْ فَخَرَجَ إلَيْنَا الرّجَالُ فَقَاتَلُوا سَاعَةً
  فَوَضَعْنَا السّيُوفَ حَيْثُ شِئْنَا مِنْهُمْ وَنَحْنُ نَصِيحُ بِشِعَارِنَا :
  أَمِتْ أَمِتْ وَخَرَجَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ فِي إثْرِ رَجُلٍ مِنْهُمْ
  يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بْنُ مِرْدَاسٍ فَأَبْعَدَ وَحَوَيْنَا عَلَى الْحَاضِرِ
  وَقَتَلْنَا مَنْ قَتَلْنَا ، وَمَعَنَا النّسَاءُ وَالْمَاشِيَةُ فَقَالَ
  أَمِيرُنَا : أَيْنَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ؟
  فَجَاءَ بَعْدَ سَاعَةٍ مِنْ اللّيْلِ فَلَامَهُ أَمِيرُنَا لَائِمَةً شَدِيدَةً
  وَقَالَ أَلَمْ تَرَ إلَى مَا عَهِدْت إلَيْك ؟ [ ص 725 ] فَقَالَ إنّي خَرَجْت
  فِي إثْرِ رَجُلٍ جَعَلَ يَتَهَكّمُ بِي ، حَتّى إذَا دَنَوْت وَلَحَمْته
  بِالسّيْفِ قَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ فَقَالَ أَمِيرُنَا : أَغْمَدْت سَيْفَك
  ؟ قَالَ لَا وَاَللّهِ مَا فَعَلْت حَتّى أَوْرَدْته شَعُوبَ . قَالَ قُلْنَا
  : وَاَللّهِ بِئْسَ مَا فَعَلْت وَمَا جِئْت بِهِ
  تَقْتُلُ امْرَأً يَقُولُ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ فَنَدِمَ وَسَقَطَ فِي يَدَيْهِ
  . قَالَ وَاسْتَقْنَا النّعَمَ وَالشّاءَ وَالذّرّيّةَ وَكَانَتْ سِهَامُهُمْ عَشَرَةُ
  أَبْعِرَةً كُلّ رَجُلٍ أَوْ عِدْلهَا مِنْ الْغَنَمِ . وَكَانَ يُحْسَبُ
  الْجَزُورُ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ . 
(1/725) 
وَحَدّثَنِي شِبْلُ بْنُ الْعَلَاءِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ
  حُوَيّصَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ أَمِيرُنَا
  آخَى بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ . قَالَ أُسَامَةُ فَلَمّا
  أَصَبْته وَجَدْت فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ مَوْجِدَةً شَدِيدَةً حَتّى
  رَأَيْتنِي وَمَا أَقْدِرُ عَلَى أَكْلِ الطّعَامِ حَتّى قَدِمْت الْمَدِينَةَ ،
  فَأَتَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَبّلَنِي
  وَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْته ، ثُمّ قَالَ لِي : يَا أُسَامَةُ خَبّرْنِي عَنْ
  غَزَاتِك . قَالَ فَجَعَلَ أُسَامَةُ يُخْبِرُهُ الْخَبَرَ حَتّى
  انْتَهَى إلَى صَاحِبِهِ الّذِي قَتَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَتَلْته يَا أُسَامَةُ وَقَدْ قَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ ؟
  قَالَ فَجَعَلْت أَقُولُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّمَا قَالَهَا تَعَوّذًا مِنْ
  الْقَتْلِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلَا
  شَقَقْت قَلْبَهُ فَتَعْلَمَ أَصَادِقٌ هُوَ أَمْ كَاذِبٌ ؟ قَالَ أُسَامَةُ لَا
  أَقْتُلُ أَحَدًا يَقُولُ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ . قَالَ أُسَامَةُ وَتَمَنّيْت
  أَنّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْت إلّا يَوْمئِذ 
حَدّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ
  عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللّيْثِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَدِيّ بْنِ
  الْجَبّارِ [ ص 726 ] عَنْ الْمِقْدَادِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قُلْت : يَا رَسُولَ
  اللّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا مِنْ الْكُفّارِ يُقَاتِلُنِي ، وَضَرَبَ إحْدَى
  يَدِيّ بِالسّيْفِ فَقَطَعَهَا ، ثُمّ لَاذَ مِنّي بِشَجَرَةٍ فَقَالَ «
  أَسْلَمْت لِلّهِ » ، أَقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا تَقْتُلْهُ قَالَ فَإِنّي قَتَلْته فَمَاذَا
  ؟ قَالَ فَإِنّهُ بِمَنْزِلَتِك الّتِي كُنْت بِهَا قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ
  وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الّتِي قَالَ 
(1/726) 
====== 
سَرِيّةُ بَنِي عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَلَيْهَا غَالِبُ
  بْنُ عَبْدِ اللّهِ إلَى الْمَيْفَعَةِ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ سَبْعٍ 
حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ ابْنِ أَبِي
  عَوْنٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ لَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ غَزْوَةِ الْكُدْرِ أَقَامَ أَيّامًا مَا شَاءَ
  اللّهُ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ لَهُ يَسَارٌ مَوْلَاهُ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّي
  قَدْ عَلِمْت غِرّةً مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَأَرْسَلَ مَعِي إلَيْهِمْ
  . فَأَرْسَلَ مَعَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَالِبَ بْنَ
  عَبْدِ اللّهِ فِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ رَجُلًا ، خَرَجَ بِهِمْ يَسَارٌ
  فَظَعَنَ بِهِمْ فِي غَيْرِ الطّرِيقِ حَتّى فَنِيَتْ أَزْوَادُهُمْ وَجَهَدُوا
  ، وَاقْتَسَمُوا التّمْرَ عَدَدًا ، فَبَيْنَا الْقَوْمُ ذَاتَ لَيْلَةٍ
  بَعْدَمَا سَاءَ ظَنّهُمْ بِيَسَارٍ وَظَنّ الْقَوْمُ أَنّ إسْلَامَهُ لَمْ
  يَصِحّ وَقَدْ انْتَهَوْا إلَى مَكَانٍ قَدْ فَحَصَهُ السّيْلُ فَلَمّا رَآهُ
  يَسَارٌ كَبّرَ قَالَ وَاَللّهِ قَدْ ظُفِرْتُمْ بِحَاجَتِكُمْ اُسْلُكُوا فِي
  هَذَا الْفَحْصِ حَتّى يَنْقَطِعَ بِكُمْ . فَسَارَ الْقَوْمُ فِيهِ سَاعَةٍ
  بِحِسّ خَفِيّ لَا يَتَكَلّمُونَ إلّا هَمْسًا حَتّى انْتَهَوْا إلَى ضِرْسٍ [ ص
  727 ] مِنْ الْحَرّةِ ، فَقَالَ يَسَارٌ لِأَصْحَابِهِ لَوْ صَاحَ رَجُلٌ
  شَدِيدُ الصّوْتِ لَأَسْمَعَ الْقَوْمَ فَارْتَأَوْا رَأْيَكُمْ قَالَ غَالِبٌ انْطَلِقْ
  بِنَا يَا يَسَارٍ أَنَا وَأَنْتَ وَنَدَعُ الْقَوْمَ كَمِينًا ، فَفَعَلَا ،
  فَخَرَجْنَا حَتّى إذَا كُنّا مِنْ الْقَوْمِ بِمَنْظَرِ الْعَيْنِ سَمِعْنَا
  حِسّ النّاسِ وَالرّعَاءِ وَالْحُلُبِ فَرَجَعَا سَرِيعَيْنِ فَانْتَهَيَا إلَى
  أَصْحَابِهِمَا ، فَأَقْبَلُوا جَمِيعًا حَتّى إذَا كَانُوا مِنْ الْحَيّ قَرِيبًا
  ، وَقَدْ وَعَظَهُمْ أَمِيرُهُمْ غَالِبٌ وَرَغّبَهُمْ فِي الْجِهَادِ
  وَنَهَاهُمْ عَنْ الْإِمْعَانِ فِي الطّلَبِ وَأَلّفَ بَيْنَهُمْ وَقَالَ إذَا
  كَبّرْت فَكَبّرُوا . فَكَبّرَ وَكَبّرُوا جَمِيعًا مَعَهُ وَوَقَعُوا وَسَطَ
  مَحَالّهِمْ فَاسْتَاقُوا نَعَمًا وَشَاءَ وَقَتَلُوا مِنْ أَشَرَف لَهُمْ
  وَصَادَفُوهُمْ تِلْكَ اللّيْلَةَ عَلَى مَاءٍ يُقَالُ لَهُ الْمَيْفَعَةُ .
  قَالَ وَاسْتَاقُوا النّعَمَ فَحَدَرُوهُ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَلَمْ يُسْمَعْ
  أَنّهُمْ جَاءُوا بِأَسْرَى . 
(1/727) 
=== 
سَرِيّةُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ إلَى الْجِنَابِ سَنَةَ سَبْعٍ 
حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ بَشِيرِ بْنِ
  مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ
  يُقَالُ لَهُ حُسَيْلُ بْنُ نُوَيْرَةَ ، وَقَدْ كَانَ دَلِيلَ النّبِيّ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى خَيْبَرَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ أَيْنَ يَا حُسَيْلُ ؟ قَالَ قَدِمْت مِنْ الْجِنَابِ .
  فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا وَرَاءَك ؟ قَالَ
  تَرَكْت جَمْعًا مِنْ غَطَفَان بِالْجِنَابِ قَدْ بَعَثَ إلَيْهِمْ عُيَيْنَةَ
  يَقُولُ لَهُمْ إمّا تَسِيرُوا إلَيْنَا وَإِمّا نَسِيرُ إلَيْكُمْ .
  فَأَرْسَلُوا إلَيْهِ أَنْ سِرْ إلَيْنَا حَتّى نَزْحَفَ إلَى مُحَمّدٍ جَمِيعًا
  ، وَهُمْ يُرِيدُونَك أَوْ بَعْضَ أَطْرَافِك [ ص 728 ] قَالَ فَدَعَا رَسُولُ
  اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رِضْوَانُ اللّهِ
  عَلَيْهِمَا ، فَذَكَرَ لَهُمَا ذَلِكَ فَقَالَا جَمِيعًا : ابْعَثْ بَشِيرَ
  بْنَ سَعْدٍ فَدَعَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَشِيرًا
  فَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وَبَعَثَ مَعَهُ ثَلَاثَمِائَةِ رَجُلٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ
  يَسِيرُوا اللّيْلَ وَيَكْمُنُوا النّهَارَ وَخَرَجَ مَعَهُمْ حُسَيْلُ بْنُ
  نُوَيْرَةَ دَلِيلًا ، فَسَارُوا اللّيْلَ وَكَمَنُوا النّهَارَ حَتّى أَتَوْا
  أَسْفَلَ خَيْبَرَ فَنَزَلُوا بِسِلَاحٍ ثُمّ خَرَجُوا مِنْ سِلَاحٍ 
حَتّى دَنَوْا مِنْ الْقَوْمِ ، فَقَالَ لَهُمْ الدّلِيلُ
  بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْقَوْمِ ثُلُثَا نَهَارٍ أَوْ نِصْفُهُ فَإِنْ
  أَحْبَبْتُمْ كَمَنْتُمْ وَخَرَجْت طَلِيعَةً لَكُمْ حَتّى آتِيَكُمْ
  بِالْخَبَرِ وَإِنْ أَحْبَبْتُمْ سِرْنَا جَمِيعًا . قَالُوا : بَلْ نُقَدّمُك .
  فَقَدّمُوهُ فَغَابَ عَنْهُمْ سَاعَةً ثُمّ كَرّ عَلَيْهِمْ فَقَالَ هَذَا
  أَوَائِلُ سَرْحِهِمْ فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تُغِيرُوا عَلَيْهِمْ ؟ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ أَغَرْنَا
  الْآنَ حَذِرَنَا الرّجَالُ وَالْعَطَنُ . 
(1/728) 
وَقَالَ آخَرُونَ نَغْنَمُ مَا ظَهَرَ لَنَا ثُمّ نَطْلُبُ
  الْقَوْمَ . فَشَجُعُوا عَلَى النّعَمِ فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرًا مَلَأُوا
  مِنْهُ أَيْدِيَهُمْ وَتَفَرّقَ الرّعَاءُ وَخَرَجُوا سِرَاعًا ، ثُمّ حَذِرُوا الْجَمْعَ
  فَتَفَرّقَ الْجَمْعُ وَحُذِرُوا ، وَلَحِقُوا بِعَلْيَاءَ بِلَادِهِمْ فَخَرَجَ
  بَشِيرٌ بِأَصْحَابِهِ حَتّى أَتَى مَحَالّهُمْ فَيَجِدُهَا وَلَيْسَ بِهَا
  أَحَدٌ . فَرَجَعَ بِالنّعَمِ حَتّى إذَا كَانُوا بِسِلَاحٍ رَاجِعِينَ لَقُوا
  عَيْنًا لِعُيَيْنَةَ فَقَتَلُوهُ ثُمّ لَقُوا جَمْعَ عُيَيْنَةَ وَعُيَيْنَةُ
  لَا يَشْعُرُ بِهِمْ فَنَاوَشُوهُمْ ثُمّ انْكَشَفَ جَمْعُ عُيَيْنَةَ
  وَتَبِعَهُمْ أَصْحَابُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَصَابُوا
  مِنْهُمْ رَجُلًا أَوْ رَجُلَيْنِ فَأَسَرُوهُمَا أَسْرًا ، فَقَدِمُوا بِهِمَا
  عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَسْلَمَا فَأَرْسَلَهُمَا النّبِيّ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . 
[
  ص 729 ] قَالُوا : وَكَانَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ
  الْمُرّيّ [ حَلِيفًا ] لِعُيَيْنَةَ
  وَلَقِيَهُ مُنْهَزِمًا عَلَى فَرَسٍ لَهُ عَتِيقٍ يَعْدُو بِهِ عَدْوًا
  سَرِيعًا ، فَاسْتَوْقَفَهُ الْحَارِثُ فَقَالَ لَا ، مَا أَقْدِرُ الطّلَبُ
  خَلْفِي أَصْحَابَ مُحَمّدٍ وَهُوَ يَرْكُضُ . قَالَ الْحَارِثُ بْنُ عَوْفٍ :
  أَمَا لَك بَعْدَ أَنْ تُبْصِرَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ ؟ إنّ مُحَمّدًا قَدْ
  وَطِئَ الْبِلَادَ وَأَنْتَ مَوْضِعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ . قَالَ الْحَارِثُ
  فَتَنَحّيْت عَنْ سُنَنِ خَيْلِ مُحَمّدٍ حَتّى أَرَاهُمْ وَلَا يَرَوْنِي ،
  فَأَقَمْت مِنْ [ حِينِ ] زَالَتْ الشّمْسُ إلَى اللّيْلِ مَا أَرَى أَحَدًا -
  وَمَا طَلَبُوهُ إلّا الرّعْبَ الّذِي دَخَلَهُ . قَالَ فَلَقِيته بَعْدَ ذَلِكَ
  فَقَالَ الْحَارِثُ فَلَقَدْ أَقَمْت فِي مَوْضِعٍ حَتّى اللّيْلِ مَا رَأَيْت
  مِنْ طَلَبٍ . قَالَ عُيَيْنَةُ هُوَ ذَاكَ إنّي
  خِفْت الْإِسَارَ وَكَانَ أَثْرِي عِنْدَ مُحَمّدٍ مَا تَعْلَمُ فِي غَيْرِ
  مَوْطِنٍ . 
(1/729) 
قَالَ الْحَارِثُ أَيّهَا الرّجُلُ قَدْ رَأَيْت وَرَأَيْنَا
  مَعَك أَمْرًا بَيّنًا فِي بَنِي النّضِيرِ ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِوَقُرَيْظَةَ
  ، وَقَبْلَ ذَلِكَ قَيْنُقَاعُ ، وَفِي خَيْبَرَ ، إنّهُمْ كَانُوا أَعَزّيَهُودِ
  الْحِجَازِكُلّهِ يُقِرّونَ لَهُمْ بِالشّجَاعَةِ وَالسّخَاءِ وَهُمْ أَهْلُ
  حُصُونٍ مَنِيعَةٍ وَأَهْلُ نَخْلٍ ; وَاَللّهِ إنْ كَانَتْ الْعَرَبُ
  لَتَلْجَأُ إلَيْهِمْ فَيَمْتَنِعُونَ بِهِمْ . لَقَدْ سَارَتْ حَارِثَةُ بْنُ
  الْأَوْسِ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ قَوْمِهِمْ مَا كَانَ فَامْتَنَعُوا
  بِهِمْ مِنْ النّاسِ ثُمّ قَدْ رَأَيْت حَيْثُ نَزَلَ بِهِمْ كَيْفَ ذَهَبَتْ
  تِلْكَ النّجْدَةُ وَكَيْفَ أُدِيلُ عَلَيْهِمْ . فَقَالَ عُيَيْنَةُ هُوَ
  وَاَللّهِ ذَاكَ وَلَكِنْ نَفْسِي لَا تُقِرّنِي . قَالَ الْحَارِثُ فَادْخُلْ
  مَعَ مُحَمّدٍ . قَالَ أَصِيرُ تَابِعًا قَدْ سَبَقَ قَوْمٌ إلَيْهِ فَهُمْ
  يَزِرُونَ بِمَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ يَقُولُونَ شَهِدْنَا بَدْرًا وَغَيْرَهَا .
  قَالَ الْحَارِثُ وَإِنّمَا هُوَ عَلَى مَا تَرَى ، فَلَوْ تَقَدّمْنَا إلَيْهِ لَكُنّا
  مِنْ عِلْيَةِ أَصْحَابِهِ قَدْ بَقِيَ قَوْمُهُ بَعْدَهُمْ مِنْهُ فِي
  مُوَادَعَةٍ وَهُوَ مَوْقِعٌ بِهِمْ وَقْعَةً مَا وَطِئَ لَهُ الْأَمْرُ . قَالَ
  عُيَيْنَةُ أَرَى وَاَللّهِ فَاتّعَدَا [ ص 730 ] يُرِيدَانِ الْهِجْرَةَ وَالْقُدُومَ عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى أَنْ مَرّ بِهِمَا فَرْوَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ
  الْقُشَيْرِيّ يُرِيدُ الْعُمْرَةَ وَهُمَا يَتَقَاوَلَانِ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا
  كَانَا فِيهِ وَمَا يُرِيدَانِ . قَالَ فَرْوَةُ لَوْ اسْتَأْنَيْتُمْ حَتّى تَنْظُرُوا
  مَا يَصْنَعُ قَوْمُهُ فِي هَذِهِ الْمُدّةِ الّتِي هُمْ فِيهَا وَآتِيكُمْ
  بِخَبَرِهِمْ فَأَخّرُوا الْقُدُومَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ وَمَضَى فَرْوَةُ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ فَتَحَسّبَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ
  فَإِذَا الْقَوْمُ عَلَى عَدَاوَةِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا
  يُرِيدُونَ أَنْ يَدْخُلُوا طَائِعِينَ أَبَدًا ، فَخَبّرَهُمْ بِمَا أَوْقَعَ
  مُحَمّدٌ بِأَهْلِ خَيبِرَ . قَالَ فَرْوَةُ وَقَدْ تَرَكْت رُؤَسَاءَ
  الضّاحِيَةِ عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ الْعَدَاوَةِ لِمُحَمّدٍ .
  قَالَتْ قُرَيْشٌ : فَمَا الرّأْيُ فَأَنْتَ سَيّدُ أَهْلِ الْوَبَرِ ؟ قَالَ نَقْضِي
  هَذِهِ الْمُدّةَ الّتِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ وَنَسْتَجْلِبُ الْعَرَبَ ، ثُمّ
  نَغْزُوهُ فِي عُقْرِ دَارِهِ . وَأَقَامَ أَيّامًا يُجَوّلُ فِي مَجَالِسِ
  قُرَيْشٍ ، وَيَسْمَعُ بِهِ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ ، فَنَزَلَ
  مِنْ بَادِيَتِهِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ لِقُرَيْشٍ فَقَالَ نَوْفَلٌ إذًا
  لَأَجِدُ عِنْدَكُمْ شَيْئًا قَدِمْت الْآنَ لِمُقَدّمِك حَيْثُ بَلَغَنِي ،
  وَلَنَا عَدُوّ قَرِيبٌ دَارُهُ وَهُمْ عَيْبَةُ نُصْحِ مُحَمّدٍ لَا
  يُغَيّبُونَ عَلَيْهِ حَرْفًا مِنْ أُمُورِنَا . قَالَ مَنْ هُمْ ؟ قَالَ
  خُزَاعَةُ . قَالَ قَبُحَتْ خُزَاعَةُ ; قَعَدَتْ بِهَا يَمِينَهَا قَالَ
  فَرْوَةُ فَمَاذَا ؟ قَالَ اسْتَنْصَرَ قُرَيْشًا أَنْ يُعِينُونَا عَلَيْهِمْ .
  قَالَ فَرْوَةُ فَأَنَا أَكْفِيكُمْ . فَلَقِيَ رُؤَسَاءَهُمْ صَفْوَانَ بْنَ
  أُمَيّةَ ، وَعَبْدَ اللّهِ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ ، وَسُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو ،
  فَقَالَ أَلَا تَرَوْنَ مَاذَا نَزَلَ بِكُمْ إنّكُمْ رَضِيتُمْ أَنْ
  تُدَافِعُوا مُحَمّدًا بِالرّاحِ . قَالُوا : فَمَا نَصْنَعُ ؟ قَالَ تُعِينُونَ
  نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ عَلَى عَدُوّهِ وَعَدُوّكُمْ . قَالُوا : إذًا يَغْزُونَا
  مُحَمّدٌ فِي مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ فَيُوَطّئُنَا غَلَبَةً وَنَنْزِلُ [ ص
  731 ] عَلَى حُكْمِهِ وَنَحْنُ الْآنَ فِي مُدّةٍ وَعَلَى دِينِنَا . فَلَقِيَ
  نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَيْسَ عِنْدَ الْقَوْمِ شَيْءٌ . وَرَجَعَ
  فَلَقِيَ عُيَيْنَةَ وَالْحَارِثَ فَأَخْبَرَهُمْ وَقَالَ رَأَيْت قَوْمَهُ قَدْ
  أَيْقَنُوا عَلَيْهِ فَقَارَبُوا الرّجُلَ وَتَدَبّرُوا الْأَمْرَ . فَقَدِمُوا
  رِجْلًا وَأَخّرُوا أُخْرَى . 
(1/730) 
=== 
غَزْوَةُ الْقَضِيّةِ حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ
  عَنْ الزّهْرِيّ ، وَابْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ
  وَمُعَاذِ بْنِ مُحَمّدٍ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حُبَابٍ وَعَبْدِ
  اللّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، وَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ وَأَبُو مَعْشَرٍ فَكُلّ قَدْ
  حَدّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِمْ مِمّنْ لَمْ أُسَمّ فَكَتَبْت
  كُلّ مَا حَدّثُونِي قَالُوا : [ لَمّا ] دَخَلَ هِلَالُ ذِي الْقَعَدَةِ سَنَةَ
  سَبْعٍ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ أَنْ
  يَعْتَمِرُوا - قَضَاءَ عُمْرَتِهِمْ - وَأَلّا يَتَخَلّفَ أَحَدٌ مِمّنْ شَهِدَ
  الْحُدَيْبِيَةَ . فَلَمْ يَتَخَلّفْ أَحَدٌ شَهِدَهَا إلّا رِجَالٌ
  اُسْتُشْهِدُوا بِخَيْبَرَ وَرِجَالٌ مَاتُوا . وَخَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ سِوَى أَهْلِ
  الْحُدَيْبِيَةِ مِمّنْ لَمْ يَشْهَدْ صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ عُمّارًا ،
  فَكَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيّةِ أَلْفَيْنِ . فَحَدّثَنِي
  خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ،
  عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ [ ص 732 ] خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذِي الْقَعَدَةِ سَنَةَ سَبْعٍ بَعْدَ مَقْدَمِهِ
  بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهُوَ الشّهْرُ الّذِي صَدّتْهُ الْمُشْرِكُونَ لِقَوْلِ
  اللّهِ عَزّ وَجَلّ الشّهْرُ الْحَرَامُ بِالشّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ
  يَقُولُ كَمَا صَدّوكُمْ عَنْ الْبَيْتِ فَاعْتَمَرُوا فِي قَابِلٍ . فَقَالَ
  رِجَالٌ مِنْ حَاضِرِ الْمَدِينَةِ مِنْ الْعَرَبِ : وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ
  مَا لَنَا مِنْ زَادٍ وَمَا لَنَا مَنْ يُطْعِمُنَا . فَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُسْلِمِينَ
  أَنْ يُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأَنْ يَتَصَدّقُوا ، وَأَلّا يَكْفُوا
  أَيْدِيَهُمْ فَيَهْلِكُوا . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ بِمَ نَتَصَدّقُ
  وَأَحَدُنَا لَا يَجِدُ شَيْئًا ؟ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ بِمَا كَانَ وَلَوْ بِشِقّ تَمْرَةٍ وَلَوْ بِمِشْقَصٍ يَحْمِلُ بِهِ
  أَحَدُكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ . فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فِي ذَلِكَ
  وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى
  التّهْلُكَةِ قَالَ نَزَلَتْ فِي تَرْكِ النّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللّهِ 
(1/732) 
حَدّثَنِي الثّوْرِيّ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ
  عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ مَتّعْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
  وَلَوْ بِمِشْقَصٍ وَلَا تُلْقِ بِيَدِك إلَى التّهْلُكَةِ 
حَدّثَنِي الثّوْرِيّ ، عَنْ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي
  وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي تَرْكِ النّفَقَةِ
  فِي سَبِيلِ اللّهِ 
وَحَدّثَنِي ابْنُ مُوهِبٍ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ
  بْنِ الْحَارِثِ ، قَالَ سَاقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  فِي الْقَضِيّةِ سِتّينَ بَدَنَةً 
حَدّثَنِي غَانِمُ بْنُ أَبِي غَانِمٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ
  بْنِ يَنَارٍ قَالَ جَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ عَلَى هَدْيِهِ يَسِيرُ بِالْهَدْيِ
  أَمَامَهُ يَطْلُبُ الرّعْيَ فِي الشّجَرِ مَعَهُ أَرْبَعَةُ فِتْيَانٍ مِنْ
  أَسْلَمَ 
[
  ص 733 ] فَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ
  الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ أَبِي رُهْمٍ قَالَ أَنَا كُنْت مِمّنْ يَسُوقُ
  الْهَدْيَ وَأَرْكَبُ عَلَى الْبُدْنِ . حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ نُعَيْمٍ عَنْ
  أَبِيهِ عَنْ أَبِي هَرِيرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْت مِمّنْ صَاحَبَ الْبُدْنَ
  أَسُوقُهَا 
(1/733) 
حَدّثَنِي يُونُسُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ شُعْبَةَ مَوْلَى
  ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ قَلّدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  هَدْيَهُ بِيَدِهِ هُوَ بِنَفْسِهِ 
حَدّثَنِي مُعَاذُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ ،
  قَالَ حَمَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّلَاحَ
  وَالْبِيضَ وَالدّرُوعَ وَالرّمَاحَ وَقَادَ مِائَةَ فَرَسٍ فَلَمّا انْتَهَى
  إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ قَدّمَ الْخَيْلَ أَمَامَهُ وَهِيَ مِائَةُ فَرَسٍ
  عَلَيْهَا مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ . وَقَدّمَ السّلَاحَ وَاسْتَعْمَلَ
  عَلَيْهِ بَشِيرَ بْنَ سَعْدٍ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ حَمَلْت السّلَاحَ
  وَقَدْ شَرَطُوا عَلَيْنَا أَلّا نَدْخُلَ عَلَيْهِمْ إلّا بِسِلَاحِ
  الْمُسَافِرِ السّيُوفُ فِي الْقُرُبِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّا لَا نَدْخُلُهَا عَلَيْهِمْ الْحَرَمَ ، وَلَكِنْ
  تَكُونُ قَرِيبًا مِنّا ، فَإِنْ هَاجَنَا هَيْجٌ مِنْ الْقَوْمِ كَانَ
  السّلَاحُ قَرِيبًا مِنّا . قِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ تَخَافُ قُرَيْشًا عَلَى
  ذَلِكَ ؟ فَأَسْكَتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدّمَ الْبُدْنَ 
وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ
  مَيْسَرَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، قَالَ أَحْرَمَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ لِأَنّهُ سَلَكَ إلَى
  طَرِيقِ الْفُرْعِ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَأَهَلّ مِنْ الْبَيْدَاءِ 
(1/733) 
وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ
  مَيْسَرَةَ عَنْ [ ص 734 ] عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنْ أَبِيهِ
  قَالَ سَلَكْنَا فِي عُمْرَةِ الْقَضِيّةِ عَلَى الْفُرْعِ ، وَقَدْ أَحْرَمَ
  أَصْحَابِي غَيْرِي ، فَرَأَيْت حِمَارًا وَحْشِيّا فَشَدَدْت عَلَيْهِ
  فَعَقَرْته ، فَأَتَيْت أَصْحَابِي ، فَمِنْهُمْ الْآكِلُ وَالتّارِكُ فَسَأَلْت
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ كُلْ قَالَ أَبُو قَتَادَةَ :
  ثُمّ حَجّ حَجّةَ الْوَدَاعِ فَأَحْرَمَ مِنْ الْبَيْدَاءِ ، وَهَذِهِ
  الْعُمْرَةُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِأَنّ طَرِيقَهُ لَيْسَ عَلَى الْبَيْدَاءِ .
  قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ : فَسَارَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُلَبّي
  ، وَالْمُسْلِمُونَ يُلَبّونَ وَمَضَى مُحَمّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ بِالْخَيْلِ
  إلَى مَرّ الظّهْرَانِ ، فَيَجِدُ بِهَا نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ فَسَأَلُوا
  مُحَمّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ فَقَالَ هَذَا رَسُولُ اللّهِ يُصْبِحُ هَذَا
  الْمَنْزِلَ غَدًا إنْ شَاءَ اللّهُ . فَرَأَوْا سِلَاحًا كَثِيرًا مَعَ بَشِيرِ
  بْنِ سَعْدٍ فَخَرَجُوا سِرَاعًا حَتّى أَتَوْا قُرَيْشًا فَأَخْبَرُوهُمْ
  بِاَلّذِي رَأَوْا مِنْ الْخَيْلِ وَالسّلَاحِ فَفَزِعَتْ قُرَيْشٌ فَقَالُوا :
  وَاَللّهِ مَا أَحْدَثْنَا حَدَثًا ، وَنَحْنُ عَلَى كِتَابِنَا وَمُدّتِنَا ،
  فَفِيمَ يَغْزُونَا مُحَمّدٌ فِي أَصْحَابِهِ ؟ وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَرّ الظّهْرَانِ ، وَقَدّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّلَاحَ إلَى بَطْنِ يَأْجَجَ حَيْثُ يَنْظُرُ إلَى
  أَنْصَابِ الْحَرَمِ ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ مِكْرَزَ بْنَ حَفْصِ بْنِ
  الْأَحْنَفِ فِي نَفَرٍ مِنْ قُرَيْشٍ حَتّى لَقَوْهُ بِبَطْنِ يَأْجَجَ ،
  وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَصْحَابِهِ وَالْهَدْيُ وَالسّلَاحُ
  قَدْ تَلَاحَقُوا ، فَقَالُوا : يَا مُحَمّدُ وَاَللّهِ مَا عَرَفْت صَغِيرًا
  وَلَا كَبِيرًا بِالْغَدْرِ تَدْخُلُ بِالسّلَاحِ الْحَرَمَ عَلَى قَوْمِك ،
  وَقَدْ شَرَطْت أَلّا تَدْخُلَ إلّا بِسِلَاحِ الْمُسَافِرِ السّيُوفُ فِي
  الْقُرُبِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا
  نَدْخُلُهَا إلّا كَذَلِك ثُمّ رَجَعَ سَرِيعًا بِأَصْحَابِهِ إلَى مَكّةَ
  فَقَالَ إنّ مُحَمّدًا لَا يَدْخُلُ بِسِلَاحٍ وَهُوَ عَلَى الشّرْطِ الّذِي
  شَرَطَ لَكُمْ . فَلَمّا جَاءَ مِكْرَزٌ بِخَبَرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَرِجَتْ قُرَيْشٌ مِنْ مَكّةَ إلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ
  وَخَلّوْا مَكّةَ ، وَقَالُوا : وَلَا نَنْظُرُ إلَيْهِ وَلَا إلَى أَصْحَابِهِ .
  وَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْهَدْيِ أَمَامَهُ
  حَتّى حُبِسَ بِذِي طُوًى . وَخَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  وَأَصْحَابُهُ رَحِمَهُمْ اللّهُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ [ ص 735 ] عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ
  وَأَصْحَابُهُ مُحْدِقُونَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  مُتَوَشّحُو السّيُوفِ يُلَبّونَ فَلَمّا انْتَهَى إلَى ذِي طُوًى وَقَفَ
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ
  وَالْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ ثُمّ دَخَلَ مِنْ الثّنِيّةِ الّتِي تَطْلُعُهُ عَلَى
  الْحَجُونَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ وَابْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ
  . 
فَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ
  قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ خَدِيجٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ
  يَقْطَعْ التّلْبِيَةَ حَتّى جَاءَ عُرُوشَ مَكّةَ 
(1/734) 
حَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ
  ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَبّى
  حَتّى اسْتَلَمَ الرّكْنَ 
حَدّثَنِي عَائِذُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ
  قَالَ وَخَلّفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِائَتَيْ رَجُلٍ
  عَلَى السّلَاحِ عَلَيْهِمْ أَوْسُ بْنُ خَوْليّ . 
حَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ
  بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ
  بْنِ كَعْبِ عَنْ [ ص 736 ] أُمّ عُمَارَةَ قَالَتْ شَهِدْت عُمْرَةَ الْقَضِيّةِ مَعَ
  رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكُنْت قَدْ شَهِدْت الْحُدَيْبِيَةَ
  ، فَكَأَنّي أَنْظُرُ إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ
  انْتَهَى إلَى الْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَابْنُ رَوَاحَةَ آخِذٌ
  بِزِمَامِ رَاحِلَتِهِ - وَقَدْ صُفّ لَهُ الْمُسْلِمُونَ - حِين دَنَا مِنْ الرّكْنِ حَتّى انْتَهَى إلَيْهِ فَاسْتَلَمَ الرّكْنَ بِمِحْجَنِهِ
  مُضْطَبِعًا بِثَوْبِهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَالْمُسْلِمُونَ يَطُوفُونَ مَعَهُ
  قَدْ اضْطَبَعُوا بِثِيَابِهِمْ وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَقُولُ 
خَلّوا بَنِي الْكُفّارِ عَنْ سَبِيلِهْ 
إنّي شَهِدْت أَنّهُ رَسُولُهْ 
حَقّا وَكُلّ الْخَيْرِ فِي سَبِيلِهْ 
نَحْنُ قَتَلْنَاكُمْ عَلَى تَأْوِيلِهْ 
كَمَا ضَرَبْنَاكُمْ عَلَى تَنْزِيلِهْ 
ضَرْبًا يُزِيلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيلِهْ 
وَيُذْهِلُ الْخَلِيلَ عَنْ خَلِيلِهْ 
فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ : يَا ابْنَ رَوَاحَةَ
  فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَا عُمَرُ إنّي
  أَسْمَعُ فَأَسْكَتَ عُمَرُ 
(1/736) 
فَحَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ عَبّاسٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ
  الْعَجْلَانِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، قَالَ نَزَلَ جِبْرِيلُ
  عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ إنّ
  الْمُشْرِكِينَ عَلَى الْجَبَلِ وَهُمْ يَرَوْنَكُمْ امْشُوا مَا بَيْنَ
  الْيَمَانِيّ وَالْأَسْوَدِ . فَفَعَلُوا 
وَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُد بْنِ
  الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ طَافَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى
  رَاحِلَتِهِ فَلَمّا كَانَ الطّوَافُ السّابِعُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ عِنْدَ
  فَرَاغِهِ وَقَدْ وَقَفَ الْهَدْيُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلّ فِجَاجِ مَكّةَ
  مَنْحَرٌ فَنَحَرَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَقَالَ ابْنُ وَاقِدٍ : وَكَانَ قَدْ اعْتَمَرَ
  مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَوْمٌ لَمْ يَشْهَدُوا
  الْحُدَيْبِيَةَ فَلَمْ يَنْحَرُوا ، فَأَمّا مَنْ كَانَ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ
  وَخَرَجَ فِي الْقَضِيّةِ فَإِنّهُمْ شُرِكُوا فِي الْهَدْيِ . 
حَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ
  بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي [ ص 737 ] صَعْصَعَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ
  عَبْدِ اللّهِ عَنْ أُمّ عُمَارَةَ قَالَتْ لَمْ يَتَخَلّفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ
  الْحُدَيْبِيَةِ إلّا اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْقَضِيّةِ ، إلّا مَنْ مَاتَ أَوْ
  قُتِلَ فَخَرَجْت وَنِسْوَةٌ مَعِي فِي الْحُدَيْبِيَةِ فَلَمْ نُصَلّ إلَى الْبَيْتِ
  فَقَصّرْنَ مِنْ أَشْعَارِهِنّ بِالْحُدَيْبِيَةِ ثُمّ اعْتَمَرْنَ مَعَ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَضَاءً لِعُمْرَتِهِنّ وَنَحَرَ
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ .
  وَكَانَ مِمّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ وَقُتِلَ بِخَيْبَرَ وَلَمْ يَشْهَدْ
  عُمْرَةَ الْقَضِيّةِ : رَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ وَرِفَاعَةُ بْنُ مَسْرُوحٍ ،
  وَثَقْفُ بْنُ عَمْرٍو ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ أَبِي أُمَيّةَ بْنِ وَهْبٍ الْأَسَدِيّ
  وَأَبُو صَيّاحٍ وَالْحَارِثُ بْنُ حَاطِبٍ ، وَعَدِيّ بْنُ مُرّةَ بْنِ
  سُرَاقَةَ وَأَوْسُ بْنُ حَبِيبٍ وَأُنَيْفُ بْنُ وَائِلٍ وَمَسْعُودُ بْنُ
  سَعْدٍ الزّرَفِيّ وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ وَعَامِرُ بْنُ الْأَكْوَع 
وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يُحَدّثُ أَنّ
  رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُمْ فِي الْقَضِيّةِ أَنْ
  يَهْدُوا ، فَمَنْ وَجَدَ بَدَنَةً مِنْ الْإِبِلِ نَحَرَهَا ، وَمَنْ لَمْ
  يَجِدْ بَدَنَةً رَخّصَ لَهُمْ فِي الْبَقَرَةِ فَقَدِمَ فُلَانٌ بِبَقَرٍ اشْتَرَاهُ
  النّاسُ مِنْهُ . 
(1/737) 
حَدّثَنِي حِزَامُ بْنُ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ أَنّ خِرَاشَ
  بْنَ أُمَيّةَ حَلَقَ رَأْسَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  عِنْدَ الْمَرْوَةِ 
حَدّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمّدِ
  بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبّانَ ، أَنّ الّذِي حَلَقَهُ مَعْمَرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ
  الْعَدَوِيّ 
حَدّثَنِي عَلِيّ بْنُ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ
  مُحَمّدِ بْنِ عُقَيْلٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ ، قَالَ لَمّا قَضَى
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نُسُكَهُ دَخَلَ الْبَيْتَ
  فَلَمْ يَزَلْ فِيهِ حَتّى أَذّنَ بِلَالٌ بِالظّهْرِ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ
  ، كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ . فَقَالَ
  عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ : لَقَدْ أَكْرَمَ اللّهُ [ ص 738
  ] أَبَا الْحَكَمِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ هَذَا
  الْعَبْدَ يَقُولُ مَا يَقُولُ وَقَالَ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيّةَ : الْحَمْدُ
  لِلّهِ الّذِي أَذْهَبَ أَبِي قَبْلَ أَنْ يَرَى هَذَا وَقَالَ خَالِدُ بْنُ
  أَسِيدٍ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أَمَاتَ أَبِي وَلَمْ يَشْهَدْ هَذَا الْيَوْمَ
  حِينَ يَقُومُ بِلَالُ بْنُ أُمّ بِلَالٍ يَنْهَقُ فَوْقَ الْكَعْبَةِ وَأَمّا سُهَيْلُ
  بْنُ عَمْرٍو وَرِجَالٌ مَعَهُ فَحِينَ سَمِعُوا ذَلِكَ غَطّوا وُجُوهَهُمْ 
حَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ دَاوُد بْنِ
  الْحُصَيْنِ قَالَ لَمْ يَدْخُلْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  الْكَعْبَةَ فِي الْقَضِيّةِ ، قَدْ أَرْسَلَ إلَيْهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَبَوْا وَقَالُوا : لَمْ يَكُنْ فِي شَرْطِك . وَأَمَرَ
  بَلَالًا فَأَذّنَ فَوْقَ الْكَعْبَةِ يَوْمئِذٍ مَرّةً وَلَمْ يَعُدْ بَعْدُ
  وَهُوَ الثّبْتُ 
(1/738) 
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ
  الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَطَبَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا
  إلَى الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ ، فَزَوّجَهَا النّبِيّ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ مُحْرِم 
حَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَطَاءٍ
  الْخُرَاسَانِيّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ ، قَالَ لَمّا حَلّ رَسُولُ
  اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ تَزَوّجَهَا 
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُد بْنِ
  الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ [ ص 739 ] ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ إنّ
  عُمَارَةَ بِنْتَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ وَأُمّهَا سَلْمَى بِنْتَ
  عُمَيْسٍ كَانَتْ بِمَكّةَ فَلَمّا قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ كَلّمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ فَقَالَ عَلَامَ نَتْرُكُ بِنْتَ عَمّنَا يَتِيمَةً بَيْنَ ظَهْرَيْ الْمُشْرِكِينَ
  ؟ فَلَمْ يَنْهَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْ إخْرَاجِهَا ،
  فَخَرَجَ بِهَا ; فَتَكَلّمَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ ، وَكَانَ وَصِيّ حَمْزَةَ
  وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ آخَى بَيْنَهُمَا حِينَ آخَى
  بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ فَقَالَ أَنَا أَحَقّ بِهَا ، ابْنَةُ أَخِي فَلَمّا
  سَمِعَ ذَلِكَ جَعْفَرٌ قَالَ الْخَالَةُ وَالِدَةٌ وَأَنَا أَحَقّ بِهَا
  لِمَكَانِ خَالَتِهَا عِنْدِي ، أَسَمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ . فَقَالَ عَلِيّ
  عَلَيْهِ السّلَامُ أَلَا أَرَاكُمْ فِي ابْنَةِ عَمّي ، وَأَنَا أَخَرَجْتهَا
  مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ وَلَيْسَ لَكُمْ إلَيْهَا نَسَبٌ دُونِي ،
  وَأَنَا أَحَقّ بِهَا مِنْكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ أَنَا أَحْكُمُ بَيْنَكُمْ أَمّا أَنْتَ يَا زَيْدُ فَمَوْلَى اللّهِ
  وَرَسُولِهِ وَأَمّا أَنْتَ يَا عَلِيّ فَأَخِي وَصَاحِبِي ، وَأَمّا أَنْتَ يَا
  جَعْفَرُ فَتُشْبِهُ خَلْقِي وَخُلُقِي ، وَأَنْتَ يَا جَعْفَرُ أَحَقّ بِهَا تَحْتَك
  خَالَتُهَا ، وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَلَى
  عَمّتِهَا . فَقَضَى بِهَا لِجَعْفَرٍ قَالَ ابْنُ وَاقِدٍ : فَلَمّا قَضَى
  بِهَا لِجَعْفَرٍ قَامَ جَعْفَرٌ فَحَجَلَ حَوْلَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَا
  هَذَا يَا جَعْفَرُ ؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ كَانَ النّجَاشِيّ إذَا أَرْضَى
  أَحَدًا قَامَ فَحَجَلَ حَوْلَهُ . فَقِيلَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ تَزَوّجْهَا فَقَالَ ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرّضَاعَةِ فَزَوّجَهَا
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ .
  فَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ هَلْ جَزَيْت سَلَمَةَ
  ؟ 
(1/739) 
حَدّثَنِي عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ مُحَمّدٍ قَالَ [ ص 740 ]
  فَلَمّا كَانَ عِنْدَ الظّهْرِ يَوْمَ الرّابِعِ أَتَى سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو ،
  وُحَوَيْطِبَ بْنَ عَبْدِ الْعُزّى - وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ الْأَنْصَارِ يَتَحَدّثُ مَعَهُ سَعْدُ
  بْنُ عُبَادَةَ - فَقَالَ قَدْ انْقَضَى أَجَلُك ، فَاخْرَجْ عَنّا فَقَالَ النّبِيّ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَمَا عَلَيْكُمْ لَوْ تَرَكْتُمُونِي
  فَأَعْرَسْت بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ، فَصَنَعْت لَكُمْ طَعَامًا ؟ فَقَالَا : لَا
  حَاجَة لَنَا فِي طَعَامِك ، اخْرَجْ عَنّا نَنْشُدُك اللّهَ يَا مُحَمّدُ
  وَالْعَهْدُ الّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَك إلّا خَرَجْت مِنْ أَرْضِنَا ; فَهَذِهِ
  الثّلَاثُ قَدْ مَضَتْ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  لَمْ يَنْزِلْ بَيْتًا ، وَضُرِبَتْ لَهُ قُبّةٌ مِنْ الْأَدَمِ بِالْأَبْطَحِ
  فَكَانَ هُنَاكَ حَتّى خَرَجَ مِنْهَا ، لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ سَقْفِ بَيْتٍ
  مِنْ بُيُوتِهَا . فَغَضِبَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَمَا رَأَى مِنْ غِلْظَةِ كَلَامِهِمْ
  لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لِسُهَيْلٍ كَذَبْت لَا أُمّ
  لَك ، لَيْسَتْ بِأَرْضِك وَلَا أَرْضِ أَبِيك وَاَللّهِ لَا يَبْرَحُ مِنْهَا
  إلّا طَائِعًا رَاضِيًا . فَتَبَسّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ ثُمّ قَالَ يَا سَعْدُ لَا تُؤْذِ قَوْمًا زَارُونَا فِي رِحَالِنَا .
  قَالَ وَأَسْكَتّ الرّجُلَانِ عَنْ سَعْدٍ . قَالَ ثُمّ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا رَافِعٍ بِالرّحِيلِ وَقَالَ لَا
  يُمْسِيَنّ بِهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَكِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى نَزَلَ سَرِفَ ، وَتَتَامّ النّاسُ وَخَلّفَ
  أَبَا رَافِعٍ لِيَحْمِلَ إلَيْهِ زَوْجَتَهُ حِينَ يُمْسِي ، وَأَقَامَ أَبُو
  رَافِعٍ حَتّى أَمْسَى ، فَخَرَجَ بِمَيْمُونَةَ وَمَنْ مَعَهَا ، فَلَقَوْا عَنَاءً
  مِنْ سُفَهَاءِ الْمُشْرِكِينَ آذَوْا بِأَلْسِنَتِهِمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ . وَقَالَ لَهَا أَبُو رَافِعٍ - وَانْتَظَرَ أَنْ يَبْطِشَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَسْتَخْلِي بِهِ فَلَمْ يَفْعَلُوا
  - أَلَا إنّي قَدْ قُلْت لَهُمْ « مَا شِئْتُمْ هَذِهِ وَاَللّهِ الْخَيْلُ
  وَالسّلَاحُ بِبَطْنِ يَأْجَجَ » وَإِذَا الْخَيْلُ قَدْ قَرُبَتْ فَوَقَفَتْ
  لَنَا هُنَالِكَ وَالسّلَاحُ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ أَمَرَ مِائَتَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ حِينَ طَافُوا بِالْبَيْتِ أَنْ
  يَذْهَبَ إلَى أَصْحَابِهِمْ بِبَطْنِ يَأْجَجَ فَيُقِيمُوا عَلَى السّلَاحِ
  وَيَأْتِي الْآخَرُونَ فَيَقْضُوا نُسُكَهُمْ فَفَعَلُوا ، فَلَمّا [ ص 741 ]
  انْتَهَيْنَا إلَى بَطْنِ يَأْجَجَ سَارُوا مَعَنَا ، فَلَمْ نَأْتِ سَرِفَ
  حَتّى ذَهَبَ عَامّةُ اللّيْلِ ثُمّ أَتَيْنَا سَرِفَ ، فَبَنَى عَلَيْهَا
  رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثُمّ أَدْلَجَ حَتّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ
  . 
(1/740) 
========== 
سَرِيّةُ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ السّلَمِيّ فِي ذِي
  الْحَجّةِ سَنَةَ سَبْعٍ حَدّثَنِي مُحَمّدٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ لَمّا
  رَجَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ
  سَنَةَ سَبْعٍ - رَجَعَ فِي ذِي الْحَجّةِ سَنَةَ سَبْعٍ - بَعَثَ ابْنَ
  أَبِي الْعَوْجَاءِ السّلَمِيّ فِي خَمْسِينَ رَجُلًا ، فَخَرَجَ إلَى بَنِي
  سُلَيْمٍ . وَكَانَ عَيْنٌ لِبَنِي سُلَيْمٍ
  مَعَهُ فَلَمّا فَصَلَ مِنْ الْمَدِينَةِ خَرَجَ الْعَيْنُ إلَى قَوْمِهِ
  فَحَذّرَهُمْ وَأَخْبَرَهُمْ فَجَمَعُوا جَمْعًا كَثِيرًا . وَجَاءَهُمْ ابْنُ
  أَبِي الْعَوْجَاءِ وَالْقَوْمُ مُعَدّونَ لَهُ فَلَمّا رَآهُمْ أَصْحَابُ
  رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَرَأَوْا جَمْعَهُمْ دَعَوْهُمْ
  إلَى الْإِسْلَامِ فَرَشَقُوهُمْ بِالنّبْلِ وَلَمْ يَسْمَعُوا قَوْلَهُمْ
  وَقَالُوا : لَا حَاجَةَ لَنَا إلَى مَا دَعَوْتُمْ إلَيْهِ . فَرَامُوهُمْ
  سَاعَةً وَجَعَلَتْ الْأَمْدَادُ تَأْتِي حَتّى أُحْدِقُوا بِهِمْ مِنْ كُلّ نَاحِيَةٍ
  فَقَاتَلَ الْقَوْمُ قِتَالًا شَدِيدًا حَتّى قُتِلَ عَامّتُهُمْ وَأُصِيبَ
  صَاحِبُهُمْ ابْنُ أَبِي الْعَوْجَاءِ جَرِيحًا مَعَ الْقَتْلَى ، ثُمّ
  تَحَامَلَ حَتّى بَلَغَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  . 
إسْلَامُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ حَدّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ
  بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : كُنْت
  لِلْإِسْلَامِ مُجَانِبًا مُعَانِدًا ، فَحَضَرْت بَدْرًامَعَ الْمُشْرِكِينَ
  فَنَجَوْت ، ثُمّ حَضَرْت أُحُدًافَنَجَوْت ، ثُمّ حَضَرْت الْخَنْدَقَفَقُلْت
  فِي نَفْسِي : كَمْ [ ص 742 ] أُوضِعُ ؟ وَاَللّهِ لَيَظْهَرَنّ مُحَمّدٌ عَلَى قُرَيْشٍ
  فَخَلّفْت مَالِي بِالرّهْطِ وَأَفْلَتْ - يَعْنِي مِنْ النّاسِ - فَلَمْ
  أَحْضُرْالْحُدَيْبِيَةَ وَلَا صُلْحَهَا ، وَانْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالصّلْحِ وَرَجَعَتْ قُرَيْشٌ إلَى مَكّةَ ،
  فَجَعَلْت أَقُولُ يَدْخُلُ مُحَمّدٌ قَابِلًا مَكّةَ بِأَصْحَابِهِ مَا مَكّةُ
  بِمَنْزِلٍ وَلَا الطّائِفُ ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ خَيْرٌ مِنْ الْخُرُوجِ .
  وَأَنَا بَعْدُ نَاتٍ عَنْ الْإِسْلَامِ أَرَى لَوْ أَسْلَمَتْ قُرَيْشٌ كُلّهَا
  لَمْ أُسْلِمْ . فَقَدِمْت مَكّةَ فَجَمَعْت رِجَالًا مِنْ قَوْمِي كَانُوا
  يَرَوْنَ رَأْيِي وَيَسْمَعُونَ مِنّي وَيُقَدّمُونَنِي فِيمَا نَابَهُمْ
  فَقُلْت لَهُمْ كَيْفَ أَنَا فِيكُمْ ؟ قَالُوا : ذُو رَأْيِنَا وَمِدْرَهُنَا ،
  مَعَ يُمْنِ نَفْسٍ وَبَرَكَةِ أَمْرٍ . قَالَ [ قُلْت ] : تَعْلَمُونَ
  وَاَللّهِ أَنّي لَأَرَى أَمْرَ مُحَمّدٍ أَمْرًا يَعْلُو الْأُمُورَ عُلُوّا
  مُنْكَرًا ، وَإِنّي قَدْ رَأَيْت رَأْيًا . 
(1/742) 
قَالُوا : مَا هُوَ ؟ قَالَ نَلْحَقُ بِالنّجَاشِيّ فَنَكُونُ عِنْدَهُ
  فَإِنْ كَانَ يَظْهَرُ مُحَمّدٌ كُنّا عِنْدَ النّجَاشِيّ ، فَنَكُونُ تَحْتَ
  يَدِ النّجَاشِيّ أَحَبّ إلَيْنَا مِنْ أَنْ نَكُونَ تَحْتَ يَدِ مُحَمّدٍ وَإِنْ
  تَظْهَرُ قُرَيْشٌ فَنَحْنُ مَنْ قَدْ عَرَفُوا . قَالُوا : هَذَا الرّأْيُ
  قَالَ فَاجْمَعُوا مَا تُهْدُونَهُ لَهُ . وَكَانَ أَحَبّ مَا يُهْدَى إلَيْهِ
  مِنْ أَرْضِنَا الْأَدَمُ . قَالَ فَجَمَعْنَا أَدَمًا كَثِيرًا ، ثُمّ
  خَرَجْنَا حَتّى قَدِمْنَا عَلَى النّجَاشِيّ ، فَوَاَللّهِ إنّا لَعِنْدَهُ إذْ
  جَاءَ عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ الضّمْرِيّ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ بَعَثَهُ إلَيْهِ
  بِكِتَابٍ كَتَبَهُ إلَيْهِ يُزَوّجُهُ أُمّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ
  فَدَخَلَ [ ص 743 ] عَلَيْهِ ثُمّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ فَقُلْت لِأَصْحَابِي :
  هَذَا عَمْرُو بْنُ أُمَيّةَ وَلَوْ قَدْ دَخَلْت عَلَى النّجَاشِيّ وَسَأَلْته
  إيّاهُ فَأَعْطَانِيهِ فَضَرَبْت عُنُقَهُ فَإِذَا فَعَلْت ذَلِكَ سُرّتْ
  قُرَيْشٌ وَكُنْت قَدْ أَجْزَأَتْ عَنْهَا حِينَ قَتَلْت رَسُولَ مُحَمّدٍ .
  قَالَ فَدَخَلْت عَلَى النّجَاشِيّ فَسَجَدْت لَهُ كَمَا كُنْت أَصْنَعُ فَقَالَ
  مَرْحَبًا بِصَدِيقِي أَهْدَيْت لِي مِنْ بِلَادِك شَيْئًا ؟ قَالَ فَقُلْت :
  نَعَمْ أَيّهَا الْمَلِكُ أَهْدَيْت لَك أَدَمًا كَثِيرًا . ثُمّ قَرّبْته
  إلَيْهِ فَأَعْجَبَهُ وَفَرّقَ مِنْهُ أَشْيَاءَ بَيْنَ بِطَارِقَتِهِ وَأَمَرَ بِسَائِرِهِ
  فَأُدْخِلَ فِي مَوْضِعٍ وَأَمَرَ أَنْ يَكْتُبَ وَيَحْتَفِظُ بِهِ . فَلَمّا
  رَأَيْت طِيبَ نَفْسِهِ قُلْت : أَيّهَا الْمَلِكُ إنّي قَدْ رَأَيْت رَجُلًا
  خَرَجَ مِنْ عِنْدَك وَهُوَ رَسُولُ رَجُلٍ عَدُوّ لَنَا ; قَدْ وَتَرَنَا
  وَقَتَلَ أَشْرَافَنَا وَخِيَارَنَا فَأُعْطِنِيهِ فَأَقْتُلْهُ فَرَفَعَ يَدَهُ
  فَضَرَبَ بِهَا أَنْفِي ضَرْبَةً ظَنَنْت أَنّهُ كَسَرَهُ وَابْتَدَرَ
  مِنْخَارِي ، فَجَعَلْت أَتَلْقَى الدّمَ بِثِيَابِي ، وَأَصَابَنِي مِنْ الذّلّ
  مَا لَوْ انْشَقّتْ بِي الْأَرْضُ دَخَلْت فِيهَا فَرَقًا مِنْهُ
  . 
(1/743) 
ثُمّ قُلْت لَهُ أَيّهَا الْمَلِكُ لَوْ ظَنَنْت أَنّك
  تَكْرَهُ مَا فَعَلْت مَا سَأَلْتُك . قَالَ وَاسْتَحْيِي وَقَالَ يَا عَمْرُو ،
  تَسْأَلُنِي أَنْ أُعْطِيَك رَسُولَ رَسُولِ اللّهِ - مَنْ يَأْتِيهِ النّامُوسُ
  الْأَكْبَرُ الّذِي كَانَ يَأْتِي مُوسَى ، وَاَلّذِي كَانَ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ
  مَرْيَمَ - لِتَقْتُلَهُ ؟ 
قَالَ عَمْرٌو : وَغَيّرَ اللّهُ قَلْبِي عَمّا كُنْت
  عَلَيْهِ وَقُلْت فِي نَفْسِي : عَرَفَ هَذَا الْحَقّ الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ
  وَتُخَالِفُ أَنْتَ ؟ قُلْت : أَتَشْهَدُ أَيّهَا الْمَلِكُ بِهَذَا ؟ قَالَ
  نَعَمْ أَشْهَدُ بِهِ عِنْدَ اللّهِ يَا عَمْرُو فَأَطِعْنِي وَاتّبَعَهُ
  وَاَللّهِ إنّهُ لَعَلَى الْحَقّ وَلَيَظْهَرَنّ عَلَى كُلّ دِينٍ خَالَفَهُ .
  كَمَا ظَهَرَ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ . قُلْت : أَفَتُبَايِعُنِي
  عَلَى الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ نَعَمْ . فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَتْهُ عَلَى الْإِسْلَامِ
  [ ص 744 ] وَدَعَا لِي بِطَسْتٍ فَغَسَلَ عَنّي الدّمَ وَكَسَانِي ثِيَابًا ،
  وَكَانَتْ ثِيَابِي قَدْ امْتَلَأَتْ مِنْ الدّمِ فَأَلْقَيْتهَا ، ثُمّ خَرَجْت
  إلَى أَصْحَابِي فَلَمّا رَأَوْا كِسْوَةَ الْمَلِكِ سُرّوا بِذَلِكَ وَقَالُوا
  : هَلْ أَدْرَكْت مَنْ صَاحِبُك مَا أَرَدْت ؟ فَقُلْت لَهُمْ كَرِهْت أَنْ
  أُكَلّمَهُ فِي أَوّلِ مَرّةٍ وَقُلْت أَعُودُ إلَيْهِ . قَالُوا : الرّأْيُ مَا
  رَأَيْت وَفَارَقْتهمْ كَأَنّي أَعْمِدُ لِحَاجَةٍ فَعَمِدْت إلَى مَوْضِعِ
  السّفُنِ فَأَجِدُ سَفِينَةً قَدْ شُحِنَتْ بِرُقَعٍ فَرَكِبْت مَعَهُمْ
  وَدَفَعُوهَا حَتّى انْتَهَوْا إلَى الشّعَيْبَةِ وَخَرَجْت مِنْ الشّعَيْبَةِ
  وَمَعِي نَفَقَةٌ فَابْتَعْت بَعِيرًا وَخَرَجْت أُرِيدُ الْمَدِينَةَ حَتّى خَرَجْت
  عَلَى مَرّ الظّهْرَانِ ، ثُمّ مَضَيْت حَتّى كُنْت بِالْهَدّةِ إذَا رَجُلَانِ
  قَدْ سَبَقَانِي بِغَيْرِ كَثِيرٍ يُرِيدَانِ مَنْزِلًا ، وَأَحَدُهُمَا دَاخِلٌ
  فِي خَيْمَةٍ وَالْآخَرُ قَائِمٌ يُمْسِكُ الرّاحِلَتَيْنِ فَنَظَرْت وَإِذَا
  خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ ، فَقُلْت : أَبَا سُلَيْمَانَ ؟ قَالَ نَعَمْ .
  قُلْت : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ مُحَمّدًا ، دَخَلَ النّاسُ فِي الْإِسْلَامِ
  فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ بِهِ طَمَعٌ وَاَللّهِ لَوْ أَقَمْنَا لَأَخَذَ
  بِرِقَابِنَا كَمَا يُؤْخَذُ بِرِقْبَةِ الضّبُعِ فِي مَغَارَتِهَا
  . 
(1/744) 
قُلْت : وَأَنَا وَاَللّهِ قَدْ أَرَدْت مُحَمّدًا وَأَرَدْت
  الْإِسْلَامَ . وَخَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ
  فَرَحّبَ بِي فَنَزَلْنَا جَمِيعًا فِي الْمَنْزِلِ ثُمّ تَرَافَقْنَا حَتّى
  قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ، فَمَا أَنْسَى قَوْلَ رَجُلٍ لَقِينَاهُ بِبِئْرِ
  أَبِي عِنَبَةَ يَصِيحُ يَا رَبَاحُ يَا رَبَاحُ فَتَفَاءَلْنَا بِقَوْلِهِ
  وَسِرْنَا ، ثُمّ نَظَرَ إلَيْنَا فَأَسْمَعُهُ يَقُولُ قَدْ أَعْطَتْ مَكّةُ
  الْمَقَادَةَ بَعْدَ هَذَيْنِ فَظَنَنْت أَنّهُ يَعْنِينِي وَخَالِدَ بْنَ
  الْوَلِيدِ ، ثُمّ وَلّى مُدْبِرًا إلَى الْمَسْجِدِ سَرِيعًا [ ص 745 ]
  فَظَنَنْت أَنّهُ يُبَشّرُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  بِقُدُومِنَا ، فَكَانَ كَمَا ظَنَنْت . وَأَنَخْنَا بِالْحَرّةِ فَلَبِسْنَا
  مِنْ صَالِحِ ثِيَابِنَا ، وَنُودِيَ بِالْعَصْرِ فَانْطَلَقْنَا جَمِيعًا حَتّى
  طَلَعْنَا عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنّ لِوَجْهِهِ تَهَلّلًا ،
  وَالْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ قَدْ سُرّوا بِإِسْلَامِنَا . فَتَقَدّمَ خَالِدُ
  بْنُ الْوَلِيدِ فَبَايَعَ ثُمّ تَقَدّمَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَبَايَعَ
  ثُمّ تَقَدّمْت ، فَوَاَللّهِ مَا هُوَ إلّا أَنْ جَلَسْت بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا
  اسْتَطَعْت أَنْ أَرْفَعَ طَرْفِي إلَيْهِ حِيَاءً مِنْهُ فَبَايَعْته عَلَى
  أَنْ يَغْفِرَ لِي مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِي ، وَلَمْ يَحْضُرْنِي مَا تَأَخّرَ
  . فَقَالَ إنّ الْإِسْلَامَ يَجُبّ مَا كَانَ قَبْلَهُ وَالْهِجْرَةُ تَجُبّ مَا
  كَانَ قَبْلَهَا [ قَالَ ] : فَوَاَللّهِ
  مَا عَدَلَ بِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَبِخَالِدِ بْنِ
  الْوَلِيدِ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَمْرٍ حَزَبَهُ مُنْذُ أَسْلَمْنَا ،
  وَلَقَدْ كُنّا عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ وَلَقَدْ كُنْت
  عِنْدَ عُمَرَ بِتِلْكَ الْحَالَةِ وَكَانَ عُمَرُ عَلَى خَالِدٍ كَالْعَاتِبِ
  . 
قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ فَذَكَرْت هَذَا الْحَدِيثَ
  لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ فَقَالَ أَخْبَرَنِي رَاشِدٌ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ
  أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَوْسٍ الثّقَفِيّ عَنْ عَمْرٍو ، نَحْوُ
  ذَلِكَ . قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ فَقُلْت لِيَزِيدَ فَلَمْ يُوَقّت لَك مَتَى
  قَدِمَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ ؟ قَالَ لَا ، إلّا أَنّهُ قُبَيْلَ الْفَتْحِ قُلْت : وَإِنّ أَبِي
  أَخْبَرَنِي أَنّ عَمْرًا ، وَخَالِدًا ، وَعُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ ، قَدِمُوا
  الْمَدِينَةَ لِهِلَالِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ . 
(1/745) 
وَأَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْوَهّابِ بْنُ
  أَبِي حَبِيبَةَ قِرَاءَةً عَلَيْهِ حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ
  حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيّ قَالَ فَحَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ
  الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ
  سَمِعْت أَبِي [ ص 746 ] يُحَدّثُ يَقُولُ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : لَمّا
  أَرَادَ اللّهُ بِي مِنْ الْخَيْرِ مَا أَرَادَ قَذَفَ فِي قَلْبِي حُبّ الْإِسْلَامِ
  وَحَضَرَنِي رُشْدِي ، وَقُلْت : قَدْ شَهِدْت هَذِهِ الْمَوَاطِنَ كُلّهَا
  عَلَى مُحَمّدٍ فَلَيْسَ مَوْطِنٌ أَشْهَدُهُ إلّا أَنْصَرِفُ وَأَنَا أَرَى فِي
  نَفْسِي أَنّي مُوضَعٌ فِي غَيْرِ شَيْءٍ وَأَنّ مُحَمّدًا سَيَظْهَرُ . فَلَمّا
  خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْحُدَيْبِيَةِ
  خَرَجْت فِي خَيْلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَلَقِيت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَصْحَابِهِ بِعُسْفَانَ ; فَقُمْت بِإِزَائِهِ
  وَتَعَرّضْت لَهُ فَصَلّى بِأَصْحَابِهِ الظّهْرَ آمِنًا مِنّا ، فَهَمَمْنَا
  أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِ ثُمّ لَمْ يَعْزِمْ لَنَا - وَكَانَتْ فِيهِ خِيرَةٌ -
  فَاطّلَعَ عَلَى مَا فِي أَنْفُسِنَا مِنْ الْهُمُومِ فَصَلّى بِأَصْحَابِهِ
  صَلَاةَ الْعَصْرِ صَلَاةَ الْخَوْفِ فَوَقَعَ ذَلِكَ مِنّي مَوْقِعًا وَقُلْت
  : الرّجُلُ مَمْنُوعٌ وَافْتَرَقْنَا وَعَدَلَ عَنْ
  سَنَنِ خَيْلِنَا وَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فَلَمّا صَالَحَ قُرَيْشًا
  بِالْحُدَيْبِيَةِ وَدَافَعَتْهُ قُرَيْشٌ بِالرّوَاحِ قُلْت فِي نَفْسِي : أَيّ
  شَيْءٍ بَقِيَ ؟ أَيْنَ الْمَذْهَبُ إلَى النّجَاشِيّ ؟ فَقَدْ اتّبَعَ
  مُحَمّدًا ، وَأَصْحَابُهُ آمِنُونَ عِنْدَهُ فَأَخْرُجُ إلَى هِرَقْلَ ؟
  فَأَخْرُجُ مِنْ دِينِي إلَى نَصْرَانِيّةٍ أَوْ يَهُودِيّةٍ فَأُقِيمُ مَعَ
  عَجَمٍ تَابِعًا ، أَوْ أُقِيمُ فِي دَارِي فِيمَنْ بَقِيَ ؟ فَأَنَا عَلَى ذَلِكَ
  إذْ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي عُمْرَةِ الْقَضِيّةِ
  ، فَتَغَيّبْت فَلَمْ أَشْهَدْ دُخُولَهُ [ ص 747 ] وَكَانَ أَخِي الْوَلِيدُ
  بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ دَخَلَ مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي
  عُمْرَةِ الْقَضِيّةِ ، فَطَلَبَنِي فَلَمْ يَجِدْنِي فَكَتَبَ إلَيّ كِتَابًا
  فَإِذَا فِيهِ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ أَمّا بَعْدُ فَإِنّي لَمْ
  أَرَ أَعْجَبَ مِنْ ذَهَابِ رَأْيِك عَنْ الْإِسْلَامِ وَعَقْلُك عَقْلُك
  وَمِثْلُ الْإِسْلَامِ جَهِلَهُ أَحَدٌ ؟ وَقَدْ سَأَلَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَنْك فَقَالَ أَيْنَ خَالِدٌ ؟ فَقُلْت : يَأْتِي
  اللّهُ بِهِ . فَقَالَ مَا مِثْلُهُ جَهِلَ الْإِسْلَامَ وَلَوْ كَانَ جَعَلَ
  نِكَايَتَهُ وَجَدَهُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لَكَانَ خَيْرًا
  لَهُ وَلَقَدّمْنَاهُ عَلَى غَيْرِهِ فَاسْتَدْرِكْ يَا أَخِي مَا فَاتَك ، فَقَدْ
  فَاتَتْك مَوَاطِنُ صَالِحَةٌ . 
(1/746) 
قَالَ فَلَمّا جَاءَنِي كِتَابُهُ نَشِطْت لِلْخُرُوجِ
  وَزَادَنِي رَغْبَةً فِي الْإِسْلَامِ وَسَرّنِي مَقَالَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى
  اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ خَالِدٌ وَأَرَى فِي النّوْمِ كَأَنّي فِي
  بِلَادٍ ضَيّقَةٍ جَدِيبَةٍ فَخَرَجْت إلَى بَلَدٍ أَخَضَرَ وَاسِعٍ فَقُلْت إنّ
  هَذِهِ لَرُؤْيَا . فَلَمّا قَدِمْت الْمَدِينَةَ قُلْت : لَأَذْكُرَنّهَا لِأَبِي
  بَكْرٍ . قَالَ فَذَكَرْتهَا فَقَالَ هُوَ مَخْرَجُك الّذِي هَدَاك اللّهُ
  لِلْإِسْلَامِ وَالضّيقِ الّذِي كُنْت فِيهِ مِنْ الشّرْكِ . فَلَمّا
  أَجَمَعْت الْخُرُوجَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قُلْت
  : مَنْ أُصَاحِبُ إلَى رَسُولِ اللّهِ ؟ فَلَقِيت صَفْوَانَ بْنَ أُمَيّةَ
  فَقُلْت : يَا أَبَا وَهْبٍ أَمّا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ ؟ إنّمَا نَحْنُ
  أَكَلَةُ رَأْسٍ وَقَدْ ظَهَرَ مُحَمّدٌ عَلَى الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ ، فَلَوْ
  قَدِمْنَا عَلَى مُحَمّدٍ فَاتّبَعْنَاهُ فَإِنّ شَرَفَ مُحَمّدٍ لَنَا شَرَفٌ .
  فَأَبَى أَشَدّ الْإِبَاءِ وَقَالَ لَوْ لَمْ يَبْقَ غَيْرِي مِنْ قُرَيْشٍ مَا
  اتّبَعْته أَبَدًا . فَافْتَرَقْنَا وَقُلْت : هَذَا رَجُلٌ مَوْتُورٌ يَطْلُبُ
  وِتْرًا ، قَدْ قُتِلَ أَبُوهُ وَأَخُوهُ بِبَدْرٍ . فَلَقِيت عِكْرِمَةَ بْنَ
  أَبِي جَهْلٍ فَقُلْت لَهُ مِثْلَ الّذِي قُلْت لِصَفْوَانَ فَقَالَ لِي مِثْلَ
  مَا [ ص 748 ] قَالَ صَفْوَانُ قُلْت : فَاطْوِ مَا ذَكَرْت لَك . قَالَ لَا
  أَذْكُرُهُ وَخَرَجْت إلَى مَنْزِلِي فَأَمَرْت بِرَاحِلَتِي تُخْرَجُ إلَيّ
  فَخَرَجْت بِهَا إلَى أَنْ أَلْقَى عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ فَقُلْت : إنّ هَذَا
  لِي لَصَدِيقٌ وَلَوْ ذَكَرْت لَهُ مَا أُرِيدُ ثُمّ ذَكَرْت مَنْ قُتِلَ مِنْ آبَائِهِ
  فَكَرِهْت أُذَكّرُهُ ثُمّ قُلْت : وَمَا عَلَيّ وَأَنَا رَاحِلٌ مِنْ سَاعَتِي
  فَذَكَرْت لَهُ مَا صَارَ الْأَمْرُ إلَيْهِ فَقُلْت : إنّمَا نَحْنُ بِمَنْزِلَةِ ثَعْلَبٍ فِي جُحْرٍ لَوْ صُبّ عَلَيْهِ ذَنُوبٌ
  مِنْ مَاءٍ لَخَرَجَ . قَالَ وَقُلْت لَهُ نَحْوًا مِمّا قُلْت لِصَاحِبَيْهِ
  فَأَسْرَعَ الْإِجَابَةَ وَقَالَ لَقَدْ غَدَوْت الْيَوْمَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ
  أَغْدُوَ وَهَذِهِ رَاحِلَتِي بِفَخّ مُنَاخَةٌ . قَالَ فَاتّعَدْت أَنَا وَهُوَ بِيَأْجَجَ ، إنْ سَبَقَنِي أَقَامَ
  وَإِنْ سَبَقْته أَقَمْت عَلَيْهِ . قَالَ فَأَدْلَجْنَا سَحَرًا فَلَمْ
  يَطْلُعْ الْفَجْرُ حَتّى الْتَقَيْنَا بِيَأْجَجَ ، فَغَدَوْنَا حَتّى
  انْتَهَيْنَا إلَى الْهَدّةِ ، فَنَجِد عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ بِهَا فَقَالَ
  مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ فَقُلْنَا : وَبِك قَالَ أَيْنَ مَسِيرُكُمْ ؟ قُلْنَا :
  مَا أَخَرَجَك ؟ قَالَ فَمَا الّذِي أَخَرَجَكُمْ ؟ قُلْنَا : الدّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ
  وَاتّبَاعُ مُحَمّدٍ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ . قَالَ وَذَلِكَ الّذِي
  أَقْدَمَنِي . قَالَ فَاصْطَحَبْنَا جَمِيعًا حَتّى قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ
  فَأَنَخْنَا بِظَاهِرِ الْحَرّةِ رِكَابَنَا ، فَأَخْبَرَ بِنَا رَسُولَ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَسُرّ بِنَا ، فَلَبِسْت مِنْ صَالِحِ ثِيَابِي
  ، ثُمّ عَمِدْت إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَقِيَنِي
  أَخِي فَقَالَ اسْرَعْ فَإِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  قَدْ أُخْبِرَ بِك فَسُرّ بِقُدُومِك وَهُوَ يَنْتَظِرُكُمْ . فَأَسْرَعْت
  الْمَشْيَ فَطَلَعْت عَلَيْهِ فَمَا زَالَ يَتَبَسّمُ إلَيّ حَتّى وَقَفْت
  عَلَيْهِ فَسَلّمْت عَلَيْهِ بِالنّبُوّةِ [ ص 749 ] فَرَدّ عَلَيّ السّلَامَ بِوَجْهٍ
  طَلْقٍ فَقُلْت : إنّي أَشْهَدُ أَنّ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَأَنّك رَسُولُ
  اللّهِ . فَقَالَ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هَدَاك قَدْ كُنْت أَرَى لَك عَقْلًا
  رَجَوْت أَلّا يُسَلّمَك إلّا إلَى الْخَيْرِ . قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ رَأَيْت مَا كُنْت أَشْهَدُ مِنْ
  تِلْكَ الْمَوَاطِنِ عَلَيْك مُعَانِدًا عَنْ الْحَقّ فَادْعُ اللّهَ أَنْ يَغْفِرَهَا
  لِي فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْإِسْلَامُ يَجُبّ
  مَا كَانَ قَبْلَهُ قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ عَلَى ذَلِكَ ؟ فَقَالَ اللّهُمّ
  اغْفِرْ لِخَالِدٍ كُلّ مَا أَوْضَعَ فِيهِ مِنْ صَدّ عَنْ سَبِيلِك 
قَالَ خَالِدٌ وَتَقَدّمَ عَمْرٌو ، وَعُثْمَانُ فَبَايَعَا
  رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ قُدُومُنَا فِي صَفَرٍ
  سَنَةَ ثَمَانٍ فَوَاَللّهِ مَا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  مِنْ يَوْمِ أَسْلَمْت يَعْدِلُ بِي أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِيمَا حَزَبَهُ . 
(1/748) 
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ سَأَلْت عَبْدَ اللّهِ بْنَ
  عَمْرِو بْنِ زُهَيْرٍ الْكَعْبِيّ مَتَى كَتَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى خُزَاعَةَ كِتَابَهُ ؟ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي ، عَنْ
  قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَنّهُ كَتَبَ لَهُمْ فِي جُمَادَى الْآخِرَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ
  . وَذَلِكَ أَنّهُ أَسْلَمَ قَوْمٌ مِنْ الْعَرَبِ كَثِيرٌ ، وَمِنْهُمْ مَنْ
  هُوَ بِهِ بَعْدَ مُقِيمٍ عَلَى شِرْكِهِ وَلَمّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللّهِ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ لَمْ يَبْقَ مِنْ
  خُزَاعَةَ أَحَدٌ إلّا مُسْلِمٌ مُصَدّقٌ بِمُحَمّدٍ قَدْ أَتَوْا
  بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ فِيمَنْ حَوْلَهُ قَلِيلٌ حَتّى قَدِمَ عَلْقَمَةُ بْنُ
  عُلَاثَةَ وَابْنَا هَوْذَةَ وَهَاجَرُوا ، فَذَلِكَ حَيْثُ كَتَبَ رَسُولُ
  اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى خُزَاعَةَ : [ ص 750 ] بِسْمِ
  اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ مِنْ مُحَمّدٍ رَسُولِ اللّهِ إلَى بُدَيْلٍ
  وَبِشْرٍ وَسَرَوَاتِ بَنِي عَمْرٍو ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنّي أَحْمَدُ
  اللّهَ إلَيْكُمْ اللّه لَا إلَهَ إلّا هُوَ أَمّا بَعْدُ فَإِنّي لَمْ آثَمْ
  بِإِلّكُمْ وَلَمْ أَضَعْ فِي جَنْبِكُمْ وَإِنّ أَكْرَمَ تِهَامَةَ عَلَيّ
  أَنْتُمْ وَأَقْرَبُهُمْ رَحَمًا أَنْتُمْ وَمَنْ تَبِعَكُمْ مِنْ
  الْمُطّيّبِينَ . فَإِنّي قَدْ أَخَذْت لِمَنْ قَدْ هَاجَرَ مِنْكُمْ مِثْلَ مَا
  أَخَذْت لِنَفْسِي - وَلَوْ هَاجَرَ بِأَرْضِهِ - غَيْرُ سَاكِنٍ مَكّةَ إلّا
  مُعْتَمِرًا أَوْ حَاجّا ، وَإِنّي لَمْ أَضَعْ فِيكُمْ إذْ سَالَمْت ،
  وَإِنّكُمْ غَيْرُ خَائِفِينَ مِنْ قِبَلِي وَلَا مَحْصُورِينَ . أَمّا بَعْدُ
  فَإِنّهُ قَدْ أَسْلَمَ عَلْقَمَةُ بْنُ عُلَاثَةَ وَابْنَاهُ وَتَابَعَا
  وَهَاجَرَا عَلَى مَنْ تَبِعَهُمَا مِنْ عِكْرِمَةَ ; أَخَذْت لِمَنْ تَبِعَنِي مِنْكُمْ
  مَا آخُذُ لِنَفْسِي ، وَإِنّ بَعْضَنَا مِنْ بَعْضٍ أَبَدًا فِي الْحِلّ
  وَالْحَرَمِ ، وَإِنّنِي وَاَللّهِ مَا كَذَبْتُكُمْ وَلْيُحِبّكُمْ رَبّكُمْ 
حَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ بُدَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
  جَدّهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مَسْلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ
  وَرْقَاءَ مِثْلَ ذَلِكَ . 
(1/750) 
===== 
سَرِيّةُ أَمِيرِهَا غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ
  بِالْكَدِيدِ فِي صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ 
حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ
  جَعْفَرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَبِي عَوْنٍ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ
  عُتْبَةَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْجُهَنِيّ ، عَنْ جُنْدُبِ بْنِ
  مَكِيثٍ الْجُهَنِيّ ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ
  وَسَلّمَ غَالِبَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ اللّيْثِيّ أَحَدَ بَنِي كَلْبِ بْنِ
  عَوْفٍ فِي سَرِيّةٍ كُنْت فِيهِمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنّ الْغَارَةَ عَلَى
  بَنِي الْمُلَوّحِ بِالْكَدِيدِ ، وَهُمْ مِنْ بَنِي لَيْثٍ . فَخَرَجْنَا حَتّى
  إذَا كُنّا بِقُدَيْدٍ لَقِينَا الْحَارِثَ بْنَ مَالِكِ بْنِ الْبَرْصَاءِ
  فَأَخَذْنَاهُ فَقَالَ [ ص 751 ] إنّمَا جِئْت أُرِيدُ الْإِسْلَامَ . فَقُلْنَا
  : لَا يَضُرّك رِبَاطُ لَيْلَةٍ إنْ كُنْت تُرِيدُ الْإِسْلَامَ وَإِنْ يَكُنْ
  غَيْرُ ذَلِكَ نَسْتَوْثِقُ مِنْك . فَشَدَدْنَاهُ وَثَاقًا ،
  وَخَلّفْنَا عَلَيْهِ رَجُلًا مِنّا يُقَالُ لَهُ سُوَيْدُ بْنُ صَخْرٍ
  وَقُلْنَا : إنْ نَازَعَك فَاحْتَزْ رَأْسَهُ . 
ثُمّ سِرْنَا حَتّى أَتَيْنَا الْكَدِيدَ عِنْدَ غُرُوبِ
  الشّمْسِ فَكَمَنّا نَاحِيَةَ الْوَادِي ، فَبَعَثَنِي أَصْحَابُ رَبِيئَةٍ
  لَهُمْ فَخَرَجْت فَأَتَيْت تَلّا مُشْرِفًا عَلَى الْحَاضِرِ يُطْلِعُنِي
  عَلَيْهِمْ حَتّى إذَا أَسْنَدْت فِيهِ وَعَلَوْت عَلَى رَأْسِهِ انْبَطَحْت ،
  فَوَاَللّهِ إنّي لَأَنْظُرُ إذْ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ خِبَاءٍ لَهُ
  فَقَالَ [ لِامْرَأَتِهِ ] : وَاَللّهِ إنّي لَأَرَى عَلَى هَذَا
  التّلّ سَوَادًا مَا رَأَيْته عَلَيْهِ صَدْرَ يَوْمِي هَذَا ، فَانْظُرِي إلَى
  أَوْعِيَتِك لَا تَكُونُ الْكِلَابُ أَخَذْت مِنْهَا شَيْئًا . فَنَظَرَتْ
  فَقَالَتْ وَاَللّهِ مَا أَفْقِدُ مِنْ أَوْعِيَتِي شَيْئًا . فَقَالَ
  نَاوِلِينِي قَوْسِي وَنَبْلِي فَنَاوَلَتْهُ قَوْسَهُ وَسَهْمَيْنِ مَعَهَا ، فَأَرْسَلَ
  سَهْمًا ، فَوَاَللّهِ مَا أَخْطَأَ بِهِ جَنْبِي ، فَانْتَزَعْته فَوَضَعْته
  وَثَبَتَ مَكَانِي . ثُمّ رَمَانِي الْآخَرَ فَخَالَطَنِي بِهِ أَيْضًا ،
  فَأَخَذْته فَوَضَعْته وَثَبَتَ مَكَانِي . فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللّهِ لَوْ كَانَ زَائِلَةً لَتَحَرّكَ
  بَعْدُ لَقَدْ خَالَطَهُ سَهْمَايَ لَا أَبَا لَك إذَا أَصْبَحْت فَاتّبِعِيهَا
  ; لَا تَمْضُغُهُمَا الْكِلَابُ . 
ثُمّ دَخَلَ خِبَاءَهُ وَرَاحَتْ مَاشِيَةُ الْحَيّ مِنْ
  إبِلِهِمْ وَأَغْنَامِهِمْ فَحَلَبُوا وَعَطَنُوا ، فَلَمّا اطْمَأَنّوا
  وَهَدَءُوا شَنَنّا عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ فَقَتَلْنَا الْمُقَاتِلَةَ
  وَسَبَيْنَا الذّرّيّةَ وَاسْتَقْنَا النّعَمَ وَالشّاءَ فَخَرَجْنَا
  نَحْدُرُهَا قِبَلَ الْمَدِينَةِ حَتّى مَرَرْنَا بِأَبِي الْبَرْصَاءِ [ ص 752 ] فَاحْتَمَلْنَاهُ
  وَاحْتَمَلْنَا صَاحِبَنَا . وَخَرَجَ صَرِيخُ الْقَوْمِ فِي قَوْمِهِمْ
  فَجَاءَنَا مَا لَا قِبَلَ لَنَا بِهِ وَنَظَرُوا إلَيْنَا وَبَيْنَنَا
  وَبَيْنَهُمْ الْوَادِي وَهُمْ مُوَجّهُونَ إلَيْنَا ، فَجَاءَ اللّهُ
  الْوَادِيَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ بِمَاءٍ مَلَأَ جَنْبَيْهِ وَاَيْمُ اللّهِ مَا
  رَأَيْنَا قَبْلَ ذَلِكَ سَحَابًا وَلَا مَطَرًا ، فَجَاءَ بِمَا لَا
  يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَجُوزُهُ فَلَقَدْ رَأَيْتهمْ وُقُوفًا يَنْظُرُونَ
  إلَيْنَا وَقَدْ أَسْنَدْنَا فِي الْمُشَلّلِ وَفُتْنَاهُمْ فَهُمْ لَا
  يَقْدِرُونَ عَلَى طَلَبِنَا ، فَمَا أَنْسَى رَجَزَ أَمِيرِنَا غَالِبٍ 
أَبَى أَبُو الْقَاسِمِ أَنْ تَعَزّ بِي 
وَذَاكَ قَوْلُ صَادِقٍ لَمْ يَكْذِبْ 
فِي خَضِلٍ نَبَاتُهُ مُغْلَوْلِبِ 
صُفْرٍ أَعَالِيهِ كَلَوْنِ الْمُذْهَبِ 
ثُمّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ . فَحَدّثَنِي عَبْدُ
  الْعَزِيزِ بْنُ عُقْبَةَ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عُمَرَ
  الْأَسْلَمِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْت مَعَهُمْ وَكُنّا بَضْعَةَ عَشَرَ
  رَجُلًا ، شِعَارُنَا : أَمِتْ أَمِتْ 
(1/751) 
====== 
سَرِيّةُ كَعْبِ بْنِ عُمَيْرٍ إلَى ذَاتِ أَطْلَاحٍ فِي
  شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ 
قَالَ الْوَاقِدِيّ : حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ
  عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  كَعْبَ بْنَ عُمَيْرٍ الْغِفَارِيّ فِي خَمْسَةَ عَشَرَ رَجُلًا حَتّى
  انْتَهَوْا إلَى ذَاتِ أَطْلَاحٍ مِنْ أَرْضِ الشّامِ ، فَوَجَدُوا جَمْعًا مِنْ
  جَمْعِهِمْ [ ص 753 ] كَثِيرًا ، فَدَعَوْهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا
  لَهُمْ وَرَشَقُوهُمْ بِالنّبْلِ . فَلَمّا رَأَى ذَلِكَ أَصْحَابُ النّبِيّ
  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَاتَلُوهُمْ أَشَدّ الْقِتَالِ حَتّى قَتَلُوا
  ، فَأَفْلَتْ مِنْهُمْ رَجُلٌ جَرِيحٌ فِي الْقَتْلَى ، فَلَمّا بَرَدَ عَلَيْهِ
  اللّيْلُ تَحَامَلَ حَتّى أَتَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ ، فَشَقّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ
  عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ بِالْبَعْثِ إلَيْهِمْ فَبَلَغَهُ أَنّهُمْ قَدْ
  سَارُوا إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَتَرَكَهُمْ . 
حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ
  الْفُضَيْلِ قَالَ كَانَ كَعْبٌ يَكْمُنُ النّهَارَ وَيَسِيرُ اللّيْلَ حَتّى
  دَنَا مِنْهُمْ فَرَآهُ عَيْنٌ لَهُمْ فَأَخْبَرَهُمْ بِقِلّةِ أَصْحَابِ
  النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَاءُوا عَلَى الْخُيُولِ
  فَقَتَلُوهُمْ . 
(1/753) 
=== 
سَرِيّةُ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ إلَى السّيّ مِنْ أَرْضِ بَنِي
  عَامِرٍ مِنْ نَاحِيَةِ رُكْبَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوّلِ سَنَةَ ثَمَانٍ
  وَسَرِيّةُ إلَى خَثْعَمَ بِتَبَالَةَ 
حَدّثَنِي الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي
  سَبْرَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ ، عَنْ عُمَرَ
  بْنِ الْحَكَمِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
  شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ فِي أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ رَجُلًا إلَى جَمْعٍ مِنْ
  هَوَازِنَ بِالسّيّ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغِيرَ عَلَيْهِمْ فَخَرَجَ فَكَانَ
  يَسِيرُ اللّيْلَ وَيَكْمُنُ النّهَارَ حَتّى صَبّحَهُمْ وَهُمْ غَارّونَ وَقَدْ
  أَوْعَزَ إلَى أَصْحَابِهِ قَبْلَ ذَلِكَ أَلَا يُمْعِنُوا فِي الطّلَبِ
  فَأَصَابُوا نَعَمًا كَثِيرًا وَشَاءَ فَاسْتَاقُوا ذَلِكَ كُلّهُ حَتّى
  قَدِمُوا الْمَدِينَةَ [ وَاقْتَسَمُوا الْغَنِيمَةَ ] ، وَكَانَتْ سِهَامَهُمْ خَمْسَةَ
  عَشَرَ بَعِيرًا ; [ ص 754 ] كُلّ رَجُلٍ وَعَدَلُوا الْبَعِيرَ بِعَشَرَةٍ مِنْ
  الْغَنَمِ وَغَابَتْ السّرِيّةُ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً . 
قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ فَحَدّثْت هَذَا الْحَدِيثَ
  مُحَمّدَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُثْمَانَ فَقَالَ كَانُوا قَدْ
  أَصَابُوا فِي الْحَاضِرِ نِسْوَةً فَاسْتَاقُوهُنّ وَكَانَتْ فِيهِنّ جَارِيَةٌ
  وَضِيئَةٌ فَقَدِمُوا بِهَا الْمَدِينَةَ . ثُمّ قَدِمَ وَفْدُهُمْ مُسْلِمِينَ
  فَلَمّا قَدِمُوا كَلّمُوا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي
  السّبْيِ فَكَلَمْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شُجَاعًا
  وَأَصْحَابَهُ فِي رَدّهِنّ فَسَلّمُوهُنّ وَرَدّوهُنّ إلَى أَصْحَابِهِنّ . 
(1/754) 
قَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ فَأَخْبَرْت شَيْخًا مِنْ
  الْأَنْصَارِ بِذَلِكَ فَقَالَ أَمّا الْجَارِيَةُ الْوَضِيئَةُ فَكَانَ شُجَاعُ
  بْنُ وَهْبٍ قَدْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ بِثَمَنٍ فَأَصَابَهَا ، فَلَمّا قَدِمَ
  الْوَفْدُ خَيّرَهَا ، فَاخْتَارَتْ الْمَقَامَ عِنْدَ شُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ
  فَلَقَدْ قُتِلَ يَوْمَ الْيَمَامَةِ وَهِيَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ
  مِنْهَا وَلَدٌ . فَقُلْت لَابْنِ أَبِي سَبْرَةَ مَا سَمِعْت أَحَدًا قَطّ يَذْكُرُ
  هَذِهِ السّرِيّةَ . فَقَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ لَيْسَ كُلّ الْعِلْمِ
  سَمِعْته . قَالَ أَجَلْ وَاَللّهِ . فَقَالَ ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ لَقَدْ
  حَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ سَرِيّةً أُخْرَى ، 
قَالَ إسْحَاقُ حَدّثَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنّ
  رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعَثَ قُطْبَةَ بْنَ عَامِرِ
  بْنِ حَدِيدَةَ فِي عِشْرِينَ رَجُلًا إلَى حَيّ مِنْ خَثْعَمَ بِنَاحِيَةِ
  تَبَالَةَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَشُنّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ وَأَنْ يَسِيرَ اللّيْلَ
  وَيَكْمُنُ النّهَارَ وَأَمَرَهُ أَنْ يُغَذّ السّيْرَ . فَخَرَجُوا عَلَى عَشَرَةِ
  أَبْعِرَةً يَعْتَقِبُونَهَا ، قَدْ غَيّبُوا السّلَاحَ فَأَخَذُوا عَلَى
  الْفَتْقِ حَتّى انْتَهَوْا إلَى بَطْنِ مَسْحَبٍ فَأَخَذُوا رَجُلًا
  فَسَأَلُوهُ [ ص 755 ] فَاسْتَعْجَمَ عَلَيْهِمْ فَجَعَلَ يَصِيحُ بِالْحَاضِرِ
  فَقَدّمَهُ قُطْبَةُ فَضَرَبَ عُنُقَهُ . ثُمّ أَقَامُوا حَتّى كَانَ سَاعَةٌ
  مِنْ اللّيْلِ فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ طَلِيعَةً فَيَجِدُ حَاضِرَ نَعَمٍ
  فِيهِ النّعَمُ وَالشّاءُ فَرَجَعَ إلَى أَصْحَابِهِ فَأَخْبَرَهُمْ فَأَقْبَلَ
  الْقَوْمُ يَدِبّونَ دَبِيبًا يَخَافُونَ الْحَرَسَ حَتّى انْتَهَوْا إلَى
  الْحَاضِرِ وَقَدْ نَامُوا وَهَدَءُوا ; فَكَبّرُوا وَشَنّوا الْغَارَةَ
  فَخَرَجَ إلَيْهِمْ رِجَالُ الْحَاضِرِ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا حَتّى
  كَثُرَتْ الْجِرَاحُ فِي الْفَرِيقَيْنِ . وَأَصْبَحَ وَجَاءَ الْخَثْعَمِيّونَ الدّهْمَ
  فَحَالَ بَيْنَهُمْ سَيْلٌ أَتِيّ ، فَمَا قَدَرَ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ
  يَمْضِي حَتّى أَتَى قُطْبَةُ عَلَى أَهْلِ الْحَاضِرِ فَأَقْبَلَ بِالنّعَمِ
  وَالشّاءِ وَالنّسَاءِ إلَى الْمَدِينَةِ ، فَكَانَ سِهَامُهُمْ أَرْبَعَةً
  أَرْبَعَةً وَالْبَعِيرُ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْغَنَمِ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ
  الْخُمُسُ . وَكَانَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ تِسْعٍ . 
(1/755) | 
نزل تشريع الطلاق في سورتين علي مرحلتين متتابعتين تاريخيا 1. سورة البقرة في العام 1 أو 2هجري وتوابعه في سورة النساء والاحزاب وبعض المواضع المتفرقة بين سورة البقرة وسورة الطلاق { في الخمسة اعوام الاولي بعد الهجرة} وبيانات قاعدته في هذه المواضع التلفظ بالطلاق ثم الاعتداد استبراءا ثم التسريح. * 2.ثم نزل التشريع الاخير المحكم في العام 6 او7 هجري بترتيب تشريعي معكوس وبعلم الله الباري في سورة الطلاق في العامين السادس6. او السابع7. الهجري فؤمر كل من يريد التطليق عكس موضعي الطلاق بالعدة والعدة بالطلاق
1.سورة الاخلاص
110. ب مم.
· تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثانيالتجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث❷ /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانويالهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/❷عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث
Translate ***
15.موقع جادو
باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج طبيعة 1. / /طلبعة 3.
