1.سورة الاخلاص

............................................................................................................... *

  القرآن الكريم مكتوبا كاملا

110. ب مم.

·  تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثانيالتجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانويالهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث

Translate ***

15.موقع جادو

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

الأربعاء، 2 مايو 2018

22.المغازي للواقدي ورد/ خُطْبَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الصّلَاتَيْنِ آخر الكتاب

عدد صفحاته

عدد صفحاته بترقيم الشاملة هو :  1/1127 وهو في المدونة من صفحة 1 الي صفحة 22
  • خُطْبَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعَرَفَةَ قَبْلَ الصّلَاتَيْنِ ] ص 1103 ] وَكَانَ مِنْ خُطْبَتِهِ يَوْمَئِذٍ أَيّهَا النّاسُ إنّي وَاَللّهِ مَا أَدْرِي لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بِمَكَانِي هَذَا بَعْدَ يَوْمِكُمْ هَذَا رَحِمَ اللّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ، فَرُبّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ وَرُبّ حَامِلِ فِقْهٍ إلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَاعْلَمُوا أَنّ أَمْوَالَكُمْ وَدِمَاءَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا وَاعْلَمُوا أَنّ الصّدُورَ لَا تُغَلّ عَلَى ثَلَاثٍ إخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلّهِ وَمُنَاصَحَةُ أَهْلِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ . مِنْ وَرَائِهِمْ أَلّا إنّ كُلّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ وَأَوّلُ دِمَاءِ الْجَاهِلِيّةِ أَضَعُ دَمَ إيَاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - وَرِبَا الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ كُلّهُ وَأَوّلُ رِبًا أَضَعُهُ رِبَا الْعَبّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ . اتّقُوا اللّهَ فِي النّسَاءِ فَإِنّمَا أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانَةِ اللّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَةِ اللّهِ وَإِنّ لَكُمْ عَلَيْهِنّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاضْرِبُوهُنّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرّحٍ وَلَهُنّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنّ وَكَسَوْتهنّ بِالْمَعْرُوفِ قَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلّوا بَعْدَهُ إنْ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ - كِتَابُ اللّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَأَنْتُمْ مَسْئُولُونَ عَنّي ، فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ ؟ قَالُوا : نَشْهَدُ أَنْ قَدْ بَلّغْت وَأَدّيْت وَنَصَحْت ثُمّ قَالَ بِإِصْبَعِهِ السّبّابَةِ إلَى السّمَاءِ يَرْفَعُهَا وَيَكُبّهَا ثَلَاثًا : اللّهُمّ اشْهَدْ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عَمّهِ الزّهْرِيّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَفَ بِالْهِضَابِ مِنْ عَرَفَةَ فَقَالَ كُلّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ إلّا بَطْنَ عُرَنَةَ ، وَكُلّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ إلّا بَطْنَ مُحَسّرٍ ، وَكُلّ مِنًى مَنْحَرٌ إلّا خَلْفَ الْعَقَبَةِ [ ص 1104 ] قَالُوا : وَبَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى مَنْ هُوَ بِأَقْصَى عَرَفَةَ فَقَالَ الْزَمُوا مَشَاعِرَكُمْ فَإِنّكُمْ عَلَى إرْثٍ مِنْ إرْثِ إبْرَاهِيمَ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَن ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ عَرَفَةُ أَوّلُ جَبَلٍ مِمّا يَلِي عُرَنَةَ إلَى جَبَلِ عَرَفَةَ ، كُلّهِ مِنْ عَرَفَةَ قَالَ وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ : نَظَرْت إلَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ وَهُوَ مَادّ يَدَيْهِ يُقْبِلُ بِرَاحَتَيْهِ عَلَى وَجْهِهِ وَقَالُوا : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ أَفَضْلَ دُعَائِي وَدُعَاءَ مَنْ كَانَ قَبْلِي مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ صَالِحٍ مَوْلَى التّوَمَةِ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ نَاسًا اخْتَلَفُوا فِي صِيَامِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ عَرَفَةَ . فَقَالَتْ أُمّ الْفَضْلِ أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ عَنْ ذَلِكَ فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ بِعُسّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ وَهُوَ يَخْطُبُ . قَالُوا : وَوَقَفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَتّى غَرَبَتْ [ الشّمْسُ ] يَدْعُو . وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيّةِ يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ إذَا كَانَتْ الشّمْسُ عَلَى رُءُوسِ الْجِبَالِ كَهَيْئَةِ الْعَمَائِمِ عَلَى رُءُوسِ الرّجَالِ . فَظَنّتْ قُرَيْشٌ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدْفَعُ كَذَلِكَ فَأَخّرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَفْعَهُ حَتّى غَرَبَتْ الشّمْسُ وَكَذَلِكَ كَانَتْ دَفْعَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
  • قَالَ حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزّنَادِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ بْن الزّبَيْرِ ِ [ ص 1105 ] عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَمِعْته يَسْأَلُ عَنْ سَيْرِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَشِيّةَ عَرَفَةَ ، فَقَالَ كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ وَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصّ - وَالنّصّ : فَوْقَ الْعَنَقِ .
  • قَالَ فَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيّهَا النّاسُ عَلَى رِسْلِكُمْ عَلَيْكُمْ بِالسّكِينَةِ لِيَكُفّ قَوِيّكُمْ عَنْ ضَعِيفِكُمْ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَا رَفَعَتْ نَاقَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدَيْهَا فِي شَيْءٍ مِنْ الدّفْعَتَيْنِ وَاضِعَةً حَتّى رَمَى جَمْرَةً قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْجُهَنِيّ عَنْ عُيَيْمِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ كُلَيْبٍ الْجُهَنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَدْ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ إلَى جَمْعٍ ، وَالنّارُ تُوقَدُ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَهُوَ يَوْمَهَا حَتّى نَزَلَ قَرِيبًا مِنْهَا
  • قَالَ فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمّا أَبْصَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النّارَ قَالَ لِخَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ مَتَى كَانَتْ هَذِهِ النّارُ يَا أَبَا يَزِيدَ ؟ قَالَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيّةِ وَضَعَتْهَا قُرَيْشٌ ; لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَرَمِ إلَى عَرَفَةَ [ إلّا ] تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ اللّهِ وَلَقَدْ أَخْبَرَنِي حَسّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَغَيْرُهُ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي أَنّهُمْ كَانُوا يَحُجّونَ فِي الْجَاهِلِيّةِ فَيَرَوْنَ تِلْكَ النّارَ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ ابْن عَبّاسٍ [ ص 1106 ] رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الشّعْبِ قَالَ وَهُوَ شِعْبُ الْإِذْخِرِ يَسَارَ الطّرِيقِ بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ ، وَلَمْ يُصَلّ(1/1103) قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِالْمُزْدَلِفَةِ بِإِقَامَةٍ وَلَمْ يُسَبّحْ بَيْنَهُمَا ، وَلَا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ صَلّاهُمَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ .
  • قَالُوا : وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرِيبًا مِنْ النّارِ - وَالنّارُ عَلَى قُزَحَ ، وَهُوَ الْجَبَلُ وَهُوَ الْمَشْعَرُ الْحَرَامُ - فَلَمّا كَانَ فِي السّحَرِ أَذّنَ لِمَنْ اسْتَأْذَنَهُ مِنْ أَهْلِ الضّعْفِ مِنْ الذّرّيّةِ وَالنّسَاءِ .
  • قَالَ حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، أَنّ سَوْدَةَ بِنْتَ رَبِيعَةَ اسْتَأْذَنَتْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي التّقَدّمِ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ حَطْمَةِ النّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةٌ ثَبِطَةً فَأَذِنَ لَهَا وَحَبَسَ نِسَاءَهُ حَتّى دَفَعْنَ بِدَفْعِهِ حِينَ أَصْبَحَ . قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَمَا اسْتَأْذَنَتْهُ سَوْدَةُ أَحَبّ إلَيّ مِنْ مَفْرُوجٍ بِهِ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ أُمّهِ قَالَتْ تَقَدّمْت مَعَ سَوْدَةَ زَوْجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ فَرَمَيْنَا قَبْلَ الْفَجْرِ .
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ [ ص 1107 ] عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْهُ أَنّهُ كَانَ يَقُولُ بَعَثَنَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مَعَ أَهْلِهِ فَرَمَوْا الْجَمْرَةَ مَعَ الْفَجْر
  • قَالَ فَحَدّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَمّا بَرَقَ الْفَجْرُ صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الصّبْحَ ثُمّ رَكِبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ ثُمّ وَقَفَ عَلَى قُزَحَ . وَكَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيّةِ لَا يَدْفَعُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتّى تَطْلُعَ الشّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ ، وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرٌ ، كَيْمَا نُغِيرْ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ قُرَيْشًا خَالَفَتْ عَهْدَ إبْرَاهِيمَ فَدَفَعَ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ وَقَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِف
  • قَالَ وَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ جَمَعَ مِنْ أَقْصَى الْمَأْزِمَيْنِ إلَى الْقَرْنِ الّذِي خَلْفَ وَادِي مُحَسّرٍ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ ابْنِ الزّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَوْضَعَ فِي وَادِي مُحَسّرٍ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو مَرْوَانَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَمَلَ حَصَى الْعَقَبَةِ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ
  • قَالَ حَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ أَيْمَنَ بْنِ نَائِلٍ قَالَ سَمِعْت قُدَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْكِلَابِيّ يَقُولُ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النّحْرِ عَلَى نَاقَةٍ صَهْبَاءَ لَا ضَرْبَ وَلَا طَرْدَ وَلَا إلَيْك إلَيْك
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شخيرة ، عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنّ النّبِيّ [ ص 1108 ] صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَقْطَعْ التّلْبِيَةَ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ . قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَقْطَعْ التّلْبِيَةَ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ قَالَ وَلَمّا انْتَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَنْحَرِ قَالَ هَذَا الْمَنْحَرُ وَكُلّ مِنًى مَنْحَرٌ ، وَكُلّ فِجَاجِ مَكّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ . ثُمّ نَحَرَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا وَسِتّينَ بِالْحَرْبَةِ ثُمّ أَعْطَى رَجُلًا فَنَحَرَ مَا بَقِيَ ثُمّ أَمَرَ مِنْ كُلّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ مِنْ الْبُدْنِ الّتِي نَحَرَ فَجُعِلَ فِي قِدْرٍ فَطَبَخَهُ فَأَكَلَ مِنْ لَحْمِهَا وَحَسَا مِنْ مَرَقِهَا
  • قَالَ فَحَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيّ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ أَتَصَدّقَ بِجَلَالِ بُدْنِهِ وَجُلُودِهَا وَلُحُومِهَا ، وَلَا أُعْطِي مِنْهَا فِي جَزْرِهَا شَيْئًا(1/1107)
  • حَلْقُ شَعْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالُوا : لَمّا نَحَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْهَدْيَ دَعَا الْحَلّاقَ وَحَضَرَ الْمُسْلِمُونَ يَطْلُبُونَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَعْطَى الْحَلّاقَ شِقّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ ثُمّ أَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيّ . وَكَلّمَهُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَاصِيَتِهِ حِينَ حَلَقَ فَدَفَعَهَا إلَيْهِ فَكَانَ يَجْعَلُهَا فِي مَقْدَمِ قَلَنْسُوَتِهِ فَلَا يَلْقَى جَمْعًا إلّا فَضّهُ . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ كُنْت أَنْظُرُ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَمَا نَلْقَى مِنْهُ فِي أُحُدٍ ، وَفِي الْخَنْدَقِ ، وَفِي الْحُدَيْبِيَةِ ، وَفِي كُلّ مَوْطِنٍ لَاقَانَا ، ثُمّ نَظَرْت إلَيْهِ يَوْمَ النّحْرِ يُقَدّمُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَدَنَةً وَهِيَ تَعْتَبُ فِي الْعَقْلِ ثُمّ نَظَرْت إلَيْهِ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْلِقُ رَأْسَهُ وَهُوَ يَقُولُ يَا رَسُولَ اللّهِ نَاصِيَتك لَا [ ص 1109 ] تُؤْثِرُ بِهَا عَلَيّ أَحَدًا ، فِدَاك أَبِي وَأُمّي فَأَنْظُرُ إلَيْهِ أَخَذَ نَاصِيَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَكَانَ يَضَعُهَا عَلَى عَيْنَيْهِ وَفِيهِ .
  • قَالَ وَسَأَلْت عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : مِنْ أَيْنَ هَذَا الشّعْرُ الّذِي عِنْدَكُنّ ؟ قَالَتْ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجّتِهِ فَرّقَ شَعْرَهُ فِي النّاسِ فَأَصَابَنَا مَا أَصَابَ النّاسَ . فَلَمّا حَلَقَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَأْسَهُ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ وَعَارِضَيْهِ وَقَلّمَ أَظْفَارَهُ وَأَمَرَ بِشَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ أَنْ يُدْفَنَا . وَقَصّرَ قَوْمٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَحَلَقَ آخَرُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَحِمَ اللّهُ الْمُحَلّقِينَ ثَلَاثًا ، كُلّ ذَلِكَ يُقَالُ الْمُقَصّرِينَ يَا رَسُولَ اللّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَالْمُقَصّرِينَ فِي الرّابِعَةِ قَالُوا : وَأَصَابَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الطّيبَ بَعْدَ أَنْ حَلَقَ وَلَبِسَ الْقَمِيصَ وَجَلَسَ لِلنّاسِ فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدّمَ أَوْ أُخّرَ إلّا قَالَ افْعَلُوهُ وَلَا حَرَجَ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ ، أَنّ رَجُلًا جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ حَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ . فَقَالَ انْحَرْ وَلَا حَرَجَ قَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ نَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ . قَالَ ارْمِ وَلَا حَرَجَ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ حُذَافَةَ السّهْمِيّ يُنَادِي فِي النّاسِ أَيّهَا النّاسُ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ إنّهَا أَيّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرُ اللّه قَالَ فَانْتَهَى الْمُسْلِمُونَ عَنْ صِيَامِهِمْ إلّا مُحْصِرًا بِالْحَجّ أَوْ مُتَمَتّعًا إلَى الْحَجّ فَإِنّ الرّخْصَةَ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَصُومُوا أَيّامَ مِنًى . فَأَفَاضَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ النّحْرِ وَيُقَالُ أَفَاضَ [ ص 1110 ] لَيْلًا فِي نِسَائِهِ مَسَاءَ يَوْمِ النّحْرِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ فَأَفَاضُوا بِالنّهَارِ فَأَتَى زَمْزَمَ فَأَمَرَ بِدَلْوٍ فَنُزِعَ لَهُ فَشَرِبَ مِنْهُ وَصَبّ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهَا يَا وَلَدَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ لَنَزَعْت مِنْهَا
  • قَالَ حَدّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ نَزَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَلْوًا لِنَفْسِهِ مِنْ زَمْزَمَ قَالَ عَطَاءٌ فَكُنْت أَنْتَزِعُهُ لِنَفْسِي ، فَلَمّا كَبِرْت وَضَعُفْت كُنْت آمُرُ مَنْ يَنْزِعُهُ لِي . وَكَانَ يَرْمِي الْجِمَارَ حِينَ تَزِيغُ الشّمْسُ قَبْلَ الصّلَاةِ فَكَانَ إذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ عَلَاهُمَا ، وَيَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي . وَكَانَ يَقِفُ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى أَكْثَرَ مِمّا يَقِفُ عِنْدَ الثّانِيَةِ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الثّالِثَةِ فَإِذَا رَمَاهَا انْصَرَفَ .
  • قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا رَمَى الْجَمْرَتَيْنِ وَقَفَ عِنْدَهُمَا وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي رَمْيِ الْعَقَبَةِ ، فَإِذَا رَمَاهَا انْصَرَفَ
  • وَرَخّصَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلرّعَاءِ أَنْ يَبِيتُوا عَنْ مِنًى ، وَمَنْ جَاءَ مِنْهُمْ فَرَمَى بِاللّيْلِ وَرَخّصَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ .
  • قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِي الْبَدّاحِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ عَدِيّ ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَخّصَ لِلرّعَاءِ فِي الْبَيْتُوتَةِ عَنْ مِنًى .
  • قَالُوا : وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ وَكَانَ أَزْوَاجُهُ يَرْمِينَ مَعَ اللّيْل(1/1109)
  • خُطْبَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ النّحْرِ قَالَ فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ [ ص 1111 ] عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ قَالَ وَحَدّثْنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَا : خَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ . وَزَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فِي الْقِصّةِ . قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيّهَا النّاس ، اسْمَعُوا مِنْ قَوْلِي فَاعْقِلُوهُ فَإِنّي لَا أَدْرِي ، لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا فِي هَذَا الْمَوْقِفِ أَيّهَا النّاس ، أَيّ شَهْرٍ هَذَا ؟ قَالَ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَذَا شَهْرٌ حَرَامٌ فَأَيّ بَلَدٍ هَذَا ؟ فَسَكَتَ فَقَالَ بَلَدٌ حَرَامٌ ثُمّ قَالَ أَيّ يَوْمٍ هَذَا ؟ فَسَكَتُوا ، فَقَالَ يَوْمٌ حَرَامٌ . ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّ اللّهَ قَدْ حَرّمَ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ شَهْرِكُمْ هَذَا ، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا ، فِي يَوْمِكُمْ هَذَا ، إلَى أَنْ تَلْقَوْا رَبّكُمْ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ ثُمّ قَالَ إنّكُمْ سَوْفَ تَلْقَوْنَ رَبّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ ; أَلَا وَمَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَلْيُؤَدّهَا إلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ عَلَيْهَا ، أَلَا وَإِنّ كُلّ رِبًا فِي الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ وَإِنّ كُلّ دَمٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوّلُ دِمَاءَكُمْ أَضَعُ دَمُ إيَاسِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالُوا : اللّهُمّ نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ فَلْيُبْلِغْ الشّاهِدُ الْغَائِبَ أَلَا إنّ كُلّ مُسْلِمٍ مُحَرّمٌ عَلَى كُلّ مُسْلِمٍ وَلَا يَحِلّ مَالُ مُسْلِمٍ إلّا مَا أَعْطَى عَنْ طِيبِ نَفْسٍ . فَقَالَ عَمْرُو بْنُ يَثْرِبِيّ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت إنْ لَقِيت غَنَمَ ابْنِ عَمّي ، أَجْزُرُ مِنْهَا شَاةً ؟ قَالَ وَعَرَفَنِي فَقَالَ إنْ لَقِيتهَا نَعْجَةً تَحْمِلُ شَفْرَةً وَزِنَادًا بِخَبْتِ الْجَمِيشِ [ ص 1112 ] الْجَمِيشُ وَادٍ قَدْ عَرَفَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالسّاحِلِ كَثِيرُ الْحَطَبِ وَهُوَ وَادٍ لِبَنِي ضَمْرَةَ وَهُوَ مَنْزِلُ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ وَيُقَالُ خَبْتُ الْجَمِيشِ مَوْضِعُ صَحْرَاءَ يُقَالُ جَنْبَ كَدَاءٍ - فَلَا تُهِجْهَا ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَا أَيّهَا النّاسُ إِنّمَا النّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلّ بِهِ الّذِينَ كَفَرُوا يُحِلّونَهُ عَامًا وَيُحَرّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدّةَ مَا حَرّمَ اللّهُ
  • أَلَا وَإِنّ الزّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللّهُ السّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنّ عِدّةَ الشّهُورِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلَاثَةٌ مُتَوَالِيَةٌ ذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحِجّةِ وَالْمُحَرّمُ وَرَجَبٌ الّذِي يُدْعَى شَهْرَ مُضَرٍ ، الّذِي بَيْنَ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَشَعْبَانَ وَالشّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، وَثَلَاثُونَ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ فَقَالَ النّاسُ نَعَمْ فَقَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ ثُمّ قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّ لِلنّسَاءِ عَلَيْكُمْ حَقّا ، وَإِنّ لَكُمْ عَلَيْهِنّ حَقّا ، فَعَلَيْهِنّ أَلّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا ، وَلَا يُدْخِلْنَ بُيُوتَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ إلّا بِإِذْنِكُمْ فَإِنْ فَعَلْنَ فَإِنّ اللّهَ قَدْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تَهْجُرُوهُنّ فِي الْمَضَاجِعِ وَأَنْ تَضْرِبُوهُنّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرّحٍ فَإِنْ انْتَهَيْنَ وَأَطَعْنَكُمْ فَلَهُنّ رِزْقُهُنّ وَكِسْوَتُهُنّ بِالْمَعْرُوفِ وَإِنّمَا النّسَاءُ عِنْدَكُمْ عَوَانٍ لَا يَمْلِكْنَ لِأَنْفُسِهِنّ شَيْئًا ، وَإِنّمَا أَخَذْتُمُوهُنّ بِأَمَانَةِ اللّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنّ بِكَلِمَةِ اللّهِ فَاتّقُوا [ ص 1113 ] اللّهَ فِي النّسَاءِ وَاسْتَوْصُوا بِهِنّ خَيْرًا ، أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالَ النّاسُ نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ أَيّهَا النّاسُ إنّ الشّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ أَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ هَذِهِ وَلَكِنّهُ قَدْ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمّا تَحْقِرُونَهُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ . إنّ كُلّ مُسْلِمٍ أَخُو الْمُسْلِمِ وَإِنّمَا الْمُسْلِمُونَ إخْوَةٌ . وَلَا يَحِلّ لِامْرِئٍ مُسْلِمٍ دَمُ أَخِيهِ وَلَا مَالُهُ إلّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَإِنّمَا أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النّاسَ حَتّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ . وَلَا تَظْلِمُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفّارًا ، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ . إنّي قَدْ تَرَكْت فِيكُمْ مَا لَا تَضِلّونَ بِهِ كِتَابُ اللّهِ أَلَا هَلْ بَلّغْت ؟ قَالَ النّاسُ نَعَمْ قَالَ اللّهُمّ اشْهَدْ ثُمّ انْصَرَفَ إلَى مَنْزِلِهِ
  • عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ سُئِلَ عَطَاءٌ مَا الضّرْبُ غَيْرُ الْمُبَرّحِ ؟ قَالَ بِالسّوَاكِ وَبِالنّعْلِ قَالَ عَطَاءٌ وَسُئِلَ ابْنُ عَبّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ عَزّ وَجَلّ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا
  • قَالَ كَلِمَةُ النّكَاحِ . قَالَ وَنَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَبِيتَ أَحَدٌ لَيَالِيَ مِنًى بِسِوَى مِنًى(1/1111)
  • قَالَ . حَدّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ يَوْمَ الصّدْرِ بِالْأَبْطَحِ قَالَ حَدّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ . عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ . قَالَ مَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ أَنْزِلَ مَنْزِلًا ; جِئْت الْأَبْطَحَ فَضَرَبْت قُبّتَهُ . فَجَاءَ فَنَزَلَ . قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ إنّمَا نَزَلَ بِالْمُحَصّبِ لِأَنّهُ كَانَ أَسْمَحَ لِخُرُوجِهِ ص[ 1114 ] قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَفْلَحَ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرَ صَفِيّةَ بِنْتِ حُيَيّ فَقِيلَ لَهُ قَدْ حَاضَتْ قَالَ أَحَابِسَتنَا هِيَ ؟ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهَا قَدْ أَفَاضَتْ . قَالَ فَلَا إذًا فَلَمّا جَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا مِنْ التّنْعِيمِ وَقَضَتْ عُمْرَتَهَا ، أَمَرَ بِالرّحِيلِ وَمَرّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبَيْتِ فَطَافَ فِيهِ قَبْلَ الصّبْحِ ثُمّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إلَى الْمَدِينَةِ .
  • قَالُوا : وَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنّمَا هِيَ ثَلَاثٌ يُقِيمُ بِهَا الْمَهَاجِرَ بَعْدَ الصّدْرِ وَكَانَ سَائِلٌ سَأَلَهُ أَنْ يُقِيمَ بِمَكّةَ فَلَمْ يُرَخّصْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ إلّا ثَلَاثَةَ أَيّامٍ قَالَ إنّهَا لَيْسَتْ بِدَارِ مُكْثٍ وَلَا إقَامَةٍ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا وَدّعَ الْبَيْتَ فَكَانَ فِي الشّوْطِ السّابِعِ خَلْفَ الْبَيْتِ يُمْنَى الْبَابِ . وَكَانَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ تَعَوّذَ بَيْنَ الرّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْبَابِ وَأَلْصَقَ بَطْنَهُ وَجَبْهَتَهُ بِالْبَيْتِ
  • قَالُوا : وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا قَفَلَ مِنْ حَجّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوَةٍ . فَوَافَى عَلَى ثَنِيّةٍ أَوْ فَدْفَدٍ كَبّرَ ثَلَاثًا ثُمّ قَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ آيِبُونَ تَائِبُونَ ، سَاجِدُونَ . عَابِدُونَ . لِرَبّنَا حَامِدُونَ صَدَقَ اللّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ اللّهُمّ إنّا نَعُوذُ بِك مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ . وَكَآبَةِ الْمُنْقَلَبِ وَسُوءِ الْمَنْظَرِ فِي الْأَهْلِ وَالْمَالِ اللّهُمّ بَلّغْنَا بَلَاغًا صَالِحًا نَبْلُغُ إلَى خَيْرِ مَغْفِرَةٍ مِنْك وَرِضْوَانٍ [ ص 1115 [
  • قَالُوا : وَلَمّا نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمُعَرّسِ نَهَى أَصْحَابَهُ أَنْ يَطْرُقُوا النّسَاءَ لَيْلًا ، فَطَرَقَ رَجُلَانِ أَهْلَهُمَا ، فَكِلَاهُمَا وَجَدَ مَا يَكْرَهُ . وَأَنَاخَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْبَطْحَاءِ وَكَانَ إذَا خَرَجَ إلَى الْحَجّ سَلَكَ عَلَى الشّجَرَةِ ، وَإِذَا رَجَعَ مِنْ مَكّةَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ مِنْ مُعَرّسِ الْأَبْطَحِ . فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي مُعَرّسِهِ فِي بَطْنِ الْوَادِي ، فَكَانَ فِيهِ عَامّةَ اللّيْلِ فَقِيلَ لَهُ إنّك بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِنِسَائِهِ هَذِهِ الْحَجّةُ ثُمّ ظُهُورُ الْحُصْرِ وَكُنّ يَحْجُجْنَ إلّا زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، وَسَوْدَةُ بِنْتُ زَمَعَةَ ، قَالَتَا : لَا تُحَرّكُنَا دَابّةٌ بَعْدَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ.(1/1114)
  • عِيَادَةُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ بَعْدَ حَجّةِ الْوَدَاعِ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَمَالِكٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَنِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعُودُنِي عَامَ حَجّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ أَصَابَنِي ، فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مَا تَرَى مِنْ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلّا ابْنَةٌ لِي ، فَأَتَصَدّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي ؟ قَالَ لَا قُلْت : فَالشّطْرُ ؟ قَالَ لَا ثُمّ قَالَ الثّلُثُ وَالثّلُثُ كَثِيرٌ إنّك أَنْ تَتْرُكْ وَرَثَتَك أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَتْرُكَهُمْ عَالَةً يَتَكَفّفُونَ وَإِنّك لَنْ [ ص 1116 ] تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللّهِ إلّا أُجِرْت بِهَا ، حَتّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِك فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أُخَلّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي ؟ فَقَالَ إنّك إنْ تُخَلّفْ فَتَعْمَلَ صَالِحًا تَزْدَدْ خَيْرًا وَرِفْعَةً وَلَعَلّك أَنْ تُخَلّفَ حَتّى يَنْتَفِعَ بِك أَقْوَامٌ أَوْ يُضَرّ بِك آخَرُونَ . اللّهُمّ أَمْضِ لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ لَكِنّ الْبَائِسَ سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ - يُرْثَى لَهُ أَنْ مَاتَ بِمَكّة
  • قَالَ فَحَدّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ الْأَعْرَجِ ، قَالَ خَلّفَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى سَعْدٍ رَجُلًا وَقَالَ إنْ مَاتَ سَعْدٌ بِمَكّةَ فَلَا تَدْفِنْهُ بِهَا
  • قَالَ فَحَدّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى ، قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ أَبَى وَقّاصٍ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَيُكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ الرّجُلُ فِي الْأَرْضِ الّتِي هَاجَرَ مِنْهَا ؟ قَالَ نَعَمْ
  • قَالَ حَدّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ سَعْدٍ قَالَ مَرِضْت فَأَتَانِي رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَعُودُنِي ، فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ ثَدْيِي فَوَجَدْت بَرْدَهَا عَلَى فُؤَادِيّ ثُمّ قَالَ إنّك رَجُلٌ مَفْئُودٌ - الْمَفْئُودُ وَجَعُ الْفُؤَادِ - فَائِت الْحَارِثَ بْنَ كَلَدَةَ أَخَا ثَقِيفٍ ، إنّهُ رَجُلٌ يُطَبّبُ فَمُرْهُ فَلِيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ فَلْيَجَأْهُنّ بِنَوَاهُنّ - أَيْ يَدُقّهُنّ - ثُمّ لْيُدَلّكْكَ بِهِنّ(1/1116)
  • ======
  • غَزْوَةُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ مُؤْتَةُ [ ص 1117 ] قَالُوا : لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَذْكُرُ مَقْتَلَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ وَوَجَدَ عَلَيْهِمْ وَجْدًا شَدِيدًا ; فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ لِأَرْبَعِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسَ بِالتّهَيّؤِ لِغَزْوِ الرّومِ ، وَأَمَرَهُمْ بِالِانْكِمَاشِ فِي غَزْوِهِمْ . فَتَفَرّقَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُمْ مُجِدّونَ فِي الْجِهَادِ فَلَمّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْغَدِ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ دَعَا أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَقَالَ يَا أُسَامَةُ سِرْ عَلَى اسْمِ اللّهِ وَبَرَكَتِهِ حَتّى تَنْتَهِيَ إلَى مَقْتَلِ أَبِيك ، فَأَوْطِئْهُمْ الْخَيْلَ فَقَدْ وَلّيْتُك عَلَى هَذَا الْجَيْشِ فَأَغِرْ صَبَاحًا عَلَى أَهْلِ أُبْنَى وَحَرّقْ عَلَيْهِمْ وَأَسْرِعْ السّيْرَ تَسْبِقْ الْخَبَرَ ، فَإِنْ أَظْفَرَك اللّهُ فَأَقْلِلْ اللّبْثَ فِيهِمْ وَخُذْ مَعَك الْأَدِلّاءَ وَقَدّمْ الْعُيُونَ أَمَامَك وَالطّلَائِعَ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ صَفَرٍ بُدِيَ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَصُدّعَ وَحُمّ . فَلَمّا أَصْبَحَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ مِنْ صَفَرٍ عَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِيَدِهِ لِوَاءً ثُمّ قَالَ [ ص 1118 ] يَا أُسَامَةُ اُغْزُ بِسْمِ اللّهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللّهِ اُغْزُوَا وَلَا تَغْدِرُوا ، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَمَنّوْا لِقَاءَ الْعَدُوّ فَإِنّكُمْ لَا تَدْرُونَ لَعَلّكُمْ تُبْتَلَوْنَ بِهِمْ وَلَكِنْ قُولُوا : اللّهُمّ اكْفِنَاهُمْ وَاكْفُفْ بَأْسَهُمْ عَنّا فَإِنْ لَقُوكُمْ قَدْ أَجْلَبُوا وَصَيّحُوا . فَعَلَيْكُمْ بِالسّكِينَةِ وَالصّمْتِ وَلَا تَنَازَعُوا وَلَا تَفْشَلُوا فَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ . وَقُولُوا : اللّهُمّ نَحْنُ عِبَادُك وَهُمْ عِبَادُك ، نَوَاصِينَا وَنَوَاصِيهمْ بِيَدِك ، وَإِنّمَا تَغْلِبُهُمْ أَنْتَ وَاعْلَمُوا أَنّ الْجَنّةَ تَحْتَ الْبَارِقَةِ
  • قَالَ حَدّثَنِي يَحْيَى بْنُ هِشَامِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَسْلَمِيّ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَا أُسَامَةُ شِنّ الْغَارَةَ عَلَى أَهْلِ أُبْنَى
  • قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَزْهَرَ بْنِ عَوْفٍ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَهُ أَنّ يُغِيرَ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا وَأَنْ يُحَرّقَ
  • قَالُوا : ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأُسَامَةَ امْضِ عَلَى اسْمِ اللّهِ فَخَرَجَ بِلِوَائِهِ مَعْقُودًا فَدَفَعَهُ إلَى بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيْبِ الْأَسْلَمِيّ ، فَخَرَجَ بِهِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ وَأَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أُسَامَةَ فَعَسْكَرَ بِالْجُرْفِ وَضَرَبَ عَسْكَرَهُ فِي سِقَايَةِ سُلَيْمَانَ الْيَوْمَ . وَجَعَلَ النّاسُ يَجِدّونَ بِالْخُرُوجِ إلَى الْعَسْكَرِ فَيَخْرُجُ مِنْ فَرْغٍ مِنْ حَاجَتِهِ إلَى مُعَسْكَرِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْضِ حَاجَتَهُ فَهُوَ عَلَى فَرَاغٍ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوّلِينَ إلّا اُنْتُدِبَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقّاصٍ ، وَأَبُو الْأَعْوَرِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ ; وَفِي رِجَالٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عِدّةٍ قَتَادَةُ بْنُ النّعْمَانِ ، وَسَلَمَةُ بْنُ أَسْلَمَ بْنِ حَرِيشٍ . فَقَالَ رِجَالٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ أَشَدّهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلًا عَيّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ : يُسْتَعْمَلُ هَذَا الْغُلَامُ عَلَى الْمُهَاجِرِينَ الْأَوّلِينَ ؟ فَكَثُرَتْ الْقَالَةُ فِي ذَلِكَ فَسَمِعَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْقَوْلِ فَرَدّهُ عَلَى مَنْ [ ص 1119 ] تَكَلّمَ بِهِ وَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِ مَنْ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ غَضَبًا شَدِيدًا ، فَخَرَجَ وَقَدْ عَصَبَ عَلَى رَأْسِهِ عِصَابَةً وَعَلَيْهِ قَطِيفَةٌ ثُمّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمّ قَالَ أَمّا بَعْدُ يَا أَيّهَا النّاسُ فَمَا مَقَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْ بَعْضِكُمْ فِي تَأْمِيرِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ؟ وَاَللّهِ لَئِنْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِي أُسَامَةَ لَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إمَارَتِي أَبَاهُ مِنْ قَبْلِهِ وَاَيْمُ اللّهِ إنْ كَانَ لِلْإِمَارَةِ لَخَلِيقًا وَإِنّ ابْنَهُ مِنْ بَعْدِهِ لَخَلِيقٌ لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ وَإِنّ هَذَا لَمِنْ أَحَبّ النّاسِ إلَيّ وَإِنّهُمَا لَمُخِيلَانِ لِكُلّ خَيْرٍ فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا فَإِنّهُ مِنْ خِيَارِكُمْ ثُمّ نَزَلَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَدَخَلَ بَيْتَهُ وَذَلِكَ يَوْمَ السّبْتِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ . وَجَاءَ الْمُسْلِمُونَ الّذِينَ يَخْرُجُونَ مَعَ أُسَامَةَ يُوَدّعُونَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ وَدَخَلَتْ أُمّ أَيْمَنَ فَقَالَتْ أَيْ رَسُولُ اللّه ، لَوْ تَرَكْت أُسَامَةَ يُقِيمُ فِي مُعَسْكَرِهِ حَتّى تَتَمَاثَلَ فَإِنّ أُسَامَةَ إنْ خَرَجَ عَلَى حَالَتِهِ هَذِهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْفِذُوا بَعْثَ أُسَامَةَ فَمَضَى النّاسُ إلَى الْمُعَسْكَرِ فَبَاتُوا لَيْلَةَ الْأَحَدِ وَنَزَلَ أُسَامَةُ يَوْمَ الْأَحَدِ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَقِيلٌ مَغْمُورٌ وَهُوَ الْيَوْمُ الّذِي لَدّوهُ فِيهِ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَعَيْنَاهُ تَهْمِلَانِ وَعِنْدَهُ الْعَبّاسُ وَالنّسَاءُ حَوْلَهُ فَطَأْطَأَ عَلَيْهِ أُسَامَةُ فَقَبّلَهُ وَرَسُولُ [ ص 1120 ] اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يَتَكَلّمُ فَجَعَلَ يَرْفَعُ يَدَهُ إلَى السّمَاءِ ثُمّ يَصُبّهَا عَلَى أُسَامَةَ . قَالَ فَأَعْرِفُ أَنّهُ كَانَ يَدْعُو لِي . قَالَ أُسَامَةُ فَرَجَعْت إلَى مُعَسْكَرِي . فَلَمّا أَصْبَحَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ غَدَا مِنْ مُعَسْكَرِهِ وَأَصْبَحَ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُفِيقًا ، فَجَاءَهُ أُسَامَةُ فَقَالَ اُغْدُ عَلَى بَرَكَةِ اللّهِ فَوَدّعَهُ أُسَامَةُ وَرَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُفِيقٌ مُرِيحٌ وَجَعَلَ نِسَاءَهُ يَتَمَاشَطْنَ سُرُورًا بِرَاحَتِهِ . فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَصْبَحْت مُفِيقًا بِحَمْدِ اللّهِ وَالْيَوْمُ يَوْمُ ابْنَةِ خَارِجَةَ فَائْذَنْ لِي فَأَذِنَ لَهُ فَذَهَبَ إلَى السّنْحِ ، وَرَكِبَ أُسَامَةُ إلَى مُعَسْكَرِهِ وَصَاحَ فِي النّاسِ أَصْحَابِهِ بِاللّحُوقِ بِالْعَسْكَرِ فَانْتَهَى إلَى مُعَسْكَرِهِ وَنَزَلَ وَأَمَرَ النّاسَ بِالرّحِيلِ وَقَدْ مَتَعَ النّهَارُ . فَبَيْنَا أُسَامَةُ يُرِيدُ أَنْ يَرْكَبَ مِنْ الْجُرْفِ أَتَاهُ رَسُولُ أُمّ أَيْمَنَ - وَهِيَ أُمّهُ - تُخْبِرُهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَمُوتُ فَأَقْبَلَ أُسَامَةُ إلَى الْمَدِينَةِ مَعَهُ عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرّاحِ ، فَانْتَهَوْا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَهُوَ يَمُوتُ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ . وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الّذِينَ عَسْكَرُوا بِالْجُرْفِ الْمَدِينَةَ ، وَدَخَلَ بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ بِلِوَاءِ أُسَامَةَ مَعْقُودًا حَتّى أَتَى بِهِ بَابَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَغَرَزَهُ عِنْدَهُ فَلَمّا بُويِعَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَمَرَ بُرَيْدَةُ أَنْ يَذْهَبَ بِاللّوَاءِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ وَأَلّا يَحِلّهُ أَبَدًا حَتّى يَغْزُوَهُمْ أُسَامَةُ . قَالَ بُرَيْدَةُ : فَخَرَجْت بِاللّوَاءِ حَتّى انْتَهَيْت بِهِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ ثُمّ خَرَجْت بِهِ إلَى الشّامِ مَعْقُودًا مَعَ أُسَامَةَ ثُمّ رَجَعْت بِهِ إلَى بَيْتِ أُسَامَةَ فَمَا زَالَ فِي بَيْتِ أُسَامَةَ [ ص 1121 ] حَتّى تُوُفّيَ أُسَامَةُ . فَلَمّا بَلَغَ الْعَرَبَ وَفَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَارْتَدّ مَنْ ارْتَدّ عَنْ الْإِسْلَامِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ لِأُسَامَةَ رَحْمَةُ اللّهِ عَلَيْهِ اُنْفُذْ فِي وَجْهِك الّذِي وَجّهَك فِيهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَخَذَ النّاسُ بِالْخُرُوجِ وَعَسْكَرُوا فِي مَوْضِعِهِمْ الْأَوّلِ وَخَرَجَ بُرَيْدَةُ بِاللّوَاءِ حَتّى انْتَهَى إلَى مُعَسْكَرِهِمْ الْأَوّلِ فَشَقّ عَلَى كِبَارِ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوّلِينَ وَدَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرّاحِ وَسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ ، فَقَالُوا : يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللّهِ إنّ الْعَرَبَ قَدْ انْتَقَضَتْ عَلَيْك مِنْ كُلّ جَانِبٍ وَإِنّك لَا تَصْنَعُ بِتَفْرِيقِ هَذَا الْجَيْشِ الْمُنْتَشِرِ شَيْئًا ، اجْعَلْهُمْ عِدّةً لِأَهْلِ الرّدّةِ تَرْمِي بِهِمْ فِي نُحُورِهِمْ وَأُخْرَى ، لَا نَأْمَنُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ يُغَارَ عَلَيْهَا وَفِيهَا الذّرَارِيّ وَالنّسَاءُ فَلَوْ اسْتَأْنَيْت لِغَزْوِ الرّومِ حَتّى يَضْرِبَ الْإِسْلَامُ بِجِرَانِهِ وَتَعُودَ الرّدّةُ إلَى مَا خَرَجُوا مِنْهُ أَوْ يُفْنِيَهُمْ السّيْفُ ثُمّ تَبْعَثُ أُسَامَةَ حِينَئِذٍ فَنَحْنُ نَأْمَنُ الرّومَ أَنْ تَزْحَفَ إلَيْنَا فَلَمّا اسْتَوْعَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مِنْهُمْ كَلَامَهُمْ قَالَ هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا ؟ قَالُوا : لَا ، قَدْ سَمِعْت مَقَالَتَنَا . فَقَالَ وَاَلّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ ظَنَنْت أَنّ السّبَاعَ تَأْكُلُنِي بِالْمَدِينَةِ لَأَنْفَذْت هَذَا الْبَعْثَ وَلَا بَدَأْت بِأَوّلَ مِنْهُ وَرَسُولُ اللّهِ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنْ السّمَاءِ يَقُولُ أَنْفِذُوا جَيْشَ أُسَامَةَ وَلَكِنْ خَصْلَةً أُكَلّمُ أُسَامَةَ فِي عُمَرَ يَخْلُفُهُ يُقِيمُ عِنْدَنَا ، فَإِنّهُ لَا غَنَاءَ بِنَا عَنْهُ . وَاَللّهِ مَا أَدْرِي يَفْعَلُ أُسَامَةُ أَمْ لَا ، وَاَللّهِ إنْ رَأَى لَا أُكْرِهُهُ فَعَرَفَ الْقَوْمُ أَنّ أَبَا بَكْرٍ قَدْ عَزَمَ عَلَى إنْفَاذِ بَعْثِ أُسَامَةَ وَمَشَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى أُسَامَةَ فِي بَيْتِهِ وَكَلّمَهُ أَنْ يَتْرُكَ عُمَرَ فَفَعَلَ [ ص 1122 ] أُسَامَةُ وَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ أَذِنْت وَنَفْسَك طَيّبَةٌ ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ نَعَمْ وَخَرَجَ وَأَمَرَ مُنَادِيَهُ يُنَادِي : عَزْمَةٌ مِنّي أَلّا يَتَخَلّفَ عَنْ أُسَامَةَ مِنْ بَعْثِهِ مَنْ كَانَ اُنْتُدِبَ مَعَهُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي لَنْ أُوتَى بِأَحَدٍ أَبْطَأَ عَنْ الْخُرُوجِ مَعَهُ إلّا أَلْحَقْته بِهِ مَاشِيًا وَأَرْسَلَ إلَى النّفَرِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الّذِينَ كَانُوا تَكَلّمُوا فِي إمَارَةِ أُسَامَةَ فَغَلّظَ عَلَيْهِمْ وَأَخَذَهُمْ بِالْخُرُوجِ فَلَمْ يَتَخَلّفْ عَنْ الْبَعْثِ إنْسَانٌ وَاحِدٌ .
  • وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يُشَيّعُ أُسَامَةَ وَالْمُسْلِمِينَ فَلَمّا رَكِبَ أُسَامَةُ مِنْ الْجُرْفِ فِي أَصْحَابِهِ - وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ وَفِيهِمْ أَلْفُ فَرَسٍ - فَسَارَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ إلَى جَنْبِ أُسَامَةَ سَاعَةً ثُمّ قَالَ أَسْتَوْدِعُ اللّهَ دِينَك وَأَمَانَتَك وَخَوَاتِيمَ عَمَلِك ; إنّي سَمِعْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوصِيك ، فَانْفُذْ لِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَإِنّي لَسْت آمُرُك وَلَا أَنْهَاك عَنْهُ وَإِنّمَا أَنَا مُنْفِذٌ لِأَمْرٍ أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَخَرَجَ سَرِيعًا فَوَطِئَ بِلَادًا هَادِئَةً لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ الْإِسْلَامِ - جُهَيْنَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ قُضَاعَةَ - فَلَمّا نَزَلَ وَادِي الْقُرَى قَدِمَ عَيْنًا لَهُ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ يُقَالُ لَهُ حُرَيْثٌ ، فَخَرَجَ عَلَى صَدْرِ رَاحِلَتِهِ أَمَامَهُ مُغِذّا حَتّى انْتَهَى إلَى أُبْنَى ; فَنَطَرَ إلَى مَا هُنَاكَ وَارْتَادَ الطّرِيقَ ثُمّ رَجَعَ سَرِيعًا حَتّى لَقِيَ أُسَامَةَ عَلَى مَسِيرَةِ لَيْلَتَيْنِ مِنْ أُبْنَى ، فَأَخْبَرَهُ أَنّ النّاسَ غَارُونِ وَلَا جُمُوعَ لَهُمْ وَأَمَرَهُ أَنْ يُسْرِعَ السّيْرَ قَبْلَ أَنْ تَجْتَمِعَ الْجُمُوعُ وَأَنْ يُشِنّهَا غَارَةً.(1/1117)
  • قَالَ فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ الْمُنْذِرِ بْنِ جَهْمٍ قَالَ قَالَ بُرَيْدَةُ لِأُسَامَةَ يَا أَبَا مُحَمّدٍ إنّي شَهِدْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوصِي [ ص 1123 ] أَبَاك أَنْ يَدْعُوَهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ أَطَاعُوهُ خَيّرَهُمْ وَإِنْ أَحَبّوا أَنْ يُقِيمُوا فِي دَارِهِمْ وَيَكُونُوا كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ وَلَا الْغَنِيمَةِ إلّا أَنْ يُجَاهِدُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ تَحَوّلُوا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ كَانَ لَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاجِرِينَ . قَالَ أُسَامَةُ هَكَذَا وَصِيّةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَبِي ، وَلَكِنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَنِي ، وَهُوَ آخِرُ عَهْدِهِ إلَيّ أَنْ أُسْرِعَ السّيْرَ وَأَسْبِقَ الْأَخْبَارَ وَأَنْ أَشُنّ الْغَارَةَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ دُعَاءٍ فَأُحَرّقَ وَأُخَرّبَ . فَقَالَ بُرَيْدَةُ : سَمْعًا وَطَاعَةً لِأَمْرِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
  • فَلَمّا انْتَهَى إلَى أُبْنَى فَنَظَرَ إلَيْهَا مَنْظَرَ الْعَيْنِ عَبّأَ أَصْحَابَهُ وَقَالَ اجْعَلُوهَا غَارَةً وَلَا تَمْنَعُوا فِي الطّلَبِ وَلَا تَفْتَرِقُوا ، وَاجْتَمِعُوا وَأَخْفُوا الصّوْتَ وَاذْكُرُوا اللّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ وَجَرّدُوا سُيُوفَكُمْ وَضَعُوهَا فِيمَنْ أَشْرَفَ لَكُمْ . ثُمّ دَفَعَ عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ فَمَا نَبَحَ كَلْبٌ وَلَا تَحَرّكَ أَحَدٌ ، وَمَا شَعَرُوا إلّا بِالْقَوْمِ قَدْ شَنّوا عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ يُنَادُونَ بِشِعَارِهِمْ يَا مَنْصُورُ أَمِتْ فَقَتَلَ مَنْ أَشْرَفَ لَهُ وَسَبَى مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَحَرّقَ فِي طَوَائِفِهِمْ بِالنّارِ وَحَرّقَ مَنَازِلَهُمْ وَحَرْثَهُمْ وَنَخْلَهُمْ فَصَارَتْ أَعَاصِيرُ مِنْ الدّخَاخِينِ . وَأَجَالَ الْخَيْلَ فِي عَرَصَاتِهِمْ وَلَمْ يُمْعِنُوا فِي الطّلَبِ أَصَابُوا مَا قَرُبَ مِنْهُمْ وَأَقَامُوا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ فِي تَعْبِئَةِ مَا أَصَابُوا مِنْ الْغَنَائِمِ . وَكَانَ أُسَامَةُ خَرَجَ عَلَى فَرَسِ أَبِيهِ الّتِي قُتِلَ عَلَيْهَا أَبُوهُ يَوْمَ مُؤْتَةَ كَانَتْ تُدْعَى سَبْحَةَ وَقَتَلَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الْغَارَةِ خَبّرَهُ بِهِ بَعْضُ [ ص 1124 [ مَنْ سَبَى ; وَأَسْهَمَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِصَاحِبِهِ سَهْمًا ، وَأَخَذَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ ذَلِكَ . فَلَمّا أَمْسَوْا أَمَرَ النّاسَ بِالرّحِيلِ وَمَضَى الدّلِيلُ أَمَامَهُ حُرَيْثٌ الْعُذْرِيّ ، فَأَخَذُوا الطّرِيقَ الّتِي جَاءُوا مِنْهَا ، وَدَانُوا لَيْلَتَهُمْ حَتّى انْتَهَوْا بِأَرْضٍ بَعِيدَةٍ ثُمّ طَوَى الْبِلَادَ حَتّى انْتَهَى إلَى وَادِي الْقُرَى فِي تِسْعِ لَيَالٍ ثُمّ قَصَدَ بَعْدُ فِي السّيْرِ فَسَارَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَمَا أُصِيبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ . فَبَلَغَ ذَلِكَ هِرَقْلَ وَهُوَ بِحِمْصَ فَدَعَا بَطَارِقَتَهُ فَقَالَ هَذَا الّذِي حَذّرْتُكُمْ فَأَبَيْتُمْ أَنْ تَقْبَلُوهُ مِنّي . قَدْ صَارَتْ الْعَرَبُ تَأْتِي مَسِيرَةَ شَهْرٍ تُغِيرُ عَلَيْكُمْ ثُمّ تَخْرُجُ مِنْ سَاعَتِهَا وَلَمْ تُكْلَمْ . قَالَ أَخُوهُ سَأَقُومُ فَأَبْعَثُ رَابِطَةً تَكُونُ بِالْبَلْقَاءِ فَبَعَثَ رَابِطَةً وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا حَتّى قَدِمَتْ الْبُعُوثُ إلَى الشّامِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا .
  • قَالُوا : وَاعْتَرَضَ لِأُسَامَةَ فِي مُنْصَرَفِهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ كَثْكَثٍ - قَرْيَةٌ هُنَاكَ - قَدْ كَانُوا اعْتَرَضُوا لِأَبِيهِ فِي بَدْأَتِهِ فَأَصَابُوا مِنْ أَطْرَافِهِ فَنَاهَضَهُمْ أُسَامَةُ بِمَنْ مَعَهُ وَظَفِرَ بِهِمْ وَحَرّقَ عَلَيْهِمْ وَسَاقَ نَعَمًا مِنْ نَعَمِهِمْ وَأَسَرّ مِنْهُمْ أَسِيرَيْنِ فَأَوْثَقَهُمَا ، وَهَرَبَ مَنْ بَقِيَ فَقَدِمَ بِهِمَا الْمَدِينَةَ فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا .
  • قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ يَحْيَى بْنِ النّضْرِ عَنْ أَبِيهِ أَنّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ بَعَثَ بَشِيرَهُ مِنْ وَادِي الْقُرَى بِسَلَامَةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنّهُمْ قَدْ أَغَارُوا عَلَى الْعَدُوّ فَأَصَابُوهُمْ فَلَمّا سَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِقُدُومِهِمْ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَتّى الْعَوَاتِقَ سُرُورًا بِسَلَامَةِ أُسَامَةَ [ ص 1125 ] وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلَ يَوْمَئِذٍ عَلَى فَرَسِهِ سَبْحَةَ كَأَنّمَا خَرَجَتْ مِنْ ذِي خُشُبٍ عَلَيْهِ الدّرْعُ . وَاللّوَاءُ أَمَامَهُ يَحْمِلُهُ بُرَيْدَةُ ، حَتّى انْتَهَى بِهِ إلَى الْمَسْجِدِ فَدَخَلَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرَفَ إلَى بَيْتِهِ مَعَهُ اللّوَاءُ . وَكَانَ مَخْرَجُهُ مِنْ الْجُرْفِ لِهِلَالِ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ سَنَةَ إحْدَى عَشْرَةَ فَغَابَ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ يَوْمًا ، عِشْرُونَ فِي بَدْأَتِهِ وَخَمْسَةَ عَشَرَ فِي رَجْعَتِهِ .
  • قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَهْلِهِ قَالَ تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأُسَامَةُ ابْنُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زَوّجَهُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَ سَنَةً امْرَأَةً مِنْ طَيّئٍ فَفَارَقَهَا وَزَوّجَهُ أُخْرَى . وَوُلِدَ لَهُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَوْلَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى بِنَائِهِ بِأَهْلِهِ
  • قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو الْحُرّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ الْحُرّ الْوَاقِفِيّ ، مِنْ وَلَدِ السّائِبِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حُصَيْفَةَ أَنّ ابْنًا لِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ رَحِمَهُ اللّهُ دَخَلَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي بَيْتِ أُمّ سَلَمَةَ وَهُوَ أَسْوَدُ فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ لَوْ كَانَ هَذَا جَارِيَةً مَا نَفَقَتْ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَلَى ، إنْ شَاءَ اللّهُ يُجْعَلْ لَهَا مَسَكَانَ مِنْ وَرِقٍ وَقُرْطَانِ وَيُجْعَلْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ حُلُوقٌ فَكَأَنّهُ ذَهَبٌ
  • قَالَ حَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ حَوْطٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، قَالَ [ ص 1126 ] كَانَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَدْ أَصَابَهُ الْجُدَرِيّ أَوّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَهُوَ غُلَامٌ مُخَاطُهُ يَسِيلُ عَلَى فِيهِ فَتَقْذَرُ بِهِ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَطَفِقَ يَغْسِلُ وَجْهَهُ وَيُقَبّلُهُ . قَالَتْ عَائِشَةُ أَمَا وَاَللّهِ بَعْدَ هَذَا فَلَا أُقْصِيهِ أَبَدًا
  • عَنْ مُحَمّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ الْمَازِنِيّ عَنْ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ سَقَطَ أُسَامَةُ فَأَصَابَ وَجْهَهُ شَجّةٌ فَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَمُصّ الدّمَ وَيَبْصُقُهُ
  • عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ وَهِيَ تَمْسَحُ عَنْ وَجْهِ أُسَامَةَ شَيْئًا ، فَكَأَنّهَا تَأَذّتْ بِهِ فَاجْتَذَبَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَانْتَهَرَهَا ، فَقَالَتْ لَا أَتَأَذّى بِهِ أَبَدًا
  • قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، أَنّ مُجَزّزًا الْمُدْلِجِيّ نَظَرَ إلَى زَيْدٍ وَأُسَامَةَ وَعَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ وَهُمَا مُضْطَجِعَانِ قَدْ خَمّرَا رُءُوسَهُمَا وَأَرْجُلَهُمَا فَقَالَ إنّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ . فَسُرّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِشَبَهِ أُسَامَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ .
  • عَنْ مُحَمّدٍ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ مَا رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عُرْيَانًا قَطّ إلّا مَرّةً وَاحِدَةً جَاءَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مِنْ غَزْوَةٍ يَسْتَفْتِحُ فَسَمِعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَوْتَهُ فَقَامَ عُرْيَانًا يَجُرّ ثَوْبَهُ فَقَبّلَهُ(1/1123)
  • قَالَ حَدّثَنِي مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي الْحُوَيْرِثِ وَمَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ [ ص 1127 ] عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، قَالَا : إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَأُمّ كُلْثُومٍ بِنْتِ عُقْبَةَ تَزَوّجِي زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَإِنّهُ خَيْرٌ لَك . فَكَرِهَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلَالًا مُبِينًا صَدَقَ اللّهُ الْعَظِيمُ .
  • تَمّ كِتَابُ الْمَغَازِي بِحَمْدِ اللّهِ وَمَنّهِ(1/1127)  الصفحة التالية
  • الكتاب : مغازي الواقدي
  • المؤلف : أبو عبد الله محمد بن عمر بن واقد الواقدي (المتوفى : 207هـ)
  • مصدر الكتاب : موقع الإسلام
  • http://www.al-islam.com
  • [ الكتاب مشكول وترقيمه موافق للمطبوع ] =====

21.المغازي للواقدي

21.كتاب المغازي للواقدي
حُجّةُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ سَنَةَ تِسْعٍ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرٌ وَمُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَابْنُ أَبِي حَبِيبَةَ وَابْنُ أَبِي [ ص 1077 ] سَبْرَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ . وَحَارِثَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ وَكُلّ وَاحِدٍ قَدْ حَدّثَنِي بِطَائِفَةٍ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرُهُمْ قَالُوا : كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ « بَرَاءَةٌ » قَدْ عَاهَدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نَاسًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ عَهْدًا ; فَاسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجّ فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ الْمَدِينَةِ ، وَبَعَثَ مَعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِعِشْرِينَ بَدَنَةً قَلّدَهَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّعَالَ وَأَشْعَرَهَا بِيَدِهِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا نَاجِيَةَ بْنَ جُنْدُبٍ الْأَسْلَمِيّ وَسَاقَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ خَمْسَ بَدَنَاتٍ . وَحَجّ عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَأَهْدَى بُدْنًا ، وَقَوْمٌ أَهْلُ قُوّةٍ وَأَهْلُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَسَارَ حَتّى إذَا كَانَ بِالْعَرْجِ فِي السّحَرِ سَمِعَ رُغَاءَ نَاقَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْقَصْوَاءِ فَقَالَ هَذِهِ الْقَصْوَاءُ فَنَظَرَ فَإِذَا عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَيْهَا ، فَقَالَ اسْتَعْمَلَك رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْحَجّ ؟ قَالَ لَا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي أَقْرَأُ « بَرَاءَةٌ » عَلَى النّاسِ وَأَنْبِذُ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ . وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَهِدَ إلَى أَبِي بَكْرٍ أَنْ يُخَالِفَ الْمُشْرِكِينَ فَيَقِفُ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ وَلَا يَقِفُ بِجَمْعٍ وَلَا يَدْفَعُ مِنْ عَرَفَةَ حَتّى تَغْرُبَ الشّمْسَ وَيَدْفَعَ مِنْ جَمْعٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشّمْسِ . فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ حَتّى قَدِمَ مَكّةَ وَهُوَ مُفْرِدٌ بِالْحَجّ فَخَطَبَ النّاسَ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ فَلَمّا كَانَ يَوْمُ التّرْوِيَةِ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا ، ثُمّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ، وَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ بِمِنًى . ثُمّ لَمْ يَرْكَبْ حَتّى طَلَعَتْ الشّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ ، فَانْتَهَى إلَى نَمِرَةَ ، فَنَزَلَ فِي قُبّةٍ مِنْ شَعْرٍ فَقَالَ فِيهَا ، فَلَمّا زَاغَتْ الشّمْسُ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَخَطَبَ بِبَطْنِ عُرَنَةَ ، ثُمّ أَنَاخَ فَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ [ ص 1078 ] ثُمّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَوَقَفَ بِالْهِضَابِ - الْهِضَابُ عَرَفَةُ ، وَالْمُصَلّى مِنْ عَرَفَةَ - فَلَمّا أَفْطَرَ الصّائِمُ دَفَعَ فَكَانَ يَسِيرُ الْعُنُقَ حَتّى انْتَهَى إلَى جَمْعٍ ، فَنَزَلَ قَرِيبًا مِنْ النّارِ الّتِي عَلَى قُزَحَ . فَلَمّا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلّى الْفَجْرَ ثُمّ وَقَفَ فَلَمّا أَسْفَرَ دَفَعَ وَجَعَلَ يَقُولُ فِي وُقُوفِهِ يَا أَيّهَا النّاسُ أَسْفِرُوا يَا أَيّهَا النّاسُ أَسْفِرُوا ثُمّ دَفَعَ قَبْلَ الشّمْسِ فَكَانَ يَسِيرُ الْعُنُقَ حَتّى انْتَهَى إلَى مُحَسّرٍ فَأَوْضَعَ رَاحِلَتَهُ فَلَمّا جَازَ وَادِيَ مُحَسّرٍ عَادَ إلَى مَسِيرِهِ الْأَوّلِ حَتّى رَمَى الْجَمْرَةَ رَاكِبًا ; سَبْعَ حَصَيَاتٍ ثُمّ رَجَعَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثُمّ حَلَقَ . وَقَرَأَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانَ اللّهِ عَلَيْهِ يَوْمَ النّحْرِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ « بَرَاءَةٌ » ، وَنَبَذَ إلَى كُلّ ذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ . قَالَ إنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ لَا يَحُجّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ . وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ حَضَرْت ذَلِكَ الْيَوْمَ - فَكَانَ يَقُولُ هُوَ يَوْمُ الْحَجّ الْأَكْبَرِ - فَخَطَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَوْمَ النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ . فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ خَطَبَ فِي حَجّتِهِ ثَلَاثَةَ أَيّامٍ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهَا ; قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بِمَكّةَ بَعْدَ الظّهْرِ وَبِعَرَفَةَ قَبْلَ الظّهْرِ وَبِمِنًى يَوْمَ النّحْرِ بَعْدَ الظّهْرِ . وَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَرْمِي الْجِمَارَ مَاشِيًا ، ذَاهِبًا وَجَائِيًا ، فَلَمّا كَانَ يَوْمُ الصّدْرِ - قَالُوا : رَمَى مَاشِيًا - فَلَمّا جَاوَزَ الْعَقَبَةَ رَكِبَ . وَيُقَالُ رَمَى يَوْمَئِذٍ رَاكِبًا ، فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْأَبْطَحِ صَلّى بِهِ الظّهْرَ وَدَخَلَ مَكّةَ فَصَلّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ ثُمّ خَرَجَ مِنْ لَيْلَتِهِ قَافِلًا إلَى الْمَدِينَةِ(1/1077)
==========
سَرِيّةُ عَلِيّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ إلَى الْيَمَنِ [ ص 1079 ] قَالُوا : بَعَثَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلِيّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ عَشْرٍ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُعَسْكِرَ بِقُبَاءَ فَعَسْكَرَ بِهَا حَتّى تَتَامّ أَصْحَابُهُ فَعَقَدَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَئِذٍ لِوَاءً أَخَذَ عِمَامَةً فَلَفّهَا مَثْنِيّةً مُرَبّعَةً فَجَعَلَهَا فِي رَأْسِ الرّمْحِ ثُمّ دَفَعَهَا إلَيْهِ وَقَالَ هَكَذَا اللّوَاءُ وَعَمّمَهُ عِمَامَةً ثَلَاثَةَ أَكْوَارٍ وَجَعَلَ ذِرَاعًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَشِبْرًا مِنْ وَرَائِهِ ثُمّ قَالَ هَكَذَا الْعِمّةُ
قَالَ فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ لَمّا وَجّهَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ امْضِ وَلَا تَلْتَفِتْ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ أَصْنَعُ ؟ قَالَ إذَا نَزَلْت بِسَاحَتِهِمْ فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يُقَاتِلُوك ، فَإِنْ قَاتَلُوك فَلَا تُقَاتِلْهُمْ حَتّى يَقْتُلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا ، فَإِنْ قَتَلُوا مِنْكُمْ قَتِيلًا فَلَا تُقَاتِلْهُمْ تَلَوّمْهُمْ تُرِهِمْ أَنَاةً ثُمّ تَقُولُ لَهُمْ هَلْ لَكُمْ إلَى أَنْ تَقُولُوا لَا إلَهَ إلّا اللّهُ ؟ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ فَقُلْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُصَلّوا ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَقُلْ هَلْ لَكُمْ أَنْ تُخْرِجُوا مِنْ أَمْوَالِكُمْ صَدَقَةً تَرُدّونَهَا عَلَى فُقَرَائِكُمْ ؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ فَلَا تَبْغِ مِنْهُمْ غَيْرَ ذَلِكَ . وَاَللّهِ لَأَنْ يَهْدِي اللّهُ عَلَى يَدِك رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَك مِمّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ
قَالَ فَخَرَجَ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ ، فَكَانَتْ خَيْلُهُمْ أَوّلَ خَيْلٍ دَخَلَتْ تِلْكَ الْبِلَادَ فَلَمّا انْتَهَى إلَى أَدْنَى النّاحِيَةِ الّتِي يُرِيدُ - وَهِيَ أَرْضُ مَذْحِجَ - فَرّقَ [ ص 1080 ] أَصْحَابَهُ فَأَتَوْا بِنَهْبٍ وَغَنَائِمَ وَسَبْيٍ وَنِسَاءٍ وَأَطْفَالٍ وَنَعَمٍ وَشَاءٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ . فَجَعَلَ عَلِيّ عَلَى الْغَنَائِمِ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ فَجَمَعَ إلَيْهِ مَا أَصَابُوا قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُمْ جَمْعٌ ، ثُمّ لَقِيَ جَمْعًا فَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَحَرّضَ بِهِمْ فَأَبَوْا وَرَمَوْا فِي أَصْحَابِهِ . وَدَفَعَ لِوَاءَهُ إلَى مَسْعُودِ بْنِ سِنَانٍ السّلَمِيّ فَتَقَدّمَ بِهِ فَبَرَزَ رَجُلٌ مِنْ مَذْحِجَ يَدْعُو إلَى الْبِرَازِ فَبَرَزَ إلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْخُزَاعِيّ السّلَمِيّ فَتَجَاوَلَا سَاعَةً وَهُمَا فَارِسَانِ فَقَتَلَهُ الْأَسْوَدُ وَأَخَذَ سَلَبَهُ . ثُمّ حَمَلَ عَلَيْهِمْ عَلِيّ بِأَصْحَابِهِ فَقَتَلَ مِنْهُمْ عِشْرِينَ رَجُلًا ، فَتَفَرّقُوا وَانْهَزَمُوا وَتَرَكُوا لِوَاءَهُمْ قَائِمًا ، فَكَفّ عَنْ طَلَبِهِمْ وَدَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَسَارَعُوا وَأَجَابُوا ، وَتَقَدّمَ نَفَرٌ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَقَالُوا : نَحْنُ عَلَى مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ قَوْمِنَا ، وَهَذِهِ صَدَقَاتُنَا فَخُذْ مِنْهَا حَقّ اللّهِ
قَالَ فَحَدّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ وَجَمَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا أَصَابَ مِنْ تِلْكَ الْغَنَائِمِ فَجَزّأَهَا خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ عَلَيْهَا ، فَكَتَبَ فِي سَهْمٍ مِنْهَا « لِلّهِ » ، فَخَرَجَ أَوّلُ السّهَامِ سَهْمُ الْخُمْسِ وَلَمْ يُنْفِلْ أَحَدًا مِنْ النّاسِ شَيْئًا . فَكَانَ مَنْ قَبْلَهُ يُعْطُونَ أَصْحَابَهُمْ - الْحَاضِرَ دُونَ غَيْرِهِمْ - مِنْ الْخُمْسِ . ثُمّ يُخْبِرُ بِذَلِكَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَا يَرُدّهُ عَلَيْهِمْ فَطَلَبُوا ذَلِكَ مِنْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَأَبَى وَقَالَ الْخُمْسُ أَحْمِلُهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ وَهَذَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوَافِي الْمَوْسِمَ وَنَلْقَاهُ وَيَصْنَعُ فِيهَا مَا أَرَاهُ اللّهُ . فَانْصَرَفَ رَاجِعًا ، وَحَمَلَ الْخُمْسَ وَسَاقَ مَعَهُ مَا كَانَ سَاقَ فَلَمّا كَانَ بِالْفُتُقِ تَعَجّلَ . وَخَلّفَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالْخُمُسِ أَبَا رَافِعٍ فَكَانَ فِي الْخُمُسِ ثِيَابٌ [ ص 1081 ] مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ ، أَحْمَالٌ مَعْكُومَةٌ وَنَعَمٌ تُسَاقُ مِمّا غَنِمُوا ، وَنَعَمٌ مِنْ صَدَقَةِ أَمْوَالِهِمْ .
قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ - وَكَانَ مَعَهُ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ - قَالَ وَكَانَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَنْهَانَا أَنْ نَرْكَبَ عَلَى إبِلِ الصّدَقَةِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَكْسُوَهُمْ ثِيَابًا فَكَسَاهُمْ ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ . فَلَمّا كَانُوا بِالسّدْرَةِ دَاخِلِينَ مَكّةَ ، خَرَجَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ يَتَلَقّاهُمْ لِيَقْدَمَ بِهِمْ فَيُنْزِلَهُمْ فَرَأَى عَلَى أَصْحَابِنَا ثَوْبَيْنِ ثَوْبَيْنِ عَلَى كُلّ رَجُلٍ فَعَرَفَ الثّيَابَ فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ مَا هَذَا ؟ قَالَ كَلّمُونِي فَفَرِقْت مِنْ شِكَايَتِهِمْ وَظَنَنْت أَنّ هَذَا يَسْهُلُ عَلَيْك ، وَقَدْ كَانَ مَنْ كَانَ قَبْلَك يَفْعَلُ هَذَا بِهِمْ . فَقَالَ رَأَيْت إبَائِي عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ أَعْطَيْتهمْ وَقَدْ أَمَرْتُك أَنْ تَحْتَفِظَ بِمَا خَلّفْت ، فَتُعْطِيَهُمْ قَالَ فَأَبَى عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ حَتّى جَرّدَ بَعْضَهُمْ مِنْ ثَوْبَيْهِ فَلَمّا قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ شَكَوْا ، فَدَعَا عَلِيّا فَقَالَ مَا لِأَصْحَابِك يَشْكُونَك ؟ فَقَالَ مَا أَشْكِيَتُهُمْ ؟ قَسّمْت عَلَيْهِمْ مَا غَنِمُوا ، وَحَبَسْت الْخُمُسَ حَتّى يَقْدَمَ عَلَيْك وَتَرَى رَأْيَك فِيهِ وَقَدْ كَانَتْ الْأُمَرَاءُ يَفْعَلُونَ أُمُورًا ، يُنْفِلُونَ مَنْ أَرَادُوا مِنْ الْخُمُسِ فَرَأَيْت أَنْ أَحْمِلَهُ إلَيْك لِتَرَى فِيهِ رَأْيَك . فَسَكَتَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ فَحَدّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ثَابِتٍ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ لَمّا ظَهَرَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ عَلَى عَدُوّهِ وَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ جَمَعَ مَا غَنِمَ وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِ بُرَيْدَةَ بْنَ الْحُصَيْبِ وَأَقَامَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَكَتَبَ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 1082 ] كِتَابًا مَعَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيّ يُخْبِرُهُ أَنّهُ لَقِيَ جَمْعًا مِنْ زُبَيْدٍ وَغَيْرِهِمْ وَأَنّهُ دَعَاهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ وَأَعْلَمَهُمْ أَنّهُمْ إنْ أَسْلَمُوا كَفّ عَنْهُمْ فَأَبَوْا ذَلِكَ وَقَاتَلَهُمْ . قَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَرَزَقَنِي اللّهُ الظّفَرَ عَلَيْهِمْ حَتّى قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ . ثُمّ أَجَابُوا إلَى مَا كَانَ عُرِضَ عَلَيْهِمْ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَأَطَاعُوا بِالصّدَقَةِ وَأَتَى بِشْرٌ مِنْهُمْ لِلدّينِ وَعَلّمَهُمْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ . فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُوَافِيَهُ فِي الْمَوْسِمِ فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إلَى عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِذَلِكَ .
قَالَ فَحَدّثَنِي سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ التّنُوخِيّ عَنْ يُونُسَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حُلَيْسٍ قَالَ لَمّا قَدِمَ عَلِيّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السّلَامُ الْيَمَنَ خَطَبَ بِهِ وَبَلَغَ كَعْبَ الْأَحْبَارِ قِيَامُهُ بِخُطْبَتِهِ فَأَقْبَلَ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي حُلّةٍ مَعَهُ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ ، حَتّى اسْتَمَعَا لَهُ فَوَاقَفَاهُ وَهُوَ يَقُولُ إنّ مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ . قَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ عَلِيّ : وَفِيهِمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ . فَقَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ وَمَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ . فَقَالَ كَعْبٌ صَدَقَ فَقَالَ الْحَبْرُ وَكَيْفَ تُصَدّقُهُ ؟ قَالَ أَمّا قَوْلُهُ « مِنْ النّاسِ مَنْ يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ » فَهُوَ الْمُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْأَوّلِ وَلَا يُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْآخِرِ . وَأَمّا قَوْلُهُ « مِنْهُمْ مَنْ لَا يُبْصِرُ بِاللّيْلِ وَلَا يُبْصِرُ بِالنّهَارِ » فَهُوَ الّذِي لَا يُؤْمِنُ بِالْكِتَابِ الْأَوّلِ وَلَا الْآخِرِ . وَأَمّا قَوْلُهُ « مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ » فَهُوَ مَا يَقْبَلُ اللّهُ مِنْ الصّدَقَاتِ . قَالَ وَهُوَ مَثَلٌ رَأَيْته بَيّنٌ قَالُوا : وَجَاءَ كَعْبًا سَائِلٌ فَأَعْطَاهُ حُلّتَهُ وَمَضَى الْحَبْرُ مُغْضَبًا ؟ وَمَثَلَتْ بَيْنَ يَدَيْ كَعْبٍ امْرَأَةٌ تَقُولُ مَنْ يُبَادِلُ رَاحِلَةً بِرَاحِلَةٍ ؟ قَالَ كَعْبٌ وَزِيَادَةِ حُلّةٍ ؟ قَالَتْ نَعَمْ فَأَخَذَ كَعْبٌ وَأَعْطَى ، وَرَكِبَ الرّاحِلَةَ وَلَبِسَ الْحُلّةَ ، [ ص 1083 ] وَأَسْرَعَ السّيْرَ حَتّى لَحِقَ الْحَبْرَ وَهُوَ يَقُولُ مَنْ يُعْطِ بِالْيَدِ الْقَصِيرَةِ يُعْطَ بِالْيَدِ الطّوِيلَةِ
قَالَ فَحَدّثَنِي إسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نِسْطَاسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللّهِ الْعَبْسِيّ قَالَ قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : لَمّا قَدِمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ الْيَمَنَ ، لَقِيته فَقُلْت : أَخْبِرْنِي عَنْ صِفَةِ مُحَمّدٍ . فَجَعَلَ يُخْبِرُنِي عَنْهُ وَجَعَلْت أَتَبَسّمُ فَقَالَ مِمّ تَتَبَسّمُ فَقُلْت : مِمّا يُوَافِقُ عِنْدَنَا مِنْ صِفَتِهِ . فَقَالَ مَا يُحِلّ وَمَا يُحَرّمُ فَقُلْت : فَهُوَ عِنْدَنَا كَمَا وَصَفْت وَصَدّقْت بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَآمَنْت بِهِ . وَدَعَوْت مَنْ قِبَلَنَا مِنْ أَحْبَارِنَا ، وَأَخْرَجْت إلَيْهِمْ سَفَرًا فَقُلْت : هَذَا كَانَ أَبِي يَخْتِمُهُ عَلَيّ وَيَقُولُ لَا تَفْتَحْهُ حَتّى تَسْمَعَ بِنَبِيّ يَخْرُجُ بِيَثْرِبَ . قَالَ فَأَقَمْت بِالْيَمَنِ عَلَى إسْلَامِي حَتّى تُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتُوُفّيَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَقَدِمْت فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَيَا لَيْتَ أَنّي كُنْت تَقَدّمْت فِي الْهِجْرَةِ
(1/1079)
====
بَابٌ مَا جَاءَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْ الصّدَقَاتِ [ ص 1084 ] أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي حَيّةَ قَالَ حَدّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللّهِ مُحَمّدُ بْنُ شُجَاعٍ الثّلْجِيّ ، قَالَ حَدّثَنَا الْوَاقِدِيّ قَالَ حَدّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى ثَابِتٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ شِبْلٍ قَالَ قَرَأْت كِتَابًا عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ فِيهِ بِسْمِ اللّهِ الرّحْمَنِ الرّحِيمِ هَذَا مَا أَمَرَ بِهِ مُحَمّدٌ رَسُولُ اللّهِ ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ صَدَقَاتِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ سَوَائِمِ مَوَاشِيهمْ مِنْ كُلّ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا شَاةٌ إلَى الْمِائَتَيْنِ فَإِذَا زَادَتْ فَفِيهَا ثَلَاثٌ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَإِذَا زَادَتْ شَاةً فَفِي كُلّ مِائَةٍ شَاةٍ شَاةٌ . وَفِي صَدَقَةِ الْإِبِلِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلّ خَمْسٍ شَاةٌ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ . فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِنْتُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَثَلَاثِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتّةً وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقّةٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إحْدَى وَسِتّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ إلَى أَنْ تَبْلُغَ سِتّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الصّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا تَيْسٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إلّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدّقُ وَلَا يُفَرّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرّقَيْنِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسّوِيّةِ . فَإِذَا زَادَتْ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلّ خَمْسِينَ حِقّةٌ وَفِي كُلّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ صَدَقَةٌ وَفِي كُلّ ثَلَاثِينَ جَذَعٌ [ ص 1085 ] أَوْ جَذَعَةٌ فِي كُلّ أَرْبَعِينَ مُسِنّةٌ . وَفِيمَا سَقَتْ السّمَاءُ أَوْ سُقِيَ بِالْغَيْلِ الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ بِالْغَرْبِ نِصْفُ الْعُشْرِ وَمَنْ كَانَ عَلَى يَهُودِيّةٍ أَوْ نَصْرَانِيّةٍ لَمْ يُفْتَنْ عَنْهَا ، وَأُخِذَ مِنْهُ دِينَارٌ عَلَى كُلّ حَالِمٍ أَوْ عَدْلُهُ مِنْ الْمَعَافِرِيّ . قَالَ حَدّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُكَيْدِرِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي بَشِيرٍ الْمَازِنِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ قَالَ كُنّا مَعَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ بِالْيَمَنِ فَرَأَيْته يَأْخُذُ الْحَبّ مِنْ الْحَبّ وَالْبَعِيرَ مِنْ الْإِبِلِ وَالشّاءَ مِنْ الْغَنَمِ وَالْبَقَرَةَ مِنْ الْبَقَرِ وَالزّبِيبَ مِنْ الزّبِيبِ وَكَانَ لَا يُكَلّفُ النّاسَ مَشَقّةً وَكَانَ يَأْتِيهِمْ فِي أَفْنِيَتِهِمْ فَيُصَدّقَ مَوَاشِيَهُمْ وَيَأْمُرَ مَنْ يَسْقَبُ بِذَلِكَ وَكَانَ لَا يُفَرّقُ الْمَاشِيَةَ كَانَ يَقْعُدُ فَمَا أُتِيَ بِهِ مِنْ شَاةٍ فِيهَا رَفَاءٌ لَهُ أَخَذَهَا ، وَيَأْمُرُ مَنْ يَسْقَبُ بِذَلِكَ وَيَقْسِمُ عَلَى فُقَرَائِهِمْ - يَسْقَبُ يَسْعَى عَلَيْهِمْ - يَأْخُذُ الصّدَقَةَ مِنْ هَاهُنَا وَمِنْ هَاهُنَا ; يَعْرِفُهُمْ .
قَالَ حَدّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مُحَمّدٍ الْفِهْرِيّ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ مَعَ رُسُلِ حِمْيَرَ ، وَبَعَثَ عَلِيّا عَلَيْهِ السّلَامُ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنْ اجْتَمَعْتُمَا فِي مَكِيدَةٍ فَعَلِيّ عَلَى النّاسِ وَإِنْ افْتَرَقْتُمَا فَكُلّ عَلَى حِدَةٍ قَالَ رَجَاءٌ وَكَانَ قَدْ قَضَى بِهَا قَضِيّةً دِيَةُ النّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ وَأَلْفَيْ شَاةٍ عَلَى أَهْلِ الْغَنَمِ مِائَتَيْ جَذَعَةٍ - أَيْ ثُمّ ضَالَعَ الشّاةَ جَذَعَةً ثُمّ ثَنِيّةً - وَمِائَتَيْ بَقَرَةٍ نِصْفُهَا تَبِيعٌ وَنِصْفُهَا مَسَانّ . وَعَلَى أَهْلِ الْحُلَلِ أَلْفَيْ ثَوْبٍ مَعَافِرِيّةٌ .
[ ص 1086 ] قَالُوا : احْتَفَرَ قَوْمٌ بِالْيَمَنِ بِئْرًا ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ سَقَطَ فِيهَا أَسَدٌ ، فَأَصْبَحَ النّاسُ يَنْظُرُونَ إلَيْهِ فَسَقَطَ إنْسَانٌ فِي الْبِئْرِ فَتَعَلّقَ بِآخَرَ فَتَعَلّقَ الْآخَرُ بِآخَرَ حَتّى كَانُوا فِي الْبِئْرِ أَرْبَعَةً فَحَرِبَ الْأَسَدُ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ فَأَهْوَى لَهُ رَجُلٌ بِرُمْحِهِ فَقَتَلَهُ . فَقَالَ النّاسُ الْأَوّلُ عَلَيْهِ دِيَتُهُمْ فَهُوَ قَتَلَهُمْ . فَأَرَادُوا يُقْبِلُونَ فَمَرّ بِهِمْ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ فَقَالَ أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِقَضَاءٍ فَمَنْ رَضِيَ فَهُوَ إلَى قَضَائِهِ وَمَنْ تَجَاوَزَ إلَى غَيْرِهِ فَلَا حَقّ لَهُ حَتّى يَكُونَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقْضِي فِيكُمْ اجْمَعُوا مَنْ حَضَرَ الْبِئْرَ مِنْ النّاسِ فَجَمَعُوا كُلّ مَنْ حَضَرَ الْبِئْرَ ثُمّ قَالَ رُبُعُ دِيَةٍ وَثُلُثُ دِيَةٍ وَنِصْفُ دِيَةٍ وَدِيَةٌ تَامّةٌ فَالْأَسْفَلُ رُبُعُ دِيَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنّهُ هَلَكَ مِنْ فَوْقِهِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثّانِي ثُلُثُ الدّيَةِ لِأَنّهُ هَلَكَ اثْنَانِ وَلِلثّالِثِ نِصْفُ الدّيَةِ مِنْ أَنّهُ هَلَكَ فَوْقَهُ وَاحِدٌ وَلِلْأَوّلِ الدّيَةُ كَامِلَةٌ . فَإِنْ رَضِيتُمْ فَهُوَ بَيْنَكُمْ قَضَاءٌ وَإِنْ لَمْ تَرْضَوْا فَلَا حَقّ لَكُمْ حَتّى يَأْتِيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَيَقْضِي بَيْنَكُمْ . فَأَتَوْا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ وَهُمْ عَشْرَةُ نَفَرٍ فَجَلَسُوا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَصّوا عَلَيْهِ خَبَرَهُمْ فَقَالَ أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ إنْ شَاءَ اللّهُ فَقَامَ أَحَدُ النّفَرِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ عَلِيّا قَدْ قَضَى بَيْنَنَا . فَقَالَ فِيمَ قَضَى بَيْنَكُمْ ؟ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا قَضَى بِهِ فَقَالَ هُوَ مَا قَضَى بِهِ . فَقَامَ الْقَوْمُ فَقَالُوا : هَذَا قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللّهِ . فَلَزِمَ الْمَقْضِيّ عَلَيْهِمْ وَسَأَلَهُمْ عَنْ الْأُسْدِ أَهِيَ فِي بِلَادِهِمْ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّهَا لَكَثِيرَةٌ تُغِيرُ عَلَى مَاشِيَتِنَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ الْأُسْدِ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللّهِ قَالَ فَإِنّهُ غَدَا عَلَى ابْنٍ لِحَوّاءَ فَأَكَلَهُ فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهِ حَوّاءُ فَقَالَتْ وَيْلَك ، أَكَلْت ابْنِي قَالَ وَمَا يَمْنَعُنِي أَنْ آكُلَ رِزْقًا سَاقَهُ اللّهُ إلَيّ . فَأَقْبَلَ [ ص 1087 ] آدَمُ فَقَالَ وَيْلَك ، تُخَاطِبُهَا وَقَدْ أَكَلْت ابْنَهَا ؟ اخْسَأْ فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ فَلِذَلِكَ لَا يَمْشِي إلّا مُطَأْطِئًا رَأْسَهُ . ثُمّ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إنْ شِئْتُمْ وَظّفْت لَهُ وَظِيفَةً لَا يَعْدُوهَا إلَى غَيْرِهَا ، وَإِنْ شِئْتُمْ تَرَكْته يُجَالِسُكُمْ وَتَحْذَرُونَ مِنْهُ . فَخَلَا بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَقَالُوا : وَظّفْ لَهُ وَظِيفَةً . فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَخْشَى أَلّا يَحْمِلَهَا قَوْمُنَا وَلَا يُطِيعُونَ بِهَا ، فَنَكُونُ قَدْ قُلْنَا لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَوْلًا لَا نَفِي بِهِ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللّهِ دَعْهُ يُجَالِسُنَا وَنَتَحَذّرُ مِنْهُ . فَقَالَ فَذَاكَ فَوَلّى الْقَوْمُ رَاجِعِينَ إلَى قَوْمِهِمْ فَلَمّا قَدِمُوا عَلَى قَوْمِهِمْ أَخْبَرُوهُمْ فَقَالُوا : وَاَللّهِ مَا هُدِيتُمْ لِرُشْدِكُمْ لَوْ قَبِلْتُمْ مَا وَظّفَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمِنْتُمْ مِنْهُ . فَهَيّئُوا رَجُلًا يَبْعَثُونَهُ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي ذَلِكَ فَتُوُفّيَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ أَنْ يَلْقَاهُ الرّسُولُ .
قَالَ وَحَدّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللّهِ وَحَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ مَوْلًى لِآلِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ قَالَ قَدِمَ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ مِنْ الْيَمَنِ ، . فَوَجَدَ فَاطِمَةَ مِمّنْ حَلّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلِيّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ « أَمَرَنِي بِهَذَا أَبِي قَالَ عَلِيّ ، وَهُوَ بِالْعِرَاقِ فَذَهَبْت إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مُحَرّشًا عُلَى فَاطِمَةَ لِلّذِي صَنَعَتْ مُسْتَفْتِيًا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلّذِي ذَكَرَتْ عَنْهُ وَأَخْبَرْته أَنّي أَنْكَرْت ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ » أَبِي أَمَرَنِي بِذَلِكَ « . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَدَقْت مَاذَا قُلْت حِينَ فَرَضْت الْحَجّ ؟ قَالَ قُلْت : اللّهُمّ إنّي أُهِلّ بِمَا أَهَلّ بِهِ رَسُولُك قَالَ [ ص 1088 ] فَإِنّ مَعِي الْهَدْيَ فَلَا تَحِلّ فَكَانَتْ جَمَاعَةُ الْهَدْيِ الّذِي جَاءَ بِهِ عَلِيّ عَلَيْهِ السّلَامُ وَاَلّذِي سَاقَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ مِائَةَ بَدَنَةٍ فَحَلّ النّاسُ وَقَصّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ ثُمّ نَحَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَدْيَهُ وَأَشْرَكَ عَلِيّا عَلَيْهِ السّلَامُ فِي هَدْيِهِ .
(1/1084)
=======
حَجّةُ الْوَدَاعِ قَالَ حَدّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ وَابْنُ أَبِي سَبْرَةَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَمُوسَى بْنُ مُحَمّدٍ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، وَأَبُو حَمْزَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَيْمُونٍ وَحِزَامُ بْنُ هِشَامٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ ، وَعَبْدُ اللّهِ بْنُ عَامِرٍ فَكُلّ قَدْ حَدّثَنِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِطَائِفَةٍ وَبَعْضُهُمْ أَوْعَى لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَغَيْرُ مَنْ سَمّيْت قَدْ حَدّثَنَا أَيْضًا ، قَالُوا : قَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْمَدِينَةَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوّلِ فَأَقَامَ يُضَحّي بِالْمَدِينَةِ كُلّ عَامٍ لَا يَحْلِقُ وَلَا يُقَصّرُ وَيَغْزُو الْمَغَازِيَ وَلَمْ يَحُجّ حَتّى كَانَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ مُهَاجَرِهِ فَأَجْمَعَ الْخُرُوجَ وَآذَنَ النّاسَ بِالْحَجّ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلّهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَأْتَمّ بِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَيَعْمَلَ بِعَمَلِهِ . وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اعْتَمَرَ ثَلَاثَ عُمَرٍ أَوّلُهَا عُمْرَةُ الْحُدَيْبِيَةِ ، نَحَرَ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتّ ثُمّ عُمْرَةُ الْقَضِيّةِ سَنَةَ سَبْعٍ فِي ذِي الْقِعْدَةِ وَأَهْدَى سِتّينَ بَدَنَةً وَنَحَرَ عِنْدَ الْمَرْوَةِ وَحَلَقَ وَاعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ .
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ [ ص 1089 ] عَنْ الْحَارِثِ بْنِ الْفُضَيْلِ قَالَ سَأَلْت سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ : كَمْ حَجّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ لَدُنْ نُبّئَ إلَى أَنْ تُوُفّيَ ؟ قَالَ حَجّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الْمَدِينَةِ قَالَ الْحَارِثُ فَسَأَلْت أَبَا هَاشِمٍ عَبْدَ اللّهِ بْنَ مُحَمّدِ بْنِ الْحَنَفِيّةِ ، قَالَ حَجّ حَجّةً بِمَكّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَبَعْدَ النّبُوّةِ وَحَجّتَهُ مِنْ الْمَدِينَةِ .
وَكَانَ مُجَاهِدٌ يَقُولُ حَجّتَيْنِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ . وَالْأَمْرُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ بَلَدِنَا ، إنّمَا حَجّ حَجّةً وَاحِدَةً مِنْ الْمَدِينَةِ ، وَهِيَ الْحَجّةُ الّتِي يَقُولُ النّاسُ إنّهَا حَجّةُ الْوَدَاعِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي الثّوْرِيّ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ ، قَالَ كُرِهَ أَنْ يُقَالَ حَجّةُ الْوَدَاعِ . فَقِيلَ حَجّةُ الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مُحَمّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْمَدِينَةِ يَوْمَ السّبْتِ لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقِعْدَةِ فَصَلّى الظّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ وَأَحْرَمَ عِنْدَ صَلَاةِ الظّهْرِ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ وَهَذَا الثّبْتُ عِنْدَنَا . قَالَ فَحَدّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ انْتَهَى إلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ عِنْدَ الظّهْرِ فَبَاتَ لِأَنْ يَجْتَمِعَ إلَيْهِ أَصْحَابُهُ وَالْهَدْيُ حَتّى أَحْرَمَ عِنْدَ الظّهْرِ مِنْ الْغَدِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ بَيْتِهِ مُدّهِنًا مُتَرَجّلًا مُتَجَرّدًا حَتّى أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ رَسُولَ [ ص 1090 ] اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحْرَمَ فِي ثَوْبَيْنِ صُحَارِيّيْنِ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَأَبْدَلَهُمَا بِالتّنْعِيمِ بِثَوْبَيْنِ مِنْ جِنْسِهِمَا .
قَالُوا : لَمّا اجْتَمَعَ إلَيْهِ نِسَاؤُهُ - وَكَانَ حَجّ بِهِنّ جَمِيعًا فِي حَجّتِهِ فِي الْهَوَادِجِ - وَانْتَهَى إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اجْتِمَاعُ أَصْحَابِهِ وَالْهَدْيِ دَخَلَ مَسْجِدَ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ أَنْ صَلّى الظّهْرَ وَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ خَرَجَ فَدَعَا بِالْهَدْيِ فَأَشْعَرَهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ وَقَلّدَ نَعْلَيْنِ . ثُمّ رَكِبَ نَاقَتَهُ فَلَمّا اسْتَوَى بِالْبَيْدَاءِ أَحْرَمَ .
فَقَالَ فَحَدّثَنِي خَالِدُ بْنُ إِلْيَاسٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ أُمّ سَلَمَةَ قَالَتْ انْتَهَيْنَا إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ لَيْلًا ، وَمَعَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفّانَ ، فَبِتْنَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَلَمّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَأَيْت الْهَدْيَ يُعْرَضُ عَلَيْهِ فَلَمّا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الظّهْرَ أَشْعَرَ هَدْيَهُ وَقَلّدَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ . وَالْقَوْلُ الْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا أَنّهُ لَمْ يَبِتْ .
قَالَ مُحَمّدُ بْنُ نُعَيْمٍ الْمُجَمّرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْت رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ لَمّا أَرَادَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُشْعِرَ بُدْنَهُ أَتَى بِبَدَنَةٍ فَأَشْعَرَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ وَقَلّدَهَا . وَكَانَ ابْنُ عَبّاسٍ يَقُولُ أَشْعَرَهَا وَوَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَسَاقَ مِائَةَ بَدَنَةٍ . وَيُقَالُ إنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَمَرَ بِأَنْ يُشْعِرَ مَا فَضَلَ مِنْ الْبُدْنِ نَاجِيَةُ بْنُ جُنْدُبٍ فَاسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الْهَدْيِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ وَاقِدٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَرْوَانَ عَنْ أَبِيهِ [ ص 1091 ] عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ كُنْت عَلَى هَدْيِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي حَجّتِهِ وَكَانَ مَعِي فَتَيَانِ مِنْ أَسْلَمَ ، كُنّا نَسُوقُهَا سَوْقًا نَبْتَغِي بِهَا الرّعْيَ وَعَلَيْهَا الْجِلَالُ فَقُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَرَأَيْت مَا عَطِبَ مِنْهَا ، كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِ ؟ قَالَ تَنْحَرُهُ وَتُلْقِي قَلَائِدَهُ فِي دَمِهِ ثُمّ تَضْرِبُ بِهِ صَفْحَتَهُ الْيُمْنَى ، ثُمّ لَا تَأْكُلْ مِنْهَا وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِك .
قَالَ ثُمّ قَدِمْنَا مَكّةَ بَعْدَ يَوْمٍ ثُمّ رُحْنَا يَوْمَ التّرْوِيَةِ إلَى عَرَفَةَ بِالْهَدْيِ ثُمّ انْحَدَرْنَا مِنْ عَرَفَةَ حَتّى انْتَهَيْنَا إلَى جَمْعٍ ، ثُمّ انْتَهَيْنَا مِنْ جَمْعٍ إلَى مَنْزِلِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِمِنًى حَيْثُ ضُرِبَتْ قُبّتُهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ سُقْ الْهَدْيَ إلَى الْمَنْحَرِ فَرَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَنْحَرُ الْهَدْيَ بِيَدَيْهِ وَأَنَا أُقَدّمُهَا إلَيْهِ تَعْتَبُ فِي الْعَقْل
قَالُوا : وَمَرّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرَجُلٍ يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا وَيْلَك قَالَ إنّهَا بَدَنَةٌ قَالَ ارْكَبْهَا وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْمُرُ الْمُشَاةَ أَنْ يَرْكَبُوا عَلَى بُدْنِهِ .
قَالُوا : وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ طَيّبْت لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إحْرَامَهُ بِيَدَيّ . وَكَانَتْ تَقُولُ أَحْرَمْت مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَتَطَيّبْت ، فَلَمّا كُنّا بِالْقَاحَةِ سَالَ مِنْ الصّفْرَةِ عَلَى وَجْهِي فَقَالَ مَا أَحْسَنَ لَوْنَك الْآنَ يَا شُقَيْرَاءُ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي بَيْنَ مَكّةَ وَالْمَدِينَةِ رَكْعَتَيْنِ آمِنًا لَا يَخَافُ إلّا اللّهَ تَعَالَى ، فَلَمّا قَدِمَ [ ص 1092 ] مَكّةَ صَلّى بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ سَلّمَ ثُمّ قَالَ أَتِمّوا صَلَاتَكُمْ يَا أَهْلَ مَكّةَ ، فَإِنّا سَفْرٌ وَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْنَا فِيمَا أَهَلّ بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي طَوَالَةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ ، عَنْ أَبِي طَلْحَةَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَرَنَ مَعَ حَجّتِهِ عُمْرَةً قَالَ وَحَدّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَتْ قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ تَأْمُرُ النّاسَ أَنْ يَحِلّوا وَلَمْ تَحِلّ أَنْتَ مِنْ عُمْرَتِك ؟ قَالَ إنّي لَبّدْت رَأْسِي ، وَقَلّدْت هَدْيِي ، فَلَا أَحِلّ حَتّى أَنْحَرَ هَدْيِي
(1/1089)
حَدّثَنِي مَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقّاصٍ ; وَمَعْمَرٌ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ : قَالَا . أَهَلّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْعُمْرَةِ وَسَاقَ الْهَدْيَ
قَالَ فَحَدّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ أَفْرَدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْحَجّ فَكَانَ هَذَا الْأَمْرُ الّذِي أَخَذَ بِهِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَثَبَتَ عِنْدَهُمْ . قَالَتْ عَائِشَةُ وَأَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الْأَحَدِ بِمَلَلٍ ، ثُمّ رَاحَ فَتَعَشّى بِشَرَفِ السّيّالَةِ ، وَصَلّى بِالشّرَفِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَصَلّى الصّبْحَ بِعِرْقِ الظّبْيَةِ بَيْنَ الرّوْحَاءِ وَالسّيّالَةِ - وَهُوَ دُونَ الرّوْحَاءِ ، فِي الْمَسْجِدِ الّذِي عَنْ يَمِينِ الطّرِيقِ . ثُمّ نَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الرّوْحَاءَ ، فَإِذَا بِحِمَارٍ عَقِيرٍ فَذُكِرَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللّهِ هَذَا حِمَارٌ عَقِيرٌ . قَالَ دَعُوهُ حَتّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ . فَجَاءَ النّهْدِيّ وَهُوَ صَاحِبُهُ فَأَهْدَاهُ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَمَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ وَقَالَ صَيْدُ الْبَرّ لَكُمْ حَلَالٌ إلّا مَا صِدْتُمْ أَوْ صِيدَ لَكُمْ . ثُمّ رَاحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الرّوْحَاءِ فَصَلّى الْعَصْرَ بِالْمُنْصَرَفِ ثُمّ صَلّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَتَعَشّى بِهِ وَصَلّى الصّبْحَ بِالْأَثَايَةِ وَأَصْبَحَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ بِالْعَرْجِ
[ ص 1093 ] قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مَصُونٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ لِرَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْمَدِينَةِ إنّ عِنْدِي بَعِيرًا نَحْمِلُ عَلَيْهِ زَادَنَا . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَذَاكَ إذًا قَالَتْ فَكَانَتْ زَامِلَةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَاحِدَةً فَأَمَرَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِزَادٍ دَقِيقٍ وَسَوِيقٍ فَجَعَلَ عَلَى بَعِيرِ أَبِي بَكْرٍ . وَكَانَ غُلَامُهُ يَرْكَبُ عَلَيْهِ عُقْبَةً فَلَمّا كَانَ بِالْأَثَايَةِ عَرّسَ الْغُلَامُ وَأَنَاخَ بَعِيرَهُ فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فَقَامَ الْبَعِيرُ يَجُرّ خِطَامَهُ آخِذًا فِي الشّعْبِ ، وَقَامَ الْغُلَامُ فَلَزِمَ الطّرِيقَ يَظُنّ أَنّهُ سَلَكَهَا ، وَهُوَ يَنْشُدُهُ فَلَا يَسْمَعُ لَهُ بِذِكْرٍ . وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي أَبْيَاتٍ بِالْعَرْجِ فَجَاءَ الْغُلَامُ مُظْهِرًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَيْنَ بَعِيرُك ؟ قَالَ ضَلّ مِنّي قَالَ وَيْحَك ، لَوْ لَمْ يَكُنْ إلّا أَنَا لَهَانَ الْأَمْرُ عَلَيّ وَلَكِنْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَهْلُهُ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ طَلَعَ بِهِ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطّلِ ، وَكَانَ صَفْوَانُ عَلَى سَاقَةِ النّاسِ وَأَنَاخَهُ عَلَى بَابِ مَنْزِلِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ اُنْظُرْ هَلْ تَفْقِدُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك فَنَظَرَ فَقَالَ مَا نَفْقِدُ شَيْئًا إلّا قَعْبًا كُنّا نَشْرَبُ بِهِ فَقَالَ الْغُلَامُ هَذَا الْقَعْبُ مَعِي . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَدّى اللّهُ عَنْك الْأَمَانَة
[ ص 1094 ] قَالَ حَدّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الزّبَيْرِ ، عَنْ عِيسَى بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ عَبّادِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمّا نَزَلَ الْعَرْجَ جَلَسَ بِفِنَاءِ مَنْزِلِهِ ثُمّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ فَجَلَسَ إلَى جَنْبِهِ فَجَاءَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا فَجَلَسَتْ إلَى جَنْبِهِ الْآخَرِ وَجَاءَتْ أَسْمَاءُ فَجَلَسَتْ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ وَأَقْبَلَ غُلَامُ أَبِي بَكْرٍ مُتَسَرْبِلًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَيْنَ بَعِيرُك ؟ قَالَ أَضَلّنِي . فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَضْرِبُهُ وَيَقُولُ بَعِيرٌ وَاحِدٌ يَضِلّ مِنْك ؟ فَجَعَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَتَبَسّمُ وَيَقُولُ أَلَا تَرَوْنَ إلَى هَذَا الْمُحْرِمِ وَمَا يَصْنَعُ ؟ وَمَا يَنْهَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
(1/1093)
قَالَ فَحَدّثَنِي أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ سَعْدٍ الْأَسْلَمِيّ عَنْ آلِ نَضْلَةَ الْأَسْلَمِيّ أَنّهُمْ خُبّرُوا أَنّ زَامِلَةَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ضَلّتْ فَحَمَلُوا جَفْنَةً مِنْ حَيْسٍ فَأَقْبَلُوا بِهَا حَتّى وَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَجَعَلَ يَقُولُ هَلُمّ يَا أَبَا بَكْرٍ ، فَقَدْ جَاءَك اللّهُ بِغَدَاءٍ طَيّبٍ وَجَعَلَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَغْتَاظُ عَلَى الْغُلَامِ فَقَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ هَوّنْ عَلَيْك ، فَإِنّ الْأَمْرَ لَيْسَ إلَيْك ، وَلَا إلَيْنَا مَعَك قَدْ كَانَ الْغُلَامُ حَرِيصًا أَلّا يَضِلّ بَعِيرُهُ وَهَذَا خَلَفٌ مِمّا كَانَ مَعَهُ . فَأَكَلَ [ ص 1095 ] رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَأَهْلُهُ وَأَبُو بَكْرٍ ، وَكُلّ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى شَبِعُوا .
قَالَ وَجَاءَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ وَابْنُهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ بِزَامِلَةٍ تَحْمِلُ زَادًا ، يَؤُمّانِ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَتّى يَجِدَا رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَاقِفًا عِنْدَ بَابِ مَنْزِلِهِ قَدْ أَتَى اللّهُ بِزَامِلَتِهِ فَقَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللّهِ قَدْ بَلَغَنَا أَنّ زَامِلَتَك أَضَلّتْ مَعَ الْغُلَامِ وَهَذِهِ زَامِلَةٌ مَكَانَهَا . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ جَاءَ اللّهُ بِزَامِلَتِنَا فَارْجِعَا بِزَامِلَتِكُمَا بَارَكَ اللّهُ عَلَيْكُمَا أَمَا يَكْفِيك يا أَبَا ثَابِتٍ مَا تَصْنَعُ بِنَا فِي ضِيَافَتِك مُنْذُ نَزَلْنَا الْمَدِينَةَ ؟ قَالَ سَعْدٌ يَا رَسُولَ اللّهِ الْمِنّةُ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ وَاَللّهِ يَا رَسُولَ اللّهِ لَلّذِي تَأْخُذُ مِنْ أَمْوَالِنَا أَحَبّ إلَيْنَا مِنْ الّذِي تَدَعُ . قَالَ صَدَقْتُمْ يَا أَبَا ثَابِتٍ أَبْشِرْ فَقَدْ أَفْلَحْت إنّ الْأَخْلَاقَ بِيَدِ اللّهِ عَزّ وَجَلّ وَمَنْ أَرَادَ اللّهُ أَنْ يَمْنَحَهُ مِنْهَا خُلُقًا صَالِحًا مَنَحَهُ وَلَقَدْ مَنَحَك اللّهُ خُلُقًا صَالِحًا . فَقَالَ سَعْدٌ الْحَمْدُ لِلّهِ الّذِي هُوَ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ : يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أَهْلَ بَيْتِ سَعْدٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ سَادَتُنَا وَالْمُطْعِمُونَ فِي الْمَحْلِ مِنّا . قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ النّاسُ مَعَادِنُ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إذَا فَقِهُوا ، لَهُمْ مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ .
قَالَ ابْنُ أَبِي الزّنَادِ يَقُولُ لَهُ جَمِيلٌ ذِكْرُهُ قَالَ وَاحْتَجَمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِلَحْيَىْ جَمَلٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ قَالَ حَدّثَنِي بِذَلِكَ مُحَمّدٌ وَعَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزّنَادِ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ [ ص 1096 ] عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ عَنْ الْأَعْرَجِ ، عَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالُوا : وَنَزَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ السّقْيَا يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثُمّ أَصْبَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِالْأَبْوَاءِ فَأَهْدَى لَهُ الصّعْبُ بْنُ جَثّامَةَ عَجُزَ حِمَارٍ يَقْطُرُ دَمًا ، فَرَدّهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ إنّا حُرُمٌ . فَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ بِالْأَبْوَاءِ لِيَاءً مُقَشّي أُهْدِيَ لَهُ مِنْ وَدّانَ ، ثُمّ قَامَ فَصَلّى وَلَمْ يَتَوَضّأْ فَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي يَنْظُرُ وَادِيَ الْأَبْوَاءِ ، عَلَى يَسَارِك وَأَنْتَ مُوَجّهٌ إلَى مَكّةَ . ثُمّ رَاحَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ الْأَبْوَاءِ فَصَلّى بِتَلَعَاتِ الْيَمَنِ ، وَكَانَ هُنَاكَ سَمُرَةٌ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَلَسَ تَحْتَهَا ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَصُبّ الْإِدَاوَةَ تَحْتَهَا إذَا مَرّ بِهَا ، يَسْقِيهَا .
قَالَ حَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُخْبِرُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ جَلَسَ تَحْتَهَا ، وَأَنّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَصُبّ الْإِدَاوَةَ تَحْتَهَا فِي أَصْلِ السّمُرَةِ يُرِيدُ بَقَاءَهَا
(1/1095)
قَالَ فَحَدّثَنِي أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْمَسْجِدِ الّذِي هُنَاكَ حِينَ يَهْبِطُ . مِنْ ثَنِيّةِ أَرَاكٍ عَلَى الْجُحْفَةِ ، وَنَزَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ الْجُحْفَةَ ، ثُمّ رَاحَ مِنْهَا فَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الّذِي يُحْرِمُ مِنْهُ مُشْرِفًا خَارِجًا مِنْ الْجُحْفَةِ ، وَالْمَسْجِدُ الّذِي دُونَ خَمّ عَنْ يَسَارِ الطّرِيقِ فَكَانَ يَوْمَ السّبْتِ بِقُدَيْدٍ فَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الْمُشَلّلِ ، [ ص 1097 ] وَصَلّى فِي الْمَسْجِدِ الّذِي أَسْفَلَ مِنْ لَفَتٍ .
قَالَ حَدّثَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كُرَيْبٍ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ مَرّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَئِذٍ بِامْرَأَةِ فِي مِحَفّتِهَا ، وَمَعَهَا ابْنٌ لَهَا صَغِيرٌ فَأَخَذَتْ بِعَضُدِهِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللّهِ أَلِهَذَا حَجّ ؟ فَقَالَ نَعَمْ وَلَك أَجْرٌ وَكَانَ يَوْمَ الْأَحَدِ بِعْسْفَانَ ، ثُمّ رَاحَ . فَلَمّا كَانَ بِالْغَمِيمِ اعْتَرَضَ الْمُشَاةَ فَصُفّوا لَهُ صُفُوفًا فَشَكَوْا إلَيْهِ الْمَشْيَ فَقَالَ اسْتَعِينُوا بِالنّسَلَانِ . فَفَعَلُوهُ فَوَجَدُوا لِذَلِكَ رَاحَةً . وَكَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِمَرّ الظّهْرَانِ ، فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْهَا حَتّى أَمْسَى ، وَغَرَبَتْ لَهُ الشّمْسُ فَلَمْ يُصَلّ الْمَغْرِبَ حَتّى دَخَلَ مَكّةَ . فَلَمّا انْتَهَى إلَى الثّنِيّتَيْنِ بَاتَ بَيْنَهُمَا ، بَيْنَ كُدًى وَكَدَاءٍ ، ثُمّ أَصْبَحَ فَاغْتَسَلَ وَدَخَلَ مَكّةَ نَهَارًا
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ سَعْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ دَخَلَ مَكّةَ نَهَارًا مِنْ كُدًى عَلَى رَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ إلَى الْأَبْطَحِ ، حَتّى دَخَلَ مِنْ أَعْلَى مَكّةَ حَتّى انْتَهَى إلَى الْبَابِ الّذِي يُقَالُ [ لَهُ ] بَابُ بَنِي شَيْبَةَ . فَلَمّا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ فَوَقَعَ زِمَامُ نَاقَتِهِ فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ . قَالُوا : ثُمّ قَالَ حِينَ رَأَى الْبَيْتَ : اللّهُمّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرّا
قَالَ فَحَدّثَنِي مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ عَنْ الزّهْرِيّ ، عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ بَدَأَ بِالطّوَافِ قَبْلَ الصّلَاةِ . قَالُوا : وَلَمّا انْتَهَى إلَى الرّكْنِ اسْتَلَمَهُ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِرِدَائِهِ وَقَالَ بِسْمِ اللّهِ وَاَللّهُ أَكْبَرُ ثُمّ رَمَلَ ثَلَاثَةً مِنْ الْحَجَرِ . وَكَانَ يَأْمُرُ مَنْ يَسْتَلِمُ الرّكْنَ أَنْ يَقُولَ بِسْمِ اللّهِ وَاَللّهُ أَكْبَرُ إيمَانًا بِاَللّهِ وَتَصْدِيقًا بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمّدٌ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ [ ص 1098 ]
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْن أَبِي السّائِبِ الْمَخْزُومِيّ أَنّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ الرّكْنِ الْيَمَانِيّ وَالْأَسْوَدِ : رَبّنَا آتِنَا فِي الدّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النّارِ
قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَمَقْت النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَلَمْ يَسْتَلِمْ مِنْ الْأَرْكَانِ إلّا الْيَمَانِيّ وَالْأَسْوَدَ ، وَمَشَى أَرْبَعَةً . قَالُوا : ثُمّ انْتَهَى إلَى خَلْفِ الْمَقَامِ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا : قُلْ يَا أَيّهَا الْكَافِرُونَ و قُلْ هُوَ اللّهُ أَحَدٌ ثُمّ عَادَ إلَى الرّكْنِ فَاسْتَلَمَهُ . وَقَدْ قَالَ لِعُمَرَ : إنّك رَجُلٌ قَوِيّ ; إنْ وَجَدْت الرّكْنَ خَالِيًا فَاسْتَلِمْهُ وَإِلّا فَلَا تُزَاحِمْ النّاسَ عَلَيْهِ فَتُؤْذِي وَتُؤْذَى . وَقَالَ لِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : وَكَيْفَ صَنَعْت بِالرّكْنِ يَا أَبَا مُحَمّدٍ ؟ قَالَ اسْتَلَمْت وَتَرَكْت . قَالَ أَصَبْت ثُمّ خَرَجَ إلَى الصّفَا مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَقَالَ أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللّهُ بِهِ
(1/1097)
قَالَ فَحَدّثَنِي عَبْدُ اللّهِ بْنُ وَفْدَانَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَعَى بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ مِنْ فَوْرِهِ ذَلِكَ .
[ ص 1099 ] قَالَ حَدّثَنِي الثّوْرِيّ ، عَنْ حَمّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدِمَ وَهُوَ سَاكِنٌ فَطَافَ بَيْنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ . قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ أَبِي جُرَيْجٍ عَنْ مُجَاهِدٍ ، قَالَ طَافَ يَوْمَئِذٍ عَلَى بَغْلَتِهِ . وَالْأَوّلُ أَثْبَتُ عِنْدَنَا ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ - عَلَى رَاحِلَتِهِ .
قَالُوا : فَصَعِدَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ عَلَى الصّفَا ، فَكَبّرَ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ وَقَالَ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ صَدَقَ اللّهُ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ ثُمّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ ، فَلَمّا انْصَبّتْ قَدَمَاهُ فِي الْوَادِي رَمَلَ
قَالَ فَحَدّثَنِي عَلِيّ بْنُ مُحَمّدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطّابِ عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ عَنْ أُمّهِ عَنْ بَرّةَ بِنْتِ أَبِي تِجْرَاةَ قَالَتْ لَمّا انْتَهَى النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلَى الْمَسْعَى قَالَ أَيّهَا النّاسُ إنّ اللّهَ كَتَبَ عَلَيْكُمْ السّعْيَ فَاسْعَوْا فَسَعَى حَتّى رَأَيْت إزَارَهُ انْكَشَفَ عَنْ فَخِذِهِ وَقَالُوا : قَالَ فِي الْوَادِي : رَبّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ الْأَعَزّ الْأَكْرَمُ فَلَمّا انْتَهَى إلَى الْمَرْوَةِ فَعَلَ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصّفَا ، فَبَدَأَ بِالصّفَا وَخَتَمَ بِالْمَرْوَةِ وَكَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَدْ اضْطَرَبَ بِالْأَبْطَحِ .
قَالَ فَحَدّثَنِي بُرْدٌ أَنّ إبْرَاهِيمَ بْنَ أَبِي النّضْرِ حَدّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرّةَ مَوْلَى عُقَيْلٍ عَنْ أُمّ هَانِئٍ قَالَتْ قُلْت : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلّا تَنْزِلُ فِي بُيُوتِ مَكّةَ ؟ فَأَبَى وَاضْطَرَبَ بِالْأَبْطَحِ حَتّى خَرَجَ يَوْمَ التّرْوِيَةِ ثُمّ رَجَعَ [ ص 1100 ] مِنْ مِنًى فَنَزَلَ بِالْأَبْطَحِ حَتّى خَرَجَ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَلَمْ يَنْزِلْ بَيْتًا وَلَمْ يُظِلّهُ . قَالَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْكَعْبَةَ ، فَلَمّا انْتَهَى إلَى بَابِهَا خَلَعَ نَعْلَيْهِ وَدَخَلَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، وَبِلَالٍ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ الْبَابَ طَوِيلًا ثُمّ فَتَحُوهُ . قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَكُنْت أَوّلَ النّاسِ سَبَقَ إلَيْهِ فَسَأَلْت بِلَالًا : أَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِيهِ ؟ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ الْمُقَدّمَتَيْنِ - وَكَانَ عَلَى سِتّةِ أَعْمِدَة فَحَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَبّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلّ . قَالُوا : وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ دَخَلَ عَلَيّ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حَزِينًا فَقُلْت : مَا لَك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ قَالَ فَعَلْت الْيَوْمَ أَمْرًا لَيْتَنِي لَمْ أَكُ فَعَلْته دَخَلْت الْبَيْتَ فَعَسَى الرّجُلُ مِنْ أُمّتِي لَا يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَهُ فَتَكُونَ فِي نَفْسِهِ حَرَارَةٌ وَإِنّمَا أُمِرْنَا بِالطّوَافِ وَلَمْ نُؤْمَرْ بِالدّخُولِ . وَكَسَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْبَيْتَ
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ الْمُطّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ مُوسَى ، قَالَ سَمِعْت الْعَبّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطّلِبِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ يَقُولُ كَسَا رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْبَيْتَ فِي حَجّتِهِ الْحِبَرَاتِ . قَالُوا : وَكَانَتْ الْكَعْبَةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا .
قَالُوا : وَقَدِمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَوْمَ الثّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ وَالْجُمُعَةِ - وَهُوَ يَوْمُ التّرْوِيَةِ فِيمَا اُجْتُمِعَ لَنَا عَلَيْهِ - وَخَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ بِمَكّةَ .
[ ص 1101 ] قَالَ فَحَدّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ حَارِثَةَ الظّفَرِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَثْرِبِيّ الضّمْرِي ، قَالَ رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْطُبُ قَبْلَ التّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ بَعْدَ الظّهْرِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قَبْلَ الصّلَاةِ وَالْغَدُ مِنْ يَوْمِ النّحْرِ بِمِنًى بَعْدَ الظّهْرِ . قَالَ الْوَاقِدِيّ : هَذَا الْأَمْرُ الْمَأْخُوذُ بِهِ الْمَعْرُوفُ . وَيُقَالُ إنّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَافَقَ يَوْمَ التّرْوِيَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بَيْنَ الرّكْنِ وَالْمَقَامِ فَوَعَظَ النّاسَ وَقَالَ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنّ يُصَلّيَ الظّهْرَ بِمِنًى فَلْيَفْعَلْ . وَرَكِبَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ بَعْدَ أَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ، فَصَلّى الظّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصّبْحَ بِمِنًى ، وَنَزَلَ بِمَوْضِعِ دَارِ الْإِمَارَةِ الْيَوْمَ . فَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : يَا رَسُولَ اللّهِ أَلَا نَبْنِي لَك كَنِيفًا ؟ فَأَبَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ مِنًى مَنْزِلُ مَنْ سَبَقَ
(1/1099)
قَالَ حَدّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ مُحَمّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَمْ يَرْكَبْ مِنْ مِنًى حَتّى رَأَى الشّمْسَ قَدْ طَلَعَتْ ثُمّ رَكِبَ فَانْتَهَى إلَى عَرَفَةَ فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَقَدْ ضَرَبَ لَهُ بِهَا قُبّةً مِنْ شَعْرٍ وَيُقَالُ إنّمَا قَالَ إلَى فَيْءِ صَخْرَةٍ وَمَيْمُونَةُ زَوْجَتُهُ تَتْبَعُ ظِلّهَا حَتّى رَاحَ وَأَزْوَاجُهُ فِي قِبَابٍ - أَوْ فِي قُبّةٍ - حَوْلَهُ . فَلَمّا كَانَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ أَمَرَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِرَاحِلَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَرُحّلَتْ إلَى بَطْنِ الْوَادِي - بَطْنِ عُرَنَةَ .
[ ص 1102 ] قَالُوا : وَكَانَتْ قُرَيْشٌ لَا تَشُكّ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا يُجَاوِزُ الْمُزْدَلِفَةَ يَقِفُ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدّيلِيّ ، وَهُوَ يَسِيرُ إلَى جَنْبِهِ يَا رَسُولَ اللّهِ ظَنّ قَوْمُك أَنّك تَقِفُ بِجَمْعٍ . فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَقَدْ كُنْت أَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ خِلَافًا لَهُمْ وَقَالَ جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ : رَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَقِفُ بِعَرَفَةَ قَبْلَ النّبُوّةِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ كُلّهَا تَقِفُ بِجَمْعٍ إلّا شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ . وَإِنّ مُوسَى بْنَ يَعْقُوبَ حَدّثَنِي ، عَنْ عَمّهِ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفّانَ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ ، قَالَتْ كَانَ شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ مِنْ بَيْنِ قُرَيْشٍ يَقِفُ بِعَرَفَةَ عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَسْوَدَانِ وَزِمَامُ بَعِيرِهِ مِنْ شَعْرٍ بَيْنَ غَرْزَيْنِ أَسْوَدَيْنِ حَتّى يَقِفَ مَعَ النّاسِ بِعَرَفَةَ ثُمّ يَدْفَعُ بِدَفْعِهِمْ فَإِنّنَا لَا نَتَكَلّمُ مَعَ النّاسِ - يَعْنِي الْعَرَبَ - كَانَتْ تَقِفُ بِعَرَفَةَ وَقُرَيْشٌ بِجَمْعٍ تَقُولُ نَحْنُ أَهْلُ اللّهِ
قَالَ فَحَدّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ خَطَبَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ حِينَ زَاغَتْ الشّمْسُ بِبَطْنِ عَرَفَةَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ فَلَمّا كَانَ آخِرُ الْخُطْبَةِ أَذّنَ بِلَالٌ وَسَكَتَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ كَلَامِهِ فَلَمّا فَرَغَ بِلَالٌ مِنْ أَذَانِهِ تَكَلّمَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِكَلِمَاتٍ وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَأَقَامَ بِلَالٌ فَصَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الظّهْرَ ثُمّ أَقَامَ فَصَلّى الْعَصْرَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ
فَحَدّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّهُ رَأَى رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْطُبُ يَوْمَئِذٍ فِي وَادِي عَرَفَةَ ، ثُمّ رَكِبَ . قَالَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إلَى النّاسِ أَنْ يَقِفُوا - إلَى عَرَفَةَ
(1/1102)
======
=========