1.سورة الاخلاص

............................................................................................................... *

  القرآن الكريم مكتوبا كاملا

110. ب مم.

·  تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثانيالتجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانويالهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث

Translate ***

15.موقع جادو

باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود  /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج  طبيعة 1. / /طلبعة 3.

السبت، 26 مايو 2018

5.في زكاة الذهب والفضة: وزكاة الحلي وزكاة عُرُوض التجارة و في زكاة الخارج من الأرض و زكاة بهيمة الأنعام:.


الباب الثاني: في زكاة الذهب والفضة:
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: حكم الزكاة فيهما، وأدلة ذلك:
تجب الزكاة في الذهب والفضة لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] ولا يُتَوعد بهذه العقوبة إلا على ترك واجب.
ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما مِن صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار، فأُحْمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت عليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضي الله بين العباد».
ولإجماع أهل العلم على أن في مائتي درهم خمسة دراهم، وعلى أن الذهب إذا كان عشرين مثقالاً، وقيمته مائتا درهم، تجب الزكاة فيه.
.المسألة الثانية: مقدارها:
مقدار الزكاة الواجبة في الذهب والفضة ربع العشر، أي
أي في كل عشرين ديناراً من الذهب نصف دينار، وما زاد فبحسابه قل أو كثر، وفي كل مائتي درهم من الفضة خمسة دراهم، وما زاد فبحسابه؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كتاب الصدقة: «وفي الرِّقَةِ كل مائتي درهم ربع العشر».
ولحديث: «... وليس عليك شيء- يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً. فإذا كان لك عشرون ديناراً، وحال عليه الحول، ففيها نصف مثقال». ولما جاء عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من أنَّه «كان يأخذ من كل عشرين مثقالاً نصف مثقال».
المسألة الثالثة: شروطها:
يشترط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة الشروط التالية:
1- بلوغ النصاب، وهو عشرون مثقالاً من الذهب؛ لحديث علي: «... وليس عليك شيء- يعني في الذهب- حتى يكون لك عشرون ديناراً، فإذا كان لك عشرون ديناراً وحال عليه الحول ففيها نصف مثقال» ويساوي بالجرامات (85) جراماً.
ونصاب الفضة مائتا درهم من الفضة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمس أواق صدقة». والأوقية أربعون درهماً، فخمس أواق تساوي مائتي درهم،   وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي الرَّقَة ربع العشر، فإن لم تكن إلا تسعين ومائةً فليس فيها شيء، إلا أن يشاء رَبُّها».
وقد أجمع العلماء على أن نصاب الفضة خمس أواق، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً.
2- بقية الشروط العامة التي سبقت فيمن تجب عليه الزكاة، وهي: الإسلام، والحرية، والملك التام، وحَوَلان الحول، وقد سبق الكلام عليها.
المسألة الرابعة: في ضم أحدهما- الذهب والفضة- إلى الآخر:
لا يضم أحدهما إلى الآخر في إكمال النصاب على القول الراجح؛ لأنهما جنسان مختلفان، فلم يضم أحدهما إلى الآخر، كالإبل والبقر، والشعير والقمح، مع أن المقصود منها واحد، وهو التنمية في الإبل والبقر، والقوت في الشعير والقمح، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وليس فيما دون خمس أواق صدقة». ويلزم من القول بضم أحدهما إلى الآخر في إكمال النصاب وجوب الزكاة في أقل من خمس أواق من الفضة، إذا كان عنده ما يكمل به من الذهب. ويشمل الحديث ما إذا كان عنده من الذهب ما يكمل به خمس أواق، أو لا. وعلى هذا إذا كان عنده عشرة دنانير ومائة درهم، فلا زكاة عليه؛ لأن الذهب يزكى وحده، وكذلك الفضة.
.المسألة الخامسة: في زكاة الحُلِيّ:
لا خلاف بين أهل العلم في وجوب الزكاة في الحلي المعدّ للادخار والكراء، وفي الحلي المُحَرَّم؛ كالرجل يتخذ خاتماً من ذهب، أو المرأة تتخذ حلياً صنع على صورة حيوان، أو فيه صورة حيوان، أما الحلي المعدّ للاستعمال المباح والعارية، فالصحيح من قولي أهل العلم وجوب الزكاة فيه؛ وذلك لما يلي:
1- عموم النصوص الواردة في وجوب الزكاة في الذهب والفضة، وهذا العموم يشمل الحلي وغيره.
2- ما رواه أهل السنن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن امرأة أتت إلى رسول الله ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسَكَتانِ غليظتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوِّرك الله بهما سوارين من نار، فخلعتهما، وألقتهما إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». وهذا الحديث نص في الموضوع، وله شاهد في الصحيح وغيره.
3- ولأن هذا القول أحوط، وأبرأ للذمة؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك».
.المسألة السادسة: في زكاة عُرُوض التجارة:
العروض: جمع عَرْض وعَرَض، وهو ما أعده المسلم للتجارة من أي صنف كان، وهو أعم أموال الزكاة وأشملها. وسُمِّي بذلك: لأنه لا يستقر، بل يعرِض ثم يزول، فإن التاجر لا يريد هذه السلعة بعينها، وإنما يريد ربحها من النقدين.
والزكاة واجبة فيه لعموم قوله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)} [الذاريات: 19]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267]. ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: «أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم»، ولا شك أن عروض التجارة مال.
وشروط وجوب الزكاة فيها:
1- أن يملكها بفعله كالشراء، وقبول الهدية، فلا يدخل في ذلك الإرث ونحوه، مما يدخل قهراً.
2- أن يملكها بنية التجارة.
3- أن تبلغ قيمتها نصاباً، بالإضافة إلى الشروط الخمسة السابقة في أول الزكاة.
فإذا حال عليها الحول قُوِّمت بأحد النقدين الذهب أو الفضة، فإذا بلغت القيمة نصاباً وجب فيها ربع العشر.
ولا اعتبار في التقويم لما اشتريت به العروض؛ لأن قيمتها تختلف ارتفاعاً ونزولاً، وإنما العبرة بقيمتها وقت تمام الحول.
.الباب الثالث: في زكاة الخارج من الأرض:
وفيه مسائل:
.المسألة الأولى: متى تجب؟ ودليل ذلك:
الأصل في وجوبها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267].
وتجب الزكاة في الحبوب إذا اشتد الحَبُّ، وصار فريكاً، وتجب في الثمار عند بدو صلاحها، بحيث تصبح ثمراً طيباً يؤكل، ولا يشترط له الحول؛ لقوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
فتجب الزكاة في كل مكيل مدخر من الحبوب والثمار، كالحنطة، والشعير والذرة، والأرز، والتمر، والزبيب. ولا تجب في الفواكه، والخضروات. فالمكيل: لكون النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتبر التوسيق فيه، وهو التحميل. والمدَّخر: لوجود المعنى المناسب لإيجاب الزكاة فيه.
وعلى هذا، فما لم يكن مكيلاً ولا مدخراً من الحبوب والثمار، فلا زكاة فيه.
.المسألة الثانية: شروطها:
يشترط لوجوب الزكاة في الحبوب والثمار شرطان:
1- بلوغ النصاب، وهو خمسة أوسق؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة».
والوسق حمل البعير، وهو ستون صاعاً بصاع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع، فيكون زنة النصاب بالبرّ الجيِّد ما يقارب ستمائة واثني عشر كيلو جراماً، على اعتبار أن وزن الصاع 2.40 كيلو جراماً.
2- أن يكون النصاب مملوكاً له وقت وجوب الزكاة.
.المسألة الثالثة: في مقدار الواجب:
والواجب في الحبوب والثمار: العشر فيما سقي بلا كلفة، بأن كانت عثرية، أو تسقى بماء العيون، ونصف العشر فيما سقي بمؤنة، بأن كانت تسقى بالدلاء والسواني ونحوها؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بَعْلاً، العشر، وفيما سقي بالسواني، أو النضح، نصف العشر».
.المسألة الرابعة: في زكاة العسل:
حكى ابن عبد البر- رحمه الله- عن الجمهور أنه لا زكاة فيه، وهو الأظهر؛ لأنه ليس في الكتاب، ولا في السنة، دليل صحيح صريح على وجوبها، والأصل براءة الذمة حتى يقوم دليل على الوجوب. قال الإمام الشافعي- رحمه الله-: "الحديث «في أن في العسل العشر» ضعيف، وفي «ألا يؤخذ منه» ضعيف، إلا عن عمر بن عبد العزيز، واختياري أنه لا يؤخذ منه؛ لأن السنن والآثار ثابتة فيما يؤخذ منه، وليست فيه ثابتة فكأنه عفو". وقال ابن المنذر: "ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت".
.المسألة الخامسة: في الرِّكاز:
الرِّكاز: هو ما وُجد من دفائن الجاهلية ذهباً أو فضة أو غيرهما مما عليه علامة الكفر، ولم يطلب بمال، ولم يتكلف فيه نفقة وكبير عمل، وأما ما طلب بمال وتطلَّب كبير عمل، فليس بركاز، ويجب فيه الخمس في قليله وكثيره، ولا يُشترط له الحول ولا النصاب؛ لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي الركاز الخمس»، وهو فيء يصرف في مصالح المسلمين العامة، ولا يشترط أن يكون من مال معين، فسواء كان من الذهب أو الفضة أو غيرهما.
ويعرف كونه من دفائن الجاهلية: بوجود علامات الكفر عليه، ككتابة أسمائهم، ونقش صورهم، ونحو ذلك من العلامات.
وأما المَعْدِن: فهو كل ما تولَّد من الأرض من غير جنسها، ليس نباتاً، سواء أكان جارياً، كالنِّفط والقار، أم جامداً؛ كالحديد والنحاس والذهب والفضة والزئبق. فتجب فيه الزكاة بالإجماع كما سبق، لعموم النصوص الواردة في وجوب الزكاة في الخارج من الأرض، كقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267].
.الباب الرابع: في زكاة بهيمة الأنعام:
وفيه مسائل:
وبهيمة الأنعام هي: الإبل، والبقر، والغنم، والبقر يشمل الجاموس أيضاً، فهو نوع من البقر. والغنم يشمل الماعز، والضأن. وسُمِّيت بهيمة الأنعام؛ لأنها لا تتكلم، من الإبهام وهو الإخفاء، وعدم الإيضاح.
.المسألة الأولى: شروط وجوبها:
يشترط لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام الشروط التالية:
1- أن تبلغ الأنعام النصاب الشرعي، وهو في الإبل خمس، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أربعون؛ لقول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ليس فيما دون خمس ذود صدقة»، ولحديث معاذ: (بعثنى رسول الله أصدق أهل اليمن، فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعاً، ومن كل أربعين مسنة)، ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة، فليس فيها صدقة...».
2- أن يحول على الأنعام حول كامل عند مالكها وهي نصاب؛ لحديث: «لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول».
3- أن تكون سائمة، وهي التي ترعى الكلأ المباح- وهو الذي نبت بفعل الله سبحانه دون أن يزرعه أحد- في الحول أو أكثره؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي صدقة الغنم في سائمتها، إذا كانت أربعين إلى مائة وعشرين، شاة»، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وفي كل إبل سائمة في أربعين بنت لبون»، فإن كانت ترعى أقل الحول ويعلفها أكثره، فليست سائمة، ولا زكاة فيها.
4- أن لا تكون عاملة، وهي التي يستخدمها صاحبها في حرث الأرض، أو نقل المتاع، أو حمل الأثقال؛ لأنها تدخل في حاجات الإنسان الأصلية كالثياب. أما إذا أُعِدَّت للكراء فإن الزكاة تكون فيما يحصل من أجرتها، إذا حال عليه الحول.

يستكمل بمشيئة الله




الجمعة، 25 مايو 2018

3.زكاة الذهب والفضة


زكاة الذهب والفضة
المصدر الألوكة
تجبُ الزكاة في الذهب والفِضَّة إذا بلغت نصابًا، سواء كانا نقدينِ أو كانا سبائك.
ونصاب الذهب عشرون مثقالاً أو دينارًا، وهو ما يساوي خمسًا وثمانين جرامًا من الذهب الخالص.
ولقد أجمع المؤرِّخون على أن الشرع نص على أن الدينار الرسمي وزنه 4.25 من الجرامات، وبناءً عليه يكون نصاب الذهب 4.25 ×20 = 85 جرامًا من الذهب.
وأما الفضة:
فنصابها بالوزن الحديث 2.975 ×200 = 595 جرامًا من الفضة[1].
ومن هنا نلاحظ أن هذه الأنصبة لا يضبطُها إلا الوزن، فمَن ملَك من الذهب 85 جرامًا، وجبت فيه الزكاة ربع العشر 2.5 بالمائة منها[2].
وكذا في الفضة، فمَن ملَك نصابًا من الفضة الخالصة نقودًا أو سبائك - ما يزنُ 595 جرامًا - وجبت عليه الزكاة = 2.5 بالمائة؛ أي: ربع العشر، فإذا قُدِّرت بالجنيهات المصرية فتخرج عن كل جنيهٍ خمسةً وعشرين ملِّيمًا من الجنيه.
وما زاد على النِّصاب فيُزكَّى بحسابِه، وهو قول الصاحبينِ، قالا: وما زاد، فبحسابه من غير عفوٍ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((وفيما زاد على المائتين، فبحسابه)).
والأصل في وجوب الزكاة فيها: الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب، فقوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34].
ففي الآية الكريمة وعيدٌ شديد على أن في الذَّهب والفِضَّة حقًّا لله - تعالى - وفي قوله - تعالى -: ﴿ وَلَا يُنْفِقُونَهَا ﴾ إيماءٌ إلى أن المراد بالذَّهب والفِضَّة نقودُهما؛ لأنها هي المُعدَّة للإنفاق، ولا شك أن مانع الزكاة لا ينفقها في سبيل الله.
ومن السنة المشرفة:
ما روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من صاحب ذهبٍ ولا فِضَّة لا يُؤدِّي منها حقَّها، إلا صفحت له يوم القيامة صفائحُ من نارٍ، فأُحمي عليها في نار جهنم، فيُكوَى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بَرَدَت أُعِيدت له، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضَى بين العباد، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار))[3].
ففي الحديث الشريف وعيد شديد لمن لم يؤدِّ حق الله - تعالى - في ماله، سواء كان ذهبًا أو فِضَّة، أو ما يقوَّم بهما.
وأما الإجماع:
فقد اتفقت كلمة المسلمين على وجوب الزكاة في النقدين في كل العصور[4].
زكاة الحلي:
اتفق الفقهاء على أن الحُلِيَّ إذا كان من ذهبٍ أو فِضَّة، وكان غير مباح، كاستعمال الرجل له في غير ضرورة، أو استعماله في الأواني للزينة، فالواجب فيها الزكاة إن بلغت نصابًا.
أما الحلي المباح، فاختلفوا في وجوب الزكاة فيه على قولين:
القول الأول: يرى الحنفية أن الزكاة واجبة في الحلي المباح استعماله، وبهذا القول قال الظاهرية، والشافعية في قول لهم، وبعض الحنابلة[5].
القول الثاني: إن الزكاة غير واجبة في الحلي المباح استعماله، وبهذا القول قال المالكية، وهو قول للشافعية، والحنابلة، والإمامية[6].
أدلة القول الأول:
استدلَّ أصحاب القولِ الأول القائلين بالوجوب بالمنقول والمعقول.
أما المنقول، فقوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 34]، فظاهر الآية يُقيِّد وجوب الزكاة في النَّقدينِ (الذهب والفِضَّة)، ويدخل فيه الحلي المتَّخَذ منهما[7].
من السنة المشرفة:
ما رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي، بسندهم إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أن امرأة أتت رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ومعها ابنةٌ لها، وفي يد ابنتها مَسَكتانِ غليظتان من ذهبٍ، فقال لها: ((أُتعطين زكاة هذا؟))، قالت: لا، قال: ((أيسُرُّك أن يُسوِّرَك الله بهما يوم القيامة سِوارينِ من نار؟))، قال: فخلعَتْهما فألقتْهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((هما لله ورسوله))[8]، ففي هذا الحديث الشريف دلالةٌ واضحة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة إذا بلغا نصابًا.
اعتُرِض على الاستدلال من السنة بما يلي:
بأن حديث (المَسَكتين) قد ضعَّفه أكثر من واحد من أهل الدراية بالحديث، منهم الترمذي؛ فلا يصح الاحتجاج به[9].
أجيب على ذلك:
بأن هذا الحديث قد صحَّحه كثيرٌ من أهل المعرفة بالحديث، منهم ابن القطان، فقد قال فيه: إسناده صحيح، وقال فيه المنذري: إسنادُه لا مقال فيه، وقد وثَّق رجالَ هذا الحديث ابنُ المديني وابنُ مَعِين[10].
ومن المعقول:
القياس على التِّبْر بجامعِ أن كلاًّ منهما جنس الأثمان غالبًا، والتِّبْر تجب فيه الزكاة، فكذلك تجب في الحلي المباح[11].
اعترض على الدليل بإبداءِ الفَرْق بين الأصل وبين الفرع، فلا يصح القياس؛ ووجه الفرق: أن التِّبْر لم يستعمل استعمالاً يُخرِجه عن وجه النماء، فإذا لم يترك كان كنزًا، بخلاف الحلي.
وأجيب عن هذا: بأن استعمال الحلي لم يُخرِجه عن وجهِ النماء حكمًا، وهذا كافٍ في وجوب الزكاة، وعلى هذا فالفرق إن وجد فغير مؤثِّر[12].
أدلة مَن قال بعدم وجوب الزكاة:
استدلوا بالسنة والمعقول:
من السنة المشرفة:
ما رواه الدارقطني بسنده إلى جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس في الحلي زكاة))[13]، فقد نفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزكاة عن الحلي، وعدم وجوبها فيه[14].
اعتُرِض عليه: بأن الخبر المذكور ليس مرفوعًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- وفي سنده ابن يعقوب وهو مجهول، وعلى هذا فالخبر غير ناهضٍ للحجية [15].
من المعقول:
أن الزكاة إنما تجبُ في المال النامي أو المُعَدِّ للنماء، والحلي ليس واحدًا منها؛ لأنه خرج عن النماء بصناعته حليًّا يُلبَس ويستعمل كالثياب[16].
اعترض عليه: بإبداء الفَرْق بين الحلي والثياب ونحوها، فإنها لم تُخلَق إلا للاستعمال، بخلاف الحُلِي فإنه من الذهب والفضة، وهي جنس الأثمان، ومع وجود الفرق لا يستقيم القياس.
الراجح:
والراجح من - وجهة نظري - هو وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ نصابًا؛ لقوة أدلة الحنفية ومَن وافقهم، كما أن التهديد والوعيد الوارد في الأدلة التي استدل بها الحنفية كافٍ في وجوب الزكاة.
[1] قال الكاساني: وأما مقدار الواجب فيها، فربع العشر، وهو خمسة من مائتين؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((هاتوا ربع عشور أموالكم))، وخمسة من مائتين ربع عشرها؛ بدائع الصنائع ج 2 ص 18
------------------------
[2] البحر الرائق ج 2 ص 243.
[3] نيل الأوطار للشوكاني ج 4 ص 116.
[4] بدائع الصنائع ج 2 ص 16.
[5] تبيين الحقائق ج 1 ص 277، بدائع الصنائع ج 2 ص 16، نهاية المحتاج ج 3 ص 89، شرح منتهى الإرادات ج 1 ص 78.
[6] حاشية الدسوقي ج 1 ص 410، بداية المجتهد ج 1 ص 255، المغني ج 3 ص 15، شرائع الإسلام ج 1 ص 82.
[7] تبيين الحقائق ج 1 ص 277.
[8] سنن النسائي ج 5 ص 38، والمسكة: هي الإسورة، سنن الترمذي ج 2 ص 12.
[9] المغني لابن قدامة ج 1 ص 277.
[10] نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية ج 2 ص 370.
[11] تبيين الحقائق ج 1 ص 277.
[12] فقه العبادات أ. د. علي مرعي ص 189.
[13] سنن الدارقطني ج 2 ص 107، نصب الراية ج 2 ص 374.
[14] نهاية المحتاج ج 3 ص 89، المغني ج 3 ص 42.
[15] نصب الراية ج2 ص 374.
[16] المجموع ج 6 ص 136، المحلى لابن حزم ج 6 ص 176.

قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم / لأسى لا يُنسى

مصد المادة صيد الخاطر
 قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم (4)
الدكتور عثمان قدري مكانسي
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم (1)
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم (2)
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم (3)

القصة السادسة عشرة
الأسى                                                                                      لا يُنسى

حين ازداد طغيان فرعون وأذاه على بني إسرائيل وبالغ موسى وهارون عليهما السلام في النصح والتذكير لآل فرعون وأظهار المعجزات الباهرات التي تحمل العاقل على تصديقهما والإيمان بدعوتهما ، ثم وجدا القوم مصرين على الجحود والإنكار أخذ موسى يدعو عليهم ، وهارون معه يُؤمّن على دعائه .
ومِن حق من يدعو على الآخرين أن يذكر أولاً سبب الدعاء عليهم لئلا يتوهم السامع أن الدعاء دون سبب ولا ذنب ، ولهذا قدّم موسى عليه السلام السبب والجناية التي استحق فرعون وقومه والملأ منهم دعوة نبيّهم بالهلاك " وقال موسى : ربَّنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالاً في الحياة الدنيا ، ربنا ليضلوا عن سبيلك ، ربنا اطمسْ على أموالهم ، واشدُدْ على قلوبهم ، فلا يُؤمنوا حتى يَرَوُا العذاب الأليمَ " فجاءهما الجواب السريع " قد أُجيبتْ دعوتُكما ، فاستقيما ، ولا تتّبعانِّ سبيل الذين لا يعلمون " وهنا ينبهنا الله تعالى أن العبد المستقيم على طاعة ربه مستجاب الدعوة . فلا يفرّطْ في التزام شرع ربه ، ولا يتبعْ طرق الغواية والضلال .
تفتّحت – إذاً- أبواب الدعاء ، فأوحى الله إلى نبيه موسى أن يخرج ببني إسرائيل من مصر ليلاً ، وأن يعبر بهم البحر ، ويذهب بهم إلى أرض فلسطين . فتجهّز موسى وأخوه ومن معهما من المؤمنين وبقية الإسرائيليين دون أن يعلم بهم الأقباط وعيونُ فرعون ، وساروا متجهين إلى البحر الأحمر – بحر القلزم – وأخذوا يجدون السير مخافة أن يدركهم فرعونُ وجنوده . فلما كان الصباح نظر الأقباط ، فوجدوا ديار بني إسرائيل قد خلت منهم ، فلم يبقَ فيها ساكن ، فأخبروا فرعون ، فجهز جيشاً جرّاراً ، وخرج على عقِبهم ، وصمم على استئصال بني إسرائيل ، فأدركهم في اليوم الثاني مع طلوع الشمس .
وكان بنو إسرائيل قد نظروا خلفهم فارتاعوا إذ رأوا فرعون بجيشه العرمرم يسرع نحوهم ، فأيقنوا بالخطر والهلاك ، وضجّوا بالصياح والعويل ، وقالوا : يا موسى " إنا لمُدرَكون " فأجابهم إجابة الوائق بربه المعتمد عليه " كلاّ ؛ إن معي ربي ، سيهدين "
هنالك أوحى الله تعالى إلى نبيه موسى أن يضرب البحر ، فضربه بعصاه ، فانشقَّ عن طريق يابسة بقدرة الله تعالى ، وارتفع الماء على جانبيه ارتفاع الجبل العظيم ، وكأنهما جداران مبنيان من الزجاج القوي يمنعان الماء من ورائهما ! " فكان كل فرق كالطود العظيم " .
ورأى بنو إسرائيل هذه الآية العظمى فجاوزوه على انني عشر ممراً – فهم اثنا عشر فخذاً . وكان موسى وأخوه عليهما السلام وراء قومهما يشجعانهم على الإسراع في العبور – وهذا دأب القائد الرحيم ، الذي يحافظ على قومه ، ويهتم بأمرهم ، ويسعى لحمايتهم والتأكد من نجاتهم .
كان فرعون قد وصل بجنوده إلى شاطئ البحر فأسرع إلى الممر يتبع بني إسرائيل . وأراد موسى أن يضرب البحر بعصاه ليعود كما كان ماءً يمنع الجيش الزاحف أن يصل إليهم . وأراد الله تعالى أمراً آخر ، أراد سبحانه أن يُغرق فرعون وجنوده ليكونوا عبرة لمن يعتبر . فأوحى الحق سبحانه إلى نبيه موسى أن يترك البحر على حاله " واترك البحر رهواً - أي ساكناً – إنهم جندٌ مُغرقون "
قال تعالى " وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ،
فأتبعهم فرعونُ وجنودُه بَغياً وعَدْواً ،
حتى إذا أدركه الغرقُ قال :
(آمنت أنّه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ،
وأنا من المسلمين ) " .
قال جبريل عليه السلام مخاطباً رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا رسول الله ، لو رأيتني حين سمعت فرعون يقول ما قال ، وأنا آخذ من وحل البحر ، فأدُسّه في فمه مخافة أن تدركه رحمة الله !!!
وما فعل جبريل ذلك إلا كُرهاً للطاغية المتجبر ، وحنقاً عليه ، فقد أذاق المؤمنين ويلاتٍ ، وويلات ، قتل ذكورهم ، واستحيا نساءهم ، وسخّرهم لخدمته وخدمة أعوانه ، وعاملهم معاملة العبيد ، فتن المسلمين وحاربهم ، ونشر الكفر والفساد ، واّدعى الألوهيّة ، فخاف جبريل أن يقبل الله إيمانه دون أن ينال عقابه .
وهنا سؤال لا بد من طرحه :
إن فرعون تاب ثلاث مرات في هذا الموقف : إحداها قولُه " أمنتُ "
وثانيها قولُه " لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل "
وثالثها قوله " وأنا من المسلمين "
فما السبب في عدم قبول التوبة والإنابة إلى الله ؟
والجواب : سبق السيف العذل ! فقد جاء إيمانُه وهو يُغَرغِر حين صار في حكم الميت أو كادَ ، فهذه توبة اليائس ، وهذا الإيمان إيمان المضطر المكره على الإيمان ، وفي هذه الحال لا تكون التوبة صادقة ، ولا الإيمان مقبولاً ، لأنه إيمان المُكره اليائس من الحياة الذي عاين عذاب الله . " فلم يك ينفعهم إيمانُهم لما رأوا بأسنا " وهذا كمن صدر عليه الحكم بالإعدام ، لا ينفعه الندم ولا الاعتذار .
كما أن التوبة كانت ليُتوصل بها إلى دفع البليّة الحاضرة ، والمحنة النازلة ، ولم يكن فيها إخلاص ، إنما هي ضرب من النفاق ، ولهذا جاء الجواب بالتوبيخ " آلآن !؟ وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ؟ " وهلاّ تبت قبل هذا ، ورجعت إلى ربك قبل أن يحيط بك الهلاك ، وهلاّ آمنت قبل هذا الزمان .
1- رواه الترمذي في كتاب التفسير /باب من سورة يونس
ج/ 4. ص / 287
2- صحيح سنن الترمذي ج/ 3 ص/61
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
القصة السابعة عشرة
( إنه يتصدّق)
دكتور عثمان قدري مكانسي
قال التلميذ لشيخه:
ما المقصود – يا سيدي – بقوله صلى الله عليه وسلم : " ما نقص مالُ عبدٍ من صدقة " ؟ أليس يخرج من يديه ؟ فكيف لا ينقص؟!
قال الشيخ :
لأن الله سبحانه وتعالى يبارك له في أصل رزقه ، ويوسّع عليه ، وقد يحفظه من مصيبة كاد يقع فيها فيَصرِف للخلاص منها أكثر مما تصدّق به بكثير .ألم تقرأ قوله صلى الله عليه وسلم :" ما مِن يوم يصبح العبادُ فيه إلاّ ملَكان ينزلان ، فيقول أحدُهما : اللهم أعط منفقاً خلَفاً ، ويقول اللآخر : اللهم أعط ممسكاً تَلَفاً . ؟
قال التلميذ : وممّ يقبل الله تعالى الزكاةَ والصدقةَ؟
قال الشيخ : إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، من كسْبٍ حلال ومالٍ حلالٍ .
قال التلميذ : أوضح لي- يا سيدي- أكثر . كيف يُرْبي اللهُ الصدقات ؟.
قال الشيخ :
لقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم إنماء الصدقة وزيادتَها للعبد كرَجلٍ ولدتْ له فرسُه مُهراً ، فهو يعتني به ، يغذوه وينظفه ، حتى يصير ضخماً مثل الجبل ، ويرزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب .
قال التلميذ :
فكيف يثيب الله تعالى من تصدّق بنصيبٍ من حصاد أرضه – مثلاً - ؟
قال الشيخ : هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوضح ذلك في قصة المزارع الكريم .
قال التلميذ : وما قصة المزارع الكريم يا شيخي ؟
قال الشيخ :
بينما رجل يمشي في أرض لا ماء فيها ولا زرع إذ سمع صوتاً ، فاتجه يميناً وشمالاً ، يبحث عن مصدره ، فلم يجد أحداً ، ثم عجب حين اتضح له أن الصوت إنما يسمعه من فوقه ، وليس أعلاه سوى السماء بغيومها التي تسوقها الرياح. فأرسل بصره ناحية السماء ، فلم يجد أحداً ،،، لا طيراً ولا بشراً ! بل هو يسمع صوتاً يفهمه .. إنه يقول : اسق حديقة عبد الله ، الرجل الصالح ... يا سبحان الله ؛ إن الإنسان لا يطير ، وإن الطير لا يتكلم بلسان بشري مبين ! إذاً فهو ملَك من ملائكة السماء ،،، فماذا يفعل ؟!
أحدّ بصرَه وتابع مسيرة السحاب ، فرأى سحابة تنفصل عن جمعها ، وتنطلق إلى مكانٍ ما ، فتبعها الرجل . ثم انهمر المطر منها فاجتمع إلى أرض ملساء ، ذات حجارة سوداء صمّ ، لا ينفد الماء إلى باطنها ، تميل إلى منخفض بدأ الماء يسيل نحوه ، ثم ينطلق فيه إلى أرض إلى جانبها أسفلَ منها ، فتتبّع الماءَ ، فإذا هي حديقة غنّاء مملوءةٌ خضرةً وفاكهةً ، ورجلٌ يحوّل الماء هنا وهناك ، ويسقي أرضه .
قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ردّ صاحب الأرض : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
قال الرجل العابر : ما اسمك يا أخا الإيمان ؟
قال صاحب الأرض : أنا عبد الله ... وذكر له الاسم الذي سمعه الرجل العابر في السحاب .. ولكن لِمَ تسألني عن اسمي ؟!
قال له عابر السبيل : لقد سمعت عجباً ورأيت عجباً .
قال صاحب الأرض : ما الذي سمعتَه عجباً ، ورأيتَه عجباً ؟
قال عابر السبيل : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول لمن معه : اسق حديقة عبد الله الرجل الصالح ، فبالله عليك ؛ ما الذي تصنعه حتى أرضيت ربّ السماء؟!.
قال صاحب الأرض : أمَا وقد اطّلعْتَ على فضل الله عليّ فاعلم يا أخي – أنني حين أقطف ثمار الأشجار ، أو أحصد زرع الأرض ، فإنني أقسم ما يخرج منها ثلاثة أقسام :
أتصدق بثلثه ، وآكل أنا وعيالي الثلث الثاني ، وأردّ في الأرض ثلثه الأخير .
قال عابر السبيل : بهذا حُقّ لك التكريم في الدارين ... فطوبى لك يا أخي ، وبارك الله لك فيما صرفْتـَه في دنياك ، وما ادّخرتهُ لآخرتك
رواه مسلم
رياض الصالحين / باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير .
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
القصة الثامنة عشرة
( النبي الرؤوف)
دكتور عثمان قدري مكانسي
من أعظم النعم على الرجل " المرأة الصالحة" ، تُعينُه على نوائب الحق ، وتخفف عنه متاعب الحياة ، وتجلو عنه أحزانه ، وتهتم براحته ، وتشد أزره .
أما إذا كانت المرأة غير ذلك فهي عبء ثقيل يزداد إلى أعباء الحياة .
هذه السيدة عائشة رضي الله عنها تجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله :
كان وقع معركة أحد شديداً عليك وعلى المسلمين ، قُتل فيها عدد كبير من أصحابك الكرام ، وعلى رأسهم عمك الحمزة رضي الله عنه ، وكُسرت رباعيتُك ، وشُجّ رأسك ، فما الذي أهمك فيها أيضاً ؟
قال صلى الله عليه وسلم : عدم امتثال رماة المسلمين أمري ، فغادروا أماكنهم على الجبل ، فانكشفت ظهور المسلمين ، وانقلب النصر هزيمة ، وانتفخت أوداج أبي سفيان بن حرب – وكان مشركاً- فنادى بأعلى صوته : اعلُ هُبَل، اعلُ هُبل ..... لنا عُزّى ولا عُزّى لكم .
قالت : فماذا كان ردُّك يا رسول الله ؟.
قال : أمرت عمر بن الخطّاب أن يُجيبه على الوتيرة نفسها ، فقال : وماذا أقول له يا رسول الله ؟
قلت له مواسياً جراحَ المسلمين أبُثّ فيهم روح التفاؤل : نادِ بأعلى صوتك : الله أعلى وأجل ... الله مولانا ولا مولى لكم .
قالت عائشة : فهل مرّ بك يا رسول الله يومُ أشدّ من يوم أحُد؟
قال صلى الله عليه وسلم : نعم ؛ إن أشد الآلام يحس بها الإنسانُ حين يكون أهلُه وأحبابُه ، وعشيرتُه وأقرباؤه – الذين ينبغي أن يكونوا سنَدَه ونصيرَه – أعداءً يُؤذونه ، ويؤلبون عليه الناس .
قالت عائشة : أوَ فعلوا ذلك يا رسول الله ؟
قال : نعم ، ولا أنسى ما فعلوه يوم العقبة ، قبل أن ألتقيَ الأنصار رحمهم الله ، وكتبهم في عليين . لقد كنت أدعو الناس ، فهذا يُكذّبني ، وذاك يستمع إليّ ، ثم يُعرض كأنه لم يسمع ، وذاك يُجيبني مشترطاً أن يكون له الأمر من بعدي ... وكنت أتنقل بين جميع المشركين ، ومن ورائي عمي - أبو لهب – وغيره يقولون : لا تسمعوا لهذا الصابئ ، فإنه يُفرّق بين الأب وابنه ، والأخ وأخيه ، وأحياناً كثيرة ينعتونني بالجنون ، وأحايين بالسحر ، ومرة بالكهانة ، وأخرى بالشعر .
قالت عائشة : لك الله يا رسول الله ، كم عانيت في سبيل الله .!
قال : وأشد من هذا فعله إخوة( عبد يا ليل ) وهم من سادة ثقيف حين عرضت نفسيفي الطائف – عليهم ، فقال الأول ساخراً : لئن كان الله قد أرسلك إلينا لأمزقنّ أستار الكعبة .
وقال الثاني مستهزئاً : أما وجد اللهُ من يرسله غيرك ؟!
وقال الثالث مدّعياً العَجَب من إرسال محمد صلى الله عليه وسلم إليهم : والله
لا أكلمك أبداً ، لئن كنت رسولاً – كما تقول – لاأنت أعظم مكانة أن أردّ عليك،
ولئن كنت تكذب على الله فما ينبغي لي أن أكلمك !!
قالت عائشة : فما فعلْتَ يا رسول الله ؟ لعمري ؛ لقد خسروا أنفسهم وأهليهم .
قال : طلبت إليهم أن يكتموا الأمر ، لا يصل إلى قريش ، فيشمتوا بي . فلم يفعلوا ، وأغرَوا بي سفهاءَهم وعبيدهم وصبيانهم . يسبونني ، ويصيحون بي ، ويرجمونني .
قالت : أبَلَغ بهم سَفَهُهُم أن أن يحرّضوا عليك السفهاء والصبيان والعبيد ؟
قال : وأشد من هذا ، فقد ألجأوني إلى بستان لعتبة وشيبة ابني ربيعة ... وهناك دعَوْت ربي قائلاً :
" اللهم إليك أشكو ضعف قوّتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ؛ أنت ربّ المستضعفين ، وأنت ربي ، إلى من تَكِلُني ؟! إلى بعيد يتجهّمني أم إلى عدوّ ملّكتَه أمري ؟ إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي ، ولكنّ عافيتك أوسع لي . أعوذ بنور وجهك الذي أشرقَتْ له الظلماتُ ، وصَلُح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تُنزل بي غَضَبَك ، أو تُحِلّ علي سَخَطَك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك .
قالتْ: بأبي أنت وأمي ؛ يارسول الله ، لقد آذوك فتحمّلت ، وأساءوا ، فتجمّلْتَ ، وإلى ربك رغبت ، وما خاب مَن إلى ربه لجأ ، وبكنَفه عاذ ... ثم ماذا يا رسول الله ؟.
قال الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه : هِمتُ على وجهي ممتلئاً همّاً وغمّاً ، فلم أدرِ إلا وأنا قريب من مكة – من قرن الثعالب – فرفعت رأسي ، فإذا أنا بسحابة أظلتني ، فنظرتُ ، فإذا فيها جبريل عليه السلام . فناداني ، وقال : إن الله قد سمع قول قومك لك ، وما ردّوا عليك . وقد بعث لك ملَكَ الجبال لتأمره بما شئت فيهم .
ثم ناداني ملك الجبال ، فسلّم عليّ ، ثم قال : يا محمد : قد بعثني الله لأفعل بقومك ما تشاء ، إن شئتَ أطبقتُ عليهم الأخشبين – جبال مكة - .
قالت عائشة : فلِمَ لم تأمره بذلك يا رسول الله ، فتستريحَ منهم ومن كفرهم وضلالهم ؟.
قال صلى الله عليه وسلم : ويحك يا عائشة ، إنما بعثت رحمة للعالمين ، لا منتقماً . فأي فضل لي إذا عاملتُهم بمثل ما عاملوني به ؟ ... بل أدعو لهم بالهداية ، وأرجو أن يُخرج الله من أصلابهم مَن يعبد اللهَ وحده ، لا يشرك به شيئاً.
وقص عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قصة نبي من أنبياء الله صلوات الله عليهم وسلامه ، ضربه قومُه فأدمَوه ، وهو يمسح عن وجهه الدم ، ويقول : اللهم اغفر لقومي ، فإنهم لا يعلمون .
متفق عليه
رياض الصالحين / باب في العفو والإعراض عن الجاهلين
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
القصة التاسعة عشرة
( صدقك وهو كذوب )
دكتور عثمان قدري مكانسي
جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام أصحابه بعد أداء الفريضة يسبح الله ويحمده ويكبّرُه ، والمسلمون بين يديه يفعلون فعله ، فإذا انتهى أحدهم استأذن ، وانطلق إلى مقصِده . أما أبو هريرة رضي الله عنه فقد كان من فقراء أهل الصفـّة لا عمل له سوى التعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدمته.
فلما انتهى المسلمون من صلاتهم وذكرِهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
يا أبا هِرّ ٍ
قال : لبيك وسعديك يا رسول الله .
قال : ادن منّي .
قال : سمعاً وطاعة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدقاتُ المسلمين في رمضان كثـُرَتْ بين يديّ ، واحتاجت إلى من يحفظها ويسهر عليها حتى يحين وقت توزيعها على فقراء المسلمين ، ورأيت أن أكلفك بذلك .
قال أبو هريرة : أرجو أن أكون عند حسن ظن رسول الله صلى الله عليه وسلم بي .
وجُمع كل شيء يأتي به الناس في مكان يُشرف عليه أبو هريرة .
فلما جنّ الليل رأى رجلاً يأخذ من الطعام ، فأمسك به أبو هريرة قائلاً : كيف تُسَوّل لك نفسك سرقة المسلمين ؟
قال الرجل : إني محتاج ، وعليّ عيالٌ ، وبي حاجة شديدة .
قال أبو هريرة : كان عليك استئذان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الرجل : أنا فقير ذو فاقة فاعف عنّي .
قال أبو هريرة : إن عُدْت إلى مثلها أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الرجل : لا أعود إلى مثلها .
فأطلقه أبو هريرة على أن لايعود إلى السرقة .
فلما أصبح أبو هريرة انطلق إلى المسجد يؤدي الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما انتهت قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟
قال أبو هريرة : شكا إليّ حاجةً وعيالاً ، فرحمته فخلّيت سبيله ؛ يا رسول الله .
قال صلى الله عليه وسلم : أما إنّه قد كذَبَك ، وسيعود .
قال أبو هريرة يخاطب نفسه : لأرصُدَنّه ، ولأنتبهنّ إليه ، فما ينطق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صدقاً .
وفي مثل وقت أمسِ جاء الرجل متلصّصاً يأخذ من الطعام ، فأمسك به أبو هريرة متلبساً ، وقال له : لأرفعَنّك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد أخلفت وعدك .
قال : دعني يا أبا هريرة ، فما دعاني إلى المجيء إلا شدّةُ فقري ، وكثرةُ عيالي ، وأنت رحيم ، فالطُف بي ، واطلقني .
قال أبو هريرة : عِدني أن تَصْدُقني ، فلا تعود .
قال : لك عليّ ألآ أعود مرّة أخرى ، فقد احسنتَ إليّ .
فأطلقه أبو هريرة على أن يلتزم عهده ، فلا يعود إلى السرقة .
فلما أصبح الصباح انطلق إلى المسجد يؤدي الصلاة – كعادته – مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انتهت الصلاة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما فعل أسيرك البارحة ؟
قال له أبو هريرة : رق قلبي له يا رسول الله حين تباكى ، وزعم أنه ذو حاجة وعيال ، فخلّيت سبيله على أن لا يعود .
قال صلى الله عليه وسلم : إنّه قد كذَبك، وسيعود .
قال أبو هريرة يخاطب نفسه : صدَقتَ يا رسول الله ، فما تقول إلا الحق ، ولئن قلْتَ إنه سيعود ليعودَنّ . فانتبه ؛ يا أبا هريرة وتيقّظْ .
وفي الوقت الذي جاء فيه ذلك الرجل في اليومين السابقين رآه أبو هريرة يحثو من الطعام ، فقبض عليه بشدة ، وقال :
هذه آخر ثلاث مرات تسرق ، فأضبطك ، فتزعم أنك ذو عيال وحاجة شديدة ، وأنك لن تعود ، ثم تعود .
قال الرجل : ماذا تودّ أن تفعل بي يا أبا هريرة ؟
قال : لأرفعنّك غداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال الرجل : أفتتركني إن علّمتك كلمات تقولهنّ إذا أويتَ إلى فراشك ، ينفعك الله بها ؟
قال أبو هريرة : نعم ؛ فما هنّ ؟
قال الرجل : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي ، فإنه لن يزال عليك من الله حافظ . ولا يقربُك الشيطان حتى تصبح .
قال أبو هريرة مخاطباً نفسه : أقرأ آية الكرسي ، فأُفيد بها بها مرّتين : الأولى يحفظني الله بها من السارقين ، والأخرى يحفظني الله بها من الشيطان . ..لأعفوَنّ عنه .
أيها الرجل : اذهب لا تثريب عليك .
وعندما أُذّن لصلاة الفجر انطلق أبو هريرة كعادته إلى المسجد ليصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة ، فما أعظم صلاةَ الجماعة ، وما أروعها من صلاة حين يكون الرسول الكريم إمامَها .
وحين انتهت الصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هر ، ماذا فعل صاحبك بالأمس ؟
قال : زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها ، فخلّيتُ سبيله .
قال صلى الله عليه وسلم : ما هي يأبا هرِّ ؟
قال : أمرني حين آوي إلى فراشي أن أقرأ آية الكرسي ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم ).
قال النبي صلى الله عليه وسلم : أما إنّه صَدَقك ، وهو كذوب . .. أتعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ .
قلت : لا يا رسول الله .
قال النبي صلى الله علسيه وسلم : ذاك شيطان .
رواه البخاري
من رياض الصالحين
باب في الحث على سور وآيات مخصوصة
قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم
القصة العشرون
(ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)
دكتور عثمان قدري مكانسي
قال الولد لأبيه : ألا ترى إلى جارنا قد قلّ ماله ، وكاد يخسر كل تجارته.
قال الوالد : نسأل الله أن يحفظه ومالَه ، فمن علائم الإيمان – يا بني – أن تدعو لأخيك المؤمن ما ترغبه لنفسك .
قال الابن : ليس هذا ما أردتُ يا أبي ، وإن كنت أدعو له بالرزق الوافر.
قال الأب : وما الذي أردتـَه يا بني من ذلك؟
قال الابن : أردتُ أن انبهك إلى أنني طالبتُه بدين لنا عليه ، فسكتَ والألم باد في وجهه ، ثم طلب أن نؤجله قليلاً .
قال الأب : كان عليك – وقد عرفتَ حاجته – أن تـُنظره، لا أن تحرجه .
قال الابن : إن انتظارنا فترة أخرى قد يجعلنا نخسر مالنا حين يفتقر تماماً ، فرغبت استنجازه قبل أن يضيع كل شيء .
قال الأب : إنك بهذا تزيد الطين بلة ، وتؤذيه .
قال الابن : ولكنه حقنا ؛ با أبي .
قال الأب : أين أنت من وصية الرسول صلى الله عليه وسلم بالجار " حتى كاد أن يورّثه " وأين حُسنُ العِشرة؟!... إن الله يسأل عن صحبة ساعة ... أين أنت كذلك من قول الله تعالى " وإن كان ذو عُسرة فنَظِرَةٌ إلى ميسرة "؟
- الابن ساكت
أردف الأب قائلاً : أتحب – لوكنت مكانه – أن يطالبك بمثل ما تُطالبه ؟!
- ظل الابن ساكتاً
واستمر الأب قائلاً بصيغة السؤال : أتدري جزاء من يتجاوز عن المُعسر ؟
قال الابن متسائلاً في حياء : وما جزاؤه يا أبَتِ ، حفظك الله مربياً ومعلماً ؟
قال الأب : جزاؤه الجنة ، وقبل ذلك غفران الله وعفوه اللذان يكونان سبباً في دخول الجنة .
قال الابن : كيف ذلك يا والدي ، وضح جزاك الله الخير والجنة .
قال الأب : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه المعتاد في الروضة المشرفة بعد الصلاة يعلم الناس ، ويعظهم أن يكونوا يداً واحدة ، ومجتمعاً متكافلاً فقال :
حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم ، كان غنياً موسراً ، آتاه الله مالاً وافراً ، فلما وقف بين يدي الله تعالى قال الله سبحانه له – وهو أعلم بما فعل - : ماذا عملت في الدنيا فيما آتيتك من مال ؛ يا عبدي ؟
قال : هل أستطيع أن اكتمك- يا رب - حديثاً ، وأنت علام الغيوب ؟ .. تعلم ما كان وما يكون ، وما لا يكون لو كان كيف كان يكون . !! كنت – يا رب – حين آتيتني مالاً أبايع الناس ، وأنت نُصب عيني ، فأعاملهم معاملة هينة لينة ، أتجاوز عن هفَواتهم ، وأتيسّر على الموسر ، وأُنظرُ المعسر .
قال تعالى : فهل مَن يشهد على ذلك ؟
قال الرجل : كنت أقول لفتاي : إذا أتـَيتَ معسراً فتجاوز عنه ، لعل الله أن يتجاوز عنا .
قال تعالى : فلم كنت تفعل هذا يا عبدي ؟
قال الرجل : ليس لي من عمل الخير إلا القليل ، فقلتُ : أُيَسّر على عباد الله ، فيُيَسّرَ الله عليّ .
قال تعالى : أنا عند حسن ظن عبدي بي ، وأنا أحق بذا منه ... تجاوزوا عن عبدي ...
فأدخلتْه الملائكة الجنّة معزّزاً مكرّما .
قال الابن : فاز الرجل إذ ِاشترى الآخرة بالدنيا .
قال الأب : أفلا تقتفي أثَره ، ونسير على خُطاه ، يا ولدي ؟
قال الابن : بلى يا والدي ، جزاك الله عني كل خير ، وأدخلني وإياك في زمرة عباده الصالحين ، وأظلّنا يوم القيامة تحت عرشه ، يوم لا ظلّ إلا ظلُّه .
من رواية البخاري ومسلم والترمذي
رياض الصالحين /باب فضل السماحة في البيع والشراء
قصص مؤثرة
قصص الرسول
قوافل العائدين
قصص نسائية
قصص منوعة
الحصاد المر
مذكرات ضابط أمن
كيف أسلموا
من آثار الدعاة
قصص الشهداء
الصفحة الرئيسية