كيفية
تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم يصير ; ففريق في الجنة وفريق في
السعير
البونط Arabic sitting كيفية تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم يصير ; ففريق في الجنة وفريق في السعير قال الله تعالى : وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون [ مريم : 39 ] . وقال تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون [ الروم : 14 - 16 ] . وقال تعالى : فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون [ الروم : 43 ] . وقال تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون الآيات إلى قوله : وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين [ ص: 71 ] [ الجاثية : 27 - 31 ] إلى آخر السورة . وقال تعالى : ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا [ الزمر : 70 ، 71 ] الآيات إلى آخر السورة ، وذكر أن هؤلاء سيقوا إلى الجنة ، وهؤلاء سيقوا إلى جهنم ، بعد موقف الحساب وانصرافهم عنه . وقال تعالى : يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ [ هود 105 - 108 ] . وقال تعالى : وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير [ الشورى : 7 ] . وقال تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير [ التغابن : 9 ، 10 ] . وقال تعالى : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ مريم : 85 ، 86 ] . وقال تعالى : يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون [ آل عمران : 106 ، 107 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا ، ولنذكر من الأحاديث ما يناسب هذا المقام ، وهي مشتملة على مقاصد كثيرة غير هذا الفصل ، وسنشير إليها . [ ص: 72 ] وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن عثمان العجلي ، حدثنا أبو أسامة ، عن مالك بن مغول ، عن القاسم بن الوليد ، في قوله تعالى : فإذا جاءت الطامة الكبرى [ النازعات : 34 ] . قال : حين سيق أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار . إيراد الأحاديث في ذلك : قال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد ، أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ح ) . وحدثني محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، قال : قال أناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في القمر ليلة البدر ، ليس دونه سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه . فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا [ ص: 73 ] جاء ربنا عرفناه . فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . فيتبعونه ، ويضرب جسر جهنم " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأكون أول من يجيز . ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم . وفيه كلاليب مثل شوك السعدان ، أما رأيتم شوك السعدان ؟ " قالوا : نعم ، يا رسول الله . قال : " فإنها مثل شوك السعدان ، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله عز وجل ، فتخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المخردل ، ثم ينجو ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه ، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، أمر الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، فيخرجونهم قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء ، يقال له : ماء الحياة . فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب ، قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فاصرف وجهي عن النار . فلا يزال يدعو الله ، فيقول : لعلك إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره . فيصرف وجهه عن النار ، ثم يقول بعد ذلك : يا [ ص: 74 ] رب ، قربني إلى باب الجنة . فيقول : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك ! يا بن آدم ، ما أغدرك ! فلا يزال يدعو ، فيقول : لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك ، لا أسألك غيره . فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقربه إلى باب الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : رب ، أدخلني الجنة . فيقول : أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك يا بن آدم ، ما أغدرك ! . فيقول : يا رب ، لا تجعلني أشقى خلقك . فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله منه ، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها ، فإذا دخل فيها قيل له : تمن من كذا . فيتمنى ، ثم يقال له : تمن من كذا . فيتمنى ، حتى تنقطع به الأماني ، فيقول : هذا لك ، ومثله معه " . قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا . قال : وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه ، حتى إذا انتهى إلى قوله : " هذا لك ومثله معه " . قال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هذا لك وعشرة أمثاله " . قال أبو هريرة : ما حفظت إلا : " ومثله معه " . وهكذا رواه البخاري من حديث إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، به ، وزاد : فقال أبو سعيد : أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " ذلك لك وعشرة أمثاله " ، وهذا الإثبات من أبي سعيد مقدم على ما لم يحفظه أبو هريرة ، حتى ولو نفاه أبو هريرة قدمنا إثبات أبي سعيد ، لما معه من زيادة الثقة المقبولة ، لا سيما وقد تابعه غيره من الصحابة ، كابن مسعود ، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى . [ ص: 75 ] وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلنا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا ؟ قال : " هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ؟ " قلنا : لا . قال : " فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤيتهما " . قال : " ثم ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون . فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر ، وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزيرا ابن الله . فيقال لهم : كذبتم ; لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا . قال : فيقال : اشربوا . فيتساقطون في جهنم ، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله . فيقال لهم : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد . فيقال : ما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا . فيقال : اشربوا . فيتساقطون فيها حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر ، فيقال لهم : ما يجلسكم وقد ذهب الناس ؟! فيقولون : إن لنا إلها كنا نعبده ، فارقنا الناس ، ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا [ ص: 76 ] يعبدون . وإنا ننتظر ربنا ، عز وجل " . قال : " فيأتيهم الجبار ، سبحانه ، في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ؟ ولا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء ، فيقال : هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها ؟ فيقولون : الساق . فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد ، فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يؤتى بالجسر ، فيجعل بين ظهري جهنم " . قلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : " مدحضة مزلة ، عليه خطاطيف ، وكلاليب ، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة تكون بنجد ، يقال لها : السعدان . المؤمن عليها كالطرف ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل ، والركاب ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم ، من المؤمنين يومئذ للجبار ، إذا رأوا أنهم قد نجوا ، في إخوانهم ، يقولون : ربنا ، إخواننا كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويعملون معنا . فيقول الله تعالى : اذهبوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوهم . ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه ، وإلى أنصاف ساقه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه . فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه . [ ص: 77 ] فيخرجون من عرفوا " . قال أبو سعيد : فإن لم تصدقوني فاقرءوا : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها [ النساء : 4 ] . " فيشفع النبيون ، والملائكة ، والمؤمنون ، فيقول الجبار ، عز وجل : بقيت شفاعتي . فيقبض قبضة ، فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة ، يقال له : نهر الحياة . فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، وإلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه . فيقال لهم : لكم ما رأيتم ومثله معه " . وقال مسلم : حدثنا عبيد الله بن سعيد ، وإسحاق بن منصور ، كلاهما عن روح ، قال عبيد الله : حدثنا روح بن عبادة القيسي ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود ، فقال : نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا - انظر : أي ذلك فوق الناس - قال : فتدعى الأمم [ ص: 78 ] بأوثانها وما كانت تعبد ، الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول : من تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا . فيقول : أنا ربكم . فيقولون : حتى ننظر إليك . فيتجلى لهم يضحك ، قال : فينطلق بهم ، ويتبعونه ، ويعطى كل إنسان منهم ; منافق أو مؤمن نورا ، ثم يتبعونه ، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك ، تأخذ من شاء الله ، ثم يطفأ نور المنافقين ، ثم ينجو المؤمنون ، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر ، سبعون ألفا لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء ، ثم كذلك ، ثم تحل الشفاعة ، فيشفعون ، حتى يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل ، ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا ، وعشرة أمثالها معها . وقال مسلم : حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، وأبو مالك ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله سبحانه الناس ، فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا ، استفتح لنا الجنة . فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ؟! لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله " . قال : " فيقول إبراهيم : لست [ ص: 79 ] بصاحب ذلك ، إنما كنت خليلا من وراء وراء ، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما . فيأتون موسى . فيقول : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه . فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى محمد . فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ويؤذن له ، وترسل الأمانة والرحم ، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ، فيمر أولكم كالبرق " . قال : قلت : بأبي أنت وأمي ، أي شيء كمر البرق ؟ قال : " ألم تروا إلى البرق ، كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير ، وشد الرجال ، تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط ، يقول : رب ، سلم سلم . حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا " . قال : " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة ، تأخذ من أمرت به ، فمخدوش ناج ، ومكدوس في النار " . والذي نفس أبي هريرة بيده ، إن قعر جهنم لسبعون خريفا . وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحشر الله تعالى الأمم في صعيد واحد ، فإذا أراد أن يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون ، فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار ، ثم يأتينا ربنا ونحن في مكان رفيع ، فيقول : ما أنتم ؟ فنقول : نحن المسلمون . فيقول : ما تنتظرون ؟ فنقول : ننتظر ربنا . فيقول : هل تعرفونه [ ص: 80 ] إن رأيتموه ؟ فنقول : نعم . فيقول : وكيف تعرفونه ولم تروه ؟ فنقول : إنه لا عدل له . فيتجلى لنا ضاحكا ، فيقول : أبشروا معشر المسلمين ; فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا " . وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عبد الصمد وعفان ، عن حماد بن سلمة ، به مثله ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه ، ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبي بردة وعون بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي بردة ، عن أبيه أبي موسى الأشعري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا " |
1.سورة الاخلاص
110. ب مم.
· تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثانيالتجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث❷ /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانويالهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/❷عبد الواحد2ث- ت1. /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث
Translate ***
15.موقع جادو
باب في اليقين والتوكل تطريز رياض الصالحين /ج1.الكامل في اللغة/الجزء الأول /ج2.الكامل في اللغة/الجزء الثاني /ج3.الكامل في اللغة/الجزء الثالث /الكامل في اللغة/الجزء الرابع /الكامل في اللغة/الجزء الخامس /الكامل في اللغة/الجزء السادس /الكامل في /اللغة/الجزء السابع /الجزء 8. الكامل في اللغة /علل التثنية لابن جني /الفية ابن مالك /ابن هشام الأنصاري، من أئمة اللغة العربية /ج1.الكتاب (سيبويه)/المقدمة وج1 وج2. /تخريجات أحاديث الطلاق متنا وسندا مشمولة /فقه السنة تحقيق الشيالالباني /رياض الصالحين /فهرس رواة مسند الإمام أحمد /غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام /المصطلحات الأربعة في القرآن /إغاثة اللهفان في مصائد الشيطان* /البرهان في رد البهتان والعدوان - أحاديث المزارعة/تصحيح حديث إفطار الصائم قبل سفره بعد الفجر /الحديث النبوي مصطلحه ، بلاغته ، كتبه /كتاب العلم للنسائي /قاموس الصناعات الشامية /تأسيس الأحكام /صيد الخاطر /صحيح الجامع الصغير وزيادته (الفتح الكبير) وضعيفه {... /صحيح سنن ابن ماجة {3--اجزاء} + ج4. ضعيف سنن ابن ماجهسنن أبي داود /{3 اجزاء الصحيح } و{الجزء4.ضعيفه} /صحيح الأدب المفرد.البخاري وج2.{وضعيفه} /صحيح الترغيب /والترهيب{ج1 و2 و3.} +ضعيفه /تحقيق إرواء الغليل للالباني8ج طبيعة 1. / /طلبعة 3.
الجمعة، 8 يونيو 2018
(فريق في الجنة وفريق في السعير) أجارنا الله من السعير
فريق في الجنة وفريق في السعير) نعوذ بالله من السعير ونسأله تعالي الجنة
كيفية تفرق
العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم يصير ; ففريق في الجنة وفريق في السعير
كيفية تفرق العباد عن موقف الحساب وما إليه أمرهم يصير ; ففريق في الجنة وفريق في السعير قال الله تعالى : وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون [ مريم : 39 ] . وقال تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب محضرون [ الروم : 14 - 16 ] . وقال تعالى : فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون [ الروم : 43 ] . وقال تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يخسر المبطلون الآيات إلى قوله : وأما الذين كفروا أفلم تكن آياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين [ ص: 71 ] [ الجاثية : 27 - 31 ] إلى آخر السورة . وقال تعالى : ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا [ الزمر : 70 ، 71 ] الآيات إلى آخر السورة ، وذكر أن هؤلاء سيقوا إلى الجنة ، وهؤلاء سيقوا إلى جهنم ، بعد موقف الحساب وانصرافهم عنه . وقال تعالى : يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ [ هود 105 - 108 ] . وقال تعالى : وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير [ الشورى : 7 ] . وقال تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير [ التغابن : 9 ، 10 ] . وقال تعالى : يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ مريم : 85 ، 86 ] . وقال تعالى : يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون [ آل عمران : 106 ، 107 ] . والآيات في هذا كثيرة جدا ، ولنذكر من الأحاديث ما يناسب هذا المقام ، وهي مشتملة على مقاصد كثيرة غير هذا الفصل ، وسنشير إليها . [ ص: 72 ] وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا محمد بن عثمان العجلي ، حدثنا أبو أسامة ، عن مالك بن مغول ، عن القاسم بن الوليد ، في قوله تعالى : فإذا جاءت الطامة الكبرى [ النازعات : 34 ] . قال : حين سيق أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار . إيراد الأحاديث في ذلك : قال البخاري : حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد ، أن أبا هريرة أخبرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ح ) . وحدثني محمود ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي هريرة ، قال : قال أناس : يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ فقال : " هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : " هل تضارون في القمر ليلة البدر ، ليس دونه سحاب " ؟ قالوا : لا يا رسول الله . قال : " فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك ، يجمع الله الناس فيقول : من كان يعبد شيئا فليتبعه . فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ، ويتبع من كان يعبد القمر القمر ، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت ، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها ، فيأتيهم الله في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : نعوذ بالله منك ، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا ، فإذا [ ص: 73 ] جاء ربنا عرفناه . فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا . فيتبعونه ، ويضرب جسر جهنم " . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فأكون أول من يجيز . ودعاء الرسل يومئذ : اللهم سلم سلم . وفيه كلاليب مثل شوك السعدان ، أما رأيتم شوك السعدان ؟ " قالوا : نعم ، يا رسول الله . قال : " فإنها مثل شوك السعدان ، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله عز وجل ، فتخطف الناس بأعمالهم ، فمنهم الموبق بعمله ، ومنهم المخردل ، ثم ينجو ، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده ، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه ، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ، أمر الملائكة أن يخرجوهم ، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود ، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود ، فيخرجونهم قد امتحشوا ، فيصب عليهم ماء ، يقال له : ماء الحياة . فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار ، فيقول : يا رب ، قد قشبني ريحها ، وأحرقني ذكاؤها ، فاصرف وجهي عن النار . فلا يزال يدعو الله ، فيقول : لعلك إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك لا أسألك غيره . فيصرف وجهه عن النار ، ثم يقول بعد ذلك : يا [ ص: 74 ] رب ، قربني إلى باب الجنة . فيقول : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك ! يا بن آدم ، ما أغدرك ! فلا يزال يدعو ، فيقول : لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره ؟ فيقول : لا ، وعزتك ، لا أسألك غيره . فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره ، فيقربه إلى باب الجنة ، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ، ثم يقول : رب ، أدخلني الجنة . فيقول : أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ؟ ويلك يا بن آدم ، ما أغدرك ! . فيقول : يا رب ، لا تجعلني أشقى خلقك . فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله منه ، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها ، فإذا دخل فيها قيل له : تمن من كذا . فيتمنى ، ثم يقال له : تمن من كذا . فيتمنى ، حتى تنقطع به الأماني ، فيقول : هذا لك ، ومثله معه " . قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا . قال : وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه ، حتى إذا انتهى إلى قوله : " هذا لك ومثله معه " . قال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " هذا لك وعشرة أمثاله " . قال أبو هريرة : ما حفظت إلا : " ومثله معه " . وهكذا رواه البخاري من حديث إبراهيم بن سعد ، عن الزهري ، به ، وزاد : فقال أبو سعيد : أشهد أني حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : " ذلك لك وعشرة أمثاله " ، وهذا الإثبات من أبي سعيد مقدم على ما لم يحفظه أبو هريرة ، حتى ولو نفاه أبو هريرة قدمنا إثبات أبي سعيد ، لما معه من زيادة الثقة المقبولة ، لا سيما وقد تابعه غيره من الصحابة ، كابن مسعود ، كما سيأتي قريبا إن شاء الله تعالى . [ ص: 75 ] وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن زيد ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري ، قال : قلنا : يا رسول الله ، هل نرى ربنا ؟ قال : " هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا ؟ " قلنا : لا . قال : " فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤيتهما " . قال : " ثم ينادي مناد : ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون . فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم ، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ، حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر ، وغبرات من أهل الكتاب ، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب ، فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : كنا نعبد عزيرا ابن الله . فيقال لهم : كذبتم ; لم يكن لله صاحبة ولا ولد ، فما تريدون ؟ قالوا : نريد أن تسقينا . قال : فيقال : اشربوا . فيتساقطون في جهنم ، ثم يقال للنصارى : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد المسيح ابن الله . فيقال لهم : كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد . فيقال : ما تريدون ؟ فيقولون : نريد أن تسقينا . فيقال : اشربوا . فيتساقطون فيها حتى لا يبقى إلا من كان يعبد الله من بر أو فاجر ، فيقال لهم : ما يجلسكم وقد ذهب الناس ؟! فيقولون : إن لنا إلها كنا نعبده ، فارقنا الناس ، ونحن أحوج منا إليه اليوم ، وإنا سمعنا مناديا ينادي ليلحق كل قوم بما كانوا [ ص: 76 ] يعبدون . وإنا ننتظر ربنا ، عز وجل " . قال : " فيأتيهم الجبار ، سبحانه ، في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول : أنا ربكم . فيقولون : أنت ربنا ؟ ولا يكلمه يومئذ إلا الأنبياء ، فيقال : هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها ؟ فيقولون : الساق . فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى من كان يسجد رياء وسمعة ، فيذهب كيما يسجد ، فيعود ظهره طبقا واحدا ، ثم يؤتى بالجسر ، فيجعل بين ظهري جهنم " . قلنا : يا رسول الله ، وما الجسر ؟ قال : " مدحضة مزلة ، عليه خطاطيف ، وكلاليب ، وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفة تكون بنجد ، يقال لها : السعدان . المؤمن عليها كالطرف ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل ، والركاب ، فناج مسلم ، وناج مخدوش ، ومكدوس في نار جهنم ، حتى يمر آخرهم يسحب سحبا ، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم ، من المؤمنين يومئذ للجبار ، إذا رأوا أنهم قد نجوا ، في إخوانهم ، يقولون : ربنا ، إخواننا كانوا يصلون معنا ، ويصومون معنا ، ويعملون معنا . فيقول الله تعالى : اذهبوا ، فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوهم . ويحرم الله صورهم على النار ، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدميه ، وإلى أنصاف ساقه ، فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه . فيخرجون من عرفوا ، ثم يعودون ، فيقول : اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه . [ ص: 77 ] فيخرجون من عرفوا " . قال أبو سعيد : فإن لم تصدقوني فاقرءوا : إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها [ النساء : 4 ] . " فيشفع النبيون ، والملائكة ، والمؤمنون ، فيقول الجبار ، عز وجل : بقيت شفاعتي . فيقبض قبضة ، فيخرج أقواما قد امتحشوا ، فيلقون في نهر بأفواه الجنة ، يقال له : نهر الحياة . فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل ، قد رأيتموها إلى جانب الصخرة ، وإلى جانب الشجرة ، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر ، وما كان منها إلى الظل كان أبيض ، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ ، فيجعل في رقابهم الخواتيم ، فيدخلون الجنة ، فيقول أهل الجنة : هؤلاء عتقاء الرحمن ، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه ، ولا خير قدموه . فيقال لهم : لكم ما رأيتم ومثله معه " . وقال مسلم : حدثنا عبيد الله بن سعيد ، وإسحاق بن منصور ، كلاهما عن روح ، قال عبيد الله : حدثنا روح بن عبادة القيسي ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود ، فقال : نجيء نحن يوم القيامة عن كذا وكذا - انظر : أي ذلك فوق الناس - قال : فتدعى الأمم [ ص: 78 ] بأوثانها وما كانت تعبد ، الأول فالأول ، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول : من تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا . فيقول : أنا ربكم . فيقولون : حتى ننظر إليك . فيتجلى لهم يضحك ، قال : فينطلق بهم ، ويتبعونه ، ويعطى كل إنسان منهم ; منافق أو مؤمن نورا ، ثم يتبعونه ، وعلى جسر جهنم كلاليب وحسك ، تأخذ من شاء الله ، ثم يطفأ نور المنافقين ، ثم ينجو المؤمنون ، فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر ، سبعون ألفا لا يحاسبون ، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء ، ثم كذلك ، ثم تحل الشفاعة ، فيشفعون ، حتى يخرج من النار من قال : لا إله إلا الله ، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة ، فيجعلون بفناء الجنة ، ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتى ينبتوا نبات الشيء في السيل ، ويذهب حراقه ثم يسأل حتى تجعل له الدنيا ، وعشرة أمثالها معها . وقال مسلم : حدثنا محمد بن طريف بن خليفة البجلي ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة ، وأبو مالك ، عن ربعي ، عن حذيفة ، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يجمع الله سبحانه الناس ، فيقوم المؤمنون حين تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم ، فيقولون : يا أبانا ، استفتح لنا الجنة . فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ؟! لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى ابني إبراهيم خليل الله " . قال : " فيقول إبراهيم : لست [ ص: 79 ] بصاحب ذلك ، إنما كنت خليلا من وراء وراء ، اعمدوا إلى موسى الذي كلمه الله تكليما . فيأتون موسى . فيقول : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه . فيقول عيسى : لست بصاحب ذلك ، اذهبوا إلى محمد . فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم ، فيقوم ويؤذن له ، وترسل الأمانة والرحم ، فيقومان جنبتي الصراط يمينا وشمالا ، فيمر أولكم كالبرق " . قال : قلت : بأبي أنت وأمي ، أي شيء كمر البرق ؟ قال : " ألم تروا إلى البرق ، كيف يمر ويرجع في طرفة عين ؟ ثم كمر الريح ، ثم كمر الطير ، وشد الرجال ، تجري بهم أعمالهم ، ونبيكم قائم على الصراط ، يقول : رب ، سلم سلم . حتى تعجز أعمال العباد ، حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفا " . قال : " وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة ، تأخذ من أمرت به ، فمخدوش ناج ، ومكدوس في النار " . والذي نفس أبي هريرة بيده ، إن قعر جهنم لسبعون خريفا . وقال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا عفان بن مسلم ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن عمارة القرشي ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى الأشعري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحشر الله تعالى الأمم في صعيد واحد ، فإذا أراد أن يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون ، فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار ، ثم يأتينا ربنا ونحن في مكان رفيع ، فيقول : ما أنتم ؟ فنقول : نحن المسلمون . فيقول : ما تنتظرون ؟ فنقول : ننتظر ربنا . فيقول : هل تعرفونه [ ص: 80 ] إن رأيتموه ؟ فنقول : نعم . فيقول : وكيف تعرفونه ولم تروه ؟ فنقول : إنه لا عدل له . فيتجلى لنا ضاحكا ، فيقول : أبشروا معشر المسلمين ; فإنه ليس منكم أحد إلا قد جعلت مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا " . وهكذا رواه الإمام أحمد ، عن عبد الصمد وعفان ، عن حماد بن سلمة ، به مثله ، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه ، ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبي بردة وعون بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي بردة ، عن أبيه أبي موسى الأشعري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا " |
الخلع في فقه للحافظ الشوكاني نيل الاوطار والتعقيب
الخلع من نيل الأوطار للحافظ الشوكاني والتعقيب عليه
مسألة:
الجزء السادس الخلع من نيل الأوطار للشوكاني
قلت المدون وملخص
ما سنعرضه من الأحاديث يدل علي:
1.أن الخلع شريعة الله تعالي نزلت في أوائل العهد المدني في سورة البقرة 2هـ ،وتمدد العمل بها إلي سورة الطلاق ضمنا لعدم نزول ما يعارضه فيها بالإنضواء بين حنايا سورة الطلاق المنزلة في العام الخامس أو السادس الهجري، إلا أن الذي تبدل فيها هو تأخير التفريق و تقديم العدة يعني يقبل الزوج الفدية ويقيما هما الإثنان في بيتهما كزوجين حتي تحين نهاية العدة(حيضة واحدة أو شهر قمري واحد أو تضع حملها إن كانت من أولات الأحمال ثم يُشهدان علي الفراق دون تلفظٍ بالطلاق لكون الخلع ليس طلاقا)
أقول تمدد حكمه الي سورة الطلاق بلا تبديل غير
تقديم العدة وتأخير التفريق
2.وأنه منصوص عليه بقول الله تعالي: ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ )/سورة البقرة ✩وفيه رفع الله تعالي الجناح علي الزوج مقابل الفدية من الزوجة : ورفع الجناح يعني قطعا الآتي:
أ) انهاء كل ما يلتزم الزوج
به في أمور الطلاق المقيدة بقيود عملية الطلاق ب)انهاء الحياة الزوجية بمجرد دفع
الزوجة لما تفتدي به نفسها عند زوجها
ج)
الفصل القاطع في أن الخلع ليس طلاقا لأن الطلاق قُيْدَ بثلاث طلقات والقيد جناح
قد رفعه الله من علي الزوج في الخلع فلا يحتسب الخلع طلاقاً بشكلٍ قاطع ويحل هذا
النص القرآني كل الروايات عن النبي صلي الله عليه وسلم التي ذكرته بمعني الطلاق
إلي الضعف والإضراب في متونها كما يذَكِّي كل الروايات التي ذكرت أنه تفريقا
وليس طلاقا لأن التفريق بالخلع رفع الله تعالي كل قيود التطليق بنص الآية( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا
جُنَاحَ
عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) اضغط الرابط *
...................
....................
...............
✩كِتَابُ الْخُلْعِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : { جَاءَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ) . 2878 - ( وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : { أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ سَلُولَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : وَاَللَّهِ مَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ، لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا ، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ } . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ) . 2879 - ( وَعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ : { أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ضَرَبَ امْرَأَتَهُ فَكَسَرَ يَدَهَا وَهِيَ جَمِيلَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، فَأَتَى أَخُوهَا يَشْتَكِيهِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى ثَابِتٍ ، فَقَالَ لَهُ : خُذْ الَّذِي لَهَا عَلَيْكَ وَخَلِّ سَبِيلَهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً وَاحِدَةً وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا } رَوَاهُ النَّسَائِيّ ) . 2880 ) وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : { أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ } . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ) 2881 - ( وَعَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ : { أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ } . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ : حَدِيثُ الرُّبَيِّعِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ ) . *وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ : { أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ كَانَتْ عِنْدَهُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ، وَكَانَ أَصْدَقَهَا حَدِيقَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ الَّتِي أَعْطَاكِ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ وَزِيَادَةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا وَلَكِنْ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَخَذَهَا لَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهَا ; فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ قَالَ : قَدْ قَبِلْت قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَقَالَ : سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ) .
.................
الحاشية
رقم: 1 من اسلام ويب
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّانِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَزْهَرَ بْنِ مَرْوَانَ وَهُوَ صَدُوقٌ مُسْتَقِيمُ الْحَدِيثِ ، وَبَقِيَّةُ إسْنَادِهِ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ . وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ . وَحَدِيثُ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ الْأَوَّلُ إسْنَادُهُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ هَكَذَا : حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيِّ ، أَخْبَرَنِي شَاذَانَ بْنُ عُثْمَانَ أَخُو عَبْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ ، الْحَدِيثَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثِقَةٌ ، وَشَاذَانُ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ جَبَلَةَ وَهُوَ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحِ هُوَ وَأَبُوهُ . وَكَذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ . وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَدْ رَوَى النَّسَائِيّ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ اسْمُهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ . فَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا صَحِيحٌ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الطَّبَرَانِيُّ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الثَّالِثُ قَدْ ذُكِرَ أَنَّهُ مُرْسَلٌ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مُسْنَدًا . وَحَدِيثُ الرُّبَيِّعِ الثَّانِي أَخْرَجَهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ : حَدَّثَنِي عُبَادَةَ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : { اخْتَلَعْت مِنْ زَوْجِي ، فَذَكَرَتْ قِصَّةً وَفِيهَا أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ حَيْضَةً ، قَالَتْ : وَتَبِعَ عُثْمَانُ فِي ذَلِكَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ . } . وَحَدِيثُ أَبِي الزُّبَيْرِ أَخْرَجَهُ أَيْضًا الْبَيْهَقِيُّ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ مَعَ كَوْنِهِ مُرْسَلًا قَوْلُهُ : ( كِتَابُ الْخُلْعِ ) . بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ هُوَ فِي اللُّغَةِ : فِرَاقُ الزَّوْجَةِ عَلَى مَالٍ ، مَأْخُوذٌ مِنْ خَلَعَ الثَّوْبَ ; لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لِبَاسُ الرَّجُلِ مَعْنًى ✩وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ إلَّا بَكْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيّ التَّابِعِيَّ فَإِنَّهُ قَالَ : لَا يَحِلُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ امْرَأَتِهِ فِي مُقَابِلِ فِرَاقِهَا شَيْئًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } وَأَوْرَدَ الرد عَلَيْهِ { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } فَادَّعَى نَسْخَهَا بِآيَةِ النِّسَاءِ ، رَوَى ذَلِكَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ . وَتُعُقِّبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ } وَبِقَوْلِهِ فِيهِمَا : { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا } الْآيَةَ ، وَبِأَحَادِيثِ الْبَابِ ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ . وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ [ ص: 293 ] بَعْدَهُ عَلَى اعْتِبَارِهِ ، وَأَنَّ آيَةَ النِّسَاءِ مَخْصُوصَةٌ بِآيَةِ الْبَقَرَةِ وَبِآيَتَيْ النِّسَاءِ الْآخِرَتَيْنِ . وَهُوَ فِي الشَّرْعِ : فِرَاقُ الرَّجُلِ زَوْجَتَهُ بِبَدَلٍ يَحْصُلُ لَهُ . قَوْلُهُ : ( امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالرُّبَيِّعِ أَنَّ اسْمَهَا جَمِيلَةُ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ اسْمَهَا زَيْنَبُ ، وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَصَحُّ لِإِسْنَادِهَا وَثُبُوتِهَا مِنْ طَرِيقَيْنِ . وَبِذَلِكَ جَزَمَ الدِّمْيَاطِيُّ . وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ أَنَّهَا بِنْتُ سَلُولَ ، وَفِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ الْمَذْكُورَيْنِ أَنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهَا بِنْتُ أُبَيٍّ ، فَقِيلَ : إنَّهَا أُخْتُ عَبْدِ اللَّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْأَثِيرِ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَجَزَمَا بِأَنَّ قَوْلَ مَنْ قَالَ : إنَّهَا بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ وَهْمٌ ، وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِاتِّحَادِ اسْمِ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا وَأَنَّ ثَابِتًا خَالَعَ الثِّنْتَيْنِ وَاحِدَةً بَعْدَ الْأُخْرَى قَالَ الْحَافِظُ : وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَلَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ ، وَقَدْ كَثُرَتْ نِسْبَةُ الشَّخْصِ إلَى جَدِّهِ إذَا كَانَ مَشْهُورًا ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّعَدُّدِ حَتَّى يَثْبُتَ صَرِيحًا . وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَابْنِ مَاجَهْ أَنَّ اسْمَهَا مَرْيَمُ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ . قَالَ الْبَيْهَقِيُّ : اضْطَرَبَ الْحَدِيثُ فِي تَسْمِيَةِ امْرَأَةِ ثَابِتٍ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْخُلْعُ تَعَدَّدَ مِنْ ثَابِتٍ انْتَهَى . وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ { عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْمٍ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهَا عِنْدَ بَابِهِ فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ ؟ قَالَتْ : أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ ، قَالَ : مَا شَأْنُكِ ؟ قَالَتْ : لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ } الْحَدِيثَ وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا أَصْحَابُ السُّنَنِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ كَانَتْ عِنْدَ ثَابِتٍ وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : اُخْتُلِفَ فِي امْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَذَكَرَ الْبَصْرِيُّونَ أَنَّهَا جَمِيلَةُ بِنْتُ أُبَيٍّ ، وَذَكَرَ الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ . قَالَ الْحَافِظُ : الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ وَقَعَتَا لِامْرَأَتَيْنِ لِشُهْرَةِ الْخَبَرَيْنِ وَصِحَّةِ الطَّرِيقَيْنِ وَاخْتِلَافِ السِّيَاقَيْنِ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي تَسْمِيَةِ جَمِيلَةَ وَنِسْبَتِهَا ، فَإِنَّ سِيَاقَ قِصَّتِهَا مُتَقَارِبٌ فَأَمْكَنَ رَدُّ الِاخْتِلَافِ فِيهِ إلَى الْوِفَاقِ ، انْتَهَى . وَوَهِمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَقَالَ : إنَّهَا سَهْلَةُ بِنْتُ حَبِيبٍ ، وَإِنَّمَا هِيَ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ وَلَكِنَّهُ انْقَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ . قَوْلُهُ : ( إنِّي مَا أَعْتُبُ عَلَيْهِ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا ، وَالْعَتَبُ هُوَ الْخِطَابُ بِالْإِدْلَالِ قَوْلُهُ : ( فِي خُلُقٍ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا : أَيْ لَا أُرِيدُ مُفَارَقَتَهُ لِسُوءِ خُلُقِهِ وَلَا لِنُقْصَانِ دِينِهِ . قَوْلُهُ : ( وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ ) أَيْ كُفْرَانَ الْعَشِيرِ وَالتَّقْصِيرَ فِيمَا يَجِبُ لَهُ بِسَبَبِ شِدَّةِ الْبُغْضِ لَهُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهَا أَنَّ شِدَّةَ كَرَاهَتِهَا لَهُ قَدْ تَحْمِلُهَا عَلَى إظْهَارِ الْكُفْرِ لِيَنْفَسِخَ نِكَاحُهَا مِنْهُ . وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ { لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا } وَظَاهِرُ هَذَا مَعَ قَوْلِهَا : { مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَدِينٍ } أَنَّهُ لَمْ يَصْنَعْ بِهَا شَيْئًا يَقْتَضِي الشَّكْوَى مِنْهُ ، وَيُعَارِضُهُ مَا وَقَعَ فِي [ ص: 294 ] حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ الْمَذْكُورِ { أَنَّهُ ضَرَبَهَا فَكَسَرَ يَدَهَا } . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ تَشْكُهُ لِذَلِكَ بَلْ لِسَبَبٍ آخَرَ وَهُوَ الْبُغْضُ أَوْ قُبْحُ الْخِلْقَةِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ : ( حَدِيقَتَهُ ) الْحَدِيقَةُ : الْبُسْتَانُ . قَوْلُهُ : ( اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ : هُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ وَإِصْلَاحٍ لَا إيجَابٍ . وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى صَرْفِ الْأَمْرِ عَنْ حَقِيقَتِهِ ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَخْذٌ الْعِوَضِ مِنْ الْمَرْأَةِ إذَا كَرِهَتْ الْبَقَاءَ مَعَهُ . وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ : إنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْفِدْيَةِ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَرَى عَلَى بَطْنِهَا رَجُلًا ، رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَاسْتَدَلَّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } مَعَ قَوْله تَعَالَى: { إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ آيَةَ الْبَقَرَةِ فَسَّرَتْ الْمُرَادَ بِالْفَاحِشَةِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ الصَّحِيحَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَلَعَلَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُمَا ، وَحَمَلَ الْحَافِظُ كَلَامَهُمَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْكَرَاهَةُ مِنْ قِبَلِ الرَّجُلِ فَقَطْ ، وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ أَحَادِيثُ الْبَابِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ ، وَظَاهِرُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الشِّقَاقِ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ كَافٍ فِي جَوَازِ الْخُلْعِ . وَاخْتَارَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَقَعَ الشِّقَاقُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَتَمَسَّكَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ ، وَبِذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ وَالشَّعْبِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ . وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الطَّبَرِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَقُمْ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ كَانَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِبُغْضِ الزَّوْجِ لَهَا ، فَنُسِبَتْ الْمُخَالَفَةُ إلَيْهِمَا لِذَلِكَ . وَيُؤَيِّدُ عَدَمَ اعْتِبَارِ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَفْسِرْ ثَابِتًا عَنْ كَرَاهَتِهِ لَهَا عِنْدَ إعْلَانِهَا بِالْكَرَاهَةِ لَهُ . قَوْلُهُ : ( تَتَرَبَّصَ حَيْضَةً ) اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ : إنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لَا طَلَاق . وَقَدْ حُكِيَ ذَلِكَ فِي الْبَحْرِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةَ وَالنَّاصِرِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَطَاوُسٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَحَكَاهُ غَيْرُهُ أَيْضًا عَنْ الصَّادِقِ وَالْبَاقِرِ وَدَاوُد وَالْإِمَامِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ . وَحُكِيَ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ وَالْقَاسِمِيَّةِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ . وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ الرُّبَيِّعِ أَنَّ الْخُلْعَ لَوْ كَانَ طَلَاقًا لَمْ يَقْتَصِرْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَمْرِ بِحَيْضَةٍ . وَأَيْضًا لَمْ يَقَعْ فِيهِمَا الْأَمْرُ بِالطَّلَاقِ بَلْ الْأَمْرُ بِتَخْلِيَةِ السَّبِيلِ . قَالَ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ : إنَّهُ بَحَثَ عَنْ رِجَالِ الْحَدِيثَيْنِ مَعًا فَوَجَدَهُمْ ثِقَاتٍ . وَاحْتَجُّوا أَيْضًا لِكَوْنِهِ فَسْخًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } ثُمَّ ذَكَرَ الِافْتِدَاءَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } قَالُوا : وَلَوْ كَانَ الِافْتِدَاءُ طَلَاقًا ، لَكَانَ الطَّلَاقُ الَّذِي لَا تَحِلُّ لَهُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ هُوَ الطَّلَاقُ الرَّابِعُ وَبِحَدِيثِ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ { أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ [ ص: 295 ] كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتٍ : خُذْ مِنْهَا ، فَأَخَذَ وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا } وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الطَّلَاقَ وَلَا زَادَ عَلَى الْفُرْقَةِ . وَأَيْضًا لَا يَصِحُّ جَعْلُ الْخُلْعِ طَلَاقًا بَائِنًا وَلَا رَجْعِيًّا . أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ لِأَنَّهَا تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ . وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إهْدَارٌ لِمَالِ الْمَرْأَةِ الَّذِي دَفَعَتْهُ لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ . وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ بِمَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ مِنْ أَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِثَابِتٍ بِالطَّلَاقِ . وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ الْمَرْأَةِ صَاحِبَةِ الْقِصَّةِ عِنْدَ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ : { وَخَلِّ سَبِيلَهَا } وَصَاحِبُ الْقِصَّةِ أَعْرَفُ بِهَا ، وَأَيْضًا ثَبَتَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ بِتَخْلِيَةِ السَّبِيلِ مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ وَأَبِي الزُّبَيْرِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد بِلَفْظِ : { وَفَارِقْهَا } وَثَبَتَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الرُّبَيِّعِ أَيْضًا عِنْدِ النَّسَائِيّ بِلَفْظِ : { وَتَلْحَقَ بِأَهْلِهَا } وَرِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ أَرْجَحُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاحِدِ . وَأَيْضًا قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا الْحَدِيثُ بِدُونِ ذِكْرِ الطَّلَاقِ مِنْ طَرِيقَيْنِ كَمَا فِي الْبَابِ . وَأَيْضًا ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ جُمْلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّهُ فَسْخٌ ، وَيَبْعُدُ مِنْهُ أَنْ يَذْهَبَ إلَى خِلَافِ مَا يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَدْ حَكَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَكِنَّهُ ادَّعَى شُذُوذَ ذَلِكَ عَنْهُ . قَالَ : إذْ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ نَقَلَ عَنْهُ أَنَّهُ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ إلَّا طَاوُسٌ . قَالَ فِي الْفَتْحِ : وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ طَاوُسًا ثِقَةٌ حَافِظٌ فَقِيهٌ فَلَا يَضُرُّ تَفَرُّدُهُ ، وَقَدْ تَلَقَّى الْعُلَمَاءُ ذَلِكَ بِالْقَبُولِ ، وَلَا أَعْلَمُ مَنْ ذَكَرَ الِاخْتِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ ، إلَّا وَجَزَمَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَاهُ فَسْخًا انْتَهَى . وَقَالَ الْخَطَّابِيِّ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ : أَنَّهُ احْتَجَّ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } انْتَهَى وَأَمَّا الِاحْتِجَاجُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } فَيُجَابُ عَنْهُ أَوَّلًا بِمَنْعِ انْدِرَاجِ الْخُلْعِ تَحْتَ هَذَا الْعُمُومِ لِمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ ، وَثَانِيًا بِأَنَّا لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ طَلَاقٌ لَكَانَ ذَلِكَ الْعُمُومُ مُخَصَّصًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحَادِيثِ فَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّسْلِيمِ طَلَاقًا عِدَّتُهُ حَيْضَةٌ . وَاحْتَجُّوا أَيْضًا عَلَى كَوْنِهِ طَلَاقًا بِأَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ كَمَا حَكَى ذَلِكَ التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ : قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ : إنَّ عِدَّةَ الْمُخْتَلِعَةِ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ ، انْتَهَى . وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ حُجَّةً فِي مَقَامِ النِّزَاعِ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ إمَّا الْكِتَابُ أَوْ السُّنَّةُ أَوْ الْقِيَاسُ أَوْ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافٍ فِي الْأَخِيرَيْنِ . وَأَيْضًا قَدْ عَارَضَ حِكَايَةَ التِّرْمِذِيِّ حِكَايَةُ ابْنِ الْقَيِّمِ فَإِنَّهُ قَالَ : لَا يَصِحُّ عَنْ صَحَابِيٍّ أَنَّهُ طَلَاقٌ أَلْبَتَّةَ قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَيْضًا : وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ أَنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ عَلَى الطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ كُلُّهَا مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْخُلْعِ : أَحَدُهَا : أَنَّ الزَّوْجَ أَحَقُّ بِالرَّجْعَةِ فِيهِ . الثَّانِي : أَنَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْ الثَّلَاثِ فَلَا تَحِلُّ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ زَوْجٍ وَإِصَابَةٍ . الثَّالِثُ : أَنَّ الْعِدَّةَ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ ، وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي الْخُلْعِ ، انْتَهَى . قَالَ الْحَافِظُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ [ ص: 296 ] فِي بَحْثٍ لَهُ : وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا ، يَعْنِي الزَّيْدِيَّةَ عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ بِثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ ثُمَّ ذَكَرَهَا . وَأَجَابَ عَنْهَا بِوُجُوهٍ حَاصِلُهَا أَنَّهَا مَقْطُوعَةُ الْأَسَانِيدِ ، وَأَنَّهَا مُعَارَضَةٌ بِمَا هُوَ أَرْجَحُ ، وَأَنَّ أَهْلَ الصِّحَاحِ لَمْ يَذْكُرُوهَا وَإِذَا تَقَرَّرَ لَك رُجْحَانُ كَوْنِهِ فَسْخًا ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْقَائِلِينَ بِهِ لَا يَشْتَرِطُونَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لِلسُّنَّةِ ، فَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ الْحَيْضِ ، وَيَقُولُ بِوُقُوعِهِ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ جُمْلَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ الَّتِي جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْأَزْوَاجِ . وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ الِاشْتِرَاطِ عَدَمُ اسْتِفْصَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ وَغَيْرِهَا . وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ لِسَبْقِ الْعِلْمِ بِهِ . وَقَدْ اشْتَرَطَ فِي الْخُلْعِ نُشُوزَ الزَّوْجَةِ الْهَادَوِيَّةُ . وَقَالَ دَاوُد وَالْجُمْهُورُ : لَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ اشْتَرَتْ الطَّلَاقَ بِمَالِهَا ، فَلِذَلِكَ لَمْ تَحِلَّ فِيهِ الرَّجْعَةُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ . قَالَ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْوَزِيرُ : إنَّ الْأَمْرَ الْمُشْتَرَطَ فِيهِ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ، هُوَ طِيبُ الْمَالِ لِلزَّوْجِ لَا الْخُلْعُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ السِّيَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } قَوْلُهُ : ( أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا ) اسْتَدَلَّ بِذَلِكَ مَنْ قَالَ : إنَّ الْعِوَضَ مِنْ الزَّوْجَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بِمِقْدَارِ مَا دَفَعَ إلَيْهَا الزَّوْجُ لَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ . وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا وَلَا يَزْدَادَ } وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ عَنْ سَعِيدٍ ، قَالَ أَيُّوبُ : لَا أَحْفَظُ فِيهِ " وَلَا يَزْدَادَ " وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ { وَكَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى } ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْبَيْهَقِيُّ . قَالَ : وَوَصَلَهُ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . وَقَالَ أَبُو الشَّيْخِ : هُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ ، يَعْنِي : الصَّوَابُ إرْسَالُهُ ، وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ يُعْتَضَدُ مُرْسَلُ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : إنَّهُ سَمِعَهُ أَبُو الزُّبَيْرِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَالَ الْحَافِظُ : فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَحَابِيٌّ فَهُوَ صَحِيحٌ ، وَإِلَّا فَيُعْتَضَدُ بِمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ . وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَأْخُذُ مِنْهَا فَوْقَ مَا أَعْطَاهَا . وَعَنْ طَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ مِثْلُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَالْهَادَوِيَّةِ . وَعَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ : مَنْ أَخَذَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى لَمْ يُسَرِّحْ بِإِحْسَانٍ . وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ . قَالَ : مَا أُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا لِيَدَعْ لَهَا شَيْئًا . وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخَالِعَ الْمَرْأَةَ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا . قَالَ مَالِكٌ : لَمْ أَرَ أَحَدًا مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ ، لَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ . وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ الرُّبَيِّعِ قَالَتْ : " كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ عَمِّي كَلَامٌ وَكَانَ زَوْجَهَا ، قَالَتْ : فَقُلْت لَهُ : لَك كُلُّ شَيْءٍ وَفَارِقْنِي ، قَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَأَخَذَ وَاَللَّهِ كُلَّ فِرَاشِي ، فَجِئْتُ عُثْمَانَ وَهُوَ مَحْصُورٌ ، فَقَالَ : الشَّرْطُ أَمْلَكُ ، خُذْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى عِقَاصَ رَأْسِهَا " وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ أَجَازَ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا وَرَوَى [ ص: 297 ] الْبَيْهَقِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ : { كَانَتْ أُخْتِي تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ ، فَارْتَفَعَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهَا : أَتَرُدِّينَ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : وَأَزِيدُهُ ، فَخَلَعَهَا ، فَرَدَّتْ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ وَزَادَتْهُ } وَهَذَا مَعَ كَوْنِ إسْنَادِهِ ضَعِيفًا لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ قَرَّرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دَفْعِ الزِّيَادَةِ ، بَلْ أَمَرَهَا بِرَدِّ الْحَدِيقَةِ فَقَطْ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إنَّ سُكُوتَهُ بَعْدَ قَوْلِهَا : " وَأَزِيدُهُ " تَقْرِيرٌ . وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ قَوْله تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } فَإِنَّهُ عَامٌّ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَكِنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلنَّهْيِ عَنْ الزِّيَادَةِ مُخَصِّصَةٌ لِهَذَا الْعُمُومِ وَمُرَجَّحَةٌ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَاتِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلتَّقْرِيرِ لِكَثْرَةِ طُرُقُهَا وَكَوْنِهَا مُقْتَضِيَةً لِلْحَصْرِ وَهُوَ أَرْجَحُ مِنْ الْإِبَاحَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْأُصُولِ . وَأَحَادِيثُ الْبَابِ قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ إذَا كَانَ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ فَيُجْمَعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِالتَّحْرِيمِ بِحَمْلِهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ سَبَبٌ يَقْتَضِيهِ وَقَدْ أَخْرَجَ أَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ } وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ { مِنْ غَيْرِ مَا بَأْسٍ } وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ . وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ } وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ ، وَفِي سَمَاعِهِ مِنْهُ نَظَرٌ . |