نموذج الهداية {3}
وَيُؤْمَرُ الصَّبِيُّ بِالصَّلاَةِ ، ويُضْرَبُ عَلَى تَرْكُهَا لِعَشْر ( ) . وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، والأُخْرَى : أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ ( ) . وتَصَحُّ صَلاَتُهُ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ فَإِنْ بَلَغَ في أَثْنَائِهَا ، أَوْ صَلَّى في أَوَّلِ الوَقْتِ ؛ وَبَلَغَ في آخِرِهِ ؛ لَزِمَهُ إِعَادَتُهَا .
أَوْ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ ؛ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَأْخِيْرُهَا عَنْ وَقْتِهَا ؛ إذَا كَانَ ذَاكِراً لَهَا قَادِراً عَلَى فِعْلِهَا ؛ إلاَّ مَنْ أَرَادَ الْجَمْعَ لِعُذْرٍ ؛ فَإِنْ تَرَكَ الصَّلاَةَ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا جَاحِداً لِوُجُوبِهَا؛ كَفَرَ ( )، وَوَجَبَ قَتْلُهُ، وإِنْ تَرَكَهَا تَهَاوُناً، لا جُحُوْداً لِوُجُوبِهَا، دُعِيَ إلى فِعْلِهَا؛ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهَا حَتَّى تَضَايَقَ وَقْتُ التي بَعْدَهَا؛ وَجَبَ قَتْلُهُ، وَعَنْهُ: لا يَجِبُ قَتْلُهُ حَتَّى يَتْرُكَ كُلّ الصَّلَوَاتِ وَيَتَضَايَقُ وَقْتُ الرَّابِعَةِ ( ). وإِذَا وَجَبَ قَتْلُهُ ؛ لَمْ يُقْتَلْ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ؛ فَإِنْ تَابَ ؛ وإِلاَّ قُتِلَ بالسَّيْفِ . وَهَلْ وَجَبَ قَتْلُهُ حَدّاً أوْ لِكُفْرِهِ ؛ على رِوَايَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : أَنَّهُ لِكُفْرِهِ كَالْمُرْتَدِّ . والثَّانِيَة : حَدّاً ( ) ، وحُكْمُهُ حُكْمُ أَمْوَاتِ الْمُسْلِمِيْنَ .
بَابُ مَوَاقِيْتِ الصَّلاَةِ
الصَّلَوَاتُ الْمَكْتُوبَةُ خَمْسٌ ( ) ؛ الفَجْر ، وَهِيَ : رَكْعَتَانِ ، وأَوَّلُ وَقْتِهَا ؛ إذَا طَلَعَ الفَجْرُ الثَّانِي ، وآخِرُهُ إذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ . والتَغْلِيْسُ ( ) بِهَا أَفْضَلُ ، وَعَنْهُ : أَنَّ الْمُعْتَبِر
بِحَالِ الْمَأْمُوْمِيْنَ ، فَإِنْ أَسْفَرُوْا ؛ فَالأفْضَلُ الإسْفَار ( ) .
ثُمَّ الظُّهْرُ ، وَهِيَ: أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ، وأَوَّلُ وَقْتِهَا إذَا زَالَتِ الشَّمْسُ ، وآخِرُهُ إذَا صار ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ . والأَفْضَلُ تَعْجِلُهَا ؛ إِلاّ في شِدَّةِ الْحَرِّ ، وَمَعَ الغَيْمِ لِمَنْ أَرَادَ الْخُرُوْجَ إلى الْجَمَاعَةِ .
ثُمَّ العَصْرُ ، وَهِيَ : أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ، وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ / 17 و / وآخِرُهُ إذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَيْهِ ، وَعَنْهُ : أَنَّ آخِرَهُ مَا لَمْ تَصْفَرُّ الشَّمْسُ ، ثُمَّ يَخْرُجُ وَقْتُ الاخْتِيَارِ ( ) ، وِيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلى الغُرُوْبِ . وَهِيَ الوُسْطَى ( ) . وَتَعْجِيْلُهُا أَفْضَلُ بِكُلِّ حَالٍ .
ثُمَّ الْمَغْرِبُ ، وَهِيَ ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ ، وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إذَا غَابَتِ الشَّمْسُ ، وآخِرُهُ إذَا غَابَ الشَّفَقُ الأَحْمَرُ. والأَفْضَلُ تَعْجِيْلُهَا ؛ إِلاَّ لَيْلَةَ النَّحْرِ في حَقِّ الْمُحْرِمِ إذَا قَصَدَ مُزْدَلِفَةَ.
ثُمَّ العِشَاءُ ، وَهِيَ : أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ . وَأَوَّلُ وَقْتِهَا إذَا غَابَ الشَّفَقُ ، وآخِرُهُ ثُلُثُ اللَّيْلِ ، وَعَنْهُ : نِصْفُهُ ( ) .
والأَفْضَلُ تَأْخِيْرُهَا إلى آخِرِهِ ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَقْتُ الاخْتِيَارِ ، وَيَبْقَى وَقْتُ الْجَوَازِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي ( ) .
وَمَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلاةِ تَكْبِيْرَةَ الإِحْرَامِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ الوَقْتُ ؛ فَقَدْ أَدْرَكَهَا .
وَمَنْ شَكَّ في الوَقْتِ ؛ فَلاَ يُصَلِّي حَتَّى يَتَيَقَّنَ ، أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُوْلُهُ . فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ عِنْدَهُ بِدُخُوْلِ الوَقْتِ ؛ عَمِلَ بِهِ ، وإِنْ أَخْبَرَهُ عَنِ اجْتِهَادٍ ؛ لَمْ يُقَلِّدْهُ ، واجْتَهَدَ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الوَقْتِ. وإِذَا اجْتَهَدَ في الوَقْتِ وصَلَّى؛ فَبَانَ أَنَّهُ وَافَقَ الوَقْتَ ، أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ ، أَجْزَأَهُ ، وإِنْ وَافَقَ قَبْلَ دُخُولِ الوَقْتِ لَمْ يُجْزِئْهُ . وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الصَّلاةِ تَكْبِيْرَةَ الإحْرَامِ ، ثُمَّ جُنَّ ، أَوْ كَانَتْ امْرَأَةٌ فَحَاضَتْ ؛ فَعَلَيْهِ القَضَاءُ .
وإِذَا بَلَغَ صَبِيٌّ ، أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ ، أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ ، أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ ، أَوْ نُفَسَاءُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِمِقْدَارِ تَكْبِيْرَةِ الإِحْرَامِ ؛ لَزِمَهُمْ الصُّبْحُ ، وإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الفَجْرِ ، أَوْ قِيلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ؛ لَزِمَهُمْ الْمَغْرِبُ والعِشَاءُ والظُّهْرُ والعَصْرُ .
ومَنْ لَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُ الصَّلاَةِ – وَهُوَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا – لَزِمَهُمْ القَضَاءُ عَلَى الفَوْرِ مُرَتَّباً ؛ سَوَاءٌ قَلَّّتِ الفَوائِتُ ، أَوْ كَثُرَتْ ؛ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الْحَاضِرَةِ ؛ سَقَطَ وُجُوبُ التَّرْتِيْبِ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، والأُخْرَى لا يَسْقُطُ ( ) . فَإِنْ نَسِيَ التَّرْتِيْبَ ؛ سَقَطَ وُجُوبُهُ عَنْهُ .
بَابُ الأَذَانِ
الأَذَانُ والإِقَامَةُ فَرْضٌ ( ) عَلَى الكِفَايَةِ لِكُلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ ، فَإِنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِ ؛ قاتَلَهُمْ الإِمَامُ ، والأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ ( ) كَلِمَةً لا تَرْجِيْحَ ( ) فِيهِ . التَكْبِيْرُ في أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ ، والشَّهَادَتَانِ / 18 و / أَرْبَعٌ ، والدُّعَاءُ إلى الصَّلاَةِ أَرْبَعٌ ، والتَكْبِيْرُ في آخِرِهِ مَرَّتَانِ ، وَكَلِمَةُ الإِخْلاَصِ مَرَّةً ، وَيَثُوْبُ في أَذَانِ الفَجْرِ ؛ فَيَقُولُ : بَعْدَ الْحَيْعَلَةِ – الصَّلاَةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ ، مَرَّتَيْنِ .
والأَفْضَلُ في الإِقَامَةِ الإِفْرَادُ ( ) ، وأَنْ يَكُونَ إِحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً، التَكْبِيرُ في آخِرِهَا مَرَّتَانِ ، وَكَلِمَةُ الإِخْلاَصِ مَرَّةٌ ، فَإِنْ ثَنَّى فِيْهَا ؛ فَلا بأْسَ ، ويُسْتَحَبُّ أنْ يُرَتِّلَ ( ) الأَذَانَ، ويُحْدِرَ ( ) الإِقَامَةَ ، وأَنْ يُؤَذِّنَ ، ويُقِيْمَ قَائِماً ( ) مُتَطَهِّراً ( )، ويَتَوَلاّهُمَا معاً ( ).
وَيُؤَذِّنُ عَلَى مَوْضِعٍ عَالٍ ( ) . وَيَجْعَلُ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً أُذُنَيْهِ ( ) ، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ ، فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِيْناً وَشَمَالاً ( ) ، وَلَمْ يُزِلْ قَدَمَيْهِ عَنْ مَوْضِعِهِمَا ، وَلَمْ يَسْتَدْبِرِ القِبْلَةَ ، ويُقِيْمُ في مَوْضِعِ أَذَانِهِ ؛ إِلاَّ أَنْ يَشُقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، مِثْل أن يَكُونَ قد أَذَّنَ في الْمَنَارَةِ. ولا يُجْهِدُ نَفْسَهُ في رَفْعِ صَوْتِهِ زِيَادَةً عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ .
وَلاَ يَقْطَعُ الأَذَانَ بِكَلامٍ ، وَلا غَيْرِهِ ؛ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ كَثِيْراً ، وَكَانَ الكَلاَمُ سبّاً ، أَوْ مَا أشْبَهَهُ ؛ لَمْ يعتدَّ بِأذَانِهِ . ولا يُعْتَدُّ بِأذَانِ الفَاسِقِ في أَحَدِ الوَجْهَيْنِ ، ويُعْتَدُّ بِهِ في الآخِرِ ( ) ؛ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إِمَامَتِهِ ، وكَذَلِكَ في الأَذَانِ الْمُلَحَّنِ وَجْهَانِ ( ) .
وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الأَذَانِ : (( اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، والصَّلاةِ القَائِمَةِ ؛ آتِ مُحَمَّداً الوَسِيْلَةَ ، والفَضِيْلَةَ ، وابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُوْدَ الَّذي وَعَدْتَهُ . واسْقِنَا مِنْ حَوْضِهِ بِكَأسِهِ هَنِيئاً سَائِغاً رَوِيّاً ، غَيْرَ خَزَايَا وَلا نَاكِثِيْنَ بِرَحْمَتِكَ )) ( ) .
وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كَما يَقُولُ ؛ إلاَّ في الْحَيْعَلَةِ ؛ فَإِنَّهُ يَقُولُ : لا حَوْلَ ولاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ( ) . وَيَقُولُ في كَلِمَةِ الإِقَامَةِ : (( أَقَامَهَا اللهُ وأَدَامَهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ والأَرْضُ )) ( ).
وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَقُوْلَ مِثْلَ مَا يَقُوْلُ مَنْ سَمِعَهُ في خُفْيَةٍ ( ) .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ الْمُؤَذِّنُ ثِقَةً أَمِيْناً عَالِماً بِالأَوْقَاتِ .
ويُجْزِئُ أَذَانُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِيْنَ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَلاَ يُجْزِئ في
الأُخْرَى ( ) . وَلاَ يَصِحُّ الأَذَانُ إلاَّ مُرَتَّباً . وَلاَ يَجُوْزُ قَبْلَ دُخُولِ الوَقْتِ إلاَّ لِلصُّبْحِ ؛ فَإِنَّهُ
/ 19 ظ / يُؤَذِّنُ لَهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ ، ويُكْرَهُ ذَلِكَ في رَمَضَانَ ( ) .
ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ جَلْسَةً خَفِيفَةً ، ثُمَّ يُقِيْمَ .
وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ ، أَوْ جَمْعٌ بَيْنَ صَلاتَيْنِ ؛ أَذَّنَ وأقَامَ للأُوْلَى ،وأَقَامَ لِلَّتِي بَعْدَهَا .
وَلاَ يُسَنُّ في حَقِّ النِّسَاءِ أَذَانٌ ، ولا إقَامَةٌ ( ) .
والأَذَانُ أَفْضَلُ مِنَ الإِمَامَةِ .
ولا يَجُوْزُ أَخْذُ الأُجْرَةِ عَلَيْهِ ( ) ؛ فَإِنْ لَمْ يُوْجَدْ مَنْ يَتَطَوَّع بِهِ رَزَقَ الإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَقُوْمُ بِهِ .
وَإِذَا تَشَاحَّ نَفْسَانِ في الأَذَانِ ، قُدِّمَ أَكْمَلُهُمَا في دِيْنِهِ ، وَعَقْلِهِ ، وَفَضْلِهِ ، فَإِنْ اسْتَوَيَا في ذَلِكَ ، قُدِّمَ أَعْمَرُهُمَا لِلْمَسْجِدِ ، وَأَتَمُّهُمَا مُرَاعَاةً لَهُ ، فَإِنْ اسْتَوَيَا ، أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَفِي الأُخْرَى : يُقَدَّمُ مَنْ يَرْتَضِي بِهِ الْجِيْرَانُ ( ) .
وَلاَ يُسَنُّ الأَذَانُ لِغَيْرِ الْمَكْتُوبَةِ .
وَلَيْسَ لِلْعِيْدِ والكُسُوْفِ ، والاسْتِسْقَاءِ ؛ إلاَّ النِّدَاءُ بِقَوْلِهِ : الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ .
وَلَيْسَ لِصَلاةِ الْجَنَازَةِ أَذَانٌ ، ولا نِدَاءٌ ، واللهُ أَعْلَمُ .
بَابُ سَتْرِ العَوْرَةِ
سَتْرُ العَوْرَةِ بِمَا لاَ يَصِفُ البَشَرَةَ وَاجِبٌ ، وَهُوَ شَرْطٌ في صحَّةِ الصَّلاَةِ .
وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ ، والأَمَةُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ والرُّكْبَةِ ، وَعَنْهُ : أَنَّهَا القُبُلُ والدُّبُرُ ( ) . وعَوْرَةُ الْحُرَّةِ جَمِيْعُ بَدَنِهَا ، إِلاَّ الوَجْهِ ، وَفِي الكَفَّيْنِ رِوَايَتَانِ ( ) . وَعَوْرَةُ أُمِّ الوَلَدِ ( ) والْمُعْتَقِ بَعْضُهُمَا عَوْرَةُ الْحُرَّةِ ، وَعَنْهُ : كَحَدِّ عَوْرَةِ الأَمَةِ ( ) .
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ في قَمِيصٍ ، وَرِدَاءٍ ، فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى سَتْرِ العَوْرَةِ ؛ أَجْزَأَهُ في النَّفْلِ ، وَلَمْ يَجِزْهُ في الفَرْضِ ؛ حَتَّى يَستُرَ مَنْكِبَيْهِ ( ) عَلَى مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا ( ) ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا : إذَا طَرَحَ شَيْئاً وَلَوْ خَيْطاً ؛ أَجْزَأَهُ .
ويُسْتَحَبُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُصَلِّي في دِرْعٍ ، وخِمَارٍ وَجُلْبَابٍ تَلْتَحِفُ بِهِ ، وَلاَ تَضُمُّ ثِيَابَهَا في حَالِ قِيَامِهَا . فَإِنِ اقْتَصَرَتْ عَلَى دِرْعٍ وَخِمَارٍ يَسْتُرُ جَمِيْعَ عَوْرَتِهَا ؛ أَجْزَأَ .
وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ مَا يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ ، أَوْ مَنْكِبَيْهِ ، سَتَرَ عَوْرَتَهُ . وَقَالَ شَيْخُنَا ( ) : يَسْتُرُ مَنْكِبَيْهِ ، ويُصَلِّي جَالِساً . فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ العَوْرَةِ ؛ سَتَرَ الفَرْجَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ يَكْفِي أَحَدَهُمَا ، سَتَرَ الدُّبُرَ عَلَى ظَاهِرِ كَلامِ أَحْمَدَ – رَحِمَهُ اللهُ – / 20 و / وَقِيلَ : يَسْتُرُ القُبُلَ ؛ لأَنَّ بِهِ يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ .
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إِلاَّ ثَوْباً نَجساً ؛ صَلَّى فِيهِ ، وَأَعَادَ عَلَى الْمَنْصُوْصِ ، وَيَتَخَرَّجُ : أَنْ لاَ يُعِيْد بِنَاءً عَلَى مَنْ صَلَّى في مَوْضِعٍ لا يُمْكِنُهُ الْخُرُوْجُ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ قَالَ : لا إِعَادَةَ عَلَيْهِ .
وإِنْ صَلَّى في ثَوْبِ حَرِيْرٍ ، أَوْ مَغْصُوبٍ ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ( ) ، وَفِي الأُخْرَى : تَصحُّ مَعَ التَّحْرِيْمِ .
فَإِنْ بُذِلَ لَهُ سُتْرَةٌ لَزِمَهُ قَبُولُهَا وإِنْ عدم بِكُلِّ حَالٍ ؛ صَلَّى عُرْيَاناً جَالِساً يُوْمِئُ إِيْمَاءً . فَإِنْ صَلَّى قَائِماً ؛ فَلاَ بَأْسَ ، ولا إعَادَةَ عَلَيْهِ . وَإِذَا وَجَدَ السُّتْرَةَ قَرِيْبَةً مِنْهُ – في أثْنَاءِ الصَّلاَةِ – ؛ سَتَرَ ، وبَنَى ، وإِنْ كَانَتْ بِالبُعْدِ سَتَرَ واسْتَأْنَفَ .
وَإِذَا انْكَشَفَ مِنَ العَوْرَةِ يَسِيْرٌ – وَهُوَ مَا لا يَفْحَشُ في النَّظَرِ ؛ لَمْ تَبْطُلِ الصَّلاَةُ ، ولا فَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ الفَرْجَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ، فَإِنْ فَاحِشٌ ؛ بَطلَتْ .
وَيُصَلِّي الغُزَاةُ جَمَاعَةً،وَيَكُوْنُ إِمَامُهُمْ في وَسَطِهِمْ.فَإِنْ كَانُوْا رِجَالاً،وَنِسَاءً ، وَكَانُوْا في سَعَةٍ ؛ صَلَّى كُلُّ نَوْعٍ لأَنْفُسِهِمْ ، وإِنْ كَانُوْا في ضِيْقٍ ، صَلَّى الرِّجَالُ ، واسْتَدْبَرَهُمْ النِّسَاءُ ، ثُمَّ صَلَّى النِّسَاءُ ، واسْتَدْبَرَهُمْ الرِّجَالُ ؛ لِئَلاَّ يَرَى بَعْضُهُمْ عَوْرَاتِ بَعْضٍ .
وَيُكْرَهُ في الصَّلاَةِ السَّدْلُ ( ) - وَهُوَ أَنْ يَطْرَحَ عَلَى كَتِفَيْهِ ثَوْباً ، ولا يَرُدّ أَحدَ طَرَفَيْهِ عَلَى الكَتِفِ الآخِرِ - ، واشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ( ) - وَهُوَ أَنْ يَضْطَبِعَ بِالثَّوْبِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ، وَعَنْهُ : أَنَّهُ يَضْطَبِعُ بالثَّوْبِ ؛ وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ غَيْرُهُ ( ) - .
ويُكْرَهُ تَغْطِيَةُ الوَجْهِ ، وَكَفُّ الكَمِّ ، وشَدُّ الوَسَطِ بِمَا يُشْبِهُ شَدَّ الزُّنَّارِ ( ) ، والتَّلَثُّمُ عَلَى الفَمِ ( ) . فَأَمَّا التَّلَثُّم عَلَى الأْنْفِ فَعَلى رِوَايَتَيْنِ ( ) .
وَيُكْرَهُ إسْبَالُ الإزَارِ والقَمِيْصِ ، والسَّرَاوِيْلِ ، والعِمَامَةِ عَلَى وَجْهِ التَّفَاخُرِ ، والْخُيَلاَءِ ( ) . وَتُكْرَهُ الصَّلاَةُ في الثَّوْبِ الْمُعَصْفَرِ والْمُزَعْفَرِ ( ) .
بَابُ مَوَاضِعِ الصَّلَوَاتِ وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ
يَجِبُ عَلَى مَنْ أَرَادَ الصَّلاَةَ أَنْ يُطَهِّرَ ثَوْبَهُ وَبَدَنَهُ ، وَمَوْضِعَ صَلاتِهِ مِنَ النَّجَاسَةِ
/ 21 ظ / فَإِنْ حَمَلَهَا ،أَوْ لاَقَاهَا بِبَدَنِهِ ، أَوْ ثَوْبِهِ ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ ؛ إِلاَّ أَنْ تَكُوْنَ نَجَاسَة مَعْفُوّاً عَنْهَا ، كَيَسِيْرِ الدَّمِ ، وما أَشْبَهَهُ . فَإِنْ صَلَّى ثُمَّ رَأى في ثَوْبِهِ نَجَاسَةً لا يَعْلَمُ بِهَا : هَلْ لَحِقَتْهُ في الصَّلاَةِ ، أَوْ بَعْدَهَا ، ويَحْتَمِل الأَمْرَيْنِ ؟ فَصَلاتُهُ مَاضِيَةٌ . وإِنْ عَلِمَ أنَّهَا لَحِقَتْهُ في الصَّلاَةِ ؛ لَكِنْ نَسِيَهَا ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِزَالَتِهَا ، فَهَلْ يُعِيْدُ الصَّلاَة أَمْ لا ؟ على روايتين ( ) .
واذا خَفِيَ عَلَيْهِ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ مِنْ ثَوْبِهِ ، أَوْ بَدَنِهِ ؛ وَجَبَ عَلَيْهِ غَسْلُ مَا تَيَقَّنَ بِهِ أنَّ التَّطْهِيْرَ قد لَحِقَ الْمَوْضِعَ .
وَإِذَا أَصَابَ الأَرْضَ نَجَاسَةٌ ؛ فَذَهَبَ أَثَرُهَا بِالشَّمْسِ ، أَوْ الرِّيْحِ ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاتُهُ عَلَيْهَا . فَإِنْ طَيَّبَهَا ، أَوْ بَسَطَ عَلَيْهَا شَيْئاً طَاهِراً ، كُرِهَ ذَلِكَ ، وَصَحَّتْ صَلاتُهُ ، وَقِيلَ :
لا تَصِحَّ ( ) .
وإنْ صَلَّى عَلَى مِنْدِيْلٍ عَلَى طَرَفِهِ نَجَاسَةٌ ، أَوْ كَانَ تَحْتَ قَدَمِهِ حَبْلٌ مَشْدُودٌ في طَرَفِهِ نَجَاسَةٌ ؛ فَصَلاتُهُ صَحِيْحَةٌ . وإِنْ كَانَ الْمِنْدِيْلُ ، والْحَبْلُ مُتَعَلِّقاً بِهِ ؛ بِحَيْثُ يَنْجَرُّ مَعَهُ إذَا مَشَى ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ .
وَلاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ في الْمَقْبَرَةِ ، والْمَجْزَرَةِ ، وَبَيْتِ الْحُشِّ ( )، والْمَزْبَلَةِ ، والْحَمَّامِ، وأَعْطَانِ الإِبِلِ – وَهِيَ: الَّتِي تُقِيْمُ فِيْهَا ، وتَأْوِي إِلَيْهَا – وَمَحَجَّةِ الطَّرِيْقِ ، وظَهْرِ الكَعْبَةِ، والْمَوْضِعِ الْمَغْصُوْبِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، والأُخْرَى تَصُحُّ الصَّلاَةُ مَعَ التَّحْرِيْمِ . وَقِيلَ : إِنْ عَلِمَ بالنَّهِيِ ؛ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ؛ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .
فَإِنْ صَلَّى إلى هذِهِ الْمَوَاضِعِ ؛ فصلاتُهُ صَحِيْحَةٌ. وَقَالَ ابنُ حَامِدٍ ( ): إِنْ صَلَّى إلى الْمَقْبَرَةِ ، وَبَيْتِ الْحُشِّ ، ولا حَائِلَ بَيْنَهُمَا ؛ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَلَّى عَلَى سَابَاطٍ ( ) أُحْدِثَ عَلَى طَرِيْقٍ ، أَوْ نَهْرٍ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ ، أَوْ في مَسْجِدٍ بُنِيَ في الْمَقْبَرَةِ أَوْ في سَطْحِ بَيْتِ الْحُشِّ والْحَمَّامِ ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُصَلِّي فِيْهِمَا .
ولا بَأْسَ بِصَلاةِ الْجَنَازَةِ في الْمَقْبَرَةِ . ولا تَصِحَّ صَلاةُ الفَرِيْضَةِ في الكَعْبَةِ ، ولا عَلَى سطحها . فأَمَّا النَّافِلَةُ فَتَصِحُّ ، إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ مِنْها .
ولا يَجُوْزُ لِكَافِرٍ دُخُولَ الْحَرَمِ، وَهَلْ يَجُوْزُ لأَهْلِ الذِّمَةِ دُخُوْلَ مَسَاجِدَ الْحِلِّ ( ) ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ( ) .
وَإِذَا جَبَرَ سَاقَهُ ، أَوْ زَنْدَهُ بِعَظْمٍ نَجَسٍ ، فَانْجَبَرَ ؛ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَلْعُهُ ؛ / 22 و / إذَا خاف الضَّرَرَ ، وأجْزَأَتْهُ صَلاَتُهُ ، وَيلْزمُهُ قَلْعُهُ ؛ إذَا لَمْ يَخَفْ التَّلَفَ ( ) . وَإذَا سَقَطَ سِنٌّ مِنْ أَسْنَانِهِ ، أَوْ عُضْوٌ مِنْ أعْضَائِهِ ؛ فأَعَادَهُ بِحَرَارَتِهِ ؛ فَثَبَتَ في مَوْضِعِهِ ؛ فَهُوَ طَاهِرٌ ، ولا بَأْسَ بِصَلاَتِهِ مَعَهُ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، وَفِي الأُخْرَى : هُوَ نَجَسٌ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ العَظْمِ النَّجَسِ ، إذَا جَبَرَ به سَاقَهُ ( ) .
بَابُ اسْتِقْبَالِ القِبْلَةِ
اسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ شَرْطٌ في صِحَّةِ الصَّلاَةِ ( ) ؛ إلاَّ في حَالِ الْمُسَايَفَةِ ( ) ، والنَّافِلَةِ في السَّفَرِ ؛ فَإِنَّهُ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَ . فَإِنْ أَمْكَنَهُ افْتِتَاحُ الصَّلاَةِ إلى القِبْلَةِ ؛ لَزِمَهُ ذَلِكَ ( ) ، وتَمَّمَ الصَّلاَةَ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَاكِباً ، أَوْ مَاشِياً .
والفَرْضُ في القِبْلَةِ إِصَابَةِ العَيْنِ . فَمَنْ قَرُبَ مِنْها ، أَوْ مِنْ مَسْجِدِ الرَّسُوْلِ ؛ لَزِمَهُ ذَلِكَ بِيَقِيْنٍ ، وَمَنْ بَعُدَ عَنْهَا ، فَبِالاجْتِهَادِ .
وَقَالَ الْخَرْقِي ( ) : يَجْتَهِدُ إلى جِهَتِهَا في البُعْدِ ( ) .
فَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةِ عَنْ عِلْمٍ ؛ صَلَّى بِقَوْلِهِ ، وَلَمْ يَجْتَهِدْ .
وَإِذَا كَانَ في السَّفَرِ ، واشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ القِبْلَةَ ؛ اجْتَهِدَ في طَلَبِهَا بالدَّلاَئِلِ مِنَ النُّجُومِ ، وأَثْبَتَهَا الْحَدِي – وَهُوَ نَجْمٌ خَفِيٌّ يُعْرَفُ مَكَانُهُ بالفَرْقَدَيْنِ لأَنَّهُمَا دُوْنَهُ ( ) – فَإِذَا جَعَلَهُ الْمُصَلِّي حِذَاءَ ظَهْرِ أُذُنِهِ الْيُمْنَى عَلَى عُلُوِّهَا ؛ كَانَ مُتَوَجِّهاً إلى بَابِ البَيْتِ ( ) .
والشَّمْسُ ، وَهِيَ تَطْلُعُ أَبَداً مِنْ يَسْرَةِ الْمُصَلِّي مُحَاذِيَةً لِحَرْفِ كَفِّهِ اليُسْرَى ، وَتَغْرُبُ حِذَاءَ حَرْفِ كَفِّهِ الْيُمْنَى .
والرِّيْحُ الْجَنُوب تَهُبُّ مُسْتَقْبِلَةً لِبَطْنِ كَفِّ الْمُصَلِّي الأَيْسَرِ ، مَارَّةً مِمَّا يَلِي وَجْهَهُ إلى يَمِيْنِهِ . والشَّمَالُ مقابلتها ( ) تَهُبُّ مِنْ يَمِينِهِ ، مَارَّةً إلى مَهَبِّ الْجَنُوْبِ . والدَّبُوْرُ ( ) مُستَقْبِلَة شَطْرَ وَجْهِ الْمُصَلِّي الأَيْمَن . والصَّبَا ( ) مُقابلتها تَهُبُّ مِنْ ظَهْرِ الْمُصَلِّي . والْمِيَاهُ تَجْرِي مِنْ يَمْنَةِ الْمُصَلِّي إلى يَسْرَتِهِ عَلَى انْحِرَافٍ قَلِيْلٍ ؛ كَدِجْلَةَ ، والفُرَاتِ ، والنَّهْرَوَان . ولا اعْتِبَارَ بِالأَنْهَارِ الْمُحْدَثَةِ ، ولا بِنَهْرٍ بِخُرَاسَانَ ، ولا بالشَّامِ يَمْشِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمَقْلُوبَ ؛ لأَنَّهُ يَجْرِي مَاؤُهُ / 23 ظ / مِنْ يَسْرَةِ الْمُصَلِّي إلى يَمْنَتِهِ .
وَالْجِبَالُ ، فَأَوْجُهُهَا جَمِيْعاً مُستَقْبِلَةً لِلْبَيْتِ .
وَالْمَجَرَّةُ ( ) ، وتُسَمَّى شَرَجَ السَّمَاء ؛ تَكُوْنُ أَوَّلَ اللَّيْلِ مُمْتَدَّةً إلى كَفِّ الْمُصَلِّي الأَيْسَر إلى القِبْلَةِ ، ثُمَّ يَلْتَوِي رَأْسُهَا ؛ حَتَّى تَصِيْرَ في آخِرِ اللَّيْلِ مُمْتَدَّةً عَلَى كَتِفِ الْمُصَلِّي الأَيْسَر إلى القِبْلَةِ ، ثُمَّ يَلْتَوِي رَأْسُهَا ؛ حَتَّى يَصِيْرَ في آخِرِ اللَّيْلِ عَلَى كَتِفِهِ الأَيْمَن . فَاعْرِفْ ذَلِكَ .
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ ؛ صَلَّى ، ولا إِعَادَةَ عَلَيْهِ ؛ وإِنْ أخْطَأَ القِبْلَةَ .
وإِذَا اجْتَهَدَ رَجُلانِ في القِبْلَةَ ، واخْتَلَفَا ؛ لَمْ يَتَّبِعْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ . وَيَتَّبِع الْجَاهِلُ بِهَا ، والأَعْمَى أَوْثَقَهُمَا .
وإِذَا صَلَّى الأَعْمَى بلا دَلِيْلٍ ؛ أَعَادَ . فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُقَلِّدُهُ صَلَّى ، وَفِي الإِعَادَةِ وَجْهَانِ ؛ سَوَاءٌ أَصَابَ أَوْ أَخْطَأَ ( ) .
وَقَالَ ابنُ حَامِد ( ) : إِنْ أَخْطَأَ ؛ أَعَادَ ، وإِنْ أَصَابَ ؛ فَعَلَى الوَجْهَيْنِ .
ومَنْ صَلَّى بِالاجْتِهَادِ ، ثُمَّ أَرَادَ صَلاةً أُخْرَى ؛ اجْتَهَدَ ؛ فَإِنْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ ؛ عَمِلَ بِالثَّانِي ، ولا يُعِيْدُ مَا صَلَّى بالاجْتِهَادِ الأَوَّلِ .
وإِذَا دَخَلَ بَلَداً فِيْهِ مَحَارِيْبُ لاَ يَعْلَمُ هَلْ هِيَ للمُسْلِمِيْنَ أو لأَهْلِ الذِّمَّةِ اجْتَهَدَ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهَا .
بَابُ صِفَةِ الصَّلاَةِ
وَإِذَا قَالَ المُؤَذِّنُ : قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ ، قَامَ إلى الصَّلاَةِ النَّاسُ ، ثُمَّ سَوَّى الصُّفُوْفَ
إِنْ كَانَ إمَاماً ، ثُمَّ يَنْوِي الصَّلاَةَ بِعَيْنِهَا ؛ إنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً ، أو سُنَّةً مُعَيَّنَةً . وهَلْ
تُشْتَرَطُ نِيَّةُ القَضَاءِ إنْ كَانَتْ فَائِتَةً ؟ عَلَى وجْهَيْنِ ( ) . وإنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ؛ أجْزَأَتْهُ
نِيَّةُ الصَّلاَةِ .
قَالَ ابنُ حَامِدٍ ( ): لاَ بُدَّ في المَكْتُوبَةِ أنْ يَنْوِيَ الصَّلاَةَ بِعَيْنِهَا فَرْضاً .==
نموذج الهداية{4}
ويَجُوْزُ تَقْدِيْمُ النِّيَّةِ عَلَى التَّكْبِيْرِ بالزَّمَانِ اليَسِيْرِ إِذَا لَمْ يَفْتَتِحْهَا .
ويَفْتَتِحُ الصَّلاَةَ بِقَوْلِهِ : (( اللهُ أَكْبَرُ )) ، لاَ يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ . فَإِنْ لَمْ يُحْسِنِ التَّكْبِيْرَ بالعَرَبِيَّةِ ؛ لَزِمَهُ أنْ يَتَعَلَّمَ . فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ الصَّلاَةِ ؛ كَبَّرَ بِلُغَتِهِ .
ويَجْهَرُ بالتَّكْبِيْرِ ؛ إنْ كَانَ إمَاماً بِقَدْرِ مَا يُسْمِعْ مَنْ خَلْفَهُ ، والمَأْمُومُ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ، كَقَوْلِنَا في القِرَاءةِ .
ويَمُدُّ
أَصَابِعَهُ ويَضُمُّ بَعْضَهَا إلى بَعْضٍ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ
مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيْرِ إلى
مَنْكِبَيْهِ ، وعَنْهُ : أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ ذَلِكَ وبَيْنَ رَفْعِهَا إلى
فُرُوْعِ أُذُنَيْهِ ([1]) . فَإِذَا
انْقَضَى التَّكْبِيْرُ
/ 24 و / حَطَّ يَدَيْهِ ، وأَخَذَ بِكَفِّهِ الأيْمَنِ كُوْعَهُ الأَيْسَرَ
ويَجْعَلُهُا تَحْتَ سُرَّتِهِ . وعَنْهُ : تَحْتَ صَدْرِهِ . وعَنْهُ : أنَّهُ
مُخَيَّرٌ في ذَلِكَ ([2]) .
ويَنْظُرُ
إلى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ ، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ الصَّلاَةَ ،
فَيَقُولُ : (( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ، وبِحَمْدِكَ ، وتَبَارَكَ اسْمُكَ ،
وتَعَالَى جَدُّكَ ، ولاَ إِلَهَ غَيْرُكَ )) ([3])
. ثُمَّ يَسْتَعِيْذُ ،
فَيَقُولُ : أَعُوْذُ باللهِ السَّمِيْعِ العَلِيْمِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيْمِ ، إِنَّهُ هُوَ السَّمِيْعُ العَلِيْمُ ([4])
.
ثُمَّ يَقْرَأُ : بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ ، ولا يَجْهَرُ بِجَمِيْعِ
ذَلِكَ ([5]) . ثُمَّ يَقْرَأُ
الفَاتِحَةَ ([6]) ويُرَتِّبُهَا ،
ويَأتِي فِيْهَا بإِحْدَى عَشْرَةَ تَشْدِيْدَةً عَلَى الرِّوَايَةِ الصَّحِيْحَةِ
أنَّ ([7]) :
(( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ )) لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الفَاتِحَةِ ،
وعَلَى أنَّهَا مِنْهَا ([8]) ؛ فَيَأَتِي
بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ تَشْدِيْدَةً . فَإِنْ تَرَكَ تَرْتِيْبَهَا ، أوْ
تَشْدِيْدَةً مِنْهَا أَعَادَ ، وإِنْ قَطَعَ قِرَاءةَ الفَاتِحَةِ بِذِكْرٍ ،
مِثْل : آمِيْنَ ، ونَحْوِهِ ، أو سَكَتَ سُكُوتاً يَسِيْراً ؛ أَتَمَّ
قِرَاءتَهَا وأَجْزَأَتْهُ . وإِنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيْراً في العَادَةِ ؛
اسْتَأْنَفَ قِرَاءتَهَا .
فَإذَا
قَالَ : ولاَ الضَّالِّيْنَ ؛ قَالَ : آمِيْنَ ، يَجْهَرُ بِهَا الإمَامُ
والمأْمُومُ فِيْمَا يُجْهَرُ
بالقِرَاءةِ ([9]) . ثُمَّ يَقْرَأُ
بَعْدَ الفَاتِحَةِ بِسُورَةٍ ، وتَكُونُ في الصُّبْحِ [ من ] ([10]) طِوَالِ
المُفَصَّلِ ، وفي المَغْرِبِ مِنْ قِصَارِهِ ، وفي البَقِيَّةِ مِنْ أَوَاسِطِهِ
.
ويَجْهَرُ الإمَامُ في الصُّبْحِ ، وفي الأُوْلَيَيْنِ مِنَ المَغْرِبِ والعِشَاءِ .
ومَنْ
لاَ يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ ، وضَاقَ وَقْتُ الصَّلاَةِ عَنْ تَعْلِمِهَا ؛ قَرَأَ
بَقَدْرِهَا في عَدَدِ الحُرُوفِ . وَقِيْلَ : بَلْ في عَدَدِ الآيَاتِ مِنْ
غَيْرِهِا ([11]) . فَإنْ كَانَ لاَ
يُحْسِنُ الآيَةَ ؛ كَرَّرَهَا بِقَدْرِهَا . فَإِنْ قَرَأَ بِمَا يَخْرُجُ عَنْ
مُصْحَفِ عُثْمَانَ ([12]) كَقِرَاءةِ ابنِ
مَسْعُودٍ ([13])، وغَيْرِهِ ؛
لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ . وعَنْهُ : أنَّهَا تَصِحُّ ([14])
. فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ شَيْئاً مِنَ القُرْآنِ
بالعَرَبِيَّةِ ؛ لَكِنْ قَدْرَ أنْ يُعَبِّرَ عَنْهُ
بِلُغَةٍ أُخْرَى ؛ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ ، وَلَزِمَهُ أنْ يَقُولَ: (( سُبْحَانَ
اللهِ ، والحَمْدُ للهِ ، ولا إِلَهَ إلاَّ اللهُ ، واللهُ أَكْبَرُ ، ولاَ حَوْلَ
ولاَ قُوَّةَ إلاَّ باللهِ )) ([15]) . فَإِنْ لَمْ
يُحْسِنْ شَيْئاً مِنَ
الذِّكْرِ، وقَفَ بِقَدْرِ القِرَاءةِ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ ، ويَرْكَعُ
مُكَبِّراً ؛ حَتَّى يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ويَمُدُّ ظَهْرَهُ
مُسْتَوِياً ، ويَجْعَلُ رَأْسَهُ حِيَالَ ظَهْرِهِ ولاَ يَرْفَعُهُ ولاَ
يَخْفُضُهُ ، ويُجَافِي مِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ . وقَدْرُ الإجْزَاءِ :
الانْحِنَاءُ حَتَّى يُمْكِنَهُ مَسُّ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ ، ويَقُولُ : ((
سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيْمِ )) – ثَلاَثاً – وَهُوَ أدْنَى الكَمَالِ. ثُمَّ
يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَائِلاً: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، ويَرْفَعُ يَدَيْهِ ؛
فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِماً ؛ قَالَ : (( رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ مِلءَ
السَّمَاءِ ومِلءَ الأرْضِ ومِلءَ ما شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ )) –لا يَزِيْدُ
عَلَى ذَلِكَ– فَإِنْ كَانَ مَأْمُوناً ؛ فقالَ أصْحَابُنا : لاَ يَزِيْدُ عَلَى
قَوْلِ : رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ .
وعِنْدِي : أنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ كَالإِمَامِ ، والمُنْفَرِدِ ([16]) . ثُمَّ يُكَبِّرُ ويَخِرُّ سَاجِداً ؛ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ عَلَى الأرْضِ، ثُمَّ يَدَيْهِ ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ ، ويَجْعَلُ صُدُوْرَ أَصَابِعِ قَدَمَيْهِ عَلَى الأرْضِ.
والسُّجُودُ عَلَى جَمِيْعِ هَذِهِ الأعْضَاءِ وَاجِبٌ إلاَّ الأَنْفَ ؛ فَإِنَّهُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([17]) ، ولاَ يَجِبُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةُ المُصَلَّى بِشَيءٍ مِنَ الأَعْضَاءِ إِلاَّ الجَبْهَةَ ؛ فَإِنَّهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([18]) .
والمُسْتَحَبُّ أنْ يُجَافِيَ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ، وبَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ ، ويَضَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ، ويُفَرِّقُ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ ، ويَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى )) – ثلاثاً – وَهوَ أدْنَى الكَمَالِ . ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّراً ، ويَجْلِسُ مُفْتَرِشاً – وَهوَ : أنْ يَفْتَرِشَ رِجْلَهُ اليُسْرَى ، ويَجْلِسُ عَلَيْهَا ويَنْصِبُ اليُمْنَى – ولاَ يُقْعِي ؛ فَيَمُدَّ ظَهْرَ قَدَمَيْهِ ، ويَجْلِسُ عَلَى عَقِبَيْهِ ، أوْ يَجْلِسَ عَلَى إلْيَتَيْهِ ، ويُنْصَبُ قَدَمَيْهِ ([19]) ، فَإنَّهُ مُنَّهِيٌّ عَنْهُ ([20]) . ثُمَّ يَقُولُ : (( رَبِّ اغْفِرْ لِي )) – ثَلاثاً – ثُمَّ يَسْجُدُ الثَّانِيَةَ مُكَبِّراً ، ويَقُولُ : (( سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعْلَى )) – ثلاَثاً – ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مُكَبِّراً .
وهَلْ يَجْلِسُ جَلْسَةَ الاسْتِرَاحَةِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ :
إحْدَاهُمَا : لا يَجْلِسُ ، بَلْ يَقُومُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ مُعْتَمِداً عَلَى رُكْبَتَيْهِ .
والثَّانِيَةُ : يَجْلِسُ عَلَى قَدَمَيْهِ وإلْيَتَهِ ثُمَّ يَنْهَضُ مُكَبِّراً مُعْتَمِداً عَلَى رُكْبَتَيْهِ ([21]) .
ثُمَّ يُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ ؛ إلاَّ في النِّيَّةِ والاسْتِفْتَاحِ رِوَايَةٌ واحِدَةٌ والاسْتِعَاذَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ([22]) .
فَإِنْ كَانَ / 26 و / في صَلاَةٍ – هِيَ رَكْعَتَانِ – جَلَسَ مُفْتَرِشاً ، وجَعَلَ يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ اليُمْنَى ؛ يَقْبِضُ مِنْهَا الخُنْصُرَ والبُنْصُرَ ويُحَلِّقُ الإبْهَامَ مَعَ الوُسْطَى ، ويُشِيْرُ بالسَّبَّابَةِ في التَّشَهُّدِ مِرَاراً ، ويَبْسُطُ اليَدَ اليُسْرَى مُجْتَمِعَةً – مَضْمُومَةَ الأصَابِعِ – عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى ، ويَتَشَهَّدُ ، فَيَقُولُ : (( التَّحِيَّاتُ للهِ ، والصَّلَوَاتُ ، والطَّيِّبَاتُ ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ ورَحْمَةُ اللهِ وبَرَكَاتُهُ ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِيْنَ ، أَشْهَدُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ ، وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ )) ([23]) .
ثُمَّ يَأْتِي بالصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ ، فَيَقُوْلُ : (( اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيْمَ ، إنَّكَ [ حَمِيْدٌ ] ([24]) مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِ مُحَمَّد ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيْمَ ، في العَالَمِيْنَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ )) ([25]) . وعَنْهُ أنَّهُ يَقُولُ : كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيْمَ وآلِ إبْرَاهِيْمَ )) ، وكَذَلِكَ : (( كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيْمَ آلِ إِبْرَاهِيْمَ )) ([26]) .
وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَعِيْذَ ، فَيَقُوْلَ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ، ومِنْ عَذَابِ القَبْرِ ومِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ ، ومِنْ فِتْنَةِ المَسِيْحِ الدَّجَّالِ )) ([27]) . ثُمَّ يَدْعُو فَيَقُوْلُ : (( اللَّهُمَّ إنِّي أسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، ومَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ ، ومَا لَمْ أعْلَمْ . اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ ، وأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ ما اسْتَعَاذَ مِنْهُ عِبَادُكَ الصَّالِحُونَ. اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّةَ، ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وعَمَلٍ ، وأعَوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ ، ومَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وعَمَلٍ . رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوْبَنَا ، وكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، وتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ ، وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ ، ولاَ تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ، إنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيْعَادَ )) ([28]) .
ولا يَدْعُو في صَلاَتِهِ إلاَّ بِمَا وَرَدَ في الأَخْبَارِ . وقَدْرُ الإجْزَاءِ مِنْ ذَلِكَ : التَّشَهُّدُ والصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ إلى : (( حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ )) عَلَى الصَّحِيْحِ مِنَ المَذْهَبِ . ثٌمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيْمَتَيْنِ يَنْوِي بِهِمَا الخُرُوْجُ مِنَ الصَّلاَةِ / 27 ظ / وهلْ نِيَّةُ الخُرُوجِ وَاجِبَةٌ ، أمْ لاَ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ([29]) . فَإِنْ نَوَى بالسَّلامِ عَلَى الحَفَظَةِ ، أو الإِمَامِ ، أو المَأْمُوْمِيْنَ ، وَلَمْ يَنْوِ الخُرُوجَ ، فَقَالَ : ابنُ حَامِدٍ ([30]) : تَبْطُلُ صَلاَتُهُ . ونَصَّ أَحْمَدُ – رَحِمَهُ اللهُ – : لا تَبْطُلُ .
ولا يَجُوزُ الخُرُوجُ مِنَ الصَّلاَةِ بِغَيْرِ السَّلاَمِ. وتَجِبُ التَّسْلِيْمَتَانِ في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنَ، والأُخْرَى : أنَّ الثَّانِيَةَ سُنَّةٌ ([31]). وقَدْرُ الوَاجِبِ: (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ ورَحْمَةُ اللهِ )) ([32]) ، وَقَالَ شَيْخُنَا ([33]) : إنْ تَرَكَ : (( رَحْمَةُ اللهِ )) أجْزَأَهُ ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ في صَلاَةِ الجَنَازَةِ . ثُمَّ ثُمَّ يَسْتَقْبِلِ المَأْمُومِيْنَ بِوَجْهِهِ بَعْدَ السَّلاَمِ في الفَجْرِ والعَصْرِ ؛ لأنَّهُ لاَ صَلاَةَ بَعْدَهُمَا ، ويَقُولُ : (( لاَ إِلهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ يُحْيِي ويُمِيْتُ وَهوَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ عُمُرِي آخِرَهُ ، وخَيْرَ عَمَلِي آخِرَهُ ، وخَيْرَ أَيَّامِي يَوْمَ أَلْقَاكَ )) ، ويَدْعُو بِمَا يَجُوزُ مِنْ أمْرِ الدِّيْنِ والدُّنْيَا .
وإنْ كَانَ في صَلاَةِ المَغْرِبِ أو رُبَاعِيَّةٍ ، جَلَسَ بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ – مُفْتَرِشاً – وأَتَى بالتَّشَهُّدِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ . فإنْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ ، وقَامَ إلى الثَّالِثَةِ رَجَعَ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ انْتَصَبَ قَائِماً ، فإنِ انْتَصَبَ لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الرُّجُوعِ ، فَإِنْ شَرَعَ في القِرَاءةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ . ثُمَّ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلاَتِهِ مِثْلَ الثَّانِيَةِ ؛ إلاَّ أنَّهُ لا يَقْرَأُ شَيْئاً بَعْدَ الفَاتِحَةِ .
ويَجْلِسُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي مُتَوَرِّكاً – يَفْتَرِشُ رِجْلَهُ اليُسْرَى ويَنْصِبُ اليُمْنَى ويُخْرِجُهُمَا مِنْ تَحْتِهِ إلى جَانِبِ يَمِيْنِهِ ويَجْعَلُ إلْيَتَيْهِ عَلَى الأرْضِ – .
والمَرْأَةُ في جَمِيْعِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ إلاَّ أنَّهَا تَجْمَعُ نَفْسَهَا في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ ، وتَسْدِلُ رِجْلَهَا في الجُلُوسِ ؛ فَتَجْعَلهُمَا في جَانِبِ يَمِيْنِهَا ، أو تَجْلِسُ مُتَرَبِّعَةً .
ولاَ
يَقْنُتِ المُصَلِّي في شَيْءٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ ، إلاَّ في الوِتْرِ . فَإِنْ
نَزَلَتْ بِالمُسْلِمِيْنَ
نَازِلَةٌ ؛ جَازَ لأَمِيْرِ الجَيْشِ أنْ يَقْنُتَ في الفَجْرِ والمَغْرِبِ
بَعْدَ الرُّكُوعِ ، ويَقُولُ ما قَالَهُ
النَّبِيُّ في دُعَائِهِ ([34]) ، ونَحْوَهُ ،
وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لآحَادِ .
ولاَ تُكْرَهُ قِرَاءةُ أَوَاخِرِ السُّوْرَةِ في صَلاَتِهِ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، ويُكْرَهُ في الأُخْرَى ([35]).
بَابُ شَرَائِطِ الصَّلاَةِ وأَرْكَانِهَا ووَاجِبَاتِهَا /28 و/ ومَسْنُونَاتِهَا وهَيْئَاتِهَا
شَرَائِطُ الصَّلاَةِ مَا يَجِبُ لَهَا قَبْلَهَا ، وَهِيَ سِتَّةُ أشْيَاءَ :
دُخُولُ الوَقْتِ ، والطَّهَارَةُ ، والسِّتَارَةُ ، والمَوْضِعُ ، واسْتِقْبَالُ القِبْلَةِ ، والنِّيَّةُ .
وأَرْكَانُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ :
القِيَامُ ، وتَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ ، وقِرَاءةُ الفَاتِحَةِ ، والرُّكُوعُ ، والطُّمَأْنِيْنَةِ فِيْهِ ، والاعْتِدَالُ عَنْهُ ، والطُّمَأْنِيْنَةُ فِيْهِ ، والجَلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، والطُّمَأْنِيْنَةِ فِيْهِ ، والتَّشَهُّدُ الأَخِيْرِ ، والجُلُوسُ لَهُ ، والصَّلاَةُ عَلَى النَّبِيِّ ، والتَّسْلِيْمَتَانِ ، وتَرْتِيْبُهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا .
وَوَاجِبَاتُهَا تِسْعَةٌ :
التَّكْبِيْرُ – غَيْرُ تَكْبِيْرَةُ الإِحْرَامِ، والتَّسْمِيْعُ ([36])، والتَّحْمِيْدُ ([37]) في الرَّفْعِ مِنَ الرُّكُوعِ، والتَّسْبِيْحُ في الرُّكُوْعِ والسُّجُودِ : مَرَّةً مَرَّةً ([38]) ، وَسُؤَالُ المَغْفِرَةِ في الجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ مَرَّةً ، والتَّشَهُّدُ الأَوَّلُ ، والجُلُوسُ لَهُ ، ونِيَّةُ الخُرُوجِ مِنَ الصَّلاَةِ في سَلاَمِهِ .
ومَسْنُونَاتُهَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ :
الافْتِتَاحُ ، والتَّعَوُّذُ ، وقِرَاءةُ : (( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ )) ، وقَولُ : (( آمِيْنَ )) وقِرَاءةُ السُّوْرَةِ ، وقَوْلُ : (( مِلءَ السَّمَاءِ )) بَعْدَ التَّحْمِيْدِ ، ومَا زَادَ عَلَى التَّسْبِيْحَةِ الواحِدَةِ في الرُّكُوعِ والسُّجُودِ ، وعَلَى المَرَّةِ في سُؤَالِ المَغْفِرَةِ ، والسُّجُودُ عَلَى أنْفِهِ ، وجَلْسَةُ الاسْتِرَاحَةِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيْهِمَا ([39]) ، والتَّعَوُّذُ ، والدُّعَاءُ بَعْدَ الصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ في التَّشَهُّدِ الأَخِيْرِ ، والقُنُوتُ في الوِتْرِ ، والتَّسْلِيْمَةُ الثَّانِيَةُ في رِوَايَةٍ .
وَهَيْئَاتُهَا ، وَهِيَ مَسْنُونَةٌ ؛ إلاَّ أنَّهَا صِفَةٌ في غَيْرِهَا ، فَسُمِّيَتْ : هَيْأَةً ، وَهِيَ خَمْسٌ وعِشْرُوْنَ :
رَفْعُ اليَدَيْنِ عِنْدَ الافْتِتَاحِ ، والرُّكُوعِ ، والرفْعِ مِنْهُ ، وإرْسَالُهُمَا بَعْدَ الرَّفْعِ ، ووَضْعُ اليَمِيْنِ عَلَى الشِّمَالِ وَجَعْلُهُمَا تَحْتَ السُّرَّةِ ، والنَّظَرُ إلى مَوْضِعِ سُجُوْدِهِ ، والجَهْرُ ، والإسْرَارُ بالقِرَاءةِ والتَّأْمِيْنِ ، ووَضْعُ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ في الرُّكُوعِ ، ومَدُّ الظَّهْرِ ، ومُجَافَاةُ عَضُدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ فِيْهِ ، والبِدَايَةُ بِوَضْعِ الرُّكْبَةِ ، ثُمَّ اليَدِ في السُّجُودِ ، ومُجَافَاةُ البَطْنِ عَنِ الفَخِذَيْنِ ، والفَخِذَيْنِ عَنِ السَّاقَيْنِ فِيْهِ ، والتَّفْرِيْقُ / 29 ظ / بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ ، وَوَضْعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ ، والافْتِرَاشُ في الجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، وفي التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ ، والتَّوَرُّكِ في التَّشَهُّدِ الثَّانِي ، ووَضْعُ اليَدِ اليُمْنَى عَلَى الفَخِذِ اليُمْنَى مَقْبُوضَةً مُحَلَّقَةً ، والإشَارَةُ بالسَّبَّاحَتَيْنِ ([40]) ، وَوَضْعُ اليُسَرَى عَلَى الفَخِذِ اليُسْرَى مَبْسُوطَةً .
فَإِنْ أَخَلَّ بِشَرْطٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؛ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ .
وإِنْ تَرَكَ رُكْناً ، فَلَمْ يَذْكُرْ ، حَتَّى سَلَّمَ ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْداً أوْ سَهْواً ، وإنْ تَرَكَ وَاجِباً عَمْداً ؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ تَرْكِ الرُّكْنِ ، وإنْ تَرَكَهُ سَهْواً ، سَجَدَ للسَّهْوِ ، وإنْ تَرَكَ سُنَّةً أوْ هَيْأَةً ، لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ بِحَالٍ ، وهَلْ يُسْجَدُ للسَّهْوِ ، يُخَرَّجُ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([41]) .
بَابُ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ
أَفْضَلُ
تَطَوُّعِ البَدَنِ الصَّلاَةُ ، وآكَدُهَا ما سُنَّ لَهَا الجَمَاعَةُ ،
كَصَلاَةِ الكُسُوفِ ، والاسْتِسْقَاءِ ، والتَّرَاوِيْحِ ، وبَعْدَ ذَلِكَ
السُّنَنُ الرَّاتِبَةُ ، قَبْلَ الفَجْرِ رَكْعَتَانِ ، وقَبْلَ الظُّهْرِ
رَكْعَتَانِ ، وبَعْدَهَا رَكْعَتَانِ ، وقَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ،
وبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَانِ ، وبَعَدَ العِشَاءِ رَكْعَتَانِ
([42]) والوِتْرُ ([43]) وأَقَلُّهُ
رَكْعَةٌ ، وأَفْضَلُهُ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ
رَكْعَتَيْنِ ، ويُوتِرُ بِرَكْعَةٍ ، وأَدَنَى الكَمَالِ ، ثَلاَثُ رَكَعَاتٍ
بِتَسْلِيْمَتَيْنِ ، يَقْرَأُ في الأُوْلَى
– بَعْدَ الفَاتِحَةِ – بـ: سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الأَعْلَى ([44]) ، وفي
الثَّانِيَةِ : قُلْ يَا أَيُّهَا
الكَافِرُوْنَ ([45])، وفي
الثَّالِثَةِ: قُلْ هُوَ اللهُ
أَحَدٌ ([46])، ثُمَّ يَقْنُتُ
فِيْهَا بَعْدَ الرُّكُوعِ ([47])، ويَرْفَعُ
يَدَيْهِ ، فَيَقُولُ : (( اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِيْنُكَ ، وَنَسْتَهْدِيْكَ ،
ونَسْتَغْفِرُكَ ، ونَتُوبُ إِلَيْكَ ، وَنُؤْمِنُ بِكَ ، ونَتَوَكَّلُ عَلَيْكَ ،
ونَثْنِي عَلَيْكَ الخَيْرَ كُلَّهُ ، ونَشْكُرُكَ ، ولاَ نَكْفُرُكَ ، اللَّهُمَّ
إيَّاكَ نَعْبُدُ ، وإلَيْكَ نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وإِلَيْكَ نَسْعَى وَنَحْفِدُ ([48]) ، نَرْجُو
رَحْمَتَكَ ، ونَخْشَى عَذَابَكَ ، إنَّ عَذَابَكَ الجِدُّ بالكُفَّارِ مُلْحِقٌ ([49]) ، اللَّهُمَّ
اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ
تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ ،
إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْك ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ
مَنْ وَالَيْتَ ولاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ
([50]) ، اللَّهُمَّ
إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ
عَلَى نَفْسِكَ )) ([51]) / 30 و / . وهَلْ
يُمِرُّ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([52])
.
والوِتْرُ آكَدُ مِنْ جَمِيْعِ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ ؛ لأنَّهُ مُخْتَلَفٌ في وُجُوبِهِ ([53]) .
وَقَالَ أبو بَكْرٍ ([54]) في " التَّنْبِيه " : هُوَ وَاجِبٌ ، وقَدْ أوْمَأَ إِلَيْهِ إمَامُنَا وَوَقْتُهُ مِنْ بَعْدِ صَلاَةِ العِشَاءِ إلى طُلُوعِ الفَجْرِ الثَّانِي . وَقَالَ شَيْخُنَا : آكَدُهَا َكْعَتَا الفَجْرِ ، وَوَقْتُهَا مِنْ طُلُوعِ الفَجْرِ إلى أنْ يُصَلِّيَ الصُّبْحَ .
ويَقُومُ في رَمَضَانَ بِعِشْرِيْنَ رَكْعَةً في جَمَاعَةٍ ، ويُوْتِرُ بَعْدَهَا في الجَمَاعَةِ . فَإِنْ كَانَ لَهُ تَهْجَّدٌ جَعَلَ الوِتْرَ بَعْدَهُ ، فَإِنْ أَحَبَّ مُتَابَعَةَ الإِمَامِ أَوْتَرَ مَعَهُ ، فَإِذَا سَلَّمَ قَامَ فَضَمَّ إلى الوِتْرِ رَكْعَةً أُخْرَى ، وكَذَلِكَ يَفْعَلُ إذَا أَعَادَ المَغْرِبَ .
ويُكْرَهُ التَّطَوُّعُ بَيْنَ التَّرَاوِيْحِ ([55]) ، ويُكْرَهُ التَّعْقِيْبُ : وَهوَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ التَّرَاوِيْحِ والوِتْرِ نَافِلَةً أُخْرَى في جَمَاعَةٍ .
وأَفْضَلُ التَّهَجُّدِ وَسَطُ اللَّيْلِ ، والنِّصْفُ الآخَرُ مِنَ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ الأَوَّلِ . وتَطَوَّعُ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنَ النَّهَارِ، وأَفْضَلُهُ أنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وفِعْلُهُ سِرّاً أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهِ.
وأَدْنَى صَلاَةِ الضُّحَى رَكْعَتَانِ وَأَفْضَلُهَا ثَمَانٍ . ووَقْتُهَا إِذَا عَلَتِ الشَّمْسُ واشْتَدَّ حَرُّهَا ، ولاَ تُسْتَحَبُّ المُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا ، وعِنْدِي : يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ .
ويَجُوزُ التَّنَفُّلُ جَالِساً ، والفَضِيْلَةُ في القِيَامِ . وكَثْرَةُ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ أَفْضَلُ مِنْ طُوْلِ القِيَامِ . وعَنْهُ : أنَّهُمَا سَوَاءَ . وَمَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنَ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ قَضَاهُ .
ويُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَهُ ، وأرْبَعٍ قَبْلَ العَصْرِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَ المَغْرِبِ ، وأَرْبَعٍ بَعْدَ العِشَاءِ ، ويَصِحُّ الَّطَوُّعُ بِرَكْعَةٍ ، وعَنْهُ : لا يَصِحُّ .
بَابُ مَا يُبْطِلُ الصَّلاةَ وَمَا يُعْفَى عَنْهُ فِيْهَا
إذَا دَخَلَ في الصَّلاَةِ ثُمَّ قَطَعَ النِّيَّةَ أو عَزَمَ عَلَى قَطْعِهَا بَطَلَتْ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ هَلْ يَقْطَعُهَا أمْ لاَ ؟ فَعَلَى وَجْهَيْنِ :
وتَبْطُلُ إِنْ تَرَكَ شَرْطاً مِنْ شَرَائِطِهَا أو رُكْناً مِنْ أَرْكَانِهِا عَمْداً كَانَ ذَلِكَ أو سَهْواً . وإِذَا سَبَقَهُ الحَدَثُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ . وعَنْهُ : أنَّهُ يَتَوَضَّأُ ويَبْنِي . وَإِذَا زَادَ رُكُوعاً أو سُجُوداً أو قِيَاماً أَو قُعُوداً عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَتُهُ . وَإِنْ كَرَّرَ الفَاتِحَةَ لَمْ تَبْطِلْ . وإنْ جَمَعَ بَيْنَ سُوَرٍ في النَّافِلَةِ لَمْ يُكْرَهْ ، وفي الفَرِيْضَةِ يُكْرَهُ / 31 و / وَقِيْلَ : لاَ يُكْرَهُ . وإنْ تَكَلَّمَ عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وسَهْواً عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([56]) . وكَذَلِكَ إنْ قَهْقَهَ أو انْتَحَبَ أو نَفَخَ أو تَنَحْنَحَ فَبَانَ حَرْفَانِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ . فَإِنْ تَأَوَّهَ أو أَنَّ أو بَكَى لِخَوْفِ اللهِ تَعَالَى لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ.
والعَمَلُ المُسْتَكْثَرُ في العَادَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ يُبْطِلُ الصَّلاَةَ . وَلَهُ أنْ يَرُدَّ المَارَّ بَيْن يَدَيْهِ ، ويَعُدَّ الآي والتَّسْبِيْحَ ، ويَنْظُرَ في المُصْحَفِ ، ويَقْتُلَ الحَيَّةَ والعَقْرَبَ والقَمْلَةَ ، ويَرُدَّ السَّلاَمَ بالإِشَارَةِ ، ويَلْبَسَ الثَّوْبَ ويَلُفَّ العِمَامَةَ مَا لَمْ يُطِلْ . فَإِنْ طَالَ أَبْطَلَ إلاَّ أنْ يَفْعَلَهُ مُتَفَرِّقاً . وإنْ أَكَلَ أو شَرِبَ عَامِداً بَطَلَتْ صَلاَةٌ الفَرِيْضَةِ ، وهَلْ تَبْطُلُ النَّافِلَةُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([57]) ، وإِنْ كَانَ سَاهِياً لَمْ تَبْطُلْ . وإنِ التَفَتَ أو رَفَعَ بَصَرَهُ إلى السَّمَاءِ أو فَرْقَعَ أَصَابِعَهُ أو عَبَثَ أو شَبَكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ أو تَخَصَّرَ أو تَرَوَّحَ أو لَمَسَ لِحْيَتَهُ كُرِهَ ذَلِكَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ . ويُكْرَهُ أنْ يَدْخُلَ في الصَّلاَةِ وَهوَ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ أو تُنَازِعُهُ نَفْسُهُ إلى الطَّعَامِ ، فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَتْهُ صَلاَتُهُ . وإِذَا بَدَرَهُ البُصَاقُ وَهوَ في المَسْجِدِ بَصَقَ في ثَوْبِهِ وحَكَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ، وإنْ كَانَ في غَيْرِ المَسْجِدِ بَصَقَ عَنْ يَسَارِهِ أو تَحْتَ قَدَمِهِ .
وإِذَا مَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَارٌّ وَبَيْنَهُمَا سُتْرَةٌ مِثْلُ أَخَرَةِ الرَّحْلِ لَمْ يُكْرَهْ ، وكَذَلِكَ إِنْ لَمْ يَجِدْ سُتْرَةً فَخَطَّ بَيْنَ يَدَيَهِ خَطّاً ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ الكَلْبُ الأَسْودُ البَهِيْمُ قَطَعَ صَلاَتَهُ ، وفي المَرْأَةِ والحِمَارِ رِوَايَتَانِ ([58]) ، وسُتْرَةُ الإِمَامِ سُتْرَةُ المَأْمُوْمِ .
وإِذَا نَابَهُ شَيْءٌ في صَلاَتِهِ مِثْلُ أنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهِ إِنْسَانٌ أو يَسْهُوَ إِمَامُهُ أو يَخْشَى عَلَى ضَرِيْرٍ أنْ يَقَعَ في بِئْرٍ ، فَإِنَّهُ يُسَبِّحُ ، وإِنْ كَانَتِ امْرَأَةً صَفَّقَتْ بِبَطْنِ رَحَتِهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهَا الأُخْرَى . ويَجُوزُ لَهُ إذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أنْ يَسْأَلَهَا ، وإِذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ عَذَابٍ أنْ يَسْتَعِيْذَ مِنْهَا ، وعَنْهُ : أنَّهُ يُكْرَهُ في الفَرِيْضَةِ .
بَابُ سُجُوْدِ التِّلاَوَةِ والشُّكْرِ
سُجُوْدُ
التِّلاَوَةِ سُنَّةٌ في حَقِّ القَارِئِ والمُسْتَمِعِ دُوْنَ السَّامِعِ .
وَهُوَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ
سَجْدَةً : في الأَعْرَافِ ، والرَّعْدِ / 32 و / والنَّحْلِ ، وسُبْحَانَ ([59]) ، ومَرْيمَ ، وفي
الحَجِّ سَجْدَتَانِ ، والفُرْقَانِ والنَّمْلِ ، والـم * تَنْزِيْلُ ، وحم :
السَّجْدَةِ والنَّجْمِ والانْشِقَاقِ ، واقْرَأْ بِسْمِ رَبِّكَ . وسَجْدَةُ ( ص
) سَجْدَةُ شُكْرٍ ، وعَنْهُ : أنَّهَا مِنْ عَزَائِمِ السُّجُوْدِ .
ويُسْتَحَبُّ سُجُوْدُ الشُّكْرِ عِنْدَ تَجَدُّدِ النِّعَمِ وانْدِفَاعِ النِّقَمِ . وحُكْمُ السُّجُودِ حُكْمُ صَلاَةِ التَّطَوُّعِ في اعْتِبَارِ القِبْلَةِ وسَائِرِ الشَّرَائِطِ . ومَنْ سَجَدَ للتِّلاَوَةِ في الصَّلاَةِ كَبَّرَ في السُّجُودِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : لاَ يَرْفَعُ ؛ لأنَّ مَحَلَّ الرَّفْعِ في ثَلاَثَةِ مَوَاضِعَ . ويُكَبِّرُ للرَّفْعِ مِنْهُ ويَجْلِسُ ويُسَلِّمُ ولاَ يَقْتَصِرُ إلى تَشَهُّدٍ .
وَعَنْهُ : يُكْرَهُ للإمَامِ قِرَاءةُ السَّجْدَةِ في صَلاَةٍ لا يَجْهَرُ فِيْهَا ، فَإِنْ قَرَأَ لَمْ يَسْجُدْ ، وإِنْ سَجَدَ فالْمَأْمُوْمُ بالخِيَارِ بَيْنَ أنْ يَتْبَعَهُ أو يَتْرُكَ ، وإِذَا لَمْ يَسْجُدِ التَّالِي لَمْ يَسْجُدِ المُسْتَمِعُ ، ويُكْرَهُ اخْتِصَارُ السُّجُودِ : وَهُوَ أنْ يَجْمَعَ السَّجَدَاتِ فَيَرَأَهَا في وَقْتٍ وَاحِدٍ ، ولاَ يَسْجُدُ للشُّكْرِ وَهُوَ في الصَّلاَةِ .
بَابُ سُجُوْدِ السَّهْوِ
إِذَا شَكَّ المُصَلِّي في عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَنَى عَلَى اليَقِيْنِ إنْ كَانَ مُنْفَرِداً، وإِنْ كَانَ إِمَاماً فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ ، أَصَحُّهُمَا : أنَّهُ يَبْنِي عَلَى اليَقِيْنِ ، والثَّانِيَةُ : يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ ، فَإِنِ اسْتَوَى عِنْدَهُ الأَمْرَانِ عُمِلَ عَلَى اليَقِيْنِ وَأَتَى بِمَا بَقِيَ وسَجَدَ للسَّهْوِ . وإِذَا زَادَ في صلاَتِهِ رُكُوعاً أو سُجُوْداً أو قِيَاماً أو جُلُوْساً سَاهِياً سَجَدَ للسَّهْوِ ، أو أتَى بالتَّشَهُّدِ في قِيَامِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ ، فَهَلْ يَسْجُدُ للسَّهْوِ أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([60]) .
وإِذَا قَامَ إلى ثَالِثَةٍ في صَلاَةِ الفَجْرِ أو إلى رَابِعَةٍ في المَغْرِبِ أو إلى خَامِسَةٍ في بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ ، ثُمَّ ذَكَرَ فَإِنَّهُ يَعُوْدُ إلى تَرْتِيْبِ صَلاَتِهِ ، فَيَنْظُرُ إِنْ كَانَ قَدْ سَهَا عَقِبَ الثَّانِيَةِ مِنَ الفَجْرِ والثَّالِثَةَ مِنَ المَغْرِبِ أو الرَّابِعَةِ مِنْ بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ سَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ ، وكَذَلِكَ إِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الرَّكْعَةِ الزَّائِدَةِ ، وَإِنْ لَمْ / 33 ظ / يَكُنْ قَدْ تَشَهَّدَ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وسَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ . فَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أنْ فَزَعَ مِنَ الصَّلاَةِ سَجَدَ للسَّهْوِ عَقِيْبَ ذِكْرِهِ ، وصَلاَتُهُ مَاضِيَةٌ . فَإِنْ سَبَّحَ بِهِ اثْنَانِ لَزِمَهُ الرُّجُوعُ ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ وصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ إنِ اتَّبَعُوهُ ، فَإِنْ فَارَقُوهُ وَسَلَّمُوا صَحَّتْ صَلاَتُهُمْ ([61]) .
وَمَتَى قَامَ إلى الرَّكْعَةِ فَذَكَرَ قَبْلَ الشُّرُوْعِ في قِرَاءتِهَا أنَّهُ قَدْ تَرَكَ رُكْناً مِنْ أَرْكَانِهَا الَّتِي قَبْلَهَا ، لَزِمَهُ أنْ يَعُودَ فَيَأْتِي بِمَا تَرَكَهُ ثُمَّ يَأْتِي بِمَا بَعْدَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِجَمِيْعِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ المَتْرُوْكِ . وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ في قِرَاءتِهَا ، صَارَتِ الرَّكْعَةُ أَوَلِيَّةً ، وبَطَلَ ما فَعَلَهُ قَبْلَهَا .
وإِنْ تَرَكَ أَرْبَعَ سَجَدَاتٍ مِنْ أرْبَعِ رَكَعَاتٍ ، وذَكَرَ وَهُوَ في التَّشَهُّدِ ، سَجَدَ سَجْدَةً في الحَالِ ، يُصْبِحُ لَهُ بِهَا رَكْعَةً ، وقَامَ فَأَتَى بِثَلاَثِ رَكَعَاتٍ ، وتَشَهَّدَ ، وسَجَدَ للسَّهْوِ وسَلَّمَ . وعَنْهُ : أنَّهُ يَسْتَأْنِفُ الصَّلاَةَ ([62]) .
وإِذَا تَرَكَ رُكْناً ثُمَّ ذَكَرَ وَهُوَ في الصَّلاَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ ، بَنَى عَلَى اليَقِيْنِ وأَطْرَحَ الشَّكَّ .
وإِذَا شَكَّ هَلْ سَهَا سَهْوَيْنِ أو أَكْثَرَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ؛ كَفَاهُ لِلْجَمِيْعِ سَجْدَتَانِ . وإِنْ كَانَ السَّهْوُ مِنْ جِنْسَيْنِ ، فَقَالَ : أبو بَكرٍ ([63]) : فِيْهَا وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : تُجْزِيْهِ سَجْدَتَانِ .
والآخَرُ : يَسْجِدُ لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَيْنِ ([64]) .
وإِذَا سَهَا خَلْفَ الإِمَامِ ، لَمْ يَسْجُدْ ، وإِنَّمَا سَهَا إمَامُهُ ، سَجَدَ مَعَهُ ، فَإِنْ تَرَكَ الإِمَامُ السُّجُودَ ، فَهَلْ يَسْجُدُ المَأْمُومُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([65]) .
وسُجُودُ السَّهْوِ وَاجِبٌ ، ومَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلاَمِ إلاَّ أنْ يُسَلِّمَ مِنْ نُقْصَانٍ ، أو يَتَحَرَّى الإِمَام ، فَيَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلاَمِ ، وعَنْهُ: إنْ كَانَ السَّهْوُ مِنْ نُقْصَانٍ ، فَمَحَلُّهُ قَبْلَ السَّلاَمِ ، ومِنْ زِيَادَةٍ فَمَحَلُّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ ، وعَنْهُ : أنَّ مَحَلَّ الجَمِيْعِ قَبْلَ السَّلاَمِ ([66]) .
وإِذَا نَسِيَ سُجُودَ السَّهْوِ في مَحَلِّهِ ، سَجَدَ مَا لَمْ يَتَطَاوَلِ الزَّمَانُ ، ويَخْرُجْ مِنَ المَسْجِدِ ، وإنْ تَكَلَّمَ ، وعَنْهُ : أنَّهُ يَسْجُدْ ، وإنْ خَرَجَ مِنَ المَسْجِدِ وتَبَاعَدَ ([67]) .
فَإِنْ تَرَكَ سُجُوْدَ السَّهْوِ المَرْفُوعِ ([68]) قَبْلَ السَّلاَمِ عَامِداً ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وإنْ تَرَكَهُ نَاسِياً لَمْ تَبْطُلْ ، وإنْ تَرَكَ المَشْرُوْعَ بَعْدَ السَّلاَمِ لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ، سَوَاءٌ تَرَكَهُ عَمْداً أو سَهْواً . وإِذَا سَجَدَ للسَّهْوِ بَعْدَ السَّلاَمِ جَلَسَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ .
وحُكْمُ النَّافِلَةِ حُكْمُ الفَرِيْضَةِ في سُجُوْدِ السَّهْوِ . وإذَا تَعَمَّدَ تَرْكَ مَا شُرِّعَ لأَجْلِهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَمْ يَسْجُدْ لَهُ .
بَابُ الأَوْقَاتِ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلاَةِ فِيْهَا
وَهِيَ خَمْسَةُ أَوْقَاتٍ :
بَعْدَ طُلُوعِ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ. وعِنْدَ طُلُوعِهَا حَتَّى تَرْتَفِعَ قَدْرَ رُمْحٍ . وعِنْدَ قِيَامِهَا حَتَّى تَزُوْلَ . وبَعْدَ صَلاَةِ العَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ. وعِنْدَ غُرُوْبِهَا حَتَّى تَتَكَامَلَ .
ولاَ يُتَطَوَّعُ في هَذِهِ الأوْقَاتِ بِصَلاَةٍ لاَ سَبَبَ لَهَا ، وسَوَاءٌ في ذَلِكَ مَكَّةُ وَيَوْمُ الجُمُعَةِ وغَيْرُهُمَا .
فَأَمَّا مَا لَهَا سَبَبٌ كَصَلاَةِ الكُسُوفِ ، والاسْتِسْقَاءِ ، ورَكْعَتَي الفَجْرِ ، وتَحَيَّةِ المَسْجِدِ ، ورَكْعَتَي الطَّوَافِ ، وسُجُودِ التِّلاَوَةِ والشُّكْرِ ، والوِتْرِ إِذَا فَاتَ ، وإِذَا حَضَرَتِ الجَمَاعَةُ مَعَ إمَامِ الحَيِّ ، وَقَدْ كَانَ صَلَّى فَإِنَّهُ يَفْعَلُ رَكْعَتَي الفَجْرِ قَبْلَ الفَجْرِ ، ورَكْعَتَي الطَّوَافِ حِيْنَ الطَّوَافِ ويُعِيْدُ الجَمَاعَةَ ، رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ، وهَلْ يَفْعَلُ بَاقِيْهَا أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ : أصَحُّهُمَا : أنَّهُ يَفْعَلُهَا ([69]).
وأَمَّا الفَرَائِضُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّهَا ويَقْضِيْهَا في جَمِيْعِ الأَوْقَاتِ .
ويُصَلَّى عَلَى الجَنَازَةِ بَعْدَ الفَجْرِ، وبَعْدَ العَصْرِ، وفي بَقِيَّةِ الأَوْقَاتِ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([70]) ، فَإِذَا أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ ، فَلاَ يُصَلِّي غَيْرَ الَّتِي أُقِيْمَتْ ، سَوَاءٌ خَشِيَ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ الأُوْلَى ، أو لَمْ يَخْشَ .
بَابُ صَلاَةِ الجَمَاعَةِ
الجَمَاعَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الأَعْيَانِ لِكُلِّ صَلاَةٍ مَكْتُوبَةٍ . ولَيْسَتْ شَرْطاً ([71]) في الصِّحَّةِ . ومِنْ شَرْطِهَا أنْ يَنْوِيَ الإِمَامُ والمَأْمُومُ حَالَهُمَا ([72]) . ويَجُوْزُ فِعْلُهَا في بَيْتِهِ ، وعَنْهُ : أنَّ حُضُوْرَ المَسْجِدِ وَاجِبٌ . وفِعْلُهَا فِيْمَا كَثُرَ فِيْهِ الجَمْعُ مِنَ المَسَاجِدِ أَفْضَلُ ، لا أنْ يَكُوْنَ ذُو الجَمْعِ القَلِيْلِ عَتِيْقاً ، فَفِعْلُهَا فِيْهِ أَفْضَلُ ([73]) . فَإِنْ كَانَ في جِوَارِهِ مِسْجِدٌ لا تَنْعَقِدُ الجَمَاعَةُ فِيْهِ إلاَّ بِحُضُوْرِهِ ، فَفِعْلُهَا فِيْهِ أَفْضَلُ . وإِنْ كَانَ الجَمَاعَةُ تُقَامُ فِيْهِ فَأَيُّمَا أَفْضَلُ قَصْدُهُ أو قَصْدُ الأَبْعَدِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([74]) .
فَإِنْ كَانَ البَلَدُ أَحَدَ ثُغُورِ المُسْلِمِيْنَ ، فَالأَفْضَلُ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ؛ لأَنَّهُ أَعْلَى لِلْكَلِمَةِ ، وأَوْقَعُ لِلْهَيْبَةِ .
ويُكْرَهُ إعَادَةُ الجَمَاعَةِ في المَسْجِدِ الحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ ([75]) ، ولاَ يُكْرَهُ في بَقِيَّةِ المسَاجِدِ .
وإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ إِمَامٌ / 30 ظ / رَاتِبٌ ، لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أنْ يَؤُمَّ قَبْلَهُ ؛ إلاَّ أنْ يَأْذَنَ ، أو يَتَأَخَّرَ لِعُذْرٍ ([76]) . وإذَا صَلَّى في المَسْجِدِ ثُمَّ حَضَرَ إِمَامُ الحَيِّ اسْتُحِبَّ لَهُ إعَادَةُ الجَمَاعَةِ مَعَهُ إلاَّ المَغْرِبَ ، وعَنْهُ ([77]) : أنَّهُ يُعِيْدُهَا أَيْضاً ، ويُشْفِعُهَا بِرَابِعَةٍ .
ومَنْ أَحْزَمَ مُنْفَرِداً ، ثُمَّ نَوَى مُتَابَعَةَ الإمَامِ ؛ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، والأُخْرَى: أنَّهُ يُكْرَهُ ويُجْزِئُهُ ([78]) ، ولاَ فَرْقَ بَيْنَ أنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى رَكْعَةً ، ثُمَّ أتَمَّ أو أَقَلَّ أو أكْثَرَ . فَإِنْ نَوَى الإِمَامَةَ لَمْ تَصِحَّ . وَقِيْلَ : يُخَرَّجُ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ كَالَّتِي قَبْلَهَا . وَقِيْلَ : يَصِحُّ في النَّفْلِ ، ولاَ يَصِحُّ في الفَرْضِ . فَإِنْ أحْرَمَ مَعَ الإِمَامِ ثُمَّ أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنِ الجَمَاعَةِ – يَنْوِي مُفَارَقَتَهُ لِعُذْرٍ – فَأَتَمَّ مُنْفَرِداً جَازَ . وإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَجُزْ في أصَحِّ القَوْلَيْنِ . ومَنْ كَبَّرَ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ الإمَامُ فَقَدْ أدْرَكَ الجَمَاعَةَ ، وَهُوَ عَلَى تَكْبِيْرَتِهِ ([79]) ومَنْ أَدْرَكَهُ في الرُّكُوعِ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ ، وعَلَيْهِ تَكْبِيْرَتَانِ للافْتِتَاحِ والرُّكُوعِ ، فَإِنْ كَبَّرَ وَاحِدَةً ونَوَاهُمَا لَمْ يُجْزِهِ ، وعَنْهُ أنَّهُ يُجْزِيْهِ ([80]) .
وَمَا أَدْرَكَ المَأْمُومُ مَعَ الإِمَامِ فَهُوَ آخِرُ صَلاَتِهِ ، ومَا يَقْضِيْهِ فَهُوَ أَوَّلُهَا ، يَأْتِي فِيْهِ بالافْتِتَاحِ والتَّعَوُّذِ وقِرَاءةِ السُّوْرَةِ . ولاَ تَجِبُ القِرَاءةُ عَلَى المَأْمُومِ ، ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يَقْرَأَ بالحَمْدِ وسُوْرَةٍ في سَكَتَاتِ الإمَامِ ، وفِيْمَا لاَ يُجْهَرُ فِيْهِ ، ويُكْرَهُ أنْ يَقْرَأَ فِيْمَا جَهَرَ فِيْهِ الإمَامُ ، إِذَا كَانَ يَسْمَعُهُ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى بُعْدٍ لاَ يَسْمَعُ قِرَاءتَهُ لَمْ يُكْرَهْ ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِطَرَشٍ ، فَقَدْ تَوَقَّفَ أَحْمَدُ – رَحِمَهُ اللهُ – فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أحَدُهُمَا : يُكْرَهُ ، والآخَرُ : يُسْتَحَبُّ ([81]) .
وَهَلْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَفْتِحَ المأْمُومُ ، ويَسْتَعِيْذَ فِيْمَا يَجْهَرُ فِيْهِ الإِمَامُ أو يُكْرَهُ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([82]) .
ومَنْ حَضَرَ وَقَدْ أُقِيْمَتِ الصَّلاَةُ لَمْ يَشْتَغِلْ عَنْهَا بِنَافِلَةٍ ، وإنْ أُقِيْمَتْ وَهُوَ في النَّافِلَةِ ، وَلَمْ يَخْشَ فَوَاتَ الجَمَاعَةِ ، أَتَمَّهَا ، وإنْ خَشِيَ فَوَاتَهَا ؛ فعَلَى رِوَايَتَيْنِ :
إحْدَاهُمَا يُتِمُّهَا ، والأُخْرَى : يَقْطَعُهَا ([83]) .
ومَنْ دَخَلَ في جَمَاعَةٍ فَنَقَلَهَا إلى جَمَاعَةٍ أُخْرَى لِعُذْرٍ – مِثْلُ أنْ يَكُوْنَ مَأْمُوْماً فيَسْبِقُ إِمَامَهُ الحَدَثُ فَيَخْرُجُ ويَسْتَخْلِفُهُ ؛ لِيُتِمَّ بِهِمُ الصَّلاَةَ – فَهُوَ جَائِزٌ ، وهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي تَقُولُ : مَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ لاَ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ ([84]) .
وكَذَلِكَ إنْ أَدْرَكَ نَفْسَانِ بَعْضَ الصَّلاَةِ مَعَ الإِمَامِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ أتَمَّ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ في بَقِيَّةِ الصَّلاَةِ فَإِنَّهُ / 36 و / يَصِحُّ ، وفِيْهِ وَجْهٌ آخَرُ : أنَّهُ لاَ يَصِحُّ ([85]) .
فَإِنْ أَحْرَمَ بِفَرِيْضَةٍ ، فَبَانَ أنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا ؛ انْقَلَبَتْ نَفْلاً ، وإِنْ أَحْرَمَ بِهَا في وَقْتِهَا ، ثُمَّ أَرَادَ قَلْبَهَا لِغَرَضٍ – نَحْوُ: أنْ يَكُونَ قَدْ أَحْرَمَ بِهَا مُنْفَرِداً، وحَضَرَتْ جَمَاعَةٌ ، فَأَرَادَ أنْ يَجْلَهَا نَفْلاً ، ثُمَّ يُصَلِّي فَرْضَهُ جَمَاعَةً – جَازَ . وإِنْ كَانَ لِغَيْرِ غَرَضٍ كُرِهُ ، وصَحَّ قَلْبُهَا ، وَقِيْلَ : لاَ يَصِحُّ لَهُ فَرْضٌ ولاَ نَفْلٌ ([86]) .
فَإِنْ نَقَلَهَا إلى فَرِيْضَةٍ أُخْرَى فَاتَتْهُ ، بَطَلَتْ الصَّلاَتَانِ وَجْهاً وَاحِداً .
ولاَ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ المُفْتَرِضِ بالمُتَنَفِّلِ ، ولاَ بِمَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِمَنْ يُصَلِّي العَصْرَ في إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ، والأُخْرَى : يَصِحُّ ([87]) .
فَإِنْ صَلَّى مَنْ نَوَى ([88]) الظُّهْرَ خَلْفَ مَنْ يَقْضِي الظُّهْرَ ؛ فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ كَالَّتِي قَبْلَهَا . وَقَالَ الخَلاَّلُ : يَصِحُّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ .
ومَنْ
سَبَقَ إِمَامَهُ في أَفْعَالِ الصَّلاَةِ ، فَرَكَعَ أو سَجَدَ قَبْلَهُ ؛
فَعَلَيْهِ أنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ
مَعَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى لَحِقَهُ الإِمَامُ في الرُّكْنِ لَمْ
تَبْطُلْ صَلاَتُهُ عَلَى قَوْلِ شَيْخُنَا ([89])
، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا : تَبْطُلُ ([90]).
فَإِنْ رَكَعَ قَبْلَهُ ، ورَفَعَ قَبْلَ أنْ يَرْكَعَ الإِمَامُ عَامِداً ،
فَهَلْ تَبْطُلُ صَلاَتُهُ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ ([91]).
وَإِنْ كَانَ جَاهِلاً أو نَاسِياً لَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهُ ، وهَلْ يُعْتَدُّ
بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ أمْ لاَ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([92])
. فَإِنْ سَبَقَهُ بِرَكْعَتَيْنِ فَرَكَعَ قَبْلَهُ ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ
يَرْكَعَ رَفَعَ ، فَلَمَّا أَرَادَ أنْ يَرْفَعَ سَجَدَ ، فَمَتَى فَعَلَ مَعَ
عِلْمِهِ بِتَحْرِيْمِهِ ، بَطَلَتْ صَلاَتُهُ ، وإنْ فَعَلَهُ مَعَ الجَهْلِ لَمْ
تَبْطُلْ ، وَلَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ .
ويُسْتَحَبُّ للإِمَامِ أنْ يُخَفِّفَ صَلاَتَهُ ([93]) مَعَ إتْمَامِهَا ([94]) إلاَّ أنْ يَعْلَمَ أنَّ مَنْ وَرَاءهُ يُؤْثِرُ التَّطْوِيْلَ . ويُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُطِيْلَ الرَّكْعَةَ الأُوْلَى مِنْ كُلِّ صَلاَةٍ ([95]) ، وإِذَا أَحَسَّ بِدَاخِلٍ وَهُوَ في الصَّلاَةِ اسْتُحِبَّ لَهُ انْتِظَارُهُ مَا لَمْ يَشُقَّ عَلَى المَأْمُومِيْنَ ، وَقِيْلَ: لا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ ([96]) .
وكُلُّ صَلاَةٍ شُرِّعَ فِيْهَا الجَمَاعَةُ للرِّجَالِ اسْتُحِبَّ للنِّسَاءِ فِعْلُهَا في جَمَاعَةٍ ، وعَنْهُ : لاَ يُسْتَحَبُّ ([97]) . ولاَ يُكْرَهُ لِلْعَجَائِزِ حُضُورُ الجَمَاعَةِ مَعَ الرِّجَالِ ([98]) .
بَابُ صِفَةِ الأَئِمَّةِ
السُّنَّةُ أَنْ يَؤُمَّ القَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ ([99]) ، فَإِنِ اسْتَوَوا فَأَفْقَهُهُمْ ، فَإِنِ / 37 ظ / اسْتَوَوا فَأَسَنَّهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوا فَأَشْرَفُهُمْ، فَإِنِ اسْتَوَوا فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانَا فَقِيْهَيْنِ قَارِئَيْنِ إلاَّ أنَّ أَحَدَهُمَا أَقْرَأُ أو أَفْقَهُ قُدِّمَ بِذَلِكَ. فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَأُ والآخَرُ أَفْقَهُ قُدِّمَ الأَقْرَأُ ([100])، فَإِنِ اسْتَوَوا في جَمِيْعِ ذَلِكَ قُدِّمَ أَتْقَاهُم وَأْرَعُهُمْ، فَإِنْ تَشَاحَّا ([101]) مَعَ التَّسَاوِي أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا.
وَإِمَامُ
المَسْجِدِ أحَقُّ مِنْ غَيْرِهِ ، وصَاحِبُ البَيْتِ أَحَقُّ مِمَّنْ عِندَهُ ،
والسُّلْطَانُ أَحَقُّ مِنْهُمَا في أحَدِ الوَجْهَيْنِ ([102]). والحُرُّ
أَوْلَى مِنَ العَبْدِ، والحَاضِرُ أَوْلَى مِنَ المُسَافِرِ، والحَضَرِيُّ
أَوْلَى مِنَ البَدَوِيِّ ([103]) ، والبَصِيْرُ
أَوْلَى مِنَ الأَعْمَى عِنْدِي ، وَقَالَ شَيْخُنَا : هُمَا سَوَاءٌ ([104]) ، وَقَدْ
تَوَقَّفَ أَحْمَدُ عَنْ إِمَامَةِ
الأَقْطَعِ اليَدَيْنِ ، وقَالَ أبُو بَكْرٍ : لاَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ ، وَقَالَ
شَيْخُنَا : تَصِحُّ. وتُكْرَهُ إِمَامَةُ الأَقْلَفِ ([105]) والفَاسِقِ ،
سَوَاءٌ كَانَ فِسْقُهُ مِنْ جِهَةِ الاعْتِقَادِ ، مِثْلُ : أنْ يَعْتَقِدَ
مَذْهَبُ الجَهْمِيَّةِ ([106]) والمُعْتَزِلَةِ
والرَّافِضَةِ تَقْلِيْداً ، ومِنَ الأَفْعَالِ مِثْلُ : أنْ
يَزْنِيَ أو يَشْرَبَ الخَمْرَ أو يَسْرِقَ . وَهَلْ تَصِحَّ إِمَامَتُهُمَا ؟
عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([107]) . وتَصِحُّ
إِمَامَةُ الصَّبِيِّ في النَّوَافِلِ ، ولاَ تَصِحُّ في الفَرَائِضِ عَلَى أصَحِّ
الرِّوَايَتَيْنِ ([108]) .
ولاَ تُكْرَهُ إِمَامَةُ وَلَدِ الزِّنَا والجُنْدِيِّ إِذَا أَسْلَمَا في دِيْنِهِمَا ، ولاَ تَصِحُّ إِمَامَةُ المَرْأَةِ بالرِّجَالِ ([109]) . والخَنَاثَى ([110]) بِحَالٍ عِنْدِي ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا : تَصِحُّ في التَّرَاوِيْحِ وَتَكُوْنُ وَرَاءهُمْ ، ولاَ تَصِحُّ إمَامَةُ الخنثيِّ بالرِّجَالِ ([111]) ، ولاَ بالخَنَاثَى ، ولاَ تَصِحُّ إمَامَتُهُ بالنِّسَاءِ . ويُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ الرجَالُ نِسَاءً أَجَانِبَ لاَ رَجُلَ مَعَهُنَّ ([112]) . ويُكْرَهُ أنْ يَؤُمَّ الرَّجُلُ قَوْماً وَأَكْثَرُهُمْ لَهُ كَارِهُونَ .
ولاَ تَصِحُّ الصَّلاَةُ خَلْفَ كَافِرٍ ولاَ أخْرَسَ ، ولا تَصِحُّ خَلْفَ نَجِسٍ ولاَ مُحْدِثٍ يَعْلَمُ بِذَلِكَ . فَإِنْ جَهِلَ هُوَ والمأْمُومُ ذَلِكَ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الصَّلاَةِ ، فَصَلاَةُ المَأْمُومِ صَحِيْحَةٌ وصَلاَتُهُ بَاطِلَةٌ ([113]) . ولاَ تَصِحُّ صَلاَةُ قَارِئٍ خَلْفَ أُمِّيٍّ : وَهُوَ مَنْ لاَ يُحْسِنُ الفَاتِحَةَ ، ولاَ أَرَتٍّ : وَهُوَ الَّذِي يُدْغِمُ حَرْفاً في حَرْفٍ ([114])، ولاَ أَلْثَغَ: وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُ الرَّاءَ غَيْناً [و] ([115]) الغَيْنَ رَاءً أو نَحْوَهُ ([116]) . وتَصِحُّ صَلاَتُهُمْ بِمَنْ حَالُهُ في ذَلِكَ كَحَالِهِ . وتُكْرَهُ إِمَامَةُ الفَأْفَاءِ : وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ الفَاءَ ([117]) . والتَّمْتَامَ : وَهُوَ الَّذِي يُكَرِّرُ التَّاءَ ([118]) . والَّذِي لاَ يُفْصِحُ بِبَعْضِ الحُرُوفِ / 38 و / مِثْلُ : العَرَبِيِّ الَّذِي لاَ يُفْصِحُ بالقَافِ وَنَحْوِهِ ، فَإِنْ أَمُّوا صَحَّتْ إمَامَتُهُمْ . ويُكْرَهُ إِمَامَةُ اللَّحَّانِ – وإِنْ كَانَ لاَ يُحِيْلُ المَعْنَى – ، فَإِنْ أَحَالَ المَعْنَى وَكَانَ ذَلِكَ في الفَاتِحَةِ ، مِثْلُ: أنْ يَكْسِرَ الكَافَ مِنْ (( إيَّاكَ )) ، أو يَضُمَّ التَّاءَ مِنْ (( أَنْعَمْتَ )) ، ومَا أَشْبَهَهُ ، وَهُوَ لاَ يَقْدِرُ عَلَى إِصْلاَحِهِ فَهُوَ كَالأُمِّيِّ ، وإِنْ قَدِرَ عَلَى إصْلاَحِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَصَلاَتُهُ وَصَلاَةُ مَنْ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ . وَإنْ كَانَ في غَيْرِ الفَاتِحَةِ لَمْ تَبْطُلْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ .
ويَصِحُّ ائْتِمَامُ المُتَوَضِّيءِ بالمُتَيَمِّمِ، ولاَ يَصِحُّ ائْتِمَامُ مَنْ لاَ سَلَسَ ([119]) بِهِ بِمَنْ بِهِ سَلَسٌ، ولاَ القَادِرِ عَلَى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ بالمُوْمِيءِ ، ولاَ القَادِرِ عَلَى القِيَامِ بالعَاجِزِ عَنْهُ ، إلاَّ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ إذَا مَرِضَ إمَامُ الحَيِّ ، وكَانَ مَرَضُهُ يُرْجَى زَوَالُهُ، وإِذَا ابْتَدَأَ بِهِمْ إِمَامُ الحَيِّ الصَّلاَةَ جَالِساً صَلَّوا خَلْفَهُ جُلُوساً ([120]) نَصَّ عَلَيْهِ . فَإِنْ صَلَّوا قِيَاماً صَحَّتْ صَلاَتُهُمْ ، وَقِيْلَ : لاَ تَصِحُّ . وإِنْ تَأَخَّرَ الإِمَامُ انْتَظَرُوا وَرُوْسِلَ إلاَّ أنْ يُخَافَ خُرُوجُ الوَقْتِ .
بَابُ مَوْقِفِ الإِمَامِ والمَأْمُوْمِ
السُّنَّةُ أنْ يَقِفَ المَأْمُوْمُوْنَ خَلْفَ الإِمَامِ ، فَإِنْ وَقَفُوا قُدَّامَهُ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ المَأْمُومُ وَاحِداً وَقَفَ عَنْ يَمِيْنِهِ ، فَإِنْ وَقَفَ عَنْ يَسَارِهِ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ. وإِذَا كَبَّرَ عَنْ يَمِيْنِهِ وَجَاءَ آخَرُ فَإِنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَهُ ، ويَخْرُجَانِ وَرَاءَ الإِمَامِ ، فَإِنْ كَبَّرَ الثَّانِي عَنْ يَسَارِهِ أَخْرَجَهُمَا بِيَدَيْهِ إلى وَرَائِهِ ، ولاَ يَتَقَدَّمُ الإِمَامُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلاَّ أَنْ يَكُوْنَ وَرَاءهُ ضَيِّقاً . وَإِذَا أَمَّ امْرَأَةً كَانَتْ خَلْفَهُ ، فَإِنْ حَضَرَ مَعَهُمَا خَنَاثَى كَانُوا خَلْفَهُ والمَرْأَةُ خَلْفَهُمْ . فَإِنِ اجْتَمَعَ رِجَالٌ وصِبْيَانٌ وخَنَاثَى ، يُقَدَّمُ الرِّجَالُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ ثُمَّ الخَنَاثَى ثُمَّ النِّسَاءُ . وَإِذَا خَافَ الرَّجُلُ فَوَاتَ الرَّكْعَةِ مَعَ الإِمَامِ فَكَبَّرَ فَذّاً خَلْفَ الصَّفِّ وصَلَّى رَكْعَةً كَامِلَةً لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ ، وإِنْ كَبَّرَ وَقَرَأَ ثُمَّ دَخَلَ في الصَّفِّ ، أو جَاءَ آخَرُ فَوَقَفَ مَعَهُ قَبْلَ أنْ يَرْفَعَ الإِمَامُ مِنَ الرُّكُوعِ صَحَّتْ صَلاَتُهُ ([121]) .
وإنْ كَانَ الإِمَامُ قَدْ رَفَعَ مِنَ الرُّكُوعِ وَلَمَّا يَسْجُدْ فَصَلاَتُهُ تَصِحُّ أيْضاً . وعَنْهُ : إنْ كَانَ عَالِماً بالنَّهْيِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ غَرَضٍ ولاَ خَشِيَ الفَوَاتَ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلاَتُهُ، وَقِيْلَ : تَنْعَقِدُ ([122])./ 39 ظ / وإِذَا حَضَرَ فَوَجَدَ في الصَّفِّ فُرْجَةً دَخَلَ فِيْهَا ، وإِنْ لَمْ يَجِدْ وَقَفَ عَنْ يَمِيْنِ الإِمَامِ، وَلَمْ يُسْتَحَبَّ أنْ يَجْذِبَ رَجُلاً فَيَقُومَ مَعَهُ صَفّاً ، فَإِنْ وَقَفَ إلى جَنْبِ كَافِرٍ أو مُحْدِثٍ يَعْلَمُ بِحَدَثِهِ ، أو امْرَأَةٍ أو صَبِيٍّ فَهُوَ فَذٌّ ، وعَنْهُ في الصَّبِيِّ : أنَّهُ يَكُوْنُ صَفّاً مَعَهُ في النَّافِلَةِ فَقَطْ . وَإِذَا وَقَفَتْ المَرْأَةُ في صَفِّ الرِّجَالِ كُرِهَ وَلَمْ تَبْطُلْ صَلاَتُهَا ولاَ صَلاَةُ مَنْ يَلِيْهَا . وَقَالَ أبو بَكْرٍ ([123]) : تَبْطُلُ صَلاَةُ مَنْ يَلِيْهَا ([124]) .
وإِذَا صَلَّى في المَسْجِدِ مَأْمُوْماً وَهُوَ لاَ يَرَى الإِمَامَ ولاَ مَنْ وَرَاءهُ غَيْرَ أنَّهُ يَسْمَعُ التَّكْبِيْرَ لَمْ تَصِحَّ صَلاَتُهُ ، وعَنْهُ : أنَّهَا تَصِحُّ ([125]) . وَإِذَا صَلَّى خَارِجَ المَسْجِدِ وَهُوَ يَرَى مَنْ وَرَاءَ الإِمَامِ ولَيْسَ بَيْنَهُمَا طَرِيْقٌ ، أو بَيْنَهُمَا طَرِيْقٌ والصُّفُوفُ مُتَّصِلَةٌ صَحَّتِ الصَّلاَةُ . فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ يَمْنَعُهُ مِنْ رُؤْيَةِ المَأْمُوْمِيْنَ أو طَرِيْقٌ أو نَهْرٌ تَجْرِي فِيْهِ السُّفُنُ لَمْ يَصِحَّ أنْ يَأْتَمَّ بِهِ . ويُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَكُوْنَ أَعْلَى مِنَ المَأْمُوْمِيْنَ سَوَاءٌ أَرَادَ تَعْلِيْمَهُمُ الصَّلاَةَ ([126]) أو لَمْ يُرِدْ ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ ابنُ حَامِدٍ : تَبْطُلُ الصَّلاَةُ . وَقَالَ أَصْحَابُنَا : لاَ تَبْطُلُ . ولاَ يُسْتَحَبُّ للإِمَامِ أنْ يَقِفَ في طَاقِ القِبْلَةِ إلاَّ أنْ يَكُوْنَ المَسْجِدُ ضَيِّقاً ، ولاَ يُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَقِفَ بَيْنَ السَّوَارِي ([127]) ، ويُكْرَهُ لِلْمَأْمُوْمِيْنَ ؛ لأنَّهَا تَقْطَعُ صُفُوْفَهُمْ ([128]) . ويُكْرَهُ لِلإِمَامِ أنْ يَتَطَوَّعَ مَوْضِعَ صَلاَتِهِ المَكْتُوْبَةِ ، ولاَ يُكْرَهُ لِلْمَأْمُومِيْنَ . وَإِذَا صَلَّتِ امْرَأَةٌ بِنِسَاءٍ قَامَتْ وسَطَهُنَّ في الصَّفِّ ، وكَذَلِكَ إمَامُ الرِّجَالِ العُرَاةِ يَكُوْنُ في وسَطِهِمْ .
بَابُ الأَعْذَارِ الَّتِي يَجُوْزُ مَعَهَا تَرْكُ الجُمُعَةِ أو الجَمَاعَةِ
ويُعْذَرُ في تَرْكِ الجُمُعَةِ والجَمَاعَةِ المَرِيْضُ ، ومَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ ، أو قَرِيْبٌ يَخَافُ مَوْتَهُ، ومَنْ يُدَافِعُ الأَخْبَثَيْنِ أو أَحَدَهُمَا، ومَنْ يَحْضُرُ الطَّعَامَ وبِهِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ ، ومَنْ يَخَافُ مِنْ سُلْطَانٍ يَأْخُذُهُ ، أو غَرِيْمٍ ([129]) يُلاَزِمُهُ ولاَ شَيْءَ مَعَهُ يُعْطِيْهِ ، والمُسَافِرُ إِذَا خَافَ فَوَاتَ القَافِلَةِ ، ومَنْ يَخَافُ ضَرَراً في مَالِهِ أو يَرْجُو وُجُوْدَهُ، ومَنْ يَخَافُ مِنْ غَلَبَةِ النُّعَاسِ حَتَّى يَفُوْتَ الوَقْتُ ، ومَنْ يَخَافُ التَّأَذِّي بالمَطَرِ والوَحْلِ والرِّيْحِ الشَّدِيْدَةِ في اللَّيْلَةِ المُظْلِمَةِ البَارِدَةِ / 40 و / .
بَابُ صَلاَةِ المَرِيْضِ ([130])
وَإِذَا عَجَزَ المَرِيْضُ عَنِ الصَّلاَةِ قَائِماً صَلَّى قَاعِداً مُتَرَبِّعاً ويَثْنِي رِجْلَيْهِ في حَالِ سُجُوْدِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنِ القُعُودِ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ بِوَجْهِهِ ، فَإِنْ صَلَّى مُسْتَلْقِياً عَلَى ظَهْرِهِ ، ووَجْهُهُ وَرِجْلاَهُ إلى القِبْلَةِ جَازَ ، وكَانَ تَارِكاً للاسْتِحْبَابِ ، ويُومِئُ بالرُّكُوْعِ والسُّجُودِ ويَكُونُ سُجُوْدُهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوْعِهِ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ أَوْمَأَ بِطَرَفِهِ ونَوَى بِقَلْبِهِ .
ولاَ تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلاَةُ مَا دَامَ عَقْلُهُ ثَابِتاً ، فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ في أَثْنَاءِ الصَّلاَةِ أو عَلَى القُعُودِ انْتَقَلَ إِلَيْهِ وأَتَمَّ صَلاَتَهُ. فَإِنْ قَدِرَ عَلَى القِيَامِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ والسُّجُودِ صَلَّى قَائِماً وَأَوْمَأَ بالرُّكُوْعِ وجَلَسَ فَأَوْمَأَ بالسُّجُوْدِ . فَإِنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ ، فَقَالَ ثِقَاتٌ مِن العُلَمَاءِ بالطِّبِّ : إنْ صَلَّيْتَ مُسْتَلْقِياً أَمْكَنَ مُدَاوَاتُكَ جَازَ لَهُ ذَلِكَ ([131]) .
ولاَ تَصِحُّ صَلاَتُهُ في السَّفِيْنَةِ ([132]) جَالِساً وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى القِيَامِ . وتَجُوزُ صَلاَةُ الفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ؛ لأَجْلِ التَّأَذِّي بالمَطَرِ والوَحْلِ ، وَهَلْ تَجُوْزُ الصَّلاَةُ عَلَيْهَا لأَجْلِ المَرَضِ ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ ([133]) .
بَابُ صَلاَةِ المُسَافِرِ
وَإِذَا سَافَرَ سَفَراً يَبْلُغُ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخاً ([134]) - ثَمَانِيَةً وأَرْبَعِيْنَ مِيْلاً بالهَاشِمِيِّ – في غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، فَلَهُ أنْ يَقْصُرَ الرُّبَاعِيَّةَ فَيُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ إِذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ أو خِيَامَ قَوْمِهِ . والقَصْرُ أَفْضَلُ مِنَ الإِتْمَامِ ([135]) .
([2]) انظر : الروايتين والوجهين ( ق 14 / ب – ق 15 / أ ) ، وذهب صاحبه إلى أن موضع اليدين تحت السرة أصح .
([3]) أخرجه أبو داود ( 776 ) ، وابن ماجه ( 806 ) ، والترمذي ( 243 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/198 ، والدارقطني 1/235 و 299 و 301 ، والحاكم 1/235 ، والبيهقي 2/34 : (( وأصح ما رُوِي فِيْهِ الأثر الموقوف عَلَى عمر )) .
([4]) لقوله تَعَالَى : ] فَإذَا قَرَأْتَ القُرْآنَ فَاسْتَعِذْ باللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ [ . النحل : 98 .
وجاء في المغني 1/519 : (( وعن أحمد أنه يقول : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، … ، وهذا متضمن للزيادة ، ونقل حنبل عنه: أنه يزيد بَعْدَ ذَلِكَ: إن الله هُوَ السميع العليم ، وهذا كله واسع ، وكيفما استعاذ ، فهو حسن )) .
([5]) جاء في المغني 1/518 : (( قَالَ أحمد : ولا يجهر الإمام بالافتتاح ، وعليه عامة أهل العلم ؛ لأن النَّبِيّ r لَمْ يجهر بِهِ ، وإنما جهر بِهِ عمر ؛ ليُعْلِمَ الناسَ )) .
([6]) وجاء في المغني 1/520 أن المَشْهُوْر عَنْ أحمد – نقله جَمَاعَة – أن قراءة الفاتحة واجبة في الصَّلاَة ، وركن من أركانها ، ولا تصح إلا بِهَا .
([8]) لأن الرِّوَايَة اختلفت عَنْ أحمد، هل البسملة آية من الفاتحة أم لا ؟ انظر: الروايتين والوجهين (ق 15/ أ).
([9]) لقوله r : (( إذا قَالَ الإمام : غَيْر المغضوب عَلَيْهِمْ ولا الضالين ، فقولوا : آمين )) .رَوَاهُ البُخَارِيّ 6/21 ( 4475 ) ، ومسلم 1/307 ( 415 ) ( 76 ) .
([12]) هُوَ عثمان بن عفان t ثالث الخلفاء الراشدين ، كان قد جمع القرآن في عهده ، وَقَدْ ثبت رسم المصحف عَلَى ما أمره عثمان بن عفان t إلى الآن .
([13]) هُوَ عَبْد الله بن مسعود t ، صَحَابِيّ جليل ، واعتبرت قراءته من القراءات الشاذة . والقراءة الشاذة : هي كُلّ قراءة أخلت بالشروط الثلاثة – التِي وضعها العلماء ، وهي: صحة الرواية ، وموافقة الرسم العثماني ، وموافقة العربية وَلَوْ بوجه – أو أحدها .
واختلف العلماء في حكم القراءة بالقراءات الشاذة في الصلاة ، فأكثر أهل العلم يرون عدم جواز القراءة بها . انظر : النشر 1/14 ، ومعجم القراءات القرآنية 1/113 .
([15])
لأنه جاء رجل إلى النبي r ، فَقَالَ : لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً ، فَعَلِّمْني ما
يجزيني ، قال :
((
قل : … الخ ))
. أخرجه أحمد 4/356 ( 18617 ) ، وأبو داود ( 832 ) ، وابن خزيمة ( 544 ) ، وابن
حبان ( 1850 ) ، وصححه الحاكم على شرط البخاري 1/241 ، ووافقه الذهبي .
([18]) انظر : الروايتين والوجهين ( ق 17 / ب ) ، وفيه : أن رواية المباشرة يمكن أن تُحمل على طريق الاختيار والاستحباب .
([19]) جاء في المغني 1/564 : أن الصفة الأولى للإمام أحمد – رَحِمَهُ اللهُ – وهو قَوْل أهل الحديث ، والثانية عند العرب .
([20])
فعن أنس ، قال : قَالَ لي رَسُوْل الله r : ((
إذا رفعت رأسك من السجود ، فَلاَ تُقْعِ كَمَا يُقعِي
الكلب ))
. أخرجه ابن ماجه ( 896 ) .
([23]) وهو التشهد الذي علمه النبي r لعبد الله بن مسعود t . انظر : صَحِيْح مسلم 2/13 – 14 (402) ( 55 ) و ( 402 ) ( 59 ) ، وسنن أبي داود ( 968 ) .
([29]) جاء في الروايتين والوجهين ( ق 18 / ب ) : (( لا يختلف أصحابنا في التسليمة الأولى أنه ينوي بِهَا الخروج من الصَّلاَة ولا غيره ، واختلفوا في الثانية )) . فقسم قَالَ : هِيَ كالأولى ، وقسم قَالَ : الثانية مستحبة ، وينوي بِهَا السلام عَلَى الحفظة والرد عَلَى الإمام .
([32]) هَذَا ما ورد عَنْ رَسُوْل الله r . انظر : سنن ابن ماجه ( 916 ) ، وسنن أبي داود ( 996 ) ، وصحيح ابن حبان ( 1987 ) ، وسنن البيهقي 2/177 .
([34]) وهو : (( اللَّهُمَّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بَيْنَ قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم عَلَى عدوك وعدوهم، اللَّهُمَّ العن كفرة أهل الكِتَاب الذي يكذبون رسلك ، ويقاتلون أولياءك ، اللَّهُمَّ خالف بَيْنَ كلمتهم ، وزلزل أقدامهم ، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرَدّ عن القوم المجرمين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، اللَّهُمَّ إنا نستعينك … الخ . هَذَا الدعاء عَنْ المغني 1/788 .
([39]) انظر : الروايتين والوجهين ( ق 17 / ب ) ، وفيه أن الرِّوَايَة الأولى : لا يجلس جلسة الاستراحة ، والثانية : يجلس .
([40]) السَّبَّاحَة : هي السَّبَّابَة، ومنه حديث الوضوء : (( فأدخل السَّبَّاحَتَيْنِ في أذنيه )) . اللسان 2/300 (سبح).
([41]) الأولى: يسجد ، والثانية: أن السجود غَيْر مسنون ، وَهُوَ جائز. انظر: الروايتين والوجهين (ق 16/ أ).
([42]) فَقَدْ قَالَ ابن عمر t : (( صلَّيت مَعَ النبي r سجدتين قَبْلَ الظهر ، … ، وحدثتني أختي حفصة : أن النبي r كان يصلّي سجدتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر )) . أخرجه البخاري 2/72 ( 1172 ) ، ومسلم 2/162 ( 729 ) ( 104 ) ، والبيهقي 2/471 . وعنه أيضاً قَالَ : قَالَ النبي r : (( رحم الله امرأً صلَّى قبل العصر أربعاً )) . أخرجه أبو داود الطيالسي ( 1936 ) ، وأحمد 2/117 ( 5944 ) ، وأبو داود ( 1271 ) والترمذي ( 430 ) ، وابن حبان ( 2450 ) ، والبيهقي 2/273 .
([43]) قَالَ النبي r : (( إن الله أمدَّكم بصلاة هِيَ خير لكم من حمر النعم ، الوتر )) . أخرجه ابن ماجه (1168) ، وأبو داود ( 1418 ) ، والترمذي ( 452 ) ، والبيهقي 2/478 .
وقد ثبت أن النبي r أنه كان يقرأ في الوتر هذه السور الثلاث . انظر : مسند أحمد 1/299 (2715) ، وسنن ابن ماجه ( 1172 ) ، وسنن الترمذي ( 462 ) ، وسنن البيهقي 3/39 .
([47]) فقد ورد : أن النبي r قنت بَعْدَ الركوع . انظر : صحيح مسلم 1/136 ( 677 ) ( 300 ) .
وجاء في المغني 1/785 : (( وروي عَن أحمد أنه قال : أنا أذهب إلى أنه بعد الركوع ، فإن قنت قبله ، فَلاَ بأس )) . انظر : صحيح مسلم 1/136 ( 677 ) ( 300 ) .
([50]) إلى هنا أخرجه : أبو داود الطيالسي (1179) ، وأحمد 1/199 ( 1720 ) ، وابن ماجه ( 1178 ) ، وأبو داود ( 1425 ) ، والبيهقي 3/38 – 39 .
([51]) أخرجه ابن ماجه ( 1179 ) ، وأبو داود ( 1427 ) ، والنسائي 3/249 ، بلفظ : كَانَ النبي r يقول في آخر الوتر : (( … )) ، وانظر : إرواء الغليل 2/175 .
([60]) انظر : الروايتين والوجهين ( ق 22 / أ ) ، وفيه : أن الأصح هو العمل بسجدة السهو ؛ لأن الزيادة في الصَّلاَة نقصان في المعنى .
([61]) في الروايتين والوجهين ( ق 29 / أ – ب ) : أن في هَذِهِ المسألة ثلاث روايات :
الأولى : لا يتبعوه بل يسلموا ، فإن تبعوه بطلت صلاتهم وصلاته أيضاً إذا لَمْ يجلس .
والثانية : يتبعونه في القيام في القيام والسلام .
والثالثة : لا يتبعونه ( كَذَا ) في القيام ؛ لَكِنْ ينتظرونه ( كَذَا ) جلوساً حَتَّى يسلم بهم .
([72]) قَالَ في المبدع 1/419 : (( أي : يشترط أن ينوي الإمامُ الإمامةَ عَلَى الأصح كالجمعة وفاقاً ، والمأمومُ لحاله )) .
([75]) وزاد ابن قدامة المسجد الأقصى ، فقال في المقنع : 36 : (( ولا تكره إعادة الجماعة في غير المساجد الثلاثة )) .
وعلّل الكراهة في المغني 2/9 فَقَالَ : (( وذكره أصحابنا لئلا يتوانى الناس في حضور الجماعة مَعَ الإمام الراتب فيها إذا أمكنهم الصَّلاَة في الجماعة مَعَ غيره )) . =
= والسنة جاءت بعدم الكراهة للحديث الَّذِي رَوَاهُ أبو سعيد الخدري، قَالَ: جاء رجل وقد صلى رَسُوْل الله r ، فَقَالَ : (( أيكم يتجر عَلَى هَذَا ؟ )) فقام رجل فصلى مَعَهُ .
والحديث أخرجه أحمد 3/5 و45 و64 و85 ، وعبد بن حميد (936)، والدارمي (1375) و (1376)، وأبو داود ( 574 ) ، والترمذي ( 220 ) ، وابن خزيمة ( 1632 ) ، وأبو يعلى ( 1057 ) ، وابن حبان ( 2399 ) ، والحاكم 1/209 ، والبيهقي 3/69 ، وابن حزم في المحلى 4/238 . وَقَالَ عَنْهُ التِّرْمِذِيّ : حَدِيْث حسن .
([76]) وذلك لأن الصَّحَابَة y لَمْ يتقدم أحد منهم للإمامة في مرض النَّبِيّ r حَتَّى أذن لأبي بكر بقوله : (( مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس )) . والحديث أخرجه أحمد 6/96 و159 و206 و231 و270 ، والبخاري 1/173 و174 و4/182 و9/180 ، ومسلم 2/23 ، وابن ماجه (1233) ، والترمذي ( 3672 ) ، وأبو عوانة 2/117 ، وأبو يعلى ( 4478 ) ، وابن حبان ( 6601 ) ، والبيهقي 2/250 و 3/82 .
([79]) لحديث النبي r الَّذِي رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ : مَنْ أدرك من الصَّلاَة رَكْعَة فَقَدْ أدرك الصَّلاَة )) . والحديث صَحِيْح أخرجه أحمد 2/241 و270 و375 ، والدارمي ( 1223 ) و ( 1224 ) ، والبخاري 1/151 ، وفي القراءة خلف الإمام ( 205 ) و ( 206 ) و ( 210 ) و ( 211 ) و ( 212 ) و ( 213 ) ، ومسلم 2/ 102 ، وأبو داود ( 1121 ) ، وابن ماجه ( 1122 ) ، والترمذي ( 542 ) . وَقَالَ ابن قدامة في المغني 2/9 بَعْدَ ذَكَرَ الحديث : (( ولأنه لَمْ يفته من الأركان إلا القيام )) .
([80]) وذلك في رِوَايَة أبي داود وصالح كَمَا قال صاحب
الشرح الكبير 2/9 ، وَقَالَ صاحب المقنع : 36 :
(( وأجزأته تكبيرة واحدة ، والأفضل اثنان )) .
([87]) نقل عدم الجواز أبو حارث وأبو طَالِب وحنبل ويوسف بن موسى والمروزي ومهنأ ؛ لأنَّهُ لا تصح صلاته بنية صلاة إمامه ، فَلاَ يصح اقتداؤه بِهِ ، ونقل صالح وإسماعيل بن سعيد والميموني وأبو داود الجواز ؛ لأن الصلاتين متفقتان في الأفعال الظاهرة وتُفعل جَمَاعَة وفرادى ، فيصح اقتداؤه. الروايتين والوجهين 28/ أ.
([94]) للحديث الَّذِي رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ عَن النبي r : (( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف ، فإن فيهم السقيم والشيخ الكبير وذا الحاجة )) . والحديث أخرجه أحمد 2/271 و502 ، ومسلم 2/43 ، وأبو داود (795) .
([95]) لحديث أبي قتادة قَالَ : (( كَانَ رسول الله r يصلِّي بنا ، فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكِتَاب وسورتين ، ويسمعنا الآية أحياناً . وَكَانَ يطول الركعة الأولى من الظهر ويقصر الثانية )) . والحديث متفق عليه أخرجه البخاري 1/195 ، ومسلم 2/37 ( 451 ) . وانظر : الشرح الكبير 2/16015 .
([98]) لقوله r : (( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ، ولكن ليخرجن وهن تفلات )) . رَوَاهُ أبو هُرَيْرَةَ ، وأخرجه الحميدي ( 978 ) ، وأحمد 2/438 و475 و528 ، والدارمي ( 1282 ) و ( 1283 ) ، وأبو داود (565) ، وابن خزيمة ( 1679 ) ، ومعنى (( التفلات )) : تاركات للعطر . انظر : النهاية 1/190 .
([99]) ذَكَرَ صاحب الشرح الكبير 2/17 خلافاً في هذه
المسألة وسنورده لما فيه من الفائدة ، قَالَ : (( يعني أن القارئ مقدم
عَلَى الفقيه وغيره ، ولا خلاف في التقديم بالقراءة والفقه ، واختلف في : أيهما يقدم
؟ فذهب أحمد – رَحِمَهُ اللهُ – إِلَى تقديم القارئ ، وَهُوَ قَوْل ابن سيرين
والثوري وابن المنذر وإسحاق وأصحاب الرأي ، وَقَالَ عطاء ومالك والأوزاعي والشافعي
: يقدم الأفقه إذا كَانَ يقرأ ما يكفي في
الصَّلاَة ؛ لأنَّهُ قَدْ ينوبه في الصَّلاَة ما لا يدري ما يفعل فِيْهِ إلا
بالفقه فيكون أولى )) . =
= قلنا : والحديث الَّذِي رَوَاهُ أبو مسعود يبين أن القارئ مقدم عَلَى الفقيه ، فَقد قَالَ رَسُوْل الله r : (( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة ، فإن كانوا في الهجرة سواء فأكبرهم سناً ، ولا يؤم الرجلُ الرجلَ في سلطانه )) .
والحديث أخرجه
الطيالسي (618) ، وعبد الرزاق (3808) ، والحميدي (457) ، وأحمد 4/118 و121 و5/272
، ومسلم 2/133 ، وابن ماجه (980) ، والترمذي (235) ، وابن خزيمة (1507)
و (1516) ، والدارقطني 1/279 ، والبيهقي 3/90 و119 و125 ، والبغوي (832) و (833) .
ولأن هَذَا الترتيب جاء عَن الشارع فيتقيد بِهِ ، فالأولى تقديم القارئ .
([100]) هَذَا مذهب الإمام أحمد ، وقد نقلنا قبل قليل الخلاف الذي وقع بَيْنَ أهل العِلْم في هَذِهِ المسألة .
([101]) تشاحوا في الأمر وعليه : تسابقوا إليه متنافسين فيه . انظر: اللسان 2/325 ، والوسيط: 474 (شح) .
([104])
وذلك لأن النبي r قد استخلف ابن أم
مكتوم عَلَى المدينة مرتين وهو يصلي بهم ، لَكِنْ المؤلف
– رَحِمَهُ اللهُ – أعطى الأولوية للبصير ؛ وذلك – والله أعلم – لأنَّهُ يخشى
عَلَى الأعمى من أمور مِنْهَا : قَدْ تصل نجاسته إلى ثوبه من غَيْر أن يشعر بِهَا
.
([106])
طائفة من المبتدعة ، جاءت تسميتهم نسبة إلى جهم بن صفوان الَّذِي تبنّى آراء الجعد
بن درهم والتي
منها: نفي صفات الله عزوجل، والقول بخلق القرآن الكريم، والقول بالجبر وما إلى
غَيْر ذلك من الافتراءات عَلَى الله عزوجل. انظر: الفرق بَيْنَ الفرق: 211–212،
ومقالات الإسلاميين 1/214، 338 .
([107]) نقل أبو الحارث عدم جواز الصَّلاَة خلف الفاجر والمبتدع والفاسق إلا أن يخافهم فيصلي ويعيد ، ونقل الجواز أبو الحربي عندما سئل : هل يُصلى خلف من يغتاب الناس ؟ فَقَالَ : لَوْ كَانَ كُلّ من عصى الله تَعَالَى لا يصلى خلفه من يؤم الناس عَلَى هَذَا ؟
وَقَالَ الإمام أحمد ( في رِوَايَة حرب ) : يصلى خلف كُلّ برّ وفاجر فَلاَ يكفر أحد بذنب .
انظر : الروايتين والوجهين 28 / ب .
([109]) لحديث جابر الَّذِي رواه عن النبي r : (( لا تؤمَّنَّ امرأةٌ رجلاً )). أخرجه عَبْد بن حميد (1136) ، وابن ماجه (1081) ، وأبو يعلى (1856) ، والبيهقي 2/90 و171 ، والمزي في تهذيب الكمال 16/103.
([110]) جمع خُنْثَى ، وهو مَن لَيْسَ رجلاً ولا امرأة عَلَى وجه بيِّن فيهما . انظر : التعريفات : 60 .
([112]) للحديث الَّذِي رواه عمر مرفوعاً : (( ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كَانَ ثالثهما الشيطان )) . والحديث أخرجه أحمد 1/18 ، والبزار ( 166 ) ، والترمذي ( 2165 ) ، وابن أبي عاصم ( 88 ) و ( 897 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 4/150 ، والبيهقي 7/91 .
([113]) للحديث الَّذِي رواه الدارقطني 1/363 من حَدِيْث البراء قَالَ : صلى رَسُوْل الله r بقوم ، وليس هُوَ عَلَى وضوء ، فتمت ( الصَّلاَة ) للقوم وأعاد النبي r . وهذا الحديث ضعيف فيه عيسى بن عَبْد الله وجوير وكلاهما ضعيف .
([120])
لحديث النبي r : ((
إنما جعل الإمام ليؤتم به … وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون ))
. أخرجه
عَبْد الرزاق (2909) ، والحميدي (1189) ، وأحمد 3/110 و 162 ، وعبد بن حميد (1161)
، وابن ماجه ماجه (876) و (1238) ، والترمذي (361) ، والطحاوي في شرح المعاني
1/238 ، والبيهقي 2/96 و 97 من حديث أنس بن مالك .
([123]) هُوَ الإمام أبو بكر أحمد بن هارون الخلال ، له تصانيف كثيرة الجامعة لعلوم الإمام أحمد ، توفي سنة (311 ه) ، ودفن رَحِمَهُ اللهُ عِنْدَ رجلي أحمد رَحِمَهُ اللهُ . مختصر طبقات الحنابلة : 28 .
([124]) قلنا : ورد عن السيدة عَائِشَة أنها قالت : (( كَانَ رَسُوْل الله r يصلي صلاته من الليل ، وأنا عَنْ يمينه وعن شماله مضطجعة )) . والحديث أخرجه أحمد 6/95 و146 ، وأبو يعلى ( 4891 ) . فكون المرأة عن يمين وشمال المصلي لا تبطل صلاته ، فالوقت بجنب المصلي أولى بِذَلِكَ .
أحدهما : تصح في المسجد ولا تصح في غيره ، وهي اختبار القاضي .
الثانية : يصح ذلك في التطوع دون الفريضة . حكاها ابن حامد . انظر : شرح الزركشي 1/410 .
([126]) إذا أراد تعليمهم فَلاَ بأس بذلك لما رواه سهل بن سعد أن النبي r صلى عَلَى المنبر ، والناس وراءه ، فجعل يصلي عليه ويركع ، ثُمَّ يرجع إلى القهقري فيسجد عَلَى الأرض ، ثُمَّ يعود إلى المنبر ، فلما فرغ أقبل عَلَى الناس، فَقَالَ: (( إنما صنعت هَذَا ليأتموا بي ولتعلموا صلاتي )). والحديث أخرجه أحمد 5/339 ، والبخاري 2/397 ( 917 ) ومسلم 1/386 ( 44 ) ( 544 ) ، وأبو داود ( 1080 ) ، وابن ماجه (1416) ، والنسائي 2/57 ، والبيهقي 3/108 .
لكن إذا كَانَ لعدم التعليم فإنه يكره ، ولذلك عندما قام عمار يصلي في المدائن عَلَى دكان ، والناس تصلي أسفل منه تقدم إليه حذيفة وأنزله ، فلما فرغ عمار من الصَّلاَة ، قَالَ لَهُ حذيفة : ألم تسمع رَسُوْل الله r يَقُوْل : (( إذا أمَّ الرجلُ القومَ فَلاَ يقوم في مقام أرفع من مقامهم )) . الحديث أخرجه أبو داود (598) ، والبيهقي 3/109 .
([127]) جمع سارية ، وَهِيَ الإسطوانة العمودية الَّتِي يستند عليها السقف . انظر: الصحاح 6/2376 ( سرا ) .
([128]) رَوَى معاوية بن قرة ، عن أبيه ، وانه قَالَ : (( كنا ننهى أن نصفّ بَيْنَ السواري ، عَلَى عهد رَسُوْل الله r ، ونطرد عَنْهَا طرداً )) .
والحديث أخرجه الطيالسي ( 1073 ) ، وابن ماجه ( 1002 ) ، وابن خزيمة ( 1567 ) ، والطبراني 19/ ( 39 ) و ( 40 ) ، والحاكم 1/218 ، وانظر : الهادي : 30 .
([129]) غريم : تطلق عَلَى الَّذِي عليه الدين ، أيضاً عَلَى الَّذِي لَهُ دين . وأطلقه هنا عَلَى الَّذِي لَهُ دين . انظر : الصحاح 5/1996 ( غرم ) .
([130]) في هَذَا الباب بَيَان كيفية صلاة المريض ، وقد ورد عنه r فِيْمَا رواه وائل بن حجر أنه قَالَ : (( رأيت النبي r صلى جالساً عَلَى يمينه وَهُوَ وجع )) . أخرجه ابن ماجه ( 1244 ) .
وورد عَنْ عمران بن حصين أنه قَالَ : (( كَانَ بي الناصور ، فسألت النبي r عن الصَّلاَة فَقَالَ : (( صلِّ قائماً ، فإن لَمْ تستطع فقاعداً، فإن لَمْ تستطع فعلى جَنب )). أخرجه أحمد 4/426، والبخاري 2/60 ، وأبو داود (952) ، وابن ماجه (1223) ، والترمذي (372) ، وابن خزيمة (979) و (1250) ، والدارقطني 1/380 ، والبيهقي 2/304 ، وانظر : المغني 2/86 – 89 .
([131]) وَقَدْ نقل عَنْ بَعْض الصَّحَابَة y المنع ، من ذَلِكَ ما روي عَن ابن عَبَّاسٍ أنه لَمَّا كُفَّ بصره أتاه رجل فَقَالَ لَهُ : (( إنك إن صبرت لي سبعاً لَمْ تصلِّ إلا مستلقياً تومئ إيماءً داويتك فبرأت إن شاء الله تَعَالَى ، فأرسل إلى عَائِشَة وأبي هُرَيْرَةَ وغيرهما من أصحاب مُحَمَّد r كلٌّ يَقُوْل : رأيت إن متَّ في هَذَا السبع كيف تصنع بالصلاة فترك عينه وَلَمْ يداوها )) . أخرجه الحَاكِم 3/545 ، وبنحوه البيهقي 2/309 .
([132]) الصَّلاَة في السفينة مَعَ القدرة عَلَى الخروج مختلف فِيْهَا فقد نقل عَبْد الله : إذا لَمْ يمكنهم الخروج صلوا في السفينة ، فأما إن كَانَ يمكنهم الخروج خرجوا حَتَّى يصلوا عَلَى الأرض ، فظاهر هَذَا منع الصَّلاَة فِيْهَا ؛ لأنها ليست حال استقرار أشبه بالراحلة . ونقل أبو الحارث وألأثرم وغيرهما جواز الصَّلاَة فِيْهَا مَعَ القدرة عَلَى الخروج ؛ لأنَّهُ يتمكن في العادة من القيام والركوع والسجود فأشبه إذا كانت واقفه عَلَى الأرض . الروايتين والوجهين 30 / أ .
([134]) الفرسخ : ثلاثة أميال هاشمية . انظر : الصحاح 5/1823 ( ميل ) ، وتاج العروس 7/317 ( فرسخ ) . وهذه المسألة كوطن نزاع واختلاف بين الفقهاء ، وقد أشبعها بحثاً محقق " التهذيب في الفقه الشافعي " . فانظره 2/289 فما بعدها .
والفرسخ يعادل (5540) متراً، وعليه فمسافة القصر (88640) متراً ، أي:(88.64)كيلو متراً. انظر: تعليق الأستاذ مُحَمَّد الخاروف على كتاب ابن رفعة "الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان":77.
([135]) لقوله r : (( صدقة تصدّق الله بِهَا عليكم فاقبلوا صدقته )) . والحديث أخرجه أحمد 1/36 ، والدارمي (1513) ، ومسلم 1/478 ، وأبو داود ( 1199 ) ، وابن ماجه ( 1065 ) ، والترمذي ( 3034 ) ، والبيهقي 3/134 ، والنحاس في الناسخ والمنسوخ : 161 .
ولقوله r في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – : (( إن الله يجب أن نؤتى رخصه كَمَا يكره أن تؤتى معصيته )) . رَوَاهُ أحمد 2/108 ، وابن خزيمة (950) و ( 2027 ) ، والبزار ( 988 كشف الأستار ) ، والبيهقي في السنن 3/140 وفي الشعب ( 3890 ) ، والخطيب في تاريخه 10/347 .
=