110. ب مم.

تشقق السماوات وتكور الشموس /ثالثة 3 ثانوي مدونة محدودة /كل الرياضيات تفاضل وتكامل وحساب مثلثات2ثانوي ترم أول وأحيانا ثاني التجويد /من كتب التراث الروائع /فيزياء ثاني2 ثانوي.ت2. /كتاب الرحيق المختوم /مدونة تعليمية محدودة رائعة / /الكشكول الابيض/ثاني ثانوي لغة عربية ترم اول يليه ترم ثاني ومعه 3ث /الحاسب الآلي)2ث /مدونة الأميرة الصغيرة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مدونة السنن الكبري للنسائي والنهاية لابن كثير /نهاية العالم /بيت المعرفة العامة /رياضيات بحتة وتطبيقية2 ثانوي ترم ثاني /احياء ثاني ثانوي ترم أول /عبدالواحد2ث.ت1و... /مدونة سورة التوبة /مدونة الجامعة المانعة لأحكام الطلاق حسب سورة الطلاق7/5هـ /الثالث الثانوي القسم الأدبي والعلمي /المكتبة التعليمية 3 ثانوي /كشكول /نهاية البداية /مدونة كل روابط المنعطف التعليمي للمرحلة الثانوية /الديوان الشامل لأحكام الطلاق /الاستقامة اا. /المدونة التعليمية المساعدة /اللهم أبي وأمي ومن مات من أهلي /الطلاق المختلف عليه /الجغرافيا والجيولوجيا ثانية ثانوي الهندسة بأفرعها / لغة انجليزية2ث.ت1. / مناهج غابت عن الأنظار. /ترم ثاني الثاني الثانوي علمي ورياضة وادبي /المنهج في الطلاق/عبد الواحد2ث- ت1.  /حورية /المصحف ورد ج /روابط المواقع التعليمية ثانوي غام /منعطف التفوق التعليمي لكل مراحل الثانوي العام /لَا ت /قْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِفيزياء 2 ثاني ثانوي.ت1. /سنن النكاح والزواج /النخبة في /مقررات2ث,ترم أول عام2017-2018 /مدونة المدونات /فلسفة.منطق.علم نفس.اجتماع 2ث /ترم اول /الملخص المفيد ثاني ثانوي ترم أول /السيرة النبوية /اعجاز الخالق فيمن خلق /ترجمة المقالات /الحائرون الملتاعون هلموا /النُخْبَةُ في شِرعَةِ الطلاق. /أصول الفقه الاسلامي وضوابطه /الأم)منهج ثاني ثانوي علمي رياضة وعلوم /وصف الجنة والحور العين اللهم أدخلنا الجنة ومتاعها /روابط مناهج تعليمية ثاني ثانوي كل الأقسام /البداية والنهاية للحافظ بن /كثبر /روابط مواقع تعليمية بالمذكرات /دين الله الحق /مدونة الإختصارات /الفيزياء الثالث الثانوي روابط /علم المناعة /والحساسية /طرزان /مدونة المدونات /الأمراض الخطرة والوقاية منها /الخلاصة الحثيثة في الفيزياء /تفوق وانطلق للعلا /الترم الثاني ثاني ثانوي كل مواد 2ث /الاستقامة أول /تكوير الشمس /كيمياء2 ثاني ثانوي ت1. /مدونة أسماء صلاح التعليمية 3ث /مكتبة روابط ثاني /ثانوي.ت1./ثاني ثانوي لغة عربية /ميكانيكا واستاتيكا 2ث ترم اول /اللغة الفرنسية 2ثانوي /مدونة مصنفات الموسوعة الشاملة فهرسة /التاريخ 2ث /مراجعات ليلة الامتحان كل مقررات 2ث الترم الثاني /كتاب الزكاة /بستان العارفين /كتب 2 ثاني ثانوي ترم1و2 . /ترم اول وثاني الماني2ث

Translate ***

السبت، 21 أبريل 2018

حديث حرق نخل بني النضير

حديث حرق نخل بني النضير

روابط من موقع الألوكة
الحديث السادس: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: حرَّق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير، وقَطَع، وهي البُوَيْرَة فنزلت ﴿ مَا قَطَعْتُم مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ[1].
من فوائد الحديث:
1- بنو النضير من اليهود، نسبتهم إلى هارون أخي موسى، دخلوا في العرب (والبويرة) -بضم الباء- مُصَغّر: موضع كان بها حدائق بني النضير.
2- استدل به العلماء على جواز تحريق أموال الكفار؛ إذا دعت إليه حاجة، أو لا يُرجى حصولها لأهل الإسلام.
3- إن اليهود عابوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الإحراق وقالوا: كان ينهى عن الفساد. [2] ونسي، أو تناسوا أنهم هم المفسدون، والمخربون، والقتلة الفجرة.
4- التحريق أمر زائد عن التقطيع.
5- بنو النضير نقضوا العهد، فأجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتركوا أموالهم، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛لأنهم تركوها بلا قتال[3].

6- الجزاء من جنس العمل.

7- ما أصاب اليهود من تقطيع نخلهم، وتحريقه، ثمّ إجلائهم من المدينة، إلاّ بسبب عصيانهم، وذنوبهم، ومؤامراتهم ضد النبي صلى الله عليه وسلم، وعدم استجابتهم له صلى الله عليه وسلم.
===========
[1] صحيح البخاري 1 /187 رقم 4031.
[2] من 1-3 مستفاد الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري للكوراني 5 /42.
[3] المرجع السابق 8 /303.
الروابط مفعلة لموقعها الألوكة
  1. غزوة بني النضير دروس وعبر
  2. غزوة بني النضير
  3. يوم بئر معونة وإجلاء بني النضير
  4. غزوة بني النضير
  5. إجلاء بني النضير
  6. مخطوطة حديث عيسى ابن مريم وحديث الطير مع أبي بكر وحديث الضب مع النبي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  7. من باع نخلا تشقق طلعه(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  8. حراسة السنة(مقالة - حضارة الكلمة)
  9. كل حديث في صحيح البخاري تابعه على روايته غيره من المحدثين المعاصرين له واللاحقين(مقالة - آفاق الشريعة)
  10. شرح حديث: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  11. كلمة التوحيد في الكتاب والسنة (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  12. شرح حديث: إن أبي وأباك في النار(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  13. شرح حديث: من حمل علينا السلاح فليس منا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  14. الحديث يشرح الحديث(مقالة - موقع أ. محمد خير رمضان يوسف)
  15. دراسة حديث: اثنان فما فوقهما جماعة(مقالة - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  16. غزوة بني قريظة الغدر والعقوبة
  17. غزوة أحد
  18. غزوة الخندق
  19. غزوة خيبر
  20. غزوة الأحزاب (1)
  21. غزوة الأحزاب (2)
  22. غزوة مؤتة: أحداث ودروس
  23. غزوة تبوك (2) الآيات والمعجزات
  24. غزوة تبوك (3)
  25. غزوة تبوك (4) دعوة أهل الكتاب
  26. دروس من غزوة تبوك (1)
  27. غزوة بني المصطلق
  28. غزوة بني النضير
  29. حديث حرق نخل بني النضير
  30. موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  31. موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (8)(مقالة - آفاق الشريعة)
  32. غزوة تبوك(مقالة - ملفات خاصة)
  33. غزوة بني قريظة دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  34. خطبة المسجد الحرام 29/2/1434 هـ - غزوة أحد وبشائر النصر(مقالة - آفاق الشريعة)
  35. غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  36. دروس وعبر من غزوة الأحزاب(مقالة - آفاق الشريعة)
  37. إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  38. معارك وغزوات في شهر الانتصارات(مقالة - ملفات خاصة)
  39. من دروس غزوة بدر : موقف الصحابة من التضحية لهذا الدين(مقالة - ملفات خاصة)
  40. غزوة بني النضير دروس وعبر
  41. إجلاء بني النضير
  42. حديث حرق نخل بني النضير
  43. موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  44. إتحاف الخيرة بشرح منظومة ابن أبي العز في السيرة (15)(مقالة - آفاق الشريعة)
  45. السيرة النبوية للأطفال(مقالة - موقع عرب القرآن)
  46. غزوة بني النضير(مقالة - موقع عرب القرآن)
  47. قصة غزوة بني قريظة(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  48. غزوة بني قينقاع باختصار(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  49. أحداث غزوة بني قريظة(مقالة - آفاق الشريعة)
  50. مشاهد لن تتكرر - غزوة بني المصطلق الحلقة (25)(مادة مرئية - موقع د. أحمد بن فارس السلوم)
  51. غزوة بني قريظة دروس وعبر(مقالة - آفاق الشريعة)
  52. غزوة بني المصطلق(مقالة - آفاق الشريعة)
---------------

غزوة أحد وهي قبل غزوة بني النضير

غزوة أحد

وهي قبل غزوة بني النضير 

 من الألوكة
الحمد لله له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير وأشهد أن محمداًً عبده ورسوله الذي جاهد في الله تعالى من غير توان ولا تقصير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين اتبعوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم يرجعون وسلم تسليماً.وفي شهر شوال من السنة الثالثة من الهجرة كانت غزوة أحد وهو الجبل الذي حول المدينة والذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: (أحد جبل يحبنا ونحبه)، وذلك أن المشركين لما أصيبوا بفادحتهم الكبرى يوم بدر خرجوا ليأخذوا بالثأر من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ثلاثة آلاف رجل ومعهم مائتا فرس مجنبة فلما علم بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار أصحابه في الخروج إليهم فخرج بنحو ألف رجل فلما كانوا في أثناء الطريق انخزل عبد الله بن أبي رأس المنافقين بمن اتبعه من أهل النفاق والريب وقالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم فتعبأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقتال في سبع مئة رجل فقط ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير رضي الله عنه وأمر على الرماة عبد الله بن جبير وقال: انضحوا عنا الخيل لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبتوا مكانكم فأنزل الله نصره على المؤمنين وصدقهم وعده فكشفوا المشركين عن المعسكر وكانت الهزيمة لا شك فيها ولكن الله قضى وحكم ولا معقب لحكمه وهو السميع العليم فإن الرماة لما رأوا هزيمة الكفار ظنوا أنهم لا رجعة لهم فتركوا مركزهم الذي أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلزومه فكر فرسان من المشركين ودخلوا من ثغر الرماة ففاجئوا المسلمين من خلفهم واختلطوا بهم حتى وصلوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فجرحوا وجهه وكسروا رباعيته اليمنى السفلى وهشموا البيضة بيضة السلاح على رأسه ونشبت حلقتان من حلق المغفر في وجهه فعض عليهما أبو عبيدة فنزعهما وسقطت ثنيتاه من شدة غوصهما في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - ونادى الشيطان بأعلى صوته أن محمداًً قد قتل فوقع ذلك في قلوب كثير من المسلمين وفر أكثرهم فبقي النبي - صلى الله عليه وسلم - في سبعة من الأنصار ورجلين من المهاجرين فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من يردهم عنا وله الجنة).

فتقدم الأنصار واحداً واحداً حتى قتلوا وترس أبو دجانة في ظهره على النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبل يقع فيه وهو لا يتحرك واستشهد في هذه الغزوة سبعون رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسيد الشهداء ومنهم عبد الله بن جحش دفن هو وحمزة في قبر واحد ومنهم مصعب بن عمير رضي الله عنه صاحب اللواء ومنهم سعد بن الربيع رضي الله عنه بعث إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - زيد بن ثابت يقرئه السلام فوجده في آخر رمق وفيه سبعون ضربة فقال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ عليك السلام ويقول كيف تجدك قال: وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السلام قل له أجد ريح الجنة وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفيكم عين تطرف ثم فاضت نفسه رضي الله عنه ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين قد ألقوا بأيديهم فقال ما تنتظرون قالوا: قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال ما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم لقي سعد بن معاذ فقال يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد فقاتل حتى قتل ووجد به نحوا من سبعين ضربة فلما انقضت الحرب أشرف أبو سفيان وكان رئيس المشركين يومئذ ثم أسلم بعد أشرف على الجبل يسأل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر فلم يجيبوه إهانة له واحتقاراً قال أبو سفيان لأصحابه أما هؤلاء فقد كفيتموهم فلم يملك عمر نفسه أن قال: كذبت يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياء وقد أبقى الله لك ما يسوءك ثم قال أبو سفيان مفتخراً بصنمه اعل هبل فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (قولوا الله مولانا ولا مولى لكم) ثم انصرف أبو سفيان بأصحابه فلما كانوا في أثناء الطريق تلاوموا فيما بينهم ليرجعوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فيستأصلونهم فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فنادى في الناس ليخرجوا إلى عدوهم وقال: (لا يخرج معنا إلا من شهد القتال في أحد) فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح والبلاء المبين حتى بلغوا حمراء الأسد على ثمانية أميال من المدينة فأنزل الله فيهم: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران:173،174]. 
 من الألوكة 

اليهود وغزوة أحد

(تحقيق تاريخي) [1]


من الثابت في وقائع السيرة النبوية المطهرة أن من أوائل ما قام به النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة المنورة - كتابةَ صحيفة بين المهاجرين والأنصارِ، وادَع فيها يهودَ، وعاهدهم، وأقرهم على دينهم وأموالِهم، وشرَط لهم واشترط عليهم، وافتَتحها صلى الله عليه وسلم بقوله: ((بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتابٌ من محمد النبي صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلِمين من قريش ويثرب، ومن تبِعَهم فلَحق بهم، وجاهَد معهم، إنهم أمة واحدة من دون الناس))[2]، ثم بين الأحكامَ التي تنظم العلاقات فيما بينهم، وعرفهم حقوقَهم وواجباتهم.

وعُرِفَت هذه الصحيفة بين المؤرخين المعاصرين بوثيقة المدينة[3]، وكان محمد بن إسحاق - وهو علامة في المغازي والسيَر[4] - أولَ من أورَدها من كُتاب السيرة، ونقلها عنه ابنُ هشام في "سيرته"[5].

وما يهمني في هذه الصحيفة - على عظمةِ ما حوَت - ما يتعلق فيها باليهود، فقد نصت فيما نصت عليه:
"وأن على اليهود نفقَتَهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على مَن حارب أهلَ هذه الصحيفة، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين"[6]، "وأن بينهم النصر على مَن دَهِمَ يثرب"[7].

وهذه الجملة الأخيرة: "وأن بينهم النصر على مَن دَهِمَ يثرب" هي التي سأقِف عليها، محاولًا كشفَ مدى التِزام اليهود بها حين دَهِمَت قريشٌ المدينةَ أولَ مرة في غزوة أحد.

ذكر ابن عبدالبر في كتابه "التمهيد" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه جمعُ أبي سفيان للخروج إليه في أُحد، انطلَق إلى بني النضير، فقال لهم: ((إما قاتلتُم معنا، وإما أعرتمونا سلاحًا[8]؟))، وهذا الطلَب من رسول الله صلى الله عليه وسلم متفقٌ مع صحيفة المدينة؛ فإعارة السلاح من النصرة.

فماذا كان رَد بني النضير؟ رفضوا القتالَ معه أو إعارتَه السلاحَ، ويبدو أن الأنصار ظلوا يأملون بنُصرة حلفائهم اليهود، برغم ما بدا منهم، وكأنهم رَغبوا في إعادة طلَب إعانتهم مرة أخرى، فقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ألَا نَستعين بحلفائنا اليهود؟ فقال صلى الله عليه وسلم، وقد تحقق رفضهم: ((لا حاجة لنا فيهم))[9]، بل إن بني النضير أوغلوا في نقض العهد، فلم يَقفوا محايدين - كما فعلَت بنو قريظة، وهو أقل ما كان عليهم فعله - فحين نزل مشركو قريشٍ في أُحد أرسلوا إليهم، فحرضوهم على القتال، ودلوهم على مواقع ضعف المسلمين[10]، وفي هذا إعلان للحرب ومُشاركة فيها، وهو أحد أَسباب إجلاء بَني النضير عن المدينة فيما بعد[11]، صرح بذلك الصحابي الجليل عبدُالله بنُ عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فيما أخرجه البخاري ومسلم في "صحيحيهما"؛ إذ قال: "إن يهود بني النضير وقُريظة حاربوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأجلى بَني النضير، وأقر قريظة، ومنَّ عليهم، حتى حاربَت قريظةُ بعد ذلك؛ فقتَل رجالَهم، وقسم نساءهم وأولادَهم وأموالَهم بين المسلمين"[12]، فبنو النضير لم يَكتفوا بخِذلانه صلى الله عليه وسلم حين دَهِمَتْ قُريش المدينة، بل أعانوا على قتاله؛ بالتحريض، ودَلِّهم على مواقع ضعف المسلمين، أما بنو قريظة فلم يحاربوه، وإنما وقفوا على الحياد، فَقَبِلَ صلى الله عليه وسلم منهم ذلك، ومنَّ عليهم، فعفا عنهم، حتى نقضوا عهدَه بعد نحو سنتين في غزوة الخندق، وتَحالفوا مع الأحزاب على قِتاله[13]، فكان من أمرهم ما كان.

واحدٌ من أحبارهم ساءه تخاذُلُ اليهود عن نصرته صلى الله عليه وسلم، وهو مُخَيريق، فوقف بينهم مذكرًا بما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم من عهدٍ، قائلًا: يا معشر يهود، والله لقد علمتم أن نصر محمدٍ عليكم لحقٌّ، قالوا: إن اليوم يوم السبت[14]، فقال: لا سبت لكم، فأخذ سيفَه وعُدتَه، وقال: إن أُصبتُ فمالي لمحمدٍ يصنع فيه ما شاء، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتَل معه حتى قُتِلَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلَغ ابن إسحاق -: ((مُخَيريق خيرُ يهود))، وقبض رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أموالَه، فعامة صدَقاته صلى الله عليه وسلم بالمدينة منها[15].
موقفُ اليهود هذا في غزوة أُحد؛ من تركهم نُصرةَ المسلمين، وهم حلفاؤهم وجيرانهم، أثار عليهم سخط شاعرٍ كبير من شعراء الجاهلية، هو الأسود بن يَعفُر النهشَلي، صاحبُ القصيدة المفضلية الرائعة، التي مطلعها:
نامَ الخَليُّ وما أُحِسُّ رُقادِي والهَمُّ مُحتَضرٌ لديَّ وِسادِي[16]

فلم يَكتم غيظَه واستشناعه لِما فعلوه، حتى وهو يَمدح واحدًا من قريش ممن أثخنوا في المسلمين يوم أُحد، وهو الحارثُ بن هشام بن المغيرة، أخو أبي جهل عمرو بن هشام، فقال:
إن الأكارمَ مِن قُرَيشٍ كلها
قامُوا فرامُوا الأمرَ كل مَرَامِ
حتى إذا كَثُرَ التحاولُ بينهم
فَصَلَ الأمورَ الحارثُ بنُ هشامِ
وسما ليثربَ لا يريدُ طعامَها
إلا ليُصلِحَ أهلَها بسُوَامِ
وغزا اليهودَ فأسلمُوا جيرانَهم
صَمِّي لما لقيَتْ يهودُ صَمَامِ

هذه الأبيات أوردها ابنُ سلام في كتابه "طبقات فحول الشعراء"[17]، وشرحها العلامةُ محمود محمد شاكر بما عُهد عنه من دِقة فهمٍ وحُسن بيان، فقال: "حتى إذا كثر التحاول بينهم؛ يعني: إذا كثر بَينهم التحاور والتنازع والتخادع وطلب الغَلَبة بالحيلة، فَصَلَ الأمورَ الحارثُ بن هشام، وسما ليثرب: يريد خروجَ قريش من مكة إلى أُحد لقتال المسلمين، إلا ليصلح أهلها بسُوام: كأنه أراد بالسوام هنا العذاب والنكال".

أما البيتُ الأخير، فعليه مدارُ حديثي، وهذه قراءتي له مما استظهرتُه من رواية ابن سلام، ومما جاء في "لسان العرب" (صمم)، و(هود)، و"المخصص" (16/ 102)، وقد علق عليه العلامة محمود محمد شاكر، ولي عودةٌ إلى تعليقه، وحسبي منه قوله هنا: "يعني بالجيران: المهاجرين الذين نزلوا المدينة على الأنصار، وأسلَمَ فلانٌ صديقَه: خذله في مكروه، وفر لِيَسلم هو، وصَمِّي صَمَام: كلمة تقال عند استفظاع أمرٍ بَشِع قبيح، وكأنه يقول: اخرسي يا داهية؛ فإن الذي أرى أكبر منكِ، وصَمَام: اسم الداهية الشديدة"[18].

ورواية ابن سلام لصَدر البيت، هي: "وغزا اليهودَ فأَسلَموا أبناءهم"، وقوله: "وغزا اليهود"، ظاهره مُشكل؛ لأنه إنما غزا المُسلمين، بيد أن الأسودَ قال ما قال، وهو الجاهلي، لِمَا كان عليه اليهودُ من قوةٍ يومئذٍ في يثرب، وكثرتهم ومَنَعتهم في حُصونهم[19]، فكأن المسلمين - لأنهم حلفاء لهم وجيران - يَعيشون تحت حمايتهم؛ ولذلك عبر عنهم بأبنائهم؛ فالحارث بغزوِه للمسلمين يكون قد غَزا اليهودَ كذلك، والله أعلم.

فالأسود بن يَعفُر - وهو العربي الذي يقيم لحق الجِوَار كل حُرمة - راعَه خِذلانُ اليهود لجيرانهم المُسلمين، واستفظع فعلهم.

موقفُ اليهود هذا، يَنقلب في روايةٍ شاعَت بين المحدثين إلى موقفٍ مضاد، تبرئهم من تَخاذلهم، وتصورهم وقد حملوا السلاح مبادرين إلى قتال قريش، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم هو مَن ردهم عن مشاركة المسلمين في قتالهم.

وردَت هذه الرواية في مَصدرين؛ أولهما عند الواقدي في "مغازيه"، وقد ساقها دون إسناد، فقال: "فلما ركب رسولُ الله صلى الله عليه وسلم خرج السعدان أمامه يعدوان؛ سعد بن عُبادة وسعد بن معاذ، كل واحد منهما دارع، والناس عن يمينه وعن شماله حتى سلَك على البدائع، ثم زقاق الحِسي حتى أتى الشيخين - وهما أطمان[20] كانا في الجاهلية، فيهما شيخٌ أعمى وعجوز عَمياء يتحدثان، فسُمي الأطمان بالشيخين - حتى انتهى إلى رأس الثنية، التفت فنظر إلى كتيبة خشناء[21]، لها زَجَل[22] خلفَه، فقال: ((ما هذه؟))، قالوا: يا رسولَ الله، هؤلاء حلفاءُ ابنِ أبيٍّ من يهودَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك))[23]، وتابعه على هذه الرواية ابنُ سعد في "الطبقات"[24].

ثم إن ابنَ سعد ساق في "طبقاته" روايةً أخرى بإسناده، فقال: "أخبرنا خالد بن خِداش، أخبرنا الفَضل بن موسى السيناني، عن محمد بن عمرو، عن سَعد بن المنذر، عن أبي حُميد الساعدي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أُحد حتى إذا جاوزَ ثنيةَ الوداع إذا هو بكتيبةٍ خشناء، فقال: ((مَن هؤلاء؟))، قالوا: هذا عبدُالله بن أبيٍّ ابنُ سَلُولَ في ستمائةٍ من مواليه من اليهود من أهل قينقاع، وهم رهطُ عبدِالله بن سلام، قال: ((وقد أسلموا؟))، قالوا: لا يا رسولَ الله، قال: ((قولوا لهم: فليرجعوا؛ فإنا لا نستعين بالمشركين على المشركين))[25].

أما رواية الواقدي فقد ساقها دون إسناد، ثم إنه متفَق على ضعفه عند المحدثين، وإن كان لا يُستغنى عنه في المغازي وأيامِ الصحابة وأخبارهم[26]، ما لم يَنفرد بما يرويه[27]، وحَسبي رواية ابن سعد التي ساقَها بإسنادِه؛ ففيها نَكارةٌ في متنها، على ضعفِ إسنادها، ومدارُه على سعد بن المنذر، وهو ابن أبي حُميد الساعدي - ومن طريقه أورده بعضُ المحدثين كذلك[28] - وهو مجهولُ الحال، فلم يَروِ عنه سوى اثنين، ولم يُؤثَر توثيقه عن غير ابن حِبان، على عادته في توثيق المَجاهيل، ثم إن المنذر انفرد به، وهو ممن لا يُحتمل تفرده، أما نَكارة المتن ففي قوله: مِن مواليه اليهود من أهل قينقاع، والثابت أن يهود بني قينقاع أجلاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن المدينة بعد غَزوة بدر؛ لخيانتهم ونقضهم العهد[29]، ثم إنه سمى اليهودَ بالمشركين، وإنما هم أهلُ الكتاب، كما سماهم الله تعالى في مُحكم كتابه.

فكُتَّاب السيرة من قدماء ومُحدَثين اعتمدوا على هذه الرواية في سياق حديثهم عن غزوة أُحد، وبعضهم آثَر السكوتَ عن موقف اليهود، فغيبهم عن الوَقعة تمامًا، بل إن الغريب حقًّا أن العلامة محمود محمد شاكر عَدَلَ عن رواية ابن سلام لبيت الأسود بن يَعفُر: "وغزا اليهودَ فأسلموا أبناءهم"، ليَستقيم له الرد عليه، فقال في تعليقه: "رواية ابن سلام غيرُ جيدة، وفي اللسان وغيره (صمم)، (هود)، والمخصص (16/ 102)، "فرت يهودُ وأسلمَت جيرانها"، ويُروى "حلفاءها"، ثم قال: ويهود لم تفرَّ في غزاة أُحد - وهم أهل الفرارِ والغدر - ولكن ردهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لما خرجوا مع عبدالله بن أبيٍّ ابنِ سَلُولَ، وقال: ((لا نَستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك))[30].

فرواية البيت: "فرت يهود" لا تَستقيم معنًى؛ لأن اليهود لم يَخرجوا للمعركة أبدًا، إلا إذا فسرنا فرارَهم بتخاذلهم عن الخروج، ومن ثَم رجحت رواية البيت: "وغزا اليهودَ فأسلموا جيرانهم"، أو "حلفاءهم"؛ جمعًا بين رواية ابن سلام ورواية "اللسان".

ثم إن مدار مَعنى البيت على قوله: "فأَسلَموا"، وفي "اللسان": أسلمَ الرجلَ: خذله[31]، وهل وقع من اليهود إلا الخِذلان؟ فالبيتُ بدلالته التاريخية، وعلى قراءة العلامة محمود شاكر له كذلك، قولٌ فصل من مُشرك معادٍ للمُسلمين بتَخاذل اليهود عن نُصرة المُسلمين في غزوة أُحد، مع ما يؤيدُه من أخبار صَحيحة، فلا يُرَد برواية ضعيفة في مَتنها نكارة، إلا إذا قلنا: إنه منحول، وهو ما لم يَقل به أحد، وما أدري كيف تأتى للعلامة محمود محمد شاكر ردُّه، وهو الذي عاش حياتَه مُنافحًا عن الشعر الجاهلي وصحته؟[32].

نَعم، صح عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قوله: ((إنا لا نستعين بالمُشركين على المشركين))؛ ولكن في غزوة بدر، وقد لحقه أحدُ مشركي المدينة للقِتال معه، فيما روَت أمنا عائشة رضي الله عنها، فقالت: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر، فتبِعه رجلٌ من المشركين، فلحقَه عند الجمرة، فقال: إني أردتُ أن أتبعك وأصيب معك، قال: ((أتؤمن بالله عز وجل ورسولِه؟))، قال: لا، قال: ((ارجع؛ فلن نَستعين بمشرك))، قال: ثم لحقه عند الشجرة، ففرح بذلك أصحابُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان له قوة وجَلَد، فقال: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال: ((تؤمن بالله ورسوله؟))، قال: لا، قال: ((ارجع؛ فلن أَستعين بمشرك))، قال: ثم لحقه حين ظهر على البيداء، فقال له مثل ذلك، قال: ((تؤمن بالله ورسولِه؟))، قال: نعم، قال: فخرج به"[33].

فهذه - كما ترى واقعةٌ أخرى - قيلَت في مشرك، لا في أهل كتابٍ بينهم وبين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم عهودٌ ومواثيق.

وبعد، فهذه واحدة من القضايا التي شوش الرؤيةَ فيها رواةٌ ضعفاء، حاجبين عن الأعين ما صح من أخبارها، وسواها في تاريخنا كثير، تَنتظر من يُزيل عنها ما تَراكَمَ عليها عبر السنين من غبار الأوهام.

مصادر البحث:
"أنساب الأشراف"؛ تصنيف أحمد بن يحيى المعروف بالبلاذري، تحقيق الدكتور محمد حميد الله، دار المعارف، مصر، 1959 م.
"تاريخ الرسل والملوك"؛ لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، مصر.
"التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد"؛ للإمام أبي عمر يوسف بن عبدالله بن عبدالبر القرطبي، تحقيق مصطفى أحمد العلوي، ومحمد عبدالكبير البكري، المملكة المغربية، وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1387 ه - 1967 م.
"الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه؛ المعروف بصحيح البخاري"؛ للإمام الحافظ الكبير محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري، مطبوع مع فتح الباري؛ شرح الحافظ ابن حجر العسقلاني، عناية عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، ترقيم فؤاد عبدالباقي، المكتبة السلفية.
"دولة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة"؛ تأليف الدكتور صالح أحمد العلي، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 2001 م.
"سير أعلام النبلاء"؛ للذهبي، تحقيق مجموعة من العلماء، بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1981 م.
"السيرة النبوية"؛ لابن هشام، تحقيق مصطفى السقا، وإبراهيم الأبياري، وعبدالحفيظ شلبي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان.
"شرح مشكل الآثار"؛ للطحاوي، تحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1994 م.
"صحيح مسلم"؛ للإمام مسلم بن الحجاج القشيري، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي، الطبعة الأولى 1955 م.
"طبقات فحول الشعراء"؛ تأليف محمد بن سلام الجمحي، قرأه وشرحه محمود محمد شاكر، مطبعة المدني، القاهرة، 1974 م.
"الطبقات الكبير"؛ لمحمد بن سعد بن منيع الزهري، تحقيق الدكتور علي محمد عمر، مكتبة الخانجي، القاهرة، الطبعة الأولى 1421ه - 2001 م.
"لسان العرب"؛ لجمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، دار صادر، بيروت.
"محمد صلى الله عليه وسلم واليهود، نظرة جديدة"؛ تأليف الدكتور بركات أحمد، ترجمة محمود علي مراد، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1996 م.
"المستدرك على الصحيحين"؛ لأبي عبدالله الحاكم النيسابوري، طبعة دائرة المعارف العثمانية، الهند.
"مسند الإمام أحمد بن حنبل"، تحقيق شعيب الأرنؤوط، ومحمد نعيم العرقسوسي، وإبراهيم الزيبق، وعادل مرشد، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1429ه - 2008 م.
"المعجم الأوسط"؛ للطبراني، تحقيق طارق بن عوض الله، طبعة دار الحرمين، الرياض، سنة 1415 ه.
"مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة"؛ تأليف الدكتور محمد حميد الله، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1940 م.
"المغازي"؛ لمحمد بن عمر الواقدي، تحقيق الدكتور مارسدن جونس، عالم الكتب، بيروت.
"المغازي"؛ لموسى بن عقبة، جمع ودراسة وتخريج محمد باقشيش، المملكة المغربية، جامعة ابن زهر، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، أكادير، 1414ه - 1994 م.
"المفضليات"؛ للمفضل بن محمد بن يعلى الضبي، تحقيق أحمد محمد شاكر وعبدالسلام هارون، دار المعارف، القاهرة، الطبعة العاشرة، 1992 م.

[1] مقالة نشرت في مجلة مجمع اللغة العربية بدمشق، المجلد الثامن والثمانون، الجزء الثالث، رمضان 1436هـ، تموز 2015 م.
[2] "سيرة ابن هشام"، (2/ 147).
[3] ونشرها الدكتور محمد حميد الله في كتابه النفيس: "مجموعة الوثائق السياسية في العهد النبوي والخلافة الراشدة" (1 - 7)، وبين الفروق في رواياتها.
[4] وصفه بذلك الإمامُ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (7 / 37).
[5] "سيرة ابن هشام" (2 / 147 - 150).
ووقت كِتابة هذه الصحيفة من سياق ابن إسحاق لها كان في السنَة الأولى للهجرة، وتابعه على ذلك جمهور المؤرخين، وخالفه بعضُ المؤرخين المعاصرين في زمن كتابتها؛ فذهب الدكتور صالح أحمد العلي في كتابه "دولة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة" (112) إلى أنها كتبت بعد غزوة بدر؛ أي: في السنة الثانية للهجرة، وأغرب الدكتور بركات أحمد فجعلها في كتابه "محمد واليهود" (82 - 83، 88، 93) بعد غزوة بني قريظة؛ أي: في أوائل السنة السادسة للهجرة، مستدلًّا على ذلك باستدلالات؛ منها: عدم التصريح فيها بأسماء القبائل اليهودية الثلاث؛ بني قينقاع وبني النضير وبني قريظة، وأتساءل: ما معنى كتابة الصحيفة إذًا بعد تلاشي نُفوذ اليهود في المدينة؟ وأي معنًى يبقى لما جاء فيها: "وأن بينهم النصر على مَن دَهِمَ يثرب"، بعد يأس المشركين من غزوها عَقِيب انكفائهم عنها في غزوة الخندق، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذٍ فيما رواه البخاري في صحيحه برقمي (4109)، (4110): ((الآن نَغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم))؟ ولعل اعتماد الدكتور بركات في كتابه على مصادر عربية قليلة ضيق عليه سُبُلَ النظر والتحليل، ولستُ الآن بصدد مناقشته فيما ذهب إليه، ولي عودةٌ لذلك في بحث آخر إن شاء الله تعالى.
[6] "سيرة ابن هشام" (2 / 149).
[7] "سيرة ابن هشام" (2 / 150)، وأكد هذا القول كذلك موسى بن عقبة في "مغازيه" (217)، والبلاذري في "أنساب الأشراف" (1 / 286)، والطبري في "تاريخه" (2 / 479).
[8] "التمهيد"؛ لابن عبدالبر، (12 / 36، 37).
[9] "سيرة ابن هشام" (3 / 68).
[10] "مغازي موسى بن عقبة" (210).
[11] إلى أسباب أخرى؛ منها: محاولتهم قتله صلى الله عليه وسلم بعد أُحد حين جاءهم مستعينًا في دِيَة العامريين اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري؛ ينظر: "سيرة ابن هشام" (3 / 199).
[12] صحيح البخاري (4028)، وصحيح مسلم (1766) (62).
[13] "سيرة ابن هشام" (3 / 231 - 233).
[14] كانت معركة أُحُد يوم السبت 7 شوال من السنة الثالثة للهجرة فيما ذكر الواقدي في مغازيه (1 / 199)، وابن سعد في الطبقات (2 / 33)، والطبري في تاريخه (2 / 499)، وعند ابن إسحاق أنها كانت يوم السبت 15 شوال؛ ينظر "سيرة ابن هشام" (3 / 106).
[15] "سيرة ابن هشام" (2 / 165)، (3 / 94)، وينظر في أمواله التي خلفها لرسول الله صلى الله عليه وسلم "مغازي الواقدي" (1 / 378).
[16] المفضليات (215 - 220).
[17] "طبقات فحول الشعراء" (1 / 148، 149).
[18] "طبقات فحول الشعراء" (1 / 149).
[19] ولمنعتهم هذه وقوتهم شبه الشاعر جبل بن جوال الثعلبي رسوخَهم في بلدتهم برسوخ الصخور، فقال:
وقد كانوا ببلدتهم ثِقالًا *** كما ثَقُلَت بمَيطانَ الصخورُ
وميطان: جبل بالمدينة؛ ينظر "سيرة ابن هشام" (3 / 285).
[20] الأُطُم: حصن مبني بحجارة، وقيل: هو كل بيت مربع مسطح؛ اللسان (أطم).
[21] خشناء: كثيرة السلاح؛ اللسان (خشن).
[22] الزجَل: الجلبة ورفع الصوت؛ اللسان (زجل).
[23] "مغازي الواقدي" (1 / 215، 216).
[24] "طبقات ابن سعد" (2 / 35، 36).
[25] "طبقات ابن سعد" (2 / 45).
[26] ينظر: "سير أعلام النبلاء" (9 / 454، 455).
[27] "فتح الباري"؛ لابن حجر (7 / 472).
[28] منهم الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (6 / 416، 417)، برقم (2580)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (5 / 221)، برقم (5142)، والحاكم في المستدرك (2 / 122).
[29] نبذ يهود بني قينقاع العهدَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم عقب قدومه من غزوة بدر ظافرًا، فنزل قوله تعالى: ﴿ وَإِما تَخَافَن مِن قَومٍ خِيَانَةً فَانبِذ إِلَيهِم عَلَى سَوَاءٍ ﴾ [الأنفال: 58]، فلما فرغ جبريلُ من هذه الآية قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إني أخاف من بني قينقاع))، قال عروة بن الزبير: فسار إليهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بهذه الآية؛ ينظر "تاريخ الطبري" (2 / 480)، وأما ما رواه الواقدي في كتابه "المغازي" (1 / 176، 177)، وساقه ابنُ هشام في زياداته على السيرة (3 / 51) من قصة المرأة المسلمة التي جلسَت إلى صائغ بِسوق بني قينقاع، فعقد الصائغُ إلى طرف ثوبها، فلما قامَت انكشفت سوءتها، فضحك اليهودُ منها، فصاحَت، فقام إلى الصائغ رجلٌ من المسلمين فقتله، فاجتمع بنو قينقاع فقتلوا الرجلَ، ونبذوا العهدَ، وكان ذلك سببًا لإجلائهم عن المدينة - فهي روايةٌ لا تصح؛ لضعف إسنادها، ونكارتها، ولي عودةٌ إليها في بحث آخر، إن شاء الله تعالى.
[30] "طبقات فحول الشعراء" (1 / 149).
[31] اللسان: (سلم).
[32] أرجو ألا يسافر وهمُ بعض الناس إلى أنني أتنقص بذلك من علم هذا العالم الجليل؛ حاشَا لله، وله في قلبي حب كبير، ولكن هل من شرط العالم ألا يخطئ؟
[33] أخرجه أحمد في المسند (25158)، بإسناد صحيح، واللفظ له، ومسلم في صحيحه (1817).
من الألوكة

سورة الحشر

سورة النساء

سورة آل عمران

سورة البقرة

سورة الفاتحة

سورة الأنفال

سورة الأعراف

سورة الأنعام

سورة المائدة

سورة يوسف

سورة هود

سورة يونس

سورة التوبة

سورة النحل

سورة الحجر

سورة إبراهيم

سورة الرعد

سورة طه

سورة مريم

سورة الكهف

سورة الإسراء

سورة النور

سورة المؤمنون

سورة الحج

سورة الأنبياء

سورة القصص

سورة النمل

سورة الشعراء

سورة الفرقان

سورة السجدة

سورة لقمان

سورة الروم

سورة العنكبوت

سورة يس

سورة فاطر

سورة سبأ

سورة الأحزاب

سورة غافر

سورة الزمر

سورة ص

سورة الصافات

سورة الدخان

سورة الزخرف

سورة الشورى

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة محمد

سورة الأحقاف

سورة الجاثية

سورة الطور

سورة الذاريات

سورة ق

سورة الحجرات

سورة الواقعة

سورة الرحمن

سورة القمر

سورة النجم

سورة الممتحنة

سورة الحشر

سورة المجادلة

سورة الحديد

سورة التغابن

سورة المنافقون

سورة الجمعة

سورة الصف

سورة القلم

سورة الملك

سورة التحريم

سورة الطلاق

سورة الجن

سورة نوح

سورة المعارج

سورة الحاقة

سورة الإنسان

سورة القيامة

سورة المدثر

سورة المزمل

سورة عبس

سورة النازعات

سورة النبأ

سورة المرسلات

سورة الإنشقاق

سورة المطففين

سورة الإنفطار

سورة التكوير

سورة الغاشية

سورة الأعلى

سورة الطارق

سورة البروج

سورة الليل

سورة الشمس

سورة البلد

سورة الفجر

سورة العلق

سورة التين

سورة الشرح

سورة الضحى

سورة العاديات

سورة الزلزلة

سورة البينة

سورة القدر

سورة الهمزة

سورة العصر

سورة التكاثر

سورة القارعة

سورة الكوثر

سورة الماعون

سورة قريش

سورة الفيل

سورة الإخلاص

سورة المسد

سورة النصر

سورة الكافرون



سورة الناس

سورة الفلق





 

سورة الحشر

قوله تعالى : ( سبح لله ) إلى قوله : ( والله على كل شيء قدير )

 

802 - قال المفسرون : نزلت هذه الآية في بني النضير ، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة صالحه بنو النضير على أن لا يقاتلوه ولا يقاتلوا معه ، وقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك منهم ، فلما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدرا وظهر على المشركين ، قالت بنو النضير : والله إنه النبي الذي وجدنا نعته في التوراة لا ترد له راية ، فلما غزا أحدا وهزم المسلمون نقضوا العهد وأظهروا العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين ، فحاصرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صالحهم على الجلاء من المدينة .

 

803 - أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر ، أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ ، حدثنا محمد بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن ابن كعب بن مالك ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : أن كفار قريش كتبوا بعد وقعة بدر إلى اليهود : إنكم أهل الحلقة والحصون ، وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا ، ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم - وهي الخلاخل - شيء ، فلما بلغ كتابهم اليهود أجمعت بنو النضير [ على ] الغدر ، وليخرج منا ثلاثون حبرا حتى نلتقي بمكان نصف بيننا وبينك ، ليسمعوا منك ، فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا بك كلنا ، فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثين رجلا من أصحابه ، وخرح إليه ثلاثون حبرا من اليهود ، حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ فأرسلوا [ إليه ] كيف نفهم ونحن ستون رجلا ؟ اخرج في ثلاثة من أصحابك ، ونخرج إليك ثلاثة من علمائنا إن آمنوا بك آمنا بك كلنا وصدقناك . فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت امرأة ناصحة من بني النضير إلى أخيها - وهو رجل مسلم من الأنصار - فأخبرته خبر ما أراد بنو النضير الغدر برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلما كان من الغد غدا عليهم بالكتائب فحاصرهم وقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء على أن لهم ما أقلت الإبل [ ص: 216 ] إلا الحلقة وهي السلاح ، وكانوا يخربون بيوتهم فيأخذون ما وافقهم من خشبها ، فأنزل الله تعالى : ( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض ) حتى بلغ : ( والله على كل شيء قدير ) .

**

قوله تعالى : ( ما قطعتم من لينة . . . ) الآية [ 5 ] .

 

804 - وذلك : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل ببني النضير وتحصنوا في حصونهم أمر بقطع نخيلهم وإحراقها ، فجزع أعداء الله عند ذلك وقالوا : زعمت يا محمد أنك تريد الصلاح ، أفمن الصلاح عقر الشجر المثمر وقطع النخيل ؟ وهل وجدت فيما زعمت أنه أنزل عليك الفساد في الأرض ؟ فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد المسلمون في أنفسهم من قولهم ، وخشوا أن يكون ذلك فسادا ، واختلفوا في ذلك ، فقال بعضهم : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا . وقال بعضهم : بل اقطعوا . فأنزل الله تبارك وتعالى : ( ما قطعتم من لينة . . . ) الآية . تصديقا لمن نهى عن قطعه وتحليلا لمن قطعه ، وأخبر أن قطعه وتركه بإذن الله تعالى .

 

805 - أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي ، أخبرنا والدي ، أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، حدثنا قتيبة ، حدثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل النضير وقطع وهي البويرة ، فأنزل الله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) . رواه البخاري ، ومسلم عن قتيبة .

 

806 - أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، أخبرنا أبو يحيى الرازي ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع نخل بني النضير وحرق وهي البويرة ، ولها يقول حسان :

وهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير وفيها نزلت الآية : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها . . . ) الآية . رواه مسلم ، عن سعيد بن منصور ، عن ابن المبارك .

 

807 - وأخبرنا أبو بكر ، أخبرنا عبد الله ، حدثنا سلم بن عصام حدثنا رستة ، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا محمد بن ميمون التمار ، حدثنا جرموز عن حاتم النجار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : جاء يهودي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنا أقوم فأصلي قال : " قدر الله لك ذلك أن تصلي " . قال : أنا أقعد . قال : " قدر الله لك أن تقعد " . قال : أنا أقوم إلى هذه الشجرة فأقطعها . قال : " قدر الله لك أن تقطعها " قال : فجاء جبريل عليه السلام فقال : يا محمد لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم عليه السلام على قومه ، [ ص: 217 ] فأنزل الله تعالى : ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين ) يعني اليهود .

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ . . . ) الْآيَةَ : [ 9 ] .

 

808 - رَوَى جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ : أَنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَرْضَ نِصْفَيْنِ قَالَ : " لَا ، وَلَكِنَّهُمْ يَكْفُونَكُمُ الْمَئُونَةَ وَتُقَاسِمُونَهُمُ الثَّمَرَةَ ، وَالْأَرْضُ أَرْضُكُمْ " ، قَالُوا : رَضِينَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ . . . ) الْآيَةَ .

 

**

قوله تعالى : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) الآية [ 9 ] .

 

809 - أخبرنا سعيد بن أحمد بن جعفر المؤذن ، [ قال : ] أخبرنا أبو علي الفقيه ، أخبرنا محمد بن منصور بن أبي الجهم السبيعي ، حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا عبد الله بن داود ، عن فضيل بن غزوان ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفع إلى رجل من الأنصار رجلا من أهل الصفة ، فذهب به الأنصاري إلى أهله ، فقال للمرأة : هل من شيء ؟ قالت : لا إلا قوت الصبية قال : فنوميهم ، فإذا ناموا فأتيني [ به ] ، فإذا وضعت فأطفئي السراج قال : ففعلت ، وجعل الأنصاري يقدم إلى ضيفه ما بين يديه ، ثم غدا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " لقد عجب من فعالكما أهل السماء " . ونزلت : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) . رواه البخاري عن مسدد ، عن عبد الله بن داود ، ورواه مسلم عن أبي كريب عن وكيع ، كلاهما عن فضيل بن غزوان .

 

810 - أخبرنا أبو عبد الله بن إسحاق المزكي ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله السليطي حدثنا أبو العباس بن عيسى بن محمد المروزي ، حدثنا المستجير بن الصلت ، حدثنا القاسم بن الحكم العرني ، حدثنا عبيد الله بن الوليد عن محارب بن دثار ، عن عبد الله بن عمر قال : أهدي لرجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأس شاة ، فقال : إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا ، فبعث به إليه ، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر حتى تداولها سبعة أهل أبيات حتى رجعت إلى الأول ، فنزلت : ( ويؤثرون على أنفسهم ) إلى آخر الآية .

**

غزوة بني النضير دروس وعبر

من الالوكة

غزوة بني النضير التي وقعت في شهر ربيع الأول.

بعد الهزيمة التي وقعت للمسلمين في غزوة أحد تجرأ اليهود على المسلمين وبدئوا يكاشفونهم بالغدر والعداوة ويتصلون بالمشركين والمنافقين ويعملون لصالحهم ضد المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم صابراً متحملاً لأذاهم وجرأتهم وخاصة بعد وقعة الرجيع ومأساة بئر معونة التي قتل فيها سبعين رجلاً من أفاضل الصحابة في كمين غادر للمشركين وحلفائهم اليهود وقد تألم النبي صلى الله عليه وسلم لهذه المأساة التي قتل فيها سبعين من أصحابه تألماً شديداً.

 

وفي يوم من الأيام خلا اليهود بعضهم إلى بعض وسول لهم الشيطان أعمالهم فتآمروا على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وقالوا أيكم يأخذ هذه الرحى فيصعد بها فيلقيها على رأس محمد فيشدخ بها رأسه فقال أشقاهم عمرو بن جحاش أنا فقال لهم سلام بن مشكم لا تفعلوا فوالله ليخبرن بما هممتم به وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه ولكنهم أصروا وعزموا على تنفيذ هذه الخطة الخبيثة فلما جلس النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار بيت من بيوتهم وجلس معه أبوبكر وعمر وعلي وطائفة من أصحابه صعد المجرم على سطح المنزل لينفذ فعلته المشئومة ولكن الله سبحانه وتعالى أرسل جبريل الأمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلمه بما هموا به فأخبره جبريل فنهض النبي صلى الله عليه وسلم مسرعاً وتوجه إلى المدينة فلحقه أصحابه فقالوا نهضت ولم نشعر بك فأخبرهم بما همّ به اليهود.

 

وما لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بعث محمد بن مسلمة إلى يهود بني النضير يقول لهم أخرجوا من المدينة ولا تساكنوني بها وقد أجلتكم عشراً فمن وجدته بعد ذلك منكم ضربت عنقه فلم يجد اليهود مناصاً من الخروج فأقاموا أياماً يتجهزون للرحيل والخروج من المدينة غير أن رئيس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول بعث إليهم أن أثبتوا وتمنعوا ولا تخرجوا من دياركم فإن معي ألفين رجلاً يدخلون معكم حصونكم يدافعون عنكم ويموتون دونكم فانزل الله سبحانه وتعالى ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾.

وهناك عادت لليهود ثقتهم وطمع رئيسهم حيي بن أخطب فيما قاله رئيس المنافقين فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون له " إنّا لن نخرج من ديارنا فاصنع ما بدا لك" .

كان هذا الموقف موقفاً محرجاً بالنسبة للمسلمين فإن المسلمين لا يريدون أن يشتبكوا مع خصومهم في هذه الفترة المحرجة من تاريخهم لأن جبهة القتال مشتعلة مع المشركين فلا يريدون أن يفتحوا جبهة أخرى مع اليهود ولأن اليهود كانوا على درجة من القوة تجعل استسلامهم بعيد الاحتمال والقتال معهم غير مأمون العواقب والنتائج.

 

ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بلغه جواب حيي بن أخطب كبر وكبر المسلمون معه ثم نهض صلى الله عليه وسلم لقتالهم ومناجزتهم فاستعمل على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وسار إليهم يحمل اللواء علي بن أبي طالب فلما وصل إليهم فرض صلى الله عليه وسلم عليهم الحصار فالتجأ اليهود إلى حصونهم وكانت نخيلهم وبساتينهم عوناً لهم في ذلك فأمر صلى الله عليه وسلم بقطعها وتحريقها وفي ذلك أنزل الله ﴿ مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ ﴾.

 

فلما رأى المنافقون جدية الأمر خانوا حلفائهم اليهود فلم يسوقوا لهم خيراً ولم يدفعوا عنهم شراً ﴿ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ ﴿ لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ ﴾. ولهذا مثلهم الله سبحانه وتعالى بالشيطان فقال ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ﴾.

 

ولم يطل الحصار طويلاً وإنما دام ست ليال فقط حتى قذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا وتهيئوا للاستسلام وإلقاء السلاح فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "نحن نخرج عن المدينة" فوافق صلى الله عليه وسلم على أن يخرجوا منها بنفوسهم وذراريهم وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح فوافقوا على ذلك ولحقدهم وحسدهم قاموا بتخريب بيوتهم بأيديهم ليحملوا معهم الأبواب والشبابيك والجذوع حتى لا يأخذها المسلمون ثم حملوا النساء والصبيان على ستمائة بعير وأسلم منهم رجلان فقط وذهبت طائفة منهم إلى الشام.

 

فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحهم واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم فوجد معهم من السلاح خمسين درعاً وثلاثمائة وأربعين سيفاً فكانت أموالهم وديارهم خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يضعها حيث يشاء ولم يُخمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم – أي لم يقسمّها بالخمس كالغنائم- لأن المسلمين لم يوجفوا عليها بخيل ولا ركاب وإنما أفائها الله عليهم وساقها لهم بدون قتال فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين الأولين.

 

كانت هذه الغزوة – غزوة بني النضير- في شهر ربيع الأول في مثل هذا الشهر من السنة الرابعة للهجرة وأنزل الله في هذه الغزوة سورة الحشر بأكملها يقول الله سبحانه وتعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ * وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ * وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ..

 

الخطبة الثانية

بعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى في سورة الحشر الأحداث التي حدثت في هذه الغزوة قال ﴿ فاعتبروا ياأولي الأبصار ﴾ فهو أمر منه سبحانه وتعالى بأخذ الدروس والعبر من هذه الغزوة ومن أعظم العبر فيها إثبات قدرة الله سبحانه وتعالى على تغيير الأحوال وتبديل الحال وتصريف الأمور كيف يشاء سبحانه وتعالى فلا يقف أمام قوته وقدرته شيء فهؤلاء اليهود كان الناس جميعاً حتى المسلمون يظنون أن قوتهم وحصونهم التي يتحصنون بداخلها لن يستطيع أحد أن يخترقها أو يخرجهم منها ﴿ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا ﴾ أي أنتم أيها المسلمون مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وظنوا أي اليهود أن حُصُونُهُمْ مانعتهم مِنَ اللَّهِ ولكن الله جل جلاله أتاهم من حيث لم يحسبوا فسلط عليهم جندياً من جنوده وهو الرعب فانهارت معنوياتهم وضعفت نفسياتهم فاستسلموا وخربوا بيوتهم بأيديهم.

 

فعلى الناس أن يعلموا أن الله الذي أجلاء هؤلاء وأزالهم بعد أن ظن الناس أن حصونهم مانعتهم قادر على أن يزيل غيرهم من الكافرين والمتكبرين والظالمين بشرط أن يصلح الناس أحوالهم ويقبلوا على منهج ربهم وينصروا دينه فإذا حققوا ذلك فإن الله سينصرهم وسيهلك عدوهم. ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾.

وفي السورة إشارة إلى أن النصر قريب إذا سلك الناس طريقه

 

كما أن في السورة إشارة واضحة إلى أن الهلاك متحقق في الوقوف في وجه الحق وتعذيب أهل الحق أو مطاردتهم أو سجنهم فهؤلاء اليهود لما عزموا على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم بإلقاء الرحى عليه من سطح البيت مكر الله بهم فأذلهم وأخزاهم وخرب بيوتهم ورحلهم من ديارهم بدون أن يتكلف المسلمون أية تكاليف في ذلك وإنما دخلوا أرضهم بدون خيل ولا ركاب أي بدون حرب ولا مشقة.

كما أن في الآية إشارة للمسلمين بتجنب الغدر والابتعاد عن الخيانة ونقض العهد حتى لا يقع لهم ما وقع لليهود فاعتبروا يأ أولي الأبصار.

 

كما أن من الدروس العظيمة في هذه الغزوة بيان حال المنافقين وكشف العلاقة الوطيدة بينهم وبين أهل الكتاب من اليهود والنصارى حتى أن الله سبحانه وتعالى سماهم إخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب فقال ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ فعلاقة المنافقين باليهود علاقة حميمة وصلتهم بهم صلة قوية يعقدون معهم المؤامرات ويتآمرون معهم ضد المسلمين ويوعدونهم بالدفاع عنهم ونصرتهم وحمايتهم من المسلمين ﴿ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ ﴾ هذا هو حال حكامنا اليوم مع اليهود أوفياء وأصدقاء ومع شعوبهم المسلمة خصوم ألداء.

ومن الدروس والعبر في هذه الغزوة الإعلام بأن المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله فمن غدر ومكر ولف ودار فإنه لفه ومكره سينقلب عليه في النهاية فهؤلاء اليهود أرادوا قتل الرسول صلى الله عليه وسلم والقضاء عليه فقضوا على أنفسهم واهلكوا أنفسهم.

كما أن في الغزوة دليل على جواز تخريب ممتلكات الكفار إذا كانت هناك ضرورة حربية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث قطع نخيلهم وأحرق بساتينهم. من الألوكة