*لام الصيرورة أو العقبة أو الغاية في قوله تعالي(فطلقوهن لــ عدتهن)
قال القرطبي في تفسير سورة الطلاق:
وقوله تعالي (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155)/سورة الأعراف)وفي كل لام من لامات ميقاتن يدل موضعها علي أنها من بلاغات القرآن الكريم والمهمة جدا في اختصار مدلول ارتباط الأمر بنهاية أجله أي مدلول ارتباط ذهاب موسي لربه بنهاية ميقاته مع ربه وليس في أي ميقات غيره ودل علي ذلك قطعا قوله تعالي محددا ميقاته جل وعلا لموسي في (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) فلفظة ميقات ربه هنا (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا) تعني بعد تمام ميقاتناكذلك قوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ /سورة الطلاق)) أي لمآل الأجل وبعد نهايته أو في عاقبته
وأما ) لام الصيرورة ) - وهذه تسمية الكوفيين ، والبصريون يسمونها : لام العاقبة ، وبعض النحاة يطلق عليها : لام المآل - فهي الدالة على أن ما بعدها جاء على غير قصد الفاعل من الفعل الذي قبلها
كما في قوله تعالى:(فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوّاً وحَزَنا) فهم لم يلتقطوه لذلك بل قال قائلهم عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ، ولكن الطفل كانت له النبوة وقدر الله أن يكون هلاك فرعون على يد هذا النبي فكان لهم عدوا لكفلاهم وعنادهم وحزنا لما صاروا إليه ؛ أي:كان شأن الطفل على غير مُناهم منه.والله أعلم.
.1وهي التي يسميها الكوفيون لام الصيرورة هذه اللام هي ناصبة لما تدخل عليه من الأفعال بإضمار أن والمنصوب بعدها بتقدير اسم مخفوض
.2وهي ملتبسة بلام المفعول من أجله وليست بها وذلك قولك أعددت هذه الخشبة ليميل الحائط فأدعمه بها وأنت لم ترد ميل الحائط ولا أعددتها للميل لأنه ليس من بغيتك وإرادتك ولكن أعددتها خوفا من أن يميل فتدعمه بها
3.واللام دالة على العاقبة، وكذلك قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [سورة القصص: 8]؛
*وهم لم يلتقطوه لذلك إنما التقطوه ليكون لهم فرحا وسرورا فلما كان عاقبة أمره إلى أن صار لهم عدوا وحزنا جاز أن يقال ذلك فدلت اللام على عاقبة الأمر
وكذلك التكليف بالفعل في عاقبة زمانه وليس في مبتدأ هذا الزمان ووجود دلائل هذه العاقبة منها:
.1التكليف بالإحصاء لأن الإحصاء يدل علي تحقق الفعل في نهاية الشيء المُحْصَي أي يدل علي بلوغ منتهي المعدود
.2ومنها التكليف بالإنتهاء عن إخراج النساء المنذرات بالتطليق إذا حان وقت نهاية العدة(المحصاة(،
وهذا الفرض والتكليف بالانتهاء عن إخراجهن أو خروجهن من بيوتهن هو دليل قاطع علي التكليف بالخلوة بهن وخلوتهن بأزواجهن في عدة الإحصاء أو عدة العاقبة (يعني نهاية العدة)،ولا يكون ذلك أبدا إلا للأزواج وليس للمطلقات
وهذا يعني أن قوله تعالي لعدتهن تدل قطعا علي تأجيل التطليق إلي بعد انتهاء العدة كما في قوله تعالي (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)/سورة الطلاق)
.4لفظ (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ(
هو دليل علي أن اللام الملصقة بلفظ عدتهن هي لام العاقبة أو العاقبة فالبلوغ لا يتم إلا مع ما سيبلغ الأمر عاقبته ،لأن البلوغ هو وصول البالغ الي منتهي غايته،وعاقبة أمره
.5قوله تعالي(فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) يحتوي علي نفس دلالة تفعيل الأمر في العدة عند عاقبتها أو في منتهاها أو في دُبُرِها أي فإذا بلغن أجلهن وأحصيتم عدتهن وهن في هذا كله زوجات أثناء العدة فأنتم بالخيار إن شئتم أمسكتموهن (أي شححتم بإعطائهن لغيركم من الرجال الخاطبين وأبقيتموهن علي ميثاقكم وعهدكم وذمتكم) ولن يتحقق غير ذلك إلا إذا مضيتم في عزمكم علي الطلاق،فالإمساك هو عدم الإعطاء والشح بما في ذات اليد وعدم إنفاقه أي الاحتفاظ بهن غير مفرطين فيهن شاحِّين بإطلاقهن من ميثاقكم ليحوذ عليهن غيركم من الخطاب) والإمساك في لسان العرب هو الشح وعدم الترك ،وفيه دلالة علي تملك الممسوك (الزوجات وبقائهن في عصمة الأزواج(،
.6كما أن باقي الآية في دلالة قاطعة علي أن اللام في قوله تعالي (لــ عدتهن) هي لام تفعيل الطلاق في عاقبة العدة وبعد انتهائها قال تعالي
)فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)،
والمفارقة لغة هي الإرسال بعد الإستحواذ أو الإطلاق بعد التملك ،أو هي إرسال الزوجة في نهاية العدة بتفعيل والتصميم علي خيار التطليق وبه أي التطليق يتم التفريق ؛؛؛
ولا يقال لإرسال وابتعاد الخصماء (تفريقا) إنما يُقال لهم (تسريحاً)لأن الخصام أدي بهم أي الخصماء أو الفرقاء إلي التفريق أولاً ثم أتي التفريق الأخير فأدي بالمتفرقين إلي التسريح آخرا وبمعني آخر فالتفريق جاء في سورة الطلاق ليدل علي أن الزوجين ما زالا زوجين وفرقهما تفعيل الطلاق في نهاية العدة (أي هو تفريق بعد توثيق) ،بينما يدل التسريح علي أن الأثنين قد تفرقا أولاً بالطلاق في صدر العدة ثم تفرقا أخيراً بالتسريح في نهاية عدة الاستبراء،
)أي أن التسريح هو تفريقٌ بعد تفريق(
،وبمعني ثالث فالتفريق هو ارسال بعد توثيق بينما التسريح هو إرسال بعد طلاق وتفريق (أي تفريق بعد تفريق) ، وفي كل الحالات يتأكد أن اللام في قوله تعالي (لـــ عدتهن) هي لام العاقبة أو الصيرورة أو لام انتهاء أجل الشيئ
قلت المدون وجاء في موقع نداء الايمان عن بعض استخدامات لام العاقبة**والعرب قد تسمي الشيء باسم عاقبته كما قال تعالى: {نِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [سورة يوسف: 36]؛ إنما كان يعصر عنبا تؤول عاقبته إلى أن يكون خمرا فسماها بذلك *وحكى الأصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه قال: لقيني أعرابي ومعه عنب فقلت له ما معك فقال خمر وهذا هكذا مجازه عند أهل العربية أن العرب قد تسمي الشيء باسم الشيء إذا جاوره أو ناسبه أو اتصل به أو آلت إليه عاقبته فقد زعم من لا علم له بالعربية ومعرفة أساليبها وأتساع العرب فيها أن الخمر هاهنا هو العنب نفسه ضعفا منه عن تخريج وجهه من كلام الفصحاء منهم وإلحاقه بما يعرفون الخطاب به ولو كان هذا جائزا في اللغة لكان من أكل العنب قد أتى ما حظره الله عليه من تحريم الخمر،
*وقد خاطب الله تعالى ذكره العرب وأصحاب النبي بذلك فعقلوه المراد به ولم يحمل عن أحد منهم أن المراد بالتحريم العنب والإجماع على هذا يدل على فساد ما ذهب إليه هذا القائل بهذه المقالة ومن لام العاقبة قول الشاعر وهو سابق البربري:
قول الآخر:
روابط كتاب اللامات في اللغة العربية من نداء الايمان
- كتاب اللامات في اللغة
- مقدمة المؤلف
- عدد اللامات في كلام العرب
- باب ذكر اللام الأصلية
- لام التعريف
- باب ذكر ما يمتنع اجتماعه مع الألف واللام اللتين للتعريف
- باب في تبيين وجوه دخول الألف واللام على الأسماء المشتقة من الأفعال
- باب ذكر المذهب الذي ينفرد به الكوفيون من دخول الألف واللام بمعنى الذي على الأسماء المشتقة
- باب لام الملك
- باب لام الاستحقاق
- باب لام كي
- باب لام الجحود
- باب لام إن
- الجواب عن هذه المسائل
- باب لام الابتداء
- باب لام التعجب
- باب اللام الداخلة على المقسم به
- باب اللام التي تكون جواب القسم
- باب لام المستغاث به
- باب لام الأمر
- باب لام المضمر
- باب اللام الداخلة في النفي بين المضاف والمضاف إليه
- باب اللام الداخلة في النداء بين المضاف والمضاف إليه
- باب اللام الداخلة على الفعل المستقبل في القسم لازمة
- باب اللام التي تلزم إن المكسورة الخفيفة من الثقيلة
- باب لام العاقبة
- باب لام التبيين
- باب لام لو
- باب لام لولا
- باب لام التكثير
- باب اللام المزيدة في عبدل
- باب اللام المزيدة في لعل
- باب لام إيضاح المفعول من أجله
- باب اللام التي تعاقب حروفا وتعاقبها
- باب اللام التي بمعنى إلى
- باب لام الشرط
- باب اللام التي تكون موصلة لبعض الأفعال إلى مفعوليها وقد يجوز حذفها
- باب معرفة أصول هذه اللامات وبيان تشعبها منها
- باب أحكام اللامات في الإدغام
- باب من مسائل اللام نختم به الكتاب
- مسألة من القرآن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق